You are on page 1of 11

‫الفصل الثاني ‪ -‬مصادر القاعدة القانونية‬

‫إعداد‬
‫د‪ .‬هيثم عبد الكريم شعبان‬
‫أستاذ االقتصاد المساعد بجامعة المجمعة‬

‫أ‪ -‬المصدر الموضوعي أو المادي ‪:‬‬


‫ويعني المواد األولية التي تصاغ منها القاعدة القانونية والتي تؤلف جوهرها ومضمونها‬
‫ب‪ -‬المصدر التاريخي ‪:‬‬
‫وهو األصل التاريخي للقانون‬
‫ج‪ -‬المصدر الشكلي ‪:‬‬
‫وهو الشكل الذي خرجت به القاعدة القانونية ويأخذ أحد األشكال التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬التشريع ( النظام )‬
‫‪ -2‬العرف‬
‫‪ -3‬القواعد العامة في الشريعة اإلسالمية‬
‫‪ -4‬السوابق القضائية‬
‫‪ -5‬مبادئ القانون الطبيعي والقواعد العامة في العدالة‬
‫‪ -6‬الفقه‬

‫في المملكة العربية السعودية نص النظام األساسي للحكم الصادر عام ‪ 1412‬على أن‬
‫أحكام الشريعة اإلسالمية المستمدة من الكتاب والسنة هي المصدر الرئيسي لألحكام‬
‫وعلى أن تطبق المحاكم ما يصدره ولي األمر من أنظمة ال تتعارض معها ‪.‬‬

‫أوال"‪ :‬التشريع كمصدر للقانون‬

‫هو سن السلطة المختصة في الدولة لقواعد قانونية مكتوبة وإصدارها وفقا لإلجراءات‬
‫التي يقررها دستور الدولة‪ .‬كما قد يقصد به ما تصدره السلطة التشريعية من قواعد‬
‫تشترك في مجموعها لحكم تنظيم قانوني معين (التشريعات العمالية ) ‪.‬‬
‫التشريع هو المصدر األهم للبناء القانوني لاالبية الدول لما يتصف به من خصائص ‪.‬‬

‫خصائص التشريع ( ميزاته )‪:‬‬


‫‪ .1‬وسيلة فعالة في يد السلطة المختصة التي تتكفل بوضعه بسهولة وبسرعة‬
‫لمواجهة حاجات المجتمع الحديثة ومالحقة تطورها ‪.‬‬
‫‪ .2‬مجيء القاعدة القانونية في صورة مكتوبة يضفي عليها طابع الدقة والتحديد‬
‫وأدعى إلى االستقرار والثقة في التعامل بين الناس ‪.‬‬
‫‪ .3‬صدور التشريع من سلطة مختصة سيضفي على عملها ميزة الدقة والتحديد‬
‫الذي سينتج عنه توحيد النظام في الدولة وإزالة التباين‬
‫‪1‬‬
‫عيوب التشريع كوسيلة لخلق القواعد القانونية‪:‬‬
‫التشريع قد يضفي على القاعدة القانونية صفة الجمود‪ ،‬حيث يكون الحكم فيها‬ ‫‪.1‬‬
‫مالئما“ للحال عند صدورها ‪.‬‬
‫عند اقتباس التشريع من نظام قانوني آخر فنجاح تطبيقه غير مؤكد بسبب‬ ‫‪.2‬‬
‫اختالف البيئة والمجتمع ‪.‬‬
‫ال يمكن للسلطة التشريعية أن تحيط بتنظيم جميع العالقات االجتماعية وهو ما‬ ‫‪.3‬‬
‫يتيح لقواعد العرف ضبط المسائل التي لم تصادف حال“ تشريعيا“‪.‬‬
‫يالحظ أنه في حال إصدار تشريعات عاجلة لمواجهة ظروف خاصة‬ ‫‪.4‬‬
‫فقواعدها غالبا“ ما تتصف بالقصور أو عدم الوضوح أو التضاد مما يحتم‬
‫تعديلها أو إلاائها وتكرار ذلك يفقد التشريع ثقة الناس فيه ‪.‬‬

‫أنواع التشريع‬
‫تباين األهمية التي تعطى ألنواع القواعد التشريعية المكتوبة تبعا“ لتباين العالقات التي‬
‫تحكمها ومستوى السلطة القائمة على وضعها كان سببا“ في وجود أنواع متعددة من‬
‫التشريعات أعالها هو التشريع األساسي أو الدستور ويتلوه التشريع العادي أو القانون‬
‫ليأتي في النهاية التشريع الفرعي أو الالئحي ‪.‬‬
‫‪ -1‬التشريع األساسي ( الدستور )‪:‬‬
‫هو مجموعة القواعد األساسية التي تحدد شكل الدولة ونظام الحكم فيها ‪ ،‬والسلطات‬
‫العامة واختصاصاتها وتنظيم ما يربط بينها من عالقات‪ ،‬والحقوق والواجبات والحريات‬
‫العامة ‪ .‬يعتبر التشريع األساسي أو الدستور التشريع األسمى بحيث ال يمكن إجازة أي‬
‫تشريع آخر إذا كان مخالفا“ ألحكامه ‪.‬‬
‫تختلف طرق إصدار الدستور باختالف ظروف كل دولة ‪ ،‬فقد يصدر على شكل منحة‬
‫من حاكم الدولة في صورة عهد بينه وبين شعبه‪ ،‬أو عن طريق جمعية تأسيسية منتخبة‬
‫أو معينة ‪ ،‬أو عن طريق استفتاء شعبي‪.‬كما تختلف التشريعات حول الكيفية التي يتم‬
‫بموجبها تعديل قواعد الدستور والتي عادة ما تنص عليها الدساتير نفسها ‪.‬‬
‫أنواع الدساتير‪:‬‬
‫‪ -1‬دستور مرن‪:‬‬
‫يكفي لتعديل أحكامه أو إلاائه أن يتم ذلك اإلجراء بنفس الطريقة التي تصدر بها القوانين‬
‫العادية ‪.‬‬
‫‪ - 2‬دستور جامد ‪:‬‬
‫ال يمكن تعديله أو إلاائه إال بإتباع إجراءات مطولة ومعقدة وهو يتناسب مع ما يجب أن‬
‫يكون عليه التشريع األساسي من استقرار لضمان حسن إدارة شؤون الدولة واحترام‬
‫نصوصه من قبل جميع المخاطبين بأحكامه‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وحيث أن التشريع األساسي هو أقوى أنواع التشريع يجب على التشريعات األخرى أن‬
‫ال تخالف أحكامه وتعتبر غير شرعية إذا خالفتها ‪ .‬في السعودية يعتبر دستور الدولة هو‬
‫القرآن والسنة‪ ،‬باإلضافة إلى النظام األساسي للحكم الصادر عام ‪ 1412‬ونظام مجلس‬
‫الوزراء الصادر عام ‪ 1414‬ونظام مجلس الشورى الصادر عام ‪1412‬‬
‫‪ -2‬التشريع العادي(القانون)‪:‬‬
‫هو مجموعة القواعد التي تسنها السلطة التشريعية أساسا“ وذلك في نطاق اختصاصاتها‬
‫المحددة في الدستور ويعد تاليا“ للتشريع الدستوري من حيث التدرج والقوة مما يعني‬
‫ضرورة احترام نصوصه للتشريع األعلى منه درجة ‪.‬‬
‫عادة ما يصدر التشريع العادي عن السلطة التشريعية باختالف مسمياتها (البرلمان ‪،‬‬
‫الجمعية الوطنية ‪ ،‬مجلس الشعب ‪ )... ،‬وقد يصدر عن السلطة التنفيذية استثناء“ في‬
‫ظروف معينة يقررها الدستور(كما في حالة الفراغ الدستوري الناشئ عن غياب السلطة‬
‫التشريعية) ‪ .‬وعند صدور التشريع العادي عن السلطة التنفيذية تستوجب الدساتير أن‬
‫يكون ذلك التشريع موافقا“ لما تقرره وأن يتم عرضه فيما بعد على السلطة التشريعية‬
‫إلقراره ‪ .‬كما تصدر السلطة التنفيذية استثناء“ التشريعات التفويضية وفيها تعهد السلطة‬
‫التشريعية صاحبة االختصاص األصيل إلى السلطة التنفيذية بإصدار تشريعات في‬
‫موضوعات معينة لمواجهة ظرف خاص ‪ .‬وهذه التشريعات تسن أثناء وجود السلطة‬
‫التشريعية ال أثناء غيابها ‪.‬‬
‫‪ -‬وفي المملكة العربية السعودية يستخدم مصطلح السلطة التنظيمية عوضا“ عن السلطة‬
‫التشريعية ‪ .‬والسلطة التنظيمية تختص بوضع األنظمة واللوائح فيما يحقق المصلحة‬
‫العامة وتمارس اختصاصاتها وفق النظام األساسي للحكم ونظام مجلس الوزراء ومجلس‬
‫الشورى ‪ .‬وتتمثل السلطة التنظيمية بمجلس الوزراء الذي تمتد صالحياته لتشمل رسم‬
‫السياسة الداخلية والخارجية والمالية واالقتصادية والتعليمية والدفاعية وجميع الشؤون‬
‫العامة للدولة ‪ .‬ومجلس الوزراء الذي يتولى رئاسته جاللة الملك هو نفس الوقت السلطة‬
‫التنفيذية في البالد ‪.‬‬

‫مراحل إصدار القانون‬


‫يمر إصدار القانون بمراحل متعددة تستلزم التشريعات الدستورية استكمالها لكي يصبح‬
‫القانون نافذا“ بعدها وهذه المراحل هي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬مرحلة االقتراح ‪:‬‬
‫وتمثل الدور األول الذي يمر به وضع القانون حيث يبدأ في إعداد مشروع قانون يتم‬
‫عرض قواعده على السلطة التشريعية وهي في المملكة مجلس الوزراء ‪ .‬تحدد‬
‫التشريعات األساسية األشخاص الذين يحق لهم اقتراح مشروع قانون وهم أعضاء‬
‫السلطة التشريعية ورئيس وأعضاء السلطة التنفيذية (الحكومة) ‪.‬‬
‫في المملكة العربية السعودية حق اقتراح مشروع قانون يكون ألعضاء مجلس الوزراء ‪.‬‬
‫وعادة ما يتم ذلك االقتراح لتنظيم أمر يدخل في اختصاص الوزارة المعنى بشأنها الوزير‬
‫مقدم االقتراح ‪ ،‬وبعد قبول االقتراح فإنه سيعهد به إلى اللجنة العامة لمجلس الوزراء‬
‫‪3‬‬
‫وهيئة الخبراء بصفة رئيسية وفي حدود اختصاص كل منها بمراجعة مشروعات‬
‫األنظمة إلعطاء تقرير بشأنه ‪.‬‬
‫ب‪ -‬مرحلة التصويت ‪:‬‬
‫وهي المرحلة الثانية المتمثلة في طرح مشروع القانون على السلطة التشريعية إلقراره‬
‫أو رفضه عند حيازته ألغلبية تحددها القوانين ‪ .‬وتتم الموافقة على مشروع القانون في‬
‫السعودية بعد عرضه على مجلس الوزراء في جلسة تكون مداوالتها سرية وال بد من‬
‫حضور الوزير المعني أو من ينوب عنه وال يكون النصاب القانوني مكتمال“ إال‬
‫بحضور ثلثي األعضاء ‪ ،‬ويكون القرار المتخذ صحيحا“ إذا صدر باألغلبية وعند‬
‫تساوي األصوات يعتبر رأي رئيس الجلسة مرجحا“ ‪.‬‬
‫ج‪ -‬مرحلة المصادقة ‪:‬‬
‫وهي موافقة رئيس الدولة بصفته شريكا“ في السلطة التشريعية على مشروع القانون‬
‫المقترح لتحويله إلى قانون ‪ .‬وتتمثل في السعودية بموافقة وإقرار الملك على مشروع‬
‫القانون من خالل توقيعه على قرار المجلس ‪.‬‬
‫د‪ -‬مرحلة اإلصدار ‪:‬‬
‫وهي اإلجراء الذي بموجبه تتم عملية إثبات تسجيل الوجود القانوني للقانون الجديد‬
‫وضمه إلى القوانين النافذة حيث يقوم رئيس الدولة بصفته رئيس السلطة التنفيذية بتوجيه‬
‫األمر إلى أعضاء السلطة التنفيذية لوضع القانون الجديد موضع التنفيذ ‪ .‬في المملكة‬
‫العربية السعودية األداة النظامية لصدور القانون الجديد هي المرسوم الملكي‬
‫هـ‪ -‬مرحلة النشر ‪:‬‬
‫ويقصد بها إعالم كافة أألشخاص في المجتمع بصدور القانون الجديد حتى يصبحوا‬
‫مكلفين بأحكامه ‪ .‬والوسيلة المعتبرة لتحقيق ذلك هي نشره في الجريدة الرسمية وهي في‬
‫المملكة العربية السعودية أم القرى ‪ .‬ومن تاريخ النشر يادو القانون نافذ المفعول ‪.‬‬
‫‪ -3‬التشريع الفرعي ( الالئحي ) ‪:‬‬
‫هو مجموعة القواعد القانونية التي تصدر في شكل قرارات من قبل السلطة التنفيذية‪،‬‬
‫وذلك بمقتضى االختصاص الممنوح لها في الدستور ‪ .‬والبد لصدورها صحيحة أن‬
‫تكون مراعية لعدم تعارضها مع التشريع العادي أو مع التشريع األساسي وإال كانت‬
‫معيبة بعدم دستوريتها أو عدم النظامية ‪.‬‬
‫وسبب إصدار السلطة التنفيذية لتلك التشريعات ‪ ،‬مع أنها جهة موكل لها أصال“ تنفيذ‬
‫القوانين ‪ ،‬يكمن في أن السلطة التشريعية ال يتوفر لها معرفة تفاصيل متابعة تنفيذ‬
‫التشريعات التي تصدرها وتعديلها كلما اقتضت ضرورة التطبيق العملي والالئحة ‪،‬‬
‫والحالة هذه ‪ ،‬ستكون أداة سريعة في يد السلطة التنفيذية لتأمين مصالح األفراد وضمان‬
‫سير المرافق العامة وأداء خدماتها وضمان األمن والصحة العامة في المجتمع‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫أنواع اللوائح‬
‫‪ - 1‬اللوائح التنفيذية‪:‬‬
‫وهي قواعد عامة تتضمن وضع أحكام تفصيلية لتنفيذ وتطبيق التشريعات العادية أو‬
‫القوانين التي سنتها السلطة التشريعية ‪ .‬ويعزى ترك مهمة وضعها للسلطة التنفيذية ألنها‬
‫أكثر التصاقا“ بالموضوع المراد تطبيق التشريع فيه مما سيجعل ما تتخذه من إجراء‬
‫أدعى إلى اإلحاطة بأنسب الوسائل الممكنة لتنفيذه‪ .‬واللوائح التنفيذية ستكون تابعة‬
‫للتشريع العادي ألن غرض وضعها محدود بتنفيذ القانون فال تتعداه وتخرج عن قواعده‬
‫بتعديل أو إعفاء من التنفيذ أو تجاوز ألحكامه ‪.‬‬
‫‪ -2‬اللوائح التنظيمية‪:‬‬
‫وهي قواعد قانونية تسن لتنظيم وترتيب سير العمل في المرافق العامة واإلدارات‬
‫الحكومية‪ .‬كما قد تتضمن إنشاء هيئات وأجهزة جديدة مع تحديد اختصاصاتها حيث‬
‫السلطة التنفيذية هي األقدر على اختيار ما يالئم ضمان حسن سير الجهاز الحكومي ‪.‬‬
‫ولهذا النوع من اللوائح وجود مستقل بمعنى عدم ارتباطه بقانون معين كما في اللوائح‬
‫التنفيذية التي تشترك معها في وجوب عدم معارضتها لقواعد قانونية أعلى منها درجة‬
‫‪ -3‬لوائح الضبط ( البوليس )‪:‬‬
‫وهي مجموعة القواعد القانونية الهادفة للمحافظة على األمن العام ‪،‬والصحة العامة‪،‬‬
‫وتوفير سكينة واستقرار المجتمع‪ .‬وهي لوائح قد ال تستند إلى قانون سابق مثالها‬
‫تنظيمات المنشآت المضرة بالصحة أو الخاصة بمراقبة األغذية واألدوية ومراقبة أماكن‬
‫اللهو وضبط األسواق ‪ ....‬ونظرا“ لسعة مجال تلك اللوائح وألن موضوعاتها ال يمكن‬
‫تنظيمها دون الحد من حرية وممتلكات األفراد فلوائح الضبط تعد من أخطر اللوائح مما‬
‫يستلزم عند وضعها مراعاة المالئمة والتوفيق بين مصالح األفراد وحرياتهم ومتطلبات‬
‫تنظيم األنشطة التي تمس أمن وصحة واستقرار المجتمع ‪.‬‬
‫ولهذا النوع من اللوائح أيضا“وجود مستقل بمعنى عدم ارتباطه بقانون معين لكن ال بد‬
‫من عدم معارضتها لقواعد قانونية أعلى منها درجة ‪.‬‬

‫صياغة القاعدة القانونية‬


‫القواعد القانونية على اختالف أنواعها تشترك في إرادتها حكم عالقة ما أو تنظيم وضع‬
‫معين ووسيلة تحقيق تلك الااية البد أن تكون موافقة لما رسم للقاعدة من هدف ‪.‬‬
‫والوسيلة التي تأتي بالقاعدة القانونية إلى الوجود العملي هي الصياغة القانونية التي‬
‫تجسد الشكل النهائي الذي سيطبق بموجبه خطاب القاعدة القانونية بما يضمن تحقيق‬
‫الهدف من فرضها ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫أنواع الصياغة ‪:‬‬

‫‪ -1‬الصياغة اجلامدة ‪:‬‬


‫وفيها يتم اإلفصاح عن معنى القاعدة القانونية بطريقة ال يمكن للقاضي معها إال التثبت‬
‫فقط من حصول الوقائع واألوضاع التي تندرج في الفرض المحدد الذي عينته القاعدة ‪.‬‬
‫هذه الصياغة تتحقق معها ميزة السهولة في التطبيق ويتمثل دور القاضي فقط في تقرير‬
‫الحكم الثابت المحدد الذي تنطبق به القاعدة بعد التأكد من وجود الفرض الذي يتعلق به‬
‫ذلك الحكم ‪ .‬فالقواعد التي تحدد سن األهلية لمباشرة الحقوق والتصرفات وتلك التي تحدد‬
‫مدد ومواعيد الطعن في األحكام القضائية تصاغ بطريقة جامدة ‪.‬‬
‫‪ -2‬الصياغة املرنة ‪:‬‬
‫وهي التي يعبر فيها عن مضمون القاعدة القانونية بطريقة تستجيب لمعاملة كل حالة‬
‫على حدة فتؤخذ في االعتبار عند تقديرها ظروف ومالبسات كل حالة ‪ .‬فهذه الصياغة ال‬
‫تضع حال“ ثابتا“ واحدا“ يلتزم به القاضي لكنها تتيح له سلوكا“ يمكن معه إعمال سلطته‬
‫التقديرية فيقوم بتطبيق حكم تلك القاعدة استجابة لوقائع وخصوصية كل حالة ‪ .‬يمكن‬
‫مصادفة الصياغة المرنة عند تحديد العقوبات للقاضي بين حدين يختار بينهما ما يالئم‬
‫كل حالة حسب ظروفها ‪.‬‬
‫الصياغة الجامدة يتحقق معها سهولة التطبيق والثبات واالستقرار في المعامالت لكنها ال‬
‫تتضمن إال تحقيق عدل مجرد حيث تصبح نتيجتها نموذجا“ ثابتا“ ال يتاير مع تبدل‬
‫الحاالت أما الصياغة المرنة فترنو إلى تحقيق العدل الفعلي الواقعي دون أن تقف على‬
‫افتراض العدل المجرد وذلك لمعالجتها خصوصيات كل حالة لكن ما قد تعطيه للقاضي‬
‫من سلطة رحبة ال تستجيب مع متطلبات األمن واالستقرار في المعامالت ‪ .‬لكن وجود‬
‫سلطة رقابية قضائية ممثلة بمحاكم النقض أو التمييز كفيل بتبديد هذه المخاوف وتوحيد‬
‫اتجاه القضاة في استخدامهم للسلطات التقديرية الممنوحة لهم بموجب الصياغة المرنة‬
‫للقواعد القانونية ‪.‬‬

‫طرق الصياغة‪:‬‬
‫‪ -"1‬جمموعة الطرق املادية ‪:‬‬
‫وفيها تأتي صياغة القاعدة القانونية معبرة عن جوهرها في شكل مادي مجسم لمظهر‬
‫خارجي يمكن تحسسه ‪ .‬ومن هذه الطرق ‪:‬‬
‫أ‪ -‬طريقة التعبير باألرقام ‪:‬‬
‫ويقصد بها إعطاء األفكار الواردة في مبدأ أو شرط تحديدا“ وتقديرا“ رقميا“ حتى يكون‬
‫لها معيار ثابت منضبط يتيسر تحسسه دون أن يثير أي نزاع عند التطبيق ‪ .‬مثال ذلك‬
‫تحديد سن األهلية بعمر معين لكل فرد لتحقيق غاية االستقرار في المعامالت دون ربطه‬
‫بالنضج العقلي والتمييز‬

‫‪6‬‬
‫ب‪ -‬التعبير باستخدام شكل معين ‪:‬‬
‫ويقصد بها صياغة القاعدة القانونية على نحو تبين فيه المظاهر الخارجية التي يفترض‬
‫تحقق وجودها لترتيب اآلثار القانونية التي يريد األفراد إحداثها ‪ .‬مثال ذلك اشتراط‬
‫الكتابة في بعض التصرفات وشهرها إلمكان االحتجاج بوجودها أمام الاير كما في عقد‬
‫الشركات ‪ .‬وحيث أن إفراغ التصرف في شكل معين يحدده القانون يتنافى واالكتفاء‬
‫بوجود التراضي بين أطراف االلتزام إلحداث أثره فإن الشكل ال بد أن يكون محصورا“‬
‫بحدود الضرورة والااية منه ‪.‬‬
‫ج‪ -‬طريقة التعبير باإلجراءات والشروط المحددة ‪:‬‬
‫ويؤخذ بها عندما يراد استلزام تحقق إجراءات أو شروط معينة في واقعة ما لترتيب‬
‫آثارها القانونية ‪ .‬مثال ذلك وضع شروط معينة لتمتع الشركة بميزة اإلعفاء الضريبي ‪.‬‬
‫‪ -"2‬جمموعة الطرق املعنوية ‪:‬‬
‫ويقصد بها إنشاء القاعدة القانونية بصياغتها عن طريق التعبير عن جوهرها بإعمال‬
‫الذهن وسلوك الفكر والمنطق والمجاز القانوني لترتيب حكم أو أثر معين ومن هذه‬
‫الطرق ‪:‬‬
‫أ‪ -‬الوضع االفتراضي عبر تقرير القرائن القانونية ‪:‬‬
‫وبموجبها يتم استخالص أمر مشكوك في تحققه واعتباره موجودا“ استنادا“ إلى توفر‬
‫أمر معلوم ‪ .‬تستخدم القرائن القانونية عندما يتعذر إثبات واقعة ما بدليل مادي قاطع ‪.‬‬
‫فيجيز عندها القانون استخدام واقعة مؤكدة إلثبات واقعة أخرى محتملة في حدوثها ‪،‬‬
‫مثال ذلك اعتبار المفقود ميتا“ عندما تحيط بظروف فقده أمارات معينة يتعين معها‬
‫تاليب احتمال هالكه ‪ .‬وكذلك احتساب الوفاء بالقسط األخير من األجرة قرينة على‬
‫تحقق الوفاء باألقساط السابقة ‪.‬‬
‫لما كانت القرائن القانونية أمرا“ مشكوكا“ في تحققه وإنما غلب على اليقين أمر رجحانها‬
‫فمن المنطقي فسح المجال لمن وقفت القرينة ضد مصلحته لإلتيان بما يقوض تلك القرينة‬
‫المستخلصة ‪.‬‬
‫ب‪ -‬استخدام المجاز القانوني عبر الحيل القانونية‪:‬‬
‫ويقصد بها إعطاء وضع من األوضاع حكما“ يخالف حقيقة من حقائق الطبيعة للتوصل‬
‫إلى إحداث أثر قانوني ال يمكن ترتبه لوال استعارة ذلك الوضع غير الحقيقي ‪ .‬الشك أن‬
‫اللجوء لهذه الطريقة ينباي أن يظل في أضيق حيز ممكن من الحدود والضرورات بما‬
‫يمكن معه تحقق العدل والمصلحة العامة التي من أجلها أقرت تلك الحيلة القانونية ‪.‬‬
‫مثال ذلك إلحاق حكم بعض العقارات بما هو عليه حال حكم المنقول في ظروف وأحوال‬
‫معينة وذلك بالرغم من مخالفة الطبيعة لكل منها للصورة التي ألحقت فيها عند تقسيم‬
‫القانون لها باعتبارها عقارات أو منقوالت ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫ثانيا"‪ :‬العرف كمصدر للقانون‬

‫هو مجموعة القواعد غير المكتوبة الناشئة عن اعتياد األفراد على اتباع سلوك معين‬
‫على نحو متواتر مع االعتقاد بقوته الملزمة والشعور بوجوب احترامه‪.‬‬
‫تشكل العرف ‪:‬‬
‫حتى يتشكل العرف ويأخذ صورة القاعدة القانونية يجب توفر ركنان أساسيان يسندان‬
‫وجوده هما‪:‬‬
‫‪ -1‬الركن المادي ‪:‬‬

‫وهو تواتر االعتياد بالقيام بسلوك معين بشأن مسألة معينة ‪ .‬ويستوجب في قيام العادة‬
‫التي ترتقي إلى مرتبة العرف توفر أربعة شروط هي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬عموم العادة ‪:‬‬
‫أي انتشارها واتباعها على نحو يسود تطبيقها في الوسط الذي نشأت فيه من قبل كافة‬
‫األشخاص الذين تتوجه إليهم في معناها ‪.‬‬
‫ب‪ -‬اطراد العادة ‪:‬‬
‫أي استقرار األفراد على اتباعها بتكرار يتأتى معه ما يفيد الثبات حكمها دون انقطاع‪.‬‬
‫ج‪ -‬قدم العادة‪:‬‬
‫أي مضي زمن كافي على اعتبار واطراد العمل بها على نحو تتأصل معه في نفوس‬
‫األفراد فيتأكد معه عمومها واستقرارها ‪.‬‬
‫د‪ -‬عدم مخالفة العادة للنظام العام واآلداب ‪:‬‬
‫أي عدم االعتداد بالعادة وإنزالها محل العرف المتبع إذا كانت ال تتفق مع ما تقضي به‬
‫قواعد النظام العام واآلداب ‪.‬‬
‫‪ -2‬الركن المعنوي‪:‬‬

‫وهو أن يستقر في نفوس األفراد االعتقاد بأن تلك العادة قد أصبحت سلوكا واجب االتباع‬
‫باعتبارها قاعدة قانونية اكتسبت صفة اإللزام فالبد من احترام مضمونها‪.‬‬
‫هذا الركن المعنوي هو الذي يميز العرف عن السلوك االجتماعي الذي تفرضه بعض‬
‫العادات التي ال ترقى إلى درجة القاعدة القانونية (قواعد المجامالت ) ‪،‬كما أنه هو الذي‬
‫يميز العرف عن العادة االتفاقية التي ال يمكن تصنيفها كعرف واجب االتباع لعدم تحقق‬
‫عنصر اإللزام فيها باستقالليته وتمامه وإنما تشكل اإللزام تطبيقا“ إلرادة ذوي الشأن‬
‫فكأن اإلرادة المشتركة قد سدت مسد الركن المعنوي في العرف دون أن تصل العادة‬
‫بذاتها لمرتبة القاعدة العرفية ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫الفوارق بين العرف والعادة االتفاقية‪:‬‬
‫العادة االتفاقية غير ملزمة إال في حق من يتفق على األخذ بها صراحة أو ضمنا“ ‪ ،‬أما‬
‫العرف فهو قاعدة قانونية مكتملة يطبق حكمها في حق األفراد حتى عند عدم علمهم به ‪،‬‬
‫كما أن اإللزام بحكمه يمتد إلى القاضي الذي يفترض علمه به فيطبقه حتى ولو لم يتمسك‬
‫به الخصوم وهو ما ال يكون في شأن العادة االتفاقية التي ال يطبقها القاضي إال عند‬
‫إثباتها وتمسك الخصوم بها ‪.‬‬

‫‪ -‬مزايا العرف ‪:‬‬


‫‪ -1‬إمكانية تبدله وتحوله تلقائيا“ لكي يتواكب مع مستجدات الحياة وتاير ظروفها ‪.‬‬
‫‪ -2‬خضوع األفراد ألحكام قواعده أيسر من خضوعهم ألحكام قواعد التشريع التي تحتم‬
‫تدخل المشرع لخلق القاعدة القانونية أو تعديلها ‪.‬‬
‫‪ -3‬تواكبه مع اإلرادة الحقيقية ألفراد المجتمع الذين ارتضوا حكم عالقاتهم على ذلك النحو‬
‫‪ -4‬يسد النقص التشريعي حيث ال يمكن لقواعد التشريع اإلحاطة بكل أوجه العالقات‬
‫ومالحقة تطوراتها ‪.‬‬

‫‪ -‬عيوب العرف ‪:‬‬


‫‪ -1‬يعد العرف وسيلة بطيئة لخلق القاعدة القانونية‬
‫‪ -2‬عدم وجود العرف في نصوص مكتوبة يؤدي إلى غموضه وصعوبة إثبات وجوده‬
‫‪ -3‬ال يكرس وحدة التشريع في البالد الختالف األعراف من إقليم آلخر بما يؤدي إلى‬
‫تباين القواعد القانونية في البلد الواحد ‪.‬‬
‫‪ -4‬بخالف التشريع يمثل العرف نزعة المحافظة على القديم واإلعراض عن الجديد فال‬
‫يكون بالتالي وسيلة لتطوير المجتمع ‪.‬‬

‫دور العرف ‪:‬‬


‫دور العرف يقل كلما تطور التشريع والحق مستجدات المجتمع وازداد شموله لحكم‬
‫العالقات المختلفة التي تنشأ بين األفراد ‪.‬‬
‫الشك أن دور العرف يقل في المجال الدستوري وتنظيم المرافعات ويزيد في مجال‬
‫المعامالت التجارية وفي مجال القانون اإلداري والقانون الدولي وينعدم في القانون‬
‫الجنائي الذي يرتكز على مبدأ أساسي يتمثل في أن ال جريمة وال عقوبة إال بنص ‪.‬‬
‫يمكن إجمال الوظيفة األساسية للعرف في دورين اثنين هما‪:‬‬
‫‪ -1‬العرف المكمل للتشريع‪:‬‬
‫أي لجوء القاضي إلى القاعدة العرفية عند عدم وجود نص يطبق على العالقة المعروضة‬
‫أمامه ‪.‬‬
‫‪ -2‬العرف المساعد أو المعاون للتشريع ‪:‬‬
‫يقوم دور العرف هنا في ظل نصوص قانونية تحيل إلى حكم العرف وتستعين به‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫ثالثا‪ :‬القواعد العامة يف الشريعة اإلسالمية كمصدر للقانون‬

‫تجعل بعض النظم التشريعية الدين بصفة عامة المصدر األساسي لتشريعاتها وأنظمتها‬
‫كما في السعودية ‪ ،‬بينما تصنف بعض الدول القواعد الدينية في مرتبة تالية للتشريع أو‬
‫العرف ‪ .‬وتشكل قواعد الدين أحيانا“ المصدر الرسمي األول لتنظيم بعض العالقات التي‬
‫تبنى القانون حكم القواعد الدينية فيها كمسائل األحوال الشخصية ‪.‬‬
‫قواعد الدين هي مجموعة األحكام التي يوحي بها هللا تعالى‪ ،‬ويبلغ الناس بها عن طريق‬
‫الرسل سواء تناولت واجب اإلنسان نحو ربه أو واجبه نحو نفسه أو ارتبطت بتنظيم‬
‫عالقته مع غيره ‪.‬‬
‫ما العمل عندما ال توجد نصوص يقوم القاضي بتطبيقها أو عرف صحيح يقوم لحكم‬
‫مسألة معينة ؟ سيتعين على القاضي الرجوع إلى المبادئ العامة في قواعد الشريعة‬
‫اإلسالمية واستلهام الحكم منها ‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬السوابق القضائية كمصدر للقانون‬

‫هو مجموع المبادئ التي استقرت األحكام القضائية على األخذ بها عند تطبيقها للقواعد‬
‫القانونية‪ .‬لكن ما مدى إسهام القضاء في إنشاء القواعد القانونية ؟‬
‫سيعتمد ذلك على النظام المتبع في الدولة‪ ،‬وهناك نظامان‪:‬‬
‫‪ -1‬النظام اإلنجلوسكسوني ‪ :‬وفيه تشكل أحكام القضاء المصدر األهم ألحكام‬
‫القانون‪ ،‬وبالتالي تعتبر السوابق القضائية في مرتبة مساوية للتشريع في البلدان األخرى‬
‫التي يسود فيها كمصدر أول للقانون‪.‬‬
‫‪ -2‬النظام الالتيني الجرماني‪ :‬وفيه يشكل التشريع المكتوب المصدر الرئيسي في‬
‫خلق القواعد القانونية وينحصر دور القضاء فيه على تطبيق القانون دون خلقه وإنشائه‪.‬‬
‫أحكام القضاة ال تعد مصدر تشريعي وبالتالي فالحكم الصادر عن القاضي غير ملزم‬
‫لقاضي آخر بل وال حتى للقاضي الذي أصدر ذلك الحكم في قضية الحقة ‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬الفقه كمصدر للقانون‬

‫هو مجموع اآلراء التي يطرحها علماء القانون في مؤلفاتهم وأبحاثهم ومصنفاتهم من‬
‫تأصيل وتنظير وشرح الستنباط أحكام القانون‪ .‬وما يقومون به من تحليل وتعليق على‬
‫النصوص التشريعية واألحكام القضائية ‪ .‬يشكل الفقه مصدرا“ مباشرا“ للقاعدة القانونية‬
‫لكن قيمته تتمثل في كونه سندا“ لواضع التشريع عند إرادة خلقه لقاعدة جديدة أو عند‬
‫العزم على تنقيحها وتعديلها ‪ ،‬وفي كونه يشكل دعامة للقاضي عندما يكون إزاء تفسير‬
‫نصوص القانون وتطبيقها ‪ .‬والفقه بذلك يساعد على تمكين القانون من التطور واالكتمال‬
‫لمواجهة حاجات المجتمع ومستجداته ‪ .‬وألهمية الفقه اإلسالمي فقد جعل التشريع‬
‫اإلسالمي إجماع الفقهاء على مسألة معينة مصدرا“ من مصادر القواعد الشرعية إلى‬
‫جانب القرآن والسنة ‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫سادسا‪ :‬مبادئ القانون الطبيعي والقواعد العامة يف العدالة‬
‫كمصدر للقانون‬
‫تشكل القواعد العامة في القانون ومبادئ الحق والعدالة ومبادئ القانون الطبيعي مخرجا‬
‫لحل النزاع من قبل القاضي الذي ال يجد في المصادر الرسمية للقاعدة القانونية أو‬
‫المصادر االحتياطية ‪ ،‬ما يمكن أن يعول عليه لحل النزاع ‪.‬‬
‫لكن تلك المصادر ال تشكل معا ٍن محددة في خطابها على نحو يكسبها صفة القاعدة‬
‫القانونية ولجوء القاضي إليها إنما يعني أنه ملزم بإيجاد حل للنزاع المعروض عليه‬
‫وتفادي نكوله عن مواجهته والقطع فيه ‪.‬‬
‫ومن ضمن المسائل التي تولت القواعد العامة في القانون مواجهتها وحلها ما يتعلق‬
‫بالملكية األدبية والفكرية حينما لم يوجد إطار قانوني يحيط بتنظيمها ‪.‬‬

‫‪11‬‬

You might also like