You are on page 1of 104

‫جامعة باتنة‪I‬‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬

‫قسم الحقوق‬

‫محاضرات في األنظمة السياسية‬


‫المقارنة‬

‫السنة االولى ليسانس‬

‫المجموعة الثالثة‬

‫الدكتورة ‪ :‬خلفة نادية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫تقديم‬

‫تعتبر االنظمة السياسية احد المواضيع االساسية في الدراسات الدستورية و السياسية خاصة‬
‫بعد ظهور و تطور المنهج المقارن في الستينيات من القرن الماضي على يد كل من مقريدس و‬
‫غابلاير الموند وباول و موريس دي فارجيه و ساال موندو و دافييد ايستون و صامويل هانتنجتون‬
‫في الغرب ‪،‬مقابل علماء و مختصين عرب مثل بطرس غالي‪،‬خيري عيسى و ادمون رباط‪ ،‬يحي‬
‫الجمل و جمال سالمة و محمد كامل ابو ليلة‪.‬‬

‫الكتاب هؤالء ساهموا مساهمة كبيرة في تطوير الدراسات المقارنة للنظم السياسية مستعملين‬
‫مقتربات قانونية و سياسية من اجل دراسة و تحليل النظم هيكليا و وظيفيا‪.‬‬

‫و عليه فان هدف هذه المطبوعة يتمثل في التعريف بمجهودات هؤالء الكتاب او الفقهاء في‬
‫ابراز الحقل المعرفي للنظم السياسية مع التركيز على االبعاد القانونية (الدستورية) و السياسية و‬
‫دور االحزاب السياسية في اعطاء الحياة والحيوية للنظم السياسية و مؤسساته الرئيسية‪.‬‬

‫كما ان الهدف الذي أتوخاه من هذا العمل أن أقدم محاضرات في األنظمة السياسية‬
‫المقارنة‪،‬تتسم باالختصار و بالدقة في طرح األفكار األساسية في مجال األنظمة السياسية و حقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬باالعتماد على المنهج المقارن باعتباره األقدر على الفهم و التحليل و الدقة و التقييم‬
‫وعلى الرغم من االختصار في كثير من الجوانب فان المسائل التي تطرح سوف تكشف عن‬
‫مجموعة من األفكار المهمة حول النظام السياسي و ما يحتويه‪.‬‬

‫ايضا ‪،‬فان من بين ما اطمح إليه ‪ ،‬أن تحظى هذه المحاضرات ببعض االهتمام من طرف‬
‫طلبة الماستر تخصص حقوق اإلنسان و األنظمة السياسية أو من طرف كل مهتم بهذا النوع من‬
‫البحوث ‪،‬وان تحقق الفائدة المرجوة منها‪..‬‬

‫و عليه فان المحاور التي تتطرق لها هذه المحاضرات هي‪:‬‬

‫‪ -‬ماهية النظام السياسي و مكوناته‪.‬‬


‫‪ -‬تصنيفات األنظمة السياسية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -‬دور األحزاب في األنظمة السياسية‪.‬‬
‫‪ -‬مؤسسات النظام السياسي‪.‬‬

‫و كل محور من هذه المحاور االربعة يتطرق الى مجموعة من العناصر التي يحتويها‬
‫متن هذه المحاضرات‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫مقدمة‬

‫بموجب مرسوم فرنسي صادر عام ‪،1954‬و في إطار إصالح مناهج الدراسة بكلية‬
‫الحقوق بفرنسا أضيفت عبارة األنظمة السياسية إلى اصطالح القانون الدستوري‪ .‬هذا األخير الذي‬
‫كان معروفا وحده كأحد مواد الدراسة في كليات الحقوق في فرنسا‪ .‬و أصبح اسم هذه المادة بعد‬
‫هذه االضافة ‪ :‬القانون الدستوري و األنظمة السياسية‪ .‬الحكمة من هذه اإلضافة كما يقول الفقيه‬
‫الفرنسي " موريس دي فارجيه "حتى ال يقتصر أساتذة القانون الدستوري على مجرد التحليل‬
‫القانوني‪ ،‬ومجرد الشرح الفقهي لنصوص الدستور التي تتضمن بيان أنظمة الحكم في الدول‬
‫المختلفة‪ .1‬ومعنى كل ذلك إدخال روح جديدة أو طريقة جديدة في دراسة هذه المادة‪ .‬ترتب على‬
‫ذلك أن األساتذة لم يعودوا يدرسوا أنظمة الحكم التي عمد الدستور على تنظيمها فحسب ‪،‬وانما‬
‫أصبحوا يعتنون بدراسة غيرها من األنظمة والقوى السياسية التي ال يعرض لها الدستور عادة وفي‬
‫أغلب الدول ‪(،‬كاألحزاب السياسية والرأي العام والدعاية والجماعات الضاغطة)‪.‬والتي تعد من بين‬
‫الفواعل المؤثرة في صنع القرار السياسي و السياسات العامة ‪.‬وعليه تعنى هذه المحاضرات بتأصيل‬
‫مفهوم النظام السياسي‪،‬و تحليل المكونات و الخصائص المميزة له و التصنيفات التي ينتظم فيها و‬
‫تفاعالت و تداخل مكوناته الرسمية و غير الرسمية‪.‬‬

‫وعندما لم تعد الدراسة قانونية فحسب ‪،‬وانما أصبحت تبين إلى أي حد يجري تطبيق تلك‬
‫األنظمة في الحياة السياسية وفقا أو بعيدا عن أحكام القانون‪.‬أي ببيان مبلغ األهمية الحقيقية لتلك‬
‫األنظمة في الواقع و التطبيق العملي‪ ،‬كما أن الدراسة أصبحت دراسة مقارنة لألنظمة السياسية‪ ،‬إذ‬
‫ال يجب االقتصار على أنظمة الديمقراطيات الغربية (الحرة)‪ ،‬وانما يجب أن تشمل الدراسة في‬
‫إطار مقارنة ‪:‬األنظمة الديكتاتورية الغربية واألنظمة الماركسية التي كثير ما أطلقت على نفسها‬
‫تسمية الديمقراطيات الشعبية وكذا أنظمة العالم الثالث‪.‬‬

‫‪1‬ماجد راغب احللو‪،‬النظم السياسية و القانون الدستوري‪،‬منشأة املعارف االسكندرية‪،2000،‬ص‪.33‬‬

‫‪4‬‬
‫فانه يمكن القول انه وبناء على ما سبق‪ ،‬وكما يقول بعض الفقه ‪ :‬األنظمة يجب أن تدرس‬
‫‪1‬‬
‫وتفحص كأنها كائن حي ال كأنها جثة هامدة راقدة في قبور نصوص الدستور‪.‬‬

‫المحور االول‪ :‬ماهية النظام السياسي ‪:‬‬

‫لتعبير النظم السياسية‪ ،2‬معنيان أحدهما ضيق وهو التعريف التقليدي وآخر واسع‪ ،‬وهو‬
‫التعريف الحديث والسائد اليوم‪.‬‬

‫المدلول الضيق‪:‬‬

‫في البداية استخدم مفهوم النظام السياسي كمرادف لنظام الحكم‪ ،‬اذ أن المدرسة الدستورية‬
‫التقليدية فهمته على انه المؤسسات السياسية و بالذات المؤسسات الحكومية (تشريعية‪ .‬تنفيذية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫قضائية)‬

‫و عليه‪،‬و وفقا للمدلول الضيق فنظام الحكم او النظام السياسي يقصد به دراسة أنظمة الحكم في‬
‫الجماعات السياسية المختلفة ‪ .‬مما يعني أن دراسة النظام السياسي لدولة ما يجب أن يقتصر على‬
‫بحث كيفية ممارسة السلطة السياسية في تلك الدولة‪ ،‬كما ينظمها القانون القائم بها (الدستور) وفي‬
‫هذه الحالة يرادف مصطلح نظام سياسي مصطلح نظام الحكم و لكن وعندما لم يعد هذا المدلول‬
‫الضيق (التقليدي) للنظم السياسية يتوافق مع روح العصر‪ ،‬ألن التنظيمات التي تسيطر عليها‬
‫الدولة لم تعد تقتصر على تلك التنظيمات التي أقرها الدستور (السلطة التشريعية‪ .‬التنفيذية‪.‬‬
‫القضائية) إنما هناك قوى خفية كمكونات غير رسمية فعلية تعمل و تؤثر في طريقة ممارسة‬
‫السلطة داخل الدولة‪ ،‬وتتمثل هذه القوى في األحزاب السياسية وجماعات الضغط والمنظمات‬
‫االجتماعية والرأي العام وغيرها من المؤسسات التي تؤثر بطريقة أو بأخرى في اتخاذ القرار‬

‫‪1‬عبد احلميد متويل‪,‬القانون الدستوري واألنظمة السياسية‪،‬منشأة املعارف‪،‬االسكندرية‪ 1993،‬ص ‪.13‬‬


‫‪ 2‬النظام السياسي عند احمللل السياسي دافيد استون هو "علبة سوداء ويتساءل من يسكن هذه العلبة ؟ كيف ميكن الولوج‬
‫إليها؟ ماذا حيدث بداخلها؟ كيف تتخذ القرارات فيها؟"‪.‬‬

‫‪3‬علي الدين هالل‪ ،‬نيفني مسعد‪ ،‬النظم السياسية العربية‪ ،‬قضايا االستمرار و التغيري‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،2010 ،‬ص‪.10‬‬

‫‪5‬‬
‫السياسي وصناعة السياسات العامة ‪ ،‬وتبعا لذلك فإن الدراسة الموضوعية الجادة للنظم السياسية‬
‫ينبغي أن تشمل دراسة مثل هذه القوى الفاعلة داخل الدولة ‪ .‬ومن هنا ظهر المدلول الواسع في‬
‫دراسة النظام السياسي كأحد االبعاد الجديدة التي نادت بها المدرسة السلوكية‪.‬‬

‫المدلول الواسع‪:‬‬

‫أصبح مدلول النظام السياسي أعم وأشمل عما كان عليه ‪ ،‬ومعناه دراسة أنظمة الحكم‬
‫التي تسود الدول المعاصرة ليس فقط من خالل القواعد الدستورية الوضعية (النظرية المجردة)‬
‫‪،‬وانما من خالل ما يسود هذه الدول من مبادئ فلسفية وسياسية واجتماعية واقتصادية ‪.‬ومن خالل‬
‫مدى التفاعالت التي تنشأ عن وجود القوى االجتماعية الفعلية مثل االحزاب وتأثيرها على القوى‬
‫الرسمية (الحكام )‪ ،‬في مباشرتها لمهام السلطة ‪.‬يترتب على هذا المدلول أن النظام السياسي‬
‫يختلف من دولة ألخرى بحسب اختالف الفلسفات السياسية واالقتصادية واالجتماعية التي تدين‬
‫بها الدولة‪ .1‬ويختلف تبعا لوجود أو عدم وجود قوى اجتماعية فعلية (األحزاب السياسية والجماعات‬
‫الضاغطة) إلى جانب القوى الرسمية ‪ ،‬ومدى األدوار التي تسهم بها في تسيير الحياة السياسية‬
‫وتأثيرها على م اركز القوى الرسمية‪.‬‬

‫خالصة القول ان النظام السياسي و في مدلوله الواسع يشير الى مجموعة التفاعالت و‬
‫العالقات و األدوات التي ترتبط بظاهرة السلطة سواء من حيث منطلقها(الجانب األيدلوجي) او‬
‫‪2‬‬
‫القائمين على السلطة(النخبة) أو االطار المنظم لها(الجوانب المؤسسية)‬

‫من هنا عرف النظام السياسي و وفقا للمدلول الواسع تعريفات عديدة و منها‪:‬‬

‫"روبرت دال" بأنه‪" :‬نمط مستمر للعالقات اإلنسانية تتضمن التحكم والنفوذ والقوة و‬ ‫تعريف‬
‫السلطة بدرجة عالية"‪.3‬‬

‫‪1‬ابراهيم عبد العزيز شيحا‪،‬الوجيز يف النظم السياسية و القانون الدستوري‪،‬الدار اجلامعية‪،‬بريوت‪،2016،‬ص‪.8‬‬


‫‪2‬كمال املنويف‪،‬اصول النظم السياسية املقارنة‪،‬شركة الربيعان للنشر و التوزيع‪،‬الكويت‪،1987،‬ص‪.45-39‬‬
‫‪3‬روبرت دال‪،‬التحليل السياسي احلديث‪،‬ترمجة عال ابو زيد‪ ،‬االهرام‪،‬القاهرة‪،1993 ،‬ص‪.10‬‬

‫‪6‬‬
‫غير أن هذا التعريف اعتبر قاص ار لعموميته و ألنه لم يحدد نوعية األنظمة وال يشير إلى‬
‫النظام السياسي فقط ‪،‬فاألنظمة االجتماعية واالقتصادية والدينية تمتاز أيضا بسمات القوة و النفوذ‬
‫والسلطة وهي تعمل في إطار التفاعالت والعالقات اإلنسانية‪.1‬‬

‫وعرف أيضا بأنه ‪ ":‬مجموعة من األنماط المتداخلة والمتشابكة والمتعلقة بعمليات صنع الق اررات‬
‫والتي تترجم أهداف وخالفات و منازعات المجتمع الناتجة من خالل الجسم العقائدي الذي اضفى‬
‫صفة الشرعية على القوة السياسية فحولها الى سلطات مقبولة من الجماعة السياسية تمثلت في‬
‫المؤسسات السياسية"‪ .‬هذا التعريف اعتبر النظام السياسي عبارة عن عناصر متفاعلة وهذه‬
‫العناصر تمثل المؤسسات التي لها نشاطات محددة مهمتها ترتبط بعمليات صنع الق ارر و ذلك من‬
‫خالل ترجمة التشريعات القانونية الى سياسات عامة على ارض الواقع‪.2‬‬

‫اما دافيد استون فعرفه بأنه ‪ ":‬مجموع التفاعالت و األدوار المتداخلة والمتشابكة التي تتعلق‬
‫بعملية التوزيع اإللزامي للقيم ( التخصص السلطوي للقيم ) بموجب ق اررات سياسية ملزمة للجميع‪.‬‬
‫هذه األدوار تتضمن االستخدام الفعلي أو التهديد باستخدام اإلرغام المادي المشروع في سبيل‬
‫تحقيق تكامل وتكيف المجتمع على الصعيدين الداخلي والخارجي ‪.‬‬

‫عرف أيضا بأنه ‪ ":‬نسق يتعلق بالسلطة السياسية ويتكون من عدة أجزاء (مؤسسات رسمية وغير‬
‫رسمية ) تترابط فيما بينها وهذا النسق يتفاعل مع البيئة الداخلية والخارجية بما يؤدي إلى استم ارره"‪.‬‬

‫مكونات النظام السياسي‪:‬‬

‫و يقصد بها العناصر التي يتشكل منها النظام السياسي‪،‬و في هذا الخصوص يرى دافييد‬
‫ابتر بان النظام السياسي يتكون من الحكومة‪،‬الجماعات السياسية‪،‬نظام التدرج االجتماعي‪ .‬هذا و‬
‫يرى كاروي ماكريدس و باعتباره من الناقدين لالقترابات التقليدية في دراسة النظم السياسية انه‬
‫لدراسة نظام سياسي ال بد من دراسة الحكومة و االطار التاريخي و االجتماعي و الجغرافي لها و‬

‫‪1‬مها عبد اللطيف احلديثي‪،‬حممد عدنان اخلفاجي‪،‬النظام السياسي و السياسة العامة‪،‬مركز الفرات للتنمية و الدراسات‬
‫االسرتاتيجية‪،2006،‬ص‪.3‬‬
‫‪2‬ابراهيم درويش‪،‬النظام السياسي‪،‬دراسة فلسفية حتليلة‪،‬اجلزء االول‪ ،‬النهضة العربية‪،‬القاهرة‪،1968 ،‬ص‪.43‬‬

‫‪7‬‬
‫التنظيمات االجتماعية و االقتصادية و دراسة األيديولوجيا و نسق القيم السائد من حيث نمطها‬
‫‪.1‬‬
‫السياسي و دراسة األحزاب السياسية و الجماعات الضاغطة و بيئة القيادة‬

‫و تأسيسا على ما سبق‪ ،‬فان النظام السياسي تتداخل فيه مكونات اجتماعية وحكومية‬
‫وثقافية وعقائدية واقتصادية‪ ،‬إضافة إلى أن عوامل التقدم الفني والحضاري تؤثر تأثي ار كبي ار في‬
‫النظام السياسي وتتفاعل معه‪ ،‬فهو حصيلة تفاعل بين مكوناته االجتماعية‪،‬الثقافية‪،‬الحكومية و‬
‫االقتصادية و العقائدية‪.‬‬

‫و لما كان لكل نظام سياسي عقيدة فلسفية سياسية يمارسها من خالل مؤسساته التي يتكون‬
‫منها‪ ،‬فهو يتكون من مجموعة مؤسسات يناط بها وظائف معينة وتتمثل في الحكومة‪ ،‬البرلمان‪،‬‬
‫القضاء الحزب‪ ،‬الجماعات الضاغطة وغيرها‪ ،‬فجميع هذه المكونات يؤثر ويتأثر بها النظام‬
‫السياسي‪ ،‬فهم جميعهم صانعو النظام السياسي‪.2‬‬

‫خصائص النظام السياسي‪:‬‬

‫من أهم سمات النظام السياسي ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ التعقيد في تركيبه والسبب في ذلك أن النظام السياسي نظام فرعي متشابك مع نظم فرعية أخرى‬
‫ومتفاعل معها في نظام كلي هو النظام اإلجتماعي الذي تندمج فيه و تخضع له سائر التنظيمات‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬‬ ‫معين‬ ‫اقليم‬ ‫على‬ ‫الموجودة‬ ‫الفرعية‬ ‫االجتماعية‬ ‫والمجموعات‬
‫‪2‬ـ النظام السياسي نظام تكيفي إذ يعتقد دافيد أستون أن القدرة الحقيقية لبعض األنظمة(االنظمة‬
‫الغربية او ما يعرف باالنظمة المفتوحة) على االستقرار والبقاء رغم الضغوط والتوترات غير‬

‫‪1‬عبد العايل عبد القادر‪ abdelaliabk@gmail.com 2008.2007،‬نقال عن ‪sharme manoj.comparative‬‬


‫‪politics and political analysi new delhi ammol bob 2007.03‬‬
‫‪2‬عبد اهلل احلسن اجلوجو‪،‬االنظمة السياسية املقارنة‪،‬اجلامعة املفتوحة‪،‬ليبيا‪،1997،‬ص‪17‬‬
‫‪3‬موريس دي فارجيه‪،‬ترمجة جورج سعد‪،‬القانون الدستوري و املؤسسات السياسية‪،‬املؤسسة اجلامعات احلديثة للدراسات و النشر و‬
‫التوزيع‪،1992،‬ص‪.19‬‬

‫‪8‬‬
‫العادية‪ ،‬ترجع إلى امتالك هذه األنظمة مقدرات لإلستجابة في مواجهة هذه الضغوط فهو إذا نظام‬
‫تكيفي‪.‬‬

‫‪3‬ـ النظام السياسي نظام مفتوح‪ :‬ينظر دافيد إستون إلى النظام السياسي(انظمة الديمقراطيات‬
‫األخرى‪.‬‬ ‫باألنظمة‬ ‫ويتأثر‬ ‫يؤثر‬ ‫مفتوحا‬ ‫نظاما‬ ‫يشكل‬ ‫بأنه‬ ‫الغربية)‬
‫‪4‬ـ كل النظم السياسية تضم عناصر حديثة وأخرى تقليدية‪ ،‬بسيطة و معقدة فليست هناك أبنية‬
‫أوانظمة او ثقافات حديثة بالكامل وال هناك أبنية اوانظمة أو ثقافات تقليدية بالكامل‪.1‬‬

‫كيف يؤدي النظام السياسي وظيفته في أي مجتمع؟(كيف يشتغل النظام؟)‬

‫كل نظام سياسي يمر بفترة نشاط وقوة وحركية‪ ،‬كما أنه يمر في نفس الوقت بفترات تأزم‬
‫وربما السقوط إذا لم يتمكن من حماية نفسه‪ .‬لذلك فإن كل نظام يسعى للمحافظة على حياته شأنه‬
‫في ذلك شأن األفراد وذلك لتدعيم مكانته وتحصين نفسه ضد األخطار التي تهدد حياته‪ .‬والقوة‬
‫المغذية له يطلق عليها اسم النفوذ ‪.‬ولكن مقابل ذلك توجد قوة أخرى تغذية للحفاظ على ديمومته‬
‫واستق ارره هي ضرورة الحصول على طاعة جميع األفراد سواء بالنسبة لقبول الق اررات الصادرة عنه‬
‫أو اإلعتراف به كسلطة عليا‪ 2‬وهذا ما يسمى بوسائل التأييد‪.‬‬

‫و لما كان النظام السياسي ال يوجد في فراغ و انما يحيي في بيئة داخلية يؤثر و يتأثر بها‪،‬‬
‫كما يتأثر بالبيئة الخارجية و يؤثر فيها‪ .‬و هكذا فانه يقوم بوظيفته على جبهتين‪ :‬الجبهة الداخلية‬
‫والتي هي عبارة عن المجتمع المحلي الذي يتقدم بطلباته إلى النظام السياسي ليدرسها بإمعان‬
‫ويصدر ق ارره النهائي بشأنها‪ .‬والقرار المتخذ قد يجلب له التأييد الشعبي أو يسحب الثقة منه إذا لم‬
‫يتمكن من إرضاء رغبات الفئة اإلجتماعية التي تقدمت بطلباتها‪ .‬وهكذا تبقى األمور تسير في‬
‫حلقات دائرية ويعيش النظام السياسي في أخذ ورد‪ .‬أما الجبهة الخارجية فهي أن النظام السياسي‬
‫يتلقى طلبات من الخارج وعليه أن يتخذ الق اررات بشأنها وقد تلقى تدعيما وتأييدا من األنظمة‬

‫‪1‬تامر كامل حممد اخلزرجي‪،‬االنظمة السياسية احلديثة‪،‬عمان‪،‬االردن‪،2004،‬ص‪.61‬‬


‫‪2‬عمار بوحوش‪،‬تطور النظريات واألنظمة السياسية‪ ،‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪،‬اجلزائر‪،1984،‬ص ‪.12‬‬

‫‪9‬‬
‫السياسية األجنبية أو تسحب الثقة منه‪ ،‬وعليه أن يتجنب العزلة‪ 1‬اذ يستحيل على اي نظام ان ينأى‬
‫بنفسه عن تأثير البيئة التي تحيط به و يعمل فيها سواء كانت اقليمية او دولية‪.‬‬

‫النتيجة التي يكمن الوصول اليها هي ان النظام السياسي يشير الى نشاطات و عمل‬
‫المؤسسات التي تمثل مكوناته و تمثل نشاطات تلك المؤسسات اليات عمل النظام السياسي و من‬
‫خاللها تتحدد اسس صناعة السياسة و كيفية التوصل الى القرار بصيغته النهائية وكل ذلك من‬
‫خالل التوافق بين المؤسسات ‪.‬و هكذا كلما كان هناك توازن وتفاعل بين مؤسسات النظام السياسي‬
‫كلما كان القرار السياسي أكثر قدرة على النجاح وأكثر قابلية للتطبيق وأكثر تقبل من عموم‬
‫المجتمع‪.2‬‬

‫وظائف النظام السياسي‪:‬‬

‫يقصد بها مجموع األنظمة الضرورية التي على النظام إنجازها ليؤدي وظائفه و ليضمن‬
‫بقائه واستم ارره و يتوافق مع بقية افراد مجتمعه ‪ ،‬وقسمها غابلاير ألموند في كتابه بعد ما تم تطويره‬
‫إلى ثالثة مستويات‪:‬‬

‫المستوى األول‪:‬قدرات النظام السياسي وتتمثل في‪:‬‬

‫أـ القدرة اإلستخراجية‪ :‬وتشير إلى قدرة النظام السياسي على استخراج الموارد المادية والبشرية سواء‬
‫كان مصدرها البيئة الداخلية أو الخارجية‪ ،‬ومن أكثرها شيوعا ‪:‬الضرائب‪ ،‬اإلعانات‪ ،‬الخدمة‬
‫العسكرية‪ ،‬وهي يعبر عنها كميا بنسبة الناتج القومي ‪.‬‬

‫ب ـ القدرة التنظيمية‪:‬وتشير إلى ممارسة النظام السياسي ‪،‬الرقابة على سلوك األفراد والجماعات‬
‫في المجتمع‪ .‬ويتم ربط التنظيم بالقوة الجبرية الشرعية أو التهديد بها ‪ .‬وقد اتسع النشاط التنظيمي‬
‫للدولة بفعل المشاكل التي أفرزتها عمليتي التحديث والتنمية كالتلوث‪،‬االمن الصناعي‪،‬الصحة ‪.‬‬

‫‪1‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪18‬‬


‫‪2‬مها عبد اللطيف احلديثي‪،‬حممد عدنان اخلفاجي‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.3‬‬

‫‪10‬‬
‫ج ـ القدرة التوزيعية‪:‬وتشي ارلى توزيع السلع والخدمات والوظائف واألموال والجوائز والفرص على‬
‫األفراد والجماعات واألقاليم بالشكل الذي يضمن تحقيق العدالة والتوازن‪.1‬‬

‫د ـ القدرة الرمزية‪ :‬وتعني اإلستخدام الفعال للرموز السياسية التي تدعم الشعور بالمواطنة وتغذي‬
‫اإلحساس بالوالء للوطن وتدفع المواطنين إلى تقبل التضحيات في سبيل الوطن ومنها زيارات كبار‬
‫المسؤولين‪ ،‬الخطب‪ ،‬التصريحات السياسية ‪.‬‬

‫هـ ـ قدرة االستجابة‪ :‬وتتضمن قدرات النظام على االستجابة لمطالب البيئة وضغوطها و الرد على‬
‫تلك المطالب من خالل ق اررات وأفعال‪.2‬‬

‫المستوى الثاني‪ :‬وظائف التحويل وتشمل‪:‬‬

‫أ ـ التعبير عن المصلحة‪ :‬وهي العملية التي يبرز بها األفراد والجماعات لصانعي القرار مطالبهم‬
‫وعادة ما تتم من خالل القنوات الشرعية و قد يتم ذلك ايضا باستخدام القنوات غير الشرعية (‬
‫العنف)‪.‬‬

‫ب ـ تجميع المصالح‪ :‬وهي تحويل المطالب إلى بدائل لبلورة المطالب لتقدم في شكل مقترحات‬
‫تعرض على صانعي القرار ومن البديهي وجود أبنية تقوم بتجميع المصالح كاألحزاب‪.‬‬

‫ج وظيفة اإلتصال السياسي وتشير إلى عملية انتقال المعلومات من البيئة نحو النظام السياسي‬
‫والعكس‪ ،‬وتقوم بها أجهزة اإلعالم ‪.3‬‬

‫ج ـ الوظائف الحكومية ‪ :‬وتشمل‪:‬‬

‫ـ وظيفة صنع القاعدة وهي التشريع وسن القوانين ‪.‬‬

‫‪1‬تامر اخلزرجي‪،‬االنظمة السياسيةاحلديثة‪،‬عمان‪،‬االردن‪،2004،‬ص‪.64‬‬


‫‪2‬ناجي عبد النور‪،‬حماضرات من كتاب النظام السياسي‪،‬مستخرج من االنرتنت‪.‬‬
‫‪3‬القنوات الشرعية تتمثل يف األحزاب ومجاعات املصاحل و االعالم وإحتاد العمال والنقابات‪ ،‬والغرف التجارية والتعاونيات الفالحية‬
‫واجلماعات الدينية‪ .‬أما القنوات غري الشرعية فتتمثل يف (العنف‪ ،‬املظاهرات‪ ،‬أعمال الشغب) واستخدامها ال شك سيؤثر يف النظام بشكل‬
‫اجيايب‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ .‬وظيفة تنفيذ القاعدة و تتعلق باالجهزة التنفيذية‪.‬‬

‫ـ وظيفة تطبيق القاعدة و يقوم بها جهاز القضاء ‪.‬‬

‫المستوى الثالث‪ :‬وظائف النمو والتكييف واإلستمرار‪:‬‬

‫يفترض في النظام السياسي ان يعمل على حفظ ذاته من خالل مؤسسات يبنيها و قواعد‬
‫يقررها و ممارسات يلتزم بها و عالقات يدخل فيها و وظائف يؤديها وتتمثل وظائف النمو و‬
‫االستمرار في‪ :‬التنشئة السياسية والتجنيد السياسي‪ .‬وتتم التنشئة عن طريق نقل ثقافة المجتمع‬
‫عبر األجيال بواسطة األسرة والمدرسة‪ ،‬الحزب ودور العبادة‪ 1‬و وسائل اإلعالم‪ .‬و عليه التنشئة‬
‫السياسية هي‪( .‬تلقين ونقل وغرس قيم واتجاهات سياسية معينة تؤثر في مواقف األفراد وأدوارهم في‬
‫ومهارت سياسية للقيام بها)‪.‬‬
‫ا‬ ‫النظام السياسي‪،).‬أماالتجنيد فهو ( إكساب األفراد خبرات‬

‫‪1‬جابر سعيد عوض‪ .‬النظم السياسية املقارنة ـ النظرية والتطبيق ‪ ،‬جامعة القاهرة ‪ ،‬مطبعة العشري‪ ،‬بدون سنة ‪ ،‬ص‪.52‬‬

‫‪12‬‬
‫أسباب التحول في دراسة النظم السياسية المقارنة ‪:‬‬

‫في الماضي سيطر الطابع الدستوري على دراسة نظم الحكم حيث انصب اإلهتمام في‬
‫المعالجات على شكل الدولة وشكل الحكومة من حيث نشأتها وأركانها وأنواعها‪ ،‬والحكومة‪ 1‬من‬
‫حيث التكوين والصالحيات الدستورية للسلطات الثالث‪ :‬التشريعية التنفيذية والقضائية وعلى‬
‫الدستور من حيث كيفية وضعه وأنواعه وأسلوب تعديله‪.2‬‬

‫وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية بدأت تظهر كتابات تجاوزت هذا اإلطار التقليدي‬
‫وأحاطت بمختلف الظواهر السياسية الجديدة مما أدى بالمعنيين بتحليل النظم السياسية إلى‬
‫االرتباط بالمنهج العلمي التجريبي وباالتجاه السلوكي‪3‬عرف باسم المدرسة المعاصرة أو المدرسة‬
‫السلوكية في تمييزها عن المدرسة التقليدية التي سادت حقل العلوم السياسية طوال القرن التاسع‬
‫عشر والنصف األول من القرن العشرين‪.‬‬

‫من الطبيعي أن توجد أسبابا تدفع نحو التحول من المدرسة التقليدية التي يطلق عليها‬
‫بالمدرسة القانونية او الدستورية بخصائصها السابق االشارة اليها إلى المدرسة المعاصرة التي تتسم‬
‫بخصائص أخرى كاعتمادها على السلوك او التفاعل من اجل الوصول الى تعميمات نظرية‬
‫بخصوص السلوك االنساني‪ 4‬ولعل الدافع األول إلى ذلك هو عدم رضى الدارسين عن حالة الحقل‬
‫(حقل العلوم السياسية) ورغبتهم في تطويره ومن األسباب ما يلي‪:‬‬

‫‪1‬ـ زوال الظاهرة االستعمارية مع انهيار اإلمبراطوريات االستعمارية التقليدية (بريطانيا‪ ،‬فرنسا ‪،‬‬
‫ألمانيا‪).‬‬

‫‪ 1‬األنظمة السياسية املعاصرة ال تقتصر على دراسة أشكال احلكومات إذ أن هذه األشكال ال متثل إال وجها واحدا من حقيقة النظام‬
‫السياسي‪.‬‬
‫‪2‬تامر كامل حممد اخلزرجي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪3‬عادل ثابت ‪ ،‬النظم السياسية ‪،‬دراسة للنظم الرئيسية املعاصرة‪ ،‬دار اجلامعة احلديثة‪،‬اإلسكندرية ‪،1999،‬ص‪.08‬‬
‫‪ 4‬عبد العايل عبد القادر‪،‬مرجع سبق االشارة اليه‪،‬ص‪.8‬‬

‫‪13‬‬
‫‪2‬ـ ظهور البلدان حديثة العهد باالستقالل والذي ترتب على انتهاء الظاهرة االستعمارية‪ ،‬وكلما زاد‬
‫عدد البلدان التي تجري المقارنات بينها كلما أدى ذلك إلى مزيد من الدقة بالنسبة للنظريات التي‬
‫يمكن الوصول إليها‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ظهور الواليات المتحدة األمريكية كقوة عظمى إلى جانب اإلتحاد السوفياتي وخوفا من انتشار‬
‫المد الشيوعي في الدول حديثة االستقالل ورغبة في جذبها إلى المعسكر الغربي ونتيجة لقلة خبرتها‬
‫بهذه المستعمرات (الشرق األوسط‪ ،‬إفريقيا‪ ،‬آسيا) مما دفعها إلى محاولة فهم واقع تلك المجتمعات‬
‫حديثة العهد باالستقالل وارسال بعثات علمية إلى هذه البلدان ومن أشهرهم دافيد إيستون وغابلاير‬
‫ألموند وسيدني فيربا وصامويل هانتنجتون‪ .‬وبهذا ظهرت المدرسة السلوكية المعاصرة كنظريات‬
‫علمية تجريبية وبأدوات منهجية جديدة مخالفة لما كانت عليه المدرسة القديمة لدراسة النظم‬
‫السياسية‪.‬‬

‫خصائص المدرستين التقليدية والمعاصرة في دراسة النظم السياسية‪:‬‬

‫تتميز المدرسة الكالسيكية المعروفة بالمدرسة القانونية او الدستورية و التي تركز على دراسة‬
‫مؤسسات الدولة و االبنية الحكومية ‪ ،‬عن نظيرتها (المدرسة السلوكية) ‪.‬هذه االخيرة التي هي‬
‫عبارة عن اتجاه منهجي بحثي يتبنى مقاربة اكثر شموال و دقة و مقارنة و تحليال‪.‬بمجموعة من‬
‫الخصائص ‪ .‬و في هذا الجدول تتبين خصائص كل واحدة‪.‬‬

‫المدرسة المعاصرة‬ ‫المدرسة التقليدية‬


‫‪1‬ـ هيمنت في الفترة السابقة على الحرب العالمية ‪1‬ـ سادت في أعقاب الحرب العالمية‬
‫الثانية (مطلع الخمسينيات من القرن‬ ‫الثانية ‪.‬‬
‫‪2‬ـ ركزت بشكل أساسي على الوصف الشكلي ‪.20‬‬
‫‪2‬ـ تجاوزت الوصف نحو التحليل‪.‬‬ ‫القانوني للحكومات ‪.‬‬
‫إهتمت بدراسة المؤسسات الرسمية (السلطة ‪3‬ـ تم التركيز على الجانب غير الرسمي‬ ‫‪3‬ـ‬
‫دون إهمال للجوانب الرسمية‪.‬‬ ‫التنفيذيةـ التشريعية )‬
‫‪4‬ـ إتسم نطاق الدراسة بالمحدودية (عدد محدود من ‪4‬ـ إتسع نطاق الدراسة نتيجة تزايد عدد‬

‫‪14‬‬
‫الدول األوربية ‪ +‬روسيا والواليات المتحدة األمريكية ) الوحدات الدولية موضع الدراسة‪.‬‬
‫النظريات األمبريقية‬ ‫أنصارها ضيقوا األفق لتحيزهم للفكر الغربي‪5 .‬ـ إهتمت ببناء‬
‫‪5‬ـ لم تهتم ببناء النظريات ويرجع ذلك إلى إهتمامها القادرة على التفسير والتنبؤ ‪.‬‬
‫بالوصف أكثر من التحليل والى محدودية نطاق ‪6‬ـ في إطار سعيها لبناء نظريات قامت‬
‫بتطوير مجموعة من األدوات المنهجية‬ ‫الدراسة‪.‬‬
‫بروز مجموعة من‬ ‫‪6‬ـ إتسمت بالقصور المناهجي (ال تعتمد على أساليب مما أدى إلى‬
‫بحث علمية متطورة) ( لم تعمل على تطوير أدوات اإلقترابات‪.‬‬
‫‪7‬ـ علمية تتسم بالحداثة‪ ،‬جاءت بمفاهيم‬ ‫منهجية )‬
‫‪7‬ـ غير علمية ( المفاهيم‪ ،‬النماذج‪ ،‬النظريات) كانت جديدة لدراسة النظم السياسية‪.‬‬
‫بدائية‪.‬‬

‫ومن المفاهيم الجديدة التي جاءت بها المدرسة السلوكية مفهوم النظام السياسي‪ ،‬الثقافة‬
‫السياسية‪ .‬مفهوم التحديث‪ ،‬مفهوم التنمية‪،‬مفهوم النخبة ومفهوم التغير‪ ،‬فهذا األخير فإنه في ظل‬
‫المدرسة التقليدية كان يعتمد مفهوم (التقدم) لقياس عملية االنتقال من التقليدية إلى الحديثة في‬
‫البلدان المتقدمة (عملية التطور السياسي واالقتصادي واالجتماعي) لكن عند السلوكيين أصبح‬
‫مفهوم (التغير) هو السائد ألن مفهوم (التقدم) يعبر عن تغير إيجابي نحو األمام وهذا لم يكن‬
‫مالئما في البلدان حديثة االستقالل فحل محله مفهوم (التغير) باعتبار أنه مفهوم محايد يتضمن‬
‫التحول إلى األمام كما يتضمن التحول إلى الخلف فهو مفهوم ثنائي االتجاه يعبر عن التحول إلى‬
‫األمام كما يعبر عن الركود والتدهور واإلرتداد‪( 1‬مفهوم التغير يتضمن التغير االيجابي المتزايد كما‬
‫يتضمن التغير السلبي المتناقص)‬

‫و عليه‪ ،‬و نظ ار لتعدد االقترابات عند المدرسة ‪ ،‬فانه يجب اختيار االقتراب المناسب الذي‬
‫يحدد الهدف من الدراسة ‪.‬فمثال إذا أردنا أن ندرس التغيرات الثورية في مجتمع من المجتمعات فمن‬
‫غير المالئم أن نختار اقتراب النخبة ألنه لن يكون بمقدوره توجيهنا لدراسة مثل هذه التغيرات ألن‬

‫‪1‬جابر سعيد عوض‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.35-34‬‬

‫‪15‬‬
‫‪1‬‬
‫يركز على سلوك النخبة في الوقت الذي التعد التغيرات الثورية تغيرات نخبوية‬ ‫اقتراب النخبة‬
‫وانما هي تغيرات جماهيرية شعبية وبالتالي نختار اقتراب (الطبقة) ألنه يركز على سلوك كافة‬
‫الطبقات في المجتمع (الوسطى والدنيا) المسؤولة عن حدوث التغيرات الثورية‪.‬‬

‫ـ ايضا مفهوم الثقافة السياسية كمقترب ‪ 2‬فهذا االقتراب يعتبر الثقافة السياسية السائدة و‬
‫التي هي نتاج التنشئة السياسية تؤثر على السلوك السياسي و أن هذا األخير هو وليد الثقافة‬
‫السياسية ومن ثم فان االختالفات بين النظم السياسية يمكن تفسيرها في ضوء االختالف في الثقافة‬
‫السياسية‪.‬‬

‫ولما كانت عملية التنشئة السياسية تتباين فإن الثقافة السياسية أيضا تتباين (لماذا مثال تسمح‬
‫ثقافة معينة بتولي المرأة المناصب السياسية وال تسمح ثقافات اخرى بذلك)‪.‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬تصنيف النظم السياسية‬

‫ان الهدف من دراسة األنظمة السياسية المقارنة ليس هو البحث في أشكال الحكومات الذي‬ ‫ـ‬
‫يثار عادة في دراسة المبادئ الدستورية العامة والذي كثي ار ما يخلط مع موضوع األنظمة السياسية‬
‫وانما الهدف هو مقارنة نظام دولة من حيث درجة ديمقراطيتها أو عدمها مع نظام دولة أخرى‪.‬‬

‫فقد تكون حكومة ما ملكية وأخرى جمهورية ومع ذلك يكون النظام السياسي في كل منها‬
‫ينتمي إلى نفس المجموعة (بريطانيا وفرنسا) ـ و هو النظام السياسي الديمقراطي‪ ،‬أما روسيا و رغم‬
‫كونها جمهورية فال تدخل في هذا التصنيف‪.‬‬

‫‪1‬مقرتب النخبة‪ :‬نظر إىل اجملتمع كهرم قمته توجد النخبة وأي إصالح ألي نظام سياسي ال يكون إال بتغيري النخبة ( سلوك عدد حمدود من‬
‫صانعي القرار السياسي)‪.‬‬
‫‪ 2‬املقرتب (االقرتاب) هو استعداد مسبق لدى الباحث لتبين إطار مفاهيمي معني بغرض اختبار فرض معني ( هو توجه عام أو إطار توجهي‬
‫يقود الباحث لتبني الواقع (مسي اقرتاب ألنه يساعد الباحث من االقرتاب من الظاهرة موضع الدراسة‪ ،‬أي ظاهرة سواء كانت سياسية أم‬
‫غري سياسية) االقرتاب حيدد املفاهيم اليت سوف تستخدم و هو مرشد يساعد على بناء نظريات‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫و على الرغم من أننا سوف نركز على التصنيفات المعاصرة للنظم السياسية ألنها هي‬
‫التي تهمنا في عالمنا المعاصر‪ ،‬إال أن ذلك ال يمنع من التطرق إلى التصنيفات التقليدية ألنها‬
‫تشكل اإلرهاصات األولى في النظم السياسية ونظم الحكم‪.‬‬

‫التصنيفات التقليدية للنظم السياسية‪:‬‬

‫تعود تصنيفات نظم الحكم في واقع األمر إلى اإلغريق القدامى في إطار البحث عن شكل‬
‫الدولة المثالية ونظام الحكم األمثل‪ .‬فتم تصنيف الحكومات إلى أنواع عند كل من أفالطون‬
‫وأرسطو ومن ثم فإن أهم مرتكزات هذا التصنيف يستند إلى شكل المؤسسات السياسية ‪.‬‬

‫تصنيف أفالطون للنظم السياسية‪ :‬قدم أفالطون تصنيفا خماسيا للحكومات يعتمد على النزعة‬
‫السائدة عند الذين يتولون مقاليد السلطة‪ .‬وأولى هذه األشكال هي الحكومة األوتوقراطية حيث يحكم‬
‫الفالسفة وتغلب نزعة الحكمة والعقل ‪ .‬ويتمثل الشكل الثاني في الحكومة التيوقراطية (النظام‬
‫العسكري) حيث تحكم أقلية عسكرية وتغلب نزعة الشجاعة والحماسة‪ .‬ويتمثل الشكل الثالث في‬
‫الحكومة األوليجارشية وهو يمثل حكومة األقلية الغنية أو الثرية وتغلب عليها نزعة حب الثروة‬
‫والتملك والمصلحة و المنفعة‪ .‬أماالشكل الرابع للحكومات فيمثل الحكومة الديمقراطية حيث يحكم‬
‫الغوغاء وتسود نزعة إلى المساواة بين الجميع‪ ،‬أما الشكل األخير فيتمثل في الحكومة اإلستبدادية‬
‫حيث يحكم الطغاة وتسود النزعة نحو القوة واإلستبداد‪.‬‬

‫ومن مالحظات أفالطون أن الحكومات تتبدل من شكل آلخر ويتولد عن كل شكل شكل‬
‫جديد وتستمر هذه الحالة إلى أن تعود إلى نقطة البداية‪.1‬‬

‫وعليه فإن أفالطون تصور أن للحكم دورة واذا ما بدأنا هذه الدورة بالحكومة األوتوقراطية‬
‫التي تمثل النمط المثالي عنده‪ ،‬التي تتسم بحكم الفالسفة الذين يتسمون بالعقل والحكمة وما أن يبدأ‬
‫صوت العقل يخفو وتضيع الحكمة لصالح الشجاعة حتى يتبلور شكل جديد للحكومة وهي الحكومة‬
‫التيموكراسية (قراطية) التي تسيطر فيها األقلية من النبالء والعسكر بدال من الفالسفة‪ .‬وما أن‬

‫‪1‬عبد اهلل احلسن اجلوجو‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.34-33‬‬

‫‪17‬‬
‫تتعالى نزعة التملك عند العسكر و األقلية من النبالء واألشراف وحب الثروة حتى يظهر نمط آخر‬
‫للحكومة وهي الحكومة األوليجارشية وما أن تلبث حتى يظهر النمط الرابع وهو الحكومة‬
‫الديمقراطية التي تطالب فيها األغلبية الدهماء (الجاهلة ) بضرورة تحقيق المساواة بين الجميع‪،‬‬
‫ونتيجة لما تتسم به هذه األخيرة من جهل وفساد تخرج إلى الوجود الحكومة المستبدة التي يسيطر‬
‫عليها فرد مستبد ومع البحث عن مخرج من الحكم اإلستبدادي تبدأ حكومة الفالسفة بتولي مقاليد‬
‫الحكم وتبرز من جديد الحكومة األوتوقراطية وهكذا تبقى الحلقة دائرية مستمرة‪.1‬‬

‫النتيجة التي توصل إليها أفالطون أن الحكومة األوتوقراطية هي النموذج األمثل للحكم وأن‬
‫الحكومة الديمقراطية أسوأ أنواع الحكومات ألنها تعلي من شأن األغلبية الجاهلة‪.‬‬

‫‪1‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪ ،34‬نقال عن عطا حممد صاحل‪ ،‬فوزي أمحد تيم‪ ،‬النظم السياسية العربية املعاصرة‪ ،‬منشورات جامعة قار يونس‪.1980 ،‬‬

‫‪18‬‬
‫دورة الحكم وأشكال الحكومات عند أفالطون‬

‫الحكومة األوتوقراطية‬
‫‪autocracy‬‬
‫حكم الفالسفة‬
‫(نزعة الحكمة والعقل)‬

‫الحكومة اإلستبدادية‬
‫حكم الفرد المستبد‬ ‫الحكومة التيومقراطية‬
‫(نزعة القوة)‬ ‫‪timocracy‬‬
‫حكم األشراف والعسكر والنبالء‬
‫(نزعة الشجاعة والحماسة)‬

‫الحكومة الديمقراطية حكم‬


‫العامة‬ ‫الحكومة األوليجاركية‬
‫‪dimocracy‬‬ ‫‪oligarchiy‬‬
‫حكم األثرياء‬
‫( الغوغاء)‬ ‫(نزعة حب التملك والمصلحة‬
‫( المساواة بين الجميع )‬ ‫النفعية)‬

‫‪19‬‬
‫تصنيف أرسطو لألنظمة السياسية‪:‬‬

‫اعتمد أرسطو عند دراسته لحكومات ودساتير الدول والمدن اليونانية على تصنيف أفالطون‬
‫لتأثره به و ذلك باالستناد على معيارين وهما‪:‬‬

‫‪1‬ـ المعيار العددي (الكمي) ويعتمد على عدد المشاركين (القائمين على الحكم) في الحكم‬
‫أو السلطة‪ .‬حكم فرد‪ ،‬حكم أقلية‪ ،‬حكم كثرة‪.‬‬

‫‪2‬ـ المعيار الموضوعي (النوعي)‪ :‬وفي هذا المعيار يتم التمييز بين النظام الذي يتم فيه‬
‫الحكم من أجل المصلحة العامة ويقوم فيه الحكام بتحقيق الصالح العام‪ ،1‬وبين النظام الذي يتم فيه‬
‫الحكم من أجل المصلحة الخاصة ويقوم الحكام فيه بتحقيق مصالحهم الشخصية‪ .‬ويوصف األول‬
‫بالحكم الصالح‪ ،‬وأما الثاني فيوصف بالحكم الفاسد‪.‬‬

‫ويمكن القول أن أرسطو قد خلص في دراسته إلى تحديد ستة أشكال من الحكومات التي‬
‫تتغير من وقت آلخر ومعنى ذلك أن هناك دورة للحكومات تتعاقب فيها أشكالها بصورة مستمرة‪.‬‬

‫أشكال الحكومات عند أرسطو‪:‬‬

‫الحكومات الفاسدة‬ ‫الحكومات الجيدة‬ ‫المعيار‬


‫نوعي‬
‫( المنحرفة)‬ ‫(الصالحة)‬
‫كمي‬

‫الحكومة الملكية (الحكم فردي يطبق الحكومة اإلستبدادية ( الحكم بيد‬ ‫حكومة الفرد‬
‫فرد يستغل السلطة لمصلحته‬ ‫القانون وهدفه الصالح العام)‬
‫الشخصية دون التقيد بالقانون)‬

‫‪1‬عبد اهلل احلسن اجلوجو ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.36‬‬

‫‪20‬‬
‫األوليجارشية(الحكم‬ ‫الحكومة األرستقراطية (الحكم بيد أقلية الحكومة‬ ‫حكومة القلة‬
‫وتحكم وفقا للقانون وتهدف إلى الصالح يكون بيد األقلية الغنية وتعمل‬
‫على تحقيق مصالحها الخاصة)‬ ‫العام)‬

‫الحكومة الدستورية (الحكم بيد األغلبية الحكومة الديمقراطية( الحكم بيد‬ ‫حكومة الكثرة‬
‫األغلبية من الفقراء و تستغله‬ ‫ولمصلحتها)‬
‫ضد األغنياء)‬

‫هذا ويعتبر أرسطو أن الحكومة الدستورية هي أفضل أنواع الحكومات وأعالها مرتبة ألنها‬
‫األقل ميال نحو الفساد ‪.‬و لهذا يعتبر الكثير من الدارسين للعلوم السياسية أن التصنيف السداسي‬
‫الذي قدمه أرسطو أفضل تصنيف ثنائي للدول باالعتماد على المعيارين الكمي والنوعي‪.1‬‬

‫وقد قسم المفكر السياسي األلماني جيليناك النظم السياسية إلى طائفتين كبيرتين ملكية‬
‫وجمهورية وقسم النظم الملكية إلى وراثية ومنتخبة‪ ،‬وأما النظم الجمهورية فصنفها إلى ثالثة أنواع‪:‬‬
‫ديمقراطية وأرستقراطية وأوليجارشية‪.‬‬

‫ومن أبرز التصنيفات التقليدية للنظم السياسية تصنيف بيرجس الذي اعتمد فيه على أربعة‬
‫معايير للتصنيف‪:‬‬

‫ـ األول‪:‬يتعلق بوجود أو عدم وجود هوية للدولة والحكومة (أولية ـ تمثيلية)‪.‬‬

‫ـ الثاني‪:‬يتعلق بمدة بقاء السلطة التنفيذية (وراثية ـ منتخبة)‪.‬‬

‫ـ الثالث‪ :‬يدورحول طبيعة العالقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ( برلمانية ـ رئاسية)‬
‫ـ الرابع‪ :‬يتعلق بتركيز وتوزيع السلطة في الدولة ( موحدة ـ فدرالية)‪.2‬‬

‫‪ 1‬منهم العامل السياسي بالنتشيلي الذي أضاف فئة رابعة وهي احلكومة الدينية ( الكهنوتية ) كحكومة صاحلة واحلكومة اإليديولوجية‬
‫كحكومة فاسدة‪.‬‬
‫‪2‬جابر سعيد عوض ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.115‬‬

‫‪21‬‬
‫تصنيف مونتسكيو لألنظمة السياسية‪:‬‬

‫يعد الفيلسوف الغربي مونتسكيو من دعاة فكرة الفصل بين السلطات وحماية حقوق األفراد من‬
‫تعسف السلطات وحدد سلطات الدولة بثالث سلطات هي‪:‬‬

‫ـ السلطة التشريعية ومهمتها سن القوانين‪.‬‬

‫ـ السلطة التنفيذية ومهمتها تنفيذ القوانين‪.‬‬

‫ـ السلطة القضائية وتعمل على تطبيق القانون والفصل في المنازعات وحسب مونتيسكيو أن وجود‬
‫أكثر من سلطة بيد شخص واحد أو هيئة واحدة سيؤدي إلى انعدام الحرية وتعسف السلطة لذلك‬
‫دعى إلى الفصل بين السلطات وقدم بناء على ذلك تقسيمات ثالثية للحكومات‪.‬‬

‫‪1‬ـ الحكومة الجمهورية وتكون السيادة فيها للشعب في مجموعة أو جزء منه و يختار فيها رئيس‬
‫الدولة عن طريق االنتخاب لمدة محددة‪ 1‬ولها صورتان‪:‬‬

‫أ ـ الديمقراطية‪ :‬والسيادة فيها لمجموع الشعب‪.‬‬

‫ب ـ األرستقراطية‪:‬وتكون السيادة في يد فئة قليلة‪.‬‬

‫‪2‬ـ الحكومة الملكية‪ :‬وهي حكومة الفرد الذي يحكم وفقا للقوانين وتكون السلطة موزعة على عدة‬
‫هيئات‪.‬‬

‫‪3‬ـ الحكومة اإلستبدادية‪ :‬وتتركز السلطة بيد فرد واحد ال يتقيد بالقانون‪.‬‬

‫وأفضل شكل للحكومات عند مونتيسكيو هو شكل الحكومة الذي يضمن الحرية للمواطنين‬
‫سواء كانت حكومة جمهورية ام حكومة ملكية‪.‬‬

‫اإلنتقادات الموجهة للتصنيفات الكالسيكية‪:‬‬

‫‪1‬اولوفيه دي هامبل و ايف ميين‪،‬املعجم الدستوري‪،‬ترمجة منصور القاضي‪،‬املؤسسة اجلامعية للدراسات و النشر و التوزيع ‪،‬بريوت ‪1996،‬‬
‫ص‪.414‬‬

‫‪22‬‬
‫انتقد أنصار التصنيف الحديث للنظم السياسية التصنيف الكالسيكي بأنه محدود الفائدة‪،‬‬
‫ومن أهم العيوب التي وجهها انه يركز بشكل أساسي على نظام الحكم وشكله فقط ويخلط بين‬
‫الدولة والحكومة مما أدى إلى عدم فهم النظام السياسي كما ينبغي و األصح أن‪:‬‬

‫‪1‬ـ الدولة هي الشخص المعنوي الدائم والمستقل وهي اإلطار األشمل الذي يظم كال من‬
‫الحكومة والنظام السياسي (فكل من النظام السياسي والحكومة هما أحد عناصر الدولة) و بتعبير‬
‫اخر هي الوحدة القانونية المستقلة ذات السيادة التي تملك صالحية االرغام المادي المشروع و‬
‫ادواته على الصعيد الداخلي‪.‬‬

‫‪2‬ـ أما الحكومة فهي اإلطار الذي تتم فيه عملية صنع وتنفيذ القوانين‪ ،‬فهي مستودع السلطة‬
‫السياسية واإلكراه المشروع ‪.‬فهي أعلى المؤسسات السياسية التي تتحول من خاللها إرادة الجماعة‬
‫باسم الدولة إلى قواعد شرعية عامة وملزمة للجميع وهي أحد مؤسسات النظام السياسي‪.‬‬

‫‪3‬ـ أما النظام السياسي فهو أحد عناصر الدولة وهو أكثر شموال واتساعا من الحكومة لكونه‬
‫يتضمن إلى جانب الشق الرسمي المتمثل في الحكومة شقا آخر غير رسمي يتمثل في األحزاب‬
‫السياسية والجماعات الضاغطة‪ ،‬كما يتمثل في مختلف تعبيرات الرأي العام و وجوده يعتمد على‬
‫نمط مستمر من التفاعالت و العالقات االنسانية ‪ .‬الدولة فتعتمد على عناصر اخرى كاالقليم و‬
‫الشعب و السلطة‪.‬‬

‫ومجمل هذه العيوب هي‪:‬‬

‫‪1‬ـ اتصاف هذه الدراسات بأنها دراسات هيكلية ‪،‬كونها ركزت على الشكل القانوني‬
‫والدستوري للمؤسسات السياسية وعدم االهتمام بالعوامل األخرى التي تؤدي إلى تطور تلك‬
‫المؤسسات كاالهتمام بالعقيدة السياسية أو التداخل والتفاعل الذي يؤثر في سلوك النظام‪.1‬‬

‫‪ 2‬ـ عدم تطرقها إلى تحليل السلوك السياسي لألفراد والجماعات والمؤسسات التي توجد داخل‬
‫النظام االجتماعي‪.‬‬

‫‪1‬حممد نصر مهنا‪ ،‬يف نظرية الدولة والنظم السياسية‪ ،‬املكتب اجلامعي احلديث‪ ،‬اإلسكندرية‪،1999 ،‬ص‪.349‬‬

‫‪23‬‬
‫‪3‬ـ إهمال المقارنات التاريخية لألنظمة واقتصار هذه الدراسات على دول معينة دون األخرى‬

‫‪4‬ـ تغليب الطابع الوصفي للمؤسسات السياسية في الدولة‪.‬‬

‫التصنيفات الحديثة لألنظمة السياسية ‪:‬‬

‫بناء على ما سبق برزت في علم السياسة اتجاهات واجتهادات حديثة لتصنيف النظم‬
‫السياسية تقوم على معايير عديدة تسعى إلى البحث عن الدقة والحقيقة والمقارنة والشمول لألنظمة‬
‫السياسية ومن هذه المعايير‪:‬‬

‫‪1‬ـ طبيعة النظام الحزبي السائد في بلد ما‪ :‬فإذا كان الحكم متداوال بين عدة أحزاب كان النظام‬
‫السياسي تعدديا تنافسيا‪ .‬واذا كان الحكم متداوال بين حزبين رئيسيين كان النظام ثنائيا ‪،‬أما إذا كان‬
‫الحكم في يد حزب واحد كان النظام أحاديا (تصنيف ريمون أرون)‪.‬‬

‫‪2‬ـ طبيعة السلطة (مصدر الشرعية)‪ :‬وهناك ثالثة أنواع من السلطات هي السلطة التقليدية والتي‬
‫تقوم على تقاليد وأعراف اجتماعية متفق عليها بين المواطنين (مصدر شرعية السلطة في النظام ‪:‬‬
‫العادات والتقاليد)‪.‬‬

‫السلطة القانونية و تقوم على أسس موضوعية تمارس وظيفتها من خالل المنظمات الرسمية‬
‫العادلة والمقبولة اجتماعيا‪( ،‬تستمد السلطة شرعيتها من احترام القانون)‪.‬‬

‫السلطة الشخصية (نموذج كاريزمي) وتقوم على صفات ومواهب شخصية متميزة يملكها فرد معين‬
‫وله تأثير في المجتمع‪ ،‬وهذا التأثير يلعب دو ار في إخضاع اآلخرين له‪(،1‬تصنيف ماكس فيبر)‬
‫(مصدر شرعية السلطة لما يحوز عليه الزعيم أو القائد من صفات إستثنائية)‪.‬‬

‫‪3‬ـ معيار البنى والوظائف (تصنيف ألموند غابلاير) وطبقا لهذا المعيار فإن الوظائف واألدوار التي‬
‫يقوم بها النظام هي معيار التفرقة بين األنظمة وقد حدد سبع درجات وظيفية كأساس للمقارنة‪.‬‬
‫ثالثة منها تتعلق بهيكل النظام‪ ،‬وتتمثل في التشريع والتنفيذ والقضاء باعتبارها الجهاز السياسي (‬

‫‪1‬عبد اهلل حسن اجلوجو ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.46‬‬

‫‪24‬‬
‫الحكومي ) الذي هو أداة المجتمع لتحقيق أهدافه وتوازنه واستم ارره‪ 1‬والباقي يتعلق باألجهزة اإلدارية‬
‫وهي المشاركة السياسية في إدارة الجهاز‪ ،‬رعاية المصالح‪ ،‬ضبط وتنظيم المصالح‪ ،‬العالقات‬
‫السياسية‪.‬‬

‫‪4‬ـ معيار المنافسة والتنمية والتحديث السياسي ( تصنيف كولمان ) وقسم النظم السياسية بالنظر‬
‫الى معيار المنافسة إلى نظم تنافسية ونظم شبه تنافسية‪ ،‬ونظم تسلطية‪ .‬ومن جهة التحديث قسم‬
‫النظم السياسية إلى حديثة و مندمجة و تقليدية‪.‬‬

‫‪5‬ـ معيار البيروقراطية (تصنيف فيريل هيدي) ويشمل هذا التصنيف العديد من النظم السياسية‬
‫ومنها األنظمة السياسية القائمة في الدول النامية انطالقا من الدور الذي تؤديه البيروقراطية‬
‫وقسمت إلى النظم األوتوقراطية التقليدية‪ ،‬وأنظمة النخبة البيروقراطية المدنية والعسكرية و النظم‬
‫التنافسية التعددية والنظم شبه التنافسية التي يسيطر عليها حزب رئيسي و النظم الحزبية السائدة‬
‫التي تقوم على التعبئة والحشد‪ ،‬واألنظمة الشيوعية الشمولية‪.‬‬

‫تصنيف مارسيل بريلو‪:‬‬

‫قدم مارسيل بريلو تصنيفه لألنظمة السياسية على أساس درجة تطور السلطة في‬
‫المجتمعات ويقسمها إلى ثالثة أنماط وهي‪:‬‬

‫‪1‬ـ المجتمعات غير المسيسة‪ :‬وفيها تمارس الوظائف التي تعتبر سياسية بواسطة إشراف‬
‫اجتماعي مباشر أو بفضل ممارسات سحرية (دينية)‪ .‬وعليه فإن األدوار السياسية للسلطان‬
‫السياسي موزعة في المجتمع بشكل أدوار أو وظائف اجتماعية‪.‬‬

‫‪2‬ـ المجتمعات المسيسة بتفريد السلطة‪ :‬السلطة في هذا النوع من المجتمعات يمارسها‬
‫حكاما بدون إدارة‪ ،‬حدود سلطتهم هي حدود سطوتهم وليست الحدود التي تفرضها عليهم القواعد‬
‫المطبقة في المجتمع‪.‬‬

‫‪1‬عادل ثابت‪,‬النظم السياسية‪,‬الدار اجلديدة للنشر‪,‬االسكندرية‪,،1999 ،‬ص ‪.40‬‬

‫‪25‬‬
‫‪3‬ـ المجتمعات المسيسة بواسطة تأسيس السلطة‪ :‬وهي المجتمعات التي توجد فيها حكومة‬
‫وادارة يقومان بعملهما وفقا لقواعد مدونة أو عرفية‪ .‬وهذا هو النوع الذي تنشأ وتتطور سلطة الدولة‬
‫فيه‪.‬‬

‫تصنيف إدوارد شلز‪:‬‬

‫ويشير إلى خمس مجموعات من األنظمة السياسية‪.‬‬

‫‪1‬ـ النظم الديمقراطية السياسية‬

‫وتتميز بحكم مدني من خالل مؤسسات تمثيلية‪ ،‬وحريات عامة ووجود جهاز تشريعي منتخب عن‬
‫طريق اإلقتراع العام وله دور بارز في مجال التشريع والرقابة ‪ ،‬ووجود تعددية حزبية وقضاء‬
‫مستقل وجهاز إداري محترف‪.1‬‬

‫‪2‬ـ النظم الديمقراطية الوصائية‬

‫وتتميز بوجود سلطة تنفيذية مهيمنة وأحزاب محدودة النشاط وشخص أو مجموعة أشخاص‬
‫يفرضون سيطرتهم على الحزب الحاكم والدولة عن طريق الجمع بين رئاسة الحزب ورئاسة الدولة‬
‫وبرلمان له دور محدود نتيجة سيطرة الحزب وتحجيم دور المعارضة‪ .‬وتبدو مؤسسات المجتمع‬
‫المدني متداخلة في توجهاتها مع توجهات النظام السياسي (الجهاز الحاكم)‪.‬‬

‫‪3‬ـ النظم األوليغارشية التحديثية‬

‫وتتسم بوجود برلمان فاقد القدرة على ممارسة اختصاصاته ويبدو كأنه أداة تتركز فاعليتها في‬
‫الموافقة واإلعالن‪ ،‬وقد ال توجد أحزاب مطلقا أو يوجد حزب واحد فقط‪ ،‬وتكون المعارضة مستهدفة‬
‫وتجري في هذا النوع من النظم انتخابات عامة تخضع لعمليات التزوير أو التالعب من جانب‬
‫السلطة المهيمنة‪ ،‬وتنطوي على قضاء عسكري يلعب دو ار مؤث ار في الحياة السياسية‪.‬‬

‫‪4‬ـ النظم األوليغارشية الشمولية‬

‫‪1‬تامر كامل حممد اخلزرجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.38‬‬

‫‪26‬‬
‫تعتمد على إيديولوجية معينة كإطار فكري يحدد غايات المجتمع وأساليب تحقيقها‪ ،‬تبدو هيمنة‬
‫الحكومة وتدخلها في حياة المواطنين واضحة‪ ،‬ويوفر الحزب المهيمن إطار للنخبة الحاكمة‬
‫بالتماسك والتنظيم ومباشرة مهامها‪ ،‬ويتواجد برلمان ال يزاول أي دور في مهمة التشريع وال توجد‬
‫معارضة أو قضاء مستقل أو حرية رأي أو نقد‪.‬‬

‫‪5‬ـ النظم األوليغارشية التقليدية‬

‫السلطة فيها لرئيس الدولة تتم عن طريق الوراثة‪ ،‬يختار الحاكم معاونيه من األقارب أو من الذين‬
‫تربطه بهم عالقات شخصية‪ ،‬ال ينطوي على النوع من النظم على برلمان وهنا يتولى الحاكم‬
‫ومعاونيه مهمة وضع القوانين والسياسات‪.‬‬

‫تصنيف برنارد كريك لألنظمة السياسية‪:‬‬

‫وصنفها إلى النظام األوتوقراطي والنظام الجمهوري والنظام الشمولي وبالنظر إلى عدة مرتكزات‪:‬‬

‫‪1‬ـ الحفاظ على النظام ‪:‬‬

‫ـ إن النظام األوتوقراطي يتسم بفرض اتجاه أو رأي مجموعة معينة بالقوة واإلجبار‬
‫اما النظام الجمهوري فيتسم بالسماح للمصالح المختلفة بالتواجد في بنية السلطة عن طريق‬
‫االختيار الحر ‪.‬‬

‫في حين النظام الشمولي يتميز بخلق مجتمع ال يعرف التنوع في المصالح عن طريق فرض‬
‫إيديولوجية تدعى بالشمول‪ 1‬والعلمية‪.‬‬

‫‪2‬ـ دور الجماهير‪:‬‬

‫‪1‬الشمول جاءت من الشمولية او الكانية و هو مفهوم مستعمل من علماء السياسة لوصف الدولة اليت حتاول فرض سلطتها على اجملتمع و‬
‫تعمل على السيطرة على كافة جوانب احلياة الشخصية و العامة قدر االمكان‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫ـ النظام األوتوقراطي يتسم دور الجماهير فيه بالخضوع والطاعة السلبية أما النظام الجمهوري فيتسم‬
‫بالمشاركة التطوعية في حين النظام الشمولي دور الجماهير فيه هو تعبئة وحشد هذه الجماهير‬
‫خلف القيادة‪.‬‬

‫‪3‬ـ المذهب الرسمي‬

‫النظام األوتوقراطي اإلمتثال فيه واجب ديني والحكومة جزء من نظام إلهي مقدس‪ .‬اما النظام‬
‫الجمهوري اإلمتثال فيه مطلوب ومبرر على أسس نفعية و بالنسبة للنظام الشمولي فان االمتثال‬
‫إيديولوجي أو عقائدي ‪.‬‬

‫‪4‬ـ البنية االجتماعية‪:‬‬

‫ـ النظام األوتوقراطي‪ ،‬هي بنية جامدة تفتقر إلى الحراك االجتماعي اما النظام الجمهوري‪:‬فهي بنية‬
‫طبقة وسطى كبيرة في حين النظام الشمولي هي بنية اجتماعية تعتمد أساسا على الوظيفة أو الدور‬
‫السياسي‬
‫‪5‬ـ وضع النخبة السياسية ‪:‬‬

‫ـ النظام األوتوقراطي‪ ،‬النخبة السياسية فيه مغلقة ويتميز تجنيد أفرادها بالطابع األرستقراطي اما‬
‫النظام الجمهوري في منفتحة وتجنيد أفرادها ذو طابع ديمقراطي و بالنسبة للنظام الشمولي فمن‬
‫الناحية النظرية تعتمد الصفوة على المهارات الشخصية واإلنجاز مما يعني فتح الباب أمام الجميع‬
‫للوصول إلى مركز الصفوة ولكن من الناحية العملية يالحظ أن الصفوة مجموعة حزبية صغيرة و‬
‫ال تسمح لغيرها بالولوج اليها‪.‬‬

‫‪6‬ـ التنظيم االقتصادي‪:‬‬

‫‪28‬‬
‫النظام األوتوقراطي النظام االقتصادي فيه هو زراعي أو استخراجي هدفه االكتفاء الذاتي‪ .‬اما‬
‫النظام الجمهوري فاقتصاده حر (رأسمالي) أو مختلط ( حكومي رأسمالي) ‪.‬في حين النظام‬
‫الشمولي اقتصاده مخطط وموجه مركزيا‪.‬‬

‫‪7‬ـ القانون‪:‬‬

‫النظام األوتوقراطي القانون فيه عرفي أو هبة من السماء ويتوقف تطبيقه على المكانة االجتماعية‬
‫للفرد اما النظام الجمهوري فالقانون يزاوج بين العرف والتشريع وينطبق على الجميع دون تمييز و‬
‫بالنسبة للنظام الشمولي القوانين هي قوانين التطور التاريخي يفسرها ويطبقها منظرو الحزب‪.‬‬

‫‪8‬ـ اإلتصال والمعلومات في النظام األوتوقراطي‪:‬‬

‫توجد فيه أخبار منتظمة واالتصال شفاهي وللشائعات منزلة خاصة عند الحاكم والمحكوم ‪.‬‬

‫ـ النظام الجمهوري‪ :‬الصحافة فيه حرة وتتدفق المعلومات من أعلى لألسفل ومن أسفل إلى األعلى‪.‬‬

‫ـ النظام الشمولي الدولة تسيطر على اإلعالم و ال وجود لحرية االعالم و الصحافة‪.‬‬

‫‪9‬ـالسياسة في النظام األوتوقراطي‪ :‬السياسة مقتصرة على القصر والبالط ويسمح بالصراع‬
‫والمعارضة طالما كانا بعيدين عن العلنية‪.‬‬

‫ـ النظام الجمهوري‪ :‬العمل السياسي قوامه التوفيق‪ ،‬المعارضة علنية ومؤطرة في مؤسسات‬
‫ـ النظام الشمولي‪ :‬ال يسمح بالمعارضة أو بالتنافس اطالقا‪.‬‬

‫تصنيف الفقهاء العرب لألنظمة السياسية‪:‬‬

‫اهتم بعض الباحثين العرب‪ 1‬بهذا الموضوع ونتيجة للتشابه بين تصنيفاتهم فإننا نشير إلى‬
‫تصنيف أحمد سرحان الذي اعتمد على معيار طبيعة الهيئة التي تتولى مسؤولية التقرير التنفيذي‬

‫سابق‪،‬ص‪.49‬‬ ‫‪1‬انظر‪:‬عبد اهلل حسن اجلوجو‪،‬مرجع‬

‫‪29‬‬
‫(لها سلطة اتخاذ القرار السياسي) ومعيار الفوارق االجتماعيةواالقتصادية وتوصل إلى التصنيف‬
‫التالي‪:‬‬

‫ـ األنظمة الديمقراطية الليبرالية‪ :‬وهي تتفرع إلى نظام الجمعية‪ ،‬النظام الرئاسي النظام البرلماني‪،‬‬
‫النظام المختلط‪.‬‬

‫ـ األنظمة الديمقراطية الشعبية‪.‬‬

‫ـ األنظمة الدكتاتورية‪.‬‬

‫‪ .‬انظمة العالم الثالث‪.‬‬

‫هذا ونشير إلى أن بعض الباحثين العرب أضاف نموذجا جديد ا تمثل في األنظمة الثورية‬
‫والتي تأتي عن طريق استخدام القوة وليس عن طريق القانون واالنتخاب‪.‬‬

‫بعد التعرض لكل من التصنيفات الكالسيكية والتصنيفات الحديثة لألنظمة السياسية فإنه يمكن‬
‫تصنيف المنظومات السياسية القائمة إلى‪:‬‬

‫األنظمة الليبرالية الديمقراطية و األنظمة التسلطية (الديكتاتورية‪،‬الشمولية) ومن هذين التعارضين‬


‫نجد أنفسنا أمام أربعة نماذج من األنظمة‪:‬الثالث األولى هي فقط التي عملت و تعمل كما يرى‬
‫ذلك الفقيه موريس دي فارجيه‪:‬‬

‫‪1‬ـ الديمقراطيات الرأسمالية ‪(:‬المنظومة الغربية)‪.‬‬

‫‪2‬ـ الدكتاتوريات االشتراكية ‪(:‬منظومات بلدان أوربا الشرقية)‪.‬‬

‫محافظة)‪.‬‬ ‫أو‬ ‫فاشية‬ ‫قديمة‪،‬ودكتاتورية‬ ‫‪(:‬ملكيات‬ ‫الرأسمالية‬ ‫االستبدادية‬ ‫األنظمة‬ ‫‪3‬ـ‬


‫‪4‬ـ الديمقراطيات االشتراكية‪ :‬و هذا النوع اختلف فيه بحسب ايديولوجية كل باحث و فقيه‪ ،‬اذ ان‬
‫الفقيه الفرنسي موريس دي فارجيه يرى بانه لم ير النور اصال في حين ان الذين من لهم توجه‬
‫ماركيسي فيرون بانها ديمقراطيات و لكنها اشتراكية و ليست راسمالية‬

‫‪30‬‬
‫وعليه فإن النظم السياسية المعاصرة هي إما‪:‬‬

‫‪1‬ـ نظم ديمقراطية‪ :‬وهي تلك النظم التي تقوم فيها السلطة السياسية كقدرة شرعية تقوم بفرض‬
‫إرادتها على مستوى المجتمع الكلي ومرتبطة في ذلك بالقبول العام لها تبعا الرتباطها بنسق‬
‫مجتمعها القيمي و تهدف الى تحقيق مبادئ الحرية و العدالة و المساواة كما تسعى الى تحقيق‬
‫االمن الشخصي و االجتماعي و االقتصادي واحترام حقوق االنسان و حمايتها‪.1‬‬

‫‪2‬ـ نظم شمولية‪ ،‬ديكتاتورية‪ ،‬تسلطية‪ :‬وهي نظم ترتكز على حزب واحد يحتكر السلطة‬
‫السياسية في مجتمعه ويقوم على إيديولوجية معينة باعتبارها اإليديولوجية الرسمية للدولة‪.‬‬

‫االنظمة ذات النمط الديمقراطي‪:‬‬

‫يشكل النمط الديمقراطي قاعدة المنظومة الليبرالية الرأسمالية ‪،‬فهذا النمط يعمل فعليا في األمم‬
‫المسماة غربية‪ :‬أوربا الغربية‪ ،‬الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬كندا‪ ،‬أستراليا‪ ،‬اليابان‪ ،‬زيلندا الجديدة ‪.‬‬

‫أما األمم األخرى التي تدعى انتمائها للقيم الديمقراطية حال االنظمة االشتراكية فإن ذلك هو أشبه‬
‫بزينة مصطنعة ملصوقة على بناء ومتعارضة مع هندسته تماما‪.2‬‬

‫إن النمط الديمقراطي هو نتيجة تطور تاريخي ‪،‬تكون عبر قرون عديدة في أوربا‬
‫الغربية ‪ ،‬أخذ من المنظومة السياسية السابقة التي سادت في أوربا قبل الثورة الفرنسية ( الملكيات‬
‫األرستقراطية) بشكل واضح في إنجلت ار ولم يتعمم في كل الغرب إال بعد الثورتين األمريكية‬
‫والفرنسية ‪.‬‬

‫و عليه فان تطور القوى اإلنتاجية في البنى والقيم اإلجتماعية (الصناعة ‪ ،‬التجارة والخدمات )‬
‫أدى إلى قيام ديمقراطية رأسمالية‪.‬‬

‫‪ .1‬ويكيبيديا املوسوعة احلرة‬


‫‪2‬موريس دي فارجيه‪ ،‬املؤسسات السياسية و القانون الدستوري‪ ،‬االنظمة السياسية الكربى‪،‬ترمجة جورج سعد‪،‬املؤسسة اجلامعية للدراسات‬
‫و النشر و التوزيع‪،1922،‬ص‪.25‬‬

‫‪31‬‬
‫و بالرجوع الى معيار النشأة ‪،‬يقول المحللون أن النظم الليبرالية لم تأت كلها إعماال لفلسفات (نشأة‬
‫فلسفية) وانما هناك من النظم الليبرالية ما نشأ نشأة واقعية ( تاريخية صرفة) حال النظام السياسي‬
‫اإلنجليزي (جاء النظام نتيجة حلول عملية للمصالح المتصارعة آنذاك) وليس نتيجة أفكار مجردة‬
‫‪1‬‬
‫أو صراعات دينية‬

‫وباستثناء النظام اإلنجليزي فإن غالبية النظم الليبرالية نشأت نشأة فلسفية حيث جاءت‬
‫اعماال ألفكار فلسفية تدور حول هدف واحد هو حرية الفرد ‪.‬‬

‫ترتكز االنظمة الديمقراطية الليببرالية على مبادئ جوهرية (سيادة الشعب‪ ،‬االنتخابات‬
‫الحرة‪ ،‬البرلمانات الحقيقية ‪ ،‬القضاء المستقل‪ ،‬الحريات العامة‪ ،‬التعددية الحزبية‪ ).‬وبفضل هذه‬
‫المبادئ ينعم المواطنون بهامش كبير من االستقاللية وبوسائل ضغط على الحكام‪ .‬لكن من جهة‬
‫أخرى يرى المحللون ان هناك تناقضا جوهريا في قلب الديمقراطيات الليبرالية ‪.‬فهي وان أرست‬
‫المساواة السياسية وألغت االمتيازات األرستقراطية ولكنها من جهة أخرى ولدت تدريجيا الالمساواة‬
‫االقتصادية وجعلت وراثة السلطة االقتصادية محل السلطة السياسية‪.‬‬

‫و لكن رغم ذلك‪ ،‬فإن العامل األساسي واإليجابي في األنظمة الغربية أنها ترسي مؤسسات ليبرالية‬
‫لها سلطة سياسية ضعيفة نسبيا ‪ ،‬أضعف بكثير من السلطة القائمة في الديكتاتوريات اإلشتراكية‬
‫أو األنظمة المحافظة‪ ،‬وهذا يعطي المواطنين هامشا كبي ار من الحرية‪.‬‬

‫عناصر النمط الديمقراطي ‪:‬‬

‫‪1‬ـ االنتخاب‪:‬‬

‫هو طريقة لتولي الحكام السلطة و الحكم ‪،‬تتعارض مع أسلوب الوراثة والتعيين واإلستيالء‪.‬‬
‫وانطالقا من فكرة أن كل البشر متساويين وأح ار ار فإن االنتخابات تتميز بأنها إنتخابات تنافسية‬
‫حيث يختار المواطنون بين عدة مترشحين‪ ،‬وليست انتخابات إستفتائية لصالح مرشح رسمي واحد‪.‬‬
‫لذلك فان االنتخاب هو القاعدة الشرعية للسلطة في اي نظام و بقدر التوسع في تقرير حق‬

‫‪1‬عادل ثابت‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.49‬‬

‫‪32‬‬
‫االنتخاب و تعميم تطبيقه في تشكيل السلطات المختلفة في الدولة بقدرما يكون النظام ديمقراطيا و‬
‫شرعيا‪ .‬تقوم االنتخابات المعاصرة على اربعة اركان هي‪:‬‬

‫‪ -‬الناخب وهو الشخص المؤهل للمشاركة في التصويت‬


‫‪ -‬المنتخب او المرشح و هو الشخص الذي يأمل الوصول الى والية انتخابية‬
‫‪ -‬التصويت او االقتراع هو تعبير عن رأي المواطن من خالل مشاركته في االنتخابات او في‬
‫استفتاء عام‬
‫‪ -‬الوالية او المهمة المنتخب فيها و هي الوالية التي يجرى من اجلها االنتخابات‬
‫‪ -‬و هي على انواع انتخابات رئاسية‪،‬برلمانية‪،‬محلية‪.1‬‬

‫‪2‬ـ مبدأ الشرعية‪:‬‬

‫وهو دعامة مبادئ التنظيم السياسي في الغرب ويرجع هذا المبدأ إلى الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو‬
‫في كتابه روح القوانين عندما نبه إلى ضرورة التزام القائمين على السلطة بدستور مسبق بغض‬
‫النظر عن عدد القائمين على السلطة سواء كانوا قلة أم كثرة‪ .‬وقد ظهر تيار فكري غربي يميز بين‬
‫الشرعية والمشروعية على أساس أن الشرعية تعني التزام القائمين على السلطة بإيديولوجية المجتمع‬
‫وبأهدافه العليا وقيمه األساسية ‪.‬أما المشروعية فتعني التزام القائمين على السلطة بالدستور و مهما‬
‫يكن فان كل اشكال الحكومات تعتمد على شرعيتها و مدى قبول الشعب بها و من دون ذلك فان‬
‫سياساتها و ق ارراتها ستلقى معارضة‪.2‬‬

‫‪3‬ـ الرقابة القضائية للحكام‪:‬‬

‫إن وجود محاكم مستقلة بوجه الحكام تراقب تصرفات الحكام ضمن حدود القانون يؤدي إلى‬
‫تطبيق مبدأ المشروعية وقيام دولة الحق والقانون ‪.‬‬

‫‪4‬ـ مبدأ الفصل بين السلطات‪:‬‬

‫‪1‬فهد بن صاحل بن عبد العزيز العجالن‪،‬االنتخابات و احكامها يف الفقه االسالمي‪،‬دار كنوز اشبيليا للنشر و‬
‫التوزيع‪،‬السعودية‪،2009،‬ص‪.17-16‬‬
‫‪2‬ويكيبيديا املوسوعة احلرة‬

‫‪33‬‬
‫الذي يعود إلى الفيلسوف مونتسكيو الذي الحظ أنه ما من إنسان يتولى السلطة إال ويستبد بها وأن‬
‫االستبداد ناتج عن الطبيعة البشرية الميالة الى التعسف و االستحواذ على السلطة‪ 1‬وأن السلطة قوة‬
‫وال يوقف القوة إال القوة لذلك يجب تفتيت (توزيع) السلطة بين العديد من الهيئات مما يحقق‬
‫التوازن في القوة بين هذه الهيئات من خالل التأثير والتأثر المتبادل‪.‬‬

‫وأعطي لهذا المبدأ الذي أصبح من أهم مبادئ التنظيم السياسي الغربي بعدين‪ :‬أحدهما‬
‫تنظيمي (سياسي) (عضوي) ويتمثل في توزيع سلطات الدولة بين العديد من الهيئات بإسناد‬
‫وظائف التشريع‪ ،‬التنفيذ‪ ،‬القضاء إلى مؤسسات‪ ،‬وبعد قانوني ويقصد به العالقة بين سلطة التنفيذ‬
‫وسلطة التشريع ‪ ،‬وفي هذا الصدد أخذت النظم الليبرالية بالنظام البرلماني والرئاسي ونظام حكومة‬
‫الجمعية‪.‬‬

‫االنظمة السياسية النيابية العالمية المعاصرة ‪:‬‬

‫تعد الديمقراطية النيابية هي الصورة السائدة اليوم‪ ،‬وهي تتخذ ثالث صور أساسية في الممارسة‬
‫والتطبيق (النظام الجمعوي (المجلسي) والنظام البرلماني والنظام الرئاسي) ويعد هذا التصنيف‬
‫المعاصر لألنظمة السياسية والذي قدمه دوجالس فيرني في أواخر الخمسينيات من القرن العشرين‬
‫قائما على معيار العالقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية‪ .‬فإذا كان هناك اندماج للوظائف كلها‬
‫في يد جهة واحدة وكانت تلك الجهة تمثيلية تعبر عن إرادة الشعب ( جهة ممثلة للشعب) سمي‬
‫هذا النوع بحكومة الجمعية‪ .‬واذا كانت الوظائف الثالث (التشريع التنفيذ‪ ،‬القضاء) موزعة على‬
‫أكثر من جهة وكان فصال مطلقا بينها سمي هذا النوع بالحكومة الرئاسية أما إذا كان الفصل بين‬
‫هذه الوظائف ليس بنفس الشدة التي عليها الحكومة الرئاسية ‪،‬وانما هو فصل مرن يسمح بقدر من‬
‫التعاون والرقابة سمي هذا النوع بالحكومة البرلمانية‪ ،‬والحقيقة أن واقع بعض األنظمة السياسية‬
‫المعاصرة يمزج بين خصائص النظام البرلماني وبعض خصائص النظام الرئاسي فتعتبر الحكومة‬
‫عندئذ مختلطة أو نظاما مختلطا‪.‬‬

‫‪1‬عمار عباسي‪ ،‬العالقة بني السلطات يف االنظمة املعاصرة و يف النظام السياسي اجلزائري‪ ،‬دار اخللدونية‪ ،‬اجلزائر‪،2010،‬ص ‪.20-15‬‬

‫‪34‬‬
‫ما تجدر مالحظته أن التطبيق العملي لهذه األنواع من الحكومات كثي ار ما يتأثر بالجوانب‬
‫غير الرسمية مثل‪ :‬األحزاب السياسية واألنظمة االنتخابية والرأي العام و الجماعات الضاغظة‬
‫وغيرها من األنشطة السياسية غير الرسمية‪.1‬‬

‫النظام البرلماني‪:‬‬

‫يقول الفقيه الفرنسي موريس دي فارجيه انه ‪:‬ليس كل نظام يوجد به برلمان هو بالضرورة‬
‫نظاما برلمانيا ‪ ،‬وليس كل نظام به برلمان يمتلك سلطات فعلية تسمح له بتشكيل ثقل أمام الحكومة‬
‫هو نظام برلماني وانما النظام البرلماني هو نظام تنقسم فيه الحكومة إلى عنصرين أحدهما‪ :‬الو ازرة‬
‫وتكون مسؤولة سياسيا أمام البرلمان ويملك حق إسقاطها والثاني‪ :‬رئيس دولة بصالحيات محدودة‬
‫أو منعدمة او ما كان منها شكلي‪.‬‬

‫خصائص النظام البرلماني‪:‬‬

‫‪1‬ـ ثنائية السلطة التنفيذية‪ :‬وتعني ان يوجد رئيس أعلى للدولة له دور رمزي أساسا‪ ،‬فهو الذي‬
‫يجسد األمة‪ ،‬ويصدر القوانين‪ ،‬ويوقع على المراسيم‪ ،‬ويقر المعاهدات‪ ،‬ويعين رئيس الوزراء‬
‫والوزراء‪ ،‬فهو كما يقال مجرد آلة للتوقيع‪ ،‬ألن الق اررات الفعلية تتخذها الو ازرة‪ .‬في حالة خالف‬
‫رئيس الدولة مع الحكومة فال يمكنه إال الخضوع أو االستقالة غير أن استقالة رئيس الدولة هو‬
‫عمل خطير لذلك يبقى حصولها استثنائيا ‪ ،‬يظل رئيس الدولة في النظام البرلماني بعيدا عن‬
‫التجاذب الذي قد يقوم بين السلطتين التشريعية و التنفيذية‪.2‬‬

‫يمكن أن يكون رئيس الدولة في النظام البرلماني ملكا تولى سلطته بواسطة الوراثة ويمكن‬
‫أن يكون رئيس جمهورية انتخب بصورة عامة‪.‬والفرق في هذه الحالة أن رئيس الدولة الملك الذي‬
‫تبوأ منصبه بالوراثة يوشك أن يكون مجردا من كل سلطة حقيقية مؤثرة وحيث ال سلطة فال‬
‫مسؤولية سياسية وال جنائية‪.‬‬

‫‪1‬حيي اجلمل‪ ،‬األنظمة السياسية املعاصرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بريوت‪ 1969،،‬ص ‪.165‬‬
‫‪ 2‬عمار عباسي‪ ،‬العالقة بني السلطات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪42‬‬

‫‪35‬‬
‫أما رئيس الدولة والذي هو رئيس الجمهورية المنتخب فقد تكون له بعض الصالحيات ولكنها‬
‫تبقى صالحيات محدودة ومن ثم فإنه غير مسؤول سياسيا ولكن ال يمنع ذلك من ترتب المسؤولية‬
‫الجنائية عليه‪.‬‬

‫العنصر الثاني في السلطة التنفيذية ‪:‬نجد الو ازرة والتي هي جهاز جماعي يتخذ الق اررات على‬
‫نحو مشترك‪ ،‬على رأس هذا الجهاز الجماعي يوجد رئيس الحكومة الذي يتميز عن رئيس الدولة‬
‫وسمي برئيس حكومة‪ ،‬رئيس الوزراء‪ ،‬الوزير األول تبعا للبلد ‪.‬يختار أعضاء و ازرته الذين يقدمهم‬
‫للموافقة الشكلية لرئيس الدولة‪.‬‬

‫إن أهم ما تتصف به الو ازرة في النظام البرلماني‪ ،‬هي ثبوت المسؤولية السياسية لها أمام‬
‫البرلمان‪ ،‬فللبرلمان أن يرغم الو ازرة على االستقالة بالتصويت على حجب(سحب) الثقة‪ .‬المسؤولية‬
‫السياسية هي مسؤولية جماعية تصيب الو ازرة بأكملها ومن ثم فهي مسؤولية تضامنية ولكن قد‬
‫يتخلى رئيس الحكومة عن وزير واحد يعارضه البرلمان بفعل أعماله الشخصية فعندئذ تكون‬
‫المسؤولية فردية ‪.‬‬

‫وجود نظام المجلسين في البرلمان ال يؤدي الى طرح مسؤولية الو ازرة إال أمام مجلس واحد هو‬
‫المجلس المنتخب باالقتراع العام المباشر‪.‬‬

‫وطالما أن الحكومة مسؤولة أمام البرلمان فلها الحق في حل البرلمان وبالتحديد الغرفة التي‬
‫تكون مسؤولة أمامها‪ .‬وهذا ما يسمى بالند المقابل لحق البرلمان في قلب الحكومة وسحب الثقة‬
‫منها وهذا ما يؤدي إلى إرساء توازن بين السلطات في النظام البرلماني ولكن لعبة األحزاب‬
‫السياسية تبدل بعمق العالقات بين البرلمان والو ازرة‪.‬‬

‫التطور التاريخي للنظام البرلماني‪:‬‬

‫النظام البرلماني هو نتاج تطور تاريخي تم في إنجلت ار بادئ األمر‪ ،‬وقلد في الدول األوربية‬
‫األخرى‪ ،‬حيث تم االنتقال من الملكية األوتوقراطية إلى النظام البرلماني عبر مرحلتين‪ .‬األولى‪:‬‬
‫هي الملكية المحدودة حيث وجد برلمان يملك سلطة تشريعية وميزانية معينة‪ .‬وشكل هذا ثقال مقابال‬

‫‪36‬‬
‫للسلطة الملكية‪ ،‬لكن الملك يستمر في الحكم بنفسه أو بواسطة وزراء تابعين له‪ ،‬وهم غير مسؤولين‬
‫أمام البرلمان وفي المقابل يمكن للملك حل البرلمان وقتما شاء‪ ،‬على أكثر تقدير الوزراء مسؤولون‬
‫جزئيا فقط ‪.‬‬
‫ا‬

‫والمرحلة الثانية هي البرلمانية األورليانية وهنا توصل البرلمان إلى فرض فكرة أنه على‬
‫الوزراء أن يحضوا بثقته فيهدد بإحالتهم أمام المحاكم عن طريق إجراء توجيه التهمة‪ ،‬وهنا تم‬
‫اإلنتقال من مسؤولية جزائية إلى مسؤولية سياسية ـ جزائية‪،‬ولتجنب العقوبات المحتملة يستقيل‬
‫الوزراء كي ال يحالو أمام المحاكم وهكذا نمت تدريجيا المسؤولية السياسية أمام البرلمان استنادا الى‬
‫قاعدة تقضي بحصانة ذات الملك و انتقال سلطته الى الو ازرة ممثلة في رئيسها و يكون هو‬
‫المسؤول أمام البرلمان‪ . 1‬مما أرسى قواعد النظام البرلماني‪.‬‬

‫إن الخاصية التي يتصف بها النظام البرلماني هي أن الحكم فيه يكون منبثقا عن تعاون بين‬
‫برلمان منتخب وبين رئيس دولة غير مسؤول وذلك بواسطة حكومة مسؤولة والتي هي بمثابة لولب‬
‫‪2‬‬
‫الحركة في النظام البرلماني‪.‬‬

‫ـ الحكومة المسؤولة أمام البرلمان هي منبثقة عن البرلمان المنتخب مما يجيز الجمع في العضوية‬
‫او ما يسمى باالزدواج الوظيفي‪.‬‬

‫ـ هي حكومة تتميز بالوحدة والتضامن بين أعضاء الو ازرة فهم يشكلون مجلسا واحدا خاصا بهم‪.‬‬

‫ـ تتميز بالتجانس بين األعضاء ( تأليف و ازرة ال تمثل إال حزبا واحدا يؤدي الى ان تحوز هذه‬
‫الو ازرة على ثقة األكثرية من المجلس)‪.‬‬

‫مزايا وعيوب النظام البرلماني‪:‬‬

‫من مزايا االنظمة البرلمانية‪:‬‬

‫‪ -‬انها توفر درجة عالية من التعاون بين السلطات‪.‬‬

‫‪ 1‬عمار عباسي‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪44‬‬


‫‪2‬إدمون رباط‪ ،‬الوسيط يف القانون الدستوري العام‪ ،‬اجلزء ‪ .2‬دار العلم للماليني‪ ،‬بريوت‪ ،1981 ،‬ص‪.630‬‬

‫‪37‬‬
‫‪ -‬تقرير مسؤولية الحكومة أمام البرلمان مما يجعلها دائما مستعدة لتدارك أخطائها‪.‬‬

‫‪ -‬تحمي مصالح الشعب بدرجة كبيرة فالممثلين عن الشعب في البرلمان ينقلون مشاكله‬
‫إلى الحكومة)‪.‬‬

‫‪ -‬مقابل هذا يعاب عليها‪:‬‬

‫* أن الروح الحزبية المنتشرة فيها تقود إلى الصراع حول السلطة‪.‬‬

‫* ديكتاتورية السلطة التنفيذية (فالسلطة تكون مركزة بصورة شبه تامة في أيدي الوزراء)‪.‬‬

‫‪ -‬النظام البرلماني عاجز على مواجهة ظروف الحرب واألزمات لما يتطلبه من عالقة‬
‫تعاونية بين السلطتين مما ينجر عنه البطء وعدم اإلسراع في اتخاذ الق اررات‪.‬‬

‫النظام الرئاسي‬

‫النظام الرئاسي هو النظام الذي ابتكرته وطبقته الواليات المتحدة األمريكية بضغط من حاجتها‬
‫المحلية المتمثلة في إتحاد الدول المستقلة عن التاج البريطاني‪ ،‬فكان هذا النظام من أجل إيجاد‬
‫حل لمشكلة األمريكيين والمتمثلة في التوفيق بين المطالبة بالوحدة (االتحاد الفيدرالي)وبين تمسك‬
‫الدول المستقلة بحقوقها ‪.‬‬

‫يختلف النظام الرئاسي عن النظام البرلماني اختالفا جوهريا في روحه وفي قواعده ميزته‬
‫األساسية تكمن فيما توصل إليه من التوفيق بين المبدأ الديمقراطي القائم على احترام الحقوق‬
‫والحريات وبين واقع الحكم الشخصي النافذ والمقيد بأحكام الدستور و عليه فعند وضع الدستور‬
‫األمريكي تم التوصل إلى أمرين‪:‬‬

‫األول‪ :‬كيف يمكن إيجاد سلطة تنفيذية قوية تحرك الحكم وتدفعه؟‬

‫الثاني‪ :‬كيف يمكن أن تظل تلك السلطة بعيدة عن الدكتاتورية؟‬

‫واقتنع واضعي الدستور بضرورة الحاجة إلى قائد قوي دون أن يتحول إلى طاغية ينتهك‬
‫الحقوق‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫بعد أن تبنت الواليات األمريكية النظام الدستوري المتمثل في النظام الرئاسي بدأ يخرج من‬
‫نطاق إقليمها لينتشر في أمريكا الالتينية مع شيء في االنحراف في تطبيقاته العملية وعن قاعدته‬
‫التي عرفت في امريكا ‪.‬ويعود السبب في ذلك الى انها (دول امريكا الالتينية)أقطار لم‬ ‫األصلية‬
‫تتوصل الديمقراطية فيها إلى الحد الذي تتجرد فيه عن األشخاص وانما بقيت مندمجة بزعامات‬
‫محلية‪.1‬‬

‫في أوربا لم يلق النظام الرئاسي نجاحا ألسباب سياسية ونفسية تتعلق بشعوب أوربا‬
‫وبتاريخها‪( .‬فشل التجربة األلمانية والفرنسية) لكن لم يمنع ذلك من وجود آثار النظام الرئاسي في‬
‫الدساتير األوربية التي يعود الفضل في اكتشافها إلى الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وهي‪ :‬الثنائية في‬
‫البرلمان و نظرية الرقابة الدستورية على القوانين‪.‬‬

‫خصائص النظام الرئاسي‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ وحدانية (فردية ) السلطة التنفيذية‪ :‬فرئيس الدولة هو رئيس الحكومة‪ .‬فالرئيس ينتخب انتخابا‬
‫مباش ار من الشعب ‪.‬فيمنحه ذلك التمثيل مركز ثقل فيصبح شخصا يسود ويحكم مما يضعه على‬
‫قدم المساواة من األهمية والنفوذ و السلطة مع البرلمان‪ .2‬ومن ثم ال يوجد ما يسمى بمجلس‬
‫الوزراء وال وجود لق اررات و ازرية على نحو فردي اومشترك وانما يوجد معاونين للرئيس يتولون إدارة‬
‫أجهزة تعمل تحت إشراف الرئيس ومسؤولين أمامه ويكون الرئيس مسؤوال على اختيارهم أمام‬
‫الشعب‪.‬‬

‫تنتفي المسؤولية السياسية لرئيس الدولة أمام السلطة التشريعية واقتصارها على المسؤولية‬
‫الجنائية (الخيانة العظمى ) ‪.‬حيث يملك مجلس النواب سلطة اتهام الرئيس ويملك مجلس الشيوخ‬
‫سلطة محاكمته‪ .‬ولتفادي األخطار التي قد يؤدي إليها السلطان شبه المطلق لرئيس الدولة أن جعل‬
‫الدستور مدة والية الرئيس قصيرة (‪ 4‬سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة) ‪.‬‬

‫‪1‬ادمون رباط‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.656‬‬


‫‪2‬املرجع نفسه‪،‬ص‪.648‬‬

‫‪39‬‬
‫‪2‬ـ الفصل الشديد بين السلطات‪ :‬والمقصود بالشديد أن الفصل يكون إلى أبعد الحدود على عكس‬
‫الفصل المطلق الذي يتم بشكل نهائي وقاطع وتام‪.‬لذلك فقد فهم الفقهاء ومنهم العرب فهما خاطئا‬
‫مبدأ الفصل بين السلطات في النظام الرئاسي األمريكي كونه فصال مطلقا وجامدا ‪ ،‬فالتطور‬
‫العملي في الواليات المتحدة األمريكية ينسجم مع الفصل الشديد وليس المطلق ‪ .‬وان هناك‬
‫مجاالت للتعاون و للرقابة بين السلطات الثالث مع احتفاظ كل سلطة باستقالليتها في أداء‬
‫وظيفتها‪.‬‬

‫فالقاعدة العامة ال تعطي للرئيس حق حل البرلمان أو تأجيل وتعطيل أدوار انعقاده أو‬
‫التدخل في أعماله‪ .‬كما ال يحق للكونجرس محاسبة ومساءلة السلطة التنفيذية‪ ،‬على أعمالها‬
‫كتوجيه األسئلة أو اإلستجواب أو سحب الثقة وهذا يرسي قاعدة استقالل السلطتين التشريعية و‬
‫التنفيذية عن بعضها البعض‪.‬و رغم هذا االستقالل فان هناك جسو ار لالتصال بين السلطتين كحق‬
‫التوصية بإجراءات توجه للكونغرس من رئيس الدولة و كسلطة استخدام الفيتو ضد مشاريع القوانين‬
‫واعتراضه عليها‪.1‬‬

‫كما يحق للكونغرس مقابل ذلك أن يشرف على الوكاالت الفيدرالية وينشئها ويستدعيها للحصول‬
‫على المعلومات والتفسيرات‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ سلطة قضائية ممثلة بالمحكمة العليا‪ :‬تلعب المحكمة الفدرالية دو ار هاما في الحياة السياسية‬
‫األمريكية من خالل تأكيدها على مبدأ الشرعية والحكومة المقيدة بحماية الحقوق والحريات ومن‬
‫خالل مبدأ الرقابة على دستورية القوانين‪.‬‬

‫فمثال تراقب النص الدستوري الذي يحرم على الكونغرس أن يصدر قوانين تحرم المواطنين من‬
‫حقوقهم المدنية دون محاكمة‪ .‬كما ال يحق للمحكمة أن تصدر فتاوى وأراء استشارية للسلطة‬
‫التنفيذية وال حتى مشورة قانونية تأخذ شكل الرأي االستشاري (حدث أن طلب وزير المالية ألكسندر‬

‫‪ 1‬عمار عباسي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪68‬‬

‫‪40‬‬
‫هملتون من المحكمة العليا أن تصدر فتوى تتعلق بمدى دستورية قرار أصدره مجلس نواب والية‬
‫فيرجينيا‪ ،‬ورفضت ذلك ألن ذلك يقحمها في نشاطات تنفيذية وتشريعية ال يسمح لها الدستور بها)‪.‬‬

‫مزايا وعيوب النظام الرئاسي‪:‬‬

‫من بين مزايا النظام الرئاسي انه‪:‬‬

‫‪1‬ـ يضمن االستقرار السياسي بصورة تكاد ال تحققها نظم أخرى والسبب يرجع إلى أن رئيس الدولة‬
‫المنتخب لمدة ‪4‬سنوات يعمل على تنفيذ سياسته دون أن يعزل أو تنتهي فترة الرئاسة او تسقط‬
‫حكومته ‪،‬عكس نظم أخرى تتعرض فيها الحكومات إلى هزات عنيفة بين الحين واآلخر ‪.‬‬

‫‪2‬ـ قيامه على مبدأ الفصل بين السلطات والذي هو دعامة رئيسية لقيام الحكم الديمقراطي بغض‬
‫النظر عما اذا كان فصال مرنا او جامدا‪.‬‬

‫‪3‬ـ أنه هو األقدر على مواجهة األزمات والطوارئ ويرجع ذلك إلى السلطة الفعلية التي هي بيد‬
‫شخص واحد هو رئيس الدولة مما يسمح له باتخاذ الق اررات على نحو سريع دون الدخول في‬
‫مشاورات قد تؤدي إلى البطء الذي قد يعود سلبا على الدولة‪.‬‬

‫‪ .4‬انه نظام ناجح في البلدان ذات التجربة الديمقراطية المتكاملة و التي يكون فيها مستوى النضوج‬
‫و الوعي السياسيين عاليا‪.1‬‬

‫اما بالنسبة لبعض عيوبه فتظهر فيما يلي‪:‬‬

‫‪1‬ـ الفصل بين السلطات بشكل يؤدي إلى الجمود هو أمر غير مرغوب ألن التعاون المتبادل‬
‫والتأثير والتأثر بين السلطات أمر ضروري ألنه يوفر للسياسات العامة قوة سياسية وأدبية اكبر مما‬
‫السلطتين‪.‬‬ ‫إحدى‬ ‫نظر‬ ‫وجهة‬ ‫لتمثل‬ ‫السياسات‬ ‫هذه‬ ‫لوجاءت‬
‫‪2‬ـعدم مسؤولية رئيس الدولة أمام الكونغرس باعتباره رئيس للسلطة التنفيذية تجعله يتصرف بحرية‬
‫الدكتاتورية‪.‬‬ ‫إلى‬ ‫يقود‬ ‫وهذا‬ ‫البرلمان‪،‬‬ ‫فعل‬ ‫لرد‬ ‫اعتبار‬ ‫دون‬

‫‪1‬ملزيد من املعلومات انظر‪:‬حممد كامل ابو ليلة‪،‬النظم السياسية‪،‬الدولة و احلكومة‪،‬اجلزء االول‪،‬دار الفكر العريب‪،1968،‬ص‪.597‬‬

‫‪41‬‬
‫‪3‬ـ عدم مسؤوليته تؤدي إلى إبعاده عن االنتقادات واالستجوابات‪ ،‬والمفروض أن هذا اإلجراء‬
‫األخير فيه ضمان للكفاءة وتدارك لالخطاء‪.‬‬

‫نظام حكومة الجمعية‬

‫ويسمى أيضا بالنظام المجلسي لتمركز جميع السلطات في يد جهة واحدة هي جمعية‬
‫ممثلي الشعب ( المجلس)‪ ،‬فهو النظام الذي يبتعد عن نظرية الفصل بين السلطات ألنه ينبني‬
‫على فكرة أن المجلس الذي تتجلى فيه إرادة الشعب هو الذي يشرع وهو الذي يحكم وهو الذي‬
‫يقضي إن اقتضى األمر ذلك‪.‬‬

‫فالسلطة التنفيذية في هذا النظام هي سلطة منفذة ليس فقط للقانون الذي تسنه السلطة‬
‫التشريعية أو للسياسة التي يختطها البرلمان‪ ،‬بل أكثر من ذلك فهي منفذة لكل قرار من ق اررات‬
‫المجلس ( الحكومة عندئذ مؤلفة ليس من وزراء وو ازرة وانما من منفذين إلرادة المجلس ومفوضين‬
‫عنه) كل مفوض يكون معينا من المجلس ومسؤوال أمامه ومعرضا لإلقالة من قبله‪ ،‬فهو في هذه‬
‫الحالة بمنزلة موظف و هؤالء المفوضين يكونون مجموعة موصوفة بالحكومة ينشأ بينها إتجاه نحو‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬‬ ‫التشاور وحتى التضامن‪.‬‬

‫يرى البعض الباحثين ان واقع الحياة السياسية يدل على أن نظام حكومة الجمعية عادة‬
‫ما يظهر في العهود الثورية و يصلح أوقات األزمات في حياة الدول‪ ،‬ومن ثم فانه ال يصلح كنظام‬
‫للحياة العادية وذلك لتمركز جميع السلطات في جهة واحدة هي المجلس‪.‬‬

‫وقد حصل هذا في فرنسا إبان الثورة الفرنسية وسيطرة حزب الجبليين على المجلس وصدور دستور‬
‫‪ 1793‬اذا تمركزت جميع السلطات في يد مجلس متجانس بأرائه و متحد يسيره حزب منظم‬
‫تنظيما صلبا‪.‬‬

‫ومثال آخر ظهر في فرنسا لنظام حكومة الجمعية كان إثر ثورة عام ‪ .1848‬ولكن لم يثبت‬
‫نجاح هذا النوع من األنظمة في فرنسا فيما بعد الثورات‪.‬‬

‫‪1‬ادمون رباط‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.663‬‬

‫‪42‬‬
‫أيضا نجد له تطبيقا في أعقاب الحرب العالمية الثانية في تركيا في دستورها الصادر عام ‪1934‬‬
‫بعد إلغاء مصطفى أتاتورك نظام الخالفة اإلسالمية‪.‬‬

‫ورغم ما يقال عن نظام حكومة الجمعية بأنه نظام تلجأ إليه الشعوب في بعض فترات‬
‫األزمات السياسية و أنه يصلح كنظام في الحياة الثورية اال انه يجد له تطبيقا مستق ار في اإلتحاد‬
‫السويسري حتى اآلن بموجب دستور عام ‪1848‬ومن ثم فهو ليس نتيجة ثورات و يصلح الوقات‬
‫الثورات دائما‪.‬‬

‫في سويس ار توجد الجمعية الفدرالية المؤلفة من مجلسين المجلس الوطني ومجلس الدول واللذين‬
‫تقوم أمامها سلطة تنفيذية ممثلة‪ ،‬ليس بشخص واحد كرئيس الو ازرة وانما بالمجلس الفدرالي وهو‬
‫عبارة عن لجنة من األعضاء المفوضين ينتخبون من المجلسين في الجمعية الفدرالية و جميع‬
‫التصرفات الصادرة عن الهيئة التنفيذية تخضع الشراف و رقابة و توجيه الهيئة النيابية دون ان‬
‫يكون للهيئة االول حق االعتراض او التعقيب‪.1‬‬

‫في النظام المجلسي ترتكز الوظيفتان السياسيتان في يد البرلمان (الجمعية الفدرالية) وتتكون‬
‫هذه األخيرة من مجلسين أحدها يمثل الواليات واآلخر يمثل األمة مجتمعة وكليهما نيابيين وتنتخب‬
‫الجمعية لمدة ‪ 4‬سنوات ‪.‬‬

‫الجمعية الفدرالية هي صاحبة االختصاص األصيل للتشريع والتنفيذ وتقوم بتفويض التنفيذ إلى‬ ‫ـ‬
‫المجلس الفدرالي (الحكومة) الذي يتكون من ‪ 7‬أعضاء من بين أعضاء الجمعية الفدرالية‪ .‬تعينهم‬
‫الجمعية باالنتخاب ولمدة ‪4‬سنوات قابلة للتجديد‪.‬‬

‫ـ هذا المجلس الفدرالي مسؤول أمام الجمعية الفدرالية عن ممارسة التنفيذ الذي يمارسه باعتباره‬
‫مندوبا ومفوضا عن الجمعية وليس باعتباره صاحب االختصاص األصيل له‪.‬‬

‫‪1‬ابراهيم عبد العزيز شيحا‪،‬النظم السياسية و القانون الدستوري‪،‬منشأة دار املعارف‪،‬االسكندرية‪،2016،‬ص‪.370‬‬

‫‪43‬‬
‫ـ في حالة االختالف بينهما (الجمعية الفدرالية والمجلس الفدرالي) في أي موضوع فإنه يتعين أن‬
‫يتم التفسير لصالح الجمعية باعتبارها هي صاحبة االختصاص األصيل‪ ،‬ويسأل أمامها سياسيا مما‬
‫يخولها سلطة طرح الثقة بأعضاء المجلس الفدرالي سواء بصفة جماعية أو فردية‪.‬‬

‫الجمعية الفدرالية ال تعين فقط المجلس وانما تعين رئيس الدولة باالنتخاب ولمدة عام قابل‬ ‫ـ‬
‫للتجديد ( من بين أعضاء المجلس الفدرالي‪ ).‬وظائف الرئيس في النظام المجلسي شرفية وليست‬
‫لديه أية سلطات إزاء الجمعية الفدرالية‪.1‬‬

‫في النظام المحلي يوجد تداخل عضوي ووظيفي بين المجلس الفدرالي والجمعية الفدرالية (‬
‫حضور جلسات الجمعية كأعضاء فيها وللجمعية وسائل إلزام المجلس لاللتزام بتوجيهاتها كرفض‬
‫اإلعتمادات المالية الخاصة بسياسات المجلس وبرامجه)‪.‬‬

‫ـ نتيجة للتداخل الوظيفي يتقدم أعضاء المجلس للجمعية باقتراح القوانين والمشاركة في العمل‬
‫التشريعي‪.‬‬

‫تقدير النظام المجلسي‪:‬من اهم عيوبه انه قد يؤدي الى استبداد الهيئة النيابية و طغيانها و يعد‬
‫هذا النوع من االستبداد من اكثر االنواع خطورة على الحقوق و الحريات و ان كتب له النجاح في‬
‫‪2‬‬
‫سويس ار فان سر هذا النجاح يرجع الى العقلية المحافظة لشعب هذه الدولة و حبه للنظام‬

‫النظام نصف الرئاسي‬

‫يصف الفقيه موريس دي فارجيه‪،3‬النظام نصف الرئاسي بأنه نموذج متميز من العالقات‬
‫بين الحكومة والبرلمان واالنطباع األول عليه أنه أقرب للنظام البرلماني منه إلى النظام الرئاسي‬
‫لوجود سلطة تنفيذية منقسمة بين رئيس دولة وو ازرة برئاسة رئيس حكومة‪ .‬هذه الو ازرة تكون مسؤولة‬
‫سياسيا أمام البرلمان ‪ .‬لكن الفارق األساسي بينه وبين النظام البرلماني يتعلق برئيس الدولة‪،‬‬

‫‪1‬عادل ثابت‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.70‬‬


‫‪2‬ابراهيم عبد العزيز شيحا‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.373‬‬
‫‪3‬انظر مؤلف الفقيه الفرنسي موريس دي فارجيه‪،‬املؤسسات السياسية و القانون الدستوري‪،‬االنظمة السياسية الكربى‪،‬ترمجة جورج‬
‫سعد‪.1992،‬‬

‫‪44‬‬
‫فعوض ا أن يكون ملكا وراثيا أو رئيسا منتخبا من البرلمانيين‪ ،‬يكون رئيسا منتخبا باالقتراع الشامل‬
‫كما هو حال رئيس الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وهنا يتمتع رئيس الدولة المنتخب باالقتراع الشامل‬
‫بصالحيات قانونية واسعة أكبر بكثير من صالحيات رئيس الدولة في النظام البرلماني مما يمنحه‬
‫مرك از متفوقا بالنسبة لرئيس الوزراء وهذه هي خاصية النظام الرئاسي‪.‬‬

‫أشكال النظام نصف الرئاسي هي فرنسا منذ ‪ ،1958‬النمسا‪ ،‬فلندا والبرتغال‪ ،‬إيسلندا‪،‬‬
‫إيرلندا‪ ،‬ألمانيا ولكنها كانت تجارب لم تستمر أغلبها طويال وكثي ار ما حدث انشقاق بين القواعد‬
‫الدستورية والممارسات الفعلية‪.‬‬

‫رئيس الدولة في النظام نصف الرئاسي يجمع بين االعتبار الرمزي والسلطة الفعلية ‪.‬رئيس‬
‫الحكومة يتمتع ببعض الصالحيات الفعلية ويتقاسم بعض الصالحيات المهمة مع رئيس الدولة‪.‬‬
‫فرنسا ‪:‬ومنذ أواخر القرن ‪ 18‬كانت تأخذ بالنظام البرلماني بكل خصائصه ثم اتجهت إلى تقوية‬
‫سلطات الرئيس (عهد ديغول) الجمهورية الخامسة (‪)1958‬فأقترب النظام الفرنسي (البرلماني) من‬
‫النظام الرئاسي وأصبح نظام نصف رئاسي‪.‬‬

‫المحور الثالث‪:‬عمل األحزاب السياسية في األنظمة السياسية‪:‬‬

‫تعرف االحزاب السياسية بأنها تنظيمات شعبية تستقطب الرأي العام و تستهدف تولي السلطة‬
‫‪1‬‬
‫لذلك فان وجود أحزاب في الحياة السياسية يعتبر تأكيدا للممارسة الديمقراطية ‪،‬لذلك‬ ‫في الدولة‬
‫من الممكن أن توجد أحزاب سياسية دون ان توجد ديمقراطية‪ .‬لكن ال يمكن أن توجد وتطبق‬
‫ديمقراطية دون وجود أحزاب سياسية‪ .‬وعليه فإن للظاهرة الحزبية في النظم النيابية الليبرالية كالنظام‬
‫الرئاسي و النظام البرلماني دو ار كبي ار و خطي ار في التأثير على الحياة السياسية وعلى الهياكل‬
‫الدستورية للنظم السياسية‪.‬‬

‫‪1‬ماجد راغب احللو‪،‬النظم السياسية و القانون الدستوري‪،‬منشأة املعارف‪،‬االسكندرية‪2005،‬؟‪،‬ص‪.292‬‬

‫‪45‬‬
‫المالحظ ان معظم الدساتير ال تشير إلى األحزاب السياسية كمؤسسات غير رسمية ذات‬
‫نشاط في الساحة السياسية‪،1‬ومن ثم فإنها قوى سياسية فعلية (تنشأ نشأة بعيدة عن الدستور) تهدف‬
‫للوصول إلى الحكم أو المشاركة فيه من خالل حصولها على عدد من المقاعد في المجالس‬
‫النيابية (المنتخبة) والحزب الذي يحصل على أغلبية المقاعد في البرلمان يشارك في عملية صنع‬
‫السياسات العامة لمجتمعه‪ ،‬بينما الحزب الذي ال يحصل على هذه األغلبية يكتفي بأن يمثل‬
‫معارضة‪.‬‬

‫المقصود بالتعددية الحزبية‪:‬‬

‫يطلق نظام تعدد األحزاب على الدول التي يسودها حزبين فأكثر ويكون لها القدرة على‬
‫المنافسة السياسية والتأثير على الرأي العام‪ ،‬فهو نظام يعكس التناقضات السياسية واالجتماعية‬
‫تأثير كبي ار في النظام السياسي الذي يسود فيه‪ .‬و هنا يتجسد مفهوم‬
‫ا‬ ‫واالقتصادية مما يجعله يؤثر‬
‫المعارضة‪ .‬قد يؤدي نظام تعدد األحزاب إلى صعوبة الحصول على أغلبية في المجلس‪ ،‬األمر‬
‫الذي يجعل عملية الوصول إلى السلطة عملية شاقة ومعقدة في الوقت نفسه‪ ،‬وعليه ففي هذا‬
‫النظام (التعدد الحزبي‪ )2‬و عند عدم الحصول على االغلبية البرلمانية تكون الدول مرغمة ألن تلجأ‬
‫إلى تكوين حكومات إئتالفية لتكوين أغلبية برلمانية تمكنها من البقاء في الحكم مدة أطول وان‬
‫صدق هذا على النظام الذي به أكثر من حزبين فان األمر في ظل النظام الحزبي الثنائي يختلف‬
‫اذ كثي ار ما يحول دون الوقوع في األزمات الو ازرية‪.‬‬

‫دور األحزاب المتعددة في النظام البرلماني‪:‬‬

‫‪1‬أحسن مثال على الدساتري اليت ال تشري إىل األحزاب السياسية جند الدستور األمريكي و للعلم فان األحزاب السياسية مبفهومها احلديث‬
‫هي ظاهرة حديثة النشأة و لكن هلا أصول تارخيية تتمثل يف اجتاهات الرأي و النوادي الشعبية و مجعيات الفكر و اجملموعات الربملانية‪ ،‬ملزيد‬
‫من املعلومات أنظر ماجد راغب احللو‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪298‬‬

‫‪2‬التعددية احلزبية هلا مفهومني‪:‬املفهوم الواسع و الذي يعين حق اي جتمع يف التعبري عن نفسه و خماطبة الرأي العام بصورة مباشرة على ضوء‬
‫التناقضات اليت حيويها كل جمتمع من النظم السياسية اما الضيق فيشري اىل وجود ثالث احزاب فاكثر كل منها قادر على املنافسة السياسية‬
‫و التأثري يف الراي العام‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫في النظام البرلماني ال تستطيع الحكومة البقاء في الحكم دون حصولها على ثقة األغلبية‬
‫البرلمانية‪ ،‬األمر الذي يتوجب معه اختيار أعضاء الحكومة من حزب األغلبية في البرلمان‪.‬‬

‫غير أن وجود نظام تعدد األحزاب في النظام البرلماني يحول دون حصول حزب واحد‬
‫على تلك األغلبية مما يجعل الحكومات المعايشة لهذا النظام هي حكومات إئتالفية تضم أحزابا‬
‫مختلفة ‪ ،‬وهذا ال يوافق أصول النظام البرلماني القائم على توافر عنصر التجانس بين أعضاء‬
‫الحكومة‪( .‬المعروف أن رئيس الحكومة مع طاقمه الوزاري المتجانس في األفكار هو صاحب‬
‫السلطة الفعلية وهو الذي يرسم السياسة العامة للدولة)‪ ،‬وهذا ما ال يتطابق مع نظام تعدد األحزاب‬
‫ومع الحكومة اإلئتالفية التي قليال ما يكون االتفاق بين أعضائها وكثي ار ما يكون الخالف الذي قد‬
‫يؤدي إلى حل اإلئتالف وتفكك الحكومة وبالتالي سقوطها)‪.‬‬

‫ولذلك فإن النظام البرلماني المتعدد األحزاب يوصف بعدم االستقرار الوزاري ومن ثم يختل‬
‫التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لصالح األولى (التشريعية) ويصبح رئيس الحكومة منفذا‬
‫لما تصل إليه األحزاب المؤتلفة‪.‬‬

‫دور األحزاب المتعددة في النظام الرئاسي‪:‬‬

‫ان نظام تعدد األحزاب يؤدي الى صعوبة حصول أحدها بمفرده على األغلبية البرلمانية‬
‫واذا ارتبط النظام الرئاسي بنظام التعدد الحزبي فان ذلك يؤدي الى برلمان مفكك وضعيف بسبب‬
‫توزيع مقاعد البرلمان بين عدة أحزاب وهنا رئيس الدولة يستطيع أن يكتسب نفوذا وتأثي ار أكبر في‬
‫سير العملية السياسية باإلضافة إلى ما يتمتع به من سلطات واسعة بموجب انتخابه من الشعب‬
‫مباشرة و مستمدة من الدستور ذاته‪.‬‬

‫دور الثنائية الحزبية في النظامين البرلماني و الرئاسي‪:‬‬

‫الثنائية الحزبية نوع من تعدد األحزاب‪ ،‬ولكنه من حيث التطبيق العملي ينتهي إلى تجميع‬
‫األطراف المتنافسة حول حزبين كبيرين‪ .‬يستطيع أحدهما وبصفة مستمرة الحصول على األغلبية‬

‫‪47‬‬
‫البرلمانية وتشكيل الحكومة بينما يبقى الحزب اآلخر ممثال للمعارضة الحقيقية‪ ،‬المتجانسة‬
‫الفعالة‪.1‬وبهذا المعنى فإن العملية السياسية تبقى قائمة على فكرة التناوب المستمر بين الحزبين‪.‬‬

‫الثنائية الحزبية والنظام الرئاسي‪:‬‬

‫تختلف آثار الثنائية الحزبية في النظام الرئاسي بحسب نوع األغلبية البرلمانية ‪ ،‬فيما إذا‬
‫كانت تنتمي إلى حزب الرئيس أم إذا كانت تنتمي إلى الحزب المنافس لحزب الرئيس وفيما إذا‬
‫كانت ثنائية مرنة أم جامدة‪.‬‬

‫الفرض األول‪:‬انتماء األغلبية البرلمانية لحزب رئيس الدولة في ظل ثنائية حزبية جامدة فإن‬
‫هذا األمر يؤدي إلى سيطرة مطلقة للرئيس ‪،‬ألن وحدة الحزب الحاكم سوف تقيم جسو ار من التفاهم‬
‫مما يؤدي إلى إقامة عالقة عميقة بين السلطتين (التشريعية والتنفيذية)‪.‬‬

‫الفرض الثاني‪ :‬انتماء األغلبية البرلمانية إلى الحزب المنافس لحزب الرئيس وفي ظل ثنائية‬
‫حزبية جامدة دائما‪ .‬فإن األمر هنا يؤدي إلى تطبيق مبدأ الفصل بشكل جامد والمطلق بين‬
‫السلطتين مما يؤدي إلى شل كل من سلطات الرئيس وسلطات البرلمان‪.‬‬

‫أما إذا كانت الثنائية الحزبية مرنة‪ ،‬فإن هذا النظام (النظام الثنائية الحزبية المرنة)‬
‫يعد بمثابة الوسيلة الفعالة والمفيدة في النظام الرئاسي ألنه يمنع الرئيس من التسلط على البرلمان‬
‫حتى ولو كان حزب الرئيس ليس هو صاحب األغلبية البرلمانية وهذا ماهو سائد في الواليات‬
‫المتحدة األمريكية‪ .‬فالرئيس يستطيع أن يحصل على أصوات من الحزب المنافس صاحب األكثرية‬
‫من أجل تمرير القوانين التي تكون ضرورية لتنفيذ سياسته‪.‬‬

‫الثنائية الحزبية والنظام البرلماني‪:‬‬

‫النظام البرلماني يتميز بثنائية السلطة التنفيذية‪ ،‬ورئيس الدولة يختار رئيس وأعضاء الحكومة‬
‫من حزب األغلبية في البرلمان‪ .‬و في ظل نظام الحزبين يكون هناك نوع من التالزم الحتمي بين‬
‫نتيجة االنتخابات البرلمانية وتشكيل الحكومة‪ ،‬حيث يكون للحزب الفائز باألغلبية في البرلمان‬

‫‪1‬ماجد راغب احللو‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪297‬‬

‫‪48‬‬
‫الحق في تشكيل الحكومة مما يضمن له سيطرته على السلطة التنفيذية وأجهزتها عن طريق‬
‫الحكومة التي يشكلها من أعضائه ومن ثم فان الثنائية الحزبية تأتي على قمة العوامل المؤثرة‬
‫ايجابيا في النظام البرلماني‬

‫و نستخلص ان النظام البرلماني يتطلب توافر الثنائية الحزبية الجامدة كونها تعطي نتائج جيدة‬
‫لهذا النظام تتمثل في االستقرار السياسي‪.‬‬

‫المعارضة في االنظمة السياسية والحزبية ‪:‬‬

‫المعارضة في ظل التعددية الحزبية سواء في النظام البرلماني او الرئاسي فانها تفتقر إلى جهاز‬
‫ينظم عملها فكثرة األحزاب وتنافسها وتباين برامجها يؤدي إلى عدم قدرة المعارضة على توحيد‬
‫وجهة نظرها مما يؤدي إلى تحرر الحكومة من الرقابة‪.‬‬

‫أما المعارضة في ظل الثنائية الحزبية تؤدي دورها بشكل واضح و في كال النظامين الرئاسي‬
‫و البرلماني ألنها تبقى متزنة وغير مبالغة في دعايتها الموجهة الى الرأي العام ‪،‬معتدلة في‬
‫انتقاداتها للحزب الحاكم ‪،‬وهذا االعتدال تفرضه فكرة التناوب‪ ،‬فالمعارضة هي حكومة المستقبل بعد‬
‫أن تصبح أكثرية‪ .‬بل ان نظام الثنائية الحزبية يضفي على المعارضة ما يشبه صفة الوظيفة‬
‫العامة‪.1‬‬

‫األنظمة التسلطية‬

‫يقابل النمط الديمقراطي نمط يعرف باألنظمة التسلطية وضمن هذه األخيرة نجد‪:‬‬

‫‪1‬ـ األنظمة االستبدادية (الدكتاتورية) الرأسمالية (ملكيات قديمة ودكتاتوريات فاشية)‪.‬‬

‫‪2‬ـ الدكتاتوريات االشتراكية (منظومات بلدان أوربا الشرقية) وبين هذين النوعين فروقا شاسعة من‬
‫الوجهة العقائدية والسياسية واالجتماعية واالقتصادية بالرغم من التشابه القائم فيما بينها من حيث‬

‫‪ 1‬عندما يقوم حزب األقلية بدور املعارضة يف مواجهة حزب األغلبية اليت تتوىل احلكومة فان زعيم املعارضة يف اجنلرتا مينح راتبا من خزانة‬
‫الدولة و يسمى‪ :‬زعيم املعارضة حلكومة جاللة امللكة‬

‫‪49‬‬
‫بنائها ‪ ،‬فاألنظمة التسلطية بأنواعها ترفض فكرة الدولة الحارسة وتؤمن بفكرة شمول سلطات الدولة‬
‫لكل جوانب الحياة اإلنسانية‪ ،‬هي أنظمة مبنية على مبدأ الحزب الواحد في الدولة وأن المعارضة‬
‫ممنوعة‪.‬‬

‫تستعير األنظمة التسلطية من نمط الديمقراطية الليبرالية الكثير من المبادئ الجوهرية‪،‬‬


‫كالتمثيل الوطني‪ ،‬االنتخاب الشامل الحر‪ ،‬الحريات العامة‪ ،‬حقوق اإلنسان‪ ،‬البرلمانات‪ ،‬مسؤوليات‬
‫الحكومة‪ ،‬االستفتاء‪ ،‬الرقابة القضائية‪ .‬لكن عمليا ال يطبق هذا النمط الديمقراطي‪.1‬‬

‫مفهوم الدكتاتورية‪:‬‬

‫الديكتاتورية هي انفراد فرد أو بعض األفراد بسلطات الحكم دون الرجوع الى الشعب وكثير ما‬
‫يرتكز اتخاذ القرار بيد الفرد او البعض و يستوي أن تؤول السلطة بالقوة (عن طريق الثورة أو‬
‫االنقالب) أو بالوراثة أو حتى بالطرق الديموقراطية المزيفة حين يستحوذ على السلطة و يستمر‬
‫فيها بغير سند شرعي حقيقي و ضد ارادة الشعب‪ .‬إن الديكتاتورية تعبير ترجع أصوله إلى‬
‫الالتينية‪ ،‬وكثي ار ما تتطابق الديكتاتورية مع النظام االنتقالي بهدف الحفاظ على الدولة في وجه‬
‫ظروف استثنائية‪ ،‬ولكنها عندما تقوم فإنها تنزع إلى االستم اررية‪ ،‬الديكتاتورية في روما تعتبر ان‬
‫من يتولى الحكم يدعي ديكتاتور و يتم بناء على طلب من الشعب‪ ،‬فتنحصر السلطات جميعها‬
‫بشخصه وذلك في األوقات الصعبة التي تتعرض فيها روما إلى عدوان خارجي أو الثورة الداخلية‪،‬‬
‫ومن ثم فإن الدكتاتورية في ذلك الوقت كانت عبارة عن وظيفة دستورية يمارسها من يختاره الشعب‬
‫لهاو هي ممارسة مؤقتة (لمدة ‪6‬أشهر) لحماية الدولة و لكنها في العصر الحديث اخذت منحنى‬
‫اخر‪.‬‬

‫وقد تجلت الديكتاتورية فيما بعد في ظل األنظمة اإلقطاعية في شكل الملكية المطلقة إلى أن‬
‫وصلت إلى ما عليه في العصور الحديثة من أنظمة عسكرية وأخرى مذهبية‪ .‬وعليه فان من بين‬
‫خصائص األنظمة الديكتاتورية‪ :‬تقييد الحقوق و الحريات العامة‪ ،‬تأييد الحزب الواحد‪ ،‬اتباع أسلوب‬
‫العنف‪ ،‬استئشار بالحكم‪.‬‬

‫‪1‬موريس دي فارجيه‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.323‬‬

‫‪50‬‬
‫‪1‬ـ األنظمة الدكتاتورية الرأسمالية‪:‬‬

‫هي أنظمة ديكتاتورية ألنها ال ترتكز على االنتخابات الحرة وانما على القوة‪ ،‬وأن الحاكم ال‬
‫يستطيع المواطنون إبعاده عن الحكم كونه غير منتخب من الشعب‪ .‬وهي رأسمالية ألنها ترتكز‬
‫على الملكية الفردية لوسائل اإلنتاج والبعض منهايتطابق مع بنية اإلقتصاديات الزراعية‪ ،‬وهي‬
‫تصنف بدورها إلى فئتين‪:‬‬

‫أ ـ المنظومة السياسية القديمة والتي كانت األكثر انتشا ار في العالم منذ القدم حتى القرن ‪ 19‬وقبل‬
‫الثورات الديمقراطية‪ 1‬وتتمثل في منظومة الملكيات التقليدية‪ ،‬حيث ترتكز السلطة على الوراثة‪.‬‬
‫ولكنها اليوم أصبحت مخلفات تاريخية حيث أصبح الملوك رمو از دون سلطات وان وجدت فإنها ال‬
‫تزال إال في بعض البلدان المتخلفة‪ .‬أو أن الملكيات الوحيدة الباقية في البلدان المتطورة هي‬
‫الملكيات البرلمانية (بريطانيا) والى جانب ذلك تظهر الملكيات المعاصرة‪ :‬وهي قليلة جدا يقل‬
‫عددها من سنة لسنة تستند إلى الدين (ملكيات تيوقراطية)‪.‬‬

‫ب_الديكتاتوريات الفاشية‪ :‬وهي تلك الديكتاتوريات القائمة في البلدان المرتكزة على الملكية‬
‫الخاصة لوسائل اإلنتاج‪ ،‬ترتكز على الحزب الواحد ‪ ،‬الذي يقوم بنشر نظرية النظام‪ ،‬وعلى القمع‬
‫والعنف والجيش والبوليس‪ ،‬فهي ليست أنظمة معترف بمشروعيتها (النظام الذي يضطر إلى‬
‫االستناد إلى القوة وحدها والى اللجوء إلى العنف على نحو واسع فهو ذلك النظام المحروم من‬
‫المشروعية )‪.‬‬

‫وبصورة عامة تطلق تسمية فاشية على جميع الديكتاتوريات الرأسمالية ذات الحزب الواحد‬
‫سواء فاشية إيطاليا التي ابتكر موسيليني نظريتها أو نازية ألمانيا الهتلرية التي كانت مستندة إلى‬
‫‪2‬‬
‫هذه األنظمة تعتنق رسميا النظريات‬ ‫العنصرية وفرانكية في إسبانيا‪ ،‬ونظام سالزار في البرتغال‬
‫غير المساواتية وتنسحب إلى إعطاء السلطة لشخص مخلص محاط بنخبة‪.‬‬

‫إذن من أهم خصائص األنظمة الديكتاتورية‪:‬‬

‫‪1‬موريس دي فارجيه‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.244-323‬‬


‫‪2‬إدمون رباط‪ ،‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.676‬‬

‫‪51‬‬
‫أنها أنظمة التؤمن بسيادة القانون وال بضرورة خضوع السلطة للقواعد القانونية القائمة ‪.‬‬

‫كما ال توجد معارضة وال تعددية حزبية وانما يوجد حزب واحد يؤمن بشخص الزعيم والتعصب‬
‫للنظام‪ ،‬ومن ثمة ال توجد أي حرية سياسية لألفراد‪ ،‬فاألفراد ليسوا هم غرض الدولة وانما هم‬
‫‪1‬‬
‫خادمين لها‬

‫‪2‬‬
‫ـ أنها أنظمة تؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة ولو كانت منافية لمبادئ األخالق‬

‫‪ -2‬األنظمة االشتراكية‬

‫من خصائص األنظمة االشتراكية أنها أنظمة كليانية تسيطر على كل نواحي نشاط و حياة‬
‫األفراد وأن الحرية الفكرية غير مسموح بها و يطلق عليها‪ :‬األنظمة االشتراكية‪ ،‬األنظمة الماركسية‬
‫والبعض اآلخر يسميها بالديمقراطية الماركسية والبعض اآلخر يسميها بالديكتاتوريات االشتراكية‪،3‬‬
‫وهذه األخيرة هي التي يثبتها الفقيه الفرنسي موريس دي فارجيه بقوله‪ " :‬جميع األنظمة االشتراكية‬
‫الحالية‪ 4‬هي ديكتاتوريات‪ ،‬ومما يثبت استحالة وجود أنظمة اشتراكية ديمقراطية ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬في النظم الماركسية ال توجد تعددية سياسية وال توجد حرية فكرية حقيقية ألن االتجاه‬
‫السياسي هو اتجاه رسمي واحد غير قابل للتعدد هو الفكر االشتراكي الشيوعي الماركسي‬
‫الليني‪ ،‬فالحرية هي في اتجاه واحد نحو تطبيق هذا الفكر االشتراكي األوحد‪.‬‬
‫‪ -2‬النظم االشتراكية ال تعترف بالتعددية الحزبية‪ ،‬فال يوجد في الدولة إال حزب واحد والذي له‬
‫ح ق التعبير عن الفكر الواحد وهو الفكر االشتراكي‪ ،‬وال يمكن أن ينازعه حزب آخر‪ ،‬فعدم‬
‫التعددية السياسية توازيها عدم التعددية الحزبية ( وحدة االتجاه االشتراكي يوازيه وحدة‬
‫الحزب )‬

‫‪1‬حيي اجلمل ‪ ،‬مرجع سابق‪.238 ،‬‬


‫‪2‬بطرس غايل ‪ ،‬حممود خريي عيسى ‪ ،‬املدخل إىل علم السياسة ‪ ،‬طبعة ‪،1976 ،5‬ص‪.239‬‬
‫‪ 3‬يقال أن النظام املاركيسي هو نظام ديكتاتوري ولكنه كما يقول املاركسيون هو ديكتاتورية الربوليتاريا ضد الربجوازية‪ ،‬أي ديكتاتورية‬
‫األغلبية ضد األقلية كما أهنا ديكتاتورية مؤقتة هتدف يف املرحلة الثانية اىل احلرية ‪.‬ملزيد من املعلومات أنظر عبد احلميد متويل‪،‬مرجع سابق‬
‫ص‪366‬‬
‫‪4‬الكالم هنا يرد على ما قبل التطور احلديث للنظم املاركسية( اي قبل الربوسرتويكا و اهنيار النظام الشيوعي يف العديد من البلدان)‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫‪ -3‬في النظم الماركسية االنتخابات شكلية ال توجد حرية في الترشيح‪ ،‬ألن الحزب الشيوعي‬
‫الواحد هو الذي يرشح وحده لمختلف المناصب النيابية فال حرية للناخب ألن ليس أمامه‬
‫‪1‬‬
‫إال مرشح واحد اختاره الحزب ولذلك فإن نتائج االنتخابات تقارب اإلجماع‬

‫وعليه فان السمة المشتركة لكل األنظمة االشتراكية هي الجمع بين بنية تسلطية ديكتاتورية و‬
‫مؤسسات ديمقراطية مستوحاة إلى حد ما من األنظمة الليبرالية‪ ،‬فهي ترتكز على االقتراع الشامل‪،‬‬
‫وعلى وجود برلمانات وعلى دساتير و إعالنات حقوق ‪،‬ولكن النظام السياسي الفعلي هو مختلف‬
‫تماما عن المؤسسات التي يقيمها‪ .‬ومن تلك العيوب أصبحت النظم الماركسية تتجه نحو‬
‫الديمقراطية السياسية الحرة القائمة على التعددية الفكرية والسياسية‬

‫نظام الحكم في االسالم‪:‬‬

‫يطلق عليه فقهاء الشريعة‪:‬السياسة الشرعية و هي تعني‪:‬تدبير الشؤون العامة للدولة‬


‫اإلسالمية بما يكفل تحقيق المصالح و رفع المضار فيما ال يتعدى حدود الشريعة و أصولها‬
‫الكلية‪ 2‬و عليه فان النظام اإلسالمي يقصد به النظام الذي يتفق مع ما ورد في القران الكريم و‬
‫سنة النبي محمد(ص) و هذا النظام طبق في عهد النبي صلى اهلل عليه و سلم‪،‬و في عهد الخلفاء‬
‫الراشدين‪،‬و لكن بعض حكام الدولتين األموية و العباسية و الدول و اإلمارات التي أعقبتها قد‬
‫خرجوا على بعض القواعد األساسية للنظام اإلسالمي‪.3‬‬

‫إن هدف الدولة اإلسالمية و غايتها يتمثالن في إقامة المجتمع المسلم بكل معالمه التي‬
‫تحددت في الكتاب و السنة و من ثم فان المطلوب من السلطة السياسية في المجتمع اإلسالمي‬
‫ان تكون ملتزمة في أدائها لوظائفها بما هو محدد من قيم و مبادئ في كتاب اهلل و سنة رسوله إذ‬
‫تكون وظيفة الخليفة(رئيس الدولة اإلسالمية) إقامة الدين و رعاية مصالح المحكومين من مسلمين‬
‫و غير مسلمين و عليه‪ ،‬فان شرعية السلطة في الدولة اإلسالمية مرهونة في قيامها و في‬

‫‪ 1‬حممد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬القانون الدستوري ‪،‬منشأة املعارف‪،‬االسكندرية ‪،‬ص ‪198‬‬
‫‪2‬امحد حممد املومين‪،‬نظام احلكم يف االسالم‪،‬السياسة الشرعية‪،‬دار جمدالوي للنشر‪،‬االردن‪،2007،‬ص‪.12‬‬
‫‪3‬املرجع نفسه‪،‬ص ‪12‬‬

‫‪53‬‬
‫استم ارريتها بالتزامها بالعمل على تحقيق تلك الغاية أو ذلك الهدف النهائي(شرط ابتداء و شرط بقاء‬
‫لوالية الحكام) للدولة اإلسالمية‪.1‬‬

‫خصائص نظام الحكم في االسالم‪:‬‬

‫يختص النظام السياسي في اإلسالم الذي استنبطت أحكامه و قيمه من الكتاب و السنة عن‬
‫غيره من األنظمة السياسية المعاصرة بعدة خصائص و منها‪:2‬‬

‫أوال‪ :‬الربانية و تعني أن اإلسالم نظام رباني المصدر و من تصوير شريعة إلهية و أن هذا هو‬
‫نقطة االفتراق بينه و بين جميع النظم الوضعية األخرى‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الواقعية و تعني أن اإلسالم يقرر رغبات اإلنسان و يقف عند مجرد تطويعها لخير الفرد و‬
‫خير الجماعة‪،‬فإذا كانت السلطة رغبة في التسلط على اآلخرين فان اإلسالم طوعها حتى ال يستبد‬
‫القائمون عليها و في الوقت ذاته يأمر بطاعة القائمين عليها‪،‬الن ذلك ضرورة يقتضيها قيام‬
‫المجتمع و استم ارره و لكن هذه الطاعة مرهونة بالتزام أولي األمر بشريعة اإلسالم و قيمه‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الشمولية و العمومية‪:‬اإلسالم نظام يجمع بين شؤون الدنيا و الدين و يوازي بين الجانبين‬
‫الدنيوي و األخروي فهو دين و دولة كما انه يشمل جميع مجاالت حياة اإلنسان على اختالف‬
‫الزمان و المكان‪.‬‬

‫مبادئ النظام السياسي في اإلسالم‪:‬‬

‫تعد األمة في االسالم هي صاحبة الحق في اختيار الخليفة أو الحاكم و مبايعته‪،‬و أن‬
‫اإلسالم ترك هذا األمر لألمة تتصرف فيه ضمن دائرة العدل و الشورى‪،‬و قد وردت عدة أقوال عن‬
‫أبي بكر رضي اهلل عنه تفيد أن األمة هي صاحبه الحق في اختيار اإلمام و منها قوله عندما‬
‫خطب في اليوم الثالث من مبايعته‪:‬أما بعد أيها الناس إن الذي رايتم مني لم يكن حرصا على‬

‫‪1‬عادل ثابت‪،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.306‬‬


‫‪2‬عادل ثابت‪،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.295‬‬

‫‪54‬‬
‫واليتكم‪،‬و لكن خفت الفتنة و االختالف و قد رددت أمركم عليكم فولوا من شئتم‪،‬فقالوا‪":‬لن نقيلك‪.1‬‬
‫و مفاد ذلك أن األمة تنصب اإلمام لحراسة الدين و سياسة الدنيا و لها أن تفسخ العقد الذي تبرمه‬
‫مع الحاكم إذا لم يحقق أغراضها (اقامة الدين‪،‬تحقيق مصالح العباد) و في مقابل ذلك أن العقد‬
‫ملزم لألمة بالطاعة المشروطة بالمعروف و بغير معصية اهلل سبحانه و تعالى‪ ،‬و عزل الحاكم‬
‫يكون سلميا بالتدرج قبل الخروج عليه بالسيف و قد خلع معاوية الثاني نفسه من الخالفة‪،‬لما رأى‬
‫نفسه عاج از عن القيام بمتطلباتها‪.‬‬

‫ايضا فان من عظمة اإلسالم أن اوجب القران الكريم الشورى‪ ،‬رغم انه لم يضع لها تفصيالت‬
‫أو تطبيقات محددة ملزمة بذاتها ‪.‬إذ جعلها اإلسالم أصال عاما لكل شؤون المسلمين‪،‬يجب أن‬
‫يستعان بها دائما إذا اتصل األمر بالشؤون الدنيوية أو الدينية و هي في جميع الحاالت عاصم من‬
‫االستبداد‪. 2‬و عليه فان مبدأ الشورى في اإلسالم يمثل المدخل للتنظيم الديمقراطي في الحكم و‬
‫اإلدارة‪ .‬و حينما توفي الرسول(ص) لم يوصي بالخالفة ألي شخص كان و لم يذكر شيئا لبيان‬
‫حكم من األحكام المتصلة بالخالفة‪ ،3‬و الواقع يبين انه ال يوجد في القران الكريم أو السنة النبوية‬
‫نصا صريحا يوجب إقامة نظام الخالفة أو يشير إلى شيء من أحكامها‪،‬و هذا يعني بالضرورة أن‬
‫اختيار هذا الشخص ال بد أن يقع على عاتق األمة باعتبارها هي صاحبة السلطة و ال يوجد بديل‬
‫عن هذا االختيار إال مفهوم الشورى و البيعة‪ ،‬و يتضح ذلك من استعراض ما تم السير بمقتضاه‬
‫من قبل الخلفاء الراشدين الذين لجؤوا إلى الشورى في اختيار الخليفة ‪ 4‬إذ كان انتقال السلطة من‬
‫خليفة ألخر يتم بالتشاور و ما االختيار الذاتي من طرف أبي بكر الصديق رضي اهلل عنه بعهد‬
‫الخالفة من بعده إلى عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه إال اختيار معلق على بيعة الناس و يجد‬
‫شرعيته في هذه البيعة‪.‬‬

‫السلطات في اإلسالم‪:‬‬

‫‪1‬امحد حممد املومين‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.45‬‬


‫‪2‬مصطفى ابوزيد فهمي‪،‬فن احلكم يف اإلسالم‪،‬دار الفكر العريب‪،‬القاهرة‪،‬الطبعة ‪،2،1993‬ص‪.22‬‬
‫‪3‬عبد احلميد متويل‪،‬القانون الدستوري و األنظمة السياسية‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.78‬‬
‫‪4‬صاحل حسني علي العبد اهلل‪،‬االنتخابات كأسلوب دميقراطي لتداول السلطة‪،‬دار شتات للنشر و الربجميات‪،‬مصر‪،2011،‬ص‪.379‬‬

‫‪55‬‬
‫بالنسبة للسلطة التشريعية فان مفهومها في اإلسالم يختلف عن مفهومها في الفكر الدستوري‬
‫الحديث و المعاصر اختالفا كليا‪ ،‬فمفهوم التشريع في اإلسالم يقتصر على استنباط األحكام من‬
‫القران و السنة ‪.‬وال مشرع إال هلل تعالى و ال حاكم إال هلل ‪،‬و مهمة المجتهدين تتضح في بيان و‬
‫إظهار الحكم و الكشف عنه‪ ،‬و يمكن القول أن التشريع في الحقبة األولى من حياة الدولة‬
‫اإلسالمية انحصر في الرسول عليه الصالة و السالم إما تبليغا مباش ار من ربه(القران الكريم) أو‬
‫بطريق غير مباشر(السنة النبوية)‪. 1‬‬

‫أما السلطة التنفيذية فهي تشمل جميع العاملين الذين يقومون بتنفيذ إرادة الدولة و قوانينها‪.‬‬
‫تكون الهيئة الحاكمة مقيدة بأحكام الشرع و تعمل على تنفيذ األحكام الشرعية على جميع رعايا‬
‫الدولة على حد سواء‪ ،‬فسلطة الحاكم في النظام اإلسالمي سلطة تنفيذية تنحصر في اإلشراف على‬
‫تنفيذ األحكام الشرعية نيابة عن األمة و إذا حادت السلطة عن هذه الوظيفة‪،‬فمن حق األمة‬
‫مراقبة و محاسبة الحاكم بل عزله و الخروج عليه‪.2‬‬

‫في حين فان السلطة القضائية و كما عرفها الحنفية بأنها‪":‬الحكم بين الناس بالحق و الحكم‬
‫بما انزل اهلل"كما عرفت بأنها "قول يصدر عن والية عامة"‪.‬‬

‫يعد القضاء من أعظم الفروض و اجلها خط ار في اإلسالم و قد كان الرسول(ص) أول قاضي‬
‫يتولى الفصل في الخصومات و الحكم بما انزل اهلل تعالى‪.‬‬

‫و من ذلك فان مهمة السلطة القضائية هي إقامة العدل بين الناس و الحكم في المنازعات و‬
‫الخصومات و الجرائم و المظالم و استيفاء الحقوق ممن مطل بها‪ ،‬و إيصالها إلى‬
‫مستحقيها…الخ‪،‬و يوجب اإلسالم على القضاة اال يجعلوا احد عليهم سلطانا في قضائهم‪،‬و أال‬
‫يتأثروا بغير الحق و العدل و أن يتجردوا عن الهوى‪،‬و أن يسووا بين الناس جميعا‪.3‬‬

‫‪1‬سليمان حممد الطماوي‪،‬السلطات الثالث يف الدساتري العربية املعاصرة و يف الفكر السياسي اإلسالمي‪،‬دار الفكر‬
‫العريب‪،1996،‬ص‪.332‬‬
‫‪2‬امحد حممد املومين‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.69‬‬
‫‪3‬عثمان مجعة ضمريية‪،‬النظام السياسي و الدستوري يف اإلسالم‪،‬جامعة الشارقة‪،2007،‬ص ‪.253-252‬‬

‫‪56‬‬
57
‫مؤسسات النظام السياسي‬

‫النظام السياسي في صورته الهيكلية او المؤسسية او التنظيمية هو عبارة عن مجموعة‬


‫من المؤسسات التي تتوزع بينها عملية صنع القرار السياسي‪ 1‬و من اجل القيام بكل نشاطاته و‬
‫وظائفه المتمثلة في تخصيص موارد للتعليم و الصحة و الخدمات االجتماعية االساسية او يفشل‬
‫في ذلك‪،‬و في فرض ضرائب متساوية او غير متساوية على سكانه‪،‬و ينظم سلوكات االفراد و‬
‫الجماعات بصرامة او تساهل فانه يوكل االمر الى مؤسسات وبنى ينشؤها من اجل ذلك مثل‪:‬‬
‫البرلمان و االدارة الحكومية و المحاكم‪ 2‬الى جانب التنظيمات غير الرسمية كاالحزاب السياسية و‬
‫جماعات المصالح و غيرها مما يمكنه من وضع و فرض سياساته العامة‪ 3‬اذن و عليه فان‬
‫نشاطات تلك المؤسسات التي تمثل مكونات النظام السياسي تشكل(نشاطات المؤسسات) اليات‬
‫‪4‬‬
‫عمل النظام السياسي و من خاللها تتحدد اسس صناعة الق اررات النهائية و السياسات العامة‬

‫و بهذا فان المؤسسات غير الرسمية (االحزاب السياسية وجماعات المصالح و غيرها)‬
‫تؤدي الى جانب المؤسسات الرسمية (التنفيذية‪-‬التشريعية‪-‬القضائية) دو ار هاما في صنع الق ار ارت‬
‫السياسية و السياسات العامة‪ .‬اذ ان السماح بوجود فئات و تنظيمات و منظمات اجتماعية و‬
‫اق تصادية و سياسية تعمل على تلبية مصالحها و مصالح كل المنتظمين فيها و تساهم بشكل‬
‫مباشر او غير مباشر في اتخاذ القرار السياسي ‪،‬يوحي بالطبيعة الديمقراطية للنظام السياسي‪،‬و اذا‬
‫ضاق دورها و اصبح هامشيا فانها تصبح دون ذي جدوى و هذا حال الدول المتخلفة‪.‬‬

‫مما سبق يمكن القول ان المؤسسات و البنى السياسية المألوفة داخل النظام السياسي هي‬
‫المجالس التشريعية(البرلمانات)‪،‬السلطات التنفيدية‪،‬المحاكم و االجهزة القضائية و كذا االحزاب‬
‫السياسية و الجماعات المصلحية تنظم هذه المؤسسات و تؤدي وظائفها بطرق مختلفة من بلد‬
‫الخر‪.‬‬

‫المؤسسة التشريعية‪:‬‬

‫‪1‬مجال سالمة علي‪،‬النظام السياسي و احلكومات الدميقراطية‪،‬دراسة تاصيلية للنظم الربملانية و الرئاسي ّة‪،‬دار النهضة‬
‫العربية‪،2007،‬ص‪.277‬‬
‫‪2‬غربيال املوند‪،‬جنام بويل‪،‬ترمجة حممد زاهي بشري املغرييب‪،‬منشورات جامعة قاريونس‪،‬ليبيا‪،1995،‬ص‪.24‬‬
‫‪3‬املرجع نفسه‪،‬ص‪.24‬‬
‫‪4‬مها عبد اللطيف احلديثي‪،‬حممد عدنان اخلفاجي‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.3‬‬

‫‪58‬‬
‫تعد البرلمانات من اهم معالم المجتمع الديمقراطي النها تجسيد لقيم و مبادئ السيادة‬
‫الشعبية و الحرية و المساواة‪ .‬و تظهر اهميتها في كونها المؤسسة التمثيلية(النيابية) في الدولة اذ‬
‫انها تجد سند شرعيتها في اختيارها من قبل الشعب‪ ،‬كما يقع عليها في مقابل ذلك عبء تمثيل‬
‫االمة و تجسيد ارادتها العامة احسن تمثيل و تجسيد بواسطة ما تضعه من قوانين و تشريعات يلزم‬
‫االفراد باحترامها‪.‬‬

‫يعود ظهور البرلمانات الى فكرة النيابة عندما تعذرت ممارسة الديمقراطية المباشرة‪،‬حيث‬
‫نشأ النظام النيابي في انجلت ار و مر بمراحل طويلة الى غاية ما وصل اليه اليوم‪.1‬‬

‫و بخصوص تكوين البرلمانات فان األنظمة السياسية تتباين فيما بينها من حيث تكوين‬
‫برلماناتها‪ ،‬فمن الدول من يوجد بها برلمان مكون من مجلس واحد (غرفة) ومن الدول من يكون‬
‫برلمانها مكون من مجلسين (غرفتين) وقد كان الصراع شديدا في بداية القرن العشرين حيث كان‬
‫يتنازع أتباع ثنائية التمثيل مع أتباع أحادية التمثيل‪.‬‬

‫والبرلمان المكون من مجلس أو مجلسين يضم كل واحد منه عددا من األعضاء‪ ،‬ويتمتع‬
‫هذا المجموع بسلطات تقريرية متفاوتة األهمية‪ ،‬تنشأ في األصل لتمثيل المواطنين يسمى المجلس‬
‫األول بالغرفة األولى أو بمجلس النواب أو الجمعية الوطنية أو مجلس العموم أو مجلس الشعب‪.‬‬
‫أما المجلس الثاني فيسمى بالغرفة الثانية أو العليا أو المجلس األعلى أو مجلس الشيوخ‪ ،‬أو مجلس‬
‫األعيان‪ ،‬مجلس اللوردات‪ ،‬المجلس الفيدرالي‪ ،‬مجلس األمة أو المستشارين وغيرها من المسميات‪.‬‬

‫يختلف المجلسين المكونين للبرلمان الواحد من حيث التكوين ومن حيث مدة العضوية‬
‫ومن حيث عمر النائب ومن حيث عدد األعضاء ومن حيث االختصاص‪.‬‬

‫فمن حيث التكوين يختلف المجلس األول عن المجلس الثاني حيث أن األول والمسمى‬
‫بمجلس النواب والذي يعتبر الممثل الحقيقي لإلرادة الشعبية‪ ،‬يتم انتخاب أعضائه (أعضاؤه‬
‫منتخبون) إال أنه واستثناء قد يتم تعيينهم (حال دستور الكويت ومصر في فترة من الفترات)‪.‬‬

‫أما المجلس الثاني فيتم اختيار أعضائه إما عن طريق الوراثة أو التعيين أو االنتخاب‬
‫على درجتين (فرنسا) وقد يتم اختيار أعضائه باالنتخاب على درجتين والتعيين في ذات الوقت‬
‫(الجزائر)‪.‬‬

‫‪1‬نعمان امحد اخلطيب‪،‬الوسيط يف النظم السياسية و القانون الدستوري‪ ،‬طبعة ‪،2007،1‬ص‪.246‬‬

‫‪59‬‬
‫أما من حيث عمر النائب فإن المجلس المنتخب (األول) يكون أعضاؤه أقل سنا عن سن‬
‫أعضاء المجلس الثاني‪ ،‬هذا األخير الذي يضم ما يسمى بالشيوخ أو األعيان‪.‬‬

‫ومن حيث مدة العضوية فهي أقصر في المجلس المنتخب عن المجلس الثاني وذلك حتى‬
‫يتمكن الشعب من مراقبة ممثليه باستمرار‪.‬‬

‫يبرر أنصار المجلس الواحد وجهات نظرهم بأن نظام المجلس الواحد يكفل السرعة في‬
‫اتخاذ التشريعات الالزمة في الوقت الالزم أيضا أنه يقضي على احتمال االنقسام بين أعضاء‬
‫المجلسين أما أنصار المجلس الثاني فيرون أن من مميزات نظام المجلسين‪ ،‬تحقيق التوازن ومنع‬
‫االنفراد بالسلطة التشريعية وهذا ما يظهر في الدولة الفيدرالية إذ يوجد مجلس يمثل شعب االتحاد‬
‫ومجلس ثاني يمثل الواليات بعدد متساو‪.‬‬

‫أيضا يمتاز بكونه يكفل عدم التسرع في سن القوانين حيث يتدارك أحدهما النقص الذي‬
‫أغفله اآلخر‪ ،‬كما يتدخل أحدهما لتهدئة الوضع في حال قيام خالف بين أحدهما والسلطة‬
‫التنفيذية‪.‬‬

‫ما تجدر المالحظة إليه هو وجوب التمييز بين المجالس الثانية السياسية‪ 1‬والتي هي محل‬
‫هذه الدراسة وبين المجالس الثانية االقتصادية‪.‬‬

‫فالمجلس الثاني السياسي هو على ثالثة أنواع‪:‬‬

‫‪ -1‬المجالس الثانية األرستقراطية‪:‬‬

‫ونموذجها البرلمان اإلنجليزي ممثال في مجلس اللوردات‪ ،‬ويعود تاريخها إلى القرن الرابع‬
‫العشرميالدي حيث مكنت الطبقة األرستقراطية (النبالء واألشراف) من تمثيل نفسها في البرلمان‬
‫بعد ثورة على الملوك أدت إلى توقيع الميثاق األعظم سنة ‪.1215‬‬

‫في الوقت الحاضر ونتيجة تطور الفكر الديمقراطي بدأت هذه المجالس تفقد وجودها في‬
‫بعض الدول (الدانمارك والنرويج) وتقل اختصاصاتها وتضيق في البعض اآلخر (بريطانيا)‪.‬‬

‫‪ -2‬المجالس الثانية الفيدرالية‪:‬‬

‫وهي نتيجة طبيعية ومالزمة لشكل الدولة الفيدرالي أو المركب‪ ،‬فوجود عدد من الدويالت‬
‫يفرض على الدولة الفيدرالية إيجاد مجلس يضمن تمثيال ألعضائها‪ .‬وهكذا فالبرلمان الفيدرالي يضم‬

‫‪1‬ادمون رباط‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.578‬‬

‫‪60‬‬
‫مجلس أول يمثل صورة وحدة الدولة ويتكون من مجموع الشعب ومجلس ثاني يمثل كل والية‬
‫بمفردها‪.‬‬

‫‪ -3‬المجالس الثانية الديمقراطية‪:‬‬

‫ظهرت واتسعت بسبب التراجع التدريجي للمجالس الثانية األرستقراطية‪ ،‬إذ تعتمد هذه‬
‫المجالس الثانية الديمقراطية على نظام االنتخابات سواء المباشرة أو غير المباشرة‪.‬‬

‫‪ -4‬المجالس الثانية االقتصادية‪:‬‬

‫ظهرت كطريقة لتمثيل أصحاب المهن إذ حاولت األنظمة الفاشية القضاء على التمثيل‬
‫السياسي لحساب التمثيل المهني‪ ،‬كما طبقت في األنظمة االشتراكية التي تقوم على فكرة االقتصاد‬
‫المخطط‪ .‬وهكذا حاولت هذه األنظمة استبدال التمثيل السياسي بتمثيل المهن وانشاء مجلس‬
‫اقتصادي ينوب مناب برلمان سياسي‪.‬‬

‫وظيفة هذه المجالس تمثيل جميع العمال في المجالس للمشاركة في تحضير ووضع‬
‫المخططات وهذا لضمان تمثيل المنتجين والنقابات ومشاركتهم في تكوين السياسة االقتصادية أين‬
‫يخضع االقتصاد للتخطيط‪.‬‬

‫اختصاصات المؤسسة التشريعية‪:‬‬

‫تمارس البرلمانات عددا من الوظائف‪،‬تتراوح في مجالها و نطاقها من دولة ألخرى‪ 1‬و‬


‫ذلك حسب االطار الدستوري السائد و اسلوب توزيعه لالختصاصات ‪،‬و كذلك تبعا لمدى التطور‬
‫الديمقراطي و قوة البرلمان و قدرات اعضائه ‪ ،‬و عليه فلكي يتمكن البرلمان كمؤسسة من تكوين‬
‫ثقل مقابل المؤسسة التنفيذية ينبغي أن يملك صالحيات واسعة واال فال يكون إال واجهة كأشباه‬
‫البرلمانات في األنظمة التسلطية (كما عبر عن ذلك الفقيه الفرنسي موريس دي فارجيه) لذلك فإن‬
‫للمؤسسة التشريعية (البرلمان) وظائف رئيسية (الوظيفة التشريعية والوظيفة الرقابية والوظيفة‬
‫المالية) وتمارس إلى جانبها بعض الوظائف األخرى التي تختلف باختالف النظام السياسي‬
‫واالقتصادي للدول‪:‬‬

‫‪ -1‬الوظيفة التشريعية‪ :‬يقوم البرلمان بإعداد النصوص القانونية بعد دراستها من طرف‬
‫اللجان المختصة ومناقشتها مع الحكومة واعداد تقرير حولها يعرض على النواب للتصويت عليها‪،‬‬

‫‪1‬مها عبد اللطيف احلديثي‪،‬حممد عدنان اخلفاجي‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.15‬‬

‫‪61‬‬
‫وعند حصولها على األغلبية المطلوبة ترسل إلى رئيس الدولة إلصدارها ونشرها ويعد هذا‬
‫االختصاص أصيال ومطلقا في وقت من األوقات ‪،‬غير أنه لم يعد البرلمان المستحوذ الوحيد على‬
‫الوظيفة التشريعية في الوقت الحالي بل تشاركه فيها المؤسسة التنفيذية سواء عن طريق التفويض‬
‫أو بإقرارها لها في الدستور ومن ثم أصبحت اختصاصات البرلمان محددة ومقيدة إذ يجب أن‬
‫تقتصر على وضع المبادئ واألسس العامة دون التعرض للتفاصيل إال إذا نص الدستور صراحة‬
‫على غير ذلك‪ ،‬وهذا معناه ترك المجال واسعا أمام المؤسسة التنفيذية بالتدخل بواسطة التنظيم‬
‫(المراسيم والق اررات) لشرح كيفيات تنفيذ أو تطبيق تلك المبادئ واألسس أو التأخر في إصدار‬
‫النصوص التنظيمية المتعلقة بكيفيات تنفيذ أو تطبيق القانون‪ ،‬وهذا يضعف من مكانة البرلمان‬
‫أمام الحكومة (السلطة التنفيذية)‪.‬‬

‫الصالحية المالية‪:‬‬

‫تنطوي على تحديد رقم النفقات السنوية للدولة وتقرير الوسائل اآليلة لمواجهتها بتصويته‬
‫على الميزانية (أي أن يضع البرلمان الحدود المالية لنشاط الحكومة) وال يمكن للحكومة أن تدفع‬
‫أي نفقة خارج االعتمادات التي يخصصها البرلمان‪ ،‬وعليه فللبرلمان حق مراقبة المؤسسة التنفيذية‬
‫في كيفية تحصيل األموال وصرفها وذلك عن طريق إقرار الميزانية ومراقبة الحساب الختامي لها‬
‫حتى يتأكد البرلمان من أن الحكومة قامت بتنفيذ الميزانية الموافق عليها على الوجه المقرر‪.‬‬

‫والرقابة المالية تشمل الضرائب والرسوم المفروضة على المواطنين والمسائل األخرى‬
‫المنظمة لشؤون مالية الدولة أو متصلة بها بواسطة القانون استنادا إلى الدستور‪.‬‬

‫صالحية الرقابة‪:‬‬

‫يملك البرلمان سلطة رقابة على الحكومة ويمكن استخدام عدة وسائل على هذا الصعيد‬
‫فقد تبدأ من إبداء الرغبات إلى توجيه األسئلة فاالستجوابات‪ ،‬ولجان التحقيق‪ ،‬وطرح الثقة‪ .‬اللجوء‬
‫إلى هذه الوسائل يستدعي توافر شروط معينة واتباع إجراءات محددة في الدستور أو القوانين‪.‬‬

‫سلطة المطالبة واالعتراض‪:‬‬

‫تمارس المجالس التشريعية وظيفة مطالبة واعتراض فكل برلماني هو وسيط بين ناخبيه‬
‫والحكومة يتدخل لصالحهم لدى اإلدارة والوزراء ويلفت انتباه الوزراء للظلم أو عدم مالءمة ق ارراتهم‪.‬‬

‫الصالحية شبه القضائية‪:‬‬

‫‪62‬‬
‫يختص البرلمان كسلطة قضائية في بعض المسائل الداخلية‪ ،‬كالفصل في مدى صحة‬
‫عضوية النواب‪ ،‬أو إسقاطها عند توافر شروط معينة منصوص عليها بموجب القوانين‪.‬‬

‫وال يصل األمر إلى هذا الحد فحسب بل إنه في بعض الدول الديمقراطية يسمح للبرلمان‬
‫(لمجلس أو للمجلسين معا) بتنصيبه كسلطة قضائية حيث يمثل الموظفون أمامه في حالة الخيانة‬
‫أو الرشوة أو جرائم أخرى ضد الدولة ثم يصدر العقوبة المالئمة‪.‬‬

‫الوضعية الشخصية للبرلمانيين‪:‬‬

‫يتمتع النائب خالل مدة نيابته ومن أجل آداء واجبه ببعض االمتيازات التي تعد من‬
‫النظام العام ال يجوز للنائب التنازل عنها‪ .‬تضمن لهم هذه االمتيازات حرية واستقاللية في مزاولة‬
‫مهامهم وتحميهم من المتابعات القضائية‪ 1‬سواء رفعت من الحكومة أو األشخاص وهي تأخذ صو ار‬
‫أو أشكاال عديدة‪ ،‬ومنها عدم مسؤوليته عن األفعال واألقوال التي يؤديها أثناء آداء مهامه وضمن‬
‫ممارسة تفويضه داخل أو خارج البرلمان وهذا ما يعبر عنه بالحصانة البرلمانية إضافة إلى عدم‬
‫متابعته جزائيا إذا كان البرلمان منعقدا (أي أثناء دورات البرلمان) إال بعد رفع الحصانة النيابية‬
‫عليه من البرلمان (أي بإذن منه) وهذا ما يعبر عنه بالحرمة الشخصية للنائب إلى جانب هذه‬
‫االمتيازات فإننا نجد النائب تمنح له عالوة أو منحة جد عالية تمكنه من مواجهة متطلبات الحياة‬
‫طيلة مدة النيابة مما يجعله بعيدا عن اإلغراءات المالية التي يحتمل أن تقدمها له الحكومة‪.‬‬

‫المؤسسة التشريعية في الجزائر‪:‬‬

‫أخذت الجزائر بنظام المجلس الواحد في كل من دستور ‪ 21989-1976-1963‬وذلك‬


‫ألسباب عديدة كتفادي البطء في التشريع وأخذا بالبساطة والبعد عن التعقيد‪ ،‬إذ نصت المادة ‪62‬‬
‫من دستور ‪ 89‬على أنه "يمارس السلطة التشريعية مجلس واحد يسمى المجلس الشعبي الوطني‬
‫وله السيادة في إعداد القانون والتصويت عليه" ونفس المنوال انتهجه المشرع الجزائري في دستور‬
‫‪( 76‬المادة ‪ ،)22‬أما دستور ‪ 63‬فمنح سلطة التشريع لمجلس واحد دائما‪ ،‬سماه بالمجلس الوطني‪.‬‬

‫خالفا لما سبق فقد أقر المشرع الجزائري إثر التعديل الدستوري في ‪ 96/11/28‬إنشاء‬
‫مجلسين مكونين للبرلمان الجزائري‪ ،‬إذ أنشأ غرفة ثانية تسمى بمجلس األمة إلى جانب الغرفة‬
‫األولى والتي تسمى بالمجلس الشعبي الوطني وهذا وفقا لنص المادة ‪ 98‬من الدستور الحالي إذ‬

‫‪1‬حمسن خليل‪،‬القانون الدستوري و الدساتري املصرية‪،‬االسكندرية‪،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪،1996،‬ص‪.369‬‬


‫‪2‬دساتري اجلزائر يف ظل اجلمهورية االوىل و الثانية‬

‫‪63‬‬
‫نصت على "يمارس السلطة التشريعية برلمان يتكون من غرفتين هما المجلس الشعبي الوطني‬
‫ومجلس األمة‪ .‬وله السيادة في إعداد القانون والتصويت عليه"‪ .‬ويهدف نظام المجلسين إلى ضمان‬
‫استمرار المؤسسات السياسية للدولة‪ ،‬وتوسيع التمثيل الوطني‪ ،‬الرفع من كفاءة التشريعات نظ ار لما‬
‫تتضمنه الغرفة العليا (مجلس األمة) من كفاءات وخبراء‪.‬‬

‫‪ /1‬المجلس الشعبي الوطني‪ :‬هو ما يعرف بالغرفة األولى أو السفلى في السلطة‬


‫التشريعية الجزائرية‪ ،‬يضم حاليا ‪ 450‬مقعدا من بينها مقاعد مخصصة للجالية بالمهجر‪ ،‬العدد‬
‫اإلجمالي للمقاعد موزع على دوائر انتخابية بالداخل و دوائر انتخابية بالخارج‪.‬‬

‫ينتخب أعضاء المجلس الشعبي الوطني باالقتراع العام المباشر والسري مما يجعل‬
‫المجلس المؤسسة السياسية األولى في البالد المعبرة والمجسدة لإلرادة الشعبية‪ ،‬ويتولى المجلس‬
‫الدستوري إعالن نتائج االنتخابات التشريعية‪.‬‬

‫* هياكل وأجهزة المجلس الشعبي الوطني‪:‬‬

‫يتضمن المجلس الشعبي الوطني هياكل وأجهزة عديدة ومنها رئيس المجلس الشعبي‬
‫الوطني الذي يعتبر الشخصية البارزة في المجلس وينتخب إما عن طريق االقتراع السري في حال‬
‫تعدد المرشحين ويكون الفوز للمترشح المتحصل على أغلبية األصوات‪ ،‬واذا لم يتحصل أي مرشح‬
‫على أغلبية األصوات‪ .‬يتم إجراء دور ثاني يقتصر التنافس فيه بين المرشحين األول والثاني فقط‬
‫المتحصلين على أغلبية األصوات‪ ،‬والفوز هنا يكون بالحصول على األغلبية النسبية لمجموع‬
‫األصوات وفي حال تعادل األصوات يفوز المرشح األكبر سنا‪.‬‬

‫ويعلن فوزه بحصوله على أغلبية‬


‫واما باإلقتراع برفع اليد وهذا في حالة المرشح الوحيد ُ‬
‫األصوات‪.‬‬

‫* مهامه‪ :‬تضمن النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني صالحيات رئيس المجلس‬
‫ومنها‪:‬‬

‫‪ -‬رئاسة اجتماعات مكتب المجلس وهيئتي التنسيق والرؤساء‪.‬‬

‫‪ -‬تحديد مهام النواب‪.‬‬

‫‪ -‬إدارة مناقشات المجلس ومداوالته‪.‬‬


‫‪64‬‬
‫‪ -‬تمثيل المجلس أمام المؤسسات الوطنية والدولية‪.‬‬

‫‪ -‬إعداد مشروع ميزانية المجلس وعرضه على المكتب‪.‬‬

‫‪ -‬تنظيم سير المصالح اإلدارية للمجلس‪.‬‬

‫‪ -‬إخطار المجلس الدستوري عند االقتضاء‪.‬‬

‫إضافة إلى رئيس المجلس الشعبي الوطني يوجد مكتب المجلس الشعبي الوطني وهيئة‬
‫الرؤساء وهيئة التنسيق واللجان الدائمة وغير الدائمة والمصالح اإلدارية للمجلس‪.‬‬

‫* سير عمل المجلس الشعبي الوطني‪ :‬يتلخص سير عمل المجلس الشعبي الوطني في‪:‬‬

‫‪ -1‬دورات المجلس الشعبي الوطني‪ :‬إذ يجتمع المجلس الشعبي الوطني في دورة عادية‬
‫واحدة كل سنة مدتها ‪ 10‬اشهر على االقل و تبتدأ في اليوم الثاني من ايام العمل في شهر‬
‫سبتمبر‪ ،1‬تمدد الدورة العادية اليام معدودة بطلب من الوزير االول‪.‬‬

‫وعندما تكون المدة القانونية غير كافية لدراسة كل القضايا المطروحة على المجلس‬
‫الشعبي الوطني أقر التعديل الدستوري لعام ‪ 2016‬آليات لمواجهة الوضع تتمثل في مباردة من‬
‫رئيس الجمهورية او باستدعاء من رئيس الجمهورية بطلب من الوزير االول او بطلب من‬
‫‪2‬‬
‫اعضاء المجلس‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ -2‬جلسات المجلس الشعبي الوطني‪ :‬تعقد جلسات المجلس الشعبي خالل دوراته‬
‫وتكون علنية وتدون مداوالته في محاضر وتنشر طبقا للشروط التي يحددها القانون العضوي وقد‬
‫تكون مغلقة بطلب من رئيس المجلس ورئيس مجلس األمة أو بطلب من أغلبية أعضائهما‬
‫الحاضرين أو بطلب من الوزير االول والجدير بالذكر أن مداوالته المغلقة غير قابلة للنشر‪.‬‬

‫‪ -3‬التصويت‪ :‬التصويت داخل المجلس الشعبي الوطني شخصي يتم بأنماط وأشكال‬
‫مختلفة (اإلقتراع السري‪ ،‬االقتراع العام برفع اليد‪ ،‬االقتراع اإلسمي) كما يمكن التصويت عن طريق‬

‫‪1‬املادة ‪ 135‬من التعديل الدستوري لعام ‪.2016‬‬

‫‪65‬‬
‫الوكالة وتكون في حدود توكيل واحد‪ ،‬وتعد عملية التصويت إجراء جوهري لتجسيد اإلرادة الشعبية‬
‫والتعبير عنها داخل المجلس‪.‬‬

‫* سلطات واختصاصات المجلس الشعبي الوطني‪ :‬يتمتع المجلس الشعبي الوطني‬


‫بإختصاصات تمكنه من السهر على راحة المواطنين وتلبية احتياجاتهم وتتمثل في‪:‬‬

‫‪ .1‬سلطات المجلس الشعبي الوطني في المجال التشريعي‪ :‬االختصاص التشريعي هو‬


‫االختصاص األصيل والجوهري ألي برلمان ولقد منح المشرع الجزائري المجلس الشعبي الوطني‬
‫سلطة التشريع إذ يشرع المجلس الشعبي الوطني إما مباشرة عن طريق المبادرة بإقتراح القوانين أو‬
‫بقوانين عضوية أو بشكل غير مباشر عن طريق التعديل‪.‬‬

‫* المبادرة بإقتراح القوانين‪:‬‬

‫يبادر نواب المجلس الشعبي الوطني بالتشريع بتقديم اقتراحات قوانين من قبل ‪ 20‬نائبا او‬
‫‪ 20‬عضوا في مجلس االمة‪ ، 1‬يتم إيداعها لدى المكتب من طرف أصحابها‪ ،‬تبلغ االقتراحات‬
‫المقبولة من طرف المكتب بشكل فوري إلى الحكومة لكي تبدي الرأي فيها‪ ،‬وفي حال الموافقة‬
‫عليها تعرض على اللجنة المختصة لدراستها ومناقشتها واد ارج تعديالت عليها واعداد تقرير‬
‫تمهيدي عنها يعرض للمناقشة داخل المجلس‪ ،‬وأثناء المناقشة يمكن إدراج بعض التعديالت وان تم‬
‫ذلك تحال المبادرة من جديد على اللجنة لدراستها مرة أخرى واصدار تقرير جديد يدعى التقرير‬
‫التكميلي الذي يعرض بدوره للتصويت‪.‬‬

‫‪ -‬القوانين العضوية‪ :‬حددت المادة ‪ 132‬من التعديل الدستوري مجاالت أساسية يشرع‬
‫في إطارها النواب بقوانين عضوية‪ ،‬هذه األخيرة تختلف عن القوانين العادية من حيث المصادقة‬
‫التي تكون باألغلبية المطلقة للنواب ومن حيث وجوب خضوعها للرقابة السابقة من طرف المجلس‬
‫الدستوري‪.‬‬

‫مالحظة‪ :‬عندما لم يخص المشرع الجزائري مجلس األمة‪-‬في الدساتير السابقة‪ -‬بالتشريع‬
‫عن طريق المبادرة ال يعني أنها ال تتدخل في العملية التشريعية وانما مجلس األمة يلعب دو ار‬

‫‪1‬املادة ‪ 136‬من التعديل الدستوري لعام‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫محوريا في قبول التشريعات أو رفضها‪ ،‬سواء الصادرة عن النواب أو الحكومة‪ ،‬بإمتالكه حق‬
‫اإلعتراض‪ ،‬فمن دون قبوله ال يمكن إقرار النص وال صدوره‪.‬‬

‫‪ -‬االختصاص التشريعي عن طريق التعديل‪ :‬الهدف من التعديل هو إحداث تغييرات‬


‫على النص المناقش بالشكل الذي يسمح بالمصادقة عليه وتحويله من مجرد مشروع أو اقتراح إلى‬
‫قانون بعد إتباع سلسلة من اإلجراءات الضرورية‪ .‬ولهذا كثي ار ما ينظر إلى التعديل على أنه آلية‬
‫غير مباشرة للتشريع‪ ،‬ففي ظل اإلقصاء والصعوبة التي قد تواجه النائب وتمنعه من المبادرة‬
‫بالتشريع فإنه وجد في ممارسة الحق في التعديل الطريقة المثلى للتعبير من خاللها عن مشاركته‬
‫في إنتاج القانون ولو بطريقة غير مباشرة واستخدامه في نفس الوقت كآلية للضغط على الحكومة‬
‫(حيث بلغت التعديالت المقترحة من قبل النواب لقانون المالية مثال لسنة ‪ 99 .2007‬اقتراحا‪.‬‬

‫‪ -‬االختصاص الرقابي‪ :‬ال يتوقف اختصاص المجلس الشعبي الوطني على سن‬
‫التشريعات والنصوص القانونية والزام الحكومة بتنفيذها‪ ،‬بل يتعداه إلى الرقابة على أعمالها ويمكن‬
‫التمييز بين صنفين من آليات الرقابة آليات تنجر عنها المسؤولية السياسية للحكومة وآليات ال‬
‫تنجر عنها مسؤوليتها‪.‬‬

‫‪ .1‬آليات الرقابة التي تنجر عنها المسؤولية السياسية للحكومة تنحصر في آلية مناقشة‬
‫برنامج الحكومة وآلية بيان السياسة العامة‪.‬‬

‫إن عدم موافقة المجلس الشعبي الوطني على برنامج الحكومة (سمي بمخطط وفقا‬
‫للتعديل الدستوري األخير) يؤدي إلى استقالليتها وموافقته شرط ضروري لبقاء الحكومة واستمرارها‪.‬‬

‫والحكومة من خالل البيان الذي توضح فيه ما تم إنجازه خالل السنة الماضية وما سيتم‬
‫إنجازه في السنة أو السنوات المقبلة مع التطرق إلى مجموع العراقيل التي تصادف تنفيذ البرنامج‪،‬‬
‫يتمكن ا لنواب من رقابة نشاط الحكومة‪ ،‬قد تختتم المناقشة لهذا البيان بإصدار الئحة أو ملتمس‬
‫رقابة (الالئحة ليس لها أثر قانوني ألنها مجرد وثيقة تعبر عن آراء وتوجهات النواب اتجاه السياسة‬
‫العامة للحكومة إما بتأييدها أو التحفظ عليها أو لفت انتباه الحكومة إلى الخلل في سياستها وما قد‬
‫يترتب عنه من إنحراف في مقاصدها وأهدافها)‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫أما (ملتمس الرقابة يعد الئحة فاعلة أو الئحة لوم ينصب على مسؤولية الحكومة خاصة‬
‫وأن التصويت عليه يؤدي إلى استقالة الحكومة)‪.1‬‬

‫‪ .2‬آليات الرقابة التي ال تنجر عنها المسؤولية السياسية للحكومة‪.‬‬

‫فتتمثل في آلية السؤال واالستجواب ولجان التحقيق وتقصي الحقائق‪.‬‬

‫مالحظة (اآلليات الرقابية التي ال ينجر عنها المسؤولية السياسية للحكومة هي حق‬
‫للغرفتين) المادتين ‪ 152-151‬من التعديل الدستوري ‪. 2016‬‬

‫‪ .3‬االختصاص المالي‪ :‬أقر المشرع الدستوري للمجلس الشعبي الوطني (أيضا مجلس‬
‫األمة) صالحية التشريع في المجال المالي بشرط أن يتم التشريع في القوانين المالية بواسطة قوانين‬
‫عضوية كما يتجسد في امتالكه صالحية مناقشة واقرار الموازنة العامة (الميزانية)‪.‬‬

‫‪ . 4‬سلطات المجلس الشعبي الوطني في المجال الديبلوماسي‪ :‬تتم بالموافقة أو الرفض أو‬
‫التأجيل لمشاريع القوانين المتضمنة إلتفاقيات ومعاهدات مقدمة للمجلس الشعبي الوطني من قبل‬
‫رئيس الجمهورية‪.‬‬

‫‪ .5‬سلطات المجلس الشعبي الوطني في مجاالت أخرى‪ :‬كالموافقة على تمديد حالتي‬
‫الطوارئ والحصار‪ ،‬وكتقرير الحالة االستثنائية والتعبئة العامة واعالن الحرب وتوقيع الهدنة‬
‫ومعاهدات السلم‪ ،‬وكتعديل الدستور‪.‬‬

‫* مجلـس األمـة‪ :‬أكدت المادة ‪ 982‬من دستور‪ 1996‬على إنشاء غرفة تشريعية ثانيـة ‪-‬‬
‫مجلس األمة‪ -‬كلفت بممارسة السلطة التشريعية إلى جانب الغرفة األولى –المجلس الشعبي‬
‫الوطني‪ -‬ولعل أسباب إنشاء برلمان يتكون من غرفتين تعود إلى‪ :‬تجاوز األوضاع المأساوية التي‬
‫عاشتها الجزائر منذ حوادث ‪ 5‬أكتوبر ‪.1985‬‬

‫و كذا تغطية العجز في التشريع الجزائري وتفادي الوقوع في فراغ قانوني أو‬ ‫‪-‬‬
‫مؤسساتي‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪1‬تنص املادة ‪ 153‬من التعديل الدستوري لعام ‪ 2016‬على انه ال يقبل ملتمس الرقابة اال اذا وقعه سبع عدد النواب على االقل‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪2‬اصبحت يف ظل التعديل الدستوري لعام ‪ 2016‬املادة ‪.112‬‬

‫‪68‬‬
‫‪ -‬الى جانب الرفع من كفاءة التشريعات وتوسيع التمثيل الوطني‪.‬‬

‫ولقد تم تنصيب أول مجلس لألمة في جانفي ‪ 1999‬يتكون من ‪ 144‬عضو ينتخب ثلثي‬
‫أعضاءه عن طريق االقتراع غير المباشر والسري بمقعدين عن كل والية من بين ومن طرف‬
‫أعضاء المجالس الشعبية الوالئية والبلدية‪ ،‬في حين يتولى رئيس الجمهورية تعيين الثلث المتبقي‬
‫من األعضاء من بين الشخصيات والكفاءات الوطنية في المجاالت العلمية والثقافية والمهنية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫‪ -‬حددت مدة العضوية فيه بـ ‪ 6‬سنوات مع التجديد النصفي لألعضاء كل ‪ 3‬سنوات‪.‬‬

‫‪ -‬يصادق على النصوص التي سبق وأن صوت عليها المجلس الشعبي الوطني‬
‫بالحصول على أغلبية أعضاء المجلس الحاضرين بالنسبة لمشاريع القوانين العادية و باالغلبية‬
‫المطلقة لمشاريع القوانين العضوية‪.‬‬

‫‪ -‬إن التجديد النصفي لمجلس األمة يجعل منه مؤسسة دائمة ومستمرة‪.‬‬

‫كما أنه غير قابل للحل من طرف رئيس الجمهورية وفي مقابل ذلك ال يمكنه إقالة‬
‫الحكومة عن طريق التصويت على ملتمس الرقابة‪.‬‬

‫* هيئات مجلس األمة‪ :‬رئيس مجلس األمة‪ ،‬مكتب المجلس‪ ،‬هيئة الرؤساء هيئة‬
‫التنسيق‪ ،‬المجموعات البرلمانية‪ ،‬اللجان الدائمة‪.‬‬

‫* سير واجراءات عمل مجلس األمة‪:‬‬

‫‪ -‬دورات مجلس األمة‪ :‬يجتمع مجلس األمة في دورتين عاديتين كل سنة‪ ،‬دورة عادية‬
‫واحدة كل سنة مدتها ‪ 10‬اشهر على االقل‪.1‬‬

‫* جلسات مجلس األمة‪ :‬جلساته علنية طبقا ألحكام المادة ‪ 116‬من الدستور‪ 1‬وتدون‬
‫مداوالته في محاضر يتم نشرها حسب الشروط المحددة في القانون العضوي‪ ،‬يستطيع المجلس عقد‬
‫جلسات سرية بطلب من رئيسه أو أغلبية الحاضرين او بطلب من الوزير االول‪.‬‬

‫‪1‬نص املادة ‪ 135‬من التعديل الدستوري لعام ‪.2016‬‬

‫‪69‬‬
‫* طبيعة العالقة بين غرفتي البرلمان‪:‬‬

‫من المفترض أن تكون العالقة بين غرفتي البرلمان عالقة تعاون‪ ،‬األمر الذي يقف حائال‬
‫أمام هيمنة أو سمو أي غرفة على األخرى مما يعزز قوة السلطة التشريعية في مواجهة نص‬
‫السلطة التنفيذية والسؤال الذي يطرح نفسه العالقة بين غرفتي البرلمان قائمة على التعاون أم أنها‬
‫من نوع آخر؟‪.‬‬

‫بالرجوع إلى الممارسة الفعلية على أرض الواقع‪ ،‬وتعميق النظر في النصوص القانونية‪،‬‬
‫يمكن القول أن العالقة بين المجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة هي عالقة تبعية وخضوع‬
‫وليست عالقة تعاون والمقصود هنا هو خضوع وتبعية الغرفة األولى للثانية‪.‬‬

‫ويتجلى ذلك في حق مجلس األمة في عرقلة إرادة النواب بسبب سلطة المنع التي يمتلكها‬
‫والتي تجعل منه المتحكم األول في مصير النصوص القانونية‪ ،‬فأي قانون مصادق عليه من قبل‬
‫الغرفة السفلى البد من عرضه على الغرفة العليا للمصادقة عليه بأغلبية األعضاء الحاضرين وفي‬
‫حالة امتناع هذه األخيرة عن المصادقة ال ترجع كفة أي غرفة بل تشكل لجنة متساوية األعضاء‬
‫من المجلسين يتم استدعاؤها بطلب من الوزير االول بهدف اقتراح نص يتعلق باألحكام محل‬
‫الخالف‪ ،‬بعدها تعرض الحكومة النص على الغرفتين للتصويت عليه دون إدخال أي تعديل إال‬
‫بموافقة الحكومة‪ ،‬واذا استمر الخالف يسحب النص وبالتالي يكون مجلس األمة المتسبب الفعلي‬
‫في سحب النص مما يؤكد تفوق الغرفة الثانية على األولى‪.2‬‬

‫‪ -‬كما يتجلى التفوق في أن رئيس مجلس األمة هو الشخصية الثانية في النظام السياسي‬
‫الجزائري بعد رئيس الجمهورية‪ ،‬يتولى رئاسة الجمهورية بالنيابة في حالة وفاة أو استقالة أو ثبوت‬
‫المانع لدى رئيس الجمهورية‪ ،‬خالفا لما كان معموال به سابقا‪ ،‬حيث كان رئيس المجلس الشعبي‬
‫الوطني هو المرشح األول للرئاسة بالنيابة‪.‬‬

‫نقاط االختالف بين مجلس األمة والمجلس الشعبي الوطني‪:‬‬

‫‪1‬اصبحت املادة ‪ 133‬من التعديل الدستوري لعام ‪.2016‬‬


‫‪2‬تتعرض هلذه املسألة املادة ‪ 138‬من التعديل الدستوري لعام ‪.2016‬‬

‫‪70‬‬
‫تتمثل أهم نقاط اإلختالف بينهما في العناصر التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬التكوين‪:‬‬

‫‪ -‬المجلس الشعبي الوطني‪ :‬يتكون من نواب يتم انتخابهم عن طريق االقتراع العام‬
‫المباشر والسري‪.‬‬

‫‪ -‬مجلس األمة‪ :‬ثلثي األعضاء يتم انتخابهم عن طريق االقتراع غير المباشر والسري‬
‫من بين ومن طرف أعضاء المجالس الشعبية الوالئية والبلدية‪ .‬الثلث المتبقي يعين من طرف رئيس‬
‫الجمهورية من بين الكفاءات والشخصيات الوطنية‪.‬‬

‫‪ -2‬مدة الوالية والتجديد‪:‬‬

‫‪ -‬المجلس الشعبي الوطني تمتد العهدة النيابية داخل المجلس ‪ 5‬سنوات مع التجديد‬
‫الكلي ألعضائه‪.‬‬

‫‪ -‬مجلس األمة مدة العضوية ‪ 6‬سنوات مع التجديد النصفي ألعضائه كل ‪ 3‬سنوات‪.‬‬

‫‪ -3‬عدد المقاعد‪ :‬عدد مقاعد المجلس الشعبي الوطني اكبر من عدد مقاعد مجلس‬
‫األمة‪.‬‬

‫‪ -4‬القابلية للحل‪ :‬المجلس الشعبي الوطني يمكن حله من طرف رئيس الجمهورية حسب‬
‫المادة ‪ 129‬والمادة ‪ 81‬من الدستور ‪ 1996‬اما في التعديل االخير فاصبح نص المادة ‪.147‬‬

‫مجلس األمة غير قابل للحل من طرف أي هيئة‪.‬‬

‫‪ -5‬التصويت‪ :‬يتم التصويت داخل المجلس الشعبي الوطني إما باألغلبية البسيطة‬
‫(القوانين العادية) أو األغلبية المطلقة (القوانين العضوية) أو أغلبية ثلثي األعضاء (مداولة ثانية‬
‫لنص قانوني أو ملتمس رقابة)‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫األعضاء و قد خضع نظام التصويت‬ ‫مجلس األمة التصويت يكون دائما بأغلبية‬
‫‪4‬‬

‫لبعض التعديل‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫‪ -6‬التمثيل‪ :‬المجلس الشعبي الوطني يكون التمثيل على أساس الكثافة السكانية إذ‬
‫يخصص مقعد واحد لكذا نسمة و تخصص داخل المجلس مقاعد للمهاجرين من ضمنها مقاعد‬
‫مخصصة للمهاجرين بفرنسا‪.‬‬

‫مجلس األمة‪ :‬بالنسبة لألعضاء المنتخبين فإن التمثيل يكون على أساس التمثيل‬
‫المتساوي للواليات بمعدل عضوين لكل والية وليس للمهاجرين أي تمثيل في مجلس األمة‪.‬‬

‫‪ -7‬السلطات والصالحيات‪ :‬خص المشرع الجزائري المجلس الشعبي الوطني بجملة من‬
‫الصالحيات دون أن يخص بها مجلس األمة و هذا في الدستور ‪.1996‬‬

‫التشريع عن طريق المبادرة بإقتراح القوانين‪ ،‬التصويت بالثقة بطلب من رئيس الحكومة‪،‬‬
‫الموافقة على برنامج الحكومة اما في ظل التعديل الدستوري لعام ‪ 2016‬فقد تغير االمر‪.‬‬

‫المؤسسة التنفيذية‪:‬‬

‫يرى بعض الفقهاء أن المؤسسة التنفيذية أساسا هي سلطة موروثة عن الثورة الفرنسية‬
‫غير أنه تاريخيا ال يمكن الجزم بهذا القول ألن السلطة وجدت منذ الحضارات القديمة‪ ،‬و تذهب‬
‫الفكرة التقليدية في تحديد الدور الصحيح للسلطة التنفيذية الى ان المهمة االولى لها هي ان تتولى‬
‫تنفيذ القوانين و االشراف على االدارة و ليس مهمتها ان تضع سياسة الدولة ‪ 1‬و واقع االمر أن‬
‫السلطة التنفيذية تقوم على وظيفتين (السلطة السياسية او الحكومية) والتي تتوالها الحكومة‬
‫المسؤولة و(السلطة اإلدارية) التي تمارسها اإلدارة باستمرار ودوام‪ .‬وهذا ما ابتكره مجلس الدولة‬
‫الفرنسي وأنشأ النظرية المعروفة في القانون اإلداري والقائلة بأن للحكومة اختصاص إلجراء أعمال‬
‫من النوع السياسي وال تقع تحت رقابة القضاء اإلداري وهي األعمال التي تسمى بأعمال الحكومة‬
‫(أعمال السيادة) مثل العالقات الدولية‪ ،‬و السياسة الخارجية و العسكرية‪.‬‬

‫أما االختصاص اإلداري المحض للحكومة فهو الذي يخضع لرقابة القضاء ويبحث في‬
‫مدى مشروعيته‪.‬‬

‫ومهما يكن فإن السلطة التنفيذية هي التي تقوم بتنفيذ البرامج والقوانين وتتولى عملية‬
‫وضع و تنشيط السياسة العامة للبالد‪ ،‬كما ينصرف مفهومها إلى جميع الموظفين الذي يشاركون‬

‫‪1‬اوسنت رين‪،‬سياسة احلكم‪،‬ترمجة حسن علي الدنون‪،‬اجلزءالثاين‪،‬بغداد‪،‬االهلية‪،1966،‬ص‪.90‬‬

‫‪72‬‬
‫في تنفيذ القوانين وصنعها بدءا من رئيس الدولة حتى آخر موظف في السلم اإلداري للدولة‪ ،‬ونجد‬
‫أن الدول تختلف في تنظيم السلطة التنفيذية‪ ،‬ففي النظام الرئاسي فإن رئيس الدولة هو رئيس‬
‫الحكومة؛ أما في النظام البرلماني فإن السلطة التنفيذية تتميز باالزدواجية (رئيس دولة ورئيس‬
‫حكومة) و هنا يمكن القول ان المؤسسات التنفيذية منظمة بشكل مختلف حسب كل بلد كما انها‬
‫تقوم باداء وظائفها بطرق متباينة‪ .‬فبريطانيا لديها ملكة تقوم بأداء وظائف رمزية مثل افتتاح‬
‫البرلمان و منح القاب الفروسية و غيرها من االلقاب الفخرية و االوسمة‪،‬اما الصين فال يوجد بها‬
‫رئيس شرفي يقوم باداء الوظائف الرمزية فقط و لكن يوجد رئيس جمهورية منتخب من قبل مؤتمر‬
‫الشعب القومي و يقوم باداء الوظائف الرمزية الى جانب بعض الوظائف السياسية‪ .‬في بريطانيا‬
‫رئيس الو ازراء و اعضاء مجلس الوزراء مسؤولون امام البرلمان الذي يختارهم عادة‪،‬اما في الصين‬
‫فيوجد مجلس دولة يرأسه رئيس الوزراء و يتكون من مختلف الوزراء و اللجان الو ازرية‪،‬و لكن في‬
‫الوقت الذي يملك فيه رئيس الوزراء البريطاني سلطات واسعة لصنع السياسة العامة فان مجلس‬
‫الدولة في الصين يخضع لرقابة دقيقة من االمين العام و المكتب السياسي و اللجنة المركزية‬
‫للحزب الشيوعي الصيني‪.1‬‬

‫السلطة التنفيذية في النظام البرلماني‪:‬‬

‫يقوم تشكيل السلطة التنفيذية في النظام البرلماني على مبدأ الثنائية (رئيس دولة ملكا كان‬
‫أو رئيسا منتخبا وو ازرة برئاسة رئيس حكومة)‪.‬‬

‫‪ -1‬الرئيس‪ :‬نجد أن رئيس الدولة في هذا النظام يتمتع بسلطة رمزية أو بدور فخري‬
‫فقط‪ ،‬يملك وال يحكم‪ ،‬فهو يجسد األمة‪ ،‬يصدر القوانين‪ ،‬ويوقع على المراسيم‪ ،‬ويقر المعاهدات‬
‫ويعين الوزراء‪ ،‬وهو شخص غير مسؤول ال سياسيا وال جنائيا وحيث ال سلطة فال مسؤولية‪.‬‬

‫‪ -2‬الوزارة‪ :‬هي جهاز جماعي يتخذ الق اررات على نحو مشترك وعلى رأس هذا الجهاز‬
‫الجماعي يوجد رئيس الحكومة أو رئيس الوزراء أو الوزير األول‪ ،‬يتميز عن رئيس الدولة‪ ،‬يختار‬
‫أعضاء و ازرته ويقدمهم لرئيس الدولة للموافقة الشكلية‪.‬‬

‫رئيس الحكومة هو من يمارس السلطة الفعلية أو الحقيقية وهو المسؤول عن سياسته‪.‬‬

‫السلطة التنفيذية في غير النظام البرلماني‪:‬‬

‫‪1‬جربيال املوند‪،‬بنجام بويل‪،‬السياسة املقارنة ‪،‬ترمجة حممد زاهي بشري املغرييب‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.29‬‬

‫‪73‬‬
‫يقوم تشكيل السلطة التنفيذية في النظام غير البرلماني على مبدأ تجميع السلطة التنفيذية‬
‫في يد جهة واحدة هي الملك أو اإلمبراطور أو الديكتاتور أو الرئيس وتختلف اختصاصات هذه‬
‫السلطة باختالف أسلوب الحكم وهي اختصاصات واسعة تترتب عن ممارستها مسؤولية تتعدى‬
‫أحيانا مجال االختصاص التنفيذي‪.‬‬

‫ففي النظام الملكي المطلق تكون السلطة مركزة بيد الملك وال يمكن ألحد أن يمارسها‬
‫بواسطة ممثليه المنتخبين‪ ،‬وصالحيات الملك مطلقة و غير محددة بأي قانون‪.‬‬

‫وفي النظام الكلي والذي تتصف به الدول االشتراكية تكون السلطة التنفيذية مركزة في يد‬
‫رئيس الدولة والذي غالبا ما يكون أمينا عاما للحزب‪.‬‬

‫أما في النظام الرئاسي‪ ،‬فإن الخاصية األساسية هي وحدانية السلطة التنفيذية‪ ،‬رئيس‬
‫دولة منتخب من الشعب يستأثر وحده بالسلطة التنفيذية‪ ،‬وال وجود فيه لما يعرف في النظام‬
‫البرلماني بالو ازرة‪ ،‬وكل ما في األمر يوجد للرئيس معاونين ال يشكلون معا جها از جماعيا‪ ،‬يتولى‬
‫هو تعيينهم ويوجه أعمالهم ويعفيهم‪ ،‬وال يشاركه غيره في هذه المهمة‪ ،‬مهمتهم تنفيذ سياسة الرئيس‪.‬‬
‫وبهذا فإن الرئيس هو رئيس الدولة ورئيس الحكومة في آن واحد‪ ،‬وهو يمارس سلطته فعليا‪.‬‬

‫ال تملك السلطة التشريعية في هذا النظام من حيث المبدأ أي تأثير على رئيس الدولة‪،‬‬
‫فهي ال تستطيع أن تحاسبه أو تعزله إال إذا ارتكب جرائم الخيانة العظمى الموجهة ضد الدولة وعن‬
‫طريق إجراءات خاصة معقدة‪ ،‬كما ال يمارس الرئيس أي سلطة على الكونغرس فال يستطيع أن‬
‫يحله أو يعطل أعماله‪ ،‬غير أن الحياة العملية على مستوى الساحة السياسية تتأثر بالتوجهات‬
‫الحزبية‪.‬‬

‫النظام نصف الرئاسي‪:‬‬

‫إن اإلنطباع األول يبدو أن النظام نصف الرئاسي أقرب إلى النظام البرلماني‪ ،‬منه إلى‬
‫النظام الرئاسي‪ ،‬وبالفعل فإننا نجد في هذا النظام العناصر الجوهرية للبرلمانية‪:‬‬

‫‪ -1‬سلطة تنفيذية منقسمة بين رئيس دولة وو ازرة يرأسها رئيس الحكومة‪.‬‬

‫‪ -2‬و ازرة مسؤولة سياسيا أمام البرلمان‪ ،‬الفارق األساسي يتعلق باختيار رئيس الدولة‪ ،‬فعوضا أن‬
‫يكون ملكا وراثيا أو رئيسا منتخبا من قبل البرلمانيين أو عدد قليل من الوجهاء يكون رئيسا منتخبا‬

‫‪74‬‬
‫باإلقتراع الشامل يجعله يتمتع بصالحيات قانونية أكبر من صالحيات رئيس الدولة البرلمانية وعليه‬
‫فإن ازدواجية السلطة التنفيذية هي ظاهرية أكثر مما هي واقعية أو فعلية‪.1‬‬

‫‪1‬موريس دي فارجيه‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.136-135‬‬

‫‪75‬‬
‫المؤسسة التنفيذية في الجزائر‪:‬‬

‫كان نظام الحكم(و نقول نظام الحكم و ليس النظام السياسي الحتكار سلطة صناعة‬
‫القرار السياسي من طرف مؤسسات رسمية دون اشراك المؤسسات االخرى غير الرسمية) في‬
‫الدستورين السابقين على دستور ‪ 1989‬المعدل والمتمم بدستور ‪ 1996‬يقوم على وحدانية واحتكار‬
‫السلطة‪ ،‬حيث كان رئيس الدولة والذي هو رئيس الجمهورية وفي ذات الوقت رئيسا للحكومة‬
‫يضطلع بقيادة الوظيفة التنفيذية لوحده (كانت في دستور ‪ 76‬مجرد وظيفة تنفيذية وليست سلطة)‬
‫مما جعل الفقهاء يصفون النظام الجزائري بأنه نظام كرس النظام الرئاسي المتشدد لصالح رئيس‬
‫الجمهورية‪ ،‬وعليه فقد كان رئيس السلطة التنفيذية يجسد في شخصه النظام السياسي لما له من‬
‫مكانة حزبية‪ 1‬ولما للنواب من صفة مناضلين في ذات الحزب الذي يتزعمه الرئيس و في هذا‬
‫المقام يقول االستاذ فوزي او صديق ان كلمة"يجسد‪ ،‬قيادة ‪،‬تودع " لها مضامين عديدة كاالستحواذ‬
‫‪2‬‬
‫على سلطات جد واسعة‬

‫أما مع دخول الجزائر مرحلة التحول الديمقراطي وتبني نظام سياسي أيديولوجي يختلف‬
‫كلية عن السابق‪ ،‬وفتح باب إنشاء الجمعيات والجمعيات السياسية واقرار بمبدأ الفصل بين‬
‫السلطات ومبدأ الحقوق والحريات الفردية وغيرها من أسس نظام الحكم الديمقراطي‪ .‬أصبحت‬
‫السلطة في الجزائر موزعة بين ‪ 3‬هيئات (تشريعية‪-‬تنفيذية قضائية) وهي دستوريا مستقلة عن‬
‫بعضها البعض في ممارسة اختصاصاتها الدستورية‪ ،‬رغم ما يوجد بينها من عالقات وظيفية‬
‫وآليات للتعاون والتكامل‪ ،‬وقد عمد المشرع في دستور ‪ ،1989‬وتم تكريس ذلك في التعديل‬
‫الدستوري لسنة ‪ 1996‬إلى تبني أهم مبادئ النظام البرلماني بقوله‪" :‬يمارس كل من رئيس‬
‫الجمهورية ورئيس الحكومة السلطة التنفيذية"‪.‬‬

‫‪ 1‬تنص املادة ‪ 104‬من دستور ‪ 1976‬و املادة ‪ 39‬من دستور ‪ " 1963‬جسد رئيس اجلمهورية‪،‬رئيس الدولة‪،‬وحدة االمة و هو حامي‬
‫الدستور‪ .‬و جيسذ الدولة داخل البالد و خارجها‪ .‬له ان خياطب االمةمباشرة"‬
‫‪ 2‬ملزيد من املعلومات‪،‬انظر‪:‬فوزي او صديق‪،‬الوايف يف شرح القانون الدستوري اجلزء الثالث(السلطات الثالث‪،‬ديوان املطبوعات‬
‫اجلامعية‪،‬اجلزائر‪،1994،‬ص ‪.103‬‬

‫‪76‬‬
‫‪ -1‬رئيس الجمهورية‪:‬‬

‫يتمتع رئيس الجمهورية بصالحيات واسعة‪ ،‬حيث تتعدى صالحيات الرئاسة‪ ،‬صالحيات‬
‫الجهاز التنفيذي سواء كان ذلك في ظل األحادية الحزبية ‪ 1989 - 1962‬أو في ظل التعددية‬
‫الحزبية‪ .‬وهذا بمنحه مكانة سامية داخل النظام السياسي‪ .‬ولعل السبب يعود إلى عدة اعتبارات‬
‫ومنها‪ :‬أن تاريخ الجزائر الحديث أنتج في الغالب قيادات تفرض نفسها على الشعب وعلى‬
‫مؤسساته‪ ،‬ومنها‪:‬انتخابه من طرف الشعب مباشرة عن طريق االقتراع العام المباشر والسري لمدة‬
‫‪ 6‬او ‪ 5‬سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة او عدة مرات‪ 1‬مما يسمح له باستئثار السلطة و الهيمنة‬
‫على سائر المؤسسات االخرى‪.‬‬

‫و لما كان رئيس الدولة يتولى سلطته عن طريق االنتخاب(النظام الجمهوري) و لما كانت‬
‫عملية انتخاب رئيس الجمهورية سواء في الجزائر وفي أي نظام سياسي آخر تعد مقياسا لدرجة‬
‫التحول السياسي وتكريسا لمبدأ التداول على السلطة واشراك المواطنين في االختيار الحر لممثليهم‬
‫سواء على مستوى الرئاسة أو على مستويات أخرى‪.‬‬

‫معيار لدرجة ومستوى‬


‫ا‬ ‫فان االنتخابات الرئاسية تشكل في الجزائر حدثا هاما‪ ،‬كما تمثل‬
‫التطور الديمقراطي والسياسي في البالد‪ .‬خاصة و ان االنتخابات الرئاسية الحرة والشفافة والنزيهة‬
‫تأتي نتيجة متطلبات الرأي العام الداخلي المتعطش لعملية اإلصالح السياسي واالجتماعي‬
‫والديمقراطي‪ ،‬كما تأتي أيضا امتثاال لمتطلبات النظام الدولي لحقوق اإلنسان الحريص على إجراء‬
‫انتخابات حرة وشفافة ونزيهة تكرس بناء دولة القانون و المؤسسات‪.‬‬

‫من أجل تحقيق ذلك البد من توفير آليات إجرائية و اخرى مؤسساتية تناط بها مهمة‬
‫اإلشراف والرقابة على العملية اإلنتخابية بغرض كفالة االقتراع العام وادارة االنتخابات وتسييرها‬
‫بصورة محايدة ونزيهة مع توفير الضمانات القانونية الالزمة آلداء هذه المهمة‪.‬‬

‫‪1‬اختلفت الدساتري اجلزائرية يف حتديد والية رئيس اجلمهورية حيث نصت املادة ‪ 108‬من دستور ‪"1976‬املدة الرئاسية ست سنوات‪،‬ميكن‬
‫اعادة انتخاب رئيس اجلهورية" اما نص املادة ‪ 74‬من دستور ‪ 1996‬على‪":‬مدة الرئاسة مخس سنوات‪،‬جتديد انتخاب الرئيس مرة واحدة"‬
‫يف حني نص التعديل الدستوري لعام ‪ 2008‬يف مادته ‪ 74‬على"مدة املهمة الرئاسية ‪ 5‬سنوات‪،‬يكمن جتديد انتخاب رئيس اجلمهورية" اما‬
‫التعديل الدستوري االخري لعام ‪ 2016‬فنص على ان"مدة املهمة الرئاسية ‪ 5‬سنوات‪،‬متكن جتديد انتخاب رئيس اجلمهورية مرة واحدة"‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫لهذا الغرض ومن أجل ضمان وشفافية ونزاهة العملية االنتخابية في الجزائر أقرت‬
‫الدساتير وقانون االنتخابات هذه اآلليات والتي تتداخل فيها سلطات عديدة (المجلس الدستوري‪،‬‬
‫البرلمان‪ ،‬رئاسة الجمهورية اللجنة الوطنية المكلفة بمراقبة االنتخابات الرئاسية)‪.1‬‬

‫و بعيدا عن دستوري ‪" 1976-1963‬الذين لم يكن فيهما االنتخاب ح ار‬

‫فإن دستور ‪ 1989‬شكل قطيعة نهائية مع نظام الترشيح األحادي بتزكية الحزب الحاكم‪،‬‬
‫وتم تبني نظام الترشيح الحر من أجل انتخاب رئيس الجمهورية‪ ،‬وبالرجوع إلى أحكام الدستور‬
‫وقانون االنتخابات‪ ،‬نكتشف مجموعة من المبادئ والقواعد التي تنظم شروط واجراءات الترشيح‬
‫لمنصب الرئاسة يمكن تقسيمها إلى شروط موضوعية وأخرى شكلية‪.‬‬

‫الشروط الموضوعية‪ :‬وتجملها المادة ‪ 87‬من التعديل الدستوري لعام ‪ 2016‬في‪:‬‬

‫‪ -‬الجنسية الجزائرية األصلية فقط و لم يتجنس بجنسية اجنبية و يثبت الجنسية الجزائرية‬
‫االصلية لالب و االم‪.‬‬

‫‪ -‬يدين باإلسالم‪.‬‬

‫‪ 40 -‬سنة كاملة يوم االنتخاب‪.‬‬

‫‪ -‬التمتع بالحقوق المدنية والسياسية كاملة‪.‬‬

‫‪ -‬يثبت ان زوجه يتمتع بالجنسية الجزائرية االصلية فقط‪-‬يثبت اقامة دائمة بالجزائر دون‬
‫سواها لمدة ‪ 10‬سنوات على االقل قبل ايداع الترشح‪.‬‬

‫‪ -‬يثبت مشاركته في الثورة إذا كان من مواليد قبل ‪.1942‬‬

‫‪ -‬عدم تورط أبويه في أعمال ضد الثورة اذا كان من مواليد بعد جويلية ‪.1942‬‬

‫‪ -‬التصريح العلني بممتلكاته العقارية والمنقولة داخل الوطن وخارجه‪.‬‬

‫الشروط الشكلية‪ :‬فتتمثل في‪ :‬مكونات ملف الترشيح‪ ،‬والذي يجب أن يتضمن‪:‬‬

‫‪ -‬طلب ببيانات معينة‪ -‬كالبرنامج االنتخابي للمترشح‪ -‬تقديمه وتبنيه من طرف ناخبين‬
‫أو منتخبين‪ -‬وثائق تؤكد توفر شروط المادة ‪ 87‬من التعديل الدستوري‪.‬‬

‫‪1‬يف الفصل الثاين املتعلق مبراقبة االنتخابات من التعديل الدستوري لعام ‪ 2016‬تنص املادة ‪"194‬حتدث هيئة عليا مستقلة ملراقبة‬
‫االنتخابات‪ ،‬تتكون اهليئة من قضاة يقرتحهم اجمللس االعلى للقضاء و يعينهم رئيس اجلمهورية و كفاءات مستقلة يتم اختيارهم من ضمن‬
‫اجملتمع املدين‪،‬يعينها رئيس اجلمهورية‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫إن بعض المحللين السياسين و المعارضين يرون ان مثل هذه الشروط تعد انتقاصا وحدا‬
‫من حرية الترشح من حيث المبدأ‪ ،‬لما فيها من إقصاء وصعوبة في توفيرها‪.‬‬

‫سلطات رئيس الجمهورية‪ :‬يتمتع رئيس الجمهورية ويضطلع بصالحيات واسعة سواء في‬
‫الظروف العادية أو في الظروف غير العادية‪.‬‬

‫* سلطاته في الظروف العادية‪:‬‬

‫‪ -1‬اإلصدار والنشر‪:‬‬

‫فبعد أن يوضع التشريع سواء بواسطة السلطة التشريعية (كأصل عام) أو بواسطة السلطة‬
‫التنفيذية على سبيل االستثناء‪ ،‬ولكي يصبح هذا التشريع ساري المفعول يجب أن يمر بمرحلة‬
‫اإلصدار والذي يتم بأمر من رئيس الجمهورية في أجل ‪ 30‬يوما من تاريخ تسلمه إياه وهو يعني‬
‫اإلعالن عن وضع تشريع جديد من قبل السلطة المختصة وضرورة قيام السلطة التنفيذية بتنفيذ‬
‫هذا التشريع كقانون من قوانين الدولة‪ .‬ثم مرحلة النشر التي تتم بالدرجة األولى في الجرائد الرسمية‬
‫ووسائل اإلعالم األخرى‪ ،‬والهدف من نشر القانون‪ ،‬إعالم كل أفراد المجتمع بصدور تشريع جديد‬
‫يسري عليهم كقواعد عامة ملزمة ال يعذر أحد بجهلها‪.‬‬

‫‪ -2‬ترأس مجلس الوزراء‪:1‬‬

‫مجلس الوزراء هو هيئة حكومية سامية أو هو المنبر الذي تناقش فيه المسائل والقضايا‬
‫الهامة والطارئة ذات العالقة بمصالح الدولة والمجتمع وال يتم اتخاذ أي قرار أو سياسة في مجلس‬
‫الوزراء إال إذا تمت الموافقة عليه من طرف أعضائه‪ .‬رئيس الدولة هو رئيس مجلس الوزراء‪.‬‬
‫الوزير االول يقوم بعرض برنامجه وسياسته بعد اعدادها و ضبطها على مستوى مجلس الحكومة‬
‫على مجلس الوزراء والمالحظ أنه من غير المنطقي أن تتبنى الحكومة سياسة ما يكون رئيس‬
‫الجمهورية رافضا لها ألن عمل رئيس الجمهورية ال يقف عند حد المراقبة واإلشراف بل يتعداه إلى‬
‫التخطيط والتوجيه والقيادة من خالل تحديد الخطوط العريضة التي ال يمكن للحكومة الخروج منها‬
‫أو الحياد عنها‪.‬‬

‫‪ -3‬سلطة الحل‪:‬‬

‫‪1‬نص املادة ‪ 91‬من التعديل الدستوري لعام ‪.2016‬‬

‫‪79‬‬
‫لرئيس الجمهورية حق حل المجلس الشعبي الوطني أو إجراء انتخابات تشريعية قبل أوانها وهذا‬
‫بعد استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس األمة او الوزير االول و رئيس المجلس‬
‫الدستوري‪.1‬‬

‫‪ -4‬طلب إجراء مداولة ثانية (حق االعتراض)‪:2‬‬

‫يمكن لرئيس الجمهورية أن يطلب إجراء مداولة ثانية في قانون تم التصويت عليه من قبل‬
‫النواب في غضون ‪ 30‬يوما لتاريخ إق ارره‪ ،‬وفي هذه الحالة (المداولة الثانية) ال يتم إق ارره إال‬
‫‪2‬‬
‫أعضاء المجلس الشعبي الوطني و اعضاء مجلس االمة وتعد هذه الصالحية بمثابة‬ ‫بأغلبية‬
‫‪3‬‬
‫إشعار للنواب من قبل الرئيس على معارضته وعدم موافقته على النص القانوني سواء بسبب‬
‫مخالفته للدستور أو ألسباب أخرى‪.‬‬

‫‪ -5‬تعديل الدستور‪:‬‬

‫كفل الدستور لرئيس الجمهورية حق المبادرة بتعديل الدستور‪ ،‬و هذا الحق ال يمارسه‬
‫رئيس الجمهورية بشكل انفرادي بل تشاركه أطراف أخرى كالبرلمان او المرور عبر االستفتاء‬
‫الشعبي و بعد اجراءات محددة‪.‬‬

‫‪ -6‬ممارسة السلطة السامية‪:‬‬

‫يمارس رئيس الجمهورية السلطة السامية من خالل إصدار حق العفو وحق تخفيض‬
‫العقوبات أو استبدالها ومن خالل تسليم أوسمة الدولة ونياشينها وشهاداتها التشريفية‪ ،‬وترأس‬
‫المجلس األعلى للقضاء‪.‬‬

‫‪ -7‬صالحيات متعلقة بالشؤون الخارجية‪:‬‬

‫يعد رئيس الجمهورية المسؤول الوحيد عن وضع واقرار السياسة الخارجية لألمة (البالد)‬
‫والعمل على توجيهها‪.‬‬

‫‪ -8‬صالحيات متعلقة بالدفاع‪ :‬منذ االستقالل الى يومنا هذا التي عرفتها الزائر تم منح‬
‫رئيس الجمهورية مرتبة‪ ،‬القائد األعلى للقوات المسلحة للجمهورية‪ ،‬مما يلقى على عاتقه مسؤولية‬

‫‪1‬نص املادة ‪ 147‬من التعديل الدستوري لعام ‪.2016‬‬


‫‪2‬نص املادة ‪ 145‬من التعديل الدستوري ‪.2016‬‬

‫‪80‬‬
‫الدفاع عن وحدة البالد وسالمة مجاالتها البرية والبحرية وحتى الجوية‪ ،‬فهو يتمتع بصالحيات‬
‫إعالن الحرب وتوقيع اتفاقيات الهدنة ومعاهدات السلم‪.‬‬

‫‪ -9‬سلطة التشريع عن طريق األوامر‪ :‬يتقاسم رئيس الجمهورية مع البرلمان (السلطة‬


‫التشريعية)‪ ،‬هذا االختصاص ان لم يكن مستحوذا‪ .‬عليه إذ نجد المادة ‪ 142‬من التعديل الدستوري‬
‫‪ 2016‬تنص على أن "يشرع رئيس الجمهورية بأوامر في مسائل عاجلة في حالة شغور المجلس‬
‫الشعبي الوطني او خالل العطل البرلمانية بعد رأي مجلس الدولة البرلمان وتعد الغيه األوامر التي‬
‫ال يوافق عليها البرلمان" كما يمكنه أن يشرع بأوامر في الحالة االستثنائية المذكورة في المادة ‪107‬‬
‫من التعديل الدستوري وتتخذ األوامر في مجلس الوزراء‪.‬‬

‫‪ -10‬سلطة اللجوء إلى الشعب مباشرة‪ :‬عن طريق استشارة الشعب في كل قضية ذات‬
‫أهمية وطنية عن طريق االستفتاء‪.‬‬

‫‪ -11‬سلطة التعيين‪ :‬وذلك حسب المادة ‪ 91‬و ‪ 92‬من التعديل الدستوري وقد حددت‬
‫أحكام هذه المواد مجاالت التعيين المندرجة ضمن اختصاص رئيس الجمهورية إذ يتولى تعيين‬
‫الوزير االول بعد استشارة االغلبية البرلمانية‪ ،1‬و أعضاء الحكومة بعد استشارة الوزير االول يعين‬
‫‪1‬‬
‫أعضاء مجلس األمة‪ ،‬السفراء المبعوثين فوق العادة إلى الخارج‪ ،‬أعضاء المجلس األعلى‬
‫‪3‬‬
‫لألمن‪ ،‬أعضاء المجلس اإلسالمي األعلى‪ ،‬رئيس المجلس الدستوري‪ ،‬وعضوين إثنين من‬
‫أعضائه‪.‬‬

‫أيضا يعين رئيس مجلس الدولة‪ ،‬األمين العام للحكومة‪ ،‬محافظ بنك الجزائر‪ ،‬القضاة‪،‬‬
‫الوالة‪ ،‬مسؤولو أجهزة األمن‪.‬‬

‫‪ -12‬سلطة التنظيم‪ :‬ويمارسها في الواقع‪ ،‬بموجب التوقيع على المراسيم الرئاسية وكل ما‬
‫يخرج عن مجال التشريع يقع ضمن مجال التنظيم‪.‬‬

‫سلطات رئيس الجمهورية في الحاالت االستثنائية‪:‬‬

‫يتشابه نظام حالة الطوارئ مع بعض الحاالت المشابهة له والتي تبدو مشابهة له‪ ،‬وهي‬
‫في نهاية األمر تشكل ما يسمى بالحاالت االستثنائية‪.‬‬

‫‪ 1‬التعديل الدستوري لعام ‪ 2016‬ينص على ان يتوىل رئيس اجلمهورية تعيني الوزير االول بعد استشارة االغلبية الربملانية و ينهي مهامه‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫‪ -‬نظام حالة الطوارئ‪ :‬هي نظام استثنائي للبوليس تبرره فكرة الخطر الوطني‪ ،‬وعند‬
‫البعض اآلخر هي إجراء استثنائي يهدف إلى حماية كامل البالد أو بعضها بمقتضى نظام بوليسي‬
‫خاص ضد احتمال هجوم مسلح‪.‬‬

‫وعند الدكتور أبو زيد فهمي هي نظام قانوني أعد لمواجهة الظروف االستثنائية‪ ،‬ويقوم‬
‫مقام قوانين السلطة الكاملة‪.‬‬

‫وهناك من يعرفها بأنها ظروف استثنائية تسمح للسلطة بتجميد الدستور والضمانات التي‬
‫يوفرها‪ ،‬واتخاذ ما تراه من أحكام عرفية واجراءات استتباب األمن‪.‬‬

‫ومن ثم فإن نظام حالة الطوارئ هو نظام استثنائي يمكن تطبيقه على كل أو جزء من‬
‫اإلقليم المهدد أو الذي يوجد في أزمة‪ ،‬ومن آثاره أنه يمنح سلطات معتبرة لرجال البوليس المشكلين‬
‫للسلطة المدنية‪ ،‬إذ تصبح تتمتع هذه السلطة في مجال تقييد الحريات العامة بسلطات أوسع من‬
‫التي تتمتع بها السلطات العسكرية في حالة الحصار‪.‬‬

‫وهو يشابه نظام حالة الضرورة (أين تتمدد الصالحيات البوليسية للسلطات المدنية حيث‬
‫تتوسع سلطات الوالة)‪.‬‬

‫‪ -‬حالة الحصار‪ :‬هي سلطة استثنائية تتمتع بها حكومة البلد وهي تتمثل في اإلعالن في‬
‫حالة خطر وشيك على األمن الداخلي أو الخارجي لهذا البلد‪ ،‬وهو نظام مقيد للحريات العامة‪ ،‬من‬
‫آثاره أنه ينقل السلطة المدنية إلى السلطة العسكرية (تنتقل السلطات إلى الجيش)‪.‬‬

‫‪ -‬الحالة االستثنائية‪ :‬تستدعي ضرورة فرضها ظروف أخطر من حالتي الحصار‬


‫والطوارئ (ترتبط بوجود خطر وشيك الوقوع يهدد أركان الدولة ومؤسسات البالد أو استقاللها أو‬
‫سالمة ترابها)‪.‬‬

‫‪ -‬حالة الحرب‪ :‬تعد هذه الحالة أشد المراحل خط ار وتهديدا لألمن والسيادة الوطنيتين‬
‫(وهي الحالة التي ال تقتصر على أن تكون البالد مهددة بخطر دائم وانما يشترط أن يكون العدوان‬
‫واقعا أو على وشك الوقوع)‪.‬‬

‫وعليه فإن رئيس الجمهورية الجزائرية يتمتع بصالحيات واسعة في مثل هذه الظروف غير‬
‫العادية وذلك بهدف اإلسراع في مواجهتها والحد من انتشارها باتخاذ ق اررات سياسية حاسمة وتتمثل‬
‫فيما يلي‪:‬‬

‫‪82‬‬
‫‪ /1‬سلطات رئيس الجمهورية في حالتي الحصار والطوارئ‪ :‬يشترط في ممارسة رئيس‬
‫الجمهورية لسلطاته ويعلن عن حالتي الحصار والطوارئ أن يتقيد ببعض القيود التي أوردها المشرع‬
‫الدستوري كما يجب عليه مراعاتها وهي جملة من الشروط الموضوعية والشكلية‪.‬‬

‫الشروط الموضوعية‪ :‬تتمثل أوال في‪ :‬الضرورة الملحة‪ ،‬واستنفاذ جميع اإلجراءات‬
‫الدستورية العادية لمواجهة هذه الوضعية وتتمثل ثانيا في‪ :‬محدودية الحالتين‪ ،‬فاإلعالن عن حالتي‬
‫الحصار والطوارئ البد أن يكون لمدة زمنية محددة ال يمكن تجاوزها‪ ،‬وفي حال استمرار األوضاع‬
‫على حالها بعد انقضاء المدة المحددة يستطيع رئيس الجمهورية المطالبة بتمديد الحالتين شريطة‬
‫موافقة البرلمان المنعقد بغرفتيه معا‪.1‬‬

‫الشروط الشكلية‪ :‬فتتمثل في‪:‬‬

‫‪ .1‬اجتماع المجلس األعلى لألمن والذي يتولى رئاسته رئيس الجمهورية‪ ،‬مهمته تقديم‬
‫اآلراء إلى رئيس الجمهورية في كل القضايا المتعلقة باألمن الوطني‪.‬‬

‫‪ . 2‬استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس األمة‪ ،‬باعتبار هذه االستشارة‬
‫بمثابة إجراء ضروري لحماية الحقوق والحريات العامة‪ ،‬وضمان استقرار األوضاع والحفاظ على‬
‫السير العادي للمؤسسات العامة‪.‬‬

‫‪ .3‬استشارة الوزير االول باعتباره جزء من السلطة التنفيذية‪ ،‬والمكلف بتنفيذ القوانين‬
‫واللوائح التنظيمية‪.‬‬

‫‪ .4‬استشارة رئيس المجلس الدستوري‪ ،‬باعتباره الهيئة القائمة على احترام الدستور ومراقبة‬
‫السياسات واإلجراءات المتخذة من طرف السلطات‪ ،‬وألن أيضا استشارة رئيس المجلس الدستوري‬
‫من طرف رئيس الجمهورية إلقرار حالتي الطوارئ والحصار يهدف إلى التأكيد على دستورية القرار‬
‫ومدى شرعيته‪.‬‬

‫‪ /2‬سلطات رئيس الجمهورية في الحالة االستثنائية‪ : 2‬ال تتعلق الحالة االستثنائية‬


‫بالضرورة الملحة‪ ،‬بل تتعلق بخطر وشيك الوقوع‪ ،‬يهدد المؤسسات الدستورية للدولة أو سالمة‬
‫ترابها واستقالل األمة ووحدتها‪ .‬يقترن إقرار رئيس الجمهورية للحالة االستثنائية بتوفر شروط شكلية‬

‫‪1‬تنص املادة ‪ 105‬من التعديل الدستوري ‪ 2016‬على سلطة رئيس اجلمهورية يف تقرير حالة الطوارئ او احلصار ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫نص املادة ‪ 107‬من التعديل الدستوري ‪.2016‬‬

‫‪83‬‬
‫وأخرى موضوعية‪ ،‬وتتمثل الشروط الموضوعية في ضرورة وجود خطر وشيك الوقوع من شأنه‬
‫تهديد المؤسسات العامة للبالد واستقاللها وحتى السالمة الترابية ووحدة األمة‪.‬‬

‫أما الشروط الشكلية فتتمثل في‪:‬‬

‫‪ .1‬استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس األمة‪ ،‬مع اجتماع البرلمان‬
‫وجوبا لضمان الحقوق والحريات‪.‬‬

‫‪ .2‬استشارة المجلس الدستوري(رئيس المجلس الدستوري)‪.‬‬

‫‪ .3‬االستماع إلى المجلس األعلى لألمن‪.‬‬

‫‪ .4‬االستماع إلى مجلس الوزراء‪.‬‬

‫‪ /3‬سلطاته في حالة الحرب‪ : 1‬إذا وقع عدوان على البالد أو يوشك أن يقع حسب‬
‫الترتيبات المنصوص عليها في ميثاق األمم المتحدة يحق لرئيس الجمهورية‪ ،‬إعالن الحرب بعد‪:‬‬

‫‪ .1‬اجتماع مجلس الوزراء‪.‬‬

‫‪ .2‬االستماع إلى المجلس األعلى لألمن‪.‬‬

‫‪ .3‬استشارة رئيس المجلس الشعبي الوني ومجلس األمة‪.‬‬

‫‪ .4‬يعلم رئيس الجمهورية األمة بمجموع التدابير المتخذة لمقاومة الخطر المهدد‬
‫لمؤسساتها عن طريق توجيه خطاب لها‪ ،‬وهو إجراء ضروري ألن الحريات العامة سيتم تقييدها في‬
‫حالة الحرب بسبب إيقاف العمل بالدستور وتولي رئيس الجمهورية جميع السلطات‪.‬‬

‫القيود الواردة على سلطات رئيس الجمهورية‪:‬‬

‫وردت هذه القيود على سبيل الحصر في المادة ‪ 101‬من التعديل الدستوري ‪2016‬‬
‫وتخص سلطة التفويض‪ ،‬إذ ال يجوز لرئيس الجمهورية بأي حال من األحوال أن يفوض سلطته‬
‫فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬تعيين الوزير االول‪.‬‬

‫‪ -‬تعيين أعضاء الحكومة‪.‬‬

‫‪ -‬لجوءه لالستفتاء‪.‬‬

‫‪1‬نص املادة ‪ 109‬من التعديل الدستوري ‪.2016‬‬

‫‪84‬‬
‫‪ -‬تعيين أعضاء المجلس األعلى لألمن‪.‬‬

‫‪ -‬تقرير إجراء انتخابات تشريعية قبل أوانها‪.‬‬

‫‪ -‬إقرار حالة الطوارئ والحالة االستثنائية‪.‬‬

‫‪ -‬إيقاف العمل بالدستور‪.‬‬

‫‪ -‬اتفاقيات الهدنة ومعاهدات السلم‪.‬‬

‫الوزير االول ‪:‬‬

‫انطالقا من ثنائية السلطة التنفيذية التي أقرها المشرع الدستوري الجزائري‪ ،‬فإن السلطة‬
‫التنفيذية نجدها موزعة بين رئيس جمهورية كما تمت دراسته وحكومة برئاسة الوزير االول وطاقم‬
‫وزاري‪ ،‬وعليه فإن الحكومة تمثل الطرف الثاني من السلطة التنفيذية تمتلك العديد من الصالحيات‬
‫الدستورية وفي المقابل تتحمل مسؤولية مزدوجة األولى أمام رئيس الجمهورية والثانية أمام المجلس‬
‫الشعبي الوطني‪.‬‬

‫يعين الوزير االول من طرف رئيس الجمهورية بموجب مرسوم رئاسي‪ ،‬كما أن رئيس‬
‫الجمهورية له حق إنهاء مهام رئيس الحكومة(الوزير االول) حسب المادة ‪ 77‬من دستور ‪ 1996‬و‬
‫المادة ‪ 91‬من التعديل االخير ‪ .2016‬وما نالحظه أن سلطة رئيس الجمهورية في اختيار الوزير‬
‫االول مقيدة ببعض االعتبارات السياسية وليست الدستورية‪.‬‬

‫إذ ال يمكن لرئيس الجمهورية أن يقدم على تعيين رئيس للحكومة(الوزير االول) ال يتمتع‬
‫بأي نوع من الكفاءة والخبرة السياسية‪.‬‬

‫كما ال يمكنه أن يتجاهل االنتماء السياسي للوزير االول‪ ،‬ويستحسن أن يختاره من ضمن‬
‫األغلبية البرلمانية إن وجدت وان لم توجد فعليه اختياره ممن يمثل اتجاها وسطيا بين مختلف‬
‫التيارات السياسية الموجودة داخل المجلس الشعبي الوطني‪.‬‬

‫ولما كان رئيس الجمهورية هو المختص بتعيين الوزير االول فإنه هو اآلخر من ينهي‬
‫مهامه‪ ،‬وهذا ما يتم العمل به في الظروف العادية غير أن هناك حاالت أخرى تفضي إلى انتهاء‬
‫مهمة الوزير االول كالمرض المزمن‪ ،‬وفاته‪ ،‬تقديمه الستقالته بإرادته الشخصية‪ ،‬عدم موافقة‬
‫المجلس الشعبي الوطني على برنامج الحكومة‪ ،‬رفض التصويت بالثقة من طرف المجلس الشعبي‬
‫الوطني والذي طلبه الوزير االول‪ ،‬مصادقة المجلس الشعبي الوطني على ملتمس الرقابة‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫إن انتهاء مهام رئيس الحكومة يفضي إلى نتيجة حتمية وهي انتهاء مهمة الطاقم الوزاري‬
‫المكون من مجموع الوزراء التابعين له قانونيا ألنه هو المكلف باختيارهم وتقديمهم لرئيس‬
‫الجمهورية وهنا ما يمكن أن نسميه بالمسؤولية الجماعية التضامنية للحكومة والتي تختص بها‬
‫األنظمة البرلمانية دون الرئاسية‪.‬‬

‫مهام الوزير االول‪:‬‬

‫يتولى الوزير االول مهمة اختيار أعضاء حكومته ويقدمهم لرئيس الجمهورية لتعيينهم‪،‬‬
‫كما يسهر على تسيير نشاطات الحكومة‪ .‬ويحدد يوزع المهام بين أعضائها‪.1‬‬

‫‪ -‬ضبط وتنفيذ برنامج الحكومة (السياسة العامة للدولة)‪.‬‬

‫‪ -‬ترأسه لمجلس الحكومة‪.‬‬

‫‪ -‬اختصاصات استشارية خاصة في الظروف غير العادية‪.‬‬

‫‪ -‬تنفيذ القوانين والتنظيمات‪ ،‬وتوقيع المراسيم التنفيذية‪.‬‬

‫‪ -‬التشريع من خالل المبادرة بمشاريع القوانين‪.‬‬

‫‪ -‬يتولى مهمة التعيين في وظائف الدولة‪.‬‬

‫‪ -‬يعمل على حسن سير اإلدارة العمومية‪.‬‬

‫* الو ازرات‪ :‬تشرف كل و ازرة على ميدان معين‪ ،‬إذ يتولى كل وزير تسيير المصالح‬
‫العمومية التابعة لو ازرته‪ ،‬والوزير هو رجل سياسي يمارس سلطة سياسية ويعتبر مسؤوال عنها أمام‬
‫الوزير االول وهو أيضا رئيس إدارة الو ازرة‪ ،‬وبهذه الصفة يمارس نشاطا إداريا واسعا‪ ،‬وهو الممثل‬
‫القانوني للدولة الذي يبرم باسمها العقود ويقوم بكل عمل أمام القضاء وهو اآلمر الرئيسي بصرف‬
‫النفقات العامة فهو الذي يعطي األمر بالدفع داخل و ازرته‪ ،‬ويمارس الوزير ثالث سلطات أساسية‬
‫هي‪:‬‬

‫‪ -1‬السلطة التسلسلية أو الرئاسية‪ :‬وتعد أهم سلطة وتظهر من خالل‪:‬‬

‫‪1‬نص املادة ‪ 99‬من التعديل الدستوري ‪.2016‬‬

‫‪86‬‬
‫أ‪ -‬سلطة التأديب‪ :‬ويمارسها الوزير على موظفي و ازرته ويقوم من خاللها الوزير بتقييم‬
‫حماس وصالحية العاملين باإلدارة الو ازرية أي تعيين مستخدمي اإلدارة المركزية وكذا الترقية وحتى‬
‫معاقبتهم عن األخطاء‪.‬‬

‫ب‪ -‬سلطة التعليمات والتوجيه‪ :‬وهي مجموع األوامر الصادرة عن الوزير والتي قد تكون‬
‫فردية أو جماعية‪ ،‬أي أعطاء األوامر ألعوان مصالحه عن طريق المنشور أو التعليمة‪.‬‬

‫ج‪ -‬سلطة اإلصالح‪ :‬يتم من خاللها تعديل أو إلغاء الق اررات المتخذة من قبل الموظفين‬
‫التابعين للوزير أي سلطة الحلول محل موظفيه والتي تمكنه من تغيير أو إلغاء الق اررات المتخذة‬
‫من طرف مرؤوسيه‪.‬‬

‫‪ -2‬السلطة التنظيمية‪ :‬األصل أنها من اختصاص رئيس الجمهورية أو الوزير االول‪،‬‬


‫لكن إذا سمح له القانون باتخاذ ق اررات تنظيمية فله ذلك يتم عن طريقها تنظيم شروط تطبيق‬
‫القوانين المكلف الوزير بتنفيذها‪.‬‬

‫‪ -3‬السلطة الوصائية‪ :‬وتمارس على السلطات الالمركزية‪ ،‬وهي نوع من الرقابة على‬
‫أعمال الهيئات الالمركزية مثل المؤسسات العامة والجماعات المحلية التي تخضع للو ازرة المعنية‬
‫(سلطة وزير التعليم العالي على المعهد الوطني للتجارة) تتولى األمانة العامة للحكومة مهمة‬
‫التنسيق بين مختلف الو ازرات وتنظيم عمل الحكومة‪.‬‬

‫تصنف الو ازرات إلى ثالثة أصناف‪ :‬و ازرات السيادة وهي الو ازرات األساسية المكلفة‬
‫بالحفاظ على كيان الدولة وقوامها‪ ،‬مثل و ازرة الدفاع الوطني‪.‬‬

‫‪ -‬و ازرات ذات الطابع االقتصادي‪ ،‬وهي مجموع الو ازرات العاملة في الميدان االقتصادي‬
‫مثل و ازرة الصناعة‪.‬‬

‫‪ -‬و ازرات ذات الطابع االجتماعي الثقافي‪ :‬وتتمثل في الو ازرات العاملة في الحق‬
‫االجتماعي أو الثقافي مثل و ازرة التعليم العالي‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫عالقة رئيس الجمهورية و الوزير االول بالسلطة التشريعية‪:‬‬

‫الجدير بالمالحظة أنه في النظام الرئاسي المطبق في الواليات المتحدة أن رئيس الواليات‬
‫المتحدة األمريكية ال يملك أي قدرة دستورية تمكنه من حل إحدى غرف الكونغرس وبالمقارنة في‬
‫هذا الصدد نشير أن الدستور الجزائري لعام ‪ 1996‬أتاح لرئيس الجمهورية الحق في حل المجلس‬
‫الش عبي الوطني فقط واستثنى مجلس األمة‪ ،‬علما أن رئيس مجلس األمة يعتبر الرجل الثاني في‬
‫الدولة‪ ،‬حيث يمثل النائب األول لرئيس الجمهورية في حالة ما ط أر مانع ال يسمح لهذا األخير‬
‫مواصلة مهامه الدستورية‪.‬‬

‫‪ -‬بالنسبة للمبادرة بالقوانين فإن السلطة التنفيذية بالجزائر لها األفضلية على السلطة‬
‫التشريعية‪ ،‬إذ تغذي مشاريع القوانين المقدمة من طرف الحكومة جل نشاط الهيئة التشريعية علما‬
‫أن السلطة التنفيذية في الواليات المتحدة األمريكية ال تملك الحق بالمبادرة في مشاريع القوانين‪،1‬‬
‫(‪ )%99‬من المشاريع في الجزائرتأتي من الحكومة‪.‬‬

‫‪ -‬واذا كانت اقتراحات القوانين في الجزائر يجب أن تقدم من ‪ 20‬نائبا او عضوا فانها في‬
‫الواليات المتحدة األمريكية يكفي تقديمها من ممثل أو شيخ واحد‪.‬‬

‫‪ -‬في الواليات المتحدة األمريكية لمجلس الشيوخ الحق في متابعة الرئيس ومساءلته في‬
‫حالة الخيانة العظمى‪.‬‬

‫في حين أن رئيس الجمهورية الجزائرية لم يعقد الدستور إلى البرلمان هذه الصالحية وانما‬
‫خص بها المحكمة العليا (محكمة خاصة تعقد لهذا الشأن) وما يالحظ هنا أنه سوى بين رئيس‬
‫الجمهورية المنتخب من طرف الشعب وبين رئيس الحكومة او الوزير االول المعين‪.‬‬

‫‪ -‬أيضا فإن رئيس الجمهورية في الجزائر معفى من المساءلة السياسية عن التصرفات‬


‫التي يؤديها أثناء آداء مهامه‪ ،‬أمام البرلمان في حين تسأل الحكومة (الوزير االول و طاقمه) أمام‬
‫البرلمان‪ ،‬وهذا يتنافى مع كون رئيس الجمهورية هو رئيس السلطة التنفيذية وهو الذي يعين الوزير‬
‫االول وطاقمه الوزاري وأنه في إطار مجلس الوزراء هو الموجه والمخطط والمنسق والمتابع ألعمال‬
‫الحكومة‪ ،‬وعليه فإن قيام المسؤولية السياسية للحكومة تقود بطريقة أو بأخرى إلى مسؤولية رئيس‬
‫الجمهورية وكان األحرى بالمشرع الدستوري أن ينص عليها صراحة‪.‬‬

‫‪1‬لرئيس الدولة يف امريكا احلق باصدار توصية للكونغرس‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫‪ -‬وهذه المسؤولية غير المباشرة والمفترضة لرئيس الجمهورية تقويها سلطة الحل التي‬
‫يمتلكها رئيس الجمهورية إزاء المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬اذ ان الحل يأتي لترتيب مسؤولية الحكومة‬
‫ويستطيع رئيس الجمهورية استعماله مقابل استقالة الحكومة‪.‬‬

‫‪ -‬ويعد الحل أقوى الوسائل التي تدعم مكانة السلطة التنفيذية أمام البرلمان (الغرفة‬
‫األولى) ولعل السبب الظاهر للجوء إلى الحل إليجاد مخرج للنزاع القائم بين الهيئتين‪ ،‬وما الحظه‬
‫الفقهاء أن سلطة الحل من قبل رئيس الجمهورية كان األنسب فيها أن تأتي بعد استفتاء شعبي‬
‫على هذا الحل‪.‬‬

‫‪ -‬أيضا كان من المفروض أن يكون هناك توازن بين الهيئتين واذا حلت الغرفة األولى‬
‫كان المفروض أن تسحب الثقة من الحكومة وال تبقى قائمة وتستمر في التسيير إلى غاية انتخاب‬
‫المجلس الشعبي الوطني الجديد‪.‬‬

‫‪ -‬إذن رئيس الجمهورية في الجزائر مسؤول أمام الشعب فقط‪ ،‬فالهيئة الناخبة تنصب‬
‫نفسها كقاضي للفصل في موضوع تجديد عهدة الرئيس فإما أن تمنحه الثقة ثانية أو تحجبها عليه‪.‬‬

‫‪ -‬تقدم الحكومة لكل غرفة من البرلمان عرضا عن استعمال االعتمادات المالية التي‬
‫أقرتها لكل سنة مالية ثم تصوت كل غرفة من البرلمان على قانون تسوية الميزانية للسنة المالية‬
‫المعينة‪.‬‬

‫‪ -‬دائما في إطار تدخل السلطة التنفيذية في نشاط السلطة التشريعية‪ ،‬فلرئيس الجمهورية‬
‫الحق في طلب إجراء مداولة ثانية في قانون تم التصويت عليه وذلك في خالل ‪ 30‬يوما الموالية‬
‫إلق ارره‪ ،‬وهي مدة أطول من ‪ 10‬أيام المخولة لرئيس الواليات المتحدة الستعمال حقه في الفيتو‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وفي حالة طلب قراءة ثانية يجب على الهيئة التشريعية الجزائرية أن توافق على القانون بأغلبية‬
‫‪3‬‬
‫أعضاء المجلس الشعبي الوطني و مجلس االمة‪.‬‬

‫‪ -‬تظهر العالقة في هيمنة السلطة التنفيذية على التشريعية بتخويل الدستور لرئيس‬
‫‪1‬‬
‫المتبقي من مجلس األمة وكان األجدر أن يكون منتخبا كلية‪.‬‬ ‫الجمهورية حق تعيين‬
‫‪3‬‬

‫‪ -‬لتسوية الخالف بين الغرفتين التشريعيتين من خالل عدم مصادقة إحداهما على النص‬
‫المعروض عليهما العتبارات عادة ما تكون سياسية‪ ،‬وضعت آليات لتسويته وتجنب تجميد المسار‬
‫التشريعي حيث أعطي للوزير االول الحق اللجوء إلى اللجنة البرلمانية المتساوية األعضاء (‪20‬‬
‫عضو) من عدم اللجوء (بحسب ما إذا كان الخالف بسيطا أم جوهريا)‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫‪ -‬الدستور يمكن رئيس الجمهورية بأن يوجه خطابا إلى البرلمان‪.‬‬

‫‪ -‬كما يمكن للبرلمان أن يفتح مناقشة حول السياسة الخارجية بناء على طلب رئيس‬
‫الجمهورية أو رئيس إحدى الغرفتين‪.‬‬

‫‪ -‬لرئيس الجمهورية أن يشرع بأوامر في حالة شغور المجلس الشعبي الوطني أو بين‬
‫دورتي البرلمان على أن يعرض النصوص التي اتخذها على كل غرفة في أول دورة له لتوافق‬
‫عليها‪.‬‬

‫‪ -‬دعوة البرلمان لالجتماع في دورة غير عادية بمبادرة من رئيس الجمهورية‪ ،‬أو‬
‫باستدعاء رئيس الجمهورية بطلب من الوزير االول‪.‬اذن كل ذلك يوحي بان العالقة بين السلطة‬
‫التنفيذية و التشريعية ال تتصف بالتوازن و االستقالل ‪.‬‬

‫عالقة الحكومة بالسلطة القضائية‪:‬‬

‫عرف النظام القضائي الجزائري بعد التعديل الدستوري الحاصل في ‪ 28‬نوفمبر ‪1996‬‬
‫نظام قضائي مزدوج‪ ،‬حيث أقر دستور ‪ 1996‬بموجب المادة ‪ 152‬منه و التي اصبحت في‬
‫التعديل الستوري لعام ‪ 2016‬تعرف بالمادة ‪ 171‬و نص المادة ‪ 171‬من التعديل الدستوري لعام‬
‫‪ 2016‬على "يمثل مجلس دولة كهيئة مقومة ألعمال الجهات القضائية اإلدارية"‪.‬‬

‫وتطبيقا لذلك صدر القانون العضوي رقم ‪ 01/98‬المؤرخ في ‪ 30‬ماي ‪ 1998‬ويتعلق‬


‫باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله وعليه فإن مجلس الدولة الجزائري مثله مثل مجلس‬
‫الدولة الفرنسي يعتبر هيئة قضائية إدارية تبت في المنازعات اإلدارية من جهة ويعتبر من جهة‬
‫أخرى كهيئة استشارية لدى السلطات اإلدارية المركزية‪.‬‬

‫وفيما يخص عالقة الحكومة بالسلطة القضائية فيمكن تناولها من هذه الزاوية أي زاوية‬
‫اعتبار مجلس الدولة هيئة استشارية‪.‬‬

‫عرفنا فيما سبق أن من بين اختصاصات الحكومة (رئيس حكومة او وزير اول و و ازرة)‬
‫المبادرة بالتشريع‪.‬‬

‫وبالتالي فإن النصوص التشريعية المقترحة من قبل الحكومة يلزم عرضها على مجلس‬
‫الدولة إلبداء رأيه فيها‪ ،‬وعليه‪ ،‬فإنه يعتبر المستشار الفني للحكومة في المجال التشريعي‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫وفي هذا الخصوص تنص المادة ‪ 119‬و تقابلها المادة ‪ 136‬من التعديل الدستوري لعام‬
‫‪ 2016‬على ما يلي "تعرض مشاريع القوانين على مجلس الوزراء‪ ،‬بعد رأي مجلس الدولة ثم‬
‫يودعها الوزير االول حسب الحالة مكتب المجلس الشعبي الوطني" او مكتب مجلس االمة‪.‬‬

‫وتنص المادة ‪ 12‬من القانون العضوي رقم ‪ 01/98‬السالف الذكر على "يبدي مجلس‬
‫الدولة رأيه في مشاريع النصوص التي يتم إخطاره بها حسب األحكام المنصوص عليها في المادة‬
‫‪ 4‬أعاله ويقترح التعديالت التي يراها ضرورية"‪.‬‬

‫إذن تعتبر استشارة الحكومة لمجلس الدولة واجبة غير أن الحكومة غير ملزمة بأخذ بها‬
‫(أي قد تأخذ وقد ال تأخذ بها) ولعل الهدف األساسي من إشراك مجلس الدولة في العملية‬
‫التشريعية المقدمة من الحكومة هي لفت انتباه الحكومة إلى األخطاء والهفوات التي قد تقع فيها‬
‫كما أن هذه االستشارة قد تجنبها التناقض والتعارض بين النصوص القانونية وحتى الغموض وذلك‬
‫ألن تشكيله مجلس الدولة الموسعة وأعضائها لهم دراية بالمسائل اإلدارية والسياسية والقانونية وكل‬
‫النشاطات التي يتناولها التشريع بالدراسة‪.‬‬

‫المؤسسة القضائية‪:‬‬

‫العدالة جهاز تقيمه الدولة‪،‬تضمن بواسطته تطبيق القواعد القانونية‪،‬مما يسمح للمواطنين‬
‫برفع قضاياهم امام المحاكم حفاظا على حقوقهم و حرياتهم‪،‬انطالقا من مبدـأ ان حق الدفاع‬
‫مضمون دستوريا‪،1‬و من جهة اخرى فان المحاكم تتولى مهمة رقابة مشروعية االعمال‪،‬التي يقوم‬
‫بها الحكام و هذا تطبيقا لمبدأ الشرعية و عليه فان القضاة ملزمون بالبحث في الموضوع المطروح‬
‫امامهم و النطق باالحكام و االمر بتنفيذها‪،‬و على الغير التقيد بها سواء كان فردا عاديا او سلطة‬
‫عامة و هذا كله تجنبا لجريمة انكار العدالة‪.‬‬

‫اذن فان االهداف االولى لجهاز العدالة هي تنظيم الخالفات بين االفراد و معاقبة‬
‫المخالفين للقوانين‪ .‬و نشاطها في هذه الحقول له نتائج سياسية تتمثل في ايجاد ضمانات المعاقبة‬
‫الجزائية و التي تتعلق بالحرية‪،‬و عدم انحياز محاكم القانون و التي تتعلق بالمساواة‪،‬كما يوجد لها‬
‫ترقب تصرفات الحكام ضمن حدود‬
‫هدف اخر يالمس مباشرة ممارسة السلطة السياسية‪،‬انها ا‬
‫القانون‪،‬اي عبر تطبيق مبدأ الشرعية‪.‬‬

‫‪1‬تنص املادة ‪ 157‬من التعديل الدستوري لعام ‪ 2016‬على‪":‬حتمي السلطة القضائية اجملتمع و احلريات‪،‬و تضمن للجميع و لكل واحد‬
‫احملافظة على حقوقه االساسية"‬

‫‪91‬‬
‫اما وظائف االجهزة القضائية فيمكن انجازها في ثالث نقاط‪:‬‬

‫‪ -1‬لها سلطة تفسير القانون و اختيار احد التفسيرات الممكنة‬


‫‪ -2‬تضمن تراتبية القواعد القانونية‪،‬و يتم ذلك عبر احترام مبدأ الشرعية‬
‫‪ -3‬لها سلطة تطبيق القانون و معاقبة الخروقات‬

‫تختلف االنظمة السياسية للدول بشأن الطريقة المعتمدة لوصول القضاة الى مناصبهم‪،‬فقد‬
‫يتبع نظام المهنة او ما يعرف بنظام التعيين‪،‬كما يتبع نظام االنتخاب‪.‬‬

‫و نجد ان اغلبية الدول تتبع نظام المهنة و الذي بموجبه تتحد شروط االلتحاق بمهنة القضاء‬
‫كأ ن تجرى مسابقة بين مترشحين و يتم الفوز فيها وفق معايير محددة‪،‬و يحكم قضاة هذه الحالة‬
‫قانون خاص يحد شروط عزلهم و ترقيتهم و نقلهم و يمكن حصر الوضع القانوني للقاضي‬
‫الجزائري في هذا النوع‪.‬‬

‫اما بعض االنظمة االخرى‪،‬فتتبع نظام االنتخاب‪،‬و االنتخاب يتم بطرق متعددة كأن ينتخب‬
‫القاضي من مواطني منطقة معينة او من قبل مجموعة مهنية‪،‬و منظومة القضاة المنتخبون هي‬
‫منتشرة جدا في الواليات المتحدة االمريكية‪،‬ليس على المستوى الفيدرالي بل على مستوى‬
‫الواليات‪،‬غير ان هذه المنظومة لم تعط نتائج حسنة كما يشير الى ذلك بعض الفقه‪.‬‬

‫اما بخصوص النظام القضائي فتوجد انواع من االنظمة القضائية‪،‬فمن الدول من تاخذ بنظام‬
‫وحدة القضاء و الذي يعني ان جميع محاكم الدولة على مختلف انواعها و درجاتها تنظر و تفصل‬
‫في النزاعات المطروحة امامها دون ان تميز بين نوع من النزاع و نوع اخر(نزاع عادي مثال و‬
‫نزاع اداري)‪.‬‬

‫و البعض االخر من الدول يعتمد النظام القضائي المزدوج بحيث تنشأ محاكم عادية(قضاء‬
‫عادي)‪،‬على درجات متفاوتة تتولى مهمة فض النزاع الذي الثور بين االفراد العاديين و حتى‬
‫االدارة عندما تتصرف تصرف االفراد العاديين‪ ،‬كما تنشأ محاكم قضائية ادارية بمستويات‬
‫مختلفة‪،‬تتولى فض النزاع الذي تكون اطرافه او احد اطرافه شخصا معنويا عاما و مثل هذا النزاع‬
‫تطبق عليه قواعد القانون العام‪.‬‬

‫الى جانب هذا تنشئ بعض الدول محاكم قضائية متخصصة كان تنشئ محاكم خاصة تتولى‬
‫مهمة الرقابة على دستورية القوانين و محاكم عسكرية تنظر في النزاعات التي تتصل بمرفق‬
‫الجيش و افراده حفاظا على الطبيعة الخاصة للنظام العسكري فيها‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫كما تنشئ ايضا محاكم خاصة لديها سلطة محاكمة رئيس الجمهورية في حاالت الخيانة العظمى‬
‫و محاكمة رئيس الحكومة او الوزير االول او رئيس الوزراء في حالة اتهامه بجرائم معينة‪.‬‬

‫ان وجود سلطة قضائية مستقلة يعد حصنا وقائيا في مواجهة التجاوزات السياسية‬
‫المحتملة من جانب السلطتين التنفيذية و التشريعية من جهة و من جهة ثانية فان االمر تطور‬
‫لتصبح المحاكم مدافعة عن اولئك المواطنين الذين يفتقرون الى النفوذ السياسي او القوة االقتصادية‬
‫و ان كل اهتمامها هو حقوقهم و حرياتهم‪ .‬و عليه فان مهمة السلطات القضائية هي تطبيق‬
‫القانون عند الفصل في المنازعات التي تنشأ بين االفراد او بينهم و بين اخرى (جهات السلطة‬
‫العامة في الدولة) و لضمان قيامها بوظيفتها في اقامة العدالة و الحفاظ على سيادة القانون يجب‬
‫ان تتمتع باستقالل كاف عن غيرها من سلطات الدولة و ان تأمن على وجه الخصوص من تدخل‬
‫السلطة التنفيذية في ادائها لعملها‪ 1‬و تتضح ضمانات استقاللها في عدم قابلية القضاة للعزل بغير‬
‫الطريق التأديبي و في ضرورة اشراف هيئة قضائية تمنع نفاذ السلطة التنفيذية في سير العدالة عند‬
‫ترقية و وتنقل القضاة‪ .‬و الى جانب تلك الضمانات فان انتخاب القاضي يحقق نوعية خاصة من‬
‫القضاة المتخصصين فنيا‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫الجدير بالمالحظة ان النظام القضائي االمريكي اكثر النظم القضائية قوة في العالم‬
‫حيث يلعب جهاز القضاء في امريكا دو ار هاما في تقييم و مراقبة و تفسير السياسات العامة او من‬
‫خالل مراجعة النصوص او تعديلها حين تفرض عليهم تقديم المشورة سواء تعلق االمر بمضمون‬
‫السياسة العامة او تطبيقها‪ .‬و على العكس من ذلك فان دور السلطة القضائية في بريطانيا في‬
‫صنع القرار ال يصل الى مرحلة الغاء التشريعات او المراسيم و ليس لها سلطة اعالن عدم‬
‫دستورية اي مرسوم او قانون برلماني و انما تكتفي فقط بمراقبة السلطة التنفيذية و التقرير فيما اذا‬
‫كانت السلطة التنفيذية تعمل ضمن صالحياتها القانونية ام ال‪، 3‬و تنهض اسس هذه القوة على‬
‫حقيقة ان المحاكم االمريكية تفسر القانون من خالل امتالك سلطة اعالن عدم دستورية احد‬
‫القوانين‪. 4‬ان النظام القضائي االمريكي الذي يتشكل من الخصوم(المدعي و المدعى عليه) و‬

‫‪1‬ماجد راغب احللو‪،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.211‬‬


‫‪2‬الري الويتز‪،‬ترمجة جابر سعيد عوض‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.214‬‬
‫‪3‬ريتشارد روس‪،‬السياسة يف اجنلرتا‪،‬نقال عن مها عبد اللطيف احلديثي‪،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.265‬‬
‫‪4‬تتالف احملكمة العليا يف الواليات املتحدة االمريكية من تسعة قضاة‪،‬رئيس احملكمة و مثانية قضاة مشاركني‪،‬يقوم الرئيس بتعيينهم مدى‬
‫احلياة بعد موافقة جملس الشيوخ‪،‬و هي احلكم النهائي و املالذ االخري يف كل مسائل القانون الفيدرايل و ذلك بسبب سلطتها يف املراجعة‬
‫القضائية اليت اتضحت الول مرة عام ‪ 1803‬يف قضية ماربريي ضد ماديسون‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫جماعات المصالح و المحامون و القضاة يتوغل كثي ار في عملية صنع السياسة و اتخاذ القرار عبر‬
‫ص ياغة سياسات ناجحة تعلقت باوتوبيسات المدارس و االجهاض و الطاقة النووية و العمل‬
‫اال يجابي و التلوث البيئي و االصالحات التعليمية‪.‬و يرجع انصار الفعالية القضائية في امريكا و‬
‫قيام الجهاز القضائي بين الحين و االخر بصنع السياسة لمواجهة ضغوط الحاجات االجتماعية و‬
‫مساعدة اولئك الضعفاء سياسيا او اقتصاديا و على سبيل المثال‪ :‬عندما اصدرت المحكمة العليا‬
‫قرارها بعدم قانونية جباية ضرائب فيدرالية على الدخل اصدر الكونغرس التعديل السادس عشر‬
‫ليشرع جباية مثل هذه الضريبة او صدق على هذا التعديل عام ‪.11913‬‬

‫المؤسسة القضائية في الجزائر‪:‬‬

‫من االثار المباشرة لالستقالل السياسي للجزائر على المؤسسة القضائية‪،‬ان صدر قانون‬
‫في ‪ 1963/06/18‬انشأ بموجبه مجلس يسمى المجلس االعلى تكون من ‪ 4‬غرف ثم توسع الى ‪7‬‬
‫غرف و يشكل بذلك اعلى جهاز للقضاء في الجزائر‪.‬‬

‫و منذ ذلك التاريخ اصبح النظام القضائي في الجزائر يتسم بوحدة القضاء‪،‬و رغم خضوع‬
‫القاضي للقانون فانه كان يسهر على تطبيق ايديولوجية معينة مما يمنحه مظهر جهاز و وظيفة و‬
‫ليس بسلطة قضائية مستقلة‪،‬حيث كان على رأس كل وظيفة و منها القضائية يسمو رئيس‬
‫الجمهورية‪،‬االمين العام للحزب بشكل تبدو فيه الوظائف و كأنها قنوات مختلفة يعبر من خاللها‬
‫رئيس الجمهورية عن سلطته‪،‬و هذا كله يوحي بالدور السياسي للقضاء في الجزائر و يجعل العدالة‬
‫مؤسسة تخضع للسلطة السياسية‪،‬و يؤكد ذلك الكالم الكاتب السوفياتي‪":‬بأن القاضي االشتراكي هو‬
‫سياسي قبل كل شيئ‪ ،‬عامل في الميدان السياسي و عليه بالتالي ان يعرف ما ترغب فيه الحكومة‬
‫ليوجه عمله وفق هذه الرغبات"‪.‬‬

‫لكن المراجعة الدستورية التي تمت بصدور دستور‪ 1989‬اشارت الى انشاء سلطة‬
‫قضائية في اطار االصالحات السياسية و القضائية و االقتصادية و تدعم ذلك بدستور ‪1996‬‬
‫الذي نص صراحة على استقاللية السلطة القضائية في المادة ‪،138‬و هذه االستقاللية تعبر عن‬
‫عدم جواز التدخل او التأثير من قبل الغير على ما يصدر من القضاء من احكام و ق اررات‪،‬سواء‬
‫كان هذا التدخل ماديا او معنويا و باي وسيلة من الوسائل كما يحظر على السلطتين التشريعية و‬

‫‪1‬ملزيد املعلومات انظر‪،‬الري الوينز‪،‬نظام احلكم يف الواليات املتحدة االمريكية‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.236‬‬

‫‪94‬‬
‫التنفيذية التدخل في شؤونه و هذا تطبيقا لمبدأ الفصل بين السلطات‪،‬كما يتطلب استغالل القضاء‬
‫امتناع القضاة عن االستجابة او الخضوع اال للقانون‪.‬‬

‫و لعل القانون العضوي رقم ‪ 11/04‬المؤرخ في ‪ 6‬سبتمبر ‪ 2004‬المتعلق بالقانون‬


‫االساسي للقضاء و الذي يهدف الى دعم استقاللية قاضي االحكم خير دليل على تحول القضاء‬
‫في الجزائر من مجرد وظيفة في خدمة الثورة االشتراكية الى سلطة قضائية مستقلة و متميزة عن‬
‫السلطتين التشريعية و التنفيذية‪.‬‬

‫و بصدور دستور ‪ 1996‬تم اقرار النظام القضائي المزدوج‪،‬بموجب المادة ‪ 152‬و ‪153‬‬
‫‪1‬‬
‫حيث اصبح هذا النظام ضرورة ملحة بالنظر الى تزايد عدد القضايا في مجال المنازعات‬
‫االدارية و عدم تحكم القاضي العادي في هذا النوع من المنازعات و كذا طول اجراءات التقاضي‪.‬‬
‫اذ اصبح على قمة الهرم القضائي العادي محكمة عليا تلعب دور الجهاز المنظم و المقوم لنشاط‬
‫المجالس القضائية و المحكام االبتدائية‪،‬كما تضمن توحيد االجتهاد القضائي عبر البالد و تسهر‬
‫على احترام القانون‪ .‬اما على مستوى القضاء االداري فيوجد مجلس دولة كأعلى هيئة قضائية‬
‫ادارية مقومة العمال المحاكم االدارية‪،‬حيث اصبح لكل شخص متضرر من تصرفات االدارة الحق‬
‫في اللجوء الى محاكم النظام االداري للحصول على حقوقه سواء بالغاء الق اررات االدارية الجائرة او‬
‫المطالبة بالتعويض اذا ما لحقه ضرر من تصرف االدارة‪،‬و توجد محكمة تسمى محكمة التنازع‬
‫تختص بالفصل في نزاعات االختصاص بين القضاء العادي و القضاء االداري و ق ارراتها غير‬
‫قابلة الي طعن‪.‬‬

‫مؤسسة جماعات المصالح‪:‬‬

‫هي جماعات غير محددة الحجم تتباين في نشاطاتها مع تباين المجتمعات التي نشأت‬
‫فيها و هي جماعات داخل مجتمع له ابنية و له نشاطاته‪ .‬لذلك فان درجة تطور و تعقد هذه‬
‫الجماعات تأتي من تطور و تعقد المجتمع الذي تعيش فيه‪ 2‬و هي عكس االحزاب السياسية‪ .‬اذ‬
‫انها ال تقدم مرشحين لشغل المناصب العامة و انما تهتم في االساس بالتأثير على سياسات‬

‫‪1‬تنص املادة ‪ 171‬من التعديل الدستوري ‪ 2016‬ما يلي"متثل احملكمة العليا اهليئة العليا املقومة العمال اجلهات القضائية ميثل جملس‬
‫الدولة اهليئة املقومة العمال اجلهات القضائية االدارية…‪.‬تفصل حمكمة التنازع يف حاالت االختصاص‪.‬‬
‫‪2‬مها عبد اللطيف احلديثي‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪25‬‬

‫‪95‬‬
‫الحكومة من خالل ممارسة الضغوط على المسؤولين العموميين‪ 1‬كما تكون اهداف جماعات‬
‫المصالح‪ 2‬اما مادية تسعى لتحقيق الربح او تكون ذات طابع ايديولوجي تهدف للدفاع عن قيم و‬
‫مبادئ معينة‪،‬و من ناحية تنوعها توجد الجماعات الترابطية التي تقوم على تنفيذ مطالب اعضائها‬
‫فيظهر بينهم قدر من الترابط‪،‬فهي تعبر عن المصالح من خالل توجيه المطالب نحو صنع‬
‫القرار‪،‬و الجماعات المؤسسية و تمثل مؤسسات الحكومة الرسمية كالجيش و البيروقراطية و‬
‫البرلمان و الكنيسة‪ .‬و الجماعات غير الترابطية و التي ال تقوم على العامل االقتصادي فقط و‬
‫انما على عدة عوامل(الموقع الجغرافي‪،‬العرق‪،‬الجنس) و قد تمارس نشاطا سياسيا فتهدد النظام و‬
‫تؤدي الى عدم االستقرار و عليه فان تاثير جماعات الضغط في عملية اتخاذ القرار السياسي يبرز‬
‫من خالل الدفاع عن مصالح افرادها و عن االفكار و المبادئ التي يؤمنون بها‪،‬و هي تعمل على‬
‫توجيه سياسة الدولة في االتجاه الذي يخدم هذه المصالح و االفكار‪،‬فهدفها التأثير في السلطة‬
‫‪3‬‬
‫السياسية من اجل تحقيق المكاسب‬

‫مؤسسة االحزاب السياسية‪:‬‬

‫لقد نتج عن شيوع مبدأ سيادة الشعب ظهور االحزاب السياسية في دول الديمقراطيات‬
‫التقليدية‪،‬و قيامها بدور على درجة كبيرة من االهمية في النظام السياسي الى الحد الذي اعتبر معه‬
‫وجود االحزاب السياسية في المجتمعات الديمقراطية بديهية من البديهيات‪ 4‬و في هذا الصدد يقول‬
‫الفقيه النمساوي كلسن "ان العداء نحو االحزاب يخفي عداءا للديمقراطية ذاتها" و يضيف الى ذلك‬
‫االستاذ جارنر قوله "ان االحزاب تقوم في تسيير األداة الحكومية بمثل ذلك الدور الذي يقوم به‬
‫البخار في تسيير القاطرة البخارية"‪.‬‬

‫و على هذا االساس تمثل االحزاب السياسية حلقة اتصال هامة بين الشعوب و‬
‫حكوماتها‪ ،‬فمن خاللها يستطيع الناخبون اعمال ارادتهم السياسية و االبقاء على ممثلين خاضعين‬
‫للمساءلة كما انها تجند االفراد لشغل المناصب السياسية يعملون تحت رايتها‪،‬و اذا نجح حزب‬

‫‪1‬الري الويتز‪،‬ترمجة جابر سعيد عوض‪،‬نظام احلكم يف الواليات املتحدة االمريكية‪،‬اجلمعية املصرية لنشر املعرفة و الثقافة‬
‫العاملية‪،‬القاهرة‪،1996،‬ص‪90‬‬
‫‪2‬هناك من يفرق بني مجاعات الضغط و مجاعات املصلحة و تعترب االوىل ما هي اال فرع من مجاعات املصلحة يف حني يذهب البعض‬
‫االخر اىل انه ال يوجد اختالف بني مجاعات الضغط و مجاعات املصلحة الهنا مجيعها تضغط لتحقيق مصاحلها و يبدو ان الرأي االخري‬
‫اقرب للصحة‪،‬ملزيد من املعلومات انظر صادق االسوء‪،‬علم االجتماع السياسي‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.507-506‬‬
‫‪3‬عصام سليمان‪،‬مدخل اىل علم السياسة‪،‬طبعة‪،2‬دار النضال‪،‬بريوت‪،1989،‬ص‪.101‬‬
‫‪4‬حسن البدراوي‪،‬االحزاب السياسية و احلريات العامة‪،‬دار املطبوعات اجلامعية‪،‬االسكندرية‪،2000،‬ص‪.12‬‬

‫‪96‬‬
‫سياسي في تمكين عدد كاف من مرشحيه من الفوز في االنتخابات‪،‬فانه يصبح بامكانه السيطرة‬
‫على الحكومة و تطوير السياسات العامة التي يراها مالئم ة‪. 1‬تشكل االحزاب السياسية اجد‬
‫مكونات النظام السياسي فهي توفر قنوات للمشاركة و التعبير عن الراي كما تعمل على تجميع‬
‫المصالح و تعبئتها و هي اداة للتنشئة و التجنيد السياسيين و تساهم في اضفاء الشرعية على نظم‬
‫الحكم‪،‬ان تاثير االحزاب السياسية في عملية صنع الق اررات السياسية تتم بواسطة العمل على‬
‫تحقيق التوفيق و الميل الى التوازن و معنى ذلك نبذ البدائل و الق اررات المتطرفة و التي قد تهدد‬
‫توازن النظام ككل و من جهة اخرى تعتبر االحزاب منظمات رقابية جماهرية تعمل على تنفيذ‬
‫الق اررات و السياسات‪ .‬و اذ كان هذا دورها في ظل االنظمة الديمقراطية فانها في النظم السياسة‬
‫للدول النامية ال تمارس ذلك الدور االيجابي و المؤثر في صنع السياسات العامة و انما في مثل‬
‫هذه االنظمة تنحصر ممارسة السياسات العامة و تنفيذيها و الرقابة عليها في اطار الحزب الحاكم‬
‫و في ظل الحزب الواحد الذي يمثل الجهة الشرعية الوحيدة التي تمارس السياسة و يحتكر نشاط‬
‫العمل السياسي‪.2‬‬

‫‪1‬الري الويتز‪،‬نظام احلكم يف الواليات املتحدة االمريكية‪،‬ترمجة جابر سعيد عوض‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪76-75‬‬
‫‪2‬امحد زايد‪،‬الدولة يف العامل الثالث‪،‬طبعة ‪،1‬دار الثقافة‪،‬القاهرة‪،،1985،‬ص‪157‬‬

‫‪97‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫‪ -1‬ابراهيم درويش‪،‬النظام السياسي‪،‬دراسة فلسفية تحليلية‪،‬الجزء‪،1‬القاهرة‪،‬النهضة العربية‪.1968،‬‬

‫‪ -2‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬الوجيز في النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬الدار الجامعية‪،‬‬
‫بيروت‪.2016،‬‬
‫مجدالوي‬ ‫الشرعية‪،‬دار‬ ‫االسالم‪،‬السياسة‬ ‫في‬ ‫الحكم‬ ‫المومني‪،‬نظام‬ ‫محمد‬ ‫‪ -3‬احمد‬
‫للنشر‪،‬االردن‪.2007،‬‬
‫‪ -4‬احمد زايد‪،‬الدولة في العالم الثالث‪،‬طبعة ‪،1‬دار الثقافة‪،‬القاهرة‪.1985،‬‬
‫‪ -5‬إدمون رباط‪ ،‬الوسيط في القانون الدستوري العام‪ ،‬الجزء ‪ .2‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪.1981‬‬

‫‪ -6‬اوستن رني‪،‬سياسة الحكم‪،‬ترجمة حسن علي الدنون ‪،‬الجزءالثاني ‪،‬بغداد ‪،‬األهلية ‪1966 ،‬‬
‫‪ -7‬اولوفيه دي هامبل و ايف ميني‪،‬المعجم الدستوري‪،‬ترجمة منصور القاضي‪،‬المؤسسة الجامعية‬
‫للدراسات و النشر و التوزيع ‪،‬بيروت ‪.1996،‬‬
‫‪ -8‬بطرس غالي ‪ ،‬محمود خيري عيسى ‪ ،‬المدخل إلى علم السياسة ‪ ،‬طبعة ‪.1976 ،5‬‬

‫‪ -9‬تامر كامل محمد الخزرجي‪،‬االنظمة السياسية الحديثة‪،‬عمان‪،‬االردن‪.2004،‬‬


‫جابر سعيد عوض‪ .‬النظم السياسية المقارنة ـ النظرية والتطبيق ‪ ،‬جامعة القاهرة ‪،‬‬ ‫‪-10‬‬
‫مطبعة العشري‪ ،‬بدون سنة‪.‬‬
‫جمال سالمة علي‪،‬النظام السياسي و الحكومات الديمقراطية‪،‬دراسة تاصيلية للنظم‬ ‫‪-11‬‬
‫البرلمانية و الرئاسيةّ‪،‬دار النهضة العربية‪.2007،‬‬
‫المطبوعات‬ ‫العامة‪،‬دار‬ ‫الحريات‬ ‫و‬ ‫السياسية‬ ‫البدراوي‪،‬االحزاب‬ ‫حسن‬ ‫‪-12‬‬
‫الجامعية‪،‬اإلسكندرية‪.2000،‬‬
‫روبارت دال‪،‬التحليل السياسي الحديث‪،‬ترجمة عال ابوزيد‪،‬القاهرة‪،‬االهرام‪.1993،‬‬ ‫‪-13‬‬
‫ريتشارد روس‪،‬السياسة في انجلترا‪ ،‬نقال عن مها عبد اللطيف الحديثي‪،‬محمد عدنان‬ ‫‪-14‬‬
‫الخفاجي‪،‬النظام السياسي و السياسية العامة‪،‬مركز الفرات للتنمية لدراسات اإلستراتيجية‪.2006،‬‬
‫سليمان محمد الطماوي‪،‬السلطات الثالث في الدساتير العربية المعاصرة و في الفكر‬ ‫‪-15‬‬
‫السياسي اإلسالمي‪،‬دار الفكر العربي‪.1996،‬‬

‫‪98‬‬
‫صالح حسين علي العبد اهلل‪،‬االنتخابات كأسلوب ديمقراطي لتداول السلطة‪،‬دار شتات‬ ‫‪-16‬‬
‫للنشر و البرمجيات‪،‬مصر‪.2011،‬‬
‫عادل ثابت ‪ ،‬النظم السياسية دراسة للنظم الرئيسية المعاصرة‪،‬دار الجامعة‬ ‫‪-71‬‬
‫الحديثة‪،‬اإلسكندرية‪1999،‬‬

‫عبد الحميد متولي‪,‬القانون الدستوري واألنظمة السياسية‪،‬منشاة المعارف ‪،‬االسكندرية‬ ‫‪-18‬‬


‫‪.1993‬‬
‫عبد العالي عبد القادر‪ abdelaliabk@gmail.com 2008.2007،‬نقال عن‬ ‫‪-19‬‬
‫‪sharme manoj.comparative politics and political analysi new delhi ammol‬‬
‫‪bob 2007.03‬‬
‫عبد اهلل الحسن الجوجو‪،‬االنظمة السياسية المقارنة‪،‬الجامعة المفتوحة‪ ،‬ليبيا ‪. 1997،‬‬ ‫‪-20‬‬
‫عثمان جمعة ضميرية‪،‬النظام السياسي و الدستوري في اإلسالم‪،‬جامعة‬ ‫‪-21‬‬
‫الشارقة‪.2007،‬‬

‫عصام سليمان‪،‬مدخل الى علم السياسة‪،‬طبعة‪،2‬دار النضال‪،‬بيروت‪.1989،‬‬ ‫‪-22‬‬


‫علي الدين هالل‪ ،‬نيفين مسعد‪ ،‬النظم السياسية العربية‪ ،‬قضايا االستمرار و التغيير‪،‬‬ ‫‪-23‬‬
‫مركز دراسات الوحدة العربية‪.2010 ،‬‬
‫الوطنية‬ ‫السياسية‪،‬المؤسسة‬ ‫واألنظمة‬ ‫النظريات‬ ‫تطور‬ ‫بوحوش‪،‬‬ ‫عمار‬ ‫‪-24‬‬
‫للكتاب‪،‬الجزائر‪.1984،‬‬
‫عمار عباسي‪،‬العالقة بين السلطات في االنظمة المعاصرة و في النظام السياسي‬ ‫‪-25‬‬
‫الجزائري‪ ،‬دار الخلدونية‪ ،‬الجزائر‪.2010،‬‬

‫غبلاير الموند‪،‬بنجام بويل‪،‬ترجمة محمد زاهي بشير المغريبي‪،‬منشورات جامعة‬ ‫‪-26‬‬


‫قاريونس‪،‬ليبيا‪.1995،‬‬
‫فوزي او صديق‪،‬الوافي في شرح القانون الدستوري؛ الجزء الثالث السلطات‬ ‫‪-27‬‬
‫الثالث‪،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬الجزائر‪.1994،‬‬

‫و‬ ‫للنشر‬ ‫الربيعان‬ ‫المقارنة‪،‬شركة‬ ‫السياسية‬ ‫النظم‬ ‫اصول‬ ‫المنوفي‪،‬‬ ‫كمال‬ ‫‪-28‬‬
‫التوزيع‪،‬الكويت‪.1987،‬‬

‫‪99‬‬
‫الري الويتز‪،‬ترجمة جابر سعيد عوض‪ ،‬نظام الحكم في الواليات المتحدة االمريكية‪،‬‬ ‫‪-29‬‬
‫الجمعية المصرية لنشر المعرفة و الثقافة العالمية‪،‬القاهرة‪1996،‬‬

‫المعارف‬ ‫الدستوري‪،‬منشأة‬ ‫القانون‬ ‫و‬ ‫السياسية‬ ‫الحلو‪،‬النظم‬ ‫راغب‬ ‫ماجد‬ ‫‪-30‬‬


‫اإلسكندرية‪.2000،‬‬
‫محسن خليل‪،‬القانون الدستوري و الدساتير المصرية‪،‬اإلسكندرية‪،‬دار الجامعة الجديدة‬ ‫‪-31‬‬
‫للنشر‪1996،‬‬

‫محمد نصر مهنا‪ ،‬في نظرية الدولة والنظم السياسية‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪،‬‬ ‫‪-32‬‬
‫اإلسكندرية‪.1999 ،‬‬
‫محمد كامل ابو ليلة‪،‬النظم السياسية‪،‬الدولة و الحكومة‪،‬الجزء األول‪،‬دار الفكر‬ ‫‪-33‬‬
‫العربي‪.1968،‬‬

‫محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬القانون الدستوري ‪،‬منشأة المعارف‪،‬اإلسكندرية‪.‬بدون سنة‬ ‫‪-34‬‬
‫مصطفى ابوزيد فهمي‪،‬فن الحكم في اإلسالم‪،‬دار الفكر العربي‪،‬القاهرة‪،‬الطبعة ‪.1993،2‬‬ ‫‪-35‬‬
‫مها عبد اللطيف الحديثي‪،‬محمد عدنان الخفاجي‪،‬النظام السياسي و السياسية‬ ‫‪-36‬‬
‫العامة‪،‬مركز الفرات للتنمية لدراسات اإلستراتيجية‪.2006،‬‬
‫المؤسسات‬ ‫و‬ ‫الدستوري‬ ‫سعد‪،‬القانون‬ ‫جورج‬ ‫فارجيه‪،‬ترجمة‬ ‫دي‬ ‫موريس‬ ‫‪-37‬‬
‫السياسية‪،‬المؤسسة الجامعية الحديثة‪.1992،‬‬
‫ناجي عبد النور‪،‬محاضرات من كتاب النظام السياسي الجزائري من األحادية الى‬ ‫‪-38‬‬
‫التعددية السياسية‪ ،‬منشورات جامعة قالمة ‪، 2006،‬مستخرج من االنترنت‪.‬‬
‫نعمان احمد الخطيب‪،‬الوسيط في النظم السياسية و القانون الدستوري‪،‬طبعة ‪1‬‬ ‫‪-39‬‬
‫‪.2007،‬‬

‫يحي الجمل‪ ،‬األنظمة السياسية المعاصرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪ .‬بدون سنة‬ ‫‪-40‬‬

‫‪100‬‬
‫الفهر س‬

‫تقديم‬

‫مقدمة‬

‫المحور االول‪ :‬ماهية النظام السياسي‬

‫‪ -‬المدلول الضيق‬
‫‪ -‬المدلول الواسع‬
‫‪ -‬مكونات النظام السياسي‬
‫‪ -‬خصائص النظام السياسي‬
‫‪ -‬كيف يؤدي النظام السياسي وظيفته في أي مجتمع؟(كيف يشتغل النظام؟)‬
‫‪ -‬وظائف النظام السياسي‬
‫المستوى االول‪ :‬قدرات النظام السياسي‬ ‫‪-1‬‬
‫المستوى الثاني‪:‬وظائف التحويل‬ ‫‪-2‬‬
‫المستوى الثالث ‪:‬وظائف النمو و التكيف و االستمرار‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ -‬أسباب التحول في دراسة النظم السياسية المقارنة‬
‫‪ -‬خصائص المدرستين التقليدية والمعاصرة في دراسة النظم السياسية‬

‫المحور الثاني‪:‬تصنيف النظم السياسية‬

‫التصنيفات التقليدية للنظم السياسية‬

‫‪ -‬تصنيف أفالطون للنظم السياسية‬

‫‪101‬‬
‫‪ -‬تصنيف أرسطو لألنظمة السياسية‬
‫‪ -‬تصنيف مونتسكيو لألنظمة السياسية‬
‫‪ -‬اإلنتقادات الموجهة للتصنيفات الكالسيكية‬

‫التصنيفات الحديثة لألنظمة السياسية‬

‫‪ -‬تصنيف مارسيل بريلو‬


‫‪ -‬تصنيف إدوارد شلز‬
‫‪ -‬تصنيف برنارد كريك لألنظمة السياسية‬
‫‪ -‬تصنيف الفقهاء العرب لألنظمة السياسية‬
‫‪ -‬االنظمة ذات النمط الديمقراطي‬
‫‪ -‬عناصر النمط الديمقراطي‬
‫‪ -‬االنظمة السياسية النيابية العالمية المعاصرة‬
‫‪ -‬النظام البرلماني‬
‫‪ -‬خصائص النظام البرلماني‬
‫‪ -‬النظام الرئاسي‬
‫‪ -‬خصائص النظام الرئاسي‬
‫‪ -‬نظام حكومة الجمعية‬
‫‪ -‬النظام نصف الرئاسي‬

‫المحور الثالث‪:‬عمل األحزاب السياسية في األنظمة السياسية‬

‫‪ -‬المقصود بالتعددية الحزبية‬


‫‪ -‬دور األحزاب المتعددة في النظام البرلماني‬
‫‪ -‬دور األحزاب المتعددة في النظام الرئاسي‬
‫‪ -‬دور الثنائية الحزبية في النظامين البرلماني و الرئاسي‬
‫‪ -‬الثنائية الحزبية والنظام الرئاسي‬

‫‪102‬‬
‫‪ -‬الثنائية الحزبية والنظام البرلماني‬
‫‪ -‬المعارضة في االنظمة السياسية و الحزبية‬
‫‪ -‬االنظمة التسلطية‬
‫‪ -‬مفهوم الديكتاتورية‬
‫‪ -‬األنظمة الدكتاتورية الرأسمالية‬
‫‪ -‬األنظمة االشتراكية‬
‫‪ -‬نظام الحكم في اإلسالم‬

‫المحور الرابع‪:‬مؤسسات النظام السياسي‬


‫المؤسسة التشريعية‬

‫‪ -‬اختصاصات المؤسسة التشريعية‬


‫‪ -‬الوضعية الشخصية للبرلمانيين‬
‫‪ -‬المؤسسة التشريعية في الجزائر‬
‫‪ -‬هياكل وأجهزة المجلس الشعبي الوطني و مجلس االمة‬
‫‪ -‬طبيعة العالقة بين غرفتي البرلمان‬

‫المؤسسة التنفيذية‬

‫‪ -‬السلطة التنفيذية في النظام البرلماني‬


‫‪ -‬السلطة التنفيذية في غير النظام البرلماني‬
‫‪ -‬المؤسسة التنفيذية في الجزائر‬
‫‪ -‬مؤسسة رئيس الجمهورية‬
‫‪ -‬سلطات رئيس الجمهورية‬
‫‪ -‬سلطاته في الظروف العادية‬
‫‪ -‬سلطات رئيس الجمهورية في حالتي الحصار والطوارئ‬
‫‪ -‬سلطات رئيس الجمهورية في الحالة االستثنائية‬
‫‪ -‬سلطاته في حالة الحرب‬

‫‪103‬‬
‫‪ -‬القيود الواردة على سلطات رئيس الجمهورية‬
‫‪ -‬مؤسسة الوزير االول‬
‫عالقة رئيس الجمهورية والوزير االول بالسلطة التشريعية‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬عالقة الحكومة بالسلطة القضائية‬

‫المؤسسة القضائية‬

‫‪ -‬المؤسسة القضائية في الجزائر‬

‫مؤسسة جماعات المصالح‬

‫مؤسسة االحزاب السياسية‬

‫‪104‬‬

You might also like