Professional Documents
Culture Documents
الــضـــبــط اإلداري
0
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
مقدمة
تعد وظيفة الضبط اإلداري من أولى واجبات الدولة وأهمها ،فهي ضرورة الزمة لضمان
اإلستقرار داخل المجتمع ،اذ بدونها تعم الفوضى وينهار النظام اإلجتماعي وتزول القيم .فمن
خالل وظيفة الضبط اإلداري تعمل الدولة على محاولة التوفيق بين فكرتين قد تبدو
متناقضتين وهما الحرية والنظام.
يعتبر الصراع بين الحرية والسلطة صراع قديم قدم البشرية ،بحيث يسعى األفراد الى
فرض وجودهم من خالل التشبط في فكرة الحرية المطلقة ،في حين تعمل الدولة على فرض
سلطانها وسيادتها بإعتبارها سلطة عامة ،مما قد يؤدي إلى حدوث إضطرابات في الكيان
1
اإلجتماعي وبالتالي إنتشار الفوضى والإلستقرار.
ومن أجل تحقيق التعايش بين فكرة الحرية والسلطة ،فإن غالبية األنظمية الديموقراطية
المبنية على فكرة سيادة القانون ،تكرس لألفراد جملة من الحقوق والحريات في الدستور
وغيرها من القوانين األخرى من جهة ،وتبين لهم حدودها وشروط ممارستها من جهة أخرى.
يعتبر النظام العام من أهم الحدود التي يلتزم األفراد أثناء ممارستهم لحقوقهم وحرياتهم
بعدم تجاوزه أو المساس به ،وذلك بإعتباره الركيزة التي يقوم عليها النظام اإلجتماعي ،أي ال
يمكن تصور أي إستقرار في حالة تعكير النظام العام واضطرابه.
ومن أجل تجسيد ذلك ،فإنه يقع على عاتق الدولة من خالل سلطات الضبط اإلداري
الوطنية ممثلة في رئيس الجمهورية والوزير األول والوزراء وسلطات الضبط اإلداري المحلية
ممثلة في الوالي ورئيس المجلس الشعبي البلدي اتخاذ اإلجراءات القانونية والمادية الضرورية
والالزمة لصيانة النظام بصفة وقائية ،وذلك بالعمل على التوفيق بين الحرية والنظام ،مع
تطبيق المبدأ القائل بأن الحرية هي األصل والتقييد هو اإلستثناء.
تتمتع سلطات الضبط اإلداري بامتيازات السلطة العامة ،مما يسمح لها بإتخاذ كافة
اإلجراءات بطريقة إنفرادية ،مع إمكانية اللجوء إلى التنفيذ الجبري والمباشر .هذا الوضع قد
-1للمزيد من التفاصيل حول العالقة بين الحرية والسلطة راجع :عبد المنعم محفوظ ،عالقة الفرد بالسطة ،الجريات العامة
وضمانات ممارستها :دراسة مقارنة ،دار الهنا للطباعة ،9191 ،ص 02وما بعدها.
1
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
يؤدي الى خلق نوع من التعسف من جانب سلطات الضبط االداري والحاق أضرار باألفراد،
هذا ما دفع بالعديد من التشريعات إلى تقرير مبدأ مشؤولية سلطات الضبط اإلداري على
تصرافاتها ،بحيث يجوز لكل من تضرر من جراء هذه األعمال اللجوء إلى الجهة القضائية
المختصة للمطالبة بإلغائها أو التعويض عن األضرار المترتبة عنها.
ومن أجل تسليط الضوء على هذا الموضوع ارتئينا تقسيمه الى أربعة محاور وهي:
المحور األول :مفهوم الضبط اإلداري
المحور الثاني :أنواع الضبط اإلداري
المحور الثالث :أساليب ممارسة نشاط الضبط اإلداري
المحور الرابع :خضوع أعمال الضبط ااإلداري لرقابة القضاء
2
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
المحور األول
مفهوم الضبط اإلداري
يعد الضبط اإلداري أهم وظيفة من وظائف اإلدارة العامة في الدولة ،1بل امتياز من
امتيازات السلطة العامة ،2المتمثلة في مراقبة وتنظيم النشاط الفردي في شتى المجاالت،3
عن طريق فرض القيود والضوابط على حريات األفراد بهدف حماية النظام العام في
المجتمع .فمن حق سلطات الضبط اإلداري أن تفرض على األفراد قيودا تحد بها من
حرياتهم ونشاطاتهم ،وذلك من خالل ما تصدره من إجراءات وتدابير سواء كانت عامة أو
فردية لضمان سالمة المجتمع ووقايته من كل االضطرابات قبل وقوعها أو منع تفاقمها أو
وقفها عند وقوعها .4فسلطات الضبط اإلداري تعمل من جهة على حماية الدولة من كل
المخاطر التي تهدد استقرارها ووحدتها ،ومن جهة أخرى حماية األفراد من المخاطر التي ال
يمكن بمفرده استبعادها سواء تسبب فيه األفراد أنفسهم أو الحيوانات أو الظروف الطبيعية.5
أوال :تعريف الضبط اإلداري
تعد كلمة الضبط كلمة مبهمة إذ تشمل في طياتها معاني متباينة لغويا وفلسفيا
وقانونيا .6وما يزيد في غموض المصطلح هو عدم تعرض المشرع إلى تعريفه بصورة محددة
وقاطعة ،بل اكتفى بتحديد غرضه المتمثل في النظام العام بمختلف عناصره .7فالمشرع
الفرنسي عرف الضبط اإلداري بالنظر إلى هدفه والمتمثل في حماية حسن النظام ،السكينة،
-1محمد محمد عبده إمام ،القانون اإلداري وحماية الصحة العامة ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية ،0222 ،ص .022
2
- CHEVENEMENT Jean Pierre , « difficultés et légitimité de la contrainte », discours d'ouverture l'ors de
colloque intitulé: « puissance publique ou impuissance publique », organisé conjointement par le ministère de
l'intérieur et l'université Paris I, Panthéon Sorbonne, publier dans la revue A.J.D.A, 20 juillet 20 août 1999, n°
spécial, p 06.
-3خالد خليل الظاهر ،القانون اإلداري ،الجزء الثاني ،دار الميسرة للنشر والتوزيع والطباعة ،عمان ،األردن،9112 ،
ص.36
-4اعاد حمود القيسي ،الوجيز في القانون اإلداري ،دار وائل للطباعة والنشر ،9119 ،ص.942
5
- CASTAGNE Jean, Le contrôle juridictionnel de la légalité des actes de police administrative, thèse pour le
doctorat en droit, faculté de droit et des sciences économiques, 1961, p37.
-6عاشور سليمان شوايل ،مسؤولية الدولة عن أعمال الضبط اإلداري في القانون الليبي والمقارن جنائيا واداريا ،دار
النهضة العربية ،القاهرة ،0220 ،ص.91
-7نواف كنعان ،القانون اإلداري ،الكتاب األول ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن ،0220 ،ص.034
3
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
األمن والنظافة العمومية ،وهذا طبقا المادة L.22-12من التقنين العام للهيئات المحلية.1
ونفس النهج انتهجه المشرع الجزائري والذي يظهر من خالل المادة 994من قانون الوالية
التي نصت على أن الوالي مسؤول على المحفاظة على النظام واألمن والسالمة والسكينة
العمومية .2ونفس الشيء بالنسبة لرئيس المجلس الشعبي البلدي حيث نصت المادة 99من
قانون البلدية على التزام هذا األخير بالسهر على المحافظة على النظام والسكينة والنظافة
العمومية .نفس االلتزام تم التأكيد عليه بموجب المادة 14من نفس القانون وذلك بتكليف
رئيس المجلس الشعبي البلدي بالسهر على المحافظة على النظام العام....الخ .3
فعدم تعرض المشرع إلى تعريف فكرة الضبط اإلداري فتحت المجال أمام الفقه ليستكمل
النقص وتوضيح الغموض الذي يكتنف هذه الفكرة ،وان اختلفت توجهاتهم وذلك باختالف
الزاوية التي ينظر منها إلى الضبط اإلداري.4
/0التعريف التقليدي للضبط اإلداري:
التي اشتقت من الكلمة politia كلمة بوليس أو الضبط مشتقة من الكلمة الالتينية
،5والتي كانت تعني دستور المدينة أو دستور الدولة .ثم أصبحت تعني إدارة polis اإلغريقية
الدولة أو الحكومة .وأخي ار استعملت بمعنى مجموعة األنظمة التي ترمي إلى المحافظة على
النظام واألمن في الدولة .ولقد ارتبط تطور معنى الضبط اإلداري بالتطورات الهامة التي
حصلت في وظيفة الدولة.
ففي المرحلة األولى كانت سلطة الضبط مندمجة بسلطة الحكم ،من اختصاص السلطة
السياسية التي تتكفل بفرض قواعد الحضر االجتماعي على األف ارد من أجل حماية وحدة
ووجود الجماعة .غير انه مع مرور الوقت ،انفصلت سلطة الضبط عن السلطة السياسية ،إذ
-1عرف المشرع الفرنسي الضبط اإلداري بتحديد هدفه من خالل القانون البلدي الصادر في 09سبتمبر 9219والذي تم
تعديله بموجب القانون المؤرخ في 22أفريل 9994حيث نصت المادة 12منه على أنه ":يختص البوليس البلدي(المحلي)
بالمحافظة على حسن النظام ،األمن العام ،والصحة العامة ".
-2قانون رقم 22-90مؤرخ في 09فيفيري ،0290يتعلق بالوالية ،جريدة رسمية عدد 90صادرة في 01فيفري .0290
-3قانون رقم 92-99مؤرخ في 00جوان ،2011يتعلق بالبلدية ،جريدة رسيمة عدد 62صادرة في 6جويلية .0299
-4نواف كعنان " ،دور الضبط اإلداري في حماية البيئة (دراسة تطبيقية في دولة اإلمارات العربية المتحدة)" ،مجلة جامعة
الشارقة للعلوم الشرعية واإلنسانية ،جامعة الشارقة للعلوم الشرعية واإلنسانية ،كلية القانون ،المجلد ،20العدد ،29سنة
، 0223ص .21
5
- DELBLOND Antoine, la police administrative, édition L’HERMES, Lyon, 1997, p5.
4
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
تتكفل األولى بحماية النظام العام في حين تتكفل الثانية بوضع قواعد الحظر أو الدفاع
االجتماعي.
فبالنسبة للفقه التقليدي كان يعرف الضبط اإلداري تعريفا واسعا ،حيث عرفه أفالطون
بأنه ":الحياة ،النظام ،والقانون للمحافظة على المدينة" .كما عرفه أرسطو بأنه ":حسن
النظام ،حكومة المدينة ،ودعامة حياة الشعب وهو أول وأكبر الخيرات".1
أما الفقيه هوريو فيرى أن ":الضبط اإلداري بمعناه الواسع هو نظام المدينة بمعنى الدولة،
فكل وسائل الحكم ما عدا القضاء تعد وسائل الضبط".2
يظهر جليا أن الضبط اإلداري وفقا لهذه التعاريف تشمل كل قواعد الحياة وقواعد تنظيم
المدينة أو الدولة ،نظ ار لتداخل مختلف الوظائف في الدولة ،واعتبار أن كل المؤسسات
تهدف بطريقة أو بأخرى إلى حماية النظام في الدولة ،وهذا غير سليم وفقا للتصور الحالي
ويفقد الضبط معناه .
غير أن نطاق الضبط أخذ يتقلص مع بداية مرحلة تخصص السلطات العامة ،فأصبح
مصطلح الضبط يستعمل لتميز الدولة البوليسية التي تتميز بعدم وجود قانون ينظم إطار
تدخل الدولة في النشاطات الفردية لألفراد مما فتح الباب أمام التعسف واالستبداد ،ودولة
القانون التي تعني خضوع كل مؤسسات الدولة للقواعد القانونية السارية وضبط مجال وكيفية
تدخل السلطات العامة في مجال النشاط الفردي ،فالضبط مرادف للقانون.
/6التعريف الحديث للضبط اإلداري:
حاول الفقه الحديث حصر الضبط اإلداري في إطاره القانوني غير أنه ظهرت
اختالفات بينهم وتباينت مواقفهم ،وذلك للتباين في النظرة إلى هذه الصورة من صور النشاط
اإلداري ووظيفتها والغاية منها والمعايير المعتمدة.
فمنهم من ينظر إلى الضبط اإلداري من زاوية الهدف من وجودها والمتمثل في الحفاظ
على النظام العام بصفة وقائية .وفي هذا اإلطار يقول األستاذ طعيمة الجرف بأن ":الضبط
اإلداري وظيفة من أهم وظائف الدولة تتمثل أصال في المحافظة على النظام العام بعناصره
1
- CASTAGNE Jean, op.cit, p20
2
- ABDEL MALEK MANSOUR Samir, la protection des libertés publiques face a l’autorité de la police
administrative en France et en Egypte, thèse de doctorat en droit, université de Paris 1 Panthéon Sorbonne, 1992,
p11.
5
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
الثالثة األمن العام ،الصحة العامة والسكينة العامة عن طريق إصدار الق اررات الالئحية
والفردية واستخدام القوة المادية مما يتتبع ذلك من فرض قيود على الحريات الفردية تستلزمها
الحياة الجماعية" .1كما عرفته الدكتورة سعاد الشرقاوي الضبط اإلداري بأنه ":مجموعة
األنشطة التي تتخذها اإلدارة منفردة بهدف المحافظة على النظام العام أو إعادة هذا النظام
في حالة اختالله".2
يعد الضبط اإلداري وفقا هذا اإلاتجاه غاية سامية ونبيلة يجب على سلطات الدولة
تحقيقها دوما ،فإقرار النظام واألمن داخل المجتمع غاية وهدف الضبط اإلداري ،لهذا يجب
وجود جهاز أو تنظيم معين يعمل على استتباب األمن والطمأنينة والسالم بين أفراد المجتمع.
تعرض هذا اإلتجاه إلى عدة انتقادات تتمثل أساسا في عدم كفايتها وصعوبة وضعه
موضع التطبيق العملي ،إذ يتطلب األمر تحديد النظام العام تحيدا دقيقا وهو أمر صعب
للغاية نظ ار لكونه مفهوم نسبي يختلف حسب الزمان والمكان .كما تتسم هذه التعاريف التي
تعتمد على غاية الضبط اإلداري بعدم الوضوح والتحديد ،لكونه يشمل في هذه الحالة كافة
أوجه النشاط اإلداري ،إذ تهدف كلها بطريقة أو بأخرى إلى تحقيق النظام العام.3
وهناك جانب أخر من الفقه ينظر إلى الضبط اإلداري كنشاط يهدف إلى تقييد حريات
األفراد من خالل الق اررات الالئحية أو الفردية التي تتخذها سلطات الضبط اإلداري على
المستوى المركزي أو المحلي بغرض صيانة النظام العام .وفي هذا يؤكد الدكتور إبراهيم عبد
العزيز شيحا بأنه ":مجموعة القواعد التي تفرضها سلطة عامة على األفراد بغية تنظيم
حرياتهم العامة أو بمناسبة ممارستهم لنشاط معين بقصد صيانة النظام العام في المجتمع أي
لتنظيم المجتمع تنظيما وقائيا" .4وعرفه الدكتور سليمان محمد الطماوي بأنه ":حق اإلدارة في
أن تفرض على األفراد قيودا تحد بها من حرياتهم بقصد حماية النظام العام".5
-1طعيمة الجرف ،القانون اإلداري والمبادئ العامة في تنظيم نشاط السلطات اإلدارية ،دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية،
القاهرة ،9129 ،ص.429
-2سعاد الشرقاوي ،القانون اإلداري ،بدون ناشر ،9196 ،ص.96
-3علي خطار شطناوي ،الوجيز في القانون اإلداري ،دار وائل للنشر ،عمان ،األردن ،0226 ،ص.643
-4إبراهيم عبد العزيز شيحا ،مبادئ وأحكام القانون اإلداري اللبناني ،دراسة مقارنة ،الدار الجامعية للطباعة والنشر،
،9196ص.42
-5سليمان محمد الطماوي ،الوجيز في القانون اإلداري ،د ارسة مقارنة ،دار الفكر العربي ،9113 ،ص.261
6
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
كما عرف البعض األخر الضبط اإلداري بكونها صورة من صور تدخل اإلدارة لتنظيم
نشاطات األفراد في المجتمع .وفي هذا الخصوص يقول األستاذ أندري دي لوبادير أن
الضبط اإلداري ":شكل من أشكال تدخل بعض السلطات اإلدارية يتضمن فرض حدود على
حريات األفراد بغرض حماية النظام العام" .1أما جون ريفيرو فيرى أن الضبط اإلداري
هو ":مجموعة صور التدخل اإلداري على حرية نشاط األفراد التي تستهدف تحقيق االنضباط
الذي تقتضيه حياة الجماعة " .2أما لفقيه تيتجن فيرى بأنه ":كل تنظيم إداري للحريات الفردية
بهدف حماية النظام ،أو مصلحة مشتركة سامية يعد بمثابة ضبط بالمفهوم الواسع".
نالحظ على هذا المفهوم انه واسع يشمل جميع األعمال القانونية والمادية التي
تستهدف تطبيق القواعد التنظيمية الضبطية ،فهو نشاط يسمح لإلدارة العامة بمراقبة نشاطات
األفراد بهدف حماية النظام االجتماعي.
يمكن القول أن الضبط اإلداري يشمل كل اإلجراءات القانونية والمادية التي تتخذها
سلطات إدارية محددة مسبقا بموجب نصوص قانونية تتضمن تنظيم ممارسة حرية معينة أو
نشاط معين بهدف صيانة وحماية النظام العام بمفهومه الواسع بطريقة وقائية .فالضبط
اإلداري نشاط وقائي مخصص الهدف يتصل مباشرة بحقوق وحريات األفراد.
ثانيا :تميز الضبط اإلداري عن الضبط القضائي
يقسم بعض الفقهاء الضبط إلى ضبط إداري وضبط قضائي ،حيث تتولى مهمة الضبط
اإلداري أجهزة إدارية تابعة للسلطة التنفيذية ،في حين تتكفل بمهمة الضبط القضائي أجهزة
تابعة للسلطة القضائية أي النيابة العامة .غير أنه في الواقع الحدود والفاصل بينهما غير
واضح نظ ار للتداخل الذي يطبع وظيفة الضبط بنوعيها السيما من ناحية األشخاص المكلفين
بممارستها ،فنفس السلطة ونفس الموظفين يتصرفون حسب الحاالت كسلطة ضبط إداري أو
سلطة ضبط قضائي .مما يستدعي بيان األهمية النظرية والعملية من عملية التميز والبحث
عن المعاير التي يمكن اعتمادها لتحقيق هذه النتيجة.
1
- DE LAUBADERE André, manuel de droit administratif, 11éme Edition, L .G .D. J, Paris, 1979, p 629.
2
- RIVETRO Jean, droit administratif, 6 éme édition, édition DALLOZ, Paris, 1992, p 328.
7
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
1
- ABDEL MALEK MANSOUR Samir, op. cit, p 17.
-2علي خطار شطناوي ،المرجع السابق ،ص .620
3
- ABDEL- MALEK MANSOUR Samir, op. cit, p 17.
8
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
وذلك من خالل ما يصدر منها من ق اررات الئحية وفردية ملزمة تهدف إلى تنظيم ممارسة
األفراد لحقوقهم وحرياتهم بما يتماشى مع اعتبارات صيانة النظام العام في الدولة.
تعد مسألة معرفة طبيعة العمل الذي اتخذه عون الضبط من حيث ما إذا كان تصرف
ضبطي إداري أو تصرف ضبطي قضائي مسألة هامة ،باعتبار أن عون الضبط القضائي
يخضع لرقابة وكيل الجمهورية أو النائب العام بحسب الحالة ،في حين عون الضبط اإلداري
يخضع للرقابة اإلدارية عن طريق ما يصطلح عليه بالرقابة الرئاسية.
كما أن المنازعات الناشئة عن نشاط الضبط اإلداري تخضع لرقابة القضاء اإلداري
إلغاءا وتعويضا ،في حين المنازعات الناشئة عن نشاط الضبط القضائي تخضع في األساس
للقضاء العادي .أبعد من ذلك ،فان القواعد التي تحكم ممارسة وظيفة الضبط اإلداري
تختلف عن القواعد التي تحكم الضبط القضائي.1
/6معاير التميز بين الضبط اإلداري والضبط القضائي:
يظهر جليا أن إيجاد معيا ار للتمييز بين الضبطين اإلداري والقضائي أمر بالغ الدقة
والصعوبة نظ ار للتداخل الموجود بينهما ،لذا فقد قدم الفقه عدة معايير للتمييز بينهما يمكن
حصرها فيما يلي:
أ /المعيار العضوي:
يقوم هذا المعيار على أساس تحديد نوع العمل بالنظر إلى مركز القائم به والجهة التي
أصدرته ،فمتى صدر العمل عن السلطة التنفيذية ممثلة في هيئاتها اإلدارية وموظفيها فهو
عمل ضبط إداري ،أما إذا صدر العمل عن إحدى الهيئات القضائية فهو عمل ضبط
قضائي.2
بالرجوع إلى التشريع الجزائري ،نجد أن المشرع حدد على سبيل الحصر الجهات
المخول لها ممارسة وظيفة الضبط القضائي طبقا للمادة 92من قانون اإلجراءات الجزائية
والمتمثلة في رؤساء المجالس الشعبية البلدية ،ضباط الدرك الوطني ،ضباط الشرطة ،ذوي
1
- CASTAGNE Jean, op. cit, p 24.
-2عادل السعيد أبو الخير "،اجتهاد القاضي اإلداري في مجال الحقوق والحريات" ،مجلة االجتهاد القضائي ،جامعة محمد
خيضر بسكرة ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،العدد ،0222 ،0ص .93
9
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
الرتب في الدرك الوطني ورجال الدرك الذين أمضوا في سلك الدرك مدة ثالثة سنوات كاملة
والذين تم تعيينهم بموجب قرار وزاري مشترك بين وزير الدفاع الوطني ووزير العدل وبعد
موافقة لجنة خاصة ،مفتشوا األمن الوطني الذين أمضوا مدة ثالثة سموات كاملة وتم تعيينهم
بموجب قرار وزاري مشترك بين وزير الداخلية والجماعات المحلية ووزير العدل وبعد موافقة
لجنة خاصة ،ضباط وضباط الصف التابعين لألمن العسكري الذين تم تعيينهم خصيصا
بموجب قرار وزاري مشترك بين وزير الدفاع الوطني ووزير العدل .والجهات المخول لها
قانونا ممارسة وظيفة الضبط اإلداري والمتمثلة أساسا في رئيس الجمهورية ،الوزراء ،الوالة،
رؤساء البلديات.
يعد هذا المعيار معيار قاصر للتمييز بين الضبط اإلداري والضبط القضائي بسبب
االزدواجية التي تطبع سلط ات الضبط ،إذ نجد سلطة واحدة تتدخل تارة كسلطة ضبط إداري
عندما تتخذ إجراءات بهدف صيانة النظام العام بصفة وقائية ،وتارة أخرى كسلطة ضبط
قضائي عندما تتدخل من اجل ضبط الجرائم المرتكبة من قبل األفراد أو السهر على
المحافظة على أثار الجريمة من االندثار والزوال حتى تتم عملية التحري من قبل الجهات
المختصة .فرئيس البلدية مثال يعد سلطة ضبط إداري وسلطة ضبط قضائي.
فأعوان الشرطة يتولون مهمتي الضبط اإلداري والضبط القضائي ،إذ عندما يتولى
الشرطي تنظيم حركة المرور فهو يقوم بعمل ضبط إداري إذ يهدف من ورائه إلى حماية
النظام العام ،في حين إذا اصطدمت سيارة احد المارة فان الشرطي يتحول إلى عون ضبط
قضائي إذ يتولى إثبات الحالة والقيام بالتحقيق المبدئي والقبض على الجاني.
كذاك ما يقوم به أعوان األمن من عمليات التفتيش أثناء دخول الجمهور إلى
المالعب ،فهي إجراءات ضبطية إدارية تهدف إلى ضمان وحماية النظام العام بصفة
وقائية ،لكن قد تتحول العملية إلى إجراءات ضبطية قضائية في حالة ما تم حجز أسلحة
بيضاء أو مخدرات لدى احد األنصار إذ تتخذ بشأنهم اإلجراءات المنصوص عليها في
قانون اإلجراءات الجزائية بحيث يتم تحرير محضر في مركز الشرطة ويقدم إلى الجهة
القضائية المختصة التخاذ اإلجراءات القانونية الالزمة.
10
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
11
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
الحاالت فان القضاء يبحث في الهدف الردعي لدى رجال الشرطة ،حتى في حالة عدم
1
ارتكاب أية مخالفة.
بل أ بعد من ذلك ،يمكن لنفس العملية أن تتغير طبيعتها أثناء عملية التنفيذ .فيمكن
لعملية ضبط إداري أن تتحول إلى عملية ضبط قضائي .ويمكن لنفس العملية أن تتضمن
عدة خطوات تشمل على كال من الضبطين .وكمثال على ذلك توقيف المركبات ووضعها في
المحشر ،فتوقيف المركبات يشكل عمل ضبط قضائي يهدف إلى معاقبة مخالفة التوقف غير
المشروع ،ووضع السيارة في المحشر يعد قرار ضبط إداري .فيقع على عاتق القاضي
اإلداري إعادة تكييف اإلجراءات الضبطية المقدمة لتحديد ما إذا كانت تعتبر من ضبط
إداري أو ضبط قضائي .وهذا ما أكده مجلس الدولة الفرنسي في قراره الصادر بتاريخ 04
جوان 9132في قضية تتعلق بحجز عددين من جريدة .2France soir
كما أن للتميز بين الضبط اإلداري والضبط القضائي أهمية قصوى من حيث تحديد
المسؤولية والجهة القضائية المختصة .وسنوضح هذه المسألة من خالل هاتين القضيتين:
Le Profil المثال األول :قضية
تتلخص وقائع هذه القضية أن شركة تحويل األموال تم سرقتها من قبل مجرمين .ففي
هذه القضية خطأين .الخطأ األول خطأ ضبط اإلداري حيث لم يقوم أعوان الشرطة بمنع
حدوث السرقة واالعتداء .وخطأ ضبط قضائي بحث لم يقوم األعوان بمتابعة المجرمين.
فإذا طبقنا معيار الغاية ،يمكن القول أنه يمكن للشركة الضحية برفع دعوتين قضائيتين،
األولى أمام القاضي اإلداري للحصول على التعويض على خطأ سلطة الضبط اإلداري،
والثانية أمام القاضي العادي للحصول على تعويض على أساس خطأ سلطة الضبط
القضائي .حسب محكمة التنازع فإن الضرر مصدره األساسي الخطأ األول -خطأ سلطة
الضبط اإلداري -وبالتالي للقاضي اإلداري أن يفصل في هذا النزاع الذي يهدف إلى
الحصول على التعويض الناتج عن الخطأين .ومن هنا نستخلص أن في مثل هذه الحاالت
3
يجب أن نأخذ بالخطأ األكثر تأثي ار.
1
-T.C, 15 juillet 1968, arrét Tayeb, in http://www.legifrance.gov.fr.
- T.C, 27 juin 1955, arrét Dame Barbier, in http://www.legifrance.gov.fr.
2
- C.E, 24 juin 1960, Arrêt Société Frampar et société France éditions et publications,
in http ://www.legifrance.gov..fr
3
-T.C, 12 juin 1978, Arrét Société le Profil, in http://www.legifrance.gov.fr.
12
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
1
- C.E, 24 juin 1949, Arrét Lecomte, in http://www.legifrance.gov.fr.
2
-T.C, 05décsmbre 1977, Arrét Delle Motsch, in http://www.legifrance.gov.fr.
-3محمود عاطف البنا "،الضبط اإلداري بين الحرية والنظام العام" ،مجلة األمن والقانون ،كلية شرطة دبي ،السنة الثانية،
العدد ،9114 ،9ص .946
4
- MAZEAUD Pierre , « libertés et ordre public », in http://conseil-constitutionnel.fr
13
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
غير أن فكرة النظام العام كما يصفها بعض الفقهاء فكرة مطاطة ومرنة 1تتغير بتغير
ظروف الزمان والمكان ،وتتأثر بالظروف السياسية واالقتصادية واالجتماعية والعقائدية
أن كل حل مبدئي Letourneur السائدة في المجتمع .وفي هذا اإلطار يقول مفوض الحكومة
في مجال الضبط اإلداري يجب استبعاده ،فهي مسألة إجراءات وتقدير لظروف الزمان
والمكان ،ففكرة النظام العام فكرة واسعة.2
/0العناصر التقليدية لفكرة النظام العام:
لقد إرتبط مفهوم النظام العام بمفهوم وظيفة الدولة ،حيث كان دورها التقليدي يكمن في
الدفاع وحماية المجتمع من كل االضطرابات ،دون التدخل في مجال النشاطات الفردية
المتروكة للمبادرة الحرة لألفراد .وعليه جاء المفهوم الكالسيكي للنظام العام مفهوما سلبيا
يقتصر على عدم وجود االضطراب.
إال أن هذا المفهوم الكالسيكي لم يعد يغطي كل جوانب تدخل سلطات الضبط
اإلداري ،التي لم تتوقف عند حد حماية وكفالة الحياة المادية لألفراد ،بل أيضا حماية الحياة
المعنوية واألخالقية استجابة لألفكار الدينية واألخالقية السائدة في المجتمع .كما توسع نشاط
الضبط اإلداري ،ومنها مضمون النظام العام ليشمل الجانب الجمالي الذي أصبح مطلبا
عالميا ،تحت تأثير المنظمات والجمعيات المدافعة عن البيئة والطبيعة .فحماية البيئة
والطبيعة ،وجمال المدن ،أصبح مطلبا أساسيا ،السيما في الدول المتحضرة.
لما كانت وظيفة الدولة مقصورة على الدفاع من أجل ضمان حماية أفراد الجماعة من
كل االضطرابات دون التدخل في نشاطاتهم الخاصة ،فإن الفقه التقليدي حدد مفهوم النظام
العام تحديدا ضيقا وسلبيا .ومن جهة أخرى ،فإن التضييق في مفهوم النظام العام يؤدي حتما
إلى التضييق في مقوماته و عناصره.
يقصد بالنظام العام وفقا للفقه التقليدي عدم وجود الفوضى واالضطراب .فهو ذلك
النظام المادي الذي يستهدف تحقيق حاالت واقعية ملموسة .ولقد أكد الفقيه هوريو على هذا
المعنى بقوله أن" :النظام العام حالة فعلية معارضة للفوضى".3
1
-VINCENT-LEGOUX Marie- Caroline, l’ordre public, étude de droit comparé interne, thèse pour le doctorat
en droit, université de Bourgogne, faculté de droit et de science politique, 1996, p 02.
2
-CE, 23 octobre 1951, arrêt société nouvelle d’imprimerie, conclusion de commissaire du
gouvernement Letourneur, revue droit public, 1951, p1101.
3
- HAURIOU Maurice, précis de droit administratif, Paris, Recueil Sirey, 12 éme édition, 1933, p50.
14
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
يتضح جليا من خالل هذا التعريف ،أنه إعتمد في تحديد معنى النظام العام على
طبيعته ،إذ أضفى على النظام العام الطابع المادي دون الجانب الخلقي أي الشعوري .إن
النظام العام حسب هذا التصور يعني القدر األدنى من النظام إذ ال يشمل تنظيم الحياة في
المجتمع .فواجب الفرد هنا سلبي وهو االمتناع عن إحداث أي اضطراب.
إال أنه يؤخذ عليه غموض فكرة الفوضى من حيث مضمونها و نطاقها ،إذ لم يبين
ماهيتها ومتى يمكن أن نقول أن هناك فوضى حتى يتسنى لسلطات الضبط اإلداري التدخل
من أجل القضاء عليها ،فضال عن إهماله للجانب المعنوي للنظام العام.
أما الدكتور زين العابدين بركات ،فكان أكثر وضوحا في تحديد العناصر المادية المكونة
للنظام العام بقوله أن " :النظام العام يعني المحافظة على األمن العام ،الراحة العامة و
السالمة العامة.1
يستفاد من خالل هذا التعريف ،أن وظيفة سلطات الضبط اإلداري تكمن في حماية
الجماعة ،من كل ما من شأنه أن يمس في أمنها وطمأنينتها وصحتها ،ضمانا ألفرادها
لممارسة حقوقهم و حرياتهم وفق ما كفلها وحددها القانون .وعليه ال يمكن لسلطات الضبط
اإلداري أن تخرج عن هذا اإلطار واال كانت إجراءاتها وتصرفاتها غير مشروعة.
وكنتيجة لهذا ،فإن النظام العام الذي تهدف سلطات الضبط اإلداري إلى حمايته هو
ذلك النظام المادي أو الطبيعي ،وذلك من كل ما من شأنه أن يؤدي إلى تعكيره ،وليس
النظام الذي تعمل الدولة على إقامته ،فهذا األخير يخرج من نطاق أغراض سلطات الضبط
بقوله أن " :النظام العام هو األستاذ Jean Yves CHEROT اإلداري .ولقد أكد على هذا المبدأ
النظام الطبيعي الذي يجب حمايته وصيانته وليس النظام الذي تعمل الدولة على إقامته".2
إن النظام العام وفقا للنظرة التقليدية ينصرف إلى عناصر ومقومات ثابتة ،تتمثل أساسا
على ذلك بقوله أن ":األمن، valine في األمن ،الصحة ،والسكينة العمومية .ولقد أكد الفقيه
-1زين العابدين بركات ،مبادئ القانون اإلداري مطبعة رياض ،دمشق ،3191ص .113
2
- CHEROT Jean Yves, « La notion d’ordre public dans la théorie de l’action administrative », In La police
administrative existe-t-elle ?, sous la direction de LINOTTE Didier, Edition Economica, Paris, 1985, p 30.
15
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
السكينة ،والصحة العامة هي العناصر الوحيدة التي يمكن لسلطة الضبط البلدي اتخاذها عند
تحديد حرية المواطنين ".1
أما المشرع الفرنسي 2فلم يحمل نفسه مشقة تحديد مفهوم النظام العام ،بل اكتفى بتحديد
العناصر المادية المكونة لمضمون النظام العام .3وذلك بمناسبة تحديد اختصاصات وأهداف
سلطة الضبط اإلداري العام البلدي ،بموجب القانون البلدي الصادر في 09أوت 9219
والذي تم تعديله بموجب القانون المؤرخ في 22أفريل 9994حيث نصت المادة 12منه
على أن " :هدف البوليس البلدي هو ضمان حسن النظام ،األمن العام ،والصحة العامة.4
غير أن هذه المادة تثير مسألة جوهرية تتمثل في معرفة ما إذا كان المشرع قد حدد هذه
العناصر بصفة حصرية أم أنها جاءت على سبيل المثال .وفي هذا الشأن اختلف الفقه
الفرنسي حيث يرى الفقيه تيتجن أن المادة 12جاءت بصفة حصرية إذ ال يحق لسلطة
الضبط البلدي تجاوزها ،في حين يرى الفقيه جون كاستاني أن المادة جاءت على سبيل
المثال ،مبر ار موقفه بالفقرة الثانية من نفس المادة التي جاء فيها ":وتختص سلطات الضبط
اإلداري البلدي بمايلي.5".....:
بالرجوع إلى أحكام القضاء اإلداري الفرنسي نجد أنه اعتمد على هذه العناصر الثالثة
كمقومات للنظام العام .وهذا ما اكد عليه مجلس الدولة في ق ارره الصادر بتاريخ 29أوت
.6غير انه مع مرور الوقت لم يعد يتقيد فقط بالعناصر التي Labonne 9191في قضية
حددها المشرع في المادة 12من القانون البلدي لعام 9994بل وسع من مقومات النظام
العام.
-1أنظر سكينة عزوز ،عملية الموازنة بين أعمال الضبط اإلداري والحريات العامة ،بحث لنيل شهادة الماجستير في
اإلدارة والمالية العامة ،معهد الحقوق والعلوم اإلدارية ،جامعة الجزائر ،9112 ،ص .66
-2نشير إلى انه سبقت اإلشارة إلى فكرة النظام العام في المادة الحادية عشر من إعالن حقوق اإلنسان والمواطن لعام
.9291
3
- LAJOIE Jean Louis, libertés, participation et ordre public en droit algérien, thèse pour le doctorat d’Etat en
droit, mention droit public, université jean moulin, Lyon III, faculté de droit, 1983, p394.
4
- l’article 97 alinéa 1 de la loi du 05 avril 1884 du code municipal stipule que : la police municipale a pour
objet le bon ordre, la sûreté et la salubrité publique.
5
- TEITGENe Henri, la police municipale, thèse, Nancy, 1934, p 68.
6
- C.E, 08 aout 1919, arrét Labonne, in http://www.legifrance.gouv.fr
16
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
إن تحديد المشرع للعناصر المادية المكونة للنظام العام جاء بهدف تقييد سلطات رئيس
البلدية ،باعتباره سلطة ضبط إداري عام على المستوى المحلي ،وبالتالي تحديد اإلطار
والحدود التي ال يجوز تجاوزها واال كانت تصرفاته غير مشروعة وعرضة لإللغاء ،ولو كان
يهدف إلى تحقيق مصلحة عامة وذلك تطبيقا لقاعدة تخصيص األهداف .
يتضح من خالل هذا التحديد الضيق لمضمون النظام العام ،أنه ليس لسلطات الضبط
اإلداري أن تقيد حريات األفراد بهدف صيانة النظام العام الجمالي ،أو حماية اآلداب العامة،
لكونها ال تدخل في نطاق أهداف سلطات الضبط اإلداري وفقا للمفهوم التقليدي للنظام العام.
وهذه القاعدة ال تقتصر فقط على سلطات الضبط اإلداري العام المحلية ،بل تنطبق أيضا
على سلطات الضبط اإلداري العام المركزية .أما سلطات الضبط اإلداري الخاص فإن
تدخلها ينصب على عنصر محدد من عناصر النظام العام .وذلك وفقا للقانون المنشأ لها،
بحيث ال تملك الخروج عن الهدف المحدد لها والذي أنشأت من أجله.
أما المشرع الجزائري فلقد ساير نظيره الفرنسي ،إذ لم يتكفل بتحديد مفهوم النظام العام،
بل اقتصر على تحديد العناصر المادية الثالثة المكونة للنظام العام ،بموجب القانون رقم
92 -99المؤرخ في 00جوان ،0299حيث نصت المادة 99منه على أن" :يقوم رئيس
المجلس الشعبي البلدي تحت إشراف الوالي بما يأتي:
°السهر على النظام والسكينة والنظافة العمومية.1"..
كما أكد المشرع الجزائري على هذه العناصر باعتبارها مقومات النظام العام ،وذلك
من خالل القانون رقم 21-12المؤرخ في 22أفريل 9112المتعلق بالوالية ،حيث نصت
المادة 13منه على أن " :الوالي مسؤول عن المحافظة على النظام ،األمن ،السالمة
والسكينة العمومية" .2و تتمثل العناصر المادية التقليدية المكونة لفكرة النظام العام كهدف
وحيد لنشاط الضبط اإلداري في العناصر اآلتية :األمن العام ،السكينة العامة ،الصحة
العامة.3
-1راجع المواد 14 ،91 ،99من القانون رقم 92-99المتعلق بالبلدية ،المرجع السابق.
-2وهي نفس العناصر المنصوص عليها في المادة 994من القانون رقم 22-90المتعلق بالوالية ،المرجع السابق.
3
-GUILLAUME-HOFNUNG Michéle, l'ordre public sanitaire et l'environnement, Revue de la Gendarmerie
National , 4 éme trimestre, 2006, N° 221, p 33.
17
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
ونفس الموقف تبناه القاضي اإلداري الجزائري في العديد من الق اررات نذكر منها ق ارره
الصادر بتاريخ 93سبتمبر 0226والذي جاء فيه ..":حيث انه يستخلص من معطيات
الملف أن القرار المراد إبطاله يدخل ضمن صالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي في
إطار أعمال الضبط اإلداري المخولة له من اجل المحافظة على النظام العام واآلمن العام
1
والصحة العامة بموجب مداوالته."....
تتفق أغلب النظم القانونية وكل من الفقه والقضاء على هذه العناصر الثالث المادية
باعتبارها المكونات المادية األصلية للنظام العام.
أ /األمن العام:
من المسلم به أن استتباب األمن العام يعد الشرط األساسي ألي حياة جماعية ،لذا كان
وما يزال من أول وألح مهام الدولة قديما وحديثا ومستقبال .فاألمن العام باعتباره عنص ار ماديا
من عناصر النظام العام ،يقصد به طمأنينة أفراد الجمهور على أشخاصهم وأموالهم من
خطر أي عدوان يمكن أن يقع عليهم .ويتحقق ذلك باتخاذ ما يلزم من الحيطة لمنع وقوع
الحوادث أو احتمال وقوعها على األشخاص ،كحجز المصابين بأمراض عقلية ،واتخاذ ما
يلزم للوقاية من خطر األشياء كانهيار المباني أو الحرائق ،أو ما ينشأ عن مخاطر الطبيعة
كالفيضانات ،ولعل أهم اعتبار من المقصود باألمن العام ،هو درء الفتن واالضطرابات
الداخلية.
يتضح أن مصدر األخطار والمخاطر متعددة فقد تكون طبيعية ،مثل :الزالزل،
الفيضانات والحرائق .وقد تكون مصادر هذه األخطار األشياء واآلالت الخطرة ،مثل:
السيارات وكافة المركبات ،واألسلحة ،المتفجرات والمصانع الكيميائية .وقد تكون مصادر هذه
المخاطر طبيعة الحياة االجتماعية مثل :المظاهرات ،التجمعات ،القالئل واالضطرابات
-1مجلس الدولة ،قرار رقم 99340المؤرخ في 93سبتمبر ،0226قضية ( ر ع) ضد بلدية العلمة ومن معها ،موسوعة
االجتهاد القضائي الجزائري ،ق اررات المحكمة العليا ومجلس الدولة ،اإلصدار الرابع.0223 ،
°انظر كذلك مجلس الدولة ،قرار رقم 92923الصادر بتاريخ 93ديسمبر ،0226قضية ( ن ع) ضد ( ك خ) ومن
معه ،موسوعة االجتهاد القضائي الجزائري ،ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس الدولة ،اإلصدار الرابع.0223 ،
18
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
االجتماعية .كما قد يكون مصدر هذه المخاطر اإلنسان كما هو الحال في ظاهرة اإلجرام
والجرائم على األشخاص وعلى األموال الخاصة والعامة ...الخ.1
وعلى هذا األساس ،فإن المشرع الجزائري كلف هيئة الضبط اإلداري البلدي وذلك من
خالل المواد 14 ،91 ،99من القانون رقم 92 -99المؤرخ في 00جوان ،0299باتخاذ
كافة التدابير الوقائية واإلجراءات الالزمة ،إلقرار األمن العام وسالمة األشخاص واألموال
على المستوى البلدي ،بالقضاء على كل ما من شأنه اإلخالل بهما مهما كان منبته.
فطبقا للمادة 91فانه يتخذ رئيس المجلس الشعبي البلدي ...كل االحتياطات الضرورية
وكل التدابير الوقائية لضمان سالمة األشخاص والممتلكات."...
هاما المادة 14فجاء فيها ":في إطار احترام حقوق وحريات المواطنين ،يكلف رئيس المجلس
الشعبي البلدي على الخصوص بما يأتي:
°السهر على المحافظة على النظام العام وأمن األشخاص والممتلكات."...
كما أكد المشرع الجزائري على التزام هيئة الضبط اإلداري البلدي بحماية سالمة
األشخاص وهذا من خالل المادة 23من المرسوم رقم 032-99المؤرخ في 92أكتوبر
9199التي تقرر على أنه ":يجب على رئيس المجلس الشعبي البلدي أن يتخذ إجراءات
االستعجال الرامية إلى دعم أو هدم األسوار والبنايات والعمارات المهددة بالسقوط".2
يتضح من خالل هذه المواد ،أن رئيس المجلس الشعبي البلدي ملزم بما له من سلطة
الضبط اإلداري على مستوى البلدية ،باتخاذ كافة اإلجراءات الوقائية الالزمة لحماية أمن
األشخاص والممتلكات الخاصة والعامة .وكل تقصير أو إهمال يحمل البلدية مسؤولية
التعويض عن األضرار المترتبة من جراء ذلك.
كما يضطلع الوالي بمهمة حماية األمن العام باعتباره سلطة ضبط إداري على مستوى
الوالية ،استنادا إلى المادة 994من القانون رقم 22 -90المتعلق بالوالية .وأكثر من ذلك،
فإن المشرع الجزائري عمد إلى تحديد سلطات الوالي في ميدان األمن ،وذلك بموجب المرسوم
رقم 626 -96المؤرخ في 09ماي ،9196حيث نصت المادة 29على أنه" :عمال
-1عمارعوا بدي ،الجوانب القانونية لفكرة البوليس اإلداري ،المرجع السابق ،9192 ،ص .9292
-2راجع المرسوم رقم 032-99المؤرخ في 92أكتوبر 9199المتعلق بصالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي فيما
يخص الطرق والنقاوة والطمأنينة العمومية ،الجريدة الرسمية ،العدد 49الصادرة في 96أكتوبر .9199
19
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
بالمواد 922وما يليها من قانون الوالية يجسم الوالي سلطة الدولة على صعيد الوالية ،ويتخذ
في إطار القوانين والتنظيمات المعمول بها ،جميع اإلجراءات التي من شأنها أن تضمن في
كل الظروف ،السلم ،االطمئنان والنظافة العمومية".
كما نصت المادة 02من هذا المرسوم على إحداث لجنة لألمن في الوالية تحت رئاسة
الوالي ،بهدف متابعة تطور الوضعية العامة في الوالية وتوفير انسجام التداخالت وتماسكها.
وتجتمع هذه اللجنة مرة كل شهر وكلما دعت الحاجة إلى ذلك .وتختتم اجتماعاتها بتحرير
محضر ترسل نسخة منه إلى و ازرة الداخلية وو ازرة الدفاع الوطني.1
يتضح من خالل هذا أن الوالي ملزم بحكم القانون باعتباره سلطة ضبط إداري على
مستوى الوالية ،بحماية أمن األشخاص والممتلكات .وكل تقصير أو إهمال يحمل الوالية
مسؤولية التعويض عن األضرار المترتبة عن ذلك .فضمان أمن األشخاص والممتلكات التزام
على عاتق الدولة.2
ب /السكينة العامة:
وهي مرادفة لمصطلح الراحة أو الطمأنينة العامة ،ومفاد المحافظة على السكينة العامة
كعنصر مادي من عناصر النظام العام ،اتخاذ كافة التدابير واإلجراءات الوقائية للقضاء
على أسباب ومصادر اإلزعاج والقلق ،بهدف ضمان راحة المواطنين ،والتمتع بأوقات
فراغهما في جو تسوده السكينة والطمأنينة العامة.
وبمعنى أخر يقصد بها المحافظة على الهدوء والسكون في الطرق واألماكن العامة،
لوقاية األفراد من الضوضاء وعدم التعرض لمضيقات الغير كالمتوسلين أو من يستعملون
مكبرات الصوت ،وتوقيف اآلليات والمركبات التي ال تستجيب للشروط التقنية في خفض
معدالت األصوات والضجيج الصادر عنها ،أو منع استعمال المنبهات الصوتية للسيارات
قرب األماكن التي تتطلب هدوءا خاصا كالمستشفيات والمدارس ،أو خالل أوقات محددة
كمنع استعمالها خالل الليل ،أو منع أنشطة مزعجة قرب التجمعات السكنية أو المهنية أو
-1للمزيد من التفاصيل راجع المرسوم رقم 626 -96المؤرخ في 09ماي 9196المتعلق بسلطات الوالي في ميدان
األمن والمحافظة على النظام العام ،الجريدة الرسمية ،العدد 00الصادرة في 69ماي .9196
-2تنص المادة 03من دستور 09نوفمبر 9113المعدل والمتمم على أن " :الدولة مسؤولة عن أمن األشخاص
والممتلكات."...
20
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
غيرها مما يخل بالهدوء الالزم للراحة المعتادة للجمهور سواء في الشوارع أو المساكن أو
أماكن العمل.
ولتحقيق ذلك ،فإن المشرع الجزائري ،ألزم هيئة الضبط اإلداري البلدي بضرورة حماية
السكنية العامة ،وهذا من خالل المادة 0/94من القانون رقم 10-11المتعلق بالبلدية،
والتي جاء فيها ":في إطار احترام حقوق وحريات المواطنين ،يكلف رئيس المجلس الشعبي
البلدي على الخصوص بما يأتي:
...°التأكد من الحفاظ على النظام العام في كل األماكن العمومية التي يجري فيها تجمع
األشخاص ،ومعاقبة كل مساس بالسكينة العمومية وكل األعمال التي من شأنها اإلخالل
بها...الخ ".1
كما منح المشرع لرئيس المجلس الشعبي البلدي من خالل المرسوم رقم 032- 99
المتعلق بصالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي فيما يخص الطرق والنقاوة والطمأنينة
العمومية ،2السيما أحكام الباب الثالث المتعلقة بالطمأنينة العمومية ،سلطة اتخاذ وتنفيذ كل
التدابير واإلجراءات التي من شأنها الحفاظ على الراحة العامة ،أو الطمأنينة العامة ،وهذا
بقمع كل عمل يخل بذلك ،عن طريق تنظيم األسواق والمعارض وكل التجمعات التي من
شأنها تعكير الراحة العامة ،وذلك بضبط:
-ساعات فتح هذه المحالت واغالقها.
-األماكن المخصصة للعرض والبيع.
-وقوف السيارات ومرورها.
وينسحب ذلك على الحفالت والعروض الفنية العمومية ،عن طريق تسليم رخص قبلية
متضمنة القواعد الخاصة بالمحافظة على السكينة العمومية.
-1لقد تم اإلشارة إلى السكينة العامة باعتبارها عنصر من عناصر النظام العام في المادة 99من القانون رقم 92-99
المتعلق بالبلدية .كما نشير هنا أن المشرع الفرنسي لم يدرج السكينة العامة ضمن مقومات النظام العام في المادة 12من
قانون 22أفريل 9994المتضمن القانون البلدي ،غير أن الفقه والقضاء أكد على أنها تدخل ضمن عناصر النظام العام
وبالتالي تلتزم سلطات الضبط اإلداري بصيانته.
-2للمزيد من التفاصيل راجع المواد 16 ،29 ،94من المرسوم رقم ،032-99المرجع السابق.
21
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
يتضح جليا من خالل هذه األحكام ،أن رئيس المجلس الشعبي البلدي ملزم باتخاذ كافة
اإلجراءات الوقائية الالزمة لضمان راحة المواطنين ،وذلك عن طريق القضاء على كل ما
من شأنه تعكير أو إزعاج يخل بهما.
كما يتمتع الوالي باعتباره سلطة ضبط إداري على مستوى الوالية ،بسلطة اتخاذ كافة
التدابير الوقائية من أجل راحة المواطنين ،استنادا إلى المادة 994من القانون رقم 22 -90
المتعلق بالوالية.
والى جانب ذلك ،فلقد أخضع المشرع الجزائري ممارسة بعض الحقوق والحريات العامة
إلى إجراء الترخيص المسبق ،بهدف صيانة وحماية السكينة العامة .هذا ما نص عليه
القانون رقم 91- 19المؤرخ في 20ديسمبر 9119المعدل والمتمم للقانون رقم 09-91
المؤرخ في 69ديسمبر 9191المتعلق باالجتماعات والمظاهرات العمومية ،حيث نصت
المادة 92على أن " :المظاهرات العمومية هي المواكب واالستعراضات ،أو تجمعات
األشخاص ،وبصورة عامة جميع المظاهرات التي تجري على الطريق العمومي ...تخضع
المظاهرات العمومية إلى ترخيص مسبق.". . .
كما نصت المادة 02مكرر 0على أنه " :يخضع تركيب أو استعمال األجهزة الصوتية
الثابتة ،المؤقتة أو النهائية إلى رخصة مسبقة يمنحها الوالي .تمنع األجهزة الصوتية الثابتة
بقرب المؤسسات التعليمية والمستشفيات".
أما المادة 02مكرر 6تنص على أنه ":دون اإلخالل بأحكام الفقرة الثانية من المادة 02
مكرر ،0يخضع استعمال األجهزة الصوتية المتنقلة ،ومكبرات الصوت التي يمكن أن تزعج
راحة السكان إلى رخصة مسبقة يمنحها الوالي.1
يتضح من خالل أحكام هذا القانون ،أن للوالي سلطة اتخاذ كافة اإلجراءات الالزمة
لضمان راحة المواطنين وذلك من خالل إخضاع استعمال بعض األجهزة التي قد تمس
براحة السكان إلى إجراء الترخيص المسبق .وعليه يحق للوالي أن يمنع المظاهرة إذا كان من
شأنها أن تخل بالنظام العام ،سواء باألمن العام أو السكينة العامة .أو منع استعمال األجهزة
-1للمزيد من التفاصيل راجع القانون رقم 91 -19المؤرخ في 20ديسمبر ،9119المعدل و المتمم للقانون رقم -91
09المؤرخ في 69ديسمبر 9191المتعلق باالجتماعات والمظاهرات العمومية ،الجريدة الرسمية ،العدد 30الصادرة في
4ديسمبر .9119
22
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
الصوتية ،سواء كانت ثابتة أو متنقلة ،بهدف المحافظة على راحة المواطنين ،باعتباره واجب
والتزام على عاتق سلطات الضبط اإلداري.
ج /الصحة العامة:
يعتبر الحق في الصحة أو الرعاية الصحية ،إحدى الحقوق األساسية للمواطن .ويعتبر
التزام على عاتق الدولة تسهر على ضمانه لكل األفراد دون تمييز .وهناك من يطلق عليه
تسمية النظام العام الصحي 1.ولقد جسدت المادة 24من تعديل دستور 9113 -99-09
هذا االلتزام حيث نصت على أن ":الرعاية الصحية حق للمواطنين .تتكفل الدولة بالوقاية من
األمراض الوبائية والمعدية ومكافحتها ".
ويقصد بالصحة العامة وقاية األفراد من األمراض أو اعتالل الصحة ،ومنع انتشار
األوبئة ،واالحتياط من كل ما قد يكون سببا ،أو يحتمل أن يكون سببا للمساس بالصحة
العامة .2ويدخل في ذلك رقابة األغذية واعداد المياه الصالحة للشرب والمحافظة عليها من
التلوث ،وتصريف الفضالت ،وعزل المرض بأمراض معدية ،وتحصين المواطنين ضد
األمراض الوبائية إلى غير ذلك من األعمال التي تلزم للمحافظة على صحة األفراد.3
لقد كلف المشرع الجزائري هيئة الضبط اإلداري البلدي بحماية الصحة العامة من كل
ما من شأنه اإلخالل بها ،حيث نصت المادة 14من القانون رقم 92-99المؤرخ في 00
جوان 0299المتعلق بالبلدية على أنه :في إطار احترام حقوق وحريات المواطنين ،يكلف
رئيس المجلس الشعبي البلدي على الخصوص بما يأتي:
°السهر على نظافة العمارات وضمان سهولة السير في الشوارع والساحات والطرق
العمومية.
°السهر على احترام التنظيم في مجال الشغل المؤقت لالماك التابعة لألمالك العمومية
والمحافظة عليها.
°اتخاذ االحتياطات والتدابير الضرورية لمكافحة األمراض المنتقلة أو المعدية والوقاية منها.
°منع تشرد الحيوانات المؤذية والضارة.
1
- GUILLAUME-HOFNUNG Michèle, op.cit , p 33.
2
- CASTAGNE Jean, op.cit, p 32.
-3محمود حلمي ،نشاط اإلدارة ،الطبعة الثانية ،دار الفكر العربي ،القاهرة ،ص.92
23
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
-1للمزيد من التفاصيل راجع المواد من 2إلى 96من المرسوم رقم ،032-99المرجع السابق.
-2للمزيد من التفاصيل راجع 39 ،20 ،40 ،02 ،0 ،9من القانون رقم 22- 92المؤرخ في 93فيفيري ،9192يتعلق
بحماية الصحة وترقيتها ،المعدل والمتمم ،الجريدة الرسمية ،العدد 29الصادرة في 92فيفيري .9192
24
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
كما ألزمت أحكامه الوالة ،ورؤساء المجالس الشعبية البلدية ،ومسئولي الهيئات العمومية
والمصالح الصحية بتطبيق التدابير المالئمة في الوقت المناسب ،للوقاية من ظهور وانتشار
األوبئة والقضاء على مختلف أسباب األمراض.
يستفاد من خالل هذا القانون ،أن حماية الصحة العامة باعتبارها عنص ار من عناصر
النظام العام ،مسؤولية تقع على عاتق سلطات الضبط اإلداري ،سواء على المستوى المحلي
أو الوطني ،وذلك بحملها والزامها باتخاذ كافة اإلجراءات الوقائية لضمان صحة األفراد
والجماعة.
ونشير أن حماية الصحة العامة ال تخص فقط سلطات الضبط اإلداري العام ،بل
تخص أيضا سلطات الضبط اإلداري الخاص ،حيث يتمتع وزير الصحة والسكان واصالح
المستشفيات بسلطات واسعة في مجال حماية الصحة العامة ،وكذا مديرو المستشفيات
والقطاعات الصحية .كما يتمتع وزير البيئة وتهيئة العمران بسلطة اتخاذ كافة التدابير الرامية
إلى حماية الصحة العامة ،نظ ار للعالقة الوطيدة بين حماية البيئة وحماية الصحة العامة.
وكمثال على ذلك تنص المادة 24من المرسوم رقم 029-92المؤرخ في 09أكتوبر 0292
على انه ":يكلف وزير التهيئة العمرانية والبيئة في ميدان البيئة بما يأتي":
-يبادر بالقواعد والتدابير الخاصة بالحماية والوقاية من كل أشكال التلوث وتدهور البيئة
ويتصور ذلك ويقترحه باالتصال مع واإلضرار بالصحة العمومية وبإطار المعيشة
1
القطاعات المعنية ،ويتخذ التدابير التحفظية المالئمة...الخ".
ومن جهة أخرى ،نجد آن بعض األنشطة تخضع غالى إجراءات خاصة وصارمة لما
لها من خطر كبير على صحة اإلنسان ،ونذكر على سبيل المثال ما جاء في القانون رقم
92-26المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة حيث نجد المادة 92تنص على
انه تخضع مسبقا وحسب الحالة ،لدراسة التأثير أو لموجز التأثير على البيئة ،مشاريع التنمية
والهياكل والمنشات الثابتة والمصانع واألعمال الفنية األخرى...،الخ" .وتضيف المادة 93
-1مرسوم رقم 029-92مؤرخ في 09أكتوبر ،0292يحدد صالحيات وزير التهيئة العمرانية والبيئة ،الجريدة الرسمية،
العدد 34الصادرة في 09أكتوبر .0292
25
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
على انه يجب أن يتضمن محتوى دراسة التاثير على األقل وصف للتأثير المحتمل على
1
البيئة وعلى صحة اإلنسان...الخ.
يتضح جليا أن حماية الصحة العامة ،التزام على عاتق سلطات الضبط اإلداري سواء
كانت عامة أو خاصة .بحيث يترتب على تهاونها وتقصيرها في اتخاذ اإلجراءات الالزمة
والمالئمة تحميلها المسؤولية عن األضرار المترتبة من جراء ذلك.
تعتبر هذه العناصر التقليدية الثالثة المقومات المادية األصلية للنظام العام الذي تسهر
سلطات الضبط اإلداري على حمايته وصيانته ،من كل ما من شأنه أن يؤدي إلى تعكيره.
إال أنه إذا كانت هذه العناصر ثابتة في كل زمان ومكان ،فإنها لم تعد تساير تطور وظيفة
الضبط اإلداري وتوسع مجالها بحكم توسع مفهوم النظام العام ذاته.
/6العناصر الحديثة لفكرة للنظام العام:
إن مفهوم النظام العام في القانون اإلداري قد تطور بتطور الوظيفة اإلدارية للدولة،
فالدولة الحديثة لم تعد متدخلة فقط ،بل أصبحت فضال عن وظائفها السابقة ،طرفا هامة في
المعادلة االقتصادية واالجتماعية والثقافية ،مما تبع ذلك توسع هام في وظائف اإلدارة
العامة ،وتطور لمختلف المفاهيم السائدة ،بما فيها فكرة النظام العام.
لقد توسع مفهوم النظام العام ،بحيث لم يعد يقتصر على مجرد حماية ووقاية المجتمع
من االضطرابات المادية الخارجية إلقامة األمن ،السكينة والصحة العامة ،بل تعدى هذه
الحدود التقليدية إلى مجاالت أخرى استجابة لتطور المجتمع وازدياد تدخل الدولة في مجال
النشاطات الفردية.
على هذا التوجه ،بقوله أن":النظام العام ()Paul BERNARD ولقد أكد الفقيه بول برنارد
التقليدي قاص ار نظ ار لسلبياته التي تجعله يتوقف عند حد النتيجة المباشرة المتمثلة في عدم
وجود االضطراب المادي في المجتمع ،بل هو نظام حي ديناميكي ألنه نتيجة وثمرة لعمل
بناء ومجهودات كبيرة مدعمة بوسائل كثيرة وموجهة ألهداف متعددة من أجل هدف اجتماعي
-1قانون رقم 92-26مؤرخ في 91جويلية ،0226يتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة ،الجريدة الرسمية،
العدد 46الصادرة في 02جويلية .0226
26
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
عام وشامل .فهو تنظيم منسجم لكل العالقات اإلنسانية ،االجتماعية ،االقتصادية ،السياسية،
الفكرية واألخالقية الكائنة في حياة مجموعة معينة".1
أ /النظام العام األخالقي أو األدبي:
أكد الفقه على ضرورة تدخل السلطات اإلدارية الضبطية لحماية كل ما يمس باآلداب
واألخالق العامة ،والذي من شأنه أن يعكر النظام العام المادي للمجتمع ،وذلك بهدف كفالة
الحياة المادية والمعنوية على حد سواء.
ولقد أكد الفقيه موريس هوريو ( )Maurice Hauriouعلى هذا بقوله أن ..." :عالوة على النظام
المادي الذي يعني عدم وجود الفوضى ،يوجد النظام الخلقي الذي يرمي إلى المحافظة على
ما يسود من معتقدات وأحاسيس وأفكار .فإذا كان االضطراب في النظام الخلقي قد بلغ درجة
من الخطورة تهدد كيان النظام العام المادي ،يستوجب تدخل السلطات اإلدارية الضبطية
لوضع حد لذلك االضطراب.2"...
أما األستاذ لوي لوك فلقد ذهب إلى أبعد من ذلك بقوله أن ":كل فكرة عن النظام العام متغيرة
وعائمة ،فهي أقرب صلة بالشعور منها بالواقع القانوني.3"...
ورغم هذا ،ظلت العديد من التشريعات والسيما في الدول غير اإلسالمية ،متحفظة في
هذا المجال ،إذ استبعدت فكرة األخالق من مضمون النظام العام ،ومن ثمة من نطاق تدخل
سلطات الضبط اإلداري .ومن بينها التشريع الفرنسي إذ لم يتضمن القانون البلدي لعام
9994في مادته 12أية إشارة إلى اآلداب واألخالق العامة.
ونفس الموقف تبناه القاضي اإلداري الفرنسي ،إذ لم يعتبر اآلداب واألخالق العامة
عنص ار من عناصر النظام العام ،وبالتالي كان يلغي إجراءات وتصرفات سلطات الضبط
اإلداري التي تمس بحقوق وحريات األفراد بحجة حماية اآلداب واألخالق العامة ،كما يحملها
مسؤولية التعويض عن األضرار الناجمة عن هذه اإلجراءات والتصرفات.
غير أن القضاء اإلداري الفرنسي تراجع عن موقفه هذا ،لمسايرة موقف الفقه الذي ظل
ينادي بضرورة تكفل الدولة عن طريق سلطات الضبط اإلداري بحماية األخالق العامة،
1
- BERNARD Paul, Notion d’ordre public en droit administratif, L.G.D.J, Paris, 1962, p 12.
-2موريس هوريو ،مطول القانون اإلداري ،باريس ،9122 ،ص .02عن :سكينة عزوز ،المرجع السابق ،ص .63
-3عامر أحمد مختار ،تنظيم سلطة الضبط اإلداري في العراق ،رسالة جامعية ،جامعة بغداد ،9122 ،ص .26
27
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
باعتباره عنص ار من عناصر النظام العام .ومن أهم الق اررات الشهيرة التي أصدرها القاضي
اإلداري الفرنسي والتي أكد فيها على اختصاص سلطات الضبط اإلداري والتزامها بحماية
األخالق واآلداب العامة ،ق ارر مجلس الدولة الفرنسي المؤرخ في 99ديسمبر 9121في
قضية شركة -أفالم لوتيسيا - lutetiaوالنقابة الفرنسية للمنتجين ومستثمرين األفالم.1
تتلخص وقائع هذه القضية في أن رئيس بلدية -نيس -NICEبالجنوب الفرنسي أصدر قرار
إداريا ضبطيا يقضي بمنع عرض فيلم حصلت على ترخيص قانوني من طرف وزير اإلعالم
بعد موافقة لجنة الرقابة على األفالم السينمائية المنظمة بموجب قانون 26جويلية .9142
.Le feu dans la peau ويتعلق هذا اإلجراء بفيلم :النار في الجسد
لقد اتخذ رئيس بلدية نيس هذا القرار تحت تأثير قوى الضغط االجتماعي في المدينة
المتكونة في هذه القضية أساسا من جمعية المعلمين وأولياء التالميذ الذين هددوا بالقيام
بمظاهرات في المدينة لمنع عرض هذه األفالم التي تهدد تربية وأخالق وآداب التالميذ
الصغار.
وبتاريخ 99جويلية 9123تقدمت شركة أفالم لوتيسيا والنقابة الفرنسية بدعوى قضائية ضد
رئيس البلدية أمام المحكمة اإلدارية لنيس ،ملتمسة منها الحكم بعد مشروعية قرار المنع
لتجاوز السلطة ،ومن ثمة إلغائه .إال أن المحكمة اإلدارية قضت بمشروعية القرار اإلداري
الضبطي البلدي ،وبالتالي حكمت برفض الدعوى.
الدولة ،مطالبة بإلغاء
وبناء على ذلك ،استأنفت الشركة قرار المحكمة اإلدارية أمام مجلس ّ
القرار الذي أصدره رئيس بلدية نيس ،والحكم بتّعويض األضرار والخسائر المترتبة عن عدم
عرض هذه األفالم.
وبتاريخ 99أكتوبر 9121أصدر مجلس الدولة الفرنسي ق ارره برفض إلغاء قرار رئيس
البلدية ،ألنه من سلطاته الضبطية أن يتعرض للمحافظة على اآلداب واألخالق العامة.
وجاء في حيثيات هذا القرار على وجه الخصوص":
..حيث أنه يتضح من خالل التحقيق أن الظروف المحلية التي أثارها رئيس بلدية نيس
تبرر قرار منع عرض هذه األفالم على مستوى هذه البلدية.
1
- C.E, 18 décembre 1959, arrêt société « les films lutetia » et syndicat français des producteurs et exportateurs
de films, in WEIL. P, LONG.M, BRAIBANT .G, DELVOVE. P, GENEVOIS.B, Les grands arrêts de la
jurisprudence administrative, 13éme édition, DALLOZ, Paris, 2001 .p 550.
28
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
..حيث أنه يتضح من خالل كل ما سبق أن شركة أفالم لوتيسيا والنقابة الفرنسية
للمنتجين ومستثمرين األفالم غير محقين في التمسك بأن المحكمة اإلدارية غير محقة في
قرارها المتضمن رفض الدعوى الرامية إلى إلغاء قرار رئيس بلدية نيس . . .وعليه يرفض
الطعن" .يتضح من خالل هذا القرار ،أن القاضي اإلداري الفرنسي اعتبر اآلداب واألخالق
العامة عنص ار من عناصر النظام العام ،و بالتالي من حق سلطات الضبط اإلداري ،بل
ومن واجبها التدخل من أجل حمايته وصيانته.
ومهما كان األمر ،فإن القاضي اإلداري عندما أقر بضرورة حماية اآلداب العامة
واألخالق العامة ،فإنه ال يتعدى إلى األخالق المثالية التي تعتبر مبادئ ثابتة في الضمير
اإلنساني ،بل الحد األدنى منها الذي إذا لم يصن ترتب عنه اإلخالل بالطابع المادي للنظام
العام.
بقوله أن ":إذا كان حماية ( )Philippe FOILLARD وهذا ما أكده الفقيه فليب فويالر
اآلداب العامة أم ار ضروريا فإنه يجب أن يكون في حدود صيانة األمن والسكينة العامة
فقط".1
فهو عدم وجود الفضائح أو عدم ()Henry TEITGEN وبتعبير آخر حسب الفقيه هنري تيتجين
وجود أي اعتداء ،أو مساس أو أذى عام بالقدر األدنى من األفكار الخلقية ،التي رضي بها
واحترمها متوسط األفراد خالل فترة زمنية معينة .2فمعيار هذه المبادئ يقاس بما يحرص
الناس على احترامه واإلبقاء عليه.
ومن هذا المنطلق ،يمكن القول أن اآلداب واألخالق العامة نسبية ،تتغير من زمن إلى
آخر ،ومن مكان إلى آخر .وهذا ما يظهر جليا من خالل قرار مجلس الدولة الفرنسي
المشار إليه أعاله ،والذي أكد فيه أن الظروف المحلية تبرر اتخاذ اإلجراءات المناسبة قصد
حماية اآلداب واألخالق العامة .وبالمقابل فإن عدم توفر هذه الظروف ال يسمح لرئيس
البلدية منع عرض هذه األفالم ما دامت أنها تخضع لرقابة مسبقة من طرف الجهة المكلفة
بمنح رخصة االستغالل.
1
- FOILLARD Philippe, Droit Administratif, C. P. U, Paris, 2001, p 264.
2
- TEITGEN Henry, La police municipale générale, l’ordre public et les pouvoirs de Maire, Sirey, Paris, 1934,
p1 et 2.
29
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
وبناء على ذلك ،ألغى مجلس الدولة الفرنسي عدة ق اررات إدارية ضبطية ،تضمنت منع
عرض بعض األفالم بهدف حماية اآلداب واألخالق العامة ،حيث أكد فيها أن الطبيعة غير
األخالقية للفيلم ال تبرر لوحدها قرار المنع ،مادام ليس من شأنها تعكير وتهديد النظام العام
المادي .ومن بين هذه الق اررات ،قرار مجلس الدولة المؤرخ في 91أفريل 9136في قضية
.1 Marceau شركة أفالم مارصو
Landerneau تتلخص وقائع هذه القضية في أنه بتاريخ 90فيفري 9132اتخذ رئيس بلدية
ق ار ار إداريا ضبطيا يتضمن منع عرض فيلم "العالقات الخطيرة ،"9132وذلك بحجة حماية
اآلداب واألخالق العامة.
حكمها القاضي برفض Rennes وبتاريخ 06أكتوبر 9139أصدرت المحكمة اإلدارية لمدينة
دعوى اإللغاء ،ومن ثمة الحكم بمشروعية القرار .طعنت الشركة في هذا الحكم أمام مجلس
الدولة الذي أصدر ق ارره بـتاريخ 9136-24 -91يتضمن إلغاء القرار اإلداري
الضبطي .ولقد جاء في حيثيات هذا الحكم على وجه الخصوص":
...حيث يتضح من خالل التحقيق أن عرض الفيلم في تاريخ اتخاذ القرار محل الطعن ليس
من شأنه أن يحدث اضطرابات مادية مجدية في مدينة .Landerneau
ومن جهة أخرى ،لم يثبت التحقيق أية ظروف محلية من طبيعتها أن تجعل عرض الفيلم
مهما كانت طبيعته غير األخالقية تهديدا على النظام العام.
غير Rennes وعليه ،فإن شركة أفالم مارصو مؤسسة في التمسك بأن المحكمة اإلدارية
محقة في حكمها الصادر بتاريخ 06أكتوبر ،9139والقاضي برفض دعوى إلغاء القرار
محل الطعن ".
يتضح أن فكرة النظام العام األخالقي صعبة التحديد ،لذا فان سلطة هيئات الضبط
اإلداري ليست مطلقة فيما يتعلق بتحديد الطبيعة غير األخالقية للفيلم ،بل تخضع لتقدير
القاضي اإلداري الذي يبحث في مدى خطورة عرض الفيلم على األخالق العامة ،وهل ثمة
ظروفا محلية مجدية من شأنها أن تبرر منع عرضه .فالقاضي اإلداري الفرنسي يراقب مدى
التوفيق بين ضرورة حماية اآلداب واألخالق العامة وبين ضرورة حماية حرية المعتقد وحرية
التعبير المكرسة دستوريا .ويترتب على ذلك ،أن مجال ونطاق اآلداب واألخالق العامة
1
- C.E, 19 avril 1963, arrêt société "des films Marceau", In WEIL.P, et autres, op.cit, p 247.
30
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
يضيق ويتسع تبعا لتغير األزمنة ،واألمكنة ،وحسب شخصية كل أمة وانتمائها الحضاري،
والظروف المحلية الخاصة بكل منطقة.1
أما المشرع الجزائري ،فباعتبار أن المجتمع الجزائري مجتمع مسلم ،فإنه كان من
المنطقي أن يساير موقف الفقه والقضاء ،حيث أدرج اآلداب العامة ضمن عناصر النظام
العام ،تتكفل سلطات الضبط اإلداري بحمايته وصيانته .غير أن فكرة اآلداب واألخالق
العامة في الجزائر تختلف عما هو عليه األمر في فرنسا .أوال تتدخل سلطات الضبط
اإلداري عندما يؤدي المساس باآلداب العامة إلى اضطراب مادي للنظام العام ،وهذا يتماشى
مع موقف القضاء اإلداري الفرنسي .ثانيا عندما يؤدي مخالفة اآلداب العامة إلى اضطراب
في عقيدة الجماعة.
ففي الحالة األولى تلجأ سلطات الضبط اإلداري إلى منع كل األعمال والتصرفات التي
تخل باآلداب والخالق العامة والتي من شأنها أن تؤدي إلى اضطراب مادي .يفهم من هنا
أن اإلخالل باألخالق العامة يمس بالضرورة إحدى العناصر المادية للنظام العام .والمثال
على ذلك فرغم أن بيع الكحول وشربه في أماكن خاصة مسموح به إال أن استهالكه في
األماكن العمومية يعد تصرفا مخل باآلداب العامة ويمس بالصحة والسكينة العامة.
أما في الحالة الثانية فان تدخل سلطات الضبط اإلداري ال يهدف إلى حماية األخالق
العامة الذي يؤدي إلى اضطراب مادي ،وانما إلى حماية اآلداب العامة بصفة مستقلة.
ويقصد باألخالق العامة بهذا المعنى مجموعة المبادئ األخالقية التي تقبلها وطبقها عامة
األفراد في المجتمع في وقت معين وفي مكان معين ،والتي تضمن الدولة حمايتها.2
تعتبر األخالق الع امة بهذا المعنى فكرة نسبية تتغير بتغير ظروف الزمان والمكان ،بل
وحتى بالعادات والتقاليد السائدة في منطقة معينة .والمثال على ذلك العالقات الجنسية غير
المشروعة أو ما يصطلح عليه بالدعارة ،فهي مخالفة لآلداب واألخالق العامة وللدين
اإلسالمي ومعاقب عليها قانونا .وهنا نالحظ أن سلطات الضبط اإلداري من خالل خلية
شرطة اآلداب تسهر على صيانة المجتمع من هذه اآلفة التي تمس بمبادئ وأخالق المجتمع
الجزائري باعتباره مجتمع متدين.
1
- CASTAGNE Jean, op.cit, p37.
2
- LAJOIS Jean Louis, op.cit, p 475
31
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
بالرجوع إلى التشريع الجزائري نجد هناك عدة قوانين تتعلق بمجال الضبط اإلداري،
فالمادة 062الفقرة األولى من القانون البلدي لعام 9132نصت على أن " :رئيس المجلس
الشعبي البلدي مكلف على وجه الخصوص لتحقيق النظام ،األمن ،السالمة ،والصحة العامة
بما يلي":
-المحافظة على اآلداب العامة.".....
كما أكد المشرع الجزائري على تكليف هيئة الضبط اإلداري البلدي بالتزام حماية
وصيانة اآلداب العامة ،وذلك في المادة 94من المرسوم رقم 232-99المتعلق بصالحيات
رئيس المجلس الشعبي البلدي فيما يخص الطرق والنقاوة والطمأنينة العمومية ،والتي جاء
فيها " :يتخذ وينفذ رئيس المجلس الشعبي البلدي في إطار التنظيم المعمول به ،كل
اإلجراءات التي من شأنها أن تضمن حسن النظام واألمن العمومي ،وكذلك الحفاظ على
الطمأنينة واآلداب العامة .كما يجب عليه أن يقمع كل عمل من شأنه أن يخل بذلك".
إن حماية اآلداب العامة ليس التزام على سلطات الضبط اإلدارية العامة فقط ،بل حتى
سلطات الضبط اإلداري الخاصة نصيب من ذلك ،ولقد أشار المشرع إلى ذلك في العديد من
القوانين الخاصة نذكر على سبيل المثال قانون رقم 26/0222المحدد للقواعد العامة
المتعلقة بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية ،إذ تنص المادة 24منه على انه :تسهر
الدولة في أطار الصالحيات المرتبطة بمهامها العامة بالخصوص على:
°احترام األحكام المقررة في مجال الدفاع الوطني واآلمن العمومي،
1
°احترام مبادئ اآلداب العامة."...
كما أكد القانون العضوي المتعلق باإلعالم على أهمية عدم المساس باألخالق العامة
من قبل كل من يتدخل في مجال االعالم ،حيث تنص المادة 10على أنه ":زيادة على
األحكام الواردة في المادة 0من هذا القانون العضوي ،يجب على الصحفي على
الخصوص:
1
°اإلمتناع عن نشر أو بث صور أو أقوال تمس بالخلق العام أو تستفر مشاعر المواطن".
-1قانون رقم 26-0222مؤرخ في 22أوت ،0222يحدد القواعد العامة المتعلقة بالبريد والمواصالت السلكية
والالسلكية ،ج ر العدد 49الصادرة في 22أوت .0222
32
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
إن اآلداب واألخالق العامة التي تتكفل سلطات الضبط اإلداري بحمايتها ،هي تلك
اآلداب العامة ذات المظهر الخارجي التي يجب أن يتحلى بها الفرد اتجاه الجماعة ،سواء
أدى اإلخالل بها بالفعل أو الكلمة أو اللباس أو الصورة إلى إلحاق الضرر بالطابع المادي
للنظام العام ،كفالة للحياة المادية والمعنوية للجماعة ،وال دخل لسلطات الضبط اإلداري في
أخالق الشخص اتجاه نفسه .فتلك تخضع لدرجة إيمانه ومدى رقابة ضميره.2
وكمثال على ذلك ،فإنه إذا كان من حق الفرد الخروج إلى اإللحاد وعدم اعتناق أي
دين ،فإنه ليس من حقه في الدولة اإلسالمية الدعوة إلى اإللحاد وانكار الشرائع السماوية ألن
في ذلك مساسا بالدين اإلسالمي الحنيف ،ومساسا بمبادئ وأخالق األمة اإلسالمية.
فممارسة حرية العقيدة المكرسة دستوريا تكون في إطار حماية اآلداب واألخالق العامة التي
يتمسك بها أفراد المجتمع.3
ومهما كان األمر ،فإن للقاضي اإلداري سلطة تقديرية في تكيف العمل أو التصرف
الذي يأتيه الفرد ومدى مساسه باآلداب واألخالق العامة ،وبالتالي يبرر اإلجراء اإلداري
الضبطي .فالقاضي اإلداري يوازن ويوفق بين صيانة اآلداب العامة وبين ضرورة حماية
حرية المعتقد والتعبير.
إال أن المالحظ هو تراجع المشرع الجزائري عن موقفه هذا إثر تعديل قانون البلدية
بموجب القانون رقم 29-12المؤرخ في 22أفريل ،9112بحيث لم يدرج حماية اآلداب
العامة ضمن اختصاصات رئيس المجلس الشعبي البلدي عكس ما كان عليه سابقا .كما
استقر على نفس الموقف في ظل قانون البلدية الحالي رقم 92-99المؤرخ في 00جوان
.0299
ونحن نعت قد أن هذا التراجع يفقد رئيس البلدية السند القانوني الذي يستند إليه في
ممارسة صالحياته كسلطة ضبط على مستوى البلدية قصد صيانة اآلداب العامة .إال إذا
-1قانون عضوي رقم 22-90مؤرخ في 90جانفي ،0290يتعلق باالعالم ،الجريدة الرسمية ،العدد 0الصادرة في 92
جانفي .0290
-2عمور سيالمي ،المرجع السابق ،ص .29
-3حمود حمبلي ،حقوق اإلنسان بين النظم الوضعية و الشريعة اإلسالمية ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر،9112 ،
ص .46
33
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
قلنا بكفاية نص المادة 94من المرسوم رقم 032 -99المشار إليه سابقا .وما يؤكد قولنا
هو أن فكرة اآلداب واألخالق العامة فكرة نسبية تتغير من منطقة إلى أخرى ،فإن هيئة
الضبط اإلداري البلدي أدرى من كل جهة أخرى ،بالعادات والتقاليد والمبادئ التي يتمسك بها
أفراد الجماعة على المستوى المحلي.
ب /النظام العام الجمالي"جمال الرونق والرواء":
لقد كان مجلس الدولة الفرنسي حريصا على عدم الخروج عن األغراض المشار إليها
النظام الجمالي لم
سابقا ،وذلك رغبة منه في تعزيز حماية الحريات العامة .ولذا ،فإن حماية ّ
الضبط اإلداري ،وال يشكل عنصر من عناصر النظاميكن يعتبره من ضمن أغراض سلطات ّ
العام.
ولقد كان لمجلس الدولة الفرنسي فرصة للتأكيد على هذا الموقف وذلك من خالل ق ارره
.1ولقد جاء في حيثيات هذا القرار أن....": Leroy المؤرخ في 24ماي 9109في قضية
السلطة القائمة على وظيفة الضبط اإلداري ال يحق لها أن تستهدف صون المظهر المنمق
والمحافظة على جمال الرواء ،إال في الحاالت التي يرخص بها القانون بذلك بنصوص
قاطعة ."...ونفس الموقف أكد عليه مجلس الدولة الفرنسي رافضا اعتبار الجمال الرونقي
2
من ضمن عناصر النظام العام وذلك في ق ارره الصادر بتاريخ 99فيفري .9120
إال أن موقف مجلس الدولة الفرنسي تغير في فترة قصيرة ،وذلك تحت تأثير المنظمات
والجمعيات المدافعة عن الجمال ،بحيث يرى أنصارها أن الجمال يدخل ضمن مهام اإلدارة
التي تتكفل بحراسة الصالح العام .ومما الشك فيه أن الجمال يعد من المصالح العامة للدولة
شأنه شأن الفن أو الثقافة .فكل مساس به يكون اضطرابا في النظام يتعين المحافظة عليه
عن طريق وقاية الجمال.3
-1محمود سعد الدين الشريف "،النظرية العامة للبوليس اإلداري في مصر" ،مجلة مجلس الدولة ،القاهرة ،9129 ،ص
.010
2
- C.E, 18 fevrier 1972, arrêt Chambre Syndicat des entreprises artisanales du bâtiment de la haute Garonne,
in http://www.legifrance.gouv.fr
Voir aussi C.E, 09-07-1975, Commune de Janvry, in http://www.legifrance.gouv.fr
-3سكينة عزوز ،المرجع السابق ،ص .62
34
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
ومن أهم الق اررات التي أصدرها مجلس الدولة الفرنسي ،والتي أكد فيها على اعتبار
حماية الجمال عنص ار من عناصر النظام العام ،ومن ثمة يدخل في نطاق أغراض سلطات
الضبط اإلداري ،ق ارره المؤرخ في 92أكتوبر 9163في قضية إتحاد نقابات المطابع و
النشر بباريس.1
تتلخص وقائع هذه القضية في أن مدير ضبط مدينة السين أصدر قرار إداريا ضبطيا
يتضمن حظر توزيع اإلعالنات" "Prospectusعلى المارة في الطرقات العامة خشية إلقاؤها بعد
تصفحها ،فيشوه هذا اإللقاء مظهر الطرقات و يفض من جمال روائها وأناقة مظهرها.
وعلى إثر ذلك ،طعن إتحاد نقابات المطابع والنشر بباريس ضد هذه الالئحة أمام مجلس
الدولة طالبا إلغاءها لتجاوزها األغراض المحدودة الموكلة لسلطات الضبط اإلداري لتحقيقها،
اعتمادا على السوابق القضائية التي صدرت عن مجلس الدولة في هذا الشأن.
الضبط
إال أن مجلس الدولة سلم في ق ارره المؤرخ في ،9163 -92 -06بحق هيئات ّ
اإلداري في إصدار لوائح من هذا القبيل ،تحمي جمال مظهر الطرقات وتحافظ على حسن
األحياء السكنية.
يتضح من خالل هذا القرار ،أن القاضي اإلداري الفرنسي وسع من مضمون النظام
العام ليشمل الجمال باعتباره غرضا من أغراض سلطات الضبط اإلداري ،استجابة لتزايد
متطلبات أفراد المجتمع التي ما ظلت تطالب بضرورة تدخل الدولة من أجل حمايته
وصيانته.
والى جانب هذا ،فإن المشرع الفرنسي ساير موقف القضاء ،وهذا بإدماج الجمال في
المجال القانوني ،عن طريق إحداث العديد من أنواع البوليس الخاص تتكفل بحماية الجمال.
كما أن حماية الجمال يدخل في إطار سياسة عامة تتعلق بحماية البيئة التي أصبحت تشغل
مرك از هاما في إطار إنشغالت الدولة.
وكمثال على ذلك ،فإن المادة 22من القانون المؤرخ في 90أفريل 9146المتعلق
تنص على أن ":للمحافظ سلطة منع وتنظيم "،"Police de l’affichage بشرطة الملصقات
-1محمود سعد الدين الشريف "،النظرية العامة للبوليس اإلداري في مصر" المرجع السابق ،ص .010
35
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
اإلشهار على مستوى الطرق السريعة قصد حماية جمال المناطق التي يعبرها .كما يمكن
للمحافظ أن ينظم اإلشهار عن طريق الملصقات في كل أو جزء من إقليم البلدية.1"...
أما المشرع الجزائري ،فإنه لم يخرج على هذا االتجاه ،بل ساير هذا التطور وأعتبر
الجمال عنص ار من عناصر النظام العام ،تتكفل سلطات الضبط اإلداري بحمايته وصيانته.
وهذا ما يظهر جليا من خالل استعراض أحكام المرسوم رقم 032-99المؤرخ في 92أفريل
9199المتعلق بصالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي في مجال الطرق والنقاوة
والطمأنينة العمومية.
فالمادة 20الفقرة السادسة تنصص على أنه ...":يقوم فضال عن ذلك بتجميل الطرق وينشئ
في المناطق الحضرية ،مساحات للراجلين.".
كما نصت المادة 24على أنه " :يسهر رئيس المجلس الشعبي البلدي على إنارة الطرق
العمومية وصيانة شبكة اإلنارة .ويسهر باإلضافة إلى ذلك ،على تشذيب المغروسان
وتصفيفها ،وكذا إنشاء وصيانة المساحات الخضراء ،الحدائق العمومية وحظائر التسلية".
أما المادة 29الفقرة 29فإنها نصت على أنه ..." :يسهر على نظافة البلدية وتجميلها".
يتضح من خالل استعراض هذه المواد ،مدى األهمية التي أوالها المشرع الجزائري
لحماية النظام العام الجمالي ،وذلك بتكليف هيئة الضبط اإلداري البلدي باتخاذ كافة التدابير
الوقائية الالزمة من أجل ضمان نظافة وجمال البلدية.
وأكثر من ذلك ،فإن المشرع الجزائري ألزم سلطة الضبط اإلداري البلدي باتخاذ كافة
التدابير الضرورية من أجل حماية البيئة وتحسينها .وهذا ما نصت عليه المادة 92من
المرسوم المشار إليه أعاله ،حيث جاء فيها ":يتخذ رئيس المجلس الشعبي البلدي كل
اإلجراءات التي من شأنها أن تحمي البيئة وتحسنها.
يضبط إثر مداولة المجلس الشعبي البلدي كل اإلجراءات التي يمكن أن تشجع إنشاء كل
منظمة أو جمعية لحماية البيئة وتطويرها وتحسين نوعية حياة المواطن ،والقضاء على
التلوث واألضرار ،ويسهر على تنفيذ هذه اإلجراءات".
1
- BIBANDA Antoine, «Quelques exemples de polices administratives spéciales », In La police administrative
existe- t-elle ?, In La police administrative existe-t-elle ?, sous la direction de LINOTTE Didier, Edition
Economica, Paris, 1985, p 134.
36
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
ومن أجل بلوغ هذه الغاية ،عمد المشرع الجزائري إلى إصدار القانون رقم 26-96
المؤرخ 22فيفري 9196المتعلق بحماية البيئة ،حيث حدد فيه الجهات المكلفة بحماية
البيئة ،واإلجراءات التي يجب اتخاذها ،وهذا تحت رعاية الوزير المكلف بالبيئة وتهيئة
العمران .وحسب المادة 22من هذا القانون ،فإن المجموعات المحلية تعد المؤسسات
الرئيسية لتطبيق تدابير حماية البيئة.1
أصبحت حماية البيئة في الجزائر تشغل مرك از هاما في انشغاالت الحكومة ،إذ تتولى
و ازرة البيئة وتهيئة العمران ،وذلك عن طريق مختلف الهيئات المنشأة لهذا الغرض ،سواء
على المستوى الوطني أو المحلي ،باتخاذ كافة اإلجراءات الوقائية من أجل تحقيق التوازن
الضروري الذي تتطلبه التنمية االقتصادية ،والحفاظ على إطار معيشة السكان وتحسين
نوعيتها.
وما يثبت هذا التوجه هو ما تضمنه القانون رقم 92-26المتعلق بحماية البيئة في
اطار التنمية المستدامة ،2والذي نص في المادة 0على جملة من االهداف من بينها الوقاية
من كل أشكال التلوث البيئي واألضرار الملحقة بالبيئة ،وذلك بضمان الحفاظ على مكوناتها.
كما أكد المشرع الجزائري من خالل هذا القانون على األهمية القصوى الممنوحة للبيئة من
خالل تحديد المبائ التي تقوم عليه ا السياسة الوطنية لحماية البيئة منها مبدأ النشاط الوقائي
وتصحيح األضرار البيئية باألولوية عند المصدر ،ومبدأ الحيطة ،مبدأ الملوث الدافع ،مبدأ
االعالم والمشاركة...الخ.
يترتب على ذلك ،أن حماية البيئة بما فيها صيانة جمال المدن والطرقات ،والمحافظة
على المساحات الخضراء والغابات ،مسؤولية تقع على عاتق الدولة وذلك عن طريق سلطات
الضبط اإلداري العام .والى جانب هذا ،توجد أنواع عديدة من هيئات الضبط اإلداري
الخاص تتكفل بحماية النظام العام الجمالي ،سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ،كشرطة
الغايات ،شرطة الشواطئ...الخ.
-1للمزيد من التفاصيل ،راجع القانون رقم 26 -96المؤرخ في 22فيفري 9196المتعلق بحماية البيئة ،الجريدة الرسمية،
العدد 23الصادرة في 9نوفمبر ( 9196ملغى).
-2قانون رقم 92-26مؤرخ في 91جويلية ،0226يتعلق بحماية البيئة في اطار التنمية المستدامة ،الجريدة الرسمية،
العدد 46الصادرة في 02جويلية .0226
37
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
إلى جانب ذلك نجد قوانين عديدة تضمن حماية الجمال باعتباره من مقومات النظام
العام ،فالمادة 29من القانون رقم 24-99المنظم للنشاط الترقية العقارية تنص على أنه":
يجب أن تسعى كل عملية تجديد عمراني إلى جمال اإلطار المبني وتحسين راحة
المستعملين وكذا مطابقته للمعايير العمرانية السارية".
وتضيف المادة 92منه ":يجب أن يؤخذ في الحسبان االنسجام المعماري والعمراني والطابع
الجمالي بالنسبة للمجموعة العقارية األصلية عند تصميم البناية أو البنايات التي تكون
1
موضوع عملية توسيع مشروع عقاري".
إن حماية البيئة ال تستهدف صيانة النظام العام الجمالي فحسب ،بل كذلك حماية
الصحة العمومية ،وهذا بالحد والقضاء على كل مصادر التلوث الذي يشكل مصدر معظم
األوبئة واألمراض.
ومهما كانت الجهة المكلفة بصيانة النظام العام الجمالي من هيئات الضبط اإلداري
العام والخاص ،فإن للقاضي اإلداري سلطة تقديرية كاملة في فحص مدى مالئمة اإلجراءات
المتخذة بفضل الرقابة التي يسلطها على اإلجراءات واألعمال الصادرة عن تلك الهيئات.
فالقاضي اإلداري يوازن بين مقتضات حماية وصيانة النظام العام الجمالي وبين متطلبات
المقررة والمضمونة لألفراد في قوانين الدولة ومنها حرية الصناعة
حماية الحقوق و الحريات ّ
والتجارة.
إن فرض رقابة مشددة على إجراءات الضبط اإلداري يؤدي حتما بسلطات الضبط
اإلداري إلى التحري بالحذر والمسؤولية ،وبالتالي تفادي إساءة استعمال السلطة والتالعب في
األذواق واأللوان والميول.
أما بالنسبة للقضاء الجزائري فلقد أكد على حق اإلدارة في حماية النظام العام الجمالي
وذلك في العديد من المناسبات نذكر على سبيل المثال ق ارره الصادر بالتاريخ 92أفريل
،0226في قضية ( ه م) ضد بلدية حاسي مسعود والذي جاء فيه":
حيث اتضح لمجلس الدولة بعد االطالع على كل ما احتوى عليه ملف الدعوى من وثائق
ومستندات أنه حقيقة تحصل المستأنف على ترخيص من المستأنف عليها بوضع كشك
-1قانون رقم 24-99مؤرخ في 92فيفري ،0299يحدد القواعد التي تنظم نشاط الترقية العقارية ،ج ر العدد 94
الصادرة في 3مارس .0299
38
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
جاهز بشرط أن يكون هذا األخير في حالة مالئمة ال تشوه المنظر العام واحترام قواعد
النظافة .حيث أن اإلدارة لها سلطة الضبط اإلداري والمحافظة على جمالية عمران
1
البلدية....الخ".
ج /الكرامة اإلنسانية:
اعتبر مجلس الدولة الفرنسي في قرار حديث له أن احترام كرامة اإلنسان من النظام
العام ،حيث قضى أن القرار الذي يمنع مصرحية تسيء إلى األقزام تمس بكرامة اإلنسان،
ويحق لإلدارة منعها حفاظا على النظام العام .كما اعتبر مجلس الدولة احترام الكرامة
3
اإلنسانية عنص ار من عناصر النظام العام 2في ق ارره المؤرخ في 02أكتوبر . 9112
ومن جانب أخر ،أكد المجلس الدستوري الفرنسي في ق ارره الصادر بتاريخ 02جويلية
9114على أن حماية كرامة اإلنسان ضد كل أشكال اإلستغالل يعد من ضمن المبادئ
ذات قيمة دستورية.4
أما في الجزائر فانه بالرجوع الى النصوص التشريعية نجد أن المشرع عبر في العديد
من النصوص القانونية صراحة عن موقفه في منه المساس بكرامة االنسان وبالتالي اعتبارها
من العناصر الموكونة لفكرة النظام العام ،ونذكر على سبيل المثال نص المادة 9من
القانون رقم 96-92المتعلق بأنشطة وسوق الكتاب والتي جاء فيها ":تمارس األنشظة
الخاصة بنشر الكتاب وطبعه وتسويقه في اطار احترام ما يأتي:
°متطلبات األمن والدفاع الوطني ،متطلبات النظام العام ،كرامة اإلنسان والحريات الفردية
5
والجماعية."...
-1مجلس الدولة ،قرار رقم 92249صادر بتاريخ 92أفريل ،0226قضية ( ه م) ضد بلدية حاسي مسعود ،موسوعة
االجتهاد القضائي الجزائري ،ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس الدولة ،اإلصدار الرابع.0223 ،
2
- Didier Truchet, L'autorité de police est elle libre d'agir?, in colloque intitulé : puissance publique ou
impuissance publique" organisé par le ministère de l'intérieure conjointement avec l'université Paris I, Panthéon
Sorbonne, les 08 et 09 février 1999 au Carrousel du Louvre, Pris, in A.J.D.A, 20 juillet/ 20 août 1999, n° spécial,
06.p 81.
3
- C.E, 27octobre 1995,Ville d'Aix en Provence et Commune de Morsang sur Orge,
in http://www.legifrance.gouv.fr
4
- GUILLAUME-HOFNUNG Michèle, op.cit1, p 33.
-5قانون رقم 96-92مؤرخ في 92جويلية ،0292يتعلق بأنشطة وسوق الكتاب ،الجريدة الرسمية ،العدد 61الصادرة
بتاريخ 91جويلية .0292
39
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
المحور الثاني
أنواع الضبط اإلداري
يصنف الضبط اإلداري إلى عدة تصنيفات مختلفة حسب المعيار الذي يؤخذ كأساس
للتصنيف ،فيصنف الضبط استنادا للمحل إلى ضبط إداري عام وضبط إداري خاص،
واستنادا للمدى اإلقليمي إلى ضبط إداري وطني وضبط إداري محلي.
أوال :الضبط اإلداري العام والضبط اإلداري الخاص
يقصد بالضبط اإل داري العام الضبط الذي يهدف إلى المحافظة على النظام العام في
المجتمع بمختلف عناصره ومقوماته والمتمثلة أساسا في األمن العام ،السكينة العامة ،الصحة
العامة واآلداب العامة سواء على مستوى الدولة كلها أو على مستوى إحدى وحداتها
اإلقليمية.1
أما الضبط اإلداري الخا ص فهو الضبط الذي يهدف إلى المحافظة بصفة وقائية على
عنصر محدد على سبيل الحصر من عناصر النظام العام التقليدية المعروفة أو هدف أخر
من غير المقومات السابقة اإلشارة إليها كالضبط اإلداري الخاص بالسكك الحديدية والضبط
الخاص بالمالهي ،الضبط الخاص بالمعالم األثرية...الخ .2فمجال الضبط اإلداري الخاص
أوسع وال يمكن حصره سواء من حيث الهدف أو من حيث الجهات التي تمارسه.
يتضح من خالل هذين التعريفين أن ثمة عدة فروق بين الضبط اإلداري العام والخاص
يمكن حصرها فيمايلي:
-أن الضبط اإلداري العام ينصرف إلى حماية النظام العام بمختلف عناصره ،فهو بمثابة
الشريعة العامة في مجال الضبط اإلداري ،3في حين الضبط اإلداري الخاص ينصب على
عنصر محدد من عناصر النظام العام التقليدية أو تحقيق هدف غير األهداف التقليدية
كحماية المواقع األثرية.
40
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
-يتولى الضبط اإلداري العام تنظيم أنشطة مختلفة ومتنوعة لمجموع األفراد ،في حين يتولى
الضبط اإلداري الخاص تنظيم نشاط معين ومحدد على سبل الحصر ،أو تنظيم نشاط
طائفة معينة من األفراد كاألجانب.
-تتسم األحكام التشريعية التي تخول هيئات الضبط اإلداري العام السلطات والصالحيات
الضبطية بالعمومية والتجريد ،فهي أحكام تشريعية واسعة وفضفاضة ،وترد تلك الصالحيات
على سبيل المثال ال الحصر ،بينما تتضمن القوانين التي تتعلق بالضبط اإلداري الخاص
أحكاما تشريعية دقيقة ومحددة ومفصلة.1
ولقد أشار المشرع الجزائري إلى هذين النوعين من أنواع الضبط اإلداري وذلك في
المادة 24من المرسوم رقم 626-96التي نصت على أنه ":يسهر الوالي على ممارسة
رؤساء المجالس الشعبية البلدية والوالئية ،صالحياتهم في مجال الشرطة اإلدارية العامة
2
والمتخصصة".
ثانيا :الضبط اإلداري الوطني والضبط اإلداري المحلي
يقصد بالضبط اإلداري الوطني تلك الهيئات التي منح لها المشرع صراحة سلطة اتخاذ
مجموعة من األعمال والق اررات اإلدارية بهدف حماية النظام العام بصفة وقائية على مستوى
كامل إقليم الدولة.
/0الضبط اإلداري العام الوطني:
وتتمثل سلطات الضبط اإلداري العام الوطني في النظام اإلداري الجزائري فيمايلي:
أ /رئيس الجمهورية:
لقد كان رئيس الجمهورية قبل سنة 9191يعد المسؤول الوحيد على الجهاز التنفيذي
باعتباره رئيسا للجمهورية ورئيسا للحكومة ،ومن ثمة كان بمثابة الرئيس اإلداري األعلى
والوحيد للسلطة التنفيذية طبقا للمادة 924من دستور 9123-99-00التي جاء فيها":
يضطلع بقيادة الوظيفة التنفيذية رئيس الجمهورية ،وهو رئيس الدولة".
41
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
وتضيف المادة 994على أنه ":تمارس الحكومة الوظيفة التنفيذية بقيادة رئيس الجمهورية".
رغم عدم وجود نص في الدستور يمنح بصفة صريحة لرئيس الجمهورية سلطة الضبط
اإلداري ،إلى انه وبالنظر إلى مركزه وسلطته في تنظيم شؤون الدولة ،فهو يتمتع بسلطات
واسعة السيما من خالل التشريع عن طريق التنظيم في المجالت غير المخصصة للسلطة
التشريعية في الظروف العادية ،1كما له اتخاذ جملة من اإلجراءات المحددة في الدستور في
ضل الظروف اإل ستثنائية بهدف حماية الدولة بمختلف مؤسساتها وضمان اإلستقرار واألمن،
والمتمثلة أساسا في إعالن حالة الحصار وحالة الطوارئ ،إعالن الحالة اإلستثنائية ،إعالن
التعبئة العامة ،إعالن الحرب.2
أما بعد صدور دستور 06فيفري 9191واحداث منصب رئيس الحكومة لم يعد رئيس
الجمهورية المسؤول الوحيد على الجهاز التنفيذي بل أصبح يتقاسما الصالحيات
واإل ختصاصات وفقا لما حدده الدستور السيما في مجال التنظيم حيث نصت المادة 993
من دستور 06فيفري 3 9191على انه ":يمارس رئيس الجمهورية السلطة التنظيمية في
المسائل غير المخصصة للقانون .يندرج تطبيق القانون في المجال التنظيمي الذي يعود
للوزير األول بعد موافقة رئيس الجمهورية".
والى جانب السلطات التي يمارسها رئيس الجمهورية في الحاالت العادية بمقتضى
الوظيفة التنظيمية ،فانه يتمتع بذات الصالحيات السابقة اإلشارة إليها في ضل الظروف
اإلستثنائية .4ونشير إلى أن ق اررات رئيس الجمهورية تتخذ شكل مراسيم رئاسية.
أما في فرنسا فان ممارسة سلطة الضبط اإلداري العام الوطني باسم الدولة من
اختصاص رئيس الجمهورية .ولقد أكد مجلس الدولة الفرنسي على ذلك في ق ارره الصادر
بتاريخ 29أوت ،9191بقوله أنه من مهام رئيس الجمهورية خارج أي تفويض تشريعي بل
وفقا لسلطاته الخاصة اتخاذ إجراءات الضبط ذات التطبيق على مستوى كل إقليم الدولة.5
42
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
ولقد واصل مجلس الدولة تأكيده على سلطات رئيس الجمهورية في مجال الضبط
اإلداري في ظل الجمهورية الفرنسية الرابعة والخامسة السيما في ق ارره المؤرخ في 96ماي
1
9132في قضية .SARL Restaurant Nicolas
غير أنه فيما بعد أصبح الوزير األول هو صاحب االختصاص األصيل في مجال الضبط
اإلداري العام الوطني وليس رئيس الدولة.
وفي مصر نجد أن الدستور المصري لسنة 9129نص صراحة على سلطة رئيس
الجمهورية في إصدار لوائح الضبط اإلداري وذلك في المادة 942التي جاء فيها ":يصدر
رئيس الجمهورية لوائح الضبط".
ب /الوزير األول:
اشرنا سابقا أن الدستور لم يتعرض إلى سلطات الوزير األول في مجال الضبط
اإلداري ،غير أن مشاركته لرئيس الجمهورية في مجال التنظيم طبقا للمادة 902الفقرة الثانية
تسمح له بإصدار جملة من الق اررات في شكل مراسيم تنفيذية ،تتعلق بجانب معين من
جوانب النظام العام ،كتحديد شروط ممارسة نشاط معين ،أو الموصفات المطلوبة في عملية
عرض األغذية لالستهالك...الخ.
أما في فرنسا فقد أشار المجلس الدستوري إلى أن المادة 64من الدستور لم تسحب
من رئيس الحكومة صالحياته كسلطة ضبط عام التي كان يمارسها في السابق طبقا
2
لسلطاته الخاصة.
حسم الدستور الفرنسي لعام 9129مسألة االزدواجية التي كانت تطبع النظام اإلداري
ال فرنسي ،والمشاكل التي قد تثور بشأن تنازع االختصاص من الناحية العملية بين رئيس
الجمهورية والوزير األول ،حيث أصبح الوزير األول سلطة ضبط إداري عام بموجب المادة
09باعتباره المختص في ممارسة السلطة التنظيمية ،أما رئيس الجمهورية فيتمتع بسلطات
ضبطية واسعة إذا ما حلت ظروف استثنائية طبقا للمادة 93من الدستور.
1
-C.E, 13 mai 1960, arrét SARL Restaurant Nicolas, in http://www.legifrance.gouv.fr
-C.E, 02 maai 1973, arrét Association Culturelle des Israélites Nord Africains de Paris,
in http://www.legifrance.gouv.fr
2
-C.C, 20 fevrier 1987, Code rural R22. in http://www.conseil-constitutionnel.fr
43
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
ج /الوزراء:
األصل أن الوزراء ال يشكلون سلطة ضبط إداري عام ،وال يحق لهم إصدار ق اررات
إدارية تنظيمية نافذة على كامل التراب الوطني إال بناء على تفويض صريح ،بحيث تعود
أساسا لرئيس الجمهورية ولرئيس الحكومة 1كما وضحنا سابقا.
لكن يمكن أن يكونوا سلطة ضبط إداري خاص على أساس أن القانون عادة ما يمنح
لبعض الوزراء سلطة إصدار بعض الق اررات التنظيمية المرتبطة بقطاع و ازراته .ففي فرنسا
نجد أن وزير الداخلية يتمتع بسلطات الضبط اإلداري في مجال المنشورات األجنبية
طبقا للقانون الصادر بتاريخ 01جويلية .9999 ()Publication étrangères
كالسلطة التي تتمتع بها وزيرة الثقافة في مجال حماية المعالم األثرية ،أو السلطة التي يتمتع
بها وزير الصحة في اتخاذ جملة من اإلجراءات من اجل حماية الصحة العمومية.
تنص المادة 99من األمر رقم 49-22على انه ":يجوز لوزير الداخلية أن يأمر لنفس
السبب بإغالق هذه المحالت لمدة تتراوح بين ستة أشهر وسنة واحدة.
وعند االقتضاء ،تحسم مدة اإلغالق المقرر من الوالي من مدة اإلغالق الصادر من
2
الوزير".
ونشير إلى أن وزير الداخلية يتميز على غيره من الوزراء وذلك لكونه المسؤول
المباشر على أجهزة األمن ،مما يسمح له بممارسة وظيفة الضبط بصفة غير مباشرة .ضف
إلى ذلك ،فهو الرئيس السلمي للوالة ،3مما يسمح له بإصدار التعليمات واألوامر التخاذ
إجراءات معينة بهدف حماية النظام العام.
/6الضبط اإلداري العام المحلي:
يقصد الضبط اإلداري العام المحلي تلك الهيئات التي حدد لها المشرع بصفة صريحة
حدود اختصاصها اإلقليمي ،والمتمثلة أساسا في الوالي ورئيس المجلس الشعبي البلدي.
1
- MAHIOU Ahmed, cours d’institutions administratives, 3éme EDITION, Office Des Publication Universitaires,
Alger, 1981, p 274.
-2أمر رقم 49-22مؤرخ في 92جويلية ،9122يتعلق باستغالل محالت بيع المشروبات ،الجريدة الرسمية العدد 22
الصادرة بتاريخ 99جويلية .9122
-3ناصر لباد ،الوجيز في القانون اإلداري ،التنظيم اإلداري -النشاط اإلداري ،مطبعة لباد ،0223 ،ص .929
44
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
أ /الوالي:
يعد الوالي سلطة ضبط إداري عام وخاص على المستوى المحلي طبقا للمادة 994من
قانون رقم 22-90المتعلق بالوالية والتي جاء فيها ":الوالي مسؤول عن المحافظة على
النظام واألمن والسالمة والسكينة العامة".
يجب على الوالي طبقا لهذه النص أن يتخذ كل اإلجراءات التي يراها ضرورية لصيانة
النظام العام بصفة وقائية على مستوى إقليم الوالية .بل يمكنه أن يتخذ جملة من الق اررات
بهدف تنظيم بعض النشاطات التي لم تحض بالتنظيم من طرف المشرع ،واتخاذ اإلجراءات
الالزمة لحماية المواطنين في صحتهم كاإلجراءات الهادفة إلى الوقاية من األوبئة بمختلف
أشكالها .كما يهتم بتنظيم بعض النشاطات كمنح رخص الصيد على مستوى شواطئ الوالية.
يمكن للوالي كذلك أن يحل محل رؤساء المجالس الشعبية البلدية في حالة ما إذ هدد
النظام العام في بلديتين أو عدة بلديات متجاورة ،أو في حالة تقاعسهم أو امتناعهم عن
اتخاذ اإلجراءات الالزمة بهدف حماية النظام العام بعد إخطارهم وانذارهم ،وذلك على حساب
البلدية المعنية.
تنص المادة 922من القانون رقم 92-99المتعلق بالبلدية على انه ":يمكن الوالي أن
يتخذ ،بالنسبة لجميع بلديات الوالية أو بعضها ،كل اإلجراءات المتعلقة بالحفاظ على األمن
1
والنظافة والسكينة العمومية وديمومة المرفق العام ،عندما ال تقوم السلطات البلدية."...
كما نصت المادة 92من األمر رقم 49-22على سلطة الوالي في مجال حماية النظام
العام والتي جاء فيها ":يمكن األمر بغلق محالت بيع المشروبات والمطاعم بموجب قرار
صادر عن الوالي وذلك لمدة ال تتجاوز 23أشهر ،إما من جراء مخالفة القوانين واألنظمة
2
المتعلقة بهذه المحالت واما بقصد المحافظة على النظام أو الصحة أو اآلداب العامة".
ونشير كذلك إلى نص المادة األولى من المرسوم رقم 626-96المؤرخ في -22-09
النظام العام ،الجريدة
9196المتعلق بسلطات الوالي في ميدان األمن و المحافظة على ّ
الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد 9196-00التي جاء فيها ":عمال بالمواد 922وما
-1راجع المادتين 922و 929من القانون رقم 92-99المتعلق بالبلدية ،المرجع السابق.
-2أمر رقم 49-22المؤرخ في 92جويلية 9122يتعلق باستغالل محالت بيع المشروبات ،المرجع السابق.
45
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
يليها من قانون الوالية يجسم الوالي سلطة الدولة على صعيد الوالية ويتخذ في إطار القوانين
والتنظيمات المعمول بها ،جميع اإلجراءات التي من شأنها أن تضمن في كل الظروف،
السلم واالطمئنان والنظافة العمومية".
كذلك نصت المادة 3من المرسوم التنفيذي رقم 962-22المؤرخ في 91جوان 0222
المحدد لشروط وكيفيات سير التظاهرات الدينية لغير المسلمين على انه ":يمكن الوالي منع
1
كل تظاهرة تشكل خط ار على حفظ النظام العام وبشعر المنظمين بذلك".
وكما يعد الوالي سلطة رقابية على رؤساء المجالس الشعبية البلدية في هذا المجال ،إذ
نصت المادة 24من مرسوم 626-96على انه ":يسهر الوالي على ممارسة رؤساء
والوالئية ،صالحياتهم في مجال الشرطة اإلدارية العامة المجالس الشعبية البلدية
والمتخصصة.
يحل عند الحاجة ،محل رئيس المجلس الشعبي البلدي المقصر ،ويتخذ أي إجراء ذي طابع
تنظيمي أو فردي ناتج عن تطبيق القوانين والتنظيمات المعمول بها وتستدعيه الوضعية
المطلوب عالجها".
ونشير إلى أن لرئيس الدائرة تحت سلطة الوالي سلطة اتخاذ اإلجراءات الالزمة لحماية
النظام على مستوى الدائرة وهذا ما نصت عليه المادة 02من مرسوم 626 -96التي جاء
فيها ":يسهر رئيس الدائرة تحت سلطة الوالي على تطبيق القوانين والتنظيمات وعلى حسن
سير المصالح اإلدارية والتقنية في دائرته .كما يسهر بمساعدة مصالح األمن على حفظ
النظام العام وعلى امن األمالك واألشخاص في الدائرة .ولهذا الغرض ،يجب على مصالح
األمن في الدائرة أن تعلمه بأي حدث يقع في الدائرة وتكون لها عالقة بالنظام العام واألمن".
أما بالنسبة للقضاء االداري الجزائري فقد أكد في العديد من المناسبات على سلطات
الوالي في مجال الضبط اإلداري ،ونذكر على سيل المثال ق ارراه الصادر بتاريخ -90-93
0226في قضية ( ن ع) ضد ( ك خ) ومن معه حيث جاء فيه ....":وان والي والية
معسكر ال يمكنه تجاهل تقرير التحقيق الذي سجلت فيه عدة معارضات وارضاء مواطن
-1مرسوم تنفيذي رقم 962-22مؤرخ في 91جوان ،0222يحدد شروط وكيفيات سير التظاهرات الدينية لغير
المسلمين ،الجريدة الرسمية ،العدد 66الصادرة في 02ماي .0222
46
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
على حساب عدة مواطنين آخرين إذ أن الوالي وبصفته ممثال للدولة طبقا للمادة 10من
القانون رقم 21-12المؤرخ في 9112-24-22المتعلق بالوالية فهو مسؤول كذلك من
المحافظة على النظام والسالمة والسكينة العامة طبقا للمادتين 12و 13من القانون رقم
1
."....21/12
ب /رئيس المجلس الشعبي البلدي:
يعتبر رئيس المجلس الشعبي البلدي سلطة ضبط إداري عام وخاص على مستوى
البلدية باعتباره ممثال للدولة طبقا للمادة 99من قانون 92-99المتعلق بالبلدية والتي جاء
فيها ":يقوم رئيس المجلس الشعبي البلدي تحت اشراف الوالي ما يأتي:
-السهر على النظام واألمن والسكينة والنظافة العمومية،
-السهر على حسن تنفيذ التدابير االحتياطية والوقاية والتدخل في مجال اإلسعافات."...
كما حددت المادة 14من ذات القانون اإلجراءات التي يلتزم رئيس المجلس الشعبي البلدي
اتخاذها في إطار احترام حقوق وحريات المواطنين نذكر منها:
-السهر على المحافظة على النظام العام وأمن األشخاص والممتلكات،
-التأكد من الحفاظ على النظام العام في كل األماكن العمومية التي تجري فيها تجمع
األشخاص ،ومعاقبة كل مساس بالسكينة العمومية وكل األعمال التي من شأنها اإلخالل بها
...الخ.
يتضح جليا أن صالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي باعتباره ممثال للدولة واسعة
إذ تشمل إلى جانب السهر على تنفيذ القوانين والتنظيمات عبر كامل تراب البلدية ،اتخاذ كل
ما من شانه أن يضمن امن وسالمة وصحة المواطن .ونشير في هذا الصدد أن رئيس
المجلس الشعبي البلدي يمكنه االستعانة بهدف ضمان حماية النظام العام بكل مقوماته
بعناصر شرطة البلدية ،وقوات الشرطة والدرك الوطني المختصة إقليميا.
كما تم النص على سلطات رئيس المجلس الشعبي البلدي في مجال الضبط اإلداري
في المرسوم رقم 032-99المؤرخ في 92أكتوبر 9199يتعلق بصالحيات رئيس المجلس
-1مجلس الدولة ،قرار رقم 92923الصادر بتاريخ ،0226-90-93قضية ( ن ع) ضد ( ك خ) ومن معه ،موسوعة
االجتهاد القضائي الجزائري ،ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس الدولة ،اإلصدار الرابع.0223 ،
47
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
الشعبي البدي فيما يخص الطرق والنقاوة والطمأنينة العمومية ،الجريدة الرسمية العدد -49
.9199
المادة األولى :يحدد هذا المرسوم صالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي في مجال الطرق
والنقاوة والطمأنينة العمومية".
كما نجد قوانين عديدة تمنح الصالحية لرئيس المجلس الشعبي البلدي لحماية عنصر
من عناصر النظام العام ،فالفقرة الثانية من المادة 91من القانون رقم 92-26المتعلق
بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة تنص على أنه ... ":ويخضع لتصريح لدى رئيس
المجلس الشعبي البلدي المعني ،المنشات التي ال تتطلب إقامتها دراسة تأثير وال موجز
1
تأثير."...
كما أكد القاضي اإلداري الجزائري على سلطات رئيس المجلس الشعبي البلدي في
مجال الضبط اإلداري ،حيث أكد في ق ارره الصادر بتاريخ 93سبتمبر 0226على انه...":
حيث انه يستخلص من معطيات الملف أن القرار المراد إبطاله يدخل ضمن صالحيات
رئيس المجلس الشعبي البلدي في إطار أعمال الضبط اإلداري المخولة له من اجل
2
المحافظة على النظام العام واآلمن العام والصحة العامة بموجب مداوالته."....
كما أشار القضاء اإلداري الجزائري إلى دور البلدية في مجال حماية النظام العام في
ق ارراه الصادر بتاريخ ،0229-26-91حيث جاء فيه ...":حيث أن قضاة المجلس غير
ملزمين بذكر ق ارراهم النصوص القانونية ما داموا أشاروا إلى المبدأ العام في القانون وفي
الفقه اإلداري ،أن البل دية مكلفة بحماية مواطنيها في أرواحهم وممتلكاتهم وذلك باتخاذ
3
اإلجراءات الوقائية الالزمة والمعروفة بأعمال الضبط اإلداري."...
-1قانون رقم 92-26المؤرخ في 91جويلية 0226المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة ،المرجع السابق.
-2مجلس الدولة ،قرار رقم 99340المؤرخ في ،0226-21-93قضية ( ر ع) ضد بلدية العلمة ومن معها ،موسوعة
االجتهاد القضائي الجزائري ،ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس الدولة ،اإلصدار الرابع.0223 ،
انظر كذلك :مجلس الدولة ،قرار رقم 1399الصادر بتاريخ 0226-24-92قضية ( ع ب) ضد رئيس بلدية سور
الغزالن ،موسوعة االجتهاد القضائي الجزائري ،ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس الدولة ،اإلصدار الرابع.0223،
-3مجلس الدولة ،قرار رقم 0999الصادر بتاريخ ،0229-26-91قضية المجلس الشعبي البلدي لبلدية بورج بوعريريج
ضد ( ف ب) ومن معه ،موسوعة االجتهاد القضائي الجزائري ،ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس الدولة ،اإلصدار
الرابع.0223 ،
48
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
غير أن السؤال الذي يطرح في هذا امجال ما هو الحل في حالة ازدواجية التدخل بين
سلطات الضبط االداري؟
إن هذه االزدواجية قد تؤدي من الناحية العملية إلى تداخل في الصالحيات مما قد يثير
عدة مشاكل من الناحية العملية .ومن اجل تفادي ذلك فان مجلس الدولة الفرنسي حدد
كيفيات تعايش هاتين الهيئتين ،وذلك بقوله انه في حالة تداخل بين هيئتين عامين فانه يمكن
لسلطة الضبط اإلداري العام المحلية أن تشدد في إجراء سبق وان اتخذته سلطة ضبط إداري
عام عليا .وهذا ما أكده مجلس الدولة في قرار الصادر بتاريخ 99أفريل ،9120حيث
على مستوى الوالية ،مع إمكانية الحصول ()les jeux d'argent اصدر الوالي قرار بمنع القمار
على ترخيص من وزير الداخلية ،ثم اصدر رئيس البلدية قرار أشد يتمثل في منع القمار
1
بصفة مطلقة على كل إقليم البلدية بسبب ظروف محلية .
أما في حالة وجود تداخل بين سلطة ضبط إداري عام مع سلطة ضبط إداري خاص،
فان األولى يمكن لها أن تشدد من إجراء هو في األصل من اختصاص الثانية .فلقد قضى
بمشروعية القرار ()Lutetia مجلس الدولة الفرنسي في ق ارره في قضية شركة أفالم لوتيسيا
الذي اتخذه رئيس البلدية في إطار ممارسة سلطاته كسلطة ضبط إداري عام وذلك بمنع
عرض فيلم قد سبق وان تحصل على ترخيص أو تأشيرة من قبل سلطة الضبط المخول لها
ضبط السينما .والسبب الذي دفع مجلس الدولة في هذا القرار إلى قبول تشديد سلطة الضبط
2
العام إلجراء قد سبق وأن فصلت فيه سلطة ضبط خاص هي فكرة الظروف المحلية.
1
-C.E, 18 avril 1902, arrêt Commune de Néris-les-Bains, in http://www.legifrance.gouv.fr
2
-C.E, 18 décembre 1959, arrêt Société les films Lutetia, in http://www.legifrance.gouv.fr
49
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
المحور الثالث
أساليب الضبط اإلداري
تتدخل هيئات الضبط اإلداري العام والخاص في مجال النشاطات الخاصة من خالل
اإلجراءات القانونية والمادية 1من أجل حماية وصيانة النظام العام بصفة وقائية .فتملك هذه
الهيئات حق إصدار الق اررات اإلدارية التنظيمية والفردية باإلرادة المنفردة وملزمة لألفراد .كما
يحق لها تنفيذيها مباشرة وبالقوة في أوضاع معينة.
أوال :األعمال القانونية
يقصد باألعمال القانونية طائفة األعمال أو الق اررات التي تصدرها اإلدارة بصفة عامة
والتي تقصد من وراءها إحداث اثر قانوني معين سواء بإنشاء أو بتعديل أو بإلغاء مركز
قانوني .2كما أن الق اررات اإلدارية تعد مظهر من مظاهر االمتيازات التي تتمتع بها اإلدارة
باعتبارها سلطة عامة تسعى إلى تحقيق المصلحة العامة ،ألنها أداة فعالة النجاز نشاطها
اإلداري في معظم مجاالت العمل اإلداري.3
وتنقسم هذه الق اررات إلى ق اررات ضبطية إدارية عامة وق اررات ضبطية إدارية فردية.
/0الق اررات االدارية التنظيمية (لوائح الضبط):
تختص السلطة التشريعية كأصل عام طبقا للمادة 900من دستور 9113بتنظيم
ممارسة النشاط الفردي ووضع الضوابط التي تسمح بالتوفيق بين ممارسة الحريات المقررة
لألفراد في الدستور وبين ضرورة صيانة النظام العام ،وتتكفل السلطة التنفيذية بالسهر على
حسن تنفيذ القوانين .غير أن القانون يعجز على أن يضبط الحريات العامة ضبطا مفصال،
مما يجعل السلطة التشريعية ال تحتكر وحدها مهمة تنظيم ممارسة النشاط الفردي بل للسلطة
التنفيذية دور ال يستهان به في هذا المجال ،لما لها من سلطة التنظيم عن طريق ما تصدره
من الق اررات اإلدارية التنظيمية ،والتي تتسم بالمرونة والقابلية للتغيير بسرعة طبقا لمقتضيات
الزمان والمكان.
1
- CASTAGNE Jean, op.cit, p38.
-GUILLAUME-HOFNUNG Michèle, op.cit, p 33.
-2عمار عوابدي "،الجوانب القانونية لفكرة البوليس اإلداري" ،المرجع السابق ،ص .9226
-3عبد الغني بسيوني عبد اهلل ،وقف تنفيذ القرار اإلداري في أحكام القضاء اإلداري ،الطبعة الثالثة،ـ منشأة المعارف،
اإلسكندرية ،0222 ،ص .96
50
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
1
- PICARD Etienne, notion de police administrative, L.G.D.J, Paris, 1984, p192.
-2محمد محمد عبده إمام ،المرجع السابق ،ص .091
3
- GUILLAUME-HOFNUNG Michèle, op.cit, p 34.
51
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
تتسم هذه الصورة بأنها أقل خطورة على حريات األفراد ،إذ ال يحق لسلطات الضبط
وضع قيود من شأ نها تعدم الحرية ،طبقا لقاعدة الحرية هي األصل والتقيد هو االستثناء.1
فالتنظيم يكون بالقدر الضروري لصيانة النظام العام بصفة وقائية.
°اإلخطار المسبق:
تعمد سلطات الضبط اإلداري إلى اشتراط القيام بإجراء اإلخطار المسبق للجهات
اإلدارية المعنية قبل ممارسة نشاط معين أو حرية معينة ،حتى يتسنى لهذه األخيرة اتخاذ
اإلجراءات واالحت ياطات الالزمة بهدف حماية النظام العام من كل ما من شأنه أن يخل به.
كضرورة اإلخطار قبل إقامة الحفالت أو ممارسة الشعائر الدينية.
يتضح أن إجراء اإلخطار هو مجرد إجراء إداري وقائي ال يشكل خط ار على حريات
األفراد ،باعتبار أن سلطات الضبط اإلداري ال يمكن لها منعهم من ممارسة نشاطهم ،بل
تتكفل فقط باتخاذ ما تراه ضروريا لتفادي كل ما من شأنه أن يمس بالنظام العام.
ومن أمثلة على ذلك نذكر القانون رقم 22-12حيث نصت المادة 99منه على أن":
إصدار كل نشرية دورية يتم بحرية.
يخضع اصدار كل نشرية دورية الجراءات التسجيل ومراقبة صحة المعلومات ،بايداع
تصريح مسبق موقع من طرف المدير مسؤول النشرية ،لدى سلطة ضبط الصحافة المكتوبة
2
المنصوص عليها في هذا القانون العضوي ،ويسلم له فو ار وصل بذلك.".
كما نصت المادة 6من المرسوم التنفيذي رقم 962-22المؤرخ في 0222-23-91
المحدد لشروط وكيفيات سير التظاهرات الدينية لغير المسلمين بأنه ":تخضع التظاهرات
3
الدينية إلى التصريح المسبق للوالي".
°اإلذن المسبق ( الترخيص):
تقتضي هذه الصورة من صور تدخل سلطات الضبط اإلداري الحصول على إذن
سابق أو ترخيص من طرف المعنيين باألمر من طرف الجهة اإلدارية المختصة قبل
52
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
ممارسة نشاط أو حرية معينة 1وذلك حتى تتمكن اإلدارة من فرض ما تراه مناسبا ومالئما
من اإلحتياطات التي من شأنها توقي األضرار ،أو بالعكس رفض اإلذن بممارسة نشاط ما
إذا كانت االحتياطات المقررة غير كافية أو أن الشروط المطلوبة قانونا غير متوفرة في
طالب الرخصة.2
المثال رقم :9في مجال تنظيم المظاهرات
يخضع تنظيم مختلف المظاهرات الى ضرورة الحصول على ترخيص مسبق من طرف
السلطة اإلدارية المختصة واال كانت غير مشروعة لمخالفتها للقوانين ،وذلك استنادا الى
نص المادة 92من قانون 91-19المؤرخ في 20ديسمبر 9119المتعلق باإلجتماعات
والمظاهرات العمومية التي جاء فيها ":المظاهرات العمومية هي المواكب واإلستعراضات ،أو
تجمعات األشخاص ،وبصورة عامة جميع التظاهرات التي تجري على الطريق العمومي.
3
تخضع المظاهرات العمومية إلى ترخيص مسبق."...
المثال رقم :0في مجال انشاء األحزاب السياسية
يخضع إنشاء األحزاب السياسية إلى إجراء اإلذن المسبق بحيث يجب على مؤسسي
الحزب الحصول على اعتماد من طرف وزير الداخلية حيث نصت المادة 93من القانون
العضوي رقم 24-90المتعلق باألحزاب السياسية على أنه ":يخضع تأسيس حزب سياسي
الى الكيفيات اآلتية:
°تصريح بتأسيس الحزب السياسي في شكل ملف يودعه أعضاؤه المؤسسون لدى الوزير
المكلف بالداخلية،
°تسليم قرار اداري يرخص بعقد المؤتمر التأسيسي في حالة مطابقة التصريح،
°تسليم اعتماد الحزب السياسي بعد التأكد من استفاء شروط المطابقة ألحكام هذا القانون
العضوي".
1
- CASTAGNE Jean, op.cit, p 47.
.620 -2محمد محمد عبده إمام ،المرجع السابق ،ص
-3قانون رقم 31-13مؤرخ في 20ديسمبر ،3113يعدل ويمتمم القانون رقم 09-91المؤرخ في 13ديسمبر 3191
المتعلق باالجتماعات والمظاهرات العمومية ،الجريدة الرسمية رقم 20الصادرة في 1ديسمبر .3113
53
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
وتضيف المادة 62على انه ":يمنح الوزير المكلف بالداخلية اإلعتماد أو يرفضه ،بعد دراسة
الملف المودع ،وفقا ألحكام هذا القانون العضوي .ويجب أن يكون قرار الرفض معلال تعليل
قانونيا...الخ.1" .
المثال رقم :6في مجال ممهارسة مهنة الصحافة
تخضع ممارسة األجنبي لمهنة الصحفاة إلى إجراء الترخيص المسبق من طرف
السلطة اإلدارية المختصة ،وذلك تطبيقا ألحكام المرسوم التنفيذي رقم 099/24المحدد
لكيفيات اعتماد الصحفيين الذين يمارسون المهنة لحساب هيئة تخضع لقانون أجنبي ،إذ
تنص المادة 26على أنه ":تخضع نشاطات الصحفيين المذكورين في المادة 20أعاله ،
الذين يمارسون المهنة بالجزائر إلى إعتماد تسلمه الو ازرة المكلفة باإلتصال ،بعد أخذ رأي
2
السلطات المعنية".
المثال رقم :4في مجال إستغالل المنشآت الخطيرة
تخضع بعض األنشطة نظ ار لخطورتها إلى إجراء الترخيص المسبق ،وذلك حتى تتمكن
السلطات المختصة من معرفة مدى إتخاذ كل اإلحتياطات المطلوبة قانونا لحماية النظام
العام ،وهو ما أشار إليه صراحة القانون رقم 92 -26المتعلق بحماية البيئة 3بنصه على
أن إ ستغالل المنشآت المصنفة والتي تم ترتيبها حسب درجة خطورتها تخضع لترخيص من
الوزير المكلف بالبيئة ومن الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي.
ونشير في هذا الصدد أن سلطة اإلدارة في منح أو رفض منح الترخيص سلطة مقيدة
وليست تقديرية ،بمعنى وجوب منح الترخيص لكل من توافرت فيه الشروط المطلوبة
للحصول عليه .فهذا اإلجراء هدفه هو السماح للسلطة اإلدارية المختصة بتفحص مدى توافر
الشروط المنصوص ع ليها في القوانين والتنظيمات لممارسة ذلك النشاط أو الحرية محل
اإلجراء .وعليه تلتزم سلطات الضبط اإلداري عند إصدارها للترخيص أو رفضه أن تلتزم
-1راجع المواد من 39الى 11من القانون العضوي رقم 21-30المؤرخ في 30جانفي ، 0230المتعلق باألحزاب
السياسية ،الجريدة الرسمية رقم 0الصادرة في 35جانفي .0230
-2مرسوم تنفيذي رقم 099-24مؤرخ في 09جويلية ،0224يحدد كيفيات اعتماد الصحفيين الذين يمارسون المهنة
لحساب هيئة تخضع لقانون أجنبي ،الجريدة الرسمية العدد 42الصادرة في 09جويلية .0224
-3قانون رقم 92-26المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة ،المرجع السابق.
54
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
باعتبارات حماية النظام العام ،وبمبدأ المساواة ،بحيث يجب أن ال يكون المنح والمنع وسيلة
للمجاملة أو أداة لإلنتقام واال كان قرارها غير مشروع.
المثال رقم :2في مجال الترقية العقارية
بهدف ضمان حماية النظام العام السيما الجانب الجمالي للمدينة فإن المشرع إتخذ
إجراءات صارمة في هذا المجال وذلك بإخضاع عملية الترميم أو التجديد العمراني إلى
إجراء الترخيص المسبق ،وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 23من القانون رقم 24-99
المنظم لنشاط الترقية العقارية والتي جاء فيها ":تخضع كل عملية ترميم عقاري أو إعادة
تأهيل أو تجديد عمراني أو إعادة هيكلة أو تدعيم إلى ترخيص إداري مسبق.
يمنع الشروع في أي من األشغال المذكورة أعاله ،دون الحصول على الترخيص اإلداري
1
المذكور في الفقرة أعاله."...
أما المادة 23من القانون رقم 22-24تنص على أنه ":يمنع الشروع في أشغال البناء بدون
رخصة أو إنجازها دون إحترام المخططات البيانية التي سمحت بالحصول على رخصة
2
البناء".
المثال رقم :3نشر الكتاب واستيرده
يعد الكتاب وسيلة ذو حدين ،فهو من جهة وسيلة إلكتساب المعرفة في شتى الميادين،
بإ عتبار أن العلم أساس تطور األمم ،غير أنه في المقابل قد يتضمن أفكار أو صور قد
تؤدي إلى إحداث إ ضطرابات داخل المجتمع خاصة عندما تمس بقيم المجتمع وبسيادة
الدولة .هذا ما دفع بالسلطات العمومية الى اخضاع عملية نشر واستيراد الكتب إلى أسلوب
الترخيص المسبق وذلك بموجب القانون رقم 96-92حيث نصت المادة 1على أنه":
تخضع األنشطة الخاصة بنشر الكتاب وطبعه وتسويقه الى التصريح المسبق لممارسة
النشاط ،لدى الو ازرة المكلفة بالثقافة التي تسلم وصال بذلك."...
كما أ خضع المشرع الجزائري كل األنشطة ذات الصلة بالمصحف الشريف الى اجراء
الترخيص المسبق ،وذلك بموجب المرسوم التنفيذي رقم 29-91حيث نصت المادة 4على
-1القانون رقم 24-99المحدد القواعد التي تنظم نشاط الترقية العقارية ،المرجع السابق.
-2قانون رقم 22-24مؤرخ في 94أوت 0224يعدل ويتمم القانون رقم 01-12المؤرخ في 29ديسمبر 9112
والمتعلق بالتهيئة والتعمير ،الجريدة الرسمية العدد 29الصادرة في 92أوت .0224
55
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
أنه ":يتعين على كل شخص يريد نشر المصحف الشريف أو طبعه أو تسويقه أو استيراده،
1
عدم الشروع في أي إجراء ،مهما كان ،قبل حصوله على الترخيص المسبق".
ونفس الشيئ ينطبق على إستيراد مختلف الكتب الدينية حيث تنص المادة 2من المرسوم
التنفيذي رقم 21-92على أنه ":يخضع استيراد الكتاب الديني على جميع الدعائم ،الى
2
ترخيص مسبق من الوزير المكلف بالشؤون الدينية."...
وأضافت المادة 3من نفس المرسوم أنه يجب على الكتب الدينية المراد إسيترادها أن ال
تمس مضامينها بالنظام العام واآلداب العامة."...
°الحظر:
يقصد بالحظر تضمين الئحة الضبط أحكاما تنهي عن اتخاذ إجراء معين أو عن
ممارسة نشاط معين بصفة مطلقة ،وقد تحدد الئحة الضبط هذا الحظر من حيث الغرض
والزمان والمكان ،ومن ثم فان الحظر قد يكون كليا أو مطلقا أو جزئيا.
وكمثال على الحظر المطلق إمكانية لجوء سلطة الضبط اإلداري في مجال حماية الغذاء
إلى حظر استعمال بعض المواد الكيميائية في الصناعات الغذائية ،وحظر استيراد المواد
الغذائية الفاسدة والملوثة مما لها من خطر على صحة المستهلكين.
أما بالنسبة للحظر النسبي يمكن لسلطات الضبط اإلداري أن تمنع الشاحنات من
المرور من بعض األماكن خاصة في فصل الصيف وذلك في أوقات محددة حماية لسالمة
المصطفين والسياح.
يمكن لسلطات الضبط اإلداري أن تمنع ممارسة حرية معينة أو نشاط معين إذا كان
من شأنه أن يؤدي إلى المساس بالنظام العام في الدولة ،باعتبار أن سلطات الضبط اإلداري
ملزمة بموجب القانون بالسهر على حماية النظام العام بصفة وقائية .فيمكن مثال للوالي أن
-1مرسوم تنفيذي رقم 29-92مؤرخ في 4جانفي ،0292يحدد شروط وكيفيات الترخيص المسبق لنشر المصحف
الشريف وطبعه وتسويقه على جميع الدعائم ،الجريدة الرسمية العدد 0الصادرة بتاريخ 99جانفي .0292
-2مرسوم تنفيذي رقم 21-92مؤرخ في 4جانفي ،0292يحدد شروط وكيفيات الترخيص المسبق الستيراد الكتاب
الديني ،الجريدة الرسمية العدد 0الصادرة بتاريخ 99جانفي .0292
56
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
يمنع تنظيم اجتما ع معين إذا تبين له أنه يشكل خط ار على األمن العمومي ،أو تبين له أن
القصد الحقيقي من االجتماع يشكل خط ار على حفظ النظام العام.1
وفي مجال ضبط األجانب فانه يمكن وزير الداخلية منع أي أجنبي من الدخول إلى
اإلقليم الجزائري ألسباب تتعلق بالنظام العام و /أو بأمن الدولة ،أو تمس بالمصالح األساسية
والدبلوماسية للدولة الجزائرية .ولألسباب نفسها ،يمكن الوالي المختص إقليميا أن يقرر فو ار
2
منع دخول األجنبي إلى اإلقليم الجزائري".
يعد أسلوب الحظر أو المنع من اشد أساليب تدخل سلطات الضبط اإلداري خطورة
على حقوق وحريات األفراد ،وعليه أقر القضاء اإلداري قاعدة مفادها أن المنع يجب أن
يكون إجراء إستثنائي ومؤقت ،3أما المنع المطلق فإنه غير جائز على اإلطالق ،4ذلك ألنه
ينطوي على مصادرة كاملة للحرية العامة األمر الذي يتنافى مع المبادئ الدستورية ،5ويتنافى
مع طبيعة اإلجراءات الضبطية اإلدارية التي تعتمد على قاعدة مفادها أن الحرية هي األصل
والتقيد هو اإل ستثناء ،وسواء جاء هذا المنع بشكل مباشر وصريح أو عن طريق إخضاع
النشاط الفردي لشروط بالغة القسوة والشدة فانه باطل في كال الحالتين .ومن جهة أخرى فان
المنع يجب أن تمليه ضرورة حماية النظام العام ،وأن تعجز سلطات الضبط اإلداري تحقيق
ذلك بوسائل أخرى ،وأن يقتصر على مكان معين أو وقت معين.6
ولقد أ قر القاضي اإلداري الجزائري بسلطة هيئات الضبط اإلداري في اللجوء إلى
أسلوب المنع كآلية لممارسة وظيفة الضبط ،وكمثال على ذلك قرار والي والية بجاية بمنع
بيع مواد األبناء ف ي الهواء الطلق ،وهذا ما تم استخالصه من قرار مجلس الدولة المؤرخ في
-1انظر المادة 23من قانون 91 -19المتعلق باالجتماعات والمظاهرات العمومية ،المرجع السابق.
-2انظر المادة 2من القانون رقم 99-29المؤرخ في 02جوان ،0229المتعلق بشروط دخول األجانب إلى الجزائر
واقامتهم بها وتنقلهم فيها .ج ر رقم 63الصادرة في 0جويلية 0229
-3حسن محمد عواضة ،المبادئ األساسية للقانون اإلداري ،دراسة مقارنة ،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع،
ص.21 بيروت ،لبنان،9112 ،
4
- LAJOIS Jean Louis, op.cit, p 533.
-5دايم بالقاسم" ،الحماية القانونية للسكينة العامة" ،مجلة العلوم القانونية واإلدارية ،جامعة أبو بكر بلقايد ،تلمسان ،العدد
الثاني ،ص .924
-6ناصر لباد ،المرجع السابق ،ص .00
57
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
92جوان 0226والذي جاء فيه ...":كما أن ق ار ار تنظيميا صاد ار عن والي والية بجاية
بتاريخ 06مارس 9113قد منع بيع مواد البناء في الهواء الطلق.
حيث أن القرار الوالئي المطعون فيه هو إذن مؤسس تأسيسا كافيا وان قضاة الدرجة األولى
1
لم يقدروا الوقائع تقدي ار سليما مما يعرض ق ارراهم لإللغاء."...
/6الق اررات االدارية الفردية( تدابير الضبط اإلداري الفردية):
تصدر سلطات الضبط اإلداري إلى جانب لوائح الضبط ق اررات إدارية ضبطية فردية
في شكل أوامر أو نواهي تنطبق على فرد محدد بذاته أو مجموعة أفراد محددين بذواتهم 2أو
على حاالت أو وقائع محددة بذاتها .وعادة ما تصدر هذه الق اررات الفردية تطبيقا وتنفيذا
لنص تشريعي أو تنظيمي .3بل يمكن أن تصدر مستقلة عنها بشرط أن ال تخالفها ،وان
تكون الزمة للحفاظ على النظام العام.4
غير أن القانون ولوائح الضبط ال تكفي لوحدها لمعالجة كل ما يط أر في المجتمع،
والذي من شانه اإلخالل بالنظام العام ،وعليه يمكن لسلطات الضبط اإلداري إصدار ق اررات
ضبطية فردية مستقلة بذاتها تتعلق بمعالجة واقعة معينة لم يكن التشريع أو الالئحة قد
توقعتاه .5وفي هذا الصدد نجد أن الفقه انقسم إلى اتجاهين.
االتجاه األول وعلى رأسهم الفقيه موريس هوريو يرى أنه ال يمكن تصور ق اررات إدارية فردية
مستقلة في مجال القانون اإلداري ال تستند إلى قاعدة تشريعية أو تنظيمية سابقة.6
-1مجلس الدولة ،قرار رقم 92169المؤرخ في 92جوان ،0226قضية والي والية بجاية ضد ( ش ح) ،موسوعة
االجتهاد القضائي الجزائري ،اإلصدار الرابع.0223 ،
-2عاشور سليمان شوايل ،المرجع السابق ،ص.902
3
- CASTAGNE Jean, op.cit, p 39
-4ماجد راغب الحلو ،القانون اإلداري ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية ،0229 ،ص .429
-5تنص المادة 20من مرسوم رقم 626-96المؤرخ في 09ماي 9196المحدد لسلطات الوالي في ميدان األمن
والمحافظة على النظام العام على مايلي ":تطبيقا ألحكام المادة األولى السالفة الذكر ،يجب على الوالي أن يتخذ جميع
اإلجراءات ذات الطابع التنظيمي أو الفردي التي من شأنها أو توفر ما يأتي حسب الشوط واألشكال المنصوص عليها في
القوانين والتنظيمات المعمول بها".
-6بوشيبه مختار ،الضبط اإلداري والقضائي في النظرية العامة والتطبيق بالمحليات الجزائرية ،بحث للحصول على دبلوم
الدراسات العليا ،جامعة الجزائر ،معهد الحقوق والعلوم السياسية واإلدارية ،9122 ،ص .46
58
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
أما االتجاه الثاني فيرى أنه من الناحية العملية ال يمكن للقانون أو التنظيم أن يتوقع كل ما
من شأنه أن يهدد النظام العام ،والقول عكس ذلك يترتب عنه نتيجة خطيرة إذ تجعل سلطات
الضبط مكفوفة األيدي أمام حاالت ال يتوقعها القانون أو التنظيم مسبقا ومن شأنها أن تخل
بالنظام العام.1
أما بالنسبة للقضاء اإلداري فانه قيد سلطات الضبط اإلداري في إصدار ق اررات إدارية
مستقلة بتوفر شرطين أساسيين هما:
-أن تكون هناك ضرورة ملحة إلصدار قرار إداري فردي لحماية النظام العام قبل اضطرابه
أو إعادة حفظه في حالة اضطرابه .حيث قضى مجلس الدولة بإمكانية رئيس البلدية باتخاذ
قرار فردي يتضمن منع المواكب معين رغم عدم وجود تنظيم لهذه المواكب على مستوى
البلدية ،إذ يتضح من الظروف المحلية أن الشروط التي جرت فيها هذه التظاهرة من شأنها
أن تؤدي إلى اضطراب النظام العام.
-أن ال يكون هناك نص تشريعي يمنع إصدار األوامر الفردية المستقلة .2
ومن بين الق اررات الفردية التي تصدرها سلطات الضبط اإلداري قرار منع األفراد من
ممارسة نشاط معين في أماكن عمومية حماية للسكينة العامة ،األمر بغلق محل تجاري لعدم
استيفائه شروط الصحة العمومية ،األمر بمغادرة واخالء سكن معين لكونه أيل للسقوط،
األمر بمنع عرض فيلم في قاعة السينما بسبب إخالله بالنظام العام.
ومن األمثلة على ذلك ما نصت عليه المادة 22من المرسوم الرئاسي رقم 44-10
المتضمن اعالن حالة الطوارئ على انه ":يؤهل وزير الداخلية والجماعات المحلية والوالي
المختص إقليميا المر عن طريق قرار باإلغالق المؤقت لقاعات العروض الترفيهية وأماكن
االجتماعات مهما كانت طبيعتها وبمنع كل مظاهرة يحتمل فيها اإلخالل بالنظام والطمأنينة
العمومية"....الخ.3
1
- CASTAGNE Jean, op.cit, p 40
-2عمار عوابدي ،الجوانب القانونية لفكرة البوليس اإلداري ،المرجع السابق ،ص .9222
-3مرسوم رئاسي رقم 44-10مؤرخ في 21فيفري ،9110يتضمن اعالن حالة الطوارئ ،الجريدة الرسمية ،العدد 92
الصادرة في 1فيفري ،9119والملغى بموجب األمر رقم 29-99المؤرخ في 06فيفري ،0299المتضمن رفع حالة
الطوارئ ،الجريدة الرسمية ،العدد 90الصادرة في 06فيفري .0299
59
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
60
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
-1مجلس الدولة ،قرار رقم 99920المؤرخ في 93ديسمبر ،0226قضية ( ع ع ) ضد والي والية باتنة ،موسوعة
االجتهاد القضائي الجزائري ،اإلصدار الرابع.0223 ،
-2مجلس الدولة ،قرار رقم 99999المؤرخ في 93ديسمبر ،0226قضية ( ب م) ضد والية وهران ،موسوعة االجتهاد
القضائي الجزائري ،ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس الدولة ،اإلصدار الرابع.0223 ،
61
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
-1مجلس الدولة ،قرار رقم 1903الصادر بتاريخ 00جويلية ،0226قضية ( ع ن) ضد والي والية سكيكدة ،موسوعة
االجتهاد القضائي الجزائري ،ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس الدولة ،اإلصدار الرابع.0223،
-2مجلس الدولة ،قرار رقم 1399الصادر بتاريخ 92أفريل 0226قضية ( ع ب) ضد رئيس بلدية سور الغزالن،
موسوعة االجتهاد القضائي الجزائري ،ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس الدولة ،اإلصدار الرابع.0223،
62
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
حيث أنه من الثابت أن المستأنف عليه لم يحصل على رخصة بناء ومن ثم فان األشغال
التي تمت على القطعة األرضية المتنازع عليها كانت غير مشروعة وبالتالي فان المقرر
1
مبرر وقانوني وال يحمل أي طابع لتجاوز في السلطة."...
ونشير في هذا اإلطار أن سلطات الضبط اإلداري ليست حرة في إصدار ما تشاء من
ق اررات ،بل تلتزم بالهدف المحدد لها والمتمثل في حماية النظام العام بمختلف عناصره ،ووفقا
للشكليات واإلجراءات المحددة قانونا احتراما لمبدأ المشروعية .فكل قرار ال يهدف إلى تحقيق
هذه الغاية ،أو يخالف القواعد القانونية السارية المفعول يعد قرار غير مشروع.
وفي النهاية فإ ن كل الق اررات الصادرة عن سلطات الضبط اإلداري سواء كانت عامة
أو فردية فهي ملزمة مما يستوجب احترامها وتنفيذها من قبل المخاطبين بها .ولضمان ذلك
فان المشرع نص على جزاءات توقع على كل من يخالف ق اررات اإلدارة أو يعرقل تنفيذها
وذلك في المادة 421من قانون العقوبات الجزائري التي جاء فيها انه ":يعاقب بغرامة من
62إلى 922دج ويجوز أن يعاقب أيضا بالحبس لمدة ثالثة أيام على األكثر كل من خالف
ال مراسيم أو الق اررات المتخذة قانونا من طرف السلطة اإلدارية إذا لم تكن الجرائم الواردة بها
معاقبا عليها بنصوص خاصة".
وا لى جانب هذه العقوبة المقررة في قانون العقوبات نجد هناك جزاءات ذات طابع
إداري ،إذ تتمتع سلطات الضبط اإلداري بحق توقيع جزاءات ذات طبيعة إدارية على كل
األشخاص الذين تشكل أعمالهم وتصرفاتهم تهديدا للنظام العام بكل عناصره .وتتخذ هذه
الجزاءات عدة صور كمصادرة األشياء التي تستعمل الضطراب النظام العام ،أو سحب
رخصة لمنع المعني باألمر من ممارسة نشاطا يمس بالنظام العام كسحب رخصة السياقة
من األشخاص المخالفي ن لقانون المرور ،أو إبعاد أي شخص إذا كان وجوده في مكان
معين يشكل مصد ار الضطراب النظام العام.2
-1مجلس الدولة ،قرار رقم 1649الصادر بتاريخ 92فيفري ،0226قضية رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية عين
توتة ضد ( ب ص) ،موسوعة االجتهاد القضائي الجزائري ،ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس الدولة ،اإلصدار الرابع،
.0223
-2تنص المادة 4/23من المرسوم الرئاسي رقم 44-10المتضمن إعالن حالة الطوارئ (الملغى) على أنه ":يخول وضع
حالة الطوارئ حيز التنفيذ لوزير الداخلية والجماعات المحلية في كامل التراب الوطني أو الوالي على امتداد تراب واليته في
إطار التوجيهات الحكومية سلطة القيام بما يأتي:
63
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
تشكل هذه الجزاءات خط ار كبي ار على حقوق وحريات األفراد ،إذ تمس الفرد في شخصه
أو ماله ،وعليه فان سلطة الضبط اإلداري غير مطلقة ،إذ ال يمكن اتخاذ مثل هذه
اإلجراءات إال بناءا على ترخيص صريح من طرف المشرع ،ووفقا لألوضاع التي حددها
واال كان تصرفا باطال .ونشير إلى أن هذه الجزاءات تختلف عن الجزاءات المقررة في قانون
العقوبات والتي توقعها الجهات القضائية ،على أساس أن الهدف الجزاء اإلداري وقائي وليس
ردعي.
ومن األمثلة عن هذه اإلجراءات الوقائية نذكر األمر بمنع تفريغ سلعة بهدف التأكد من
مدى مطابقتها للمواصفات القانونية ومدى صحتها لالستهالك .ولقد أكد القاضي اإلداري
الجزائري على ذلك في ق ارره الصادر بتاريخ 02فيفري 0226في قضية الشركة ذات
المسؤولية المحدودة (كوديال) ضد والي والية وهران والذي جاء فيه ....":حيث أن الشركة
ذات المسؤولية المحدودة ( كوديال) الكائن مقرها االجتماعي بالجزائر والممثلة بمسيرها
القانوني ،قامت باستئناف القرار الصادر بتاريخ 02جانفي 0229عن مجلس قضاء وهران
والذي رفض دعواها لعدم تأسيسها قانونا الرامية إلى إبطال القرار الصادر عن والي والية
وهران بتاريخ 0222-99-20عدد 922يتضمن إيقاف تفريغ سلعة.
وان الشركة قد تضررت كثي ار من هذه الوضعية كون المتعاملين التجاريين معها يطالبونها
بتعويض يومي على التأخير في تنزيل البضاعة والمتمثلة في الحبوب المستوردة.
حيث أن قرار والي والية وهران تضمن إيقاف عملية التفريغ والشروع في إجراء تحقيق إداري
في مراقبة النوعية للمادة المستوردة وعدم الشروع في وضع الحبوب المستوردة لالستهالك إال
بالموافقة الشخصية للوالي.
لذا طلبت المستأنفة األمر بتسريح بيع البضاعة وحيث انه يتبن من االطالع على قرار
الوالي المراد إبطاله هو إجراء وتدبير وقائي وتحفظي الهدف منه االحتفاظ على سالمة
وصحة المستهلك الجزائري لغاية التحقق من سالمة المنتوج.
وحيث أن تدخل الوالي في اتخاذ هذا اإلجراء يدخل ضمن صالحياته لغاية التحقق من
سالمة المنتوج المستورد والقول إذا كان مطابق للنصوص التشريعية ،وهل هو قابل
°منع من اإلقامة أو وضع تحت اإلقامة الجبرية كل شخص راشد يتضح أن نشاطه مضر بالنظام العام أو بسير المصالح
العمومية".
64
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
لالستهالك وحيث انه بالرجوع إلى القانون رقم 20/91المؤرخ في 22فيفري 9191
المتعلق بالقواعد العامة لحماية المستهلك السيما المادة 94منه فانه يمكن للسلطة اإلدارية
المختصة أن تقوم في أي وقت وفي أي مرحلة من مراحل عرض المنتوج لالستهالك
بتحريات لمراقبة المطابقة قصد تفادي المخاطر التي قد تهدد صحة المستهلك وأمنه والتي
تمس بمصالحه المادية.
وحيث بالرجوع إلى المادة 10من القانون رقم 21/12المؤرخ في 22أفريل 9112المتعلق
بالوالية فان الوالي هو ممثل الدولة ومندوب الحكومة على مستوى واليته ،كما تضيف المادة
12من نفس القانون انه يجب على الوالي أن يسهر على تنفيذ القوانين والتنظيمات وهو
1
مسؤول على المحافظة على النظام واألمن والسالمة."....
ثانيا :األعمال المادية ( أسلوب التنفيذ الجبري المباشر)
تتمتع الق اررات اإلدارية الضبطية بالقوة التنفيذية ،بمعنى أنها واجبة النفاذ من تلقاء
نفسها دون حاجة إلى استصدار حكم من القضاء ،وبالتالي فاألفراد ملزمون باحترام الق اررات
اإلدارية الضبطية وتنفيذها بمحض إرادتهم .ونقصد هنا تلك الق اررات اإلدارية الضبطية
الموجهة لألفراد والتي تتضمن األمر بالقيام بعمل ما أو االمتناع عن القيام بعمل ما.
بل ابعد من ذلك ،فان اللجوء إلى القضاء بهدف ضمان تنفيذها في حاالت معينة
يجعل من الحكم دون فائدة ،لذا يستحسن أن تضمن هيئات الضبط اإلداري تنفيذ ق ارراتها
بنفسها من خالل امتياز التنفيذ المباشر والجبري ،2الذي يعد مظهر من مظاهر السلطة
3
العامة.
ونشير غالى آن وسائل إكراه األفراد على الخضوع للق اررات اإلدارية الضبطية ليست
بذات المرتبة ،حيث تنوعت ما بين التنفيذ الجبري عبر استخدام القوة العامة أو الوسائل
اإلكراهية ،وبين التصرف التلقائي الذي ال يحتاج إلى أكثر من تصرف مادي بسيط.
-1مجلس الدولة ،قرار رقم 1224الصادر بتاريخ 02فيفري 0226قضية الشركة ذات المسؤولية المحدودة (كوديال)
ضد والي والية وهران ،موسوعة االجتهاد القضائي الجزائري ،ق اررات المحكمة العليا وق اررات مجلس الدولة ،اإلصدار الرابع،
.0223
-2عبد الغني بسيوني عبد اهلل ،المرجع السابق ،ص .94
3
- CHEVENEMENT Jean Pierre, op.cit, p 06.
65
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
1
- FERREIRAN Nelly, « la notion d'exécution d'office », in colloque intitulé : puissance publique ou
impuissance publique" organisé par le ministère de l'intérieure conjointement avec l'université Paris I, Panthéon
Sorbonne, les 08 et 09 février 1999 au Carrousel du Louvre, Paris, in A.J.D.A, 20 juillet/ 20 août 1999, n°
spécial, p 42 .
-2ماجد راغب الحلو ،المرجع السابق ،ص .201
انظر كذلك :عصام نعمة إسماعيل ،الطبيعة القانونية للقرار اإلداري ،المرجع السابق ،ص .00
3
- CASTAGNE Jean, op.cit, p 44.
-4محمد عبد الحميد مسعود ،إشكاليات رقابة القضاء على ق اررات الضبط اإلداري ،0222 ،ص .91
66
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
ففي حالة المظاهرة مثال فان سلطات الضبط اإلداري تلجأ إلى استعمال القوة بهدف تفريق
المتظاهرين الذين يصرون على تنظيمها رغم صدور أمر بمنعها ،إذ تعد بمثابة تجمهر
يعاقب عليه القانون نظ ار لخطورتها على النظام العام .وهذا ما نصت عليه المادة 91من
قانون 91-19المؤرخ في 20دسيمبر 9119على أنه ":كل مظاهرة تجري بدون ترخيص
1
و بعد منعها تعتبر تجمه ار".
كما نصت المادة 94من المرسوم رقم 032-99على أنه ":يتخذ وينفذ رئيس المجلس
الشعبي البلدي ،في إطار التنظيم المعمول به ،كل اإلجراءات التي من شأنها أن تضمن
حسن النظام واألمن وكذلك الحفاظ على الطمأنينة واآلداب العامة .كما يجب عليه قمع كل
2
ما من شأنه أن يخل بذلك".
واألمثلة عن التنفيذ المباشر كثيرة كأن تلجأ لسلطات الضبط اإلداري إلى هدم المباني اآليلة
إلى السقوط إذا كان ذلك يشكل خط ار على المارة ،وكذلك األوامر الشفوية التي يصدرها
يوميا رجال الشرطة بقصد تنظيم حركة المرور في المدن...الخ.
/6شروط تطبيق التنفيذ الجبري المباشر:
يتضح جليا أن هذا اإلجراء يشكل كذلك خط ار على حقوق وحريات األفراد ،مما جعل
القضاء اإلداري يضع له حدود وضوابط بهدف تفادي أي تعسف من قبل سلطات الضبط
اإلداري ،ومن ثم ال يمكن اللجوء إلى هذا األسلوب االستثنائي إال في حالة:
-وجود نص صريح يسمح لسلطات الضبط اإلداري باللجوء إلى التنفيذ المباشر والجبري.3
4
-في حالة االستعجال.
ومن اجل ضمان حماية األفراد في مواجهة سلطات الضبط اإلداري أثناء اللجوء إلى
التنفيذ المباشر والجبري فانه يقع على عاتق سلطات الضبط اإلداري أثناء اللجوء إلى هذا
األسلوب التزامات عديدة ال يمكن لها مخالفتها نذكر منها:
-1قانون رقم 91-19المؤرخ في 20ديسمبر 9119المتعلق باالجتماعات والمظاهرات العمومية ،المرجع السابق.
-2مرسوم رقم 032-99مؤرخ في 92أكتوبر 9199يتعلق بصالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي فيما يخص الطرق
والنقاوة والطمأنينة العمومية ،المرجع السابق.
-3محمد محمد عبده إمام ،المرجع السابق ،ص .010
4
- FERREIRAN Nelly, op.cit, p 39 .
67
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
-أن تنصب عملية التنفيذ المباشر والجبري على ق اررات مشروعة ،مما يجعل تنفيذ الق اررات
غير المشروعة تنفيذا جبريا يشكل تعديا .1وقد يتعلق األمر بتنفيذ نص قانوني أو الئحي.2
-يجب أن ال تلجأ سلطات الضبط اإلداري إلى التنفيذ الجبري إال إذا صادفها مقاومة
ومعارضة من طرف المخاطبين باإلجراءات الضبطية ،وبعد إنذارهم ومنحهم مدة معقولة قبل
التدخل بالقوة.3
-يجب أن تقتصر عملية التنفيذ الجبري على اإلجراءات الهادفة فقط إلى حماية النظام العام
قبل اضطرابه أو إعادته في حالة اختالله دون أن تتعدى ذلك.4
-أن تلتزم سلطات الضبط اإلداري بإتباع اإلجراءات األولية منها االستشارة المسبقة إذا كان
القانون يشترط ذلك .فالقانون الفرنسي يشترط مثال قبل اتخاذ قرار منع اإلقامة الذي يعتبر
إجراء أولي قبل اتخاذ قرار اإلبعاد استشارة لجنة رخصة اإلقامة.
استثناء يمكن لسلطة الضبط اإلداري أن تتخذ ق ارراها دون استشارة مسبقة مثل قرار الطرد إذ
5
يمكن لإلدارة اتخاذها في حالة االستعجال القصوى دون االستشارة المسبقة للجنة الطرد.
كما نص المشرع الجزائري على سلطة هيئات الضبط اإلداري في اتخاذ قرار اإلبعاد
والطرد إلى الحدود وذلك طبقا للمادة 62من التي جاء فيها ":عالوة على األحكام المقررة
في المادة (00الفقرة )6أعاله ،فان إبعاد األجنبي خارج اإلقليم الجزائري يمكن أن يتخذ
بموجب قرار صادر عن وزير الداخلية في الحاالت اآلتية:
°إذا تبين للسلطات اإلدارية أن وجوده في الجزائر يشكل تهديدا للنظام العام و/أو ألمن
الدولة،
°إذا صدر في حقه حكم أو قرار قضائي نهائي يتضمن عقوبة سالبة للحرية بسبب ارتكابه
جناية أو جنحة،
°إذا لم يغادر اإلقليم الجزائري في المواعيد المحددة له طبقا ألحكام الفقرة األولى والثانية من
المادة 00المشار إليها أعاله ،ما لم يثبت أن تأخره يعود إلى قوة قاهر".
68
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
ومن األمثلة حول إمكانية اللجوء إلى التنفيذ المباشر والجبري دون حاجة إلى إذن من
القضاء نذكر لجوء اإلدارة إلى الهدم في حالة البناء بدون رخصة.
تنص المادة 23مكرر 4من القانون رقم 22-24على انه ":عندما ينجز البناء دون
رخصة ،يتعين على العون المؤهل قانونا تحرير محضر إثبات المخالفة وارساله الر رئيس
المجلس الشعبي البلدي والوالي المختصين في اجل ال يتعدى اثنين وسبعين ساعة.
وفي هذه الحالة ،ومراعاة للمتابعات الجزائية ،يصدر رئيس المجلس الشعبي البلدي المختص
قرار هدم البناء في اجل ثمانية أيام ،ابتداء من تاريخ استالم إثبات المخالفة.
عند انقضاء المهلة ،وفي حالة قصور رئيس المجلس الشعبي البلدي المعني ،يصدر الوالي
قرار هدم البناء في اجل ال يتعدى ثالثين يوما.
تنفذ أشغال الهدم من قبل مصالح البلدية .وفي حالة عدم وجودها ،يتم تنفيذ األشغال بواسطة
1
الوسائل المسخرة من قبل الوالي."....
ولقد أكد مجلس الدولة الجزائري على ذلك في ق ارراه رقم 912026الذي جاء فيه:
" ....وأنه بذلك ،فالسلطة اإلدارية مؤهلة تمام األهلية للقيام بهدم األشغال المنجزة خرقا آلمر
وقف األشغال ،وذلك دون اللجوء إلى قرار قضائي ،كما هو عليه الحال بالنسبة لهذه
2
القضية."...
كما أ كد مجلس الدولة على سلطة البلدية في اتخاذ قرار الهدم البنايانت القديمة التي
تشكل خط ار على سالمة المواطنين باعتبار ذلك من صالحيات رئيس المجلس الشعبي
البلدي .حيث جاء في ق ارره الصادر بتاريخ 93سبتمبر 0226مايلي ...":وحيث أنه
بالرجوع الى دراسة الوزثائق والمستندات يستفاد وان المستأنف عليه الذي يملك عمارة قديمة
تقع بشارع أول نوفمبر والتي يعود بناءها للقرن الماضي ،ونظ ار لما تشكله من خطر على
69
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
شاغليها ،استفاد من رخصة هدم من طرف بلدية العلمة والتي قبل أن تمنحه رخصة الهدم
وتصدر ' قرار الهدم ،اتخذت كل اإلجراءات القانونية المتبعة في هذا المجال أين قامت
المصالح التقنية والفنية واألمنية بمعاينة الحارة القديمة والتأكد من حالتها والخطر المحدق
بشاغليها باإلضافة إلى تسوية المنظر العام للمدينة ومحيطها العمراني...
حيث انه يستخلص من معطيات الملف أن القرار المراد إبطاله يدخل ضمن صالحيات
رئيس المجلس الشعبي البلدي في إطار أعمال الضبط اإلداري المخولة له من اجل
1
المحافظة على النظام العام واآلمن العام والصحة العامة بموجب مداوالته."....
-1مجلس الدولة ،قرار رقم 99340المؤرخ في 93سبتمبر ،0226قضية ( ر ع) ضد بلدية العلمة ومن معها ،موسوعة
االجتهاد القضائي الجزائري ،اإلصدار الرابع.0223 ،
70
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
المحور الرابع
خضوع أعمال الضبط اإلداري لرقابة القضاء
يرتبط نشاط الضبط اإلداري إرتباطا وطيدا بالحقوق والحريات ،وذلك لكونه نشاط مبني
على فكرة تقييد هذه الحقوق والحريات بهدف صيانة النظام العام بصفة وقائية .ومن أجل
تفادي تعسف سلطات الضبط اإلداري أثناء ممارسة السلطات المخول لهم بموجب النصوص
القانونية لممارسة وظيفة الضبط أقرت غالبية التشريعات مبدأ خضوع أعمال سلطات الضبط
اإلداري لرقابة القضاء.
وبالرجوع الى الدستور الجزائري نجد أن المؤسس الجزائري لم يميز بين األعمال التي
تتخدها االدارة بمناسبة ممارسة وظيفة الضبط اإلداري أو تلك التي تتخذها في المحاالت
اآلخرى بحيث أقر قاعدة عامة مفادها إختصاص القضاء بالنظر في الطعون في ق اررات
1
االدارة وذلك في المادة .939
أوال :اإلختصاص القضائي بالنظر في أعمال سلطات الضبط االداري
لقد تعرض النظام القضائي الجزائري إلى إنتقادات عديدة من طرف المختصين وذلك
بسبب عدم تخصص القضاة ،وطول الفصل في المنازعات ،وعدم وضوح طبيعة النظام
القضائي ذاته .هذه اإلعتبارات وغيرها دفعت بالسلطة السياسية إلى إتخاذ قرار تمثل في
ضرورة اعادة النظر في النظام القضائي وذلك باإلعالن صراحة عن تبني نظام اإلزدواجية
القضائية ،باعتباره النظام األكثر نجاعا في حماية الحقوق والحريات وتجسيد دولة القانون.
ومن أجل تجسيد هذه االرادة السياسية عمليا في إطار ما أصطلح عليه بسياسة
إصالح العدالة تضمن الدستور الجزائري لسنة 9113نص صريحا كرس ألول مرة مبدأ
اإلزدواجية القضائية وذلك من خالل المادة 920التي جاء فيها ":تمثل المحكمة العليا الهيئة
المقومة ألعمال المجالس القضائية والمحاكم.
يؤسس مجلس دولة كهيئة مقومة ألعمال الجهات القضائية اإلدارية....
-1تنص المادة 939من دستور 9113المعدل والمتمم على أنه ":ينظر القضاء في الطعن في ق اررات السلطات
االدارية".
71
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
تؤسس محكمة تنازع تتولى الفصل في حاالت تنازع اإلختصاص بين المحكمة العليا
ومجلس الدولة".
كما عمد المشرع الجزائري الى اصدار العديد من النصوص القانونية لوضع هذا التوجه
الدستوري موضع التنفيذ ،1ويتعلق األمر بالنصوص المنشئة لمجلس الدولة ،والمحاكم
2
اإلدارية ومحكمة التنازع.
ومن أجل إستكمال عملية تجسيد النظام القضائي المزدوج كان لزاما على المشرع إعادة
النظر في النصوص القانونية المنظمة لمسألة االختصاص سواء من الناحية الموضوعية أو
اإلجرائية ،ولقد تجسد ذلك فعال بصدر قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية لسنة ،0229الذي
حدد بصفة واضحة مجال اختصاص كل من القضاء العادي والقضاء اإلداري ،كما بين
3
اإلجراءات المتبعة أمام كل جهة قضائية.
حددت المادة 922مجال إختصاص القضاء االداري وذلك بنصها على أنه ":المحاكم
اإلدارية هي جهات الوالية العامة في المنازعات اإلدارية.
تختص بالفصل في أول درجة ،بحكم قابل لإلستئناف في جميع القضايا ،التي تكون الدولة
أو الوالية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية طرفا فيها".
يتضح جليا من خالل هذه المادة أن المشرع الجزائري تبنى المعيار العضوي كأصل في
تحديد اختصاص القضاء اإلداري ،وذلك باحتكاره سلطة الفصل في كل القضايا التي تكون
االدارة طرفا فيها مهما كانت طبيعة النزاع ،إال ما استثني بموجب نصوص خاصة .ونذر
-1نصت المادة 926من دستور 9113على أنه ":يحدد قانون عضوي تنظيم المحكمة العليا ،ومجلس الدولة ،ومحكمة
التنازع ،وعملهم ،واختصاصاتهم االخرى".
-2قانون عضوي رقم 29-19مؤرخ في 62ماي 9119معدل ومتمم ،يتعلق بإختصاصات مجلس الدولة عمله
وتنظيمه ،الجريدة الرسمية ،عدد ،62صادرة في 29جوان .9119
°قانون رقم 20-19مؤرخ في 62ماي 9119يتضمن إختصاصات المحاكم اإلدارية ،ج .ر عدد ،62صادرة في 29
جوان .9119
°قانون عضوي رقم 26-19مؤرخ في 62ماي 9119يتعلق بإختصاصات محكمة التنازع ،ج .ر عدد ،62صادرة في
29جوان .9119
-3قانون رقم 21-29مؤرخ في 02فيفري 0229يتضمن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ،الجريدة الرسمية ،عدد ،09
صادرة في 06فيفري .0229
72
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
على سبيل المثال التعويض عن االصرار التي تسببها عربة تابعة لإلدارة ،فرغم كون االدارة
طرفا في النزاع إال أن اإلختصاص يعود للقضاء العادي.
ثانيا :آليات الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري
كرس المشرع الجزائري حق كل فرد في اللجوء إلى القضاء للمطالبة بحق أو الدفاع
عنه وذلك في المادة 6من القانون رقم 21-29التي جاء فيها ":يجوز لكل شخص يدعي
حقا ،رفع دعوى أمام القضاء للحصول على ذلك الحق أو حمايته."....
يتضح من خالل نص المادة أن الوسيلة التي يمكن من خاللها للفرد اللجوء الى
القضاء للدفاع عن حقه تكمن في الدعوى القضائية .وفي مجال الضبط اإلداري فإن أهم
دعوى يمكن من خاللها حماية األفراد لحقوقهم وحرياتهم في مواجهة األعمال القانونية
والمادية التي تتخذها سلطات الضبط اإلداري تتمثل في دعوى اإللغاء ودعوى التعويض.
/0دعوى االلغاء:
تـعتبـر دعـوى اإللغاء من أهـم الـدعاوى القضائية التي يملكها األفراد لحمايـة حرياتهم
من جراء الق اررات اإلدارية الضبطية غير المشروعة ،التي تتخذهـا اإلدارة من أجل صيانة
الـنظام العام .فهي تلك الدعوى التي يطلب فيها من القاضي اإلداري الـمخـتص ،طبقا
للـشروط و اإلجراءات الـقانونيـة الـمقررة ،الحكم بعدم مشروعية قرار إداري ضـبطي ،و بـالتالي
1
إلغائه و إعـدام أثـاره.
تعد دعوى اإللغاء دعوى موضوعية تهدف الى وضع حد للق اررات اإلدارية غير
المشروعة .وعليه يمكن لكل من تضرر من جراء قرار إداري تنظيمي أو فردي غير مشروع
أن يلجأ الى الجهة القضائية اإلدارية المختصة للمطالبة بإلغائه.
وبالرجوع الى القانون رقم 21-29نجد أن اإلختصاص في الغاء الق اررات اإلدارية
الضبطية الصادرة عن سلطات الضبط االداري المحلية ممثلة في الوالي ورئيس المجلس
الشعبي البلدي يؤول الى المحكمة اإلدارية وذلك طبقا لنص المادة 2. 929بينما الق اررات
-1عـمار عوابدي ،عملية الرقابة على أعمال اإلدارة العامة في النظام الجزائري ،الطبعة الثالثة ،ديوان الـمطبوعات
الـجامعيـة ،الـجزائر ،9114 ،ص .19
-2تنص المادة 929من القانون رقم 21-29المتضمن قانون االجراءات المدنية واإلدارية على أنه":
تختص المحاكم االدارية كذلك بالفصل في:
73
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
اإلدارية الضبطية التي تتخذها سلطات الضبط اإلداري الوطنية سواء تعلق األمر بالضبط
اإلداري العام أو الخاص فإن اإلختصاص يؤول الى مجلس الدولة وذلك طبقا لنص المادة
1
129من القانون رقم .21-29
/6دعوى التعويض:
إن رقـابة مشروعية أعمال الضبط اإلداري ال تتعدى حدود إلغاء الق اررات اإلداريـة
الـضبطية غير المشروعة ،دون جبر األضـرار المترتبة عن ذلك .ومن جـهة أخـرى ،فإن
اإلدارة في إطار ممارسة نشاطها الضبطي ،تقوم بمجموعـة من األعمال المادية عادة ما
ار باألفـراد .وعليه فإن المشرع أقـر لألفـراد حق المطالبة بالتعويض أمام القاضي
تلحق أضـر ا
اإلداري عما أصابهم من ضـرر ،وذلك عن طريق تحريـك مـسؤوليـة اإلدارة .فدعوى التعويض
أو المسؤولية عبارة عن وسلة مكملة ،تهدف الى مطالبة الجهة القضائية المختصة بإلزام
الجهة اإلدارية المسؤولة بتعويض وجبر الضرر.
رغم تكريس المشرع حق االفراد في المطالبة بتعويض األضرار الملحقة بهم من جراء
التصرفات الصادرة عن سلطات الضبط اإلداري إال اإلشكال الذي ظل الى وقت قريب محل
جدل فقهي يكمن في األالساس الذي تقوم عليه هذه المسؤولية .وفي هذا االطار فان
المسؤولية اإلدارية عن أعمال سلطات الضبط اإلدارية تقوم على أساسين:
أ /التعويض على أساس الخطأ:
يعتبر مبدأ التعويض عن األضرار الملحقة بالغير من المبادئ المسلم بها في مختلف
التشريعات المدنية ومن بينه القانون المدني الجزائري في المادة ،301بحيث تقع مسؤولية
التعويض على الشخص الذي ارتكب الخطأ ،وثبتت العالقة السببية بيتن الخطأ والضرر.
غير أن تطبيق هذا المبدأ في مجال المسؤولية االدارية غير مسنساغ ،هذا ما جعل فقهاء
القانون العام وحتى قضاة القضاء اإلداري يتساءلون حول طبيعة الخطأ المستوجب للمسؤولية
°دعاوى الغاء الق اررات االدارية والدعاوى التفسيرية ودعوى فحص المشروعية للق اررات الصادرة عن:
-الوالية والمصالح غير الممركزة للدولة على مستوى الوالية،
-البلدية والمصالح االدارية األخرى للبلدية."..
-1يختص مجلس الدولة كدرجة أولى وأخيرة ،بالفصل في دعاوى اإللغاء والتفسير وتقدير المشروعية في الق اررات اإلدارية
الصادرة عن السلطات االدارية المركزية."....
74
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
اإلدارية في مجال الضبط اإلداري .فرغـم إتفاق الـفقه والقضاء على كـون الخطأ سببا من
أسباب قـيام مـسؤوليـة السلطـة اإلداريـة عن نشاطـها الضبطي ،إال أن اإلشـكال ظل قائـما
حول طبيعة الخطأ الذي يـؤدي إال إنعقاد مـسؤولية السلطة اإلدارية.
وفي هذا اإلطار أكد كل من الفقه والقضاء ضرورة التميز بين الخطأ الشخصي والخطأ
المرفقي ،معتمدا في ذلك على مجموعة من المعايير من بينها المعيار الغائي ،معيار جسامة
الخطأ...الخ .ونظ ار لنسبية المعايير التي قدمها الفقه للتمييز بين الخطأ المرفقي والخطأ
الشخصي ،فإن القضاء اإلداري لم يستـقر على تبني معيار مـحدد ،بل أخذ يـعالج كـل قـضـية
1
على حدى.
قرارTOMASSO GRECO في تعليقة على ()ROMIEU ولقد أكد مستشار الحكومة روميو
المشار أن ه يعود للقاضي اإلداري أن يحدد في كل حالة ،إذا ما توفر خطأ مرفقيا يرتب
مسؤولية مرفق الشرطة .وعليه أن يأخذ بعين اإلعتبار طبيعة المرفق والظروف المحيطة
بنشاطه ،وامكانيات المرفق المادية والبشرية ،وطبيعة وقيمة الحرية التي هي محل اإلجراء
2
الضبطي ،ودرجة خطورة المساس بها.
ب /التعويض بدون خطأ:
إذا كان الخطأ هو األساس األصيل الّذي يمكن اإلستناد إليه إلقامة مسؤولية السلطة
اإلدارية بصفة عامة ،فإن أمام تطور وظيفة الدولة ،وازدياد تدخلها في كل المجاالت
اإلقتصادية ،اإلجتماعية والثقافية ،بات من الضروري إيجاد أساس تكميلي يجبر الضرر
الذي يلحق باألفراد من جراء هذه األعمال.
وعلى هذا األساس ،فإن سلطات الضبط اإلداري قد تتخذ أعماال قانونية أو مادية
مشروعة وبدون خطأ ،إال أنها تلحق أضرار باألفراد ،فإنه ليس من العدل واإلنصاف أن
يتحمل الفرد وحده تبعة هذه األضرار .3وعليه ،جاءت نظريتي المخاطر والمساواة أمام
-1لحسين بن الشيخ أث ملويا ،دروس في المسؤولية اإلدارية ،الكتاب األول ،المسؤولية على اساس الخطأ ،دار الخلدونية
للنشر والتوزيع ،الجزائر ،0222 ،ص .960
2
- C.E, 10 février 1905, arrêt TOMASO GRECO, In WEIL. P, LONG.M, BRAIBANT .G, DELVOVE. P,
GENEVOIS.B, Les grands arrêts de la jurisprudence administrative, 13 éme édition, DALLOZ, Paris, 2001, p 86.
3
- BLANC François, "Le régime de la responsabilité pour faute en matière de police de l'ordre", In la police
administrative existe-t- elle?, Sous la direction de LINOTTE Didier, Edition Economica, Paris, 1985, p 85.
75
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
األعباء العامة التي إبتدعها القضاء اإلداري الفرنسي ،1كأساس تكميلي لقيام مسؤولية
الس لطة اإلدارية ،بحيث تتحمل األضرار الناجمة عن تصرفاتها ،حتى لو لم ترتكب خطأ من
جانبها.
لقد أكد القضاء اإلداري الجزائري على أخذه بنظرية المخاطر للتعويض األضرار الملحقة
باألفراد رغم إنتفاء الخطأ في جانب اإلدارة ،وذلك في القرار الصادر عن الغرفة اإلدارية
بالمجلس األعلى بتاريخ 21جويلية 9122في قضية بن حسن أحمد ضد وزير الداخلية،
2
الوكيل القضائي بالخزينة.
تتلخص وقائع هذه القضية في نشوب حريق داخل مركز الشرطة المركزية الواقع في
22شارع شاسيريو بالجزائر العاصمة ،وانفجار مخزن للبنزين ،مما أدى إلى وفات كل من
زوجة الطاعن وابنته صافية .وعلى إثر ذلك رفع السيد بن حسن أحمد دعوى أمام الغرفة
اإلدارية بمجلس قضاء الجزائر ضد وزير الداخلية للمطالبة بالتعويض عن األضرار المترتبة
من جراء هذا الحادث.
وبتاريخ 24جوان 9122أصدر مجلس قضاء الجزائر فاصال في القضايا اإلدارية حكمه،
المتضمن إدانة الدولة ممثلة في شخص وزير الداخلية بدفع مبلغ 4222دج للطاعن و
6222دج ألبنائه اإلثنين نور الدين ونادية كتعويض عن األضرار المترتبة عن الحادث.
وبتاريخ 90جويلية 9122إستأنف السيد بن حسن أحمد هذا القرار أمام الغرفة اإلدارية
بالمحكمة العليا للمطالبة بإعادة تقدير مبلغ التّعويض.
وبتاريخ 21جويلية 9122أصدرت الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى قرارها الذي جاء فيه
على وجه الخصوص..":حيث أن وفاة زوجة الطاعن و أبنائه اإلثنين ناتج عن نشوب حريق
بسبب إنفجار مخزن للبنزين. Ramp Chasseriau بمقر الشرطة المركزية الواقع في 22شارع
-1لحسين بن الشيخ أث ملويا ،دروس في المسؤولية اإلدارية ،الكتاب الثاني ،المسؤولية بدون خطأ ،دار الخلدونية للنشر
والتوزيع ،الجزائر ،0222 ،ص .2
-2المجلس األعلى ،الغرفة اإلدارية ،قرار صادر بتاريخ 24جويلية ،9122قضية بن حسن أحمد ضد وزير الداخلية،
الوكيل القضائي بالخزينة (باللغة الفرنسية) .أنظر:
- KHELLOUFI. R, BOUCHAHDA.H, Recueil de la jurisprudence administrative, O.P.U, Alger, 1979, p 87.
76
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
-1المجلس األعلى ،الغرفة اإلدارية ،قرار صادر بتاريخ 02جانفي 9121في قضية بوشة سحنون وسعيدي مالكي ضد
وزير الداخلية ،ووزير العدل ووالي الجزائر ( باللغة الفرنسية) ،أنظر:
- KHELLOUFI. R, BOUCHAHDA.H, Recueil de la jurisprudence administrative, O.P.U, Alger, 1979, p 149
77
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
وبتاريخ 02جانفي 9121فصلت الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى في هذه القضية ،حيث
جاء في قرارها على وجه الخصوص..":حيث يتضح من خالل التحقيق ،أنه في ظل ظروف
النظام العام،
قضية الحال ،فإن اإلمتناع عن التنفيذ ال يتعلق بأي سبب ناتج عن ضروريات ّ
وأن سلوك اإلدارة على هذا النحو يعتبر غير مشروع.
حيث أن المتقاضي حاز على حكم يتمتع بحجية الشيء المقضي فيه ،و بالتالي من حقه أن
يعول على السلطة اإلدارية لتنفيذ هذا الحكم .واذا كان للسلطة اإلدارية حق تقدير ظروف
تنفيذه ،ومن ثم اإلمتناع عن التنفيذ إذا رأت في ذلك تهديدا للنظام العام ،فإن الضرر
المترتب عن هذا اإلمتناع إن تجاوز مدة معينة ليست من األعباء التي ينبغي أن يتحملها
المدعي."..
يتضح من خالل هذه الق اررات الصادرة عن القضاء اإلداري ،أن السلطة اإلدارية
أصبحت تتحمل المسؤولية عن األضرار التي تلحق باألفراد من جراء نشاطها الضبطي،
سواء تعلق األمر بالق اررات اإلدارية الضبطية ،أو باألعمال المادية المرتبطة بوظيفتها ،حتى
مع إنتفاء الخطأ من جانبها وذلك استنادا الى نظرتي المخاطر والمساواة أمام األعباء العامة.
78
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
الخاتمة
يعد الضبط اإلداري وسيلة هامة في يد السلطات العمومية لتجسيد الموازنة بين
إ عتبارات ممارسة الحقوق والحريات العامة وبين ضروروات واعتبارات وقاية النظام العام
بصفة وقائية ،وذلك تطبيقا للقاعدة الفقهية التي مفادها أن الحرية هي األصل والتقييد هو
اإلستثناء.
إن ممارسة الحقوق والحريات المقررة لألفراد ال يكون لها معنى إال في ظل محيط
يسوده الطمأنينة واألمن ،باعتبار هذا األخير أساس إستقرار السياسي واإلجتماعي على حد
سواء ،خاصة في ظل التوترات التي يعرفها العالم بأسره.
لقد تعددت مصادر التهديد للنظام العام خاصة في الوقت الحالي أين نعيش مرحلة
الإلستقرار للعديد من الدول الحدودية سواء في ليبيا وتونس وغيرها ،مما يؤدي إلى انتشار
الجريمة بمختلف أشكالها سواء من طرف الوطنين ،بل حتى من طرف األجانب النازحين من
أوطانهم بسبب النزاعات المسلحة والحروب.
هذه اإلعتبارت تجعل مهمة سلطات الضبط اإلداري بكل أنواعها أكثر من مهمة،
للتصدي بصفة وقائية لكل الظزاهر التي قد تؤدي الى تعكير النظام العام ،وبالتالي زعزعة
إستقرار البالد ،سواء باألفعال أو بالكتبات أو بالرسومات أو غيرها من الوسائل التي تشكل
كلها تهديدا للنظام العام.
وأما تطور وتعدد وسائل التهديد للنظام العام داخليا وخرايجا كان من الضروري تعزيز
صالحيات ووسائل التدخل القانونية والمادية حتى يتسنى لسلطات الضبط اإلداري الوقوف
في المرصاد لكل من تسول له نفسه الخروج عن حدود القانون.
غير أن إستعمال هذه السلطات واإلمتيازات ال تكون بصفة تعسفية واستبدادية ،بل
يجب أن تكون في حدود ما يسمح به القانون ،واإل إنتقلنا من دولة القانون إلى الدولة
البوليسية ،ومن ثم يصبح تدخل سلطات الضبط اإلداري يشكل هو ف يحد ذاته تهديدا
لالستقرار.
ومن أجل ضمان إستعمال هذه الوسائل في حدود ما يسمح به القانون ،أقر الفقه
والقضاء والتشريع سلطة األفراد في اللجوء إلى القضاء المختص لحماية حقوقه وحرياته في
79
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
مواجهة سلطات الضبط االداري ،من خالل المطالبة بإلغاء التصرفات غير المشروعية،
والتعويض عن األضرار المترتبة عن تصرفاتها بغض النظر عن مدى مشروعيتها.
إ ن تحقيق معادلة التوفيق بين الحرية والنظام من خالل نشاط الضبط االداري ليس
باألمر الهين ،مما يتطلب دراية ومعرفة قانونية وسياسية من طرف الجهات االدارية المخول
لها قانونا ممارسة هذه المهمة ،ألن الواقع أثبت أن سلطات الضبط اإلداري عادة ما تفضل
حماية النظام العام على حساب الحقوق والحريات ،وأحسن مثال على ذلك في الوقت الراهن
هو منع كل المظاهرات ،بحجة أنها تشكل خط ار على النظام العام وذلك رغم رفع حالة
الطوارئ.
80
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
قائمة المراجع
أوال :باللغة العربية
أ /الكتب:
-9إبراهيم عبد العزيز شيحا ،مبادئ وأحكام القانون اإلداري اللبناني ،دراسة مقارنة ،الدار
الجامعية للطباعة والنشر9196 ،
-0اعاد حمود القيسي ،الوجيز في القانون اإلداري ،دار وائل للطباعة والنشر9119 ،
-6حسن محمد عواضة ،المبادئ األساسية للقانون اإلداري ،دراسة مقارنة ،المؤسسة
الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،بيروت ،لبنان9112 ،
-4حمود حمبلي ،حقوق اإلنسان بين النظم الوضعية و الشريعة اإلسالمية ،ديوان
المطبوعات الجامعية ،الجزائر9112 ،
-2خالد خليل الظاهر ،القانون اإلداري ،الجزء الثاني ،دار الميسرة للنشر والتوزيع
والطباعة ،عمان ،األردن9112 ،
-3زين العابدين بركات ،مبادئ القانون اإلداري مطبعة رياض ،دمشق 9121
-2سعاد الشرقاوي ،القانون اإلداري ،بدون ناشر9196 ،
-9سليمان محمد الطماوي ،الوجيز في القانون اإلداري ،دراسة مقارنة ،دار الفكر العربي،
9113
-1طعيمة الجرف ،القانون اإلداري والمبادئ العامة في تنظيم نشاط السلطات اإلدارية،
دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية ،القاهرة9129 ،
-92عاشور سليمان شوايل ،مسؤولية الدولة عن أعمال الضبط اإلداري في القانون الليبي
والمقارن جنائيا واداريا ،دار النهضة العربية ،القاهرة0220 ،
-99عبد الغني بسيوني عبد اهلل ،وقف تنفيذ القرار اإلداري في أحكام القضاء اإلداري،
الطبعة الثالثة ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية.0222 ،
90عبد المنعم محفوظ ،عالقة الفرد بالسطة ،الحريات العامة وضمانات ممارستها :دراسة
مقارنة ،دار الهنا للطباعة.9191 ،
-96عـمار عوابدي ،عملية الرقابة على أعمال اإلدارة العامة في النظام الجزائري ،الطبعة
الثالثة ،ديوان الـمطبوعات الـجامعيـة ،الـجزائر.9114 ،
81
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
-94علي خطار شطناوي ،الوجيز في القانون اإلداري ،دار وائل للنشر ،عمان ،األردن،
.0226
-92لحسين بن الشيخ أث ملويا ،دروس في المسؤولية اإلدارية ،الكتاب األول ،المسؤولية
على اساس الخطأ ،دار الخلدونية للنشر والتوزيع ،الجزائر.0222 ،
-93لحسين بن الشيخ أث ملويا ،دروس في المسؤولية اإلدارية ،الكتاب الثاني ،المسؤولية
بدون خطأ ،دار الخلدونية للنشر والتوزيع ،الجزائر.0222 ،
-92ماجد راغب الحلو ،القانون اإلداري ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية.0229 ،
993محمد عبد الحميد مسعود ،إشكاليات رقابة القضاء على ق اررات الضبط اإلداري،
.0222
-91محمد محمد عبده إمام ،القانون اإلداري وحماية الصحة العامة ،دار الفكر الجامعي،
اإلسكندرية.0222 ،
-02محمود حلمي ،نشاط اإلدارة ،الطبعة الثانية ،دار الفكر العربي ،القاهرة.
-09مصطفى أبو زيد فهمي ،الوسيط في القانون اإلداري ،الجزء األول ،دار المطبوعات
الجامعية ،اإلسكندرية.0222 ،
-00ناصر لباد ،الوجيز في القانون اإلداري ،التنظيم اإلداري -النشاط اإلداري ،مطبعة
لباد.0223 ،
-06نواف كنعان ،القانون اإلداري ،الكتاب األول ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان،
األردن.0220 ،
ب /الرسائل والمذكرات:
-9سكينة عزوز ،عملية الموازنة بين أعمال الضبط اإلداري والحريات العامة ،بحث لنيل
شهادة الماجستير في اإلدارة والمالية العامة ،معهد الحقوق والعلوم اإلدارية ،جامعة الجزائر،
.9112
-0عامر أحمد مختار ،تنظيم سلطة الضبط اإلداري في العراق ،رسالة جامعية ،جامعة
بغداد.9122 ،
-6عمور سيالمي ،الضبط اإلداري البلدي في الجزائر ،بحث لنيل شهادة الماجستير في
اإلدارة والمالية العامة ،جامعة الجزائر ،معهد العلوم القانونية واإلدارية.9199 -9192 ،
82
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
ج /المقاالت:
-9بالقاسم دايم " ،الحماية القانونية للسكينة العامة" ،مجلة العلوم القانونية واإلدارية ،جامعة
أبو بكر بلقايد ،تلمسان ،العدد الثاني.
-0عادل السعيد أبو الخير "،اجتهاد القاضي اإلداري في مجال الحقوق والحريات" ،مجلة
االجتهاد القضائي ،جامعة محمد خيضر بسكرة ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،العدد ،0
.0222
-6عمار عوابدي "،الجوانب القانونية لفكرة البوليس اإلداري" ،المجلة الجزائرية للعلوم
القانونية السياسية واالقتصادية ،جامعة الجزائر ،كلية الحقوق ،العدد .9192 ،4
-4محمود سعد الدين الشريف "،النظرية العامة للبوليس اإلداري في مصر" ،مجلة مجلس
الدولة ،القاهرة.9129 ،
-2محمود عاطف البنا "،الضبط اإلداري بين الحرية والنظام العام" ،مجلة األمن والقانون،
كلية شرطة دبي ،السنة الثانية ،العدد .9114 ،9
-3نواف كعنان "،دور الضبط اإلداري في حماية البيئة (دراسة تطبيقية في دولة اإلمارات
العربية المتحدة)" ،مجلة جامعة الشارقة للعلوم الشرعية واإلنسانية ،جامعة الشارقة للعلوم
الشرعية واإلنسانية ،كلية القانون ،المجلد ،20العدد .0223 ،29
د /النصوص القانونية:
°الدساتير:
-9دستور الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية لسنة ،9136ج .ر عدد ، 34صادر
في 92سبتمبر 9136
-0دستور الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية لسنة 9123صادر بموجب أمر رقم
12-23مؤرخ في 00نوفمبر ،9123يتضمن اصدار دستور الجمهورية الجزائرية
الديموقراطية الشعبية ،الجريدة الرسمية ،عدد 14صادرة في 04أكتوبر .9123
-6دستور الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية لسنة 9191صادر بموجب مرسوم
رئاسي رقم 99-91مؤرخ في 09فيفري 9191يتعلق بنشر نص تعديل الدستور الموافق
عليه في استفتاء 06فيفري ،9191الجريدة الرسمية ،عدد 1صادرة في 9مارس .9191
83
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
84
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
85
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
°النصوص التنظيمية:
-9مرسوم رقم 032-99المؤرخ في 92أكتوبر 9199المتعلق بصالحيات رئيس
المجلس الشعبي البلدي فيما يخص الطرق والنقاوة والطمأنينة العمومية ،الجريدة الرسمية،
العدد 49الصادرة في 96أكتوبر .9199
-0المرسوم رقم 626 -96المؤرخ في 09ماي 9196المتعلق بسلطات الوالي في ميدان
األمن والمحافظة على النظام العام ،الجريدة الرسمية ،العدد 00الصادرة في 69ماي
.9196
-6مرسوم رئاسي رقم 44-10مؤرخ في ،9110-20-21يتضمن اعالن حالة الطوارئ،
الجريدة الرسمية ،العدد 92الصادرة في 1فيفري ،9119والملغى بموجب األمر رقم -99
29المؤرخ في 06فيفري ،0299المتضمن رفع حالة الطوارئ ،الجريدة الرسمية ،العدد 90
الصادرة في 06فيفري .0299
-4مرسوم تنفيذي رقم 099-24مؤرخ في 09جويلية ،0224يحدد كيفيات اعتماد
الصحفيين الذين يمارسون المهنة لحساب هيئة تخضع لقانون أجنبي ،الجريدة الرسمية ،العدد
42الصادرة في 09جويلية .0224
-2مرسوم تنفيذي رقم 962-22مؤرخ في 91جوان ،0222يحدد شروط وكيفيات سير
التظاهرات الدينية لغير المسلمين ،الجريدة الرسمية ،العدد 66الصادرة في 02ماي .0222
-3المرسوم رقم 029-92المؤرخ في 09أكتوبر ،0292يحدد صالحيات وزير التهيئة
العمرانية والبيئة ،الجريدة الرسمية ،العدد 34الصادرة في 09أكتوبر .0292
-2مرسوم تنفيذي رقم 29-92مؤرخ في 4جانفي ،0292يحدد شروط وكيفيات
الترخيص المسبق لنشر المصحف الشريف وطبعه وتسويقه على جميع الدعائم ،الجريدة
الرسمية ،العدد 0الصادرة بتاريخ 99جانفي .0292
-9مرسوم تنفيذي رقم 21-92مؤرخ في 4جانفي ،0292يحدد شروط وكيفيات
الترخيص المسبق الستيراد الكتاب الديني ،الجريدة الرسمية ،العدد 0الصادرة بتاريخ 99
جانفي .0292
86
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
87
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
1- BERNARD Paul, Notion d’ordre public en droit administratif, L.G.D.J, Paris, 1962.
2- DELBLOND Antoine, la police administrative, édition L’HERMES, Lyon, 1997.
3- DE LAUBADERE André, manuel de droit administratif, 11éme Edition, L .G .D. J, Paris,
1979.
4- FOILLARD Philippe, Droit Administratif, C. P. U, Paris, 2001.
56 HAURIOU Maurice, précis de droit administratif, Paris, Recueil Sirey, 12 éme édition,
1933.
6- MAHIOU Ahmed, cours d’institutions administratives, 3éme EDITION, Office Des
Publication Universitaires, Alger, 1981.
88
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
7- RIVETRO Jean, droit administratif, 6 éme édition, édition DALLOZ, Paris, 1992.
8- TEITGEN Henry, La police municipale générale, l’ordre public et les pouvoirs de Maire,
Sirey, Paris, 1934.
B/ thèses et mémoires:
1- ABDEL MALEK MANSOUR Samir, la protection des libertés publiques face a l’autorité
de la police administrative en France et en Egypte, thèse de doctorat en droit, université de
Paris 1 Panthéon Sorbonne, 1992.
2- CASTAGNE Jean, Le contrôle juridictionnel de la légalité des actes de police
administrative, thèse pour le doctorat en droit, faculté de droit et des sciences économiques,
1961.
3- LAJOIE Jean Louis, libertés, participation et ordre public en droit algérien, thèse pour le
doctorat d’Etat en droit, mention droit public, université jean moulin, Lyon III, faculté de
droit, 1983.
4- TEITGENE Henri, la police municipale, thèse, Nancy, 1934.
5- VINCENT-LEGOUX Marie- Caroline, l’ordre public, étude de droit comparé interne,
thèse pour le doctorat en droit, université de Bourgogne, faculté de droit et de science
politique, 1996.
C/ articles
E/ jurisprudence :
° Conseil d’etat :
1- C.E, 18 avril 1902, arrêt Commune de Néris-les-Bains, in http://www.legifrance.gouv.fr
2- C.E, 10 février 1905, arrêt TOMASO GRECO, In WEIL. P, LONG.M, BRAIBANT .G,
DELVOVE. P, GENEVOIS.B, Les grands arrêts de la jurisprudence administrative, 13éme
édition, DALLOZ, Paris, 2001, p 86.
89
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
° Conseil constitutionnel :
90
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
الفهرس
مقدمة9..................................................................................................................................................................:
المحور األول :مفهوم الضبط اإلداري6...........................................................................................................
أوال :تعريف الضبط اإلداري6..........................................................................................................................
/9التعريف التقليدي للضبط اإلداري4...........................................................................................................:
/0التعريف الحديث للضبط اإلداري2..........................................................................................................:
ثانيا :تميز الضبط اإلداري عن الضبط القضائي2.......................................................................................
/9أهمية التميز بين الضبط اإلداري والضبط القضائي9..................,.........................................................
/0معاير التميز بين الضبط اإلداري والضبط القضائي1.........................................................................:
أ /المعيار العضوي1.......................................................................................................................................:
ب /المعيار الموضوعي92...............................................................................................................................:
ثالثا :هدف الضبط االداري96..........................................................................................................................
/9العناصر التقليدية لفكرة النظام العام94...................................................................................................:
أ /األمن العام99...............................................................................................................................................:
ب /السكينة العامة02........................................................................................................................................
ج /الصحة العامة06........................................................................................................................................:
/0العناصر الحديثة لفكرة للنظام العام03....................................................................................................:
أ /النظام العام األخالقي أو األدبي02.........................................................................................................:
ب /النظام العام الجمالي"جمال الرونق والرواء"64.....................................................................................:
ج /الكرامة اإلنسانية61...................................................................................................................................:
المحور الثاني :أنواع الضبط اإلداري42.........................................................................................................
أوال :الضبط اإلداري العام والضبط اإلداري الخاص42...............................................................................
ثانيا :الضبط اإلداري الوطني والضبط اإلداري المحلي49..........................................................................
/9الضبط اإلداري العام الوطني49...............................................................................................................:
أ /رئيس الجمهورية49.......................................................................................................................................:
ب /الوزير األول46...........................................................................................................................................:
ج /الوزراء44......................................................................................................................................................:
91
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
92
تخصص قانون عام داخلي محاضرات في مادة الضبط اإلداري ألقيت على طلبة سنة أولى ماستر
93