Professional Documents
Culture Documents
بالل سليمة
بالل سليمة
2222-2222
1
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
2
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
تمهيد :
رب العالمين،الحمد لله على كل نعمة وفضل ،يخُلق ما يشاء ويختار ،رفع
الحمد لله ّ
الناس بعضهم فوق بعض درجات ليبلوهم ،فهذا غني وذاك فقير ،خلق الشر وقدره ،وخلق
فمن أراد الهدى ُرزق في سبيله التسخير ،ومن
الخير وقدره ،وما ألحد في األمور تدبيرَ ،
اختار الضاللة وجد في طرقها التيسير.
أما بعد : ...
هذه مجموعة من المحاضرات في مقياس المدخل للعلوم القانونية حاولت من خالل
تجميعها و تكييفها ألجل تقديمها لطلبة السنة أولى حقوق ،مع مراعاة العناصر الثالث
المطلوبة في منهجية البحث وهي :المالئمة ،الوضوح و اإليجاز ،و أسأل الله عز وجل أن
أكون قد وفقت في ذلك.
اإلنسان األنانية وحب الذات وهو في الوقت ذاته كائن يغلب عامة على طبع
اجتماعي ال غنى له عن الحياة في المجتمع ،لكونه يعجز بمفرده عن الوفاء بمختلف حاجاته
و إشباع رغباته ،ولذلك ال يعيش بمعزل عن أقرانه .وقد ترتب عن هذه التناقضات في طبيعة
اإلنسان التصادم بين المصالح وتفشي الفوضى و اختالل التوازن وانتشار شريعة الغاب ،و
بالتالي أصبحت الغلبة لألقوى ،حيث يملك الكل فعل ما يشاء وال يملك أحد فعل ما يشاء و
أن
حيث ال سيد فالكل سيد ،وحيث الكل سيد فالكل عبد .وهنا توصل اإلنسان إلى حقيقة ّ
1
تبين لكل
الحياة في جماعة تتطلب تنظيم سلوك أفرادها و عالقاتهم عن طريق وضع قواعد ّ
واحد ما له من حق و ما عليه من واجب.
لذا ظهرت الحاجة إلى القانون للحد من حريات األفراد و إزالة ما فيها من تعارض،
وللتوفيق بين مصالحهم ،و ذلك بعد أن استشعر األفراد الحاجة إلى قواعد تنظم تصارع
المصالح بينهم .وهو ما ال يمكن تجنبه إال عن طريق فرض سلوك معين يلتزم به الكافة ،مما
يحقق النظام و االستقرار في المعامالت.2
حسن كيرة :المدخل إلى القانون ،الطبعة الخامسة ،منشـأة المعارف ،اإلسكندرية ،4791 ،ص.4 1
3
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
الجزء األول
نظرية القانون
4
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
القانون لغة هو مقياس كل شيء و طريقه ،4فهو يدل على معنى النظام والترتيب و االنتظام و
االطراد ،فإذا تكرر أمر معين على وتيرة واحدة بحيث يعتبر خاضعا لنظام ثابت قيل انه يخضع لقانون
معين ،5فيقال في علم الطبيعة قانون الجاذبية أو قانون الثقل ،وفي علم االقتصاد قانون العرض و الطلب
مثال .و مفاد ذلك أن يكون لكل شيء قانونه :فقانون الطبيعة هو القوة و قانون المنطق هو الحق ،وقانون
األخالق هو الخير ،أما قانون العدالة فهو الحكم بين الناس بالقسط و المساواة .
وتعد كلمة '' قانـون '' اقتباس من اللغة اليونانية وهي '' '' Kanonوتعني'' العصا المستقيمة''،
ّ
مستوحية معناها من الخط المستقيم الذي يختلف عن الخط المنحني أو المنحرف أو المنكسر6،و تفيد
مجا از القاعدة و المقياس أو القاعدة أو النظام ....أو القدوة و المبدأ ، ...و كل المفاهيم التي تستخدم
جميل الشرقاوي ،دروس في أصول القانون ( ،المدخل لدراسة القانون ) ،دار النهضة العربية ،الطبعة الثانية ،4791 ، 3
ص.03
مجمع اللغة العربية ،المعجم الوسيط ،الجزء الثاني ،سنة ،4791ص .970 4
سليمان مرقس ،المدخل للعلوم القانونية و شرح الباب التمهيدي للتقنين المدني ،سلسلة الوافي في شرح القانون المدني ، 5
5
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
يستخدم لفظ القانون بالمعنى العام للمصطلح على كل عالقة مطردة بين ظاهرتين تؤدي إلى نتيجة
ثابتة ومستقرة.
و يستخدم فقهاء القانون مصطلح القانون للداللة على التشريع الصادر من السلطة التنظيمية ،وقد
يدل على علم القانون ذاته باعتباره مجموعة النظريات والقواعد الكلية التي ال تتقيد بزمان أو مكان معين.
و قد يقصد به كافة القواعد القانونية أيا كان مصدرها بحيث يصبح القانون هو جملة القواعد العامة
والمجردة والملزمة التي تنظم سلوك األفراد في المجتمع ،ويفرض جزءا على من يخالفها ،وهذا المعنى هو
9
األقرب لمعنى القانون.
وعليه يتفق الفقهاء بوجه عام على إمكانية أن نعرف القانون بانه «:مجموعة القواعد العامة
10
الملزمة لتنظيم عالقات أو السلوكيات االجتماعية لعموم األشخاص في المجتمع ".
يمثل 11
تعتبر القاعدة القانونية الخلية األساسية في القانون و هي تتكون دائما من فرض و حكم،
الفرض أو الواقعة التي تَُرت ُب عليها القاعدة القانونية أث ار معينا ،بينما يمثل الحكم األثر القانوني الذي يرتبه
القانون على الواقعة (الفرض).
توفيق حسن فرج ،المدخل للعلوم القانونية ،النظرية العامة للقانون و النظرية العامة للحق ،مؤسسة الثقافة الجامعية ، 7
6
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
تكون القاعدة عامة ( (généraleو مجردة ( ، (absraiteفالقاعدة القانونية هي خطاب عام للناس
14
بل يجب أن صاغه المشرع بتعابير مجردة ،حيث أنها ال تخص شخصا معينا أو طائفة محددة بذاتهما،
تكون قابلة للتطبيق على كل من تتوفر فيه شروط تطبيقها ،أي أن تكون مطردة التطبيق في كل وقت
على كل شخص مستوف لشروطها.
7
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
والعمومية والتجريد يختلطان في العمل ،فتكون القاعدة عامة ومجردة كلما تصدر محددة لألشخاص و
الوقائع من خالل األوصاف والشروط و ليس بالذوات و األسماء ،وهذا ال يدفعنا لالستغناء عن صفة
يعد
يعد وصفا الزما ألية قاعدة قانونية ،واجتماعهما ّ
العموم و االكتفاء بصفة التجريد فقط ،فكل منهما ّ
15
انتصا ار لألخالق في إطار القانون .
أ-العمومية :
يقصد بالعمومية عدم تعلق القاعدة القانونية بوقائع أو بأشخاص معينين بالذات ،فكل من ينطبق عليه
هذا الوصف يخضع لهذه القواعد ،فقواعد قانون العقوبات توجه إلى كل فرد من أفراد المجتمع يسرق أو
ضمان ضد كل تمييز بين
ُ يقتل أو يرتكب غير ذلك من المحظورات ،16وتعتبر عمومية القاعدة القانونية
األشخاص.
ومثال ذلك القاعدة القانونية التي تنص على ما يلي '' :كل من اختلس شيئا غير مملوك له يعد
سارقا ويعاقب بالحبس ،17 ''......وعبارة '' كل من '' يقصد بها أي شخص أو أي كان هذا الشخص
قام باختالس شيء مملوك للغير ،أي أنه قد قام بتحويل شيء من حيازة الحائز الشرعي له إلى حيازته،
يعد سارقا و تسلط عليه العقوبة المقررة لهذا الفعل ( السرقة ).
ب-التجريد :
يقصد بالتجريد هو خضوع الوقائع المتماثلة أو األشخاص الموجودين في ظروف متطابقة لنفس
القواعد القانونية ،فيؤدي بذلك التجريد إلى المساواة فيطبق حكمه كلما توافرت شروط تطبيقه ،18فالقاعدة
القانونية وضعت مجردة من تحديد شخص بذاته أي دون التبوء مسبقا بمن تنطبق عليه.
فالقاعدة القانونية في المثال السابق وضعت دون التنبؤ بمن سيكون هذا السارق ،ولكن حددت شروط
السرقة وعندما تتوفر هذه الشروط في واقعة معينة ،فيعد مرتكبه سارقا ويعاقب .
و عليه يترتب على خاصية العمومية و التجريد النتائج التالية:
-2مرونة تطبيق القاعدة القانونية:
و المقصود بالمرونة هنا هو ضيق و اتساع نطاق تطبيق القاعدة القانونية ،وبالرغم من ذلك ،ففي
جميع الحاالت فان القاعدة القانونية ال تفقد خاصية العموم والتجريد.19
جالل إبراهيم ،المدخل لدراسة القانون (نظرية القانون ) ،القاهرة ،سنة ، 4771ص .49 15
حسن كيرة ،المدخل إلى القانون ،الطبعة الخامسة ،اإلسكندرية ،ص.33 18
8
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
فمن حيث المبدأ ،فان عمومية وتجرد القاعدة القانونية ،يجعلها تطبق على عدد غير محدد من
األشخاص ،الذين تتوافر أوصافهم ،أو الوقائع التي تتحقق شروطها .وبذلك يتسع نطاق تطبيق القاعدة
وبالمقابل فقد يقتصر تطبيق القاعدة على :نوع معين من العالقات ،أو فئة معينة من القانونية.
األشخاص ،كالتجار أو المحامين أو األطباء....الخ ،أو على شخص واحد ،كرئيس الجمهورية أو رئيس
الوزراء ،مثال .
-2القاعدة القانونية تحقق المساواة أمام القانون:
تخاطب القاعدة عامة الناس بصفاتهم وليس بذاتهم ،ودون نظر لألصل العرقي ،أو الديني ،أو المركز
االجتماعي 20،كما أن القاعدة تحدد الوقائع بشروطها وليس بأشخاصها.
-3صالحية و استمرارية القاعدة القانونية في التطبيق
كلما تحققت شروط الواقعة ،وتوافر في الشخص الصفات التي تستوجبها القاعدة ،فإنها تطبق على
عدد غير محدود من الوقائع واألشخاص ،وباستمرار ،وهذا نتيجة لصفة العموم والتجريد .وذلك بخالف
الحكم القضائي ،أو القرار اإلداري ،إذ يطبق أي منهما بشأن شخص محدد وواقعة محددة .21وهذا ال يعني
أن تبقى القاعدة القانونية سارية المفعول إلى األبد ،فيقصد باستمرار القاعدة القانونية هو تطبيقها المستمر
أثناء وجودها كلما توفرت شروط تطبيقها.
ومفاد ذلك أن القاعدة القانونية ال تنظم العالقة بين اإلنسان والحيوان ،أو بين اإلنسان والطبيعة ،أو
بين اإلنسان و ربه .فواقع األمر أن هذه العالقات ال يهم المجتمع تنظيمها وال يعني المشرع التدخل فيها إال
22
إذا تجاوزت الشخص و مست من حوله من األفراد.
ويترتب على القول بان المشرع يعني بتنظيم سلوك األفراد في المجتمع أنه ال يجب أن يعنى بنوايا
األف راد التي ال تخرج عن صدورهم ،فعلى عكس الدين الذي يعول على النية كقاعدة عامة فان المشرع ال
9
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
ينبغي له أن يعاقب األفراد على نواياهم إال إذا تجسدت في شكل مادي خارجي أي في عمل أو في امتناع
23
عن عمل .
تفيد خاصية اإللزام بأن القاعدة القانونية واجبة االحترام والتنفيذ من جميع المخاطبين بها،
ومصحوبة بأمر أو نهي يستقر في ضمير الجماعة إلزامه و ضروريته لسير الحياة االجتماعية ،وان كان
فهي قد تفرض التزامات متعددة 24
يكفي أن يكون معروفا سلفا لمن يخالفها انه جزاء سيوقع عليه حتما،
وعلى المعنيين باألمر بتنفيذها.
و اإللزام هو ما يميز القاعدة القانونية عن قواعد األخالق و الدين ،وتبرز خاصية اإللزام في الجزاء
الذي يوقع على من يخالف تلك القاعدة القانونية ،والجزاءات القانونية متعددة وأهمها ،هي:
أ -الجزاء الجنائي :
و يتمثل في جزاء مادي يلحق بالشخص (و هو اإلعدام ) أو حريته ( وهو الحبس و السجن و
األشغال الشاقة المؤقتة ) أو بذمته المالية ( وهو الغرامة أو المصادرة أو الحجز) ،25أو تدابير شخصية
مثل المنع من ممارسة مهنة أو نشاط معين ،وتدابير عينية مثل مصادرة األموال وإغالق المؤسسات.
ب -الجزاء المدني:
يتمثل الجزاء المدني في إبطال التصرفات المخالفة للقواعد الملزمة أو العقد ،والتعويض على الضرر
المادي أو الجسدي أو المعنوي.
ج -الجزاء اإلداري :
وهو جزاء تتمتع به الدولة على موظفيهم ،و يتمثل في توقيع اإلجراءات التأديبية على الموظفين الذين
يخالفون القواعد القانونية المتعلقة بالعمل الوظيفي ،كتغيبهم عن العمل أو إهمالهم في أدائه أو القيام بأعمال
ال تتفق مع قانون الوظيفة ،ولهذا الجزاء صور متعددة قد تكون التوبيخ أو اإلنذار أو الحرمان من جزء من
26
ال ارتب أو من الترقية أو العالوة أو تأجيلها ،أو الحرمان من المكافأة .
11
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
المطلب الرابع :التفرقة بين القواعد القانونية وغيرها من القواعد االجتماعية األخرى
كما سبق و رأينا أن القواعد القانونية هي قواعد اجتماعية بالدرجة األولى بحيث تعكس الظروف
االجتماعية السائدة في مجتمع معين ،وهي بذلك تتشارك مع القواعد االجتماعية األخرى كقواعد األخالق
والدين والمجامالت ،لكونها تتعلق أيضا بالسلوك االجتماعي وتتمتع بنفس خصائص القاعدة القانونية فهي
عامة ومجردة ومنظمة للسلوك داخل المجتمع .
أوال -قواعد القانون و قــواعــد الدين:
يقصد بقواعد الدين مجموعة األحكام التي يوحي بها الله تعالى إلى رسله لتحكم سلوك أتباعهم من
األفراد ،و تنقسم قواعد الدين إلى نوعين :األولى قواعد العبادات والثانية قواعد المعامالت.
أ -قــواعد العبادات:
تتعلق بعالقات الفرد نفسه بخالقه مباشرة و تتمثل في الشهادة ،والصالة ،والزكاة ،والحج والصوم ،وهذا
النوع من قواعد العبادات يعتبر مجاال شخصيا للفرد بينه وبين خالقه وال دخل للقانون فيه ،إال بقدر ضئيل
لتقريره أو لحماية الحرية الدينية لألفراد.
ولكن ال شك أن هذه القواعد الدينية تعتبر قواعد سماوية ملزمة ويترتب على مخالفتها جزاء إال أنه
أمر متصو ار في كل
ينفذ في اآلخرة بعد الممات ،وان كان تعجيل الّله تعالى للجزاء في الحياة الدنيا ًا
27
ال توقعه السلطة المختصة اثر وقوع المخالفة .
األوقات ،عكس جزاء القاعدة القانونية فهو َح ٌ
ب -قــواعـد المعامالت :
وهي تتعلق بعالقة الفرد بغيره من األفراد ،وتختلف الديانات السماوية في هذا الشأن أي في احتوائها
على تلك القواعد ،غير أن الدين اإلسالمي قد عنى بقواعد العبادات وقواعد المعامالت معا وأهتم بالعالقات
ذات الصبغة المالية كالبيع واإليجار والرهن وغير ذلك ،فنظم أمور الدين والدنيا معا.
وتتطابق قواعد القانون والقواعد الدينية في تنظيم المعامالت ،فالمشرع عادة يضع تلك القواعد الدينية في
اعتباره ،ويطبقها بقدر اإلمكان ،والدليل على ذلك هو أن المشرع نص في المادة األولى من القانون المدني
على ما يأتي '' :وإذا لم يوجد نص تشريعي ،حكم القاضي بمقتضى مبادئ الشريعة اإلسالمية '' ،28وهو
الشأن بخصوص قانون األسرة بالنسبة ألحكام الزواج و الطالق و النيابة الشرعية و الكفالة و الميراث و
الوصية و الوقف .)...
11
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
عبد المجيد الزعالني ،المدخل لدراسة القانون ،النظرية العامة للقانون ،دار هومة ،الجزائر ،سنة ،3343ص .34 30
المادة 493فقرة 3من قانون العقوبات الجزائري ،و راجع أيضا المادة 114فقرة 9من قانون العقوبات.. 32
12
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
وإن كان قد يترتب عن ترك قواعد المجامالت االستنكار و المعاملة بالمثل إال انه ال يخل بكيان
المجتمع واستق ارره ،فمعيار التفرقة بين النوعين من القواعد يكمن إذن في أهمية قواعد القانون للنظام
35
واالستقرار في المجتمع مقارنة بقواعد المجامالت .
إن المشرع وهو يخاطب األشخاص أحيانا نراه حازما صارما فيظهر القاعدة القانونية في شكل
قطعي بات ،وال يجيز لهم مخالفتها ،وأحيانا أخرى نراه يفسح مجاال بصريح العبارة لألشخاص بغرض تحكيم
قاعدة أخرى غير القاعدة التي رسمها ،من أجل ذلك قسمت القواعد القانونية إلى قواعد آمرة باتة وقواعد
مكملة وهو ما سيأتي توضيحه.
13
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
14
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
-2نفقات تسلم المبيع :إن نفقات تسلم المبيع تكون على المستوي ما لم يوجد عرف أو اتفاق يقضي
بغير ذلك( 41المادة 071قانون مدني).
-3التزامات رب العمل :تدفع األجرة عند تسلم العمل إال إذا اقتضى العرف أو االتفاق خالف ذلك
(42المادة 117قانون مدني).
-4التضامن في تنفيذ الوكالة :إذا وكل أشخاص متعددون وكيال واحدا في عمل مشترك كان جميع
(المادة 191قانون 43
الموكلين متضامنين تجاه الوكيل في تنفيذ الوكالة ما لم يتفق على غير ذلك
مدني).
في كل هذه األمثلة تتجلى قيمة القاعدة المكملة في الحلول محل إرادة األطراف إذا هم يتفقوا أو
وتوفير للجهد لوضع نموذج لما
ًا سكتوا عن بيان موقفهم من المسألة ،فيتدخل المشرع لتسهيل المعامالت
44
يجب أن يكون عليه االتفاق.
فالقاعدة القانونية المكملة هي قاعدة قانونية عامة ومجردة منظمة لسلوك الفرد داخل المجتمع
وملزمة وكل ما هنالك أن شروطا من شروط اعمالها هو عدم اتفاق األطراف على مخالفتها .فإذا اتفقوا
على تنظيم مخالف ،انتفى شرط تطبيق القاعدة المكملة أما إذا صمتوا فإن تطبيقها يكون مبر ار بتوافر شرط
45
عدم االتفاق على مخالفتها.
للتميز بين القواعد اآلمرة والمكملة يميز الصفة بين معيارين ،أولهما شكلي ينظر إلى لفظ القاعدة
واألخير موضوعي أو معنوي يتطلع إلى مضمونها.
-2المعيار الشكلي (المعيار اللفظي) :قد تدل عبارة النص وصياغته وألفاظه على طبيعة القاعدة
القانونية ،فيقوم هذا المعيار على عدم جواز المخالفة كانت آمرة ،أما إذا دلت على جواز المخالفة وإمكانية
االتفاق على عكس ما جاء فيها فهي مكملة.
15
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
وأيضا إذا قام المشرع باستخدام عبارات األمر والنهي أو قرن مخالفة القاعدة بجزاء فهي آمرة
وتكون مكملة فيما عدا ذلك ويتضح هذا المعنى من خالل األمثلة اآلتية:
تعتبر قواعد آمرة النصوص التالية:
46
« -ويكون بطال كل شرط يسقط الضمان أو ينقصه إذا تعمد البائع إخفاء حق الغير».
47
« -غير أن التعامل في تركه إنسان على قيد الحياة باطل ولو كان برضاه.»...
-وقد يشير النص القانوني األمر صراحة على أنه ال يجوز االتفاق على مخالفة أحكامه مثل القاعدة
اآلتية «:ال يجوز للقضاة وال للمدافعين القضائيين وال للمحامين وال للموثقين وال لكتاب الضبط ،أن
48
يشتروا بأنفسهم مباشرة وال بواسطة أسم مستعار الحق المتنازع فيه.»...
« -يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبحسن نية».49
50
« -يؤول الشك في مصلحة المدين».
-المادة 079قانون مدني «:إذا أقر المالك البيع سرى مفعوله عليه وصار تاج ار في حق المشتري».
-المادة 113قانون مدني «:القرض بين األفراد يكون دائما بدون أمر ويقع باطال كل نص يخالف
ذلك».
أما القواعد المكملة فيمكن استخالص أنها مكملة من النص نفسه ،فنص المشرع في المادة ذاتها
على جواز مخالفتها "أو على" ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك.
« -يلتزم المستأجر بالقيام بالترميمات الخاصة باإليجار والجاري بها العمل ما لم يوجد اتفاق على
51
خالف ذلك».
52
« -ويكون دفع األجرة في موطن المستأجر ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بخالف ذلك».
« -كلما وجب أن يؤخذ القرار باألغلبية تعين األخذ باألغلبية العددية على حسب األفراد ما لم يوجد
53
نص يخالف ذلك».
16
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
« -من باع تركة دون أن يفصل مشتمالتها ،ال يضمن إال صفته كوارث ما لم يقع اتفاق يخالف
54
ذلك».
والمالحظ أن هناك مواد لم يستعمل فيها المشرع بعبارات واضحة سواء آمرة أو مكملة فال يمكن تحديد
طبيعة هذه القواعد القانونية إال عن طريق دراسة أو تحليل مضمونها ،فهذا المعيار القاطع والبات والبديهي
ال يعيبه سوى عجزه عن الوصول إلى طبيعة القاعدة القانونية إذا لم تدل ألفاظها على ذلك وهنا ال يكون
بالوسع تحديد هذه الطبيعة بغير اللجوء إلى المعيار الثاني وهو النظام العام واآلداب العامة.
ب -المعيار الموضوعي :النظام العام واآلداب العامة:
يقوم هذا المعيار على أساس البحث فيما وراء ألفاظ القاعدة فالعبرة فيه بمعناها ،فتعتبر القاعدة
آمرة وفق هذا المعيار ليس بالنظر أللفاظها وعباراتها ،وإنما النظر لموضوعها فهي تحمل موضوعا له
عالقة مباشرة ،بالنظام العام واآلداب العامة.
وإذا كانت القواعد متعلقة بالنظام العام واآلداب العامة تعتبر تقييدا لمبدأ سلطان اإلرادة بحيث أنها
تقيد حرية األشخاص في التعاقد وهذا ما قرره المشرع في القاعدة اآلتية «:إذا كان محل االلتزام مخالفا
55
للنظام العام واآلداب العامة كان العقد باطال».
ويالحظ أيضا أن القواعد المتعلقة بالنظام العام أو اآلداب العامة كلها آمرة ،أي ال يجوز لألفراد
استبعاد حكمها ،ولكن القواعد اآلمرة ليست كلها من النظام العام ،بل قد يرى المشرع وجوب جعل القاعدة
آمرة العتبارات تتعلق بحماية أوضاع معينة فيصوغها بشكل يتضح منه عدم جواز مخالفتها مثال :القواعد
المتعلقة بنقص األهلية فهي تعتبر قواعد آمرة ال يجوز لألفراد مخالفتها ولكن ليست متعلقة بالنظام العام
فالحكم على مخالفتها هو القابلية لإلبطال وليس البطالن المطلق.
أ -النظام العام:
يقصد بها القواعد المنظمة للمصالح األساسية في المجتمع والتي ال يجوز لألفراد مخالفتها في اتفاقاتهم
ولو حققت هذه االتفاقات مصالح خاصة لهم ،يستوي في ذلك أن تكون هذه المصالح سياسية أو اقتصادية
أو بعبارة أخرى هي القواعد التي هي القواعد التي ترمي إلى تحقيق المصلحة العامة للدولة 56
أو اجتماعية
سواء من الناحية السياسية أو االجتماعية أو االقتصادية والتي تتعلق بالوضع الطبيعي المادي والمعنوي
17
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
لمجتمع منظم وتعلو فيه على مصالح األفراد .وعلى هذا األساس نرى أن قواعد القانون العام كالقانون
الدستوري و القانون اإلداري و قانون العمل والقانون الجبائي تكون في غالب االحوال قواعد آمرة ،وعلى
عكس ذلك قواعد القانون الخاص حيث تكون في غالب األحيان قواعد مكملة االّ ما يتعلق منها بالنظام
العام أو اآلداب العامة .
مفاد ذلك أن يكون النظام العام اصطالح شامل فضفاض يصعب تحديده خاصة أمام عدم وضوح
ما يسمى بالمصالح العليا ،وعدم ثبات المصلحة وتغيرها من زكن آلخر ومن بلد آلخر ،وهنا يتجلى دور
القاضي في تفسير هذه النصوص استنادا إلى المفهوم االجتماعي السائد ،57فيتحلل المشرع بذلك من
الحاجة إلى التدخل الدوري ليجعل النص آم ار أو مكمال كلما تغيرت الظروف واألحوال ،فتعتبر قواعد
قانونية آمرة على سبيل المثال القواعد اآلتية:
-2قواعد قانون العقوبات :فتعتبر كل هذه القواعد متعلقة بالنظام العام وبالتالي فهي آمرة وال يجوز
االتفاق على مخالفتها كاالتفاق على تحمل بريء عقوبة جريمة ارتكبها آخر.
-2قواعد حماية المصالح االقتصادية للدولة :تعد قواعد آمرة مثال القواعد المتعلقة بالضرائب والرسوم
58
واألشخاص الخاضعين لها ،و باالنتاج والتوزيع والقواعد المحددة للسعر الجبري لبعض السلع.
-3قواعد حماية المصالح السياسية ألفراد المجتمع :تعد نصوصا آمرة النصوص الدستورية المنظمة
لحريات األفراد في مجال الرأي واالنتخاب والترشح والحياة الخاصة.
-4قواعد حماية المصالح االجتماعية للمجتمع :تعقد قواعد آمرة القواعد المحددة لساعات العمل والحد
األدنى لألجور وأيام العطل الدينية والوطنية.
-5قواعد حماية المصالح الخلقية للمجتمع :مثالها القواعد المحرمة كالتنازل عن الحرية الشخصية،
وزواج المسلم بأكثر من أربعة.
وفكرة النظام العام فكرة مرنة تختلف باختالف المكان ،فالقرض بفائدة بين األفراد يعتبر مخالفا
59
،بينما ال يعتبر كذلك في مصر وفرنسا ،كذلك يختلف النظام العام باختالف للنظام العام في الجزائر
الزمان فالتأمين على الحياة كان يعتبر في القديم مخالفا للنظام العام ويعتبر عمال غير مشروع ألنه
18
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
مضاربة على حياة الشخص ،بينما أصبح اليوم مشروعا وغير مخالف للنظام العام ،وللقاضي سلطة تقدير
جدوى هذه الحماية في ضوء المتغيرات السياسية واالقتصادية واالجتماعية للمجتمع.
19
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
تعددت المعايير التي جاءت لضبط التفرقة بين قواعد القانون العام وقواعد القانون الخاص على
النحو اآلتي:
-2معيار أطراف العالقة:
أ -مضمون المعيار :يعتبر بأن القاعدة القانونية من قواعد القانون العام إذا كانت الدولة أو أحد فروعها
64
طرفا فيها ،إما إذا كان األطراف من األفراد كانت من قواعد القانون الخاص.
ب -نقد :هذا المعيار صحيح في ظاهره وفي النتائج المترتبة عليه في أغلب الفروض إال أنه من الصعب
اعتباره صحيح بصفة مطلقة ،فالواقع أن الدولة (أو أحد فروعها) ،قد تتدخل في العالقة ليست بوصفها
65
صاحبة سيادة بل كفرد عادي .
وفي هذا المقام ال يتصور اعتبار العالقات القانونية المتمثلة في البيع أو الشراء أو اإليجار أو غير
ذلك عالقات قانون عام إذا كانت الدولة بوصفها فردا عاديا طرفا فيها.
-2معيار القواعد اآلمرة والقواعد المكملة:
أ -مضمون المعيار :يعتبر مؤيدوا هذا المعيار أن قواعد القانون العام كلها آمرة ،في حين أن قواعد القانون
الخاص مكملة ،فيرون أن القانون العام متمثل في قدرة الدولة أو السلطة العامة على تنفيذ ق ارراتها بالقوة
الجبرية ،أما القانون الخاص قانون حرية األفراد ال مجال فيه للجبر والتسلط ،66ويضربون لذلك مثال
بالمالك الذي يريد توسيع أرضه بضم قطعة مجاورة إليها ،فإذا كان المالك فردا عاديا فال مجال أمامه سوى
التراضي مع جاره وإفراغ إداري نظير تعويض مالي دون السعي وراء موافقته.
حبيب ابراهيم خليل ،المدخل للعلوم القانونية (،النظرية العامة للقانون ) ،الطبعة الرابعة،ديوان المطبوعات الجامعية ، 64
مولود ديدان ،مقرر وحدتي المدخل و نظرية الحق ،دار بلفيس ،الجزائر ،سنة ،3331ص . 43 66
21
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
ب -نقد :يفترض أصحاب هذا المعيار أن قواعد القانون العام كلها آمرة وأن قواعد القانون الخاص كلها
مكملة وهو افتراض خاطئ ،فكما سنرى أن كال من هذين القانونية يتضمن قواعد آمرة ومكملة في آن واحد.
-3معيار غاية القانون (معيار المصلحة)
أ -مضمون المعيار :يرى بعض الفقهاء أن عامل المصلحة هو األداة األصلح للتعبير بين القانون العام
والقانون الخاص ،حيث أن القانون العام تسود فيه المصلحة العامة والقانون الخاص تسود فيه المصلحة
الخاصة لألفراد.
ب-نقد :يعيب هذا المعيار إغفاله مسألة أن تحقيق المصلحة العامة يتضمنه تحقيقا لبعض المصالح
الخاصة أيبضا ،إضافة إلى ذلك فالقواعد القانونية في مجملها سواء كانت منتمية للقانون العام أو الخاص
67
فهي تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة.
-4معيار صفة أطراف العالقة (معيار السلطة العامة)
أ -مضمون المعيار :تعد قواعد القانون العام القواعد القانونية التي تنظم العالقات التي تكون الدولة أو أحد
فروعها طرفا فيها باعتبارها صاحبة السيادة والسلطان أما قواعد القانون الخاص فهي كل قاعدة قانونية
تنظم العالقات التي تنشأ بين أفراد عاديين أو التي تكون الدولة أو أحد فروعها بوصفها شخصا عاديا
طرفتا فيها مع شخص عادي.
ب -نقد :يعد هذا المعيار نتيجة منطقية العتبار القانون العام قانون السيطرة أو الخضوع ،والقانون الخاص
قانون المساواة أو التوازن ،في القانون العام يتعامل األفراد على أساس السلطة واإلذعان أما في القانون
الخاص فهم يتعاملون على أساس المساواة.
فهذا المعيار ينظر إلى أطراف العالقة من زاوية الصفة التي يتمتع بها كل طرف ،فتكون الدولة أو
أحد فروعها طرفا في عالقة قانون عام إذا تعاملت بوصفها صاحبة سيادة وتكون طرفا في عالقة قانون
فهو بذلك يتفادى أوجه قصور وعجز المعايير األخرى المقترحة، 68
خاص إذا تعاملت بوصفها فردا عاديا،
ويتسم بالوضوح واليسر في التطبيق ،وبذلك فيعتبر معيار السلطة العامة المعيار الراجح واألكثر شيوع في
الفقه الحديث للتمييز بين القانون العام والخاص.
21
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
تتجلى األهمية العملية للتفرقة بين القانون العام والقانون الخاص في عدة وجوه أهمها:
-2النزاعات بين الدولة واألفراد(:الجهة القضائية صاحبة االختصاص):
عند وقوع نزاع بين الدولة واألفراد تختص المحاكم اإلدارية به نظ ار لتعلقه بإحدى روابط القانون
العام بالمقابلة للمحاكم العادية التي تختص بالنزاعات الفردية فكل قانون جهة قضائية مختصة بفصل
النزاعات المطروحة في مجال عالقاته.
-2األموال العامة
تخضع األموال العامة (أو الدومين العام) لقواعد مميزة عن القواعد التي تخضع لها األمالك
الخاصة باألفراد ،فال يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو اكتساب ملكيتها بوضع اليد أو مضي المدة
، 69
(أي التقادم المكسب) وفق منطوق المادة 197من القانون المدني «:ال يجوز التصرف فيه»....
ألن هذه الحماية من المال العام ينجر عنه تضييق نطاق المال العام وذوبانه ولو تدريجيا في نطاق الملكية
الخاصة ،ففي مجال الروابط الخاصة اعتمد المشرع نظاما قانونيا مخالفا لما سبق ذكره ،وأجاز فيه لألفراد
التصرف في أموالهم أن بالبيع أو اإليجار أو الرهن وغيرها.
-3العمل بالدولة أو القطاع العام
يخضع العاملون المدنيون بالدولة أو القطاع العام إلى قواعد خاصة عن القواعد التي تحكم عالقة
70
رب العمل مع المستخدم من خالل عقد عمل فردي أو جماعي.
-4تخضع العقود اإلدارية لقواعد مختلفة عن القواعد التي تحكم العقود العادية بحكم اختالف طبيعة األفراد
المتعاقدة في هاتين الحالتين ،إذ اإلدارة في عالقاتها مع األفراد تتمتع بجملة من السلطات تخولها صالحية
تعديل العقد بإرادتها المنفردة ،أو توقيع الجزاءات على المتعاقد معها أو فسخ العقد وكل هذا تحت عنوان
71
السلطة العامة ،وكل هذا تحت عنوان السلطة العامة ،وكل هذا تحكمه قواعد القانون العام.
فمبدأ المساواة بين األطراف المتعاقدة المعروف في مجال روابط القانون الخاص ال يمكن تطبيقه
إذا تعلق األمر بعالقة من القانون العام.
-5االمتيازات
22
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
تتمتع الدولة بامتيازات خاصة في مواجهة األفراد ال يعرفها اآلخرون في عالقاتهم الخاضعة للقانون
الخاص ،مثال ذلك حق جهة اإلدارة في نزع ملكية األفراد بدون رضاهم نظير تعويض مال عادل تقدره،
وحقها في إصدار لوائح إدارية تحكم عالقاتهم بالغير دون الحاجة إلى الحصول على موافقة الفرد العادي
72
المتعاقد معها ،كرفع إيجار السكنات أو فواتير الكهرباء أو الغاز مثال.
يتفرع عن القانون العام والخاص عدة قوانين استنادا إلى المعيار الراجح وهو معيار صفة أطراف
العالقة ،فيتفرع عن القانون العام :القانون الدستوري ،والقانون اإلداري ،والقانون المالي ،والقانون الجنائي،
والقانون الدولي العام ،وقانون الضمان االجتماعي ،أما القانون الخاص فيتفرع عنه القانون المدني والقانون
التجاري ،والقانون البحري والقانون الجوي ،وقانون العمل وقانون المرافعات المدنية والتجارية والقانون
الزراعي والقانون الدولي الخاص.
أ -فروع القانون العام
يقصد بالقانون العام مجموعة القواعد التي تنظم العالقات التي تكون الدولة طرفا فيها باعتبارها
شخصا معنويا وصاحبة السمو والسيادة ،والدولة بالوصف والوجه السيادي ن ارها أحيانا تمارس نشاطا داخليا
فيخضع للقواعد الداخلية ونشاطا خارجيا مع دول أخرى أو منظمات دولية فيخضع لنصوص دولية لذا قسم
القانون إلى الفروع اآلتي ذكرها:
-2القانون الدولي الدول العام
هو مجموعة القواعد التي تنظم عالقات الدول فيما بينها ،وتحدد حقوقها وواجباتها في حالة السلم
73
فتبين الشروط الالم توافرها لقيام الدولة وحقوقها باعتبارها صاحبة سيادة ،وتنظم سلوك الدولة والحرب،
ونشاطها الخارجي ع غيرها من الدول ومع المنظمات الدولية كهيئة األمم المتحدة وسائر المنظمات
المتفرعة عنها .وترجع أهمية هذا القانون إلى الضرورة الملحة للتعاون بين الدول في المجاالت السياسية
والعلمية والفنية واالقتصادية وغيرها ،هو مجموعة القواعد التي تنظم عالقات الدول فيما بيتها والتي تشكل
مجتمع دولي.
وينصرف هذا التنظيم على عدة أمور أهمها :تحديد معيار اكتساب الدول للشخصية القانونية ومدى
اعتبارها كاملة السيادة أو ناقصة السيادة وتحدد حقوق الدولة وواجباتها في السلم والحرب ،وإبرام المعاهدات
23
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
واالتفاقيات وأساليب فض المنازعات بينها بالطرق السلمية ،كما يدخل في إطار هذا القانون بيان تشكيل
واختصاصات المنظمات الدولية كاألمم المتحدة وهيئاتها المتخصصة مثل مجلس األمن ومحكمة العدل
الدولية وغيرها!...
وهناك من يرى أن قواعد القانون الدولي ال تعد قواعد قانونية ،ألنه ال يوجد سلطة عامة تضع
74
القواعد وتراقبها وتعاقب من يخالفها.
لكن والجدير بالذكر أن وجود محكمة العدل الدولية وما تتمتع به توصيات الجمعية العامة لألمم
المتحدة من صالحيات وما تحظى به ق اررات مجلس األمن من قوة إلزامية باإلضافة إلى الجزاءات المحتملة
من قطع العالقات الدبلوماسية وفرض الحصار والمقاطعة االقتصادية ،والمعاملة بالمثل ،واستعمال القوة
75
المسلحة ،يدفعنا إلى تأكيد اعتبار القانون الدول العام قانونا بالمعنى الصحيح.
-2القانون الدستوري :يعتبر القانون الدستوري القانون األساسي للدولة ،ويوجد على قمة التدرج القانوني،
فهو عبارة عن مجموعة القواعد التي تبين نظام الحكم (جمهورية أو ملكي) وشكل الدولة (موحدة ،فيدرالية)
والسطات العامة في الدولة والهيئات التي تمارسها واختصاصها ،وعالقتها ببعضها البعض ،كما يبين
الحريات العامة لألفراد كحرية الرأي واالجتماع والتنقل والواجبات العامة لألفراد ،كأداء الخدمة الوطنية.
76
وكقاعدة عامة يعد غير دستوري كل قانون يخالفه (عدم دستورية القوانين).
-3القانون اإلداري :يهتم القانون اإلداري باإلدارة العامة من عدة جوانب ،تتمثل أساسا في تنظيم الجهاز
اإلداري للدولة (اإلدارة المركزية ،اإلدارة المحلية) ،وأيضا تنظيم مهام اإلدارة ونشاطها ووسائلها وأساليبها
ومنازعاتها ،وكيفية تسييرها للمرافق العامة.
-4القانون المالي :هو مجموعة القواعد القانونية التي تتعلق باإليرادات والنفقات العامة ،وكيفيات إعداد
77
وتنفيذ ميزانيات اإلدارات والهيئات العمومية ومراقبتها.
-5قانون الضمان االجتماعي :يستفيد العمال الذين يحددهم القانون من نظام الضمان االجتماعي وذلك
للحصول على تعويض في حالة إصابات العمل ،والمرض والعجز والشيخوخة والتقاعد واستفادة العمال من
هذا النظام تكون في مقابل اشتراكهم لدى صندوق الضمان االجتماعي ،وقيامهم بدفع أقساط شهرية
24
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
محسوبة بنسبة معينة من مرتب كل منهم ويتمتع صندوق اضمان االجتماعي في تحصيله ألقساط االشتراك
بكل مميزات السلطة العامة.
-6القانون الجنائي :وينقسم القانون الجنائي إلى قانون العقوبات وقانون اإلجراءات الجزائية:
* قانون العقوبات :هو مجموعة القواعد التي تحدد أنواع الجرائم من جناية أو جنحة أو مخالفة وتبين أركان
الجريمة وعقوبتها ،ويعد التشريع المصدر الوحيد للقانون الجنائي ،إذ تقضي المادة األولى منه بأن " :ال
عقوبة وال جريمة بدون نص".
وقد أثير جدل فقهي حول تحديد طبيعة قواعد القانون الجنائي ،فرأى البعض أنها تنتمي إلى القانون
الخاص ،ذلك ألن الجريمة اعتداء على حقوق ومصالح األفراد ،وتذهب غالبية الفقه إلى اعتبار القانون
الجنائي قانوا عاما ألن الجريمة اعتداء على حق المجتمع ككل وليس على الفرد فقط ،فال يستطيع الشخص
التنازل عن حقه في توقيع العقاب على الجاني ،فالدعوى العمومية ترفعها النيابة العامة مدافعة عن حق
المجتمع ،فال يملله وكيل الدولة الصلح أو التنازل عن الدعوى هي رفعت للقضاء.
* قانون اإلجراءات الجزائية :يتناول اإلجراءات التي تتبع من وقت وقوعه الجريمة إلى حين توقيع العقاب
على الجاني ،فيبين اإلجراءات الخاصة بضبط المتم ،والقبض عليه ،والتفتيش والحبس االحتياطي والتحقيق
الجنائي ،ومحاكمة المتهم وتنفيذ العقوبة ،وطرق الطعن.
ب -فروع القانون الخاص :
يقصد بالقانون الخاص مجموع ة القواعد المنظمة للعالقات بين األفراد أو فيما بينهم وبين الدولة،
ويالحظ أن الدولة هنا تتدخل بوصفها شخصا عاديا وليست بوصفها صاحبة سيادة ،وإال كنا في نطاق
القانون العام.
ويتفرع عن القانون الخاص عدة قوانين أهمها :القانون المدني والقانون التجاري والقانون الدولي
الخاص.
-2القانون المدني :ويتضمن مجموعة القواعد التي تنظم العالقات بين األشخاص ،ويعتبر الشريعة العامة
لتنظيم العالقات الخاصة لألفراد وهو أصل القانون الخاص وتفرعت عنه القوانين األخرى كالقانون التجاري
وقانون التأمين وقانون األسرة ،وقانون الملكية الفكرية واألدبية ،وسمي بالشريعة العامة نظ ار لشموله على
األسس العامة للقانون التي يرجع إليها في حالة عدم وجود قواعد في التشريعات الفرعية للقانون الخاص،
فتحدد قواعده حالة األشخاص وأهليتهم وعالقتهم األسرية أو الشخصية ،بجانب تناوله للعالقات المالية
لألشخاص ،من حيث طرق اكتساب الحقوق وفقدها واستعمال األموال ونقلها بعضو أو بدونه ،وهذا عادة ما
25
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
ينظمه القانون المدني ولكن في المجتمعات اإلسالمية فإن القانون المدني ينظم فقط العالقات المالية
لألشخاص بينما تنظم مسائل األحوال الشخصية بقانون مستقل مستمد من الشريعة اإلسالمية ويسمى في
الجزائر بقانون األسرة الصادر في سنة .4791
-2القانون التجاري :وينظم طائفة من األعمال تسمى باألعمال التجارية وطائفة من األشخاص هي
طائفة التجار ،وقد استقل عن القانون المدني لعدة اعتبارات منها :سرعة المعامالت التجارية وخصوصيتها
التي تستدعي إيجاد قواعد تتناسب مع هذه السرعة والخصوصية مثل حرية اإلثبات بين التجار في المسائل
التجارية أو قواعد تنظيم البنوك والعمليات المصرفية من صرف وتداول لألوراق التجارية والمالحظ أن نطاق
القانون التجاري يتسع من يوم إلى آخر على حساب القانون المدني نظ ار للتطور المستمر للنشاط التجاري.
-3القانون الدولي الخاص :هو مجموعة القواعد التي تنظم طرق حل النزاعات في العالقات ذات العنصر
األجنبي بين األفراد ،من حيث اختصاص المحاكم الوطنية وتحديد القانون الواجب التطبيق ،والعالقات ذات
العنصر األجنبي هي تلك التي تكون فيها العالقة القانونية تنشأ أث ار في أكثر من دولة واحدة ،مثل :انعقاد
عقد بين جزائري وفرنسي في إسبانيا على أن يسلم الجزائري السلعة موضوع العقد للفرنسي في الجزائر،
ويتلقى مقابل الوفاء بالعملة الفرنسية في فرنسا ،وفي هذا االفتراض قد نجد أن كل من القانون الجزائري
والفرنسي واإلسباني ،يبسط واليته على النزاع أو أن كل قانون يحيل إلى القانون اآلخر ،فيكون المرجع في
تحديد القانون الواجب التطبيق في مثل خذا النزاع هو القانون الدولي الخاص.
-4قانون العمل :وينظم عالقات العمل من حيث التزامات العامل وحقوقه وشروط األمن التي يجب أن
تتوافر في أماكن العمل ،والتأمينات الناتجة عن حوادث العمل واألمراض المهنية ،كما يشمل على تنظيم
حق الممارسة النقابية والقواعد المتعلقة بحل النزاعات الفردية والجماعية للعمل.
وهناك من اعتبر قانون العمل قانونا عاما نظ ار لتدخل الدولة المستمر في تنظيم أحكامه فأصبحت
معظم قواعده آمرة ،إال أن القانون الخاص ،أيضا يتضمن قواعد آمرة ،لكن يعتبر قانون العمل قانونا مختلطا
ألنه يتضمن القواعد التي تنظم العالقة بين العمال وأرباب العمل ،وهذا هو الجانب الخاص ،أما الجانب
اآلخر فيتعلق بالقانون العام ،إذ أن القواعد الخاصة بتفتيش أماكن العمل ومراقبة مفتشية العمل على
االتفاقيات الجماعية إلى جانب قواعد التجريم والعقوبات تتدخل الدولة فيها بما لها من سيادة على المجتمع.
-5قانون اإلجراءات المدنية :ويحدد القواعد التي يجب إيقاعها أمام المحاكم لحماية الحقوق الموضوعية
الناشئة عن تطبيق القانون ،كما ينظم طرق سير المحاكم واختصاصها النوعي ،والمحلي وطرق رفع
الدعوى وإصدار األحكام والطعن فيها وتنفيذها ،ويعتبر هذا القانون فرع للقانون الخاص ألن صاحب الحق
26
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
يستطيع التنازل عن حقه ،فالخصومة ملك الخصوم يسيرونها وفق مشيئتهم فيملكون ترك الخصومة أو
التنازل عن الحكم الصادر فيها.
-6القانون البحري :هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العالقات الناشئة بين األفراد والهيئات
الخاصة بمجال المالحة البحرية ،وهو ذلك الفرع من القانون التجاري التي ينظم حركة النقل بالسفن ،فيحدد
مسؤولية الناقل على البضائع وشروطه والعالقات بين الناقل والبحارة والتأمينات البحرية وشروط عقد بيع أو
إيجار السفن أو رهنها.
27
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
بمقتضى مبادئ الشريعة فإذا لو يوجد فبمقتضى العرف .فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي
وقواعد العدالة» .وبالرجوع إلى هذه المادة نجد أن المشرع قد حدد مصادر القانون ورتبها كما يلي:
-4التشريع -3مبادئ الشريعة اإلسالمية -0العرف
-1مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة.
-2تعريف التشريع
ويقصد به سن قواعد قانونية في صيغة مكتوبة من طرف السلطة المختصة في الدولة حسب
النظام الدستوري لهذه الدولة مع السهر على تطبيقها مما يعطيها قوة إلزام في العمل بها ،ويعد التشريع
بحيث يجب على القاضي أن يلجأ إليه أوال كل ما عرض عليه 80
المصدر الرسمي األول للقانون الجزائري،
نزاع ،فإذا وجد نص يعالج المسألة المطروحة عليه فال يستطيع الرجوع إلى المصادر األخرى ،وذلك حتى
ولو كان النص غامضا .إذ في هذه الحالة يجب على القاضي الحث عن المعنى المقصود ،وللتشريع مزايا
81
وعيوب.
-2مزايا التشريع:
أ -إن التشريع يجعل القاعدة القانونية محددة وواضحة ،ألن صياغة القاعدة القانونية يقوم بها أشخاص
متخصصون ما يجعلها واضحة بالنسبة للجميع.
التشريع يحقق وحدة القانون في الدولة ،ألنه يسري على جميع األفراد ويصاغ صياغة موحدة ب-
تطبق على الجميع دجون اختالف ،كونه صدر عن سلطة مختصة حسب النظام الدستوري لكل دولة،
وهذا ما نص عليه الدستور في المادة 79التي تقضي «:يمارس السلطة التشريعية برلمان يتكون من
غرفتين ،وهما المجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة ،وله السيادة في إعداد القانون والتصويت عليه».
ت -التشريع يستجيب لضرورات المجتمع ،ذلك ألنه يمكن صياغة أو تعديل القواعد القانوني أو إلغاؤها
كلما تطلبت التغيرات االجتماعية أو االقتصادية ذلك.
28
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
-3عيوب التشريع
عاب البعض على التشريع أنه جامد ال يتماشى وتطور المجتمع خالفا للقاعدة العرفية التي يتسبب أ-
في إنشائها ضمير الجماعة ،ويرد على هذا الرأي أن السلطة المختصة بإصدار التشريع في الدولة ،إذا ما
82
رأت عدم صالحية القاعدة لظروف المجتمع وتطوره فإنها تبادر إلى تعديله وإلغائه .
ب -يعيب على التشريع أيضا تضمنه لعبارات ومصطلحات فيها غموض تحتاج إلى تفسير وتوضيح كعبارة
حسن النية وسوء النية وعبارة اآلداب العامة والنظام العام فهذه مفاهيم عامة تحتاج إلى ضبط وتوضيح مما
يفتح المجال للفقه والقضاء في التفسير والبحث واالجتهاد ،وهذا ما أفضى على العلوم القانونية طباعا
83
خاصا متمي از عن باقي العلوم.
إن القواعد القانونية ليست كلها في درجة واحدة من حيث األهمية ويأتي في مقدمتها التشريع
األساس ،ثم المعاهدات ثم التشريع العادي وأخي ار التشريع الفرعي.
-2التشريع األساس (أو الدستور):
يقصد بالدستور مجموعة القواعد المحددة لشكل الدولة ،ونظام الحكم والمبينة لحقوق األفراد
وحرياتهم األساسية التي يتمتعون بها ،وبذلك يحتل قمة التشريعات ،ولما كانت القاعدة الدستورية تحتل
مكان الصدارة وجب أن ال تخالفها قاعدة قانونية أقل منها درجة سواء من القانون العادي أو نص تنظيمي،
وتختلف طريقة إعداد الدستور عن طريقة إعداد القوانين العادية والنصوص التنظيمية ،وهذا تبعا لنظام
84
فقد يظهر الدستور كمنحة من الملك إلى رعيته (أسلوب المنحة) كالدستور الحكم السائد في الدولة،
المصري الذي أصدره الملك فؤاد بموجب أمر ملكي صدر سنة ،4730وقد يكون بمثابة عقد بين الحاكم
والشعب (أسلوب العقد) ،وأهير الدساتير الذي تم بهذه الطريقة دستور فرنسا الصادر سنة ،4903وقد
ينتخب الشعب هيئة معينة يعود لها صالحية إقرار وثيقة دستورية (أسلوب الجمعية التأسيسية) وأشهر
األمثلة التي استخدمت فيها هذه الطريقة هي دساتير الواليات المتحدة األمريكية فضال عن دستورها
الفيدرالي الصادر سنة .4999
29
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
وقد يتحكم الشعب مباشرة في إعداد هذا القانون األساسي بطريقة االستفتاء والطريقة المتبعة في
الجزائر هي طريقة االستفتاء ،إذ تم اعتمادها في إعداد مختلف الدساتير ،فقد نص الدستور على أن«:
السلطة التأسيسية ملك الشعب يمارس الشعب سيادته بواسطة المؤسسات الدستورية التي يختارها .يمارس
الشعب هذه السيادة عن طريق االستفتاء وبواسطة ممثليه المنتخبين .لرئيس الجمهورية أن يلتجئ إلى إرادة
85
الشعب مباشرة».
وبما أن سلطة الشعب شاركت بطريقة مباشرة في تزكية وإقرار الوثيقة الدستورية دون وساطة،
وتمثيل فإنه من الطبيعي أن تحتل الوثيقة الدستورية المكانة السامية والمتميزة.
ولكن ورغم هذا التميز تظل العالقة بين القاعدة الدستورية والقوانين العادية واللوائح التنظيمية
وطيدة ،فعندما تعترف القاعدة الدستورية بحق التقاضي أو الحق النقابي أو الحق في اإلضراب أو حق
إنشاء األحزاب معترف به ،فإن مجموع هذه الحقوق الفردية والجماعية يحتاج إلى نصوص تفصيلية تنظمها
وال يكون ذلك إال بواسطة القوانين والنصوص التنظيمية.
ولتحصين القاعدة الدستورية من أي تجاوز أو مخالفة من قبل نصوص تدنوها من حيث القوة تم
اعتماد نظام الرقابة الدستورية الذي يمارسه المجلس الدستوري فقد خول له سلطة الفصل في دستورية
المعاهدات والقوانين العضوية والقوانين والتنظيمات وذلك إما بموجب رأي قبل أن تصبح واجبة التنفيذ أو
بقرار في الحالة العكسية.
-3المعاهدات:
المعاهدات اتفاقيات تعقدها الدول فيما بينها بغرض تنظيم عقة قانونية دولية وتحديد القواعد التي
تخضع لها هذه العالقة ،وبما أن المعاهدة هي مجموعة قواعد مكتوبة أعدت بطريقة معينة لتنظيم عالقة
الدولة بغيرها من الدول ،فهي تعد جزءا من التشريع ،وهي تسمو على القانون وذلك بنص من الدستور،
ويتم إبرام المعاهدات على مراحل أساسية تبدأ بالمفاوضات واالتصاالت بين الوفود الرسمية للدلو ثم
التوصل إلى صياغة النص النهائي للمعاهدة بعد االتفاق على الشكل والموضوع ،وتحال بعضها للتوقيع ثم
المصادقة عليها من قبل السلطة التشريعية وأخي ار يتم تسجيلها.
-3التشريع العادي:
أو ما يسمى بالقانون حسب المفهوم الضيق لهذا االصطالح ،حسب نص المادة 34قانون مدني
ج ازئري والذي تسنه السلطة التشريعية حسب المادة 441من الدستور الجزائري ،والذي قد تشاركها فيه
31
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية الذي خوله الدستور التشريع عن طريق أوامر والتي لها نفس
قيمة القانون العادي في بعض الحاالت .كأن تكون الدولة مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها
الدستورية أو استقاللها أو سالمة ترابها يقرر رئيس الجمهورية الحالة االستثنائية ،ويسمى هذا النوع من
التشريع بتشريع الضرورة.
أوال -تعريف التشريع العادي
يقصد بالتشريع العادي مجموعة القواعد القانونية العامة والمجردة التي تسنها السلطة التشريعية
86
خاصة المجاالت الواردة بالمادة 139 (البرلمان) في الدولة في حدود اختصاصها المبين في الدستور
ويطلق عليها اسم القانون "La loi" ،تميي از له عن غيره من القوانين األخرى.
وإطالق اسم القانون على التشريع هو من قبيل إطالق الكل على الجزء لتبيان أهمية الجزء،87
وينص الدستور الجزائري على أن «:يمارس السلطة التشريعية برلمان يتكون من غرفتين ،هما المجلس
88
الشعبي الوطني ومجلس األمة .وله السيادة في إعداد القانون والتصويت عليه».
ثانيا -حلول السلطة التنفيذية محل السلطة التشريعية (التشريع بأوامر)
القاعدة العامة أن التشريع معقود للسلطة التشريعية في حدود الصالحيات المحددة بموجب
النصوص الدستورية ،غير أنه في حاالت محددة تملك السلطة التنفيذية أن تحل محل السلطة التشريعية في
سن التشريع العادي بموجب إصدار أوامر في مسائل عاجلة ،89وهي حالة الضرورة وحالة التفويض
بالتشريع.
تشريع الضرورة :تحل السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية محل السلطة التشريعية في سن أ-
القانون ،وتكون لتشريعات السلطة التنفيذية قوة القانون على أن تعرض على الهيئة التشريعية في أول
90
وهذا ما نصت عليه المادة 413من وتعد الغية تلك األوامر التي ال يوافق عليها البرلمان.
اجتماع لهّ ،
الدستور 4771بخالف دستور .4797
المرسوم الرئاسي رقم 113-33المؤرخ في 41جمادى األولى عام 4113الموافق ل03ديسمبر سنة 3333المتعلق 86
31
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
وإذا أتينا لحصر حاالت التشريع بأوامر من رئيس الجمهورية في التعديل الدستوري 3333نجدها
تتمثل فيما يلي:
-2في حالة شغور المجلس الشعبي الوطني (في حلة حله) (المادة 413من دستور.)3333.
-2خالل العطلة البرلمانية بعد رألي مجلس الدولة(.المادة 413من دستور .)3333
-3في حالة عدم مصادقة البرلمان على قانون المالية في المدة التي حددها الدستور وهي 91يوما
عندما يجوز للرئيس إصدار تشريع في الموضوع على شكل أمر.91
-4في الحاالت االستثنائية المذكورة في المادة 79من الدستور لسنة 3333والمتمثلة في حالة إذا
كانت البالد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو استقاللها أو سالمة ترابها
( ،يقصد بالظروف االستثنائية كأن تكون الدولة أو سالمة ترابها ،مما يستلزم السرعة في أخذ
القرار).
تشريع التفويض :يجوز لرئيس الجمهورية أن يطلب التفويض من السلطة التشريعية بغرض إضرار ب-
نصوص ذات طابع تشريعي ،وهذا التفويض قد كان منصوصا عليه في دستور 4710وكذلك في دستور
92
،ولم ينص عليه دستور 4797وهذا يعني أنه ال يجوز لرئيس الجمهورية طلب تفويض 4791
بالتشريع ،ويالحظ أن تشريع التفويض ،إن كان معموال به في عدة دول مثل فرنسا إال أنه أمر غير مقبول
من الناحية النظرية ،إذ ال يمكن للسلطة التشريعية أن تتنازل عن اختصاصها التشريعي الذي تستمده من
الدستور ،فذلك التفويض يمكن السلطة التنفيذية من تعديل التشريعات القائمة وهذا ماي يؤدي إلى التقليل
من أهمية التشريعات والنزول بها إلى مستوى اللوائح ،ولهذا تذهب الدساتير التي تقر التفويض إلى فرض
شروط معينة ،وال يجوز لرئيس الجمهورية من التشريع إال في الحدود التي تضمنها التفويض ،فال يجوز له
مجاوزتها.
ويتعين هنا إجراء الفرق بين تشريع الضرورة والتشريع بالتفويض ففي الحالة األولى ال يحتاج األمر
أن يطلب رئيس الجمهورية اإلذن المسبق إلصداره األوامر ،بل يكفي توافر حالة عدم انعقاد المجلس (بين
الدورتين) ،بينما في حالة التفويض يقتضي األمر ،واستنادا لدستور 4710أن يطلب رئيس الجمهورية
اإلذن المسبق.
32
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
33
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
-4إصدار القانون :بعد موافقة البرلمان على القانون يعرض على رئيس الجمهورية الذي يوقع على
ابتداء من تاريخ
ً القانون بقصد إصداره واألمر بنشره في الجريدة الرسمية ،وذلك في أجل أقصاه 03يوما
96
تسلمه.
-5نشر القانون :بعد موافقة رئيس الجمهورية على القانون والمعروض عليه إلصداره يقوم بالتوقيع عليه
ويأمر بنشره في الجريدة الرسمية لكي يدخل حيز النفاذ عمال بنص المادة 31من القانون المدني «:تطبق
القوانين في تراب الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ابتداء من يوم نشرها في الجريدة الرسمية .تكون
نافذة المفعول بالجزائر العاصمة بعد مضي يوم كامل من تاريخ نشرها .وفي النواحي األخرى في نطاق كل
دائرة بعد مضي يوم كامل من تاريخ وصول الجريدة الرسمية إلى مقر الدائرة ويشهد على ذلك التاريخ ختم
الدارة الموضوع على الجريدة» ،ويقصد بالنشر في الجريدة الرسمية إعالم المخاطبين (األفراد) بدخول
القانون حيز النفاذ لكي ال يتسنى لهم االحتجاج بجهل القانون ،عمال بنص المادة 91من الدستور التي
تنص «:ال يعذر بجهل القانون».
وعليه يفترض علم كافة األفراد بالتشريع بمجرد نشره وال يعذر أحد بجهل القانون وقد يؤدي هذا
المبدأ إلى اإلضرار بمصالح بعض األفراد الذين لم يعلموا بالقانون فعال ،ولكن المصلحة العامة تقتضي
تطبيق مبدأ عدم جواز االعتذار بجهل القانون حتى ال تضيع المحاكم وقتها في البحث عن ادعاءات
الجهل بالقانون من جهة ومن جهة أخرى للحفاظ على هيئة الدولة وتماسك المجتمع واستم ارره ،فال يكون
بوسع أي فرد أن يخرج على قوانين الدولة بحجة عدم علمه بها ،فتستند الدولة إلى العلم المفترض ،كماس
بق القول لتفادي االستحالة العملية إلعالم األفراد فردا فردا بكل قانون يصدر.
وال يوجد نص يقر رأي استياء من مبدأ عدم جواز االعتذار بجهل القانون إال أن الرأي المستقر في
الفقه والقضاء عدم تطبيق هذا المبدأ في الحاالت التي يثبت فيها استحالة وصول الجريدة الرسمية إلى
منطقة معينة بسبب قوة قاهرة كحرب أو فيضان أو زلزال تعذر فيها وصول الجريدة الرسمية المنشور فيها
القانون حتى يستطيع سكان المنطقة االعتذار بجهل القانون.
-5التشريع الفرعي:
التشريع الفرعي هو تشريع تسنه السلطة التنفيذية بمقتضى اختصاص أصيل ،فهي تسن هذا التشريع
في الحدود التي رسمها له الدستور ،وهنا هي ال تحل محل السلطة التشريعية.
34
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
وهذه التشريعات تعتبر أقل درجة من التشريع العادي ويقتصر اختصاص السلطة التنفيذية على
وضع لوائح محددة وهي نوعان:
أ -اللوائح التنفيذية :تشرع بقصد تنفيذ التشريع العادي الصادر من السلطة التشريعية ،ألن السلطة
التنفيذية تتولى تنفيذ القانون فهي األقدر على معرفة التفصيالت الالزمة لتنفيذ القوانين – ورئيس الحكومة
هو المختص بوضع اللوائح التنفيذية ،إذ تنص المادة 3/431من الدستور على مايلي «:يندرج تطبيق
القوانين في المجال التنظيمي الذي يعود لرئيس الحكومة» .فالقانون الذي تسنه السلطة التشريعية يضع
قواعد عامة تحتاج غالبا إلى لوائح تبين كيفية تنفيذها.
ويالحظ أنه عندما يتضمن القانون النص على وجوب صدور لوائح تنفيذية لتفصيل قواعد معينة،
فإن التأخير في إصدار هذه اللوائح يؤدي إلى تعطيل تنفيذ القانون ذاته ،إذ يستحيل تنفيذه إذا كانت القواعد
غامضة تحتاج بالضرورة إلى لوائح تنفيذيه تفصيلية وال بد أن تكون اللوائح التنفيذية مطابقة للتشريع فال
يجوز لها أن تخالفه أو تعدل منه.
ب -اللوائح التنظيمية المستقلة :إن السلطة التنفيذية هي التي تختص بإصدار اللوائح التنظيمية ،ويستمد
أساسها ومصدرها من الدستور مباشرة ،وينفرد بها رئيس الجمهورية إذ تنص على ذلك المادة 4/431من
الدستور وهذه اللوائح نوعان:
-2اللوائح التنظيمية :وتتضمن القواعد الالزمة لسير المرافق العامة للدولة ،وهي لوائح مستقلة أي ال
تصدر بقصد تنفيذ تشريع معين ،بل هي قائمة بذاتها ألنها األقدر على إدراك ما هو ضروري لسير هذه
المصالح أو المرافق.
-2لوائح الضبط أو البوليس :تتضمن القواعد الالزمة لسير األمن والهدوء والصحة العامة كلوائح تنظيم
المرور ،ومراقبة األغذية وصيانة األسواق وهذه اللوائح تختص بها أيضا السلطة التنفيذية وتتضمن عقوبات
على من يخالفها ،األمر الذي أثار نقاشا فقهيا فرأى البعض أن إعطاء السلطة التنفيذية السلطة في إصدار
لوائح تتضمن عقوبات على من يخالفها أمر يعرض حرية األفراد للخطر .ولكن الرأي الغالب أي صدور
هذه اللوائح من السلطة التنفيذية إذ أن لوائح الضبط تتناول مسائل دقيقة تحتاج إلى السرعة في التنظيم فال
يمكن إسنادها إلى السلطة التشريعية.
رأينا أن التشريع أنواع يتدرج من حيث قوة إلزامه فيكون التشريع األساس (الدستور) أسمى من
التشريع العادي والتشريع الفرعي أو التنظيمي ،ويكون التشريع العادي أسمة من التشريع الفرعي ،ويقتضي
35
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
هذا التدرج أن ال يخالف التشريع األدنى التشريع األعلى منه درجة ،وتكون هذه المخالفة ،وتأخذ هذه
المخالفة نوعين من حيث الشكل ومن حيث الموضوع.
أ -من حيث الشكل :عندما يصدر التشريع من جهة غير الجهة المخولة دستوريا لسن التشريع أو أن
يصدر من الجهة المختصة دون مراعاة اإلجراءات الواجبة االتباع في إصداره أو دخوله حيز النفاذ ،كعدم
نشره مثال.
ب -من حيث الموضوع :ويقصد بالمخالفة من حيث الموضوع أن يصدر التشريع األدنى متعارضا مع
تشريع أسمى منه في أحكامه ومقتضياته كأن يصدر تشريع عادي يحرم المرأة من حق االنتخاب مثال
فيكون بمقتضى هذه التفرقة بين الرجل والمرأة قد خرق تشريع أعلى منه أال وهو الدستور الذي يقضي
بمساواة المواطنين في الحقوق الوطنية دون تمييز بسبب الجنس.
وعليه فإن رقابة مدى دستورية التشريع تختلف حسب تدرج قوة التشريع:
أوال -شرعية اللوائح
فال بد من مطابقة الالئحة للتشريع فال يمكن أن تخالفه أو تعدل منه ،فاللوائح التنظيمية التنفيذية ال
بد أن تكون مطابقة للتشريع ،والرقابة على شرعية اللوائح من اختصاص الغرفة اإلدارية بالمحكمة العليا أذ
تنص المادة 391من قانون اإلجراءات المدنية» :تنظر الغرفة اإلدارية المحكمة العليا ابتدائيا نهائيا:
-الطعون بالبطالن في الق اررات التنظيمية أو الق اررات الفردية الصادرة من السلطة اإلدارية المركزية.
-الطعون الخاصة بتفسير هذه الق اررات والطعون الخاصة بمدى مشروعية اإلجراءات التي تكون
المنازعة فيها من اختصاص الدولة «.
أما القضاء العادي فال يحق له إلغاء قانون ما طعن فيه أمامه بعدم دستوريته ،وإنما له الحق فقط في
رفض تطبيقه على المنازعة التي أثير فيها عمال بمبدأ الفصل بين السلطات والذي مفاده أن السلطة
المخولة بالتشريع هي المخولة إللغائه.
ثانيا -دستورية القوانين
خول الدستور كل من رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس األمة حق إخطار المجلس
الدستوري حول مدى دستورية القانون كما يكون لرئيس الجمهورية حق عرض تشريع عادي على المجلس
الدستوري ألخذ رأيه في مدى دستورية قبل إصداره حسب المادة 431من الدستور ،أو أخذ رأي المحلس
الدستوري في قانون عادي دخل حيز النفاذ حسب المادة 411من الدستور التي تقضي بأن «:يفصل
المجلس الدستوري ...في دستورية ...القوانين ،إما برأي قبل أن تصبح واجبة التنفيذ أو بقرار في الحالة
36
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
المعاكسة» ،ويفقد القانون الذي صرح المجلس الدستور بعدم مطابقته للدستور أثره من يوم صدور قرار
المجلس حسب نص المادة 417من الدستور.
37
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
ويأخذ حكم اإللغاء المجرد الحالة التي يصدر فيها التشريع لمواجهة حالة مؤقتة فينتهي بنهايتها،
كالعمل بهذا القانون مدة مؤقتة ( 1سنوات مثال ،حيث يعتبر القانون ملغى بعد مرور 1سنوات).
-2اإللغاء المصحوب بإصدار تشريع جديد :ويكون بصدور تشريع جديد ينص صراحة على إلغاء
التشريع القديم أو على عبارة يستبدل أو ينص على عبارة إلغاء ما يخالفه من أحكام .وذلك حتى يكون
للتشريع الجديد القوة الملزمة والعليا في حكم النزاعات المتعلقة به مثال ورد في القانون المدني المادة 14
ملغاة بموجب القانون الجديد رقم 43 -31المؤرخ في 33جوان .3331
الصورة الثانية :اإللغاء الضمني :يقصد به صدور تشريع جديد يتعارض تماما مع تشريع قديم بالرغم من
أنهما ينضمان المسائل ذاتها ،فيستحيل التوفيق بينهما بغير إلغاء أحدهما ،وقد نصت المادة الفقرة 33من
المادة 33على مايلي «:اإللغاء قد يكون ضمنيا إذا تضمن القانون الجديد نصا يتعارض مع نص القانون
القديم أو نظم من جديد موضوعا سبق أن قدر قواعده ذلك القانون القديم» ويالحظ من نص المادة تضمنها
الحالتين:
الحالة األولى :التعارض بين نص قانوني جديد ونص قديم
في هذه الحالة ينظم المشرع إحدى المسائل التي ينظمها تشريع قائم ،فيكون التعرض بين
النصوص التشريعية القديمة والنصوص التشريعية الجديدة تعارضا جزئيا ،وفي هذه الحالة تثار أربعة
فروض:
الفرض األول :النص التشريعي الجديد عام والنص التشريعي القديم عام ،ففي هذه الحالة ال تثور صعوبة،
ألن التعارض كليا بين النصين ،فمباشرة تطبق القاعدة القانونية الجديدة وتلغى القاعدة القديمة ،مثال:
القانون القديم يبيع عمال ما ،والقانون الجديد يبرمه ،وبالتالي فإن كل مرتكب لذلك العمل يصبح مجرما.
الفرض الثاني :النص التشريعي الجديد عام والنص التشريعي القديم خاص
في هذه الحالة ال تلغى القاعدة القانونية القديمة تطبيقا لقاعدة العام ال يقيد الخاص ،فالقاعدة
القانونية القديمة ال تلغى إال بقاعدة قانونية خاصة ،ألن الحكم الخاص ال يلغي ضمنيا إال بحكم خاص
مثله ،إذ أن أصل القاعدة "الخاص يقيد العام" ومفاد ذلك أن يظل النص التشريعي السابق الخاص قائما
ونافذا باعتباره استثناء من الحكم العام الذي ورد في النص التشريعي الجديد العام.
الفرض الثالث :النص التشريعي الجديد خاص والنص التشريعي القديم خاص
تطبق قاعدة الخصا يلغي الخاص ،بمعنى أن القاعدة القانونية الجديدة تلغي وتحل محل القاعدة
القانونية القديمة ،وذلك لعدم إمكانية الجمع في التطبيق بين حمتين متعارضتين.
38
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
الفرع الرابع :النص التشريعي الجدي خاص والنص التشريعي القديم عام
تطبق قاعدة الخاص يقيد العام يقدر ما يوجد بينهما من تعارض وبيان ذلك أن المشرع إذا أصدر
قاعدة قانونية جديدة خاصة تتعارض مع نص قاعدة قانونية قديمة عامة ،كان مقصوده من ذلك أن ينفذ
كل من النصين في نطاقهن فالنص الخاص يقيد مجال تطبيق النص العام.
الحالة الثانية :التنظيم القانوني الجديد الشامل
يصدر المشرع فيهذه الحالة تشريعا جديدا ينظم موضوعا يحكمه قانون قائم تنظيما شامال ،فيكون
مفاد ذلك هو اتجاه نيته إلى اإللغاء الضمني لكل النصوص التشريعية السابقة عليه ولو لم تكن النصوص
التشريعية القديمة متعارضة كلها أو بعضها مع القواعد التشريعية الحديدة ،فالتشريع الجديد يلغي جملة
وتفصيال القانون القديم ولو انتفى التعارض.
41
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
-3أن تكون العادة ثابتة :ويقصد بذلك إطراد (تواصل) سلوك الناس على إثبات العمل بها بطريقة
منتظمة بحيث يستقر العمل بها ،وأن قدمك العادة وثابتها أمران يساهمان في ترسيخ العرف واستقرار
أحكامه.
-4أن تكون العادة غير مخالة للنظام واآلداب العامة السائدة في المجتمع :ألن العرف الذي ينطوي
على مخالفة النظام واآلداب العامة ال يشكل قاعدة قانونية ألن غرض القانون هو حماية النظام واآلداب
العامة.
-2الركن المعنوي :لكي يتكون العرف ال بد من شعور الناس بضرورة احترام مقتضياته كاحترامهم للقواعد
التشريعية ،وقبل أن يرسخ في أذهان الناس هذا االعتقاد بإلزامية قاعدة معينة فإنها تبقى عادة وال ترقى
لمرتبة العرف الركن المعنوي هو الذي يميز العادة عن العرف.
يتفق العرف مع العادة االتفاقية في كونها من نتاج المعامالت ،ومصدرها غير معلوم يقينا،
فكالهما درج عليه العمل بطراد هذا من حيث أوجه االتفاق ،أمتا من حيث أوجه اختالفهما ،ففي حين يعد
العرف قانونا يطبقه القاضي من تلقاء نفسه ال فتراض علمه به ،نجد أن العادة االتفاقية هي مجرد اعتياد
يفتقر إلى االلت زام بغير سند اتفاقي ،فمدر التزام األطراف بالعرف هو توافره على ركنين مادي (وهو
االعتياد) ومعنوي (وهو الشعور باإللزام) ،أما العادة االتفاقية فهي عرف مجرد من الركن المعنوي ،أو هي
عرف في طور التكوين.
ويترتب على التفرقة بين العرف والعادة اآلثار اآلتية:
أ -بما أن العرف ينشأ القاعدة القانونية فإنه يفترض العلم به من طرف األشخاص معرفتهم بالتشريع ،بينما
العادة ال يفترض العلم بعها باعتبارها واقعة مادية ،فعلى من يتسمك بوجود عادة ما إثباتها.
إن تطبيق العادة مرهون بإرادة األطراف إن شاءوا اتفقوا عليها وإن شاءوا نبذوها على خالف العرف ب-
الذي يطبق بوصفه قاعدة قانونية مفروضة على اإلرادات الفردية.
ج -إن القاضي ملزم بتطبيق العرف مكن تلقاء نفسه في حالة عدم وجود نص تشريعي ،ولو لم يطلب إليه
األفراد ذلك ،أما العادة االتفاقية فال يلتزم القاضي بها إال إذا اتفق األطراف صراحة أو ضمنا على أعمالها
وتمسكوا بذلك في مواجهته.
41
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
د -أن تطبيق القاضي للعرف يخضع لرقابة المحكمة العليا باعتباره مسألة قانونية خاضعة لرقابة محكمة
النقض ،بينما تطبيق العادة ال يخضع لرقابة المحكمة العليا العتبار العادة مسألة واقع تخضع للسلطة
التقديرية.
جاءت أنواع العرف لتوضيح عالقة أو مكانة العرف في التشريع ،ويميز الفقهاء بين أنواع ثالثة
للعرف هي على التوالي :العرف المكمل للتشريع والعرف المعاون للتشريع والعرف المخالف للتشريع:
أوال -العرف المكمل للتشريع
لهذا العرف قوة ذاتية مكملة في حالة وجود قصور في التشريع من نقص أو إبهام ،مقصود أو غير
مقصود من المشرع ،وذلك بوصفه مصد ار تكميليا مرنا يسد جانبا من نقص التشريع ويعينه على مسايرة
التطور الدائم في نطاق الروابط االجتماعية.
وقد نص المشرع صراحة في المادة األولى من القانون المدني الجزائري على أنه في حالة عدم
وجود نص التشريع يرجع إلى مبادئ الشريعة اإلسالمية ،فإن لم يوجد فيرجع إلى العرف ،ويالحظ أن
األعراف المكملة توجد في مختلف فروع القانون باستثناء القانون الجنائي فال يعد العرف مصد ار لقواعده إذ
تنص المادة األولى من قانون العقوبات على أنه «:ال جريمة وال عقوبة إال بنص في القانون» ،ومن
تطبيقات هذا العرف في التشريع ما يلي:
-احتفاظ المرأة بلقبها العائلي بعد الزواج إلى جانب لقب زوجها ومصدره العرف.
-ويعد القانون التجاري الميدان الخصب للقواعد العرفية ،نظ ار لتنوعها وتطورها المستمر ،وقصور
التشريع عن اإللمام بها ،ومن ذلك ما جرى عليه العرف التجاري في تضامن المدينين لدين واحد،
فيستطيع الدائن الرجوع على أي منهم ومطالبته بالوفاء بالدين وقد قنن القانون التجاري هذا العرف،
وأيضا نالحظ أن بعض النصوص القانونية تحيل مباشرة إلى العرف ومن أمثلة ذلك:
مثال -2نفقات التسليم تكون على البائع ما لم يقضي االتفاق أو العرف بغير ذلك.
مثال :2يكون الثمن مستحق األداء فور تمام العقد ،ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك.
أما في القانون الدستوري فيعتبر من األعراف الدستورية إعطاء تفويض للسلطة التنفيذية لسن
تشريعات معينة إذا تطلبت السرعة والسرية ذلك.
42
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
أما بالنسبة للقانون الدولي الخاص فيالحظ أن معظم قواعده نشأت عرفية كقاعدة اخضاع شكل
العقد إلى قانون البلد الذي أبرم فه وقاعدة خضوع الميراث المنقول لقانون موطن المتوفي.
ويالحظ أن دور العرف المكمل للتشريع أقل من دور العرف المساعد للتشريع.
ثانيا -العرف المساعد للتشريع
يقصد بذلك العرف الذي يلجأ إليه القاضي بناء على دعوة صريحة من المشرع لضبط صياغة نق
قانون معين لضمان سالمة تطبيقه ،فنجد هنا أن المشرع نفسه يتعمد ترك مسألة معينة للعرف المساعد
وليس قصو ار أو إهماال كما يحدث في العرف المكمل ،فالمشرع في العرف المساعد قد يترك مسألة برمتها
لينظمها العرف أو يجعل العرف يضبط صياغة نص معين أو يفسر هذا النص ،وذلك على النحو اآلتي:
أ -العرف المساعد في الحل التشريعي :مثال ذلك :القاعدة التي تقضي بأنه ال يجوز فسخ الوكالة بالعمولة
غير المحددة بمدة إال بعد اعذار مسبق ومطابق لألعراف الجاري العمل بها المادة 01قانون تجاري
جزائري.
ب -العرف المساعد في ضبط اللفظ :مثال ذلك :المادة 439فقرة« :33وال يقتصر العقد على إلزام
المتعاقد بما ورد فيه فحسب ،بل يتناول ما هومن مستلزماته وفقا للقانون والعرف.»...
ج -العرف المساعد في تفسير اللفظ :مثال ذلك :المادة 444فقرة 33قانون مدني جزائري «:أما إذا كان
هناك محل لتأويل العقد ،فيجب البحث في نية التعاقدين دون الوقوف على المعنى الحرفي لأللفاظ وفقا
للعرف الجاري في المعامالت.»...
ثالثا -العرف المخالف للتشريع
يقصد بذلك العرف الذي يتعارض مع نص تشريعي ،هذا العرف ال غنى تطبيقا لقاعدة تدرج
التشريعات التي تقود إلى إعمال قاعدة الالحق يلغي السابق ما دامت أقوى منها في الدرجة والمرتبة ،ومفاد
ذلك تغليب القاعدة التشريعية على القاعدة العرفية ألن األخيرة ،أدنى مرتبة من األولى ،يستوي في ذلك أن
تكون الق اعدة التشريعية آمرة أو مكملة ،إال إذا رهن المشرع في نص قانوني معين إعمال القاعدة القانونية
اآلمرة بعدم وجود عرف مخالف صح عمله ،أو اشترط المشرع تطبيق القاعدة القانونية المكملة بعدم وجود
اتفاق أو عرف مخالف صح عمله أيضا.
مثال المادة 147قانون مدني جزائري «:تعتبر حصص الشركاء متساوية العرفية وأنها تحظى
ملكية المال ال مجرد االنتفاع به ،ما لم يوجد اتفاق أو عرف يخالف ذلك».
43
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
تنص المادة األولى من القانون المدني الجزائري على مايلي «:يسري القانون على جميع المسائل
التي تتناولها نصوصه في لفظها أو في فحواها وإذا لم يوجد نص تشريعي ،حكم القاضي بمقتضى مبادئ
الشريعة اإلسالمية.
فإذا لم يجد فبمقتضى العرف.
فإذا لم يجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقوعد العدالة».
نستنتج من نص هذه المادة أن إعمال القاضي لمبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة مرهون بعدم
وجود نص في القانون أو مبادئ الشريعة اإلسالمية أو العرف (أن مصدر الشريعة اإلسالمية يغني القاضي
مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة).
ومفاد وضع هذين المصدرين في ذيل قائمة المصادر الرسمية هو منع القاضي من اللجوء إليهما
إال بعد استنفاذه للمصادر التي تسبقها فإذا وجد نصا قانونيا ،أو مبدأ من مبادئ الشريعة اإلسالمية أو عرفا
امتنع عليه اللجوء إلى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة.
وعليه فالمشرع بمقتضى المادة 34من القانون المدني أحال القاضي على مبادئ القانون الطبيعي
وقواعد العدالة الستلهامها واستنباط قاعدة يطبقها على النزاع ،نظ ار ألن القاضي ملزم بإصدار حكما في كل
نزاع يعرض عليه حسب مقتضيات المادة 117من قانون اإلجراءات المدنية التي تنص على أن «:كل
قضية ترفع لدى جهة قضائية يجب أن تقضي فيها بحكم» ،وإن امتناع القاضي عن البت في نزاع مطروح
عليه يشكل جريمة إنكار العدالة التي يعاقب عليها القانون بنص المادة 401قانون عقوبات التي تقضي
بأنه «:يجوز محاكمة كل قاضي يمتنع بأي حجة كانت عن الفصل فيما يجب عليه أن يقضي فيه بين
األطراف ،بعد أن يكون قد طلب إليه ذلك ويعاقب بغرامة من 913إلى 0333دج وبالحرمان من ممارسة
الوظائف العامة من 1إلى 33سنة».
وبالتالي فمبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة تعتبر مصادر احتياطية بالمقارنة مع المصادر
الرسمية األخرى المتمثلة في القانون (التشريع) ،ثم مبادئ الشريعة اإلسالمية ثم العرف فما المقصود يا ترى
بمبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة؟
44
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
عرفها الفقيه Grotiusغروتبس بأنها القواعد المشتركة للمجموعة البشرية والتي ال تختلف من
مجتمع آلخر ،والذي أطلق على القانون الطبيعي تسمية "قانون األمم" أو أنه تلك القواعد الحية والخاضعة
للتطور االجتماعي بغض النظر عن إرادة المشرع حسيب .Sariny
وعليه يقصد بمبادئ القانون الطبيعي مجموعة القواعد التي يستخلصها العقل البشري من طبيعة
الروابط االجتماعية وفقا للمجرى العادي لألمور ،فهي بذلك مجموعة من المثل العليا السائدة التي تعبر عن
رأي الجماعة في ضوء المصلحة العامة ،ومفاد ذلك أن القاضي ليس له أن يفرض معتقداته وآرائه
الشخصية عند استخالص هذه القواعد .فعادة تقاعس درجة كمال التشريع الوضعي بدرجة اقترابه من مبادئ
القانون الطبيعي.
45
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
تنص المادة 43من الدستور الجزائري على مايلي «:ال يعذر بجهل القانون.
يجب على كل شخص أن يحترم الدستور وقوانين الجمهورية».
وعليه فتطبيق القانون من حيث األشخاص يحكمه مبدأ أساسي هو "مبدأ عدم جواز االعتذار بجهل
القانون.
-2المبدأ :عدم جواز االعتذار بهذا القانون :ويرد عليه إنشاء ومفاد هذا المبدأ أن القاعدة القانونية أيا كان
مصدرها تسري على جميع األشخاص المخاطبين بها سواء كانوا عالمين أو جاهلين بها ،إذ ال عذر ألحد
بجهل القانون.
وبناء على ذلك فمجال تطبيق هذا المبدأ ال يقتصر على التشريع فقط دون سواه من المصادر
األخرى ،بحيث ال يجوز للشخص أن يدعي جهله بمبادئ الشريعة اإلسالمية طالما كانت مصد ار من
مصادر القانون يلجأ إليها القاضي في حالة عدم وجود نص في التشريع ،وكذلك ال يجوز اإلدعاء بجهل
العرف .يشمل القانون العام والقانون الخاص.
ومبدأ "عدم جواز االعتذار بجهل القانون" وال يقتصر على القواعد اآلمرة فقط دون القواعد المكملة،
ألنه لو كان كذلك فسيفح المجال أمام األفراد لإلدعاء بجهل القواعد المكملة واستبعادها من قبل ذوي
المصلحة حتى بعد التعاقد ،وهذا يتنافى مع عنصر االلزام الموجود في القاعدة المكملة ،ويتنافى مع مبدأ
استقرار المعامالت فالحكمة االستثناءات الواردة على المبدأ.
من وجود خذا المبدأ وافتراض علم المكلفين بالقانون هو استقرار المعامالت ودعم الثقة فيها لضمان
سير العدالة ،وإدارتها وال يضيع جهد ووقت المحاكم في النظر في الدعاوى المؤسسة على االدعاءات بعدم
العلم بوجود القانون ،إضافة أنه لو تم التسليم بجوز االعتذار بجهل القانون فسيتم إسقاط عنصر االلزام
الموجود في القاعدة القانونية وتصبح خاصية االلزام متوقفة على ثبوت العلم بالقاعدة ،وهذا يتعارض
ويتنافى مع خصائص القاعدة القانونية.
46
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
-2االستثناء :وجود قوة جاهزة تحول دون العلم :إن عدم تشر التشريع يترتب عليه عدم إمكان تطبيقه
ويعد ذلك إثبات قاطع على استحالة العلم بالتشريع لذا فرغم الجدال الفقهي القائم بشأن حاالت االستثناء،
فقد وقع اإلجماع على حالة القوة القاهرة التي تحول دون وصول التشريع إلى علم األفراد ،إذ يجوز لألفراد
االحتجاج بجهل القانون طالما قام الدليل حول عدم وصول الجريدة الرسمية لمنطقة معينة بسبب عائق مال
كحدوث زلزال أو فيضان أو حصار عسكري أو انقطاع المواصالت....فكلها اعتبارات موضوعية توجب
قبول عذر الجل بالقانون.
وعليه فوجود القوة القاهرة مقترن تماما بإمكانية جواز االعتذار بجهل القانون (بمعنى ال توجد قوة
قاهرة يبقى المبدأ على حاله وهو عدم جواز االعتذار بجهل القانون ،والقوة القاهرة تمثل في حل سبب عام
غير متوقع ال يمكن دفعه يحول دون الشخص وتنفيذ التزامه أو يمنعه من إتمام ما يقع عليه من التزامات
وبالتالي فال يؤخذ المشرع بالظروف الخاصة لكل شخص من مرض أو سفر بل يأخذ بعين االعتبار
الظروف العامة التي يمكن دفعها أو مواجهتها.
-3الفرق بين الجهل بالقانون والغلط في القانون :تختلف القاعدة األولى عن الثانية في أن األولى يقصد
بالتمسك بها استبعاد حكم القانون بحجة الجهل به ،في حين أن الثانية يقصد عنها الحتجاج بها تطبيق
حكم القانون مب اشرة وبيان ذلك أن من يدعي جهله بوجود قوانين تمنع االتجار في العملة الصعبة يرمي
بذلك إلى استبعاد هذا القانون من التطبيق حتى يبرئ ذمته.
أما حين يدعي أو وهما ثار في ذهنه جعله يتصور أم ار على غير حقيقته ويتمسك بإبرام العقد،
كأن يبيع نصيبه في تركة على أساس أنه الربع ثم يتبين أنه ورث الثلث -فهو يقصد إعمال النص القانوني
الذي يخوله الحق في طلب إبطال العقد في هذه الحالة.
وعلى هذا أألساس ال تكون قاعدة جواز التمسك بالغلط في القانون استثناء على قاعدة عدم
االعتذار بجهل القانون ،ألنها تقوم على أساس إعمال قاعدة قانونية حطأ في غير محال تطبيقها ،مما
يتعين معه تصحيح الوضع بإعمال هذه القاعدة إعماال صحيحا.
هذا بالنسبة للذي يدفع بالغلط في القانون ،أما من يدفع بجهله أحكام القانون إنما يريد أن يتنصل
من حكم القاعدة كلية.
47
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
نقصد بهذا المبدأ سريان القانون الوطني على كل من يتواجد على إقليم الدولة التي أصدرته سواء
أكان من الوطنيين أو األجانب ،وال يسري للخارج ولو كانوا من رعايا الدولة ،ويأخذ بهذا المبدأ أغلبية بلدان
العالم ،من بينهم الجزائر ،حيث ينص المشرع في المادة 31من القانون المدني الجزائري على أنه«:
يخضع كل سكان القطر الجزائري لقوانين الشرطة واألمن».
ويرتبط مبدأ إقليمية القوانين بظهور مبدأ السيادة ارتباطا وثيقا ،ونتيجة لذلك أضحى من المنطق أن
يسيطر مبدأ اإلقليمية على مجموع فروع القانون العام ،فالقانون الدستوري ونظ ار لخصوصية قواعده المتكفلة
بتنظيم سلطات الدولة وتحديد حقوق وحريات األفراد فال يتصور أن تنفذ خارج إقليم الدولة ،وفي مجال
قانون العقوبات فهو مظهر من مظاهر سيادة الدولة فيحق ألي دولة أن تجرم أي فعل تراه مهدد أمنها
وعالقة أفرادها ببعضهم البعض حيث تنص المادة 30من قانون العقوبات الجزائري على مايلي «:يطبق
قانون العقوبات على كافة الجرائم التي ترتكب في أراضي الجمهورية الجزائرية».
فال يطبق قانون عقوبات أجنبي على جريمة ارتكبت في اإلقليم الوطني ،وبالمقابل ال يمتد نطاق
القانون الجنائي الوطني إلى خارج إقليم الدولة حيث يصطدم بسيادات دولة أخرى ،ونفس الشيء بالنسبة
لقانون اإلجراءات الجزائية فال يجوزك لألجنبي التمسك بالمسائل اإلجرائية المنصوص عليها في قانون
دولته ،بل يخضع لقانون الدولة التي ارتكبت الجريمة في ترابها.
ومبدأ اإلقليمية يطبق أيضا على القانون اإلداري فتطبق قواعد هذا القانون المتعلقة ببيان األشخاص
والهيئات المباشرة للسلطة التنفيذية وتحديد وضبط العالقة بين هذه السلطة وموظفيها تطبيقا إقليميا صارما.
وتشمل كأصل عام الوطنيين واألجانب كالقواعد المتعلقة بلوائح الضبط وغير ذلك مما يدخل في
المجال اإلداري ،ونفس الشيء بالنسبة لقانون المالية بما تحمله من ضرائب ورسوم على حاملي جنسية
48
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
الدولة وغيرهم ،فقواعده تسري على حاملي جنسية الدولة وغيرهم ،خاصة بالنسبة للمستثمرين األجانب من
تخفيف أو اعفاء للضرائب.
أما مجال القانون الخاص فاألصل أنه يخضع لمبدأ اإلقليمية وهذا يتجلى في مسائل عديدة
كالقوانين المتعلقة بشكل التصرفات ،حيث نصت المادة 47قانون مدني جزائري على أن تخضع العقود ما
بين األحياء في شكلها لقانون البلد الذي تمت فيه كأصل عام ويمكن أن تخضع لقانون آخر ،وأيضا
القوانين المتعلقة بالعقار ،فطالما كان العقار ثابت فإنه يخضع لقانون البلد الموجود فيه (المادة 49قانون
مدني).
فالقانون الخاص وما اشتمل من نصوص المدني والتجاري والبحري يخضع لمبدأ اإلقليمية ،ولكن
واستثناءا من هذه القاعدة قد يطبق القانون الخاص خارج إقليم الدولة وهذا إعماال بمبدأ الشخصية.
ونعني بهذا المبدأ سريان قانون الدولة على رعاياها أيا كان مكانهم ،فيحمل كل منهم قانونه على
ظهره أينما حل بعد رحيله من الوطن ،ومقتضى إعمال هذا المبدأ عدم تطبيق الدولة لقانونها على األجانب
الموجودين على أرضها احترما للقانون الوطني الواجب التطبيق ،وبالتحديد مجال تطبيق هذا المبدأ على
العالقات ذات العنصر األجنبي ،فموضوع هذه العالقات والمعامالت ال عالقة لها بالجانب السيادي للدولة
ويفترض فيها أال تعارض بينها وبين النظام العام ،وقد أجمعت النظم المعاصرة على أنه إذا تعلق األمر
باألحوال الشخصية كالزواج والطالق والوصية والنفقة والميراث فيطبق على األجنبي قانونه الوطني الخاص
بالدولة التي ينتمي إليها.
فبالنسبة لآلثار المالية والشخصية التي يرتبها عقد الزواج فيطبق قانون الدولة التي ينتمي إليها
الزوج وقت انعقاد الزواج ويسري على انحالل الزواج واالنفصال الجسماني القانون الوطني الذي ينتمي إليه
الزوج وقت رفع الدعوى (المادة 43قانون مدني) .ويبقى الحكم في سريان قانون جنسية المالك (الميراث)
أو الموصى الوصية ،وقت الموت ،والواهب (الهبة) أو الواقف (الوقف) وقت إجرائها وذلك وفقا للمادة 41
قانون مدني جزائري.
وباإلضافة إلى مبدأ الشخصية هناك استثناءات أخرى ترد على مبدأ اإلقليمية:
-2القانون الدولي العام :فال يخضع رؤساء الدول األجنبية والممثلين الدبلوماسيين وزوجاتهم وأفراد أسيرهم
المقيمين معهم للقانون الوطني وذلك حتى يتمكنوا من أداء مهامه بعيدا عن تدخل سلطات الدولة األجنبية.
49
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
-2القوانين الدستورية والسياسية :هذه القوانين شخصية التطبيق كالترشيح واالنتخاب وحق تولي
الوظائف العامة حيث ال يجوز لغير رعايا الدولة واألجانب ،ممارسة هذه الحقوق ،والعلة في هذا االستثناء
هي ارتباط هذه القوانين باالنتماء للوطن.
-3القانون اإلداري :القاعدة العامة في تولي الوظائف العامة أن التوظيف مقصور على الوطنيين دون
األجانب وهذه القاعدة ال تمنع من االستعانة بضع األجانب في إطار اتفاقات خاصة وإخضاعهم لنصوص
مختلفة.
-4القانون الجنائي :أورد المشرع الجزائري على مبدأ اإلقليمية في المجال الجنائي استثناءا يخص الجرائم
المرتكبة في الخارج بكيفية يحددها قانون اإلجراءات الجزائية ،حيث نصت المادة 193لقانون اإلجراءات
الجزائية «:كل واقعة موصوفة بأنها جناية معاقب عليها في القانون الجزائري ارتكبها جزائري في خارج إقليم
الجمهورية يجوز أن تتابع ويحكم فيها في الجزائر».
غير أنه ال يجوز أن تجري المتابعة أو المحاكمة إال إذا عاد الجاني إلى الجزائر ولم يثبت أنه حكم
عليه نهائيا في الخارج وأن يثبت في حالة الحكم باإلدانة أنه قضى العقوبة أو سقطت عنه بالتقادم أو
حصل على العفو عنها.
يقصد بهذا المبدأ عدم انطباق القانون على الوقائع السابقة على صدوره ،فالقانون الجديد يجب أال
يمس ما تم أو انقضى تكوينه من عناصر المركز القانوني ،أو ما ترتب من آثار على هذا المركز في ظل
القانون القديم ،وفال يحكم القانون الجديد إال ما يتم في المستقبل من مراكز أو آثار ،وهذا يعني أنه ليس
للقانون الجديد أثر على وقائع حدثت في الماضي في ظل نص معين ،فال يتصور من حيث األصل أن
51
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
صدر المشرع نص جديد ليخاطب األفراد ويحاس بهم على وقائع حدثت في الماضي ،ويستند هذا المبدأ لعدة
اعتبارات أهمها:
يبدأ تطبيق القانون من تاريخ نشره وبالتالي يطبق فقط على الوقائع المستقبلية أو الوقائع التي نشأت -2
من تاريخ صدوره ،والقول بغير ذلك يعني تطبيق قانون لم يكن بوسع األفراد العلم به.
اعتبارات العدالة تقضي بوجوب العمل بالقانون من تاريخ إصداره ونشره ألن الفعل قد يكون مباحا -2
في القانون القديم ويجرم بالقانون الجديد ،نظ ار لالحتياجات التي يقتضيها تطور المجتمع وتغيره.
يحقق هذا المبدأ االستقرار في المعامالت ألنه يمكن المتعاملين على أساس قانون معين هو -3
المطبق وقت المعاملة وفقا للقانون الساري حتى ال تتأثر حقوقهم أو واجباتهم بصدور قوانين جديدة تؤثر
على التزاماتهم.
وتطبيقا لمبدأ عدم رجعية القوانين فقد نصت المادة 11من دستور 71على أنه «:ال إدانة إال
بمقتضى قانون صادر قبل ارتكاب الفعل المجرم» ،وهذا في المجال الجنائي أما في المجال المالي فقد جاء
في المادة 11من دستور «:71ال يجوز أن تحدث أية ضريبة إال بمقتضى القانون وال يجوز أن يحدث
بأثر رجعي ألية ضريبة أو جباية أو رسم أو أي حق كيفما كان نوعه».
االستثناءات الواردة على المبدأ
المبدأ العام هو عدم رجعية القوانين وقد ترد عليه استثناءات تجعل من رجعية القانون في مواضع
معينة أم ار مقبوال وهذه االستثناءات هي:
-2النص صراحة على سريان التشريع على الماضي :يجب أن يشير النص صراحة على الرجعية في
ضوء اعتبارات معينة تتعلق بالمصلحة والعدالة ،فال يجوز ضمنا رد القوانين للماضي ،فالمشرع ينص
صراحة على مبدأ رجعية القوانين ،ومثال ذلك متا نصت عليه المادة األولى مكن األمر رقم 94/11المؤرخ
في 33سبتمبر 4794المتعلق بإثبات كل زواج لم يكن موضوع عقد محرر أو منسوخ في سجالت الحالة
المدنية حيث جاء فيها «:إن كل قران انعقد قبل صدور هذا األمر ونتج عنه أوالد ولم يكن موضوعا ألي
إجراء وال ألي عقد محرر أو منسوخ في سجالت الحالة المدنية يمكن أن يقيد في سجالت الحالة
المدنية.»...
-2تطبيق القانون األصلح للمتهم :وهو القانون المزيل لوصف الجريمة عن الفعل أو المخفف لعقوبة
التي كانت مقررة له ،فهذا القانون يسري بأثر رجعي على ما ارتكب قبلها من أفعال في ظل قانون آخر أشد
والقيد الوحيد لتطبيق هذا االستثناء هو أال يكون قد صدر بشأن هذا الفعل المجرم بإباحته أو تخفيف
51
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
عقوبتاه يستوجب أن يستفيد المتهم من ذلك ما دام القضاء لم يصدر عليه حكم نهائي بعد ،فال جدوى من
معاقة الجانية ومطاردته عن فعل أصبح مباحا.
-3إذا كان القانون الجديد قانونا تفسيريا :قد يحمل التشريع عبارات غامضة يصعب معرفة مقصد
المشرع من خاللها ،لذا يلجأ أحيانا إلى إصدار تشريعات تفسيرية لرفع اللبس على النصوص فيكون لها أثر
على الماضي ،ألنها جاءت لتكشف عن مضمون النص األصلي ،فالتشريعات التفسيرية ال تأتي بأحكام
جديدة بل هي شارحة للنص القديم.
غير أن المالحظ أن مبدأ عدم رجعية القوانين ال يوضح أو يبين لنا القانون الواجب التطبيق في
بعض الحاالت:
القانون الواجب على المراكز القانونية التي لم تكن قد استكملت عناصر تكوينها أو انقاءها عند -
صدور القانون الجديد.
والقانون الواجب على أثار المراكز القانونية التي تمت أو تم انقضاءها عند صدور القانون الجديد. -
والقانون الواجب التطبيق على آثار المراكز القانونية التي تمت أو انقضا بالفعل في ظل القانون -
القديم.
وهذه الحاالت هي التي استلزمت اللجوء إلى مبدأ األثر الفوري أو المباشر للقانون.
قبل عرض مضمون هذا المبدأ يجب أوال أن نفرق بين المركز القانوني والمركزي العقدي:
المركز القانوني ( :)Situation légaleوهو المركز الذي ينظم القانون أحكامه تنظيما دقيقا ،فال يكون
لمن دخل فيه إال االمتثال لحكم القانون ومثال ذلك مركز الوجين ومركز الوظف فهما يخضعان ألي تعديل
تشريعي يؤثر في مركزيهما ،فحقوق وواجبات الزوج والموظف تتحدد مسبقا من المشرع بمجرد دخولهما في
العالقة الزوجية أو الوظيفة.
المركز العقدي :)Situation contractuelle( :وهو المركز الذي يترك المشرع مسألة تنظيمه من
حيث التكوين واالنقضاء واآلثار إلرادة األفراد ،مثل البائع والمشتري ،والمؤجر والمستأجر والدائن والمدين.
مضمون مبدأ األثر الفوري والمباشر للقانون :بموجب هذا المبدأ يخضع للقانون الجديد كل ماي قع بعد
نفاذه ولو كان مترتبا على وقائع أو مراكز قانونية نشأت في ظل القانون القديم ،فيحكم القانون الجديد ما
تكون أو النقضى وما ترتب من آثار على المراكز القانونية الموجودة عند صدوره.
52
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
فإذا كان المركز تم وانقضى أو كان األثر قد تحقق فال شأن للقانون الجديد به ،إذا كان لم يتم ولم
ينقض أو كان األثر لم يتحقق بعد ،القانون الجديد وحده هو الذي يحكم هذه المسألة مع األخذ في االعتبار
تحقق بالفعل من عناصر لها قيمة أو ذاتية قانونية خاصة يظل للقانون القديم.
وهذا المبدأ يطبق على المراكز القانونية دون المراكز وللتوضيح أكثر أوردنا هذه األمثلة العقدية.
نص المادة 33من القانون المدني «:97ال يسري القانون إال على ما يقع في وال يكون له أثر رجعي».
االستثناءات الواردة على المبدأ :يوجد استثناء على مبدأ األثر الفوري قانون وهو حالة اآلثار الخاصة
بالم اركز القانونية العقدية ،مضمون هذا االستثناء أن اآلثار المستقبلية للعقود المستمرة والتي أبرمت قبل
العمل بالقانون الجديد يسري عليها القانون القديم ويطلق على هذا االستثناء "األثر المستمر للقانون القديم"،
98
إذ بمقتضاه يستمر القانون القديم في حكم اآلثار المترتبة على مراكز قانونية تكونت وفقا للقانون القديم.
وتبرير ذلك االستثناء هو مبدأ ":العقد شريعة المتعاقدين" ،واحترام إرادة المتعاقدين حتى ال يؤدي
ذلك إلى اإلخالل بالتوازن العقدي بالنسبة ألطرافه وطالما لن يترتب عليه إهدار لحقوق الغير وال يخالف
النظام العام واآلداب العامة.
ونضرب على ذلك األمثلة اآلتية:
-مثال المركز القانوني الذي لم يتم :مركز واضع اليد الذي استوفى مدة عشر سنوات من خمس عشرة
سنة يتطلبها القانون القائم الكتساب الملكية ،فإذا صدر القانون الجديد جاعال هذه المدة سبع عشرة سنة فإن
المدة الجديدة تصبح وحدها واجبة االستيفاء ليتحقق وضع اليد ألجل اكتساب الملكية.
-مثال المركز القانوني الذي لم ينقض :مركز الشخص الذي يسري التقادم في حقه ،فإذا لم تكن المادة قد
استكملت فالفعل عند صدوره فإن القانون الجديد وحده هو الذي يحدد هذه المدة سواء أكان أطول أمك أقل
بقطع النظر عن المدة التي كانت واردة في القانون القديم.
-مثال العنصر التي يتحقق عنصر من عناصرها له ذاتية قانونية خاصة :مركز الموصى الذي يحرر
وصية عرفية في ظل قانون يجيز ذلك ثم يصدر قانون جديد في حياة الموصى يشترط رسمية الوصية،
يتحدد هذا المركز بتحديد الوصية ووفاة الموصى ،فال يمس القانون الجديد إال الشق الثاني وهو الوفاة،
فإذا كان هذا القانون الجديد ينزل بحد اإليصاء من الثالث إلى الربع نفذ حكمه ألن القدر الجائز بحد
اإليصاء به يحكمه القانون الجديد ألن الوفاة تحققت في ظله.
عبد المجيد زعالني ،المدخل لدراسة القانون النظرية العامة للقانون ،دار هومة ،سنة ،3343ص.430 98
53
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
-مثال اآلثار المستقبلية :مركز الزوج الذي صدر قانون جديد يحمره حقه في الطالق فإرادته المنفردة،
فهذا القانون الجديد يحكم العالقة الزوجية القائمة رغم أنها نشأت قبل صدوره ونفاذه.
تعريف التسفير :ينصرف معنى التفسير إلى بيان حقيقته معنى قاعدة تشريعية مكتوبة صادرة من سلطة
مختصة ،فهو فن قائم بذاته ،كونه يهدف إلى توضيح نص غامض أو إكمال نص مقتضب ،أو التوفيق
99
بين أجزاء متناقضة لنص واحد ،والقاعدة أنه ال مجل لالجتهاد في مورد النص الواضح.
فالتفسير ليس في حقيقته سوى بيان لحقيقة نص تشريعي ،الصادرة من سلطة مختصة .والجدير
بالذكر أن التفسير ال يرد إال على القواعد التشريعية المكتوبة ،وبذلك تستبعد القواعد التشريعية غير المكتوبة
كالعرف ومبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة (توضيح أو تحديد معنى العرف ال يتخذ شكل التفسير بل
يتخذ شكل التثبت من وجودها بمعنى ميعن ،فهي مسألة إثبات).
أنواع التفسير
يفرق الفقه عادة بين أربعة أنواع مكن التفسير وذلك بالنظر إلى الجهة التي يصدر عنها وهي:
هو التفسير الذي يضعه المشرع لنصوص قانونية غامضة المدلول والمعنى ،كلها ألي ضرورة
لذلك ،حيث إذا لم يستدل القضاء على المدلول الحقيقي للنص والمغزى منه ،يصدر المشرع نصا قانونيا
ثانيا مفس ار للنص القانوني األول ،وتعتبر النصوص التفسيرية لها نفس القوة اإللزامية للنصوص األصلية،
100
وعادة يكون هذا التفسير صاد ار من الجهة التي أصدرته.
وال يعد تفسي ار تشريعيا ذلك الذي يخرج على أحكام نص سابق أو يلغيه ويعد له بحكم يخالفه أو
يستحدث معنى جديدا لم تكن تحتمله عباراته.
54
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
وعليه ال يجوز أن تكون سلطة تفسير النصوص التشريعية (سواء تولتها السلطة التشريعية أم
باشرتها الجهة التي عهد إليها ،بهذا االختصاص) ،ستا ار أو موطئا إلى تعديل هذه النصوص بذاتها بما
يخرجها عن معناها أو يجاوز األعراض المقصودة منها .إذ يعتبر ذلك عدوانا على الحقوق التي ولدتها
مراكز قانونية توافرت مقوماتها وفقا للقانون المفسر وتجريدا ألصحابها منها بعد ثبوتها خاصة وأن التشريع
التفسيري يسري بأثر رجعي أي يرتد أثر تطبيقه إلى تاريخ صدور التشريع محل التفسير.
55
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
ويقصد بذلك تفسير جهة اإلدارة أي السلطة التنفيذية للنصوص التشريعية في شكل توجيهات
وتعليمات إلى موظفيها لتفسير أحكام القانون وكيفية تطبيقه ،وهو تفسير غير ملزم بالنسبة لألفراد
102
والقضاة.
56
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
وضع التشريع ال وقت التفسير مهما كان الزمن الذي مر على إصدار القانون حتى وإن تغيرت الظروف
103
وقت التفسير أو التطبيق ،فال يجوز المساس بالنصوص أو الخروج على أحكامها.
غير أنه يؤخذ على هذا المذهب جمود النصوص وعدم الخروج عن معناها ،مما يقيد حرية المفسر
عند تفسيره يجعله غير مواكب للمتغيرات والتطورات فيعزل النصوص التشريعية عن الواقع العملي ،فهو
104
مذهب شكلي يأخذ بالمظهر وال يهتم بالمضمون.
يذهب هذا المذهب إلى أن تفسير النصوص يجب أن يتم على ضوء الظروف االجتماعية وكافة
العوامل والمؤثرات المحيطة للمفسر وقت قيامه بعملية التفسير على وقت صدور القانون باعتبار أن القانون
هو أداة للتعبير عن اتجاهات المجتمع وأولوياته ،فهذا المذهب التاريخي ينسب إلى الفقيه األلماني سافيني
يرتكز أساسا على أن «:القانون وليد المجتمع» ،فهذا المذهب يجعل القانون متطو ار وسائ ار للظروف
االجتماعية.
غير أنه يؤخذ على هذا المبدأ أنه يخلط بين دور المفسر ودور المشرع ،فيجعل هذا المذهب من
التفسير أداة لتعديل النصوص وليس كشفا عن مضمونها ،وفي هذا انتهاك لمبدأ الفصل بين السلطات
وإنشاء للنصوص بدال من تفسيرها.
كما يؤخذ عليه أيضا هو اإلضرار باستقرار المعامالت ،فيجعل للقانون المعنى الذي يرده له المفسر
وهو ما يفقد القاعدة القانونية قيمتها كقاعدة ثابتة ومستقرة وواضحة.
يقف هذا المذهب موقف وسط بين المذهبين السابقين فيرى صاحب هذا المذهب أن الحق في
جانب أنصار مذهب الشرح على المتون عندما يقولون بأن دور المفسر هو الوصول إلى اإلرادة الحقيقية
للمشرع عند وضع النص ،في حين يخالفهم الرأي عندما ينادي هؤالء األنصار بالبحث عن النية المفترضة
للمشرع إذا قصرت اإلرادة الحقيقية عن تقديم الحل للمسألة المعروضة ألن المشرع ال تفترض نيته أبدا،
ويجد الحل في هذه الحالة في أن يلجأ المفسر إلى المصادر الرسمية األخرى للقانون مثل العرف ،فإذا لم
57
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
يجد فيها حال لجأ إلى البحث العلمي الحر بحثا عن العناصر المكونة للنص القانوني التي يكشف عنها
العلم دون التزام بشكل النص وصيا عنه ،وهذه العناصر هي على التوالي المعطيات الواقعية والطبيعة
والتاريخية والمعطيات المثالية المعبرة عن مثل المجتمع وقيمته ومبادئه ،فمن جماع هذه المعطيات تتكون
105
مادة القانون التي يشكل كل من المشرع والمفسر منها القاعدة القانونية.
وما يؤخذ على هذا المذهب أنه أحيانا يخلط بين دور القاضي المفسر ودور المشرع المنشئ،
فيجعل لجوئها إلى المعطيات المكونة لمادة قانونية مقبوال فيشكل منها المشرع قاعدة عامة للنزاعات يؤدي
إلى اضطراب المعامالت فيختلف الحل القضائي في النزاعات المتماثلة ألن ما يصل إليه قاضي من حلول
ال يلزم باقي القضاة.
58
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
في هذه الحالة يجب التفرقة بين حالتين هما :حالة وجود نص سليم وحالة وجود نص معيب.
أوال -تفسير نص سليم
إذا كان المفسر بصدد نص سليم يمتنع عليه االجتهاد تطبيقا لقاعدة ال اجتهاد مع وجود النص ،وال
يقصد بذلك أن االجتهاد محظور بكل صوره ألن التفسير في حد ذاته اجتهاد وإنما يقصد به أن المفسر
يلتزم بعبارة النص وألفاظه فال يحيد عنها تحت ستار االجتهاد ليصل إلى حكم أكثر عدالة في رأيه من
الحكم الواضح للنص السليم موضوع التفسير ،ألن هذه هي مهمة المشرع دون سواه.
وعليه حتى يتوصل المفسر إلى الحكم الوارد في النص السليم عليه استخالص المعنى ،إما من
106
عبارة النص وإما من روح النص وفحواه.
المعنى المستفاد من عبارة النص :ويقصد بذلك المعنى الحرفي أو المعنى اللغوي الصريح أو أ-
منطوق النص ،والذي يتوصل إليه المفسر بإسقاط عبارة النص الواضحة على المعنى الذي أراده لها
المشرع .فيتعين على المفسر أن يصل إلى حكم النص دون تقيد باأللفاظ المستخدمة لفظا لفظا ،وإنما
يبحث عن المعنى المستفاد من جملة هذه األلفاظ دون التعمق كثي ار حتى ال يبتعد عن المعنى الصحيح،
كما يجب على المفسر أن يلتزم بالمعنى االصطالحي للفظ الذي استخدمه المشرع دون معناه اللغوي
احترما لمقصود المشرع من استخدامه.
المعنى المستفاد من اإلشارة :المقصود بإشارة النص هو المعنى الذي يشير إليه النص دون أن ب-
يصرح به ،بحيث ال يتبادر إلى ذهن المفسر في الوهلة األولى بل يتطلب إكمال التفكير ،فالمشرع في هذا
59
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
النص ال يصرح بالمعنى بل يشير إليه ،وتختلف درجة التفكير بحسب درجة وضوح اإلشارة .مثال ذلك
المادة 99من القانون المدني التي تنص على أنه :إذا تعاقد شخص تحت سلطان رهبة بينه بعثها المتعاقد
اآلخر في نفسه دون حق أن يطلب إبطال العقد ،فبداللة اإلشارة هنا واضحة ،فالعقد بإكراه ال يكون باطال
بطالنا مطلقا وإنما هو عقد صحيح لكنه مهدد باإلبطال من قبل الشخص الذي وقع عليه اإلكراه وموقوف
على إجازة هذا األخير وإق ارره بأن هذا العقد صحيح ،ألن العقد الباطل بطالن مطلق ال تصححه إجازة أو
إقرار فهو حكم العدم.
ج -المعنى المستفاد من روح النص وفحواه :والمقصود به ما يمكن فهمه واستنتاجه من داللة النص
ومفهومه وفحواه ويتم ذلك بإحدى طرق القياس اآلتية:
-2مفهوم الموافقة (أو االستنتاج بطريق القياس) :ويقصد به إعطاء الحكم الذي تقرره قاعدة قانونية
تحكم حالة معينة لحالة أخرى لم يرد بشأنها قاعدة ،ال تحاد بها في العلة التي سنت من أجلها القاعدة
القانونية وهو نوع من القياس إذا أن القياس هو إلحاق حكم األصل للفرع التحاد العلة وفيه نوعين:
-2النوع األول :القياس العادي :في حالة وجود واقعة لم ينص القانون عليها ولكن في نفس الوقت نص
القانون على واقعة مشابهة لها ،والتحاد الواقعتين في السبب فإنه يتم إسقاط حكم الواقعة المنصوص عليها
في القانون على الواقعة الغير منصوص عليها.
مثال :المادة 401من قانون األسرة «:يمنع من الميراث األشخاص اآلتية أوصافهم:
-2قاتل المورث عمدا وعدوانا سواء كان القاتل فاعال أصليا أو شريكا» وبالتالي يمكن أن نقيس على
هذه الحالة أو القاعدة القانونية حالة الموصى له عندما يقتل الموصى أو من أوصى له وذلك لالشتراك بين
الحالتين في نفس العلة هو االستعجال من أجل الحصول على المال ،وبالتالي الموصى له قاتل الوصي ال
يستحق الوصية.
-2النوع الثاني :االستنتاج من باب أولى :ويراد به إعطاء حالة غير منصوص عليها حكم حالة أخرى
منصوص عليها لوضوح علة الحكم في الحالة األولى دون الثانية ،وبمعنى آخر يكون سحب حكم األصل
على حكم الفرع لكون العلة أكثر ظهو ار في الفرع عنها في األصل.
ونظ ار لعدم وجود نص يحكم الفرع مثال ذلك المادة 041قانون العقوبات الجزائري :107التي
تعاقب بالحبس من سنة إلى ثالث سنوات لكل شخص ترك طفال أو عاب ار غير قادر على حماية نفسه
بسبب حالته البدنية والعقلية أو عرضه للخطر في مكان خال من الناسي أو حمل الغير على ذلك ،وإذا
61
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
نشأة عن هذا الترك أو التعريض للخطر مرض أو عجز كلي فيكون الحبس من سنتين إلى خمس سنوات،
ويمكن أن تصل العقوبة إلى عشرين سنة إذا نشأ عن الترك أو التعريض للخطر الموت.
وبالتالي فمن باب أولى أن تكون العقوبة أشد إذا قام هذا الشخص باالعتداء المباشر على الطفل
أو العاجز.
-2مفهوم المخالفة :وهو نوع من القياس يراد به إعطاء حالة لم يرد بشأنها نص :حكما عكسيا للحكم
الوارد في النصوص لحاالت أخرى وبمعنى أوضح في حالة حدوث واقعة لم ينص عليها القانون وتوجد
واقعة نص عليها القانون معاكسة لها فإنه يتم تطبيق حكم الواقعة الثانية على األولى وذلك بمفهوم
المعاكسة.
التي تنص على أن هالك المبيع بسبب 108
مثال ذلك :المادة 017من القانون المدني الجزائري
أجنبي قبل التسليم يؤدي إلى سقوط البيع ،واسترداد المشتري للثمن ،وبمفهوم المخالفة نستنتج أن هالك
المبيع بعد التسليم ال يؤدي إلى سقوط البيع أو فسخ العقد وبالتالي ال يمكن للمشتري استرداد الثمن.
61
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
79قانون مدني التي تنص «:109إذا التزام المتعاقد لسبب غير مشروعه أو لسبب خالف للنظام العام أو
لآلداب كان العقد باطال» ،فالواضح أن المشرع كان يخاطب المتعاقد وليس المتقاعد.
-3الغموض :وهو األمر المترتب على استعمال المشرع للفظ أو عبارة تحتمل أكثر من معنى مما يوقع
المفسر في حيرة من المعنى المقصود ،مثال ذلك المادة 010يعاقب بالسجن المؤقت من عشر سنوات إلى
عشرين سنة كل من ارتكب السرقة ليال مع توافر ظروف أخرى ،فظرف الليل من الظروف المشددة للعقوبة
فير جريمة السرقة ،فما المقصود بلفظ الليل؟ أم هو حالة الظالم التي تبدأ وتستمر بعد غياب الشفق؟
والراجح هنا تغليب لفظ الليل بمعنى الظالم المطلق ألن فيه ترويع وترهيب لألفراد.
-4التعارض :وهو التناقض الذي يقع بين النصوص التشريعية ويستدعي التوفيق بينهما ،فإذا استعصى
ذلك لزم تغليب إحداهما على األخرى.
ب -طرق تفسير النص المعيب
إذا اصطدم الفقهاء بصعوبة كبيرة في تفسير النصوص وألفاظها فقد أجمع الفقهاء على عدة طرق
ووسائل يمكن اللجوء إليها تساعد على التفسير وهي:
الطريقة األولى :تقريب النصوص ()Rapprochement des textes
ويقصد بذلك قيام المفسر بالتقريب بين النص محل التفسير والنصوص التشريعية األخرى الموجودة
في التشريع نفسه أو في التشريعات األخرى ،وهو بذلك التقريب يصل إلى المعنى الذي يرتضيه ألن
النصوص التشريعية يجمعها عادة رباط فكري واحد.
الطريقة الثانية :حكمة التشريع
ويقصد بها أن المشرع لما قام بوضع النصوص القانونية لم يضعها بعفوية وإنما كان يرمي إلى
غاية يرجوها أو تحقيقا لحكمة يراها وتحقيقها لمصلحة اجتماعية ،وعليه فإن استخالص المفسر للحكمة من
وضع النص القانوني يسهل تفسيره وتطبيقه ،وتكون غاية المشرع عادة مصلحة الجماعة أو مصلحة األفراد
أو مرتبطة باعتبارات سياسية واجتماعية أو اقتصادية.
النظرية الثانية :األعمال التحضيرية ()Recours aux travaux préparatoires
ويقصد بها تلك الوثائق التي تلحق عادة بالتشريعات عن تحضيرها ،فهي عبارة عن مجموعة
األعمال التي سبق صدور القانون من قبل المشرع وتتمثل عادة في المذكرات التفسيرية ،مناقشات المجالس
التي تقوم على إعداد التشريع ومحاضر الجلسات البرلمان وأعمال اللجان.
62
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
وبالتالي فهي الوثائق واألعمال تساعد المفسر في إيجاد القصد الحقيقي للمشرع وقت وضع النص،
غير أنه يجب أن يتم بحذر حتى ال يلتقط منها المفسر رأيا شخصيا ألحد أعضاء الهيئة البرلمانية واألخذ
بما ورد في األعمال التحضيرية يكون على سبيل االستئناس وليس اإللزام ألنه ليس تشريعا وإنما فقط
محضر مناقشات.
الطريقة الرابعة :الرجوع إلى النص الفرنسي ()Recours a la version française
ويقصد بذلك الرجوع إلى النص الفرنسي للتشريع المتضمن المواد محل التفسير ،فعادة نصوص
التشريع الجزائري كانت توضع باللغة الفرنسية ثم تترجم إلى اللغة العربية وكل النص الفرنسي بعد عند
الخالف األقرب إلى قصد المشرع رغم أن النص العربي هو النص الرسمي.
63
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
الجزء الثاني
نظرية الحق
64
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
اختلف الفقهاء في تعريف الحق نظ ار الختالف وجهات نظر كل مذهب من المذاهب الفقهية حسب
مفهومه لعناصر الحق ،فظهر مذهبين لتحديد مفهوم الحق وهما المذهب الشخصي للحق والمذهب
الموضوعي.
وينظر للحق على أنه قدرة أو سلطة يخولها القانون للشخص للقيام بأعمال وتصرفات معينة في
حدود القانون ،إذ أن القانون في تنظيمه للروابط االجتماعية يرسم لكل شخص مجاال محددا يمارس فيه
نشاطه وتعمل في نطاقه إرادته ،وفي هذا النطاق يمكن حق الشخص وقد اشتهر بهذا الرأي الفقيه األلماني
( Savinyنظرية اإلرادة).
ويأخذ على هذا المذهب خلطه بين مصدر الحق وما يلزم لمباشرة الحق ،إذ يالحظ إن لعديمي
اإلرادة حقوق يعترف بما لهم القانون دون أن تكون لهم إرادة لممارسة الحق كالمجنون والممنوع من ممارسة
حق ما ،إذ أن الحق يوجد بمقتضى القانون المقرر أو المنشأ له مج ار عن إرادة الشخص الذي قرر الحق
لمصلحته.
وينظر للحق على أنه مصلحة يحميها القانون ،ويهتم المذهب الموضوعي في تعريفه للحق
بالمصلحة موضوع الحماية بغض النظر عن الشخص موضوع الحق ،وذلك باالستناد إلى أن الحق المقرر
للشخص مستقال عن إرادة صاحبه ،ونادى بهذا الرأي الفقيه األلماني ( Ihringنظرية المصلحة).
ويأ خذ على المذهب الموضوعي بأنه يتجاهل بأن المصلحة موضوع الحماية القانونية ليست جوه ار
للحق (أو محال له) ،بل هي غاية وهدف القانون ،فهو يعتبر بأن المصلحة هي الغاية من الحق وليست
الحق ذاته وما الحق إال الوسيلة ( )La techniqueلتحقيق المصلحة.
65
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
نظ ار الختالف المذهبين الشخصي والموضوعي في التعريف بالحق يرى أصحاب هذا المذهب
بأن الحق هو سلطة إرادية وهو في ذاته مصلحة يحميها القانون ،فيعرفون الحق "بالقدرة اإلرادية المعطاة
لشخص في سبيل تحقيق مصلحة يحميها القانون".
وقد وجه لهذا المذهب النقد الموجه للنظريتين السابقتين معا.
يتزعم هذا المذهب الفقيه البلجيكي دابان " "Dabinوتأثير بها اغلب الفقهاء ،ويعرف أصحاب هذه
النظرية الحق على أنه سلطة يقررها القانون ويحميها الشخص معين يكون له بمقتضاها أن يستأثر بإجراء
عمل وأن يلزم آخر بأداء عمل تحقيقا لمصلحة له مشروعة ،وهذه السلطة القانونية المميزة للحق تخول
لصاحبها إما أداء عمل معين لمصلحته وإما إلزام غيره بأداء عمل معين لمصلحته أي مصلحته التي يقررها
القانون ،فالمصلحة هي الغاية من الحق ،والحق هو الوسيلة لتحقيقها ،والقانون هو الذي يقرر هذه
المصلحة ،وهكذا تظهر العالقة بين الحق Le droit subjectifوالقانون ،Le droit objectifفال حق إال
إذا سنده القانون.والعناصر األساسية التي يمكن أن نستخلصها من هذا التعريف هي:
-2الحق يعتبر عن سلطة يقرها القانون :أي سلطة مطابقة للقواعد القانونية ويترتب على هذا ضرورة
احترام الغير لها ،وذلك باالمتناع عن كل ما من شأنه اإلضرار باستئثار الشخص بحقه والسلط عليه.
فالحقوق مرتبطة بااللتزامات في مواجهة الغير ،وليست هناك أهمية لحق معين إذا لم يكن الغير ملزم
باحترامه وكذاك الحل إذا لم يمكن صاحبه دفع االعتداء عليه.
وإذا كانت الحماية القانونية الزمة للحق إذ ال بد من تدخل السلطة العامة لحمايته إال أنها ليست
عنص ار من عناصر وجوده ،ال يحمي حقا إال إذا كان موجودا حقيقة.
-2الحق يفترض وجود شخص معين :يكون صاحبا له ،وقد يكون شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا
ويتمتع الشخص الطبيعي بصالحيته الكتساب الحقوق والتحمل بااللتزامات ويكتسب الشخصية القانونية
بمجرد وجوده وهو محمي قانونيا ،أما الشخص المعنوي فهو افتراض وجود قانوني لتجمع من األموال أو
األشخاص ،فيتحمل االلتزامات ويكسب الحقوق.
66
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
-3الحق يرد على قيمة معينة تكون محال له :وقد يكون هذا األخير شيئا ماديا سواء عقا ار أو منقوال ،كما
يمكن أن يكون عمال كاالمتناع عن عمل أو القيام بعل وقد يكون قيمته معنوية كاإلنتاج الفكري أو قيمة
ملتصقة بالشخصية كحق اإلنسان في سالمة جسمه وحقه في المحافظة على شرفه.
-4يفترض الحق أم تكون لصاحبه سلطة االستئثار والتسلط على حقه ويختلف ذلك باختالف أنواع الحق إذ
يتسع مجال االستئثار والتسلط في نطاق الحقوق العينية إذ تكون للشخص حرية واستغالل مجل الحق كيفما
شاء ،بينما يضيق في إطار الحقوق اللصيقة بالشخص إذ حق الشخص هنا يتمثل في |إلزام الغير بعدم
الساس بها واحترامها وال يمكن للشخص التصرف فيها وال التنازل عنها.
تنقسم الحقوق بحسب النوع إلى تقسيم أسياسي وهو حقوق سياسية وحقوق مدنية ،يتفرع عن
الحقوق المدنية تقسيم آخر وهو حقوق عامة وحقوق خاصة ،وأخي ار تنقسم الحقوق الخاصة نفسها إلى حقوق
لألسرة وحقوق مالية.
أوال -الحقوق السياسية والحقوق المدنية
أ -الحقوق السياسية :هي تلك الحقوق المرتبطة باالنتماء إلى مجموعة معينة ،أسرة ،جماعة عرفية أو
لغوية أو دينية أو الدولة بالمفهوم الحديث ،والذي يمنح للشخص حقوق ،كالحقوق األسرية واالجتماعية أو
السياسية كالحق في الجنسية والمشاركة في الحياة السياسية مباشرة كحق االنتخاب وحق الترشح وحقوق
تولي الوظائف العامة ،فهذه الحقوق مقررة للشخص بصفته مواطنا منتميا إلى دولة معينة ،وبالتالي ال
يستفيد منها األجانب ،والحقوق السياسية تمتاز ببعض المزايا والخصائص:
-2الحقوق السياسية تعد حك ار على المواطنين دون األجانب ،كالحق في الجنسية.
-2الحقوق السياسية ال يجوز التصرف فيها ،إذ أن الشخص الذي قررت له ال يستطيع التنازل عنها
للغير كحق االنتخاب وتولي الوظائف العامة.
-3الحقوق السياسية لصيقة بالشخصية
67
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
68
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
أ -حقوق األسرة :هي الحقوق التي تثبت للشخص باعتباره فردا في األسرة بغية تنظيم عالقته بغيره من
أفرادها ،واألسرة هي مجموعة من األفراد تربط بينهم صلة القرابة سواء كانت قرابة نسب أم قرابة مصاهرة
كحقوق الزوجين وحقوق األبناء...الخ.
ب -الحقوق المالية :هي التي كون محلها قابال للتقويم بمبلغ من النقود فقد يرد الحق المالي على:
-شيء (سيارة ،عقار ،هاتف نقال) ،فيسمى حينئذ حقا عينيا.
-وقد يرد الحق على عمل (القيام بمهمة ما أو عمل ،أو االمتناع عن عمل عدم المنافسة) ،ويسمى
في هذه الحالة حقا شخصيا.
وقد ينصب على نتاج ذهن أو فكر اإلنسان ،وهو موضوع الحقوق الذهنية أو األدبية "حق المؤلف"
ويالحظ أن ظهور حق أدبي إلى جوار الحق الماي الثابت للشخص على شيء معين يجعل منه حقا ذهنيا
أو معنويا.
ونظ ار ألهمية الحقوق المالية ستخصص لها المطلب الثاني من خالل دراستنا للتقسيمات
الموضوعية للحقوق.
وتنقسم إلى حقوق شخصية وحقوق عينية وحقوق فكرية (ذهنية) نتناولها في ثالث فروع:
الفرع األول :الحقوق الشخصية (حقوق الدائنية)
يعرفه الفقهاء بأنه عالقة قانونية بين شخصين بمقتضاها يحق ألحدهما أن يلزم اآلخر بأن يؤدي
له عمال أو أن يمتنع لصالحه عن أداء عمل ،وبالتالي فتلك الحقوق تنشأ عن عالقة شخصية بين طرفين
أحدهما دائن واآلخر مدين ،ويطلق على الحق الشخصي باصطالح حق الدائنيه ويعتبر أكثر دقة ألنه خير
بيان لطبيعة هذا الحق من كونه عالقة دين بين شخصين أو أكثر ،بيد أنه يغلب أن يطلق على الحق
الشخصي عبارة التزام باعتبار أن دور المدين فيه أبرز من دور الدائن.
وعليه فالحق الشخصي يتكون من ركنين ،هما وجود شخصين ومحل للحق:
أ -طرفا الحق الشخصي :يستلزم قيام الحق الشخصي وجود طرفين الدائن والمدين:
-2الدائن :هو صاحب الحق
-2المدين :هو الملتزم بالوفاء بهذا الحق
ب -محل الحق الشخصي :يتغير محل الحق الشخصي بتعدد صور األداء التي يلتزم بها الملتزم (المدين).
69
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
-2إذا كان محل الحق عمال يقوم به المدني سمي االلتزام في هذه الحالة التزام بعمل مثال :التزام
العامل بأداء عمل مكلف به في مواجهة رب العمل ،وهو عمل إيجابي.
-2إذا كان محل الحق امتناع عن عمل سمي االلتزام باالمتناع من عمل وهو عمل سلبي ،مثال:
االلتزام بعد فتح محل تجاري آخر يمارس نفس التجارة في المنطقة نفسها ويسمى االلتزام بعدم
المنافسة.
-3إذا كان محل الحق تقديم شيء سمي االلتزام بإعطاء شيء ،وهو أيضا عمل إيجابي ،مثال :االلتزام
بدفع مبلغ من النقود من طرف المشتري للبائع في عقد البيع.
والجدير بالذكر أن لألفراد الحرية المطلقة في إنشاء الحقوق الشخصية بشرط عدم مخالفة النظام العام
واآلداب العامة ،مراعاة لمبدأ المشروعية.
الفرع الثاني :الحقوق العينية
الحق العيني هو سلطة مباشرة يقرها القانون لصاحب الحق على شيء معين سواء كان عقا ار أو
منقوال ،يمكنه من االنتفاع به مباشرة دون حاجة إلى تدخل شخص أجنبي كما هو الشأن في الحقوق
الشخصية ،كلها في األمر هو أن سلطة صاحب الحق يجب أن تكون شرعية أي يقررها القانون ،فال تكفي
السلطة الواقعية أو الفعلية كالسلطة التي للسارق على الشيء المسروق فهي سلطة واقعية ال يعترف بها
القانون ،والسلطة الشرعية هي التي تستند إلى سبب مشروع ،وعناصر الحق العيني ثالثة هي:
-2الشخص صاحب الحقLe titulaire de droit
-2الشيء موضوع الحق :ويجب أن يكون شيئا معينا بذاته فإذا كان محدد بنوعه أو بصفته أو
بمقداره فال ينشأ الحق العيني إال بعد فرزه.
-3السلطة مضمون الحق :وتختلف هذه السلطة وتتفاوت باختالف وتفاوت أنواع الحقوق العينية ففي
حق الملكية هي سلطة تامة ،للمالك بموجبها حق االستعمال واالستغالل والتصرف ،بينما مثال في
حق االنتفاع يمنح صاحبه فقط االستعمال واالستغالل دون التصرف.
وتنقسم الحقوق العينية بدورها إلى قسمين حقوق عينية أصلية وحقوق عينية تبعية:
أوال -الحقوق العينية األصلية
الحقوق العينية األصلية هي التي ال تستند في وجودها إلى حقوق أخرى وإنما تقوم مستقلة بذاتها،
وقد أوردها المشرع في الكتاب الثالث من القانون المدني الجزائري ،وقد وردت في القانون على سبيل
71
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
الحصر وهي حق الملكية ،وحق االنتفاع ،وحق االستعمال ،حق السكن ،وحق االرتفاق ،ونتناولها تباعا فيما
يلي:
-4حق الملكية:
وقد نظمها المشرع الجزائري في المواد من 191إلى 910من القانون المدني الجزائري ،يعد حق
الملكية أهم الحقوق العينية األصلية على اإلطالق ،وهو الذي يمنح لصاحبه سلطة مباشرة على الشيء
تمكنه من استعماله ،واستغالله والتصرف فيه ،في حدود ما يسمح به القانون تطبيقا لنص المادة 191
من القانون المدني الجزائري على أنه «:111الملكية هي حق التمتع والتصرف في األشياء بشرط أن ال
يستعمل استعماال ال تحرمه القوانين واألنظمة».
ويالحظ من هذا النص أن حق الملكية يمنح لصاحبه ثالث مكنات حددتها المادة السابقة وهي:
أ -االستعمال :وهو استخدام الشيء واالستفادة به ،فيما أعد له دون المساس بجوهره ،وال استغالله،
فاستعمال المنزل يكون بسكنه واستعمال السيارة يكون بركوبها ،واستعمال الثياب يكون بارتدائها.
والجدير بالذكر أن هناك بعض األشياء استعمالها يؤدي بالضرورة إلى التصرف فيها ،فاالستعمال
هنا يمس بجوهر الشيء ،كاستعمال األطعمة الذي يؤدي إلى استهالكها ،وكذلك الوقود ،وبالتالي فاألمر
هنا يتعلق بالتصرف وليس باالستعمال ،أو االستعمال الذي ينطوي حتما على تصرف.
ب -االستغالل :وهو الحصول على ثمار الشيء دون المساس بجوهره ويقصد بجوهر الشيء هنا منتجاته
واألجزاء المكونة له ،وبذلك يدخل في إطار االستغالل ،زرع األرض واالستفادة من منتوجاتها ،وتأجير
الشيء واالستفادة من أجرته ،وتربية المواشي واالستفادة من ألبانها وصوفها ،وال يعد من قبيل االستغالل
قطع األ شجار وبيعها ،وال استغالل ما ينتج عن المحاجر وبئر البترول ،ألن هذا االستغالل يمس بأصل
الشيء وبجوهره وبالتالي يعد تصرفا.
ث -التصرف :التصرف في الشيء هو استعمال الشيء واستغالله بما يمس جوهره أو مكوناته (منتجاته).
والتصرف قد يكون قانونيا ،كبيع الشيء أو هبته أو رهنه أو التنازل عليه أو ما إلى ذلك ،وقد يكون ماديا
بالقضاء على الشيء وإهالكه ،أو تحويل جوهره كأن يهدم المنزل ويعاد بناءه وتحويل القطن إلى قماش
والقمح إلى دقيق.
71
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
-3حق االنتفاع:
وقد تناوله المشرع في الباب الثاني من الكتاب الثالث للقانون المدني الجزائري في إطار تجزئة حق
الملكية ،وقد نظم في المواد من 911إلى غاية المادة ،911112وهذا الحق يشمل االستعمال واالستغالل،
ويرد على شيء مملوك للغير ،ويتحقق بتجزئة حق الملكية.
بحيث يكون التصرف ألحد األشخاص وهو المالك ويسمى مالك الرقبة ،ويكون االستعمال
واالستغالل لشخص ثا ني يسمى صاحب حق االنتفاع ،وحق االنتفاع مؤقت ينقضي باألجل المحدد له أو
بوفاة صاحبه ولو وقعت الوفاة قبل حلول األجل المعين له ،فال ينتقل لورثته لذلك يوصف حق االنتفاع بأنه
حق شخصي بمعنى أنه ينقضي بوفاة صاحبه.
-0حق االستعمال وحق السكن:
نظمها المشرع الجزائري في المواد 911إلى غاية ،911113حيث يسري على حقي االستعمال
والسكنى وكقاعدة عامة ما يسري على حق االنتفاع من أحكام ،وذلك فهما يتفرعان عن حق االنتفاع،
ولكنهما أقل مجاال منه ،ذلك أن حق االستعمال هنا ال يعطي لصاحبه إال مكنة استعمال الشيء أو
الحصول على الثمار الالزمة له وألسرته ،فإن تعلق األمر بأرض زراعية أو بأشجار مثمرة فإن صاحب حق
االستعمال يحصل فقط على ما يكفي لغذائه هو وأسرته ويكون الباقي للمالك تطبيقا لما جاء في المادة
911من القانون المدني الجزائري «:نطاق حق االستعمال وحق السكن يتحدد بقدر ما يحتاج إليه صاحب
الحق وأسرته لخاصة أنفسهم وذلك دون اإلخالل باألحكام التي يقررها السند المنشئ للحق».
أما حق السكنى فهو أضيق نطاقا من حق االستعمال ذلك أن مجاله ال يكون إال في نوع واحد من
الملكية وهي النباتات المخصصة للسكن ،وال يكون لصاحب حق السكن إال مكنة سكنه هو وأهله دون أن
يجوز له استغاللها في التجارة أو الصناعة أو ممارسة مهنة حرة فيها أو تأجيرها.
بأنه ال يجوز التنازل للغير عن حق 114
وقد نصت المادة 911من القانون المدني الجزائري
االستعمال وحق السكن إال بناء على شرط صريح أو مبرر فوري.
72
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
-1حق االرتفاق:
وهو الذي نظمه المشرع الجزائري في المواد من 919إلى 994وهو كما عرفته المادة
«:115919االرتفاق حق يجعل حدا لمنفعة عقار لفائدة عقار آخر لشخص آخر ويجوز أن يترتب
االرتفاق على محال إن كان ال يتعارض نع االستعمال الذي خصص له هذا المال».
فاالرتفاق إذن هو صلة بين عقارين مملوكين لشخصين مختلفين ،تحول أحدهما خبرة االستفادة
بالثاني ،ويسمى العقار الخادم "بالعقار المرتفق" والعقار المخدوم بالعقار المرتفق ،وتسمى العالقة بينهما
االرتفاق ،وينشأ حق االرتفاق بعمل قانوني أو بالميراث (المادة )919وال يكتسب بالتقادم إال االرتفاقات
الظاهرة كحق المرور وقد نصت عليه المادة ،917وتخضع حقوق االرتفاق للقواعد المقررة في سند
تأسيسها ولما جرى به عرف الجهة والمنطقة (المادة .)994و لالرتفاق صور وأشكال منها:
حق المرور :هو حق مالك األرض البعيدة عن الطريق العام (العقار المخدوم) أن يصل إلى هذه الطرق
بأرض جاره (العقار الخادم).
جاره. حق المجري( :حق المسيل) حق مالك أألرض الفالحية أن يرويها بالماء الذي يأتيه عبر أرض
حق المطل :وهو حق فتح نافذة على ملك الغير لالستفادة من النور والهواء وينتهي هذا الحق بانتهاء مدته،
أو بانتفاء الحاجة إليه ،أو بعدم االستعمال لمدة معينة.
ثانيا -الحقوق العينية التبعية:
تنشأ الحقوق العينية التبعية ضمانا للوفاء بحق من الحقوق الشخصية فالحق العيني التبعي ال ينشأ
مستقال وإنما لضمان وتأمين الوفاء بحق الدائن ولهذا يسمى بالحقوق العينية التبعية ،فهي تتبع الحق
الشخصي ،وقد تسمى كذلك بالتأمينات العينية أو حقوق الضمان ،وكل المصطلحات تؤدي إلى نفس الفكرة
وهي ضمان الوفاء بالحق الشخصي ،ذلك أن الحق الشخصي هو أداء يلزم له المدين في مواجهة الدائن،
ويخول لهذا األخير مجرد ضمان عام على أموال المدين ،يتزاحم فيه مع جميع الدائنين األخرين طبقا للمادة
499قانون مدني جزائري ،116ولذلك فقد يلجأ بعض الدائنين إلى فكرة الضمان الخاص الستفاء حقوقهم
باألولوية والتقدم على الدائنين العاديين وبذلك فيلجأ إلى فكرة الحقوق العينية التبعية.
73
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
وقد نظم المشرع الجزائري الحقوق العينية التبعية في الكتاب الرابع من القانون المدني الجزائري
تحت عنوان "الحقوق العينية التبعية أو التأمينات العينية" وذلك من المادة 993إلى المادة 4330وهذه
:الرهن الرسمي ،حق التخصيص ،الرهن الحيازي ،حقوق االمتياز ،وسنتناولها تباعا فيما 117
الحقوق هي
يلي:
أ -حق الرهن الرسمي :هو عقد رسمي يكسب به الدائن يقال له – الدائن المرتهن – حقا عينيا على عقار
مخصص لوفاء دينه بقال له العقار المرهون ،يكون له بمقتضاه سلطة التقدم على الدائنين العاديين والتاليين
له في المرتبة في استفاء حقه من ثمن ذلك العقار في أي يد يكون ،وال يتطلب المشرع انتقال حيازة المال
المرهون المملوك للمدين الذي يقال له – الرهن – إلى الدائن المرتهن ،بل يعد التأشير بهذا الرهن في
سجالت الشهر العقاري كافيا لحفظ حق هذا الدائن.
والرهن الرسمي يخول صاحبه ميزتان ،وهما ميزة التتبع وميزة التقدم (المادة 739ق م ج) ،فأما
بالنسبة للتبع فمضمونه أن صاحب حق الرهن الرسمي يستطيع أن يتبع العقار تحت أي يد كان لكي ينفذ
عليه ويستوفي منه حقه ،أما حق التقدم فيخوله حق األولوية في استفاء حقه من ثمن العقار بعد التنفيذ
عليه.
ب -حق التخصص :وهو الحق الذي تناوله المشرع الجزائري في المواد من 709إلى ،719وهو كالرهن
الرسمي تماما حق عيني بتعي يتقرر للدائن على عقار للمدني بموجب حكم قضائي واجب التنفيذ ،وقد
يكون الفرق بين الرهن الرسمي وحق التخصيص في المصدر فقط وذلك أن الرهن الرسمي قد يتقرر إما
بناء على عقد أو حكم أو بمقتضى القانون المادة 990ق م ج ،118بينما حق التخصيص فال يكون إال
بناء على حكم قضائي ،أما من حيث اآلثار فال فرق بينهما على اإلطالق وهذا ما عبرت عنه صراحة
المادة 719بقولها «:تكون للدائن الذي حصل على حق التخصيص نقس الحقوق التي للدائن الذي حصل
على رهن رسمي ويسري على التخصيص ما يسري على الرهن الرسمي من أحكام ،وخاصة ما يتعلق بالقيد
وتجديده وشطبه وعدم تجزئة الحق ,أثره وانقضائه ،وذلك كله مع عدم اإلخالل بما ورد من أحكام خاصة».
ج -حق الرهن الحيازي :وهو الحق الذي نظمه المشرع الجزائري من المواد 719إلى غاية 794ق م
ج ، 119وهو حق عيني تبعي يتقرر للدائن المرتهن على عقار أو منقول مملوك للمدني أو لغيره بناء على
74
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
عقد ضمانا ل حقه ،وهو يختلف عن الرهن الرسمي في أنه يمكن أن يتقرر إما على منقول أو على عقار
ويختلف عليه خاصة في أنه ينتقل حيازة المال المرهون إلى الدائن المرتهن أو إلى شخص ثالث يتفق
عليه المتعاقدان ،ويخول حق الرهن الحيازي لصاحبه ،حق حسب الشيء إلى أن يستوفي في حقه كامال.
كما له أن يستثمر هذا الشيء ويخصم ما استفاده من مال من الدين المضمون بالرهن (المادة
711ق م ج) .وله حق التقدم على الدائنين العاديين ،والدائنين التالين له في المرتبة وتحب هذه المرتبة
بالنسبة للرهن الحيازي العقاري من تاريخ قيده كما في الرهن الرسمي 711ق م ج ،وبالنسبة لرهن المنقول
منذ ثبوت تاريخ عقد الرهن المادة 717ق م ج.
د -حقوق االمتياز :نظمها المشرع الجزائري في المواد 793إلى غاية 4330ق م ج ،عرفت المادة 793
ق م ج االمتياز بأنه «:120االمتياز أولوية يقررها القانون لدين معين مراعاة منه بصفته».
وال يكون للدين امتياز إال بمقتضى نق القانون ،وبالتالي حق االمتياز حق عيني تبعي يقرره القانون
فقط وال يتقرر بحكم قضائي أو اتفاق كما هو الشأن بالنسبة لألنواع السابقة من الحقوق العينية التبعية ،فهذا
الحق يقرره القانون للدائن على مال أو أكثر للمدني ضمانا للوفاء بدين معين مراعاة لصفة هذا الدين،
ويكون للدائن بمقتضاه أن يتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التاليين له في المرتبة في استيفاء حقه من
المقابل النقدي لهذه األموال ،وتنقسم حقوق االمتياز إلى نوعين حقوق امتياز عامة وحوق امتياز خاصة.
-2حقوق االمتياز العامة :هي التي ترد على جميع أموال المدين من منقوالت وعقارات ويكون للديون
التالية امتياز على جميع أموال المدني من منقول وعقار على النحو التالي :األجور المستحقة للخدم والكتبة
والعمال وكل أجير آخر ،المبالغ المستحقة عما تم توريده للمدين وأسرته من مأكل وملبس خالل الستة
أشهر األخيرة - ،النفقة الواجبة على المدين ألقاربه عن األشهر الستة األخيرة...الخ ،آخره بالرجوع للمواد
121771 -771وما بعدها وال تخول هذه الطائفة من الحقوق لصاحبها سوى ميزة التقدم على سائر الدائنين
اآلخرين.
-2حقوق االمتياز الخاصة :وهي الحقوق التي ترد على منقول أو عقار معين مثل امتياز المؤجر على
منقوالت المستأجر عنده ،وصاحب الفندق على متاع النزيل ،والمهندس المعماري على المبنى المشيد،
وتكفل هذه االمتيازات ألصحابها حق استيفاء أجورهم من ثمن هذه األموال وال يكتفي المشرع بالنص على
ميزة التقدم لصاحب هذه الحقوق بل يضيف إليها ميزة التتبع لهذا المال في أي يد يكون ،ويحدد المشرع
75
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
مرتبة كل امتياز من هذه االمتيازات بالنسبة لالمتيازات األخرى عند تعددها على مال واحد فإذا لم ينص
القانون على مرتبة حق ممتاز معين ،كان هذا الحق متأخ ار في المرتبة عن كل حقوق االمتياز األخرى،
وإذا كانت الحقوق في مرتبة واحدة ،فإنها تستوفي بنسبة قيمة كل منها ،ما لم يوجد نص بغير ذلك.
مقارنة بين الحق الشخصي والحق العيني
بعد أن انتهينا من دراسة أنواع الحقوق العينية والحقوق الشخصية يجدر بنا أن نجري مقارنة بسيطة
بينهما من خالل األوجه التالية:
أوال :من حيث االحتجاج به ،الحق العيني حق مطلق بينما الحق الشخصي فهو حق نسبي.
ثانيا :من حيث الموضوع الذي يرد عليه الحق العيني يرد على شيء ،والحق الشخصي موضوعه القيام
بعمل أو االمتناع عن القيام بعمل من طرف المدني.
ثالثا :من حيث المدة الحق العيني مؤبد ،الحق الشخصي مؤقت.
رابعا :من حيث المركز الذي يخوله كل حق لصابح ،الحق العيني يخول لصاحبه حق األولوية ،وحق
التتبع ،أما صاحب الحق الشخصي الذي يكون أصحابه متساوون.
خامسا :الحقوق العينية األصلية أو التبعية واردة على سبيل الحصر ،بينما الحقوق الشخصية فهي ال
تحصر ولألفراد الحرية في إنشائها.
سادسا :األصل في الحق الشخصي أنه ال يكون إال حقا أصليا أي ال يستند في وجوده إلى أي حق آخر،
بينما الحق العيني فقد سبق أن رأينا أنه قد يكون أصليا أو قد يكون تبعيا.
سابعا :الحق الشخصي ال يكسب بالتقادم ألن موضوعه هو القيام بعمل أو االمتناع عنه وهو غير قابل
للحيازة ،بينما الحق العيني فيمكن اكتسابه بالتقادم وقابل للحيازة.
ثالثا -الحقوق الذهنية أو الحقوق الفكرية
وهي التي تسمى بالملكية األدبية والفنية والصناعية ،فالحق الذهني هو كل ما ينتج عن الفكر
البشري بقدر من اإلبتكار بحيث تظهر شخصية صاحبه ،وبمعنى أوضح هو كل حق يرد على شيء غير
مادي ،يعبر عن ملكة الفكرية وقوة إبداع أ ,االختراع أو التأليف لدى الشخص ،وأن هذه الحقوق تتعلق بما
للشخص من ملكة إبداع وابتكار ،فهي بهذه الصفة لصيقة بالمقومات الذهنية للشخص فتعتبر جزء من
مكوناته الشخصية وتميزه عن باقي األشخاص ويكون لها طابع معنوي ،ولكن هذا االستغالل يولد حقوق
مالية للمؤلف أو المبتكر أو المؤلف.
وتنقسم هذه الحقوق إلى حقوق الملكية الصناعية وحقوق الملكية الفنية واألدبية:
76
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
-2حق الملكية الصناعية :ويشمل جانبه المالي حق الشخص في استغالل اختراعه ،أما الجنب األدبي
فيتمثل في حقه فغي احتكار استغالل االختراع ويهدف إلى حماية حقوق رجال الصناعة والمخترعين ،وحق
الملكية الصناعية أنواع منها:
أ -براءة االختراع :هي شهادة رسمية تمنح للمخترع عن كل ابتكار جديد قابل لالستغالل الصناعي سواء
تمثل هذا االبتكار في اختراع جديد أو في طريقة جديدة مستحدثة ،وهذه الشهادة تمكت صاحبها من
استغالل اختراعه ماليا واالستئثار به دون غيره ويحتج به قبل كافة الناس.
ب -الرسوم والنماذج الصناعية :يعتبر كذلك كل ترتيب للخطوط أ ,كل شكل جسم بألوان أو بغير ألوان،
الستخدامه في االنتاج الصناعي بوسيلة آلية أو يدوية أو كيميائية ،والفرق بين الرسم والنموذج هو أن األول
وحده يستهدف إضفاء لمسة جمالية على السلعة أما الثاني فهو الشكل الذي تتخذه هذه السلعة.
ج -العالمة التجارية والصناعية :هي كل رمز أو إشارة يستخدمها شخص ليميز صناعته أو خدمته عن
غيرها وقد يتم ذلك إما بالكلمات أو الحروف أو األرقام أو الرسوم أو اإلمضاءات أو النقوش البارزة أو أية
عالمة أخرى إذا كانت تستخدم أو يراد أن تستخدم في تمييز منتجات عمل صناعي أو استغالل
زراعي...الخ.
د -االسم التجاري :هو االسم الذي يتخذه التاجر للداللة على منشأته التجارية أو الصناعية لتمييزها عن
غيرها من المنشآت وهو وجوبي ألن القانون يفرض ذلك.
-2حق الملكية األدبية والفنية :هي الحق الذي يكتسبه المؤلف على المصنف أو على إنتاجه الفكري
سواء كان فنيا أو أدبيا.
وأركان حق الملكية األدبية والفنية إثنان هما:
أ -المؤلف :L'auteurهو كل شخص ينتج إنتاجا ذهنيا أو فكريا أيا كان فنيا أو أدبيا ،وأيا كانت وسيلة
التغيير عنه ما دام هذا اإلنتاج يتضمن قد ار معينا من االبتكار فيعتبر الكاتب الملحن الرسام مؤلفين.
ب -المصنف :L'œuvreالمؤلف :وتعريفه المادة األولى من األمر 41/90المؤرخ في 4790/31/30
المتعلق بحق الملكية على أنه «:122كل إنتاج فكري مهما كان نوعه ونمطه وصورة تعبيره ومهما كانت
قيمته ومقصده ،يخول لصاحبه حقا يسمى حق المؤلف».
وللحق الذهني جانبان ،جانب معنوي أو أدبي ،واآلخر مادي أو مالي ،فهو حف ذو طبيعة
مزدوجة.
77
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
-2الجانب المعنوي (األدبي) :هو حق لصيق بشخصية اإلنسان فله وحده حق إطالع الناس على أفكاره
وفنه كما له الحق وحده في أن تنسب له دون غيره ،هذا الجاب من الحق بشبه الحق في الحياة وفي سالمة
البدن ،وفي السرف وما إلى ذلك ،وبالتالي فهو ال يقوم بمال ،وال تصل التصرف فيه وال الحجز عليه.
-2الجانب المالي :فهو حقه في االستفادة ماليا من أفكاره أو حقه في احتكار استغاللها ،وهذا الجانب
يعتبر حقا ماليا ،ألنه يقوم بمال ويمكن الصرف فيه والتنازل عنه ،وانتقاله إلى الورثة ،كأن يعهد المؤلف
مثال إلى دار نشر لينشر كتابه مقابل مبلغ مالي معين ،كما يمكن للفنان أن يقوم باستغالل فنه بالطرق
التجارية للحصول على عائد مالي وهذا يشكل حق مالي ،كأن يعرض مسرحيته أو يبيع لوحاته أو يؤجرها
للعرض في المتاحف.
ويجب اإلشارة هنا أن الحق الذهني يختلف عن كل من الحق الشخصي والحق العيني ،فهو ليس
بسلطة لشخص ما على شخص آخر حتى يمكن اعتباره حق شخصي ،وال سلطة لشخص متا على شيء
مادي ،حتى يمكن اعتباره حق عيني ،ذلك أن موضوع الحق الذهني هو شيء معنوي أي غير مادي،
ولذلك نص المشرع في المادة 199من القانون المدني على أنه «:ينظم قوانين خاصة الحقوق التي ترد
على أشياء غير مادية» ،ذلك أن الملكية ال ترد إال على شيء مادي ذلك وكذلك أن الملكية هو حق دائم،
بينما الحق الذهني فهو حق مؤقت بحيث يستفيد منه صاحبه كوال حياته ،ثم ينتقل إلى ورثته الذين
يستفيدون منه لمدة زمنية معنية ،صم تصبح بعد ذلك ملكا للجمهور.
78
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
نصت المادة 31قانون مدني جزائري على مايلي «:تبدأ شخصية اإلنسان بتمام والدته حيا،
وتنتهي بموته».
أوال -بداية الشخصية القانونية
أن األصل في شخصية اإلنسان أنها تبدأ بمجرد 123
يتضح من نص المادة 31قانون مدني جزائري
تمام والدته حيا ،فيشترط المشرع الجزائري لثبوت الشخصية لإلنسان أن ينفصل الجنين كامال عن بطن أمه
79
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
وهو حي حتى ولو مات بعد لحظات ،فالعبرة بتمام الوالدة حيا ،وبالتالي يشترط لبدء الشخصية شرطين
األول تمام الوالدة ،الثاني تحقق الحياة.
الشرطاألول :تمام الوالدة :يقصد بتمام الوالدة انفصال المولود عن أمه ،وهذا ال يتحقق إذا ظل جزء من
المولود في رحم األم ،فال بد من تحقق االنفصال الكلي للمولود عن الرحم.
الشرط الثاني :تحقق الحياة :وذلك بظهور عالمات الحياة عن انفصال الجنين عن أمه وحددت هذه
بقولها...«:يعتبر حيا إذا استهل صارخا أو بدت منه عالمة 124
العالمات المادة 401من قانون األسرة
ظاهرة بالحياة» .وعلى هذا فإن وفاة الطفل قبل الوالدة ال يرتب عليها أي وجود للشخصية القانونية.
ويجب إثبات واقعة الوالدة في السجالت الرسمية المعدة لهذا الغرض ،وإذا لم تكن الوالدة ثابتة في
السجالت الرسمية فإنه يجوز لكل ذي مصلحة أن يثبت ما يدعيه بكافة طرق اإلثبات حسب الطريقة التي
125
ينص عليها قانون الحالة المدنية وذلك طبقا للمادة 31قانون مدني جزائري.
هذا وإذا كان األصل العام هو الجنين ال تثبت له الشخصية القانونية إال بتمام والدته حيا ،إال أن
المشرع بالرغم من ذلك فقد اعترف بكسب بعض الحقوق قبل ذلك كاستثناء ويسمى بالحمل المستكن (الذي
لم ينفصل بعد عن رحم أمه).
الحمل المستكن :وتطبيقا لما تقدم ال تثبت الشخصية القانونية للجنين ،ومع ذلك فالمشرع يمنح للحمل
المستكن شخصية حكمية أو تقديرية ،بحيث يعترف به ببعض الحقوق بشرط والدته حيا ،فله الحق شرعا
في ثبوت نسبه من أبيه ويرث أقاربه ،إذا ما توا وهو في بطن أمه ويستحث الوصية ولو مات قبل والدته،
كلها حقوق تثبت لصاحبها دون الحاجة لرضا بصدر عنه ،أما الحقوق التي يتوقف ثبوتها على صدور
قبول أو رضا فال تثبت للجنين ا ،فالجنين ال يتحمل االلتزامات.
وتجسيدا لهذا االستثناء فقد نص المشرع الجزائري في المادة 401من قانون األسرة على أنه«:126
ال يرث الحم إال إذا ولد حيا ،ويعتبر حيا إذا استهل صارخا أو بدت منه عالمة ظاهرة بالحياة» ،وتنص
المادة 499من قانون األسرة على أنه «:127تصح الوصية للحمل بشرط أن يولد حيا ،وإذا ولد توائم
يستحقونها بالتساوي ولو اختلف الجنس» ،وتنص المادة 337من نفس القانون على أنه «:تصح الهبة
للحمل بشرط أن يولد حيا».
81
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
وهكذا يتضح من كل ماس بق أن الجنين يستطيع أن يكتسب بعض الحقوق المدنية قبل أن تثبت
له الشخصية القانونية أي قبل انفصاله من بطن أمه حيا ،وذلك على سبيل االستثناء.
ثانيا -نهاية الشخصية القانونية
تنتهي الشخصية القانونية لإلنسان إما نهاية طبيعية وإما نهاية حكمية.
أ -النهاية الطبيعية
تطبيقا لما جاء في المادة 31قانون مدني جزائري المشار إليها سابقا بأنه «:128تبدأ شخصية
اإلنسان بتمام والدته حيا وتنتهي بوفاته» ،فالوفاة أو الموت هي النهاية الطبيعية لحياة اإلنسان ،وبموت
اإلنسان تنتهي صالحيته الكتساب الحقوق ،وتثبت واقعة الوفاة في السجالت المعدة لذلك وفق قانون الحالة
المدنية ،ويجوز لكل ذي مصلحة أن يثبت واقعة الوفاة أي من طرق اإلثبات المعروفة.
ويمكن أن تمتد شخصية اإلنسان إلى ما بعد وفاته وذلك إعماال للقاعدة الشرعية بأال تركة إال بعد
سداد الديون ،فتمتد الشخصية القانونية بعد وفاته إلى أن تصفى ديونه.
ب -النهاية الحكمية
يتمثل ذلك في حالة ما إذا كانت الوفاة غير يقينية ،بمعنى ليست نهاية طبيعية لحياة اإلنسان ،وال
لشخصيته القانونية وإنما هي افتراضية أو اعتبارية ،فهو ليس موت حقيقي أو فعلي وإنما موت تقرره
المحكمة في أحوال معينة ،يسبقه الحكم بالفقدان وتطبق هذه الحالة على المفقود والغائب وعليه فالنهاية
الحكمية تتحقق بالتدرج من الغائب إلى المفقود إلى صدور حكم بالموت االعتباري أو الحكمي للمفقود.
-2الغائب :تنص المادة 443من قانون األسرة على أنه «:129الغائب الذي منعته ظروف قاهرة من
الرجوع إلى محل إقامته أو إرادة شؤونه بنفسه أو بواسطة مدة سنة وتسبب غيابه في ضرر الغير يعتبر
كالمفقود» ،وعليه فالغائب هو الشخص الذي ليست له محل إقامة أو موطن معروف أو له محل إقامة أو
موطن معروف ،ولكن حال بينه وبين رجوعه إلى إدارة شؤونه بنفسه أو بواسطة نائب ،بحيث تتعطل
مصالح المرتبطين به من أبناء أو زوجة...الخ.
فالغياب يؤثر على الشخصية القانونية للشخص ،فتلقى قائمة وال يؤثر على زوجته وال على ذمته
المالية ،فهو يبقى مالكا ألمواله غير أنه يجوز لزوجة الغائب أن تطلب التطليق من القاضي تطبيقا للمادة
10من قانون األسرة الجزائري أي تطلب التطليق لعدم النفقة ،وفي ذلك تنص المادة 443من نفس القانون
81
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
على أنه «:130يجوز لزوجة المفقود أو الغائب أن تطلب الطالق ،»...ولهذا بعد ذلك أن تعتد عدة المطلقة
وهي ثالث قروء ثم تتزوج بعد ذلك إن شاءت.
-2المفقود :يتفق المفقود والغائب في أمر واحد وهو الغيبة عن الموطن ،ولكن المفقود هو من انقطعت
أخباره فال تعلم حياته من مماته ،في حين أن الغائب هو من طال اختفاؤه ولم تنقطع أخباره مع التيقن من
حياته ،وعلى هذا األساس فإن الغياب أعم وأشمل من الفقه ،وبالتالي فكل مفقود غائب ،وليس كل غائب
مفقود ،ولقد عرفته المادة 437من قانون األسرة بقولها «:131المفقود هو الشخص الغائب الذي ال يعرف
مكانه وال يعرف حياته أ ,موته وال يعتبر مفقودا إال بحكم» ،وعليه حتى تنتهي الشخصية القانونية نهاية
حكمية تمر بمراحل قانونية مختلفة وهي على التوالي:
المرحلة األول :صدور الحكم بالفقد :يعتبر الحكم بإثبات الفقد حكما منشأ لحالة جديدة ،ويعين هذا الحكم
تاريخ إثبات الفقد ،وفي هذه المرحلة يعتبر المفقود حيا بالنسبة لألمور التي تضره فال تتزوج إمرأته وال يقسم
ماله.
أثر الحكم بالفقد على أموال المفقود :يجب على القاضي الذي يحكم بالفقدان أن يحصر أموال المفقود وأن
يعين مقدما من أقاربه أو من الغير لتسيير هذه األموال وتلقي ما قد يؤول إليه من هبات أو وصايا أو
ميراث وال تقسم هذه األموال على الورثة وذلك طبقا لما جاء به المشرع في المادة 444من قانون
األسرة «:132على القاضي عندما يحكم بالفقد أن يحصر أموال المفقود وأن يعين مقدما من األقارب أو
غيرهم لتسيير أموال المفقود وتسلم ما استحقه من ميراث أو تبرع مع مراعاة أحكام المادة 77من هذا
القانون» ،وأيضا المادة 441من نفس القانون تنص «:133ال يورث المفقود وال تقسم أمواله إال بعد صدور
الحكم بموته».
أثر الحكم بالفقد على زوجة المفقود :القاعدة أن زوجة المفقود كذلك تبقى على ذمته ،غير أنه بإمكانها أن
تطلب التطليق طبقا للمادة 443من قانون األسرة ،134وذلك على أساس عدم اإلنفاق طبقا للمادة 10فقرة
82
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
31من قانون األسرة ،135وكذلك يجوز للزوجة بعد الحكم لها بالتطليق ومرور عدتها أن تعيد الزواج
بشخص آخر إن أرادت.
المرحلة الثانية :صدور الحكم بموت المفقود :وهي المرحلة التي تنتهي بها حكما الشخصية القانونية
للمفقود ،وللقاضي في الحكم بوفاة المفقود مراعاة شروط أو حاالت معينة:
-2حالة ال يغلب فيها الهالك :إذا فقد الشخص في حالة تغلب فيها السالمة ،يترك األمر للسلطة التقديرية
للقاضي وله أن يتحرى بكافة الطرق والوسائل للوقوف على حياة المفقود أو وفاته ،ويجب على القاضي
وقبل أن يحكم بوفاة المفقود أن ينتظر مرور 31سنوات على فقدانه ثم له سلطة تقديرية في انتظار مدة
إضافية أخرى بعد ذلك إن أراد.
-2حالة علبة الهالك :إذا كان الشخص فقد في ظروف يغلب فيها الهالك مثل الحروب والكوارث
الطبيعية كالزالزل أو البراكين أو الفيضانات...الخ ،للقاضي وبناء على طلب ذوي الشأن الحكم باعتباره
ميتا بعد أربع سنوات من تاريخ الحكم بالفقد وهذا بعد أن يقوم بالبحث والتحري ،وهذا ما جاء في المادة
440قانون األسرة «:136يجوز الحكم بموت المفقود في الحروب والحاالت االستثنائية بمضي أربع سنوات
بعد التحري.»...
والجدير بالذكر أن الحكم بالوفاة أوكما يسمى الوفاة الحكمي يرتب آثار بالغة األهمية ،بالنسبة
للشخص ولزوجته وألمواله.
بالنسبة للشخص :تنتهي حكما الشخصية القانونية لهذا الشخص وذلك بأن يعتبر ميتا.
بالنسبة لزوجته :فإنها تعتد عدة المتوفي عنها زوجها من تاريخ الحكم بالوفاة ،وهي 1أشهر و 43أيام ،ولها
أن تتزوج مرة أخرى إن أرادات.
بالنسبة ألمواله :فتوزع على ورثته كل حسب نصيبه (المادة 441قانون مدني جزائري).137
المرحلة الثالثة :ظهور الميت حكما حيا :ويترتب على ذلك اآلثار اآلتية:
-2األموال :إذا تصرف الورثة في المال ال يلتزمون بالرد في حالة عدم وجود منفعة في المال المورث ،أما
في حالة وجود منفعة كاستثمار أو زراعة يضحى بمصلحة الورثة وتغلب مصلحة المفقود في ردج أمواله.
وعليه إذا ظهر المفقود حيا بعد الحكم بموته وإذا حدث ذلك فعال فإن له أن يسترجع ما تبقى من
أمواله علنيا أو يسترجع قيمة ما بيع منها وهذا ما نصت عليه المادة 441قانون األسرة.138
-2الزوجة :إذا تزوجت الزوجة بآخر وظهر أن المفقود حيا بعد الحكم بوفاته ،القاعدة هي استمرار الزواج
الثاني إذا كان الزوج حسن النية ،أما إذا كان الزوج الثاني سيء النية وكان باستطاعته العلم بحياة المفقود
يفضل عليه الزوج األول ،وإذا لم يدخل الزوج الثاني على الزوجة ولو كتان حسن النية يفضل الزوج األول.
84
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
كاملة ،فهو مثال ممنوع من ممارسة مهنة التوثيق التي هي حك ار فقط على المواطنين ،وأيضا هو ممنوع من
اكتساب حق ملكية األراضي في الدولة التي يقيم بها ،وأيضا حتى بالنسبة للمواطن قد تكون أهلية وجوبه
ناقصة فيحرم بالتالي من بعض الحقوق ومنها حرمان الجزائري المسلم من الحق في إرث قريبه غير المسلم
أو حرمانه من اإلرث لقتله مورثه عمدا ،أضف إلى ذلك حرمان المواطنين الذين ال تتوفر فيهم الشروط
القانونية لممارسة الحقوق السياسية ،مع أن هؤالء جميعا ذوي شخصية قانونية كاملة ،وعليه نصل إلى
نتيجة إلى أنه إذا كانت الشخصية هي الصالحية الكتساب الحقوق والتحمل بااللتزامات ،فإن أهلية الوجوب
هي مدى صالحية الشخص الكتساب الحقوق والتحمل بااللتزامات.
ب -أهلية األداء
-2تعريف :هي صالحية الشخص للممارسة حقوقه بنفسه وااللتزام بااللتزامات المالية بنفسه وبمعنى أدق:
هي قدرة الشخص على التعبير بنفسه عن إرادته في مباشرة التصرفات القانونية التي تؤدي إلى اكتسابه
للحقوق والتحمل بااللتزامات أي هي قدرة الشخص على القيام بنفسه بالتصرفات القانونية.
-2مناط أهلية األداء :مناط أهلية األداء هو اإلدراك والتمييز ،وبذلك تختلف عن أهلية الوجود التي
مناطها الشخصية القانونية ،فإذا ولد المولود حيا يتمتع بأهلية الوجوب كاملة ،ولكنه ال يتمتع بأهلية األداء
إال بوجود اإلدراك ،حيث إذا اكتمل إدراكه اكتملت له بالتالي أهلية األداء.
-3المراحل التي تمر بها أهلية األداء وحكم تصرفات الشخص في كل منها :تمر أهلية األداء بعدة
مراحل ،كما أنها ترتبط وتتأثر بحالة الشخص الصحية ،وبسنه وتندرج األهلية من انعدام التمييز إلى نقص
األهلية ثم إلى كمالها.
أ -انعدام األهلية :تبدأ هذه المرحلة من الميالد وتنتهي ببلوغ سن التمييز ،وميالد الطفل تثبت له أهلية
الوجوب أو الشخصية القانونية ،ولكن ال تثبت له أهلية األداء النعدام اإلدراك والتمييز له ،فالصغير دون
الثلث عشر ال يعد أهال لمباشرة أي تصرف حتى ولو كان نافعا له نفعا محضا ،وهذا ما نصت عليه المادة
13من القانون المدني الجزائري.
وعليه تكون جميع تصرفات عديم التمييز باطلة بطالنا مطلقا ،وال تصححها إجازة سواء تعلق أألمر
بعقود التبرع أو العقود الدائرة بين النفع والضرر ،ومثال لعقود التبرع أو عقود االعتناء :أن يهب عديم
التمييز ماال من أمواله إلى الغير ،فإن هذا التصرف ال يعتد به بل يقع باطال ألنه تصرف ضار ضر ار
محضا بمصالح عديم التمييز ،ومثال لعقود االعتناء :أن يقبل عديم التمييز هبة معروضة عليه ،فرغم أن
هذا التصرف نافع له نفعا محضا فإنه يقع باطال ،ألن قبول الهبة يتطلب توافر اإلدراك والذي هو منعدم
85
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
لدى عديم التمييز ،ومثال للعقود الدائرة بين النفع والضرر :أن يبرم عديم التمييز عقد بيع أو إيجار ،فمثل
هذا التصرف ال يعتد به بل يقع باطال أيضا ألنه تصرف يحتمل النفع له كما يحتمل إلحاق الضرر به،
لصادر من عديم التمييز.
ب -نقص األهلية :يعتبر ناقص أهلية كل من بلغ سن التميز وهي ثالثة عشر سنة (المادة 13الفقرة 33
ولم يبلغ سن الرشد التي هي تسعة عشر سنة كاملة (المادة 13فقرة 33من قانون 140
قانون مدني جزائري)
وفي هذه المرحلة يكون الشخص ناقص األهلية ،فهو يتمتع بقدر معين من اإلدراك، 141
مدني جزائري)
ولكنه لم يصل بعد إلى اإلدراك الكامل ،لذا فإن أهليته تكون ناقصة وتخوله مباشرة بعض التصرفات دون
بقولها «:كل من بلغ سن 142
البعض اآلخر ،وعلى هذا نصت المادة 10من القانون المدني الجزائري
التمييز ولم يبلغ سن الرشد...يكون ناقص األهلية وفقا لما يقدره القانون» ،وعليه حكم تصرفات ناقص
األهلية هي كالتالي:
بالنسبة للتصرفات الدائرة بين النفع والضرر وتعتبر كذلك ألنها تحتمل النفع والضرر كالبيع والشراء
والمقاولة واإليجار وغيرها فهذه التصرفات يصح صدورها من ناقص األهلية ولكنها تتوقف على إجازة الولي
أو الوصي ،فإن لم تتمثل حاجة تنفيذ هذه التصرفات إلى إجازة الولي أو الوصي ،أجازها نفذت وإن لمك
يجزها بطلت ،في أن ناقص األهلية ينقصه اإلدراك الكامل مما يؤثر على طريقة التفكير وتقدير العواقب.
والتصرف الدائر بين النفع والضرر الذي يجريه نقص األهلية يكون قابال لإلبطال بسبب نقص
األهلية ،بمعنى أنه ينعقد صحيحا ولكن بقى مهدد باإلبطال ،فله أن يطلب إبطاله عندما يصبح راشدا،
ولناقص األهلية أيضا إجازة هذا التصرف عندما يبلغ سن الرشد ،أو بإمكان الولي أو الوصي إجازة
التصرف بمعنى قبوله وبالتالي يصبح صحيحا غير قابل لإلبطال ،حتى ولو يبلغ ناقص األهلية سن الرشد.
بالنسبة للتصرفات النافعة نفعا محضا :وهي التصرفات التي يترتب عليها دخول شيء في الذمة
المالية لناقص األهلية دون مقابل مما يؤدي إلى زيادتها كقبول الهبة والوصية ،فهذه التصرفات تكون
صحيحة ألنها نافعة له نفعا محضا وهذا دون الحاجة إلى إجازة الولي أو الوصي.
86
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
بالنسبة للتصرفات الضارة ضر ار محضا :وهي التصرفات التي يترتب عليها خروج شيء من الذمة
المالية لناقص األهلية مما يؤدي إلى نقصنها ،بحيث ال يكون فيها أي نفع مالي له ،كأن يهب ناقص
األهلية ماال من أمواله أو الوصي ألنها تصرفات باطلة بطالن مطلق.
ج -كمال األهلية :تبدأ ببلوغ الشخص سن الرشد التي هي 47سنة طبقا للمادة 13قانون مدني
جزائري ، 143وتستمر حتى وفاته إذا لم يكن قد أصيب بعارض من عوارض األهلية أو بمانع من موانعها،
فالشخص كامل األهلية هو كامل التمييز بحيث يستطيع أن يقوم بنفسه أو يوكل من يقوم مقامه بكافة أنواع
التصرفات القانونية سواء كانت نافعة نفعا محضا ،أو ضارة ضر ار محضا ،أو دائرة بين النفع والضرر.
ومعنى ذلك أنه من اكتمل إدراك الشخص ببلوغه سن الرشد ،فإن تصرفاته بأنواعها سواء كانت
نافعة نفعا محضا أو ضارة ضر ار محضا أو دائرة بين النفع والشرر صحيحة ،ألنه ذو أهلية كاملة.
والجدير باإلشارة هو أنه ومع بلوغ الشخص سن الرشد ،قد يط أر على الشخص وهو في هذه
المرحلة عارض من عوارض األهلية التي تؤثر في قدراته اإلرادية فتعدمها أو تنقص منها ،أو يصاب بمانع
من الموانع التي ال تمس قدرته اإلرادية كال من عوارض األهلية وموانعها على حدة.
أوال -عورض األهلية
تنقسم عوارض األهلية إلى نوعين:
-نوع يعدم التمييز واإلدراك ألنه يقضي على القدرة اإلرادية للشخص ،ويتمثل في هذا النوع الجنون
والعته.
ونوع ينتقص من قدرة الشخص اإلرادية وذلك بانتقاص التمييز واإلدراك لديه ،ويتمثل هذا النوع من -
السفه والغفلة.
النوع األول :العارض التي تعدم التمييز (الجنون والعته)
-2الجنون La démence
الجنون هو مرض يصيب العقل فيؤدي انعدام التمييز واإلدراك لدى المريض فيصبح عديم األهلية
وبالتالي فهو يفقد القدرة تماما على تمييز العمل النافع من العمل الضار وفيه نوعان:
أ -الجنون المطبق :وهو الجنون الدائم الذي يستغرق كل أوقات المجنون بحيث ال يفيق منه.
ب -الجنون التقطع :وهو الجنون الذي ال يستوعب كل أوقات المريض ،بل تتخلله أوقات إفاقة بحيث يجن
فترة من الزمن ويفيق مرة.
87
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
وهذه التفرقة بين الجنون المطبق والجنون المتقطع جاء به فقهاء الشريعة اإلسالمية بينما المشرع
الجزائري لم يقم بذلك ألنه من الصعب أثبات ذلك.
-2العته La faiblesse d'esprit
مرض يصيب العقل فيجعل المريض قليل الفهم مختلط الكالم فاسد التدبير ،لكنه ال يصل إلى
درجة الجنون حيث ال يفقد العقل تماما وإنما يفقد القدرة على التمييز.
ولقد ساوى المشرع الجزائري في الحكم بين الجنون والعته ،خالفا لما ذهب إليه الفقه اإلسالمي.
بين تصرفاته الصادرة قبل الحكم 144
حكم تصرفات المجنون والمعتوه :تفرق المادة 439من قانون األسرة
بالحجر عليه وبين تلك الصادرة بعد صدور الحكم بالحجز.
أ -حكم التصرفات الصادرة قبل الحجر عليه :إذا كانت حالة الجنون أو العته غير شائعة وقت التعاقد (أي
عدم علم الكافة بذلك) فتصرفاته تعتبر صحيحة ويعتبر كامل أألهلية ،أما إذا كانت حالة الجنون أو العته
شائعة وكان الكل على علم بحالته المرضية وقت التعاقد ،فإن تصرفات المجنون والمعتوه تكون باطلة
بطالنا مطلقا رغم حدوثها قبل صدور قرار الحجر.
ب -حكم التصرفات الصادرة بعد الحجر :يكون الحجر بناء على طلب أحد األقارب أو ممن له مصلحة أو
من النيابة العامة وبعد توقيع الحجر يكون كل تصرفات المجنون أو المعتوه باطلة ،ويمكن رفع الحجر بناء
على طلب المحجور عليه إذا زالت أسبابه.
النوع الثاني :السفه والغفلة
-2السفه Prodigalité
هو حالة تصيب الشخص تدفع به إلى انفاق ماله بدون تدبير وعلى غير ما يقضي به العقل،
والسفه ال يؤدي إلى إعدام إدراك الشخص وتمييزه وإنما فقط من شأنه أن يضعف قدرته على الحرص على
أمواله والتدبير فيما يقوم به من تصرفات ،لهذا فإن القانون يعتبر السفيه ناقص األهلية ابتداء من تاريخ
تسجيل قرار الحجر عليه ،وهو يكون بذلك قد سوى بين السفيه والصبي المميز وهذا طبقا لنص المادة 10
من القانون المدني الجزائري «:145كل من بلغ سن الرشد وكان سفيها يكون ناقص األهلية وفقا لما يقرره
القانون».
حكم تصرفات السفيه :نميز بين حالتين
88
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
الحالة األولى :قبل صدور قرار الحجر :األصل أن تصرفات السفيه في هذه الحالة تعتبر صحيحة لكن
لكي تعتبر صحيحة يجب توفر الشرطين اآلتيين:
الشرط األول :أن ال يكون التصرف الصادر من السفيه نتيجة استغالل السفيه من طرف المتعاقد معه الذي
كان يعلم بحالة السفيه نتيجة استغالل السفيه من طرف المتعاقد معه الذي كان يعلم بحالة السفيه لديه،
بحيث يغتنم هذا المتعاقد فرصة السفه البتزاز أموال السفيه.
الشرط الثاني :أن ال يكون تصرف السفيه نتيجة تواطؤ بينه وبين المتعاقد معه الذي يعلم بحالة السفه
بحيث يكون الهدف من هذا التصرف هو إفالت أموال السفيه من الحجر قبل أن يوقع عليه هذا الحجر.
وعليه إذا تحقق أحد الشرطين السابقين فإن تصرفات السفيه باطلة بطالنا مطلقا أو قابال لإلبطال
وهذا ما نص عليه صراحة القانون المصري.
الحالة الثاني :بعد صدور قرار الحجر :في هذه المرحلة تأخذ تصرفات السفيه حكم تصرفات ناقص
األهلية ،فتكون صحيحة إذا كانت نافعة له نفعا محضا ،وباطلة إذا كانت ضارة به ضر ار محضا ،وقابلة
لإلبطال إذا كانت دائرة بين النفع والضرر.
-2الغفلة L'imbécillité
الغفلة هي تلك السذاجة التي تجعل الشخص ال يميز بين التصرفات الرابحة والخاسرة ،فيغبن في
معامالته مع الغير عبئا فاحشا ،نظ ار لسالمة قلبه ونيته وبساطة عقله ،ولهذا اسبب فإنه يحجر عليه
كالسفيه.
وذو الغفلة يأخذ حكم الصبي المميز ،فقد سوت بينه وبين السفيه في الحكم من حيث اعتبار ،كل
منهما ناقص أهلية وله نفس حكم تصرفات السفيه.
وحماية لحقوق الشخص ،فإن الحجر عليه يكون إال بحكم قضائي ،بناء على طلب أحد األقارب أو
ممن له مصلحة أو من النيابة العامة.
ثانيا -موانع األهلية
على الرغم من بلوغ الشخص سن الرشد واكتمال أهليته ،إال أنه فقد توجد موانع تحول بين كمال
أهليته وحقه في مباشرة التصرفات القانونية ،وقد تكون موانع األهلية مادية أو طبيعية أو قانونية.
-2المانع المادي :هو غياب الشخص بحيث ال يستطيع مباشرة تصرفاته القانونية ،بحيث تتعطل
مصالحه ومصالح الناس المرتبطة به ،فالغائب شخص كامل األهلية ولكن الضرورة قضت لظروف مادية
هي غيابه أن يقوم وكيل عنه بإرادة شؤونه حتى ال تتعطل مصالحه ومصالح الناس المرتبطة به ،وفي
89
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
جميع أحوال الغياب التي يترتب عليها تعطيل مصالح الغائب أو المفقود تعين المحكمة وكيال عن الغائب
وحدود سلطته وكيل الغائب كحدود سلطة الوصي ،فله أعمال اإلدارة وليس له التصرف بالبيع أو الشراء إال
بإذن المحكمة وال يستثنى من ذلك إال البيوع التي تقتضيها اإلدارة.
-2المانع الطبيعي :هو الشخص الذي اجتمعت فيه على األقل عاهتين من الصم والبكم والعمى تعذر
عليه بسبب ذلك ،التعبير عن إرادته ،كانت تصرفاته موقوفة على حضور المساعد القضائي ،والشخص
المصاب بعاهتين كأن يكون أصم أبكم أو أصم أعمى أو أعمى أبكم ،يتعذر معه التعبير عن إرادته تعبي ار
صحيحا ،حيث يجوز للمحكمة أن تعين له وصيا قضائيا يعاونه في التصرفات التي يجريها تحقيقا
لمصلحته.
وعليه فالشخص المصاب بعاهة واحدة فإن الوصاية القضائية ال تقرر له بحسب األصل أو إذا
كان مصاب بغير العاهات المقررة في القانون ،وإذا كان الشخص مصابا بعاهتين ولكنه يستطيع التعبير
عن إرادته ال تتقرر له الوصاية القضائية.
-3المانع القانوني :يتحقق المانع القانوني بالنسبة لمن سلبت أهليته بحكم المحكمة أو بحكم القانون كما
في حالة الشخص المحكوم عليه بعقوبة جنائية ،فال يجوز أن يتولى إدارة أمواله خالل مدة حبس حريته وفقا
للمادة 39من قانون العقوبات وهذه هي العقوبة التبعية تطبق بقوة القانون وهي مترتبة على العقوبة
األصلية طبقا للمادة 31قانون العقوبات الجزائري ،146أيضا من بين الموانع القانونية الحكم بشهر اإلفالس
الناتج عن توقف التاجر عن دفع ديونه وعدم قدرته على ذلك يؤدي إلى التعيين اإلجباري لوكيل التفلسة
ويتولى هذا األخير إدارة أموال المفلس وهذا ما نصت عليه المادة 4 /311قانون تجاري جزائري.147
ونفس الشيء تعين المحكمة مقدم إلدارة أموال المحكوم عليه وطالما ظل الحكم مستم ار في التطبيق تعين
المحكمة للمحكوم عليه قيما نيابة عنه في إدارة أمواله.
ثالثا -النيابة الشرعية أو القانونية
تنص المادة 39قانون أسرة جزائري:148
91
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
أ -الولي :والوالية إما تكون أصلية وهي التي تثبت لألب أو األم بعد وفاة األب وهي شخصية ال نتنقل إلى
الورثة ،وتكون الوالية شاملة لجميع أموال القاصر وله إدارة أمواله والتصرف فيها ويكون مسؤوال عن ذلك
مسؤولية الرجل الحريص على أمواله وهذا طبقا للمادة 99قانون أسرة جزائري.
ب -الوصي :يجوز لألب أو الجد تعيين وصي للولد القاصر إذا لم تكن له أم ،أو كانت له ولكن ثبت
بالطرق القانونية عدم أهليتها للقيام بذلك وإذا تعدد األوصياء يختار القاضي األصلح منهم ،ولقد نصت على
ذلك المادة 73من قانون األسرة الجزائري ،149وتكون للوصي نفس سلطات الولي في إدارة أموال القاصر
والتصرف فيها ويكون ملزما بتقديم حسابات بالمستندات إلى م يخلفه ،في مدة ال تتجاوز شهرين من تاريخ
انتهاء مهمته ،ويكون مسؤوال عما يلحق القاصر من ضرر بسبب تقصيره.
ج -المقدم :يمكن للمحكمة أن تعين مقدم للشخص بناء على طلب أحد األقارب أو ممن له مصلحة في
ذلك ،أو من النيابة العامة وذلك وفقا للمادة 77من قانون األسرة الجزائري ،150وتطبق على المقدم (القيم)
نفس األحكام التي تطبق على الوصي وهذا ما تضمنته المادة 433من قانون األسرة الجزائري.151
الخاصة الثانية :الذمة المالية
تعريف الذمة المالية :هي مجموع ما يكون للشخص من الحقوق وااللتزامات المالية الحاضرة والمستقلة،
والذمة المالية ال تدخل فيها إال الحقوق وااللتزامات المالية وهي الحقوق العينية الشخصية والحقوق الذهنية
وتخرج من نطاقها الحقوق السياسية وحقوق الشخصية وحقوق األسرة ،وبذلك تنقسم الحقوق إلى حقوق
متعلقة بالذمة المالية وحقوق خارجة عن الذمة المالية ،والذمة المالية في حد ذاتها تنقسم إلى الجانب
اإليجابي ومكونات الجانب السلبي ،فالجانب اإليجابي يتمثل في ما للشخص من حقوق عينية وحقوق
شخصية مالية وحقوق معنوية ،كالحقوق األسرية المالية وحقوق ابتكار واختراع في مكوناتها المالية ،وجانب
سلبي متمثال في ما يكون للغير من ذمة الشخص من أعباء وتكاليف كالتزام بالنفقة على األشخاص
الموجودين تحت كفالته أو الديون التي تكون للغير في ذمة الشخص.
أهمية الذمة المالية :تتمثل األهمية في عنصرين أساسيين:
-2حق الضمان العام :مفاده أن جميع أموال المدني ضامنة للوفاء بديونه كما تضمنت المادة 499ق م
ج ،152وسواء كانت حاضرة أو مستقبلية وهنا جميع الدائنين متساوون أمام الضمان العام وإذا لم تكف
91
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
فتقسم بينهم قسمة غير ما (كل يستوفي حقه بنسبة دينه) باعتبارهم دائنين عاديين ،بينما الدائنون الدين لهم
حق افضلية بمقتضى رهن أو حق تخفيض أو حق امتياز ،فإنهم يستوفون حقوقهم قبل الدائنين العاديين
وبالتالي يكون لهم ضمان خاص باإلضافة إلى ضمان عام ،كما أن للدائنين العاديين الحق في حماية
أموال الضمان العام باستعمال مجموعة من الدعاوى وهي الدعوى غير المباشرة والدعوى الصورية،
والدعوى البوليصية "دعوى عذم نفاذ التصرف".
-2قاعدة ال تركة إال بعد سداد الديون :الجانب اإليجابي لذمة المورث ضامن لجانبها السلبي ،فال تخلص
ملكية الورثة على العناصر اإليجابية مكن التركة إال بعد خصم الديون منها وهذا حتى ولو انتهت إليهم
التركة مباشرة بعد وفاة مورثهم.
الطبيعة القانونية للذمة المالية :لتحديد ذلك ظهرت نظريتين:
أ -النظرية التقليدية (النظرية الشخصية) :وتزعمها كل من "أوبرتي" و"رو" وتربط هذه النظرية بين
الشخصية القانونية والذمة المالية إذ أن هذه األخيرة هي الجانب المالي لألولى وينتج عن ذلك مايلي:
تثبت الذمة المالية لكل شخص بمجرد ميالده ألنها مرتبطة بالشخصية القانونية. -2
عدم قابلية الذمة المالية للتجزئة ،فال يمكن للشخص أن يفصل بعض عناصر الذمة المالية لنظام -2
خاص دون البعض اآلخر ،فهي وحدة غير قابلة للتجزئة ،ومن هنا ال يمكن تصور تعدد ذمم الشخص مما
ينفي فكرة ذمة التخصيص.
عدم قابلية الذمة المالية للتصرف فيها أو النزول عنها فهي وعاء افتراضي يشمل الحقوق ،وقد -3
تعرضت هذه النظرية لعدة انتقادات منها:
الزعم بأن الذمة وحدة ال تتج أز مخالفا للوقاع ،باعتبار القانون يقر بذمة التخصيص كذمة التاجر
التي تعتبر ذمة تجارية مستقلة عن باقي ذمته ،فدائنوا التاجر ال يمكنهم استفاد ديونهم إال من أموال تجارية
دون غيرها.
ب -النظرية الحديثة (نظرية التخصيص) :ويتزعمها الفقهاء األمان الذين يفصلون بين الذمة المالية
والشخصية القانونية فحسبهم هي تخصيص أموال معينة للوفاء بالتزامات معينة ،ويترتب عن ذلك النتائج
التالية:
أنه يمكن أن توجد ذمة دون شخص كما في حالة وجود مجموعة من المال لتحقيق غرض معين. -2
قابلية الذمة المالية للتجزئة ،فقد تتعدد الذمم المالية للشخص الواحد. -2
قابلية الذمة المالية للتصرف فيها والنزول عنها. -3
92
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
وقد تعرضت هذه النظرية للنقد بسبب تبنيها فكرة استقاللية الذمة عن الشخص إذ ال يتصور وجود
ذمة مالية دون شخص تسند له من جهة ،من جهة أخرى إن الذمة المالية يقررها القانون وال دخل إلرادة
الشخص فيها بدليل أن القانون يقرر للجين بعض الحقوق رغم انعدام إرادته.
ج -موقف المشرع الجزائري منها :يأخذ المشرع الجزائري النظرية الشخصية ،فال يمكن أن توجد ذمة مالية
دون شخص معنوي سواء كان طبيعيا أم معنويا ،وكذلك تعتبر جميع أموال المدين ضامنة للوفاء ،بديونه
وقد أخذ المشرع الجزائري بنظرية التخصيص في األحوال التالية:
قاعدة ال تركة إال بعد سداد الديون. -2
تتحدد مسؤولية الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة وفي شركة المساهمة بقدر حصته في -2
الشركة.
يحق لصاحب السفينة تركها هي وحمولتها للدائن الذي نشأت حقوقه بسبب السفينة المواد 73إلى -3
441من القانون البحري الجزائري.153
بالنسبة للحائز العقار المرهون. -4
مسؤولية القاصر ال تتجاوز حدود المال الذي يكسبه من مهنته أو صناعته. -5
الخاصية الثالثة :الحالة
تعريف الحالة :هي تعبير عن مركز الشخص من حيث انتمائه إلى جماعة ذات قيمة اجتماعية
كحق النسب أو سياسية كالجنسية أن اعتناقه لدين معين.
-2الحالة السياسية أو الحالة العامة أو الجنسية.
-2الحالة العائلية (أو االجتماعية) :هي العالقة التي تربط الشخص بالعائلة وقد تكون هذه الرابطة ناشئة
عن نشبة وتسمى قرابة النسب ،وقد تكون ناشئة عن قرابة الزوجية وتسمى قرابة المصاهرة.
أ -أنواع القرابة :القرابة نوعان:
-2قرابة النسب :وتنص عليها المادة 03من القانون المدني الجزائري وهي نوعان قرابة مباشرة وقرابة
حواشي:
* القرابة المباشرة:
-2قرابة المصاهرة :وهي قرابة تنشأ نتيجة الزواج ،ويحتفظ فيها كل قريب بدرجة قرابته للزوج اآلخر ،وهذا
ونوضح ذلك بالمثال التالي: 154
ما نصت عليه المادة 01قانون مدني جزائري
93
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
()2 ()2
درجة نزوال اإلبن اإلبن درجة صعودا
(الزوج) (الشقيق)
النتيجة :درجة قرابة شقيق الزوج لزوجة أجيه هي الدرجة الثانية عن طريق المصاهرة (قربة الحواشي).
الزوجة للزوج مثال :2قرابة شقيقة
الجد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
()2 ()2
درجة نزوال البنت البنت درجة صعودا
(الزوجة) (الشقيقة)
اإلبن
النتيجة :درجة قرابة ابن شقيقة للزوج هي الدرجة الثالثة عن طريق المصاهرة.
ب -أهمية القرابة :يرتب القانون آثا ار مهمة على توافر صالت القرابة بين األفراد أهمها:
-2العالقات األسرية :يرتب القانون على صلة القرابة بين الوالد وولده واإلبن وأبيه والزوج وزوجته حقوقا
مهمة تتعلق بالميراث واالنفاق والوالية ،والتأديب.
-2التعويضات المدنية :يستطيع األزواج واألقارب إلى الدرجة الثانية مطالبة المسؤول عن الضرر الذي
ألحقه بمورثهم بالتعويض ،كما أن لهم الحق في المطالبة بالتعويض عن الضرر الشخصي الذي أصابهم
نتيجة وفاة مورثهم.
-3اكتساب الحقوق :ال يجيز المشرع الشفعة إذا وقع البيع بين األصول والفروع أو بين الزوجين أو بين
األقراب لغاية الدرجة الرابعة ،أو بين األصهار لغاية الدرجة الثانية والشفعة هي رخصة من الحلول محل
المشتري المادة ( 979قانون مدني).
94
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
-4الزواج :يستند القانون على درجة القرابة في تحديد موانع الزواج ،وقد تكون محرمات أبدية كزواج
الشخص من أصوله أو فروعه ،وفروع والديه وأصولهم والعمات والخاالت وأصول زوجته المدخول بها
وزوجة أصله وزوجة فرعه.
أما المحرمات المؤقتة :فيقصد بها النساء التي يمنع الجمع بينهما ،كالجمع بين األختين أو بين
الزوجة وخالتها ويزول بطالق الزوجة طالقا بائنا أو بوفاتها.
-5التقاضي :يجوز رد القاضي إذا وجدت بينه أو بين زوجته وبين أحد الخصوم أو أحد المحامين أو
وكالء الخصوم قرابة حتى الدرجة الرابعة وذلك تطبيقا للمادة 334قانون اإلجراءات المدنية الجزائري.
-6سماع الشهادة :ال يجوز سماع شهادة أحد الخصوم أو أصهاره على عمود النسب أو المصاهرة ،أو
زوج أحد الخصوم ولو بعد الطالق وهذا ما نصت عليه المادة 11فقرة 3 ،4من قانون اإلجراءات المدنية.
الخاصة الرابعة :الموطن
أوال -التعريف :لكل شخص موطن يتخذ منه مرك از التلقي ما يتعلق بشؤونه الخاصة وعالقاته القانونية من
مخاطبات ،وبمعنى مبسط موطن الشخص هو المكان الذي يقيم فيه بصفة مستقرة ،ويشترط في الوطن
توافر عنصران:
أ -الوجود الفعلي (العنصر المادي) :ويقصد به إقامة الشخص فعال في مكان معين بصفة مستقرة.
ب -نية االستقرار (العنصر المعنوي) :ويقصد به بنية الشخص في االستقرار واالستمرار بنفس المكان،
فإذا تركه وانتقل لموطن آخر بنفس الشروط السابقة ينشأ موطن جديد ،وقد نصت المادة 01من القانون
المدني على أن «:موطن كل جزائري هو المحل الذي يوجد فيه سكناه الرئيسي ،عند عدم وجود سكنى يقوم
محل اإلقامة العادي مقام الموطن.
ال يجوز أن يكون للشخص أكثر من موطن وحد في نفس الوقت».
والحق في الموطن من الحقوق التي كرسها الدستور في المادة 11منه على أن «:يحق لكل
مواطن يتمتع بحقوقه المدنية السياسية ،أن يختار بحرية موطن إقامته وأن ينتقل عبر التراب الوطني».
ثانيا -أنواع الموطن:
يأخذ الموطن عدة أشكال وأنواع:
95
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
أ -الموطن القانونية (أو االلزامي) :يكون الموطن قانونيا إذا كان القانون يفرضه على الشخص وخاصة
ما قرره المشرع بشأن القاصر والمحجور عليه والمفقود والغائب في المادة 09فقرة 4على أن «:155موطن
القصر المحجور عليه والمفقود والغائب هو موطن من ينوب عن هؤالء قانونا».
ب -الموطن العام :هو المكان الذي يجمع بين عنصري الوجود واالستقرار ،بحيث يصبح هو المكان الذي
يتخذه الشخص محال إلقامته المعتادة.
ج -الموطن الخاص :ويقصد به الموطن الذي يكون للشخص بالنسبة لبعض العالقات القانونية إلى جوار
موطنه العام ،وعليه يجوز اختيار موطن خاص لتنفيذ تصرف قانوني معين ،وبالتالي فالموطن الخص
بتعدد كالتالي:
ما اصطلح الفقهاء على تسميته 156
-2موطن األعمال :عرفت المادة 09من القانون المدني الجزائري
بموطن األعمال على النحو التالي:
يعتبر المكان الذي يمارس فيه الشخص تجارة أو حرفة موطنا خاصة بالنسبة للمعامالت المتعلقة
بهذه التجارة أو الحرفة.
فال يكون هذا الموطن إال لمن له تجارة أو حرفة ،فال يصح أن يكون للموظف موطن أعمال.
-2موطن القاصر المأذون له ومن في حكمه :للقاصر الذي لم يبلغ سن الرشد وأذنت له المحكمة
بأعمال وتصرفات يعتبره القانون أهال لمباشرتها يكون له موطن خاص بجانب موطنه العام ،حيث نصت
المادة 09قانون مدني الفقرة 33على أن «:157غير أنه يكون للقاصر المرشد موطن خاص بالنسبة
للتصرفات التي يعتبره القانون أهال لمباشرتها».
-3الموطن المختار :هو الموطن الذي يختاره الشخص بنفسه لتنفيذ عمل قانوني معين ،كاختيار الشخص
المتقاضي مكتب المحامي ليكون موطنا خاصا له ومخت ار له ليتم إعالنه باألوراق القضائية أو مصالحه
القانونية من خالل تبليغه عند مكتب المحامي.
ثالثا -أهمية الموطن
إعالن الشخص وتبليغه يكون في موطنه كتلقي األوراق القضائية (اإلنذار ،أو التنبيه أو التبليغ). -2
موطن المدعى عليه هو الذي بحسب األصل يحدد االختصاص المحلي للقضاء. -2
96
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
موطن المتوفى في التركات والتفلسة تقع في دائرته المحكمة المختصة بالنظر في النزاعات المتعلقة -3
بالتركات والتفلسة.
الخاصية الخامسة :االسم
أوال -التعريف
لكل شخص طبيعي اسم ولقب ،واالسم هو ما يتعين به اإلنسان تعيينا خاصا ،واللقب هو اسم
األسرة ،ولقب الشخص يلحق أبناءه بحكم القانون ،وقد نصت المادة 4/39من القانون المدني الجزائري
على أنه «:158يجب أن يكون لكل شخص لقب واسم فأكثر ولقب الشخص يلحق أوالده».
فاالسم العائلي هو الذي يحدد انتماء الشخص ألسرة معينة ويشترك فيه مع بقية أعضاء األسرة،
واالسم الشخصي هو الذي ينفرد به كل فرد من أفراد هذه األسرة ،ويمزيه عن بقية أفرادها.
ثانيا -اختيار االسم
مبدئيا يختار االسم بكل حرية مع األخذ في االعتبار بعض القيود القانونية وذلك حسب ما يأتي:
-2بالنسبة لالسم الشخصي :منع القانون الحق في اختيار األسماء ألولياء المولود كقاعدة عامة واستثناءا
ضباط الحالة المدنية حسب مقتضيات المادة 11من قانون الحالة المدنية ،ولهم في ذلك حرية االختيار مع
مراعاة القيدين التاليين:
تمنع علية المادة 4/11من القانون الحالة المدنية ،159فاالسم يجب أن يكون متداوال عادة بين أفراد أ-
المجتمع حسب خصوصية كل منطقة وال يجب أن يتعارض مع اآلداب العامة أو يؤذي الحياء العام.
يجب أن يكون االسم جزائري عمال بنص المادة 3/11ق الحالة المدنية وال يخرج مدونة األسماء ب-
الجزائرية ،بحيث ال يعبر عن انتماء عرقي أو جهوي أو لغوي أو ديني ،ولكن يمكن أن يكون كذلك بالنسبة
لألشخاص المولودين من أبوين غير مسلمين عمال بنص المادة 39قانون مدني ،والمادة «:1603/11
يجوز أن يكون غير ذلك بالنسبة لألطفال المولودين من أبوين معتنقين ديانة غير الديانة اإلسالمية».
-2بالنسبة لالسم العائلي أو اللقب :األصل أن يكتسب الشخص االسم العائلي عن طريق النسب بقوة
التي تقضي بنسبية الولد ألبيه ،أما بالنسبة 161
القانون وذلك عمال بنص المادة 14من قانون األسرة
97
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
98
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
االسم من الحقوق اللصيقة بشخصية اإلنسان وتفرضه أيضا ضرورات التنظيم االجتماعي مما
يتطلب حمايته ورعايته.
وقد تبنى المشرع الجزائري مبدأ حماية االسم حينما نص في المادة 19من القانون المدني على
أن «:لكل من نازعه الغير في استعمال اسمه دون مبرر ومن انتحل اسمه أن يطلب وقف هذا االعتداء
والتعويض عما يكو قد لحقه من ضرر».
أوال -التعريف
الواقعة القانونية هي فعل أو حالت أو عمل مادي يرتب عليه القانون أم ار قانونيا معينا لمجرد
وجوده في ذاته ،وبصرف النظر عن تخلف أو وجود إرادة صاحبه ،بمعنى فاألثر القانوني يترتب على هذه
الواقعة سواء أراد اإلنسان هذه النتيجة أو لم يردها أي بصرف النظر عن اإلرادة.
والوقائع القانونية سواء كانت طبيعية أو من فعل إنسان ،فإنه في الحالتين قد يرتب عليها القانون
أث ار قانونيا كالوفاة أو الموت ،فهذه واقعة طبيعية يرتب عليها القانون أث ار هو الميراث المتمثل في انتقال
أموال المتوفي إلى ورثته ،وإصابة شخص ألحد المارة بسيارته المسرعة هي واقعة من فعل اإلنسان ومن
غير قصد ،إال أن القانون يترتب عليها أث ار هو التزام سائق السيارة بتعويض المصاب أو ورثته عن الضرر
الذي كان متسببا فيه.
إقامة وإعاد ة ترميم جدار على وشك اإلنهيار هي واقعة من فعل اإلنسان وبإرادته ،يرتب عليها
القانون أثر هو التزام صاحب الجدار برد ما أثري به على حساب األثر أي ما زاد في ذمته نتيجة لهذا
الفعل.
99
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
ثانيا -األنواع
تنقسم الوقائع القانونية الى نوعان ،وقائع غير اختيارية الطبيعية وقائع اختيارية.
أ -الوقاع االختيارية القانونية الطبيعية :هي وقائع غير اختيارية طبيعية ،تتمثل في ظواهر طبيعية بحتة
ال دخل لإلرادة اإلنسانية في وقوعها كواقعة الميالد والوفاة ،والفيضانات وهبوب العواصف ،وانفجار
البراكين...الخ .حيث يرتب المشرع على هذه الوقائع آثار قانونية معينة ،فمثال يترتب على هبوب العاصفة
وتساقط الثلوج بكثرة ،إعفاء العامل والموظف من الذهاب إلى عمله باعتبار أن ما وقع يعد قوة قاهرة
مستحيل توقع حدوثها سلفا كما يستحيل دفعها ومنع وقوعها.
ب -الوقائع االختيارية :هي األعمال المادية التي تصدر من اإلنسان ،سواء كان يقصد بها إحداث أثر
قانوني أوال يقصد ،فالقانون يترتب على مجرد وقوعها ووجودها أث ار ما ،ومثال ذلك الفعل الصار عمديا كان
أو غير عمدي (حادث مرور ،الضرب ،االعتداء) ،ويترتب عنه الحق في التعويض.
وأيضا من يتلف عمدا مال الغير أو يزهق روحه ال يقصد أن يلتزم بالتعويض ولكن المشرع يلزمه
رغما عنه بأثر قانوني معين وهو تعويض من لحقه الضرر ،وفي هذين الفرضين يسمى العل المادي واقعة
مادية ويرتب القانون عليها آثار معينة سواء أقصد من صدرت منه هذا األمر أو لم يقصده.
أوال -التعريف
هي أعمال أو تصرفات إرادية بحتة وال تتمثل في أعمال مادية ،فالفرق بين التصرف القانوني
والواقعة القانونية هي إرادة الشخص المحضة التي تتجه نحو إحداث أثر قانوني معين ،فقوام التصرف
القانوني هو "اإلرادة".
واألثر القانوني قد يكون إيجابيا يسمى حقا أو سلبيا يسمى التزاما ،ويترتب األثر القانوني بمجرد
اتجاه اإلرادة إلى إحداثه ،مثال العقد هو انصراف إرادتين إلى إحداث أثر قانوني معين أي هو تصرف
قانوني.
فالبائع في عقد البيع ملتزم بنقل الملكية ،مقابل حقه في الحصول على الثمن والمشتري ملتزم بدفع
الثمن ،مقابل حقه في انتقال ملكية المبيع إليه .فنالحظ أن قوام التصرف القانوني هو "اإلرادة" حيث تتجه
إرادة الشخص عن قصد وبكل حرية إلى إحداث األثر القانوني الذي يريده.
ثانيا -مبدأ سلطان اإلرادة
111
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
يقصد بهذا المبدأ حرية اإلرادة المطلقة في تكوين التصرفات القانونية وإنمائها بدون قيود ،إال ما
كان متعلقا منها بالنظام العام واآلداب العامة ،وهذا المبدأ ساد في القرن السابع عشر حتى القرن التاسع
عشر حيث انتشر المذهب الفردي الذي يتبنى قاعدة أن االتفاقات تقوم مقام القانون بالنسبة إلى عاقديها،
وجاء القانون المدني الفرنسي وتبنى هذه العبارة كما هي فضمنها المادة ،4401وقد أخذ بها المشرع
الجزائري الحقا في المادة 431من القانون المدني الجزائري معب ار عنها بأن العقد شريعة المتعاقدين فال
يجوز نقضه أو تعديله إال باتفاق الطرفين.
وهذا ما قضت به محكمة النقض الفرنسية في 4971/9/49بأن القاضي مقيد باالتفاق كتقيده
بالقانون ذاته وال يملك أن يعد له باسم العدالة ،ولكن الوضع في القرن العشرين اختلف بظهور المذهب
االشتراكي أو االجتماعي ،حيث انحسر المذهب الفردي وسادت المبادئ الجماعية التي قيدت من مبدأ
سلطان إرادة الفرد ألن المبادئ الجماعية تستهدف صالح وتقييد إرادة الجانب القوي وتوجيهها نحو ما يحقق
الصالح العام للجماعة ،كعقود العمل حيث يقيد القانون من حرية رب العمل في وضع شروط هذا العقد،
كذلك في عقد اإلذعان ففي هذه العقود تدخل القانون ومنح القاضي سلطة تعديل الشروط التعسفية حسبما
تقتضيه العدالة.
ومن أمثلة عقود اإلذعان عقد توريد المياه والغاز والكهرباء والخدمات الهاتفية ،وهكذا ال يمكن
حصر القيود التي تحد من مبدأ سلطان اإلرادة بذواتها ،وإنما يمكن ردها من حيث نوعها إلى مجموعتين:
قيود تتعلق بشكل التصرف :فالعقود الواقعة مثال على عقارات تتطلب شكل معين وهو أن يفرغ هذا
التصرف في محرر رسمي أي يوثق هذا العقد أمام موثق عمومي ،أو موظف عمومي آخر مختص ،وأيضا
الترخيص أو اإلذن بإنشاء بعض الشركات.
قيود تتعلق بموضوع التصرف :وفي هذا المجال نجد قيود تشريعية ،بحيث يتدخل المشرع ويمنح للقاضي
سلطة تعديل الشروط التعسفية حسبما تقتضيه العدالة ،ونجد أيضا قيود قضائية تتعلق بالنظام العام واآلداب
العامة.
ثالثا -أنواع التصرفات القانونية
يمكن تصنيف التصرفات القانونية إلى أنواع أهمها:
أ -تصرف من جانب واحد أو من جانبين
-2التصرف القانوني من جانب واحد (اإلرادة المتفردة) :ويقصد بها اتجاه اإلرادة إلى إحداث أثر قانوني
معين وتصدر هذه اإلرادة من شخص واحد ،ومنفردة ،مثاله :في القانون الخاص "الوصية" حيث تنعقد
111
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
باإلرادة المنفردة للموصي ،وفي القانون العام :القرار اإلداري ،قرار وزير التعليم العالي بتنظيم االمتحانات
بالجامعة.
-2التصرف القانوني من جانبين (العقد) :وهو كل توافق إلرادتين بقصد إحداث أثر قانوني معين ،فهو
ينشئ التزامات متبادلة عل طرفي التصرف ،ومثاله في القانون الخاص :عقد البيع ،عقد اإليجار ،عقد
العمل ،وفي القانون العام الصفقات العمومية مثل عقد األشغال العامة وعقد التوريد ،عقد الدراسات.
ب -التصرف القانوني بعوض أو التبرعي
ويقوم هذا النوع على أساس وجود المقابل من عدم وجوده ،فإذا تم التصرف بمقابل كان بعض أو
معاوضة معقود البيع واإليجار والعمل ،أما إذا كان التصرف بدون مقابل كان التصرف تبرعي كعقد الهبة.
ج -التصرفات المنشئة والناقلة والكاشفة:
وها التقسيم كان بحسب األثر المترتب على التصرف.
-2التصرف المنشئ :هو التصرف الذي يترتب عليه وجود حق من العدم كما هو الحال مثال بشأن
حقوق كل من الزوجين على اآلخر التي تنشأ بمقتضى عقد الزواج ،وحقوق كل من المتعاقدين على اآلخر
في عقد القرض والبيع واإليجار.
-2التصرف الناقل :وهو التصرف الذي يترتب عليه نقل حق كان موجودا من قبل في ذمة شخص إلى
ذمة شخص آخر ،كالبائع الذي ينقل ملكية المبيع إلى المشتري ،والمالك الذي ينقل حقه في االنتفاع بما
يملكه إلى المنتفع.
-3التصرف الكاشف أو المقرر :ويقصد به التصرف الذي ال يترتب عليه إنشاء حق جديد أو نقل حل
قائم إلى آخر بل مجرد الكشف عن حق قائم بالفعل ،ومثالها عقد الصلح ،حيث ال يترتب عن الصلح نقل
حق من أحد المتصالحين لآلخر ،وإنما يقوم فقط كل واحد بالتنازل عن جزء من ادعائه لآلخر ،وبالتالي ال
يترتب على الصلح إال الكشف عن حق ثابت ألحد األطراف حال التنازع عليه دون نسبته إليه منذ البداية.
د -التصرفات بين األحياء والتصرفات المضافة إلى ما بعد الموت
تنقسم التصرفات إلى تصرفات منتجة آلثارها بين األحياء ،وتصرفات ال يترتب آثارها إال بعد
الموت ،مثل الوصية ،وتكمن أهمية التقسم هنا في تحديد المشرع الحدود التصرفات المضافة إلى ما بعد
الموت ،مثل الوصية فال يجوز أن ترد على قدر أكبر من ثلث التركة على العكس ،فإن المشرع ال يورد أي
قيود على التصرفات بين األحياء.
112
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
113
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
موضوع أو محل الحق الشخصي هو عمل إيجابي أو سلبي وينقسم عامة إلى ثالث أنواع :االلتزام
بالقيام بعمل واالمتناع عن عمل وإعطاء شيء.
أوال :االلتزام بالقيام بعمل
ويتضمن القيام بعمل إيجابي لمصلحة الدائن مثل قيام البائع بتسليم المبيع إلى المشتري وقيام هذا
األخير بدفع الثمن وينقسم بدوره إلى نوعين من االلتزام:
أ -االلتزام بتحقيق نتيجة :إذا كان موضوعه محددا فيكون المدني ملزما بتحقيق نتيجة معينة كالمقاول أو
البناء مثال :فإنه ملزم ببناء المسكن كما جاء في التصميم تماما وبنفس المواصفات ويعتبر مخال بالتزامه إذا
لم يحقق هذه النتيجة وال يعفى من المسؤولية إال إذا ثبت أن قوة قاهرة حالت دون تحقق ذلك.
ب -االلتزام ببذل عناية :يكون المدين بهذا االلتزام ملزما باستعمال أفضل الوسائل الممكنة وأكبر قدر من
الحيطة والحذر ،وال يكون ضامنا لتحقيق نتيجة ،مثال :الطبيب غير ملزم بشفاء المريض ولكن يلتزم بعمل
كل ما في وسعه من أجل تحقيق ذلك ،وال يكون المدني في االلتزام ببذل عناية مسؤوال عن عدم تحقيق
النتيجة إال إذا لم يكن قد بذل العناية المطلوبة.
ثانيا :االلتزام باالمتناع عن عمل
غالبية العقود تتضمن االلتزام باالمتناع عن عمل معين كعقد البيع مثال :فإنه يفرض على البائع
التزام بعدم التعرض للمشتري في المبيع ،وفي عقد اإليجار فإن المؤجر مفروض عليه التزام بعدم التعرض
للمستأجر في العين المؤجرة ،ويمكن أن يكون االلتزام باالمتناع عن عمل هو االلتزام الرئيسي في العقد،
كااللتزام بعدم المنافسة.
114
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
يجب أوال أن نفرق بين المال والشيء ،فالمال والحقوق المالية تعبيران مترادفان ،وعليه فالمال هو
كل حق مالي سواء كان حقا شخصيا أو عينيا أو ذهنيا ،والشيء هو محل الحق المالي لكنه ليس المحل
الوحيد ،فالعمل كذلك محل آخر للحق المالي .وحتى يكون الشيء محال للحق المالي يجب أن يدخل في
دائرة التعامل ويصبح محال للعالقات القانونية ويتخذ وصف المال.
115
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
رغم االختالف الموجود بين المال والشيء إال أنه كثي ار ما يحدث الخلط بين هاتين الفكرتين ،فالمال
هو الحق المالي في حين أن الشيء هو المحل الذي يرد عليه هذا الحق ،ويتجلى االختالف بين المال
والشيء في ثالثة أمور هي:
تعدد الحقوق التي ترد على الشيء الواحد ،فيمكن للشيء أن يكون محال لعدة حقوق في آن واحد. -2
عدم التال زم بين وجود الحق والشي :فقد يوجد اشيء وال يوجد الحق كما هو الحال بالنسبة لألشياء -2
المباحة المملوكة وللكافة ،كما قد يوجد الحق وال يوجد الشيء مثلما هو الوضع بالنسبة للحقوق الشخصية
التي ينصب محلها على أداء عمل إيجابي أو سلبي ،فالشيء في هذه الحالة يعد محال غير مباشر نظ ار
إلمكان تقويم هذا المحل بالنقود التي تعد من قبيل األشياء.
الطابع المجرد للحقوق ،فالحقوق ال تردك بالحواس وال تلمس رغم ورود هذا التصور بالنسبة -3
لألشياء التي ترد عليها ،فال يستطيع أحد أن يدعي إدراكه لوجود الحق بغير العقل.
والخلط بين الشيء والحق المالي وارد حتى في الكتابات القانونية فتتحدث عن الشيء وحق المكية كأنهما
مترادفان ،فنقول يملك فالن هذه السيارة ،وال نقول أنه يملك حقا ماليا عليها.
يمكن تقسيم األشياء إلى عدة تقسيمات بحسب المعيار المتبع نذكر منها:
أ -من حيث القابلية للتعامل :أشياء قابلة للتعامل فيها وأشياء غير قابلة للتعامل فيها تكمن أهمية هذا
التقسيم في عدم قابلية األشياء غير القابلة للتعامل فيها أن تكون محال للحقوق المالية وقد نصت على ذلك
167
المادة 193ق م ج.
األشياء الخارجة عن دائرة التعامل بطبيعتها :ويقصد بها األشياء التي ال يستطيع أحد أن يستأثر -2
بحيازتها وهي الشمس والهواء والماء.
األشياء الخارجة عن دارة التعامل بحكم القانون :وعي التي ال يجيز القانون أن تكون محال -2
للحقوق المالية وعادة تتمحور حول نوعين من األشاء :النوع األول :األموال العامة المخصصة للمنفعة
العامة فال يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم ،وهذا ما نصت عليه المادة 197ق م
116
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
ج ، 168وأما النوع الثاني فيتمثل في األشياء المحظورة والمحرمة العتبارات تتعلق بالنظام العام وقد نصت
على ذلك المادة 71ق م ج مثال :التعامل في المخدرات غير جائز لمخالفته للنظام العام.
ب -من حيث قابلية بعضها للقيام محل البعض اآلخر من الوفاء (أشياء مثلية وأشياء قيمية) :تتمثل
أهمية هذا التقسيم تتمثل في حكم الهالك فهالك الشيء القيمي ،على عكس الشيء المثلي ،يترتب عليه
انقضاء االلتزام الستحالة التنفيذ.
وتكمن أيضا أهمية التقسيم األشياء القيمية والمثلية من حيث انتقال الملكية ،فإذا كان الشيء مثلي
فإنه ال تنتقل الملكية فيه إال بعد الفرز وإذا كان قيميا فإن ملكيته تنتقل بمجرد العقد.
-2األشياء الملكية :هي التي يقوم بعضها مقام بعض عند الوفاء ،بحيث يكون لهذه األشياء مثيل متداول
في األسواق ،وتقدر عادة بالعد أو المقاس أو الكيل أو الوزن وذلك باختالف طبيعة الشيء المتداول فيه بين
األشخاص ،المادة 191ق م ج.169
-2األشياء القيمية :هي تلك األشياء التي ال يقوم بعضها مقام بعض اآلخر ،وذلك لعدم وجود التماثل
بينها وإما لتفاوت أحدها تفاوتا كبيرا ،فال يستوي لدى المشتري لمنزل محدد أو قطعة أرض أن يتلقى سواها
ألن كال منهما يعد شيئا قيما ال يقوم مقامه أي شيء آخر عند الوفاء.
وتدق التفرقة على هذا النحو بين األشياء القيمية واألشياء المثلية بشأن السيارات فهي تنتهي إلى
األشياء القيمية إن كانت مستعملة وتلحق باألشياء المثلية إذا كانت غير مستعملة.
ج -من حيث تكرار االستعمال :أشياء قابلة لالستهالك وأشياء غير قابلة لالستهالك ،تكمن أهمية التقسيم
ألشياء قابلة لالستهالك وأشياء غير قابلة لالستهالك فيما يلي:
أنهناك بعض العقود ال يمكن أن يكون محلها إال األشياء غير قابلة لالستهالك مثل االنتفاع بشيء
لمدة معينة كاإليجار والعارية.
كما أن هناك بعض العقود ال يتصور أن ترد إال على األشياء غير قابلة لالستهالك مثال :عقد
القرض االستهالكي ،يستعمل المقترض النقود المقترضة على أن يرد نفس المقدار ليس نفس النقود
التي اقترضها بذاتها.
-2األشياء القابلة لالستهالك :هي التي تنحصر استعمالها بحسب ما أعدت له في استهالكها وقد يكون
ماديا أو قانونيا ،ويكون األول في حالة االنتفاع بالشيء إلى غاية نفاذ مادته كأكل األشياء أو شرب مشروبا
117
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
أو استعمال حبرا ،أما الثاني فيتحقق بخروج الشيء من يد صاحبه دجون أن يؤدي ذلك إلى هالكه ماديا
كإنفاق النقود مثال ،وقد نصت المادة 191قانون مدني جزائري.170
-2األشياء غير قابلة لالستهالك :وهي التي يتكرر استعمالها دون أن تستهلك أ ,تنفذ مثال :الكتب،
المنازل ،الطاوالت وما شابه ذلك.
د -من حيث الثبات (العقارات والمنقوالت) :وتكمن أهمية التقسيم بين العقارات والمنقوالت فيمايلي
-2أن بعض الحقوق العينية ال ترد إال على العقارات كالرهن الرسمي وحق االختصاص وحق االرتفاق
وحق السكن.
-2تنتقل ملكية المنقول المعين بالذات بالعقد وملكية المعين بنوعه بعد الفرز أما العقار فتنقل ملكية
بالشهر في الحافظة العقارية.
-3كل التصرفات الواردة على العقار يجب أن تحرر في شكل رسمي (المادة 190قانون مدني
171
أما التصرفات الواردة على المنقوالت فهي في األصل تصرفات رضائية. جزائري)
-4حق الشفعة ترد على العقار دون المنقول.
-5الدعاوى العقارية النظر فيها يكون من اختصاص المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها العقار،
بينما المنقول يكون االختصاص للمحكمة الواقع في دائرتها موطن المدعي عليه.
-6قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية ،قاعدة خاصة باكتساب المنقوالت أما العقارات فتكسب
بالتقادم القصير أو الطويل.
د -2العقارات:
هي كل شيء مستقر بحيزه ثابت فيه ال يمكن نقله منه دون تلف وهي تنقسم إلى عقارات بطبيعتها
وإلى عقارات بالتخصيص.
* العقارات بطبيعتها :وهي كل شيء مستقر بحيزه ،ثابتن فيه ال يمكن نقله من دون تلف ،وعلى هذا
األساس تعد األشجار والمباني بكل أنواعها وأشكالها ومواد البناء وأجهزة التكييف المثبتة في البناء عقارات
بطبيعتها ما دام هناك تلفا سيلحقها نتيجة هذا النقل.
* العقارات بالتخصيص :يعتبر عقا ار بالتخصيص المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه ،رصدا
على خدمة هذا العقار أو استغالله وعلى هذا األساس تعد عقارات بالتخصيص المنشآت واآلالت الزراعية
118
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
المملوكة لصاحب األرض وقطع األثاث الموجودة في المحال العامة مثل الفنادق والمطاعم والمسارح ودور
السنيما ،وكل ما يشترط في هذا المقام هو أن يكون التخصيص لخدمة العقار نفسه ولو لم يكن ضروريا
لحسن االستغالل وليس لخدمة مالك العقار.
وعليه فإن السيارة المخصصة لالستخدام الشخصي لمالك المصنع تعد منقوال ألنها لم تخصص
الستخدام العقار ،وكذلك فإن التخصيص المؤقت على عكس التخصيص العارض يجعل من المنقول عقا ار
بالتخصيص ،وبيان ذلك أن المالك الذي يضع سيارته الخاصة تحت تصرف عماله في يوم معين لنقلهم
إلى مساكنهم ال يغير من اعتبار سيارته منقوال ،أما إذا ترك السيارة نفسها تحت تصرف عماله مدة زمنية
معينة لحين شراء سيارة خاصة بهم ،فإن سيارته تعد عقا ار بالتخصيص.
وعليه يعد المنقول عقا ار بالتخصيص بتوفر الشروط األربعة وهي :وجود عقار بطبيعته ،ومنقول
بطبيعته ،واجتماع ملكية العقار والمنقول في يد صاحب العقار ،وعينية بالتخصيص وأخي ار قيام مالك العقار
بهذا التخصيص.
د-2المنقوالت:
المنقوالت هي األشياء غير الثابتة التي يمكن نقلها من مكان آلخر دون تلف ،المنقول هو ما ليس
بعقار ،وقد يكون شيئا أو حقا ماليا ،فكل ما عذا العقار يكون منقوال وقد نصت على ذلك المادة 190
قانون مدني جزائري ،172وهناك منقوالت بطبيعتها ومنقوالت بحسب المآل:
أ -منقوالت بطبيعتها :وتشمل األشياء المادية التي تقبل االنتقال من مكان آلخر سواء كان انتقالها ذاتيا
كالحيوانات ،أو بقوة أجنبية عنها ،كالجمادات ،ويكفي أن تكون قابلة لالنتقال ،أي أن يكون انتقالها ممكنا،
وبمعنى أوضح كل األشياء التي يمكن إدراكها بالحواس ،وغير مثبتة في األرض حتى ولو كان قد أعدت
لتبقى في مكانها ،فهي منقوالت مادية.
وهناك منقوالت معنوية تتمثل في الحقوق الذهنية التي أشارت إليها المادة 199قانون مدني
جزائري بقولها «:173تنظم قوانين خاصة الحقوق التي ترد على أشياء غير مادية».
ب -منقوالت بحسيب المآل :هي عقارات بطبيعتها إنما تتميز بأنها معدة لالنفصال حتما ووشيكا عن
أصلها الثبت ،فيضفي عليها القانون في المستقبل وصف المنقول مسبقا ،وتشترط المنقول بحسب المآل أن
يكون مصيره المحتوم االنفصال عن أصله ،فيفقد بذلك طبيعته العقارية ويصير منقوال ،وتحديد هذا المصير
119
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
إما أن يكون بفعل الطبيعة ذاتها كما في المحصوالت الزراعية عند نضجها ،وإما أن يكون باالتفاق كما إذا
بيع البناء على أساس أن يقوم المشتري بهدمه وأخذ أنقاضه فيعتبر البيع في هذه الحالة واردا على منقول.
111
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
ليس للشخص أن يستعمل حقه بكيفية مطلقة ،إذ يجب أن يستعمله في نطاق وحدود القانون ووفقا
للقيود الواردة عليه ،فمالك العقار إذا لم يلتزم أثناء إقامته البناء في حدود ملكيته وتجاوز إلى العقار
المجاور ،فإن المالك بهذا العمل يكون قد تجاوز حدود حقه وخرج عليها.
ويعد الخروج عن حدود هذا الحق تجاو از غير مشروع بطبيعته ،وقد كان للفقه اإلسالمي فضل
إرساء قواعد هذه النظرية ،وهذه النظرية تنطلق على الحقوق إيا كانت ،أي سواء كانت حقوقا شخصية أم
مالية.
ولقد أخذ المشرع الجزائري بنظرية التعسف في استعمال الحق ،كما طبقها القضاء وقد نصت المادة
173قانون مدني جزائري على مايلي «:174يجب على المالك أن يراعي في استعمال حقه ما تقضي به
التشريعات الجاري بها العمل المتعلقة بالمصلحة العامة ،أو المصلحة الخاصة ،وعليه أيضا مراعاة األحكام
اآلتية:
111
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
والمادة 174قانون مدني جزائري :175يجب على المالك أال يتعسف في استعمال حقه إلى حد يضر بملك
الجار».
والتعسف في استعمال الحق يكو قائما في حالة انعدام التناسب بين مصلحة صاحب الحق والضرر
الذي يصيب الغير وذلك يتضح من خالل تحديد معايير للتعسف وذلك في المطلب الثاني.
تنص المادة 14من القانون المدني الجزائري على ما يأتي «:176يعتبر استعمال حق تعسفيا في
األحوال التالية:
-2إذا وقع بقصد اإلضراب بالغير.
-2إذا كان يرمي إلى الحصول على فائدة قليلة بالنسبة إلى الضرر الناشئ للغير.
-3إذا كان الغرض منه الحصول على فائدة غير مشروعة».
ويتضح من نص هذه المادة أن حاالت التعسف في التشريع الجزائر يتخذ مصدرها من الشريعة
اإلسالمية ،وهلي على العموم تتجسد في المعايير الثالث اآلتية:
المعيار األول :استعمال الحق لمجرد اإلضرار بالغير :يعتبر هذا المعيار معيار شخصي ألنه يأخذ بعين
االعتبار نية صاحب الحق ،حيث كل من يستعمل حقه لمجرد أن يصدر بغيره يعد متعسفا ،وعليه فمن
يزرع أشجار عليه بمنزله بقصد حجب الضوء والهواء على جاره ،يعد متعسفا في استعمال حقه حتى ولو
نجح في إثبات تحقق منفعة عرضية له لم يكن يستهدفها أصال كالحاجة إلى ظل تلك األشجار.
وينتفي عنه وصف التعسف إذا انتفى القصد ونية اإلضرار حتى ولو وقع الضرر فعال.
المعيار الثاني :تفاهة المنفعة وجسامة الضرر :الشخص يستعمل حقه لتحقيق مصلحة شخصية ،ولكن هذه
المصلحة تعد تافهة وضئيلة بالمقارنة مع األضرار التي تحدث للغير ،وبمعنى أوضح عدم تناسب مصلحة
صاحب الحق والضرر الذي يصيب الغير.
فعلى سبيل المثال :إذا قام مالك عن حسن نية ببناء جدار تابع لمنزله فوق أرض جاره ،رغبة مالك
الحائط في أن يهدمه من أجل تجديده ودوه عذر قوي لذلك ،مع أن هذا الهدم يضر الجار الذي يستند ملكه
بالحائط ،وبالتالي يعتبر مالك الحائط في استعمال حقه.
112
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
المعيار الثالث :عدم مشروعية المصلحة المبتغاة :وتكون في حالة ما إذا قصد الشخص استعمال حقه
تحقيق مصلحة غير مشروعة ،يعد متعسفا مالك البناية الذي يقطع الكهرباء والماء على المستأجر حتى
يجبره على يخلي العين المؤجرة ويعد متعسفا رب العمل الذي يفصل العامل من العمل حتى يسقط حقه في
طلب األقدمية.
اإلثبات هو إقامة الدليل على صحة واقعة قانونية ،متنازع عليها بين الخصوم بحيث يدعيها أحد
طرفي الخصومة ،وينكرها الطرف اآلخر أمام القاضي ،مما يضطر القاضي لمطالبة الخصم المدعي
بإثبات هذا الحق بإحدى طرق اإلثبات التي حددها القانون.
والمشرع أثناء تحريه عن صحة الواقعة القانونية عليه دائما مراعاة الموازنة بين اعتبارين هما:
أ -اعتبار العدالة في ذاتها ،ويدفع القاضي إلى تلمس الحقيقة الواقعية بكل السبل.
ب -اعتبار استقرار التعامل ،ويدفعه إلى تقييد القاضي في األدلة التي يأخذ بها .وهي :اإلثبات المطلق
أو الحر ،واإلثبات المقيد وأخي ار اإلثبات المختلط.
-2اإلثبات المطلق أو الحر :هذا المذهب نادى بإطالق حرية المتنازعين في تقديم األدلة ،التي يرون أنها
تؤيدي إلى إقناع القاضي ،دون تحديد طريق محدد لإلثبات ،ويعب على هذا المذهب بفتح المجال الواسع
للسلطة التقديرية للقاضي ،بحيث يجعل الحكم القانوني في القضايا المتشابهة والمتماثلة من حيث الظروف
والمالبسات تختلف من قاض إلى آخر ،مما يمس من اعتبار العدالة.
-2اإلثبات القانوني المقيد :يقوم هذا االتجاه على مبدأين هما :تقيد الخصوم بطرق إثبات معينة محددة
من قبل القانون ،وتقييد القاضي بطرق اقتناع محددة ،فال يجوز للخصم أن يستعمل طريق آخر إلثبات
حقه ،وليس للقاضي التماس طرق اقتناع أخرى إال في الحدود التي حددها القانون .ويعيب على هذا
المذهب أن يشل ويعرقل الخصم والقاضي ويحول بينهما وبين سلوك طريق مخالف إلثبات حق واضح
لعيان.
-3اإلثبات المختلط :هذا المذهب يجمع بين اإلثبات المطلق واإلثبات المقيد ،بحيث تتراوح أحكامه بين
إطالق اإلثبات وتقييده ،فيحدد األدلة المختلفة ويعين قيمة بعضها في اإلثبات تاركا للقاضي سلطة تقدير
األدلة األخرى.
113
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
-القرائن:
القرينة عبارة عن استنباط واقعة متنازع عليها من واقع أخرى ثابتة فتكون الواقعة الثانية قرينة على
األولى ،وهي نوعان ،قرينة قانونية وقرينة قضائية وللقرينة حجية فقط على أطراف النزاع فقط دون الغير.
-اإلقرار:
هو االعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه وذلك أثناء السير في الدعوى
المتعلقة بهذه الواقعة ،ولإلقرار حجة قاطعة على المقر ،فال يجوز إثبات عكسه كما ال يجوز تجزئته وال
يمكن لمن أصدره أن يعدل عنه.
-اليمين:
اليمين طريقة من الطرق غير المباشرة يحتكم فيها موجه اليمين إلى ذمة الطرف أآلخر اعتمادا
على تقاء دينه وضميره ،وهي نوعان يمين حاسمة يوجهها الخصم إلى خصمه في النزاع ،ويمين متممة
يوجهها القاضي من تلقاء نفسه إلى أحد الخصمين ليكل بها أدلة أخرى في الدعوى المنظورة أمامه.
114
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
لما كانت األسباب الناقلة للحق العيني األصلي هي أسباب انقضاء بالنسبة للسلف وأسباب اكتساب
بالنسبة للخلف كحق الملكية فهو ينقضي بوفاة المالك وينتقل هذا الحق إلى الورثة ،وينقضي أيضا بهالك
الشيء المملوك أو التصرف فيه بالبيع ،أما حق االنتفاع فهو ينقضي إما بوفاة المنتفع أو هالك الشيء ،أو
انقضاء أجل االنتفاع ،أو بعدم االستعمال مدة 031سنة كاملة ( 911مدني جزائري).177
وبالنسبة لحق االرتفاع فهو ينقضي بانتهاء األجل المحدد له ،وهالك العقار المرتفق به هالكا تما،
أو باجتماع العقار المرتفق به والعقار المرتفق في يد مالك واحد كما ينقضي أيضا بعدم االستعمال لمدة
13سنوات أو بالتقادم.
تنقضي هذه الحقوق بانقضاء الحقوق الشخصية التي تضمنها كما تنقضي بالتنازل عنها.
115
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
ينقضي الحق الشخصي بحسب األصل ،بوفاء المدين بالتزامه التعاقدي ،وهذا الوفاء قد يكون
طوعية واختيا ار فيسمى بالتنفيذ العيني االختياري ،كما قد يكون إجباريا عن طريق القضاء ،فيسمى بالتنفيذ
العيني اإلجباري ،فيمكن للدائن اللجوء إلى القضاء عندما يرفض المدين تنفيذ التزامه من خالل إجباره على
التنفيذ ،إذا كان االلتزام ممكنا وغير مرهق للمدين.
لقد نص القانون المدني في المواد من 391إلى 031على الحاالت التي ينقضي فيها الحق
(االلتزام) بما يعادل الوفاء به ،وهي على التوالي :الوفاء بمقابل ،التجديد ،اإلنابة ،المقاصة ،اتحاد
178
الذمة.
أ -التنفيذ بمقابل :تنص المادة 391على أن «:179إذا قبل الدائن في استيفاء حقه مقابال استعاض له من
على أن الوفاء بمقابل 180
الشيء المستحق قام هذا مقام الوفاء» ،وطبقا للمادة 391قانون مدني جزائري
تسري عليه أحكام البيع ويشترط فيه:
-2اتفاق الدائن والمدين على استبدال الوفاء بالمكحل األصلي بشيء آخر.
-2االنتقال الفعلي للشيء إلى الدائن.
ب -التجديد :يكون التجديد بسبب انقضاء التزام قديم وفي نفس الوقت سبب إلنشاء التزام جديد ،ويتم
التجديد من خالل تغير أحد عناصر الحق :األطراف (الدائن ،المدين) ،أو المحل (الدين) ،وهذا ما جاءت
به المادة 399قانون مدني جزائري حيث أن «:181يتحدد االلتزام:
المواد من 391إلى 031من القانون المدني الجزائري ،مرجع المرجع . 178
116
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
-ي تغير الدائن إذا اتفق الطرفان على استبدال االلتزام األصلي بالتزام جديد يختلف عنه في محله أو في
مصدره.
-يتغير المدين إذا اتفق الدائن والغير على أن يكون هذا األخير مدينا مكان المدين أألصلي على أن تب أر
ذمة المدني أألصلي دون حاجة إلى لرضائه...
-يتغير الدائن إذا اتفق الدائن والمدين والغير على أن يكون هذا األخير هو الدائن الجديد».
ج -اإلنابة :تنص المادة 379قانون مدني جزائري على مايلي «:182تتم اإلنابة إذا حصل المدين على
رضاء الدائن بشخص أجنبي يلتزم بوفاء الدين مكان المدني،
وال تقتضي اإلنابة أن تكون هناك حتما مديونية سابقة بين المدين والغير».
في هذه الحالة تجب رضاء األطراف الثالث ،الدائن والمدين األصلي ،والمدين الجديد (الشخص
األجنبي) ،فيقتضي التزام المدين (المنيب) وينشأ التزام بالوفاء في ذمة المدين الجديد (المناب) قبل الدائن.
د -المقاصة :ه ي عملية حسابية ينقضي بموجبها الحق الشخصي عندما يصبح المدين دائنا لدائنه ،وتوجد
ثالث أنواع للمقاصة ،مقاصة اتفاقية تتم باتفاق الدائن والمدين ،مقاصة قانونية بحكم القانون وتستوفي
شروط معينة ،اتحاد الدائنين بين نفس األشخاص (دائن ومدين) في نوع الدين ،إذا كان نقود أو أشياء
مثلية.
وفي القوة بحيث يكون الدائن ثابتا ومحدد المقدار ،وفي جودته أخي ار مقاصة قضائية ،يقررها
القاضي بناء على طلب المدين المدعي عليه .وقد نصت على المقاصة المواد من 379إلى 030قانون
183
مدني جزائري.
هـ-اتحاد الذمة :تنص المادة 031قانون مدني جزائري على أن «:184إذا اجتمع في شخص واحد صفتا
الدائن والمدين بالنسبة إلى دين واحد ،انقضى هذا الدين بالقدر الذي اتحدت فيه هذه الذمة».
ثالثا -االنقضاء بدون وفاء
لقد حدد المشرع حاالت انقضاء الحق (االلتزام) سبب عدمك الوفاء على النحو التالي :اإلبراء،
استحالة الوفاء ،التقادم المسقط.
117
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
أ -اإلبراء :هو نزول الدائن عن دينه الذي في ذمة مدينه على سبيل التبرع ،واإلبراء على هذا النحو
بصرف من جانب واحد.
ب -استحالة الوفاء :جاء في المادة 039قانون مدني «:يقضي االلتزام إذا أثبت المدين أن الوفاء به
أصبح مستحيال عليه لسبب أجنبي عن إرادته».
ج -التقادم المسقط
القاعدة العامة :تنص المادة 039قانون مدجني جزائري «:يتقادم االلتزام بانقضاء خمسة عشر
سنة فيما عدا الحاالت التي ورد فيها نص في القانون وفيما عذا االستثناءات اآلتية:
االستثناءات:
-تتقادم بخمس سنوات :بالنسبة للحق الدوري المتجدد ولو أقر به المدين كأجرة المباني ،والديون المتأخرة،
والمرتبات واألجور ،والمعاشات.
-تتقادم بسنتين :حقوق األطباء والصيادلة والمحامين والمهندسين والخبراء ووكالء التفلسة ،والسماسرة
واألساتذة والمعلمين بشرط أن تكون هذه الحقوق هي أجرة عملهم ومصاريف ما تكبدوه.
-تتقادم بأربع سنوات :الضرائب والرسوم المستحقة وسريان التقادم من نهاية السنة التي تستحق عنها.
-تتقادم بسنة واحدة :حقوق التجار ،والصناع عن أشياء وردها األشخاص وحقوق أصحاب الفنادق
والمطاعم عن أجر اإلقامة وثمن الطعام».
118
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
121
مطبوعة المدخل للعلوم القانونية موجهة لطلبة السنة األولى حقوق (نظريتي القانون والحق) د.بالل سليمة
الفهرس
تمهيد
الجزء األول :نظرية القانون
الفصل األول:ماهية القواعد القانونية
المبحث االول :المدلول اللغوي و االصطالحي للقانون 5 ................................
المبحث الثاني :خـصائـص القـاعـدة القـانـونية 7 .............................................
الفصل الثاني :نقسيمات القواعد القانونية
المبحث األول :القواعد القانونية اآلمرة والقواعد القانونية المكملة 23 ......................
المبحث الثاني :قواعد القانون العام وقواعد القانون الخاص22 ...............................
الفصل الثالث :مصادر القواعد القانونية
122