You are on page 1of 94

‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫جامعـــــــة محمد الصديق بن يحي جيجل‬


‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬
‫قسم الحقوق‬

‫الــضـــبــط اإلداري‬

‫محاضرات ألقيت على طلبة السنة األولى ماستر‬


‫تخصص‪ :‬القانون العام الداخلي‬

‫إعداد‪ /‬الدكتور سليماني السعيد‬


‫أستاذ محاضر " ب"‬

‫السنة الجامعية ‪6102/ 6102‬‬

‫‪0‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫مقدمة‬
‫تعد وظيفة الضبط اإلداري من أولى واجبات الدولة وأهمها‪ ،‬فهي ضرورة الزمة لضمان‬
‫اإلستقرار داخل المجتمع‪ ،‬اذ بدونها تعم الفوضى وينهار النظام اإلجتماعي وتزول القيم‪ .‬فمن‬
‫خالل وظيفة الضبط اإلداري تعمل الدولة على محاولة التوفيق بين فكرتين قد تبدو‬
‫متناقضتين وهما الحرية والنظام‪.‬‬
‫يعتبر الصراع بين الحرية والسلطة صراع قديم قدم البشرية‪ ،‬بحيث يسعى األفراد الى‬
‫فرض وجودهم من خالل التشبط في فكرة الحرية المطلقة‪ ،‬في حين تعمل الدولة على فرض‬
‫سلطانها وسيادتها بإعتبارها سلطة عامة‪ ،‬مما قد يؤدي إلى حدوث إضطرابات في الكيان‬
‫‪1‬‬
‫اإلجتماعي وبالتالي إنتشار الفوضى والإلستقرار‪.‬‬
‫ومن أجل تحقيق التعايش بين فكرة الحرية والسلطة‪ ،‬فإن غالبية األنظمية الديموقراطية‬
‫المبنية على فكرة سيادة القانون‪ ،‬تكرس لألفراد جملة من الحقوق والحريات في الدستور‬
‫وغيرها من القوانين األخرى من جهة‪ ،‬وتبين لهم حدودها وشروط ممارستها من جهة أخرى‪.‬‬
‫يعتبر النظام العام من أهم الحدود التي يلتزم األفراد أثناء ممارستهم لحقوقهم وحرياتهم‬
‫بعدم تجاوزه أو المساس به‪ ،‬وذلك بإعتباره الركيزة التي يقوم عليها النظام اإلجتماعي‪ ،‬أي ال‬
‫يمكن تصور أي إستقرار في حالة تعكير النظام العام واضطرابه‪.‬‬
‫ومن أجل تجسيد ذلك‪ ،‬فإنه يقع على عاتق الدولة من خالل سلطات الضبط اإلداري‬
‫الوطنية ممثلة في رئيس الجمهورية والوزير األول والوزراء وسلطات الضبط اإلداري المحلية‬
‫ممثلة في الوالي ورئيس المجلس الشعبي البلدي اتخاذ اإلجراءات القانونية والمادية الضرورية‬
‫والالزمة لصيانة النظام بصفة وقائية‪ ،‬وذلك بالعمل على التوفيق بين الحرية والنظام‪ ،‬مع‬
‫تطبيق المبدأ القائل بأن الحرية هي األصل والتقييد هو اإلستثناء‪.‬‬
‫تتمتع سلطات الضبط اإلداري بامتيازات السلطة العامة‪ ،‬مما يسمح لها بإتخاذ كافة‬
‫اإلجراءات بطريقة إنفرادية‪ ،‬مع إمكانية اللجوء إلى التنفيذ الجبري والمباشر‪ .‬هذا الوضع قد‬

‫‪ -1‬للمزيد من التفاصيل حول العالقة بين الحرية والسلطة راجع‪ :‬عبد المنعم محفوظ‪ ،‬عالقة الفرد بالسطة‪ ،‬الجريات العامة‬
‫وضمانات ممارستها‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الهنا للطباعة‪ ،9191 ،‬ص ‪ 02‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫يؤدي الى خلق نوع من التعسف من جانب سلطات الضبط االداري والحاق أضرار باألفراد‪،‬‬
‫هذا ما دفع بالعديد من التشريعات إلى تقرير مبدأ مشؤولية سلطات الضبط اإلداري على‬
‫تصرافاتها‪ ،‬بحيث يجوز لكل من تضرر من جراء هذه األعمال اللجوء إلى الجهة القضائية‬
‫المختصة للمطالبة بإلغائها أو التعويض عن األضرار المترتبة عنها‪.‬‬
‫ومن أجل تسليط الضوء على هذا الموضوع ارتئينا تقسيمه الى أربعة محاور وهي‪:‬‬
‫المحور األول‪ :‬مفهوم الضبط اإلداري‬
‫المحور الثاني‪ :‬أنواع الضبط اإلداري‬
‫المحور الثالث‪ :‬أساليب ممارسة نشاط الضبط اإلداري‬
‫المحور الرابع‪ :‬خضوع أعمال الضبط ااإلداري لرقابة القضاء‬

‫‪2‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫المحور األول‬
‫مفهوم الضبط اإلداري‬
‫يعد الضبط اإلداري أهم وظيفة من وظائف اإلدارة العامة في الدولة‪ ،1‬بل امتياز من‬
‫امتيازات السلطة العامة‪ ،2‬المتمثلة في مراقبة وتنظيم النشاط الفردي في شتى المجاالت‪،3‬‬
‫عن طريق فرض القيود والضوابط على حريات األفراد بهدف حماية النظام العام في‬
‫المجتمع‪ .‬فمن حق سلطات الضبط اإلداري أن تفرض على األفراد قيودا تحد بها من‬
‫حرياتهم ونشاطاتهم‪ ،‬وذلك من خالل ما تصدره من إجراءات وتدابير سواء كانت عامة أو‬
‫فردية لضمان سالمة المجتمع ووقايته من كل االضطرابات قبل وقوعها أو منع تفاقمها أو‬
‫وقفها عند وقوعها‪ .4‬فسلطات الضبط اإلداري تعمل من جهة على حماية الدولة من كل‬
‫المخاطر التي تهدد استقرارها ووحدتها‪ ،‬ومن جهة أخرى حماية األفراد من المخاطر التي ال‬
‫يمكن بمفرده استبعادها سواء تسبب فيه األفراد أنفسهم أو الحيوانات أو الظروف الطبيعية‪.5‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف الضبط اإلداري‬
‫تعد كلمة الضبط كلمة مبهمة إذ تشمل في طياتها معاني متباينة لغويا وفلسفيا‬
‫وقانونيا‪ .6‬وما يزيد في غموض المصطلح هو عدم تعرض المشرع إلى تعريفه بصورة محددة‬
‫وقاطعة‪ ،‬بل اكتفى بتحديد غرضه المتمثل في النظام العام بمختلف عناصره‪ .7‬فالمشرع‬
‫الفرنسي عرف الضبط اإلداري بالنظر إلى هدفه والمتمثل في حماية حسن النظام‪ ،‬السكينة‪،‬‬

‫‪ -1‬محمد محمد عبده إمام‪ ،‬القانون اإلداري وحماية الصحة العامة‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،0222 ،‬ص ‪.022‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- CHEVENEMENT Jean Pierre , « difficultés et légitimité de la contrainte », discours d'ouverture l'ors de‬‬
‫‪colloque intitulé: « puissance publique ou impuissance publique », organisé conjointement par le ministère de‬‬
‫‪l'intérieur et l'université Paris I, Panthéon Sorbonne, publier dans la revue A.J.D.A, 20 juillet 20 août 1999, n°‬‬
‫‪spécial, p 06.‬‬
‫‪ -3‬خالد خليل الظاهر‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار الميسرة للنشر والتوزيع والطباعة‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،9112 ،‬‬
‫ص‪.36‬‬
‫‪ -4‬اعاد حمود القيسي‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬دار وائل للطباعة والنشر‪ ،9119 ،‬ص‪.942‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- CASTAGNE Jean, Le contrôle juridictionnel de la légalité des actes de police administrative, thèse pour le‬‬
‫‪doctorat en droit, faculté de droit et des sciences économiques, 1961, p37.‬‬
‫‪ -6‬عاشور سليمان شوايل‪ ،‬مسؤولية الدولة عن أعمال الضبط اإلداري في القانون الليبي والمقارن جنائيا واداريا‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،0220 ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ -7‬نواف كنعان‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،0220 ،‬ص‪.034‬‬

‫‪3‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫األمن والنظافة العمومية‪ ،‬وهذا طبقا المادة ‪ L.22-12‬من التقنين العام للهيئات المحلية‪.1‬‬
‫ونفس النهج انتهجه المشرع الجزائري والذي يظهر من خالل المادة ‪ 994‬من قانون الوالية‬
‫التي نصت على أن الوالي مسؤول على المحفاظة على النظام واألمن والسالمة والسكينة‬
‫العمومية‪ .2‬ونفس الشيء بالنسبة لرئيس المجلس الشعبي البلدي حيث نصت المادة ‪ 99‬من‬
‫قانون البلدية على التزام هذا األخير بالسهر على المحافظة على النظام والسكينة والنظافة‬
‫العمومية‪ .‬نفس االلتزام تم التأكيد عليه بموجب المادة ‪ 14‬من نفس القانون وذلك بتكليف‬
‫رئيس المجلس الشعبي البلدي بالسهر على المحافظة على النظام العام‪....‬الخ ‪.3‬‬
‫فعدم تعرض المشرع إلى تعريف فكرة الضبط اإلداري فتحت المجال أمام الفقه ليستكمل‬
‫النقص وتوضيح الغموض الذي يكتنف هذه الفكرة‪ ،‬وان اختلفت توجهاتهم وذلك باختالف‬
‫الزاوية التي ينظر منها إلى الضبط اإلداري‪.4‬‬
‫‪ /0‬التعريف التقليدي للضبط اإلداري‪:‬‬
‫التي اشتقت من الكلمة‬ ‫‪politia‬‬ ‫كلمة بوليس أو الضبط مشتقة من الكلمة الالتينية‬
‫‪ ،5‬والتي كانت تعني دستور المدينة أو دستور الدولة‪ .‬ثم أصبحت تعني إدارة‬ ‫‪polis‬‬ ‫اإلغريقية‬
‫الدولة أو الحكومة‪ .‬وأخي ار استعملت بمعنى مجموعة األنظمة التي ترمي إلى المحافظة على‬
‫النظام واألمن في الدولة‪ .‬ولقد ارتبط تطور معنى الضبط اإلداري بالتطورات الهامة التي‬
‫حصلت في وظيفة الدولة‪.‬‬
‫ففي المرحلة األولى كانت سلطة الضبط مندمجة بسلطة الحكم‪ ،‬من اختصاص السلطة‬
‫السياسية التي تتكفل بفرض قواعد الحضر االجتماعي على األف ارد من أجل حماية وحدة‬
‫ووجود الجماعة‪ .‬غير انه مع مرور الوقت‪ ،‬انفصلت سلطة الضبط عن السلطة السياسية‪ ،‬إذ‬

‫‪ -1‬عرف المشرع الفرنسي الضبط اإلداري بتحديد هدفه من خالل القانون البلدي الصادر في ‪ 09‬سبتمبر ‪ 9219‬والذي تم‬
‫تعديله بموجب القانون المؤرخ في ‪ 22‬أفريل ‪ 9994‬حيث نصت المادة ‪ 12‬منه على أنه‪ ":‬يختص البوليس البلدي(المحلي)‬
‫بالمحافظة على حسن النظام‪ ،‬األمن العام‪ ،‬والصحة العامة "‪.‬‬
‫‪ -2‬قانون رقم ‪ 22-90‬مؤرخ في ‪ 09‬فيفيري ‪ ،0290‬يتعلق بالوالية‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 90‬صادرة في ‪ 01‬فيفري ‪.0290‬‬
‫‪ -3‬قانون رقم ‪ 92-99‬مؤرخ في ‪ 00‬جوان ‪ ،2011‬يتعلق بالبلدية‪ ،‬جريدة رسيمة عدد ‪ 62‬صادرة في ‪ 6‬جويلية ‪.0299‬‬
‫‪ -4‬نواف كعنان‪ " ،‬دور الضبط اإلداري في حماية البيئة (دراسة تطبيقية في دولة اإلمارات العربية المتحدة)" ‪ ،‬مجلة جامعة‬
‫الشارقة للعلوم الشرعية واإلنسانية‪ ،‬جامعة الشارقة للعلوم الشرعية واإلنسانية‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬المجلد ‪ ،20‬العدد ‪ ،29‬سنة‬
‫‪ ، 0223‬ص ‪.21‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- DELBLOND Antoine, la police administrative, édition L’HERMES, Lyon, 1997, p5.‬‬

‫‪4‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫تتكفل األولى بحماية النظام العام في حين تتكفل الثانية بوضع قواعد الحظر أو الدفاع‬
‫االجتماعي‪.‬‬
‫فبالنسبة للفقه التقليدي كان يعرف الضبط اإلداري تعريفا واسعا‪ ،‬حيث عرفه أفالطون‬
‫بأنه‪ ":‬الحياة‪ ،‬النظام‪ ،‬والقانون للمحافظة على المدينة"‪ .‬كما عرفه أرسطو بأنه‪ ":‬حسن‬
‫النظام‪ ،‬حكومة المدينة‪ ،‬ودعامة حياة الشعب وهو أول وأكبر الخيرات"‪.1‬‬
‫أما الفقيه هوريو فيرى أن‪ ":‬الضبط اإلداري بمعناه الواسع هو نظام المدينة بمعنى الدولة‪،‬‬
‫فكل وسائل الحكم ما عدا القضاء تعد وسائل الضبط"‪.2‬‬
‫يظهر جليا أن الضبط اإلداري وفقا لهذه التعاريف تشمل كل قواعد الحياة وقواعد تنظيم‬
‫المدينة أو الدولة‪ ،‬نظ ار لتداخل مختلف الوظائف في الدولة‪ ،‬واعتبار أن كل المؤسسات‬
‫تهدف بطريقة أو بأخرى إلى حماية النظام في الدولة‪ ،‬وهذا غير سليم وفقا للتصور الحالي‬
‫ويفقد الضبط معناه ‪.‬‬
‫غير أن نطاق الضبط أخذ يتقلص مع بداية مرحلة تخصص السلطات العامة‪ ،‬فأصبح‬
‫مصطلح الضبط يستعمل لتميز الدولة البوليسية التي تتميز بعدم وجود قانون ينظم إطار‬
‫تدخل الدولة في النشاطات الفردية لألفراد مما فتح الباب أمام التعسف واالستبداد‪ ،‬ودولة‬
‫القانون التي تعني خضوع كل مؤسسات الدولة للقواعد القانونية السارية وضبط مجال وكيفية‬
‫تدخل السلطات العامة في مجال النشاط الفردي‪ ،‬فالضبط مرادف للقانون‪.‬‬
‫‪ /6‬التعريف الحديث للضبط اإلداري‪:‬‬
‫حاول الفقه الحديث حصر الضبط اإلداري في إطاره القانوني غير أنه ظهرت‬
‫اختالفات بينهم وتباينت مواقفهم‪ ،‬وذلك للتباين في النظرة إلى هذه الصورة من صور النشاط‬
‫اإلداري ووظيفتها والغاية منها والمعايير المعتمدة‪.‬‬
‫فمنهم من ينظر إلى الضبط اإلداري من زاوية الهدف من وجودها والمتمثل في الحفاظ‬
‫على النظام العام بصفة وقائية‪ .‬وفي هذا اإلطار يقول األستاذ طعيمة الجرف بأن‪ ":‬الضبط‬
‫اإلداري وظيفة من أهم وظائف الدولة تتمثل أصال في المحافظة على النظام العام بعناصره‬

‫‪1‬‬
‫‪- CASTAGNE Jean, op.cit, p20‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- ABDEL MALEK MANSOUR Samir, la protection des libertés publiques face a l’autorité de la police‬‬
‫‪administrative en France et en Egypte, thèse de doctorat en droit, université de Paris 1 Panthéon Sorbonne, 1992,‬‬
‫‪p11.‬‬

‫‪5‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫الثالثة األمن العام‪ ،‬الصحة العامة والسكينة العامة عن طريق إصدار الق اررات الالئحية‬
‫والفردية واستخدام القوة المادية مما يتتبع ذلك من فرض قيود على الحريات الفردية تستلزمها‬
‫الحياة الجماعية"‪ .1‬كما عرفته الدكتورة سعاد الشرقاوي الضبط اإلداري بأنه‪ ":‬مجموعة‬
‫األنشطة التي تتخذها اإلدارة منفردة بهدف المحافظة على النظام العام أو إعادة هذا النظام‬
‫في حالة اختالله"‪.2‬‬
‫يعد الضبط اإلداري وفقا هذا اإلاتجاه غاية سامية ونبيلة يجب على سلطات الدولة‬
‫تحقيقها دوما‪ ،‬فإقرار النظام واألمن داخل المجتمع غاية وهدف الضبط اإلداري‪ ،‬لهذا يجب‬
‫وجود جهاز أو تنظيم معين يعمل على استتباب األمن والطمأنينة والسالم بين أفراد المجتمع‪.‬‬
‫تعرض هذا اإلتجاه إلى عدة انتقادات تتمثل أساسا في عدم كفايتها وصعوبة وضعه‬
‫موضع التطبيق العملي‪ ،‬إذ يتطلب األمر تحديد النظام العام تحيدا دقيقا وهو أمر صعب‬
‫للغاية نظ ار لكونه مفهوم نسبي يختلف حسب الزمان والمكان‪ .‬كما تتسم هذه التعاريف التي‬
‫تعتمد على غاية الضبط اإلداري بعدم الوضوح والتحديد‪ ،‬لكونه يشمل في هذه الحالة كافة‬
‫أوجه النشاط اإلداري‪ ،‬إذ تهدف كلها بطريقة أو بأخرى إلى تحقيق النظام العام‪.3‬‬
‫وهناك جانب أخر من الفقه ينظر إلى الضبط اإلداري كنشاط يهدف إلى تقييد حريات‬
‫األفراد من خالل الق اررات الالئحية أو الفردية التي تتخذها سلطات الضبط اإلداري على‬
‫المستوى المركزي أو المحلي بغرض صيانة النظام العام‪ .‬وفي هذا يؤكد الدكتور إبراهيم عبد‬
‫العزيز شيحا بأنه‪ ":‬مجموعة القواعد التي تفرضها سلطة عامة على األفراد بغية تنظيم‬
‫حرياتهم العامة أو بمناسبة ممارستهم لنشاط معين بقصد صيانة النظام العام في المجتمع أي‬
‫لتنظيم المجتمع تنظيما وقائيا"‪ .4‬وعرفه الدكتور سليمان محمد الطماوي بأنه‪ ":‬حق اإلدارة في‬
‫أن تفرض على األفراد قيودا تحد بها من حرياتهم بقصد حماية النظام العام"‪.5‬‬

‫‪ -1‬طعيمة الجرف‪ ،‬القانون اإلداري والمبادئ العامة في تنظيم نشاط السلطات اإلدارية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،9129 ،‬ص‪.429‬‬
‫‪ -2‬سعاد الشرقاوي‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬بدون ناشر‪ ،9196 ،‬ص‪.96‬‬
‫‪ -3‬علي خطار شطناوي‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،0226 ،‬ص‪.643‬‬
‫‪ -4‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬مبادئ وأحكام القانون اإلداري اللبناني‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الدار الجامعية للطباعة والنشر‪،‬‬
‫‪ ،9196‬ص‪.42‬‬
‫‪ -5‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬د ارسة مقارنة‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،9113 ،‬ص‪.261‬‬

‫‪6‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫كما عرف البعض األخر الضبط اإلداري بكونها صورة من صور تدخل اإلدارة لتنظيم‬
‫نشاطات األفراد في المجتمع‪ .‬وفي هذا الخصوص يقول األستاذ أندري دي لوبادير أن‬
‫الضبط اإلداري‪ ":‬شكل من أشكال تدخل بعض السلطات اإلدارية يتضمن فرض حدود على‬
‫حريات األفراد بغرض حماية النظام العام"‪ .1‬أما جون ريفيرو فيرى أن الضبط اإلداري‬
‫هو‪ ":‬مجموعة صور التدخل اإلداري على حرية نشاط األفراد التي تستهدف تحقيق االنضباط‬
‫الذي تقتضيه حياة الجماعة "‪ .2‬أما لفقيه تيتجن فيرى بأنه‪ ":‬كل تنظيم إداري للحريات الفردية‬
‫بهدف حماية النظام‪ ،‬أو مصلحة مشتركة سامية يعد بمثابة ضبط بالمفهوم الواسع"‪.‬‬
‫نالحظ على هذا المفهوم انه واسع يشمل جميع األعمال القانونية والمادية التي‬
‫تستهدف تطبيق القواعد التنظيمية الضبطية‪ ،‬فهو نشاط يسمح لإلدارة العامة بمراقبة نشاطات‬
‫األفراد بهدف حماية النظام االجتماعي‪.‬‬
‫يمكن القول أن الضبط اإلداري يشمل كل اإلجراءات القانونية والمادية التي تتخذها‬
‫سلطات إدارية محددة مسبقا بموجب نصوص قانونية تتضمن تنظيم ممارسة حرية معينة أو‬
‫نشاط معين بهدف صيانة وحماية النظام العام بمفهومه الواسع بطريقة وقائية‪ .‬فالضبط‬
‫اإلداري نشاط وقائي مخصص الهدف يتصل مباشرة بحقوق وحريات األفراد‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تميز الضبط اإلداري عن الضبط القضائي‬
‫يقسم بعض الفقهاء الضبط إلى ضبط إداري وضبط قضائي‪ ،‬حيث تتولى مهمة الضبط‬
‫اإلداري أجهزة إدارية تابعة للسلطة التنفيذية‪ ،‬في حين تتكفل بمهمة الضبط القضائي أجهزة‬
‫تابعة للسلطة القضائية أي النيابة العامة‪ .‬غير أنه في الواقع الحدود والفاصل بينهما غير‬
‫واضح نظ ار للتداخل الذي يطبع وظيفة الضبط بنوعيها السيما من ناحية األشخاص المكلفين‬
‫بممارستها‪ ،‬فنفس السلطة ونفس الموظفين يتصرفون حسب الحاالت كسلطة ضبط إداري أو‬
‫سلطة ضبط قضائي‪ .‬مما يستدعي بيان األهمية النظرية والعملية من عملية التميز والبحث‬
‫عن المعاير التي يمكن اعتمادها لتحقيق هذه النتيجة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- DE LAUBADERE André, manuel de droit administratif, 11éme Edition, L .G .D. J, Paris, 1979, p 629.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- RIVETRO Jean, droit administratif, 6 éme édition, édition DALLOZ, Paris, 1992, p 328.‬‬

‫‪7‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫‪ /0‬أهمية التميز بين الضبط اإلداري والضبط القضائي‬


‫تكتسي عملية التمييز بين الضبط اإلداري والضبط القضائي أهمية بالغة وذلك من عدة‬
‫نواحي‪:‬‬
‫‪ °‬تحديد الجهة القضائية المختصة بنظر المنازعات الناشئة عن نشاط كل منهما‪ ،‬إذ تعد‬
‫أعمال الضبط اإلداري أعمال إدارية يعود االختصاص فيها كأصل عام إلى القضاء‬
‫اإلداري‪ ،‬أما أعمال الضبط القضائي فهي أعمال قضائية تدخل في اختصاص القضاء‬
‫العادي‪.1‬‬
‫‪ °‬اختالف النظام القانوني الذي يحكم كال منهما‪ ،‬فالضبط اإلداري يخضع ألحكام القانون‬
‫اإلداري‪ ،‬في حين الضبط القضائي يخضع ألحكام قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫‪ °‬فيما يتعلق بقواعد المسؤولية‪ ،‬فان اإلدارة مسؤولة عن تعويض األضرار الناجمة عن‬
‫أعمال الضبط اإلداري سواء اتخذت شكل عمل قانوني أو عمل مادي وفقا ألحكام وقواعد‬
‫المسؤولية اإلدارية‪ ،2‬بينما الدولة ال تتحمل التعويض عن األضرار المترتبة عن نشاط‬
‫الضبط القضائي التي تخضع ألحكام خاصة إذ يكون الموظف المعني مسؤول مدنيا وجنائيا‬
‫على عمله‪.‬‬
‫‪ °‬وما يزيد في أهمية التميز بينهما هو التداخل بين الهيئتين من حيث األشخاص المكلفين‬
‫بممارسة وظيفة الضبط اإلداري ووظيفة الضبط القضائي‪ .3‬فرئيس البلدية مثال يعد سلطة‬
‫ضبط قضائي طبقا للمادة ‪ 92‬من قانون اإلجراءات الجزائية وسلطة ضبط إداري طبقا‬
‫للمادة ‪ 31‬من قانون البلدية‪.‬‬
‫‪ °‬ومن الناحية النظرية يمكن القول أن الضبط القضائي تمارسه سلطات محددة مسبقا‬
‫بنصوص صريحة‪ ،‬تتقيد بالقيام بالتحري في الجرائم المرتكبة من قبل األفراد والمخالفة‬
‫للقوانين السارية في الدولة‪ ،‬دون أن تشارك في وضع هذه القواعد‪ ،‬فالضبط القضائي يطبق‬
‫قواعد موجودة مسبقا‪ .‬في حي ن سلطات الضبط اإلداري تساهم في صنع القواعد القانونية‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- ABDEL MALEK MANSOUR Samir, op. cit, p 17.‬‬
‫‪ -2‬علي خطار شطناوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.620‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- ABDEL- MALEK MANSOUR Samir, op. cit, p 17.‬‬

‫‪8‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫وذلك من خالل ما يصدر منها من ق اررات الئحية وفردية ملزمة تهدف إلى تنظيم ممارسة‬
‫األفراد لحقوقهم وحرياتهم بما يتماشى مع اعتبارات صيانة النظام العام في الدولة‪.‬‬
‫تعد مسألة معرفة طبيعة العمل الذي اتخذه عون الضبط من حيث ما إذا كان تصرف‬
‫ضبطي إداري أو تصرف ضبطي قضائي مسألة هامة‪ ،‬باعتبار أن عون الضبط القضائي‬
‫يخضع لرقابة وكيل الجمهورية أو النائب العام بحسب الحالة‪ ،‬في حين عون الضبط اإلداري‬
‫يخضع للرقابة اإلدارية عن طريق ما يصطلح عليه بالرقابة الرئاسية‪.‬‬
‫كما أن المنازعات الناشئة عن نشاط الضبط اإلداري تخضع لرقابة القضاء اإلداري‬
‫إلغاءا وتعويضا‪ ،‬في حين المنازعات الناشئة عن نشاط الضبط القضائي تخضع في األساس‬
‫للقضاء العادي‪ .‬أبعد من ذلك‪ ،‬فان القواعد التي تحكم ممارسة وظيفة الضبط اإلداري‬
‫تختلف عن القواعد التي تحكم الضبط القضائي‪.1‬‬
‫‪ /6‬معاير التميز بين الضبط اإلداري والضبط القضائي‪:‬‬
‫يظهر جليا أن إيجاد معيا ار للتمييز بين الضبطين اإلداري والقضائي أمر بالغ الدقة‬
‫والصعوبة نظ ار للتداخل الموجود بينهما‪ ،‬لذا فقد قدم الفقه عدة معايير للتمييز بينهما يمكن‬
‫حصرها فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪ /‬المعيار العضوي‪:‬‬
‫يقوم هذا المعيار على أساس تحديد نوع العمل بالنظر إلى مركز القائم به والجهة التي‬
‫أصدرته‪ ،‬فمتى صدر العمل عن السلطة التنفيذية ممثلة في هيئاتها اإلدارية وموظفيها فهو‬
‫عمل ضبط إداري‪ ،‬أما إذا صدر العمل عن إحدى الهيئات القضائية فهو عمل ضبط‬
‫قضائي‪.2‬‬
‫بالرجوع إلى التشريع الجزائري‪ ،‬نجد أن المشرع حدد على سبيل الحصر الجهات‬
‫المخول لها ممارسة وظيفة الضبط القضائي طبقا للمادة ‪ 92‬من قانون اإلجراءات الجزائية‬
‫والمتمثلة في رؤساء المجالس الشعبية البلدية‪ ،‬ضباط الدرك الوطني‪ ،‬ضباط الشرطة‪ ،‬ذوي‬

‫‪1‬‬
‫‪- CASTAGNE Jean, op. cit, p 24.‬‬
‫‪ -2‬عادل السعيد أبو الخير‪ "،‬اجتهاد القاضي اإلداري في مجال الحقوق والحريات"‪ ،‬مجلة االجتهاد القضائي‪ ،‬جامعة محمد‬
‫خيضر بسكرة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬العدد ‪ ،0222 ،0‬ص ‪.93‬‬

‫‪9‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫الرتب في الدرك الوطني ورجال الدرك الذين أمضوا في سلك الدرك مدة ثالثة سنوات كاملة‬
‫والذين تم تعيينهم بموجب قرار وزاري مشترك بين وزير الدفاع الوطني ووزير العدل وبعد‬
‫موافقة لجنة خاصة‪ ،‬مفتشوا األمن الوطني الذين أمضوا مدة ثالثة سموات كاملة وتم تعيينهم‬
‫بموجب قرار وزاري مشترك بين وزير الداخلية والجماعات المحلية ووزير العدل وبعد موافقة‬
‫لجنة خاصة‪ ،‬ضباط وضباط الصف التابعين لألمن العسكري الذين تم تعيينهم خصيصا‬
‫بموجب قرار وزاري مشترك بين وزير الدفاع الوطني ووزير العدل‪ .‬والجهات المخول لها‬
‫قانونا ممارسة وظيفة الضبط اإلداري والمتمثلة أساسا في رئيس الجمهورية‪ ،‬الوزراء‪ ،‬الوالة‪،‬‬
‫رؤساء البلديات‪.‬‬
‫يعد هذا المعيار معيار قاصر للتمييز بين الضبط اإلداري والضبط القضائي بسبب‬
‫االزدواجية التي تطبع سلط ات الضبط‪ ،‬إذ نجد سلطة واحدة تتدخل تارة كسلطة ضبط إداري‬
‫عندما تتخذ إجراءات بهدف صيانة النظام العام بصفة وقائية‪ ،‬وتارة أخرى كسلطة ضبط‬
‫قضائي عندما تتدخل من اجل ضبط الجرائم المرتكبة من قبل األفراد أو السهر على‬
‫المحافظة على أثار الجريمة من االندثار والزوال حتى تتم عملية التحري من قبل الجهات‬
‫المختصة‪ .‬فرئيس البلدية مثال يعد سلطة ضبط إداري وسلطة ضبط قضائي‪.‬‬
‫فأعوان الشرطة يتولون مهمتي الضبط اإلداري والضبط القضائي‪ ،‬إذ عندما يتولى‬
‫الشرطي تنظيم حركة المرور فهو يقوم بعمل ضبط إداري إذ يهدف من ورائه إلى حماية‬
‫النظام العام‪ ،‬في حين إذا اصطدمت سيارة احد المارة فان الشرطي يتحول إلى عون ضبط‬
‫قضائي إذ يتولى إثبات الحالة والقيام بالتحقيق المبدئي والقبض على الجاني‪.‬‬
‫كذاك ما يقوم به أعوان األمن من عمليات التفتيش أثناء دخول الجمهور إلى‬
‫المالعب‪ ،‬فهي إجراءات ضبطية إدارية تهدف إلى ضمان وحماية النظام العام بصفة‬
‫وقائية‪ ،‬لكن قد تتحول العملية إلى إجراءات ضبطية قضائية في حالة ما تم حجز أسلحة‬
‫بيضاء أو مخدرات لدى احد األنصار إذ تتخذ بشأنهم اإلجراءات المنصوص عليها في‬
‫قانون اإلجراءات الجزائية بحيث يتم تحرير محضر في مركز الشرطة ويقدم إلى الجهة‬
‫القضائية المختصة التخاذ اإلجراءات القانونية الالزمة‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫ب‪ /‬المعيار الموضوعي‪:‬‬


‫يقوم هذا المعيار على أساس اختالف كل من الضبط اإلداري والضبط القضائي في‬
‫هدف نشاط كل منهم ‪ ،‬فنشاط الضبط اإلداري وقائي في جوهره يستهدف وضع إجراءات‬
‫وتدابير وقائية غايتها منع وقوع اإلخالل بالنظام العام‪ ،1‬بينما نشاط الضبط القضائي نشاط‬
‫ردعي قمعي والحق على وقوع اإلخالل بالنظام العام وبالنظام القانوني في الدولة‪ ،2‬حيث‬
‫تتحدد مهمته في البحث عن أسباب وظروف ومالبسات وقوع الجريمة‪ ،‬والتحري من اجل‬
‫إلقاء القبض على مرتكبيها واحالتهم على العدالة‪ .‬لذا قيل وبحق أن الحاجة إلى الضبط‬
‫القضائي ال تظهر إال بعد فشل الضبط اإلداري في تحقيق أهدافه وغاياته في منع وقوع‬
‫‪4‬‬
‫الجريمة‪ .3‬وهذا ما أكده مجلس الدولة الفرنسي في ق ارره الصادر عام ‪.9129‬‬
‫يسمح هذا التصور بوضع فاصل بين ما يمكن إدخاله ضمن أعمال الضبط اإلداري‬
‫وما يدخل ضمن أعمال الضبط القضائي‪ ،‬وان كان في الواقع فان الضبط اإلداري قد يتدخل‬
‫بعد حدوث المساس بالنظام العام‪ ،‬وذلك باتخاذ إجراءات ردعية من اجل استتباب الوضع‬
‫كاستمرار عمل الضبط اإلداري بعد وقوع المظاهرة المحظورة حتى يتم تفريق المتظاهرين‬
‫نهائيا‪ ،‬مما يجعل هذا التصور عاجز للفصل بين كال الضبطين‪.‬‬
‫يتضح جليا أن هذا المعيار ال يأخذ بعين االعتبار صفة الشخص المتخذ للتصرف بل‬
‫يبحث في جوهر التصرف في حد ذاته أي بالنظر إلى الهدف الذي يبتغيه اإلجراء‪ ،‬وهو‬
‫نفس االتجاه المطبق من قبل مجلس الدولة ومحكمة التنازع الفرنسي ‪ .‬كما تبنى القضاء‬
‫اإلداري الجزائري هذا المعيار في التمييز بين أعمال الضبط اإلداري وأعمال الضبط‬
‫القضائي‪.‬‬
‫يظهر ان هذا المعيار سهل من الناحية النظرية‪ ،‬ولكنه يثير العديد من الصعوبات في‬
‫التطبيق‪ .‬وكمثال على ذلك فان قيام أعوان الشرطة بالتفتيش قد يكون الغرض منه حماية‬
‫النظام العام‪ ،‬وقد يكون البحث عن مرتكبي الجريمة إلحالته على العدالة‪ .‬وفي بعض‬

‫‪ -1‬محمد محمد عبده إمام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.021‬‬


‫‪ -2‬عمار عوابدي‪ "،‬الجوانب القانونية لفكرة البوليس اإلداري"‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم القانونية السياسية واالقتصادية‪،‬‬
‫جامعة الجزائر‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬العدد ‪ ،9192 ،4‬ص ‪.9291‬‬
‫‪ -3‬علي خطار شطناوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.153‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- C.E, 11 aout 1951, arrét Consort Baud, in http://www.revuegeneraledudroit.eu‬‬

‫‪11‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫الحاالت فان القضاء يبحث في الهدف الردعي لدى رجال الشرطة‪ ،‬حتى في حالة عدم‬
‫‪1‬‬
‫ارتكاب أية مخالفة‪.‬‬
‫بل أ بعد من ذلك‪ ،‬يمكن لنفس العملية أن تتغير طبيعتها أثناء عملية التنفيذ‪ .‬فيمكن‬
‫لعملية ضبط إداري أن تتحول إلى عملية ضبط قضائي‪ .‬ويمكن لنفس العملية أن تتضمن‬
‫عدة خطوات تشمل على كال من الضبطين‪ .‬وكمثال على ذلك توقيف المركبات ووضعها في‬
‫المحشر‪ ،‬فتوقيف المركبات يشكل عمل ضبط قضائي يهدف إلى معاقبة مخالفة التوقف غير‬
‫المشروع‪ ،‬ووضع السيارة في المحشر يعد قرار ضبط إداري‪ .‬فيقع على عاتق القاضي‬
‫اإلداري إعادة تكييف اإلجراءات الضبطية المقدمة لتحديد ما إذا كانت تعتبر من ضبط‬
‫إداري أو ضبط قضائي‪ .‬وهذا ما أكده مجلس الدولة الفرنسي في قراره الصادر بتاريخ ‪04‬‬
‫جوان ‪ 9132‬في قضية تتعلق بحجز عددين من جريدة ‪.2France soir‬‬
‫كما أن للتميز بين الضبط اإلداري والضبط القضائي أهمية قصوى من حيث تحديد‬
‫المسؤولية والجهة القضائية المختصة‪ .‬وسنوضح هذه المسألة من خالل هاتين القضيتين‪:‬‬
‫‪Le Profil‬‬ ‫المثال األول‪ :‬قضية‬
‫تتلخص وقائع هذه القضية أن شركة تحويل األموال تم سرقتها من قبل مجرمين‪ .‬ففي‬
‫هذه القضية خطأين‪ .‬الخطأ األول خطأ ضبط اإلداري حيث لم يقوم أعوان الشرطة بمنع‬
‫حدوث السرقة واالعتداء‪ .‬وخطأ ضبط قضائي بحث لم يقوم األعوان بمتابعة المجرمين‪.‬‬
‫فإذا طبقنا معيار الغاية‪ ،‬يمكن القول أنه يمكن للشركة الضحية برفع دعوتين قضائيتين‪،‬‬
‫األولى أمام القاضي اإلداري للحصول على التعويض على خطأ سلطة الضبط اإلداري‪،‬‬
‫والثانية أمام القاضي العادي للحصول على تعويض على أساس خطأ سلطة الضبط‬
‫القضائي‪ .‬حسب محكمة التنازع فإن الضرر مصدره األساسي الخطأ األول‪ -‬خطأ سلطة‬
‫الضبط اإلداري‪ -‬وبالتالي للقاضي اإلداري أن يفصل في هذا النزاع الذي يهدف إلى‬
‫الحصول على التعويض الناتج عن الخطأين‪ .‬ومن هنا نستخلص أن في مثل هذه الحاالت‬
‫‪3‬‬
‫يجب أن نأخذ بالخطأ األكثر تأثي ار‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-T.C, 15 juillet 1968, arrét Tayeb, in http://www.legifrance.gov.fr.‬‬
‫‪- T.C, 27 juin 1955, arrét Dame Barbier, in http://www.legifrance.gov.fr.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- C.E, 24 juin 1960, Arrêt Société Frampar et société France éditions et publications,‬‬
‫‪in http ://www.legifrance.gov..fr‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-T.C, 12 juin 1978, Arrét Société le Profil, in http://www.legifrance.gov.fr.‬‬

‫‪12‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫‪Delle Motsch‬‬ ‫وقضية‬ ‫‪Lecomte‬‬ ‫المثال الثاني‪ :‬قضية‬


‫تتلخص وقائع هذه القضية في قيام الشرطة بإطالق النار على سيارة حاولت أن تخرق‬
‫حاجز أمني‪ ،‬مما أدى الى وفات السائق‪ .‬هذا العمل يعد عمل ضبط إداري‪ ،‬ألن عملية‬
‫اطالق النار تمت أثناء تجاوز الحاجز األمني‪ ،‬ولم يصاحبها مطاردة من طرف الشرطة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫هذا ما أكده مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ ‪ 04‬جوان ‪ 9141‬في قضية ‪.Lecomte‬‬
‫أما إذا تم إطالق النار بعد خرق الحاجز األمني وأثناء عملية المتابعة والمطاردة‬
‫بسبب الهروب وعدم اإلستجابة لتعليمات الشرطة التي كانت تأمره بتوقيف السيارة‪ ،‬فان‬
‫العملية تدخل ضمن عمليات الضبط القضائي‪ .‬هذا ما أكدت عليه محكمة التنازع في حكمها‬
‫‪2‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 22‬ديسمبر‪ 9122‬في قضية ‪.Delle Motsch‬‬
‫ثالثا‪ :‬هدف الضبط االداري‬
‫يعد النظام العام الهدف الوحيد الذي ترمي إلى تحقيقه هيئات الضبط اإلداري سواء‬
‫كانت وطنية أو محلية‪ ،3‬فإذا كانت اإلدارة العامة في الدولة تهدف من خالل نشاطها إلى‬
‫تحقيق المصلحة العامة فان سلطات الضبط اإلداري تخضع لقاعدة تخصيص األهداف‪.‬‬
‫إذا كان النظام العام هو الهدف الوحيد لنشاط الضبط اإلداري فهو بمثابة قيد وضابطا‬
‫على سلطات الضبط اإلداري‪ ،‬إذ يحدد اإلطار الذي يجب أن تتوقف عنده في تقييدها‬
‫وتنظيمها لحريات األفراد‪ ،‬ال يجوز لها تجاوزه أو الخروج عن حدوده‪ ،‬باعتبار أن كل إجراء‬
‫ال يهدف إلى تحقيق هذه الغاية يعد تصرفا غير مشروعا حتى ولو تعلق بالمصلحة العامة‪.‬‬
‫ونشير هنا الى المجلس الدستوري الفرنسي قد اعتبر النظام العام من ضمن المبادئ‬
‫الدستورية‪ ،‬والتي يقصد بها تلك الضرورات المرتبطة بالحياة في المجتمع والتي يجب أن‬
‫توجه النشاط التشريعي‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- C.E, 24 juin 1949, Arrét Lecomte, in http://www.legifrance.gov.fr.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-T.C, 05décsmbre 1977, Arrét Delle Motsch, in http://www.legifrance.gov.fr.‬‬
‫‪ -3‬محمود عاطف البنا‪ "،‬الضبط اإلداري بين الحرية والنظام العام"‪ ،‬مجلة األمن والقانون‪ ،‬كلية شرطة دبي‪ ،‬السنة الثانية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،9114 ،9‬ص ‪.946‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- MAZEAUD Pierre , « libertés et ordre public », in http://conseil-constitutionnel.fr‬‬

‫‪13‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫غير أن فكرة النظام العام كما يصفها بعض الفقهاء فكرة مطاطة ومرنة‪ 1‬تتغير بتغير‬
‫ظروف الزمان والمكان‪ ،‬وتتأثر بالظروف السياسية واالقتصادية واالجتماعية والعقائدية‬
‫أن كل حل مبدئي‬ ‫‪Letourneur‬‬ ‫السائدة في المجتمع‪ .‬وفي هذا اإلطار يقول مفوض الحكومة‬
‫في مجال الضبط اإلداري يجب استبعاده‪ ،‬فهي مسألة إجراءات وتقدير لظروف الزمان‬
‫والمكان‪ ،‬ففكرة النظام العام فكرة واسعة‪.2‬‬
‫‪ /0‬العناصر التقليدية لفكرة النظام العام‪:‬‬
‫لقد إرتبط مفهوم النظام العام بمفهوم وظيفة الدولة‪ ،‬حيث كان دورها التقليدي يكمن في‬
‫الدفاع وحماية المجتمع من كل االضطرابات‪ ،‬دون التدخل في مجال النشاطات الفردية‬
‫المتروكة للمبادرة الحرة لألفراد‪ .‬وعليه جاء المفهوم الكالسيكي للنظام العام مفهوما سلبيا‬
‫يقتصر على عدم وجود االضطراب‪.‬‬
‫إال أن هذا المفهوم الكالسيكي لم يعد يغطي كل جوانب تدخل سلطات الضبط‬
‫اإلداري‪ ،‬التي لم تتوقف عند حد حماية وكفالة الحياة المادية لألفراد‪ ،‬بل أيضا حماية الحياة‬
‫المعنوية واألخالقية استجابة لألفكار الدينية واألخالقية السائدة في المجتمع‪ .‬كما توسع نشاط‬
‫الضبط اإلداري‪ ،‬ومنها مضمون النظام العام ليشمل الجانب الجمالي الذي أصبح مطلبا‬
‫عالميا‪ ،‬تحت تأثير المنظمات والجمعيات المدافعة عن البيئة والطبيعة‪ .‬فحماية البيئة‬
‫والطبيعة‪ ،‬وجمال المدن‪ ،‬أصبح مطلبا أساسيا‪ ،‬السيما في الدول المتحضرة‪.‬‬
‫لما كانت وظيفة الدولة مقصورة على الدفاع من أجل ضمان حماية أفراد الجماعة من‬
‫كل االضطرابات دون التدخل في نشاطاتهم الخاصة‪ ،‬فإن الفقه التقليدي حدد مفهوم النظام‬
‫العام تحديدا ضيقا وسلبيا‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن التضييق في مفهوم النظام العام يؤدي حتما‬
‫إلى التضييق في مقوماته و عناصره‪.‬‬
‫يقصد بالنظام العام وفقا للفقه التقليدي عدم وجود الفوضى واالضطراب‪ .‬فهو ذلك‬
‫النظام المادي الذي يستهدف تحقيق حاالت واقعية ملموسة‪ .‬ولقد أكد الفقيه هوريو على هذا‬
‫المعنى بقوله أن‪" :‬النظام العام حالة فعلية معارضة للفوضى"‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-VINCENT-LEGOUX Marie- Caroline, l’ordre public, étude de droit comparé interne, thèse pour le doctorat‬‬
‫‪en droit, université de Bourgogne, faculté de droit et de science politique, 1996, p 02.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-CE, 23 octobre 1951, arrêt société nouvelle d’imprimerie, conclusion de commissaire du‬‬
‫‪gouvernement Letourneur, revue droit public, 1951, p1101.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- HAURIOU Maurice, précis de droit administratif, Paris, Recueil Sirey, 12 éme édition, 1933, p50.‬‬

‫‪14‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫يتضح جليا من خالل هذا التعريف‪ ،‬أنه إعتمد في تحديد معنى النظام العام على‬
‫طبيعته‪ ،‬إذ أضفى على النظام العام الطابع المادي دون الجانب الخلقي أي الشعوري‪ .‬إن‬
‫النظام العام حسب هذا التصور يعني القدر األدنى من النظام إذ ال يشمل تنظيم الحياة في‬
‫المجتمع‪ .‬فواجب الفرد هنا سلبي وهو االمتناع عن إحداث أي اضطراب‪.‬‬
‫إال أنه يؤخذ عليه غموض فكرة الفوضى من حيث مضمونها و نطاقها‪ ،‬إذ لم يبين‬
‫ماهيتها ومتى يمكن أن نقول أن هناك فوضى حتى يتسنى لسلطات الضبط اإلداري التدخل‬
‫من أجل القضاء عليها‪ ،‬فضال عن إهماله للجانب المعنوي للنظام العام‪.‬‬
‫أما الدكتور زين العابدين بركات‪ ،‬فكان أكثر وضوحا في تحديد العناصر المادية المكونة‬
‫للنظام العام بقوله أن‪ " :‬النظام العام يعني المحافظة على األمن العام‪ ،‬الراحة العامة و‬
‫السالمة العامة‪.1‬‬
‫يستفاد من خالل هذا التعريف‪ ،‬أن وظيفة سلطات الضبط اإلداري تكمن في حماية‬
‫الجماعة‪ ،‬من كل ما من شأنه أن يمس في أمنها وطمأنينتها وصحتها‪ ،‬ضمانا ألفرادها‬
‫لممارسة حقوقهم و حرياتهم وفق ما كفلها وحددها القانون‪ .‬وعليه ال يمكن لسلطات الضبط‬
‫اإلداري أن تخرج عن هذا اإلطار واال كانت إجراءاتها وتصرفاتها غير مشروعة‪.‬‬
‫وكنتيجة لهذا‪ ،‬فإن النظام العام الذي تهدف سلطات الضبط اإلداري إلى حمايته هو‬
‫ذلك النظام المادي أو الطبيعي‪ ،‬وذلك من كل ما من شأنه أن يؤدي إلى تعكيره‪ ،‬وليس‬
‫النظام الذي تعمل الدولة على إقامته‪ ،‬فهذا األخير يخرج من نطاق أغراض سلطات الضبط‬
‫بقوله أن‪ " :‬النظام العام هو‬ ‫األستاذ ‪Jean Yves CHEROT‬‬ ‫اإلداري‪ .‬ولقد أكد على هذا المبدأ‬
‫النظام الطبيعي الذي يجب حمايته وصيانته وليس النظام الذي تعمل الدولة على إقامته"‪.2‬‬
‫إن النظام العام وفقا للنظرة التقليدية ينصرف إلى عناصر ومقومات ثابتة‪ ،‬تتمثل أساسا‬
‫على ذلك بقوله أن‪ ":‬األمن‪،‬‬ ‫‪valine‬‬ ‫في األمن‪ ،‬الصحة‪ ،‬والسكينة العمومية‪ .‬ولقد أكد الفقيه‬

‫‪ -1‬زين العابدين بركات‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري مطبعة رياض‪ ،‬دمشق ‪ ،3191‬ص ‪.113‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- CHEROT Jean Yves, « La notion d’ordre public dans la théorie de l’action administrative », In La police‬‬
‫‪administrative existe-t-elle ?, sous la direction de LINOTTE Didier, Edition Economica, Paris, 1985, p 30.‬‬

‫‪15‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫السكينة‪ ،‬والصحة العامة هي العناصر الوحيدة التي يمكن لسلطة الضبط البلدي اتخاذها عند‬
‫تحديد حرية المواطنين "‪.1‬‬
‫أما المشرع الفرنسي‪ 2‬فلم يحمل نفسه مشقة تحديد مفهوم النظام العام‪ ،‬بل اكتفى بتحديد‬
‫العناصر المادية المكونة لمضمون النظام العام‪ .3‬وذلك بمناسبة تحديد اختصاصات وأهداف‬
‫سلطة الضبط اإلداري العام البلدي‪ ،‬بموجب القانون البلدي الصادر في ‪ 09‬أوت ‪9219‬‬
‫والذي تم تعديله بموجب القانون المؤرخ في ‪ 22‬أفريل ‪ 9994‬حيث نصت المادة ‪ 12‬منه‬
‫على أن‪ " :‬هدف البوليس البلدي هو ضمان حسن النظام‪ ،‬األمن العام‪ ،‬والصحة العامة‪.4‬‬
‫غير أن هذه المادة تثير مسألة جوهرية تتمثل في معرفة ما إذا كان المشرع قد حدد هذه‬
‫العناصر بصفة حصرية أم أنها جاءت على سبيل المثال‪ .‬وفي هذا الشأن اختلف الفقه‬
‫الفرنسي حيث يرى الفقيه تيتجن أن المادة ‪ 12‬جاءت بصفة حصرية إذ ال يحق لسلطة‬
‫الضبط البلدي تجاوزها‪ ،‬في حين يرى الفقيه جون كاستاني أن المادة جاءت على سبيل‬
‫المثال‪ ،‬مبر ار موقفه بالفقرة الثانية من نفس المادة التي جاء فيها‪ ":‬وتختص سلطات الضبط‬
‫اإلداري البلدي بمايلي‪.5".....:‬‬
‫بالرجوع إلى أحكام القضاء اإلداري الفرنسي نجد أنه اعتمد على هذه العناصر الثالثة‬
‫كمقومات للنظام العام‪ .‬وهذا ما اكد عليه مجلس الدولة في ق ارره الصادر بتاريخ ‪ 29‬أوت‬
‫‪.6‬غير انه مع مرور الوقت لم يعد يتقيد فقط بالعناصر التي‬ ‫‪Labonne‬‬ ‫‪ 9191‬في قضية‬
‫حددها المشرع في المادة ‪ 12‬من القانون البلدي لعام ‪ 9994‬بل وسع من مقومات النظام‬
‫العام‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر سكينة عزوز‪ ،‬عملية الموازنة بين أعمال الضبط اإلداري والحريات العامة‪ ،‬بحث لنيل شهادة الماجستير في‬
‫اإلدارة والمالية العامة‪ ،‬معهد الحقوق والعلوم اإلدارية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،9112 ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪ -2‬نشير إلى انه سبقت اإلشارة إلى فكرة النظام العام في المادة الحادية عشر من إعالن حقوق اإلنسان والمواطن لعام‬
‫‪.9291‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- LAJOIE Jean Louis, libertés, participation et ordre public en droit algérien, thèse pour le doctorat d’Etat en‬‬
‫‪droit, mention droit public, université jean moulin, Lyon III, faculté de droit, 1983, p394.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- l’article 97 alinéa 1 de la loi du 05 avril 1884 du code municipal stipule que : la police municipale a pour‬‬
‫‪objet le bon ordre, la sûreté et la salubrité publique.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- TEITGENe Henri, la police municipale, thèse, Nancy, 1934, p 68.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪- C.E, 08 aout 1919, arrét Labonne, in http://www.legifrance.gouv.fr‬‬

‫‪16‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫إن تحديد المشرع للعناصر المادية المكونة للنظام العام جاء بهدف تقييد سلطات رئيس‬
‫البلدية ‪ ،‬باعتباره سلطة ضبط إداري عام على المستوى المحلي‪ ،‬وبالتالي تحديد اإلطار‬
‫والحدود التي ال يجوز تجاوزها واال كانت تصرفاته غير مشروعة وعرضة لإللغاء‪ ،‬ولو كان‬
‫يهدف إلى تحقيق مصلحة عامة وذلك تطبيقا لقاعدة تخصيص األهداف ‪.‬‬
‫يتضح من خالل هذا التحديد الضيق لمضمون النظام العام‪ ،‬أنه ليس لسلطات الضبط‬
‫اإلداري أن تقيد حريات األفراد بهدف صيانة النظام العام الجمالي‪ ،‬أو حماية اآلداب العامة‪،‬‬
‫لكونها ال تدخل في نطاق أهداف سلطات الضبط اإلداري وفقا للمفهوم التقليدي للنظام العام‪.‬‬
‫وهذه القاعدة ال تقتصر فقط على سلطات الضبط اإلداري العام المحلية‪ ،‬بل تنطبق أيضا‬
‫على سلطات الضبط اإلداري العام المركزية‪ .‬أما سلطات الضبط اإلداري الخاص فإن‬
‫تدخلها ينصب على عنصر محدد من عناصر النظام العام‪ .‬وذلك وفقا للقانون المنشأ لها‪،‬‬
‫بحيث ال تملك الخروج عن الهدف المحدد لها والذي أنشأت من أجله‪.‬‬
‫أما المشرع الجزائري فلقد ساير نظيره الفرنسي‪ ،‬إذ لم يتكفل بتحديد مفهوم النظام العام‪،‬‬
‫بل اقتصر على تحديد العناصر المادية الثالثة المكونة للنظام العام‪ ،‬بموجب القانون رقم‬
‫‪ 92 -99‬المؤرخ في ‪ 00‬جوان ‪ ،0299‬حيث نصت المادة ‪ 99‬منه على أن‪" :‬يقوم رئيس‬
‫المجلس الشعبي البلدي تحت إشراف الوالي بما يأتي‪:‬‬
‫‪ °‬السهر على النظام والسكينة والنظافة العمومية‪.1"..‬‬
‫كما أكد المشرع الجزائري على هذه العناصر باعتبارها مقومات النظام العام‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل القانون رقم ‪ 21-12‬المؤرخ في ‪ 22‬أفريل ‪ 9112‬المتعلق بالوالية‪ ،‬حيث نصت‬
‫المادة ‪ 13‬منه على أن‪ " :‬الوالي مسؤول عن المحافظة على النظام‪ ،‬األمن‪ ،‬السالمة‬
‫والسكينة العمومية"‪ .2‬و تتمثل العناصر المادية التقليدية المكونة لفكرة النظام العام كهدف‬
‫وحيد لنشاط الضبط اإلداري في العناصر اآلتية‪ :‬األمن العام‪ ،‬السكينة العامة‪ ،‬الصحة‬
‫العامة‪.3‬‬

‫‪ -1‬راجع المواد ‪ 14 ،91 ،99‬من القانون رقم ‪ 92-99‬المتعلق بالبلدية‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -2‬وهي نفس العناصر المنصوص عليها في المادة ‪ 994‬من القانون رقم ‪ 22-90‬المتعلق بالوالية‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-GUILLAUME-HOFNUNG Michéle, l'ordre public sanitaire et l'environnement, Revue de la Gendarmerie‬‬
‫‪National , 4 éme trimestre, 2006, N° 221, p 33.‬‬

‫‪17‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫ونفس الموقف تبناه القاضي اإلداري الجزائري في العديد من الق اررات نذكر منها ق ارره‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 93‬سبتمبر ‪ 0226‬والذي جاء فيه‪ ..":‬حيث انه يستخلص من معطيات‬
‫الملف أن القرار المراد إبطاله يدخل ضمن صالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي في‬
‫إطار أعمال الضبط اإلداري المخولة له من اجل المحافظة على النظام العام واآلمن العام‬
‫‪1‬‬
‫والصحة العامة بموجب مداوالته‪."....‬‬
‫تتفق أغلب النظم القانونية وكل من الفقه والقضاء على هذه العناصر الثالث المادية‬
‫باعتبارها المكونات المادية األصلية للنظام العام‪.‬‬
‫أ‪ /‬األمن العام‪:‬‬
‫من المسلم به أن استتباب األمن العام يعد الشرط األساسي ألي حياة جماعية‪ ،‬لذا كان‬
‫وما يزال من أول وألح مهام الدولة قديما وحديثا ومستقبال‪ .‬فاألمن العام باعتباره عنص ار ماديا‬
‫من عناصر النظام العام‪ ،‬يقصد به طمأنينة أفراد الجمهور على أشخاصهم وأموالهم من‬
‫خطر أي عدوان يمكن أن يقع عليهم‪ .‬ويتحقق ذلك باتخاذ ما يلزم من الحيطة لمنع وقوع‬
‫الحوادث أو احتمال وقوعها على األشخاص‪ ،‬كحجز المصابين بأمراض عقلية‪ ،‬واتخاذ ما‬
‫يلزم للوقاية من خطر األشياء كانهيار المباني أو الحرائق‪ ،‬أو ما ينشأ عن مخاطر الطبيعة‬
‫كالفيضانات‪ ،‬ولعل أهم اعتبار من المقصود باألمن العام‪ ،‬هو درء الفتن واالضطرابات‬
‫الداخلية‪.‬‬
‫يتضح أن مصدر األخطار والمخاطر متعددة فقد تكون طبيعية‪ ،‬مثل‪ :‬الزالزل‪،‬‬
‫الفيضانات والحرائق‪ .‬وقد تكون مصادر هذه األخطار األشياء واآلالت الخطرة‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫السيارات وكافة المركبات‪ ،‬واألسلحة‪ ،‬المتفجرات والمصانع الكيميائية‪ .‬وقد تكون مصادر هذه‬
‫المخاطر طبيعة الحياة االجتماعية مثل‪ :‬المظاهرات‪ ،‬التجمعات‪ ،‬القالئل واالضطرابات‬

‫‪ -1‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 99340‬المؤرخ في ‪ 93‬سبتمبر ‪ ،0226‬قضية ( ر ع) ضد بلدية العلمة ومن معها‪ ،‬موسوعة‬
‫االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬ق اررات المحكمة العليا ومجلس الدولة‪ ،‬اإلصدار الرابع‪.0223 ،‬‬
‫‪ °‬انظر كذلك مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 92923‬الصادر بتاريخ ‪ 93‬ديسمبر ‪ ،0226‬قضية ( ن ع) ضد ( ك خ) ومن‬
‫معه‪ ،‬موسوعة االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس الدولة‪ ،‬اإلصدار الرابع‪.0223 ،‬‬

‫‪18‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫االجتماعية‪ .‬كما قد يكون مصدر هذه المخاطر اإلنسان كما هو الحال في ظاهرة اإلجرام‬
‫والجرائم على األشخاص وعلى األموال الخاصة والعامة‪ ...‬الخ‪.1‬‬
‫وعلى هذا األساس‪ ،‬فإن المشرع الجزائري كلف هيئة الضبط اإلداري البلدي وذلك من‬
‫خالل المواد ‪ 14 ،91 ،99‬من القانون رقم ‪ 92 -99‬المؤرخ في ‪ 00‬جوان ‪ ،0299‬باتخاذ‬
‫كافة التدابير الوقائية واإلجراءات الالزمة‪ ،‬إلقرار األمن العام وسالمة األشخاص واألموال‬
‫على المستوى البلدي‪ ،‬بالقضاء على كل ما من شأنه اإلخالل بهما مهما كان منبته‪.‬‬
‫فطبقا للمادة ‪ 91‬فانه يتخذ رئيس المجلس الشعبي البلدي ‪ ...‬كل االحتياطات الضرورية‬
‫وكل التدابير الوقائية لضمان سالمة األشخاص والممتلكات‪."...‬‬
‫هاما المادة ‪ 14‬فجاء فيها‪ ":‬في إطار احترام حقوق وحريات المواطنين‪ ،‬يكلف رئيس المجلس‬
‫الشعبي البلدي على الخصوص بما يأتي‪:‬‬
‫‪ °‬السهر على المحافظة على النظام العام وأمن األشخاص والممتلكات‪."...‬‬
‫كما أكد المشرع الجزائري على التزام هيئة الضبط اإلداري البلدي بحماية سالمة‬
‫األشخاص وهذا من خالل المادة ‪ 23‬من المرسوم رقم ‪ 032-99‬المؤرخ في ‪ 92‬أكتوبر‬
‫‪ 9199‬التي تقرر على أنه‪ ":‬يجب على رئيس المجلس الشعبي البلدي أن يتخذ إجراءات‬
‫االستعجال الرامية إلى دعم أو هدم األسوار والبنايات والعمارات المهددة بالسقوط"‪.2‬‬
‫يتضح من خالل هذه المواد‪ ،‬أن رئيس المجلس الشعبي البلدي ملزم بما له من سلطة‬
‫الضبط اإلداري على مستوى البلدية‪ ،‬باتخاذ كافة اإلجراءات الوقائية الالزمة لحماية أمن‬
‫األشخاص والممتلكات الخاصة والعامة‪ .‬وكل تقصير أو إهمال يحمل البلدية مسؤولية‬
‫التعويض عن األضرار المترتبة من جراء ذلك‪.‬‬
‫كما يضطلع الوالي بمهمة حماية األمن العام باعتباره سلطة ضبط إداري على مستوى‬
‫الوالية‪ ،‬استنادا إلى المادة ‪ 994‬من القانون رقم ‪ 22 -90‬المتعلق بالوالية‪ .‬وأكثر من ذلك‪،‬‬
‫فإن المشرع الجزائري عمد إلى تحديد سلطات الوالي في ميدان األمن‪ ،‬وذلك بموجب المرسوم‬
‫رقم ‪ 626 -96‬المؤرخ في ‪ 09‬ماي ‪ ،9196‬حيث نصت المادة ‪ 29‬على أنه‪" :‬عمال‬

‫‪ -1‬عمارعوا بدي‪ ،‬الجوانب القانونية لفكرة البوليس اإلداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،9192 ،‬ص ‪.9292‬‬
‫‪ -2‬راجع المرسوم رقم ‪ 032-99‬المؤرخ في ‪ 92‬أكتوبر ‪ 9199‬المتعلق بصالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي فيما‬
‫يخص الطرق والنقاوة والطمأنينة العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 49‬الصادرة في ‪ 96‬أكتوبر ‪.9199‬‬

‫‪19‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫بالمواد ‪ 922‬وما يليها من قانون الوالية يجسم الوالي سلطة الدولة على صعيد الوالية‪ ،‬ويتخذ‬
‫في إطار القوانين والتنظيمات المعمول بها‪ ،‬جميع اإلجراءات التي من شأنها أن تضمن في‬
‫كل الظروف‪ ،‬السلم ‪ ،‬االطمئنان والنظافة العمومية"‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 02‬من هذا المرسوم على إحداث لجنة لألمن في الوالية تحت رئاسة‬
‫الوالي‪ ،‬بهدف متابعة تطور الوضعية العامة في الوالية وتوفير انسجام التداخالت وتماسكها‪.‬‬
‫وتجتمع هذه اللجنة مرة كل شهر وكلما دعت الحاجة إلى ذلك‪ .‬وتختتم اجتماعاتها بتحرير‬
‫محضر ترسل نسخة منه إلى و ازرة الداخلية وو ازرة الدفاع الوطني‪.1‬‬
‫يتضح من خالل هذا أن الوالي ملزم بحكم القانون باعتباره سلطة ضبط إداري على‬
‫مستوى الوالية‪ ،‬بحماية أمن األشخاص والممتلكات‪ .‬وكل تقصير أو إهمال يحمل الوالية‬
‫مسؤولية التعويض عن األضرار المترتبة عن ذلك‪ .‬فضمان أمن األشخاص والممتلكات التزام‬
‫على عاتق الدولة‪.2‬‬
‫ب‪ /‬السكينة العامة‪:‬‬
‫وهي مرادفة لمصطلح الراحة أو الطمأنينة العامة‪ ،‬ومفاد المحافظة على السكينة العامة‬
‫كعنصر مادي من عناصر النظام العام‪ ،‬اتخاذ كافة التدابير واإلجراءات الوقائية للقضاء‬
‫على أسباب ومصادر اإلزعاج والقلق‪ ،‬بهدف ضمان راحة المواطنين‪ ،‬والتمتع بأوقات‬
‫فراغهما في جو تسوده السكينة والطمأنينة العامة‪.‬‬
‫وبمعنى أخر يقصد بها المحافظة على الهدوء والسكون في الطرق واألماكن العامة‪،‬‬
‫لوقاية األفراد من الضوضاء وعدم التعرض لمضيقات الغير كالمتوسلين أو من يستعملون‬
‫مكبرات الصوت‪ ،‬وتوقيف اآلليات والمركبات التي ال تستجيب للشروط التقنية في خفض‬
‫معدالت األصوات والضجيج الصادر عنها‪ ،‬أو منع استعمال المنبهات الصوتية للسيارات‬
‫قرب األماكن التي تتطلب هدوءا خاصا كالمستشفيات والمدارس‪ ،‬أو خالل أوقات محددة‬
‫كمنع استعمالها خالل الليل‪ ،‬أو منع أنشطة مزعجة قرب التجمعات السكنية أو المهنية أو‬

‫‪ -1‬للمزيد من التفاصيل راجع المرسوم رقم ‪ 626 -96‬المؤرخ في ‪ 09‬ماي ‪ 9196‬المتعلق بسلطات الوالي في ميدان‬
‫األمن والمحافظة على النظام العام‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 00‬الصادرة في ‪ 69‬ماي ‪.9196‬‬
‫‪ -2‬تنص المادة ‪ 03‬من دستور ‪ 09‬نوفمبر ‪ 9113‬المعدل والمتمم على أن‪ " :‬الدولة مسؤولة عن أمن األشخاص‬
‫والممتلكات‪."...‬‬

‫‪20‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫غيرها مما يخل بالهدوء الالزم للراحة المعتادة للجمهور سواء في الشوارع أو المساكن أو‬
‫أماكن العمل‪.‬‬
‫ولتحقيق ذلك‪ ،‬فإن المشرع الجزائري‪ ،‬ألزم هيئة الضبط اإلداري البلدي بضرورة حماية‬
‫السكنية العامة‪ ،‬وهذا من خالل المادة ‪ 0/94‬من القانون رقم ‪ 10-11‬المتعلق بالبلدية‪،‬‬
‫والتي جاء فيها‪ ":‬في إطار احترام حقوق وحريات المواطنين‪ ،‬يكلف رئيس المجلس الشعبي‬
‫البلدي على الخصوص بما يأتي‪:‬‬
‫‪ ...°‬التأكد من الحفاظ على النظام العام في كل األماكن العمومية التي يجري فيها تجمع‬
‫األشخاص‪ ،‬ومعاقبة كل مساس بالسكينة العمومية وكل األعمال التي من شأنها اإلخالل‬
‫بها‪...‬الخ "‪.1‬‬
‫كما منح المشرع لرئيس المجلس الشعبي البلدي من خالل المرسوم رقم ‪032- 99‬‬
‫المتعلق بصالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي فيما يخص الطرق والنقاوة والطمأنينة‬
‫العمومية‪ ،2‬السيما أحكام الباب الثالث المتعلقة بالطمأنينة العمومية‪ ،‬سلطة اتخاذ وتنفيذ كل‬
‫التدابير واإلجراءات التي من شأنها الحفاظ على الراحة العامة‪ ،‬أو الطمأنينة العامة‪ ،‬وهذا‬
‫بقمع كل عمل يخل بذلك‪ ،‬عن طريق تنظيم األسواق والمعارض وكل التجمعات التي من‬
‫شأنها تعكير الراحة العامة‪ ،‬وذلك بضبط‪:‬‬
‫‪ -‬ساعات فتح هذه المحالت واغالقها‪.‬‬
‫‪ -‬األماكن المخصصة للعرض والبيع‪.‬‬
‫‪ -‬وقوف السيارات ومرورها‪.‬‬
‫وينسحب ذلك على الحفالت والعروض الفنية العمومية‪ ،‬عن طريق تسليم رخص قبلية‬
‫متضمنة القواعد الخاصة بالمحافظة على السكينة العمومية‪.‬‬

‫‪ -1‬لقد تم اإلشارة إلى السكينة العامة باعتبارها عنصر من عناصر النظام العام في المادة ‪ 99‬من القانون رقم ‪92-99‬‬
‫المتعلق بالبلدية‪ .‬كما نشير هنا أن المشرع الفرنسي لم يدرج السكينة العامة ضمن مقومات النظام العام في المادة ‪ 12‬من‬
‫قانون ‪ 22‬أفريل ‪ 9994‬المتضمن القانون البلدي‪ ،‬غير أن الفقه والقضاء أكد على أنها تدخل ضمن عناصر النظام العام‬
‫وبالتالي تلتزم سلطات الضبط اإلداري بصيانته‪.‬‬
‫‪ -2‬للمزيد من التفاصيل راجع المواد ‪ 16 ،29 ،94‬من المرسوم رقم ‪ ،032-99‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫يتضح جليا من خالل هذه األحكام‪ ،‬أن رئيس المجلس الشعبي البلدي ملزم باتخاذ كافة‬
‫اإلجراءات الوقائية الالزمة لضمان راحة المواطنين‪ ،‬وذلك عن طريق القضاء على كل ما‬
‫من شأنه تعكير أو إزعاج يخل بهما‪.‬‬
‫كما يتمتع الوالي باعتباره سلطة ضبط إداري على مستوى الوالية‪ ،‬بسلطة اتخاذ كافة‬
‫التدابير الوقائية من أجل راحة المواطنين‪ ،‬استنادا إلى المادة ‪ 994‬من القانون رقم ‪22 -90‬‬
‫المتعلق بالوالية‪.‬‬
‫والى جانب ذلك‪ ،‬فلقد أخضع المشرع الجزائري ممارسة بعض الحقوق والحريات العامة‬
‫إلى إجراء الترخيص المسبق‪ ،‬بهدف صيانة وحماية السكينة العامة‪ .‬هذا ما نص عليه‬
‫القانون رقم ‪ 91- 19‬المؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر ‪ 9119‬المعدل والمتمم للقانون رقم ‪09-91‬‬
‫المؤرخ في ‪ 69‬ديسمبر ‪ 9191‬المتعلق باالجتماعات والمظاهرات العمومية‪ ،‬حيث نصت‬
‫المادة ‪ 92‬على أن ‪ " :‬المظاهرات العمومية هي المواكب واالستعراضات‪ ،‬أو تجمعات‬
‫األشخاص‪ ،‬وبصورة عامة جميع المظاهرات التي تجري على الطريق العمومي‪ ...‬تخضع‬
‫المظاهرات العمومية إلى ترخيص مسبق‪.". . .‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 02‬مكرر ‪ 0‬على أنه‪ " :‬يخضع تركيب أو استعمال األجهزة الصوتية‬
‫الثابتة‪ ،‬المؤقتة أو النهائية إلى رخصة مسبقة يمنحها الوالي‪ .‬تمنع األجهزة الصوتية الثابتة‬
‫بقرب المؤسسات التعليمية والمستشفيات"‪.‬‬
‫أما المادة ‪ 02‬مكرر ‪ 6‬تنص على أنه‪ ":‬دون اإلخالل بأحكام الفقرة الثانية من المادة ‪02‬‬
‫مكرر‪ ،0‬يخضع استعمال األجهزة الصوتية المتنقلة‪ ،‬ومكبرات الصوت التي يمكن أن تزعج‬
‫راحة السكان إلى رخصة مسبقة يمنحها الوالي‪.1‬‬
‫يتضح من خالل أحكام هذا القانون‪ ،‬أن للوالي سلطة اتخاذ كافة اإلجراءات الالزمة‬
‫لضمان راحة المواطنين وذلك من خالل إخضاع استعمال بعض األجهزة التي قد تمس‬
‫براحة السكان إلى إجراء الترخيص المسبق‪ .‬وعليه يحق للوالي أن يمنع المظاهرة إذا كان من‬
‫شأنها أن تخل بالنظام العام‪ ،‬سواء باألمن العام أو السكينة العامة‪ .‬أو منع استعمال األجهزة‬

‫‪ -1‬للمزيد من التفاصيل راجع القانون رقم ‪ 91 -19‬المؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر ‪ ،9119‬المعدل و المتمم للقانون رقم ‪-91‬‬
‫‪ 09‬المؤرخ في ‪ 69‬ديسمبر ‪ 9191‬المتعلق باالجتماعات والمظاهرات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 30‬الصادرة في‬
‫‪ 4‬ديسمبر ‪.9119‬‬

‫‪22‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫الصوتية‪ ،‬سواء كانت ثابتة أو متنقلة‪ ،‬بهدف المحافظة على راحة المواطنين‪ ،‬باعتباره واجب‬
‫والتزام على عاتق سلطات الضبط اإلداري‪.‬‬
‫ج‪ /‬الصحة العامة‪:‬‬
‫يعتبر الحق في الصحة أو الرعاية الصحية‪ ،‬إحدى الحقوق األساسية للمواطن‪ .‬ويعتبر‬
‫التزام على عاتق الدولة تسهر على ضمانه لكل األفراد دون تمييز‪ .‬وهناك من يطلق عليه‬
‫تسمية النظام العام الصحي‪ 1.‬ولقد جسدت المادة ‪ 24‬من تعديل دستور ‪9113 -99-09‬‬
‫هذا االلتزام حيث نصت على أن‪ ":‬الرعاية الصحية حق للمواطنين‪ .‬تتكفل الدولة بالوقاية من‬
‫األمراض الوبائية والمعدية ومكافحتها "‪.‬‬
‫ويقصد بالصحة العامة وقاية األفراد من األمراض أو اعتالل الصحة‪ ،‬ومنع انتشار‬
‫األوبئة‪ ،‬واالحتياط من كل ما قد يكون سببا‪ ،‬أو يحتمل أن يكون سببا للمساس بالصحة‬
‫العامة‪ .2‬ويدخل في ذلك رقابة األغذية واعداد المياه الصالحة للشرب والمحافظة عليها من‬
‫التلوث‪ ،‬وتصريف الفضالت‪ ،‬وعزل المرض بأمراض معدية‪ ،‬وتحصين المواطنين ضد‬
‫األمراض الوبائية إلى غير ذلك من األعمال التي تلزم للمحافظة على صحة األفراد‪.3‬‬
‫لقد كلف المشرع الجزائري هيئة الضبط اإلداري البلدي بحماية الصحة العامة من كل‬
‫ما من شأنه اإلخالل بها‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 14‬من القانون رقم ‪ 92-99‬المؤرخ في ‪00‬‬
‫جوان ‪ 0299‬المتعلق بالبلدية على أنه‪ :‬في إطار احترام حقوق وحريات المواطنين‪ ،‬يكلف‬
‫رئيس المجلس الشعبي البلدي على الخصوص بما يأتي‪:‬‬
‫‪ °‬السهر على نظافة العمارات وضمان سهولة السير في الشوارع والساحات والطرق‬
‫العمومية‪.‬‬
‫‪ °‬السهر على احترام التنظيم في مجال الشغل المؤقت لالماك التابعة لألمالك العمومية‬
‫والمحافظة عليها‪.‬‬
‫‪ °‬اتخاذ االحتياطات والتدابير الضرورية لمكافحة األمراض المنتقلة أو المعدية والوقاية منها‪.‬‬
‫‪ °‬منع تشرد الحيوانات المؤذية والضارة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- GUILLAUME-HOFNUNG Michèle, op.cit , p 33.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- CASTAGNE Jean, op.cit, p 32.‬‬
‫‪ -3‬محمود حلمي‪ ،‬نشاط اإلدارة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.92‬‬

‫‪23‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫‪ °‬السهر على سالمة المواد الغذائية االستهالكية المعروضة للبيع‪.‬‬


‫‪ °‬السهر على احترام تعليمات نظافة المحيط وحماية البيئة‪.‬‬
‫‪ °‬ضمان ضبط الجنائز والمقابر طبقا للعادات وحسب مختلف الشعائر الدينية‪ ،‬والعمل فو ار‬
‫على دفن كل شخص متوفى بصفة الئقة دون تميز للدين أو المعتقد‪."...‬‬
‫أما المرسوم رقم ‪ 032-99‬المتعلق بصالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي فيما‬
‫يخص الطرق والنقاوة والطمأنينة العمومية‪ ،‬فنصت أحكام الباب الثاني منه الخاص بالنقاوة‬
‫وحفظ الصحة العمومية على تكليف هيئة الضبط اإلداري البلدي بالسهر على تنفيذ التنظيم‬
‫الصحي‪ ،‬واتخاذ كافة اإلجراءات التي تخص النقاوة وحفظ الصحة العمومية بهدف المحافظة‬
‫على صحة الجماعة وذلك عن طريق‪":‬‬
‫‪ -‬اتخاذ كل اإلجراءات الرامية إلى مكافحة األمراض الوبائية والمعدية وحامالت األمراض‬
‫المتنقلة‪.‬‬
‫‪ -‬السهر على تنفيذ العمليات المتعلقة بالتطهير‪.‬‬
‫‪ -‬السهر على تموين السكان المنتظم بالماء الصالح للشرب‪ ،‬بكميات كافية لالحتياجات‬
‫المنزلية وحفظ الصحة‪.‬‬
‫‪ -‬تنظيم تنظيف األنهج وجمع القمامة حسب توقيت دقيق ومالئم‪.‬‬
‫‪ -‬تنظيم الم از بل العمومية واحراق القمامة ومعالجتها في أماكن مالئمة‪.1" ...‬‬
‫ومن أجل تدعيم حماية الصحة العامة أصدر المشرع الجزائري القانون رقم ‪22-92‬‬
‫المؤرخ في ‪ 93‬فيفري ‪ 9192‬والمتعلق بحماية الصحة وترقيتها‪ ،2‬حيث حدد مفهوم الصحة‬
‫العامة بأنها مجموع التدابير الوقائية والعالجية والتربوية واالجتماعية التي تستهدف المحافظة‬
‫على صحة الفرد والجماعة وتحسينها‪ .‬ولقد كلفت المجموعات المحلية من أجل حماية‬
‫الصحة العامة على المستوى المحلي بتطبيق اإلجراءات الرامية إلى ضمان مراعاة احترام‬
‫القواعد و المقاييس الصحية في كل أماكن الحياة‪.‬‬

‫‪ -1‬للمزيد من التفاصيل راجع المواد من ‪ 2‬إلى ‪ 96‬من المرسوم رقم ‪ ،032-99‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -2‬للمزيد من التفاصيل راجع ‪ 39 ،20 ،40 ،02 ،0 ،9‬من القانون رقم ‪ 22- 92‬المؤرخ في ‪ 93‬فيفيري ‪ ،9192‬يتعلق‬
‫بحماية الصحة وترقيتها‪ ،‬المعدل والمتمم‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 29‬الصادرة في ‪ 92‬فيفيري ‪.9192‬‬

‫‪24‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫كما ألزمت أحكامه الوالة‪ ،‬ورؤساء المجالس الشعبية البلدية‪ ،‬ومسئولي الهيئات العمومية‬
‫والمصالح الصحية بتطبيق التدابير المالئمة في الوقت المناسب‪ ،‬للوقاية من ظهور وانتشار‬
‫األوبئة والقضاء على مختلف أسباب األمراض‪.‬‬
‫يستفاد من خالل هذا القانون‪ ،‬أن حماية الصحة العامة باعتبارها عنص ار من عناصر‬
‫النظام العام‪ ،‬مسؤولية تقع على عاتق سلطات الضبط اإلداري‪ ،‬سواء على المستوى المحلي‬
‫أو الوطني‪ ،‬وذلك بحملها والزامها باتخاذ كافة اإلجراءات الوقائية لضمان صحة األفراد‬
‫والجماعة‪.‬‬
‫ونشير أن حماية الصحة العامة ال تخص فقط سلطات الضبط اإلداري العام‪ ،‬بل‬
‫تخص أيضا سلطات الضبط اإلداري الخاص‪ ،‬حيث يتمتع وزير الصحة والسكان واصالح‬
‫المستشفيات بسلطات واسعة في مجال حماية الصحة العامة‪ ،‬وكذا مديرو المستشفيات‬
‫والقطاعات الصحية‪ .‬كما يتمتع وزير البيئة وتهيئة العمران بسلطة اتخاذ كافة التدابير الرامية‬
‫إلى حماية الصحة العامة‪ ،‬نظ ار للعالقة الوطيدة بين حماية البيئة وحماية الصحة العامة‪.‬‬
‫وكمثال على ذلك تنص المادة ‪ 24‬من المرسوم رقم ‪ 029-92‬المؤرخ في‪ 09‬أكتوبر ‪0292‬‬
‫على انه‪ ":‬يكلف وزير التهيئة العمرانية والبيئة في ميدان البيئة بما يأتي‪":‬‬
‫‪ -‬يبادر بالقواعد والتدابير الخاصة بالحماية والوقاية من كل أشكال التلوث وتدهور البيئة‬
‫ويتصور ذلك ويقترحه باالتصال مع‬ ‫واإلضرار بالصحة العمومية وبإطار المعيشة‬
‫‪1‬‬
‫القطاعات المعنية‪ ،‬ويتخذ التدابير التحفظية المالئمة‪...‬الخ"‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬نجد آن بعض األنشطة تخضع غالى إجراءات خاصة وصارمة لما‬
‫لها من خطر كبير على صحة اإلنسان‪ ،‬ونذكر على سبيل المثال ما جاء في القانون رقم‬
‫‪ 92-26‬المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة حيث نجد المادة ‪ 92‬تنص على‬
‫انه تخضع مسبقا وحسب الحالة‪ ،‬لدراسة التأثير أو لموجز التأثير على البيئة‪ ،‬مشاريع التنمية‬
‫والهياكل والمنشات الثابتة والمصانع واألعمال الفنية األخرى‪...،‬الخ"‪ .‬وتضيف المادة ‪93‬‬

‫‪ -1‬مرسوم رقم ‪ 029-92‬مؤرخ في ‪ 09‬أكتوبر ‪ ،0292‬يحدد صالحيات وزير التهيئة العمرانية والبيئة‪ ،‬الجريدة الرسمية‪،‬‬
‫العدد ‪ 34‬الصادرة في ‪ 09‬أكتوبر ‪.0292‬‬

‫‪25‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫على انه يجب أن يتضمن محتوى دراسة التاثير على األقل وصف للتأثير المحتمل على‬
‫‪1‬‬
‫البيئة وعلى صحة اإلنسان‪...‬الخ‪.‬‬
‫يتضح جليا أن حماية الصحة العامة‪ ،‬التزام على عاتق سلطات الضبط اإلداري سواء‬
‫كانت عامة أو خاصة‪ .‬بحيث يترتب على تهاونها وتقصيرها في اتخاذ اإلجراءات الالزمة‬
‫والمالئمة تحميلها المسؤولية عن األضرار المترتبة من جراء ذلك‪.‬‬
‫تعتبر هذه العناصر التقليدية الثالثة المقومات المادية األصلية للنظام العام الذي تسهر‬
‫سلطات الضبط اإلداري على حمايته وصيانته‪ ،‬من كل ما من شأنه أن يؤدي إلى تعكيره‪.‬‬
‫إال أنه إذا كانت هذه العناصر ثابتة في كل زمان ومكان‪ ،‬فإنها لم تعد تساير تطور وظيفة‬
‫الضبط اإلداري وتوسع مجالها بحكم توسع مفهوم النظام العام ذاته‪.‬‬
‫‪ /6‬العناصر الحديثة لفكرة للنظام العام‪:‬‬
‫إن مفهوم النظام العام في القانون اإلداري قد تطور بتطور الوظيفة اإلدارية للدولة‪،‬‬
‫فالدولة الحديثة لم تعد متدخلة فقط‪ ،‬بل أصبحت فضال عن وظائفها السابقة‪ ،‬طرفا هامة في‬
‫المعادلة االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬مما تبع ذلك توسع هام في وظائف اإلدارة‬
‫العامة‪ ،‬وتطور لمختلف المفاهيم السائدة‪ ،‬بما فيها فكرة النظام العام‪.‬‬
‫لقد توسع مفهوم النظام العام‪ ،‬بحيث لم يعد يقتصر على مجرد حماية ووقاية المجتمع‬
‫من االضطرابات المادية الخارجية إلقامة األمن‪ ،‬السكينة والصحة العامة‪ ،‬بل تعدى هذه‬
‫الحدود التقليدية إلى مجاالت أخرى استجابة لتطور المجتمع وازدياد تدخل الدولة في مجال‬
‫النشاطات الفردية‪.‬‬
‫على هذا التوجه‪ ،‬بقوله أن‪":‬النظام العام‬ ‫(‪)Paul BERNARD‬‬ ‫ولقد أكد الفقيه بول برنارد‬
‫التقليدي قاص ار نظ ار لسلبياته التي تجعله يتوقف عند حد النتيجة المباشرة المتمثلة في عدم‬
‫وجود االضطراب المادي في المجتمع‪ ،‬بل هو نظام حي ديناميكي ألنه نتيجة وثمرة لعمل‬
‫بناء ومجهودات كبيرة مدعمة بوسائل كثيرة وموجهة ألهداف متعددة من أجل هدف اجتماعي‬

‫‪ -1‬قانون رقم ‪ 92-26‬مؤرخ في ‪ 91‬جويلية ‪ ،0226‬يتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة‪ ،‬الجريدة الرسمية‪،‬‬
‫العدد ‪ 46‬الصادرة في ‪ 02‬جويلية ‪.0226‬‬

‫‪26‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫عام وشامل‪ .‬فهو تنظيم منسجم لكل العالقات اإلنسانية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬السياسية‪،‬‬
‫الفكرية واألخالقية الكائنة في حياة مجموعة معينة"‪.1‬‬
‫أ‪ /‬النظام العام األخالقي أو األدبي‪:‬‬
‫أكد الفقه على ضرورة تدخل السلطات اإلدارية الضبطية لحماية كل ما يمس باآلداب‬
‫واألخالق العامة‪ ،‬والذي من شأنه أن يعكر النظام العام المادي للمجتمع‪ ،‬وذلك بهدف كفالة‬
‫الحياة المادية والمعنوية على حد سواء‪.‬‬
‫ولقد أكد الفقيه موريس هوريو (‪ )Maurice Hauriou‬على هذا بقوله أن‪ ..." :‬عالوة على النظام‬
‫المادي الذي يعني عدم وجود الفوضى‪ ،‬يوجد النظام الخلقي الذي يرمي إلى المحافظة على‬
‫ما يسود من معتقدات وأحاسيس وأفكار‪ .‬فإذا كان االضطراب في النظام الخلقي قد بلغ درجة‬
‫من الخطورة تهدد كيان النظام العام المادي‪ ،‬يستوجب تدخل السلطات اإلدارية الضبطية‬
‫لوضع حد لذلك االضطراب‪.2"...‬‬
‫أما األستاذ لوي لوك فلقد ذهب إلى أبعد من ذلك بقوله أن‪ ":‬كل فكرة عن النظام العام متغيرة‬
‫وعائمة‪ ،‬فهي أقرب صلة بالشعور منها بالواقع القانوني‪.3"...‬‬
‫ورغم هذا‪ ،‬ظلت العديد من التشريعات والسيما في الدول غير اإلسالمية‪ ،‬متحفظة في‬
‫هذا المجال‪ ،‬إذ استبعدت فكرة األخالق من مضمون النظام العام‪ ،‬ومن ثمة من نطاق تدخل‬
‫سلطات الضبط اإلداري‪ .‬ومن بينها التشريع الفرنسي إذ لم يتضمن القانون البلدي لعام‬
‫‪ 9994‬في مادته ‪ 12‬أية إشارة إلى اآلداب واألخالق العامة‪.‬‬
‫ونفس الموقف تبناه القاضي اإلداري الفرنسي‪ ،‬إذ لم يعتبر اآلداب واألخالق العامة‬
‫عنص ار من عناصر النظام العام‪ ،‬وبالتالي كان يلغي إجراءات وتصرفات سلطات الضبط‬
‫اإلداري التي تمس بحقوق وحريات األفراد بحجة حماية اآلداب واألخالق العامة‪ ،‬كما يحملها‬
‫مسؤولية التعويض عن األضرار الناجمة عن هذه اإلجراءات والتصرفات‪.‬‬
‫غير أن القضاء اإلداري الفرنسي تراجع عن موقفه هذا‪ ،‬لمسايرة موقف الفقه الذي ظل‬
‫ينادي بضرورة تكفل الدولة عن طريق سلطات الضبط اإلداري بحماية األخالق العامة‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- BERNARD Paul, Notion d’ordre public en droit administratif, L.G.D.J, Paris, 1962, p 12.‬‬
‫‪ -2‬موريس هوريو‪ ،‬مطول القانون اإلداري‪ ،‬باريس‪ ،9122 ،‬ص ‪ .02‬عن‪ :‬سكينة عزوز‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪ -3‬عامر أحمد مختار‪ ،‬تنظيم سلطة الضبط اإلداري في العراق‪ ،‬رسالة جامعية‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،9122 ،‬ص ‪.26‬‬

‫‪27‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫باعتباره عنص ار من عناصر النظام العام‪ .‬ومن أهم الق اررات الشهيرة التي أصدرها القاضي‬
‫اإلداري الفرنسي والتي أكد فيها على اختصاص سلطات الضبط اإلداري والتزامها بحماية‬
‫األخالق واآلداب العامة‪ ،‬ق ارر مجلس الدولة الفرنسي المؤرخ في ‪ 99‬ديسمبر ‪ 9121‬في‬
‫قضية شركة ‪ -‬أفالم لوتيسيا ‪ - lutetia‬والنقابة الفرنسية للمنتجين ومستثمرين األفالم‪.1‬‬
‫تتلخص وقائع هذه القضية في أن رئيس بلدية ‪ -‬نيس ‪ -NICE‬بالجنوب الفرنسي أصدر قرار‬
‫إداريا ضبطيا يقضي بمنع عرض فيلم حصلت على ترخيص قانوني من طرف وزير اإلعالم‬
‫بعد موافقة لجنة الرقابة على األفالم السينمائية المنظمة بموجب قانون‪ 26‬جويلية ‪.9142‬‬
‫‪.Le feu dans la peau‬‬ ‫ويتعلق هذا اإلجراء بفيلم‪ :‬النار في الجسد‬
‫لقد اتخذ رئيس بلدية نيس هذا القرار تحت تأثير قوى الضغط االجتماعي في المدينة‬
‫المتكونة في هذه القضية أساسا من جمعية المعلمين وأولياء التالميذ الذين هددوا بالقيام‬
‫بمظاهرات في المدينة لمنع عرض هذه األفالم التي تهدد تربية وأخالق وآداب التالميذ‬
‫الصغار‪.‬‬
‫وبتاريخ ‪ 99‬جويلية ‪ 9123‬تقدمت شركة أفالم لوتيسيا والنقابة الفرنسية بدعوى قضائية ضد‬
‫رئيس البلدية أمام المحكمة اإلدارية لنيس‪ ،‬ملتمسة منها الحكم بعد مشروعية قرار المنع‬
‫لتجاوز السلطة‪ ،‬ومن ثمة إلغائه‪ .‬إال أن المحكمة اإلدارية قضت بمشروعية القرار اإلداري‬
‫الضبطي البلدي‪ ،‬وبالتالي حكمت برفض الدعوى‪.‬‬
‫الدولة‪ ،‬مطالبة بإلغاء‬
‫وبناء على ذلك‪ ،‬استأنفت الشركة قرار المحكمة اإلدارية أمام مجلس ّ‬
‫القرار الذي أصدره رئيس بلدية نيس‪ ،‬والحكم بتّعويض األضرار والخسائر المترتبة عن عدم‬
‫عرض هذه األفالم‪.‬‬
‫وبتاريخ ‪ 99‬أكتوبر ‪ 9121‬أصدر مجلس الدولة الفرنسي ق ارره برفض إلغاء قرار رئيس‬
‫البلدية‪ ،‬ألنه من سلطاته الضبطية أن يتعرض للمحافظة على اآلداب واألخالق العامة‪.‬‬
‫وجاء في حيثيات هذا القرار على وجه الخصوص‪":‬‬
‫‪ ..‬حيث أنه يتضح من خالل التحقيق أن الظروف المحلية التي أثارها رئيس بلدية نيس‬
‫تبرر قرار منع عرض هذه األفالم على مستوى هذه البلدية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪- C.E, 18 décembre 1959, arrêt société « les films lutetia » et syndicat français des producteurs et exportateurs‬‬
‫‪de films, in WEIL. P, LONG.M, BRAIBANT .G, DELVOVE. P, GENEVOIS.B, Les grands arrêts de la‬‬
‫‪jurisprudence administrative, 13éme édition, DALLOZ, Paris, 2001 .p 550.‬‬

‫‪28‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫‪ ..‬حيث أنه يتضح من خالل كل ما سبق أن شركة أفالم لوتيسيا والنقابة الفرنسية‬
‫للمنتجين ومستثمرين األفالم غير محقين في التمسك بأن المحكمة اإلدارية غير محقة في‬
‫قرارها المتضمن رفض الدعوى الرامية إلى إلغاء قرار رئيس بلدية نيس‪ . . .‬وعليه يرفض‬
‫الطعن"‪ .‬يتضح من خالل هذا القرار‪ ،‬أن القاضي اإلداري الفرنسي اعتبر اآلداب واألخالق‬
‫العامة عنص ار من عناصر النظام العام‪ ،‬و بالتالي من حق سلطات الضبط اإلداري‪ ،‬بل‬
‫ومن واجبها التدخل من أجل حمايته وصيانته‪.‬‬
‫ومهما كان األمر‪ ،‬فإن القاضي اإلداري عندما أقر بضرورة حماية اآلداب العامة‬
‫واألخالق العامة‪ ،‬فإنه ال يتعدى إلى األخالق المثالية التي تعتبر مبادئ ثابتة في الضمير‬
‫اإلنساني‪ ،‬بل الحد األدنى منها الذي إذا لم يصن ترتب عنه اإلخالل بالطابع المادي للنظام‬
‫العام‪.‬‬
‫بقوله أن‪ ":‬إذا كان حماية‬ ‫( ‪)Philippe FOILLARD‬‬ ‫وهذا ما أكده الفقيه فليب فويالر‬
‫اآلداب العامة أم ار ضروريا فإنه يجب أن يكون في حدود صيانة األمن والسكينة العامة‬
‫فقط"‪.1‬‬
‫فهو عدم وجود الفضائح أو عدم‬ ‫(‪)Henry TEITGEN‬‬ ‫وبتعبير آخر حسب الفقيه هنري تيتجين‬
‫وجود أي اعتداء‪ ،‬أو مساس أو أذى عام بالقدر األدنى من األفكار الخلقية‪ ،‬التي رضي بها‬
‫واحترمها متوسط األفراد خالل فترة زمنية معينة‪ .2‬فمعيار هذه المبادئ يقاس بما يحرص‬
‫الناس على احترامه واإلبقاء عليه‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬يمكن القول أن اآلداب واألخالق العامة نسبية‪ ،‬تتغير من زمن إلى‬
‫آخر‪ ،‬ومن مكان إلى آخر‪ .‬وهذا ما يظهر جليا من خالل قرار مجلس الدولة الفرنسي‬
‫المشار إليه أعاله‪ ،‬والذي أكد فيه أن الظروف المحلية تبرر اتخاذ اإلجراءات المناسبة قصد‬
‫حماية اآلداب واألخالق العامة‪ .‬وبالمقابل فإن عدم توفر هذه الظروف ال يسمح لرئيس‬
‫البلدية منع عرض هذه األفالم ما دامت أنها تخضع لرقابة مسبقة من طرف الجهة المكلفة‬
‫بمنح رخصة االستغالل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- FOILLARD Philippe, Droit Administratif, C. P. U, Paris, 2001, p 264.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- TEITGEN Henry, La police municipale générale, l’ordre public et les pouvoirs de Maire, Sirey, Paris, 1934,‬‬
‫‪p1 et 2.‬‬

‫‪29‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫وبناء على ذلك‪ ،‬ألغى مجلس الدولة الفرنسي عدة ق اررات إدارية ضبطية‪ ،‬تضمنت منع‬
‫عرض بعض األفالم بهدف حماية اآلداب واألخالق العامة‪ ،‬حيث أكد فيها أن الطبيعة غير‬
‫األخالقية للفيلم ال تبرر لوحدها قرار المنع‪ ،‬مادام ليس من شأنها تعكير وتهديد النظام العام‬
‫المادي‪ .‬ومن بين هذه الق اررات‪ ،‬قرار مجلس الدولة المؤرخ في ‪ 91‬أفريل ‪ 9136‬في قضية‬
‫‪.1‬‬ ‫‪Marceau‬‬ ‫شركة أفالم مارصو‬
‫‪Landerneau‬‬ ‫تتلخص وقائع هذه القضية في أنه بتاريخ ‪ 90‬فيفري ‪ 9132‬اتخذ رئيس بلدية‬
‫ق ار ار إداريا ضبطيا يتضمن منع عرض فيلم "العالقات الخطيرة ‪ ،"9132‬وذلك بحجة حماية‬
‫اآلداب واألخالق العامة‪.‬‬
‫حكمها القاضي برفض‬ ‫‪Rennes‬‬ ‫وبتاريخ ‪ 06‬أكتوبر ‪ 9139‬أصدرت المحكمة اإلدارية لمدينة‬
‫دعوى اإللغاء‪ ،‬ومن ثمة الحكم بمشروعية القرار‪ .‬طعنت الشركة في هذا الحكم أمام مجلس‬
‫الدولة الذي أصدر ق ارره بـتاريخ ‪ 9136-24 -91‬يتضمن إلغاء القرار اإلداري‬
‫الضبطي‪ .‬ولقد جاء في حيثيات هذا الحكم على وجه الخصوص‪":‬‬
‫‪ ...‬حيث يتضح من خالل التحقيق أن عرض الفيلم في تاريخ اتخاذ القرار محل الطعن ليس‬
‫من شأنه أن يحدث اضطرابات مادية مجدية في مدينة ‪.Landerneau‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬لم يثبت التحقيق أية ظروف محلية من طبيعتها أن تجعل عرض الفيلم‬
‫مهما كانت طبيعته غير األخالقية تهديدا على النظام العام‪.‬‬
‫غير‬ ‫‪Rennes‬‬ ‫وعليه‪ ،‬فإن شركة أفالم مارصو مؤسسة في التمسك بأن المحكمة اإلدارية‬
‫محقة في حكمها الصادر بتاريخ ‪ 06‬أكتوبر ‪ ،9139‬والقاضي برفض دعوى إلغاء القرار‬
‫محل الطعن "‪.‬‬
‫يتضح أن فكرة النظام العام األخالقي صعبة التحديد‪ ،‬لذا فان سلطة هيئات الضبط‬
‫اإلداري ليست مطلقة فيما يتعلق بتحديد الطبيعة غير األخالقية للفيلم‪ ،‬بل تخضع لتقدير‬
‫القاضي اإلداري الذي يبحث في مدى خطورة عرض الفيلم على األخالق العامة‪ ،‬وهل ثمة‬
‫ظروفا محلية مجدية من شأنها أن تبرر منع عرضه‪ .‬فالقاضي اإلداري الفرنسي يراقب مدى‬
‫التوفيق بين ضرورة حماية اآلداب واألخالق العامة وبين ضرورة حماية حرية المعتقد وحرية‬
‫التعبير المكرسة دستوريا‪ .‬ويترتب على ذلك‪ ،‬أن مجال ونطاق اآلداب واألخالق العامة‬
‫‪1‬‬
‫‪- C.E, 19 avril 1963, arrêt société "des films Marceau", In WEIL.P, et autres, op.cit, p 247.‬‬

‫‪30‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫يضيق ويتسع تبعا لتغير األزمنة‪ ،‬واألمكنة‪ ،‬وحسب شخصية كل أمة وانتمائها الحضاري‪،‬‬
‫والظروف المحلية الخاصة بكل منطقة‪.1‬‬
‫أما المشرع الجزائري‪ ،‬فباعتبار أن المجتمع الجزائري مجتمع مسلم‪ ،‬فإنه كان من‬
‫المنطقي أن يساير موقف الفقه والقضاء‪ ،‬حيث أدرج اآلداب العامة ضمن عناصر النظام‬
‫العام‪ ،‬تتكفل سلطات الضبط اإلداري بحمايته وصيانته‪ .‬غير أن فكرة اآلداب واألخالق‬
‫العامة في الجزائر تختلف عما هو عليه األمر في فرنسا‪ .‬أوال تتدخل سلطات الضبط‬
‫اإلداري عندما يؤدي المساس باآلداب العامة إلى اضطراب مادي للنظام العام‪ ،‬وهذا يتماشى‬
‫مع موقف القضاء اإلداري الفرنسي‪ .‬ثانيا عندما يؤدي مخالفة اآلداب العامة إلى اضطراب‬
‫في عقيدة الجماعة‪.‬‬
‫ففي الحالة األولى تلجأ سلطات الضبط اإلداري إلى منع كل األعمال والتصرفات التي‬
‫تخل باآلداب والخالق العامة والتي من شأنها أن تؤدي إلى اضطراب مادي‪ .‬يفهم من هنا‬
‫أن اإلخالل باألخالق العامة يمس بالضرورة إحدى العناصر المادية للنظام العام‪ .‬والمثال‬
‫على ذلك فرغم أن بيع الكحول وشربه في أماكن خاصة مسموح به إال أن استهالكه في‬
‫األماكن العمومية يعد تصرفا مخل باآلداب العامة ويمس بالصحة والسكينة العامة‪.‬‬
‫أما في الحالة الثانية فان تدخل سلطات الضبط اإلداري ال يهدف إلى حماية األخالق‬
‫العامة الذي يؤدي إلى اضطراب مادي‪ ،‬وانما إلى حماية اآلداب العامة بصفة مستقلة‪.‬‬
‫ويقصد باألخالق العامة بهذا المعنى مجموعة المبادئ األخالقية التي تقبلها وطبقها عامة‬
‫األفراد في المجتمع في وقت معين وفي مكان معين‪ ،‬والتي تضمن الدولة حمايتها‪.2‬‬
‫تعتبر األخالق الع امة بهذا المعنى فكرة نسبية تتغير بتغير ظروف الزمان والمكان‪ ،‬بل‬
‫وحتى بالعادات والتقاليد السائدة في منطقة معينة‪ .‬والمثال على ذلك العالقات الجنسية غير‬
‫المشروعة أو ما يصطلح عليه بالدعارة‪ ،‬فهي مخالفة لآلداب واألخالق العامة وللدين‬
‫اإلسالمي ومعاقب عليها قانونا‪ .‬وهنا نالحظ أن سلطات الضبط اإلداري من خالل خلية‬
‫شرطة اآلداب تسهر على صيانة المجتمع من هذه اآلفة التي تمس بمبادئ وأخالق المجتمع‬
‫الجزائري باعتباره مجتمع متدين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- CASTAGNE Jean, op.cit, p37.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- LAJOIS Jean Louis, op.cit, p 475‬‬

‫‪31‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫بالرجوع إلى التشريع الجزائري نجد هناك عدة قوانين تتعلق بمجال الضبط اإلداري‪،‬‬
‫فالمادة ‪ 062‬الفقرة األولى من القانون البلدي لعام ‪ 9132‬نصت على أن‪ " :‬رئيس المجلس‬
‫الشعبي البلدي مكلف على وجه الخصوص لتحقيق النظام‪ ،‬األمن‪ ،‬السالمة‪ ،‬والصحة العامة‬
‫بما يلي‪":‬‬
‫‪ -‬المحافظة على اآلداب العامة‪.".....‬‬
‫كما أكد المشرع الجزائري على تكليف هيئة الضبط اإلداري البلدي بالتزام حماية‬
‫وصيانة اآلداب العامة‪ ،‬وذلك في المادة ‪ 94‬من المرسوم رقم ‪ 232-99‬المتعلق بصالحيات‬
‫رئيس المجلس الشعبي البلدي فيما يخص الطرق والنقاوة والطمأنينة العمومية‪ ،‬والتي جاء‬
‫فيها‪ " :‬يتخذ وينفذ رئيس المجلس الشعبي البلدي في إطار التنظيم المعمول به‪ ،‬كل‬
‫اإلجراءات التي من شأنها أن تضمن حسن النظام واألمن العمومي‪ ،‬وكذلك الحفاظ على‬
‫الطمأنينة واآلداب العامة‪ .‬كما يجب عليه أن يقمع كل عمل من شأنه أن يخل بذلك‪".‬‬
‫إن حماية اآلداب العامة ليس التزام على سلطات الضبط اإلدارية العامة فقط‪ ،‬بل حتى‬
‫سلطات الضبط اإلداري الخاصة نصيب من ذلك‪ ،‬ولقد أشار المشرع إلى ذلك في العديد من‬
‫القوانين الخاصة نذكر على سبيل المثال قانون رقم ‪ 26/0222‬المحدد للقواعد العامة‬
‫المتعلقة بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬إذ تنص المادة ‪ 24‬منه على انه‪ :‬تسهر‬
‫الدولة في أطار الصالحيات المرتبطة بمهامها العامة بالخصوص على‪:‬‬
‫‪ °‬احترام األحكام المقررة في مجال الدفاع الوطني واآلمن العمومي‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ °‬احترام مبادئ اآلداب العامة‪."...‬‬
‫كما أكد القانون العضوي المتعلق باإلعالم على أهمية عدم المساس باألخالق العامة‬
‫من قبل كل من يتدخل في مجال االعالم‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 10‬على أنه‪ ":‬زيادة على‬
‫األحكام الواردة في المادة ‪ 0‬من هذا القانون العضوي‪ ،‬يجب على الصحفي على‬
‫الخصوص‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ °‬اإلمتناع عن نشر أو بث صور أو أقوال تمس بالخلق العام أو تستفر مشاعر المواطن"‪.‬‬

‫‪ -1‬قانون رقم ‪ 26-0222‬مؤرخ في ‪ 22‬أوت ‪ ،0222‬يحدد القواعد العامة المتعلقة بالبريد والمواصالت السلكية‬
‫والالسلكية‪ ،‬ج ر العدد ‪ 49‬الصادرة في ‪ 22‬أوت ‪.0222‬‬

‫‪32‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫إن اآلداب واألخالق العامة التي تتكفل سلطات الضبط اإلداري بحمايتها‪ ،‬هي تلك‬
‫اآلداب العامة ذات المظهر الخارجي التي يجب أن يتحلى بها الفرد اتجاه الجماعة‪ ،‬سواء‬
‫أدى اإلخالل بها بالفعل أو الكلمة أو اللباس أو الصورة إلى إلحاق الضرر بالطابع المادي‬
‫للنظام العام‪ ،‬كفالة للحياة المادية والمعنوية للجماعة‪ ،‬وال دخل لسلطات الضبط اإلداري في‬
‫أخالق الشخص اتجاه نفسه‪ .‬فتلك تخضع لدرجة إيمانه ومدى رقابة ضميره‪.2‬‬
‫وكمثال على ذلك‪ ،‬فإنه إذا كان من حق الفرد الخروج إلى اإللحاد وعدم اعتناق أي‬
‫دين‪ ،‬فإنه ليس من حقه في الدولة اإلسالمية الدعوة إلى اإللحاد وانكار الشرائع السماوية ألن‬
‫في ذلك مساسا بالدين اإلسالمي الحنيف‪ ،‬ومساسا بمبادئ وأخالق األمة اإلسالمية‪.‬‬
‫فممارسة حرية العقيدة المكرسة دستوريا تكون في إطار حماية اآلداب واألخالق العامة التي‬
‫يتمسك بها أفراد المجتمع‪.3‬‬
‫ومهما كان األمر‪ ،‬فإن للقاضي اإلداري سلطة تقديرية في تكيف العمل أو التصرف‬
‫الذي يأتيه الفرد ومدى مساسه باآلداب واألخالق العامة‪ ،‬وبالتالي يبرر اإلجراء اإلداري‬
‫الضبطي‪ .‬فالقاضي اإلداري يوازن ويوفق بين صيانة اآلداب العامة وبين ضرورة حماية‬
‫حرية المعتقد والتعبير‪.‬‬
‫إال أن المالحظ هو تراجع المشرع الجزائري عن موقفه هذا إثر تعديل قانون البلدية‬
‫بموجب القانون رقم ‪ 29-12‬المؤرخ في ‪ 22‬أفريل ‪ ،9112‬بحيث لم يدرج حماية اآلداب‬
‫العامة ضمن اختصاصات رئيس المجلس الشعبي البلدي عكس ما كان عليه سابقا‪ .‬كما‬
‫استقر على نفس الموقف في ظل قانون البلدية الحالي رقم ‪ 92-99‬المؤرخ في ‪ 00‬جوان‬
‫‪.0299‬‬
‫ونحن نعت قد أن هذا التراجع يفقد رئيس البلدية السند القانوني الذي يستند إليه في‬
‫ممارسة صالحياته كسلطة ضبط على مستوى البلدية قصد صيانة اآلداب العامة‪ .‬إال إذا‬

‫‪ -1‬قانون عضوي رقم ‪ 22-90‬مؤرخ في ‪ 90‬جانفي ‪ ،0290‬يتعلق باالعالم‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 0‬الصادرة في ‪92‬‬
‫جانفي ‪.0290‬‬
‫‪ -2‬عمور سيالمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ -3‬حمود حمبلي‪ ،‬حقوق اإلنسان بين النظم الوضعية و الشريعة اإلسالمية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،9112 ،‬‬
‫ص ‪.46‬‬

‫‪33‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫قلنا بكفاية نص المادة ‪ 94‬من المرسوم رقم ‪ 032 -99‬المشار إليه سابقا‪ .‬وما يؤكد قولنا‬
‫هو أن فكرة اآلداب واألخالق العامة فكرة نسبية تتغير من منطقة إلى أخرى‪ ،‬فإن هيئة‬
‫الضبط اإلداري البلدي أدرى من كل جهة أخرى‪ ،‬بالعادات والتقاليد والمبادئ التي يتمسك بها‬
‫أفراد الجماعة على المستوى المحلي‪.‬‬
‫ب‪ /‬النظام العام الجمالي"جمال الرونق والرواء"‪:‬‬
‫لقد كان مجلس الدولة الفرنسي حريصا على عدم الخروج عن األغراض المشار إليها‬
‫النظام الجمالي لم‬
‫سابقا‪ ،‬وذلك رغبة منه في تعزيز حماية الحريات العامة‪ .‬ولذا‪ ،‬فإن حماية ّ‬
‫الضبط اإلداري‪ ،‬وال يشكل عنصر من عناصر النظام‬‫يكن يعتبره من ضمن أغراض سلطات ّ‬
‫العام‪.‬‬

‫ولقد كان لمجلس الدولة الفرنسي فرصة للتأكيد على هذا الموقف وذلك من خالل ق ارره‬
‫‪ .1‬ولقد جاء في حيثيات هذا القرار أن‪....":‬‬ ‫‪Leroy‬‬ ‫المؤرخ في ‪ 24‬ماي ‪ 9109‬في قضية‬
‫السلطة القائمة على وظيفة الضبط اإلداري ال يحق لها أن تستهدف صون المظهر المنمق‬
‫والمحافظة على جمال الرواء‪ ،‬إال في الحاالت التي يرخص بها القانون بذلك بنصوص‬
‫قاطعة‪ ."...‬ونفس الموقف أكد عليه مجلس الدولة الفرنسي رافضا اعتبار الجمال الرونقي‬
‫‪2‬‬
‫من ضمن عناصر النظام العام وذلك في ق ارره الصادر بتاريخ ‪ 99‬فيفري ‪.9120‬‬
‫إال أن موقف مجلس الدولة الفرنسي تغير في فترة قصيرة‪ ،‬وذلك تحت تأثير المنظمات‬
‫والجمعيات المدافعة عن الجمال‪ ،‬بحيث يرى أنصارها أن الجمال يدخل ضمن مهام اإلدارة‬
‫التي تتكفل بحراسة الصالح العام‪ .‬ومما الشك فيه أن الجمال يعد من المصالح العامة للدولة‬
‫شأنه شأن الفن أو الثقافة‪ .‬فكل مساس به يكون اضطرابا في النظام يتعين المحافظة عليه‬
‫عن طريق وقاية الجمال‪.3‬‬

‫‪ -1‬محمود سعد الدين الشريف‪ "،‬النظرية العامة للبوليس اإلداري في مصر"‪ ،‬مجلة مجلس الدولة‪ ،‬القاهرة‪ ،9129 ،‬ص‬
‫‪.010‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- C.E, 18 fevrier 1972, arrêt Chambre Syndicat des entreprises artisanales du bâtiment de la haute Garonne,‬‬
‫‪in http://www.legifrance.gouv.fr‬‬
‫‪Voir aussi C.E, 09-07-1975, Commune de Janvry, in http://www.legifrance.gouv.fr‬‬
‫‪ -3‬سكينة عزوز‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.62‬‬

‫‪34‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫ومن أهم الق اررات التي أصدرها مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬والتي أكد فيها على اعتبار‬
‫حماية الجمال عنص ار من عناصر النظام العام‪ ،‬ومن ثمة يدخل في نطاق أغراض سلطات‬
‫الضبط اإلداري‪ ،‬ق ارره المؤرخ في ‪ 92‬أكتوبر ‪ 9163‬في قضية إتحاد نقابات المطابع و‬
‫النشر بباريس‪.1‬‬
‫تتلخص وقائع هذه القضية في أن مدير ضبط مدينة السين أصدر قرار إداريا ضبطيا‬
‫يتضمن حظر توزيع اإلعالنات"‪ "Prospectus‬على المارة في الطرقات العامة خشية إلقاؤها بعد‬
‫تصفحها‪ ،‬فيشوه هذا اإللقاء مظهر الطرقات و يفض من جمال روائها وأناقة مظهرها‪.‬‬
‫وعلى إثر ذلك‪ ،‬طعن إتحاد نقابات المطابع والنشر بباريس ضد هذه الالئحة أمام مجلس‬
‫الدولة طالبا إلغاءها لتجاوزها األغراض المحدودة الموكلة لسلطات الضبط اإلداري لتحقيقها‪،‬‬
‫اعتمادا على السوابق القضائية التي صدرت عن مجلس الدولة في هذا الشأن‪.‬‬
‫الضبط‬
‫إال أن مجلس الدولة سلم في ق ارره المؤرخ في ‪ ،9163 -92 -06‬بحق هيئات ّ‬
‫اإلداري في إصدار لوائح من هذا القبيل‪ ،‬تحمي جمال مظهر الطرقات وتحافظ على حسن‬
‫األحياء السكنية‪.‬‬
‫يتضح من خالل هذا القرار‪ ،‬أن القاضي اإلداري الفرنسي وسع من مضمون النظام‬
‫العام ليشمل الجمال باعتباره غرضا من أغراض سلطات الضبط اإلداري‪ ،‬استجابة لتزايد‬
‫متطلبات أفراد المجتمع التي ما ظلت تطالب بضرورة تدخل الدولة من أجل حمايته‬
‫وصيانته‪.‬‬
‫والى جانب هذا‪ ،‬فإن المشرع الفرنسي ساير موقف القضاء‪ ،‬وهذا بإدماج الجمال في‬
‫المجال القانوني‪ ،‬عن طريق إحداث العديد من أنواع البوليس الخاص تتكفل بحماية الجمال‪.‬‬
‫كما أن حماية الجمال يدخل في إطار سياسة عامة تتعلق بحماية البيئة التي أصبحت تشغل‬
‫مرك از هاما في إطار إنشغالت الدولة‪.‬‬
‫وكمثال على ذلك‪ ،‬فإن المادة ‪ 22‬من القانون المؤرخ في ‪ 90‬أفريل ‪ 9146‬المتعلق‬
‫تنص على أن‪ ":‬للمحافظ سلطة منع وتنظيم‬ ‫"‪،"Police de l’affichage‬‬ ‫بشرطة الملصقات‬

‫‪ -1‬محمود سعد الدين الشريف‪ "،‬النظرية العامة للبوليس اإلداري في مصر" المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.010‬‬

‫‪35‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫اإلشهار على مستوى الطرق السريعة قصد حماية جمال المناطق التي يعبرها‪ .‬كما يمكن‬
‫للمحافظ أن ينظم اإلشهار عن طريق الملصقات في كل أو جزء من إقليم البلدية‪.1"...‬‬
‫أما المشرع الجزائري‪ ،‬فإنه لم يخرج على هذا االتجاه‪ ،‬بل ساير هذا التطور وأعتبر‬
‫الجمال عنص ار من عناصر النظام العام‪ ،‬تتكفل سلطات الضبط اإلداري بحمايته وصيانته‪.‬‬
‫وهذا ما يظهر جليا من خالل استعراض أحكام المرسوم رقم ‪ 032-99‬المؤرخ في ‪ 92‬أفريل‬
‫‪ 9199‬المتعلق بصالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي في مجال الطرق والنقاوة‬
‫والطمأنينة العمومية‪.‬‬
‫فالمادة ‪ 20‬الفقرة السادسة تنصص على أنه‪ ...":‬يقوم فضال عن ذلك بتجميل الطرق وينشئ‬
‫في المناطق الحضرية‪ ،‬مساحات للراجلين‪.".‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 24‬على أنه‪ " :‬يسهر رئيس المجلس الشعبي البلدي على إنارة الطرق‬
‫العمومية وصيانة شبكة اإلنارة‪ .‬ويسهر باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬على تشذيب المغروسان‬
‫وتصفيفها‪ ،‬وكذا إنشاء وصيانة المساحات الخضراء‪ ،‬الحدائق العمومية وحظائر التسلية‪".‬‬
‫أما المادة ‪ 29‬الفقرة ‪ 29‬فإنها نصت على أنه‪ ..." :‬يسهر على نظافة البلدية وتجميلها‪".‬‬
‫يتضح من خالل استعراض هذه المواد‪ ،‬مدى األهمية التي أوالها المشرع الجزائري‬
‫لحماية النظام العام الجمالي‪ ،‬وذلك بتكليف هيئة الضبط اإلداري البلدي باتخاذ كافة التدابير‬
‫الوقائية الالزمة من أجل ضمان نظافة وجمال البلدية‪.‬‬
‫وأكثر من ذلك‪ ،‬فإن المشرع الجزائري ألزم سلطة الضبط اإلداري البلدي باتخاذ كافة‬
‫التدابير الضرورية من أجل حماية البيئة وتحسينها‪ .‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 92‬من‬
‫المرسوم المشار إليه أعاله‪ ،‬حيث جاء فيها‪ ":‬يتخذ رئيس المجلس الشعبي البلدي كل‬
‫اإلجراءات التي من شأنها أن تحمي البيئة وتحسنها‪.‬‬
‫يضبط إثر مداولة المجلس الشعبي البلدي كل اإلجراءات التي يمكن أن تشجع إنشاء كل‬
‫منظمة أو جمعية لحماية البيئة وتطويرها وتحسين نوعية حياة المواطن‪ ،‬والقضاء على‬
‫التلوث واألضرار‪ ،‬ويسهر على تنفيذ هذه اإلجراءات"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- BIBANDA Antoine, «Quelques exemples de polices administratives spéciales », In La police administrative‬‬
‫‪existe- t-elle ?, In La police administrative existe-t-elle ?, sous la direction de LINOTTE Didier, Edition‬‬
‫‪Economica, Paris, 1985, p 134.‬‬

‫‪36‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫ومن أجل بلوغ هذه الغاية‪ ،‬عمد المشرع الجزائري إلى إصدار القانون رقم ‪26-96‬‬
‫المؤرخ ‪ 22‬فيفري ‪ 9196‬المتعلق بحماية البيئة‪ ،‬حيث حدد فيه الجهات المكلفة بحماية‬
‫البيئة‪ ،‬واإلجراءات التي يجب اتخاذها‪ ،‬وهذا تحت رعاية الوزير المكلف بالبيئة وتهيئة‬
‫العمران‪ .‬وحسب المادة ‪ 22‬من هذا القانون‪ ،‬فإن المجموعات المحلية تعد المؤسسات‬
‫الرئيسية لتطبيق تدابير حماية البيئة‪.1‬‬
‫أصبحت حماية البيئة في الجزائر تشغل مرك از هاما في انشغاالت الحكومة‪ ،‬إذ تتولى‬
‫و ازرة البيئة وتهيئة العمران‪ ،‬وذلك عن طريق مختلف الهيئات المنشأة لهذا الغرض‪ ،‬سواء‬
‫على المستوى الوطني أو المحلي‪ ،‬باتخاذ كافة اإلجراءات الوقائية من أجل تحقيق التوازن‬
‫الضروري الذي تتطلبه التنمية االقتصادية‪ ،‬والحفاظ على إطار معيشة السكان وتحسين‬
‫نوعيتها‪.‬‬
‫وما يثبت هذا التوجه هو ما تضمنه القانون رقم ‪ 92-26‬المتعلق بحماية البيئة في‬
‫اطار التنمية المستدامة‪ ،2‬والذي نص في المادة ‪ 0‬على جملة من االهداف من بينها الوقاية‬
‫من كل أشكال التلوث البيئي واألضرار الملحقة بالبيئة‪ ،‬وذلك بضمان الحفاظ على مكوناتها‪.‬‬
‫كما أكد المشرع الجزائري من خالل هذا القانون على األهمية القصوى الممنوحة للبيئة من‬
‫خالل تحديد المبائ التي تقوم عليه ا السياسة الوطنية لحماية البيئة منها مبدأ النشاط الوقائي‬
‫وتصحيح األضرار البيئية باألولوية عند المصدر‪ ،‬ومبدأ الحيطة‪ ،‬مبدأ الملوث الدافع‪ ،‬مبدأ‬
‫االعالم والمشاركة‪...‬الخ‪.‬‬
‫يترتب على ذلك‪ ،‬أن حماية البيئة بما فيها صيانة جمال المدن والطرقات‪ ،‬والمحافظة‬
‫على المساحات الخضراء والغابات‪ ،‬مسؤولية تقع على عاتق الدولة وذلك عن طريق سلطات‬
‫الضبط اإلداري العام‪ .‬والى جانب هذا‪ ،‬توجد أنواع عديدة من هيئات الضبط اإلداري‬
‫الخاص تتكفل بحماية النظام العام الجمالي‪ ،‬سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬كشرطة‬
‫الغايات‪ ،‬شرطة الشواطئ‪...‬الخ‪.‬‬

‫‪ -1‬للمزيد من التفاصيل‪ ،‬راجع القانون رقم ‪ 26 -96‬المؤرخ في ‪ 22‬فيفري ‪ 9196‬المتعلق بحماية البيئة‪ ،‬الجريدة الرسمية‪،‬‬
‫العدد ‪ 23‬الصادرة في ‪ 9‬نوفمبر ‪( 9196‬ملغى)‪.‬‬
‫‪ -2‬قانون رقم ‪ 92-26‬مؤرخ في ‪ 91‬جويلية ‪ ،0226‬يتعلق بحماية البيئة في اطار التنمية المستدامة‪ ،‬الجريدة الرسمية‪،‬‬
‫العدد ‪ 46‬الصادرة في ‪ 02‬جويلية ‪.0226‬‬

‫‪37‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫إلى جانب ذلك نجد قوانين عديدة تضمن حماية الجمال باعتباره من مقومات النظام‬
‫العام‪ ،‬فالمادة ‪ 29‬من القانون رقم ‪ 24-99‬المنظم للنشاط الترقية العقارية تنص على أنه‪":‬‬
‫يجب أن تسعى كل عملية تجديد عمراني إلى جمال اإلطار المبني وتحسين راحة‬
‫المستعملين وكذا مطابقته للمعايير العمرانية السارية"‪.‬‬
‫وتضيف المادة ‪ 92‬منه‪ ":‬يجب أن يؤخذ في الحسبان االنسجام المعماري والعمراني والطابع‬
‫الجمالي بالنسبة للمجموعة العقارية األصلية عند تصميم البناية أو البنايات التي تكون‬
‫‪1‬‬
‫موضوع عملية توسيع مشروع عقاري"‪.‬‬
‫إن حماية البيئة ال تستهدف صيانة النظام العام الجمالي فحسب‪ ،‬بل كذلك حماية‬
‫الصحة العمومية‪ ،‬وهذا بالحد والقضاء على كل مصادر التلوث الذي يشكل مصدر معظم‬
‫األوبئة واألمراض‪.‬‬
‫ومهما كانت الجهة المكلفة بصيانة النظام العام الجمالي من هيئات الضبط اإلداري‬
‫العام والخاص‪ ،‬فإن للقاضي اإلداري سلطة تقديرية كاملة في فحص مدى مالئمة اإلجراءات‬
‫المتخذة بفضل الرقابة التي يسلطها على اإلجراءات واألعمال الصادرة عن تلك الهيئات‪.‬‬
‫فالقاضي اإلداري يوازن بين مقتضات حماية وصيانة النظام العام الجمالي وبين متطلبات‬
‫المقررة والمضمونة لألفراد في قوانين الدولة ومنها حرية الصناعة‬
‫حماية الحقوق و الحريات ّ‬
‫والتجارة‪.‬‬
‫إن فرض رقابة مشددة على إجراءات الضبط اإلداري يؤدي حتما بسلطات الضبط‬
‫اإلداري إلى التحري بالحذر والمسؤولية‪ ،‬وبالتالي تفادي إساءة استعمال السلطة والتالعب في‬
‫األذواق واأللوان والميول‪.‬‬
‫أما بالنسبة للقضاء الجزائري فلقد أكد على حق اإلدارة في حماية النظام العام الجمالي‬
‫وذلك في العديد من المناسبات نذكر على سبيل المثال ق ارره الصادر بالتاريخ ‪ 92‬أفريل‬
‫‪ ،0226‬في قضية ( ه م) ضد بلدية حاسي مسعود والذي جاء فيه‪":‬‬
‫حيث اتضح لمجلس الدولة بعد االطالع على كل ما احتوى عليه ملف الدعوى من وثائق‬
‫ومستندات أنه حقيقة تحصل المستأنف على ترخيص من المستأنف عليها بوضع كشك‬

‫‪ -1‬قانون رقم ‪ 24-99‬مؤرخ في ‪ 92‬فيفري ‪ ،0299‬يحدد القواعد التي تنظم نشاط الترقية العقارية‪ ،‬ج ر العدد ‪94‬‬
‫الصادرة في ‪ 3‬مارس ‪.0299‬‬

‫‪38‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫جاهز بشرط أن يكون هذا األخير في حالة مالئمة ال تشوه المنظر العام واحترام قواعد‬
‫النظافة‪ .‬حيث أن اإلدارة لها سلطة الضبط اإلداري والمحافظة على جمالية عمران‬
‫‪1‬‬
‫البلدية‪....‬الخ"‪.‬‬
‫ج‪ /‬الكرامة اإلنسانية‪:‬‬
‫اعتبر مجلس الدولة الفرنسي في قرار حديث له أن احترام كرامة اإلنسان من النظام‬
‫العام‪ ،‬حيث قضى أن القرار الذي يمنع مصرحية تسيء إلى األقزام تمس بكرامة اإلنسان‪،‬‬
‫ويحق لإلدارة منعها حفاظا على النظام العام‪ .‬كما اعتبر مجلس الدولة احترام الكرامة‬
‫‪3‬‬
‫اإلنسانية عنص ار من عناصر النظام العام‪ 2‬في ق ارره المؤرخ في ‪ 02‬أكتوبر ‪. 9112‬‬
‫ومن جانب أخر‪ ،‬أكد المجلس الدستوري الفرنسي في ق ارره الصادر بتاريخ ‪ 02‬جويلية‬
‫‪ 9114‬على أن حماية كرامة اإلنسان ضد كل أشكال اإلستغالل يعد من ضمن المبادئ‬
‫ذات قيمة دستورية‪.4‬‬
‫أما في الجزائر فانه بالرجوع الى النصوص التشريعية نجد أن المشرع عبر في العديد‬
‫من النصوص القانونية صراحة عن موقفه في منه المساس بكرامة االنسان وبالتالي اعتبارها‬
‫من العناصر الموكونة لفكرة النظام العام‪ ،‬ونذكر على سبيل المثال نص المادة ‪ 9‬من‬
‫القانون رقم ‪ 96-92‬المتعلق بأنشطة وسوق الكتاب والتي جاء فيها‪ ":‬تمارس األنشظة‬
‫الخاصة بنشر الكتاب وطبعه وتسويقه في اطار احترام ما يأتي‪:‬‬
‫‪ °‬متطلبات األمن والدفاع الوطني‪ ،‬متطلبات النظام العام‪ ،‬كرامة اإلنسان والحريات الفردية‬
‫‪5‬‬
‫والجماعية‪."...‬‬

‫‪ -1‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 92249‬صادر بتاريخ ‪ 92‬أفريل ‪ ،0226‬قضية ( ه م) ضد بلدية حاسي مسعود‪ ،‬موسوعة‬
‫االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس الدولة‪ ،‬اإلصدار الرابع‪.0223 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Didier Truchet, L'autorité de police est elle libre d'agir?, in colloque intitulé : puissance publique ou‬‬
‫‪impuissance publique" organisé par le ministère de l'intérieure conjointement avec l'université Paris I, Panthéon‬‬
‫‪Sorbonne, les 08 et 09 février 1999 au Carrousel du Louvre, Pris, in A.J.D.A, 20 juillet/ 20 août 1999, n° spécial,‬‬
‫‪06.p 81.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- C.E, 27octobre 1995,Ville d'Aix en Provence et Commune de Morsang sur Orge,‬‬
‫‪in http://www.legifrance.gouv.fr‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- GUILLAUME-HOFNUNG Michèle, op.cit1, p 33.‬‬
‫‪ -5‬قانون رقم ‪ 96-92‬مؤرخ في ‪ 92‬جويلية ‪ ،0292‬يتعلق بأنشطة وسوق الكتاب‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد‪ 61‬الصادرة‬
‫بتاريخ ‪ 91‬جويلية ‪.0292‬‬

‫‪39‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫المحور الثاني‬
‫أنواع الضبط اإلداري‬
‫يصنف الضبط اإلداري إلى عدة تصنيفات مختلفة حسب المعيار الذي يؤخذ كأساس‬
‫للتصنيف‪ ،‬فيصنف الضبط استنادا للمحل إلى ضبط إداري عام وضبط إداري خاص‪،‬‬
‫واستنادا للمدى اإلقليمي إلى ضبط إداري وطني وضبط إداري محلي‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الضبط اإلداري العام والضبط اإلداري الخاص‬
‫يقصد بالضبط اإل داري العام الضبط الذي يهدف إلى المحافظة على النظام العام في‬
‫المجتمع بمختلف عناصره ومقوماته والمتمثلة أساسا في األمن العام‪ ،‬السكينة العامة‪ ،‬الصحة‬
‫العامة واآلداب العامة سواء على مستوى الدولة كلها أو على مستوى إحدى وحداتها‬
‫اإلقليمية‪.1‬‬
‫أما الضبط اإلداري الخا ص فهو الضبط الذي يهدف إلى المحافظة بصفة وقائية على‬
‫عنصر محدد على سبيل الحصر من عناصر النظام العام التقليدية المعروفة أو هدف أخر‬
‫من غير المقومات السابقة اإلشارة إليها كالضبط اإلداري الخاص بالسكك الحديدية والضبط‬
‫الخاص بالمالهي‪ ،‬الضبط الخاص بالمعالم األثرية‪...‬الخ‪ .2‬فمجال الضبط اإلداري الخاص‬
‫أوسع وال يمكن حصره سواء من حيث الهدف أو من حيث الجهات التي تمارسه‪.‬‬
‫يتضح من خالل هذين التعريفين أن ثمة عدة فروق بين الضبط اإلداري العام والخاص‬
‫يمكن حصرها فيمايلي‪:‬‬
‫‪ -‬أن الضبط اإلداري العام ينصرف إلى حماية النظام العام بمختلف عناصره‪ ،‬فهو بمثابة‬
‫الشريعة العامة في مجال الضبط اإلداري‪ ،3‬في حين الضبط اإلداري الخاص ينصب على‬
‫عنصر محدد من عناصر النظام العام التقليدية أو تحقيق هدف غير األهداف التقليدية‬
‫كحماية المواقع األثرية‪.‬‬

‫‪ -1‬خالد خليل الظاهر‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬


‫‪ -2‬نواف كعنان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.032‬‬
‫‪ -3‬مصطفى أبو زيد فهمي‪ ،‬الوسيط في القانون اإلداري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪،0222 ،‬‬
‫ص‪.043‬‬

‫‪40‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫‪ -‬يتولى الضبط اإلداري العام تنظيم أنشطة مختلفة ومتنوعة لمجموع األفراد‪ ،‬في حين يتولى‬
‫الضبط اإلداري الخاص تنظيم نشاط معين ومحدد على سبل الحصر‪ ،‬أو تنظيم نشاط‬
‫طائفة معينة من األفراد كاألجانب‪.‬‬
‫‪ -‬تتسم األحكام التشريعية التي تخول هيئات الضبط اإلداري العام السلطات والصالحيات‬
‫الضبطية بالعمومية والتجريد‪ ،‬فهي أحكام تشريعية واسعة وفضفاضة‪ ،‬وترد تلك الصالحيات‬
‫على سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬بينما تتضمن القوانين التي تتعلق بالضبط اإلداري الخاص‬
‫أحكاما تشريعية دقيقة ومحددة ومفصلة‪.1‬‬
‫ولقد أشار المشرع الجزائري إلى هذين النوعين من أنواع الضبط اإلداري وذلك في‬
‫المادة ‪ 24‬من المرسوم رقم ‪ 626-96‬التي نصت على أنه‪ ":‬يسهر الوالي على ممارسة‬
‫رؤساء المجالس الشعبية البلدية والوالئية‪ ،‬صالحياتهم في مجال الشرطة اإلدارية العامة‬
‫‪2‬‬
‫والمتخصصة"‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الضبط اإلداري الوطني والضبط اإلداري المحلي‬
‫يقصد بالضبط اإلداري الوطني تلك الهيئات التي منح لها المشرع صراحة سلطة اتخاذ‬
‫مجموعة من األعمال والق اررات اإلدارية بهدف حماية النظام العام بصفة وقائية على مستوى‬
‫كامل إقليم الدولة‪.‬‬
‫‪ /0‬الضبط اإلداري العام الوطني‪:‬‬
‫وتتمثل سلطات الضبط اإلداري العام الوطني في النظام اإلداري الجزائري فيمايلي‪:‬‬
‫أ‪ /‬رئيس الجمهورية‪:‬‬
‫لقد كان رئيس الجمهورية قبل سنة ‪ 9191‬يعد المسؤول الوحيد على الجهاز التنفيذي‬
‫باعتباره رئيسا للجمهورية ورئيسا للحكومة‪ ،‬ومن ثمة كان بمثابة الرئيس اإلداري األعلى‬
‫والوحيد للسلطة التنفيذية طبقا للمادة ‪ 924‬من دستور ‪ 9123-99-00‬التي جاء فيها‪":‬‬
‫يضطلع بقيادة الوظيفة التنفيذية رئيس الجمهورية‪ ،‬وهو رئيس الدولة"‪.‬‬

‫‪ -1‬علي خطار شطناوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.621‬‬


‫‪ -2‬مرسوم رقم ‪ 626 -96‬مؤرخ في ‪ 09‬ماي ‪ 9196‬يتعلق بسلطات الوالي في ميدان األمن والمحافظة على النظام‬
‫العام‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية‪ ،‬العدد ‪ 00‬الصادرة في ‪ 69‬ماي ‪.9196‬‬

‫‪41‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫وتضيف المادة ‪ 994‬على أنه‪ ":‬تمارس الحكومة الوظيفة التنفيذية بقيادة رئيس الجمهورية"‪.‬‬
‫رغم عدم وجود نص في الدستور يمنح بصفة صريحة لرئيس الجمهورية سلطة الضبط‬
‫اإلداري‪ ،‬إلى انه وبالنظر إلى مركزه وسلطته في تنظيم شؤون الدولة‪ ،‬فهو يتمتع بسلطات‬
‫واسعة السيما من خالل التشريع عن طريق التنظيم في المجالت غير المخصصة للسلطة‬
‫التشريعية في الظروف العادية‪ ،1‬كما له اتخاذ جملة من اإلجراءات المحددة في الدستور في‬
‫ضل الظروف اإل ستثنائية بهدف حماية الدولة بمختلف مؤسساتها وضمان اإلستقرار واألمن‪،‬‬
‫والمتمثلة أساسا في إعالن حالة الحصار وحالة الطوارئ‪ ،‬إعالن الحالة اإلستثنائية‪ ،‬إعالن‬
‫التعبئة العامة‪ ،‬إعالن الحرب‪.2‬‬
‫أما بعد صدور دستور ‪ 06‬فيفري ‪ 9191‬واحداث منصب رئيس الحكومة لم يعد رئيس‬
‫الجمهورية المسؤول الوحيد على الجهاز التنفيذي بل أصبح يتقاسما الصالحيات‬
‫واإل ختصاصات وفقا لما حدده الدستور السيما في مجال التنظيم حيث نصت المادة ‪993‬‬
‫من دستور ‪ 06‬فيفري ‪3 9191‬على انه‪ ":‬يمارس رئيس الجمهورية السلطة التنظيمية في‬
‫المسائل غير المخصصة للقانون‪ .‬يندرج تطبيق القانون في المجال التنظيمي الذي يعود‬
‫للوزير األول بعد موافقة رئيس الجمهورية"‪.‬‬
‫والى جانب السلطات التي يمارسها رئيس الجمهورية في الحاالت العادية بمقتضى‬
‫الوظيفة التنظيمية‪ ،‬فانه يتمتع بذات الصالحيات السابقة اإلشارة إليها في ضل الظروف‬
‫اإلستثنائية‪ .4‬ونشير إلى أن ق اررات رئيس الجمهورية تتخذ شكل مراسيم رئاسية‪.‬‬
‫أما في فرنسا فان ممارسة سلطة الضبط اإلداري العام الوطني باسم الدولة من‬
‫اختصاص رئيس الجمهورية‪ .‬ولقد أكد مجلس الدولة الفرنسي على ذلك في ق ارره الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 29‬أوت ‪ ،9191‬بقوله أنه من مهام رئيس الجمهورية خارج أي تفويض تشريعي بل‬
‫وفقا لسلطاته الخاصة اتخاذ إجراءات الضبط ذات التطبيق على مستوى كل إقليم الدولة‪.5‬‬

‫‪ -1‬انظر المادة ‪ 92/999‬من دستور‪.9123 -99-00‬‬


‫‪ -2‬انظر المواد ‪ 900-909-902 -991‬من دستور‪.9123-99-00‬‬
‫‪ -3‬تقابلها المادة ‪ 902‬من دستور ‪.9113 -99-09‬‬
‫‪ -4‬انظر المواد ‪ 93‬إلى ‪ 19‬من دستور ‪ ،9191-20-06‬والمواد من ‪ 19‬إلى ‪ 13‬من دستور ‪.9113 -99-09‬‬
‫‪5‬‬
‫‪-C.E, 08-08-1919, Labonne, in http://www.legifrance.gouv.fr‬‬

‫‪42‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫ولقد واصل مجلس الدولة تأكيده على سلطات رئيس الجمهورية في مجال الضبط‬
‫اإلداري في ظل الجمهورية الفرنسية الرابعة والخامسة السيما في ق ارره المؤرخ في ‪ 96‬ماي‬
‫‪1‬‬
‫‪ 9132‬في قضية ‪.SARL Restaurant Nicolas‬‬
‫غير أنه فيما بعد أصبح الوزير األول هو صاحب االختصاص األصيل في مجال الضبط‬
‫اإلداري العام الوطني وليس رئيس الدولة‪.‬‬
‫وفي مصر نجد أن الدستور المصري لسنة ‪ 9129‬نص صراحة على سلطة رئيس‬
‫الجمهورية في إصدار لوائح الضبط اإلداري وذلك في المادة ‪ 942‬التي جاء فيها‪ ":‬يصدر‬
‫رئيس الجمهورية لوائح الضبط"‪.‬‬
‫ب‪ /‬الوزير األول‪:‬‬
‫اشرنا سابقا أن الدستور لم يتعرض إلى سلطات الوزير األول في مجال الضبط‬
‫اإلداري‪ ،‬غير أن مشاركته لرئيس الجمهورية في مجال التنظيم طبقا للمادة ‪ 902‬الفقرة الثانية‬
‫تسمح له بإصدار جملة من الق اررات في شكل مراسيم تنفيذية‪ ،‬تتعلق بجانب معين من‬
‫جوانب النظام العام‪ ،‬كتحديد شروط ممارسة نشاط معين‪ ،‬أو الموصفات المطلوبة في عملية‬
‫عرض األغذية لالستهالك‪...‬الخ‪.‬‬
‫أما في فرنسا فقد أشار المجلس الدستوري إلى أن المادة ‪ 64‬من الدستور لم تسحب‬
‫من رئيس الحكومة صالحياته كسلطة ضبط عام التي كان يمارسها في السابق طبقا‬
‫‪2‬‬
‫لسلطاته الخاصة‪.‬‬
‫حسم الدستور الفرنسي لعام ‪ 9129‬مسألة االزدواجية التي كانت تطبع النظام اإلداري‬
‫ال فرنسي‪ ،‬والمشاكل التي قد تثور بشأن تنازع االختصاص من الناحية العملية بين رئيس‬
‫الجمهورية والوزير األول‪ ،‬حيث أصبح الوزير األول سلطة ضبط إداري عام بموجب المادة‬
‫‪ 09‬باعتباره المختص في ممارسة السلطة التنظيمية‪ ،‬أما رئيس الجمهورية فيتمتع بسلطات‬
‫ضبطية واسعة إذا ما حلت ظروف استثنائية طبقا للمادة ‪ 93‬من الدستور‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-C.E, 13 mai 1960, arrét SARL Restaurant Nicolas, in http://www.legifrance.gouv.fr‬‬
‫‪-C.E, 02 maai 1973, arrét Association Culturelle des Israélites Nord Africains de Paris,‬‬
‫‪in http://www.legifrance.gouv.fr‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-C.C, 20 fevrier 1987, Code rural R22. in http://www.conseil-constitutionnel.fr‬‬

‫‪43‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫ج‪ /‬الوزراء‪:‬‬
‫األصل أن الوزراء ال يشكلون سلطة ضبط إداري عام‪ ،‬وال يحق لهم إصدار ق اررات‬
‫إدارية تنظيمية نافذة على كامل التراب الوطني إال بناء على تفويض صريح‪ ،‬بحيث تعود‬
‫أساسا لرئيس الجمهورية ولرئيس الحكومة‪ 1‬كما وضحنا سابقا‪.‬‬
‫لكن يمكن أن يكونوا سلطة ضبط إداري خاص على أساس أن القانون عادة ما يمنح‬
‫لبعض الوزراء سلطة إصدار بعض الق اررات التنظيمية المرتبطة بقطاع و ازراته‪ .‬ففي فرنسا‬
‫نجد أن وزير الداخلية يتمتع بسلطات الضبط اإلداري في مجال المنشورات األجنبية‬
‫طبقا للقانون الصادر بتاريخ ‪ 01‬جويلية ‪.9999‬‬ ‫(‪)Publication étrangères‬‬

‫كالسلطة التي تتمتع بها وزيرة الثقافة في مجال حماية المعالم األثرية‪ ،‬أو السلطة التي يتمتع‬
‫بها وزير الصحة في اتخاذ جملة من اإلجراءات من اجل حماية الصحة العمومية‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 99‬من األمر رقم ‪ 49-22‬على انه‪ ":‬يجوز لوزير الداخلية أن يأمر لنفس‬
‫السبب بإغالق هذه المحالت لمدة تتراوح بين ستة أشهر وسنة واحدة‪.‬‬
‫وعند االقتضاء‪ ،‬تحسم مدة اإلغالق المقرر من الوالي من مدة اإلغالق الصادر من‬
‫‪2‬‬
‫الوزير"‪.‬‬
‫ونشير إلى أن وزير الداخلية يتميز على غيره من الوزراء وذلك لكونه المسؤول‬
‫المباشر على أجهزة األمن‪ ،‬مما يسمح له بممارسة وظيفة الضبط بصفة غير مباشرة‪ .‬ضف‬
‫إلى ذلك‪ ،‬فهو الرئيس السلمي للوالة‪ ،3‬مما يسمح له بإصدار التعليمات واألوامر التخاذ‬
‫إجراءات معينة بهدف حماية النظام العام‪.‬‬
‫‪ /6‬الضبط اإلداري العام المحلي‪:‬‬
‫يقصد الضبط اإلداري العام المحلي تلك الهيئات التي حدد لها المشرع بصفة صريحة‬
‫حدود اختصاصها اإلقليمي‪ ،‬والمتمثلة أساسا في الوالي ورئيس المجلس الشعبي البلدي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- MAHIOU Ahmed, cours d’institutions administratives, 3éme EDITION, Office Des Publication Universitaires,‬‬
‫‪Alger, 1981, p 274.‬‬

‫‪ -2‬أمر رقم ‪ 49-22‬مؤرخ في ‪ 92‬جويلية ‪ ،9122‬يتعلق باستغالل محالت بيع المشروبات‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد ‪22‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪ 99‬جويلية ‪.9122‬‬
‫‪ -3‬ناصر لباد‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬التنظيم اإلداري‪ -‬النشاط اإلداري‪ ،‬مطبعة لباد‪ ،0223 ،‬ص ‪.929‬‬

‫‪44‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫أ‪ /‬الوالي‪:‬‬
‫يعد الوالي سلطة ضبط إداري عام وخاص على المستوى المحلي طبقا للمادة ‪ 994‬من‬
‫قانون رقم ‪ 22-90‬المتعلق بالوالية والتي جاء فيها‪ ":‬الوالي مسؤول عن المحافظة على‬
‫النظام واألمن والسالمة والسكينة العامة"‪.‬‬
‫يجب على الوالي طبقا لهذه النص أن يتخذ كل اإلجراءات التي يراها ضرورية لصيانة‬
‫النظام العام بصفة وقائية على مستوى إقليم الوالية‪ .‬بل يمكنه أن يتخذ جملة من الق اررات‬
‫بهدف تنظيم بعض النشاطات التي لم تحض بالتنظيم من طرف المشرع‪ ،‬واتخاذ اإلجراءات‬
‫الالزمة لحماية المواطنين في صحتهم كاإلجراءات الهادفة إلى الوقاية من األوبئة بمختلف‬
‫أشكالها‪ .‬كما يهتم بتنظيم بعض النشاطات كمنح رخص الصيد على مستوى شواطئ الوالية‪.‬‬
‫يمكن للوالي كذلك أن يحل محل رؤساء المجالس الشعبية البلدية في حالة ما إذ هدد‬
‫النظام العام في بلديتين أو عدة بلديات متجاورة‪ ،‬أو في حالة تقاعسهم أو امتناعهم عن‬
‫اتخاذ اإلجراءات الالزمة بهدف حماية النظام العام بعد إخطارهم وانذارهم‪ ،‬وذلك على حساب‬
‫البلدية المعنية‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 922‬من القانون رقم ‪ 92-99‬المتعلق بالبلدية على انه‪ ":‬يمكن الوالي أن‬
‫يتخذ‪ ،‬بالنسبة لجميع بلديات الوالية أو بعضها‪ ،‬كل اإلجراءات المتعلقة بالحفاظ على األمن‬
‫‪1‬‬
‫والنظافة والسكينة العمومية وديمومة المرفق العام‪ ،‬عندما ال تقوم السلطات البلدية‪."...‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 92‬من األمر رقم ‪ 49-22‬على سلطة الوالي في مجال حماية النظام‬
‫العام والتي جاء فيها‪ ":‬يمكن األمر بغلق محالت بيع المشروبات والمطاعم بموجب قرار‬
‫صادر عن الوالي وذلك لمدة ال تتجاوز ‪ 23‬أشهر‪ ،‬إما من جراء مخالفة القوانين واألنظمة‬
‫‪2‬‬
‫المتعلقة بهذه المحالت واما بقصد المحافظة على النظام أو الصحة أو اآلداب العامة"‪.‬‬
‫ونشير كذلك إلى نص المادة األولى من المرسوم رقم ‪ 626-96‬المؤرخ في ‪-22-09‬‬
‫النظام العام‪ ،‬الجريدة‬
‫‪ 9196‬المتعلق بسلطات الوالي في ميدان األمن و المحافظة على ّ‬
‫الرسمية للجمهورية الجزائرية‪ ،‬العدد ‪ 9196-00‬التي جاء فيها‪ ":‬عمال بالمواد ‪ 922‬وما‬

‫‪ -1‬راجع المادتين ‪ 922‬و ‪ 929‬من القانون رقم ‪ 92-99‬المتعلق بالبلدية‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪ -2‬أمر رقم ‪ 49-22‬المؤرخ في ‪ 92‬جويلية ‪ 9122‬يتعلق باستغالل محالت بيع المشروبات‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫يليها من قانون الوالية يجسم الوالي سلطة الدولة على صعيد الوالية ويتخذ في إطار القوانين‬
‫والتنظيمات المعمول بها‪ ،‬جميع اإلجراءات التي من شأنها أن تضمن في كل الظروف‪،‬‬
‫السلم واالطمئنان والنظافة العمومية"‪.‬‬
‫كذلك نصت المادة ‪ 3‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 962-22‬المؤرخ في ‪ 91‬جوان ‪0222‬‬
‫المحدد لشروط وكيفيات سير التظاهرات الدينية لغير المسلمين على انه‪ ":‬يمكن الوالي منع‬
‫‪1‬‬
‫كل تظاهرة تشكل خط ار على حفظ النظام العام وبشعر المنظمين بذلك"‪.‬‬
‫وكما يعد الوالي سلطة رقابية على رؤساء المجالس الشعبية البلدية في هذا المجال‪ ،‬إذ‬
‫نصت المادة ‪ 24‬من مرسوم ‪ 626-96‬على انه‪ ":‬يسهر الوالي على ممارسة رؤساء‬
‫والوالئية‪ ،‬صالحياتهم في مجال الشرطة اإلدارية العامة‬ ‫المجالس الشعبية البلدية‬
‫والمتخصصة‪.‬‬
‫يحل عند الحاجة‪ ،‬محل رئيس المجلس الشعبي البلدي المقصر‪ ،‬ويتخذ أي إجراء ذي طابع‬
‫تنظيمي أو فردي ناتج عن تطبيق القوانين والتنظيمات المعمول بها وتستدعيه الوضعية‬
‫المطلوب عالجها"‪.‬‬
‫ونشير إلى أن لرئيس الدائرة تحت سلطة الوالي سلطة اتخاذ اإلجراءات الالزمة لحماية‬
‫النظام على مستوى الدائرة وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 02‬من مرسوم ‪ 626 -96‬التي جاء‬
‫فيها‪ ":‬يسهر رئيس الدائرة تحت سلطة الوالي على تطبيق القوانين والتنظيمات وعلى حسن‬
‫سير المصالح اإلدارية والتقنية في دائرته‪ .‬كما يسهر بمساعدة مصالح األمن على حفظ‬
‫النظام العام وعلى امن األمالك واألشخاص في الدائرة‪ .‬ولهذا الغرض‪ ،‬يجب على مصالح‬
‫األمن في الدائرة أن تعلمه بأي حدث يقع في الدائرة وتكون لها عالقة بالنظام العام واألمن"‪.‬‬
‫أما بالنسبة للقضاء االداري الجزائري فقد أكد في العديد من المناسبات على سلطات‬
‫الوالي في مجال الضبط اإلداري‪ ،‬ونذكر على سيل المثال ق ارراه الصادر بتاريخ ‪-90-93‬‬
‫‪ 0226‬في قضية ( ن ع) ضد ( ك خ) ومن معه حيث جاء فيه‪ ....":‬وان والي والية‬
‫معسكر ال يمكنه تجاهل تقرير التحقيق الذي سجلت فيه عدة معارضات وارضاء مواطن‬

‫‪ -1‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 962-22‬مؤرخ في ‪ 91‬جوان ‪ ،0222‬يحدد شروط وكيفيات سير التظاهرات الدينية لغير‬
‫المسلمين‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 66‬الصادرة في ‪ 02‬ماي ‪.0222‬‬

‫‪46‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫على حساب عدة مواطنين آخرين إذ أن الوالي وبصفته ممثال للدولة طبقا للمادة ‪ 10‬من‬
‫القانون رقم ‪ 21-12‬المؤرخ في ‪ 9112-24-22‬المتعلق بالوالية فهو مسؤول كذلك من‬
‫المحافظة على النظام والسالمة والسكينة العامة طبقا للمادتين ‪ 12‬و ‪ 13‬من القانون رقم‬
‫‪1‬‬
‫‪."....21/12‬‬
‫ب‪ /‬رئيس المجلس الشعبي البلدي‪:‬‬
‫يعتبر رئيس المجلس الشعبي البلدي سلطة ضبط إداري عام وخاص على مستوى‬
‫البلدية باعتباره ممثال للدولة طبقا للمادة ‪ 99‬من قانون ‪ 92-99‬المتعلق بالبلدية والتي جاء‬
‫فيها‪ ":‬يقوم رئيس المجلس الشعبي البلدي تحت اشراف الوالي ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬السهر على النظام واألمن والسكينة والنظافة العمومية‪،‬‬
‫‪ -‬السهر على حسن تنفيذ التدابير االحتياطية والوقاية والتدخل في مجال اإلسعافات‪."...‬‬
‫كما حددت المادة ‪ 14‬من ذات القانون اإلجراءات التي يلتزم رئيس المجلس الشعبي البلدي‬
‫اتخاذها في إطار احترام حقوق وحريات المواطنين نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -‬السهر على المحافظة على النظام العام وأمن األشخاص والممتلكات‪،‬‬
‫‪ -‬التأكد من الحفاظ على النظام العام في كل األماكن العمومية التي تجري فيها تجمع‬
‫األشخاص‪ ،‬ومعاقبة كل مساس بالسكينة العمومية وكل األعمال التي من شأنها اإلخالل بها‬
‫‪...‬الخ‪.‬‬
‫يتضح جليا أن صالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي باعتباره ممثال للدولة واسعة‬
‫إذ تشمل إلى جانب السهر على تنفيذ القوانين والتنظيمات عبر كامل تراب البلدية‪ ،‬اتخاذ كل‬
‫ما من شانه أن يضمن امن وسالمة وصحة المواطن‪ .‬ونشير في هذا الصدد أن رئيس‬
‫المجلس الشعبي البلدي يمكنه االستعانة بهدف ضمان حماية النظام العام بكل مقوماته‬
‫بعناصر شرطة البلدية‪ ،‬وقوات الشرطة والدرك الوطني المختصة إقليميا‪.‬‬
‫كما تم النص على سلطات رئيس المجلس الشعبي البلدي في مجال الضبط اإلداري‬
‫في المرسوم رقم ‪ 032-99‬المؤرخ في ‪ 92‬أكتوبر ‪ 9199‬يتعلق بصالحيات رئيس المجلس‬

‫‪ -1‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 92923‬الصادر بتاريخ ‪ ،0226-90-93‬قضية ( ن ع) ضد ( ك خ) ومن معه‪ ،‬موسوعة‬
‫االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس الدولة‪ ،‬اإلصدار الرابع‪.0223 ،‬‬

‫‪47‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫الشعبي البدي فيما يخص الطرق والنقاوة والطمأنينة العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد ‪-49‬‬
‫‪.9199‬‬
‫المادة األولى‪ :‬يحدد هذا المرسوم صالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي في مجال الطرق‬
‫والنقاوة والطمأنينة العمومية"‪.‬‬
‫كما نجد قوانين عديدة تمنح الصالحية لرئيس المجلس الشعبي البلدي لحماية عنصر‬
‫من عناصر النظام العام‪ ،‬فالفقرة الثانية من المادة ‪ 91‬من القانون رقم ‪ 92-26‬المتعلق‬
‫بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة تنص على أنه‪ ... ":‬ويخضع لتصريح لدى رئيس‬
‫المجلس الشعبي البلدي المعني‪ ،‬المنشات التي ال تتطلب إقامتها دراسة تأثير وال موجز‬
‫‪1‬‬
‫تأثير‪."...‬‬
‫كما أكد القاضي اإلداري الجزائري على سلطات رئيس المجلس الشعبي البلدي في‬
‫مجال الضبط اإلداري‪ ،‬حيث أكد في ق ارره الصادر بتاريخ ‪ 93‬سبتمبر ‪ 0226‬على انه‪...":‬‬
‫حيث انه يستخلص من معطيات الملف أن القرار المراد إبطاله يدخل ضمن صالحيات‬
‫رئيس المجلس الشعبي البلدي في إطار أعمال الضبط اإلداري المخولة له من اجل‬
‫‪2‬‬
‫المحافظة على النظام العام واآلمن العام والصحة العامة بموجب مداوالته‪."....‬‬
‫كما أشار القضاء اإلداري الجزائري إلى دور البلدية في مجال حماية النظام العام في‬
‫ق ارراه الصادر بتاريخ ‪ ،0229-26-91‬حيث جاء فيه‪ ...":‬حيث أن قضاة المجلس غير‬
‫ملزمين بذكر ق ارراهم النصوص القانونية ما داموا أشاروا إلى المبدأ العام في القانون وفي‬
‫الفقه اإلداري‪ ،‬أن البل دية مكلفة بحماية مواطنيها في أرواحهم وممتلكاتهم وذلك باتخاذ‬
‫‪3‬‬
‫اإلجراءات الوقائية الالزمة والمعروفة بأعمال الضبط اإلداري‪."...‬‬

‫‪ -1‬قانون رقم ‪ 92-26‬المؤرخ في ‪ 91‬جويلية ‪ 0226‬المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -2‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 99340‬المؤرخ في ‪ ،0226-21-93‬قضية ( ر ع) ضد بلدية العلمة ومن معها‪ ،‬موسوعة‬
‫االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس الدولة‪ ،‬اإلصدار الرابع‪.0223 ،‬‬
‫انظر كذلك‪ :‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 1399‬الصادر بتاريخ ‪ 0226-24-92‬قضية ( ع ب) ضد رئيس بلدية سور‬
‫الغزالن‪ ،‬موسوعة االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس الدولة ‪ ،‬اإلصدار الرابع‪.0223،‬‬
‫‪ -3‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 0999‬الصادر بتاريخ ‪ ،0229-26-91‬قضية المجلس الشعبي البلدي لبلدية بورج بوعريريج‬
‫ضد ( ف ب) ومن معه‪ ،‬موسوعة االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس الدولة‪ ،‬اإلصدار‬
‫الرابع‪.0223 ،‬‬

‫‪48‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫غير أن السؤال الذي يطرح في هذا امجال ما هو الحل في حالة ازدواجية التدخل بين‬
‫سلطات الضبط االداري؟‬
‫إن هذه االزدواجية قد تؤدي من الناحية العملية إلى تداخل في الصالحيات مما قد يثير‬
‫عدة مشاكل من الناحية العملية‪ .‬ومن اجل تفادي ذلك فان مجلس الدولة الفرنسي حدد‬
‫كيفيات تعايش هاتين الهيئتين‪ ،‬وذلك بقوله انه في حالة تداخل بين هيئتين عامين فانه يمكن‬
‫لسلطة الضبط اإلداري العام المحلية أن تشدد في إجراء سبق وان اتخذته سلطة ضبط إداري‬
‫عام عليا‪ .‬وهذا ما أكده مجلس الدولة في قرار الصادر بتاريخ ‪ 99‬أفريل ‪ ،9120‬حيث‬
‫على مستوى الوالية‪ ،‬مع إمكانية الحصول‬ ‫(‪)les jeux d'argent‬‬ ‫اصدر الوالي قرار بمنع القمار‬
‫على ترخيص من وزير الداخلية‪ ،‬ثم اصدر رئيس البلدية قرار أشد يتمثل في منع القمار‬
‫‪1‬‬
‫بصفة مطلقة على كل إقليم البلدية بسبب ظروف محلية ‪.‬‬
‫أما في حالة وجود تداخل بين سلطة ضبط إداري عام مع سلطة ضبط إداري خاص‪،‬‬
‫فان األولى يمكن لها أن تشدد من إجراء هو في األصل من اختصاص الثانية‪ .‬فلقد قضى‬
‫بمشروعية القرار‬ ‫(‪)Lutetia‬‬ ‫مجلس الدولة الفرنسي في ق ارره في قضية شركة أفالم لوتيسيا‬
‫الذي اتخذه رئيس البلدية في إطار ممارسة سلطاته كسلطة ضبط إداري عام وذلك بمنع‬
‫عرض فيلم قد سبق وان تحصل على ترخيص أو تأشيرة من قبل سلطة الضبط المخول لها‬
‫ضبط السينما‪ .‬والسبب الذي دفع مجلس الدولة في هذا القرار إلى قبول تشديد سلطة الضبط‬
‫‪2‬‬
‫العام إلجراء قد سبق وأن فصلت فيه سلطة ضبط خاص هي فكرة الظروف المحلية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-C.E, 18 avril 1902, arrêt Commune de Néris-les-Bains, in http://www.legifrance.gouv.fr‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-C.E, 18 décembre 1959, arrêt Société les films Lutetia, in http://www.legifrance.gouv.fr‬‬

‫‪49‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫المحور الثالث‬
‫أساليب الضبط اإلداري‬
‫تتدخل هيئات الضبط اإلداري العام والخاص في مجال النشاطات الخاصة من خالل‬
‫اإلجراءات القانونية والمادية‪ 1‬من أجل حماية وصيانة النظام العام بصفة وقائية‪ .‬فتملك هذه‬
‫الهيئات حق إصدار الق اررات اإلدارية التنظيمية والفردية باإلرادة المنفردة وملزمة لألفراد‪ .‬كما‬
‫يحق لها تنفيذيها مباشرة وبالقوة في أوضاع معينة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬األعمال القانونية‬
‫يقصد باألعمال القانونية طائفة األعمال أو الق اررات التي تصدرها اإلدارة بصفة عامة‬
‫والتي تقصد من وراءها إحداث اثر قانوني معين سواء بإنشاء أو بتعديل أو بإلغاء مركز‬
‫قانوني‪ .2‬كما أن الق اررات اإلدارية تعد مظهر من مظاهر االمتيازات التي تتمتع بها اإلدارة‬
‫باعتبارها سلطة عامة تسعى إلى تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬ألنها أداة فعالة النجاز نشاطها‬
‫اإلداري في معظم مجاالت العمل اإلداري‪.3‬‬
‫وتنقسم هذه الق اررات إلى ق اررات ضبطية إدارية عامة وق اررات ضبطية إدارية فردية‪.‬‬
‫‪ /0‬الق اررات االدارية التنظيمية (لوائح الضبط)‪:‬‬
‫تختص السلطة التشريعية كأصل عام طبقا للمادة ‪ 900‬من دستور ‪ 9113‬بتنظيم‬
‫ممارسة النشاط الفردي ووضع الضوابط التي تسمح بالتوفيق بين ممارسة الحريات المقررة‬
‫لألفراد في الدستور وبين ضرورة صيانة النظام العام‪ ،‬وتتكفل السلطة التنفيذية بالسهر على‬
‫حسن تنفيذ القوانين‪ .‬غير أن القانون يعجز على أن يضبط الحريات العامة ضبطا مفصال‪،‬‬
‫مما يجعل السلطة التشريعية ال تحتكر وحدها مهمة تنظيم ممارسة النشاط الفردي بل للسلطة‬
‫التنفيذية دور ال يستهان به في هذا المجال‪ ،‬لما لها من سلطة التنظيم عن طريق ما تصدره‬
‫من الق اررات اإلدارية التنظيمية‪ ،‬والتي تتسم بالمرونة والقابلية للتغيير بسرعة طبقا لمقتضيات‬
‫الزمان والمكان‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- CASTAGNE Jean, op.cit, p38.‬‬
‫‪-GUILLAUME-HOFNUNG Michèle, op.cit, p 33.‬‬
‫‪ -2‬عمار عوابدي‪ "،‬الجوانب القانونية لفكرة البوليس اإلداري"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.9226‬‬
‫‪ -3‬عبد الغني بسيوني عبد اهلل‪ ،‬وقف تنفيذ القرار اإلداري في أحكام القضاء اإلداري‪ ،‬الطبعة الثالثة‪،‬ـ منشأة المعارف‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،0222 ،‬ص ‪.96‬‬

‫‪50‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫أ‪ /‬تعريف لوائح الضبط االداري‪:‬‬


‫يقصد بالق اررات اإلدارية الضبطية العامة أو ما يصطلح عليه باللوائح الضبط تلك‬
‫اللوائح التي تصدرها السلطة التنفيذية بهدف المحافظة على النظام العام بمختلف عناصره‪.‬‬
‫وبمعنى أخر كل الق اررات التي تصدرها سلطات الضبط اإلداري بدون تفويض تشريعي‬
‫صريح يتضمن تقييد النشاط الفردي بهدف حماية النظام العام تحت طائلة عقوبات جنائية‪.1‬‬
‫فلوائح الضبط من اللوائح التي تضع بعض القواعد القانونية والتي تحد من الحريات العامة‪،‬‬
‫باعتبارها من أهم أساليب الضبط اإلداري وأبرز مظهر من مظاهر سلطته وذلك ضمانا‬
‫ألغراض الضبط اإلداري‪.2‬‬
‫وبمعنى آخر تعد لوائح الضبط أهم وسيلة من وسائل تدخل هيئات الضبط اإلداري في‬
‫مجال النشاطات الفردية إذ تتضمن قواعد عامة موضوعية ومجردة تنظم بموجبها بعض‬
‫أوجه النشاط الفردي بهدف حماية النظام العام في المجتمع بصفة وقائية‪.3‬‬
‫يتضح جليا أن لوائح الضبط تشبه القانون من الناحية الموضوعية باعتبارها تتضمن‬
‫قواعد قانونية عامة ومجردة ملزمة لألفراد‪ ،‬غير أنها تختلف عن القانون من الناحية‬
‫العضوية باعتبار أن القانون تصدره السلطة التشريعية‪ ،‬في حين لوائح الضبط تصدرها‬
‫السلطة التنفيذية‪.‬‬
‫ب‪ /‬صور لوائح الضبط االداري‪:‬‬
‫تتخذ لوائح الضبط اإلداري أشكال عديدة يمكن تلخيصها فيمايلي‪:‬‬
‫‪ °‬التنظيم‪:‬‬
‫تتكفل سلطات الضبط اإلداري بموجب هذه الوسيلة القانونية بتنظيم نشاط األفراد بهدف‬
‫حماية النظام وتحديد العقوبات على كل من يخالف أحكامها‪ .‬والمثال على ذلك اللوائح‬
‫المتضمنة تنظيم أماكن توقف سيارات النقل داخل المدينة‪ ،‬أو تحديد أماكن بيع الخضر‬
‫والفواكه‪...‬الخ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- PICARD Etienne, notion de police administrative, L.G.D.J, Paris, 1984, p192.‬‬
‫‪ -2‬محمد محمد عبده إمام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.091‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- GUILLAUME-HOFNUNG Michèle, op.cit, p 34.‬‬

‫‪51‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫تتسم هذه الصورة بأنها أقل خطورة على حريات األفراد‪ ،‬إذ ال يحق لسلطات الضبط‬
‫وضع قيود من شأ نها تعدم الحرية‪ ،‬طبقا لقاعدة الحرية هي األصل والتقيد هو االستثناء‪.1‬‬
‫فالتنظيم يكون بالقدر الضروري لصيانة النظام العام بصفة وقائية‪.‬‬
‫‪ °‬اإلخطار المسبق‪:‬‬
‫تعمد سلطات الضبط اإلداري إلى اشتراط القيام بإجراء اإلخطار المسبق للجهات‬
‫اإلدارية المعنية قبل ممارسة نشاط معين أو حرية معينة‪ ،‬حتى يتسنى لهذه األخيرة اتخاذ‬
‫اإلجراءات واالحت ياطات الالزمة بهدف حماية النظام العام من كل ما من شأنه أن يخل به‪.‬‬
‫كضرورة اإلخطار قبل إقامة الحفالت أو ممارسة الشعائر الدينية‪.‬‬
‫يتضح أن إجراء اإلخطار هو مجرد إجراء إداري وقائي ال يشكل خط ار على حريات‬
‫األفراد‪ ،‬باعتبار أن سلطات الضبط اإلداري ال يمكن لها منعهم من ممارسة نشاطهم‪ ،‬بل‬
‫تتكفل فقط باتخاذ ما تراه ضروريا لتفادي كل ما من شأنه أن يمس بالنظام العام‪.‬‬
‫ومن أمثلة على ذلك نذكر القانون رقم ‪ 22-12‬حيث نصت المادة ‪ 99‬منه على أن‪":‬‬
‫إصدار كل نشرية دورية يتم بحرية‪.‬‬
‫يخضع اصدار كل نشرية دورية الجراءات التسجيل ومراقبة صحة المعلومات‪ ،‬بايداع‬
‫تصريح مسبق موقع من طرف المدير مسؤول النشرية‪ ،‬لدى سلطة ضبط الصحافة المكتوبة‬
‫‪2‬‬
‫المنصوص عليها في هذا القانون العضوي‪ ،‬ويسلم له فو ار وصل بذلك‪.".‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 6‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 962-22‬المؤرخ في ‪0222-23-91‬‬
‫المحدد لشروط وكيفيات سير التظاهرات الدينية لغير المسلمين بأنه‪ ":‬تخضع التظاهرات‬
‫‪3‬‬
‫الدينية إلى التصريح المسبق للوالي"‪.‬‬
‫‪ °‬اإلذن المسبق ( الترخيص)‪:‬‬
‫تقتضي هذه الصورة من صور تدخل سلطات الضبط اإلداري الحصول على إذن‬
‫سابق أو ترخيص من طرف المعنيين باألمر من طرف الجهة اإلدارية المختصة قبل‬

‫‪ -1‬عاشور سليمان شوايل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.903‬‬


‫‪ -2‬قانون عضوي رقم ‪ 22-90‬مؤرخ في ‪ 90‬جانفي ‪ ،0290‬يتعلق باإلعالم‪ ،‬المرجع السابق‬
‫‪ -3‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 962-22‬يحدد لشروط وكيفيات سير التظاهرات الدينية لغير المسلمين‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫ممارسة نشاط أو حرية معينة‪ 1‬وذلك حتى تتمكن اإلدارة من فرض ما تراه مناسبا ومالئما‬
‫من اإلحتياطات التي من شأنها توقي األضرار‪ ،‬أو بالعكس رفض اإلذن بممارسة نشاط ما‬
‫إذا كانت االحتياطات المقررة غير كافية أو أن الشروط المطلوبة قانونا غير متوفرة في‬
‫طالب الرخصة‪.2‬‬
‫المثال رقم ‪ :9‬في مجال تنظيم المظاهرات‬
‫يخضع تنظيم مختلف المظاهرات الى ضرورة الحصول على ترخيص مسبق من طرف‬
‫السلطة اإلدارية المختصة واال كانت غير مشروعة لمخالفتها للقوانين‪ ،‬وذلك استنادا الى‬
‫نص المادة ‪ 92‬من قانون ‪ 91-19‬المؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر‪ 9119‬المتعلق باإلجتماعات‬
‫والمظاهرات العمومية التي جاء فيها‪ ":‬المظاهرات العمومية هي المواكب واإلستعراضات‪ ،‬أو‬
‫تجمعات األشخاص‪ ،‬وبصورة عامة جميع التظاهرات التي تجري على الطريق العمومي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫تخضع المظاهرات العمومية إلى ترخيص مسبق‪."...‬‬
‫المثال رقم ‪ :0‬في مجال انشاء األحزاب السياسية‬
‫يخضع إنشاء األحزاب السياسية إلى إجراء اإلذن المسبق بحيث يجب على مؤسسي‬
‫الحزب الحصول على اعتماد من طرف وزير الداخلية حيث نصت المادة ‪ 93‬من القانون‬
‫العضوي رقم ‪ 24-90‬المتعلق باألحزاب السياسية على أنه‪ ":‬يخضع تأسيس حزب سياسي‬
‫الى الكيفيات اآلتية‪:‬‬
‫‪ °‬تصريح بتأسيس الحزب السياسي في شكل ملف يودعه أعضاؤه المؤسسون لدى الوزير‬
‫المكلف بالداخلية‪،‬‬
‫‪ °‬تسليم قرار اداري يرخص بعقد المؤتمر التأسيسي في حالة مطابقة التصريح‪،‬‬
‫‪ °‬تسليم اعتماد الحزب السياسي بعد التأكد من استفاء شروط المطابقة ألحكام هذا القانون‬
‫العضوي"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- CASTAGNE Jean, op.cit, p 47.‬‬
‫‪.620‬‬ ‫‪ -2‬محمد محمد عبده إمام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬
‫‪ -3‬قانون رقم ‪ 31-13‬مؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر‪ ،3113‬يعدل ويمتمم القانون رقم ‪ 09-91‬المؤرخ في ‪ 13‬ديسمبر ‪3191‬‬
‫المتعلق باالجتماعات والمظاهرات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 20‬الصادرة في ‪ 1‬ديسمبر ‪.3113‬‬

‫‪53‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫وتضيف المادة ‪ 62‬على انه‪ ":‬يمنح الوزير المكلف بالداخلية اإلعتماد أو يرفضه‪ ،‬بعد دراسة‬
‫الملف المودع‪ ،‬وفقا ألحكام هذا القانون العضوي‪ .‬ويجب أن يكون قرار الرفض معلال تعليل‬
‫قانونيا‪...‬الخ‪.1" .‬‬
‫المثال رقم ‪ :6‬في مجال ممهارسة مهنة الصحافة‬
‫تخضع ممارسة األجنبي لمهنة الصحفاة إلى إجراء الترخيص المسبق من طرف‬
‫السلطة اإلدارية المختصة‪ ،‬وذلك تطبيقا ألحكام المرسوم التنفيذي رقم ‪ 099/24‬المحدد‬
‫لكيفيات اعتماد الصحفيين الذين يمارسون المهنة لحساب هيئة تخضع لقانون أجنبي‪ ،‬إذ‬
‫تنص المادة ‪ 26‬على أنه‪ ":‬تخضع نشاطات الصحفيين المذكورين في المادة ‪ 20‬أعاله ‪،‬‬
‫الذين يمارسون المهنة بالجزائر إلى إعتماد تسلمه الو ازرة المكلفة باإلتصال‪ ،‬بعد أخذ رأي‬
‫‪2‬‬
‫السلطات المعنية"‪.‬‬
‫المثال رقم ‪ :4‬في مجال إستغالل المنشآت الخطيرة‬
‫تخضع بعض األنشطة نظ ار لخطورتها إلى إجراء الترخيص المسبق‪ ،‬وذلك حتى تتمكن‬
‫السلطات المختصة من معرفة مدى إتخاذ كل اإلحتياطات المطلوبة قانونا لحماية النظام‬
‫العام‪ ،‬وهو ما أشار إليه صراحة القانون رقم ‪ 92 -26‬المتعلق بحماية البيئة‪ 3‬بنصه على‬
‫أن إ ستغالل المنشآت المصنفة والتي تم ترتيبها حسب درجة خطورتها تخضع لترخيص من‬
‫الوزير المكلف بالبيئة ومن الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي‪.‬‬
‫ونشير في هذا الصدد أن سلطة اإلدارة في منح أو رفض منح الترخيص سلطة مقيدة‬
‫وليست تقديرية‪ ،‬بمعنى وجوب منح الترخيص لكل من توافرت فيه الشروط المطلوبة‬
‫للحصول عليه‪ .‬فهذا اإلجراء هدفه هو السماح للسلطة اإلدارية المختصة بتفحص مدى توافر‬
‫الشروط المنصوص ع ليها في القوانين والتنظيمات لممارسة ذلك النشاط أو الحرية محل‬
‫اإلجراء‪ .‬وعليه تلتزم سلطات الضبط اإلداري عند إصدارها للترخيص أو رفضه أن تلتزم‬

‫‪ -1‬راجع المواد من ‪ 39‬الى ‪ 11‬من القانون العضوي رقم ‪ 21-30‬المؤرخ في ‪ 30‬جانفي ‪ ، 0230‬المتعلق باألحزاب‬
‫السياسية‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 0‬الصادرة في ‪ 35‬جانفي ‪.0230‬‬
‫‪ -2‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 099-24‬مؤرخ في ‪ 09‬جويلية ‪ ،0224‬يحدد كيفيات اعتماد الصحفيين الذين يمارسون المهنة‬
‫لحساب هيئة تخضع لقانون أجنبي‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد ‪ 42‬الصادرة في ‪ 09‬جويلية ‪.0224‬‬
‫‪ -3‬قانون رقم ‪ 92-26‬المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫باعتبارات حماية النظام العام‪ ،‬وبمبدأ المساواة‪ ،‬بحيث يجب أن ال يكون المنح والمنع وسيلة‬
‫للمجاملة أو أداة لإلنتقام واال كان قرارها غير مشروع‪.‬‬
‫المثال رقم ‪ :2‬في مجال الترقية العقارية‬
‫بهدف ضمان حماية النظام العام السيما الجانب الجمالي للمدينة فإن المشرع إتخذ‬
‫إجراءات صارمة في هذا المجال وذلك بإخضاع عملية الترميم أو التجديد العمراني إلى‬
‫إجراء الترخيص المسبق‪ ،‬وهذا ما نصت عليه صراحة المادة ‪ 23‬من القانون رقم ‪24-99‬‬
‫المنظم لنشاط الترقية العقارية والتي جاء فيها‪ ":‬تخضع كل عملية ترميم عقاري أو إعادة‬
‫تأهيل أو تجديد عمراني أو إعادة هيكلة أو تدعيم إلى ترخيص إداري مسبق‪.‬‬
‫يمنع الشروع في أي من األشغال المذكورة أعاله‪ ،‬دون الحصول على الترخيص اإلداري‬
‫‪1‬‬
‫المذكور في الفقرة أعاله‪."...‬‬
‫أما المادة ‪ 23‬من القانون رقم ‪ 22-24‬تنص على أنه‪ ":‬يمنع الشروع في أشغال البناء بدون‬
‫رخصة أو إنجازها دون إحترام المخططات البيانية التي سمحت بالحصول على رخصة‬
‫‪2‬‬
‫البناء"‪.‬‬
‫المثال رقم ‪ :3‬نشر الكتاب واستيرده‬
‫يعد الكتاب وسيلة ذو حدين‪ ،‬فهو من جهة وسيلة إلكتساب المعرفة في شتى الميادين‪،‬‬
‫بإ عتبار أن العلم أساس تطور األمم‪ ،‬غير أنه في المقابل قد يتضمن أفكار أو صور قد‬
‫تؤدي إلى إحداث إ ضطرابات داخل المجتمع خاصة عندما تمس بقيم المجتمع وبسيادة‬
‫الدولة‪ .‬هذا ما دفع بالسلطات العمومية الى اخضاع عملية نشر واستيراد الكتب إلى أسلوب‬
‫الترخيص المسبق وذلك بموجب القانون رقم ‪ 96-92‬حيث نصت المادة ‪ 1‬على أنه‪":‬‬
‫تخضع األنشطة الخاصة بنشر الكتاب وطبعه وتسويقه الى التصريح المسبق لممارسة‬
‫النشاط‪ ،‬لدى الو ازرة المكلفة بالثقافة التي تسلم وصال بذلك‪."...‬‬
‫كما أ خضع المشرع الجزائري كل األنشطة ذات الصلة بالمصحف الشريف الى اجراء‬
‫الترخيص المسبق‪ ،‬وذلك بموجب المرسوم التنفيذي رقم ‪ 29-91‬حيث نصت المادة ‪ 4‬على‬

‫‪ -1‬القانون رقم ‪ 24-99‬المحدد القواعد التي تنظم نشاط الترقية العقارية‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -2‬قانون رقم ‪ 22-24‬مؤرخ في ‪ 94‬أوت ‪ 0224‬يعدل ويتمم القانون رقم ‪ 01-12‬المؤرخ في ‪ 29‬ديسمبر ‪9112‬‬
‫والمتعلق بالتهيئة والتعمير‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد ‪ 29‬الصادرة في ‪ 92‬أوت ‪.0224‬‬

‫‪55‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫أنه‪ ":‬يتعين على كل شخص يريد نشر المصحف الشريف أو طبعه أو تسويقه أو استيراده‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫عدم الشروع في أي إجراء‪ ،‬مهما كان‪ ،‬قبل حصوله على الترخيص المسبق"‪.‬‬
‫ونفس الشيئ ينطبق على إستيراد مختلف الكتب الدينية حيث تنص المادة ‪ 2‬من المرسوم‬
‫التنفيذي رقم ‪ 21-92‬على أنه‪ ":‬يخضع استيراد الكتاب الديني على جميع الدعائم‪ ،‬الى‬
‫‪2‬‬
‫ترخيص مسبق من الوزير المكلف بالشؤون الدينية‪."...‬‬
‫وأضافت المادة ‪ 3‬من نفس المرسوم أنه يجب على الكتب الدينية المراد إسيترادها أن ال‬
‫تمس مضامينها بالنظام العام واآلداب العامة‪."...‬‬
‫‪ °‬الحظر‪:‬‬
‫يقصد بالحظر تضمين الئحة الضبط أحكاما تنهي عن اتخاذ إجراء معين أو عن‬
‫ممارسة نشاط معين بصفة مطلقة‪ ،‬وقد تحدد الئحة الضبط هذا الحظر من حيث الغرض‬
‫والزمان والمكان‪ ،‬ومن ثم فان الحظر قد يكون كليا أو مطلقا أو جزئيا‪.‬‬
‫وكمثال على الحظر المطلق إمكانية لجوء سلطة الضبط اإلداري في مجال حماية الغذاء‬
‫إلى حظر استعمال بعض المواد الكيميائية في الصناعات الغذائية‪ ،‬وحظر استيراد المواد‬
‫الغذائية الفاسدة والملوثة مما لها من خطر على صحة المستهلكين‪.‬‬
‫أما بالنسبة للحظر النسبي يمكن لسلطات الضبط اإلداري أن تمنع الشاحنات من‬
‫المرور من بعض األماكن خاصة في فصل الصيف وذلك في أوقات محددة حماية لسالمة‬
‫المصطفين والسياح‪.‬‬
‫يمكن لسلطات الضبط اإلداري أن تمنع ممارسة حرية معينة أو نشاط معين إذا كان‬
‫من شأنه أن يؤدي إلى المساس بالنظام العام في الدولة‪ ،‬باعتبار أن سلطات الضبط اإلداري‬
‫ملزمة بموجب القانون بالسهر على حماية النظام العام بصفة وقائية‪ .‬فيمكن مثال للوالي أن‬

‫‪ -1‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 29-92‬مؤرخ في ‪ 4‬جانفي ‪ ،0292‬يحدد شروط وكيفيات الترخيص المسبق لنشر المصحف‬
‫الشريف وطبعه وتسويقه على جميع الدعائم‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد ‪ 0‬الصادرة بتاريخ ‪ 99‬جانفي ‪.0292‬‬
‫‪ -2‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 21-92‬مؤرخ في ‪ 4‬جانفي ‪ ،0292‬يحدد شروط وكيفيات الترخيص المسبق الستيراد الكتاب‬
‫الديني‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد ‪ 0‬الصادرة بتاريخ ‪ 99‬جانفي ‪.0292‬‬

‫‪56‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫يمنع تنظيم اجتما ع معين إذا تبين له أنه يشكل خط ار على األمن العمومي‪ ،‬أو تبين له أن‬
‫القصد الحقيقي من االجتماع يشكل خط ار على حفظ النظام العام‪.1‬‬
‫وفي مجال ضبط األجانب فانه يمكن وزير الداخلية منع أي أجنبي من الدخول إلى‬
‫اإلقليم الجزائري ألسباب تتعلق بالنظام العام و‪ /‬أو بأمن الدولة‪ ،‬أو تمس بالمصالح األساسية‬
‫والدبلوماسية للدولة الجزائرية‪ .‬ولألسباب نفسها‪ ،‬يمكن الوالي المختص إقليميا أن يقرر فو ار‬
‫‪2‬‬
‫منع دخول األجنبي إلى اإلقليم الجزائري"‪.‬‬
‫يعد أسلوب الحظر أو المنع من اشد أساليب تدخل سلطات الضبط اإلداري خطورة‬
‫على حقوق وحريات األفراد‪ ،‬وعليه أقر القضاء اإلداري قاعدة مفادها أن المنع يجب أن‬
‫يكون إجراء إستثنائي ومؤقت‪ ،3‬أما المنع المطلق فإنه غير جائز على اإلطالق‪ ،4‬ذلك ألنه‬
‫ينطوي على مصادرة كاملة للحرية العامة األمر الذي يتنافى مع المبادئ الدستورية‪ ،5‬ويتنافى‬
‫مع طبيعة اإلجراءات الضبطية اإلدارية التي تعتمد على قاعدة مفادها أن الحرية هي األصل‬
‫والتقيد هو اإل ستثناء‪ ،‬وسواء جاء هذا المنع بشكل مباشر وصريح أو عن طريق إخضاع‬
‫النشاط الفردي لشروط بالغة القسوة والشدة فانه باطل في كال الحالتين‪ .‬ومن جهة أخرى فان‬
‫المنع يجب أن تمليه ضرورة حماية النظام العام‪ ،‬وأن تعجز سلطات الضبط اإلداري تحقيق‬
‫ذلك بوسائل أخرى‪ ،‬وأن يقتصر على مكان معين أو وقت معين‪.6‬‬
‫ولقد أ قر القاضي اإلداري الجزائري بسلطة هيئات الضبط اإلداري في اللجوء إلى‬
‫أسلوب المنع كآلية لممارسة وظيفة الضبط‪ ،‬وكمثال على ذلك قرار والي والية بجاية بمنع‬
‫بيع مواد األبناء ف ي الهواء الطلق‪ ،‬وهذا ما تم استخالصه من قرار مجلس الدولة المؤرخ في‬

‫‪ -1‬انظر المادة ‪ 23‬من قانون ‪ 91 -19‬المتعلق باالجتماعات والمظاهرات العمومية‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -2‬انظر المادة ‪ 2‬من القانون رقم ‪ 99-29‬المؤرخ في ‪ 02‬جوان ‪ ،0229‬المتعلق بشروط دخول األجانب إلى الجزائر‬
‫واقامتهم بها وتنقلهم فيها‪ .‬ج ر رقم ‪ 63‬الصادرة في ‪ 0‬جويلية ‪0229‬‬
‫‪ -3‬حسن محمد عواضة‪ ،‬المبادئ األساسية للقانون اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫ص‪.21‬‬ ‫بيروت‪ ،‬لبنان‪،9112 ،‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- LAJOIS Jean Louis, op.cit, p 533.‬‬
‫‪ -5‬دايم بالقاسم‪" ،‬الحماية القانونية للسكينة العامة"‪ ،‬مجلة العلوم القانونية واإلدارية‪ ،‬جامعة أبو بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،‬العدد‬
‫الثاني‪ ،‬ص ‪.924‬‬
‫‪ -6‬ناصر لباد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.00‬‬

‫‪57‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫‪ 92‬جوان ‪ 0226‬والذي جاء فيه‪ ...":‬كما أن ق ار ار تنظيميا صاد ار عن والي والية بجاية‬
‫بتاريخ ‪ 06‬مارس ‪ 9113‬قد منع بيع مواد البناء في الهواء الطلق‪.‬‬
‫حيث أن القرار الوالئي المطعون فيه هو إذن مؤسس تأسيسا كافيا وان قضاة الدرجة األولى‬
‫‪1‬‬
‫لم يقدروا الوقائع تقدي ار سليما مما يعرض ق ارراهم لإللغاء‪."...‬‬
‫‪ /6‬الق اررات االدارية الفردية( تدابير الضبط اإلداري الفردية)‪:‬‬
‫تصدر سلطات الضبط اإلداري إلى جانب لوائح الضبط ق اررات إدارية ضبطية فردية‬
‫في شكل أوامر أو نواهي تنطبق على فرد محدد بذاته أو مجموعة أفراد محددين بذواتهم‪ 2‬أو‬
‫على حاالت أو وقائع محددة بذاتها‪ .‬وعادة ما تصدر هذه الق اررات الفردية تطبيقا وتنفيذا‬
‫لنص تشريعي أو تنظيمي‪ .3‬بل يمكن أن تصدر مستقلة عنها بشرط أن ال تخالفها‪ ،‬وان‬
‫تكون الزمة للحفاظ على النظام العام‪.4‬‬
‫غير أن القانون ولوائح الضبط ال تكفي لوحدها لمعالجة كل ما يط أر في المجتمع‪،‬‬
‫والذي من شانه اإلخالل بالنظام العام‪ ،‬وعليه يمكن لسلطات الضبط اإلداري إصدار ق اررات‬
‫ضبطية فردية مستقلة بذاتها تتعلق بمعالجة واقعة معينة لم يكن التشريع أو الالئحة قد‬
‫توقعتاه‪ .5‬وفي هذا الصدد نجد أن الفقه انقسم إلى اتجاهين‪.‬‬
‫االتجاه األول وعلى رأسهم الفقيه موريس هوريو يرى أنه ال يمكن تصور ق اررات إدارية فردية‬
‫مستقلة في مجال القانون اإلداري ال تستند إلى قاعدة تشريعية أو تنظيمية سابقة‪.6‬‬

‫‪ -1‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 92169‬المؤرخ في ‪ 92‬جوان ‪ ،0226‬قضية والي والية بجاية ضد ( ش ح) ‪ ،‬موسوعة‬
‫االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬اإلصدار الرابع‪.0223 ،‬‬
‫‪ -2‬عاشور سليمان شوايل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.902‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- CASTAGNE Jean, op.cit, p 39‬‬
‫‪ -4‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،0229 ،‬ص ‪.429‬‬
‫‪ -5‬تنص المادة ‪ 20‬من مرسوم رقم ‪ 626-96‬المؤرخ في ‪ 09‬ماي ‪ 9196‬المحدد لسلطات الوالي في ميدان األمن‬
‫والمحافظة على النظام العام على مايلي‪ ":‬تطبيقا ألحكام المادة األولى السالفة الذكر‪ ،‬يجب على الوالي أن يتخذ جميع‬
‫اإلجراءات ذات الطابع التنظيمي أو الفردي التي من شأنها أو توفر ما يأتي حسب الشوط واألشكال المنصوص عليها في‬
‫القوانين والتنظيمات المعمول بها"‪.‬‬
‫‪ -6‬بوشيبه مختار‪ ،‬الضبط اإلداري والقضائي في النظرية العامة والتطبيق بالمحليات الجزائرية‪ ،‬بحث للحصول على دبلوم‬
‫الدراسات العليا‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬معهد الحقوق والعلوم السياسية واإلدارية‪ ،9122 ،‬ص ‪.46‬‬

‫‪58‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫أما االتجاه الثاني فيرى أنه من الناحية العملية ال يمكن للقانون أو التنظيم أن يتوقع كل ما‬
‫من شأنه أن يهدد النظام العام‪ ،‬والقول عكس ذلك يترتب عنه نتيجة خطيرة إذ تجعل سلطات‬
‫الضبط مكفوفة األيدي أمام حاالت ال يتوقعها القانون أو التنظيم مسبقا ومن شأنها أن تخل‬
‫بالنظام العام‪.1‬‬
‫أما بالنسبة للقضاء اإلداري فانه قيد سلطات الضبط اإلداري في إصدار ق اررات إدارية‬
‫مستقلة بتوفر شرطين أساسيين هما‪:‬‬
‫‪ -‬أن تكون هناك ضرورة ملحة إلصدار قرار إداري فردي لحماية النظام العام قبل اضطرابه‬
‫أو إعادة حفظه في حالة اضطرابه‪ .‬حيث قضى مجلس الدولة بإمكانية رئيس البلدية باتخاذ‬
‫قرار فردي يتضمن منع المواكب معين رغم عدم وجود تنظيم لهذه المواكب على مستوى‬
‫البلدية‪ ،‬إذ يتضح من الظروف المحلية أن الشروط التي جرت فيها هذه التظاهرة من شأنها‬
‫أن تؤدي إلى اضطراب النظام العام‪.‬‬
‫‪ -‬أن ال يكون هناك نص تشريعي يمنع إصدار األوامر الفردية المستقلة ‪.2‬‬
‫ومن بين الق اررات الفردية التي تصدرها سلطات الضبط اإلداري قرار منع األفراد من‬
‫ممارسة نشاط معين في أماكن عمومية حماية للسكينة العامة‪ ،‬األمر بغلق محل تجاري لعدم‬
‫استيفائه شروط الصحة العمومية‪ ،‬األمر بمغادرة واخالء سكن معين لكونه أيل للسقوط‪،‬‬
‫األمر بمنع عرض فيلم في قاعة السينما بسبب إخالله بالنظام العام‪.‬‬
‫ومن األمثلة على ذلك ما نصت عليه المادة ‪ 22‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪44-10‬‬
‫المتضمن اعالن حالة الطوارئ على انه‪ ":‬يؤهل وزير الداخلية والجماعات المحلية والوالي‬
‫المختص إقليميا المر عن طريق قرار باإلغالق المؤقت لقاعات العروض الترفيهية وأماكن‬
‫االجتماعات مهما كانت طبيعتها وبمنع كل مظاهرة يحتمل فيها اإلخالل بالنظام والطمأنينة‬
‫العمومية"‪....‬الخ‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- CASTAGNE Jean, op.cit, p 40‬‬
‫‪ -2‬عمار عوابدي‪ ،‬الجوانب القانونية لفكرة البوليس اإلداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.9222‬‬
‫‪ -3‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 44-10‬مؤرخ في ‪ 21‬فيفري ‪ ،9110‬يتضمن اعالن حالة الطوارئ ‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪92‬‬
‫الصادرة في ‪ 1‬فيفري ‪ ،9119‬والملغى بموجب األمر رقم ‪ 29-99‬المؤرخ في ‪ 06‬فيفري ‪ ،0299‬المتضمن رفع حالة‬
‫الطوارئ‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 90‬الصادرة في ‪ 06‬فيفري ‪.0299‬‬

‫‪59‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫تنص المادة ‪ 92‬من األمر رقم ‪ 49-22‬المؤرخ في ‪ 92‬جويلية ‪ 9122‬على انه‪":‬‬


‫يمكن األمر بغلق محالت بيع المشروبات والمطاعم بموجب قرار صادر عن الوالي وذلك‬
‫لمدة ال تتجاوز ‪ 23‬أشهر‪ ،‬إما من جراء مخالفة القوانين واألنظمة المتعلقة بهذه المحالت‬
‫واما بقصد المحافظة على النظام أو الصحة أو اآلداب العامة"‪.‬‬
‫وتضيف المادة ‪ 99‬من نفس األمر انه‪ ":‬يجوز لوزير الداخلية أن يأمر لنفس السبب بإغالق‬
‫هذه المحالت لمدة تتراوح بين ستة أشهر وسنة واحدة‪.‬‬
‫وعند االقتضاء‪ ،‬تحسم مدة اإلغالق المقرر من الوالي من مدة اإلغالق الصادر من‬
‫‪1‬‬
‫الوزير"‪.‬‬
‫وكمثال أخر نذكر القانون رقم ‪ 20-24‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية‬
‫حيث تنص المادة ‪ 61‬منه على انه‪ ":‬يمكن حجز البضائع موضوع المخالفات المنصوص‬
‫عليها في أحكام المواد ‪ 09-02-03-02-06-00-02-94-96-99-92‬من هذا‬
‫القانون‪ ،‬كما يمكن حجز العتاد والتجهيزات التي استعملت في ارتكابها مع مراعاة حقوق‬
‫الغير حسن النية"‪.‬‬
‫وتضيف المادة ‪ 43‬بأنه‪ ":‬يمكن الوالي المختص إقليميا‪ ،‬بناء على اقتراح من المدير الوالئي‬
‫المكلف بالتجارة‪ ،‬أن يتخذ بواسطة قرار‪ ،‬إجراءات غلق إدارية للمحالت التجارية لمدة ال‬
‫تتجاوز ثالثين يوما في حالة مخالفة القواعد المنصوص عليها في أحكام المواد ‪-99-92‬‬
‫‪ 26-09-02-03-02-04-06-00-02-94-96‬من هذا القانون‪.‬‬
‫يكون قرار الغلق قابل لإلبطال أمام العدالة‪.‬‬
‫وفي حالة إلغاء قرار الغلق‪ ،‬يمكن العون االقتصادي المتضرر المطالبة بتعويض الضرر‬
‫‪2‬‬
‫الذي لحقه أمام الجهة المختصة"‪.‬‬
‫ولقد أكد القضاء الجزائري على ذلك حيث جاء في قرار مجلس الدولة المؤرخ في ‪-93‬‬
‫‪ 0226-90‬مايلي‪ ... ":‬حيث أن الغلق جاء على أساس أن المستأنف لم يتحصل على‬
‫رخصة إدارية خاصة وذلك طبقا للتشريع المعمول به خاصة األمر رقن ‪ 21/22‬والمنشور‬

‫‪ -1‬األمر رقم ‪ 49-22‬المؤرخ في ‪ 92‬جويلية ‪ 9122‬المشار إليه سابقا‪.‬‬


‫‪ -2‬قانون رقم ‪ 20-24‬مؤرخ في ‪ 06‬جوان ‪ 0224‬يحدد القواعد المطبقة على الممارسات التجارية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد‬
‫‪ 49‬الصادرة في ‪ 02‬جوان ‪.0224‬‬

‫‪60‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫رقم ‪ 9931‬المؤرخ في ‪ 9123-23-96‬المتعلق بكيفية تسليم الرخص الصادرة عن و ازرة‬


‫الداخلية ولما كان المستأنف ال يحوز على تلك الرخصة وان النشاط يمس بالنظام العام فان‬
‫‪1‬‬
‫قرار الغلق جاء سليم مما يتعين تأييد ما توصل إليه قاضي الدرجة األولى‪."...‬‬
‫كما أكد في ق ارره الصادر بتاريخ ‪ 93‬ديسمبر ‪ 0226‬على انه‪ ":‬حيث انه يستخلص من‬
‫وقائع الدعوى أن والي والية وهران اصدر قرار والئي يتضمن غلق قاعة اللعب بتاريخ ‪-22‬‬
‫ماي ‪ 0229‬والمستغلة من طرف ( ب م)‪.‬‬
‫حيث أن الغرفة اإلدارية لمجلس قضاء وهران اعتمدت في قرارها الرامي لرفض الدعوى لعدم‬
‫التأسيس على التقرير رقم ‪ 0999‬المؤرخ في ‪ 94‬أفريل ‪ 0229‬الصادر عن العميد األول‬
‫للشرطة ورئيس األمن لوالية وهران الذي يقترح من خالله غلق قاعة اللعب كعقوبة إدارية‬
‫لغاية إصالح المحل وتوفير المرافق الضرورية‪.‬‬
‫حيث انه بالرجوع إلى المادة ‪ 13‬من القانون رقم ‪ 21-12‬المؤرخ في ‪ 22‬أفريل ‪9112‬‬
‫‪2‬‬
‫تجعل من حق الوالي المحافظة على السكينة العامة والنظام العام واألمن‪."...‬‬
‫كما يمكن لسلطات الضبط اإلداري اتخاذ قرار الغلق للمحالت التجارية في حالة‬
‫استغاللها بدون رخصة‪ ،‬ولقد أكد مجلس الدولة الجزائري على ذلك في ق ارره الصادر بتاريخ‬
‫‪ 00‬جويلية ‪ 0226‬في قضية ( ع ن) ضد والي والية سكيكة‪ /،‬حيث جاء فيه‪ ...":‬حيث انه‬
‫يتضح من الملف ومن أقوال األطراف أن المستأنف كان مستأج ار لمحل يستعمله كقاعة‬
‫شاي بحي اإلخوة ساكر عمارة ج بسكيكدة‪.‬‬
‫وانه تبعا لعملية مراقبة قام بها أعوان مديرية المنافسة واألسعار لوالية سكيكدة بتاريخ ‪92‬‬
‫جانفي ‪ 9112‬اتضح أن المستأنف يستغل قاعة الشاي المذكورة بدون قرار اإلنشاء المتعلق‬
‫بهذا النشاط‪.‬‬
‫حيث انه على اثر ذلك اصدر السيد والي والية سكيكدة بتاريخ ‪ 00‬ديسمبر ‪ 9112‬قرار‬
‫بغلق المحل موضوع النزاع إلى غاية تسوية الوضعية اإلدارية له بناء على األمر رقم‬

‫‪ -1‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 99920‬المؤرخ في ‪ 93‬ديسمبر ‪ ،0226‬قضية ( ع ع ) ضد والي والية باتنة‪ ،‬موسوعة‬
‫االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬اإلصدار الرابع‪.0223 ،‬‬
‫‪ -2‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 99999‬المؤرخ في ‪ 93‬ديسمبر ‪ ،0226‬قضية ( ب م) ضد والية وهران‪ ،‬موسوعة االجتهاد‬
‫القضائي الجزائري‪ ،‬ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس الدولة‪ ،‬اإلصدار الرابع‪.0223 ،‬‬

‫‪61‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫‪ 49/22‬المؤرخ في ‪ 92‬جوان ‪ 9122‬المتعلق باستغالل المقاهي والمشروبات‬


‫‪1‬‬
‫الكحولية‪."...‬‬
‫كما يمكن لرئيس البلدية في إطار ممارسة صالحياته في حماية النظام العام اتخاذ ق ار ار‬
‫الغلق‪ ،‬ولقد أكد مجلس الدولة على ذلك في ق ارره الصادر بتاريخ ‪ 92‬أفريل ‪ 0226‬في‬
‫قضية ( ع ب) ضد رئيس بلدية سور الغزالن‪ ،‬حيث جاء فيه‪ ...":‬بالرجوع إلى ملف الدعوى‬
‫فان النزاع المطروح يخص بإبطال مقرر صادر عن سلطة إدارية وممثلة في رئيس البلدية‬
‫وبالتالي يرجع االختصاص للقاضي اإلداري هذا من جهة ومن جهة اهرى حيث تبين من‬
‫الملف أن رئيس البلدية اتخذ القرار محل اإلبطال حفاظا على األمن والنظام العام وباقتراح‬
‫من اللجنة المكلفة لمكافحة األمراض المتنقلة عن طريق المياه التي عاينت المدجنة وذلك في‬
‫تاريخ ‪ 03‬جانفي ‪.0222‬‬
‫حيث أن هذه اللجنة بعد معاينتها خلصت إلى استغالل المدجنة بدون ترخيص سقفها مهدد‬
‫باالنبهار والنظافة منعدمة والتهوئة غير كافية‪ ،‬انسداد قنوات صرف المياه القذرة بسبب‬
‫الفضالت‪ ،‬مدفئة غير موجودة‪...‬‬
‫‪2‬‬
‫وبناء على كل هذه المعطيات قررت البلدية غلق هذه المدجنة‪."...‬‬
‫إضافة إلى ق اررات الغلق يمكن كذلك لسلطات الضبط الراداري أن تتخذ ق اررات تتضمن‬
‫األمر بقيام بعمل كما هو الحال في حالة البناء بدون رخصة إذ يمكن للسلطات اإلدارية‬
‫المختصة أن تأمر المعني بتوقف عن األشغال‪ .‬ومن أحكام القضاء اإلداري في هذا الشأن‬
‫نذكر على سبيل المثال قرار مجلس الدولة المؤرخ في ‪ 92‬فيفري ‪ 0226‬قضية رئيس‬
‫المجلس الشعبي البلدي لبلدية عين توتة ضد ( ب ص) والذي جاء فيه‪ ...":‬حيث أن‬
‫المجلس يرى بان الطلب األصلي للمدعي المستأنف عليه كان يرمي إلى إبطال مقرر البلدية‬
‫المذكور أعاله لتجاوز في السلطة إذ أن هذا المقرر رقم ‪ 999/19‬المؤرخ في ‪ 01‬جويلية‬
‫‪ 9119‬أمر بوقف األشغال غير المشروعة على القطعة األرضية التابعة للبلدية‪.‬‬

‫‪ -1‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 1903‬الصادر بتاريخ ‪ 00‬جويلية ‪ ،0226‬قضية ( ع ن) ضد والي والية سكيكدة‪ ،‬موسوعة‬
‫االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس الدولة ‪ ،‬اإلصدار الرابع‪.0223،‬‬
‫‪ -2‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 1399‬الصادر بتاريخ ‪ 92‬أفريل ‪ 0226‬قضية ( ع ب) ضد رئيس بلدية سور الغزالن‪،‬‬
‫موسوعة االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس الدولة ‪ ،‬اإلصدار الرابع‪.0223،‬‬

‫‪62‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫حيث أنه من الثابت أن المستأنف عليه لم يحصل على رخصة بناء ومن ثم فان األشغال‬
‫التي تمت على القطعة األرضية المتنازع عليها كانت غير مشروعة وبالتالي فان المقرر‬
‫‪1‬‬
‫مبرر وقانوني وال يحمل أي طابع لتجاوز في السلطة‪."...‬‬
‫ونشير في هذا اإلطار أن سلطات الضبط اإلداري ليست حرة في إصدار ما تشاء من‬
‫ق اررات‪ ،‬بل تلتزم بالهدف المحدد لها والمتمثل في حماية النظام العام بمختلف عناصره‪ ،‬ووفقا‬
‫للشكليات واإلجراءات المحددة قانونا احتراما لمبدأ المشروعية‪ .‬فكل قرار ال يهدف إلى تحقيق‬
‫هذه الغاية‪ ،‬أو يخالف القواعد القانونية السارية المفعول يعد قرار غير مشروع‪.‬‬
‫وفي النهاية فإ ن كل الق اررات الصادرة عن سلطات الضبط اإلداري سواء كانت عامة‬
‫أو فردية فهي ملزمة مما يستوجب احترامها وتنفيذها من قبل المخاطبين بها‪ .‬ولضمان ذلك‬
‫فان المشرع نص على جزاءات توقع على كل من يخالف ق اررات اإلدارة أو يعرقل تنفيذها‬
‫وذلك في المادة ‪ 421‬من قانون العقوبات الجزائري التي جاء فيها انه‪ ":‬يعاقب بغرامة من‬
‫‪ 62‬إلى ‪ 922‬دج ويجوز أن يعاقب أيضا بالحبس لمدة ثالثة أيام على األكثر كل من خالف‬
‫ال مراسيم أو الق اررات المتخذة قانونا من طرف السلطة اإلدارية إذا لم تكن الجرائم الواردة بها‬
‫معاقبا عليها بنصوص خاصة"‪.‬‬
‫وا لى جانب هذه العقوبة المقررة في قانون العقوبات نجد هناك جزاءات ذات طابع‬
‫إداري‪ ،‬إذ تتمتع سلطات الضبط اإلداري بحق توقيع جزاءات ذات طبيعة إدارية على كل‬
‫األشخاص الذين تشكل أعمالهم وتصرفاتهم تهديدا للنظام العام بكل عناصره‪ .‬وتتخذ هذه‬
‫الجزاءات عدة صور كمصادرة األشياء التي تستعمل الضطراب النظام العام‪ ،‬أو سحب‬
‫رخصة لمنع المعني باألمر من ممارسة نشاطا يمس بالنظام العام كسحب رخصة السياقة‬
‫من األشخاص المخالفي ن لقانون المرور‪ ،‬أو إبعاد أي شخص إذا كان وجوده في مكان‬
‫معين يشكل مصد ار الضطراب النظام العام‪.2‬‬

‫‪ -1‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 1649‬الصادر بتاريخ ‪ 92‬فيفري ‪ ،0226‬قضية رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية عين‬
‫توتة ضد ( ب ص)‪ ،‬موسوعة االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس الدولة‪ ،‬اإلصدار الرابع‪،‬‬
‫‪.0223‬‬
‫‪ -2‬تنص المادة ‪ 4/23‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 44-10‬المتضمن إعالن حالة الطوارئ (الملغى) على أنه‪ ":‬يخول وضع‬
‫حالة الطوارئ حيز التنفيذ لوزير الداخلية والجماعات المحلية في كامل التراب الوطني أو الوالي على امتداد تراب واليته في‬
‫إطار التوجيهات الحكومية سلطة القيام بما يأتي‪:‬‬

‫‪63‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫تشكل هذه الجزاءات خط ار كبي ار على حقوق وحريات األفراد‪ ،‬إذ تمس الفرد في شخصه‬
‫أو ماله‪ ،‬وعليه فان سلطة الضبط اإلداري غير مطلقة‪ ،‬إذ ال يمكن اتخاذ مثل هذه‬
‫اإلجراءات إال بناءا على ترخيص صريح من طرف المشرع‪ ،‬ووفقا لألوضاع التي حددها‬
‫واال كان تصرفا باطال‪ .‬ونشير إلى أن هذه الجزاءات تختلف عن الجزاءات المقررة في قانون‬
‫العقوبات والتي توقعها الجهات القضائية‪ ،‬على أساس أن الهدف الجزاء اإلداري وقائي وليس‬
‫ردعي‪.‬‬
‫ومن األمثلة عن هذه اإلجراءات الوقائية نذكر األمر بمنع تفريغ سلعة بهدف التأكد من‬
‫مدى مطابقتها للمواصفات القانونية ومدى صحتها لالستهالك‪ .‬ولقد أكد القاضي اإلداري‬
‫الجزائري على ذلك في ق ارره الصادر بتاريخ ‪ 02‬فيفري ‪ 0226‬في قضية الشركة ذات‬
‫المسؤولية المحدودة (كوديال) ضد والي والية وهران والذي جاء فيه‪ ....":‬حيث أن الشركة‬
‫ذات المسؤولية المحدودة ( كوديال) الكائن مقرها االجتماعي بالجزائر والممثلة بمسيرها‬
‫القانوني‪ ،‬قامت باستئناف القرار الصادر بتاريخ ‪ 02‬جانفي ‪ 0229‬عن مجلس قضاء وهران‬
‫والذي رفض دعواها لعدم تأسيسها قانونا الرامية إلى إبطال القرار الصادر عن والي والية‬
‫وهران بتاريخ ‪ 0222-99-20‬عدد ‪ 922‬يتضمن إيقاف تفريغ سلعة‪.‬‬
‫وان الشركة قد تضررت كثي ار من هذه الوضعية كون المتعاملين التجاريين معها يطالبونها‬
‫بتعويض يومي على التأخير في تنزيل البضاعة والمتمثلة في الحبوب المستوردة‪.‬‬
‫حيث أن قرار والي والية وهران تضمن إيقاف عملية التفريغ والشروع في إجراء تحقيق إداري‬
‫في مراقبة النوعية للمادة المستوردة وعدم الشروع في وضع الحبوب المستوردة لالستهالك إال‬
‫بالموافقة الشخصية للوالي‪.‬‬
‫لذا طلبت المستأنفة األمر بتسريح بيع البضاعة وحيث انه يتبن من االطالع على قرار‬
‫الوالي المراد إبطاله هو إجراء وتدبير وقائي وتحفظي الهدف منه االحتفاظ على سالمة‬
‫وصحة المستهلك الجزائري لغاية التحقق من سالمة المنتوج‪.‬‬
‫وحيث أن تدخل الوالي في اتخاذ هذا اإلجراء يدخل ضمن صالحياته لغاية التحقق من‬
‫سالمة المنتوج المستورد والقول إذا كان مطابق للنصوص التشريعية‪ ،‬وهل هو قابل‬

‫‪ °‬منع من اإلقامة أو وضع تحت اإلقامة الجبرية كل شخص راشد يتضح أن نشاطه مضر بالنظام العام أو بسير المصالح‬
‫العمومية"‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫لالستهالك وحيث انه بالرجوع إلى القانون رقم ‪ 20/91‬المؤرخ في ‪ 22‬فيفري ‪9191‬‬
‫المتعلق بالقواعد العامة لحماية المستهلك السيما المادة ‪ 94‬منه فانه يمكن للسلطة اإلدارية‬
‫المختصة أن تقوم في أي وقت وفي أي مرحلة من مراحل عرض المنتوج لالستهالك‬
‫بتحريات لمراقبة المطابقة قصد تفادي المخاطر التي قد تهدد صحة المستهلك وأمنه والتي‬
‫تمس بمصالحه المادية‪.‬‬
‫وحيث بالرجوع إلى المادة ‪ 10‬من القانون رقم ‪ 21/12‬المؤرخ في ‪ 22‬أفريل ‪ 9112‬المتعلق‬
‫بالوالية فان الوالي هو ممثل الدولة ومندوب الحكومة على مستوى واليته‪ ،‬كما تضيف المادة‬
‫‪ 12‬من نفس القانون انه يجب على الوالي أن يسهر على تنفيذ القوانين والتنظيمات وهو‬
‫‪1‬‬
‫مسؤول على المحافظة على النظام واألمن والسالمة‪."....‬‬
‫ثانيا‪ :‬األعمال المادية ( أسلوب التنفيذ الجبري المباشر)‬
‫تتمتع الق اررات اإلدارية الضبطية بالقوة التنفيذية‪ ،‬بمعنى أنها واجبة النفاذ من تلقاء‬
‫نفسها دون حاجة إلى استصدار حكم من القضاء‪ ،‬وبالتالي فاألفراد ملزمون باحترام الق اررات‬
‫اإلدارية الضبطية وتنفيذها بمحض إرادتهم‪ .‬ونقصد هنا تلك الق اررات اإلدارية الضبطية‬
‫الموجهة لألفراد والتي تتضمن األمر بالقيام بعمل ما أو االمتناع عن القيام بعمل ما‪.‬‬
‫بل ابعد من ذلك‪ ،‬فان اللجوء إلى القضاء بهدف ضمان تنفيذها في حاالت معينة‬
‫يجعل من الحكم دون فائدة‪ ،‬لذا يستحسن أن تضمن هيئات الضبط اإلداري تنفيذ ق ارراتها‬
‫بنفسها من خالل امتياز التنفيذ المباشر والجبري‪ ،2‬الذي يعد مظهر من مظاهر السلطة‬
‫‪3‬‬
‫العامة‪.‬‬
‫ونشير غالى آن وسائل إكراه األفراد على الخضوع للق اررات اإلدارية الضبطية ليست‬
‫بذات المرتبة‪ ،‬حيث تنوعت ما بين التنفيذ الجبري عبر استخدام القوة العامة أو الوسائل‬
‫اإلكراهية‪ ،‬وبين التصرف التلقائي الذي ال يحتاج إلى أكثر من تصرف مادي بسيط‪.‬‬

‫‪ -1‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 1224‬الصادر بتاريخ ‪ 02‬فيفري ‪ 0226‬قضية الشركة ذات المسؤولية المحدودة (كوديال)‬
‫ضد والي والية وهران‪ ،‬موسوعة االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس الدولة‪ ،‬اإلصدار الرابع‪،‬‬
‫‪.0223‬‬
‫‪ -2‬عبد الغني بسيوني عبد اهلل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.94‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- CHEVENEMENT Jean Pierre, op.cit, p 06.‬‬

‫‪65‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫‪ /0‬تعريف التنفيذ الجبري المباشر‪:‬‬


‫يقصد بالتنفيذ الجبري المباشر ذلك األسلوب الذي يسمح للسلطة اإلدارية بتنفيذ ق ارراتها‬
‫بنفسها دون إذن مسبق من القضاء وذلك في حالة وجود نص صريح يسمح لها بذلك أو في‬
‫‪1‬‬
‫حالة االستعجال‪.‬‬
‫ويرى األستاذ ماجد راغب الحلو أن حق التنفيذ المباشر هو حق اإلدارة في أن تنفذ ق ارراتها‬
‫بنفسها تنفيذا جبريا دون التجاء إلى القضاء‪ .‬ويعد حق التنفيذ المباشر من أهم االمتيازات‬
‫التي تتمتع بها اإلدارة في مزاولتها لنشاطها‪ .‬إذ عن طريقه تستطيع اإلدارة في حالة امتناع‬
‫األف راد عن تنفيذ ق ارراتها اختيا ار أن تحصل على ما لها من حقوق قبلهم مباشرة وبالقوة إذا‬
‫لزم األمر‪ .‬وهذا الحق يدعم ما لق اررات اإلدارة في ذاتها من قوة تنفيذية تتمثل في أنها يمكن‬
‫أن ترتب آثا ار في حق األفراد بصرف النظر عن إرادتهم‪.2‬‬
‫القاعدة العامة تطبيقا لمبدأ الفصل بين السلطات‪ ،‬وكذا الفصل بين السلطة والوظيفة‪،‬‬
‫أنه من غير المعقول أن تكون الجهة التي تقرر اإلجراء هي نفسها الجهة التي تنفذ هذا‬
‫اإلجراء‪ ،‬بل على السلطة اإلدارية‪ -‬وفي موضوعنا سلطة الضبط اإلداري‪ -‬أن تلجأ إلى‬
‫استثناءا يمكن لهيئات‬ ‫القضاء لضمان تنفيذ ق ارراتها في حالة تقاعس المخاطبين بها‪.‬‬
‫الضبط اإلداري أن تلجأ إلى تنفيذ ق ارراتها بطريقة مباشرة وجبري أي باستعمال القوة دون‬
‫حاجة إلى إذن من القضاء‪ .3‬ففي بعض الحاالت تجد سلطات الضبط اإلداري نفسها أمام‬
‫وضعيات يستلزم عليها استعمال اإلكراه بهدف ضمان تنفيذ ق ارراتها لتحقيق الغرض من‬
‫وجودها والمتمثل في حماية النظام العام أو إعادة صيانته في حالة اضطرابه‪ ،‬ومن ثم فان‬
‫إخضاعها إلى ضرورة اللجوء إلى القضاء والحصول على إذن مسبق قد يجعل من تدخلها‬
‫بدون جدوى‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- FERREIRAN Nelly, « la notion d'exécution d'office », in colloque intitulé : puissance‬‬ ‫‪publique ou‬‬
‫‪impuissance publique" organisé par le ministère de l'intérieure conjointement avec l'université Paris I, Panthéon‬‬
‫‪Sorbonne, les 08 et 09 février 1999 au Carrousel du Louvre, Paris, in A.J.D.A, 20 juillet/ 20 août 1999, n°‬‬
‫‪spécial, p 42 .‬‬
‫‪ -2‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.201‬‬
‫انظر كذلك‪ :‬عصام نعمة إسماعيل‪ ،‬الطبيعة القانونية للقرار اإلداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.00‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- CASTAGNE Jean, op.cit, p 44.‬‬
‫‪ -4‬محمد عبد الحميد مسعود‪ ،‬إشكاليات رقابة القضاء على ق اررات الضبط اإلداري‪ ،0222 ،‬ص ‪.91‬‬

‫‪66‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫ففي حالة المظاهرة مثال فان سلطات الضبط اإلداري تلجأ إلى استعمال القوة بهدف تفريق‬
‫المتظاهرين الذين يصرون على تنظيمها رغم صدور أمر بمنعها‪ ،‬إذ تعد بمثابة تجمهر‬
‫يعاقب عليه القانون نظ ار لخطورتها على النظام العام‪ .‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 91‬من‬
‫قانون ‪ 91-19‬المؤرخ في ‪ 20‬دسيمبر ‪ 9119‬على أنه‪ ":‬كل مظاهرة تجري بدون ترخيص‬
‫‪1‬‬
‫و بعد منعها تعتبر تجمه ار"‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 94‬من المرسوم رقم ‪ 032-99‬على أنه‪ ":‬يتخذ وينفذ رئيس المجلس‬
‫الشعبي البلدي‪ ،‬في إطار التنظيم المعمول به‪ ،‬كل اإلجراءات التي من شأنها أن تضمن‬
‫حسن النظام واألمن وكذلك الحفاظ على الطمأنينة واآلداب العامة‪ .‬كما يجب عليه قمع كل‬
‫‪2‬‬
‫ما من شأنه أن يخل بذلك"‪.‬‬
‫واألمثلة عن التنفيذ المباشر كثيرة كأن تلجأ لسلطات الضبط اإلداري إلى هدم المباني اآليلة‬
‫إلى السقوط إذا كان ذلك يشكل خط ار على المارة‪ ،‬وكذلك األوامر الشفوية التي يصدرها‬
‫يوميا رجال الشرطة بقصد تنظيم حركة المرور في المدن‪...‬الخ‪.‬‬
‫‪ /6‬شروط تطبيق التنفيذ الجبري المباشر‪:‬‬
‫يتضح جليا أن هذا اإلجراء يشكل كذلك خط ار على حقوق وحريات األفراد‪ ،‬مما جعل‬
‫القضاء اإلداري يضع له حدود وضوابط بهدف تفادي أي تعسف من قبل سلطات الضبط‬
‫اإلداري‪ ،‬ومن ثم ال يمكن اللجوء إلى هذا األسلوب االستثنائي إال في حالة‪:‬‬
‫‪ -‬وجود نص صريح يسمح لسلطات الضبط اإلداري باللجوء إلى التنفيذ المباشر والجبري‪.3‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬في حالة االستعجال‪.‬‬
‫ومن اجل ضمان حماية األفراد في مواجهة سلطات الضبط اإلداري أثناء اللجوء إلى‬
‫التنفيذ المباشر والجبري فانه يقع على عاتق سلطات الضبط اإلداري أثناء اللجوء إلى هذا‬
‫األسلوب التزامات عديدة ال يمكن لها مخالفتها نذكر منها‪:‬‬

‫‪ -1‬قانون رقم ‪ 91-19‬المؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر ‪ 9119‬المتعلق باالجتماعات والمظاهرات العمومية‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -2‬مرسوم رقم ‪ 032-99‬مؤرخ في ‪ 92‬أكتوبر ‪ 9199‬يتعلق بصالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي فيما يخص الطرق‬
‫والنقاوة والطمأنينة العمومية‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬محمد محمد عبده إمام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.010‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- FERREIRAN Nelly, op.cit, p 39 .‬‬

‫‪67‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫‪ -‬أن تنصب عملية التنفيذ المباشر والجبري على ق اررات مشروعة‪ ،‬مما يجعل تنفيذ الق اررات‬
‫غير المشروعة تنفيذا جبريا يشكل تعديا‪ .1‬وقد يتعلق األمر بتنفيذ نص قانوني أو الئحي‪.2‬‬
‫‪ -‬يجب أن ال تلجأ سلطات الضبط اإلداري إلى التنفيذ الجبري إال إذا صادفها مقاومة‬
‫ومعارضة من طرف المخاطبين باإلجراءات الضبطية‪ ،‬وبعد إنذارهم ومنحهم مدة معقولة قبل‬
‫التدخل بالقوة‪.3‬‬
‫‪ -‬يجب أن تقتصر عملية التنفيذ الجبري على اإلجراءات الهادفة فقط إلى حماية النظام العام‬
‫قبل اضطرابه أو إعادته في حالة اختالله دون أن تتعدى ذلك‪.4‬‬
‫‪ -‬أن تلتزم سلطات الضبط اإلداري بإتباع اإلجراءات األولية منها االستشارة المسبقة إذا كان‬
‫القانون يشترط ذلك‪ .‬فالقانون الفرنسي يشترط مثال قبل اتخاذ قرار منع اإلقامة الذي يعتبر‬
‫إجراء أولي قبل اتخاذ قرار اإلبعاد استشارة لجنة رخصة اإلقامة‪.‬‬
‫استثناء يمكن لسلطة الضبط اإلداري أن تتخذ ق ارراها دون استشارة مسبقة مثل قرار الطرد إذ‬
‫‪5‬‬
‫يمكن لإلدارة اتخاذها في حالة االستعجال القصوى دون االستشارة المسبقة للجنة الطرد‪.‬‬
‫كما نص المشرع الجزائري على سلطة هيئات الضبط اإلداري في اتخاذ قرار اإلبعاد‬
‫والطرد إلى الحدود وذلك طبقا للمادة ‪ 62‬من التي جاء فيها‪ ":‬عالوة على األحكام المقررة‬
‫في المادة ‪(00‬الفقرة ‪ )6‬أعاله‪ ،‬فان إبعاد األجنبي خارج اإلقليم الجزائري يمكن أن يتخذ‬
‫بموجب قرار صادر عن وزير الداخلية في الحاالت اآلتية‪:‬‬
‫‪ °‬إذا تبين للسلطات اإلدارية أن وجوده في الجزائر يشكل تهديدا للنظام العام و‪/‬أو ألمن‬
‫الدولة‪،‬‬
‫‪ °‬إذا صدر في حقه حكم أو قرار قضائي نهائي يتضمن عقوبة سالبة للحرية بسبب ارتكابه‬
‫جناية أو جنحة‪،‬‬
‫‪ °‬إذا لم يغادر اإلقليم الجزائري في المواعيد المحددة له طبقا ألحكام الفقرة األولى والثانية من‬
‫المادة ‪ 00‬المشار إليها أعاله‪ ،‬ما لم يثبت أن تأخره يعود إلى قوة قاهر"‪.‬‬

‫‪ -1‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.262‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- CASTAGNE Jean, op.cit, p45.‬‬
‫‪ -3‬عمار عوابدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.119‬‬
‫‪ -4‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪262‬‬
‫‪- MASUREL Hervé, op.cit, p 39.‬‬
‫‪5‬‬

‫‪68‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫ومن األمثلة حول إمكانية اللجوء إلى التنفيذ المباشر والجبري دون حاجة إلى إذن من‬
‫القضاء نذكر لجوء اإلدارة إلى الهدم في حالة البناء بدون رخصة‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 23‬مكرر ‪ 4‬من القانون رقم‪ 22-24‬على انه‪ ":‬عندما ينجز البناء دون‬
‫رخصة‪ ،‬يتعين على العون المؤهل قانونا تحرير محضر إثبات المخالفة وارساله الر رئيس‬
‫المجلس الشعبي البلدي والوالي المختصين في اجل ال يتعدى اثنين وسبعين ساعة‪.‬‬
‫وفي هذه الحالة‪ ،‬ومراعاة للمتابعات الجزائية‪ ،‬يصدر رئيس المجلس الشعبي البلدي المختص‬
‫قرار هدم البناء في اجل ثمانية أيام‪ ،‬ابتداء من تاريخ استالم إثبات المخالفة‪.‬‬
‫عند انقضاء المهلة‪ ،‬وفي حالة قصور رئيس المجلس الشعبي البلدي المعني‪ ،‬يصدر الوالي‬
‫قرار هدم البناء في اجل ال يتعدى ثالثين يوما‪.‬‬
‫تنفذ أشغال الهدم من قبل مصالح البلدية‪ .‬وفي حالة عدم وجودها‪ ،‬يتم تنفيذ األشغال بواسطة‬
‫‪1‬‬
‫الوسائل المسخرة من قبل الوالي‪."....‬‬
‫ولقد أكد مجلس الدولة الجزائري على ذلك في ق ارراه رقم ‪ 912026‬الذي جاء فيه‪:‬‬
‫"‪ ....‬وأنه بذلك‪ ،‬فالسلطة اإلدارية مؤهلة تمام األهلية للقيام بهدم األشغال المنجزة خرقا آلمر‬
‫وقف األشغال‪ ،‬وذلك دون اللجوء إلى قرار قضائي‪ ،‬كما هو عليه الحال بالنسبة لهذه‬
‫‪2‬‬
‫القضية‪."...‬‬
‫كما أ كد مجلس الدولة على سلطة البلدية في اتخاذ قرار الهدم البنايانت القديمة التي‬
‫تشكل خط ار على سالمة المواطنين باعتبار ذلك من صالحيات رئيس المجلس الشعبي‬
‫البلدي‪ .‬حيث جاء في ق ارره الصادر بتاريخ ‪ 93‬سبتمبر ‪ 0226‬مايلي‪ ...":‬وحيث أنه‬
‫بالرجوع الى دراسة الوزثائق والمستندات يستفاد وان المستأنف عليه الذي يملك عمارة قديمة‬
‫تقع بشارع أول نوفمبر والتي يعود بناءها للقرن الماضي‪ ،‬ونظ ار لما تشكله من خطر على‬

‫‪ -1‬قانون رقم ‪ 22-24‬يتعلق بالتهيئة والتعمير‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 912026‬الصادر بتاريخ ‪ 02‬نوفمبر ‪ 0222‬قضية (ب) ضد رئيس بلدية الميلية‪ ،‬موسوعة‬
‫االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬اإلصدار الرابع‪. 0223 ،‬‬

‫‪69‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫شاغليها‪ ،‬استفاد من رخصة هدم من طرف بلدية العلمة والتي قبل أن تمنحه رخصة الهدم‬
‫وتصدر ' قرار الهدم‪ ،‬اتخذت كل اإلجراءات القانونية المتبعة في هذا المجال أين قامت‬
‫المصالح التقنية والفنية واألمنية بمعاينة الحارة القديمة والتأكد من حالتها والخطر المحدق‬
‫بشاغليها باإلضافة إلى تسوية المنظر العام للمدينة ومحيطها العمراني‪...‬‬
‫حيث انه يستخلص من معطيات الملف أن القرار المراد إبطاله يدخل ضمن صالحيات‬
‫رئيس المجلس الشعبي البلدي في إطار أعمال الضبط اإلداري المخولة له من اجل‬
‫‪1‬‬
‫المحافظة على النظام العام واآلمن العام والصحة العامة بموجب مداوالته‪."....‬‬

‫‪ -1‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 99340‬المؤرخ في ‪ 93‬سبتمبر ‪ ،0226‬قضية ( ر ع) ضد بلدية العلمة ومن معها‪ ،‬موسوعة‬
‫االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬اإلصدار الرابع‪.0223 ،‬‬

‫‪70‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫المحور الرابع‬
‫خضوع أعمال الضبط اإلداري لرقابة القضاء‬

‫يرتبط نشاط الضبط اإلداري إرتباطا وطيدا بالحقوق والحريات‪ ،‬وذلك لكونه نشاط مبني‬
‫على فكرة تقييد هذه الحقوق والحريات بهدف صيانة النظام العام بصفة وقائية‪ .‬ومن أجل‬
‫تفادي تعسف سلطات الضبط اإلداري أثناء ممارسة السلطات المخول لهم بموجب النصوص‬
‫القانونية لممارسة وظيفة الضبط أقرت غالبية التشريعات مبدأ خضوع أعمال سلطات الضبط‬
‫اإلداري لرقابة القضاء‪.‬‬
‫وبالرجوع الى الدستور الجزائري نجد أن المؤسس الجزائري لم يميز بين األعمال التي‬
‫تتخدها االدارة بمناسبة ممارسة وظيفة الضبط اإلداري أو تلك التي تتخذها في المحاالت‬
‫اآلخرى بحيث أقر قاعدة عامة مفادها إختصاص القضاء بالنظر في الطعون في ق اررات‬
‫‪1‬‬
‫االدارة وذلك في المادة ‪.939‬‬
‫أوال‪ :‬اإلختصاص القضائي بالنظر في أعمال سلطات الضبط االداري‬
‫لقد تعرض النظام القضائي الجزائري إلى إنتقادات عديدة من طرف المختصين وذلك‬
‫بسبب عدم تخصص القضاة‪ ،‬وطول الفصل في المنازعات‪ ،‬وعدم وضوح طبيعة النظام‬
‫القضائي ذاته‪ .‬هذه اإلعتبارات وغيرها دفعت بالسلطة السياسية إلى إتخاذ قرار تمثل في‬
‫ضرورة اعادة النظر في النظام القضائي وذلك باإلعالن صراحة عن تبني نظام اإلزدواجية‬
‫القضائية‪ ،‬باعتباره النظام األكثر نجاعا في حماية الحقوق والحريات وتجسيد دولة القانون‪.‬‬
‫ومن أجل تجسيد هذه االرادة السياسية عمليا في إطار ما أصطلح عليه بسياسة‬
‫إصالح العدالة تضمن الدستور الجزائري لسنة ‪ 9113‬نص صريحا كرس ألول مرة مبدأ‬
‫اإلزدواجية القضائية وذلك من خالل المادة ‪ 920‬التي جاء فيها‪ ":‬تمثل المحكمة العليا الهيئة‬
‫المقومة ألعمال المجالس القضائية والمحاكم‪.‬‬
‫يؤسس مجلس دولة كهيئة مقومة ألعمال الجهات القضائية اإلدارية‪....‬‬

‫‪ -1‬تنص المادة ‪ 939‬من دستور ‪ 9113‬المعدل والمتمم على أنه‪ ":‬ينظر القضاء في الطعن في ق اررات السلطات‬
‫االدارية"‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫تؤسس محكمة تنازع تتولى الفصل في حاالت تنازع اإلختصاص بين المحكمة العليا‬
‫ومجلس الدولة"‪.‬‬
‫كما عمد المشرع الجزائري الى اصدار العديد من النصوص القانونية لوضع هذا التوجه‬
‫الدستوري موضع التنفيذ‪ ،1‬ويتعلق األمر بالنصوص المنشئة لمجلس الدولة‪ ،‬والمحاكم‬
‫‪2‬‬
‫اإلدارية ومحكمة التنازع‪.‬‬
‫ومن أجل إستكمال عملية تجسيد النظام القضائي المزدوج كان لزاما على المشرع إعادة‬
‫النظر في النصوص القانونية المنظمة لمسألة االختصاص سواء من الناحية الموضوعية أو‬
‫اإلجرائية‪ ،‬ولقد تجسد ذلك فعال بصدر قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية لسنة ‪ ،0229‬الذي‬
‫حدد بصفة واضحة مجال اختصاص كل من القضاء العادي والقضاء اإلداري‪ ،‬كما بين‬
‫‪3‬‬
‫اإلجراءات المتبعة أمام كل جهة قضائية‪.‬‬
‫حددت المادة ‪ 922‬مجال إختصاص القضاء االداري وذلك بنصها على أنه‪ ":‬المحاكم‬
‫اإلدارية هي جهات الوالية العامة في المنازعات اإلدارية‪.‬‬
‫تختص بالفصل في أول درجة‪ ،‬بحكم قابل لإلستئناف في جميع القضايا‪ ،‬التي تكون الدولة‬
‫أو الوالية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية طرفا فيها"‪.‬‬
‫يتضح جليا من خالل هذه المادة أن المشرع الجزائري تبنى المعيار العضوي كأصل في‬
‫تحديد اختصاص القضاء اإلداري‪ ،‬وذلك باحتكاره سلطة الفصل في كل القضايا التي تكون‬
‫االدارة طرفا فيها مهما كانت طبيعة النزاع‪ ،‬إال ما استثني بموجب نصوص خاصة‪ .‬ونذر‬

‫‪ -1‬نصت المادة ‪ 926‬من دستور ‪ 9113‬على أنه‪ ":‬يحدد قانون عضوي تنظيم المحكمة العليا‪ ،‬ومجلس الدولة‪ ،‬ومحكمة‬
‫التنازع‪ ،‬وعملهم‪ ،‬واختصاصاتهم االخرى"‪.‬‬
‫‪ -2‬قانون عضوي رقم ‪ 29-19‬مؤرخ في ‪ 62‬ماي ‪ 9119‬معدل ومتمم‪ ،‬يتعلق بإختصاصات مجلس الدولة عمله‬
‫وتنظيمه‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ ،62‬صادرة في ‪ 29‬جوان ‪.9119‬‬
‫‪ °‬قانون رقم ‪ 20-19‬مؤرخ في ‪ 62‬ماي ‪ 9119‬يتضمن إختصاصات المحاكم اإلدارية‪ ،‬ج‪ .‬ر عدد ‪ ،62‬صادرة في ‪29‬‬
‫جوان ‪.9119‬‬
‫‪ °‬قانون عضوي رقم ‪ 26-19‬مؤرخ في ‪ 62‬ماي ‪ 9119‬يتعلق بإختصاصات محكمة التنازع‪ ،‬ج‪ .‬ر عدد ‪ ،62‬صادرة في‬
‫‪ 29‬جوان ‪.9119‬‬
‫‪ -3‬قانون رقم ‪ 21-29‬مؤرخ في ‪ 02‬فيفري ‪ 0229‬يتضمن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪،09‬‬
‫صادرة في ‪ 06‬فيفري ‪.0229‬‬

‫‪72‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫على سبيل المثال التعويض عن االصرار التي تسببها عربة تابعة لإلدارة‪ ،‬فرغم كون االدارة‬
‫طرفا في النزاع إال أن اإلختصاص يعود للقضاء العادي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬آليات الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‬
‫كرس المشرع الجزائري حق كل فرد في اللجوء إلى القضاء للمطالبة بحق أو الدفاع‬
‫عنه وذلك في المادة ‪ 6‬من القانون رقم ‪ 21-29‬التي جاء فيها‪ ":‬يجوز لكل شخص يدعي‬
‫حقا‪ ،‬رفع دعوى أمام القضاء للحصول على ذلك الحق أو حمايته‪."....‬‬
‫يتضح من خالل نص المادة أن الوسيلة التي يمكن من خاللها للفرد اللجوء الى‬
‫القضاء للدفاع عن حقه تكمن في الدعوى القضائية‪ .‬وفي مجال الضبط اإلداري فإن أهم‬
‫دعوى يمكن من خاللها حماية األفراد لحقوقهم وحرياتهم في مواجهة األعمال القانونية‬
‫والمادية التي تتخذها سلطات الضبط اإلداري تتمثل في دعوى اإللغاء ودعوى التعويض‪.‬‬
‫‪ /0‬دعوى االلغاء‪:‬‬
‫تـعتبـر دعـوى اإللغاء من أهـم الـدعاوى القضائية التي يملكها األفراد لحمايـة حرياتهم‬
‫من جراء الق اررات اإلدارية الضبطية غير المشروعة‪ ،‬التي تتخذهـا اإلدارة من أجل صيانة‬
‫الـنظام العام‪ .‬فهي تلك الدعوى التي يطلب فيها من القاضي اإلداري الـمخـتص‪ ،‬طبقا‬
‫للـشروط و اإلجراءات الـقانونيـة الـمقررة‪ ،‬الحكم بعدم مشروعية قرار إداري ضـبطي‪ ،‬و بـالتالي‬
‫‪1‬‬
‫إلغائه و إعـدام أثـاره‪.‬‬
‫تعد دعوى اإللغاء دعوى موضوعية تهدف الى وضع حد للق اررات اإلدارية غير‬
‫المشروعة‪ .‬وعليه يمكن لكل من تضرر من جراء قرار إداري تنظيمي أو فردي غير مشروع‬
‫أن يلجأ الى الجهة القضائية اإلدارية المختصة للمطالبة بإلغائه‪.‬‬
‫وبالرجوع الى القانون رقم ‪ 21-29‬نجد أن اإلختصاص في الغاء الق اررات اإلدارية‬
‫الضبطية الصادرة عن سلطات الضبط االداري المحلية ممثلة في الوالي ورئيس المجلس‬
‫الشعبي البلدي يؤول الى المحكمة اإلدارية وذلك طبقا لنص المادة ‪ 2. 929‬بينما الق اررات‬

‫‪ -1‬عـمار عوابدي‪ ،‬عملية الرقابة على أعمال اإلدارة العامة في النظام الجزائري‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬ديوان الـمطبوعات‬
‫الـجامعيـة‪ ،‬الـجزائر‪ ،9114 ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ -2‬تنص المادة ‪ 929‬من القانون رقم ‪ 21-29‬المتضمن قانون االجراءات المدنية واإلدارية على أنه‪":‬‬
‫تختص المحاكم االدارية كذلك بالفصل في‪:‬‬

‫‪73‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫اإلدارية الضبطية التي تتخذها سلطات الضبط اإلداري الوطنية سواء تعلق األمر بالضبط‬
‫اإلداري العام أو الخاص فإن اإلختصاص يؤول الى مجلس الدولة وذلك طبقا لنص المادة‬
‫‪1‬‬
‫‪ 129‬من القانون رقم ‪.21-29‬‬
‫‪ /6‬دعوى التعويض‪:‬‬
‫إن رقـابة مشروعية أعمال الضبط اإلداري ال تتعدى حدود إلغاء الق اررات اإلداريـة‬
‫الـضبطية غير المشروعة‪ ،‬دون جبر األضـرار المترتبة عن ذلك‪ .‬ومن جـهة أخـرى‪ ،‬فإن‬
‫اإلدارة في إطار ممارسة نشاطها الضبطي‪ ،‬تقوم بمجموعـة من األعمال المادية عادة ما‬
‫ار باألفـراد‪ .‬وعليه فإن المشرع أقـر لألفـراد حق المطالبة بالتعويض أمام القاضي‬
‫تلحق أضـر ا‬
‫اإلداري عما أصابهم من ضـرر‪ ،‬وذلك عن طريق تحريـك مـسؤوليـة اإلدارة‪ .‬فدعوى التعويض‬
‫أو المسؤولية عبارة عن وسلة مكملة‪ ،‬تهدف الى مطالبة الجهة القضائية المختصة بإلزام‬
‫الجهة اإلدارية المسؤولة بتعويض وجبر الضرر‪.‬‬
‫رغم تكريس المشرع حق االفراد في المطالبة بتعويض األضرار الملحقة بهم من جراء‬
‫التصرفات الصادرة عن سلطات الضبط اإلداري إال اإلشكال الذي ظل الى وقت قريب محل‬
‫جدل فقهي يكمن في األالساس الذي تقوم عليه هذه المسؤولية‪ .‬وفي هذا االطار فان‬
‫المسؤولية اإلدارية عن أعمال سلطات الضبط اإلدارية تقوم على أساسين‪:‬‬
‫أ‪ /‬التعويض على أساس الخطأ‪:‬‬
‫يعتبر مبدأ التعويض عن األضرار الملحقة بالغير من المبادئ المسلم بها في مختلف‬
‫التشريعات المدنية ومن بينه القانون المدني الجزائري في المادة ‪ ،301‬بحيث تقع مسؤولية‬
‫التعويض على الشخص الذي ارتكب الخطأ‪ ،‬وثبتت العالقة السببية بيتن الخطأ والضرر‪.‬‬
‫غير أن تطبيق هذا المبدأ في مجال المسؤولية االدارية غير مسنساغ‪ ،‬هذا ما جعل فقهاء‬
‫القانون العام وحتى قضاة القضاء اإلداري يتساءلون حول طبيعة الخطأ المستوجب للمسؤولية‬

‫‪ °‬دعاوى الغاء الق اررات االدارية والدعاوى التفسيرية ودعوى فحص المشروعية للق اررات الصادرة عن‪:‬‬
‫‪ -‬الوالية والمصالح غير الممركزة للدولة على مستوى الوالية‪،‬‬
‫‪ -‬البلدية والمصالح االدارية األخرى للبلدية‪."..‬‬
‫‪ -1‬يختص مجلس الدولة كدرجة أولى وأخيرة‪ ،‬بالفصل في دعاوى اإللغاء والتفسير وتقدير المشروعية في الق اررات اإلدارية‬
‫الصادرة عن السلطات االدارية المركزية‪."....‬‬

‫‪74‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫اإلدارية في مجال الضبط اإلداري‪ .‬فرغـم إتفاق الـفقه والقضاء على كـون الخطأ سببا من‬
‫أسباب قـيام مـسؤوليـة السلطـة اإلداريـة عن نشاطـها الضبطي‪ ،‬إال أن اإلشـكال ظل قائـما‬
‫حول طبيعة الخطأ الذي يـؤدي إال إنعقاد مـسؤولية السلطة اإلدارية‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار أكد كل من الفقه والقضاء ضرورة التميز بين الخطأ الشخصي والخطأ‬
‫المرفقي‪ ،‬معتمدا في ذلك على مجموعة من المعايير من بينها المعيار الغائي‪ ،‬معيار جسامة‬
‫الخطأ‪...‬الخ‪ .‬ونظ ار لنسبية المعايير التي قدمها الفقه للتمييز بين الخطأ المرفقي والخطأ‬
‫الشخصي‪ ،‬فإن القضاء اإلداري لم يستـقر على تبني معيار مـحدد‪ ،‬بل أخذ يـعالج كـل قـضـية‬
‫‪1‬‬
‫على حدى‪.‬‬
‫قرار‪TOMASSO GRECO‬‬ ‫في تعليقة على‬ ‫(‪)ROMIEU‬‬ ‫ولقد أكد مستشار الحكومة روميو‬
‫المشار أن ه يعود للقاضي اإلداري أن يحدد في كل حالة‪ ،‬إذا ما توفر خطأ مرفقيا يرتب‬
‫مسؤولية مرفق الشرطة‪ .‬وعليه أن يأخذ بعين اإلعتبار طبيعة المرفق والظروف المحيطة‬
‫بنشاطه‪ ،‬وامكانيات المرفق المادية والبشرية‪ ،‬وطبيعة وقيمة الحرية التي هي محل اإلجراء‬
‫‪2‬‬
‫الضبطي‪ ،‬ودرجة خطورة المساس بها‪.‬‬
‫ب‪ /‬التعويض بدون خطأ‪:‬‬
‫إذا كان الخطأ هو األساس األصيل الّذي يمكن اإلستناد إليه إلقامة مسؤولية السلطة‬
‫اإلدارية بصفة عامة‪ ،‬فإن أمام تطور وظيفة الدولة‪ ،‬وازدياد تدخلها في كل المجاالت‬
‫اإلقتصادية‪ ،‬اإلجتماعية والثقافية‪ ،‬بات من الضروري إيجاد أساس تكميلي يجبر الضرر‬
‫الذي يلحق باألفراد من جراء هذه األعمال‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس‪ ،‬فإن سلطات الضبط اإلداري قد تتخذ أعماال قانونية أو مادية‬
‫مشروعة وبدون خطأ‪ ،‬إال أنها تلحق أضرار باألفراد‪ ،‬فإنه ليس من العدل واإلنصاف أن‬
‫يتحمل الفرد وحده تبعة هذه األضرار‪ .3‬وعليه‪ ،‬جاءت نظريتي المخاطر والمساواة أمام‬

‫‪ -1‬لحسين بن الشيخ أث ملويا‪ ،‬دروس في المسؤولية اإلدارية‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬المسؤولية على اساس الخطأ‪ ،‬دار الخلدونية‬
‫للنشر والتوزيع ‪ ،‬الجزائر‪ ،0222 ،‬ص ‪.960‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- C.E, 10 février 1905, arrêt TOMASO GRECO, In WEIL. P, LONG.M, BRAIBANT .G, DELVOVE. P,‬‬
‫‪GENEVOIS.B, Les grands arrêts de la jurisprudence administrative, 13 éme édition, DALLOZ, Paris, 2001, p 86.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- BLANC François, "Le régime de la responsabilité pour faute en matière de police de l'ordre", In la police‬‬
‫‪administrative existe-t- elle?, Sous la direction de LINOTTE Didier, Edition Economica, Paris, 1985, p 85.‬‬

‫‪75‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫األعباء العامة التي إبتدعها القضاء اإلداري الفرنسي‪ ،1‬كأساس تكميلي لقيام مسؤولية‬
‫الس لطة اإلدارية‪ ،‬بحيث تتحمل األضرار الناجمة عن تصرفاتها‪ ،‬حتى لو لم ترتكب خطأ من‬
‫جانبها‪.‬‬
‫لقد أكد القضاء اإلداري الجزائري على أخذه بنظرية المخاطر للتعويض األضرار الملحقة‬
‫باألفراد رغم إنتفاء الخطأ في جانب اإلدارة‪ ،‬وذلك في القرار الصادر عن الغرفة اإلدارية‬
‫بالمجلس األعلى بتاريخ ‪ 21‬جويلية ‪ 9122‬في قضية بن حسن أحمد ضد وزير الداخلية‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫الوكيل القضائي بالخزينة‪.‬‬
‫تتلخص وقائع هذه القضية في نشوب حريق داخل مركز الشرطة المركزية الواقع في‬
‫‪ 22‬شارع شاسيريو بالجزائر العاصمة‪ ،‬وانفجار مخزن للبنزين‪ ،‬مما أدى إلى وفات كل من‬
‫زوجة الطاعن وابنته صافية‪ .‬وعلى إثر ذلك رفع السيد بن حسن أحمد دعوى أمام الغرفة‬
‫اإلدارية بمجلس قضاء الجزائر ضد وزير الداخلية للمطالبة بالتعويض عن األضرار المترتبة‬
‫من جراء هذا الحادث‪.‬‬
‫وبتاريخ ‪ 24‬جوان ‪ 9122‬أصدر مجلس قضاء الجزائر فاصال في القضايا اإلدارية حكمه‪،‬‬
‫المتضمن إدانة الدولة ممثلة في شخص وزير الداخلية بدفع مبلغ ‪ 4222‬دج للطاعن و‬
‫‪ 6222‬دج ألبنائه اإلثنين نور الدين ونادية كتعويض عن األضرار المترتبة عن الحادث‪.‬‬
‫وبتاريخ ‪ 90‬جويلية ‪ 9122‬إستأنف السيد بن حسن أحمد هذا القرار أمام الغرفة اإلدارية‬
‫بالمحكمة العليا للمطالبة بإعادة تقدير مبلغ التّعويض‪.‬‬
‫وبتاريخ ‪ 21‬جويلية ‪ 9122‬أصدرت الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى قرارها الذي جاء فيه‬
‫على وجه الخصوص‪..":‬حيث أن وفاة زوجة الطاعن و أبنائه اإلثنين ناتج عن نشوب حريق‬
‫بسبب إنفجار مخزن للبنزين‪.‬‬ ‫‪Ramp Chasseriau‬‬ ‫بمقر الشرطة المركزية الواقع في ‪ 22‬شارع‬

‫‪ -1‬لحسين بن الشيخ أث ملويا‪ ،‬دروس في المسؤولية اإلدارية‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬المسؤولية بدون خطأ‪ ،‬دار الخلدونية للنشر‬
‫والتوزيع ‪ ،‬الجزائر‪ ،0222 ،‬ص ‪.2‬‬
‫‪ -2‬المجلس األعلى‪ ،‬الغرفة اإلدارية‪ ،‬قرار صادر بتاريخ ‪ 24‬جويلية ‪ ،9122‬قضية بن حسن أحمد ضد وزير الداخلية‪،‬‬
‫الوكيل القضائي بالخزينة (باللغة الفرنسية)‪ .‬أنظر‪:‬‬
‫‪- KHELLOUFI. R, BOUCHAHDA.H, Recueil de la jurisprudence administrative, O.P.U, Alger, 1979, p 87.‬‬

‫‪76‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫أن هذا المخزن وضع من طرف شركة سونطراك وشركة كالتام‪،‬‬


‫حيث في هذه الظروف‪ ،‬رغم ّ‬
‫فإن ذلك ال يعفي السلطة العامة من المسؤولية‪ ،‬بحيث وجود هذا المخزن يشكل خط ار‬
‫إستثنائيا على األشخاص والممتلكات‪ ،‬و أن األضرار المترتبة في مثل هذه الظروف تفوق‬
‫بحكم خطورتها األعباء التي من المفروض أن يتحملها األفراد‪."..‬‬
‫كما أكد القضاء اإلداري الجزائري على أخذه بنظرية المساواة أمام األعباء العامة لجبر‬
‫وتعويض األضرار الملحقة باالألفراد رغم انتفاء الخطأ من جانب االدارة‪ .‬ومن بين ق اررات‬
‫القضاء االداري في هذا الشأن نذكر القرار الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى الصادر بتاريخ‬
‫‪ 02‬جانفي‪ 9121‬في قضية بوشا سحنون وسعيدي ملكي ضد وزير الداخلية‪ ،‬وزير العدل‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫والي الجزائر‪.‬‬
‫تتلخص وقائع هذه القضية في أنه بتاريخ ‪ 09‬أوت ‪ 9129‬صدر حكم عن محكمة‬
‫الجزائر يقضي بإلزام السيدين قروني ومراح بدفعهما للمدعيين بوشا سحنون وسعيدي ملكي‬
‫مبلغ ‪ 9422‬دج‪ ،‬مقابل ‪ 09‬شه ار من إيجار محل تجاري يقع بملكيتهما‪ .‬وقد صادق مجلس‬
‫قضاء الجزائر على الحكم بتاريخ ‪ 01‬ماي ‪ 9124‬فأصبح حكما نهائيا‪.‬‬
‫تقدم المدعيان إلى مصلحة التنفيذ والتبليغ لمحكمة باب الواد لتنفيذ القرار‪ ،‬ولكن والي الجزائر‬
‫تقدم في ‪ 22‬أوت ‪ 9124‬برسالة يعترض فيها على التّنفيذ‪ ،‬ويوقف هذا األخير نهائيا‪ .‬كما‬
‫بقي التظلم الّذي وجهه المعنيين إلى السادة وزير الداخلية ووزير العدل بدون جواب‪ ،‬والذي‬
‫الناجمة عن إعتراض الوالي وامتناع عون التنفيذ‪ .‬إن هذا‬
‫إلتمسا فيه تعويضا عن األضرار ّ‬
‫السكوت يعتبر ق ار ار ضمني بالرفض‪.‬‬
‫وعلى إثر ذلك‪ ،‬رفع المدعيان دعوى أمام الغرفة اإلدارية لمجلس قضاء الجزائر ضد هذا‬
‫القرار الضمني بالرفض‪ ،‬ولكنها رفضتها بموجب قرار ‪ 22‬ماي ‪ ،9123‬وهو القرار الذي‬
‫إستأنفه المدعيان أمام المجلس األعلى في ‪ 69‬ماي ‪.9123‬‬

‫‪ -1‬المجلس األعلى‪ ،‬الغرفة اإلدارية‪ ،‬قرار صادر بتاريخ ‪ 02‬جانفي ‪ 9121‬في قضية بوشة سحنون وسعيدي مالكي ضد‬
‫وزير الداخلية‪ ،‬ووزير العدل ووالي الجزائر ( باللغة الفرنسية)‪ ،‬أنظر‪:‬‬
‫‪- KHELLOUFI. R, BOUCHAHDA.H, Recueil de la jurisprudence administrative, O.P.U, Alger, 1979, p 149‬‬

‫‪77‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫وبتاريخ ‪ 02‬جانفي ‪ 9121‬فصلت الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى في هذه القضية‪ ،‬حيث‬
‫جاء في قرارها على وجه الخصوص‪..":‬حيث يتضح من خالل التحقيق‪ ،‬أنه في ظل ظروف‬
‫النظام العام‪،‬‬
‫قضية الحال‪ ،‬فإن اإلمتناع عن التنفيذ ال يتعلق بأي سبب ناتج عن ضروريات ّ‬
‫وأن سلوك اإلدارة على هذا النحو يعتبر غير مشروع‪.‬‬
‫حيث أن المتقاضي حاز على حكم يتمتع بحجية الشيء المقضي فيه‪ ،‬و بالتالي من حقه أن‬
‫يعول على السلطة اإلدارية لتنفيذ هذا الحكم‪ .‬واذا كان للسلطة اإلدارية حق تقدير ظروف‬
‫تنفيذه‪ ،‬ومن ثم اإلمتناع عن التنفيذ إذا رأت في ذلك تهديدا للنظام العام‪ ،‬فإن الضرر‬
‫المترتب عن هذا اإلمتناع إن تجاوز مدة معينة ليست من األعباء التي ينبغي أن يتحملها‬
‫المدعي‪."..‬‬
‫يتضح من خالل هذه الق اررات الصادرة عن القضاء اإلداري‪ ،‬أن السلطة اإلدارية‬
‫أصبحت تتحمل المسؤولية عن األضرار التي تلحق باألفراد من جراء نشاطها الضبطي‪،‬‬
‫سواء تعلق األمر بالق اررات اإلدارية الضبطية‪ ،‬أو باألعمال المادية المرتبطة بوظيفتها‪ ،‬حتى‬
‫مع إنتفاء الخطأ من جانبها وذلك استنادا الى نظرتي المخاطر والمساواة أمام األعباء العامة‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫الخاتمة‬
‫يعد الضبط اإلداري وسيلة هامة في يد السلطات العمومية لتجسيد الموازنة بين‬
‫إ عتبارات ممارسة الحقوق والحريات العامة وبين ضروروات واعتبارات وقاية النظام العام‬
‫بصفة وقائية‪ ،‬وذلك تطبيقا للقاعدة الفقهية التي مفادها أن الحرية هي األصل والتقييد هو‬
‫اإلستثناء‪.‬‬
‫إن ممارسة الحقوق والحريات المقررة لألفراد ال يكون لها معنى إال في ظل محيط‬
‫يسوده الطمأنينة واألمن‪ ،‬باعتبار هذا األخير أساس إستقرار السياسي واإلجتماعي على حد‬
‫سواء‪ ،‬خاصة في ظل التوترات التي يعرفها العالم بأسره‪.‬‬
‫لقد تعددت مصادر التهديد للنظام العام خاصة في الوقت الحالي أين نعيش مرحلة‬
‫الإلستقرار للعديد من الدول الحدودية سواء في ليبيا وتونس وغيرها‪ ،‬مما يؤدي إلى انتشار‬
‫الجريمة بمختلف أشكالها سواء من طرف الوطنين‪ ،‬بل حتى من طرف األجانب النازحين من‬
‫أوطانهم بسبب النزاعات المسلحة والحروب‪.‬‬
‫هذه اإلعتبارت تجعل مهمة سلطات الضبط اإلداري بكل أنواعها أكثر من مهمة‪،‬‬
‫للتصدي بصفة وقائية لكل الظزاهر التي قد تؤدي الى تعكير النظام العام‪ ،‬وبالتالي زعزعة‬
‫إستقرار البالد‪ ،‬سواء باألفعال أو بالكتبات أو بالرسومات أو غيرها من الوسائل التي تشكل‬
‫كلها تهديدا للنظام العام‪.‬‬
‫وأما تطور وتعدد وسائل التهديد للنظام العام داخليا وخرايجا كان من الضروري تعزيز‬
‫صالحيات ووسائل التدخل القانونية والمادية حتى يتسنى لسلطات الضبط اإلداري الوقوف‬
‫في المرصاد لكل من تسول له نفسه الخروج عن حدود القانون‪.‬‬
‫غير أن إستعمال هذه السلطات واإلمتيازات ال تكون بصفة تعسفية واستبدادية‪ ،‬بل‬
‫يجب أن تكون في حدود ما يسمح به القانون‪ ،‬واإل إنتقلنا من دولة القانون إلى الدولة‬
‫البوليسية‪ ،‬ومن ثم يصبح تدخل سلطات الضبط اإلداري يشكل هو ف يحد ذاته تهديدا‬
‫لالستقرار‪.‬‬
‫ومن أجل ضمان إستعمال هذه الوسائل في حدود ما يسمح به القانون‪ ،‬أقر الفقه‬
‫والقضاء والتشريع سلطة األفراد في اللجوء إلى القضاء المختص لحماية حقوقه وحرياته في‬

‫‪79‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫مواجهة سلطات الضبط االداري‪ ،‬من خالل المطالبة بإلغاء التصرفات غير المشروعية‪،‬‬
‫والتعويض عن األضرار المترتبة عن تصرفاتها بغض النظر عن مدى مشروعيتها‪.‬‬
‫إ ن تحقيق معادلة التوفيق بين الحرية والنظام من خالل نشاط الضبط االداري ليس‬
‫باألمر الهين‪ ،‬مما يتطلب دراية ومعرفة قانونية وسياسية من طرف الجهات االدارية المخول‬
‫لها قانونا ممارسة هذه المهمة‪ ،‬ألن الواقع أثبت أن سلطات الضبط اإلداري عادة ما تفضل‬
‫حماية النظام العام على حساب الحقوق والحريات‪ ،‬وأحسن مثال على ذلك في الوقت الراهن‬
‫هو منع كل المظاهرات‪ ،‬بحجة أنها تشكل خط ار على النظام العام وذلك رغم رفع حالة‬
‫الطوارئ‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫قائمة المراجع‬
‫أوال‪ :‬باللغة العربية‬
‫أ‪ /‬الكتب‪:‬‬
‫‪ -9‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬مبادئ وأحكام القانون اإلداري اللبناني‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الدار‬
‫الجامعية للطباعة والنشر‪9196 ،‬‬
‫‪ -0‬اعاد حمود القيسي‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬دار وائل للطباعة والنشر‪9119 ،‬‬
‫‪ -6‬حسن محمد عواضة‪ ،‬المبادئ األساسية للقانون اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬المؤسسة‬
‫الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪9112 ،‬‬
‫‪ -4‬حمود حمبلي‪ ،‬حقوق اإلنسان بين النظم الوضعية و الشريعة اإلسالمية‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪9112 ،‬‬
‫‪ -2‬خالد خليل الظاهر‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار الميسرة للنشر والتوزيع‬
‫والطباعة‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪9112 ،‬‬
‫‪ -3‬زين العابدين بركات‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري مطبعة رياض‪ ،‬دمشق ‪9121‬‬
‫‪ -2‬سعاد الشرقاوي‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬بدون ناشر‪9196 ،‬‬
‫‪ -9‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الفكر العربي‪،‬‬
‫‪9113‬‬
‫‪ -1‬طعيمة الجرف‪ ،‬القانون اإلداري والمبادئ العامة في تنظيم نشاط السلطات اإلدارية‪،‬‬
‫دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪9129 ،‬‬
‫‪ -92‬عاشور سليمان شوايل‪ ،‬مسؤولية الدولة عن أعمال الضبط اإلداري في القانون الليبي‬
‫والمقارن جنائيا واداريا‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪0220 ،‬‬
‫‪ -99‬عبد الغني بسيوني عبد اهلل‪ ،‬وقف تنفيذ القرار اإلداري في أحكام القضاء اإلداري‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.0222 ،‬‬
‫‪ 90‬عبد المنعم محفوظ‪ ،‬عالقة الفرد بالسطة‪ ،‬الحريات العامة وضمانات ممارستها‪ :‬دراسة‬
‫مقارنة‪ ،‬دار الهنا للطباعة‪.9191 ،‬‬
‫‪ -96‬عـمار عوابدي‪ ،‬عملية الرقابة على أعمال اإلدارة العامة في النظام الجزائري‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة‪ ،‬ديوان الـمطبوعات الـجامعيـة‪ ،‬الـجزائر‪.9114 ،‬‬
‫‪81‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫‪ -94‬علي خطار شطناوي‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪.0226‬‬
‫‪ -92‬لحسين بن الشيخ أث ملويا‪ ،‬دروس في المسؤولية اإلدارية‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬المسؤولية‬
‫على اساس الخطأ‪ ،‬دار الخلدونية للنشر والتوزيع ‪ ،‬الجزائر‪.0222 ،‬‬
‫‪ -93‬لحسين بن الشيخ أث ملويا‪ ،‬دروس في المسؤولية اإلدارية‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬المسؤولية‬
‫بدون خطأ‪ ،‬دار الخلدونية للنشر والتوزيع ‪ ،‬الجزائر‪.0222 ،‬‬
‫‪ -92‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.0229 ،‬‬
‫‪ 993‬محمد عبد الحميد مسعود‪ ،‬إشكاليات رقابة القضاء على ق اررات الضبط اإلداري‪،‬‬
‫‪.0222‬‬
‫‪ -91‬محمد محمد عبده إمام‪ ،‬القانون اإلداري وحماية الصحة العامة‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.0222 ،‬‬
‫‪ -02‬محمود حلمي‪ ،‬نشاط اإلدارة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -09‬مصطفى أبو زيد فهمي‪ ،‬الوسيط في القانون اإلداري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.0222 ،‬‬
‫‪ -00‬ناصر لباد‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬التنظيم اإلداري‪ -‬النشاط اإلداري‪ ،‬مطبعة‬
‫لباد‪.0223 ،‬‬
‫‪ -06‬نواف كنعان‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪.0220 ،‬‬
‫ب‪ /‬الرسائل والمذكرات‪:‬‬
‫‪ -9‬سكينة عزوز‪ ،‬عملية الموازنة بين أعمال الضبط اإلداري والحريات العامة‪ ،‬بحث لنيل‬
‫شهادة الماجستير في اإلدارة والمالية العامة‪ ،‬معهد الحقوق والعلوم اإلدارية‪ ،‬جامعة الجزائر‪،‬‬
‫‪.9112‬‬
‫‪ -0‬عامر أحمد مختار‪ ،‬تنظيم سلطة الضبط اإلداري في العراق‪ ،‬رسالة جامعية‪ ،‬جامعة‬
‫بغداد‪.9122 ،‬‬
‫‪ -6‬عمور سيالمي‪ ،‬الضبط اإلداري البلدي في الجزائر‪ ،‬بحث لنيل شهادة الماجستير في‬
‫اإلدارة والمالية العامة‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬معهد العلوم القانونية واإلدارية‪.9199 -9192 ،‬‬
‫‪82‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫ج‪ /‬المقاالت‪:‬‬
‫‪ -9‬بالقاسم دايم ‪" ،‬الحماية القانونية للسكينة العامة"‪ ،‬مجلة العلوم القانونية واإلدارية‪ ،‬جامعة‬
‫أبو بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،‬العدد الثاني‪.‬‬
‫‪ -0‬عادل السعيد أبو الخير‪ "،‬اجتهاد القاضي اإلداري في مجال الحقوق والحريات"‪ ،‬مجلة‬
‫االجتهاد القضائي‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬العدد ‪،0‬‬
‫‪.0222‬‬
‫‪ -6‬عمار عوابدي‪ "،‬الجوانب القانونية لفكرة البوليس اإلداري"‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم‬
‫القانونية السياسية واالقتصادية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬العدد ‪.9192 ،4‬‬
‫‪ -4‬محمود سعد الدين الشريف‪ "،‬النظرية العامة للبوليس اإلداري في مصر"‪ ،‬مجلة مجلس‬
‫الدولة‪ ،‬القاهرة‪.9129 ،‬‬
‫‪ -2‬محمود عاطف البنا‪ "،‬الضبط اإلداري بين الحرية والنظام العام"‪ ،‬مجلة األمن والقانون‪،‬‬
‫كلية شرطة دبي‪ ،‬السنة الثانية‪ ،‬العدد ‪.9114 ،9‬‬
‫‪ -3‬نواف كعنان‪ "،‬دور الضبط اإلداري في حماية البيئة (دراسة تطبيقية في دولة اإلمارات‬
‫العربية المتحدة)" ‪ ،‬مجلة جامعة الشارقة للعلوم الشرعية واإلنسانية‪ ،‬جامعة الشارقة للعلوم‬
‫الشرعية واإلنسانية‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬المجلد ‪ ،20‬العدد ‪.0223 ،29‬‬
‫د‪ /‬النصوص القانونية‪:‬‬
‫‪ °‬الدساتير‪:‬‬
‫‪ -9‬دستور الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية لسنة ‪ ،9136‬ج‪ .‬ر عدد ‪ ، 34‬صادر‬
‫في ‪ 92‬سبتمبر ‪9136‬‬
‫‪ -0‬دستور الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية لسنة ‪ 9123‬صادر بموجب أمر رقم‬
‫‪ 12-23‬مؤرخ في ‪ 00‬نوفمبر ‪ ،9123‬يتضمن اصدار دستور الجمهورية الجزائرية‬
‫الديموقراطية الشعبية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 14‬صادرة في ‪ 04‬أكتوبر ‪.9123‬‬
‫‪ -6‬دستور الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية لسنة ‪ 9191‬صادر بموجب مرسوم‬
‫رئاسي رقم ‪ 99-91‬مؤرخ في ‪ 09‬فيفري ‪ 9191‬يتعلق بنشر نص تعديل الدستور الموافق‬
‫عليه في استفتاء ‪ 06‬فيفري ‪،9191‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 1‬صادرة في ‪ 9‬مارس ‪.9191‬‬

‫‪83‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫‪ -4‬دستور الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية لسنة ‪ 9113‬صادر بموجب مرسوم‬


‫رئاسي رقم ‪ 469-13‬مؤرخ في ‪ 2‬ديسمبر ‪ 9113‬يتعلق باصدار نص تعديل الدستور‬
‫المصادق عليه في استفتاء ‪ 09‬نوفمبر ‪ ،9113‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 23‬صادرة في ‪9‬‬
‫ديسمبر ‪ .9113‬معدل بموجب القانون رقم ‪ 26-20‬المؤرخ في ‪ 92‬أفريل ‪ ،0220‬الجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 02‬الصادرة في ‪ 94‬أفريل ‪ .0220‬وبموجب القانون رقم ‪ 91-29‬المرخ في‬
‫‪ 92‬نوفمبر ‪ ،0229‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 36‬صادرة في ‪ 93‬نوفمبر ‪ ،0229‬وبموجب‬
‫القانو رقم ‪ 29-93‬المؤرخ في ‪ 3‬مارس ‪ ،0293‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 94‬صادرة في ‪2‬‬
‫مارس ‪.0293‬‬
‫‪ °‬القوانين العضوية‪:‬‬
‫‪ -0‬قانون عضوي رقم ‪ 29-19‬مؤرخ في ‪ 62‬ماي ‪ 9119‬معدل ومتمم‪ ،‬يتعلق‬
‫بإختصاصات مجلس الدولة عمله وتنظيمه‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،62‬الصادرة في ‪29‬‬
‫جوان ‪.9119‬‬
‫‪ -0‬قانون عضوي رقم ‪ 26-19‬مؤرخ في ‪ 62‬ماي ‪ 9119‬يتعلق بإختصاصات محكمة‬
‫التنازع‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 62‬الصادر في ‪ 29‬جوان ‪.9119‬‬
‫‪ -6‬قانون عضوي رقم ‪ 24-90‬مؤرخ في ‪ 90‬جانفي ‪ ، 0290‬يتعلق باألحزاب السياسية‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 0‬الصادرة في ‪ 92‬جانفي ‪.0290‬‬
‫‪ -4‬قانون عضوي رقم ‪ 22-90‬مؤرخ في ‪ 90‬جانفي ‪ ،0290‬يتعلق باالعالم‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 0‬الصادرة في ‪ 92‬جانفي ‪.0290‬‬
‫‪ °‬القوانين العادية‪:‬‬
‫‪ -9‬أمر رقم ‪ 49-22‬مؤرخ في ‪ 92‬جويلية ‪ ،9122‬يتعلق باستغالل محالت بيع‬
‫المشروبات‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 22‬الصادرة بتاريخ ‪ 99‬جويلية ‪.9122‬‬
‫‪ -0‬القانون رقم ‪ 26 -96‬المؤرخ في ‪ 22‬فيفري ‪ 9196‬المتعلق بحماية البيئة‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 23‬الصادرة في ‪ 9‬نوفمبر ‪( 9196‬ملغى)‪.‬‬
‫‪ -6‬قانون رقم ‪ 22- 92‬مؤرخ في ‪ 93‬فيفيري ‪ ،9192‬يتعلق بحماية الصحة وترقيتها‪،‬‬
‫المعدل والمتمم‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 29‬الصادرة في ‪ 92‬فيفيري ‪9192‬‬

‫‪84‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫‪ -4‬قانون رقم ‪ 91-19‬مؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر‪ ،9119‬يعدل ويمتمم القانون رقم ‪09-91‬‬


‫المؤرخ في ‪ 69‬ديسمبر ‪ 9191‬المتعلق باالجتماعات والمظاهرات العمومية‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 30‬الصادرة في ‪ 4‬ديسمبر ‪.9119‬‬
‫‪ -2‬قانون رقم ‪ 20-19‬مؤرخ في ‪ 62‬ماي ‪ 9119‬يتضمن إختصاصات المحاكم اإلدارية‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 62‬الصادر في ‪ 29‬جوان ‪.9119‬‬
‫‪ -3‬قانون رقم ‪ 26-0222‬مؤرخ في ‪ 22‬أوت ‪ ،0222‬يحدد القواعد العامة المتعلقة بالبريد‬
‫والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬ج ر العدد ‪ 49‬الصادرة في ‪ 22‬أوت ‪.0222‬‬
‫‪ -2‬قانون رقم ‪ 92-26‬مؤرخ في ‪ 91‬جويلية ‪ ،0226‬يتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية‬
‫المستدامة‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 46‬الصادرة في ‪ 02‬جويلية ‪.0226‬‬
‫‪ -9‬قانون رقم ‪ 20-24‬مؤرخ في ‪ 0224-23-06‬يحدد القواعد المطبقة على الممارسات‬
‫التجارية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 49‬الصادرة في ‪ 02‬جوان ‪.0224‬‬
‫‪ -1‬قانون رقم ‪ 22-24‬مؤرخ في ‪ 94‬أوت ‪ 0224‬يعدل ويتمم القانون رقم ‪ 01/12‬المؤرخ‬
‫في ‪ 29‬ديسمبر ‪ 9112‬والمتعلق بالتهيئة والتعمير‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد ‪ 29‬الصادرة في‬
‫‪ 92‬أوت ‪.0224‬‬
‫‪ -92‬قانون رقم ‪ 21-29‬مؤرخ في ‪ 02‬فيفري ‪ 0229‬يتضمن قانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،09‬الصادرة في ‪ 06‬فيفري ‪.0229‬‬
‫‪ -99‬قانون رقم ‪ 99-29‬المؤرخ في ‪ 02‬جوان ‪ ،0229‬المتعلق بشروط دخول األجانب إلى‬
‫الجزائر واقامتهم بها وتنقلهم فيها‪ .‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 63‬الصادرة في ‪ 0‬جويلية‬
‫‪.0229‬‬
‫‪ -90‬قانون رقم ‪ 24-99‬مؤرخ في ‪ 92‬فيفري ‪ ،0299‬يحدد القواعد التي تنظم نشاط الترقية‬
‫العقارية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 94‬الصادرة في ‪ 3‬مارس ‪.0299‬‬
‫‪ -96‬قانون رقم ‪ 92-99‬مؤرخ في ‪ 00‬جوان ‪ ،2011‬يتعلق بالبلدية‪ ،‬الجريدة الرسيمة‪،‬‬
‫العدد ‪ 62‬الصادرة في ‪ 6‬جويلية ‪.0299‬‬
‫‪ -94‬قانون رقم ‪ 22-90‬مؤرخ في ‪ 09‬فيفيري ‪ ،0290‬يتعلق بالوالية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪،‬‬
‫العدد ‪ 90‬الصادرة في ‪ 01‬فيفري ‪.0290‬‬

‫‪85‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫‪ °‬النصوص التنظيمية‪:‬‬
‫‪ -9‬مرسوم رقم ‪ 032-99‬المؤرخ في ‪ 92‬أكتوبر ‪ 9199‬المتعلق بصالحيات رئيس‬
‫المجلس الشعبي البلدي فيما يخص الطرق والنقاوة والطمأنينة العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪،‬‬
‫العدد ‪ 49‬الصادرة في ‪ 96‬أكتوبر ‪.9199‬‬
‫‪ -0‬المرسوم رقم ‪ 626 -96‬المؤرخ في ‪ 09‬ماي ‪ 9196‬المتعلق بسلطات الوالي في ميدان‬
‫األمن والمحافظة على النظام العام‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 00‬الصادرة في ‪ 69‬ماي‬
‫‪.9196‬‬
‫‪ -6‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 44-10‬مؤرخ في ‪ ،9110-20-21‬يتضمن اعالن حالة الطوارئ‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 92‬الصادرة في ‪ 1‬فيفري ‪ ،9119‬والملغى بموجب األمر رقم ‪-99‬‬
‫‪ 29‬المؤرخ في ‪ 06‬فيفري ‪ ،0299‬المتضمن رفع حالة الطوارئ‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪90‬‬
‫الصادرة في ‪ 06‬فيفري ‪.0299‬‬
‫‪ -4‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 099-24‬مؤرخ في ‪ 09‬جويلية ‪ ،0224‬يحدد كيفيات اعتماد‬
‫الصحفيين الذين يمارسون المهنة لحساب هيئة تخضع لقانون أجنبي‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد‬
‫‪ 42‬الصادرة في ‪ 09‬جويلية ‪.0224‬‬
‫‪ -2‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 962-22‬مؤرخ في ‪ 91‬جوان ‪ ،0222‬يحدد شروط وكيفيات سير‬
‫التظاهرات الدينية لغير المسلمين‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 66‬الصادرة في ‪ 02‬ماي ‪.0222‬‬
‫‪ -3‬المرسوم رقم ‪ 029-92‬المؤرخ في ‪ 09‬أكتوبر ‪ ،0292‬يحدد صالحيات وزير التهيئة‬
‫العمرانية والبيئة‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 34‬الصادرة في ‪ 09‬أكتوبر ‪.0292‬‬
‫‪ -2‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 29-92‬مؤرخ في ‪ 4‬جانفي ‪ ،0292‬يحدد شروط وكيفيات‬
‫الترخيص المسبق لنشر المصحف الشريف وطبعه وتسويقه على جميع الدعائم‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 0‬الصادرة بتاريخ ‪ 99‬جانفي ‪.0292‬‬
‫‪ -9‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 21-92‬مؤرخ في ‪ 4‬جانفي ‪ ،0292‬يحدد شروط وكيفيات‬
‫الترخيص المسبق الستيراد الكتاب الديني‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 0‬الصادرة بتاريخ ‪99‬‬
‫جانفي ‪.0292‬‬

‫‪86‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫ه‪ /‬االجتهاد القضائي‪:‬‬


‫‪ -0‬المجلس األعلى‪ ،‬الغرفة اإلدارية‪ ،‬قرار صادر بتاريخ ‪ 24‬جويلية ‪ ،9122‬قضية بن‬
‫حسن أحمد ضد وزير الداخلية‪ ،‬الوكيل القضائي بالخزينة (باللغة الفرنسية)‪ .‬أنظر‪:‬‬
‫‪- KHELLOUFI. R, BOUCHAHDA.H, Recueil de la jurisprudence administrative, O.P.U,‬‬
‫‪Alger, 1979, p 87‬‬
‫‪ -6‬المجلس األعلى‪ ،‬الغرفة اإلدارية‪ ،‬قرار صادر بتاريخ ‪ 02‬جانفي ‪ 9121‬في قضية‬
‫بوشة سحنون وسعيدي مالكي ضد وزير الداخلية‪ ،‬ووزير العدل ووالي الجزائر ( باللغة‬
‫الفرنسية)‪ ،‬أنظر‪:‬‬
‫‪- KHELLOUFI. R, BOUCHAHDA.H, Recueil de la jurisprudence administrative, O.P.U,‬‬
‫‪Alger, 1979, p 149‬‬
‫‪ -6‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 0999‬الصادر بتاريخ ‪ 91‬مارس‪ ،0229‬قضية المجلس‬
‫الشعبي البلدي لبلدية بورج بوعريريج ضد ( ف ب) ومن معه‪ ،‬موسوعة االجتهاد القضائي‬
‫الجزائري‪ ،‬ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس الدولة‪ ،‬اإلصدار الرابع‪.0223 ،‬‬
‫‪ -4‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 1649‬الصادر بتاريخ ‪ 92‬فيفري ‪ ،0226‬قضية رئيس‬
‫المجلس الشعبي البلدي لبلدية عين توتة ضد ( ب ص)‪ ،‬موسوعة االجتهاد القضائي‬
‫الجزائري‪ ،‬ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس الدولة‪ ،‬اإلصدار الرابع‪.0223 ،‬‬
‫‪ -2‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 1224‬الصادر بتاريخ ‪ 02‬فيفري ‪ 0226‬قضية الشركة ذات‬
‫المسؤولية المحدودة (كوديال) ضد والي والية وهران‪ ،‬موسوعة االجتهاد القضائي الجزائري‪،‬‬
‫ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس الدولة‪ ،‬اإلصدار الرابع‪.0223 ،‬‬
‫‪ -3‬قرار مجلس الدولة رقم ‪ 1399‬الصادر بتاريخ ‪ 02‬فيفري ‪ ،0226‬قضية ( ع ب) ضد‬
‫بلدية حاسي مسعود‪ ،‬موسوعة االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬ق اررات المحكمة العليا وق اررات‬
‫مجلس الدولة ‪ ،‬اإلصدار الرابع‪.0223 ،‬‬
‫‪ -2‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 1399‬الصادر بتاريخ ‪ 92‬أفريل ‪ 0226‬قضية ( ع ب) ضد‬
‫رئيس بلدية سور الغزالن‪ ،‬موسوعة االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬ق اررات المحكمة العليا‬
‫وق اررات مجلس الدولة ‪ ،‬اإلصدار الرابع‪.0223 ،‬‬

‫‪87‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫‪ -9‬قرار مجلس الدولة رقم ‪ 92249‬الصادر بتاريخ ‪ 92‬أفريل ‪ ،0226‬قضية ( ه م) ضد‬


‫بلدية حاسي مسعود‪ ،‬موسوعة االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬ق اررات المحكمة العليا وق اررات‬
‫مجلس الدولة ‪ ،‬اإلصدار الرابع‪.0223 ،‬‬
‫‪ -1‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 92169‬المؤرخ في ‪ 92‬جوان ‪ ،0226‬قضية والي والية بجاية‬
‫ضد ( ش ح) ‪ ،‬موسوعة االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬اإلصدار الرابع‪.0223 ،‬‬
‫‪ 92‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 1903‬الصادر بتاريخ ‪ 00‬جويلية ‪ ،0226‬قضية ( ع ن) ضد‬
‫والي والية سكيكدة‪ ،‬موسوعة االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬ق اررات المحكمة العليا وق اررات‬
‫مجلس الدولة ‪ ،‬اإلصدار الرابع‪.0223 ،‬‬
‫‪ -99‬قرار مجلس الدولة رقم ‪ 92923‬الصادر بتاريخ ‪ 93‬ديسمبر ‪ ،0226‬قضية ( ن ع)‬
‫ضد ( ك خ) ومن معه‪ ،‬موسوعة االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬ق اررات المحكمة العليا‬
‫وق اررات مجلس الدولة ‪ ،‬اإلصدار الرابع‪.0223 ،‬‬
‫‪ -90‬قرار مجلس الدولة رقم ‪ 99340‬المؤرخ في ‪ 93‬ديسبمبر ‪ ،0226‬قضية ( ر ع) ضد‬
‫بلدية العلمة ومن معها‪ ،‬موسوعة االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬ق اررات المحكمة العليا ومجلس‬
‫الدولة‪ ،‬اإلصدار الرابع‪.0223 ،‬‬
‫‪ -96‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 99999‬المؤرخ في ‪ 93‬ديسمبر ‪ ،0226‬قضية ( ب م) ضد‬
‫والية وهران‪ ،‬موسوعة االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس‬
‫الدولة‪ ،‬اإلصدار الرابع‪.0223 ،‬‬
‫‪ -94‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 99920‬المؤرخ في ‪ 93‬ديسمبر ‪ ،0226‬قضية ( ع ع )‬
‫ضد والي والية باتنة‪ ،‬موسوعة االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬اإلصدار الرابع‪.0223 ،‬‬
‫ثانيا‪ :‬باللغة الفرنسية‬
‫‪A/ ouvrages :‬‬

‫‪1- BERNARD Paul, Notion d’ordre public en droit administratif, L.G.D.J, Paris, 1962.‬‬
‫‪2- DELBLOND Antoine, la police administrative, édition L’HERMES, Lyon, 1997.‬‬
‫‪3- DE LAUBADERE André, manuel de droit administratif, 11éme Edition, L .G .D. J, Paris,‬‬
‫‪1979.‬‬
‫‪4- FOILLARD Philippe, Droit Administratif, C. P. U, Paris, 2001.‬‬
‫‪56 HAURIOU Maurice, précis de droit administratif, Paris, Recueil Sirey, 12 éme édition,‬‬
‫‪1933.‬‬
‫‪6- MAHIOU Ahmed, cours d’institutions administratives, 3éme EDITION, Office Des‬‬
‫‪Publication Universitaires, Alger, 1981.‬‬

‫‪88‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

7- RIVETRO Jean, droit administratif, 6 éme édition, édition DALLOZ, Paris, 1992.
8- TEITGEN Henry, La police municipale générale, l’ordre public et les pouvoirs de Maire,
Sirey, Paris, 1934.

B/ thèses et mémoires:

1- ABDEL MALEK MANSOUR Samir, la protection des libertés publiques face a l’autorité
de la police administrative en France et en Egypte, thèse de doctorat en droit, université de
Paris 1 Panthéon Sorbonne, 1992.
2- CASTAGNE Jean, Le contrôle juridictionnel de la légalité des actes de police
administrative, thèse pour le doctorat en droit, faculté de droit et des sciences économiques,
1961.
3- LAJOIE Jean Louis, libertés, participation et ordre public en droit algérien, thèse pour le
doctorat d’Etat en droit, mention droit public, université jean moulin, Lyon III, faculté de
droit, 1983.
4- TEITGENE Henri, la police municipale, thèse, Nancy, 1934.
5- VINCENT-LEGOUX Marie- Caroline, l’ordre public, étude de droit comparé interne,
thèse pour le doctorat en droit, université de Bourgogne, faculté de droit et de science
politique, 1996.

C/ articles

1- BIBANDA Antoine, «Quelques exemples de polices administratives spéciales », In La


police administrative existe- t-elle ? », In La police administrative existe-t-elle ?, sous la
direction de LINOTTE Didier, Edition Economica, Paris, 1985.
2- BLANC François, « Le régime de la responsabilité pour faute en matière de police de
l'ordre", In la police administrative existe-t- elle? », Sous la direction de LINOTTE Didier,
Edition Economica, Paris, 1985.
3- CHEROT Jean Yves, « La notion d’ordre public dans la théorie de l’action
administrative », In La police administrative existe-t-elle ? », sous la direction de LINOTTE
Didier, Edition Economica, Paris, 1985.
4- CHEVENEMENT Jean Pierre, « difficultés et légitimité de la contrainte », discours
d'ouverture l'ors de colloque intitulé: « puissance publique ou impuissance publique »,
organisé conjointement par le ministère de l'intérieur et l'université Paris I, Panthéon
Sorbonne, publier dans la revue A.J.D.A, 20 juillet 20 août 1999, n° spécial
5- GUILLAUME-HOFNUNG Michèle, « l'ordre public sanitaire et l'environnement », Revue
de la Gendarmerie National , 4 éme trimestre, 2006, N° 221.
6- MAZEAUD Pierre, « libertés et ordre public », in http://conseil-constitutionnel.fr
7- TRUCHET Didier, L'autorité de police est elle libre d'agir?, in colloque intitulé : puissance
publique ou impuissance publique" organisé par le ministère de l'intérieure conjointement
avec l'université Paris I, Panthéon Sorbonne, les 08 et 09 février 1999 au Carrousel du
Louvre, Pris, in A.J.D.A, 20 juillet/ 20 août 1999, n° spécial, 06.
8- PICARD Etienne, notion de police administrative, L.G.D.J, Paris, 1984.

E/ jurisprudence :
° Conseil d’etat :
1- C.E, 18 avril 1902, arrêt Commune de Néris-les-Bains, in http://www.legifrance.gouv.fr
2- C.E, 10 février 1905, arrêt TOMASO GRECO, In WEIL. P, LONG.M, BRAIBANT .G,
DELVOVE. P, GENEVOIS.B, Les grands arrêts de la jurisprudence administrative, 13éme
édition, DALLOZ, Paris, 2001, p 86.
89
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

3- C.E, 08 aout 1919, arrêt Labonne, in http://www.legifrance.gouv.fr


4- C.E, 24 juin 1949, Arrêt Lecomte, in http://www.legifrance.gov.fr
5- C.E, 11 mai 1951, Consort Baud, in http://www.revuegeneraledudroit.eu
6- CE, 23 octobre 1951, arrêt société nouvelle d’imprimerie, conclusion de commissaire du
gouvernement Letourneur, Revue Droit Public, 1951
7- C.E, 18 décembre 1959, arrêts société « les films lutetia » et syndicat français des
producteurs et exportateurs de films, in WEIL. P, LONG.M, BRAIBANT .G, DELVOVE. P,
GENEVOIS.B, Les grands arrêts de la jurisprudence administrative, 13éme édition, DALLOZ,
Paris, 2001
8- C.E, 13 mai 1960, arrêt SARL Restaurant Nicolas, in http://www.legifrance.gouv.fr
9- C.E, 24 juin 1960, Arrêt Société Frampar et société France éditions et publications in
http ://www.legifrance.gov.fr
10- C.E, 19 avril 1963, arrêt société « des films Marceau », in WEIL. P, LONG.M,
BRAIBANT .G, DELVOVE. P, GENEVOIS.B, Les grands arrêts de la jurisprudence
administrative, 13éme édition, DALLOZ, Paris, 2001
11- C.E, 18 février 1972, arrêt Chambre Syndicat des entreprises artisanales du bâtiment de la
haute Garonne, in http://www.legifrance.gouv.fr
12- C.E, 02 mai 1973,arret Association Culturelle des Israélites Nord Africains de Paris,
in http://www.legifrance.gouv.fr
13- C.E, 09 juin 1975, arrêt Commune de Janvry, in http://www.legifrance.gouv.fr
14- C.E, 27 octobre 1995, arrêt Ville d'Aix en Provence et Commune de Morsang sur Orge,
in http://www.legifrance.gouv.fr

° Tribunal des conflits :

1-TC, 07 juin 1951, arrêt Dame Noualek, in http://www.legifrance.gov.fr.


2-T.C, 27 juin 1955, arrêt Dame Barbier, in http://www.legifrance.gov.fr.
3- T.C, 15 juillet 1968, arrêt Tayeb, in http://www.legifrance.gov.fr.
4- T.C, 05 décembre 1977, Arrêt Delle Motsch, in http://www.legifrance.gov.fr.
5- T.C, 12 juin 1978, Arrêt Société le Profil, in http://www.legifrance.gov.fr.

° Conseil constitutionnel :

1- C.C, 20 fevrier 1987, Code rural R22. in http://www.conseil-constitutionnel.fr

90
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫الفهرس‬
‫مقدمة‪9..................................................................................................................................................................:‬‬
‫المحور األول‪ :‬مفهوم الضبط اإلداري‪6...........................................................................................................‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف الضبط اإلداري‪6..........................................................................................................................‬‬
‫‪ /9‬التعريف التقليدي للضبط اإلداري‪4...........................................................................................................:‬‬
‫‪ /0‬التعريف الحديث للضبط اإلداري‪2..........................................................................................................:‬‬
‫ثانيا‪ :‬تميز الضبط اإلداري عن الضبط القضائي‪2.......................................................................................‬‬
‫‪ /9‬أهمية التميز بين الضبط اإلداري والضبط القضائي‪9..................,.........................................................‬‬
‫‪ /0‬معاير التميز بين الضبط اإلداري والضبط القضائي‪1.........................................................................:‬‬
‫أ‪ /‬المعيار العضوي‪1.......................................................................................................................................:‬‬
‫ب‪ /‬المعيار الموضوعي‪92...............................................................................................................................:‬‬
‫ثالثا‪ :‬هدف الضبط االداري‪96..........................................................................................................................‬‬
‫‪ /9‬العناصر التقليدية لفكرة النظام العام‪94...................................................................................................:‬‬
‫أ‪ /‬األمن العام‪99...............................................................................................................................................:‬‬
‫ب‪ /‬السكينة العامة‪02........................................................................................................................................‬‬
‫ج‪ /‬الصحة العامة‪06........................................................................................................................................:‬‬
‫‪ /0‬العناصر الحديثة لفكرة للنظام العام‪03....................................................................................................:‬‬
‫أ‪ /‬النظام العام األخالقي أو األدبي‪02.........................................................................................................:‬‬
‫ب‪ /‬النظام العام الجمالي"جمال الرونق والرواء"‪64.....................................................................................:‬‬
‫ج‪ /‬الكرامة اإلنسانية‪61...................................................................................................................................:‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬أنواع الضبط اإلداري‪42.........................................................................................................‬‬
‫أوال‪ :‬الضبط اإلداري العام والضبط اإلداري الخاص‪42...............................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬الضبط اإلداري الوطني والضبط اإلداري المحلي‪49..........................................................................‬‬
‫‪ /9‬الضبط اإلداري العام الوطني‪49...............................................................................................................:‬‬
‫أ‪ /‬رئيس الجمهورية‪49.......................................................................................................................................:‬‬
‫ب‪ /‬الوزير األول‪46...........................................................................................................................................:‬‬
‫ج‪ /‬الوزراء‪44......................................................................................................................................................:‬‬

‫‪91‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫‪ /0‬الضبط اإلداري العام المحلي‪44...............................................................................................................:‬‬


‫أ‪ /‬الوالي‪42..........................................................................................................................................................:‬‬
‫ب‪ /‬رئيس المجلس الشعبي البلدي‪42.............................................................................................................:‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬أساليب الضبط اإلداري‪22.....................................................................................................‬‬
‫أوال‪ :‬األعمال القانونية‪22....................................................................................................................................‬‬
‫‪ /9‬الق اررات االدارية التنظيمية (لوائح الضبط)‪22......................................................................................:‬‬
‫أ‪ /‬تعريف لوائح الضبط االداري‪29.................................................................................................................:‬‬
‫ب‪ /‬صور لوائح الضبط االداري‪29..................................................................................................................‬‬
‫‪ °‬التنظيم‪29........................................................................................................................................................ .:‬‬
‫‪ °‬اإلخطار المسبق‪20........................................................................................................................................:‬‬
‫‪ °‬اإلذن المسبق ( الترخيص)‪20.....................................................................................................................:‬‬
‫‪ °‬الحظر‪23.........................................................................................................................................................:‬‬
‫‪ /0‬الق اررات االدارية الفردية( تدابير الضبط اإلداري الفردية)‪29..............................................................:‬‬
‫ثانيا‪ :‬األعمال المادية ( أسلوب التنفيذ الجبري المباشر)‪32.......................................................................‬‬
‫‪ /9‬تعريف التنفيذ الجبري المباشر‪33.............................................................................................................:‬‬
‫‪ /0‬شروط تطبيق التنفيذ الجبري المباشر‪32.................................................................................................:‬‬
‫المحور الرابع‪ :‬خضوع أعمال الضبط اإلداري لرقابة القضاء‪29...............................................................‬‬
‫أوال‪ :‬اإلختصاص القضائي بالنظر في أعمال سلطات الضبط االداري‪29..............................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬آليات الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‪26.....................................................................‬‬
‫‪ /9‬دعوى االلغاء‪26...........................................................................................................................................:‬‬
‫‪ /0‬دعوى التعويض‪24......................................................................................................................................:‬‬
‫أ‪ /‬التعويض على أساس الخطأ‪24...................................................................................................................‬‬
‫ب‪ /‬التعويض بدون خطأ‪22.............................................................................................................................:‬‬
‫الخاتمة‪21..............................................................................................................................................................‬‬
‫قائمة المراجع‪99..................................................................................................................................................‬‬
‫الفهرس‪19.............................................................................................................................................................‬‬

‫‪92‬‬
‫تخصص قانون عام داخلي‬ ‫محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر‬

‫‪93‬‬

You might also like