You are on page 1of 17

‫ص ‪ - 1941‬ص ‪1957‬‬ ‫االنحراف التشريعي والرقابة الدستورية عليه‬ ‫أ‪ .

‬صديق سهام‬

‫االنحراف التشريعي والرقابة الدستورية عليه‬


‫‪Legislative deviation and constitutional control‬‬

‫تاريخ النشر‪2020/01/08 :‬‬ ‫تاريخ االرسال‪ 2019/08/19 :‬تاريخ القبول‪2019/12/15 :‬‬

‫سهام املؤلف‪ 1‬الرتبة العلمية‬


‫صديق وإسم‬
‫أ‪ .‬لقب‬
‫بوشعيب ‪ -‬عين تموشنت‬
‫بلحاج البلد‬ ‫الجامعي‬
‫الجامعة ‪-‬‬ ‫املركزالكلية‪-‬‬
‫‪sihamsadik13@gmail.com‬‬
‫البريد اإللكتروني‬

‫ملخص ‪:‬‬
‫إن الرقابة على دستورية القوانين هي الضمانة األكثر فاعلية لحماية الدستور من‬
‫العبث به‪ ،‬وقد تصطدم هذه الرقابة بالسلطة التقديرية للمشرع التي هي األصل في‬
‫التشريع‪ ،‬والسلطة املحددة هي االستثناء‪.‬‬
‫لذلك تعتبر الرقابة على االنحراف التشريعي من املواضيع الشائكة نظرا للمعوقات‬
‫التي تجدها جهة الرقابة في الكشف عن التشريع املعيب باالنحراف التشريعي‪ ،‬ويهدف هذا‬
‫البحث إلى تعزيز عمل جهات الرقابة في حماية الدستور من الخروج عليه سواء كان‬
‫خروجا صريحا أو مستترا من أجل الوصول إلى الهدف املنشود املتمثل في ضمان احترام‬
‫الدستور وحماية حقوق وحريات األفراد من التعدي عليها‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية ‪ :‬الدستور؛ االنحراف التشريعي؛ الرقابة ؛ الحريات ‪.‬‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪The supervision of the constitutionality of laws is the most effective‬‬
‫‪guarantee for the protection of the Constitution from tampering with it. This‬‬
‫‪control may clash with the discretionary power of the legislator, which is the‬‬
‫‪origin of the legislation. The specific authority is the exception.‬‬
‫‪Therefore, controlling the legislative deviation is a thorny subject. The‬‬
‫‪purpose of this study is to strengthen the work of the monitoring bodies in‬‬
‫‪protecting the constitution from coming out of it, either explicitly or implicitly, in‬‬
‫‪order to reach the desired goal of ensuring respect for the constitution and‬‬
‫‪protecting the rights and freedoms of individuals from infringing.‬‬
‫مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 04‬العدد ‪ - 02‬السنة ‪1941 2019‬‬
‫ص ‪ - 1941‬ص ‪1957‬‬ ‫االنحراف التشريعي والرقابة الدستورية عليه‬ ‫أ‪ .‬صديق سهام‬

‫‪Keywords: Constitution ; legislative deviation ; censorship; freedoms.‬‬

‫مقدمة‬
‫يعتبر الدستور القانون األسمى في البالد فهو أصل الشرعية لكونه يحتوي على‬
‫املبادئ التي تضمن مقومات املجتمع‪ ،‬وتحدد حقوق وحريات األفراد‪.‬‬
‫إن مسألة اختصاص السلطة التشريعية بتنظيم حقوق وحريات األفراد‪ ،‬وتمتعها‬
‫بالسلطة التقديرية ال يعني بالضرورة إطالق يد هذه السلطة دون التقيد بضوابط وحدود‬
‫املنصوص عليها دستوريا‪ ،‬وذلك في سبيل تفادي أن يتخذ هذا التنظيم وسيلة لحظر‬
‫حقوق و حريات األفراد‪ .‬ومن هنا تثير الرقابة الدستورية على االنحراف التشريعي مجموعة‬
‫من املعوقات التي تثير اإلشكالية املتمثلة في ماهية عيب االنحراف التشريعي؟ وكيف يمكن‬
‫تحديد ضوابط الرقابة الدستورية عليه ؟‬
‫لإلجابة على هذه اإلشكالية قد اتبعنا في هذه الدراسة منهجين في البحث القانوني ‪،‬‬
‫هما املنهج التحليلي الذي بواسطته تم تحليل النصوص القانونية وأراء الفقهاء‪ ،‬وكذلك‬
‫املنهج املقارن من خالل تسليط الضوء على موقف بعض األنظمة القانونية املقارنة من‬
‫االنحراف التشريعي والرقابة الدستورية عليه‪.‬‬
‫وقد تم تقسيم ورقة هذا البحث إلى مبحثين‪ :‬تناولنا بالدراسة مفهوم االنحراف‬
‫التشريعي ( املبحث األول)‪ ،‬ومن ثم الرقابة الدستورية على االنحراف التشريعي ( املبحث‬
‫الثاني)‪.‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬مفهوم االنحراف التشريعي‬
‫لقد نادى بعض الفقه ‪1‬بفكرة االنحراف التشريعي كعيب دستوري يمس التشريع إلى‬
‫جانب العيوب الدستورية األخرى‪ ،‬ولتوضيح هذه الفكرة البد من التطرق إلى تعريفها‬
‫وخصائصها‪ ،‬باإلضافة إلى أساسها القانوني في املطلبين اتآتيين ‪:‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬تعريف وخصائص االنحراف التشريعي‬
‫إن غالبية الفقه اتجه لتناول مسألة االنحراف التشريعي إلى تبيان مدى إمكانية‬
‫إثبات نية املشرع في الخروج عن تحقيق املصلحة العامة‪ ،‬دون األخذ بعين االعتبار ضرورة‬
‫تعريفه وتبيان خصائصه‪ ،‬وهو ما سيكون موضوع الدراسة في هذا املطلب في الفرعيين‬
‫اتآتيين ‪:‬‬

‫مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 04‬العدد ‪ - 02‬السنة ‪1942 2019‬‬
‫ص ‪ - 1941‬ص ‪1957‬‬ ‫االنحراف التشريعي والرقابة الدستورية عليه‬ ‫أ‪ .‬صديق سهام‬

‫الفرع األول ‪ :‬تعريف االنحراف التشريعي‬


‫إن تحديد تعريف لالنحراف التشريعي يقتض ي التطرق إلى معناه لغة ‪ ،‬واصطالحا‪،‬‬
‫وأخيرا فقها فيما يلي ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬لغة‬
‫إن كلمة االنحراف مشتقة من الفعل الثالثي " حرف"‪ ، 2‬يقصد به امليل والعدول‬
‫والريع‪ ،‬وهو تغير الش يء عن موضعه‪ ،3‬أي االنحراف عن الش يء هو امليل عنه‪ ،‬ولقد وردت‬
‫في القرآن الكريم كلمة تحريف في عدة مواضع نذكر منها على سبيل املثال ‪ :‬قوله تعالى ‪" :‬‬
‫يحرفون الكلم عن مواضعه"‪ ،‬وأيضا قوله تعالى ‪" :‬وقد كان فريق منهم يسمعون كالم هللا‬
‫ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون"‪ .‬وعليه نستنتج من هذه اتآيات الكريمة أن‬
‫التحريف يقصد به هو التغيير والتبديل وأصله االنحراف عن الش يء والتحريف عنه‪ ،‬وهو‬
‫إمالة الش يء عن حقه وحمله على تعيير اللفظ أولى من حمله على تغيير املعنى‪ ،‬وقد يحمل‬
‫على جعل الكالم محتمال من دون تغيير في ألفاظه‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬اصطالحا‬
‫يعرف االنحراف اصطالحا على أنه‪" :‬انتهاك للتوقعات واملعايير ‪ ،‬والفعل املنحرف‬
‫ليس أكثر من أنه حالة من التصرفات السيئة"‪ .4‬وكذلك في تعريف أخر هو ‪ " :‬الخروج عن‬
‫الهدف والغرض املقرر له‪ ،‬أو اإلتيان بسلوك إيجايي أو سليي ينحرف القائم به عن العرف‬
‫املألوف واملتعارف عليه من عادات وسلوكات"‪.5‬‬
‫ثالثا ‪ :‬فقها‬
‫لقد حاول فقه القانون العام وضع تعريف لالنحراف التشريعي ‪ ،‬فقد عرفه د‪ .‬يحي‬
‫الجمل بأنه ‪" :‬استعمال الجهة املختصة بالتشريع سلطتها من أجل تحقيق غاية غير‬
‫مشروعة‪ ،‬سواء باستهداف غاية بعيدة عن املصلحة العامة‪ ،‬أو بابتغاء هدف مغاير للهدف‬
‫الذي حدده القانون"‪.‬‬
‫بينما عرفه د‪ .‬عبد الرزاق أحمد السنهوري بأنه ‪ " :‬استعمال السلطة التقديرية‪،‬‬
‫لتحقيق غرض غير معترف له به"‪.6‬‬
‫أما د‪ .‬عبد املنعم عبد الحميد شرف اعتبر االنحراف التشريعي أن ‪ " :‬تصدر السلطة‬
‫تشريعا لغير الغرض املقرر له قانونا"‪.7‬‬
‫وأخيرا ذهب د‪ .‬إبراهيم محمد الشرفاني إلى تعريفه أنه ‪ " :‬عمل قصدي من جانب‬
‫السلطة التشريعية‪ ،‬أي أنها تسعى بإرادة واعية إلى تحقيق غاية أخرى غير التي من أجلها‬

‫مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 04‬العدد ‪ - 02‬السنة ‪1943 2019‬‬
‫ص ‪ - 1941‬ص ‪1957‬‬ ‫االنحراف التشريعي والرقابة الدستورية عليه‬ ‫أ‪ .‬صديق سهام‬

‫منحها الدستور سلطة التشريع‪ ،‬كما أن السلطة التشريعية قد تستر وراء العبارات العامة‬
‫إلظهار أن التشريع قد صدر ليطبق على الكافة ولكننا إذا يحثنا عن الغاية الحقيقية من‬
‫وراء إصدارها التشريع نجد أنها كانت تقصد في الواقع أن ينطبق التشريع على فرد أو فئة‬
‫معينة بالذات أضرارا بهم أو لتحقيق مصلحة لهم‪ ،‬ومن هنا تظهر خطورة االنحراف‬
‫التشريعي على حقوق األفراد وحرياتهم"‪.8‬‬
‫فالجدير بالذكر بأن االنحراف التشريعي يعد أحد أوجه االنحراف الذي يشمل أيضا‬
‫كل من االنحراف اإلداري واالنحراف الدستوري‪ ،‬و يعد هذا األخير أخطر أنواع االنحراف‬
‫على الحقوق و الحريات العامة لعدم وجود وسيلة فعالة لصد هذا االنحراف‪ ،‬ويقصد‬
‫به ‪ " :‬ذلك االنحراف الذي يقع في الحاالت التي تصدر فيها الدساتير أو اإلعالنات الدستورية‬
‫من سلطة تأسيسية ال تعبر عن حقيقة املجتمع و التيارات السياسية فيه‪ ،‬و إنما تعبر عن‬
‫فئة أو طائفة معينة‪ ،‬أو فكر إيديولوجي أو فكر سياس ي أو فكر عسكري ال يعبر عن آمال‬
‫املجتمع و تطلعاته‪ ،‬ويتم فرض هذه الدساتير أو اإلعالنات الدستورية قسرا باستغالل‬
‫سلطة التشريع التأسيس ي الدستوري‪ ،‬التي ال تعبر عن مرجعية الحقيقية السائدة في‬
‫املجتمع"‪9‬؛‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬خصائص االنحراف التشريعي‬
‫تتمثل أهم خصائص االنحراف التشريعي فيما يلي ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬عيب قصدي‬
‫يكون عيب االنحراف التشريعي قصديا إذ تتجه إرادة املشرع ملخالفة الغاية التي كان‬
‫يجب عليه تحقيقها‪ ،‬املتمثلة في تحقيق الصالح العام‪ ،‬وهذا العنصر يميز هذا العيب عن‬
‫بقية العيوب األخرى التي تمس التشريع‪ ،‬فهذا القصد يجب إقامة عليه الدليل‪ -‬ألنه غير‬
‫مفترض‪ ،-‬وذلك من خالل وجوب إثبات أن املشرع قد تعمد تحقيق غاية أخرى غير التي‬
‫كان يجب الوصول إليها‪.10‬‬
‫ثانيا ‪ :‬عيب خفي‬
‫في حالة سن التشريع يعلن املشرع عن األسباب التي دفعته إلقراره؛ ويكون ذلك عن‬
‫طريق املذكرة اإليضاحية للقانون‪ ،‬وتكمن خطورة عيب االنحراف التشريعي في أنه خفي‪،‬‬
‫حيث تحرص السلطة التشريعية على عدم املخالفة الصريحة للدستور‪ ،‬وبالتالي اليتم‬
‫الوقوف عليه من ظاهر النص‪ ،‬بل البد من البحث في باطن النص‪ ،‬وإال سيترك املجال‬
‫للمشرع للمساس بالحريات وانتهاكها‪.11‬‬

‫مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 04‬العدد ‪ - 02‬السنة ‪1944 2019‬‬
‫ص ‪ - 1941‬ص ‪1957‬‬ ‫االنحراف التشريعي والرقابة الدستورية عليه‬ ‫أ‪ .‬صديق سهام‬

‫ثالثا ‪ :‬عيب احتياطي‬


‫إن النتيجة املترتبة على اعتبار عيب االنحراف التشريعي عيب خفي هو تمتعه بميزة‬
‫االحتياط‪ ،‬فهو عيب احتياطي ال يلجأ إليه القاض ي إال في حالة خلو القانون من بقية‬
‫العيوب‪ ،‬ويرجع سبب ذلك إلى أمرين هما ‪ :‬يتعلق األول بأن املخالفة املباشرة للدستور‬
‫تكون كافية بذاتها إلبطال النص التشريعي املخالف له‪ ،‬وأن البحث عن عيب االنحراف‬
‫التشريعي هو مجرد زيادة صياغة فنية في الحكم‪ .‬أما األمر الثاني يتعلق بجهة الرقابة على‬
‫دستورية القوانين التي عليها عند ممارسة الرقابة توخي الحذر في إثارة عيب االنحراف‬
‫التشريعي‪ ،‬ألن الحكم على تشريع ما باالنحراف التشريعي يعني أن السلطة التشريعية غير‬
‫أمينة على مسؤوليتها بحيادها عن تحقيق املصلحة العامة‪. 12‬‬
‫املطلب الثاني ‪ :‬األساس القانوني لالنحراف التشريعي‬
‫إن دراسة األساس القانوني لالنحراف التشريعي تتطلب معرفة في بادئ األمر أساسه‬
‫الفلسفي‪ ،‬واملعايير املعتمدة لتحديده وتمييزه عن غيره من عيوب عدم الدستورية‪ ،‬وهو ما‬
‫سيتم تفصيله على النحو اتآتي ‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬األساس الفلسفي لالنحراف التشريعي‬
‫يرجع فقهاء القانون الخاص فكرة االنحراف التشريعي إلى نظرية التعسف في‬
‫استعمال الحق‪ ،‬التي تقوم على فكرة تجاوز الحق‪.13‬‬
‫يعتبر فقهاء القانون العام أن األصل الفلسفي لنظرية االنحراف التشريعي تعود إلى‬
‫مجال القانون اإلداري من خالل نظرية االنحراف أو اإلساءة في استعمال السلطة كأحد‬
‫العيوب التي تصيب القرار اإلداري في ركن هدفه‪،‬‬
‫لينتقل فيما بعد االنحراف في مجال القانون الدستوري‪ ،‬من خالل العيب الذي‬
‫يصيب الهدف من التشريع‪ ،‬ومرد ذلك يرجع أن السلطة التشريعية لديها سلطة تقديرية‬
‫في التشريع كقاعدة عامة‪ ،‬أما السلطة املحددة فهي استثناء‪. 14‬‬

‫مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 04‬العدد ‪ - 02‬السنة ‪1945 2019‬‬
‫ص ‪ - 1941‬ص ‪1957‬‬ ‫االنحراف التشريعي والرقابة الدستورية عليه‬ ‫أ‪ .‬صديق سهام‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬املعايير املتعلقة بعيب االنحراف التشريعي‬


‫تشمل املعيار املتعلقة بعيب االنحراف التشريعي ثالثة معايير على النحو اتآتي ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬املعيار املوضوعي‬
‫وفقا لهذا املعيار يتحقق عيب االنحراف التشريعي إذا اتجه هدف البرملان من إصدار‬
‫التشريع إلى تحقيق مصالح شخصية ليست لها صلة باملصلحة العامة‪ ،‬كاألهداف الحزبية‪،‬‬
‫والفئوية‪ ،‬والقومية‪ ،‬وأخيرا الدينية‪ .‬ويتم التأكد من هذا املعيار من خالل فحص القانون‬
‫املعيب ومقارنته بالنصوص الدستورية‪ ،‬مما يسهل مسألة إثباته‪.‬‬
‫ولقد انقسم الفقه إلى اتجاهين من مؤيد ومعارض للمعيار املوضوعي املعتمد لتحديد‬
‫االنحراف التشريعي ‪:‬‬
‫حيث ذهب االتجاه األول‪ 15‬املؤيد لهذا املعيار إلى اعتباره يكتفي باإلثبات بالطريقة‬
‫املوضوعية دون الحاجة إلى الكشف عن النوايا املستترة من إصدار التشريع‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل استبعاد األهداف الشخصية والذاتية من تصرفات املشرع ‪.‬‬
‫بينما يذهب االتجاه الثاني‪ 16‬املعارض لهذا املعيار إلى أنه يصعب التسليم به نظرا‬
‫الرتباطه بعناصر ذاتية يتعين لتوضيحها الكشف عن األهداف النفسية‪ .‬كما أنه حتى لو تم‬
‫افتراض إصدار البرملان قانونا بهدف من ورائه تحقيق مصالح شخصية لفئة معينة أو‬
‫اإلضرار بها‪ ،‬فإنه يحرص دائما على اإلضفاء على هذا القانون صبغة املصلحة العامة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬املعيار الذاتي لالنحراف التشريعي‬
‫يتجسد هذا املعيار من خالل االعتماد على نية السلطة التشريعية في اإلضرار بفئة‬
‫معينة أو تحقيق مكاسب مادية لها‪ ،‬ويمكن الوقوف على ذلك من خالل البواعث والغايات‬
‫املستنتجة من املناقشات واملداوالت الجارية في أروقة البرملان‪.‬‬
‫وقد انقسم الفقه بين مؤيد ومعارض لهذا املعيار مستندين في ذلك على مجموعة‬
‫من الحجج واألسانيد على النحو اتآتي ‪:‬‬
‫إذ اعتبر الرأي املؤيد‪ 17‬لهذا املعيار أن العيب هو ذاتي ألنه ينصب على نية مصدر‬
‫القانون‪ ،‬وعدم تطابق هذه النية مع املصلحة العامة بمفهومها الواسع‪.‬‬
‫بينما ذهب الرأي املعارض‪ 18‬له إلى اإلثبات بكل الطرق أن معيار االنحراف موضوعيا‬
‫وليس ذاتيا‪ ،‬لكون أن النية من البواعث املستترة وال يمكن الكشف عنها إال بإتباع‬
‫فرضيات املعيار املوضوعي القائم على القرائن التي تظهر عيب ركن الهدف من التشريع‪.‬‬

‫مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 04‬العدد ‪ - 02‬السنة ‪1946 2019‬‬
‫ص ‪ - 1941‬ص ‪1957‬‬ ‫االنحراف التشريعي والرقابة الدستورية عليه‬ ‫أ‪ .‬صديق سهام‬

‫ثالثا‪ :‬املعيار املزدوج لعيب االنحراف التشريعي‬


‫ظهر هذا املعيار للتوفيق بين املعيارين السابقين‪ ،‬إذ يرى ضرورة توافر كل من‬
‫املعيارين الذاتي واملوضوعي لتشكل عيب االنحراف التشريعي فهو ذو طبيعة مزدوجة‪.‬‬
‫ولقد انقسم الفقه أيضا بين مؤيد ومعارض لهذا املعيار إلى اتجاهين ‪:‬‬
‫حيث ذهب االتجاه األول‪ – 19‬املؤيد لهذا املعيار‪ -‬إلى أنه من البديهيات نكون بصدد‬
‫عيب االنحراف التشريعي إذا خالف املشرع الغاية من إصداره لهذا التشريع املتمثلة في‬
‫تحقيق املصلحة العامة‪ ،‬وكذلك الهدف املرسوم لتشريع معين‪ ،‬ويتم استقراء ذلك من‬
‫خالل البحث في النوايا التي قصدها املشرع من وراء إصداره لتشريع معين‪.‬‬
‫أما االتجاه الثاني‪ – 20‬املعارض لهذا املعيار‪ -‬اعتبر أن الرقابة على دستورية القوانين‬
‫هي رقابة مشروعية وليست مالئمة‪ ،‬وبالتالي ال تتمسك الجهة املخول لها مراقبة دستورية‬
‫القوانين بالبواعث التي دفعت باملشرع إلصداره النص التشريعي‪ ،‬بل يدخل ذلك ضمن‬
‫السلطة التقديرية للمشرع ‪.‬‬
‫املبحث الثاني ‪ :‬الرقابة الدستورية على االنحراف التشريعي‬
‫إن الرقابة على دستورية القوانين ال تقتصر مقابلة حرفية بين كل من نصوص‬
‫الدستور والقانون‪ ،‬بل تتمثل هذه الرقابة في الكشف عن التعارض الخفي بين النصوص‬
‫التشريعية والدستور عن طريق إصدار األحكام املتعلقة بالكشف عن االنحراف التشريعي‪،‬‬
‫وتتجلى هذه الرقابة في مجال حماية حقوق وحريات األفراد ‪ ،‬وهذا ما سيتم تفصيله في‬
‫املطلبين اتآتيين ‪:‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬نوعية األحكام الصادرة في مجال رقابة االنحراف التشريعي‬

‫لقد طرحت معالجة االنحراف التشريعي مشكلة وجداال فقهيا حادا ‪ ،‬وذلك بسبب‬
‫طبيعة العالقة بين السلطة التشريعية والهيئة التي تمارس الرقابة وحدودها‪ ،‬فما هي‬
‫الوسائل الفنية ملعالجة االنحراف التشريعي دون أن تتجاوز هيئة الرقابة حدودها؟‬

‫لإلجابة على هذه اإلشكالية عرفت األنظمة الدستورية املقارنة أريع صور ملعالجة‬
‫االنحراف التشريعي تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 04‬العدد ‪ - 02‬السنة ‪1947 2019‬‬
‫ص ‪ - 1941‬ص ‪1957‬‬ ‫االنحراف التشريعي والرقابة الدستورية عليه‬ ‫أ‪ .‬صديق سهام‬

‫الفرع األول ‪ :‬األحكام الكاشفة واإليعازية‬

‫تتمثل األحكام الكاشفة واإليعازية فيما يلي ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬األحكام الكاشفة‬

‫يقتصر دور القاض ي في هذه الحالة على مجرد الكشف على وجود إخالل دستوري‬
‫بصفة عامة و إخطار السلطة التشريعية به دون أن يكون له الحكم بعدم دستوريته‪ ،‬وقد‬
‫أخذت هذه الفكرة من نظرية كلسن حول دور القاض ي الدستوري‪ ،‬إذ يرى أن هذا األخير‬
‫هو مشرع سليي ليس بإمكانه الحلول محل البرملان في التشريع ‪ ،‬لذلك عليه أن يلجأ إلى‬
‫وسائل فنية وتقنية لتقييد سلطته بصفة ذاتية لتجنب االصطدام بالسلطة التشريعية‪.‬‬

‫لكن انتقد الفقه هذا الرأي بالنظر إلى أن هذه الطريقة من الرقابة ليست لها إال ”‬
‫قيمة أدبية ومعنوية ”في مواجهة السلطة التشريعية‪ ،‬وإن كان مفهوم الدولة الحديثة‬
‫يتطلب منها عدم التأخر في معالجة وضع غير دستوري ‪ ،‬فهذه النظرية تأخذ بحسن نية‬
‫املشرع‪.21‬‬

‫ثانيا‪ :‬األحكام اإليعازية‬

‫تعتبر هذه األحكام أكثر صرامة من األحكام الكاشفة ‪ ،‬ويعود ذلك لكون املشرع في‬
‫الكثير من الحاالت ال يثبت حسن نيته من خالل القيام بمعالجة وإصالح ما نبهه إليه‬
‫القاض ي الدستوري ‪ ،‬ونظرا لعدم فعالية األحكام الكاشفة بسبب عدم تمتعها بأثر قانوني‬
‫فوري‪ ،‬لجأ القاض ي الدستوري إلى أسلوب أخر هو األحكام اإليعازية أو الندائية ملعالجة‬
‫االنحراف التشريعي أو تصحيح عيب دستوري أخر في حالة وجود النص‪.22‬‬

‫مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 04‬العدد ‪ - 02‬السنة ‪1948 2019‬‬
‫ص ‪ - 1941‬ص ‪1957‬‬ ‫االنحراف التشريعي والرقابة الدستورية عليه‬ ‫أ‪ .‬صديق سهام‬

‫الفرع الثاني األحكام االستئصالية واملكملة‬

‫تتجسد األحكام االستئصالية واملكملة كاتآتي ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬األحكام االستئصالية‬

‫في هذه الحالة يتدخل القاض ي الدستوري ملعالجة االنحراف التشريعي دون توجيه‬
‫نداء أو خطاب أو توصية أو إعطاء مهلة لتصحيح االنحراف ‪ ،‬وذلك عن طريق إصدار حكم‬
‫يتضمن إلغاء الجزء املتضمن االنحراف دون إلغاء النص بصفة كلية ‪ ،‬وقد أخذت بهذه‬
‫الطريقة كل من املحكمة الدستورية املصرية واملجلس الدستوري الفرنس ي‪ ،‬ومن أمثلة‬
‫ذلك ما ذهبت إليه املحكمة الدستورية املصرية خالل ممارستها لرقابتها على االنحراف‬
‫التشريعي حيث أكدت إلى أنه ” ‪:‬إغفال نشر خريطة املحميات التي تبين خريطة كل محمية‬
‫من شأنه أن تجهل بالركن املادي لجريمة االعتداء على املحميات ‪ ،‬ذلك ألنه يفقد التجريم‬
‫خاصية اليقين ويجعله مخالفا للدستور” ‪ ،‬وتبعا لذلك ألغت املادة األولى من قرار مجلس‬
‫الوزراء رقم‪ 450‬لسنة‪ 1986‬القاض ي بإنشاء محميات طبيعية بمنطقة ” جب علبه” بالبحر‬
‫األحمر بسبب عدم تعيين الحدود التي تبين النطاق املكاني لتلك املحميات‪ ،‬ومنه نستنتج‬
‫أن املحكمة الدستورية العليا بمصر لم تلغي كل النص ‪ ،‬وإنما ألغت الجزئية املنطوية على‬
‫االنحراف التشريعي‪.23‬‬

‫ثانيا‪ :‬األحكام املكملة‬

‫ففي هذه الحالة يقوم القاض ي الدستوري بتفسير النص التشريعي‪ ،‬مع إضافة ما‬
‫أغفله أو سكت عنه حتى يكون متطابقا مع الدستور‪ ،‬ويأخذ التفسير الدستوري للنص‬
‫عامة ثالثة صور وتتمثل في‪:24‬‬

‫‪ ‬التفسير اإلنشائي أو البناء‪ :‬حيث يكون الغرض منه ملء الفراغ التشريعي‬
‫للنص‪ ،‬وهذا تفاديا للقضاء بعدم دستوريته‪ ،‬وبالتالي إلغاؤه‪ .‬وهذا ال يتحقق فقط‬
‫باإلضافة ‪ ،‬بل يمكن من خالل اللعب على محتوى النص وألفاظه عن طريق‬
‫استبدال القواعد التشريعية بقواعد قضائية يجعلها القاض ي الدستوري أكثر‬
‫تعبيرا للمعنى الجديد‪.‬‬

‫مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 04‬العدد ‪ - 02‬السنة ‪1949 2019‬‬
‫ص ‪ - 1941‬ص ‪1957‬‬ ‫االنحراف التشريعي والرقابة الدستورية عليه‬ ‫أ‪ .‬صديق سهام‬

‫‪ ‬التفسير املحايد‪ :‬هو ذلك التفسير الذي ال يتضمن أية إضافة إلى النص‬
‫التشريعي بل يقتصر دور القاض ي الدستوري على مجرد التفسير‪.‬‬
‫‪ ‬التفسير التوجيهي‪ :‬حيث بإمكان القاض ي الدستوري تغيير معنى النص دون‬
‫تغيير معنى الصياغة التي حررها ‪،‬ويكون الفرض منه إتباع منهج معين أو تبيان‬
‫التحفظات أو الضوابط التي انتهى إليها القاض ي الدستوري من خالل تفسيره‬
‫للنص محل الرقابة‪.‬‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬تطبيقات الرقابة على االنحراف التشريعي‬


‫في مجال الحقوق والحريات العامة‬
‫بالرجوع إلى أحكام املادتين ‪ 188‬و‪ 189‬من الدستور الجزائري‪ ،25‬وكذا القانون‬
‫العضوي رقم ‪ 16-18‬املحدد لشروط وكيفيات الدفع بعدم الدستورية في حالة وجود‬
‫انحراف تشريعي يمس الحقوق والحريات العامة‪ ،26‬نجد أن هذا الدفع مقيد بمجموعة من‬
‫الضوابط واإلجراءات املتمثلة فيما يلي ‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬وجود دعوى قضائية أمام الجهات القضائية‬
‫لقد حسم املؤسس الدستوري هذه املسألة من خالل حديثه عن اإلخطار بناء على‬
‫اإلحالة من طرف مجلس الدولة أو املحكمة العليا إلى املجلس الدستوري ‪.‬‬
‫كما أن ارتباط الدفع بعدم الدستورية بوجود دعوى قضائية يجعل من قبوله‬
‫يخضع بشكل مباشر لشروط قبول الدعوى القضائية ‪.‬‬
‫وهو ما أكده القانون العضوي رقم ‪ -16-18‬املذكور أعاله‪ -‬في املادتين ‪ 02‬و‪ 03‬منه‬
‫التي سمحت بهذا الدفع أمام مختلف جهات القضاء العادي واإلداري‪ ،‬ومحكمة الجنايات‬
‫االستئنافية‪ ،‬باستثناء محكمة الجنايات االبتدائية التي حظر هذا الدفع أمامها بصريح‬
‫النص‪ ،‬وذلك بموجب املادة ‪ 01/03‬من القانون العضوي ‪ 16 -18‬املذكور أعاله بقولها ‪" :‬‬
‫ال يمكن إثارة الدفع بعدم الدستورية أمام محكمة الجنايات االبتدائية"‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬أن يكون الدفع من طرف الخصوم‬
‫يقصد بذلك أن هذا الدفع يتم إثارته من أطراف الخصومة‪ ،‬ولكن اإلشكال املطروح‬
‫في هذه الحالة هو هل يجوز للجهة القضائية أن تثيره من تلقاء نفسها‪ ،‬وذلك باعتباره‬
‫متعلقا بالنظام العام؟‬
‫بالرجوع إلى أحكام املادة ‪ 188‬من الدستور نجد أنها سكتت عن ذكر هذه الجزئية‪،‬‬
‫وبالرجوع إلى القانون الفرنس ي – على سبيل املقارنة‪ -‬نجد أن كل من املؤسس واملشرع‬
‫مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 04‬العدد ‪ - 02‬السنة ‪1950 2019‬‬
‫ص ‪ - 1941‬ص ‪1957‬‬ ‫االنحراف التشريعي والرقابة الدستورية عليه‬ ‫أ‪ .‬صديق سهام‬

‫الفرنسيين سكتا عن تنظيم هذه املسألة‪ ،‬مما دفع باملجلس الدستوري الفرنس ي بالتطرق‬
‫إلى هذه املسألة معتبرا أن هذا الدفع غير متعلق بالنظام العام‪.27‬‬
‫إال أن عند صدور القانون العضوي رقم ‪ 16-18‬لقد حسم املشرع الجزائري هذه‬
‫النقطة في املادة ‪ 04‬منه ‪ ،‬التي نصت على أنه ‪ " :‬ال يمكن أن يثار الدفع بعدم الدستورية‬
‫تلقائيا من طرف القاض ي"‪ ،‬وبالتالي يستشف من هذا النص أن الدفع بعدم الدستورية‬
‫ليس متعلقا بالنظام العام في القانون الجزائري لحصر الدفع به من طرف أطراف‬
‫الخصومة فقط‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬اقتصار فحص القانون على مدى مساسه بالحريات العامة‬
‫مما يستنتج من ذلك أن هذا الدفع ال يجب أن يتعدى إلى طلبات أخرى‪ ،‬إال إذا كان‬
‫لها انعكاس على الحريات والحقوق العامة التي يضمنها الدستور‪.‬‬
‫إن مصطلح "الحريات العامة" يضم كلمتين هما "الحرية" و"العامة"‪.‬بالنسبة لكلمة‬
‫" الحرية" لها معان متعددة في اللغة العربية‪.28‬‬
‫فمن الناحية الفقهية‪ ،‬لقد تعددت التعاريف املوضوعة لها بتعدد مداخلها اللغوية‪،‬‬
‫والقانونية‪ ،‬والفلسفية‪ ،‬والسياسية‪ ،‬واالجتماعية‪ 29‬على النحو اتآتي ‪:‬‬
‫حيث عرفها ‪ RIVERO Jean‬بأنها ‪:‬‬
‫‪« La liberté est le pouvoir d’autodétermination, c’est –à dire un pouvoir que‬‬
‫‪l’homme exercice sur lui- même… »30.‬‬
‫بينما عرفها ‪ ROCHE Jean‬على أنها ‪:‬‬
‫‪« des droits fondamentaux qui, dans un Etat moderne et libéral, sont‬‬
‫‪indispensables à une véritable Liberté »31.‬‬
‫كما عرف عبد الرزاق عبد السميع الحرية بأنها ‪ " :‬هي مجموعة من الحقوق تكفل‬
‫للفرد القدرة على ممارسة شؤون حياته التي ال يستغني عنها‪ .‬وهذه الحقوق ليست مطلقة‪،‬‬
‫وإنما تقيدها حرية اتآخرين‪ .‬وعليه وجب إحاطة هذه الحقوق بسياج من التنظيم والحماية‬
‫القانونية"‪.32‬‬
‫وأيضا تناولها البعض مقررا أنها ‪ " :‬حرية كل فرد التي ال يحدها سوى حرية اتآخرين‪،‬‬
‫فالحرية بمثابة حالة ال يتقيد فيها استعمال اإلرادة إال بالقدر الضروري لكفالة اإلرادة‬
‫الحرة للجميع" ‪.33‬في حين‪ ،‬قد عرفها البعض اتآخر على أنها ‪ " :‬قدرة اإلنسان أو سلطته في‬

‫مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 04‬العدد ‪ - 02‬السنة ‪1951 2019‬‬
‫ص ‪ - 1941‬ص ‪1957‬‬ ‫االنحراف التشريعي والرقابة الدستورية عليه‬ ‫أ‪ .‬صديق سهام‬

‫أن يفعل أو أن يقدم على أن يفعل أي تصرف معين‪ .‬أو الحق في أن يفعل ما يشاء بما ال‬
‫يتعارض مع حقوق غيره"‪.34‬‬
‫أما بالنسبة إللحاق وصف " العامة" بالحرية فقد اختلف أيضاالفقه في تبيان سبب‬
‫ذلك‪ ،‬ومن هذه اتآراء تباعا‪ ،‬ما ذهب إليه رأي من الفقه أن وصف العمومية يلحق بالحرية‬
‫في الحالة التي " يترتب على الدولة القيام بها‪ ،‬وواجبات الدولة تجاه الحرية قد تكون‬
‫واجبات سلبية‪ ،‬وقد تكون إيجابية"‪.35‬‬
‫بينما اعتبر رأي فقهي أخر‪ 36‬أن إضافة كلمة " عامة" كوصف الحق على ممارسة‬
‫الحرية من طرف جميع األفراد مواطنين أو أجانب‪ ،‬دون التفرقة بينهم على أساس الجنس‬
‫أو املركز االجتماعي‪.‬‬
‫وأيضا‪ ،‬ظهر رأي ثالث معتبر أن وصف " العامة" التي تلحق بالحريات تشير إلى تدخل‬
‫الدولة‪ ،‬نظرا ألن ممارسة األفراد بحرياتهم في مواجهة بعضهم البعض أو في مواجهة‬
‫السلطة يقتض ي بالضرورة تدخل الدولة التي تملك سلطة توقيع جزاءات على من ينتهكون‬
‫هذه الحريات‪ ،‬إذ أن ممارسة األفراد لحرياتهم العامة دون تدخل من الدولة يؤدي إلى وقوع‬
‫الفوض ى‪ ،‬لذلك إن وصف العمومية املضفى على الحريات راجع لتدخل الدولة في االعتراف‬
‫بها وتهيئة الظروف املناسبة ملمارستها‪.37‬‬
‫وبمقابل ذلك‪ ،‬هناك من الفقه‪ 38‬من يرفض استعمال اصطالح " الحريات العامة" ‪،‬‬
‫بل يؤيد استعمال بدال منه مصطلح " الحريات الفردية"‪ ،‬ملا يراه حسب وجهة نظره أنه‬
‫التعبير األدق عن مفهومها باعتبارها حريات للفرد‪ ،‬لكل فرد من أفراد الشعب‪ ،‬وعلى قدم‬
‫املساواة‪ .‬كما اعتبر أن إظهار صفتها الفردية يتناسب مع نشأتها في النظم الديمقراطية منذ‬
‫القرن ‪ 18‬م‪.‬‬
‫فأمام هذه اتآراء املختلفة في تبرير إسناد وصف العامة لكلمة الحرية‪ ،‬فالجدير‬
‫بالتأييد ما ذهب إليه الرأي الثالث الذي يضفي وصف العامة على الحرية‪ ،‬كون مضمونها‬
‫يتقرر وفقا ملا تقوم به السلطات العامة من تحديد للمجاالت التي يسمح لألفراد بممارسة‬
‫حرياتهم في إطارها‪.‬‬
‫أما فيما يخص مسالة الحظر املطلق للحريات العامة‪ ،‬فبالرجوع إلى أحكام املادتين‬
‫‪39112‬و‪140‬من الدستور الجزائري لسنة ‪ ،1996‬نالحظ أن املؤسس الدستوري الجزائري‬
‫منح للبرملان السلطة السيدة في سن القانون‪ ،‬بما فيها ذلك املتعلق بتنظيم الحريات‬
‫العامة‪.‬‬

‫مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 04‬العدد ‪ - 02‬السنة ‪1952 2019‬‬
‫ص ‪ - 1941‬ص ‪1957‬‬ ‫االنحراف التشريعي والرقابة الدستورية عليه‬ ‫أ‪ .‬صديق سهام‬

‫وبالتالي‪ ،‬يستخلص مما سبق أنه باعتبار أن املشرع املختص بإصدار التشريع له‬
‫السلطة التقديرية في مجال تنظيم الحريات العامة‪ ،‬تبدأ بين التشريع والظروف املحيطة‬
‫بإصداره‪ ،‬ومن ثم اختيار توقيت إصداره‪ ،‬وصوال إلصدار مثل هذا التشريع‪.40‬‬
‫إال أنه يمنع عليه الحظر املطلق للحريات العامة ‪،‬مما يترتب على ذلك أن الحفاظ‬
‫على النظام العام ال يقتض ي أن يتم تقييد الحريات العامة إلى درجة إلغائها‪ ،‬إذ يقع على‬
‫املشرع التقيد بالحدود والضوابط املنصوص عليها في الدستور‪ ،‬إذ أن التطرق لحرية ما‬
‫يجب أال يعصف بها أو يؤثر على بقائها‪.41‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬حاول البعض من الفقه‪ 42‬التمييز بين تقييد الحرية وتنظيمها‪،‬‬
‫معتبرين أن التنظيم يتعلق بكيفية استعمال الحرية‪ ،‬أما التقييد يمس جوهر الحرية‪،‬‬
‫لذلك تعتبر الحريات العامة املعترف بها ضمن الدستور ‪ ،‬والتي تم إحالة مسألة تنظيمها‬
‫إلى قانون‪ ،‬يملك بشأنها املشرع سلطة تقديرية في كيفية تنظيمها بشرط أن ال ينحرف عن‬
‫الهدف الذي كان يصبو إليه الدستور‪.‬‬
‫بل أكثر من ذلك‪ ،‬ذهب هذا الرأي من الفقه إلى أن الحريات العامة غير قابلة‬
‫للتقييد‪ ،‬مما يترتب على ذلك أن أي تقييد لها يؤدي إلى بطالن النص التشريعي ليس لكونه‬
‫مشوبا بعيب االنحراف التشريعي‪ ،‬بل باعتباره مشوبا بعيب مخالفة موضوعية صريحة‬
‫للقانون‪.‬‬
‫غير أنه انتقد نظرا لصعوبة التمييز بين تنظيم الحرية وتقييدها‪ ،‬نظرا لعدم وجود‬
‫معيار حاسم يمكن االعتماد عليه لتبيان الحدود الفاصلة بينهما‪ ،‬وما يصعب هذا األمر‬
‫طريقة صياغة أحكام الدستور املتعلقة بالحريات العامة من خالل عدم تبيان الحدود‬
‫واجب احترامها عند تنظيمها‪ ،‬فمثال لقد جرت العادة أن يكتفي املؤسس الدستوري‬
‫الجزائري بأن ينص على أن هذا الحق أو الحرية " مضمونة" و" تمارس في إطار القانون" ‪،‬‬
‫مما يخول للمشرع االختيار في تنظيمها بين الترخيص اإلداري املسبق أو اإلخطار‪ .‬ومن أجل‬
‫ذلك‪ ،‬اتجهت معظم الدول إلى تقييد السلطة التشريعية بعدم الحظر املطلق للحريات‬
‫العامة‪ ،‬ألن اعتدائها على هذه الحريات يكون أشد خطرا من اعتداء اإلدارة العامة "نظرا‬
‫الستقرار العدوان في صورة تشريعية" ‪.43‬‬
‫أما بالنسبة للحظر النسيي أو املؤقت للحريات العامة‪ ،‬فإنه القضاء بصفة عامة‬
‫يجيزه في حالة ما إذا وجد ما يبرره من مقتضيات الحفاظ على النظام العام‪ ،‬لذلك وجب‬
‫أن يكون اإلجراء الضابط في مواجهة ممارسة الحرية متكافئا مع مدى خطورة التهديد مع‬

‫مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 04‬العدد ‪ - 02‬السنة ‪1953 2019‬‬
‫ص ‪ - 1941‬ص ‪1957‬‬ ‫االنحراف التشريعي والرقابة الدستورية عليه‬ ‫أ‪ .‬صديق سهام‬

‫النظام العام‪ ،‬ألن التقييد املانع بوقت أو مكان معين ال يؤدي حتما إلى مشروعيته‪ ،‬ألن‬
‫التوسع في الحظر النسيي يعد بمثابة حظر مطلق‪.44‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬أن يكون الدفع جديا‬
‫وإن كان هذا الشرط لم ينص عليه املؤسس الدستوري الجزائري صراحة‪ ،‬إال أنه‬
‫يستشف ذلك ضمنيا من خالل اشتراطه اإلخطار بناء على اإلحالة من طرف املحكمة العليا‬
‫أو مجلس الدولة‪ .‬إال أن القانون العضوي رقم ‪ 16-18‬أكد على هذا الشرط في املادة ‪ 08‬في‬
‫فقرتها األخيرة منه ‪ ،‬التي قررت ‪ " :‬أن يتسم الوجه املثار بالجدية" ‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬إذ يتعين على الجهة القضائية املختصة التي أثير أمامها الدفع أن‬
‫تثبت جدية املسألة الدستورية األولية من خالل تبيانها لوجود تعارض بين النص‬
‫التشريعي والنص الدستوري؛ أي رجحان القضاء بعدم الدستورية على نحو يكون مبررا‬
‫قانونيا لهذه الجهة القضائية أن تقرر اإلحالة إلى املحكمة العليا أو مجلس الدولة حسب‬
‫نوع النزاع‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬في حالة ما إذا قررت محكمة املوضوع إحالة النزاع إلى املحكمة العليا أو‬
‫مجلس الدولة بحسب نوع النزاع‪ ،‬تتولى في هذه الحالة املحكمة العليا أو مجلس الدولة‬
‫التثبت من وجود دفع جدي وتقوم إما برفض الدفع أو اإلخطار بناء على اإلحالة إلى‬
‫املجلس الدستوري‪ ،‬وذلك في أجل شهرين من استالم امللف طبقا للمادة ‪ 13‬من القانون‬
‫العضوي رقم ‪.16-18‬‬
‫الخاتمة ‪:‬‬
‫نستخلص من هذه الدراسة ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬يعد االنحراف التشريعي من أخطر العيوب التي قد تصيب التشريع‪ ،‬ويرجع ذلك‬
‫إلى اعتباره عيبا خفيا ال يظهر بمجرد املقارنة بين نصوص الدستور والتشريع‪.‬‬
‫‪ -‬تعتبر السلطة التقديرية للمشرع مجال ظهور عيب االنحراف التشريعي‪ ،‬وال‬
‫مجال للحديث عنه في حاالت تقييد اختصاص املشرع‪.‬‬
‫‪ -‬كما أنه بإمكان جهة الرقابة على دستورية القوانين استعمال كافة وسائل‬
‫اإلثبات للتأكد من وجوده من عدمه‪.‬‬
‫أما فيما االقتراحات تتمثل في ‪:‬‬

‫مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 04‬العدد ‪ - 02‬السنة ‪1954 2019‬‬
‫ص ‪ - 1941‬ص ‪1957‬‬ ‫االنحراف التشريعي والرقابة الدستورية عليه‬ ‫أ‪ .‬صديق سهام‬

‫‪ -‬على جهة الرقابة على دستورية القوانين البحث عن الهدف من إصدار التشريع‪،‬‬
‫وهذا البحث يعد طريقا عاديا للرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬ألن الهدف من‬
‫هذه األخيرة هو ضمان احترام الدستور وحمايته من الخروج على أحكامه‪.‬‬
‫‪ -‬ينبغي منح األفراد حق الطعن املباشر عن طريق الدعوى األصلية من أجل‬
‫ضمان حقوقهم وحرياتهم‪ ،‬مع وضع شروط لرفع هذه الدعوى لتجنب املساوئ‬
‫التي قد تنتج عن الدعوى األصلية كما هو الحال بالنسبة للدعوى اإلدارية‪.‬‬

‫الهوامش ‪:‬‬

‫‪1‬على رأسهم الفقيه عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬مخالفة التشريع للدستور واالنحراف في استعمال السلطة التشريعية‪ ،‬مجلة‬
‫مجلس الدولة‪ ،‬مصر‪ ،‬يناير ‪ ،1952‬ع‪ ،03.‬ص‪ ،59.‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 2‬أنظر‪ ،‬إبراهيم مصطفى‪ ،‬املعجم الوسيط‪ ،‬ج‪ ،01.‬دار الدعوة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬تركيا‪ ،1989 ،‬ص‪.67.‬‬
‫‪ 3‬أنظر‪ ،‬جبران مسعود‪ ،‬الرائد معجم الفبائي في اللغة‪ ،‬ط‪ ،03.‬دار العلم‪ ،‬لبنان‪ ،2003 ،‬ص‪.159.‬‬
‫‪ 4‬أنظر‪ ،‬محمد الزحيلي‪ ،‬اإلسالم والشباب‪ ،‬سوريا‪ 1414 ،‬ه ‪ ،‬ص‪.162.‬‬
‫‪ 5‬أنظر‪ ،‬عثمان سلمان غيالن العبودي‪ ،‬عدنان فاضل بارة‪ ،‬فرضية عيب االنحراف التشريعي بين الفقه والقضاء‪،‬‬
‫ٌ‬
‫ص‪ ، www.iasj.net.45.‬تم اإلطالع عليه بتاريخ ‪ ،2019/04/14‬على الساعة ‪.20:00‬‬
‫‪ 6‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.65.‬‬
‫‪ 7‬عبد العزيز عبد املنعم شرف‪ ،‬املعالجة القضائية والسياسية لالنحراف التشريعي‪ ،‬أطروحة دكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،2001 ،‬ص‪.28.‬‬
‫‪ 8‬إبراهيم محمد الشرفاني‪ ،‬رقابة املحكمة الدستورية على السلطة التقديرية للمشرع‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫صالح الدين – أربيل‪ ،-‬العراق‪ ،2013 ،‬ص‪.232.‬‬
‫‪9‬أنظر‪ ،‬رجب محمد السيد أحمد‪ ،‬االنحراف الدستوري و أثره على ممارسة الحقوق والحريات العامة‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫مصر‪ ، 2016 ،‬ص‪.07-05.‬‬
‫‪ 10‬أنظر‪ ،‬رومان خليل رسول‪ ،‬اختصاص القضاء الدستوري برقابة االنحراف التشريعي – دراسة مقارنة‪ ،-‬دار الفكر الجامعي‪،‬‬
‫مصر‪ ، 2018 ،‬ص‪.26.‬‬
‫‪ 11‬عبد املجيد إبراهيم سليم‪ ،‬السلطة التقديرية للمشرع‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الزقازيق‪ ،‬مصر‪،2009 ،‬‬
‫ص‪.380.‬‬
‫‪ 12‬أنظر‪ ،‬عادل عمر شريف‪ ،‬القضاء الدستوري في مصر‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة عين شمس – القاهرة‪،-‬‬
‫‪ ،1988‬ص‪.383-382.‬‬
‫‪ 13‬عثمان سلمان غيالن العبودي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.64.‬‬
‫‪ 14‬أنظر‪ ،‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬دار املطبوعات الجامعية‪ ،‬مصر‪ ،1996 ،‬ص‪.606.‬‬
‫‪ 15‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬مرجع سابق‪.68 ،‬‬
‫‪ 16‬عادل عمر شريف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.373.‬‬
‫‪ 17‬رومان خليل رسول‪ ،‬مرجع سابق‪.37 ،‬‬
‫‪ 18‬عثمان سلمان غيالن العبودي‪ ،‬عدنان فاضل بارة‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.68.‬‬
‫‪ 19‬أنظر‪ ،‬فؤاد العطار‪ ،‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬ج‪ ،01.‬ط‪ ،01.‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،1976 ،‬ص‪.193.‬‬
‫‪ 20‬أنظر‪ ،‬محمد كامل عيد‪ ،‬النظم السياسية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،1969 ،‬ص‪.195.‬‬
‫مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 04‬العدد ‪ - 02‬السنة ‪1955 2019‬‬
‫ص ‪ - 1941‬ص ‪1957‬‬ ‫االنحراف التشريعي والرقابة الدستورية عليه‬ ‫أ‪ .‬صديق سهام‬

‫‪21‬أنظر‪ ،‬عبد الرحمن عزاوي‪ ،‬الرقابة على السلوك السليي للمشرع‪ :‬اإلغفال التشريعي نموذجا‪ ،‬مجلة العلوم القانونية واإلدارية‬
‫والسياسية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة أبو بكر بلقايد‪ -‬تلمسان‪ ،-‬نشر ابن خلدون‪ ،‬الجزائر‪ ،2010 ،‬ع‪ ،10‬ص‬
‫‪.100 .‬‬
‫‪22‬عبد الرحمن عزاوي‪ ،‬ضوابط توزيع االختصاص بين السلطتين التشريعية والتنفيذية – دراسة مقارنة‪ ،-‬ج‪ ،1‬دار الغرب‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،2009،‬ص‪.185-175‬‬
‫‪ 23‬عبد الرحمن عزاوي‪ ،‬الرقابة على السلوك السليي للمشرع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.103.‬‬
‫‪ 24‬عبد العزيز محمد سلمان‪ ،‬رقابة دستورية القوانين‪ ،‬ط‪ ،01.‬دار الفكر العريي‪ ،‬مصر‪ ،1995 ،‬ص‪.353.‬‬
‫‪ 25‬القانون رقم ‪ ،01-06‬املؤرخ في ‪ 06‬مارس ‪ ،2016‬املتضمن التعديل الدستوري‪ ،‬الصادر في ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ع‪ ،14.‬بتاريخ ‪ 07‬مارس‬
‫‪.2016‬‬
‫‪ 26‬املؤرخ في ‪ 02‬سبتمبر ‪ ،2018‬الصادر في ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ع‪ ، 54.‬بتاريخ‪ 05‬سبتمبر ‪. 2018‬‬
‫‪27.Considérant que les termes de l’article 23-1 de Loi organique relative à l’application de l’article de 61-1 de la‬‬

‫‪constitution dispose : « Devant les juridictions relevant du Conseil d’Etat ou de la Cour de cassation, le moyen tiré‬‬
‫‪de ce qu’une disposition législative porte atteinte aux droits et libertés garantis par la Constitution est, à peine‬‬
‫‪d’irrecevabilité, présenté dans un écrit distinct et motivé. Un tel moyen peut être soulevé pour la première fois en‬‬
‫‪cause d’appel. Il peut être relevé d’office ».‬‬
‫‪Le Conseil Constitutionnel prodame : « considérant, en deuxième lieu, que les termes de l’article 61-1de la‬‬
‫‪constitution imposaient au législateur organique de réserver aux seul parties à l’instance le droit de soutenir qu’une‬‬
‫‪disposition législative porte atteinte aux droits et libertés que la Constitution garantit ; que, par conséquent, la‬‬
‫‪dernière phrase du premier alinéa de l’ article 23-1, qui fait interdiction à juridiction saisie de soulever d’office une‬‬
‫‪question prioritaire de constitutionnalité, ne méconnait pas la constitution ».Cf. Décision N. 2009-595 QPC du‬‬
‫‪13/12/2009, Loi organique relative à l’application de l’article de 61-1 de la constitution .www.conseil-‬‬
‫‪constitutinnel.fr. consulté le 14/02/2018, à 16 h :30.‬‬

‫‪ 28‬من بينها ‪:‬‬


‫‪ -‬الحر ( بالضم) نقيض العبد‪ ،‬و هو ما جاء في قوله تعالى ‪ " :‬يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر‬
‫بالحر والعبد بالعبد واألنثى باألنثى"‪ .‬اتآية رقم (‪ )178‬من سورة البقرة‪.‬‬
‫‪ -‬الحر ( بالفتح و التشديد) تعني الخلوص من الشوائب و اللوم‪ ،‬وهي تعني أن تختار فتحسن االختيار و ليس أن تفعل ما‬
‫تريد‪.‬‬
‫للمزيد أنظر‪ ،‬أحمد مختار عمر‪ ،‬املعجم العريي األساس ي‪ ،‬املنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم‪ ،‬مصر‪،1988 ،‬‬
‫ص‪.305.‬‬
‫‪ 29‬أنظر‪ ،‬صاحب مطر خباط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.42.‬‬
‫‪30 Cf. RIVERO Jean, Les libertés publiques, P.U.F, France, 1973, p.15.‬‬

‫‪31 Cf. ROCHE Jean, Libertés publiques, 08éme éd. ,Dalloz, France,1987, p.07.‬‬

‫‪ 32‬أنظر‪ ،‬عبد الرزاق عبد السميع‪ ،‬حرية االجتماع – دراسة مقارنة‪ ،-‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،2002 ،‬ص‪.09.‬‬
‫‪ 33‬أنظر‪ ،‬روسكو باوند‪ ،‬ضمانات الحرية في الدستور األمريكي‪ ،‬ترجمة لبيب شنب‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬لبنان‪ ،1973 ،‬ص‪.01.‬‬
‫‪ 34‬أنظر‪ ،‬باسل باوزير‪ ،‬دور القضاء الدستوري في تطوير مفهوم الحقوق والحريات األساسية‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫األردن‪ ،2008 ،‬ص‪.03.‬‬

‫مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 04‬العدد ‪ - 02‬السنة ‪1956 2019‬‬
‫ص ‪ - 1941‬ص ‪1957‬‬ ‫االنحراف التشريعي والرقابة الدستورية عليه‬ ‫أ‪ .‬صديق سهام‬

‫‪ 35‬أنظر‪ ،‬سعاد الشرقاوي‪ ،‬نسبية الحريات العامة وانعكاساتها على التنظيم القانوني‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪،1979 ،‬‬
‫ص‪.05.‬‬
‫‪ 36‬من أصحاب هذا الرأي على سبيل املثال ‪:‬‬
‫‪- Cf. MORANGE Jean, Libertés publiques, 6éme éd., P.U.F, France, 2001, p.06.‬‬
‫‪ -‬حمدي عطية مصطفى عامر‪ ،‬حماية حقوق اإلنسان وحرياته العامة األساسية في القانون الوضعي والفقه اإلسالمي‬
‫– دراسة مقارنة‪ ،-‬ط‪ ،01.‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر‪ ،2010 ،‬ص‪.40.‬‬
‫‪37Cf. RIVERO Jean, Les libertés publiques, T.01, 05éme éd., P.U.F., France,1987, p.23.‬‬

‫‪ 38‬أنظر‪ ،‬محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬مبادئ النظم السياسية‪ ،‬منشورات الحليي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪ ، 2002 ،‬ص‪.204.‬‬
‫‪ 39‬و التي نصت على أنه ‪ " :‬يمارس السلطة التشريعية برملان يتكون من غرفتين‪ ،‬وهما املجلس الشعيي الوطني و مجلس األمة‪.‬‬
‫وله السيادة في إعداد القانون والتصويت عليه"‪.‬‬
‫‪ 40‬أنظر‪ ،‬فهد أبو العثم النسور‪ ،‬القضاء الدستوري – بين النظرية والتطبيق‪ ،-‬دار الثقافة للنشر و التوزيع‪ ،‬األردن‪،2016 ،‬‬
‫ص‪.210.‬‬
‫‪ 41‬فهد أبو العثم النسور‪ ،‬القضاء الدستوري – بين النظرية والتطبيق‪ ،-‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.214.‬‬
‫‪ 42‬أنظر‪ ،‬محمود عاطف البنا‪ ،‬حدود سلطات الضبط اإلداري‪ ،‬دار الفكر العريي‪ ،‬مصر‪ ،1980 ،‬ص‪.57-56 .‬‬
‫‪ 43‬عادل السعيد محمد أبو الخير‪ ،‬الضبط اإلداري وحدوده‪ ،‬مطابع الطويجي‪ ،‬مصر ‪ ،1988 ،‬ص‪.332.‬‬
‫‪44‬عادل السعيد أبو الخير‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.360.‬‬

‫مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 04‬العدد ‪ - 02‬السنة ‪1957 2019‬‬

You might also like