You are on page 1of 16

‫الجامعة اللبنانية‬

‫كلية الحقوق والعلوم‬

‫السياسية واالدارية‬

‫مركزالبحوث والدراسات‬

‫االستراتيجية في الجيش اللبناني‬

‫السيادة الدولية بين مفهومها التقليدي و ظاهرة التدويل‬

‫اعداد‬

‫علي يونس‬

‫اشراف‬

‫العميد الركن الدكتور حسن جوني‬

‫حزيران ‪٢۰٢٢‬‬
‫المقدمة‬

‫مما ال شك فيه ان ﻤفردة الﺴﻴادة قد استقطبت في التاريخ المعاصر جزءا واﺴعاﹰ ﻤن‬
‫ﻤﺴاﺤات الﺒﺤث والﻨقاش بين مختلف الفقهاء و المفكرين و القانونيين كل بحسب الحيز‬
‫الزمنى الذي عاشوه و عاصروه و الثوابت و المتغيرات التي كانت تضفي على التعريفات‬
‫و التفسيرات حدود هذه الكلمة و حيز تفاعلها مع الواقع و تمايزها من مفكر الى اخر ‪.‬‬

‫وشأنها شان الكثير من الظواهر المرتبطة بعلم االجتماع الذي يقضي بان يتحور مفهوم‬
‫الظاهرة ويتطور بمقدار المخاطر و التحديات و انبثاق الوقائع الجديدة التي ينتجها التطور‬
‫االنساني نفسه‪ ،‬فكانت ممالك العالم القديم تعرف يقينا ان الحرب (داخلية ام خارجية) هي‬
‫العدو الطبيعي االول لفكرة الملك الذي كان مطابقا" )‪ (CONFONDUE‬لما نعرفه االن‬
‫بمفهوم السيادة فلم يغادر المفهوم حدود ما تنتجه الحرب من تحديات وبالتالي انحصر نتاج‬
‫المفكرين و الفالسفة حول مفهوم السلطة و قدرتها في المكان و مدى ارتباطها بالحاكم‬
‫او كيفية الحكم ‪.‬‬

‫بقي مفهوم السيادة دون تشريح او فصل لغوي متباين عن السلطة الى حين انبثاق موجات‬
‫واسعة من التغيرات تمثلت عناوينها بكتابات الفكر السياسي امثال بودان "‪"1576‬‬
‫هوبز"‪ "1690‬و اوستن "‪ "1850‬ادى الى سطوع هذا المفهوم و اعتباره ساميا وشامال‬
‫‪ ،‬تالها تقييد لمفهوم الدولة السيادية والذي بدأ عمليا بعد الحرب العالمية الثانية (االمم‬
‫المتحدة) ثم الحرب الباردة‪ ،‬و اختتمت بلجم اكبر لهذا المفهوم مع العولمة و ادارة نواحي‬
‫الحياة المتخصصة و تطور مفهوم السلطة نحو المسؤولية و حماية حقوق االنسان‪،‬‬
‫وعليه اصبح مفهوم السيادة يواجه في الواقع الدولي الراهن تحديات كبيرة تفرزها البيئة‬
‫الدولية بشكل مباشر اوغير المباشر وبمظاهرها المختلفة االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬
‫والسياسية‪.‬‬
‫و تجاه تلك المتغيرات و التحديات الى اي حد يمكن القول ان مفهوم السيادة الدولية الذي‬
‫تشكل عبر القرون االخيرة آيل الى االضمحالل في وجه مفهوم منافس مفترض و هو‬
‫التدويل؟‬

‫لالجابة على هذا السؤال سيتم معالجة الموضوع في هذا البحث على فصلين كل منها ينقسم‬
‫الى مبحثين‪.‬‬

‫يعالج الفصل االول مفهوم السيادة في فقرته االولى من المنظور التاريخي و النظريات و‬
‫االنتقادات ثم ينتقل في فقرته الثانية لتبيان التطور لهذا المفهوم خصوصا في مرحلة ما بعد‬
‫الحرب العالمية الثانية‪.‬‬

‫يعالج الفصل الثاني مفهوم التدويل في فقرته االولى كمنافس مفترض لمفهوم السيادة و‬
‫االراء الفقهية التي حاولت تعريفه تم في فقرته الثانية يدرس االليات و الكيانات التي تحقق‬
‫التدويل و كيف تنتقص من سيادة الدول ‪.‬‬

‫و يختتم البحث بخاتمة تلخص االستنتاجات لما عرض في الفصلين السابقي الذكر‪.‬‬
‫القسم االول‪ :‬السيادة‬

‫المبحث االول ‪ :‬تعريف و نشأة مفهوم السيادة‬

‫تعريف السيادة ‪:‬‬

‫سيِّد قومه إذا أُريد به الحال‪ ،‬و يطلق على المالك‬


‫السيادة لغة مصدرها من سود‪ ،‬ويقال‪ :‬فُالن َ‬
‫والشريف والفاضل والكريم والحليم والزوج والرئيس والمقدَّم‪ ،‬وأَصله من سا َد ‪ ،‬وخالصة‬
‫المعنى اللغوي للسيادة أنها تدل على ال ُمقدم على غيره جاها أو مكانة أو منزلة أو غلبة‪،‬‬
‫وتفرده قوة ورأيا وأمرا‪.‬‬

‫و في اللغة الفرنسية )‪ (souverainete‬مشتقة من االصل الالتيني )‪(superanus‬‬


‫و تعني االعلى ‪.‬‬

‫اما لدى التكلم عن السيادة في االطار المرتبط بالدولة او السلطان في االقليم فهي سلطة‬
‫الدولة العليا على رعاياها‪ ،‬واستقاللها عن أية سلطة أجنبية‪ ،‬وينتج عن هذا أن يكون للدولة‬
‫كامل الحرية في تنظيم سلطاتها التشريعية واإلدارية والقضائية وأيضا لها كل الحرية في‬
‫بينها‪1.‬‬ ‫تبادل العالقات مع غيرها في العمل على أساس من المسـاواة الكاملـة‬

‫اما المؤرخ البريطاني هاري هنسلي فقد اشار اوال لدى تكلمه عن مفهوم الدولة في كتابه‬
‫" السيادة" انه "نتاج الفكر" و بالتالي يلحقه مفهوم السيادة بالتبعية فبقدر ما يتطور‬
‫مفهوم الدولة (من المجتمعات البدائية‪ ،‬الى المجتمعات التي ترضى او تجبر للعيش ضمن‬
‫نظام سياسي) يلحقه مفهوم السيادة و عليه تصبح السيادة هي القمة او الحتمية االخيرة‬
‫لتطور مفهوم السلطة السياسية في االقليم‪. 2‬‬

‫بن عامر تونسي‪ ،‬قانون المجتمع الدولي المعاصر‪ ،‬دار المطبوعات الجامعیة‪ ،‬الجزائر‪، 2000 ،‬ص ‪.90‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪Harry Hinsley , SOVEREIGNITY,Cambridge University press, 1966, page 1 to 6‬‬
‫على الرغم من الفكرة القائلة بان السيادة بمفهومها الحديث هي وليدة معاهدة وستفاليا‬
‫"‪ "1648‬اال اننا حين نغفل ضرورة ورود المفردة بحد ذاتها يمكن ارجاع هذه االصول الى‬
‫العهد اليوناني القديم الذي شهد تطور كبير في تنظيم االطر السياسية و تدبير شؤون الدولة‬
‫على االقل بمفهوم الدولة ‪ -‬المدينة التي كانت تتنعم بمقدار كبير من االكتفاء ليس على‬
‫المستوى االجتماعي للكلمة بل حتى لتمايزها عن الدول ‪ -‬المدن االخرى في النظام السياسي‬
‫و القانوني ومنه اليمكن انكار(وان بالمعنى اللغوي) الخاصة الجوهرية االولى للسيادة اي‬
‫اليونانية‪3.‬‬ ‫التفرد و التمايز التي كانت تتمتع بها المدن‬

‫نشئة مفهوم السيادة بالمعنى الحديث‪:‬‬

‫اما الﺴﻴادة ﺒﻤعﻨاها اللغوي المقونن ﻴعود إلى فقهـاﺀ العـﺼور الوﺴطى‪ ،‬وﻴذﻜر ﻤﻨهم على‬
‫‪ ،"Beaumanoir4‬ولﻜن هﻨاك ﺸﺒه إﺠﻤاع ﺒﻴن علﻤاﺀ الفقه‬ ‫ﺴﺒﻴل الﻤﺜال "ﺒوﻤاﻨوار‬
‫الدﺴﺘوري الﺤدﻴث على أن ﻨظرﻴة الﺴﻴادة ﺘعود أﺼولها إلى الفقﻴه ﺠان ﺒودان ‪ ،‬وهو أول‬
‫ﻤن أوﻀح ﻤعﻨى ﻜلﻤة الﺴﻴادة في ﻜﺘاﺒه عن الﺠﻤهورﻴة عﻨدﻤا قال‪" :‬إن الدولـة إﻨﻤا هي‬
‫ﺤق الﺤﻜم على اﻷﺴر فﻴها‪ ،‬وﺤق إدارة ﺸؤوﻨها الﻤﺸﺘرﻜة ﺒﻴﻨها وذلك على أﺴاس الﺴلطان"‬
‫وانها " السلطة العليا التي يخضع لها المواطنون و الرعايا و ال يحد منها القانون"‪ .‬و‬
‫بالتالي جاءت معاهدة وستفاليا كترجمة عملية لهذه المفهوم الصاعد كحجر اساس في حفظ‬
‫السالم في اوروبا بعد حرب امتدت لثالثين عاما (‪ )1648-1614‬وشكل اول اشارة قانونية‬
‫‪5.‬‬ ‫لهذا المفهوم‬

‫نلي بالذكر المفكر هوغو غروثيوس الذي عالج المفهوم ايضا" من ناحية الشؤون الخارجية‬

‫‪3‬‬ ‫‪Dimitri Georges Lavroff, Histoire des idées politiques, Éditions Dalloz, Paris, 1998, p.8.‬‬
‫‪ 4‬فیلیب دي ریمي ‪ ،‬سیر دي بومانوار ‪ ،‬عاش من عام ‪ 1247‬حتى عام ‪ 1296‬مسؤول إداري فرنسي‪ .‬مؤلف كتاب ‪Coutumes de‬‬
‫‪ Beauvaisis‬عام ‪ ، 1283‬وطبع عام ‪1690‬‬

‫‪ 5‬محمد علوان ‪،‬القانون الدولس العام ‪،‬دار وائل للنشر الطبعة الثانیة ‪، 2007،‬الصفحة ‪53‬‬
‫للدولة التي تشكل تجسيدا للسيادة لمن يراها من الخارج اي الدول االخرى‪ ،‬فال يمكن التكلم‬
‫عن السيادة اذا كنت موجودا لوحدك و بالتالي تكون السيادة هي الشخصية التي من خاللها‬
‫يحصل التفاعل والعالقات الصحيحة بين الدول‪ ،‬اما عن تمركزها فيعتبر انها تتركز بالسلطة‬
‫السياسية العليا ‪.‬‬

‫يليه جان جاك روسو في كتابه "العقد االجتماعي" "‪ "1762‬فيعتبر السيادة انها كلية‬
‫المواطنبن تتصرف ككيان واحد قد اناطوا السلطة للتكلم باسم السيادة عبر العقد االجتماعي‬
‫تجزئتها‪6 .‬‬ ‫مشيرا انه ال يمكن حد السيادة و حصرها بشخص او تقسيمها و‬

‫و يبرز ايضا المفكر البريطاني جون اوستين الذي يعتبر من اوائل منظري المدرسة‬
‫الكالسيكية للسيادة فيشير ان الدولة هي النظام القانوني الذي يضم سلطة عليا تتصرف‬
‫كالمصدر االوحد و النهائي للقوة ‪.‬و قد تعرض الوصف االخير لالنتقاد على انه يمهد لظهور‬
‫المطلق‪7.‬‬ ‫الدكتاتوريات و الحكم‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬خصائص و تطور مفهوم السيادة‬

‫و بالتالي يمكن استخالص الخصائص المعيارية النظرية للسيادة الكالسيكية فانها ‪:‬‬

‫مطلقة ‪ :‬فال توجد اي سلطة اوهيئة في الدولة تسمو عليها ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬ثابتة‪ :‬فال تتغير بتغير السلطة السياسية او بفراغ الدولة من السلطة لفترة ما‪.‬‬

‫‪ -‬شاملة‪ :‬اي انها تسري على كامل مناحي و اشخاص و عناصر الدولة باستثناء ما حدد‬
‫في االتفاقيات والمعاهدات ‪.‬‬

‫‪ -‬غير قابلة للتنازل ‪ :‬انها ليست ملكية للسلطة او لسلطان ليتصرف بها‪.‬‬

‫‪6‬حسن عبد هللا العاید‪ ،‬انعكاسات العولمة على السیادة الوطنیة‪ ،‬دار كنوز المعرفة‪ ،‬عمان‪ ، 2008 ،‬ص ‪53‬‬
‫‪ 7‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص‪54‬‬
‫‪ -‬غير قابلة للتجزئة ‪:‬اي انها كلية واحدة فال سيادة اخرى في الدولة الواحدة‪.‬‬

‫اما لدى التكلم عن مظاهرها فتبرز ثنائية‪ ،‬السيادة بمظهرها الداخلي اي حق الدولة بالحكم‬
‫على جميع مواطنيها و مظهرها الخارجي اي بتمثيل الدولة لرعاياها بين سائر الدول ‪.‬اال‬
‫انه باعتبار السيادة ال تستمد أصال أال من نفسها ‪ ,‬وال تقر بسيادة تعلو عليها وهو تحديد‬
‫مطابق كان داخليا" او خارجيا" مما يفسر وحدانية السيادة كونها غير خاضعة للمقاييس‬
‫المادية ) مثل القيم ( وفي هذا اإلطار يقول مالبرغ ‪ :‬أن السيادة الخارجية هي التعبير للسيادة‬
‫الداخلية في الدولة‪ ،‬كما أن السيادة الخارجية غير ممكنة بدون السيادة الداخلية‪.8‬‬

‫لم يسلم موضوع السيادة و معايره الكالسيكية من االنتقادات و خصوصا من انصار‬


‫المدرسة الموضوعية امثال النمساوي هانس كلسن الذي اشار انه مع عدم استطاعة‬
‫التقليديين من تحديد اوصاف السيادة و مضامينها بشكل دقيق فانها ال تعدو كونها غامضة‬
‫و غير مستقرة و بالتالي انها ليست سوى نتاج التصور و قد شاركه ليون دكي هذا الرأي‬
‫فيقول ‪" :‬ان السيادة غير موجودة و ما هوموجود هو االعتقاد بالسيادة" كما و انها مبالغ‬
‫بتقديسها مما يجعل الصاعدين الى السلطة يميلون دوما الى االنجرار الى سوء استعمالها‪.9‬‬

‫اما اذا لحقنا تطور المفهوم النظري عبر الموجه التغييرية الثانية المشار اليها في المقدمة‬
‫فال شك أن فكرة السيادة في ظل الدولة القومية قد اكتسبت مركزا ممتازا‪ ،‬وغدت شعارا‬
‫للكرامة الوطنية و الدولة االمة ‪ ،‬وأفضل تجسيد لمعاني السلطة العليا والحرية واالستقالل‪.‬‬
‫إال أن مفهوم السيادة أخضع بعد التطورات الدراماتيكية التي شهدها العالم إثر الحرب العالمية‬
‫الثانية‪.‬‬

‫‪8‬‬ ‫‪Carré de Malberg, Contribution à la théorie générale de l’etat. Tome I, page 70.‬‬
‫‪ 9‬عبد الفتاح عبد الرزاق محمود ‪،‬النظریة العامة للتدخل في القانون الدولي ‪ ،‬الطبعة االولى ‪ 2009‬الصفحة ‪130,131, 129‬‬
‫فمن جهة كانت الماركسية عبر البعض من منظريها امثال المفكر البريطاني هارولد السكي‬
‫الذي اعتبر ان الحقيقة الوحيدة التي تضمن السالم تكمن في ‪ " :‬إعادة بناء العالقات بين‬
‫طبقات المجتمع الحديث و هذا يكون عبر التخلي عن السيادة في الشكل الرأسمالي‬
‫و لكن سرعان ما اصطدمت الماركسية النظرية‬ ‫السالم"‪10‬‬ ‫الكالسيكي الذي يضرب جذور‬
‫بعدم قابليتها للصمود امام الواقع المغاير فاالتحاد السوفييتي بقي منضويا تحت مفهوم الدولة‬
‫و اضطر للرضوخ لحقيقة انقسام المجتمع الدولي و سلك كالبقية تحت اسس القانون الدولي‬
‫و منه مفهوم السيادة ‪.‬‬

‫و من جهة اخرى كان انشاء منظمة االمم المتحدة ‪ 1945‬التي على الرغم من تأكيد ميثاقها‬
‫على سيادة الدول و ومبدأ عدم التدخل‪ ،‬اال انه و بمنظار التدويل ادى الميثاق الى تقليص‬
‫ملحوظ في دور السيادة الوطنية على حساب المسؤلية الجماعية في نطاق العالقات الدولية‬
‫المتبادلة انطالقا من مقدمة الميثاق "نحن شعوب االمم المتحدة "‪ ،11‬و المادة االولى التي‬
‫تشير الى دور و اهداف االمم التحدة فينص ميثاقها في هذه المادة‪:12‬‬

‫‪ .1‬حفظ السلم واﻷمن الدولي‪ ،‬وتحقيقا لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعالة‬
‫لمنع اﻷسباب التي تهدد السلم وإلزالتها‪ ،‬وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه‬
‫اإلخالل بالسلم‪ ،‬وتتذرع بالوسائل السلمية‪ ،‬وفقا لمبادئ العدل والقانون الدولي‪ ،‬لحل‬
‫المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى اإلخالل بالسلم أو لتسويتها‪.‬‬

‫‪ .2‬إنماء العالقات الودية بين اﻷمم على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في‬
‫الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها‪ ،‬وكذلك اتخاذ التدابير‬
‫اﻷخرى المالئمة لتعزيز السلم العام‪.‬‬

‫‪10‬‬ ‫‪Peter Lamb, Harold Laski (1893–1950): political theorist of a world in crisis, British International Studies‬‬
‫‪333‬‬
‫‪Association1999, page‬‬
‫‪ 11‬تنص میثاق االمم التحدة في دیباجتها ‪:‬نحن شعوب االمم المتحدة و قد الینا على انفسنا ان ننقذاالجیال المقبلة من ویالت الحرب‪.‬‬
‫‪ 12‬میثاق االمم المتحدة ‪ ،‬الفصل االول ‪ ،‬المادة االولى ‪ ،‬مأخوذ من االلموقع الرسمي لالمم المتحدة ‪ ،‬على الرابط‪:‬‬
‫‪https://www.un.org/ar/about-us/un-charter/full-text‬‬
‫‪ .3‬تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة االقتصادية واالجتماعية‬
‫والثقافية واإلنسانية وعلى تعزيز احترام حقوق اإلنسان والحريات اﻷساسية للناس‬
‫جميعا والتشجيع على ذلك إطالقا بال تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين وال تفريق‬
‫بين الرجال والنساء‪.‬‬

‫‪ .4‬جعل هذه الهيئة مرجعا لتنسيق أعمال اﻷمم وتوجيهها نحو إدراك هذه الغايات‬
‫المشتركة‪.‬‬

‫وبذلك أصبحت ممارسة حقوق الدولة في سيادتها مشروطة تحت طائلة المساءلة الدولية‬
‫في ما يعتبر تهديدا لالخر كمفهوم مماثل للقول الشائع "تقف حريتك حين تبدأ حرية‬
‫االخرين"‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬التدويل‬

‫المبحث االول‪:‬التدويل في الفقه الحديث‬

‫يعد التدويل ظاهرة مقيدة للسيادة و تنتقص منها بمفهومها التقليدي اال ان بساطة المصطلح‬
‫يخفي الكثير االشكاليات القانونية التي ظهرت بشكل جديد بعيد انتهاء الحربين العالمية مع‬
‫ارادة المنتصرين فيها لحمل لواء االنسانية سعيا" الى لجم العالم من االنزالق مرة اخرى‬
‫الى حروب مدمرة‪.‬‬

‫ان التدويل كمصطلح له (اجراآت قانونية كمنافس مفترض للسيادة) غير معرف او مشار‬
‫اليه في المواثيق الدولية او المعاهدات اال انه يوجد اراء فقهية عديدة قامت بتعريف التدويل‬
‫نورد منها على سبيل المثال ال الحصر رأي البروفيسور في القانون الفرنسي جيرار كورنو‬
‫حيث عرف التدويل قانونا" بانه‪ ":‬نظام يطبقه فريق من الدول او المنظمات على حيز‬
‫معين اي مدينة ‪ ،‬اقليم‪ ،‬ممر بحري ‪ ،‬مدى من البحر او االعماق او مجال جوي ويحدد مجاله‬
‫قانونا و ال يتضمن محتوى خاص معد مسبقا " و تكون تبعات هذا النظام محددة اما باستخدام‬
‫هذا المجال او الحيز او استثماره ويذهب الى حدود ممارسة سيادة عليه بدال من الدولة‬
‫االقليمية"‪13.‬‬

‫ورأي اخر للدكتور هيلين تورارد في كتابها " تدويل الدساتير الوطنية" فتعرفه بانه اخضاع‬
‫اي بمعنى‬ ‫الدولي‪14‬‬ ‫عالقة او حالة كانت سابقا محكومة بالقانون الداخلي لموجبات القانون‬
‫اخر اخراج واقع قانوني معين من سيادة القانون الوطني او المحلي عليها و اخضاعها‬
‫لقواعد القانون الدولي‪.‬‬

‫‪13‬‬ ‫‪Gerard Cornu, Vocabulaire Juridiques, Association Henri Capitan edition 2018, page 1216‬‬
‫‪14‬‬ ‫‪Helene Tourard, internationalization des constitution nationales, LGDJ edition 2000 page30‬‬
‫المالحظة االولية لهذين الرأيين و القفز بين اعتباره نظام او اجراء يبدو لنا ان التدويل‬
‫ليس الية معينه تنفذها جهة معينة متفق عليها انما مجرد طرق متعددة محددة بالزمان و‬
‫المكان او الحيز الجغرافي و تهدف بمجملها لتحقيق التدويل وهو معالجة االمر القانوني‬
‫بصفة دولية‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬مجاالت التدويل‬

‫من خالل ما سبق و لدى التمعن في نواحي التدويل في المجاالت التي كانت حصرية قانونية‬
‫او تنظيمية للدولة من مفهوم السيادة عندها يمكن تعداد هذه المجاالت فيما يلي ‪:‬‬

‫أ‪ -‬التدويل في المجاالت التخصصية ‪ :15‬اي تدويل الوظيفي للقوانين عبر المعاهدات و االطر‬
‫التنظيمية الدولية او االعراف الدولية التي بموجبها تتفرغ الدولة بجزء من سلطانها‬
‫لالطار الدولي التنظيمي المختص نضرب على سبيل المثال االتفاقات و المعاهدات الخاصة‬
‫بالمالحة البحرية و الجوية و تقسيم و استعمال الموجات الالسلكية وغيرها‪ ،‬فتستفيد‬
‫مجموعة الدول الموقعة من هذه االطر التنظيمية التي تكتسب مكانتها العالمية بقدر‬
‫انتشارها فيجعل الدول غير الموقعة تعاني من تهميش او تراجع تصنيفها في هذا المجال‬
‫و الذي غالبا ما ينعكس سلبا على هذه الدول‪.‬‬

‫و قد وصل التدويل الوظيفي لدرجة متقدمة في وقتنا الحاضر و خصوصا بما يعرف اصطالحا‬
‫بالعولمة او االعتماد المشترك بين الدول ‪ interdependence‬في مختلف مجاالت‬
‫القانون و الصحة و حقوق االنسان و االتصاالت و ظهور مبادء حرية التجارة و وصول‬

‫‪15‬‬‫‪Elisabeth ZOLLER, Constitutionnalism in the global era, Southey Memorial Lecture, Melbourne‬‬
‫‪University Law Review 1996, p.1143-1151.‬‬
‫المعلومات و بذلك تشتت الركن الذي وصفه بودان بعدم تجزئه السيادة من خالل ارادة الدولة‬
‫بالتفرغ عن حقها التنظيمي المتخصص و ايكاله لالطر التنظيمية الدولية ‪.‬‬

‫و هنا يمكن التفرقة بين الكيانات التي تؤدي ادوار مختلفة من التدويل الوظيفي ‪:‬‬

‫‪ -1‬الطريقة التقليدية ‪ :‬و هي قيام دولة بالتوقيع على معاهدة لخلق مفهوم ال يضر شكال‬
‫بسيادة الدولة انما لخلق اعتبارات معينة لضمان احترام حقوق االنسان و الطفل‬
‫والمرأة وكل ما يختص باحترام الذات االنسانية ‪.‬‬

‫‪ -2‬المنظمات المتخصصة ‪ :‬اي قيام منظمة ذات حضور و وجود ال يمكن انكاره بتحديد‬
‫اطر معينة و تقوم الدول بعد ذلك باصدار القوانين و القرارات لتتوافق مع تعليمات‬
‫المنظمة الدولية نضرب على سبيل المثال ال الحصر ما حدث خالل و بعد جائحة‬
‫كورونا و التقييدات المفروضة ان في مجال الطب او حرية التحرك لتتوافق مع منظمة‬
‫الصحة الدولية ‪ .‬و مثال اخر عن البنك الدولي او صندوق النقد الدولي و التقييدات‬
‫التي تفرضها على برامج اقتصادية من اجل قبول اقراضها و اعطائها منحا" معينة‪.‬‬

‫‪ -3‬المنظمات الدولية الغير حكومية ‪ :‬كالصليب االحمر لدولي و منظمة العفو الدولية ‪،‬‬
‫المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬او غرين بيس و غيرها و التي ال يمكن انكار دورها في‬
‫تحريك الرأي العام العالمي و فرض شخصية معينة تضغط على الدول لاللتزام و او‬
‫حتى الجبار الدول للتوقيع على معاهدات متعددة على سبيل المثال تحريم انتاج و بيع‬
‫و استعمال االلغام االرضية المضادة لالشخاص او لدفع الدول الدراج و مالئمة‬
‫القوانين المحلية مع اعتبارات القانون الدولي او المعاهدات الدولية مثال على ذالك‬
‫القانون الدولي االنساني و مندرجاته‪ .‬الى حدود ان تقوم هذه الدول بادراج هذه‬
‫المفاهيم في دساتيرها و هذا ما يعرف اصطالحا بتدويل الدساتير المحلية‪.‬‬
‫التدويل لالقاليم التي ال يراد ان تقوم اي دولة ذات سيادة للمطالبة بها‪ :‬مثال على ذلك القطب‬
‫الجنوبي‪ 16‬و منطقة القاع او المعتبرة من التراث االنساني كالفضاء‪ 17‬و االجرام تقوم هذه‬
‫الدول بممارسة االختصاصات المشار اليها في المعاهدة او في حال اقليم اخر بادارته بطريقة‬
‫مباشرة ‪ .‬و ال داعي لالسهاب في هذا المجال النه اطر تنظيمية تعمدها دول لتنظيم مجال‬
‫معين غير مطال بسيادة دولة معينة و يكون هدفه حياد هذا المجال و استعماله في المجال‬
‫السلمي‪ .‬و مثال آخر تقديم مصطلح "التدويل" في وصف الحالة التي يتم فيها وضع نهر‬
‫أو قناة داخل أراضي دولة ما تحت حماية أو سيطرة أو إدارة دولة أخرى أو عدة دول (‬
‫دانزيج ؛ قناة كيل ؛ قناة بنما ؛ إقليم سار ؛ قناة السويس)‬

‫ﻤعﻴن‪18:‬‬ ‫ب‪ -‬الﺘدوﻴل للﺴلطات الﺴﻴاﺴﻴة في إقلﻴم‬

‫قبل ظهور المفهوم الوستفالي للسيادة كانت الدول التي تتعرض للحروب الداخلية او االنهيار‬
‫غالبا ما يتم السيطرة عليها من قبل دولة اخرى و بالتالي تصبح ضمن سيادة هذه الدولة‬
‫دون النظر الى وضعها قبل ذلك انطالقا " ان هذا المفهوم كان مرتبطا" عضويا بالسلطة‪ .‬و‬
‫لكن الفصل بين السلطة و السيادة ابتداء مع المفهوم الوستفالي ثم ترسخ هذا المفهوم و‬
‫ان بقيود مع ميثاق االمم المتحدة و بروز مفهوم حقوق الشعوب بتقرير مصيرها و بانهاء‬
‫االستعمار و مقاومة االحتالل او معاناتها من حروب داخلية ادت الى انحالل السلطة فأصبحت‬
‫االمم المتحدة هي المرجع الصالح للوقوف فعليا على قدرة هذه الكيانات او الدول من ادارة‬
‫شؤونها عمليا و مساعدتها على بناء نفسها عبر وضعها تحت الوصاية االممية الى حين‬
‫قدرتها على ادارة شؤونها بنفسها‪.‬‬

‫‪ 16‬عاهدة أنتاركتیكا ‪ ،‬الموقعة في واشنطن في ‪ 1‬دیسمبر ‪ ، 1959‬دخلت حیز التنفیذ في ‪ 23‬یونیو ‪ ، 1961‬وصدق علیها اتحاد الجمهوریات‬
‫االشتراكیة السوفیاتیة و الوالیات المتحدة االمركیة‬
‫‪ 17‬انظر القانون الدویل للفضاء صكوك األمم املتحدة منشور على موقع االممالمتحدة تحت الرابط‬
‫‪https://www.unoosa.org/res/oosadoc/data/documents/2017/stspace/stspace61rev_2_0_html/V1703163-‬‬
‫‪ARABIC.pdf‬‬
‫‪ 18‬أحمد هماش‪ ،‬عبد السالم دراسة في مفهوم التدویل واستخداماته في القانون الدولي‪ .‬مجلة دراسات الشریعة والقانون‪ ,‬عمادة البحث العلمي‪ ,‬الجامعة‬
‫األردنیة‪ ,2011‬الصفحة ‪600‬‬
‫و للمقاربة تم اللجوء تاريخيا الى هذا النوع من الوصايات االممية في القرن التاسع عشر و‬
‫حاليا) ‪19‬‬ ‫النصف االول من القرن العشرين حيث ان التدويل جاء الخضاع اقليم معين (بولندا‬
‫لسلطة عدة دول استعمارية عبر معاهدة دولية و ذلك لالهمية االستراتيجية لهذا االقليم و‬
‫كان الهدف عدم انشاء دولة قومية مستقلة على هذا االقليم‪.‬‬

‫من بعدها نأتي على ذكر مدينة القدس التي قدم اقتراح تدويلها من قبل االمم المتحدة بصورة‬
‫مؤقتة حتى الوصول الى حل نهائي بشأنها‪.‬‬
‫و اخيرا مثال حالتي كوسوفو و تيمور الشرقية و وضعها تحت االدارة الدولية فهاتين الدولتين‬
‫عانتا من حربين اهليتين مدمرتين قد ادت الى انحالل الدولة و اضمحالل مظاهر السلطة‬
‫الموحدة للبالد مما دفع االمم المتحدة للبدء بعملية فرض السالم في ثم المساعدة في تنظيم‬
‫االنتخابات و اعادة البناء و قد استندت االمم المتحدة الخضاع هذه االقاليم و ادارتها بشكل‬
‫دولي مؤقت الى سلطتها المستمدة من الفصل السابع للميثاق‪ .20‬و بالتالي كانت االمم المتحدة‬
‫هي التي امنت االنتقال المؤقت من حالة انحالل السلطة و الحرب الى رعاية انتاج دساتير‬
‫جديدة للبلدين ‪ ،‬و هنا تكمن عدة اشكاليات عن العالقة بين النظام القانوني الدولي والنظم‬
‫القانونية المحلية اي بين ما يعرف بال ) ثنائية ‪ /‬أحادية اي ‪ ) monism/dualism‬ففي‬
‫حين أن المسؤولية تقتصر في بعض الحاالت على المشاركة الدولية غير الرسمية إلى حد ما‬
‫التي تنعكس في التشريع الخارجي للقواعد والمبادئ التي تحكم تعيين الهيئات المسؤولة عن‬
‫إجراء العمليات (االنتاخابات) والتي تأمر بوضع هذه اﻷخيرة للدستور نفسه‪ ،‬فإنها في حاالت‬
‫أخرى تشبه التجريد الحقيقي من الملكية‪ ،‬وبالتالي يقود إلى الحديث عن نقل السلطة التأسيسية‬
‫إلى هيئة دولية‪ .21‬وفي الحالة اﻷخيرة‪ ،‬نشهد تقريبا قيام سلطة دولية بمنح دستور للدولة‬

‫‪ 19‬أحمد هماش‪ ،‬عبد السالم دراسة في مفهوم التدویل واستخداماته في القانون الدولي‪ .‬مجلة دراسات الشریعة والقانون‪ ,‬عمادة البحث العلمي‪ ,‬الجامعة‬
‫األردنیة‪ ,2011‬الصفحة ‪600‬‬
‫‪20‬تنص المادة ‪ 42‬من الفصل السابع لمیثاق االمم المتحدة ‪ :‬إذا رأى مجلس األمن أن التدابیر المنصوص علیها في المادة ‪ 41‬ال تفي بالغرض أو‬
‫ثبت أنها لم تف به‪ ،‬جاز له أن یتخذ بطریق القوات الجویة والبحریة والبریة من األعمال ما یلزم لحفظ السلم واألمن الدولي أو إلعادته إلى‬
‫نصابه‪ .‬ویجوز أن تتناول هذه األعمال المظاهرات والحصر والعملیات األخرى بطریق القوات الجویة أو البحریة أو البریة التابعة ألعضاء‬
‫"األمم المتحدة‬
‫‪21‬‬‫‪TOURARD H. L’internationalisation des constitutions nationales, Bibliothèque constitutionnelle et de‬‬
‫‪science politique, Tome 96, Paris, LGDJ, 2000, p.1.‬‬
‫التي تمر بأزمة‪ .‬غير أن االختالف في الطرائق يمكن تفسيره بعوامل مختلفة يمكن الجمع بينها‬
‫أحيانا‪ :‬طبيعة أزمة الدولة‪ ،‬ومدى طابعها الدولي‪ ،‬وطبيعة اآلثار الدولية‪ ،‬وأيضا‪ ،‬وبالتأكيد‪،‬‬
‫هيكل المجتمع الدولي و ديناميته كما اشير سابقا والنظام القانوني الدولي في الوقت الذي‬
‫تظهر فيه أزمة الدولة أو عندما يتقرر جعلها مسألة دولية‪.‬‬

‫الخاتمة ‪:‬‬

‫ان المتغيرات التي ترافقت مع النظام الدولي في القرن االخير قد ادخلت تعديالت كثيرة على‬
‫مفهوم السيادة الوطنية و مجال تطبيقه في في الملعبين الداخلي والخارجي ‪ ،‬بناءا على‬
‫المتغيرات و التحديات التي طالت كل أنماط الدول وطرحت نفسها بأشكال مختلفة على تلك‬
‫اﻷنماط‪ ،‬وكان لتلك التحديات مصادرها الداخلية والخارجية التي أثارت بدورها الحاجة إلى‬
‫حلول موضوعية مطاطة تطلبت تصلبا" اقل في اجالل بعض المفاهيم ومنها مفهوم السيادة‬
‫الوطنية ‪.‬‬

‫لفقد اتخذت عملية التدويل منحى توسيع منظور السيادة الى المدى الخارجي المرتبط‬
‫باالعتراف المتبادل بين الدول السيادية‪ ،‬إال أنها اتسعت بصورة معينة أدت إلى وضع شروط‬
‫لممارسة الدولة حقوقها في السيادة بمفهومها الكالسيكي‪ ،‬وأهمها أال يتسبب من جراء تلك‬
‫الحقوق إحداث اضطراب في النظام العالمي ‪.‬‬
‫هذه المشاهدة تفتح برأينا مجاال" للتفرقة من جهة بين التدويل كاجراء له مفاعيل قانونية (‬
‫وليس كنظام قانوني قائم بذاته) ‪ 22‬و بين التدخل كاجراء مادي مرتبط بدينامية المجتمع الدولي‪،‬‬
‫هذه الدينامية التي ال يمكن ابعادها عن السياسة و النظرية الواقعية للعالقات الدولية بالتحديد‬
‫التي تسلط الضوء على عدم التوازن بين النصوص التي تقوم على التساوي في السيادة بين‬

‫‪ 22‬عبد السالم هماش ‪ ،‬دراسة في مف هوم التدویل واستخدامه في القانون الدولي‪ ،‬بحث مقدم الى جامعة الشرق االوسط عمان االردن ‪2010 ،‬‬
‫‪،‬الصفحة االولى‬
‫جميع الدول و بين الواقع الذي ال يخفي سيطرة الدول الكبرى على الكيانات التي تحقق الدويل‬
‫‪.‬‬
‫فهل ان السيادة آيلة لالضمحالل في وجه التدويل الذي اصبح يطال كافة مناحي الدولة؟‬
‫ان االجابة ليست حتمية فمن الناحية يتراجع دور ومكانة اغلب الدول وتنحسر هيبتها‬
‫ونفوذها في السياسة العالمية مما يرجح أوزان القوى االقتصادية والعلمية والتكنولوجية‬
‫على حساب القوى التقليدية و بالتالي تضطر هذه الدول برضاها او عنوة في للخوض في‬
‫ركب العولمة و الرضوخ للتدويل الوظيفي‪ .‬كما و أصبح اإلنسان في حد ذاته يشكل محورا‬
‫أساسيا في القانون الدولي ‪ ،‬خاصة من ناحية حقوقه اﻷصلية و هذا ما جعل من مسؤولية‬
‫حماية هذه الحقوق تقع على عاتق جميع الدول باعتباره مجتمع دولي تضامني حيث ساهمت‬
‫التغييرات الدولية و باﻷخص بعد الحرب الباردة في بلورة أهم مظهر لحماية حقوق اإلنسان‬
‫أال و هو التدخل اإلنساني و عليه لم تعد الدول قادرة على التخفي وراء مبدأ عدم التدخل‬
‫بسبب اإلنتهاكات الخطيرة في حق شعوبها‪.‬‬
‫و من ناحية اخرى ان العالم قادم على اعادة توزيع وتغيير اﻷوزان النسبية للفاعلين في‬
‫النظام العالمي لذا لربما ستشهد الساحة العالمية ايضا اعادة صياغة لمفهوم التدويل من جهه‬
‫لجم للكيانات المحققة للتدويل في االطار الوظيفي ( بخاصة الجهات الدولية و المنظمات الغير‬
‫حكومية) ‪.‬‬

‫اال ان السيادة تبقى من الحتميات االساسية للدول المستقلة و بزوالها تندثر الدول و لهذا‬
‫ستستمر الدول بتمسكها بهذا الحق و لكن لم يعد أمامها إال التشبث بها بحذر في ظل‬
‫حضور متربص لمجتمع دولي دائم التغير مما يجعل هذه السيادة كالحصن الذي سيدوم‬
‫لها مع تبدل الدينامية الدولية‪.‬‬

You might also like