Professional Documents
Culture Documents
قسم الحقوق
المجموعة الثالثة
1
تقديم
تعتبر االنظمة السياسية احد المواضيع االساسية في الدراسات الدستورية و السياسية خاصة
بعد ظهور و تطور المنهج المقارن في الستينيات من القرن الماضي على يد كل من مقريدس و
غابلاير الموند وباول و موريس دي فارجيه و ساال موندو و دافييد ايستون و صامويل هانتنجتون
في الغرب ،مقابل علماء و مختصين عرب مثل بطرس غالي،خيري عيسى و ادمون رباط ،يحي
الجمل و جمال سالمة و محمد كامل ابو ليلة.
الكتاب هؤالء ساهموا مساهمة كبيرة في تطوير الدراسات المقارنة للنظم السياسية مستعملين
مقتربات قانونية و سياسية من اجل دراسة و تحليل النظم هيكليا و وظيفيا.
و عليه فان هدف هذه المطبوعة يتمثل في التعريف بمجهودات هؤالء الكتاب او الفقهاء في
ابراز الحقل المعرفي للنظم السياسية مع التركيز على االبعاد القانونية (الدستورية) و السياسية و
دور االحزاب السياسية في اعطاء الحياة والحيوية للنظم السياسية و مؤسساته الرئيسية.
كما ان الهدف الذي أتوخاه من هذا العمل أن أقدم محاضرات في األنظمة السياسية
المقارنة،تتسم باالختصار و بالدقة في طرح األفكار األساسية في مجال األنظمة السياسية و حقوق
اإلنسان ،باالعتماد على المنهج المقارن باعتباره األقدر على الفهم و التحليل و الدقة و التقييم
وعلى الرغم من االختصار في كثير من الجوانب فان المسائل التي تطرح سوف تكشف عن
مجموعة من األفكار المهمة حول النظام السياسي و ما يحتويه.
ايضا ،فان من بين ما اطمح إليه ،أن تحظى هذه المحاضرات ببعض االهتمام من طرف
طلبة الماستر تخصص حقوق اإلنسان و األنظمة السياسية أو من طرف كل مهتم بهذا النوع من
البحوث ،وان تحقق الفائدة المرجوة منها..
2
-دور األحزاب في األنظمة السياسية.
-مؤسسات النظام السياسي.
و كل محور من هذه المحاور االربعة يتطرق الى مجموعة من العناصر التي يحتويها
متن هذه المحاضرات.
3
مقدمة
بموجب مرسوم فرنسي صادر عام ،1954و في إطار إصالح مناهج الدراسة بكلية
الحقوق بفرنسا أضيفت عبارة األنظمة السياسية إلى اصطالح القانون الدستوري .هذا األخير الذي
كان معروفا وحده كأحد مواد الدراسة في كليات الحقوق في فرنسا .و أصبح اسم هذه المادة بعد
هذه االضافة :القانون الدستوري و األنظمة السياسية .الحكمة من هذه اإلضافة كما يقول الفقيه
الفرنسي " موريس دي فارجيه "حتى ال يقتصر أساتذة القانون الدستوري على مجرد التحليل
القانوني ،ومجرد الشرح الفقهي لنصوص الدستور التي تتضمن بيان أنظمة الحكم في الدول
المختلفة .1ومعنى كل ذلك إدخال روح جديدة أو طريقة جديدة في دراسة هذه المادة .ترتب على
ذلك أن األساتذة لم يعودوا يدرسوا أنظمة الحكم التي عمد الدستور على تنظيمها فحسب ،وانما
أصبحوا يعتنون بدراسة غيرها من األنظمة والقوى السياسية التي ال يعرض لها الدستور عادة وفي
أغلب الدول (،كاألحزاب السياسية والرأي العام والدعاية والجماعات الضاغطة).والتي تعد من بين
الفواعل المؤثرة في صنع القرار السياسي و السياسات العامة .وعليه تعنى هذه المحاضرات بتأصيل
مفهوم النظام السياسي،و تحليل المكونات و الخصائص المميزة له و التصنيفات التي ينتظم فيها و
تفاعالت و تداخل مكوناته الرسمية و غير الرسمية.
وعندما لم تعد الدراسة قانونية فحسب ،وانما أصبحت تبين إلى أي حد يجري تطبيق تلك
األنظمة في الحياة السياسية وفقا أو بعيدا عن أحكام القانون.أي ببيان مبلغ األهمية الحقيقية لتلك
األنظمة في الواقع و التطبيق العملي ،كما أن الدراسة أصبحت دراسة مقارنة لألنظمة السياسية ،إذ
ال يجب االقتصار على أنظمة الديمقراطيات الغربية (الحرة) ،وانما يجب أن تشمل الدراسة في
إطار مقارنة :األنظمة الديكتاتورية الغربية واألنظمة الماركسية التي كثير ما أطلقت على نفسها
تسمية الديمقراطيات الشعبية وكذا أنظمة العالم الثالث.
4
فانه يمكن القول انه وبناء على ما سبق ،وكما يقول بعض الفقه :األنظمة يجب أن تدرس
1
وتفحص كأنها كائن حي ال كأنها جثة هامدة راقدة في قبور نصوص الدستور.
لتعبير النظم السياسية ،2معنيان أحدهما ضيق وهو التعريف التقليدي وآخر واسع ،وهو
التعريف الحديث والسائد اليوم.
المدلول الضيق:
في البداية استخدم مفهوم النظام السياسي كمرادف لنظام الحكم ،اذ أن المدرسة الدستورية
التقليدية فهمته على انه المؤسسات السياسية و بالذات المؤسسات الحكومية (تشريعية .تنفيذية.
3
قضائية)
و عليه،و وفقا للمدلول الضيق فنظام الحكم او النظام السياسي يقصد به دراسة أنظمة الحكم في
الجماعات السياسية المختلفة .مما يعني أن دراسة النظام السياسي لدولة ما يجب أن يقتصر على
بحث كيفية ممارسة السلطة السياسية في تلك الدولة ،كما ينظمها القانون القائم بها (الدستور) وفي
هذه الحالة يرادف مصطلح نظام سياسي مصطلح نظام الحكم و لكن وعندما لم يعد هذا المدلول
الضيق (التقليدي) للنظم السياسية يتوافق مع روح العصر ،ألن التنظيمات التي تسيطر عليها
الدولة لم تعد تقتصر على تلك التنظيمات التي أقرها الدستور (السلطة التشريعية .التنفيذية.
القضائية) إنما هناك قوى خفية كمكونات غير رسمية فعلية تعمل و تؤثر في طريقة ممارسة
السلطة داخل الدولة ،وتتمثل هذه القوى في األحزاب السياسية وجماعات الضغط والمنظمات
االجتماعية والرأي العام وغيرها من المؤسسات التي تؤثر بطريقة أو بأخرى في اتخاذ القرار
3علي الدين هالل ،نيفني مسعد ،النظم السياسية العربية ،قضايا االستمرار و التغيري ،مركز دراسات الوحدة العربية ،2010 ،ص.10
5
السياسي وصناعة السياسات العامة ،وتبعا لذلك فإن الدراسة الموضوعية الجادة للنظم السياسية
ينبغي أن تشمل دراسة مثل هذه القوى الفاعلة داخل الدولة .ومن هنا ظهر المدلول الواسع في
دراسة النظام السياسي كأحد االبعاد الجديدة التي نادت بها المدرسة السلوكية.
المدلول الواسع:
أصبح مدلول النظام السياسي أعم وأشمل عما كان عليه ،ومعناه دراسة أنظمة الحكم
التي تسود الدول المعاصرة ليس فقط من خالل القواعد الدستورية الوضعية (النظرية المجردة)
،وانما من خالل ما يسود هذه الدول من مبادئ فلسفية وسياسية واجتماعية واقتصادية .ومن خالل
مدى التفاعالت التي تنشأ عن وجود القوى االجتماعية الفعلية مثل االحزاب وتأثيرها على القوى
الرسمية (الحكام ) ،في مباشرتها لمهام السلطة .يترتب على هذا المدلول أن النظام السياسي
يختلف من دولة ألخرى بحسب اختالف الفلسفات السياسية واالقتصادية واالجتماعية التي تدين
بها الدولة .1ويختلف تبعا لوجود أو عدم وجود قوى اجتماعية فعلية (األحزاب السياسية والجماعات
الضاغطة) إلى جانب القوى الرسمية ،ومدى األدوار التي تسهم بها في تسيير الحياة السياسية
وتأثيرها على م اركز القوى الرسمية.
خالصة القول ان النظام السياسي و في مدلوله الواسع يشير الى مجموعة التفاعالت و
العالقات و األدوات التي ترتبط بظاهرة السلطة سواء من حيث منطلقها(الجانب األيدلوجي) او
2
القائمين على السلطة(النخبة) أو االطار المنظم لها(الجوانب المؤسسية)
من هنا عرف النظام السياسي و وفقا للمدلول الواسع تعريفات عديدة و منها:
"روبرت دال" بأنه" :نمط مستمر للعالقات اإلنسانية تتضمن التحكم والنفوذ والقوة و تعريف
السلطة بدرجة عالية".3
6
غير أن هذا التعريف اعتبر قاص ار لعموميته و ألنه لم يحدد نوعية األنظمة وال يشير إلى
النظام السياسي فقط ،فاألنظمة االجتماعية واالقتصادية والدينية تمتاز أيضا بسمات القوة و النفوذ
والسلطة وهي تعمل في إطار التفاعالت والعالقات اإلنسانية.1
وعرف أيضا بأنه ":مجموعة من األنماط المتداخلة والمتشابكة والمتعلقة بعمليات صنع الق اررات
والتي تترجم أهداف وخالفات و منازعات المجتمع الناتجة من خالل الجسم العقائدي الذي اضفى
صفة الشرعية على القوة السياسية فحولها الى سلطات مقبولة من الجماعة السياسية تمثلت في
المؤسسات السياسية" .هذا التعريف اعتبر النظام السياسي عبارة عن عناصر متفاعلة وهذه
العناصر تمثل المؤسسات التي لها نشاطات محددة مهمتها ترتبط بعمليات صنع الق ارر و ذلك من
خالل ترجمة التشريعات القانونية الى سياسات عامة على ارض الواقع.2
اما دافيد استون فعرفه بأنه ":مجموع التفاعالت و األدوار المتداخلة والمتشابكة التي تتعلق
بعملية التوزيع اإللزامي للقيم ( التخصص السلطوي للقيم ) بموجب ق اررات سياسية ملزمة للجميع.
هذه األدوار تتضمن االستخدام الفعلي أو التهديد باستخدام اإلرغام المادي المشروع في سبيل
تحقيق تكامل وتكيف المجتمع على الصعيدين الداخلي والخارجي .
عرف أيضا بأنه ":نسق يتعلق بالسلطة السياسية ويتكون من عدة أجزاء (مؤسسات رسمية وغير
رسمية ) تترابط فيما بينها وهذا النسق يتفاعل مع البيئة الداخلية والخارجية بما يؤدي إلى استم ارره".
و يقصد بها العناصر التي يتشكل منها النظام السياسي،و في هذا الخصوص يرى دافييد
ابتر بان النظام السياسي يتكون من الحكومة،الجماعات السياسية،نظام التدرج االجتماعي .هذا و
يرى كاروي ماكريدس و باعتباره من الناقدين لالقترابات التقليدية في دراسة النظم السياسية انه
لدراسة نظام سياسي ال بد من دراسة الحكومة و االطار التاريخي و االجتماعي و الجغرافي لها و
1مها عبد اللطيف احلديثي،حممد عدنان اخلفاجي،النظام السياسي و السياسة العامة،مركز الفرات للتنمية و الدراسات
االسرتاتيجية،2006،ص.3
2ابراهيم درويش،النظام السياسي،دراسة فلسفية حتليلة،اجلزء االول ،النهضة العربية،القاهرة،1968 ،ص.43
7
التنظيمات االجتماعية و االقتصادية و دراسة األيديولوجيا و نسق القيم السائد من حيث نمطها
.1
السياسي و دراسة األحزاب السياسية و الجماعات الضاغطة و بيئة القيادة
و تأسيسا على ما سبق ،فان النظام السياسي تتداخل فيه مكونات اجتماعية وحكومية
وثقافية وعقائدية واقتصادية ،إضافة إلى أن عوامل التقدم الفني والحضاري تؤثر تأثي ار كبي ار في
النظام السياسي وتتفاعل معه ،فهو حصيلة تفاعل بين مكوناته االجتماعية،الثقافية،الحكومية و
االقتصادية و العقائدية.
و لما كان لكل نظام سياسي عقيدة فلسفية سياسية يمارسها من خالل مؤسساته التي يتكون
منها ،فهو يتكون من مجموعة مؤسسات يناط بها وظائف معينة وتتمثل في الحكومة ،البرلمان،
القضاء الحزب ،الجماعات الضاغطة وغيرها ،فجميع هذه المكونات يؤثر ويتأثر بها النظام
السياسي ،فهم جميعهم صانعو النظام السياسي.2
1ـ التعقيد في تركيبه والسبب في ذلك أن النظام السياسي نظام فرعي متشابك مع نظم فرعية أخرى
ومتفاعل معها في نظام كلي هو النظام اإلجتماعي الذي تندمج فيه و تخضع له سائر التنظيمات
3
. معين اقليم على الموجودة الفرعية االجتماعية والمجموعات
2ـ النظام السياسي نظام تكيفي إذ يعتقد دافيد أستون أن القدرة الحقيقية لبعض األنظمة(االنظمة
الغربية او ما يعرف باالنظمة المفتوحة) على االستقرار والبقاء رغم الضغوط والتوترات غير
8
العادية ،ترجع إلى امتالك هذه األنظمة مقدرات لإلستجابة في مواجهة هذه الضغوط فهو إذا نظام
تكيفي.
3ـ النظام السياسي نظام مفتوح :ينظر دافيد إستون إلى النظام السياسي(انظمة الديمقراطيات
األخرى. باألنظمة ويتأثر يؤثر مفتوحا نظاما يشكل بأنه الغربية)
4ـ كل النظم السياسية تضم عناصر حديثة وأخرى تقليدية ،بسيطة و معقدة فليست هناك أبنية
أوانظمة او ثقافات حديثة بالكامل وال هناك أبنية اوانظمة أو ثقافات تقليدية بالكامل.1
كل نظام سياسي يمر بفترة نشاط وقوة وحركية ،كما أنه يمر في نفس الوقت بفترات تأزم
وربما السقوط إذا لم يتمكن من حماية نفسه .لذلك فإن كل نظام يسعى للمحافظة على حياته شأنه
في ذلك شأن األفراد وذلك لتدعيم مكانته وتحصين نفسه ضد األخطار التي تهدد حياته .والقوة
المغذية له يطلق عليها اسم النفوذ .ولكن مقابل ذلك توجد قوة أخرى تغذية للحفاظ على ديمومته
واستق ارره هي ضرورة الحصول على طاعة جميع األفراد سواء بالنسبة لقبول الق اررات الصادرة عنه
أو اإلعتراف به كسلطة عليا 2وهذا ما يسمى بوسائل التأييد.
و لما كان النظام السياسي ال يوجد في فراغ و انما يحيي في بيئة داخلية يؤثر و يتأثر بها،
كما يتأثر بالبيئة الخارجية و يؤثر فيها .و هكذا فانه يقوم بوظيفته على جبهتين :الجبهة الداخلية
والتي هي عبارة عن المجتمع المحلي الذي يتقدم بطلباته إلى النظام السياسي ليدرسها بإمعان
ويصدر ق ارره النهائي بشأنها .والقرار المتخذ قد يجلب له التأييد الشعبي أو يسحب الثقة منه إذا لم
يتمكن من إرضاء رغبات الفئة اإلجتماعية التي تقدمت بطلباتها .وهكذا تبقى األمور تسير في
حلقات دائرية ويعيش النظام السياسي في أخذ ورد .أما الجبهة الخارجية فهي أن النظام السياسي
يتلقى طلبات من الخارج وعليه أن يتخذ الق اررات بشأنها وقد تلقى تدعيما وتأييدا من األنظمة
9
السياسية األجنبية أو تسحب الثقة منه ،وعليه أن يتجنب العزلة 1اذ يستحيل على اي نظام ان ينأى
بنفسه عن تأثير البيئة التي تحيط به و يعمل فيها سواء كانت اقليمية او دولية.
النتيجة التي يكمن الوصول اليها هي ان النظام السياسي يشير الى نشاطات و عمل
المؤسسات التي تمثل مكوناته و تمثل نشاطات تلك المؤسسات اليات عمل النظام السياسي و من
خاللها تتحدد اسس صناعة السياسة و كيفية التوصل الى القرار بصيغته النهائية وكل ذلك من
خالل التوافق بين المؤسسات .و هكذا كلما كان هناك توازن وتفاعل بين مؤسسات النظام السياسي
كلما كان القرار السياسي أكثر قدرة على النجاح وأكثر قابلية للتطبيق وأكثر تقبل من عموم
المجتمع.2
يقصد بها مجموع األنظمة الضرورية التي على النظام إنجازها ليؤدي وظائفه و ليضمن
بقائه واستم ارره و يتوافق مع بقية افراد مجتمعه ،وقسمها غابلاير ألموند في كتابه بعد ما تم تطويره
إلى ثالثة مستويات:
أـ القدرة اإلستخراجية :وتشير إلى قدرة النظام السياسي على استخراج الموارد المادية والبشرية سواء
كان مصدرها البيئة الداخلية أو الخارجية ،ومن أكثرها شيوعا :الضرائب ،اإلعانات ،الخدمة
العسكرية ،وهي يعبر عنها كميا بنسبة الناتج القومي .
ب ـ القدرة التنظيمية:وتشير إلى ممارسة النظام السياسي ،الرقابة على سلوك األفراد والجماعات
في المجتمع .ويتم ربط التنظيم بالقوة الجبرية الشرعية أو التهديد بها .وقد اتسع النشاط التنظيمي
للدولة بفعل المشاكل التي أفرزتها عمليتي التحديث والتنمية كالتلوث،االمن الصناعي،الصحة .
10
ج ـ القدرة التوزيعية:وتشي ارلى توزيع السلع والخدمات والوظائف واألموال والجوائز والفرص على
األفراد والجماعات واألقاليم بالشكل الذي يضمن تحقيق العدالة والتوازن.1
د ـ القدرة الرمزية :وتعني اإلستخدام الفعال للرموز السياسية التي تدعم الشعور بالمواطنة وتغذي
اإلحساس بالوالء للوطن وتدفع المواطنين إلى تقبل التضحيات في سبيل الوطن ومنها زيارات كبار
المسؤولين ،الخطب ،التصريحات السياسية .
هـ ـ قدرة االستجابة :وتتضمن قدرات النظام على االستجابة لمطالب البيئة وضغوطها و الرد على
تلك المطالب من خالل ق اررات وأفعال.2
أ ـ التعبير عن المصلحة :وهي العملية التي يبرز بها األفراد والجماعات لصانعي القرار مطالبهم
وعادة ما تتم من خالل القنوات الشرعية و قد يتم ذلك ايضا باستخدام القنوات غير الشرعية (
العنف).
ب ـ تجميع المصالح :وهي تحويل المطالب إلى بدائل لبلورة المطالب لتقدم في شكل مقترحات
تعرض على صانعي القرار ومن البديهي وجود أبنية تقوم بتجميع المصالح كاألحزاب.
ج وظيفة اإلتصال السياسي وتشير إلى عملية انتقال المعلومات من البيئة نحو النظام السياسي
والعكس ،وتقوم بها أجهزة اإلعالم .3
11
.وظيفة تنفيذ القاعدة و تتعلق باالجهزة التنفيذية.
يفترض في النظام السياسي ان يعمل على حفظ ذاته من خالل مؤسسات يبنيها و قواعد
يقررها و ممارسات يلتزم بها و عالقات يدخل فيها و وظائف يؤديها وتتمثل وظائف النمو و
االستمرار في :التنشئة السياسية والتجنيد السياسي .وتتم التنشئة عن طريق نقل ثقافة المجتمع
عبر األجيال بواسطة األسرة والمدرسة ،الحزب ودور العبادة 1و وسائل اإلعالم .و عليه التنشئة
السياسية هي( .تلقين ونقل وغرس قيم واتجاهات سياسية معينة تؤثر في مواقف األفراد وأدوارهم في
ومهارت سياسية للقيام بها).
ا النظام السياسي،).أماالتجنيد فهو ( إكساب األفراد خبرات
1جابر سعيد عوض .النظم السياسية املقارنة ـ النظرية والتطبيق ،جامعة القاهرة ،مطبعة العشري ،بدون سنة ،ص.52
12
أسباب التحول في دراسة النظم السياسية المقارنة :
في الماضي سيطر الطابع الدستوري على دراسة نظم الحكم حيث انصب اإلهتمام في
المعالجات على شكل الدولة وشكل الحكومة من حيث نشأتها وأركانها وأنواعها ،والحكومة 1من
حيث التكوين والصالحيات الدستورية للسلطات الثالث :التشريعية التنفيذية والقضائية وعلى
الدستور من حيث كيفية وضعه وأنواعه وأسلوب تعديله.2
وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية بدأت تظهر كتابات تجاوزت هذا اإلطار التقليدي
وأحاطت بمختلف الظواهر السياسية الجديدة مما أدى بالمعنيين بتحليل النظم السياسية إلى
االرتباط بالمنهج العلمي التجريبي وباالتجاه السلوكي3عرف باسم المدرسة المعاصرة أو المدرسة
السلوكية في تمييزها عن المدرسة التقليدية التي سادت حقل العلوم السياسية طوال القرن التاسع
عشر والنصف األول من القرن العشرين.
من الطبيعي أن توجد أسبابا تدفع نحو التحول من المدرسة التقليدية التي يطلق عليها
بالمدرسة القانونية او الدستورية بخصائصها السابق االشارة اليها إلى المدرسة المعاصرة التي تتسم
بخصائص أخرى كاعتمادها على السلوك او التفاعل من اجل الوصول الى تعميمات نظرية
بخصوص السلوك االنساني 4ولعل الدافع األول إلى ذلك هو عدم رضى الدارسين عن حالة الحقل
(حقل العلوم السياسية) ورغبتهم في تطويره ومن األسباب ما يلي:
1ـ زوال الظاهرة االستعمارية مع انهيار اإلمبراطوريات االستعمارية التقليدية (بريطانيا ،فرنسا ،
ألمانيا).
1األنظمة السياسية املعاصرة ال تقتصر على دراسة أشكال احلكومات إذ أن هذه األشكال ال متثل إال وجها واحدا من حقيقة النظام
السياسي.
2تامر كامل حممد اخلزرجي ،املرجع السابق ،ص .15
3عادل ثابت ،النظم السياسية ،دراسة للنظم الرئيسية املعاصرة ،دار اجلامعة احلديثة،اإلسكندرية ،1999،ص.08
4عبد العايل عبد القادر،مرجع سبق االشارة اليه،ص.8
13
2ـ ظهور البلدان حديثة العهد باالستقالل والذي ترتب على انتهاء الظاهرة االستعمارية ،وكلما زاد
عدد البلدان التي تجري المقارنات بينها كلما أدى ذلك إلى مزيد من الدقة بالنسبة للنظريات التي
يمكن الوصول إليها.
3ـ ظهور الواليات المتحدة األمريكية كقوة عظمى إلى جانب اإلتحاد السوفياتي وخوفا من انتشار
المد الشيوعي في الدول حديثة االستقالل ورغبة في جذبها إلى المعسكر الغربي ونتيجة لقلة خبرتها
بهذه المستعمرات (الشرق األوسط ،إفريقيا ،آسيا) مما دفعها إلى محاولة فهم واقع تلك المجتمعات
حديثة العهد باالستقالل وارسال بعثات علمية إلى هذه البلدان ومن أشهرهم دافيد إيستون وغابلاير
ألموند وسيدني فيربا وصامويل هانتنجتون .وبهذا ظهرت المدرسة السلوكية المعاصرة كنظريات
علمية تجريبية وبأدوات منهجية جديدة مخالفة لما كانت عليه المدرسة القديمة لدراسة النظم
السياسية.
تتميز المدرسة الكالسيكية المعروفة بالمدرسة القانونية او الدستورية و التي تركز على دراسة
مؤسسات الدولة و االبنية الحكومية ،عن نظيرتها (المدرسة السلوكية) .هذه االخيرة التي هي
عبارة عن اتجاه منهجي بحثي يتبنى مقاربة اكثر شموال و دقة و مقارنة و تحليال.بمجموعة من
الخصائص .و في هذا الجدول تتبين خصائص كل واحدة.
14
الدول األوربية +روسيا والواليات المتحدة األمريكية ) الوحدات الدولية موضع الدراسة.
النظريات األمبريقية أنصارها ضيقوا األفق لتحيزهم للفكر الغربي5 .ـ إهتمت ببناء
5ـ لم تهتم ببناء النظريات ويرجع ذلك إلى إهتمامها القادرة على التفسير والتنبؤ .
بالوصف أكثر من التحليل والى محدودية نطاق 6ـ في إطار سعيها لبناء نظريات قامت
بتطوير مجموعة من األدوات المنهجية الدراسة.
بروز مجموعة من 6ـ إتسمت بالقصور المناهجي (ال تعتمد على أساليب مما أدى إلى
بحث علمية متطورة) ( لم تعمل على تطوير أدوات اإلقترابات.
7ـ علمية تتسم بالحداثة ،جاءت بمفاهيم منهجية )
7ـ غير علمية ( المفاهيم ،النماذج ،النظريات) كانت جديدة لدراسة النظم السياسية.
بدائية.
ومن المفاهيم الجديدة التي جاءت بها المدرسة السلوكية مفهوم النظام السياسي ،الثقافة
السياسية .مفهوم التحديث ،مفهوم التنمية،مفهوم النخبة ومفهوم التغير ،فهذا األخير فإنه في ظل
المدرسة التقليدية كان يعتمد مفهوم (التقدم) لقياس عملية االنتقال من التقليدية إلى الحديثة في
البلدان المتقدمة (عملية التطور السياسي واالقتصادي واالجتماعي) لكن عند السلوكيين أصبح
مفهوم (التغير) هو السائد ألن مفهوم (التقدم) يعبر عن تغير إيجابي نحو األمام وهذا لم يكن
مالئما في البلدان حديثة االستقالل فحل محله مفهوم (التغير) باعتبار أنه مفهوم محايد يتضمن
التحول إلى األمام كما يتضمن التحول إلى الخلف فهو مفهوم ثنائي االتجاه يعبر عن التحول إلى
األمام كما يعبر عن الركود والتدهور واإلرتداد( 1مفهوم التغير يتضمن التغير االيجابي المتزايد كما
يتضمن التغير السلبي المتناقص)
و عليه ،و نظ ار لتعدد االقترابات عند المدرسة ،فانه يجب اختيار االقتراب المناسب الذي
يحدد الهدف من الدراسة .فمثال إذا أردنا أن ندرس التغيرات الثورية في مجتمع من المجتمعات فمن
غير المالئم أن نختار اقتراب النخبة ألنه لن يكون بمقدوره توجيهنا لدراسة مثل هذه التغيرات ألن
15
1
يركز على سلوك النخبة في الوقت الذي التعد التغيرات الثورية تغيرات نخبوية اقتراب النخبة
وانما هي تغيرات جماهيرية شعبية وبالتالي نختار اقتراب (الطبقة) ألنه يركز على سلوك كافة
الطبقات في المجتمع (الوسطى والدنيا) المسؤولة عن حدوث التغيرات الثورية.
ـ ايضا مفهوم الثقافة السياسية كمقترب 2فهذا االقتراب يعتبر الثقافة السياسية السائدة و
التي هي نتاج التنشئة السياسية تؤثر على السلوك السياسي و أن هذا األخير هو وليد الثقافة
السياسية ومن ثم فان االختالفات بين النظم السياسية يمكن تفسيرها في ضوء االختالف في الثقافة
السياسية.
ولما كانت عملية التنشئة السياسية تتباين فإن الثقافة السياسية أيضا تتباين (لماذا مثال تسمح
ثقافة معينة بتولي المرأة المناصب السياسية وال تسمح ثقافات اخرى بذلك).
ان الهدف من دراسة األنظمة السياسية المقارنة ليس هو البحث في أشكال الحكومات الذي ـ
يثار عادة في دراسة المبادئ الدستورية العامة والذي كثي ار ما يخلط مع موضوع األنظمة السياسية
وانما الهدف هو مقارنة نظام دولة من حيث درجة ديمقراطيتها أو عدمها مع نظام دولة أخرى.
فقد تكون حكومة ما ملكية وأخرى جمهورية ومع ذلك يكون النظام السياسي في كل منها
ينتمي إلى نفس المجموعة (بريطانيا وفرنسا) ـ و هو النظام السياسي الديمقراطي ،أما روسيا و رغم
كونها جمهورية فال تدخل في هذا التصنيف.
1مقرتب النخبة :نظر إىل اجملتمع كهرم قمته توجد النخبة وأي إصالح ألي نظام سياسي ال يكون إال بتغيري النخبة ( سلوك عدد حمدود من
صانعي القرار السياسي).
2املقرتب (االقرتاب) هو استعداد مسبق لدى الباحث لتبين إطار مفاهيمي معني بغرض اختبار فرض معني ( هو توجه عام أو إطار توجهي
يقود الباحث لتبني الواقع (مسي اقرتاب ألنه يساعد الباحث من االقرتاب من الظاهرة موضع الدراسة ،أي ظاهرة سواء كانت سياسية أم
غري سياسية) االقرتاب حيدد املفاهيم اليت سوف تستخدم و هو مرشد يساعد على بناء نظريات.
16
و على الرغم من أننا سوف نركز على التصنيفات المعاصرة للنظم السياسية ألنها هي
التي تهمنا في عالمنا المعاصر ،إال أن ذلك ال يمنع من التطرق إلى التصنيفات التقليدية ألنها
تشكل اإلرهاصات األولى في النظم السياسية ونظم الحكم.
تعود تصنيفات نظم الحكم في واقع األمر إلى اإلغريق القدامى في إطار البحث عن شكل
الدولة المثالية ونظام الحكم األمثل .فتم تصنيف الحكومات إلى أنواع عند كل من أفالطون
وأرسطو ومن ثم فإن أهم مرتكزات هذا التصنيف يستند إلى شكل المؤسسات السياسية .
تصنيف أفالطون للنظم السياسية :قدم أفالطون تصنيفا خماسيا للحكومات يعتمد على النزعة
السائدة عند الذين يتولون مقاليد السلطة .وأولى هذه األشكال هي الحكومة األوتوقراطية حيث يحكم
الفالسفة وتغلب نزعة الحكمة والعقل .ويتمثل الشكل الثاني في الحكومة التيوقراطية (النظام
العسكري) حيث تحكم أقلية عسكرية وتغلب نزعة الشجاعة والحماسة .ويتمثل الشكل الثالث في
الحكومة األوليجارشية وهو يمثل حكومة األقلية الغنية أو الثرية وتغلب عليها نزعة حب الثروة
والتملك والمصلحة و المنفعة .أماالشكل الرابع للحكومات فيمثل الحكومة الديمقراطية حيث يحكم
الغوغاء وتسود نزعة إلى المساواة بين الجميع ،أما الشكل األخير فيتمثل في الحكومة اإلستبدادية
حيث يحكم الطغاة وتسود النزعة نحو القوة واإلستبداد.
ومن مالحظات أفالطون أن الحكومات تتبدل من شكل آلخر ويتولد عن كل شكل شكل
جديد وتستمر هذه الحالة إلى أن تعود إلى نقطة البداية.1
وعليه فإن أفالطون تصور أن للحكم دورة واذا ما بدأنا هذه الدورة بالحكومة األوتوقراطية
التي تمثل النمط المثالي عنده ،التي تتسم بحكم الفالسفة الذين يتسمون بالعقل والحكمة وما أن يبدأ
صوت العقل يخفو وتضيع الحكمة لصالح الشجاعة حتى يتبلور شكل جديد للحكومة وهي الحكومة
التيموكراسية (قراطية) التي تسيطر فيها األقلية من النبالء والعسكر بدال من الفالسفة .وما أن
17
تتعالى نزعة التملك عند العسكر و األقلية من النبالء واألشراف وحب الثروة حتى يظهر نمط آخر
للحكومة وهي الحكومة األوليجارشية وما أن تلبث حتى يظهر النمط الرابع وهو الحكومة
الديمقراطية التي تطالب فيها األغلبية الدهماء (الجاهلة ) بضرورة تحقيق المساواة بين الجميع،
ونتيجة لما تتسم به هذه األخيرة من جهل وفساد تخرج إلى الوجود الحكومة المستبدة التي يسيطر
عليها فرد مستبد ومع البحث عن مخرج من الحكم اإلستبدادي تبدأ حكومة الفالسفة بتولي مقاليد
الحكم وتبرز من جديد الحكومة األوتوقراطية وهكذا تبقى الحلقة دائرية مستمرة.1
النتيجة التي توصل إليها أفالطون أن الحكومة األوتوقراطية هي النموذج األمثل للحكم وأن
الحكومة الديمقراطية أسوأ أنواع الحكومات ألنها تعلي من شأن األغلبية الجاهلة.
1املرجع نفسه ،ص ،34نقال عن عطا حممد صاحل ،فوزي أمحد تيم ،النظم السياسية العربية املعاصرة ،منشورات جامعة قار يونس.1980 ،
18
دورة الحكم وأشكال الحكومات عند أفالطون
الحكومة األوتوقراطية
autocracy
حكم الفالسفة
(نزعة الحكمة والعقل)
الحكومة اإلستبدادية
حكم الفرد المستبد الحكومة التيومقراطية
(نزعة القوة) timocracy
حكم األشراف والعسكر والنبالء
(نزعة الشجاعة والحماسة)
19
تصنيف أرسطو لألنظمة السياسية:
اعتمد أرسطو عند دراسته لحكومات ودساتير الدول والمدن اليونانية على تصنيف أفالطون
لتأثره به و ذلك باالستناد على معيارين وهما:
1ـ المعيار العددي (الكمي) ويعتمد على عدد المشاركين (القائمين على الحكم) في الحكم
أو السلطة .حكم فرد ،حكم أقلية ،حكم كثرة.
2ـ المعيار الموضوعي (النوعي) :وفي هذا المعيار يتم التمييز بين النظام الذي يتم فيه
الحكم من أجل المصلحة العامة ويقوم فيه الحكام بتحقيق الصالح العام ،1وبين النظام الذي يتم فيه
الحكم من أجل المصلحة الخاصة ويقوم الحكام فيه بتحقيق مصالحهم الشخصية .ويوصف األول
بالحكم الصالح ،وأما الثاني فيوصف بالحكم الفاسد.
ويمكن القول أن أرسطو قد خلص في دراسته إلى تحديد ستة أشكال من الحكومات التي
تتغير من وقت آلخر ومعنى ذلك أن هناك دورة للحكومات تتعاقب فيها أشكالها بصورة مستمرة.
الحكومة الملكية (الحكم فردي يطبق الحكومة اإلستبدادية ( الحكم بيد حكومة الفرد
فرد يستغل السلطة لمصلحته القانون وهدفه الصالح العام)
الشخصية دون التقيد بالقانون)
20
األوليجارشية(الحكم الحكومة األرستقراطية (الحكم بيد أقلية الحكومة حكومة القلة
وتحكم وفقا للقانون وتهدف إلى الصالح يكون بيد األقلية الغنية وتعمل
على تحقيق مصالحها الخاصة) العام)
الحكومة الدستورية (الحكم بيد األغلبية الحكومة الديمقراطية( الحكم بيد حكومة الكثرة
األغلبية من الفقراء و تستغله ولمصلحتها)
ضد األغنياء)
هذا ويعتبر أرسطو أن الحكومة الدستورية هي أفضل أنواع الحكومات وأعالها مرتبة ألنها
األقل ميال نحو الفساد .و لهذا يعتبر الكثير من الدارسين للعلوم السياسية أن التصنيف السداسي
الذي قدمه أرسطو أفضل تصنيف ثنائي للدول باالعتماد على المعيارين الكمي والنوعي.1
وقد قسم المفكر السياسي األلماني جيليناك النظم السياسية إلى طائفتين كبيرتين ملكية
وجمهورية وقسم النظم الملكية إلى وراثية ومنتخبة ،وأما النظم الجمهورية فصنفها إلى ثالثة أنواع:
ديمقراطية وأرستقراطية وأوليجارشية.
ومن أبرز التصنيفات التقليدية للنظم السياسية تصنيف بيرجس الذي اعتمد فيه على أربعة
معايير للتصنيف:
ـ الثالث :يدورحول طبيعة العالقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ( برلمانية ـ رئاسية)
ـ الرابع :يتعلق بتركيز وتوزيع السلطة في الدولة ( موحدة ـ فدرالية).2
1منهم العامل السياسي بالنتشيلي الذي أضاف فئة رابعة وهي احلكومة الدينية ( الكهنوتية ) كحكومة صاحلة واحلكومة اإليديولوجية
كحكومة فاسدة.
2جابر سعيد عوض ،مرجع سابق ،ص .115
21
تصنيف مونتسكيو لألنظمة السياسية:
يعد الفيلسوف الغربي مونتسكيو من دعاة فكرة الفصل بين السلطات وحماية حقوق األفراد من
تعسف السلطات وحدد سلطات الدولة بثالث سلطات هي:
ـ السلطة القضائية وتعمل على تطبيق القانون والفصل في المنازعات وحسب مونتيسكيو أن وجود
أكثر من سلطة بيد شخص واحد أو هيئة واحدة سيؤدي إلى انعدام الحرية وتعسف السلطة لذلك
دعى إلى الفصل بين السلطات وقدم بناء على ذلك تقسيمات ثالثية للحكومات.
1ـ الحكومة الجمهورية وتكون السيادة فيها للشعب في مجموعة أو جزء منه و يختار فيها رئيس
الدولة عن طريق االنتخاب لمدة محددة 1ولها صورتان:
2ـ الحكومة الملكية :وهي حكومة الفرد الذي يحكم وفقا للقوانين وتكون السلطة موزعة على عدة
هيئات.
3ـ الحكومة اإلستبدادية :وتتركز السلطة بيد فرد واحد ال يتقيد بالقانون.
وأفضل شكل للحكومات عند مونتيسكيو هو شكل الحكومة الذي يضمن الحرية للمواطنين
سواء كانت حكومة جمهورية ام حكومة ملكية.
1اولوفيه دي هامبل و ايف ميين،املعجم الدستوري،ترمجة منصور القاضي،املؤسسة اجلامعية للدراسات و النشر و التوزيع ،بريوت 1996،
ص.414
22
انتقد أنصار التصنيف الحديث للنظم السياسية التصنيف الكالسيكي بأنه محدود الفائدة،
ومن أهم العيوب التي وجهها انه يركز بشكل أساسي على نظام الحكم وشكله فقط ويخلط بين
الدولة والحكومة مما أدى إلى عدم فهم النظام السياسي كما ينبغي و األصح أن:
1ـ الدولة هي الشخص المعنوي الدائم والمستقل وهي اإلطار األشمل الذي يظم كال من
الحكومة والنظام السياسي (فكل من النظام السياسي والحكومة هما أحد عناصر الدولة) و بتعبير
اخر هي الوحدة القانونية المستقلة ذات السيادة التي تملك صالحية االرغام المادي المشروع و
ادواته على الصعيد الداخلي.
2ـ أما الحكومة فهي اإلطار الذي تتم فيه عملية صنع وتنفيذ القوانين ،فهي مستودع السلطة
السياسية واإلكراه المشروع .فهي أعلى المؤسسات السياسية التي تتحول من خاللها إرادة الجماعة
باسم الدولة إلى قواعد شرعية عامة وملزمة للجميع وهي أحد مؤسسات النظام السياسي.
3ـ أما النظام السياسي فهو أحد عناصر الدولة وهو أكثر شموال واتساعا من الحكومة لكونه
يتضمن إلى جانب الشق الرسمي المتمثل في الحكومة شقا آخر غير رسمي يتمثل في األحزاب
السياسية والجماعات الضاغطة ،كما يتمثل في مختلف تعبيرات الرأي العام و وجوده يعتمد على
نمط مستمر من التفاعالت و العالقات االنسانية .الدولة فتعتمد على عناصر اخرى كاالقليم و
الشعب و السلطة.
1ـ اتصاف هذه الدراسات بأنها دراسات هيكلية ،كونها ركزت على الشكل القانوني
والدستوري للمؤسسات السياسية وعدم االهتمام بالعوامل األخرى التي تؤدي إلى تطور تلك
المؤسسات كاالهتمام بالعقيدة السياسية أو التداخل والتفاعل الذي يؤثر في سلوك النظام.1
2ـ عدم تطرقها إلى تحليل السلوك السياسي لألفراد والجماعات والمؤسسات التي توجد داخل
النظام االجتماعي.
1حممد نصر مهنا ،يف نظرية الدولة والنظم السياسية ،املكتب اجلامعي احلديث ،اإلسكندرية،1999 ،ص.349
23
3ـ إهمال المقارنات التاريخية لألنظمة واقتصار هذه الدراسات على دول معينة دون األخرى
بناء على ما سبق برزت في علم السياسة اتجاهات واجتهادات حديثة لتصنيف النظم
السياسية تقوم على معايير عديدة تسعى إلى البحث عن الدقة والحقيقة والمقارنة والشمول لألنظمة
السياسية ومن هذه المعايير:
1ـ طبيعة النظام الحزبي السائد في بلد ما :فإذا كان الحكم متداوال بين عدة أحزاب كان النظام
السياسي تعدديا تنافسيا .واذا كان الحكم متداوال بين حزبين رئيسيين كان النظام ثنائيا ،أما إذا كان
الحكم في يد حزب واحد كان النظام أحاديا (تصنيف ريمون أرون).
2ـ طبيعة السلطة (مصدر الشرعية) :وهناك ثالثة أنواع من السلطات هي السلطة التقليدية والتي
تقوم على تقاليد وأعراف اجتماعية متفق عليها بين المواطنين (مصدر شرعية السلطة في النظام :
العادات والتقاليد).
السلطة القانونية و تقوم على أسس موضوعية تمارس وظيفتها من خالل المنظمات الرسمية
العادلة والمقبولة اجتماعيا( ،تستمد السلطة شرعيتها من احترام القانون).
السلطة الشخصية (نموذج كاريزمي) وتقوم على صفات ومواهب شخصية متميزة يملكها فرد معين
وله تأثير في المجتمع ،وهذا التأثير يلعب دو ار في إخضاع اآلخرين له(،1تصنيف ماكس فيبر)
(مصدر شرعية السلطة لما يحوز عليه الزعيم أو القائد من صفات إستثنائية).
3ـ معيار البنى والوظائف (تصنيف ألموند غابلاير) وطبقا لهذا المعيار فإن الوظائف واألدوار التي
يقوم بها النظام هي معيار التفرقة بين األنظمة وقد حدد سبع درجات وظيفية كأساس للمقارنة.
ثالثة منها تتعلق بهيكل النظام ،وتتمثل في التشريع والتنفيذ والقضاء باعتبارها الجهاز السياسي (
24
الحكومي ) الذي هو أداة المجتمع لتحقيق أهدافه وتوازنه واستم ارره 1والباقي يتعلق باألجهزة اإلدارية
وهي المشاركة السياسية في إدارة الجهاز ،رعاية المصالح ،ضبط وتنظيم المصالح ،العالقات
السياسية.
4ـ معيار المنافسة والتنمية والتحديث السياسي ( تصنيف كولمان ) وقسم النظم السياسية بالنظر
الى معيار المنافسة إلى نظم تنافسية ونظم شبه تنافسية ،ونظم تسلطية .ومن جهة التحديث قسم
النظم السياسية إلى حديثة و مندمجة و تقليدية.
5ـ معيار البيروقراطية (تصنيف فيريل هيدي) ويشمل هذا التصنيف العديد من النظم السياسية
ومنها األنظمة السياسية القائمة في الدول النامية انطالقا من الدور الذي تؤديه البيروقراطية
وقسمت إلى النظم األوتوقراطية التقليدية ،وأنظمة النخبة البيروقراطية المدنية والعسكرية و النظم
التنافسية التعددية والنظم شبه التنافسية التي يسيطر عليها حزب رئيسي و النظم الحزبية السائدة
التي تقوم على التعبئة والحشد ،واألنظمة الشيوعية الشمولية.
قدم مارسيل بريلو تصنيفه لألنظمة السياسية على أساس درجة تطور السلطة في
المجتمعات ويقسمها إلى ثالثة أنماط وهي:
1ـ المجتمعات غير المسيسة :وفيها تمارس الوظائف التي تعتبر سياسية بواسطة إشراف
اجتماعي مباشر أو بفضل ممارسات سحرية (دينية) .وعليه فإن األدوار السياسية للسلطان
السياسي موزعة في المجتمع بشكل أدوار أو وظائف اجتماعية.
2ـ المجتمعات المسيسة بتفريد السلطة :السلطة في هذا النوع من المجتمعات يمارسها
حكاما بدون إدارة ،حدود سلطتهم هي حدود سطوتهم وليست الحدود التي تفرضها عليهم القواعد
المطبقة في المجتمع.
25
3ـ المجتمعات المسيسة بواسطة تأسيس السلطة :وهي المجتمعات التي توجد فيها حكومة
وادارة يقومان بعملهما وفقا لقواعد مدونة أو عرفية .وهذا هو النوع الذي تنشأ وتتطور سلطة الدولة
فيه.
وتتميز بحكم مدني من خالل مؤسسات تمثيلية ،وحريات عامة ووجود جهاز تشريعي منتخب عن
طريق اإلقتراع العام وله دور بارز في مجال التشريع والرقابة ،ووجود تعددية حزبية وقضاء
مستقل وجهاز إداري محترف.1
وتتميز بوجود سلطة تنفيذية مهيمنة وأحزاب محدودة النشاط وشخص أو مجموعة أشخاص
يفرضون سيطرتهم على الحزب الحاكم والدولة عن طريق الجمع بين رئاسة الحزب ورئاسة الدولة
وبرلمان له دور محدود نتيجة سيطرة الحزب وتحجيم دور المعارضة .وتبدو مؤسسات المجتمع
المدني متداخلة في توجهاتها مع توجهات النظام السياسي (الجهاز الحاكم).
وتتسم بوجود برلمان فاقد القدرة على ممارسة اختصاصاته ويبدو كأنه أداة تتركز فاعليتها في
الموافقة واإلعالن ،وقد ال توجد أحزاب مطلقا أو يوجد حزب واحد فقط ،وتكون المعارضة مستهدفة
وتجري في هذا النوع من النظم انتخابات عامة تخضع لعمليات التزوير أو التالعب من جانب
السلطة المهيمنة ،وتنطوي على قضاء عسكري يلعب دو ار مؤث ار في الحياة السياسية.
26
تعتمد على إيديولوجية معينة كإطار فكري يحدد غايات المجتمع وأساليب تحقيقها ،تبدو هيمنة
الحكومة وتدخلها في حياة المواطنين واضحة ،ويوفر الحزب المهيمن إطار للنخبة الحاكمة
بالتماسك والتنظيم ومباشرة مهامها ،ويتواجد برلمان ال يزاول أي دور في مهمة التشريع وال توجد
معارضة أو قضاء مستقل أو حرية رأي أو نقد.
السلطة فيها لرئيس الدولة تتم عن طريق الوراثة ،يختار الحاكم معاونيه من األقارب أو من الذين
تربطه بهم عالقات شخصية ،ال ينطوي على النوع من النظم على برلمان وهنا يتولى الحاكم
ومعاونيه مهمة وضع القوانين والسياسات.
وصنفها إلى النظام األوتوقراطي والنظام الجمهوري والنظام الشمولي وبالنظر إلى عدة مرتكزات:
ـ إن النظام األوتوقراطي يتسم بفرض اتجاه أو رأي مجموعة معينة بالقوة واإلجبار
اما النظام الجمهوري فيتسم بالسماح للمصالح المختلفة بالتواجد في بنية السلطة عن طريق
االختيار الحر .
في حين النظام الشمولي يتميز بخلق مجتمع ال يعرف التنوع في المصالح عن طريق فرض
إيديولوجية تدعى بالشمول 1والعلمية.
1الشمول جاءت من الشمولية او الكانية و هو مفهوم مستعمل من علماء السياسة لوصف الدولة اليت حتاول فرض سلطتها على اجملتمع و
تعمل على السيطرة على كافة جوانب احلياة الشخصية و العامة قدر االمكان.
27
ـ النظام األوتوقراطي يتسم دور الجماهير فيه بالخضوع والطاعة السلبية أما النظام الجمهوري فيتسم
بالمشاركة التطوعية في حين النظام الشمولي دور الجماهير فيه هو تعبئة وحشد هذه الجماهير
خلف القيادة.
النظام األوتوقراطي اإلمتثال فيه واجب ديني والحكومة جزء من نظام إلهي مقدس .اما النظام
الجمهوري اإلمتثال فيه مطلوب ومبرر على أسس نفعية و بالنسبة للنظام الشمولي فان االمتثال
إيديولوجي أو عقائدي .
ـ النظام األوتوقراطي ،هي بنية جامدة تفتقر إلى الحراك االجتماعي اما النظام الجمهوري:فهي بنية
طبقة وسطى كبيرة في حين النظام الشمولي هي بنية اجتماعية تعتمد أساسا على الوظيفة أو الدور
السياسي
5ـ وضع النخبة السياسية :
ـ النظام األوتوقراطي ،النخبة السياسية فيه مغلقة ويتميز تجنيد أفرادها بالطابع األرستقراطي اما
النظام الجمهوري في منفتحة وتجنيد أفرادها ذو طابع ديمقراطي و بالنسبة للنظام الشمولي فمن
الناحية النظرية تعتمد الصفوة على المهارات الشخصية واإلنجاز مما يعني فتح الباب أمام الجميع
للوصول إلى مركز الصفوة ولكن من الناحية العملية يالحظ أن الصفوة مجموعة حزبية صغيرة و
ال تسمح لغيرها بالولوج اليها.
28
النظام األوتوقراطي النظام االقتصادي فيه هو زراعي أو استخراجي هدفه االكتفاء الذاتي .اما
النظام الجمهوري فاقتصاده حر (رأسمالي) أو مختلط ( حكومي رأسمالي) .في حين النظام
الشمولي اقتصاده مخطط وموجه مركزيا.
7ـ القانون:
النظام األوتوقراطي القانون فيه عرفي أو هبة من السماء ويتوقف تطبيقه على المكانة االجتماعية
للفرد اما النظام الجمهوري فالقانون يزاوج بين العرف والتشريع وينطبق على الجميع دون تمييز و
بالنسبة للنظام الشمولي القوانين هي قوانين التطور التاريخي يفسرها ويطبقها منظرو الحزب.
توجد فيه أخبار منتظمة واالتصال شفاهي وللشائعات منزلة خاصة عند الحاكم والمحكوم .
ـ النظام الجمهوري :الصحافة فيه حرة وتتدفق المعلومات من أعلى لألسفل ومن أسفل إلى األعلى.
ـ النظام الشمولي الدولة تسيطر على اإلعالم و ال وجود لحرية االعالم و الصحافة.
9ـالسياسة في النظام األوتوقراطي :السياسة مقتصرة على القصر والبالط ويسمح بالصراع
والمعارضة طالما كانا بعيدين عن العلنية.
ـ النظام الجمهوري :العمل السياسي قوامه التوفيق ،المعارضة علنية ومؤطرة في مؤسسات
ـ النظام الشمولي :ال يسمح بالمعارضة أو بالتنافس اطالقا.
اهتم بعض الباحثين العرب 1بهذا الموضوع ونتيجة للتشابه بين تصنيفاتهم فإننا نشير إلى
تصنيف أحمد سرحان الذي اعتمد على معيار طبيعة الهيئة التي تتولى مسؤولية التقرير التنفيذي
29
(لها سلطة اتخاذ القرار السياسي) ومعيار الفوارق االجتماعيةواالقتصادية وتوصل إلى التصنيف
التالي:
ـ األنظمة الديمقراطية الليبرالية :وهي تتفرع إلى نظام الجمعية ،النظام الرئاسي النظام البرلماني،
النظام المختلط.
ـ األنظمة الدكتاتورية.
هذا ونشير إلى أن بعض الباحثين العرب أضاف نموذجا جديد ا تمثل في األنظمة الثورية
والتي تأتي عن طريق استخدام القوة وليس عن طريق القانون واالنتخاب.
بعد التعرض لكل من التصنيفات الكالسيكية والتصنيفات الحديثة لألنظمة السياسية فإنه يمكن
تصنيف المنظومات السياسية القائمة إلى:
30
وعليه فإن النظم السياسية المعاصرة هي إما:
1ـ نظم ديمقراطية :وهي تلك النظم التي تقوم فيها السلطة السياسية كقدرة شرعية تقوم بفرض
إرادتها على مستوى المجتمع الكلي ومرتبطة في ذلك بالقبول العام لها تبعا الرتباطها بنسق
مجتمعها القيمي و تهدف الى تحقيق مبادئ الحرية و العدالة و المساواة كما تسعى الى تحقيق
االمن الشخصي و االجتماعي و االقتصادي واحترام حقوق االنسان و حمايتها.1
2ـ نظم شمولية ،ديكتاتورية ،تسلطية :وهي نظم ترتكز على حزب واحد يحتكر السلطة
السياسية في مجتمعه ويقوم على إيديولوجية معينة باعتبارها اإليديولوجية الرسمية للدولة.
يشكل النمط الديمقراطي قاعدة المنظومة الليبرالية الرأسمالية ،فهذا النمط يعمل فعليا في األمم
المسماة غربية :أوربا الغربية ،الواليات المتحدة األمريكية ،كندا ،أستراليا ،اليابان ،زيلندا الجديدة .
أما األمم األخرى التي تدعى انتمائها للقيم الديمقراطية حال االنظمة االشتراكية فإن ذلك هو أشبه
بزينة مصطنعة ملصوقة على بناء ومتعارضة مع هندسته تماما.2
إن النمط الديمقراطي هو نتيجة تطور تاريخي ،تكون عبر قرون عديدة في أوربا
الغربية ،أخذ من المنظومة السياسية السابقة التي سادت في أوربا قبل الثورة الفرنسية ( الملكيات
األرستقراطية) بشكل واضح في إنجلت ار ولم يتعمم في كل الغرب إال بعد الثورتين األمريكية
والفرنسية .
و عليه فان تطور القوى اإلنتاجية في البنى والقيم اإلجتماعية (الصناعة ،التجارة والخدمات )
أدى إلى قيام ديمقراطية رأسمالية.
31
و بالرجوع الى معيار النشأة ،يقول المحللون أن النظم الليبرالية لم تأت كلها إعماال لفلسفات (نشأة
فلسفية) وانما هناك من النظم الليبرالية ما نشأ نشأة واقعية ( تاريخية صرفة) حال النظام السياسي
اإلنجليزي (جاء النظام نتيجة حلول عملية للمصالح المتصارعة آنذاك) وليس نتيجة أفكار مجردة
1
أو صراعات دينية
وباستثناء النظام اإلنجليزي فإن غالبية النظم الليبرالية نشأت نشأة فلسفية حيث جاءت
اعماال ألفكار فلسفية تدور حول هدف واحد هو حرية الفرد .
ترتكز االنظمة الديمقراطية الليببرالية على مبادئ جوهرية (سيادة الشعب ،االنتخابات
الحرة ،البرلمانات الحقيقية ،القضاء المستقل ،الحريات العامة ،التعددية الحزبية ).وبفضل هذه
المبادئ ينعم المواطنون بهامش كبير من االستقاللية وبوسائل ضغط على الحكام .لكن من جهة
أخرى يرى المحللون ان هناك تناقضا جوهريا في قلب الديمقراطيات الليبرالية .فهي وان أرست
المساواة السياسية وألغت االمتيازات األرستقراطية ولكنها من جهة أخرى ولدت تدريجيا الالمساواة
االقتصادية وجعلت وراثة السلطة االقتصادية محل السلطة السياسية.
و لكن رغم ذلك ،فإن العامل األساسي واإليجابي في األنظمة الغربية أنها ترسي مؤسسات ليبرالية
لها سلطة سياسية ضعيفة نسبيا ،أضعف بكثير من السلطة القائمة في الديكتاتوريات اإلشتراكية
أو األنظمة المحافظة ،وهذا يعطي المواطنين هامشا كبي ار من الحرية.
1ـ االنتخاب:
هو طريقة لتولي الحكام السلطة و الحكم ،تتعارض مع أسلوب الوراثة والتعيين واإلستيالء.
وانطالقا من فكرة أن كل البشر متساويين وأح ار ار فإن االنتخابات تتميز بأنها إنتخابات تنافسية
حيث يختار المواطنون بين عدة مترشحين ،وليست انتخابات إستفتائية لصالح مرشح رسمي واحد.
لذلك فان االنتخاب هو القاعدة الشرعية للسلطة في اي نظام و بقدر التوسع في تقرير حق
32
االنتخاب و تعميم تطبيقه في تشكيل السلطات المختلفة في الدولة بقدرما يكون النظام ديمقراطيا و
شرعيا .تقوم االنتخابات المعاصرة على اربعة اركان هي:
وهو دعامة مبادئ التنظيم السياسي في الغرب ويرجع هذا المبدأ إلى الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو
في كتابه روح القوانين عندما نبه إلى ضرورة التزام القائمين على السلطة بدستور مسبق بغض
النظر عن عدد القائمين على السلطة سواء كانوا قلة أم كثرة .وقد ظهر تيار فكري غربي يميز بين
الشرعية والمشروعية على أساس أن الشرعية تعني التزام القائمين على السلطة بإيديولوجية المجتمع
وبأهدافه العليا وقيمه األساسية .أما المشروعية فتعني التزام القائمين على السلطة بالدستور و مهما
يكن فان كل اشكال الحكومات تعتمد على شرعيتها و مدى قبول الشعب بها و من دون ذلك فان
سياساتها و ق ارراتها ستلقى معارضة.2
إن وجود محاكم مستقلة بوجه الحكام تراقب تصرفات الحكام ضمن حدود القانون يؤدي إلى
تطبيق مبدأ المشروعية وقيام دولة الحق والقانون .
1فهد بن صاحل بن عبد العزيز العجالن،االنتخابات و احكامها يف الفقه االسالمي،دار كنوز اشبيليا للنشر و
التوزيع،السعودية،2009،ص.17-16
2ويكيبيديا املوسوعة احلرة
33
الذي يعود إلى الفيلسوف مونتسكيو الذي الحظ أنه ما من إنسان يتولى السلطة إال ويستبد بها وأن
االستبداد ناتج عن الطبيعة البشرية الميالة الى التعسف و االستحواذ على السلطة 1وأن السلطة قوة
وال يوقف القوة إال القوة لذلك يجب تفتيت (توزيع) السلطة بين العديد من الهيئات مما يحقق
التوازن في القوة بين هذه الهيئات من خالل التأثير والتأثر المتبادل.
وأعطي لهذا المبدأ الذي أصبح من أهم مبادئ التنظيم السياسي الغربي بعدين :أحدهما
تنظيمي (سياسي) (عضوي) ويتمثل في توزيع سلطات الدولة بين العديد من الهيئات بإسناد
وظائف التشريع ،التنفيذ ،القضاء إلى مؤسسات ،وبعد قانوني ويقصد به العالقة بين سلطة التنفيذ
وسلطة التشريع ،وفي هذا الصدد أخذت النظم الليبرالية بالنظام البرلماني والرئاسي ونظام حكومة
الجمعية.
تعد الديمقراطية النيابية هي الصورة السائدة اليوم ،وهي تتخذ ثالث صور أساسية في الممارسة
والتطبيق (النظام الجمعوي (المجلسي) والنظام البرلماني والنظام الرئاسي) ويعد هذا التصنيف
المعاصر لألنظمة السياسية والذي قدمه دوجالس فيرني في أواخر الخمسينيات من القرن العشرين
قائما على معيار العالقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية .فإذا كان هناك اندماج للوظائف كلها
في يد جهة واحدة وكانت تلك الجهة تمثيلية تعبر عن إرادة الشعب ( جهة ممثلة للشعب) سمي
هذا النوع بحكومة الجمعية .واذا كانت الوظائف الثالث (التشريع التنفيذ ،القضاء) موزعة على
أكثر من جهة وكان فصال مطلقا بينها سمي هذا النوع بالحكومة الرئاسية أما إذا كان الفصل بين
هذه الوظائف ليس بنفس الشدة التي عليها الحكومة الرئاسية ،وانما هو فصل مرن يسمح بقدر من
التعاون والرقابة سمي هذا النوع بالحكومة البرلمانية ،والحقيقة أن واقع بعض األنظمة السياسية
المعاصرة يمزج بين خصائص النظام البرلماني وبعض خصائص النظام الرئاسي فتعتبر الحكومة
عندئذ مختلطة أو نظاما مختلطا.
1عمار عباسي ،العالقة بني السلطات يف االنظمة املعاصرة و يف النظام السياسي اجلزائري ،دار اخللدونية ،اجلزائر،2010،ص .20-15
34
ما تجدر مالحظته أن التطبيق العملي لهذه األنواع من الحكومات كثي ار ما يتأثر بالجوانب
غير الرسمية مثل :األحزاب السياسية واألنظمة االنتخابية والرأي العام و الجماعات الضاغظة
وغيرها من األنشطة السياسية غير الرسمية.1
النظام البرلماني:
يقول الفقيه الفرنسي موريس دي فارجيه انه :ليس كل نظام يوجد به برلمان هو بالضرورة
نظاما برلمانيا ،وليس كل نظام به برلمان يمتلك سلطات فعلية تسمح له بتشكيل ثقل أمام الحكومة
هو نظام برلماني وانما النظام البرلماني هو نظام تنقسم فيه الحكومة إلى عنصرين أحدهما :الو ازرة
وتكون مسؤولة سياسيا أمام البرلمان ويملك حق إسقاطها والثاني :رئيس دولة بصالحيات محدودة
أو منعدمة او ما كان منها شكلي.
1ـ ثنائية السلطة التنفيذية :وتعني ان يوجد رئيس أعلى للدولة له دور رمزي أساسا ،فهو الذي
يجسد األمة ،ويصدر القوانين ،ويوقع على المراسيم ،ويقر المعاهدات ،ويعين رئيس الوزراء
والوزراء ،فهو كما يقال مجرد آلة للتوقيع ،ألن الق اررات الفعلية تتخذها الو ازرة .في حالة خالف
رئيس الدولة مع الحكومة فال يمكنه إال الخضوع أو االستقالة غير أن استقالة رئيس الدولة هو
عمل خطير لذلك يبقى حصولها استثنائيا ،يظل رئيس الدولة في النظام البرلماني بعيدا عن
التجاذب الذي قد يقوم بين السلطتين التشريعية و التنفيذية.2
يمكن أن يكون رئيس الدولة في النظام البرلماني ملكا تولى سلطته بواسطة الوراثة ويمكن
أن يكون رئيس جمهورية انتخب بصورة عامة.والفرق في هذه الحالة أن رئيس الدولة الملك الذي
تبوأ منصبه بالوراثة يوشك أن يكون مجردا من كل سلطة حقيقية مؤثرة وحيث ال سلطة فال
مسؤولية سياسية وال جنائية.
1حيي اجلمل ،األنظمة السياسية املعاصرة ،دار النهضة العربية ،بريوت 1969،،ص .165
2عمار عباسي ،العالقة بني السلطات ،مرجع سابق ،ص42
35
أما رئيس الدولة والذي هو رئيس الجمهورية المنتخب فقد تكون له بعض الصالحيات ولكنها
تبقى صالحيات محدودة ومن ثم فإنه غير مسؤول سياسيا ولكن ال يمنع ذلك من ترتب المسؤولية
الجنائية عليه.
العنصر الثاني في السلطة التنفيذية :نجد الو ازرة والتي هي جهاز جماعي يتخذ الق اررات على
نحو مشترك ،على رأس هذا الجهاز الجماعي يوجد رئيس الحكومة الذي يتميز عن رئيس الدولة
وسمي برئيس حكومة ،رئيس الوزراء ،الوزير األول تبعا للبلد .يختار أعضاء و ازرته الذين يقدمهم
للموافقة الشكلية لرئيس الدولة.
إن أهم ما تتصف به الو ازرة في النظام البرلماني ،هي ثبوت المسؤولية السياسية لها أمام
البرلمان ،فللبرلمان أن يرغم الو ازرة على االستقالة بالتصويت على حجب(سحب) الثقة .المسؤولية
السياسية هي مسؤولية جماعية تصيب الو ازرة بأكملها ومن ثم فهي مسؤولية تضامنية ولكن قد
يتخلى رئيس الحكومة عن وزير واحد يعارضه البرلمان بفعل أعماله الشخصية فعندئذ تكون
المسؤولية فردية .
وجود نظام المجلسين في البرلمان ال يؤدي الى طرح مسؤولية الو ازرة إال أمام مجلس واحد هو
المجلس المنتخب باالقتراع العام المباشر.
وطالما أن الحكومة مسؤولة أمام البرلمان فلها الحق في حل البرلمان وبالتحديد الغرفة التي
تكون مسؤولة أمامها .وهذا ما يسمى بالند المقابل لحق البرلمان في قلب الحكومة وسحب الثقة
منها وهذا ما يؤدي إلى إرساء توازن بين السلطات في النظام البرلماني ولكن لعبة األحزاب
السياسية تبدل بعمق العالقات بين البرلمان والو ازرة.
النظام البرلماني هو نتاج تطور تاريخي تم في إنجلت ار بادئ األمر ،وقلد في الدول األوربية
األخرى ،حيث تم االنتقال من الملكية األوتوقراطية إلى النظام البرلماني عبر مرحلتين .األولى:
هي الملكية المحدودة حيث وجد برلمان يملك سلطة تشريعية وميزانية معينة .وشكل هذا ثقال مقابال
36
للسلطة الملكية ،لكن الملك يستمر في الحكم بنفسه أو بواسطة وزراء تابعين له ،وهم غير مسؤولين
أمام البرلمان وفي المقابل يمكن للملك حل البرلمان وقتما شاء ،على أكثر تقدير الوزراء مسؤولون
جزئيا فقط .
ا
والمرحلة الثانية هي البرلمانية األورليانية وهنا توصل البرلمان إلى فرض فكرة أنه على
الوزراء أن يحضوا بثقته فيهدد بإحالتهم أمام المحاكم عن طريق إجراء توجيه التهمة ،وهنا تم
اإلنتقال من مسؤولية جزائية إلى مسؤولية سياسية ـ جزائية،ولتجنب العقوبات المحتملة يستقيل
الوزراء كي ال يحالو أمام المحاكم وهكذا نمت تدريجيا المسؤولية السياسية أمام البرلمان استنادا الى
قاعدة تقضي بحصانة ذات الملك و انتقال سلطته الى الو ازرة ممثلة في رئيسها و يكون هو
المسؤول أمام البرلمان . 1مما أرسى قواعد النظام البرلماني.
إن الخاصية التي يتصف بها النظام البرلماني هي أن الحكم فيه يكون منبثقا عن تعاون بين
برلمان منتخب وبين رئيس دولة غير مسؤول وذلك بواسطة حكومة مسؤولة والتي هي بمثابة لولب
2
الحركة في النظام البرلماني.
ـ الحكومة المسؤولة أمام البرلمان هي منبثقة عن البرلمان المنتخب مما يجيز الجمع في العضوية
او ما يسمى باالزدواج الوظيفي.
ـ هي حكومة تتميز بالوحدة والتضامن بين أعضاء الو ازرة فهم يشكلون مجلسا واحدا خاصا بهم.
ـ تتميز بالتجانس بين األعضاء ( تأليف و ازرة ال تمثل إال حزبا واحدا يؤدي الى ان تحوز هذه
الو ازرة على ثقة األكثرية من المجلس).
37
-تقرير مسؤولية الحكومة أمام البرلمان مما يجعلها دائما مستعدة لتدارك أخطائها.
-تحمي مصالح الشعب بدرجة كبيرة فالممثلين عن الشعب في البرلمان ينقلون مشاكله
إلى الحكومة).
* ديكتاتورية السلطة التنفيذية (فالسلطة تكون مركزة بصورة شبه تامة في أيدي الوزراء).
-النظام البرلماني عاجز على مواجهة ظروف الحرب واألزمات لما يتطلبه من عالقة
تعاونية بين السلطتين مما ينجر عنه البطء وعدم اإلسراع في اتخاذ الق اررات.
النظام الرئاسي
النظام الرئاسي هو النظام الذي ابتكرته وطبقته الواليات المتحدة األمريكية بضغط من حاجتها
المحلية المتمثلة في إتحاد الدول المستقلة عن التاج البريطاني ،فكان هذا النظام من أجل إيجاد
حل لمشكلة األمريكيين والمتمثلة في التوفيق بين المطالبة بالوحدة (االتحاد الفيدرالي)وبين تمسك
الدول المستقلة بحقوقها .
يختلف النظام الرئاسي عن النظام البرلماني اختالفا جوهريا في روحه وفي قواعده ميزته
األساسية تكمن فيما توصل إليه من التوفيق بين المبدأ الديمقراطي القائم على احترام الحقوق
والحريات وبين واقع الحكم الشخصي النافذ والمقيد بأحكام الدستور و عليه فعند وضع الدستور
األمريكي تم التوصل إلى أمرين:
األول :كيف يمكن إيجاد سلطة تنفيذية قوية تحرك الحكم وتدفعه؟
واقتنع واضعي الدستور بضرورة الحاجة إلى قائد قوي دون أن يتحول إلى طاغية ينتهك
الحقوق.
38
بعد أن تبنت الواليات األمريكية النظام الدستوري المتمثل في النظام الرئاسي بدأ يخرج من
نطاق إقليمها لينتشر في أمريكا الالتينية مع شيء في االنحراف في تطبيقاته العملية وعن قاعدته
التي عرفت في امريكا .ويعود السبب في ذلك الى انها (دول امريكا الالتينية)أقطار لم األصلية
تتوصل الديمقراطية فيها إلى الحد الذي تتجرد فيه عن األشخاص وانما بقيت مندمجة بزعامات
محلية.1
في أوربا لم يلق النظام الرئاسي نجاحا ألسباب سياسية ونفسية تتعلق بشعوب أوربا
وبتاريخها( .فشل التجربة األلمانية والفرنسية) لكن لم يمنع ذلك من وجود آثار النظام الرئاسي في
الدساتير األوربية التي يعود الفضل في اكتشافها إلى الواليات المتحدة األمريكية ،وهي :الثنائية في
البرلمان و نظرية الرقابة الدستورية على القوانين.
1ـ وحدانية (فردية ) السلطة التنفيذية :فرئيس الدولة هو رئيس الحكومة .فالرئيس ينتخب انتخابا
مباش ار من الشعب .فيمنحه ذلك التمثيل مركز ثقل فيصبح شخصا يسود ويحكم مما يضعه على
قدم المساواة من األهمية والنفوذ و السلطة مع البرلمان .2ومن ثم ال يوجد ما يسمى بمجلس
الوزراء وال وجود لق اررات و ازرية على نحو فردي اومشترك وانما يوجد معاونين للرئيس يتولون إدارة
أجهزة تعمل تحت إشراف الرئيس ومسؤولين أمامه ويكون الرئيس مسؤوال على اختيارهم أمام
الشعب.
تنتفي المسؤولية السياسية لرئيس الدولة أمام السلطة التشريعية واقتصارها على المسؤولية
الجنائية (الخيانة العظمى ) .حيث يملك مجلس النواب سلطة اتهام الرئيس ويملك مجلس الشيوخ
سلطة محاكمته .ولتفادي األخطار التي قد يؤدي إليها السلطان شبه المطلق لرئيس الدولة أن جعل
الدستور مدة والية الرئيس قصيرة ( 4سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة) .
39
2ـ الفصل الشديد بين السلطات :والمقصود بالشديد أن الفصل يكون إلى أبعد الحدود على عكس
الفصل المطلق الذي يتم بشكل نهائي وقاطع وتام.لذلك فقد فهم الفقهاء ومنهم العرب فهما خاطئا
مبدأ الفصل بين السلطات في النظام الرئاسي األمريكي كونه فصال مطلقا وجامدا ،فالتطور
العملي في الواليات المتحدة األمريكية ينسجم مع الفصل الشديد وليس المطلق .وان هناك
مجاالت للتعاون و للرقابة بين السلطات الثالث مع احتفاظ كل سلطة باستقالليتها في أداء
وظيفتها.
فالقاعدة العامة ال تعطي للرئيس حق حل البرلمان أو تأجيل وتعطيل أدوار انعقاده أو
التدخل في أعماله .كما ال يحق للكونجرس محاسبة ومساءلة السلطة التنفيذية ،على أعمالها
كتوجيه األسئلة أو اإلستجواب أو سحب الثقة وهذا يرسي قاعدة استقالل السلطتين التشريعية و
التنفيذية عن بعضها البعض.و رغم هذا االستقالل فان هناك جسو ار لالتصال بين السلطتين كحق
التوصية بإجراءات توجه للكونغرس من رئيس الدولة و كسلطة استخدام الفيتو ضد مشاريع القوانين
واعتراضه عليها.1
كما يحق للكونغرس مقابل ذلك أن يشرف على الوكاالت الفيدرالية وينشئها ويستدعيها للحصول
على المعلومات والتفسيرات.
3ـ سلطة قضائية ممثلة بالمحكمة العليا :تلعب المحكمة الفدرالية دو ار هاما في الحياة السياسية
األمريكية من خالل تأكيدها على مبدأ الشرعية والحكومة المقيدة بحماية الحقوق والحريات ومن
خالل مبدأ الرقابة على دستورية القوانين.
فمثال تراقب النص الدستوري الذي يحرم على الكونغرس أن يصدر قوانين تحرم المواطنين من
حقوقهم المدنية دون محاكمة .كما ال يحق للمحكمة أن تصدر فتاوى وأراء استشارية للسلطة
التنفيذية وال حتى مشورة قانونية تأخذ شكل الرأي االستشاري (حدث أن طلب وزير المالية ألكسندر
40
هملتون من المحكمة العليا أن تصدر فتوى تتعلق بمدى دستورية قرار أصدره مجلس نواب والية
فيرجينيا ،ورفضت ذلك ألن ذلك يقحمها في نشاطات تنفيذية وتشريعية ال يسمح لها الدستور بها).
1ـ يضمن االستقرار السياسي بصورة تكاد ال تحققها نظم أخرى والسبب يرجع إلى أن رئيس الدولة
المنتخب لمدة 4سنوات يعمل على تنفيذ سياسته دون أن يعزل أو تنتهي فترة الرئاسة او تسقط
حكومته ،عكس نظم أخرى تتعرض فيها الحكومات إلى هزات عنيفة بين الحين واآلخر .
2ـ قيامه على مبدأ الفصل بين السلطات والذي هو دعامة رئيسية لقيام الحكم الديمقراطي بغض
النظر عما اذا كان فصال مرنا او جامدا.
3ـ أنه هو األقدر على مواجهة األزمات والطوارئ ويرجع ذلك إلى السلطة الفعلية التي هي بيد
شخص واحد هو رئيس الدولة مما يسمح له باتخاذ الق اررات على نحو سريع دون الدخول في
مشاورات قد تؤدي إلى البطء الذي قد يعود سلبا على الدولة.
.4انه نظام ناجح في البلدان ذات التجربة الديمقراطية المتكاملة و التي يكون فيها مستوى النضوج
و الوعي السياسيين عاليا.1
1ـ الفصل بين السلطات بشكل يؤدي إلى الجمود هو أمر غير مرغوب ألن التعاون المتبادل
والتأثير والتأثر بين السلطات أمر ضروري ألنه يوفر للسياسات العامة قوة سياسية وأدبية اكبر مما
السلطتين. إحدى نظر وجهة لتمثل السياسات هذه لوجاءت
2ـعدم مسؤولية رئيس الدولة أمام الكونغرس باعتباره رئيس للسلطة التنفيذية تجعله يتصرف بحرية
الدكتاتورية. إلى يقود وهذا البرلمان، فعل لرد اعتبار دون
1ملزيد من املعلومات انظر:حممد كامل ابو ليلة،النظم السياسية،الدولة و احلكومة،اجلزء االول،دار الفكر العريب،1968،ص.597
41
3ـ عدم مسؤوليته تؤدي إلى إبعاده عن االنتقادات واالستجوابات ،والمفروض أن هذا اإلجراء
األخير فيه ضمان للكفاءة وتدارك لالخطاء.
ويسمى أيضا بالنظام المجلسي لتمركز جميع السلطات في يد جهة واحدة هي جمعية
ممثلي الشعب ( المجلس) ،فهو النظام الذي يبتعد عن نظرية الفصل بين السلطات ألنه ينبني
على فكرة أن المجلس الذي تتجلى فيه إرادة الشعب هو الذي يشرع وهو الذي يحكم وهو الذي
يقضي إن اقتضى األمر ذلك.
فالسلطة التنفيذية في هذا النظام هي سلطة منفذة ليس فقط للقانون الذي تسنه السلطة
التشريعية أو للسياسة التي يختطها البرلمان ،بل أكثر من ذلك فهي منفذة لكل قرار من ق اررات
المجلس ( الحكومة عندئذ مؤلفة ليس من وزراء وو ازرة وانما من منفذين إلرادة المجلس ومفوضين
عنه) كل مفوض يكون معينا من المجلس ومسؤوال أمامه ومعرضا لإلقالة من قبله ،فهو في هذه
الحالة بمنزلة موظف و هؤالء المفوضين يكونون مجموعة موصوفة بالحكومة ينشأ بينها إتجاه نحو
1
. التشاور وحتى التضامن.
يرى البعض الباحثين ان واقع الحياة السياسية يدل على أن نظام حكومة الجمعية عادة
ما يظهر في العهود الثورية و يصلح أوقات األزمات في حياة الدول ،ومن ثم فانه ال يصلح كنظام
للحياة العادية وذلك لتمركز جميع السلطات في جهة واحدة هي المجلس.
وقد حصل هذا في فرنسا إبان الثورة الفرنسية وسيطرة حزب الجبليين على المجلس وصدور دستور
1793اذا تمركزت جميع السلطات في يد مجلس متجانس بأرائه و متحد يسيره حزب منظم
تنظيما صلبا.
ومثال آخر ظهر في فرنسا لنظام حكومة الجمعية كان إثر ثورة عام .1848ولكن لم يثبت
نجاح هذا النوع من األنظمة في فرنسا فيما بعد الثورات.
42
أيضا نجد له تطبيقا في أعقاب الحرب العالمية الثانية في تركيا في دستورها الصادر عام 1934
بعد إلغاء مصطفى أتاتورك نظام الخالفة اإلسالمية.
ورغم ما يقال عن نظام حكومة الجمعية بأنه نظام تلجأ إليه الشعوب في بعض فترات
األزمات السياسية و أنه يصلح كنظام في الحياة الثورية اال انه يجد له تطبيقا مستق ار في اإلتحاد
السويسري حتى اآلن بموجب دستور عام 1848ومن ثم فهو ليس نتيجة ثورات و يصلح الوقات
الثورات دائما.
في سويس ار توجد الجمعية الفدرالية المؤلفة من مجلسين المجلس الوطني ومجلس الدول واللذين
تقوم أمامها سلطة تنفيذية ممثلة ،ليس بشخص واحد كرئيس الو ازرة وانما بالمجلس الفدرالي وهو
عبارة عن لجنة من األعضاء المفوضين ينتخبون من المجلسين في الجمعية الفدرالية و جميع
التصرفات الصادرة عن الهيئة التنفيذية تخضع الشراف و رقابة و توجيه الهيئة النيابية دون ان
يكون للهيئة االول حق االعتراض او التعقيب.1
في النظام المجلسي ترتكز الوظيفتان السياسيتان في يد البرلمان (الجمعية الفدرالية) وتتكون
هذه األخيرة من مجلسين أحدها يمثل الواليات واآلخر يمثل األمة مجتمعة وكليهما نيابيين وتنتخب
الجمعية لمدة 4سنوات .
الجمعية الفدرالية هي صاحبة االختصاص األصيل للتشريع والتنفيذ وتقوم بتفويض التنفيذ إلى ـ
المجلس الفدرالي (الحكومة) الذي يتكون من 7أعضاء من بين أعضاء الجمعية الفدرالية .تعينهم
الجمعية باالنتخاب ولمدة 4سنوات قابلة للتجديد.
ـ هذا المجلس الفدرالي مسؤول أمام الجمعية الفدرالية عن ممارسة التنفيذ الذي يمارسه باعتباره
مندوبا ومفوضا عن الجمعية وليس باعتباره صاحب االختصاص األصيل له.
43
ـ في حالة االختالف بينهما (الجمعية الفدرالية والمجلس الفدرالي) في أي موضوع فإنه يتعين أن
يتم التفسير لصالح الجمعية باعتبارها هي صاحبة االختصاص األصيل ،ويسأل أمامها سياسيا مما
يخولها سلطة طرح الثقة بأعضاء المجلس الفدرالي سواء بصفة جماعية أو فردية.
الجمعية الفدرالية ال تعين فقط المجلس وانما تعين رئيس الدولة باالنتخاب ولمدة عام قابل ـ
للتجديد ( من بين أعضاء المجلس الفدرالي ).وظائف الرئيس في النظام المجلسي شرفية وليست
لديه أية سلطات إزاء الجمعية الفدرالية.1
في النظام المحلي يوجد تداخل عضوي ووظيفي بين المجلس الفدرالي والجمعية الفدرالية (
حضور جلسات الجمعية كأعضاء فيها وللجمعية وسائل إلزام المجلس لاللتزام بتوجيهاتها كرفض
اإلعتمادات المالية الخاصة بسياسات المجلس وبرامجه).
ـ نتيجة للتداخل الوظيفي يتقدم أعضاء المجلس للجمعية باقتراح القوانين والمشاركة في العمل
التشريعي.
تقدير النظام المجلسي:من اهم عيوبه انه قد يؤدي الى استبداد الهيئة النيابية و طغيانها و يعد
هذا النوع من االستبداد من اكثر االنواع خطورة على الحقوق و الحريات و ان كتب له النجاح في
2
سويس ار فان سر هذا النجاح يرجع الى العقلية المحافظة لشعب هذه الدولة و حبه للنظام
يصف الفقيه موريس دي فارجيه،3النظام نصف الرئاسي بأنه نموذج متميز من العالقات
بين الحكومة والبرلمان واالنطباع األول عليه أنه أقرب للنظام البرلماني منه إلى النظام الرئاسي
لوجود سلطة تنفيذية منقسمة بين رئيس دولة وو ازرة برئاسة رئيس حكومة .هذه الو ازرة تكون مسؤولة
سياسيا أمام البرلمان .لكن الفارق األساسي بينه وبين النظام البرلماني يتعلق برئيس الدولة،
44
فعوض ا أن يكون ملكا وراثيا أو رئيسا منتخبا من البرلمانيين ،يكون رئيسا منتخبا باالقتراع الشامل
كما هو حال رئيس الواليات المتحدة األمريكية ،وهنا يتمتع رئيس الدولة المنتخب باالقتراع الشامل
بصالحيات قانونية واسعة أكبر بكثير من صالحيات رئيس الدولة في النظام البرلماني مما يمنحه
مرك از متفوقا بالنسبة لرئيس الوزراء وهذه هي خاصية النظام الرئاسي.
أشكال النظام نصف الرئاسي هي فرنسا منذ ،1958النمسا ،فلندا والبرتغال ،إيسلندا،
إيرلندا ،ألمانيا ولكنها كانت تجارب لم تستمر أغلبها طويال وكثي ار ما حدث انشقاق بين القواعد
الدستورية والممارسات الفعلية.
رئيس الدولة في النظام نصف الرئاسي يجمع بين االعتبار الرمزي والسلطة الفعلية .رئيس
الحكومة يتمتع ببعض الصالحيات الفعلية ويتقاسم بعض الصالحيات المهمة مع رئيس الدولة.
فرنسا :ومنذ أواخر القرن 18كانت تأخذ بالنظام البرلماني بكل خصائصه ثم اتجهت إلى تقوية
سلطات الرئيس (عهد ديغول) الجمهورية الخامسة ()1958فأقترب النظام الفرنسي (البرلماني) من
النظام الرئاسي وأصبح نظام نصف رئاسي.
تعرف االحزاب السياسية بأنها تنظيمات شعبية تستقطب الرأي العام و تستهدف تولي السلطة
1
لذلك فان وجود أحزاب في الحياة السياسية يعتبر تأكيدا للممارسة الديمقراطية ،لذلك في الدولة
من الممكن أن توجد أحزاب سياسية دون ان توجد ديمقراطية .لكن ال يمكن أن توجد وتطبق
ديمقراطية دون وجود أحزاب سياسية .وعليه فإن للظاهرة الحزبية في النظم النيابية الليبرالية كالنظام
الرئاسي و النظام البرلماني دو ار كبي ار و خطي ار في التأثير على الحياة السياسية وعلى الهياكل
الدستورية للنظم السياسية.
45
المالحظ ان معظم الدساتير ال تشير إلى األحزاب السياسية كمؤسسات غير رسمية ذات
نشاط في الساحة السياسية،1ومن ثم فإنها قوى سياسية فعلية (تنشأ نشأة بعيدة عن الدستور) تهدف
للوصول إلى الحكم أو المشاركة فيه من خالل حصولها على عدد من المقاعد في المجالس
النيابية (المنتخبة) والحزب الذي يحصل على أغلبية المقاعد في البرلمان يشارك في عملية صنع
السياسات العامة لمجتمعه ،بينما الحزب الذي ال يحصل على هذه األغلبية يكتفي بأن يمثل
معارضة.
يطلق نظام تعدد األحزاب على الدول التي يسودها حزبين فأكثر ويكون لها القدرة على
المنافسة السياسية والتأثير على الرأي العام ،فهو نظام يعكس التناقضات السياسية واالجتماعية
تأثير كبي ار في النظام السياسي الذي يسود فيه .و هنا يتجسد مفهوم
ا واالقتصادية مما يجعله يؤثر
المعارضة .قد يؤدي نظام تعدد األحزاب إلى صعوبة الحصول على أغلبية في المجلس ،األمر
الذي يجعل عملية الوصول إلى السلطة عملية شاقة ومعقدة في الوقت نفسه ،وعليه ففي هذا
النظام (التعدد الحزبي )2و عند عدم الحصول على االغلبية البرلمانية تكون الدول مرغمة ألن تلجأ
إلى تكوين حكومات إئتالفية لتكوين أغلبية برلمانية تمكنها من البقاء في الحكم مدة أطول وان
صدق هذا على النظام الذي به أكثر من حزبين فان األمر في ظل النظام الحزبي الثنائي يختلف
اذ كثي ار ما يحول دون الوقوع في األزمات الو ازرية.
1أحسن مثال على الدساتري اليت ال تشري إىل األحزاب السياسية جند الدستور األمريكي و للعلم فان األحزاب السياسية مبفهومها احلديث
هي ظاهرة حديثة النشأة و لكن هلا أصول تارخيية تتمثل يف اجتاهات الرأي و النوادي الشعبية و مجعيات الفكر و اجملموعات الربملانية ،ملزيد
من املعلومات أنظر ماجد راغب احللو ،املرجع السابق ،ص298
2التعددية احلزبية هلا مفهومني:املفهوم الواسع و الذي يعين حق اي جتمع يف التعبري عن نفسه و خماطبة الرأي العام بصورة مباشرة على ضوء
التناقضات اليت حيويها كل جمتمع من النظم السياسية اما الضيق فيشري اىل وجود ثالث احزاب فاكثر كل منها قادر على املنافسة السياسية
و التأثري يف الراي العام.
46
في النظام البرلماني ال تستطيع الحكومة البقاء في الحكم دون حصولها على ثقة األغلبية
البرلمانية ،األمر الذي يتوجب معه اختيار أعضاء الحكومة من حزب األغلبية في البرلمان.
غير أن وجود نظام تعدد األحزاب في النظام البرلماني يحول دون حصول حزب واحد
على تلك األغلبية مما يجعل الحكومات المعايشة لهذا النظام هي حكومات إئتالفية تضم أحزابا
مختلفة ،وهذا ال يوافق أصول النظام البرلماني القائم على توافر عنصر التجانس بين أعضاء
الحكومة( .المعروف أن رئيس الحكومة مع طاقمه الوزاري المتجانس في األفكار هو صاحب
السلطة الفعلية وهو الذي يرسم السياسة العامة للدولة) ،وهذا ما ال يتطابق مع نظام تعدد األحزاب
ومع الحكومة اإلئتالفية التي قليال ما يكون االتفاق بين أعضائها وكثي ار ما يكون الخالف الذي قد
يؤدي إلى حل اإلئتالف وتفكك الحكومة وبالتالي سقوطها).
ولذلك فإن النظام البرلماني المتعدد األحزاب يوصف بعدم االستقرار الوزاري ومن ثم يختل
التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لصالح األولى (التشريعية) ويصبح رئيس الحكومة منفذا
لما تصل إليه األحزاب المؤتلفة.
ان نظام تعدد األحزاب يؤدي الى صعوبة حصول أحدها بمفرده على األغلبية البرلمانية
واذا ارتبط النظام الرئاسي بنظام التعدد الحزبي فان ذلك يؤدي الى برلمان مفكك وضعيف بسبب
توزيع مقاعد البرلمان بين عدة أحزاب وهنا رئيس الدولة يستطيع أن يكتسب نفوذا وتأثي ار أكبر في
سير العملية السياسية باإلضافة إلى ما يتمتع به من سلطات واسعة بموجب انتخابه من الشعب
مباشرة و مستمدة من الدستور ذاته.
الثنائية الحزبية نوع من تعدد األحزاب ،ولكنه من حيث التطبيق العملي ينتهي إلى تجميع
األطراف المتنافسة حول حزبين كبيرين .يستطيع أحدهما وبصفة مستمرة الحصول على األغلبية
47
البرلمانية وتشكيل الحكومة بينما يبقى الحزب اآلخر ممثال للمعارضة الحقيقية ،المتجانسة
الفعالة.1وبهذا المعنى فإن العملية السياسية تبقى قائمة على فكرة التناوب المستمر بين الحزبين.
تختلف آثار الثنائية الحزبية في النظام الرئاسي بحسب نوع األغلبية البرلمانية ،فيما إذا
كانت تنتمي إلى حزب الرئيس أم إذا كانت تنتمي إلى الحزب المنافس لحزب الرئيس وفيما إذا
كانت ثنائية مرنة أم جامدة.
الفرض األول:انتماء األغلبية البرلمانية لحزب رئيس الدولة في ظل ثنائية حزبية جامدة فإن
هذا األمر يؤدي إلى سيطرة مطلقة للرئيس ،ألن وحدة الحزب الحاكم سوف تقيم جسو ار من التفاهم
مما يؤدي إلى إقامة عالقة عميقة بين السلطتين (التشريعية والتنفيذية).
الفرض الثاني :انتماء األغلبية البرلمانية إلى الحزب المنافس لحزب الرئيس وفي ظل ثنائية
حزبية جامدة دائما .فإن األمر هنا يؤدي إلى تطبيق مبدأ الفصل بشكل جامد والمطلق بين
السلطتين مما يؤدي إلى شل كل من سلطات الرئيس وسلطات البرلمان.
أما إذا كانت الثنائية الحزبية مرنة ،فإن هذا النظام (النظام الثنائية الحزبية المرنة)
يعد بمثابة الوسيلة الفعالة والمفيدة في النظام الرئاسي ألنه يمنع الرئيس من التسلط على البرلمان
حتى ولو كان حزب الرئيس ليس هو صاحب األغلبية البرلمانية وهذا ماهو سائد في الواليات
المتحدة األمريكية .فالرئيس يستطيع أن يحصل على أصوات من الحزب المنافس صاحب األكثرية
من أجل تمرير القوانين التي تكون ضرورية لتنفيذ سياسته.
النظام البرلماني يتميز بثنائية السلطة التنفيذية ،ورئيس الدولة يختار رئيس وأعضاء الحكومة
من حزب األغلبية في البرلمان .و في ظل نظام الحزبين يكون هناك نوع من التالزم الحتمي بين
نتيجة االنتخابات البرلمانية وتشكيل الحكومة ،حيث يكون للحزب الفائز باألغلبية في البرلمان
48
الحق في تشكيل الحكومة مما يضمن له سيطرته على السلطة التنفيذية وأجهزتها عن طريق
الحكومة التي يشكلها من أعضائه ومن ثم فان الثنائية الحزبية تأتي على قمة العوامل المؤثرة
ايجابيا في النظام البرلماني
و نستخلص ان النظام البرلماني يتطلب توافر الثنائية الحزبية الجامدة كونها تعطي نتائج جيدة
لهذا النظام تتمثل في االستقرار السياسي.
المعارضة في ظل التعددية الحزبية سواء في النظام البرلماني او الرئاسي فانها تفتقر إلى جهاز
ينظم عملها فكثرة األحزاب وتنافسها وتباين برامجها يؤدي إلى عدم قدرة المعارضة على توحيد
وجهة نظرها مما يؤدي إلى تحرر الحكومة من الرقابة.
أما المعارضة في ظل الثنائية الحزبية تؤدي دورها بشكل واضح و في كال النظامين الرئاسي
و البرلماني ألنها تبقى متزنة وغير مبالغة في دعايتها الموجهة الى الرأي العام ،معتدلة في
انتقاداتها للحزب الحاكم ،وهذا االعتدال تفرضه فكرة التناوب ،فالمعارضة هي حكومة المستقبل بعد
أن تصبح أكثرية .بل ان نظام الثنائية الحزبية يضفي على المعارضة ما يشبه صفة الوظيفة
العامة.1
األنظمة التسلطية
يقابل النمط الديمقراطي نمط يعرف باألنظمة التسلطية وضمن هذه األخيرة نجد:
2ـ الدكتاتوريات االشتراكية (منظومات بلدان أوربا الشرقية) وبين هذين النوعين فروقا شاسعة من
الوجهة العقائدية والسياسية واالجتماعية واالقتصادية بالرغم من التشابه القائم فيما بينها من حيث
1عندما يقوم حزب األقلية بدور املعارضة يف مواجهة حزب األغلبية اليت تتوىل احلكومة فان زعيم املعارضة يف اجنلرتا مينح راتبا من خزانة
الدولة و يسمى :زعيم املعارضة حلكومة جاللة امللكة
49
بنائها ،فاألنظمة التسلطية بأنواعها ترفض فكرة الدولة الحارسة وتؤمن بفكرة شمول سلطات الدولة
لكل جوانب الحياة اإلنسانية ،هي أنظمة مبنية على مبدأ الحزب الواحد في الدولة وأن المعارضة
ممنوعة.
مفهوم الدكتاتورية:
الديكتاتورية هي انفراد فرد أو بعض األفراد بسلطات الحكم دون الرجوع الى الشعب وكثير ما
يرتكز اتخاذ القرار بيد الفرد او البعض و يستوي أن تؤول السلطة بالقوة (عن طريق الثورة أو
االنقالب) أو بالوراثة أو حتى بالطرق الديموقراطية المزيفة حين يستحوذ على السلطة و يستمر
فيها بغير سند شرعي حقيقي و ضد ارادة الشعب .إن الديكتاتورية تعبير ترجع أصوله إلى
الالتينية ،وكثي ار ما تتطابق الديكتاتورية مع النظام االنتقالي بهدف الحفاظ على الدولة في وجه
ظروف استثنائية ،ولكنها عندما تقوم فإنها تنزع إلى االستم اررية ،الديكتاتورية في روما تعتبر ان
من يتولى الحكم يدعي ديكتاتور و يتم بناء على طلب من الشعب ،فتنحصر السلطات جميعها
بشخصه وذلك في األوقات الصعبة التي تتعرض فيها روما إلى عدوان خارجي أو الثورة الداخلية،
ومن ثم فإن الدكتاتورية في ذلك الوقت كانت عبارة عن وظيفة دستورية يمارسها من يختاره الشعب
لهاو هي ممارسة مؤقتة (لمدة 6أشهر) لحماية الدولة و لكنها في العصر الحديث اخذت منحنى
اخر.
وقد تجلت الديكتاتورية فيما بعد في ظل األنظمة اإلقطاعية في شكل الملكية المطلقة إلى أن
وصلت إلى ما عليه في العصور الحديثة من أنظمة عسكرية وأخرى مذهبية .وعليه فان من بين
خصائص األنظمة الديكتاتورية :تقييد الحقوق و الحريات العامة ،تأييد الحزب الواحد ،اتباع أسلوب
العنف ،استئشار بالحكم.
50
1ـ األنظمة الدكتاتورية الرأسمالية:
هي أنظمة ديكتاتورية ألنها ال ترتكز على االنتخابات الحرة وانما على القوة ،وأن الحاكم ال
يستطيع المواطنون إبعاده عن الحكم كونه غير منتخب من الشعب .وهي رأسمالية ألنها ترتكز
على الملكية الفردية لوسائل اإلنتاج والبعض منهايتطابق مع بنية اإلقتصاديات الزراعية ،وهي
تصنف بدورها إلى فئتين:
أ ـ المنظومة السياسية القديمة والتي كانت األكثر انتشا ار في العالم منذ القدم حتى القرن 19وقبل
الثورات الديمقراطية 1وتتمثل في منظومة الملكيات التقليدية ،حيث ترتكز السلطة على الوراثة.
ولكنها اليوم أصبحت مخلفات تاريخية حيث أصبح الملوك رمو از دون سلطات وان وجدت فإنها ال
تزال إال في بعض البلدان المتخلفة .أو أن الملكيات الوحيدة الباقية في البلدان المتطورة هي
الملكيات البرلمانية (بريطانيا) والى جانب ذلك تظهر الملكيات المعاصرة :وهي قليلة جدا يقل
عددها من سنة لسنة تستند إلى الدين (ملكيات تيوقراطية).
ب_الديكتاتوريات الفاشية :وهي تلك الديكتاتوريات القائمة في البلدان المرتكزة على الملكية
الخاصة لوسائل اإلنتاج ،ترتكز على الحزب الواحد ،الذي يقوم بنشر نظرية النظام ،وعلى القمع
والعنف والجيش والبوليس ،فهي ليست أنظمة معترف بمشروعيتها (النظام الذي يضطر إلى
االستناد إلى القوة وحدها والى اللجوء إلى العنف على نحو واسع فهو ذلك النظام المحروم من
المشروعية ).
وبصورة عامة تطلق تسمية فاشية على جميع الديكتاتوريات الرأسمالية ذات الحزب الواحد
سواء فاشية إيطاليا التي ابتكر موسيليني نظريتها أو نازية ألمانيا الهتلرية التي كانت مستندة إلى
2
هذه األنظمة تعتنق رسميا النظريات العنصرية وفرانكية في إسبانيا ،ونظام سالزار في البرتغال
غير المساواتية وتنسحب إلى إعطاء السلطة لشخص مخلص محاط بنخبة.
51
أنها أنظمة التؤمن بسيادة القانون وال بضرورة خضوع السلطة للقواعد القانونية القائمة .
كما ال توجد معارضة وال تعددية حزبية وانما يوجد حزب واحد يؤمن بشخص الزعيم والتعصب
للنظام ،ومن ثمة ال توجد أي حرية سياسية لألفراد ،فاألفراد ليسوا هم غرض الدولة وانما هم
1
خادمين لها
2
ـ أنها أنظمة تؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة ولو كانت منافية لمبادئ األخالق
-2األنظمة االشتراكية
من خصائص األنظمة االشتراكية أنها أنظمة كليانية تسيطر على كل نواحي نشاط و حياة
األفراد وأن الحرية الفكرية غير مسموح بها و يطلق عليها :األنظمة االشتراكية ،األنظمة الماركسية
والبعض اآلخر يسميها بالديمقراطية الماركسية والبعض اآلخر يسميها بالديكتاتوريات االشتراكية،3
وهذه األخيرة هي التي يثبتها الفقيه الفرنسي موريس دي فارجيه بقوله " :جميع األنظمة االشتراكية
الحالية 4هي ديكتاتوريات ،ومما يثبت استحالة وجود أنظمة اشتراكية ديمقراطية ما يلي:
-1في النظم الماركسية ال توجد تعددية سياسية وال توجد حرية فكرية حقيقية ألن االتجاه
السياسي هو اتجاه رسمي واحد غير قابل للتعدد هو الفكر االشتراكي الشيوعي الماركسي
الليني ،فالحرية هي في اتجاه واحد نحو تطبيق هذا الفكر االشتراكي األوحد.
-2النظم االشتراكية ال تعترف بالتعددية الحزبية ،فال يوجد في الدولة إال حزب واحد والذي له
ح ق التعبير عن الفكر الواحد وهو الفكر االشتراكي ،وال يمكن أن ينازعه حزب آخر ،فعدم
التعددية السياسية توازيها عدم التعددية الحزبية ( وحدة االتجاه االشتراكي يوازيه وحدة
الحزب )
52
-3في النظم الماركسية االنتخابات شكلية ال توجد حرية في الترشيح ،ألن الحزب الشيوعي
الواحد هو الذي يرشح وحده لمختلف المناصب النيابية فال حرية للناخب ألن ليس أمامه
1
إال مرشح واحد اختاره الحزب ولذلك فإن نتائج االنتخابات تقارب اإلجماع
وعليه فان السمة المشتركة لكل األنظمة االشتراكية هي الجمع بين بنية تسلطية ديكتاتورية و
مؤسسات ديمقراطية مستوحاة إلى حد ما من األنظمة الليبرالية ،فهي ترتكز على االقتراع الشامل،
وعلى وجود برلمانات وعلى دساتير و إعالنات حقوق ،ولكن النظام السياسي الفعلي هو مختلف
تماما عن المؤسسات التي يقيمها .ومن تلك العيوب أصبحت النظم الماركسية تتجه نحو
الديمقراطية السياسية الحرة القائمة على التعددية الفكرية والسياسية
إن هدف الدولة اإلسالمية و غايتها يتمثالن في إقامة المجتمع المسلم بكل معالمه التي
تحددت في الكتاب و السنة و من ثم فان المطلوب من السلطة السياسية في المجتمع اإلسالمي
ان تكون ملتزمة في أدائها لوظائفها بما هو محدد من قيم و مبادئ في كتاب اهلل و سنة رسوله إذ
تكون وظيفة الخليفة(رئيس الدولة اإلسالمية) إقامة الدين و رعاية مصالح المحكومين من مسلمين
و غير مسلمين و عليه ،فان شرعية السلطة في الدولة اإلسالمية مرهونة في قيامها و في
1حممد رفعت عبد الوهاب ،القانون الدستوري ،منشأة املعارف،االسكندرية ،ص 198
2امحد حممد املومين،نظام احلكم يف االسالم،السياسة الشرعية،دار جمدالوي للنشر،االردن،2007،ص.12
3املرجع نفسه،ص 12
53
استم ارريتها بالتزامها بالعمل على تحقيق تلك الغاية أو ذلك الهدف النهائي(شرط ابتداء و شرط بقاء
لوالية الحكام) للدولة اإلسالمية.1
يختص النظام السياسي في اإلسالم الذي استنبطت أحكامه و قيمه من الكتاب و السنة عن
غيره من األنظمة السياسية المعاصرة بعدة خصائص و منها:2
أوال :الربانية و تعني أن اإلسالم نظام رباني المصدر و من تصوير شريعة إلهية و أن هذا هو
نقطة االفتراق بينه و بين جميع النظم الوضعية األخرى.
ثانيا :الواقعية و تعني أن اإلسالم يقرر رغبات اإلنسان و يقف عند مجرد تطويعها لخير الفرد و
خير الجماعة،فإذا كانت السلطة رغبة في التسلط على اآلخرين فان اإلسالم طوعها حتى ال يستبد
القائمون عليها و في الوقت ذاته يأمر بطاعة القائمين عليها،الن ذلك ضرورة يقتضيها قيام
المجتمع و استم ارره و لكن هذه الطاعة مرهونة بالتزام أولي األمر بشريعة اإلسالم و قيمه.
ثالثا :الشمولية و العمومية:اإلسالم نظام يجمع بين شؤون الدنيا و الدين و يوازي بين الجانبين
الدنيوي و األخروي فهو دين و دولة كما انه يشمل جميع مجاالت حياة اإلنسان على اختالف
الزمان و المكان.
تعد األمة في االسالم هي صاحبة الحق في اختيار الخليفة أو الحاكم و مبايعته،و أن
اإلسالم ترك هذا األمر لألمة تتصرف فيه ضمن دائرة العدل و الشورى،و قد وردت عدة أقوال عن
أبي بكر رضي اهلل عنه تفيد أن األمة هي صاحبه الحق في اختيار اإلمام و منها قوله عندما
خطب في اليوم الثالث من مبايعته:أما بعد أيها الناس إن الذي رايتم مني لم يكن حرصا على
54
واليتكم،و لكن خفت الفتنة و االختالف و قد رددت أمركم عليكم فولوا من شئتم،فقالوا":لن نقيلك.1
و مفاد ذلك أن األمة تنصب اإلمام لحراسة الدين و سياسة الدنيا و لها أن تفسخ العقد الذي تبرمه
مع الحاكم إذا لم يحقق أغراضها (اقامة الدين،تحقيق مصالح العباد) و في مقابل ذلك أن العقد
ملزم لألمة بالطاعة المشروطة بالمعروف و بغير معصية اهلل سبحانه و تعالى ،و عزل الحاكم
يكون سلميا بالتدرج قبل الخروج عليه بالسيف و قد خلع معاوية الثاني نفسه من الخالفة،لما رأى
نفسه عاج از عن القيام بمتطلباتها.
ايضا فان من عظمة اإلسالم أن اوجب القران الكريم الشورى ،رغم انه لم يضع لها تفصيالت
أو تطبيقات محددة ملزمة بذاتها .إذ جعلها اإلسالم أصال عاما لكل شؤون المسلمين،يجب أن
يستعان بها دائما إذا اتصل األمر بالشؤون الدنيوية أو الدينية و هي في جميع الحاالت عاصم من
االستبداد. 2و عليه فان مبدأ الشورى في اإلسالم يمثل المدخل للتنظيم الديمقراطي في الحكم و
اإلدارة .و حينما توفي الرسول(ص) لم يوصي بالخالفة ألي شخص كان و لم يذكر شيئا لبيان
حكم من األحكام المتصلة بالخالفة ،3و الواقع يبين انه ال يوجد في القران الكريم أو السنة النبوية
نصا صريحا يوجب إقامة نظام الخالفة أو يشير إلى شيء من أحكامها،و هذا يعني بالضرورة أن
اختيار هذا الشخص ال بد أن يقع على عاتق األمة باعتبارها هي صاحبة السلطة و ال يوجد بديل
عن هذا االختيار إال مفهوم الشورى و البيعة ،و يتضح ذلك من استعراض ما تم السير بمقتضاه
من قبل الخلفاء الراشدين الذين لجؤوا إلى الشورى في اختيار الخليفة 4إذ كان انتقال السلطة من
خليفة ألخر يتم بالتشاور و ما االختيار الذاتي من طرف أبي بكر الصديق رضي اهلل عنه بعهد
الخالفة من بعده إلى عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه إال اختيار معلق على بيعة الناس و يجد
شرعيته في هذه البيعة.
السلطات في اإلسالم:
55
بالنسبة للسلطة التشريعية فان مفهومها في اإلسالم يختلف عن مفهومها في الفكر الدستوري
الحديث و المعاصر اختالفا كليا ،فمفهوم التشريع في اإلسالم يقتصر على استنباط األحكام من
القران و السنة .وال مشرع إال هلل تعالى و ال حاكم إال هلل ،و مهمة المجتهدين تتضح في بيان و
إظهار الحكم و الكشف عنه ،و يمكن القول أن التشريع في الحقبة األولى من حياة الدولة
اإلسالمية انحصر في الرسول عليه الصالة و السالم إما تبليغا مباش ار من ربه(القران الكريم) أو
بطريق غير مباشر(السنة النبوية). 1
أما السلطة التنفيذية فهي تشمل جميع العاملين الذين يقومون بتنفيذ إرادة الدولة و قوانينها.
تكون الهيئة الحاكمة مقيدة بأحكام الشرع و تعمل على تنفيذ األحكام الشرعية على جميع رعايا
الدولة على حد سواء ،فسلطة الحاكم في النظام اإلسالمي سلطة تنفيذية تنحصر في اإلشراف على
تنفيذ األحكام الشرعية نيابة عن األمة و إذا حادت السلطة عن هذه الوظيفة،فمن حق األمة
مراقبة و محاسبة الحاكم بل عزله و الخروج عليه.2
في حين فان السلطة القضائية و كما عرفها الحنفية بأنها":الحكم بين الناس بالحق و الحكم
بما انزل اهلل"كما عرفت بأنها "قول يصدر عن والية عامة".
يعد القضاء من أعظم الفروض و اجلها خط ار في اإلسالم و قد كان الرسول(ص) أول قاضي
يتولى الفصل في الخصومات و الحكم بما انزل اهلل تعالى.
و من ذلك فان مهمة السلطة القضائية هي إقامة العدل بين الناس و الحكم في المنازعات و
الخصومات و الجرائم و المظالم و استيفاء الحقوق ممن مطل بها ،و إيصالها إلى
مستحقيها…الخ،و يوجب اإلسالم على القضاة اال يجعلوا احد عليهم سلطانا في قضائهم،و أال
يتأثروا بغير الحق و العدل و أن يتجردوا عن الهوى،و أن يسووا بين الناس جميعا.3
1سليمان حممد الطماوي،السلطات الثالث يف الدساتري العربية املعاصرة و يف الفكر السياسي اإلسالمي،دار الفكر
العريب،1996،ص.332
2امحد حممد املومين،مرجع سابق،ص.69
3عثمان مجعة ضمريية،النظام السياسي و الدستوري يف اإلسالم،جامعة الشارقة،2007،ص .253-252
56
57
مؤسسات النظام السياسي
و بهذا فان المؤسسات غير الرسمية (االحزاب السياسية وجماعات المصالح و غيرها)
تؤدي الى جانب المؤسسات الرسمية (التنفيذية-التشريعية-القضائية) دو ار هاما في صنع الق ار ارت
السياسية و السياسات العامة .اذ ان السماح بوجود فئات و تنظيمات و منظمات اجتماعية و
اق تصادية و سياسية تعمل على تلبية مصالحها و مصالح كل المنتظمين فيها و تساهم بشكل
مباشر او غير مباشر في اتخاذ القرار السياسي ،يوحي بالطبيعة الديمقراطية للنظام السياسي،و اذا
ضاق دورها و اصبح هامشيا فانها تصبح دون ذي جدوى و هذا حال الدول المتخلفة.
مما سبق يمكن القول ان المؤسسات و البنى السياسية المألوفة داخل النظام السياسي هي
المجالس التشريعية(البرلمانات)،السلطات التنفيدية،المحاكم و االجهزة القضائية و كذا االحزاب
السياسية و الجماعات المصلحية تنظم هذه المؤسسات و تؤدي وظائفها بطرق مختلفة من بلد
الخر.
المؤسسة التشريعية:
1مجال سالمة علي،النظام السياسي و احلكومات الدميقراطية،دراسة تاصيلية للنظم الربملانية و الرئاسي ّة،دار النهضة
العربية،2007،ص.277
2غربيال املوند،جنام بويل،ترمجة حممد زاهي بشري املغرييب،منشورات جامعة قاريونس،ليبيا،1995،ص.24
3املرجع نفسه،ص.24
4مها عبد اللطيف احلديثي،حممد عدنان اخلفاجي،مرجع سابق،ص.3
58
تعد البرلمانات من اهم معالم المجتمع الديمقراطي النها تجسيد لقيم و مبادئ السيادة
الشعبية و الحرية و المساواة .و تظهر اهميتها في كونها المؤسسة التمثيلية(النيابية) في الدولة اذ
انها تجد سند شرعيتها في اختيارها من قبل الشعب ،كما يقع عليها في مقابل ذلك عبء تمثيل
االمة و تجسيد ارادتها العامة احسن تمثيل و تجسيد بواسطة ما تضعه من قوانين و تشريعات يلزم
االفراد باحترامها.
يعود ظهور البرلمانات الى فكرة النيابة عندما تعذرت ممارسة الديمقراطية المباشرة،حيث
نشأ النظام النيابي في انجلت ار و مر بمراحل طويلة الى غاية ما وصل اليه اليوم.1
و بخصوص تكوين البرلمانات فان األنظمة السياسية تتباين فيما بينها من حيث تكوين
برلماناتها ،فمن الدول من يوجد بها برلمان مكون من مجلس واحد (غرفة) ومن الدول من يكون
برلمانها مكون من مجلسين (غرفتين) وقد كان الصراع شديدا في بداية القرن العشرين حيث كان
يتنازع أتباع ثنائية التمثيل مع أتباع أحادية التمثيل.
والبرلمان المكون من مجلس أو مجلسين يضم كل واحد منه عددا من األعضاء ،ويتمتع
هذا المجموع بسلطات تقريرية متفاوتة األهمية ،تنشأ في األصل لتمثيل المواطنين يسمى المجلس
األول بالغرفة األولى أو بمجلس النواب أو الجمعية الوطنية أو مجلس العموم أو مجلس الشعب.
أما المجلس الثاني فيسمى بالغرفة الثانية أو العليا أو المجلس األعلى أو مجلس الشيوخ ،أو مجلس
األعيان ،مجلس اللوردات ،المجلس الفيدرالي ،مجلس األمة أو المستشارين وغيرها من المسميات.
يختلف المجلسين المكونين للبرلمان الواحد من حيث التكوين ومن حيث مدة العضوية
ومن حيث عمر النائب ومن حيث عدد األعضاء ومن حيث االختصاص.
فمن حيث التكوين يختلف المجلس األول عن المجلس الثاني حيث أن األول والمسمى
بمجلس النواب والذي يعتبر الممثل الحقيقي لإلرادة الشعبية ،يتم انتخاب أعضائه (أعضاؤه
منتخبون) إال أنه واستثناء قد يتم تعيينهم (حال دستور الكويت ومصر في فترة من الفترات).
أما المجلس الثاني فيتم اختيار أعضائه إما عن طريق الوراثة أو التعيين أو االنتخاب
على درجتين (فرنسا) وقد يتم اختيار أعضائه باالنتخاب على درجتين والتعيين في ذات الوقت
(الجزائر).
59
أما من حيث عمر النائب فإن المجلس المنتخب (األول) يكون أعضاؤه أقل سنا عن سن
أعضاء المجلس الثاني ،هذا األخير الذي يضم ما يسمى بالشيوخ أو األعيان.
ومن حيث مدة العضوية فهي أقصر في المجلس المنتخب عن المجلس الثاني وذلك حتى
يتمكن الشعب من مراقبة ممثليه باستمرار.
يبرر أنصار المجلس الواحد وجهات نظرهم بأن نظام المجلس الواحد يكفل السرعة في
اتخاذ التشريعات الالزمة في الوقت الالزم أيضا أنه يقضي على احتمال االنقسام بين أعضاء
المجلسين أما أنصار المجلس الثاني فيرون أن من مميزات نظام المجلسين ،تحقيق التوازن ومنع
االنفراد بالسلطة التشريعية وهذا ما يظهر في الدولة الفيدرالية إذ يوجد مجلس يمثل شعب االتحاد
ومجلس ثاني يمثل الواليات بعدد متساو.
أيضا يمتاز بكونه يكفل عدم التسرع في سن القوانين حيث يتدارك أحدهما النقص الذي
أغفله اآلخر ،كما يتدخل أحدهما لتهدئة الوضع في حال قيام خالف بين أحدهما والسلطة
التنفيذية.
ما تجدر المالحظة إليه هو وجوب التمييز بين المجالس الثانية السياسية 1والتي هي محل
هذه الدراسة وبين المجالس الثانية االقتصادية.
ونموذجها البرلمان اإلنجليزي ممثال في مجلس اللوردات ،ويعود تاريخها إلى القرن الرابع
العشرميالدي حيث مكنت الطبقة األرستقراطية (النبالء واألشراف) من تمثيل نفسها في البرلمان
بعد ثورة على الملوك أدت إلى توقيع الميثاق األعظم سنة .1215
في الوقت الحاضر ونتيجة تطور الفكر الديمقراطي بدأت هذه المجالس تفقد وجودها في
بعض الدول (الدانمارك والنرويج) وتقل اختصاصاتها وتضيق في البعض اآلخر (بريطانيا).
وهي نتيجة طبيعية ومالزمة لشكل الدولة الفيدرالي أو المركب ،فوجود عدد من الدويالت
يفرض على الدولة الفيدرالية إيجاد مجلس يضمن تمثيال ألعضائها .وهكذا فالبرلمان الفيدرالي يضم
60
مجلس أول يمثل صورة وحدة الدولة ويتكون من مجموع الشعب ومجلس ثاني يمثل كل والية
بمفردها.
ظهرت واتسعت بسبب التراجع التدريجي للمجالس الثانية األرستقراطية ،إذ تعتمد هذه
المجالس الثانية الديمقراطية على نظام االنتخابات سواء المباشرة أو غير المباشرة.
ظهرت كطريقة لتمثيل أصحاب المهن إذ حاولت األنظمة الفاشية القضاء على التمثيل
السياسي لحساب التمثيل المهني ،كما طبقت في األنظمة االشتراكية التي تقوم على فكرة االقتصاد
المخطط .وهكذا حاولت هذه األنظمة استبدال التمثيل السياسي بتمثيل المهن وانشاء مجلس
اقتصادي ينوب مناب برلمان سياسي.
وظيفة هذه المجالس تمثيل جميع العمال في المجالس للمشاركة في تحضير ووضع
المخططات وهذا لضمان تمثيل المنتجين والنقابات ومشاركتهم في تكوين السياسة االقتصادية أين
يخضع االقتصاد للتخطيط.
-1الوظيفة التشريعية :يقوم البرلمان بإعداد النصوص القانونية بعد دراستها من طرف
اللجان المختصة ومناقشتها مع الحكومة واعداد تقرير حولها يعرض على النواب للتصويت عليها،
61
وعند حصولها على األغلبية المطلوبة ترسل إلى رئيس الدولة إلصدارها ونشرها ويعد هذا
االختصاص أصيال ومطلقا في وقت من األوقات ،غير أنه لم يعد البرلمان المستحوذ الوحيد على
الوظيفة التشريعية في الوقت الحالي بل تشاركه فيها المؤسسة التنفيذية سواء عن طريق التفويض
أو بإقرارها لها في الدستور ومن ثم أصبحت اختصاصات البرلمان محددة ومقيدة إذ يجب أن
تقتصر على وضع المبادئ واألسس العامة دون التعرض للتفاصيل إال إذا نص الدستور صراحة
على غير ذلك ،وهذا معناه ترك المجال واسعا أمام المؤسسة التنفيذية بالتدخل بواسطة التنظيم
(المراسيم والق اررات) لشرح كيفيات تنفيذ أو تطبيق تلك المبادئ واألسس أو التأخر في إصدار
النصوص التنظيمية المتعلقة بكيفيات تنفيذ أو تطبيق القانون ،وهذا يضعف من مكانة البرلمان
أمام الحكومة (السلطة التنفيذية).
الصالحية المالية:
تنطوي على تحديد رقم النفقات السنوية للدولة وتقرير الوسائل اآليلة لمواجهتها بتصويته
على الميزانية (أي أن يضع البرلمان الحدود المالية لنشاط الحكومة) وال يمكن للحكومة أن تدفع
أي نفقة خارج االعتمادات التي يخصصها البرلمان ،وعليه فللبرلمان حق مراقبة المؤسسة التنفيذية
في كيفية تحصيل األموال وصرفها وذلك عن طريق إقرار الميزانية ومراقبة الحساب الختامي لها
حتى يتأكد البرلمان من أن الحكومة قامت بتنفيذ الميزانية الموافق عليها على الوجه المقرر.
والرقابة المالية تشمل الضرائب والرسوم المفروضة على المواطنين والمسائل األخرى
المنظمة لشؤون مالية الدولة أو متصلة بها بواسطة القانون استنادا إلى الدستور.
صالحية الرقابة:
يملك البرلمان سلطة رقابة على الحكومة ويمكن استخدام عدة وسائل على هذا الصعيد
فقد تبدأ من إبداء الرغبات إلى توجيه األسئلة فاالستجوابات ،ولجان التحقيق ،وطرح الثقة .اللجوء
إلى هذه الوسائل يستدعي توافر شروط معينة واتباع إجراءات محددة في الدستور أو القوانين.
تمارس المجالس التشريعية وظيفة مطالبة واعتراض فكل برلماني هو وسيط بين ناخبيه
والحكومة يتدخل لصالحهم لدى اإلدارة والوزراء ويلفت انتباه الوزراء للظلم أو عدم مالءمة ق ارراتهم.
62
يختص البرلمان كسلطة قضائية في بعض المسائل الداخلية ،كالفصل في مدى صحة
عضوية النواب ،أو إسقاطها عند توافر شروط معينة منصوص عليها بموجب القوانين.
وال يصل األمر إلى هذا الحد فحسب بل إنه في بعض الدول الديمقراطية يسمح للبرلمان
(لمجلس أو للمجلسين معا) بتنصيبه كسلطة قضائية حيث يمثل الموظفون أمامه في حالة الخيانة
أو الرشوة أو جرائم أخرى ضد الدولة ثم يصدر العقوبة المالئمة.
يتمتع النائب خالل مدة نيابته ومن أجل آداء واجبه ببعض االمتيازات التي تعد من
النظام العام ال يجوز للنائب التنازل عنها .تضمن لهم هذه االمتيازات حرية واستقاللية في مزاولة
مهامهم وتحميهم من المتابعات القضائية 1سواء رفعت من الحكومة أو األشخاص وهي تأخذ صو ار
أو أشكاال عديدة ،ومنها عدم مسؤوليته عن األفعال واألقوال التي يؤديها أثناء آداء مهامه وضمن
ممارسة تفويضه داخل أو خارج البرلمان وهذا ما يعبر عنه بالحصانة البرلمانية إضافة إلى عدم
متابعته جزائيا إذا كان البرلمان منعقدا (أي أثناء دورات البرلمان) إال بعد رفع الحصانة النيابية
عليه من البرلمان (أي بإذن منه) وهذا ما يعبر عنه بالحرمة الشخصية للنائب إلى جانب هذه
االمتيازات فإننا نجد النائب تمنح له عالوة أو منحة جد عالية تمكنه من مواجهة متطلبات الحياة
طيلة مدة النيابة مما يجعله بعيدا عن اإلغراءات المالية التي يحتمل أن تقدمها له الحكومة.
خالفا لما سبق فقد أقر المشرع الجزائري إثر التعديل الدستوري في 96/11/28إنشاء
مجلسين مكونين للبرلمان الجزائري ،إذ أنشأ غرفة ثانية تسمى بمجلس األمة إلى جانب الغرفة
األولى والتي تسمى بالمجلس الشعبي الوطني وهذا وفقا لنص المادة 98من الدستور الحالي إذ
63
نصت على "يمارس السلطة التشريعية برلمان يتكون من غرفتين هما المجلس الشعبي الوطني
ومجلس األمة .وله السيادة في إعداد القانون والتصويت عليه" .ويهدف نظام المجلسين إلى ضمان
استمرار المؤسسات السياسية للدولة ،وتوسيع التمثيل الوطني ،الرفع من كفاءة التشريعات نظ ار لما
تتضمنه الغرفة العليا (مجلس األمة) من كفاءات وخبراء.
ينتخب أعضاء المجلس الشعبي الوطني باالقتراع العام المباشر والسري مما يجعل
المجلس المؤسسة السياسية األولى في البالد المعبرة والمجسدة لإلرادة الشعبية ،ويتولى المجلس
الدستوري إعالن نتائج االنتخابات التشريعية.
يتضمن المجلس الشعبي الوطني هياكل وأجهزة عديدة ومنها رئيس المجلس الشعبي
الوطني الذي يعتبر الشخصية البارزة في المجلس وينتخب إما عن طريق االقتراع السري في حال
تعدد المرشحين ويكون الفوز للمترشح المتحصل على أغلبية األصوات ،واذا لم يتحصل أي مرشح
على أغلبية األصوات .يتم إجراء دور ثاني يقتصر التنافس فيه بين المرشحين األول والثاني فقط
المتحصلين على أغلبية األصوات ،والفوز هنا يكون بالحصول على األغلبية النسبية لمجموع
األصوات وفي حال تعادل األصوات يفوز المرشح األكبر سنا.
* مهامه :تضمن النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني صالحيات رئيس المجلس
ومنها:
إضافة إلى رئيس المجلس الشعبي الوطني يوجد مكتب المجلس الشعبي الوطني وهيئة
الرؤساء وهيئة التنسيق واللجان الدائمة وغير الدائمة والمصالح اإلدارية للمجلس.
* سير عمل المجلس الشعبي الوطني :يتلخص سير عمل المجلس الشعبي الوطني في:
-1دورات المجلس الشعبي الوطني :إذ يجتمع المجلس الشعبي الوطني في دورة عادية
واحدة كل سنة مدتها 10اشهر على االقل و تبتدأ في اليوم الثاني من ايام العمل في شهر
سبتمبر ،1تمدد الدورة العادية اليام معدودة بطلب من الوزير االول.
وعندما تكون المدة القانونية غير كافية لدراسة كل القضايا المطروحة على المجلس
الشعبي الوطني أقر التعديل الدستوري لعام 2016آليات لمواجهة الوضع تتمثل في مباردة من
رئيس الجمهورية او باستدعاء من رئيس الجمهورية بطلب من الوزير االول او بطلب من
2
اعضاء المجلس.
3
-2جلسات المجلس الشعبي الوطني :تعقد جلسات المجلس الشعبي خالل دوراته
وتكون علنية وتدون مداوالته في محاضر وتنشر طبقا للشروط التي يحددها القانون العضوي وقد
تكون مغلقة بطلب من رئيس المجلس ورئيس مجلس األمة أو بطلب من أغلبية أعضائهما
الحاضرين أو بطلب من الوزير االول والجدير بالذكر أن مداوالته المغلقة غير قابلة للنشر.
-3التصويت :التصويت داخل المجلس الشعبي الوطني شخصي يتم بأنماط وأشكال
مختلفة (اإلقتراع السري ،االقتراع العام برفع اليد ،االقتراع اإلسمي) كما يمكن التصويت عن طريق
65
الوكالة وتكون في حدود توكيل واحد ،وتعد عملية التصويت إجراء جوهري لتجسيد اإلرادة الشعبية
والتعبير عنها داخل المجلس.
يبادر نواب المجلس الشعبي الوطني بالتشريع بتقديم اقتراحات قوانين من قبل 20نائبا او
20عضوا في مجلس االمة ، 1يتم إيداعها لدى المكتب من طرف أصحابها ،تبلغ االقتراحات
المقبولة من طرف المكتب بشكل فوري إلى الحكومة لكي تبدي الرأي فيها ،وفي حال الموافقة
عليها تعرض على اللجنة المختصة لدراستها ومناقشتها واد ارج تعديالت عليها واعداد تقرير
تمهيدي عنها يعرض للمناقشة داخل المجلس ،وأثناء المناقشة يمكن إدراج بعض التعديالت وان تم
ذلك تحال المبادرة من جديد على اللجنة لدراستها مرة أخرى واصدار تقرير جديد يدعى التقرير
التكميلي الذي يعرض بدوره للتصويت.
-القوانين العضوية :حددت المادة 132من التعديل الدستوري مجاالت أساسية يشرع
في إطارها النواب بقوانين عضوية ،هذه األخيرة تختلف عن القوانين العادية من حيث المصادقة
التي تكون باألغلبية المطلقة للنواب ومن حيث وجوب خضوعها للرقابة السابقة من طرف المجلس
الدستوري.
مالحظة :عندما لم يخص المشرع الجزائري مجلس األمة-في الدساتير السابقة -بالتشريع
عن طريق المبادرة ال يعني أنها ال تتدخل في العملية التشريعية وانما مجلس األمة يلعب دو ار
66
محوريا في قبول التشريعات أو رفضها ،سواء الصادرة عن النواب أو الحكومة ،بإمتالكه حق
اإلعتراض ،فمن دون قبوله ال يمكن إقرار النص وال صدوره.
-االختصاص الرقابي :ال يتوقف اختصاص المجلس الشعبي الوطني على سن
التشريعات والنصوص القانونية والزام الحكومة بتنفيذها ،بل يتعداه إلى الرقابة على أعمالها ويمكن
التمييز بين صنفين من آليات الرقابة آليات تنجر عنها المسؤولية السياسية للحكومة وآليات ال
تنجر عنها مسؤوليتها.
.1آليات الرقابة التي تنجر عنها المسؤولية السياسية للحكومة تنحصر في آلية مناقشة
برنامج الحكومة وآلية بيان السياسة العامة.
إن عدم موافقة المجلس الشعبي الوطني على برنامج الحكومة (سمي بمخطط وفقا
للتعديل الدستوري األخير) يؤدي إلى استقالليتها وموافقته شرط ضروري لبقاء الحكومة واستمرارها.
والحكومة من خالل البيان الذي توضح فيه ما تم إنجازه خالل السنة الماضية وما سيتم
إنجازه في السنة أو السنوات المقبلة مع التطرق إلى مجموع العراقيل التي تصادف تنفيذ البرنامج،
يتمكن ا لنواب من رقابة نشاط الحكومة ،قد تختتم المناقشة لهذا البيان بإصدار الئحة أو ملتمس
رقابة (الالئحة ليس لها أثر قانوني ألنها مجرد وثيقة تعبر عن آراء وتوجهات النواب اتجاه السياسة
العامة للحكومة إما بتأييدها أو التحفظ عليها أو لفت انتباه الحكومة إلى الخلل في سياستها وما قد
يترتب عنه من إنحراف في مقاصدها وأهدافها).
67
أما (ملتمس الرقابة يعد الئحة فاعلة أو الئحة لوم ينصب على مسؤولية الحكومة خاصة
وأن التصويت عليه يؤدي إلى استقالة الحكومة).1
مالحظة (اآلليات الرقابية التي ال ينجر عنها المسؤولية السياسية للحكومة هي حق
للغرفتين) المادتين 152-151من التعديل الدستوري . 2016
.3االختصاص المالي :أقر المشرع الدستوري للمجلس الشعبي الوطني (أيضا مجلس
األمة) صالحية التشريع في المجال المالي بشرط أن يتم التشريع في القوانين المالية بواسطة قوانين
عضوية كما يتجسد في امتالكه صالحية مناقشة واقرار الموازنة العامة (الميزانية).
. 4سلطات المجلس الشعبي الوطني في المجال الديبلوماسي :تتم بالموافقة أو الرفض أو
التأجيل لمشاريع القوانين المتضمنة إلتفاقيات ومعاهدات مقدمة للمجلس الشعبي الوطني من قبل
رئيس الجمهورية.
.5سلطات المجلس الشعبي الوطني في مجاالت أخرى :كالموافقة على تمديد حالتي
الطوارئ والحصار ،وكتقرير الحالة االستثنائية والتعبئة العامة واعالن الحرب وتوقيع الهدنة
ومعاهدات السلم ،وكتعديل الدستور.
* مجلـس األمـة :أكدت المادة 982من دستور 1996على إنشاء غرفة تشريعية ثانيـة -
مجلس األمة -كلفت بممارسة السلطة التشريعية إلى جانب الغرفة األولى –المجلس الشعبي
الوطني -ولعل أسباب إنشاء برلمان يتكون من غرفتين تعود إلى :تجاوز األوضاع المأساوية التي
عاشتها الجزائر منذ حوادث 5أكتوبر .1985
و كذا تغطية العجز في التشريع الجزائري وتفادي الوقوع في فراغ قانوني أو -
مؤسساتي.
1
1تنص املادة 153من التعديل الدستوري لعام 2016على انه ال يقبل ملتمس الرقابة اال اذا وقعه سبع عدد النواب على االقل.
7
2اصبحت يف ظل التعديل الدستوري لعام 2016املادة .112
68
-الى جانب الرفع من كفاءة التشريعات وتوسيع التمثيل الوطني.
ولقد تم تنصيب أول مجلس لألمة في جانفي 1999يتكون من 144عضو ينتخب ثلثي
أعضاءه عن طريق االقتراع غير المباشر والسري بمقعدين عن كل والية من بين ومن طرف
أعضاء المجالس الشعبية الوالئية والبلدية ،في حين يتولى رئيس الجمهورية تعيين الثلث المتبقي
من األعضاء من بين الشخصيات والكفاءات الوطنية في المجاالت العلمية والثقافية والمهنية
واالقتصادية واالجتماعية.
-يصادق على النصوص التي سبق وأن صوت عليها المجلس الشعبي الوطني
بالحصول على أغلبية أعضاء المجلس الحاضرين بالنسبة لمشاريع القوانين العادية و باالغلبية
المطلقة لمشاريع القوانين العضوية.
-إن التجديد النصفي لمجلس األمة يجعل منه مؤسسة دائمة ومستمرة.
كما أنه غير قابل للحل من طرف رئيس الجمهورية وفي مقابل ذلك ال يمكنه إقالة
الحكومة عن طريق التصويت على ملتمس الرقابة.
* هيئات مجلس األمة :رئيس مجلس األمة ،مكتب المجلس ،هيئة الرؤساء هيئة
التنسيق ،المجموعات البرلمانية ،اللجان الدائمة.
-دورات مجلس األمة :يجتمع مجلس األمة في دورتين عاديتين كل سنة ،دورة عادية
واحدة كل سنة مدتها 10اشهر على االقل.1
* جلسات مجلس األمة :جلساته علنية طبقا ألحكام المادة 116من الدستور 1وتدون
مداوالته في محاضر يتم نشرها حسب الشروط المحددة في القانون العضوي ،يستطيع المجلس عقد
جلسات سرية بطلب من رئيسه أو أغلبية الحاضرين او بطلب من الوزير االول.
69
* طبيعة العالقة بين غرفتي البرلمان:
من المفترض أن تكون العالقة بين غرفتي البرلمان عالقة تعاون ،األمر الذي يقف حائال
أمام هيمنة أو سمو أي غرفة على األخرى مما يعزز قوة السلطة التشريعية في مواجهة نص
السلطة التنفيذية والسؤال الذي يطرح نفسه العالقة بين غرفتي البرلمان قائمة على التعاون أم أنها
من نوع آخر؟.
بالرجوع إلى الممارسة الفعلية على أرض الواقع ،وتعميق النظر في النصوص القانونية،
يمكن القول أن العالقة بين المجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة هي عالقة تبعية وخضوع
وليست عالقة تعاون والمقصود هنا هو خضوع وتبعية الغرفة األولى للثانية.
ويتجلى ذلك في حق مجلس األمة في عرقلة إرادة النواب بسبب سلطة المنع التي يمتلكها
والتي تجعل منه المتحكم األول في مصير النصوص القانونية ،فأي قانون مصادق عليه من قبل
الغرفة السفلى البد من عرضه على الغرفة العليا للمصادقة عليه بأغلبية األعضاء الحاضرين وفي
حالة امتناع هذه األخيرة عن المصادقة ال ترجع كفة أي غرفة بل تشكل لجنة متساوية األعضاء
من المجلسين يتم استدعاؤها بطلب من الوزير االول بهدف اقتراح نص يتعلق باألحكام محل
الخالف ،بعدها تعرض الحكومة النص على الغرفتين للتصويت عليه دون إدخال أي تعديل إال
بموافقة الحكومة ،واذا استمر الخالف يسحب النص وبالتالي يكون مجلس األمة المتسبب الفعلي
في سحب النص مما يؤكد تفوق الغرفة الثانية على األولى.2
-كما يتجلى التفوق في أن رئيس مجلس األمة هو الشخصية الثانية في النظام السياسي
الجزائري بعد رئيس الجمهورية ،يتولى رئاسة الجمهورية بالنيابة في حالة وفاة أو استقالة أو ثبوت
المانع لدى رئيس الجمهورية ،خالفا لما كان معموال به سابقا ،حيث كان رئيس المجلس الشعبي
الوطني هو المرشح األول للرئاسة بالنيابة.
70
تتمثل أهم نقاط اإلختالف بينهما في العناصر التالية:
-1التكوين:
-المجلس الشعبي الوطني :يتكون من نواب يتم انتخابهم عن طريق االقتراع العام
المباشر والسري.
-مجلس األمة :ثلثي األعضاء يتم انتخابهم عن طريق االقتراع غير المباشر والسري
من بين ومن طرف أعضاء المجالس الشعبية الوالئية والبلدية .الثلث المتبقي يعين من طرف رئيس
الجمهورية من بين الكفاءات والشخصيات الوطنية.
-المجلس الشعبي الوطني تمتد العهدة النيابية داخل المجلس 5سنوات مع التجديد
الكلي ألعضائه.
-3عدد المقاعد :عدد مقاعد المجلس الشعبي الوطني اكبر من عدد مقاعد مجلس
األمة.
-4القابلية للحل :المجلس الشعبي الوطني يمكن حله من طرف رئيس الجمهورية حسب
المادة 129والمادة 81من الدستور 1996اما في التعديل االخير فاصبح نص المادة .147
-5التصويت :يتم التصويت داخل المجلس الشعبي الوطني إما باألغلبية البسيطة
(القوانين العادية) أو األغلبية المطلقة (القوانين العضوية) أو أغلبية ثلثي األعضاء (مداولة ثانية
لنص قانوني أو ملتمس رقابة).
3
األعضاء و قد خضع نظام التصويت مجلس األمة التصويت يكون دائما بأغلبية
4
لبعض التعديل.
71
-6التمثيل :المجلس الشعبي الوطني يكون التمثيل على أساس الكثافة السكانية إذ
يخصص مقعد واحد لكذا نسمة و تخصص داخل المجلس مقاعد للمهاجرين من ضمنها مقاعد
مخصصة للمهاجرين بفرنسا.
مجلس األمة :بالنسبة لألعضاء المنتخبين فإن التمثيل يكون على أساس التمثيل
المتساوي للواليات بمعدل عضوين لكل والية وليس للمهاجرين أي تمثيل في مجلس األمة.
-7السلطات والصالحيات :خص المشرع الجزائري المجلس الشعبي الوطني بجملة من
الصالحيات دون أن يخص بها مجلس األمة و هذا في الدستور .1996
التشريع عن طريق المبادرة بإقتراح القوانين ،التصويت بالثقة بطلب من رئيس الحكومة،
الموافقة على برنامج الحكومة اما في ظل التعديل الدستوري لعام 2016فقد تغير االمر.
المؤسسة التنفيذية:
يرى بعض الفقهاء أن المؤسسة التنفيذية أساسا هي سلطة موروثة عن الثورة الفرنسية
غير أنه تاريخيا ال يمكن الجزم بهذا القول ألن السلطة وجدت منذ الحضارات القديمة ،و تذهب
الفكرة التقليدية في تحديد الدور الصحيح للسلطة التنفيذية الى ان المهمة االولى لها هي ان تتولى
تنفيذ القوانين و االشراف على االدارة و ليس مهمتها ان تضع سياسة الدولة 1و واقع االمر أن
السلطة التنفيذية تقوم على وظيفتين (السلطة السياسية او الحكومية) والتي تتوالها الحكومة
المسؤولة و(السلطة اإلدارية) التي تمارسها اإلدارة باستمرار ودوام .وهذا ما ابتكره مجلس الدولة
الفرنسي وأنشأ النظرية المعروفة في القانون اإلداري والقائلة بأن للحكومة اختصاص إلجراء أعمال
من النوع السياسي وال تقع تحت رقابة القضاء اإلداري وهي األعمال التي تسمى بأعمال الحكومة
(أعمال السيادة) مثل العالقات الدولية ،و السياسة الخارجية و العسكرية.
أما االختصاص اإلداري المحض للحكومة فهو الذي يخضع لرقابة القضاء ويبحث في
مدى مشروعيته.
ومهما يكن فإن السلطة التنفيذية هي التي تقوم بتنفيذ البرامج والقوانين وتتولى عملية
وضع و تنشيط السياسة العامة للبالد ،كما ينصرف مفهومها إلى جميع الموظفين الذي يشاركون
72
في تنفيذ القوانين وصنعها بدءا من رئيس الدولة حتى آخر موظف في السلم اإلداري للدولة ،ونجد
أن الدول تختلف في تنظيم السلطة التنفيذية ،ففي النظام الرئاسي فإن رئيس الدولة هو رئيس
الحكومة؛ أما في النظام البرلماني فإن السلطة التنفيذية تتميز باالزدواجية (رئيس دولة ورئيس
حكومة) و هنا يمكن القول ان المؤسسات التنفيذية منظمة بشكل مختلف حسب كل بلد كما انها
تقوم باداء وظائفها بطرق متباينة .فبريطانيا لديها ملكة تقوم بأداء وظائف رمزية مثل افتتاح
البرلمان و منح القاب الفروسية و غيرها من االلقاب الفخرية و االوسمة،اما الصين فال يوجد بها
رئيس شرفي يقوم باداء الوظائف الرمزية فقط و لكن يوجد رئيس جمهورية منتخب من قبل مؤتمر
الشعب القومي و يقوم باداء الوظائف الرمزية الى جانب بعض الوظائف السياسية .في بريطانيا
رئيس الو ازراء و اعضاء مجلس الوزراء مسؤولون امام البرلمان الذي يختارهم عادة،اما في الصين
فيوجد مجلس دولة يرأسه رئيس الوزراء و يتكون من مختلف الوزراء و اللجان الو ازرية،و لكن في
الوقت الذي يملك فيه رئيس الوزراء البريطاني سلطات واسعة لصنع السياسة العامة فان مجلس
الدولة في الصين يخضع لرقابة دقيقة من االمين العام و المكتب السياسي و اللجنة المركزية
للحزب الشيوعي الصيني.1
يقوم تشكيل السلطة التنفيذية في النظام البرلماني على مبدأ الثنائية (رئيس دولة ملكا كان
أو رئيسا منتخبا وو ازرة برئاسة رئيس حكومة).
-1الرئيس :نجد أن رئيس الدولة في هذا النظام يتمتع بسلطة رمزية أو بدور فخري
فقط ،يملك وال يحكم ،فهو يجسد األمة ،يصدر القوانين ،ويوقع على المراسيم ،ويقر المعاهدات
ويعين الوزراء ،وهو شخص غير مسؤول ال سياسيا وال جنائيا وحيث ال سلطة فال مسؤولية.
-2الوزارة :هي جهاز جماعي يتخذ الق اررات على نحو مشترك وعلى رأس هذا الجهاز
الجماعي يوجد رئيس الحكومة أو رئيس الوزراء أو الوزير األول ،يتميز عن رئيس الدولة ،يختار
أعضاء و ازرته ويقدمهم لرئيس الدولة للموافقة الشكلية.
1جربيال املوند،بنجام بويل،السياسة املقارنة ،ترمجة حممد زاهي بشري املغرييب،مرجع سابق،ص.29
73
يقوم تشكيل السلطة التنفيذية في النظام غير البرلماني على مبدأ تجميع السلطة التنفيذية
في يد جهة واحدة هي الملك أو اإلمبراطور أو الديكتاتور أو الرئيس وتختلف اختصاصات هذه
السلطة باختالف أسلوب الحكم وهي اختصاصات واسعة تترتب عن ممارستها مسؤولية تتعدى
أحيانا مجال االختصاص التنفيذي.
ففي النظام الملكي المطلق تكون السلطة مركزة بيد الملك وال يمكن ألحد أن يمارسها
بواسطة ممثليه المنتخبين ،وصالحيات الملك مطلقة و غير محددة بأي قانون.
وفي النظام الكلي والذي تتصف به الدول االشتراكية تكون السلطة التنفيذية مركزة في يد
رئيس الدولة والذي غالبا ما يكون أمينا عاما للحزب.
أما في النظام الرئاسي ،فإن الخاصية األساسية هي وحدانية السلطة التنفيذية ،رئيس
دولة منتخب من الشعب يستأثر وحده بالسلطة التنفيذية ،وال وجود فيه لما يعرف في النظام
البرلماني بالو ازرة ،وكل ما في األمر يوجد للرئيس معاونين ال يشكلون معا جها از جماعيا ،يتولى
هو تعيينهم ويوجه أعمالهم ويعفيهم ،وال يشاركه غيره في هذه المهمة ،مهمتهم تنفيذ سياسة الرئيس.
وبهذا فإن الرئيس هو رئيس الدولة ورئيس الحكومة في آن واحد ،وهو يمارس سلطته فعليا.
ال تملك السلطة التشريعية في هذا النظام من حيث المبدأ أي تأثير على رئيس الدولة،
فهي ال تستطيع أن تحاسبه أو تعزله إال إذا ارتكب جرائم الخيانة العظمى الموجهة ضد الدولة وعن
طريق إجراءات خاصة معقدة ،كما ال يمارس الرئيس أي سلطة على الكونغرس فال يستطيع أن
يحله أو يعطل أعماله ،غير أن الحياة العملية على مستوى الساحة السياسية تتأثر بالتوجهات
الحزبية.
إن اإلنطباع األول يبدو أن النظام نصف الرئاسي أقرب إلى النظام البرلماني ،منه إلى
النظام الرئاسي ،وبالفعل فإننا نجد في هذا النظام العناصر الجوهرية للبرلمانية:
-1سلطة تنفيذية منقسمة بين رئيس دولة وو ازرة يرأسها رئيس الحكومة.
-2و ازرة مسؤولة سياسيا أمام البرلمان ،الفارق األساسي يتعلق باختيار رئيس الدولة ،فعوضا أن
يكون ملكا وراثيا أو رئيسا منتخبا من قبل البرلمانيين أو عدد قليل من الوجهاء يكون رئيسا منتخبا
74
باإلقتراع الشامل يجعله يتمتع بصالحيات قانونية أكبر من صالحيات رئيس الدولة البرلمانية وعليه
فإن ازدواجية السلطة التنفيذية هي ظاهرية أكثر مما هي واقعية أو فعلية.1
75
المؤسسة التنفيذية في الجزائر:
كان نظام الحكم(و نقول نظام الحكم و ليس النظام السياسي الحتكار سلطة صناعة
القرار السياسي من طرف مؤسسات رسمية دون اشراك المؤسسات االخرى غير الرسمية) في
الدستورين السابقين على دستور 1989المعدل والمتمم بدستور 1996يقوم على وحدانية واحتكار
السلطة ،حيث كان رئيس الدولة والذي هو رئيس الجمهورية وفي ذات الوقت رئيسا للحكومة
يضطلع بقيادة الوظيفة التنفيذية لوحده (كانت في دستور 76مجرد وظيفة تنفيذية وليست سلطة)
مما جعل الفقهاء يصفون النظام الجزائري بأنه نظام كرس النظام الرئاسي المتشدد لصالح رئيس
الجمهورية ،وعليه فقد كان رئيس السلطة التنفيذية يجسد في شخصه النظام السياسي لما له من
مكانة حزبية 1ولما للنواب من صفة مناضلين في ذات الحزب الذي يتزعمه الرئيس و في هذا
المقام يقول االستاذ فوزي او صديق ان كلمة"يجسد ،قيادة ،تودع " لها مضامين عديدة كاالستحواذ
2
على سلطات جد واسعة
أما مع دخول الجزائر مرحلة التحول الديمقراطي وتبني نظام سياسي أيديولوجي يختلف
كلية عن السابق ،وفتح باب إنشاء الجمعيات والجمعيات السياسية واقرار بمبدأ الفصل بين
السلطات ومبدأ الحقوق والحريات الفردية وغيرها من أسس نظام الحكم الديمقراطي .أصبحت
السلطة في الجزائر موزعة بين 3هيئات (تشريعية-تنفيذية قضائية) وهي دستوريا مستقلة عن
بعضها البعض في ممارسة اختصاصاتها الدستورية ،رغم ما يوجد بينها من عالقات وظيفية
وآليات للتعاون والتكامل ،وقد عمد المشرع في دستور ،1989وتم تكريس ذلك في التعديل
الدستوري لسنة 1996إلى تبني أهم مبادئ النظام البرلماني بقوله" :يمارس كل من رئيس
الجمهورية ورئيس الحكومة السلطة التنفيذية".
1تنص املادة 104من دستور 1976و املادة 39من دستور " 1963جسد رئيس اجلمهورية،رئيس الدولة،وحدة االمة و هو حامي
الدستور .و جيسذ الدولة داخل البالد و خارجها .له ان خياطب االمةمباشرة"
2ملزيد من املعلومات،انظر:فوزي او صديق،الوايف يف شرح القانون الدستوري اجلزء الثالث(السلطات الثالث،ديوان املطبوعات
اجلامعية،اجلزائر،1994،ص .103
76
-1رئيس الجمهورية:
يتمتع رئيس الجمهورية بصالحيات واسعة ،حيث تتعدى صالحيات الرئاسة ،صالحيات
الجهاز التنفيذي سواء كان ذلك في ظل األحادية الحزبية 1989 - 1962أو في ظل التعددية
الحزبية .وهذا بمنحه مكانة سامية داخل النظام السياسي .ولعل السبب يعود إلى عدة اعتبارات
ومنها :أن تاريخ الجزائر الحديث أنتج في الغالب قيادات تفرض نفسها على الشعب وعلى
مؤسساته ،ومنها:انتخابه من طرف الشعب مباشرة عن طريق االقتراع العام المباشر والسري لمدة
6او 5سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة او عدة مرات 1مما يسمح له باستئثار السلطة و الهيمنة
على سائر المؤسسات االخرى.
و لما كان رئيس الدولة يتولى سلطته عن طريق االنتخاب(النظام الجمهوري) و لما كانت
عملية انتخاب رئيس الجمهورية سواء في الجزائر وفي أي نظام سياسي آخر تعد مقياسا لدرجة
التحول السياسي وتكريسا لمبدأ التداول على السلطة واشراك المواطنين في االختيار الحر لممثليهم
سواء على مستوى الرئاسة أو على مستويات أخرى.
من أجل تحقيق ذلك البد من توفير آليات إجرائية و اخرى مؤسساتية تناط بها مهمة
اإلشراف والرقابة على العملية اإلنتخابية بغرض كفالة االقتراع العام وادارة االنتخابات وتسييرها
بصورة محايدة ونزيهة مع توفير الضمانات القانونية الالزمة آلداء هذه المهمة.
1اختلفت الدساتري اجلزائرية يف حتديد والية رئيس اجلمهورية حيث نصت املادة 108من دستور "1976املدة الرئاسية ست سنوات،ميكن
اعادة انتخاب رئيس اجلهورية" اما نص املادة 74من دستور 1996على":مدة الرئاسة مخس سنوات،جتديد انتخاب الرئيس مرة واحدة"
يف حني نص التعديل الدستوري لعام 2008يف مادته 74على"مدة املهمة الرئاسية 5سنوات،يكمن جتديد انتخاب رئيس اجلمهورية" اما
التعديل الدستوري االخري لعام 2016فنص على ان"مدة املهمة الرئاسية 5سنوات،متكن جتديد انتخاب رئيس اجلمهورية مرة واحدة".
77
لهذا الغرض ومن أجل ضمان وشفافية ونزاهة العملية االنتخابية في الجزائر أقرت
الدساتير وقانون االنتخابات هذه اآلليات والتي تتداخل فيها سلطات عديدة (المجلس الدستوري،
البرلمان ،رئاسة الجمهورية اللجنة الوطنية المكلفة بمراقبة االنتخابات الرئاسية).1
فإن دستور 1989شكل قطيعة نهائية مع نظام الترشيح األحادي بتزكية الحزب الحاكم،
وتم تبني نظام الترشيح الحر من أجل انتخاب رئيس الجمهورية ،وبالرجوع إلى أحكام الدستور
وقانون االنتخابات ،نكتشف مجموعة من المبادئ والقواعد التي تنظم شروط واجراءات الترشيح
لمنصب الرئاسة يمكن تقسيمها إلى شروط موضوعية وأخرى شكلية.
-الجنسية الجزائرية األصلية فقط و لم يتجنس بجنسية اجنبية و يثبت الجنسية الجزائرية
االصلية لالب و االم.
-يدين باإلسالم.
-يثبت ان زوجه يتمتع بالجنسية الجزائرية االصلية فقط-يثبت اقامة دائمة بالجزائر دون
سواها لمدة 10سنوات على االقل قبل ايداع الترشح.
-عدم تورط أبويه في أعمال ضد الثورة اذا كان من مواليد بعد جويلية .1942
الشروط الشكلية :فتتمثل في :مكونات ملف الترشيح ،والذي يجب أن يتضمن:
-طلب ببيانات معينة -كالبرنامج االنتخابي للمترشح -تقديمه وتبنيه من طرف ناخبين
أو منتخبين -وثائق تؤكد توفر شروط المادة 87من التعديل الدستوري.
1يف الفصل الثاين املتعلق مبراقبة االنتخابات من التعديل الدستوري لعام 2016تنص املادة "194حتدث هيئة عليا مستقلة ملراقبة
االنتخابات ،تتكون اهليئة من قضاة يقرتحهم اجمللس االعلى للقضاء و يعينهم رئيس اجلمهورية و كفاءات مستقلة يتم اختيارهم من ضمن
اجملتمع املدين،يعينها رئيس اجلمهورية.
78
إن بعض المحللين السياسين و المعارضين يرون ان مثل هذه الشروط تعد انتقاصا وحدا
من حرية الترشح من حيث المبدأ ،لما فيها من إقصاء وصعوبة في توفيرها.
سلطات رئيس الجمهورية :يتمتع رئيس الجمهورية ويضطلع بصالحيات واسعة سواء في
الظروف العادية أو في الظروف غير العادية.
-1اإلصدار والنشر:
فبعد أن يوضع التشريع سواء بواسطة السلطة التشريعية (كأصل عام) أو بواسطة السلطة
التنفيذية على سبيل االستثناء ،ولكي يصبح هذا التشريع ساري المفعول يجب أن يمر بمرحلة
اإلصدار والذي يتم بأمر من رئيس الجمهورية في أجل 30يوما من تاريخ تسلمه إياه وهو يعني
اإلعالن عن وضع تشريع جديد من قبل السلطة المختصة وضرورة قيام السلطة التنفيذية بتنفيذ
هذا التشريع كقانون من قوانين الدولة .ثم مرحلة النشر التي تتم بالدرجة األولى في الجرائد الرسمية
ووسائل اإلعالم األخرى ،والهدف من نشر القانون ،إعالم كل أفراد المجتمع بصدور تشريع جديد
يسري عليهم كقواعد عامة ملزمة ال يعذر أحد بجهلها.
مجلس الوزراء هو هيئة حكومية سامية أو هو المنبر الذي تناقش فيه المسائل والقضايا
الهامة والطارئة ذات العالقة بمصالح الدولة والمجتمع وال يتم اتخاذ أي قرار أو سياسة في مجلس
الوزراء إال إذا تمت الموافقة عليه من طرف أعضائه .رئيس الدولة هو رئيس مجلس الوزراء.
الوزير االول يقوم بعرض برنامجه وسياسته بعد اعدادها و ضبطها على مستوى مجلس الحكومة
على مجلس الوزراء والمالحظ أنه من غير المنطقي أن تتبنى الحكومة سياسة ما يكون رئيس
الجمهورية رافضا لها ألن عمل رئيس الجمهورية ال يقف عند حد المراقبة واإلشراف بل يتعداه إلى
التخطيط والتوجيه والقيادة من خالل تحديد الخطوط العريضة التي ال يمكن للحكومة الخروج منها
أو الحياد عنها.
-3سلطة الحل:
79
لرئيس الجمهورية حق حل المجلس الشعبي الوطني أو إجراء انتخابات تشريعية قبل أوانها وهذا
بعد استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس األمة او الوزير االول و رئيس المجلس
الدستوري.1
يمكن لرئيس الجمهورية أن يطلب إجراء مداولة ثانية في قانون تم التصويت عليه من قبل
النواب في غضون 30يوما لتاريخ إق ارره ،وفي هذه الحالة (المداولة الثانية) ال يتم إق ارره إال
2
أعضاء المجلس الشعبي الوطني و اعضاء مجلس االمة وتعد هذه الصالحية بمثابة بأغلبية
3
إشعار للنواب من قبل الرئيس على معارضته وعدم موافقته على النص القانوني سواء بسبب
مخالفته للدستور أو ألسباب أخرى.
-5تعديل الدستور:
كفل الدستور لرئيس الجمهورية حق المبادرة بتعديل الدستور ،و هذا الحق ال يمارسه
رئيس الجمهورية بشكل انفرادي بل تشاركه أطراف أخرى كالبرلمان او المرور عبر االستفتاء
الشعبي و بعد اجراءات محددة.
يمارس رئيس الجمهورية السلطة السامية من خالل إصدار حق العفو وحق تخفيض
العقوبات أو استبدالها ومن خالل تسليم أوسمة الدولة ونياشينها وشهاداتها التشريفية ،وترأس
المجلس األعلى للقضاء.
يعد رئيس الجمهورية المسؤول الوحيد عن وضع واقرار السياسة الخارجية لألمة (البالد)
والعمل على توجيهها.
-8صالحيات متعلقة بالدفاع :منذ االستقالل الى يومنا هذا التي عرفتها الزائر تم منح
رئيس الجمهورية مرتبة ،القائد األعلى للقوات المسلحة للجمهورية ،مما يلقى على عاتقه مسؤولية
80
الدفاع عن وحدة البالد وسالمة مجاالتها البرية والبحرية وحتى الجوية ،فهو يتمتع بصالحيات
إعالن الحرب وتوقيع اتفاقيات الهدنة ومعاهدات السلم.
-10سلطة اللجوء إلى الشعب مباشرة :عن طريق استشارة الشعب في كل قضية ذات
أهمية وطنية عن طريق االستفتاء.
-11سلطة التعيين :وذلك حسب المادة 91و 92من التعديل الدستوري وقد حددت
أحكام هذه المواد مجاالت التعيين المندرجة ضمن اختصاص رئيس الجمهورية إذ يتولى تعيين
الوزير االول بعد استشارة االغلبية البرلمانية ،1و أعضاء الحكومة بعد استشارة الوزير االول يعين
1
أعضاء مجلس األمة ،السفراء المبعوثين فوق العادة إلى الخارج ،أعضاء المجلس األعلى
3
لألمن ،أعضاء المجلس اإلسالمي األعلى ،رئيس المجلس الدستوري ،وعضوين إثنين من
أعضائه.
أيضا يعين رئيس مجلس الدولة ،األمين العام للحكومة ،محافظ بنك الجزائر ،القضاة،
الوالة ،مسؤولو أجهزة األمن.
-12سلطة التنظيم :ويمارسها في الواقع ،بموجب التوقيع على المراسيم الرئاسية وكل ما
يخرج عن مجال التشريع يقع ضمن مجال التنظيم.
يتشابه نظام حالة الطوارئ مع بعض الحاالت المشابهة له والتي تبدو مشابهة له ،وهي
في نهاية األمر تشكل ما يسمى بالحاالت االستثنائية.
1التعديل الدستوري لعام 2016ينص على ان يتوىل رئيس اجلمهورية تعيني الوزير االول بعد استشارة االغلبية الربملانية و ينهي مهامه.
81
-نظام حالة الطوارئ :هي نظام استثنائي للبوليس تبرره فكرة الخطر الوطني ،وعند
البعض اآلخر هي إجراء استثنائي يهدف إلى حماية كامل البالد أو بعضها بمقتضى نظام بوليسي
خاص ضد احتمال هجوم مسلح.
وعند الدكتور أبو زيد فهمي هي نظام قانوني أعد لمواجهة الظروف االستثنائية ،ويقوم
مقام قوانين السلطة الكاملة.
وهناك من يعرفها بأنها ظروف استثنائية تسمح للسلطة بتجميد الدستور والضمانات التي
يوفرها ،واتخاذ ما تراه من أحكام عرفية واجراءات استتباب األمن.
ومن ثم فإن نظام حالة الطوارئ هو نظام استثنائي يمكن تطبيقه على كل أو جزء من
اإلقليم المهدد أو الذي يوجد في أزمة ،ومن آثاره أنه يمنح سلطات معتبرة لرجال البوليس المشكلين
للسلطة المدنية ،إذ تصبح تتمتع هذه السلطة في مجال تقييد الحريات العامة بسلطات أوسع من
التي تتمتع بها السلطات العسكرية في حالة الحصار.
وهو يشابه نظام حالة الضرورة (أين تتمدد الصالحيات البوليسية للسلطات المدنية حيث
تتوسع سلطات الوالة).
-حالة الحصار :هي سلطة استثنائية تتمتع بها حكومة البلد وهي تتمثل في اإلعالن في
حالة خطر وشيك على األمن الداخلي أو الخارجي لهذا البلد ،وهو نظام مقيد للحريات العامة ،من
آثاره أنه ينقل السلطة المدنية إلى السلطة العسكرية (تنتقل السلطات إلى الجيش).
-حالة الحرب :تعد هذه الحالة أشد المراحل خط ار وتهديدا لألمن والسيادة الوطنيتين
(وهي الحالة التي ال تقتصر على أن تكون البالد مهددة بخطر دائم وانما يشترط أن يكون العدوان
واقعا أو على وشك الوقوع).
وعليه فإن رئيس الجمهورية الجزائرية يتمتع بصالحيات واسعة في مثل هذه الظروف غير
العادية وذلك بهدف اإلسراع في مواجهتها والحد من انتشارها باتخاذ ق اررات سياسية حاسمة وتتمثل
فيما يلي:
82
/1سلطات رئيس الجمهورية في حالتي الحصار والطوارئ :يشترط في ممارسة رئيس
الجمهورية لسلطاته ويعلن عن حالتي الحصار والطوارئ أن يتقيد ببعض القيود التي أوردها المشرع
الدستوري كما يجب عليه مراعاتها وهي جملة من الشروط الموضوعية والشكلية.
الشروط الموضوعية :تتمثل أوال في :الضرورة الملحة ،واستنفاذ جميع اإلجراءات
الدستورية العادية لمواجهة هذه الوضعية وتتمثل ثانيا في :محدودية الحالتين ،فاإلعالن عن حالتي
الحصار والطوارئ البد أن يكون لمدة زمنية محددة ال يمكن تجاوزها ،وفي حال استمرار األوضاع
على حالها بعد انقضاء المدة المحددة يستطيع رئيس الجمهورية المطالبة بتمديد الحالتين شريطة
موافقة البرلمان المنعقد بغرفتيه معا.1
.1اجتماع المجلس األعلى لألمن والذي يتولى رئاسته رئيس الجمهورية ،مهمته تقديم
اآلراء إلى رئيس الجمهورية في كل القضايا المتعلقة باألمن الوطني.
. 2استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس األمة ،باعتبار هذه االستشارة
بمثابة إجراء ضروري لحماية الحقوق والحريات العامة ،وضمان استقرار األوضاع والحفاظ على
السير العادي للمؤسسات العامة.
.3استشارة الوزير االول باعتباره جزء من السلطة التنفيذية ،والمكلف بتنفيذ القوانين
واللوائح التنظيمية.
.4استشارة رئيس المجلس الدستوري ،باعتباره الهيئة القائمة على احترام الدستور ومراقبة
السياسات واإلجراءات المتخذة من طرف السلطات ،وألن أيضا استشارة رئيس المجلس الدستوري
من طرف رئيس الجمهورية إلقرار حالتي الطوارئ والحصار يهدف إلى التأكيد على دستورية القرار
ومدى شرعيته.
1تنص املادة 105من التعديل الدستوري 2016على سلطة رئيس اجلمهورية يف تقرير حالة الطوارئ او احلصار .
2
نص املادة 107من التعديل الدستوري .2016
83
وأخرى موضوعية ،وتتمثل الشروط الموضوعية في ضرورة وجود خطر وشيك الوقوع من شأنه
تهديد المؤسسات العامة للبالد واستقاللها وحتى السالمة الترابية ووحدة األمة.
.1استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس األمة ،مع اجتماع البرلمان
وجوبا لضمان الحقوق والحريات.
/3سلطاته في حالة الحرب : 1إذا وقع عدوان على البالد أو يوشك أن يقع حسب
الترتيبات المنصوص عليها في ميثاق األمم المتحدة يحق لرئيس الجمهورية ،إعالن الحرب بعد:
.4يعلم رئيس الجمهورية األمة بمجموع التدابير المتخذة لمقاومة الخطر المهدد
لمؤسساتها عن طريق توجيه خطاب لها ،وهو إجراء ضروري ألن الحريات العامة سيتم تقييدها في
حالة الحرب بسبب إيقاف العمل بالدستور وتولي رئيس الجمهورية جميع السلطات.
وردت هذه القيود على سبيل الحصر في المادة 101من التعديل الدستوري 2016
وتخص سلطة التفويض ،إذ ال يجوز لرئيس الجمهورية بأي حال من األحوال أن يفوض سلطته
فيما يلي:
-لجوءه لالستفتاء.
84
-تعيين أعضاء المجلس األعلى لألمن.
انطالقا من ثنائية السلطة التنفيذية التي أقرها المشرع الدستوري الجزائري ،فإن السلطة
التنفيذية نجدها موزعة بين رئيس جمهورية كما تمت دراسته وحكومة برئاسة الوزير االول وطاقم
وزاري ،وعليه فإن الحكومة تمثل الطرف الثاني من السلطة التنفيذية تمتلك العديد من الصالحيات
الدستورية وفي المقابل تتحمل مسؤولية مزدوجة األولى أمام رئيس الجمهورية والثانية أمام المجلس
الشعبي الوطني.
يعين الوزير االول من طرف رئيس الجمهورية بموجب مرسوم رئاسي ،كما أن رئيس
الجمهورية له حق إنهاء مهام رئيس الحكومة(الوزير االول) حسب المادة 77من دستور 1996و
المادة 91من التعديل االخير .2016وما نالحظه أن سلطة رئيس الجمهورية في اختيار الوزير
االول مقيدة ببعض االعتبارات السياسية وليست الدستورية.
إذ ال يمكن لرئيس الجمهورية أن يقدم على تعيين رئيس للحكومة(الوزير االول) ال يتمتع
بأي نوع من الكفاءة والخبرة السياسية.
كما ال يمكنه أن يتجاهل االنتماء السياسي للوزير االول ،ويستحسن أن يختاره من ضمن
األغلبية البرلمانية إن وجدت وان لم توجد فعليه اختياره ممن يمثل اتجاها وسطيا بين مختلف
التيارات السياسية الموجودة داخل المجلس الشعبي الوطني.
ولما كان رئيس الجمهورية هو المختص بتعيين الوزير االول فإنه هو اآلخر من ينهي
مهامه ،وهذا ما يتم العمل به في الظروف العادية غير أن هناك حاالت أخرى تفضي إلى انتهاء
مهمة الوزير االول كالمرض المزمن ،وفاته ،تقديمه الستقالته بإرادته الشخصية ،عدم موافقة
المجلس الشعبي الوطني على برنامج الحكومة ،رفض التصويت بالثقة من طرف المجلس الشعبي
الوطني والذي طلبه الوزير االول ،مصادقة المجلس الشعبي الوطني على ملتمس الرقابة.
85
إن انتهاء مهام رئيس الحكومة يفضي إلى نتيجة حتمية وهي انتهاء مهمة الطاقم الوزاري
المكون من مجموع الوزراء التابعين له قانونيا ألنه هو المكلف باختيارهم وتقديمهم لرئيس
الجمهورية وهنا ما يمكن أن نسميه بالمسؤولية الجماعية التضامنية للحكومة والتي تختص بها
األنظمة البرلمانية دون الرئاسية.
يتولى الوزير االول مهمة اختيار أعضاء حكومته ويقدمهم لرئيس الجمهورية لتعيينهم،
كما يسهر على تسيير نشاطات الحكومة .ويحدد يوزع المهام بين أعضائها.1
* الو ازرات :تشرف كل و ازرة على ميدان معين ،إذ يتولى كل وزير تسيير المصالح
العمومية التابعة لو ازرته ،والوزير هو رجل سياسي يمارس سلطة سياسية ويعتبر مسؤوال عنها أمام
الوزير االول وهو أيضا رئيس إدارة الو ازرة ،وبهذه الصفة يمارس نشاطا إداريا واسعا ،وهو الممثل
القانوني للدولة الذي يبرم باسمها العقود ويقوم بكل عمل أمام القضاء وهو اآلمر الرئيسي بصرف
النفقات العامة فهو الذي يعطي األمر بالدفع داخل و ازرته ،ويمارس الوزير ثالث سلطات أساسية
هي:
86
أ -سلطة التأديب :ويمارسها الوزير على موظفي و ازرته ويقوم من خاللها الوزير بتقييم
حماس وصالحية العاملين باإلدارة الو ازرية أي تعيين مستخدمي اإلدارة المركزية وكذا الترقية وحتى
معاقبتهم عن األخطاء.
ب -سلطة التعليمات والتوجيه :وهي مجموع األوامر الصادرة عن الوزير والتي قد تكون
فردية أو جماعية ،أي أعطاء األوامر ألعوان مصالحه عن طريق المنشور أو التعليمة.
ج -سلطة اإلصالح :يتم من خاللها تعديل أو إلغاء الق اررات المتخذة من قبل الموظفين
التابعين للوزير أي سلطة الحلول محل موظفيه والتي تمكنه من تغيير أو إلغاء الق اررات المتخذة
من طرف مرؤوسيه.
-3السلطة الوصائية :وتمارس على السلطات الالمركزية ،وهي نوع من الرقابة على
أعمال الهيئات الالمركزية مثل المؤسسات العامة والجماعات المحلية التي تخضع للو ازرة المعنية
(سلطة وزير التعليم العالي على المعهد الوطني للتجارة) تتولى األمانة العامة للحكومة مهمة
التنسيق بين مختلف الو ازرات وتنظيم عمل الحكومة.
تصنف الو ازرات إلى ثالثة أصناف :و ازرات السيادة وهي الو ازرات األساسية المكلفة
بالحفاظ على كيان الدولة وقوامها ،مثل و ازرة الدفاع الوطني.
-و ازرات ذات الطابع االقتصادي ،وهي مجموع الو ازرات العاملة في الميدان االقتصادي
مثل و ازرة الصناعة.
-و ازرات ذات الطابع االجتماعي الثقافي :وتتمثل في الو ازرات العاملة في الحق
االجتماعي أو الثقافي مثل و ازرة التعليم العالي.
87
عالقة رئيس الجمهورية و الوزير االول بالسلطة التشريعية:
الجدير بالمالحظة أنه في النظام الرئاسي المطبق في الواليات المتحدة أن رئيس الواليات
المتحدة األمريكية ال يملك أي قدرة دستورية تمكنه من حل إحدى غرف الكونغرس وبالمقارنة في
هذا الصدد نشير أن الدستور الجزائري لعام 1996أتاح لرئيس الجمهورية الحق في حل المجلس
الش عبي الوطني فقط واستثنى مجلس األمة ،علما أن رئيس مجلس األمة يعتبر الرجل الثاني في
الدولة ،حيث يمثل النائب األول لرئيس الجمهورية في حالة ما ط أر مانع ال يسمح لهذا األخير
مواصلة مهامه الدستورية.
-بالنسبة للمبادرة بالقوانين فإن السلطة التنفيذية بالجزائر لها األفضلية على السلطة
التشريعية ،إذ تغذي مشاريع القوانين المقدمة من طرف الحكومة جل نشاط الهيئة التشريعية علما
أن السلطة التنفيذية في الواليات المتحدة األمريكية ال تملك الحق بالمبادرة في مشاريع القوانين،1
( )%99من المشاريع في الجزائرتأتي من الحكومة.
-واذا كانت اقتراحات القوانين في الجزائر يجب أن تقدم من 20نائبا او عضوا فانها في
الواليات المتحدة األمريكية يكفي تقديمها من ممثل أو شيخ واحد.
-في الواليات المتحدة األمريكية لمجلس الشيوخ الحق في متابعة الرئيس ومساءلته في
حالة الخيانة العظمى.
في حين أن رئيس الجمهورية الجزائرية لم يعقد الدستور إلى البرلمان هذه الصالحية وانما
خص بها المحكمة العليا (محكمة خاصة تعقد لهذا الشأن) وما يالحظ هنا أنه سوى بين رئيس
الجمهورية المنتخب من طرف الشعب وبين رئيس الحكومة او الوزير االول المعين.
88
-وهذه المسؤولية غير المباشرة والمفترضة لرئيس الجمهورية تقويها سلطة الحل التي
يمتلكها رئيس الجمهورية إزاء المجلس الشعبي الوطني ،اذ ان الحل يأتي لترتيب مسؤولية الحكومة
ويستطيع رئيس الجمهورية استعماله مقابل استقالة الحكومة.
-ويعد الحل أقوى الوسائل التي تدعم مكانة السلطة التنفيذية أمام البرلمان (الغرفة
األولى) ولعل السبب الظاهر للجوء إلى الحل إليجاد مخرج للنزاع القائم بين الهيئتين ،وما الحظه
الفقهاء أن سلطة الحل من قبل رئيس الجمهورية كان األنسب فيها أن تأتي بعد استفتاء شعبي
على هذا الحل.
-أيضا كان من المفروض أن يكون هناك توازن بين الهيئتين واذا حلت الغرفة األولى
كان المفروض أن تسحب الثقة من الحكومة وال تبقى قائمة وتستمر في التسيير إلى غاية انتخاب
المجلس الشعبي الوطني الجديد.
-إذن رئيس الجمهورية في الجزائر مسؤول أمام الشعب فقط ،فالهيئة الناخبة تنصب
نفسها كقاضي للفصل في موضوع تجديد عهدة الرئيس فإما أن تمنحه الثقة ثانية أو تحجبها عليه.
-تقدم الحكومة لكل غرفة من البرلمان عرضا عن استعمال االعتمادات المالية التي
أقرتها لكل سنة مالية ثم تصوت كل غرفة من البرلمان على قانون تسوية الميزانية للسنة المالية
المعينة.
-دائما في إطار تدخل السلطة التنفيذية في نشاط السلطة التشريعية ،فلرئيس الجمهورية
الحق في طلب إجراء مداولة ثانية في قانون تم التصويت عليه وذلك في خالل 30يوما الموالية
إلق ارره ،وهي مدة أطول من 10أيام المخولة لرئيس الواليات المتحدة الستعمال حقه في الفيتو،
2
وفي حالة طلب قراءة ثانية يجب على الهيئة التشريعية الجزائرية أن توافق على القانون بأغلبية
3
أعضاء المجلس الشعبي الوطني و مجلس االمة.
-تظهر العالقة في هيمنة السلطة التنفيذية على التشريعية بتخويل الدستور لرئيس
1
المتبقي من مجلس األمة وكان األجدر أن يكون منتخبا كلية. الجمهورية حق تعيين
3
-لتسوية الخالف بين الغرفتين التشريعيتين من خالل عدم مصادقة إحداهما على النص
المعروض عليهما العتبارات عادة ما تكون سياسية ،وضعت آليات لتسويته وتجنب تجميد المسار
التشريعي حيث أعطي للوزير االول الحق اللجوء إلى اللجنة البرلمانية المتساوية األعضاء (20
عضو) من عدم اللجوء (بحسب ما إذا كان الخالف بسيطا أم جوهريا).
89
-الدستور يمكن رئيس الجمهورية بأن يوجه خطابا إلى البرلمان.
-كما يمكن للبرلمان أن يفتح مناقشة حول السياسة الخارجية بناء على طلب رئيس
الجمهورية أو رئيس إحدى الغرفتين.
-لرئيس الجمهورية أن يشرع بأوامر في حالة شغور المجلس الشعبي الوطني أو بين
دورتي البرلمان على أن يعرض النصوص التي اتخذها على كل غرفة في أول دورة له لتوافق
عليها.
-دعوة البرلمان لالجتماع في دورة غير عادية بمبادرة من رئيس الجمهورية ،أو
باستدعاء رئيس الجمهورية بطلب من الوزير االول.اذن كل ذلك يوحي بان العالقة بين السلطة
التنفيذية و التشريعية ال تتصف بالتوازن و االستقالل .
عرف النظام القضائي الجزائري بعد التعديل الدستوري الحاصل في 28نوفمبر 1996
نظام قضائي مزدوج ،حيث أقر دستور 1996بموجب المادة 152منه و التي اصبحت في
التعديل الستوري لعام 2016تعرف بالمادة 171و نص المادة 171من التعديل الدستوري لعام
2016على "يمثل مجلس دولة كهيئة مقومة ألعمال الجهات القضائية اإلدارية".
وفيما يخص عالقة الحكومة بالسلطة القضائية فيمكن تناولها من هذه الزاوية أي زاوية
اعتبار مجلس الدولة هيئة استشارية.
عرفنا فيما سبق أن من بين اختصاصات الحكومة (رئيس حكومة او وزير اول و و ازرة)
المبادرة بالتشريع.
وبالتالي فإن النصوص التشريعية المقترحة من قبل الحكومة يلزم عرضها على مجلس
الدولة إلبداء رأيه فيها ،وعليه ،فإنه يعتبر المستشار الفني للحكومة في المجال التشريعي.
90
وفي هذا الخصوص تنص المادة 119و تقابلها المادة 136من التعديل الدستوري لعام
2016على ما يلي "تعرض مشاريع القوانين على مجلس الوزراء ،بعد رأي مجلس الدولة ثم
يودعها الوزير االول حسب الحالة مكتب المجلس الشعبي الوطني" او مكتب مجلس االمة.
وتنص المادة 12من القانون العضوي رقم 01/98السالف الذكر على "يبدي مجلس
الدولة رأيه في مشاريع النصوص التي يتم إخطاره بها حسب األحكام المنصوص عليها في المادة
4أعاله ويقترح التعديالت التي يراها ضرورية".
إذن تعتبر استشارة الحكومة لمجلس الدولة واجبة غير أن الحكومة غير ملزمة بأخذ بها
(أي قد تأخذ وقد ال تأخذ بها) ولعل الهدف األساسي من إشراك مجلس الدولة في العملية
التشريعية المقدمة من الحكومة هي لفت انتباه الحكومة إلى األخطاء والهفوات التي قد تقع فيها
كما أن هذه االستشارة قد تجنبها التناقض والتعارض بين النصوص القانونية وحتى الغموض وذلك
ألن تشكيله مجلس الدولة الموسعة وأعضائها لهم دراية بالمسائل اإلدارية والسياسية والقانونية وكل
النشاطات التي يتناولها التشريع بالدراسة.
المؤسسة القضائية:
العدالة جهاز تقيمه الدولة،تضمن بواسطته تطبيق القواعد القانونية،مما يسمح للمواطنين
برفع قضاياهم امام المحاكم حفاظا على حقوقهم و حرياتهم،انطالقا من مبدـأ ان حق الدفاع
مضمون دستوريا،1و من جهة اخرى فان المحاكم تتولى مهمة رقابة مشروعية االعمال،التي يقوم
بها الحكام و هذا تطبيقا لمبدأ الشرعية و عليه فان القضاة ملزمون بالبحث في الموضوع المطروح
امامهم و النطق باالحكام و االمر بتنفيذها،و على الغير التقيد بها سواء كان فردا عاديا او سلطة
عامة و هذا كله تجنبا لجريمة انكار العدالة.
اذن فان االهداف االولى لجهاز العدالة هي تنظيم الخالفات بين االفراد و معاقبة
المخالفين للقوانين .و نشاطها في هذه الحقول له نتائج سياسية تتمثل في ايجاد ضمانات المعاقبة
الجزائية و التي تتعلق بالحرية،و عدم انحياز محاكم القانون و التي تتعلق بالمساواة،كما يوجد لها
ترقب تصرفات الحكام ضمن حدود
هدف اخر يالمس مباشرة ممارسة السلطة السياسية،انها ا
القانون،اي عبر تطبيق مبدأ الشرعية.
1تنص املادة 157من التعديل الدستوري لعام 2016على":حتمي السلطة القضائية اجملتمع و احلريات،و تضمن للجميع و لكل واحد
احملافظة على حقوقه االساسية"
91
اما وظائف االجهزة القضائية فيمكن انجازها في ثالث نقاط:
تختلف االنظمة السياسية للدول بشأن الطريقة المعتمدة لوصول القضاة الى مناصبهم،فقد
يتبع نظام المهنة او ما يعرف بنظام التعيين،كما يتبع نظام االنتخاب.
و نجد ان اغلبية الدول تتبع نظام المهنة و الذي بموجبه تتحد شروط االلتحاق بمهنة القضاء
كأ ن تجرى مسابقة بين مترشحين و يتم الفوز فيها وفق معايير محددة،و يحكم قضاة هذه الحالة
قانون خاص يحد شروط عزلهم و ترقيتهم و نقلهم و يمكن حصر الوضع القانوني للقاضي
الجزائري في هذا النوع.
اما بعض االنظمة االخرى،فتتبع نظام االنتخاب،و االنتخاب يتم بطرق متعددة كأن ينتخب
القاضي من مواطني منطقة معينة او من قبل مجموعة مهنية،و منظومة القضاة المنتخبون هي
منتشرة جدا في الواليات المتحدة االمريكية،ليس على المستوى الفيدرالي بل على مستوى
الواليات،غير ان هذه المنظومة لم تعط نتائج حسنة كما يشير الى ذلك بعض الفقه.
اما بخصوص النظام القضائي فتوجد انواع من االنظمة القضائية،فمن الدول من تاخذ بنظام
وحدة القضاء و الذي يعني ان جميع محاكم الدولة على مختلف انواعها و درجاتها تنظر و تفصل
في النزاعات المطروحة امامها دون ان تميز بين نوع من النزاع و نوع اخر(نزاع عادي مثال و
نزاع اداري).
و البعض االخر من الدول يعتمد النظام القضائي المزدوج بحيث تنشأ محاكم عادية(قضاء
عادي)،على درجات متفاوتة تتولى مهمة فض النزاع الذي الثور بين االفراد العاديين و حتى
االدارة عندما تتصرف تصرف االفراد العاديين ،كما تنشأ محاكم قضائية ادارية بمستويات
مختلفة،تتولى فض النزاع الذي تكون اطرافه او احد اطرافه شخصا معنويا عاما و مثل هذا النزاع
تطبق عليه قواعد القانون العام.
الى جانب هذا تنشئ بعض الدول محاكم قضائية متخصصة كان تنشئ محاكم خاصة تتولى
مهمة الرقابة على دستورية القوانين و محاكم عسكرية تنظر في النزاعات التي تتصل بمرفق
الجيش و افراده حفاظا على الطبيعة الخاصة للنظام العسكري فيها.
92
كما تنشئ ايضا محاكم خاصة لديها سلطة محاكمة رئيس الجمهورية في حاالت الخيانة العظمى
و محاكمة رئيس الحكومة او الوزير االول او رئيس الوزراء في حالة اتهامه بجرائم معينة.
ان وجود سلطة قضائية مستقلة يعد حصنا وقائيا في مواجهة التجاوزات السياسية
المحتملة من جانب السلطتين التنفيذية و التشريعية من جهة و من جهة ثانية فان االمر تطور
لتصبح المحاكم مدافعة عن اولئك المواطنين الذين يفتقرون الى النفوذ السياسي او القوة االقتصادية
و ان كل اهتمامها هو حقوقهم و حرياتهم .و عليه فان مهمة السلطات القضائية هي تطبيق
القانون عند الفصل في المنازعات التي تنشأ بين االفراد او بينهم و بين اخرى (جهات السلطة
العامة في الدولة) و لضمان قيامها بوظيفتها في اقامة العدالة و الحفاظ على سيادة القانون يجب
ان تتمتع باستقالل كاف عن غيرها من سلطات الدولة و ان تأمن على وجه الخصوص من تدخل
السلطة التنفيذية في ادائها لعملها 1و تتضح ضمانات استقاللها في عدم قابلية القضاة للعزل بغير
الطريق التأديبي و في ضرورة اشراف هيئة قضائية تمنع نفاذ السلطة التنفيذية في سير العدالة عند
ترقية و وتنقل القضاة .و الى جانب تلك الضمانات فان انتخاب القاضي يحقق نوعية خاصة من
القضاة المتخصصين فنيا.
2
الجدير بالمالحظة ان النظام القضائي االمريكي اكثر النظم القضائية قوة في العالم
حيث يلعب جهاز القضاء في امريكا دو ار هاما في تقييم و مراقبة و تفسير السياسات العامة او من
خالل مراجعة النصوص او تعديلها حين تفرض عليهم تقديم المشورة سواء تعلق االمر بمضمون
السياسة العامة او تطبيقها .و على العكس من ذلك فان دور السلطة القضائية في بريطانيا في
صنع القرار ال يصل الى مرحلة الغاء التشريعات او المراسيم و ليس لها سلطة اعالن عدم
دستورية اي مرسوم او قانون برلماني و انما تكتفي فقط بمراقبة السلطة التنفيذية و التقرير فيما اذا
كانت السلطة التنفيذية تعمل ضمن صالحياتها القانونية ام ال، 3و تنهض اسس هذه القوة على
حقيقة ان المحاكم االمريكية تفسر القانون من خالل امتالك سلطة اعالن عدم دستورية احد
القوانين. 4ان النظام القضائي االمريكي الذي يتشكل من الخصوم(المدعي و المدعى عليه) و
93
جماعات المصالح و المحامون و القضاة يتوغل كثي ار في عملية صنع السياسة و اتخاذ القرار عبر
ص ياغة سياسات ناجحة تعلقت باوتوبيسات المدارس و االجهاض و الطاقة النووية و العمل
اال يجابي و التلوث البيئي و االصالحات التعليمية.و يرجع انصار الفعالية القضائية في امريكا و
قيام الجهاز القضائي بين الحين و االخر بصنع السياسة لمواجهة ضغوط الحاجات االجتماعية و
مساعدة اولئك الضعفاء سياسيا او اقتصاديا و على سبيل المثال :عندما اصدرت المحكمة العليا
قرارها بعدم قانونية جباية ضرائب فيدرالية على الدخل اصدر الكونغرس التعديل السادس عشر
ليشرع جباية مثل هذه الضريبة او صدق على هذا التعديل عام .11913
من االثار المباشرة لالستقالل السياسي للجزائر على المؤسسة القضائية،ان صدر قانون
في 1963/06/18انشأ بموجبه مجلس يسمى المجلس االعلى تكون من 4غرف ثم توسع الى 7
غرف و يشكل بذلك اعلى جهاز للقضاء في الجزائر.
و منذ ذلك التاريخ اصبح النظام القضائي في الجزائر يتسم بوحدة القضاء،و رغم خضوع
القاضي للقانون فانه كان يسهر على تطبيق ايديولوجية معينة مما يمنحه مظهر جهاز و وظيفة و
ليس بسلطة قضائية مستقلة،حيث كان على رأس كل وظيفة و منها القضائية يسمو رئيس
الجمهورية،االمين العام للحزب بشكل تبدو فيه الوظائف و كأنها قنوات مختلفة يعبر من خاللها
رئيس الجمهورية عن سلطته،و هذا كله يوحي بالدور السياسي للقضاء في الجزائر و يجعل العدالة
مؤسسة تخضع للسلطة السياسية،و يؤكد ذلك الكالم الكاتب السوفياتي":بأن القاضي االشتراكي هو
سياسي قبل كل شيئ ،عامل في الميدان السياسي و عليه بالتالي ان يعرف ما ترغب فيه الحكومة
ليوجه عمله وفق هذه الرغبات".
لكن المراجعة الدستورية التي تمت بصدور دستور 1989اشارت الى انشاء سلطة
قضائية في اطار االصالحات السياسية و القضائية و االقتصادية و تدعم ذلك بدستور 1996
الذي نص صراحة على استقاللية السلطة القضائية في المادة ،138و هذه االستقاللية تعبر عن
عدم جواز التدخل او التأثير من قبل الغير على ما يصدر من القضاء من احكام و ق اررات،سواء
كان هذا التدخل ماديا او معنويا و باي وسيلة من الوسائل كما يحظر على السلطتين التشريعية و
1ملزيد املعلومات انظر،الري الوينز،نظام احلكم يف الواليات املتحدة االمريكية،مرجع سابق،ص .236
94
التنفيذية التدخل في شؤونه و هذا تطبيقا لمبدأ الفصل بين السلطات،كما يتطلب استغالل القضاء
امتناع القضاة عن االستجابة او الخضوع اال للقانون.
و بصدور دستور 1996تم اقرار النظام القضائي المزدوج،بموجب المادة 152و 153
1
حيث اصبح هذا النظام ضرورة ملحة بالنظر الى تزايد عدد القضايا في مجال المنازعات
االدارية و عدم تحكم القاضي العادي في هذا النوع من المنازعات و كذا طول اجراءات التقاضي.
اذ اصبح على قمة الهرم القضائي العادي محكمة عليا تلعب دور الجهاز المنظم و المقوم لنشاط
المجالس القضائية و المحكام االبتدائية،كما تضمن توحيد االجتهاد القضائي عبر البالد و تسهر
على احترام القانون .اما على مستوى القضاء االداري فيوجد مجلس دولة كأعلى هيئة قضائية
ادارية مقومة العمال المحاكم االدارية،حيث اصبح لكل شخص متضرر من تصرفات االدارة الحق
في اللجوء الى محاكم النظام االداري للحصول على حقوقه سواء بالغاء الق اررات االدارية الجائرة او
المطالبة بالتعويض اذا ما لحقه ضرر من تصرف االدارة،و توجد محكمة تسمى محكمة التنازع
تختص بالفصل في نزاعات االختصاص بين القضاء العادي و القضاء االداري و ق ارراتها غير
قابلة الي طعن.
هي جماعات غير محددة الحجم تتباين في نشاطاتها مع تباين المجتمعات التي نشأت
فيها و هي جماعات داخل مجتمع له ابنية و له نشاطاته .لذلك فان درجة تطور و تعقد هذه
الجماعات تأتي من تطور و تعقد المجتمع الذي تعيش فيه 2و هي عكس االحزاب السياسية .اذ
انها ال تقدم مرشحين لشغل المناصب العامة و انما تهتم في االساس بالتأثير على سياسات
1تنص املادة 171من التعديل الدستوري 2016ما يلي"متثل احملكمة العليا اهليئة العليا املقومة العمال اجلهات القضائية ميثل جملس
الدولة اهليئة املقومة العمال اجلهات القضائية االدارية….تفصل حمكمة التنازع يف حاالت االختصاص.
2مها عبد اللطيف احلديثي،مرجع سابق،ص25
95
الحكومة من خالل ممارسة الضغوط على المسؤولين العموميين 1كما تكون اهداف جماعات
المصالح 2اما مادية تسعى لتحقيق الربح او تكون ذات طابع ايديولوجي تهدف للدفاع عن قيم و
مبادئ معينة،و من ناحية تنوعها توجد الجماعات الترابطية التي تقوم على تنفيذ مطالب اعضائها
فيظهر بينهم قدر من الترابط،فهي تعبر عن المصالح من خالل توجيه المطالب نحو صنع
القرار،و الجماعات المؤسسية و تمثل مؤسسات الحكومة الرسمية كالجيش و البيروقراطية و
البرلمان و الكنيسة .و الجماعات غير الترابطية و التي ال تقوم على العامل االقتصادي فقط و
انما على عدة عوامل(الموقع الجغرافي،العرق،الجنس) و قد تمارس نشاطا سياسيا فتهدد النظام و
تؤدي الى عدم االستقرار و عليه فان تاثير جماعات الضغط في عملية اتخاذ القرار السياسي يبرز
من خالل الدفاع عن مصالح افرادها و عن االفكار و المبادئ التي يؤمنون بها،و هي تعمل على
توجيه سياسة الدولة في االتجاه الذي يخدم هذه المصالح و االفكار،فهدفها التأثير في السلطة
3
السياسية من اجل تحقيق المكاسب
لقد نتج عن شيوع مبدأ سيادة الشعب ظهور االحزاب السياسية في دول الديمقراطيات
التقليدية،و قيامها بدور على درجة كبيرة من االهمية في النظام السياسي الى الحد الذي اعتبر معه
وجود االحزاب السياسية في المجتمعات الديمقراطية بديهية من البديهيات 4و في هذا الصدد يقول
الفقيه النمساوي كلسن "ان العداء نحو االحزاب يخفي عداءا للديمقراطية ذاتها" و يضيف الى ذلك
االستاذ جارنر قوله "ان االحزاب تقوم في تسيير األداة الحكومية بمثل ذلك الدور الذي يقوم به
البخار في تسيير القاطرة البخارية".
و على هذا االساس تمثل االحزاب السياسية حلقة اتصال هامة بين الشعوب و
حكوماتها ،فمن خاللها يستطيع الناخبون اعمال ارادتهم السياسية و االبقاء على ممثلين خاضعين
للمساءلة كما انها تجند االفراد لشغل المناصب السياسية يعملون تحت رايتها،و اذا نجح حزب
1الري الويتز،ترمجة جابر سعيد عوض،نظام احلكم يف الواليات املتحدة االمريكية،اجلمعية املصرية لنشر املعرفة و الثقافة
العاملية،القاهرة،1996،ص90
2هناك من يفرق بني مجاعات الضغط و مجاعات املصلحة و تعترب االوىل ما هي اال فرع من مجاعات املصلحة يف حني يذهب البعض
االخر اىل انه ال يوجد اختالف بني مجاعات الضغط و مجاعات املصلحة الهنا مجيعها تضغط لتحقيق مصاحلها و يبدو ان الرأي االخري
اقرب للصحة،ملزيد من املعلومات انظر صادق االسوء،علم االجتماع السياسي،مرجع سابق،ص.507-506
3عصام سليمان،مدخل اىل علم السياسة،طبعة،2دار النضال،بريوت،1989،ص.101
4حسن البدراوي،االحزاب السياسية و احلريات العامة،دار املطبوعات اجلامعية،االسكندرية،2000،ص.12
96
سياسي في تمكين عدد كاف من مرشحيه من الفوز في االنتخابات،فانه يصبح بامكانه السيطرة
على الحكومة و تطوير السياسات العامة التي يراها مالئم ة. 1تشكل االحزاب السياسية اجد
مكونات النظام السياسي فهي توفر قنوات للمشاركة و التعبير عن الراي كما تعمل على تجميع
المصالح و تعبئتها و هي اداة للتنشئة و التجنيد السياسيين و تساهم في اضفاء الشرعية على نظم
الحكم،ان تاثير االحزاب السياسية في عملية صنع الق اررات السياسية تتم بواسطة العمل على
تحقيق التوفيق و الميل الى التوازن و معنى ذلك نبذ البدائل و الق اررات المتطرفة و التي قد تهدد
توازن النظام ككل و من جهة اخرى تعتبر االحزاب منظمات رقابية جماهرية تعمل على تنفيذ
الق اررات و السياسات .و اذ كان هذا دورها في ظل االنظمة الديمقراطية فانها في النظم السياسة
للدول النامية ال تمارس ذلك الدور االيجابي و المؤثر في صنع السياسات العامة و انما في مثل
هذه االنظمة تنحصر ممارسة السياسات العامة و تنفيذيها و الرقابة عليها في اطار الحزب الحاكم
و في ظل الحزب الواحد الذي يمثل الجهة الشرعية الوحيدة التي تمارس السياسة و يحتكر نشاط
العمل السياسي.2
1الري الويتز،نظام احلكم يف الواليات املتحدة االمريكية،ترمجة جابر سعيد عوض،مرجع سابق،ص76-75
2امحد زايد،الدولة يف العامل الثالث،طبعة ،1دار الثقافة،القاهرة،،1985،ص157
97
قائمة المراجع
-1ابراهيم درويش،النظام السياسي،دراسة فلسفية تحليلية،الجزء،1القاهرة،النهضة العربية.1968،
-2إبراهيم عبد العزيز شيحا ،الوجيز في النظم السياسية والقانون الدستوري ،الدار الجامعية،
بيروت.2016،
مجدالوي الشرعية،دار االسالم،السياسة في الحكم المومني،نظام محمد -3احمد
للنشر،االردن.2007،
-4احمد زايد،الدولة في العالم الثالث،طبعة ،1دار الثقافة،القاهرة.1985،
-5إدمون رباط ،الوسيط في القانون الدستوري العام ،الجزء .2دار العلم للماليين ،بيروت،
.1981
-6اوستن رني،سياسة الحكم،ترجمة حسن علي الدنون ،الجزءالثاني ،بغداد ،األهلية 1966 ،
-7اولوفيه دي هامبل و ايف ميني،المعجم الدستوري،ترجمة منصور القاضي،المؤسسة الجامعية
للدراسات و النشر و التوزيع ،بيروت .1996،
-8بطرس غالي ،محمود خيري عيسى ،المدخل إلى علم السياسة ،طبعة .1976 ،5
98
صالح حسين علي العبد اهلل،االنتخابات كأسلوب ديمقراطي لتداول السلطة،دار شتات -16
للنشر و البرمجيات،مصر.2011،
عادل ثابت ،النظم السياسية دراسة للنظم الرئيسية المعاصرة،دار الجامعة -71
الحديثة،اإلسكندرية1999،
و للنشر الربيعان المقارنة،شركة السياسية النظم اصول المنوفي، كمال -28
التوزيع،الكويت.1987،
99
الري الويتز،ترجمة جابر سعيد عوض ،نظام الحكم في الواليات المتحدة االمريكية، -29
الجمعية المصرية لنشر المعرفة و الثقافة العالمية،القاهرة1996،
محمد نصر مهنا ،في نظرية الدولة والنظم السياسية ،المكتب الجامعي الحديث، -32
اإلسكندرية.1999 ،
محمد كامل ابو ليلة،النظم السياسية،الدولة و الحكومة،الجزء األول،دار الفكر -33
العربي.1968،
محمد رفعت عبد الوهاب ،القانون الدستوري ،منشأة المعارف،اإلسكندرية.بدون سنة -34
مصطفى ابوزيد فهمي،فن الحكم في اإلسالم،دار الفكر العربي،القاهرة،الطبعة .1993،2 -35
مها عبد اللطيف الحديثي،محمد عدنان الخفاجي،النظام السياسي و السياسية -36
العامة،مركز الفرات للتنمية لدراسات اإلستراتيجية.2006،
المؤسسات و الدستوري سعد،القانون جورج فارجيه،ترجمة دي موريس -37
السياسية،المؤسسة الجامعية الحديثة.1992،
ناجي عبد النور،محاضرات من كتاب النظام السياسي الجزائري من األحادية الى -38
التعددية السياسية ،منشورات جامعة قالمة ، 2006،مستخرج من االنترنت.
نعمان احمد الخطيب،الوسيط في النظم السياسية و القانون الدستوري،طبعة 1 -39
.2007،
يحي الجمل ،األنظمة السياسية المعاصرة ،دار النهضة العربية ،بيروت .بدون سنة -40
100
الفهر س
تقديم
مقدمة
-المدلول الضيق
-المدلول الواسع
-مكونات النظام السياسي
-خصائص النظام السياسي
-كيف يؤدي النظام السياسي وظيفته في أي مجتمع؟(كيف يشتغل النظام؟)
-وظائف النظام السياسي
المستوى االول :قدرات النظام السياسي -1
المستوى الثاني:وظائف التحويل -2
المستوى الثالث :وظائف النمو و التكيف و االستمرار -3
-أسباب التحول في دراسة النظم السياسية المقارنة
-خصائص المدرستين التقليدية والمعاصرة في دراسة النظم السياسية
101
-تصنيف أرسطو لألنظمة السياسية
-تصنيف مونتسكيو لألنظمة السياسية
-اإلنتقادات الموجهة للتصنيفات الكالسيكية
102
-الثنائية الحزبية والنظام البرلماني
-المعارضة في االنظمة السياسية و الحزبية
-االنظمة التسلطية
-مفهوم الديكتاتورية
-األنظمة الدكتاتورية الرأسمالية
-األنظمة االشتراكية
-نظام الحكم في اإلسالم
المؤسسة التنفيذية
103
-القيود الواردة على سلطات رئيس الجمهورية
-مؤسسة الوزير االول
عالقة رئيس الجمهورية والوزير االول بالسلطة التشريعية -
-عالقة الحكومة بالسلطة القضائية
المؤسسة القضائية
104