You are on page 1of 12

‫خطة البحث‬

‫المبحث االول‪  ‬أساسيات البحث العلمي‬

‫المطلب االول‪ : ‬تعريف البحث العلمي‬

‫المطلب الثاني‪ : ‬نشاة البحث العلمي‬

‫المطلب الثالث‪ : ‬اهمية البحث العلمي‬

‫المبحث الثاني‪: ‬تطور البحث العلمي‬

‫المطلب االول‪: ‬العصور القديمة‬

‫المطلب الثاني‪ : ‬العصور الوسطى‬

‫المطلب الثالث‪: ‬العصر الحديث‬


‫الخاتمة‬

‫‪1‬‬
‫المقدمة‬

‫يمتاز القرن الحالي بزيادة االهتمام بالبحث العلمي في مجاالت الحياة المختلفة بما يكفل الراحة و‬
‫الرفاهية لإلنسان وتضمن له التفوق على غيره في شتى مجاالت المعرفة االقتصادية واالجتماعي‬
‫والتكنولوجية وغيرها‪ ،‬وقد‪ 1‬أصبح ت الدول والمؤسسات العامة والكثير من الشركات تولي للبحث‬
‫العلمي االهتمام والرعاية وتخصص‪ 1‬مبالغ كبير لهده الغاية وقد جاء دلك االهتمام نتيجة الثمار الملموسة‬
‫التيةا صبحت المؤسسات العامة والشركات تجنيها من نتائج البحث العلمي المبني على أسس اتعلمية‬
‫مدروسة كما يفرض التغيير المستمر في العوامل البيئية المحيطة والمؤسسات‪ 1‬إلى سعي هده فللتزود‪1‬‬
‫بأكبر قدر ممكن من المعرفة من خالل استخدام مختلف األساليب العلمية في البحث تتناول المحاضرة‬
‫وما بعدها عموميا ت حول البحث العلمي تعرف فه‪ ،‬وأنواعه وذلك من جهة نظر شمولية‪ ،‬كما تعالج‬
‫اإلعتبارت العامة الواجب توافرها في البحث العلمي‬

‫الشكالية‪: ‬فكيف عرف مفهوم البحث العلمي؟ وكيف كان تطوره‪ ‬؟‬

‫‪2‬‬
‫المبحث االول ‪ :‬ماهية البحث العلمي‬

‫المطلب االول تعريف البحث العلمي‬

‫ي َُع ُّد البحث العلميّ (باإلنجليزية منهجا ً لوصف الوقائع عبر مجموع ٍة من المعايير التي ُتساهم في ُنموِّ المعرفة‪ ،‬وتجدر‬
‫اإلشارة إلى أنه اختلفت ا ّتجاهات الباحثين في ما يتعلَّق بتعريفه؛ وفقا ً لميولهم‪ ،‬وقناعاتهم العلميّة‪ ،‬ومنها ما يأتي‪ :‬عرَّ فه‬
‫ُنظمة‪ ،‬يقوم بها شخصٌ يسمّى (الباحث)؛ من أجل تقصِّي الحقائق في مسألة‪،‬‬ ‫(عبد الباسط خضر) على أ ّنه‪" :‬عمليّة فكريّة م َّ‬
‫حلول‬
‫ٍ‬ ‫ُنظمة ُتسمّى (منهج البحث)؛ بغية الوصول إلى‬ ‫أو مشكلة مُعيَّنة ُتسمّى (موضوع البحث)‪ ،‬با ّتباع طريقة علميّة م َّ‬
‫مالئمة للعالج‪ ،‬أو إلى نتائج صالحة للتعميم على المشكالت المُماثِلة ُتسمَّى (نتائج البحث)"‪ .‬عرَّ فه (محمد عناية) على أ ّنه‪:‬‬
‫"التقصِّي الم َّ‬
‫ُنظم با ّتباع اساليب ومناهج علميّة مُحدَّدة للحقائق العلميّة؛ بقصد التأ ُّكد من ص ّحتها‪ ،‬وتعديلها‪ ،‬أو إضافة‬
‫ت ُتح ِّدد طبيعة العالقات‬ ‫ُنظم‪ ،‬ومضبوط الفتراضا ٍ‬ ‫ت جديدة لها"‪ .‬عرَّ فه (فريدريك على أ ّنه‪" :‬تقصٍّ تجريبيّ ناقد‪ ،‬وم َّ‬ ‫معلوما ٍ‬
‫بين مُتغيِّرات ظاهر ٍة مُعيَّنة" لوحظ وجود العديد من التعريفات لمفهوم البحث العلمي‪ ،‬إاّل أن جميع تلك التعريفات تشترك‬
‫في عدّة نقاطٍ على النحو اآلتي‬
‫عدم اعتماد البحث العلمي على ا ّتباع الطرق غير العلمية كالخبرة‪ ،‬فهو ي ّتبع منهجا ً وأسلوبا ً ّ‬
‫منظما ً في البحث‪)1( .‬‬

‫يمتلك البحث العلمي القدرة على التكيُّف ضمن البيئة التي يتم دراستها وبالتالي القدرة على السيطرة عليها‪ ،‬فهو يهدف إلى‬
‫زيادة معرفة االنسان وتوسيعها‪)2(.‬‬

‫يهتم البحث العلمي باختبار جميع المعلومات التي يتوصّل إليها ويتحقق من ص ّحتها‪ ،‬ويُثبتها تجريبياً‪ ،‬وبعدها يتم نشرها‬
‫وإعالنها‪.‬‬

‫يُستخدم البحث العلمي في مختلف المجاالت سوا ًء التربوية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬والمهنية‪ ،‬والمعرفية على ح ٍّد‬
‫سواء‪ ،‬فهو يشمل ميادين الحياة جميعها بمشكالتها المختلفة‪ .‬يمكن تعريف البحث العلميّ اعتماداً على ما سبق على أ ّنه‬
‫ط لها‪ ،‬ت َّتسم بالموضوعيّة‪ ،‬وتعتمد على مجموع ٍة من الخطوات؛ بهدف البحث في ظاهر ٍة معينة‪ ،‬ومعرفة‬ ‫ُخط ٌ‬
‫عمليّة م َّ‬
‫حلول تتعلَّق بالمشكالت‪ ،‬وفي المجاالت جميعها‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫الحقائق‪ ،‬والمبادئ الالزمة الكتشاف‬

‫‪/1‬محمود احمد درويش – مناهج البحث العلمي – معرض مألفين العرب – مصر ‪ – 2018‬ص ‪22‬‬

‫‪ /2‬منصور بن عوض بن صالح – تمويل البحث العلمي –معهد البحوث العلمية) المملكة) العربية) السعودية ‪ – 2016‬ص ‪300‬‬

‫‪3‬‬
‫المطلب الثاني‪ : ‬نشاة البحث العلمي‬
‫يرتبط البحث العلمي في تاريخه العتيق بمحاولة اإلنسان الدائبة للمعرفة وفهم الكون الذي يعيش فيه‪ ،‬وقد ظلت الرغبة‬
‫في المعرفة مالزمة لإلنسان منذ المراحل األولى لتطور الحضارة‪ ..‬وعندما حمل المسلمون العرب شعلة الحضارة الفكرية‬
‫لإلنسان‪ ،‬ووضعوها في مكانها السليم‪ ،‬كان هذا إيذانا ً ببدء العصر العلمي القائم على المنهج السليم في البحث‪ ،‬فقد تجاوز‬
‫الفكر العربي اإلسالمي الحدود التقليدية للتفكير اليوناني‪ ،‬وأضاف العلماء العرب المسلمون إلى الفكر اإلنساني منهج‬
‫البحث العلمي القائم على المالحظة والتجريب‪ ،‬بجانب ال ّتأمل العقلي‪ ،‬كما اهتموا بالتحديد الكمي واستعانوا باألدوات‬
‫العلمية في القياس‪ .‬وفي العصور الوسطى بينما كانت أوروبا غارقة في ظالم الجهل كان الفكر العربي اإلسالمي يفجر في‬
‫التراث اإلسالمي‪ ،‬وأضاف إليه إضافات جديدة حتى اكتملت الصورة‬ ‫َ‬ ‫نقلة تاريخية كبرى ينابيع المعرفة‪ .‬ثم نقل الغربُ‬
‫وظهرت معالم األسلوب العلمي السليم‪ ،‬في إطار عام يشمل مناهج البحث المختلفة وطرائقه في مختلف العلوم‪ ،‬التطبيقية‬
‫واإلنسانية(‪)1‬‬

‫فقد تمثل المسلمون المنهجية في بحوثهم ودراساتهم في مختلف جوانب المعرفة‪ ..‬والمنهجية التي اختطوها ألنفسهم تلتقي‬
‫كثيراً بمناهج البحث الموضوعي في عصرنا‪ ،‬وشهد بذلك بعض المستشرقين الذين كتبوا مؤلفات يشيدون فيها بما يتمتع به‬
‫العلماء المسلمون من براعة فائقة في منهج البحث والتأليف‪ ،‬ويبدو ذلك واضحا ً في كتاب (مناهج العلماء المسلمين في‬
‫البحث العلمي) للمستشرق (فرانتر روزنتال) (‪)2‬‬

‫ويذكر (الصباب‪ ) 1413،‬أن (الدراسات المقارنة للمنهج العلمي الحديث والمنهج الذي سار عليه المسلمون في مجال علوم‬
‫الطبيعة والكون أثبتت أن المنهج العلمي الحديث وأسلوب التفكير المنطقي قد توفر لدى علماء المسلمين في بحوثهم‬
‫واكتشافاتهم في مجال الطب والكيمياء والصيدلة وعلوم الكون و‬

‫بقية فروع العلم التطبيقي)‬

‫‪ /1‬فريد انصاري‪ -‬ابجاديات البحث العلمي – مطبعة النجاح الجديدة ‪ 1997‬مصر – ص ‪50‬‬

‫‪/2‬عبد حميد شومان ا‪ -‬العلوم وتكنولوجيا – مطبعة الواقع ‪– 2002‬ص ‪46‬‬

‫‪4‬‬
‫المطلب الثالث‪ : ‬اهمية البحث العلمي‬
‫تتمث ل أهمية البحث العلمي في عديد من األوجه التي سوف نتعرف عليها عبر فقرات المقال‪ ،‬وقبل أن نتطرق لذلك ينبغي‬ ‫َّ‬
‫أن نوضح لباحثينا أن الفرق بيننا وبين اآلخرين أصبح شاسعً ا للغاية‪ ،‬والدور المنوط بهم على قدر كبير من األهمية‪ ،‬حيث‬
‫إن البحث العلمي هو طوق النجاة لجميع ما يواجهنا من مشكالت‪ ،‬ويجب علينا بذل قصارى الجهد لتضييق الهوة‪،‬‬
‫واالرتقاء باألمة‪ ،‬واالبتعاد عن األسلوب النمطي في البحث العلمي‪ ،‬فنحن في أمس الحاجة إلى الجديد‪ ،‬دون أن ال ننسى‬
‫هويتنا اإلسالمية‪ ،‬وقيمنا وتقاليدنا التي نشأنا وتأثرنا بها‪ ،‬والمجال مفتوح لإلبداع‪ ،‬ويجب أن ال يوقفنا في ذلك إمكانيات‪،‬‬
‫فالعقول هي رأس المال الحقيقي‪ ،‬والجهد‪  ‬في طليعة أهمية البحث العلمي مساعدة الباحث في التعرف على المعلومات‬
‫الجديدة التي يكتسبها عن طريق االطالع على المصادر والكتب في مجال التخصص المنوط به‪ ،‬والعلم بال حدود وينبغي‬
‫على الباحث أن يُنمي من معارفه كل يوم‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪ ‬الطبيب يجب عليه أن يواكب الجديد كل يوم‪ ،‬فهناك طفرات‬
‫علمية وتكنولوجية تحدث بوتيرة متسارعة‪ ،‬ومن لم يطالع كل ما هو حديث سوف يتوقف عن النجاح حتمًا‪ ،‬ويصبح في‬
‫طي النسيان‪ ،‬وبالمثل كل المجالت األخرى‬
‫‪  ‬يُعد العلماء ورثة األنبياء‪ ،‬ومن بين أوجه أهمية البحث العلمي للباحث تحقيق الشهرة والوجاهة داخل الدولة أو المجتمع‪،‬‬
‫وال شك أن الباحث العلمي ليس كغيره من األفراد‪ ،‬فهو مميز بعلمه ومهارته في مجال التخصص المتعلق به‪ ،‬وذلك األمر‬
‫أدعى الحترامه من جانب المحيطين‪ ،‬وأمامنا كثير من األمثلة التي توضح ذلك من العلماء المحليين فهم بحق فخر وذخيرة‬
‫لنا‪ ،‬وينبغي أن نسير علي دربهم‪)1(.‬‬

‫‪/1‬اسعد عطوان ‪ -‬مناهج البحث العلمي ‪ -‬دار الكتاب العالمية ‪-‬‬

‫‪5‬‬
‫المبحث الثاني‪: ‬تطور البحث العلمي‬

‫يمتلك اإلنسان غريزة حبِّ المعرفة والسعي للوصول إليها‪ ،‬وفهم البيئة المحيطة به‪ ،‬وتحليلها‪ ،‬وتسجيل عناصرها‪ ،‬وترتيب‬
‫أحداثها وظواهرها‪ ،‬وفهم مضامينها الطبيعية والبشرية في مختلف توجُّ هات ميادين المعرفة‪ .‬تطوّ َر سعي اإلنسان لفهم‬
‫بشكل بطيء جداً‪ ،‬واستغرقت هذه العملية وقتا ً طويالً‪ ،‬وكان‬
‫ٍ‬ ‫بشكل علمي عبر الزمن تدريجيا ً‬
‫ٍ‬ ‫الحقائق والبحث عن المعرفة‬
‫من الصعب تتبُّع تاريخ البحث العلمي وخطواته ب ِد ّقة عبر السنين‪ ،‬إاّل أ ّنه ظهرت بعض المعالم للتطور في مجال البحث‬
‫عصور متتالية‪،‬وهي على النحو اآلتي‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫العلمي عبر‬

‫المطلب االول‪: ‬العصور القديمة‬


‫ص ل المصريون القدماء‪ ،‬والرومان‪ ،‬واليونانيون اإلغريق‪ ،‬والبابليون إلى المعرفة بطريقتهم الخاصّة؛ حيث تم َّكنوا من‬ ‫تو َّ‬
‫معرفة علم التحنيط‪ ،‬والهندسة‪ ،‬والجغرافيا‪ ،‬والفيزياء‪ ،‬والطب‪ ،‬والحساب‪ ،‬والفلك‪ ،‬وغيرها الكثير‪ ،‬ونقل المصريون‬
‫القدماء معرفتهم عن طريق تسجيلها على ورق البردى‪ ،‬باإلضافة إلى حفرها على الصخور باللغة الهيروغليفية‪ ،‬أمّا‬
‫الحضارة اليونانية فاعتمدت أسلوب التأمل والنظر العقلي المجرد‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أن أرسطو في ذلك الوقت وضع‬
‫منهجا ً قياسيا ً للبحث عن المعرفة‪ ،‬وأسلوبا ً جديداً للتفكير مستعينا ً بذلك على المالحظة واالستقراء‪ ،‬واعتمد اإلغريق على‬
‫صلت إليها الحضارات السابقة لتحقيق منهجهم العلمي‪)1(.‬‬ ‫التنقيب المستمر عن المعرفة التي تو َّ‬

‫إن نشأة البحث العلمي‪  ‬قديمة قدم اإلنسان على سطح األرض‪ ،‬فمنذ أن خلق هللا آدم‪ ،‬ونزوله األرض‪،‬‬
‫واإلنسان يُعمل عقله وفكره ويبحث عن أفضل السبل لممارسة الحياة فوق سطح األرض‪ ،‬ومن ثم‬
‫ل رَ بُّكَ ِل ْل َم َ‬
‫ال ِئ َك ِة ِإنِّي‬ ‫لتحقيق وظيفة االستخالف التي خلق هللا اإلنسانَ من أجلها‪ .‬قال تعالى‪( :‬وَ ِإ ْذ َقا َ‬
‫رض خَ ِلي َف ًة)‪ ،‬سورة البقرة‪ ،30 :‬ومنذ ذلك اليوم‪ ،‬واإلنسان يمارس المحاوالت الدائبة‬ ‫ِ‬ ‫ل ِفي األَ‬
‫اع ٌ‬
‫جَ ِ‬
‫للمعرفة وفهم الكون الذي يعيش فيه‪.‬‬

‫وظلت البشرية على مدار قرون طويلة تكتسب المعرفة بطريقة تلقائية مباشرة عن طريق استخدام‬
‫الحواس األساسية لإلنسان‪ ،‬وبالطبع لم تمارس أي منهج علمي في التوصل إلى الحقائق أو محاولة فهم‬
‫بعض الظواهر التي تحدث حول اإلنسانوقد تطور البحث العلمي عبر العصور ببطء شديد واستغرق‬
‫هذا التطور عدة قرون في التاريخ اإلنساني‪ ،‬ومن الصعب تتبع تاريخ البحث العلمي بالتفصيل‪ ،‬وغاية‬
‫ما يستطاع هو ذكر بعض معالم التطور في مجال البحث العلمي ونشاطاته‪ ،‬وقد كان اتجاه التفكير لدى‬
‫قدماء المصريين اتجاها علميا تطبيقيا حيث برعوا في التخطيط والهندسة والطب والفلك والزراعة‬

‫‪/1‬ياقوت محمذ مسعد – البحث العلمي – دار النشر للجامعات – ‪ 2007‬مصر – ص ‪50‬‬

‫‪6‬‬
‫كما أسس المصريون القدماء حضارة علمية في الصيدلة والكيمياء‪ ،‬يقول عنها المؤرخ جابين‪ :) ‬إن‬
‫المصريين كانوا منجما اغترف منه األقدمون العقاقير وأوصافها المذكورة في أعمال ديسقوريدس(‬
‫‪90-40‬م)‪ ‬وبلليني‪79-23((  ‬م)‪ ‬وغيرهما‪ ،‬وكان من الواضح أنها مأخوذة من المصريين القدماء‬

‫أما بالنسبة لقدماء اليونان فقد كان لهم اهتمام بالبحث العلمي‪ ،‬حيث أنهم اعتمدوا على التأمل والنظر‬
‫العقلي المجرد‪ ،‬وقد وضع أرسطو قواعد المنهج القياسي واالستداللي‪ a‬في التفكير العلمي‪ ،‬كما فطن‬
‫أيضا لالستقراء‪ ،‬وكان الطابع التأملي هو الغالب على تفكيره‪ ،‬واعتمد اليونان أيضا في بنائهم العلمي‪a‬‬
‫على االكتشافات السابقة التي سجلها المصريون والبابليون‪ ،‬ومن أبرز علمائهم البارزين في هذا‬
‫المجال فيثاغورس‪ 600( )Pythagoras( ‬ق‪.‬م)‪ ،‬وديمقراطيس‪ 400( )Democritus( ‬ق‪.‬م)‪،‬‬
‫وثيوفراستوس‪ 300( )Theophrastus( ‬ق‪.‬م)‪ ،‬وسترابون‪ 20( )Strabo ( ‬ق‪.‬م)‪ ،‬وكلوديوس‬
‫بطليموس‪()Claudius Ptolemy(  ‬حوالي ‪170-100‬م(‪.‬‬

‫أما التفكير العلمي‪ a‬عند الرومان فقد ازدهر أيضا‪ ،‬ويعتبر الرومان ورثة المعرفة اليونانية‪ ،‬ويتركز‬
‫إسهامهم في الممارسة العلمية أكثر من متابعتهم لها‪ ،‬وكانوا صناع قوانين ومهندسين أكثر منهم مفكرين متأملين‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪: ‬العصور الوسطى‪:‬‬

‫تعود فترة العصور الوسطى إلى الحضارة العربية اإلسالمية وفترة عصر النهضة في أوروبا؛ حيث استفاد العرب من‬
‫صلت إليها حضارات العالم القديم‪ ،‬وأضافوا إليها ك ّما ً هائالً من المعرفة التي نقلوها فيما بعد إلى أوروبا‪،‬‬
‫النتائج التي تو َّ‬
‫والتي اعتبرت نقطة انطالق ازدهار الحضارة األوروبية‪ ،‬ويجدر بالذكر أن طريقة منهجهم البحثي خالفت منهجية‬
‫أرسطو؛ حيث اعتمدت أساليب جديدة ومبتكرة في البحث؛ كالتجريب واالستعانة بأدوات القياس للوصول إلى النتائج‬
‫العلمية‪)1(.‬‬

‫في العصور الوسطى فقد ازدهرت الحضارة االسالمية وفترة عصر النهضة في أوروبا‪ ،‬وتمتد تلك‬
‫الفترة من حوالي القرن الثامن حتى القرن السادس عشر الميالدي‪ ،‬وقد أفاد المسلمون‪ a‬في هذه الفترة‬
‫من العلوم السابقة للمصريين القدماء واإلغريق والرومان واليونان‪ ،‬وتعتبر الحضارة االسالمية حلقة‬
‫االتصال بين الحضارات القديمة‪ ،‬كحضارات المصريين واإلغريق والرومان واليونان وبين من بعدهم‬
‫في عصر النهضة الحديثة‪ ،‬ولم يكتفوا بنقل حضارة من قبلهم فقط‪ ،‬بل أضافوا إليها علوما وفنونا‬
‫تميزت باألصالة العلمية‪ a،‬فالفكر اإلسالمي تجاوز الحدود الصورية لمنطق أرسطو‪ ،‬أي أن العرب‬
‫عارضوا المنهج‪ a‬القياسي وخرجوا على حدوده إلى اعتبار المالحظة والتجربة مصدرا للبحث العلمي‪.‬‬

‫‪/1‬نفس المرجع السابق ص ‪51‬‬

‫‪7‬‬
‫كما أن العرب قد اتبعوا في إنتاجيتهم العلمية أساليب مبتكرة في البحث‪ ،‬فاعتمدوا على االستقراء‬
‫والمالحظة والتدريب العلمي واالستعانة بأدوات القياس‪ ،‬للوصول إلى النتائج العلمية‪ a،‬وقد نبغ الكثير‬
‫من العلماء المسلمين في مجال البحث العلمي مثل الحسن بن الهيثم وجابر بن حيان والخوارزمي‬
‫والبيروني وابن سينا وغيرهم‪.‬‬

‫وقد شهد على نبوغ العلماء العرب في هذا المجال الكثير من رواد النهضة األوروبيين‬
‫مثل‪ ‬العالم‪ ‬جورج سارتون‪ )1840-1956( ،)George Sarton( ‬الذي قال‪ :‬أن العرب أعظم معلمين‪ a‬في‬
‫العالم في القرون الوسطى‪ ،‬ولو لم تنقل إلينا كنوز الحكمة اليونانية لتوقف سير المدنية لبضعة قرون‪،‬‬
‫فالعرب قد أسهموا بإنتاجهم العلمي في تقدم الحضارة‪ ،‬وأسهموا باصطناع منهج االستقراء‪ ،‬واتخذوا‬
‫المالحظة والتجربة أساسا للبحث العلمي‪.‬‬

‫ولقد ساهم الفكر اإلسالمي في تأصيل الحضارة اإلنسانية تأصيال سويا وصائبا‪ ،‬ووضعها في مسارها‬
‫الصحيح‪ ،‬ونقلها من العشوائية والتخبط إلى المناهج العلمية الصائبة‪ ،‬التي تعتمد على أسس وقواعد‬
‫ومبادئ‪ ،‬كما أرسى الفكر اإلسالمي قواعد وأساليب التحصيل العلمي‪ a‬لشتى العلوم اإلنسانية النظرية‬
‫والتطبيقية‪ ،‬وأرسى قواعد الموضوعية والشكلية في البحث والكتابة واالستقصاء‪ ،‬ومن تلك القواعد‬
‫واألسس التي وضعها العلماء المسلمون‪ :‬قواعد منهج البحث العلمي التي يُعتمد‪ a‬عليها في نقد المصادر‪،‬‬
‫وفي التجريح والتعديل‪ a،‬وقواعد التصنيف للروايات واآلثار‪.‬‬

‫وقد أفاد رواد النهضة األوروبية مثل‪ a‬روجر بيكون‪1214( )Roger Bacon ( ‬م) وليوناردو دا فينشي‪( ‬‬
‫‪1452( )Leonardo da Vinci‬م) وغيرهم من العلوم العربية‪ ،‬واعتمدوا عليها في بناء أسس الحضارة‬
‫األوروبية الحديثة‪)1(.‬‬

‫ويمكن القول باطمئنان‪ ،‬أنه ال يوجد شيء من المعارف اإلنسانية إال وللمسلمين‪ a‬فيه بحث أو تطوير أو‬
‫إضافة أو إحاطة ومعرفة‪ ،‬ولقد استخدم المسلمون في أبحاثهم العلمية‪ a‬المنطق القديم والمنطق الحديث‬
‫على حد سواء‪ ,‬فلم يظنوا كما ظن مفكرو العصور الوسطى من األوربيين أن أرسطو قد وضع النظرية‬
‫النهائية لقواعد االستنتاج‪ ,‬ولكنهم اهتدوا إلى أسلوب هام من أساليب التفكير هو ما يطلق عليه اآلن‬
‫اسم االستقراء‪ ،)Induction( ‬وعرفوا المنهج الرياضي الذي يعتمد‪ a‬على المسلمات والبديهيات‪،‬‬
‫وعنهم نقل بيكون‪ )Roger Bacon ( ‬منهجه‪ a‬العلمي‪ a‬ألنه تتلمذ على علماء المسلمين‪.‬‬

‫‪/1‬نفس المرجع السابق ص ‪52‬‬

‫عندما حمل المسلمون شعلة الحضارة الفكرية لإلنسانية؛ ووضعوها في مكانها السليم؛ كان هذا إيذانا‬
‫ببدء العصر العلمي القائم على المنهج‪ a‬السليم في البحث؛ فقد تجاوز الفكر العربي اإلسالمي الحدود‬
‫التقليدية للتفكير اليوناني‪ ،‬وأضاف العلماء العرب المسلمون‪ a‬إلى الفكر اإلنساني منهج‪ a‬البحث العلمي‪a‬‬
‫القائم على المالحظة والتجريب‪ ،‬بجانب التأمل العقلي‪ ،‬كما اهتموا بالتحديد الكمي واستعانوا باألدوات‬
‫العلمية في القياس‪ .‬وفي العصور الوسطى كان الفكر العربي اإلسالمي يفجر ‪ -‬في نقلة تاريخية كبرى‬
‫‪ -‬ينابيع المعرفة‪ ،‬بينما كانت أوربا غارقة في ظالم الجهل‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ثم نقل الغرب التراث اإلسالمي‪ ،‬وأضاف إليه إضافات جديدة حتى اكتملت الصورة‪ ،‬وظهرت معالم‬
‫األسلوب العلمي‪ a‬السليم‪ ،‬في إطار عام يشمل مناهج البحث المختلفة وطرائقه في مختلف العلوم‪،‬‬
‫التطبيقية واإلنسانية‪.‬‬

‫فقد تمثل المسلمون المنهجية‪ )Methodology ( a‬في بحوثهم ودراساتهم في مختلف جوانب المعرفة‪،‬‬
‫والمنهجية‪ a‬التي اختطوها ألنفسهم تلتقي كثيرا بمناهج البحث الموضوعي في عصرنا‪ ،‬وشهد بذلك‬
‫بعض المستشرقين الذين كتبوا مؤلفات يشيدون فيها بما يتمتع به العلماء المسلمون من براعة فائقة في‬
‫منهج‪ a‬البحث والتأليف[‪.]8‬‬

‫هذا‪ ،‬وقد أثبتت الدراسات المقارنة أن المنهج‪ a‬العلمي‪ a‬الحديث وأسلوب التفكير المنطقي قد توفر لدى‬
‫علماء المسلمين‪ a‬في دراساتهم وبحوثهم واكتشافاتهم في مجال الفلك والطب والكيمياء والصيدلة وبقية‬
‫فروع العلم التطبيقي‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬حقق العرب ‪ -‬على مدى ألف عام مضت ‪ -‬قفزات كبيرة في كافة مجاالت العلوم‪ ،‬وأصبحت‬
‫بغداد ودمشق والقاهرة وقرطبة مراكز لإلشعاع الحضاري‪ ،‬بينما كان الحال في أوروبا على عكس‬
‫ذلك‪ ،‬حيث كانت أوروبا تعيش عصرها المظلم‪.‬‬

‫لقد أفاد العرب من علوم اإلغريق والرومان وحضارة آسيا‪ ،‬وحققوا تقدما هائال في الرياضيات‬
‫والميكانيكا والطب والكيمياء والعلوم التطبيقية‪ ،‬إضافة إلى البحث والتقنية النظريين‪ ،‬وبين القرنين‬
‫الثامن والثالث عشر تم اكتشاف أهم االختراعات العلمية‪ a،‬وتم إرساء أسس الحضارة الحديثة‬

‫‪/1‬نفس المرجع السابق ص ‪53‬‬

‫المطلب الثالث‪ : ‬العصر الحديث‬


‫بدأت فترة العصر الحديث من القرن السابع عشر للميالد؛ الذي يُعتبر القرن الذهبي في البحث العلمي وحتى الوقت‬
‫وتطورت أساليب البحث‬
‫َّ‬ ‫الحالي‪ ،‬وازدهر خالل تلك الحقبة البحث في العلوم الطبيعية‪ ،‬والرياضيات والكيمياء وغيرها‪،‬‬
‫على مدى هذه الفترات لتنتقل إلى صور ٍة جديدة تختلف كل ّيا ً عن سابقاتها؛ حيث بدأ البحث في علم اآلثار‪ ،‬وعلم النفس‪،‬‬
‫ث في مختلف‬‫والعالقات االقتصادية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والتعليم‪ ،‬وتميَّزت هذه البحوث باستخدامها للطريقة العلمية كأداة بح ٍ‬
‫المجاالت على م ّر القرون‬
‫وقد قدم العالم اإلسالمي العلماء واالكتشافات العلمية بأعداد كبيرة‪ ،‬كما قدم الكثير من اإلبداعات الفنية‪a‬‬
‫والمعمارية الرائعة والمكتبات الضخمة والمستشفيات الكبيرة‪ ،‬ومختلف التقنيات‪ a‬والجامعات والصناعات‪،‬‬
‫وخرائط العالم وطرق المالحة‪ ،‬باستخدام األجرام السماوية والكثير من اإلسهامات األخرى‪ ،‬ثم تم نقل هذه‬

‫‪9‬‬
‫المعرفة إلى األوروبيين عن طريق مراكز الحضارة اإلسالمية في إسبانيا قبل نهاية العصور الوسيطة‪ ،‬حينما‬
‫ألحقت الحروب الصليبية‪ a‬بالعالم اإلسالمي التدمير والخراب‪.‬‬

‫كان أول من استخدم هذا المنهج ألساليب البحث هم علماء النفس واالجتماع في القرن التاسع عشر‪ ،‬إذ يُذكر أن‬
‫أرنست وبر‪  ‬الذي يعتبر من مؤسسي‪ ‬علم النفس التجريبي‪1878-1795( ‬م) ‪ ،‬قد درس الحس واللمس‪ ،‬واكتشف‬
‫أن مناطق الحس تختلف في جسم اإلنسان في كل منطقة في قوتها‪ ،‬وأصبحت دراساته مصدرا لتعليم علم‬
‫النفس‪ ،‬وكان أول من حاول قياس نماذج محددة من السلوك البشري في األربعينيات من ذلك القرن‪ ،‬ممهدا‬
‫الطريق آلخرين تبعوه في استخدام الطريقة ذاتها‪ ،‬ويمكن القول بأن تلك المحاوالت األولى هي التي قادت إلى‬
‫تأسيس معرفي جيد‪ ،‬أدى في بداية القرن العشرين إلى وسم الخطوط العريضة لمعالم البحث العلمي في‬
‫الدراسات اإلنسانية‪)1(.‬‬

‫في تلك المرحلة المبكرة من نشأة هذا النوع من البحوث؛ كانت معظم طرق القياس مقصور على نماذج محدودة‬
‫من السلوكيات‪ ،‬وذلك نظرا لمحدودية أساليب التحليل‪ a‬وبدائيتها‪ ،‬حيث اقتصرت معظم تلك الجهود على استخدام‬
‫طرق اإلحصاء الوصفي المعروف بضعفة في تقرير نتائج بحثية يعتد بها‪.‬‬

‫لم يدم األمر طويال بعد ذلك‪ ،‬حتى قام علماء اإلحصاء بابتكار طرق جديدة ودقيقة في أساليب التحليل‪ ،‬عُرفت‬
‫فيما بعد باإلحصاء االستنتاجي‪ ،‬وفتحت الباب على مصراعيه للباحثين للدخول في دراسة تفصيالت أكثر‪،‬‬
‫واستطاعت تقديم نتائج أدق من ذي قبل‪ ،‬وأصبح باإلمكان مع هذا المنهج االحصائي الجديد أن يتعرف الباحثون‬
‫على معلومات دقيقة وقيمة في بحوثهم‪ ،‬مهما كان حجم مجتمع الدراسة‪ ،‬وذلك من خالل النتائج التي يحصلون‬
‫عليها‪ ،‬ولقد كان لنجاح الدراسات النفسية واالجتماعية في توظيف أسلوب البحث العلمي لخدمتها أثر كبير في‬
‫توجيه معظم الدراسات اإلنسانية إلى األخذ بهذا النهج‬

‫‪ /1‬نفس المرجع سابق ص‪55‬‬

‫خاتمة‬
‫قبل الوصول الى خاتمة عن منهجية البحث العلمي يفترض التعرف على المقصود منها‪،‬‬
‫وخصوصاً أنها من األمور بالغة األهمية في أي بحث علمي ناجح‪ ،‬فالتنظيم‪ -‬والدقة شرط ال ب ّ‬
‫د‬
‫منه لقبول الدراسة العلمية ووصولها الى نتائج علمية منطقية صحيحة‪.‬‬
‫فال يمكن تصور بحث علمي جيد الى أي تخصص علمي انتمى‪ ،‬دون أن يكون الباحث قد اعتمد‬
‫منهجية علمية واضحة‪ ،‬فالدراسة العلمية تحتاج لمعايير ومقاييس وضوابط وخطوات يفترض‬

‫‪10‬‬
‫اتباعها من الباحث العلمي‪ ،‬ليصل الى بحث علمي مميز ومتكامل قابل للنشر في المجالت‬
‫العلمية المحكمة‪.‬‬
‫وبذلك نجد االختالف الواضح بين األبحاث العلمية وأي موضوع إنشائي أو خبر أو مقال صحفي‪،‬‬
‫فالبحث العلمي يوصل الى نتائج تؤثر في التقدم العلمي وفي تطور الحياة البشرية‪ ،‬ولذلك‬
‫يجب اتباع منهجية البحث العلمي التي ترتب وتنظم الدراسة من جميع نواحيها‪.‬‬
‫‪ ‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع ‪:‬‬

‫‪/1‬محمود احمد درويش – مناهج البحث العلمي‬

‫‪11‬‬
‫‪ /2‬منصورفريد انصاري‪ -‬ابجاديات البحث العلمي‬

‫‪/3‬عبد‪ 1‬حميد شومان ا‪ -‬العلوم وتكنولوجيا –‬

‫‪/4‬ياقوت محمذ مسعد – البحث العلمي‬

‫‪/5‬بن عوض بن صالح – تمويل البحث العلمي‬

‫‪12‬‬

You might also like