Professional Documents
Culture Documents
إعداد
د .هيثم عبد الكريم شعبان
أستاذ االقتصاد المساعد بجامعة المجمعة
في المملكة العربية السعودية نص النظام األساسي للحكم الصادر عام 1412على أن
أحكام الشريعة اإلسالمية المستمدة من الكتاب والسنة هي المصدر الرئيسي لألحكام
وعلى أن تطبق المحاكم ما يصدره ولي األمر من أنظمة ال تتعارض معها .
هو سن السلطة المختصة في الدولة لقواعد قانونية مكتوبة وإصدارها وفقا لإلجراءات
التي يقررها دستور الدولة .كما قد يقصد به ما تصدره السلطة التشريعية من قواعد
تشترك في مجموعها لحكم تنظيم قانوني معين (التشريعات العمالية ) .
التشريع هو المصدر األهم للبناء القانوني لاالبية الدول لما يتصف به من خصائص .
أنواع التشريع
تباين األهمية التي تعطى ألنواع القواعد التشريعية المكتوبة تبعا“ لتباين العالقات التي
تحكمها ومستوى السلطة القائمة على وضعها كان سببا“ في وجود أنواع متعددة من
التشريعات أعالها هو التشريع األساسي أو الدستور ويتلوه التشريع العادي أو القانون
ليأتي في النهاية التشريع الفرعي أو الالئحي .
-1التشريع األساسي ( الدستور ):
هو مجموعة القواعد األساسية التي تحدد شكل الدولة ونظام الحكم فيها ،والسلطات
العامة واختصاصاتها وتنظيم ما يربط بينها من عالقات ،والحقوق والواجبات والحريات
العامة .يعتبر التشريع األساسي أو الدستور التشريع األسمى بحيث ال يمكن إجازة أي
تشريع آخر إذا كان مخالفا“ ألحكامه .
تختلف طرق إصدار الدستور باختالف ظروف كل دولة ،فقد يصدر على شكل منحة
من حاكم الدولة في صورة عهد بينه وبين شعبه ،أو عن طريق جمعية تأسيسية منتخبة
أو معينة ،أو عن طريق استفتاء شعبي.كما تختلف التشريعات حول الكيفية التي يتم
بموجبها تعديل قواعد الدستور والتي عادة ما تنص عليها الدساتير نفسها .
أنواع الدساتير:
-1دستور مرن:
يكفي لتعديل أحكامه أو إلاائه أن يتم ذلك اإلجراء بنفس الطريقة التي تصدر بها القوانين
العادية .
- 2دستور جامد :
ال يمكن تعديله أو إلاائه إال بإتباع إجراءات مطولة ومعقدة وهو يتناسب مع ما يجب أن
يكون عليه التشريع األساسي من استقرار لضمان حسن إدارة شؤون الدولة واحترام
نصوصه من قبل جميع المخاطبين بأحكامه.
2
وحيث أن التشريع األساسي هو أقوى أنواع التشريع يجب على التشريعات األخرى أن
ال تخالف أحكامه وتعتبر غير شرعية إذا خالفتها .في السعودية يعتبر دستور الدولة هو
القرآن والسنة ،باإلضافة إلى النظام األساسي للحكم الصادر عام 1412ونظام مجلس
الوزراء الصادر عام 1414ونظام مجلس الشورى الصادر عام 1412
-2التشريع العادي(القانون):
هو مجموعة القواعد التي تسنها السلطة التشريعية أساسا“ وذلك في نطاق اختصاصاتها
المحددة في الدستور ويعد تاليا“ للتشريع الدستوري من حيث التدرج والقوة مما يعني
ضرورة احترام نصوصه للتشريع األعلى منه درجة .
عادة ما يصدر التشريع العادي عن السلطة التشريعية باختالف مسمياتها (البرلمان ،
الجمعية الوطنية ،مجلس الشعب )... ،وقد يصدر عن السلطة التنفيذية استثناء“ في
ظروف معينة يقررها الدستور(كما في حالة الفراغ الدستوري الناشئ عن غياب السلطة
التشريعية) .وعند صدور التشريع العادي عن السلطة التنفيذية تستوجب الدساتير أن
يكون ذلك التشريع موافقا“ لما تقرره وأن يتم عرضه فيما بعد على السلطة التشريعية
إلقراره .كما تصدر السلطة التنفيذية استثناء“ التشريعات التفويضية وفيها تعهد السلطة
التشريعية صاحبة االختصاص األصيل إلى السلطة التنفيذية بإصدار تشريعات في
موضوعات معينة لمواجهة ظرف خاص .وهذه التشريعات تسن أثناء وجود السلطة
التشريعية ال أثناء غيابها .
-وفي المملكة العربية السعودية يستخدم مصطلح السلطة التنظيمية عوضا“ عن السلطة
التشريعية .والسلطة التنظيمية تختص بوضع األنظمة واللوائح فيما يحقق المصلحة
العامة وتمارس اختصاصاتها وفق النظام األساسي للحكم ونظام مجلس الوزراء ومجلس
الشورى .وتتمثل السلطة التنظيمية بمجلس الوزراء الذي تمتد صالحياته لتشمل رسم
السياسة الداخلية والخارجية والمالية واالقتصادية والتعليمية والدفاعية وجميع الشؤون
العامة للدولة .ومجلس الوزراء الذي يتولى رئاسته جاللة الملك هو نفس الوقت السلطة
التنفيذية في البالد .
4
أنواع اللوائح
- 1اللوائح التنفيذية:
وهي قواعد عامة تتضمن وضع أحكام تفصيلية لتنفيذ وتطبيق التشريعات العادية أو
القوانين التي سنتها السلطة التشريعية .ويعزى ترك مهمة وضعها للسلطة التنفيذية ألنها
أكثر التصاقا“ بالموضوع المراد تطبيق التشريع فيه مما سيجعل ما تتخذه من إجراء
أدعى إلى اإلحاطة بأنسب الوسائل الممكنة لتنفيذه .واللوائح التنفيذية ستكون تابعة
للتشريع العادي ألن غرض وضعها محدود بتنفيذ القانون فال تتعداه وتخرج عن قواعده
بتعديل أو إعفاء من التنفيذ أو تجاوز ألحكامه .
-2اللوائح التنظيمية:
وهي قواعد قانونية تسن لتنظيم وترتيب سير العمل في المرافق العامة واإلدارات
الحكومية .كما قد تتضمن إنشاء هيئات وأجهزة جديدة مع تحديد اختصاصاتها حيث
السلطة التنفيذية هي األقدر على اختيار ما يالئم ضمان حسن سير الجهاز الحكومي .
ولهذا النوع من اللوائح وجود مستقل بمعنى عدم ارتباطه بقانون معين كما في اللوائح
التنفيذية التي تشترك معها في وجوب عدم معارضتها لقواعد قانونية أعلى منها درجة
-3لوائح الضبط ( البوليس ):
وهي مجموعة القواعد القانونية الهادفة للمحافظة على األمن العام ،والصحة العامة،
وتوفير سكينة واستقرار المجتمع .وهي لوائح قد ال تستند إلى قانون سابق مثالها
تنظيمات المنشآت المضرة بالصحة أو الخاصة بمراقبة األغذية واألدوية ومراقبة أماكن
اللهو وضبط األسواق ....ونظرا“ لسعة مجال تلك اللوائح وألن موضوعاتها ال يمكن
تنظيمها دون الحد من حرية وممتلكات األفراد فلوائح الضبط تعد من أخطر اللوائح مما
يستلزم عند وضعها مراعاة المالئمة والتوفيق بين مصالح األفراد وحرياتهم ومتطلبات
تنظيم األنشطة التي تمس أمن وصحة واستقرار المجتمع .
ولهذا النوع من اللوائح أيضا“وجود مستقل بمعنى عدم ارتباطه بقانون معين لكن ال بد
من عدم معارضتها لقواعد قانونية أعلى منها درجة .
5
أنواع الصياغة :
طرق الصياغة:
-"1جمموعة الطرق املادية :
وفيها تأتي صياغة القاعدة القانونية معبرة عن جوهرها في شكل مادي مجسم لمظهر
خارجي يمكن تحسسه .ومن هذه الطرق :
أ -طريقة التعبير باألرقام :
ويقصد بها إعطاء األفكار الواردة في مبدأ أو شرط تحديدا“ وتقديرا“ رقميا“ حتى يكون
لها معيار ثابت منضبط يتيسر تحسسه دون أن يثير أي نزاع عند التطبيق .مثال ذلك
تحديد سن األهلية بعمر معين لكل فرد لتحقيق غاية االستقرار في المعامالت دون ربطه
بالنضج العقلي والتمييز
6
ب -التعبير باستخدام شكل معين :
ويقصد بها صياغة القاعدة القانونية على نحو تبين فيه المظاهر الخارجية التي يفترض
تحقق وجودها لترتيب اآلثار القانونية التي يريد األفراد إحداثها .مثال ذلك اشتراط
الكتابة في بعض التصرفات وشهرها إلمكان االحتجاج بوجودها أمام الاير كما في عقد
الشركات .وحيث أن إفراغ التصرف في شكل معين يحدده القانون يتنافى واالكتفاء
بوجود التراضي بين أطراف االلتزام إلحداث أثره فإن الشكل ال بد أن يكون محصورا“
بحدود الضرورة والااية منه .
ج -طريقة التعبير باإلجراءات والشروط المحددة :
ويؤخذ بها عندما يراد استلزام تحقق إجراءات أو شروط معينة في واقعة ما لترتيب
آثارها القانونية .مثال ذلك وضع شروط معينة لتمتع الشركة بميزة اإلعفاء الضريبي .
-"2جمموعة الطرق املعنوية :
ويقصد بها إنشاء القاعدة القانونية بصياغتها عن طريق التعبير عن جوهرها بإعمال
الذهن وسلوك الفكر والمنطق والمجاز القانوني لترتيب حكم أو أثر معين ومن هذه
الطرق :
أ -الوضع االفتراضي عبر تقرير القرائن القانونية :
وبموجبها يتم استخالص أمر مشكوك في تحققه واعتباره موجودا“ استنادا“ إلى توفر
أمر معلوم .تستخدم القرائن القانونية عندما يتعذر إثبات واقعة ما بدليل مادي قاطع .
فيجيز عندها القانون استخدام واقعة مؤكدة إلثبات واقعة أخرى محتملة في حدوثها ،
مثال ذلك اعتبار المفقود ميتا“ عندما تحيط بظروف فقده أمارات معينة يتعين معها
تاليب احتمال هالكه .وكذلك احتساب الوفاء بالقسط األخير من األجرة قرينة على
تحقق الوفاء باألقساط السابقة .
لما كانت القرائن القانونية أمرا“ مشكوكا“ في تحققه وإنما غلب على اليقين أمر رجحانها
فمن المنطقي فسح المجال لمن وقفت القرينة ضد مصلحته لإلتيان بما يقوض تلك القرينة
المستخلصة .
ب -استخدام المجاز القانوني عبر الحيل القانونية:
ويقصد بها إعطاء وضع من األوضاع حكما“ يخالف حقيقة من حقائق الطبيعة للتوصل
إلى إحداث أثر قانوني ال يمكن ترتبه لوال استعارة ذلك الوضع غير الحقيقي .الشك أن
اللجوء لهذه الطريقة ينباي أن يظل في أضيق حيز ممكن من الحدود والضرورات بما
يمكن معه تحقق العدل والمصلحة العامة التي من أجلها أقرت تلك الحيلة القانونية .
مثال ذلك إلحاق حكم بعض العقارات بما هو عليه حال حكم المنقول في ظروف وأحوال
معينة وذلك بالرغم من مخالفة الطبيعة لكل منها للصورة التي ألحقت فيها عند تقسيم
القانون لها باعتبارها عقارات أو منقوالت .
7
ثانيا" :العرف كمصدر للقانون
هو مجموعة القواعد غير المكتوبة الناشئة عن اعتياد األفراد على اتباع سلوك معين
على نحو متواتر مع االعتقاد بقوته الملزمة والشعور بوجوب احترامه.
تشكل العرف :
حتى يتشكل العرف ويأخذ صورة القاعدة القانونية يجب توفر ركنان أساسيان يسندان
وجوده هما:
-1الركن المادي :
وهو تواتر االعتياد بالقيام بسلوك معين بشأن مسألة معينة .ويستوجب في قيام العادة
التي ترتقي إلى مرتبة العرف توفر أربعة شروط هي :
أ -عموم العادة :
أي انتشارها واتباعها على نحو يسود تطبيقها في الوسط الذي نشأت فيه من قبل كافة
األشخاص الذين تتوجه إليهم في معناها .
ب -اطراد العادة :
أي استقرار األفراد على اتباعها بتكرار يتأتى معه ما يفيد الثبات حكمها دون انقطاع.
ج -قدم العادة:
أي مضي زمن كافي على اعتبار واطراد العمل بها على نحو تتأصل معه في نفوس
األفراد فيتأكد معه عمومها واستقرارها .
د -عدم مخالفة العادة للنظام العام واآلداب :
أي عدم االعتداد بالعادة وإنزالها محل العرف المتبع إذا كانت ال تتفق مع ما تقضي به
قواعد النظام العام واآلداب .
-2الركن المعنوي:
وهو أن يستقر في نفوس األفراد االعتقاد بأن تلك العادة قد أصبحت سلوكا واجب االتباع
باعتبارها قاعدة قانونية اكتسبت صفة اإللزام فالبد من احترام مضمونها.
هذا الركن المعنوي هو الذي يميز العرف عن السلوك االجتماعي الذي تفرضه بعض
العادات التي ال ترقى إلى درجة القاعدة القانونية (قواعد المجامالت ) ،كما أنه هو الذي
يميز العرف عن العادة االتفاقية التي ال يمكن تصنيفها كعرف واجب االتباع لعدم تحقق
عنصر اإللزام فيها باستقالليته وتمامه وإنما تشكل اإللزام تطبيقا“ إلرادة ذوي الشأن
فكأن اإلرادة المشتركة قد سدت مسد الركن المعنوي في العرف دون أن تصل العادة
بذاتها لمرتبة القاعدة العرفية .
8
الفوارق بين العرف والعادة االتفاقية:
العادة االتفاقية غير ملزمة إال في حق من يتفق على األخذ بها صراحة أو ضمنا“ ،أما
العرف فهو قاعدة قانونية مكتملة يطبق حكمها في حق األفراد حتى عند عدم علمهم به ،
كما أن اإللزام بحكمه يمتد إلى القاضي الذي يفترض علمه به فيطبقه حتى ولو لم يتمسك
به الخصوم وهو ما ال يكون في شأن العادة االتفاقية التي ال يطبقها القاضي إال عند
إثباتها وتمسك الخصوم بها .
تجعل بعض النظم التشريعية الدين بصفة عامة المصدر األساسي لتشريعاتها وأنظمتها
كما في السعودية ،بينما تصنف بعض الدول القواعد الدينية في مرتبة تالية للتشريع أو
العرف .وتشكل قواعد الدين أحيانا“ المصدر الرسمي األول لتنظيم بعض العالقات التي
تبنى القانون حكم القواعد الدينية فيها كمسائل األحوال الشخصية .
قواعد الدين هي مجموعة األحكام التي يوحي بها هللا تعالى ،ويبلغ الناس بها عن طريق
الرسل سواء تناولت واجب اإلنسان نحو ربه أو واجبه نحو نفسه أو ارتبطت بتنظيم
عالقته مع غيره .
ما العمل عندما ال توجد نصوص يقوم القاضي بتطبيقها أو عرف صحيح يقوم لحكم
مسألة معينة ؟ سيتعين على القاضي الرجوع إلى المبادئ العامة في قواعد الشريعة
اإلسالمية واستلهام الحكم منها .
هو مجموع المبادئ التي استقرت األحكام القضائية على األخذ بها عند تطبيقها للقواعد
القانونية .لكن ما مدى إسهام القضاء في إنشاء القواعد القانونية ؟
سيعتمد ذلك على النظام المتبع في الدولة ،وهناك نظامان:
-1النظام اإلنجلوسكسوني :وفيه تشكل أحكام القضاء المصدر األهم ألحكام
القانون ،وبالتالي تعتبر السوابق القضائية في مرتبة مساوية للتشريع في البلدان األخرى
التي يسود فيها كمصدر أول للقانون.
-2النظام الالتيني الجرماني :وفيه يشكل التشريع المكتوب المصدر الرئيسي في
خلق القواعد القانونية وينحصر دور القضاء فيه على تطبيق القانون دون خلقه وإنشائه.
أحكام القضاة ال تعد مصدر تشريعي وبالتالي فالحكم الصادر عن القاضي غير ملزم
لقاضي آخر بل وال حتى للقاضي الذي أصدر ذلك الحكم في قضية الحقة .
هو مجموع اآلراء التي يطرحها علماء القانون في مؤلفاتهم وأبحاثهم ومصنفاتهم من
تأصيل وتنظير وشرح الستنباط أحكام القانون .وما يقومون به من تحليل وتعليق على
النصوص التشريعية واألحكام القضائية .يشكل الفقه مصدرا“ مباشرا“ للقاعدة القانونية
لكن قيمته تتمثل في كونه سندا“ لواضع التشريع عند إرادة خلقه لقاعدة جديدة أو عند
العزم على تنقيحها وتعديلها ،وفي كونه يشكل دعامة للقاضي عندما يكون إزاء تفسير
نصوص القانون وتطبيقها .والفقه بذلك يساعد على تمكين القانون من التطور واالكتمال
لمواجهة حاجات المجتمع ومستجداته .وألهمية الفقه اإلسالمي فقد جعل التشريع
اإلسالمي إجماع الفقهاء على مسألة معينة مصدرا“ من مصادر القواعد الشرعية إلى
جانب القرآن والسنة .
11
سادسا :مبادئ القانون الطبيعي والقواعد العامة يف العدالة
كمصدر للقانون
تشكل القواعد العامة في القانون ومبادئ الحق والعدالة ومبادئ القانون الطبيعي مخرجا
لحل النزاع من قبل القاضي الذي ال يجد في المصادر الرسمية للقاعدة القانونية أو
المصادر االحتياطية ،ما يمكن أن يعول عليه لحل النزاع .
لكن تلك المصادر ال تشكل معا ٍن محددة في خطابها على نحو يكسبها صفة القاعدة
القانونية ولجوء القاضي إليها إنما يعني أنه ملزم بإيجاد حل للنزاع المعروض عليه
وتفادي نكوله عن مواجهته والقطع فيه .
ومن ضمن المسائل التي تولت القواعد العامة في القانون مواجهتها وحلها ما يتعلق
بالملكية األدبية والفكرية حينما لم يوجد إطار قانوني يحيط بتنظيمها .
11