Professional Documents
Culture Documents
لجنة المناقشة:
)ﻗﺎﻟوا ﺳﺑﺣﺎﻧك ﻻ ﻋﻠم ﻟﻧﺎ إﻻّ ﻣﺎ ﻋﻠﻣﺗﻧﺎ إ ّﻧك أﻧت اﻟﻌﻠﯾم اﻟﺣﻛﯾم(
اﻵﯾﺔ 32ﻣن ﺳورة اﻟﺑﻘرة.
* ﻛﻠﻣﺔ ﺷﻛر و ﻋرﻓﺎن *
* ﻓﺟزاﻛم اﷲ ﻛل ﺧﯾر *
وﺣﯾد و ﺟودي
إﻫداء
إﻟﻰ اﻟواﻟدﯾن اﻟﻌزﯾزﯾن أطﺎل اﷲ ﻓﻲ ﻋﻣرﻫﻣﺎ.
وﺣﯾد وﺟودي
ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻرات
ص :ﺻﻔﺣﺔ
اقترن ظهور مصطلح التنظيم le règlementألول مرة في عهد الملك شارل التاسع،
( ،)0651/0651حيث كان مجرد وسيلة للتمثيل والتعبير عن اإلرادة الملكية ،وألجل المحافظة على
مصالحها وممتلكاتها ،1وقد استمر العمل بهذا المصطلح إلى غاية عهد لويس الثالث عشر ،ثم بعد
ذلك عرف استعماله في نهاية النظم الفرنسية القديمة ،ما قبل ( )0571استعماال كثيرا ،بحيث تم
إيجاد 01عشرة أعمال في عهد لويس السادس كيفت على أنها تنظيمات وكان ذلك في 10جانفي
،20575و بمجيئ الثورة الفرنسية سنة ( )0511-0571التي أحدثت تغيي ار جذريا في نظام الحكم
في فرنسا من خالل تبنيها مجموعة من المبادئ الديمقراطية أقصت بذلك السلطة المطلقة للملوك3،كما
نتج عنها أيضا مبدأ سيادة األمة ،وهذا األخير الذي أصبح مجسدا و بشكل قانوني و دستوري من
خالل إعالن حقوق اإلنسان و المواطن مما ساهم في انتشاره إلى جل الدساتير األوروبية األخرى.4
لتكريس هذا المبدأ أعتبر البرلمان الوسيلة الوحيدة والمثلى للتعبير عنه حيث يعتبر هذا األخير مصدر
جميع السلطات ،مما مكنه من احتالل مرتبة سامية ،جعلته يحتكر عملية وضع النصوص القانونية
بصفة منفردة ،أما السلطة التنفيذية فقد كانت مهمتها تتمثل في تنفيذ تلك النصوص وذلك في الحدود
التي يرسمها لها البرلمان ،باعتباره صاحب االختصاص األصلي للتشريع في كل المجاالت والميادين
الخاصة لحياة األفراد ،باعتباره ممثال لسيادة األمة .5وبهذا تجسد مبدأ الفصل بين السلطات الذي
استندت عليه الثورة الفرنسية المتأثرة بأفكار وفلسفة جون جاك روسو ،لكن هذا المبدأ لم يدم طويال
نتيجة تحول البرلمانات إلى سلطات مستبدة أصابها الغرور والتعالي ،بسبب تضارب الكتل وتوجهات
-1سعاد بن سرية ،مركز رئيس الجمهورية في تعديل ،8117دار بلقيس للنشر ،الجزائر ،8101ص.010
-2سامي جمال الدين ،اللوائح اإلدارية وضمانة الرقابة اإلدارية ،دراسة تحليلية لسلطة اإلدارة في إصدار اللوائح التنفيذية
واللوائح المستقلة و مدى سلطة القضاء في الرقابة عليها بالمقارنة مع فرنسا ،منشأ المعارف ،مصر ،0178 ،ص .01
-3إيمان عبد المنعم عامر ،تاريخ أوروبا في العصر الحديث و المعاصر ،دار التعاون للطباعة ،مصر ،د.س.ن ،ص .011
-4عزاوي عبد الرحمن ،ضوابط توزيع االختصاص بين السلطتين التشريعية و التنفيذية (دراسة مقارنة في تحديد مجال كل
من القانون و الالئحة) ،الجزء األول ،ضوابط توزيع االختصاص بين السلطتين التشريعية و التنفيذية في النظرية العامة،
دار الغرب للنشر و التوزيع ،الجزائر ،8111 ،ص .815
-5سعيد بو الشعير ،النظام السياسي الجزائري ،الطبعة الثانية ،دار الهدى للنشر و الطباعة و التوزيع ،الجزائر،0111 ،
ص .810
5
مقدمة
األحزاب والتيارات ،1كما أنها لم تستطع مجابهة المشاكل واألزمات التي لحقت بأروبا خالل الحرب
العالمية األولى والثانية ،إضافة إلى األزمة االقتصادية العالمية ( ،)0181ولم تتمكن من مجرات
التحوالت والتطورات الكبيرة والسريعة كما أنها لم تستطع تلبية حاجيات المواطنين بسبب كثرتها.2
كل هذا راجع إلى طبيعة عمل البرلمان البطيء في أغلب مراحله و آلياته ،و الذي لم يستطع
من خالله التصدي لكل المشاكل و األزمات و خاصة المستجدات السريعة و المعقدة التي تحتاج
إلى تدخالت سريعة و دقيقة و تقنية من أجل مواجهتها ،3و هو ما احتوت عليه السلطة التنفيذية
باعتبارها تمتلك مؤسسات و هياكل إدارية و تقنية سريعة تستطيع من خاللها مجابهة كل التطورات
و الصعوبات ،4لذلك تقهقر دور البرلمان و تراجع لصالح السلطة التنفيذية ،و التي أضحت بذلك
تحتل مرتبة متميزة و قوية ،بعد استحواذها على أهم اآلليات و الوسائل التي كانت في حوزة البرلمان،
مما مكنها في مواجهة ومجابهة كل تلك الظروف ،هذا ما جعل السلطة التنفيذية تستأثر بميزة تقنية
من جهة ،تجعلها قوية و فعالة في مواجهة و حل األزمات و تستأثر من جهة أخرى بسلطة دستورية
تمكنها من اتخاذ ق اررات سريعة و مصيرية تمكنها من مواجهة األحداث و الوضعيات المعقدة.
لذلك جاءت ضرورة وضع دساتير تحد من االختصاص المطلق للبرلمان وتقوي اختصاص السلطة
التنفيذية من جهة أخرى ،عن طريق تحديد مجاالت وميادين يختص فيها البرلمان ،على أن يكون
ما عدا تلك الميادين من نصيب السلطة التنفيذية المجسدة في رئيس الجمهورية الذي يتمتع بمجال
واسع غير محصور أال وهو مجال السلطة التنظيمية.5
6
مقدمة
لقد جاء الدستور الفرنسي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بأسلوب جديد يتم بمقتضاه تحديد
مجال البرلمان على سبيل الحصر ،أما ما خرج عن ذلك فيدخل من اختصاص السلطة التنظيمية
المستقلة ،مرجحا في بذلك كفة السلطة التنفيذية التي أصبح اختصاصها عاما وواسعا في وضع
القواعد العامة والمجردة وكل هذا على حساب البرلمان الذي أصبح اختصاصه محصو ار ومقيدا في
مجال صنع القانون بالمفهوم الواسع.1أما المؤسس الدستوري الجزائري فقد تأثر باألسلوب الفرنسي،
حيث نجد أن النظام السياسي الجزائري في دستور 0151قد أسند المؤسس الدستوري مهمة التشريع
إلى المجلس التأسيسي ليصبح بذلك مجال التشريع مطلقا و مجال التنظيم مقيد فأخذ المؤسس
الدستوري بالقاعدة التقليدية في تحديد مواضيع السلطة التنظيمية على سبيل الحصر مع إبقاء جميع
المجاالت األخرى الخارجية عن المجال التنظيمي مجاالت مخصصة للقانون ،وبذلك اتسع مجال
القانون على سبيل مجال التنظيم .إلى أنه ونظ ار لعجز المجلس التأسيسي عن أداء مهامه ألسباب
مختلفة ،ساهم في استالء الحكومة على مجال التشريع طبقا لنص المادة 61من دستور 0151
التي تنص " :تمارس السلطة النظامية من رئيس الجمهورية" وكذلك المادة 61في حالة الخطر
الوشيك ،يمكن لرئيس الجمهورية اتخاذ التدابير االستثنائية لحماية استقالل األمة ومؤسساتها
الجمهورية.2وبالتالي إلى سيطرة رئيس الجمهورية على السلطة التنظيمية وخاصة بعد مشاركة السلطة
التنفيذية للمجلس في التشريع المادة 67من دستور 0151مما ساهم في شكل كبير في تركيز
السلطة في يد رئيس الجمهورية و تشخيصها في شخصه كما أكد دستور 0151أحادية السلطة
التنفيذية ،كما أن دستور 0155قام بتحديد مجال القانون على حساب الحصر و هذا على عكس
ما جاء به دستور ،0151الذي قيد مجال التنظيم و جعل التشريع مجال غير مقيد حسب المادة
060من دستور ،0155كما نصت المادة 01/000و 00على أنه يضطلع رئيس الجمهورية
طماوي ،السلطات الثالث في الدساتير العربية المعاصرة وفي الفكر السياسي اإلسالمي-دراسة مقارنة،-
-1سليمان محمد ال ّ
الطبعة الخامسة ،مطبعة جامعة عين شمس ،مصر ،0175 ،ص .071
-2عمار عباس ،العالقة بين السلطات في األنظمة السياسية المعاصرة والنظام السياسي الجزائري ،دار الخلدونية ،الجزائر،
،8101ص .85
7
مقدمة
بالسلطة التنظيمية و يسهر على تنفيذ القوانين و التنظيمات ،كما له أن يقدم بتعيين نائب له أو
أكثر ،أو تعيين وزير أول حيث يمارس الوظيفة التنفيذية بقيادة رئيس الجمهورية.1
وبالتالي فقد اتجه النظام في دستور 0155نحو نظام رئاسي وتم استبدال السلطات بالوظائف،
كالوظيفة السياسية التي يمارسها الحزب الواحد والوظيفة التشريعية التي يمارسها المجلس الشعبي
الوطني ،فالنظام السياسي في هذه المرحلة كان رئاسيا محضا وال أثر به لمبدأ الفصل بين السلطات.2
أما مرحلة ما بعد التعديل الدستوري ،0171فقد تم استحداث منصب رئيس الحكومة وأعيد
تنظيم السلطة التنفيذية ،وأسندت مهمة تنفيذ السياسة العامة للدولة لرئيس الحكومة وأصبح يخضع
لمسؤولية سياسة مزدوجة باعتباره مسؤوال أمام كل من رئيس الجمهورية والبرلمان ،غير أن التعديل
الدستوري لسنة 8117قد شمل أيضا تنظيم السلطة التنفيذية بفرعيها رئيس الجمهورية والوزير األول،
وكذلك هذا ما تبناه التعديل الدستوري الجديد األخير لسنة .8105
حيث ارتأينا طرح اإلشكالية التالية :فيما تتمثل ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ،وما
مدى حدود امتدادها؟
يكتسي موضوع السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية حساسية خاصة ،ودور فعال في التنظيم
ووضع القواعد العامة والمجردة ،لذلك سوف نحاول إبراز أهمية السلطة التنظيمية في النقاط التالية:
-اعتبارها كأهم العوامل المهمة في تحويل مبدأ الفصل بين السلطات ،من المفهوم المطلق إلى
المفهوم النسبي المرن.
-1ميلود ذبيح ،الفصل بين السلطات في التجربة الدستورية الجزائرية ،دار الهدى ،الجزائر ،8115 ،ص .65
-2مولود ديدان ،مباحث في القانون الدستوري والنظم السياسية ،دار النجاح للكتاب ،الجزائر ،د.س.ن ،ص .115
8
مقدمة
-تمكن السلطة التنظيمية من تغيير موازين توزيع االختصاص الدستوري بين السلطة التشريعية
والتنفيذية ،فبعدما كانت السلطة التشريعية هي صاحبة الوالية العامة في التشريع كأصل عام ،فانه
استثناءا قد أجيز للسلطة التنفيذية حق التشريع في بعض المسائل عن طريق التشريع بأوامر ،وهذا
بعد عجز السلطة التشريعية عن مجابهة ومسايرة مقتضيات العصر الحالي الذي يتميز بالسرعة
والتغير ،وهو ما أدى إلى تكسير حاجز انفراد البرلمان بعملية التشريع بصفة منفردة ،بل أصبح هناك
قطب ثاني منافس له.
لدراسة هذا البحث قمنا باالعتماد على بعض المناهج منها ،المنهج الوصفي التحليلي لجمع
معلومات حقيقية ومفصلة عن السلطة التنظيمية محل البحث ،وكذا لتحليل بعض المواد الدستورية
وبعض اآلراء ،وكذا على المنهج االستقرائي باعتباره األداة التي من خاللها يمكن اعتبار أن للسلطة
التنظيمية لرئيس الجمهورية مرك از قانونيا ،وتخضع لجملة من القيود كما تتمتع بمجموعة من
الضمانات ،باإلضافة إلى المنهج المقارن الذي بيناه من خالل إخ ارج التنظيم من دائرة التنفيذ ،إلى
دائرة التشريع ومنافسة البرلمان ،كما اعتمدنا على المنهج التاريخي باعتبار أن نشأة السلطة التنظيمية
كانت عبر عدة مراحل وأحقاب تاريخية.
لإلجابة على اإلشكالية المطروحة كان لزاما علينا التطرق إلى ماهية السلطة التنظيمية لرئيس
الجمهورية ومدى نطاقها (فصل أول) ،والى امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر
وخضوعها للرقابة والتأمين (فصل ثان).
9
الفصل األول
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى نطاقها
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
شكلت السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية أحد العوامل المهمة في ظهور القانون الدستوري
بشكله الحديث ،وذلك لما لعبته من دور مهم في تراجع أو تغيير تطبيق العديد من المبادئ
واألسس التقليدية التي يرتكز عليها القانون الدستوري ،أما في الجزائر فقد أسندت السلطة التنظيمية
لرئيس الجهورية الذي يمارسها بشكل متحرر ومستقل ،نظ ار ألهمية هذه السلطة.
يعتبر دستور الجمهورية الخامسة الفرنسي لسنة8591دستو ار متميزا ،نظ ار لتبنيه سياسة
نظامية جديدة لم تكن سائدة في األنظمة السياسية التي تلته ،حيث تبنى نظاما يقيد سلطة البرلمان
في التشريع والتي كانت سلطته مطلقة،ويتجلى ذلك من خالل تحديد المجاالت والموضوعات التي
بإمكانه التشريع فيها على سبيل الحصر فقط ،1وجعل ما يخرج عنها من اختصاص السلطة
التنفيذية والذي أصطلح عليه بالسلطة التنظيمية .2 Pouvoir réglementaire
بالرجوع إلى النظام الدستوري الجزائري نجده سلك نفس الطريق الذي انتهجه المؤسس
الدستوري الفرنسي ،حيث أنه بعد استقالل الجزائر وبمجرد استردادها لسيادتها قامت بإسناد السلطة
التنظيمية و ممارستها إلى رئيس الجمهورية ،وهذا من أول دستور جزائري منه حيث نصت المادة
95من دستور 8595على أنه" le pouvoir réglementaire est exercé par le
3"président de la républiqueوالمادة 888فقرة 81من دستور 8599على أنه" :يضطلع
رئيس الجمهورية بالسلطة التنظيمية" ،4ونصت المادتين 889فقرة 18من دستور 58515و
-1ذوادي عادل ،السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ،مذكرة ماجستير في العلوم القانونية ،تخصص قانون دستوري ،كلية
الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة الحاج لخضر ،باتنة ،2185/2182 ،ص.25
2
- Art21, de la constitution française de 1958, modifié et complété, in site : www.légifrance-gov.fr, consulté :
25mai 2017. Dispose : « le premier ministre dirige l’action du gouvernement, il est responsable de la
défense national, il assure l’exécution des lois, sous réserve des dispositions de l’article 13, il exerce le
pouvoir réglementaire… ».
3
-Art53,de la constitution algérienne de 8 septembre 1963, journal officiel, N64, publié le 10 septembre 1963,
p.888.
-4المادة 88/888من دستور ،8599الصادر بموجب مرسوم رئاسي ،59-99مؤرخ في 22نوفمبر ،8599ج .ر.
ج .ج.د.ش ،العدد ،59لسنة ،8599الصادر في 22نوفمبر ،8599ص .8252
-5المادة 8/889من دستور 25فيفري ،8515المنشور بموجب المرسوم الرئاسي ،81-15مؤرخ في 21فيفري
،8515ج.ر.ج.ج.د.ش ،العدد ،15الصادر في أول مارس ،8515ص259.
10
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
المادة 829فقرة 18من دستور 8559على أنه" :يمارس رئيس الجمهورية السلطة التنظيمية
في المسائل غير المخصصة للقانون" ،1وكذلك نصت عليه المادة 895من التعديل الدستوري
لسنة 2189على أنه" :يمارس رئيس الجمهورية السلطة التنظيمية في المسائل غير المخصصة
للقانون" ،2و من خالل هذا يتبادر إلى الذهن تساؤل ذو شقين ،بحيث يتعلق أولهما بماهية السلطة
التنظيمية لرئيس الجمهورية؟ ويتعلق ثانيهما بمدى امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية؟
-1المادة 8/829من دستور ،8559المنشور بموجب المرسوم الرئاسي ،951-59مؤرخ في 9ديسمبر ،8559المعدل
والمتمم ،ج.ر.ج.ج.د.ش ،العدد ،99الصادر في 11ديسمبر لسنة ،8559ص.29
-2المادة 8/895من التعديل الدستوري الصادر بمقتضى القانون رقم ،81-89المؤرخ في 19مارس ،2189
ج.ر.ج.ج.د.ش ،العدد ،89الصادر في 19مارس ،2189ص .21
11
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
المبحث األول
من خالل هذا المبحث سنقوم بدراسة مفهوم السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية (مطلب
أول) ،كما سنتطرق إلى أهم أنواع السلطة التنظيمية وكذا تمييزها عن القانون (مطلب ثان).
-1بن دحو نور الدين ،السلطة التنظيمية المستقلة كآلية مدعمة لمركز رئيس الجمهورية في الجزائر ،أطروحة لنيل شهادة
الدكتوراه في القانون العام ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة تلمسان ،2189/2189 ،ص.81
-2المادة 891والمادة 898من التعديل الدستوري .2189
12
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
المطلب األول
األصل أن البرلمان هو صاحب الوالية العامة في التشريع ،غير أنه واستثناءا قد أجيز
للسلطة التنفيذية حق التشريع في بعض المسائل عن طريق التشريع بأوامر ،هذا ما يدعم مركز
رئيس الجمهورية في المنظومة القانونية الجزائرية ،والذي من خالله يسمح له بمنافسة البرلمان في
وضع القواعد العامة والمجردة والمنظمة لحياة األفراد والمجتمع ككل ،وبالتالي نظ ار ألهمية السلطة
التنظيمية المستقلة ودورها الفعال في التنظيم ووضع القواعد العامة والمجردة ،ارتأينا في هذا
المطلب بالقيام بمحاولة تحديد بعض التعاريف القريبة من مصطلح السلطة التنظيمية المستقلة،
نظ ار لوجود عدة تعاريف له (فرع أول) ،باإلضافة أننا سوف نقوم بالتطرق إلى عناصر السلطة
التنظيمية (فرع ثان) ،والى خصائص السلطة التنظيمية (فرع ثالث).
13
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
الفرع األول
يقصد بالسلطة التنظيمية ،ذلك االختصاص المنوط لهيئات السلطة التنفيذية ،وذلك عن
طريق سن قواعد قانونية عامة ومجردة ،ال تختلف من الناحية الموضوعية والمادية عن القوانين
الصادرة عن السلطة التشريعية ،بحيث يمارسها رئيس الجمهورية عن طريق المراسيم الرئاسية.1
كما تعرف السلطة التنظيمية أيضا ،بأنها تلك النصوص أو الق اررات التنظيمية العامة،
والتي تتضمن قواعد عامة ومجردة تتعلق بجملة من الحاالت والمراكز القانونية واألفراد غير
المحددين بذواتهم ،بهدف خلق أو تعديل أو إلغاء المراكز القانونية ،وبالتالي فهو بمثابة نص
تشريعي تختص بتشريعه السلطة التنفيذية ووفقا ألحكام الدستور ،2وعرفت أيضا السلطة التنظيمية:
« C’est le pouvoir de statuer par voie générale, accordé à des autorités autres que le parlement, soit
nationales, soit locales. »3
« Le règlement était une règle de droit de portée générale édictée par une autorité administrative en
dehors de la fonction législative. Cette autorité ne participait à l’exercice de la souveraineté. » 4
كما عرفها بعض الفقهاء أيضا بأنها ،صالحية رئيس الجمهورية في إصدار ق اررات تنظيمية
في شكل مراسيم ،5وبالعودة إلى نص المادة 829من القانون الدستوري الجزائري القديم6والمادة
8/895من التعديل الدستوري 2189والتي تنص على":يمارس رئيس الجمهورية السلطة
-1بعلي محمد الصغير ،القانون اإلداري (التنظيم اإلداري) ،دار العلوم للنشر والتوزيع ،الجزائر ،2119،ص.59
-2بلحاج نسيمه " ،العالقة بين النصوص التشريعية والتنظيمية (...ضوابط دستورية...ضمانات المشروعية ،")...مجلة
الفكر البرلماني ،العدد ،85الجزائر ،سنة ،2111ص.21
3
-Jean Rivero, Jean Waline, Droit Administratif, 21éme édition, Dalloz, Paris, 2006, P269.
4
-Arnaud haquet, La loi et le règlement, paris, L .G.D .J, 2007, P 10.
-5قصير مزياني فريدة ،مبادئ القانون اإلداري الجزائري ،مطبعة عمار قرفي ،الجزائر ،2118 ،ص.899
-6المادة 829من دستور .8559
14
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
الفرع الثاني
بعد الرجوع إلى النصوص الدستورية الجزائرية المتعاقبة نجد أن المؤسس الدستوري ،قد
خول للبرلمان ممارسة سلطة تنظيمية مستقلة و متميزة تسمح له بإعداد نظامه الداخلي،بعيدا عن
تدخل السلطة التشريعية ،وفي مقابل ذلك هو ملزم باحترام مبدأ الفصل بين السلطات ،وكل هذا
يندرج ضمن سلطة تنظيم المسائل المتعلقة بالبرلمان،أي هي سلطة برلمانية ،2ولقد خص المشرع
الجزائري منذ االستقالل إلى منح سلطة إصدار التنظيم لرئيس الجمهورية ،في المسائل غير
المخصصة للقانون،فقد نصت عليه المادة 3/341من التعديل الدستوري لسنة ":2189يمارس
رئيس الجمهورية السلطة التنظيمية في المسائل غير المخصصة للقانون".وبالتالي فقد حددت
هذه المادة الجهة المختصة في ممارسة السلطة التنظيمية و المتمثلة في قائد السلطة التنفيذية3،و
هو اختصاص يحتكره و لصيق بشخصيته،كما يعتبر هذا االختصاص من بين أهم نقاط قوة رئيس
الجمهورية في مواجهة و منافسة البرلمان في مجال التشريع،بحيث ال يمكن للبرلمان التدخل في
االختصاص الرئاسي وفي مقابل ذلك يمكن لرئيس الجمهورية مشاركة البرلمان في مراحل
15
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
صنعه،وفي المجاالت و الميادين المحصورة له وذلك عن طريق التشريع باألوامر 1،الذي يعتبر
2
تشريع ثانوي إلى جانب التشريع البرلماني ،وبالتالي فإن السلطة التنظيمية هي سلطة رئاسية .
ثانيا:سلطة عامة
تتصف التنظيمات المستقلة بالعمومية والتجريد،وهي تنظم مراكز قانونية عامة وهي متعلقة
بجملة من الحاالت والمراكز القانونية واألفراد غير المحددين بذواتهم ،ومهمتها خلق أو تعديل أو
إلغاء الحاالت والمراكز القانونية العامة،3وبالتالي تعتبر خاصية العمومية خاصية أصيلة من
خصائص القانون،لذا يعتبر رئيس الجمهورية صاحب القاعدة العامة في إنشاء القواعد العامة
والمجردة،والبرلمان هو صاحب االستثناء في ذلك².
فالمقصود بعمومية التنظيم هو اشتماله على خطاب موجه إلى األشخاص كافة وبصيغة
التعميم ،ولذلك يتجدد العمل به كلما توفرت الشروط الخاصة النطباقه،إلى أن هذا التجديد بالنسبة
لقواعد التنظيم ال يعني عدم قابلية هذه القواعد للتعديل أو اإللغاء،ومع العلم أن عمومية النصوص
التنظيمية ال تعني انطباقها على كافة األفراد ،فقد تنطبق عليهم جميعا،وترى على البعض
منهم،ولهذا يتميز القرار التنظيمي على القرار الفردي بصفة العمومية والتجريد.4
ومنه نستنتج أن النصوص التنظيمية هي نصوص تخاطب الجميع ،مثلها مثل النصوص
التشريعية ،وبالتالي فهي سلطة عامة.
16
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
يقصد بالسلطة التنظيمية المستقلة القائمة بذاتها،تلك السلطة التي ينفرد بها رئيس
الجمهورية دون سواه،وهذا بصورة ينظم فيها مواضيع مستقلة،وخارجة عن مسألة تنظيم وتنفيذ
القوانين،فالمراسيم التنظيمية المستقلة نجدها تتضمن معالجة مواضيع تختلف عن المواضيع
المحددة في القانون،وعن المواضيع التي جاءت لتنفيذ القانون،فهي مواضيع ال توجد في
القانون،1وبالتالي فإن السلطة التنظيمية هي سلطة مستقلة بذاتها.
ففي الجزائر مثال لم ينص دستور 8595وال أمر 8599على اللوائح المستقلة،بحيث يمكن
أن نقول في هذا الصدد أنه ومن الناحية الواقعية كانت هناك ممارسة لهذه السلطة لكنه لم ينص
عليها شكليا،أما في دستور 8599فإن لرئيس الجمهورية كامل السلطة التنظيمية المستقلة.2
أما فيما يخص دستور 8515فإنه قد نص على أن الممارس الفعلي للسلطة التنظيمية
المستقلة هو رئيس الجمهورية ،وهذا حسب المادة 39/99والمادة ،48/889باإلضافة إلى عدم
إمكانية تفويض هذه السلطة لرئيس الحكومة.5
أما دستور 8559فقد حافظ على نفس ما جاء به دستور ،8515بحيث تنص 829
على":يمارس رئيس الجمهورية السلطة التنظيمية في المسائل غير المخصصة للقانون".وهذا
عدم إمكانية التفويض حسب المادة 19والمادة 9/99والمادة19فقرة5و.69
-1بن نملة صليحة ،مرونة نطاق السلطة التنظيمية في الجائر ،مذكرة ماجستير ،فرع اإلدارة والمالية،كلية الحقوق والعلوم
اإلدارية ،جامعة الجزائر ،سنة ،2111ص.11،19
-2أنظر المواد ،889،889،885،888 :من دستور .8599
-3المادة 9/99من دستور 8515تنص ..." :يوقع المراسيم الرئاسية"...
-4المادة /889من دستور 8515تنص " :يمارس رئيس الجمهورية السلطة التنظيمية في المسائل غير المخصصة
للقانون".
-5للتوضيح أنظر المادة 15من دستور .8515
-6مواد من دستور .8559
17
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
لقد تم تعديل دستور وكان أخره سنة ،2189بحيث أن هذا التعديل قد استبقى على ما جاء
به دستور ،8559وهذا ما نجده في نص المادة .1895
من خالل كل هذا يتبن لنا أن السلطة التنظيمية المستقلة القائمة بذاتها ،تساهم في منح
رئيس الجمهورية صالحية تنظيم الم ارفق العامة،والذي أصبح بعد ذلك بمثابة المجال الطبيعي
لعمل الحكومة،كما تعتبر هذه السلطة كفئة تمارس بكل حرية دون االستناد إلى القانون،وبالتالي
فإن السلطة التنظيمية المستقلة تعد بمثابة تشريع أصلي تصدره السلطة التنفيذية دون حاجتها
2
للقانون،باعتبارها تستند مصدرها من أحكام الدستور.
الفرع الثالث
أي أنه ومن أجل اعتبار السلطة التي يمارسها رئيس الجمهورية سلطة تنظيمية ،يجب أن
تكون هذه السلطة قانونية،أي يجب أن يكون غرضها إحداث أثر قانوني 3،وهذا من خالل إنشاء
مركز قانوني عام جديد ،أو بإلغائه أو تعديله،4بمعنى انه يجب أن تكون التنظيمات الرئاسية التي
يصدرها رئيس الجمهورية ذات طابع نهائي وتنفيذي ،exécutoireأي بإمكانها إحداث أثر
قانوني.
18
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
إال أنه وفي الواقع فإن السلطة التنظيمية ليست السلطة القانونية الوحيدة التي يتمتع بها
رئيس الجمهورية ،ذلك أن له سلطات أخرى يمكنه من خاللها التأثير على النظام القانوني الساري
في الدولة بأكمله ،وليس فقط إمكانية التأثير في المراكز القانونية لألشخاص.
ومن بين هذه الصالحيات التي يختص بها رئيس الجمهورية بممارستها ،نذكر منها على
سبيل المثال ،سلطة التنسيق التي يمارسها رئيس الجمهورية عن طريق إصدار األوامر والتوجيهات
.
واإلرشادات ،وذلك في شكل منشورات وتعليمات
إن المنطق الذي كان يقضي بتخصيص السلطة التشريعية للبرلمان ،باعتباره ممثل
الشعب،1قد اصطدم في الواقع بمعطيات دستورية وبظروف واقعية،2بحيث سمحت هذه المعطيات
لرئيس الجمهورية بأن يشارك البرلمان في مهمة التشريع وهذا عن طريق األوامر التي يصدرها،
وبالرجوع إلى النصوص الدستورية المنظمة لعمل السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ،يتضح لنا
أنها تتم بشكل مستقل،فهي ال تحتاج إلى إذن أو ترخيص أو موافقة ،واألهم من ذلك أنها غير
مقيدة ،وهذا ما يعني أن السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية هي سلطة أصيلة وهي سلطة
3
استطاعت أن تفرض نفسها على أرض الواقع ،وهذا نظ ار لتعايشها واستجابتها لجميع الظروف.
إن مهمة رئيس الجمهورية المنصوص عليها في الدستور هي السهر على استم اررية الدولة
والحفاظ على أركانها وعلى توفير كل الشروط الالزمة للتسيير العادي للمؤسسات والنظام
-1كيحل كمال ،التشريع بأوامر في الدستور الجزائري ،الملتقى الدولي الثاني حول التعديالت الدستورية في البلدان العربية،
كلية الحقوق والعلوم اإلدارية ،جامعة االغواط ،أيام9-9-9ماي ،2111ص.12
-2سعيدي فرحات ،التشريع المفوض والمنافس في الجزائر منذ ،8595مذكرة لنيل شهادة ماجستير في القانون ،فرع اإلدارة
والمالية ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر ،2112 ،ص.95
-3ذوادي عادل ،مرجع سابق ،ص.25
19
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
الدستوري ،وبالحفاظ على سالمة التراب الوطني ،ووحدة الشعب ،وحماية الحقوق
1
والحريات.
ومما ال شك فيه أن كل هذه المهام لن تتجسد إال بوجود تنظيم محكم يتم من خالله ضبط الهيئات
والمؤسسات من جهة والوظائف والمهمات من جهة أخرى ،وهذا من خالل استعراض وتوضيح
مختلف الوظائف والمهمات الالزمة للقيام بها ،وتحليلها إلى عناصر بغية معرفة دور وأهميته في
تحقيق األهداف وانجاز المهام المطلوبة ،ومن أجل استبعاد كل ما هو غير ضروري من األعمال
واإلجراءات.
وتعتبر سلطة التعيين بمثابة الوسيلة الالزمة للتمكن من توزيع الوظائف والمهمات ،وهذا ما
جعلها بمثابة النتيجة المنطقية لسلطة التنظيم بمفهومها العام.2
المطلب الثاني
باعتبار أن رئيس الجمهورية مكلف حسب الدستور بالسهر على استم اررية الدولة والعمل على
توفير الشروط المالئمة للسير الحسن والعادي للمؤسسات والنظام في الدولة ،وأيضا بالحفاظ على
سالمة التراب الوطني ،ووحدة الشعب واألمة ،وضمان حماية الحريات والحقوق األساسية
للمواطنين ،3ودلك سواء في الحياة العادية للدولة –السلم والهدوء ،-وفي حالة عدم االستقرار
للدولة.
20
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
ومن خالل هدا نتساءل :عن أنواع السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية؟
حيث ستناول في الفرع األول :السلطة التنظيمية العادية (أوال) ،السلطة التنظيمية االستثنائية
(ثانيا).
ومن جهة أخرى نظ ار للتشابه الكبير الموجود بين النصوص التنظيمية والنصوص التشريعية
ارتأينا إلى التطرق للتمييز بينهما .ويتم توضيح ذلك من خالل الفرع الثاني من هذا المطلب.
أهمية التمييز بين النصوص التنظيمية والنصوص التشريعية (أوال) ،معيار التمييز بين
21
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
الفرع األول
تنقسم السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ،بحسب الظروف التي تمارس فيها الى نوعين وهما:1
هي تلك السلطة التي يمارسها رئيس الجمهورية في ظل الظروف العادية للدولة ،في حالة
االستقرار والهدوء.
نجد أن جميع النصوص الدستورية الجزائرية المتعلقة بالسلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية
لم تشر إلى أنواع التنظيمات التي يمكنها أن تصدرها في الظروف العادية ،بل اكتفت بالنص على
أن مجالها تلك المسائل غير المخصصة للقانون.
إن هذه النصوص الدستورية جاءت غير واضحة مما شكل الغموض لدى المؤسس
الدستوري الجزائري فيما يخص السلطة التنظيمية العادية لرئيس الجمهورية .وفي رأينا لتجاوز هذا
الغموض البد أن نرجع إلى تلك التنظيمات التي داوم رئيس الجمهورية على إصدارها في الظروف
العادية للدولة ،2ونجد أنها تتخذ شكلين ،أحدهما سلبي والثاني إيجابي.
أمثلة عن هاذين الشكلين :مثال عن المظهر اإليجابي :إنشاء المرافق العامة وتنظيمها.3
-1عمرو أحمد حسبو" ،اللوائح الصادرة في الظروف العادية وفقا لدستور دولة االمارات العربية المتحدة" ،مجلة الفكر
الشرطي ،شرطة الشارقة ،العدد األول ،اإلمارات ،8559 ،ص88
-2ذوادي عادل ،مرجع سابق ،ص.92.98
-3مرسوم رئاسي ،رقم ،599/19مؤرخ في 21اكتوبر ،2119المتضمن إنشاء المحافظة العامة للتخطيط واالشراف
ومهامها وتنظيمها ،ج .ر.ج.ج.د.ش ،عدد ،92الصادرة سنة .2119
22
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
مثال عن المظهر السلبي :تنظيم ممارسة بعض الحريات العامة وذلك بغية الحفاظ على
استقرار المجتمع وسالمة أفراده.1
السلطة التنظيمية االستثنائية هي تلك السلطة التي يمارسها رئيس الجمهورية في حالة
وجود خطر داهم وجسيم وحال قد يمس بالدولة ومؤسساتها .2وبعبارة أخرى ":السلطة التنظيمية
االستثنائية هي تلك السلطة التي خول رئيس الجمهورية بممارستها فقط في سبيل مواجهة ما قد
يط أر على الدولة في ظروف استثنائية وغير عادية ".3
وبالرجوع إلى الدستور الجزائري نجد أن المؤسس الدستوري الجزائري تولى تحديد الظروف
والحاالت التي تسمح لرئيس الجمهورية بممارسة سلطته التنظيمية االستثنائية في ثالث حاالت
متفاوتة فيما بينها من حيث درجة الخطورة ،وهي كاآلتي:
نصت عليها المادة 501من الدستور الجزائري لسنة ،6052حيث كانت سابقا المادة 15
في دستور .5112
نصت المادة 501على ما يلي " :يقرر رئيس الجمهورية إذا دعت الضرورة الملحة حالة
الطوارئ أو الحصار ،لمدة معينة بعد اجتماع المجلس األعلى لألمن ،واستشارة رئيس مجلس
-1مرسوم رئاسي ،رقم ،881/19مؤرخ في 88افريل ،2119المتعلق بتأمين المواد الغذائية ،ج.ر.ج.ج .د ،ش ،لسنة
،2119عدد.29
-2مزياني حميد ،عن واقع االزدواجية التشريعية والعمل التشريعي في النظام الدستوري الجزائري (دراسة مقارنة) ،مذكرة لنيل
شهادة الماجستير في القانون ،فرع تحوالت الدولة ،مدرسة الدكتوراه للقانون األساسي والعلوم السياسية ،كلية الحقوق والعلوم
السياسية ،جامعة مولود معمري ،تيزي وزو ،2188،ص.11
-3ذوادي عادل ،مرجع سابق ،ص.99
23
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
األمة ،ورئيس المجلس الشعبي الوطني ،والوزير األول ،ورئيس المجلس الدستوري ،ويتخذ كل
التدابير الالزمة الستتاب الوضع.
وال يمكنه تمديد حالة الطوارئ أو الحصار ،إال بعد موافقة البرلمان المنعقد بغرفتيه المجتمعين
1
معا".
نالحظ من نص المادة أن المؤسس الدستوري الجزائري لم يميز بين حالة الطوارئ وحالة
الحصار ،بل أخضعهما إلى نفس الشروط واإلجراءات.
على خالف ذلك نجد أن معظم الفقهاء والشراح يتفقون على اختالف مفهوم وهدف كل حالة،
فحالة الطوارئ أقل خطورة وتضييقا على الحريات من حالة الحصار.
فإعالن حالة الطوارئ يترتب عليها تقوية صالحيات كل من وزير الداخلية والوالة ،بينما
إعالن حالة الحصار التي تعتبر أكثر خطورة من حالة الطوارئ ،يترتب على إعالنها انتقال
الصالحيات األمنية إلى السلطات العسكرية.2
لكن هناك فئة أخرى ترى أن حالة الحصار هي حالة قريبة جدا من حالة الطوارئ ،ولذلك
نص عليها المؤسس الدستوري الجزائري في مادة واحدة ولم يميز بينهما.3
يعود سبب إعالن الحالتين إلى قيام الضرورة الملحة بفعل حوادث ووقائع من شأنها تهديد
أمن الدولة والتي يعود تقرير مدى وجودها إلى السلطة التقديرية لرئيس الجمهورية.
24
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
_ إجماع المجلس األعلى لألمن الذي يرأسه رئيس الجمهورية لمناقشة الوضع وابداء رأي حوله.
_ استشارة رؤساء المؤسسات والهيئات الدستورية (غرفتي البرلمان ،الوزير األول ،المجلس
الدستوري).1
نظ ار للقيود التي ترد على الحريات العامة بفعل هاتين الحالتين ،فإن الدستور جعلهما
مؤقتتين ،أي لمدة محددة ومعينة تبين في المرسوم الرئاسي المعلن لكل منهما ،2كما ال يمكن تمديد
3
أي منهما اال بموافقة البرلمان المنعقد بغرفتيه حماية لتلك الحريات.
ونظ ار ألهميتها نصت المادة 502من الدستور على أن ":يحدد تنظيم حالة الطوارئ وحالة
الحصار بموجب قانون عضوي ".4
ب-الحالة االستثنائية.
هي حالة يقررها رئيس الجمهورية إذا كانت البالد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب
مؤسساتها الدستورية ،أو استقاللها ،أو سالمة ترابها ،5وهذه الحالة من السلطات القوية والخطيرة
-1المادة 8/859من التعديل الدستوري ":2189يؤسس مجلس أعلى لألمن يرأسه رئيس الجمهورية ،مهمته تقديم اآلراء
الى رئيس الجمهورية في كل القضايا المتعلقة باألمن الوطني".
-2للمزيد من التوضيح أنظر المرسوم الرئاسي رقم ،859-58المؤرخ في 19جوان ،8558يتعلق بحالة الحصار
والمرسوم الرئاسي رقم ،99-52المؤرخ في 5فيفري ،8552المتعلق بحالة الطوارئ.
-3بعلي محمد الصغير ،مرجع سابق ،ص .95
-4المادة 819من التعديل الدستوري .2189
-5ذوادي عادل ،مرجع سابق ،ص.91
25
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
التي يخولها الدستور الجزائري لرئيس الجمهورية ،1حيث نجد أن المؤسس الدستوري الجزائري تأثر
بجميع ما جاء في المادة 89من الدستور الفرنسي لسنة ،28591وذلك إبتداءا من دستور 8595
إلى غاية التعديل الدستوري .32189
تنص المادة 819من دستور 2189على " :يقرر رئيس الجمهورية الحالة االستثنائية
إذا كانت البالد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو استقاللها أو
سالمة ترابها .« ...
من خالل نص المادة نجد أن الحالة االستثنائية تعتبر أشد تهديدا وخطورة من حالتي
الحصار والطوارئ لذلك خول لرئيس الجمهورية أن يتخذ إجراءات استثنائية من أجل المحافظة
نصت عليها المادة 501من التعديل الدستوري ،46052وتقصد بحالة التعبئة العامة،
الحالة التي يدعو رئيس الجمهورية في ظلها إلى تجنيد كل قدرات الدولة ،5وذلك سواء على
المستوى الداخلي والخارجي ،فعلى المستوى الداخلي يكون عن طريق تحول القوات المسلحة
-3أنظر المواد 11من دستور ،5121المادة 560من دستور ،5192المادة 19من دستور ،5111والمادة 11من
دستور .5112
-4المادة 811من التعديل الدستوري " :2189يقرر رئيس الجمهورية التعبئة العامة في مجلس الوزراء بعد االستماع
إلى المجلس األعلى لألمن واستشارة رئيس مجلس األمة ورئيس المجلس الشعبي الوطني".
-5فوزي أوصديق ،الوافي في شرح القانون الدستوري الجزائري ،الجزء الثالث ،الطبعة الثالثة ،د.م.ج،2111،ص.851
26
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
للجمهورية الجزائرية من حالة السالم إلى حالة التأهب واالستعداد وتجنيد كل من يقدر على حمل
السالح وتدريبهم.
أما على المستوى الخارجي يكون من خالل تفعيل السياسة الخارجية للدولة وعالقتها بالدول
وحشد الدعم الدولي.1
د-حالة الحرب.
يتم إعالن حالة الحرب من طرف رئيس الجمهورية ،في حالة وقوع عدوان فعلي مسلح أو
وشيك الوقوع ،مثال كالتحضيرات العسكرية ،وحشد الجيش ،وممارسة بعض األعمال التخريبية من
قوة خارجية ،2وهذا ما نصت عليه المادة 15من ميثاق األمم المتحدة" :ليس في هذا الميثاق ،ما
يضعف أو ينقص الحق الطبيعي للدول فرادى أو جماعات في الدفاع عن أنفسهم إذا إعتدت قوة
مسلحة على أحد أعضاء األمم المتحدة إلى أن يتخذ مجلس األمن التدابير الالزمة لحفظ األمن
3
والسلم الدولي".
وهذا ما كرسه أيضا المؤسس الدستوري الجزائري بناءا على ما نص عليه ميثاق األمم
المتحدة وذلك في المادة 501من التعديل الدستوري 6052التي تنص على ما يلي ":إذا وقع
عدوان فعلي
على البالد أو يوشك أن يقع حسبما نصت عليه الترتيبات المالئمة لميثاق األمم
المتحدة ،يعلن رئيس الجمهورية الحرب"...
من خالل نص المادة نستنتج أن رئيس الجمهورية ال يعلن حالة الحرب إال بعد:
27
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
وفي خالل حالة الحرب فإن رئيس الجمهورية يتولى جميع السلطات ،ويتمتع بكل الضمانات
وتعطى الصالحيات للسلطات العسكرية وللمحاكم العسكرية.1
ومن خالل هذا يمكننا القول أنه إذا كان األصل في مصدر الحالة االستثنائية أن يكون
الفرع الثاني
مهما كان التنظيم يتمتع بأهمية ،فإنه في مركز أدنى من القانون ،ذلك أن التنظيم من صنع
السلطة التنفيذية ومهمتها األساسية تتمثل في تنفيذ القوانين ،أما القانون فهو تعبير عن إرادة األمة
ممثلة في البرلمان.2
للتمييز بين النصوص التنظيمية والنصوص القانونية سنتطرق إلى توضيح أهمية التمييز
بينهما(أوال) ،وكذا معيار التمييز بينهما(ثانيا).
تكمن أهمية التمييز بينهما في كون أن النصوص التنظيمية تتشابه إلى حد كبير مع
النصوص التشريعية ،وهي في حقيقتها تشريع (النصوص التنظيمية) ،كالتشريع البرلماني ،لكنها
تصدر من طرف السلطة التنفيذية ،وأيضا مضمون النص التنظيمي هو نفسه مضمون النص
28
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
التشريعي ،وكذلك أيضا طريقة تفسير النصوص التنظيمية هي نفس الطريقة التي تفسر بها
النصوص التشريعية.1
نظ ار للتشابه الموجود بين القانون والتنظيم ،إال أن التنظيم يختلف عن التشريع في عدة جوانب
نذكر منها:
كأصل عام معظم الدساتير تعطي سلطة إصدار التنظيمات للسلطة التنفيذية ،وتكلف السلطة
التشريعية بوظيفة إصدار القوانين.
كأصل عام النص التشريعي (القانون) ،أعلى وأقوى درجة من النص التنظيمي ،ألن
التشريع يصدر عن إرادة األمة ممثلة في غرفتي البرلمان ،وكذلك كأصل عام يمكن للنص
التشريعي أن يعدل أو يلغي النص التنظيمي ،لكن إستثناءا يمكن للنصوص التنظيمية أن تتعدى
على النصوص التشريعية ف تصبح في مرتبة التشريع ،كالتنظيمات في الحالة االستثنائية أين تصدر
السلطة التنظيمية لوائح الضرورة ولوائح التفويض التي ترتقي إلى مرتبة التشريع ،فتستطيع تعديله
2
أو إلغائه.
مجال التنظيم أوسع نطاقا من مجال التشريع ،والموضوعات والمسائل التي تنظمها
النصوص التشريعية محدودة ومحددة على سبيل الحصر بنصوص دستورية على خالف السلطة
29
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
التنظيمية التي تملك اختصاصا عاما في التشريع وتمارس في نطاق ميدان التنظيم اختصاصا
1
مطلقا ،وهذا فيما يتعلق بالنظامين الدستوريين الجزائري والفرنسي(دستور)5111
النصوص التنظيمية وفقا للمعيار الشكلي تصدرها السلطات التنفيذية المختصة ومنه فإنها
تخضع لرقابة القضاء اإلداري ،فيما تعلق بالتفسير وفحص المشروعية ودعوى اإللغاء والتعويض.
بينما النصوص التشريعية فال تخضع للقضاء إال من حيث الرقابة على دستورية القوانين ،وتنظم
بطرق مختلفة إن وجدت ويمكن أن تكون رقابة سياسية إذا بوشرت من طرف هيئة سياسية ،ويمكن
2
أن تكون قضائية إذا مارستها المحاكم.
ظهرت عدة معايير للتفرقة بين النصوص التنظيمية والنصوص التشريعية ،ويمكن ردها إلى
ثالث نظريات أساسية على النحو التالي:
أ-النظرية الموضوعية
تقوم هذه النظرية على أساس أن القانون هو القاعدة القانونية العامة التي تضع األصول
والمبادئ العامة ،3أو هو كل قاعدة قانونية عامة ،ويتزعم هذه النظرية الفقيه ،DUGUIT4وأيده
في ذلك غالبية الفقه ،أما النصوص التنظيمية فهي تلك القواعد القانونية التي تتعلق بتوفير األحكام
التفصيلية والمالئمة الالزمة لتطبيق القانون.
-1بلحاج نسيمة ،مشاكل العالقة بين النصوص التشريعية والنصوص التنظيمية للسلطة التنفيذية ،مذكرة لنيل شهادة
ماجستير ،فرع الدولة والمؤسسات العمومية ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر-يوسف بن خدة ،2119-2119 ،-ص89
-2بلحاج نسيمة ،مرجع سابق ،ص.89
-3عوابدي عمار ،مرجع سابق ،ص ص .885-889
-4بدرية جاسر الصالح" ،التشريع الحكومي في الكويت" ،مجلة المحاماة ،الكويت ،العدد ،2سنة ،8551ص.21
30
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
يعاب على هذه النظرية أن القواعد القانونية العامة المجردة هي قواعد ينشئها التشريع لمعناه
الضيق أي القانون ،فإنها تنشأ عن طريق النصوص التنظيمية وتضع لها األصول والمبادئ
العامة.
ويعاب أيضا على هذه النظرية أنه يصعب التفريق بين ما يعتبر من األصول والمبادئ
العامة التي يتضمنها القانون وما يعتبر من القواعد الفرعية التي يتضمنها التنظيم وهذا ما يجعلها
غير فعالة وغير عملية في هذا المجال.1
حسب هذه النظرية فإن كل القواعد القانونية هي قواعد متسلسلة وتبعية ،فكل قاعدة قانونية
حسب هذه النظرية ال تكتسب قيمة قانونية إال إذا كانت مستندة على قاعدة أعلى منها درجة ،ومن
خالل هذه النظرية فإن النصوص التشريعية تستمد قيمتها القانونية من الدستور ،والنصوص
التنظيمية تستمد قيمتها القانونية من النصوص التشريعية.
ما يعاب على هذه النظرية أنها أخلطت بين النصوص التنظيمية والنصوص التشريعية من
حيث المضمون ،ولم تميز بشكل واضح وكامل بينهما.2
مضمون هذه النظرية ،أنه للتمييز بين النص التنظيمي والنص التشريعي يكون عن طريق
الهيئة التي تصدره ،فالنص التشريعي هو الذي يصدر من السلطة التشريعية ،والنص التنظيمي هو
ما يصدر عن السلطة التنفيذية.
31
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
ومنه ونظ ار للتشابه الموجود بين التشريع والتنظيم من حيث الموضوع باشتراكهما لصفة
العمومية ،فإنه يتعذر التمييز بينهما على أساس المعيار الموضوعي ،وهذا ما أدى إلى فشل
النظرية الموضوعية.1
ومن خالل هذا نستنتج أن المعيار الراجح للتمييز بين النصوص التنظيمية والنصوص التشريعية
هو المعيار الشكلي أو المعيار العضوي ،وهذا ما أخذ به المشرع الجزائري كأصل عام في تمييز
النصوص التنظيمية والتشريعية.
المبحث الثاني
بعد تطرقنا إلى المفهوم النظري للسلطة التنظيمية بصفة عامة في المبحث األول ،وهذا وفقا
للنظام الدستوري السياسي الجزائري،سوف نقوم في المبحث الثاني بدراسة مدى امتداد السلطة
التنظيمية لرئيس الجمهورية،من خالل التطرق إلى ممارسة السلطة التنظيمية (مطلب أول)،سوف
نوضح ونبين اختصاص رئيس الجمهورية في ممارسة السلطة التنظيمية،وهذا كاختصاص أصيل
له(فرع أول)،كما سنشير إلى المرسوم الرئاسي كأداة قانونية يمارس من خاللها السلطة
التنظيمية(فرع ثان)،و منه سوف نقوم بدراسة نطاق ومجال كل من القانون و الالئحة
التنظيمية(مطلب ثان)،بحيث سوف نتطرق إلى المحاوالت الفقهية لتحديد مجال ونطاق كل من
القانون و الالئحة التنظيمية(فرع أول) ،و أخي ار ستتطرق إلى سلطة التنظيم والتنفيذ(فرع ثاني).
32
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
المطلب األول
الفرع األول
بالعودة إلى نص المادة 895من الدستور فإن رئيس الجمهورية هو المختص في
ممارسة السلطة التنظيمية،1وهذا ما يجعله يحتل مرك از مهما ضمن العملية التشريعية،وأصبح
ينافس البرلمان في وضع القواعد العامة والمجردة ،وبالتالي فإن البرلمان لم يعد صاحب
الوالية العامة في العملية التشريعية.2
تعد السلطة التنظيمية بمثابة تشريع أصلي إلى جانب السلطة التنفيذية،وهذا دون
الحاجة إلى إسناد قانون قائم،باعتبار السلطة التنظيمية تستند أحكامها من الدستور،3فرئيس
الجمهورية هو صاحب االختصاص األصيل في هذا المجال،وهذا زيادة على الصالحيات
التنفيذية والتشريعية والقضائية الكبيرة التي يتمتع بها.
33
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
بناءا على كل هذا فإن رئيس الجمهورية ال يعد مقيدا بممارسة اختصاصه التنظيمي
المستقل،في ميدان معين أو في مجال معين،بل له أن يمارس اختصاصه التنظيمي المستقل
في جميع الميادين ما عدا المجاالت المخصصة للقانون،وهذا كي ال يتناقض مع الدستور.1
الفرع الثاني
34
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
ومن خالل كل هذا فإن رئيس الجمهورية هو صاحب االختصاص المطلق في ممارسة
التنظيم المستقل عن طريق المراسيم الرئاسية ،والتي تمكنه من التعبير عن إرادته وتوجهه
1
السياسي.
المطلب الثاني
بعد تطرقنا في المطلب األول إلى اختصاص رئيس الجمهورية في ممارسة السلطة
التنظيمية ،وذلك بصفة منفردة ومستقلة باإلضافة إلى تبيان األداة القانونية التي يمارس من خاللها
السلطة التنظيمية.
سوف نقوم في المطلب الثاني بتحديد نطاق ومجال كل من القانون والالئحة التنظيمية،
الذي سنشير فيه إلى كل المحاوالت الفقهية التي حاولت تحديد نطاق ومجال كل من التنظيم
والالئحة (فرع أول) ،ثم سنتطرق إلى سلطة التنظيم والتنفيذ (فرع ثان).
الفرع األول
تعددت المحاوالت الفقهية لتحديد نطاق ومجال كل من الالئحة التنظيمية والقانون ،فقد
حاول الفقه الدستوري والقانون اإلداري إيجاد أسس تقوم عليها عملية تحديد نطاق ومجال كل من
القانون والالئحة ،فنجد أنها تقوم أحيانا على أسس ومعايير موضوعية وأحيانا أخرى على أسس
ومعايير شكلية ،وهذا من أجل حماية األفراد وكبح تعسف الهيئة الحاكمة ،2ومن أهم المحاوالت
واالجتهادات في هذا المجال نعرض ما يلي:
35
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
حاول أنصار هذه النظرية الفصل بين مجال كل من القانون والسلطة التنظيمية ،بحيث ال
يجوز لكل منهما االعتداء على المجال المخصص لآلخر ،وتقوم محاولتهم على مبدأ الفصل بين
السلطات وهذا من أجل حماية األفراد من طغيان الهيئة الحاكمة ،ووضع سلطة التشريع في يد
البرلمان من أجل تحقيق هذا الغرض ،واقصاء اإلدارة منه ،1ومن أبرز أنصار هذه النظرية الفقيه "
موريس هوريو" ،الذي يرى أن مجال القانون هو الحقوق الفردية و الحقوق المدنية ،بينما اللوائح
التنظيمية فمجالها الحقوق اإلدارية األقل ثباتا لسهولة تغييرها ،أي أن مجال اللوائح التنظيمية خارج
عن نطاق القواعد القانونية ،بل هو منصب بصفة خاصة على إدارة المرافق العامة و تنظيم سيرها
الداخلي.
بالرغم من المحاولة الفقهية المنطقية ألصحاب هذه النظرية ،والتطبيق المطلق لمبدأ الفصل
بين السلطات ،إال أنها لم تسلم من النقد وخاصة من الفقيه" ،»DUGUITوتتمثل هذه االنتقادات
فيما يلي:
أ-يعاب على هذه النظرية أنها قيدت السلطة التنفيذية ،بمعنى أنه يمنع الالئحة من االعتداء على
مجال القانون كما حدده أنصار هذه النظرية ،ولكنه لن يمنع المشرع من االعتداء على مجال
الالئحة.
ب-واالنتقاد الثاني الموجه لهذه النظرية متعلق فيما يخص اللوائح المتعلقة بتنظيم وادارة المرافق
العامة ،فإنها لوائح في بعض األحيان تمس حقوق وحريات األفراد مثل اللوائح التنظيمية المتعلقة
بالضبط اإلداري "لوائح البوليس اإلداري".2
36
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
ذهب أنصار هذه النظرية التي يمثلها الفقيه " ،" Carrée de Malbergعلى القول بهدم
كل حد يفصل بين مجال القانون والالئحة التنظيمية ،معتمدين في ذلك على نظرية أولوية وسمو
القانون على الالئحة "السلطة التنظيمية" ،وذلك أن القانون مصدره البرلمان ومنه البرلمان يمثل
األمة فبذلك يعتبر الوسيلة الوحيدة التي تستطيع األمة أن تنال عن طريقها ما تريد ،ومن ثم فإنه
يرى أن مجال القانون غير محدد ،وليس هناك مجال لالئحة ال يمكن أن يتناوله القانون ،بل
يستطيع كل منهما أن يتناول جميع الموضوعات ،ألن الفارق بينهما ليس فارقا موضوعيا ،بل في
القوة فحسب ،فالالئحة هي في موضع تبعي بالنسبة للقانون ،ومهمتها تكمن في تنفيذه.1
بالرغم من االجتهادات التي قدمها أنصار هذه النظرية لهدم الحواجز ووضع فواصل بين
مجال كل من الالئحة والقانون وأهمية أساسها القانوني إال أنها لم تسلم من النقد والتي يمكن
إجمالها في النقاط التالية:
أ-عجز هذه النظرية عن تبرير وجود الالئحة المستقلة بذاتها والتي تصدر دون الحاجة إلى قانون
سابق وهي تشريع مبتدئ على الرغم من أن غالبية الفقه يرى أن وظيفة السلطة التنفيذية ال يمكن
أن يقتصر دورها على مجرد تنفيذ القوانين ،ألن ضغط الواقع االقتصادي والسياسي
واالجتماعي يؤدي حتما إلى تدخل السلطة التنفيذية "السلطة التنظيمية" ،لتكمل وتساعد
القانون في مجاالت لم يتطرق إليها القانون مثل لوائح التفويض ولوائح الضرورة.2
من خالل هذه النظرية وبناءا على هذه االجتهادات نالحظ وجود خاصيتين يتمتع بهما مجال
القانون.
الخاصية األولى :أن مجال القانون غير محدد يجوز أن يتناول بالتنظيم كافة الوسائل
والموضوعات ،أي مجاله غير محدد.
37
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
الخاصية الثانية :أنه مجال محتجز ،أي أن هناك بعض الموضوعات القانونية ال يجوز لغير
القانون التدخل فيها.1
هذه المبادئ كانت محل اعتناق من قبل غالبية فقهاء القانون العام ،حيث بنى إجتهاده من قبيل
غالبية فقه القانون العام على قاعدة أن القانون يأتي في مكان أسمى ،والالئحة في مكان أدنى ،
فمنه مجال القانون ال يخضع ألية قيود ،ومجال الالئحة مقيد ،حيث كرست معظم الدساتير هذه
القاعدة فيما يتعلق بتحديد نطاق و مجال القانون و الالئحة ،لكن بصدور الدستور الفرنسي لسنة
،8591أحدث ثورة على موازين هذه العالقة ،فلقد استحدث هذا الدستور تجديدا يعتبر خروجا
مؤكدا على جميع المبادئ التقليدية المستقرة سابقا ،فجعل مجال القانون محدد و ترك ما عداه من
اختصاص مجال الالئحة التنظيمية "السلطة التنظيمية" ،وهكذا صار اختصاص المشرع في فرنسا
اختصاصا مقيدا " ،"Compétence D’attributionواختصاص السلطة التنفيذية اختصاصا
عاما " ،2"Compétence de droit communفمجال القانون حصر في المادة 59من
الدستور الفرنسي لسنة ،8591ومجال التنظيم حددته المادة 59منه.3
تدخل القانون الوضعي لتحديد مجال السلطة التنظيمية والقانون وذلك بواسطة العرف
واألحكام والقواعد الدستورية ،وكان تدخله يتم عن طريق تحديد الموضوعات والمسائل المحجوزة
للقانون ،ما عداها يترك للسلطة التنظيمية ،وفقا للمفهوم التقليدي للعالقة بين القانون والالئحة أو
وفقا للمفهوم الحديث لهذه العالقة.
-1أحمد قارش ،عملية الرقابة الدستورية على السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون،
فرع اإلدارة و المالية ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر 2115-2112،ص.25
-2سليمان محمد الطماوي ،مرجع سابق ،ص.912
3
-constitution française de 1958, modifié et complété , op.cit.
38
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
-المفهوم التقليدي في تحديد مجال كل من القانون والسلطة التنظيمية :حسب هذا المفهوم تم
حصر وتحديد موضوعات السلطة التنظيمية أي على سبيل الحصر ،أما القانون فمجاالته غير
محصورة أي مجاله مطلق.
-المفهوم الحديث في تحديد مجال كل من القانون والسلطة التنظيمية :حسب هذا المفهوم تم تحديد
وحصر موضوعات القانون بنصوص الدستور على سبيل الحصر ،وما عداها يبقى مجاال للسلطة
التنظيمية ،وهو مجال مطلق وغير محدد ،وظهر هذا المفهوم الحديث مع الدستور الفرنسي لسنة
،8591حيث أخذت بها بعض الدساتير مثل الدستور الجزائري ،المغربي ،التونسي.1
مجال القانون :حددته المادة 59من الدستور الفرنسي لسنة 2،1958والمادتان 891و898من
3
التعديل الدستوري .2189
المادة 891من التعديل الدستوري :2189يشرع البرلمان في الميادين التي يخصصها له الدستور
وذلك في المجاالت االتية:
– )8حقوق األشخاص وواجباتهم األساسية ،السيما نظام الحريات العمومية ،وحماية الحريات
الفردية ،وواجبات المواطنين
– )2القواعد العامة المتعلقة بقانون األحوال الشخصية ،وحق األسرة ،السيما الزواج ،والطالق،
والبنوة ،واألهلية ،والتركات
– )5شروط استقرار األشخاص
– )9التشريع األساسي المتعلق بالجنسية
)9القواعد العامة المتعلقة بوضعية األجانب
– )9القواعد المتعلقة بإنشاء الهيئات القضائية
39
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
– )9القواعد العامة لقانون العقوبات ،واإلجراءات الجزائية ،السيما تحديد الجنايات والجنح،
والعقوبات المختلفة المطابقة لها ،والعفو الشامل ،وتسليم المجرمين ،ونظام السجون.
– )1القواعد العامة لإلجراءات المدنية واإلدارية وطرق التنفيذ
– )5نظام االلتزامات المدنية والتجارية ،ونظام الملكي
– )81التقسيم اإلقليمي للبالد
– )88التصويت على ميزانية الدولة
– )82إحداث الضرائب والجبايات والرسوم والحقوق المختلفة ،وتحديد أساسها ونسبها
– )85النظام الجمركي
- )89نظام إصدار النقود ،ونظام البنوك والقرض والتأمينات
– )89القواعد العامة المتعلقة بالتعليم ،والبحث العلمي
– )89القواعد العامة المتعلقة بالصحة العمومية والسكان
– )89القواعد العامة المتعلقة بالبيئة واطار المعيشة ،والتهيئة العمرانية
– )81القواعد العامة المتعلقة بقانون العمل والضمان االجتماعي ،وممارسة الحق النقابي
– )85القواعد العامة المتعلقة بالثروة الحيوانية والنباتية
– )21حماية التراث الثقافي والتاريخي والمحافظة عليه
– )28النظام العام للغابات واألراضي الرعوية
– )22النظام العام للمياه
– )25النظام العام للمناجم والمحروقات
– )29النظام العقاري
– )29الضمانات األساسية للموظفين ،والقانون األساسي العام للوظيف العمومي
– )29القواعد العامة المتعلقة بالدفاع الوطني واستعمال السلطات المدنية للقوات المسلحة
– )29قواعد نقل الملكية من القطاع العام الى القطاع الخاص
– )21إنشاء فئات المؤسسات
– )25إنشاء أوسمة الدولة ونيشانها وألقابها التشريفية
40
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
إضافة إلى المجاالت المخصصة للقوانين العضوية ،بموجب الدستور ،يشرع البرلمان بقوانين
عضوية في المجاالت االتية:
تتم المصادقة على القانون العضوي باألغلبية المطلقة للنواب وألعضاء مجلس األمة
يخضع القانون العضوي لمراقبة مطابقة النص مع الدستور من طرف المجلس الدستوري قبل
1
صدوره.
إذا كانت المادتان 891و898من التعديل الدستوري 2189قد عددتا المجاالت التي يشرع فيها
البرلمان بموجب قوانين عادية ،إال أن هذا ال يعني أن هذا التعداد وارد على سبيل الحصر ،بل
يمكن للبرلمان أن يشرع في غير هذه المجاالت وذلك بشرط أن يرخص له الدستور ذلك.2
مجال التنظيم:
نجد أن المؤسس الدستوري الجزائري سار على نفس التوجه الذي اتبعه فيما يخص بمجال
القانون بإتباعه نفس ما اتجه إليه المؤسس الدستوري الفرنسي ،حيث أن مجال الالئحة في الدستور
41
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
الفرنسي نصت عليه المادة 8/59منه ،1أما فيما يخص الدستور الجزائري فقد نص على مجال
التنظيم في نص المادة 895من التعديل الدستوري " 2189يمارس رئيس الجمهورية السلطة
التنظيمية في المسائل غير المخصصة للقانون،يندرج تطبيق القوانين في المجال التنظيمي الذي
يعود للوزير األول".
نالحظ من خالل نص المادة 895الفقرة األولى أن مجال التنظيم قد جاء عامة ومطلق وغير
مقيد بخالف مجال القانون الذي ورد بصفة حصرية ومقيدا في النصوص الدستورية،وبذلك فإن
ممارسة هذا المجال يعود لرئيس الجمهورية وهذا ما نصت عليه الفقرة األولى من نص المادة
،895كما يعود مجال تنفيذ القوانين إلى الوزير األول الفقرة الثانية من المادة 895من
الدستور ،2حيث يعتبر المفهوم وضعا جديدا لم يعرفه دستور الجزائر األول لسنة ،8595إذ
أصبح بموجب هذا المفهوم مجال السلطة التنظيمية هو األصل ومجال القانون هو االستثناء.
الفرع الثاني
تسند سلطة التنظيم لرئيس الجمهورية ،والتي يمارسها عن طريق المراسيم الرئاسية وهذا في
المسائل غير المخصصة للقانون ،أما سلطة تنفيذ وتطبيق هذه القوانين في المجال التنظيمي يعود
إلى الوزير األول وهو الذي يمارسها عن طريق المراسيم التنفيذية وهذا بعد موافقة رئيس
الجمهورية.
وباعتبار أن السلطة التنظيمية هي سلطة مستقلة وقائمة بذاتها ،وهي ال تستند إلى أي قانون
إلصدارها ،بحيث يقوم رئيس الجمهورية بإصدارها ،وهذا حسب المادة 895من التعديل الدستوري
الجديد ،وذلك في المجاالت غير المخصصة للقانون فقط ،وكل ما يخرج عن هذا المجال يتولى
رئيس الجمهورية تنظيمه في اللوائح المستقلة ،وهذه اللوائح تتمثل فيما يلي:
1
-Art 37, de la constitution française modifiée et complété, Dispose : « les matières autres que celles qui sont
» du domaine de la loi ont un caractère réglementaire.
-2المادة 895من التعديل الدستوري .2189
42
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
يقوم رئيس الجمهورية بإصدار هذه اللوائح دون االستناد إلى القانون ،ودون إشراك الوزير
األول ،وهي تأخذ شكل مراسيم رئاسية ،وهذا حسب المادة 58من التعديل الدستوري .12189
بحيث تصدر هذه اللوائح لتنظيم المرافق العامة وتنسيق سير العمل في المصالح اإلدارية.
لقد ألزم الفقه اإلداري بضرورة منح اختصاص إصدار لوائح الضبط اإلداري للسلطة
التنفيذية ،نظ ار لقدرتها على التصدي ألمور الضبط والنظام العام ،وهذا حفاظا عل أمن المجتمع
وسالمته ،وما دام أن هذه اللوائح قائمة بذاتها وتستند إلى قانون إلصدارها والتي من شأنها وضع
قيود على حريات األفراد وحقوقهم من أجل الحفاظ على النظام العام بمدلوالته الثالثة ،األمن،
السكينة ،الصحة العامة.2
-1المادة 58من التعديل الدستوري 2189تنص على ما يلي ... " :يوقع المراسيم الرئاسية"...
-2كيواني قديم ،مرجع سابق ،ص.59.55
43
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
الخالصة التي يمكن أن نخرج بها في هذا الفصل ،هو أن السلطة التشريعية لم تعد السلطة
الوحيدة التي تقوم بالتشريع كما كان معمول به في السابق ،بل أصبح بإمكان السلطة التنفيذية أن
تقوم بعملية التشريع ،ذلك بموجب السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية الذي أصبح مستأث ار بها في
مجاالت متنوعة وكثيرة،وفي كل الميادين الغير مخصصة للقانون.
اتضح ذلك من خالل تطرقنا إلى ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ،والتي تعرضنا فيها
إلى:
-تعريف السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية :رغم التعاريف الدستورية المختلفة إال أنها
تعاريف متشابهة ،حيث توصلنا إلى أن السلطة التنظيمية هي سلطة دستورية ممنوحة لرئيس
الجمهورية يصدر بمقتضاها تنظيمات مستقلة تنظم المسائل والميادين غير المخصصة للقانون.
-خصائص السلطة التنظيمية :بالرغم من وجود عدة خصائص للسلطة التنظيمية ،إال أننا
قمنا باإلشارة إلى أهم الخصائص التي تتمتع بها السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ،ذلك لتحديد
ومعرفة السلطات التنظيمية األخرى في النظام القانوني للدولة.
-عناصر السلطة التنظيمية :مادام أن لكل سلطة من سلطات رئيس الجمهورية عناصر
مميزة تشكلها وتستند إليها في وجودها وقيامها عليها ،فإننا حولنا تعريف تلك العناصر المكونة
للسلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية.
-أنواع السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية وتمييزها عن القانون :استخلصنا أنواع السلطة
التنظيمية لرئيس الجمهورية رغم اختالفها بحسب الظروف واألحوال ،كما استخلصنا اختالفات
السلطة التنظيمية عن القانون ،وذلك من عدة جوانب.
44
ماهية السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ومدى امتدادها الفصل األول
-امتداد السلطة التنظيمية ومجالها :بعد اإلشارة إلى كل ما سبق والى المفهوم النظري
للسلطة التنظيمية ،كان لزاما علينا استنباط امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ،وهذا ما تم
التطرق إليه.
45
الفصل الثاني
امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية لتشريع بأوامر
وخضوعها للرقابة والتأمين
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
يتميز القانون المعاصر بالطابع التقني والفني حيث يزداد تقنية يوما بعد يوم ،وهذا التطور
غير جذريا مبدأين كان يشكالن أسس الحياة الدستورية في الدولة في العهود الماضية ،لكن بتطور
الدولة الحديثة ،أصبحت للسيادة وظائف مختلفة ،حيث تتولى السلطة التشريعية الجانب التشريعي و
تتولى السلطة التنفيذية وظيفة التنظيم اإلداري للسيادة داخل الدولة ،حيث أصبح مجال تدخل البرلمان
محدد على سبيل الحصر ،ومجال تدخل السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية كسلطة إنشائية للقواعد
القانونية من خالل إصدار األوامر الرئاسية و اللوائح المستقلة ،فأصبحت بذلك السلطة التنفيذية
تشارك البرلمان في العمل التشريعي وتتدخل في ممارسة الوظيفة التشريعية في الحاالت العادية و
االستثنائية عن طريق التشريع بأوامر.1
مادام السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية تستمد وجودها من أحكام الدستور ونصوصه
وتربطه بها عالقة مباشرة ،ما يعني أن السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية تخضع لمجموعة من
القيود الدستورية ،التي ال يجب مخالفتها ،سواء تمثلت في القيود الشكلية أو القيود الموضوعية (مبحث
أول).
بمقتضى المادة 681من التعديل الدستوري لسنة 6161فإن المجلس الدستوري يعد بمثابة
الهيئة السياسية المكلفة بحماية مجال السلطة التنظيمية من تعدي القوانين لمنع تدخل االختصاص
بين القانون والتنظيم ،ولحماية كل مجال من التعدي على المجال اآلخر ،باعتبار أن مجال السلطة
التنظيمية غير محدد في الدستور لهذا فهو يحتاج إلى تأمين قوي لمنع البرلمان من تجاوز حدوده و
تعديه على ذلك المجال ،و هذا ما لم يرضى به المجلس الدستوري حيث حصر اختصاصه في
حدود المجاالت الواردة على سبيل الحصر في المادة 641و المادة 646من التعديل الدستوري
الجديد و مواد متفرقة في الدستور( مبحث ثاني).
-1ججيقة لوناسي ،السلطة التشريعية في دستور ،6991أطروحة لنيل شهادة دكتوراه في القانون ،كلية الحقوق ،جامعة
تيزي وزو ،ص.591،591
46
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
المبحث األول
حاول المؤسس الدستوري إقامة التوازن بين السلطة والحرية في المجتمع من خالل تحقيق
التعايش على جعل السلطات القانونية لمؤسسات الدولة السياسية تتراوح بين أن تكون لها سلطة
تقديرية وأن تكون لها سلطة مقيدة ،فالسلطة التقديرية باشرتها السلطة التشريعية للبرلمان أو باشرتها
السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية فهي تهدف إلى تنظيم موضوع واحد.
يعد االختصاص التشريعي مجاال خاصا للبرلمان ،حيث خولت له صالحية إعداد القانون
والتصويت عليه ،1نظ ار العتباره اإلطار العام للتعبير عن اإلرادة الشعبية ،2إال أن كثرة األزمات
االجتماعية واالقتصادية ،والحاجة لإلسراع في التشريع ،ساهم في تعطل مهامه واستحدث تقنية جديدة
تتمثل في التشريع عن طريق األوامر التشريعية (مطلب أول)،كما تعتبر السلطة التنظيمية لرئيس
الجمهورية ملزمة بعدم مخالفة أي نص قانوني وارد في الوثيقة الدستورية ،ذلك أن السلطة التنظيمية
لرئيس الجمهورية مقيدة بمجموعة من القيود و الضوابط التي يفرضها عليها الدستور أثناء مباشرتها
الختصاصها ،نظ ار ألهميتها الكبيرة في تحقيق المصلحة العامة للمجتمع لذلك يمنع على رئيس
الجمهورية انتهاكها و مخالفتها( 3مطلب ثان).
-1تنص المادة 551من التعديل الدستوري لسنة ،1152مرجع سابق ،على ما يلي " :يمارس السلطة التشريعية برلمان
يتكون من غرفتين ،وهما المجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة .وله السيادة في اعداد القانون والتصويت عليه".
-2الغربي إيمان ،مجاالت العالقة الوظيفية بين البرلمان والسلطة التنفيذية على ضوء التعديل الدستوري الجديد سنة،1112
مذكرة لنيل شهادة ماجستير في القانون العام ،فرع الدولة والمؤسسات العمومية ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر،
،1155/1151ص.7،
-3ذوادي عادل ،مرجع سابق ،ص.551.
47
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
المطلب األول
يتمتع رئيس الجمهورية بمركز دستوري متميز ،هذا بعد تزويده بصالحيات تشريعية واسعة
ليست فقط في المجال التنظيمي فحسب ،بل تتعدى ذلك إلى مجال التشريع بأوامر ،حيث يستعمل
رئيس الجمهورية وسيلة التشريع بأوامر فيما بين دورة انعقاد البرلمان أو في حالة شغوره ،وذلك في
الظروف العادية وفقا لنص المادة 646من التعديل الدستوري ،2016وفي الظروف االستثنائية
التي يفقد فيها البرلمان وظيفته األساسية في سن القوانين ليستحوذ عليها رئيس الجمهورية طبقا لنص
المادة 611من التعديل الدستوري لسنة .16161
الفرع األول
حسب المادة 646من التعديل الدستوري لسنة 6161نجد أن البرلمان يجتمع في دورة عادية
واحدة كل سنة ،مدتها عشرة ( )61أشهر على األقل ،وتبتدئ من اليوم الثاني من أيام العمل في
2
شهر سبتمبر ،من خالل المادة نجد أن رئيس الجمهورية يستطيع أن يشرع بأوامر بين هذه الدورة،
3
وهذا على خالف ما هو كان موجودا في دستور .6991
من خالل هذا نجد أن التعديل الدستوري الجديد لسنة 6161سيقلص من صالحية رئيس
الجمهورية في التشريع بأوامر ،وذلك نتيجة تقليص عدد دورات اجتماع البرلمان ،حيث كانت في
48
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
السابق دورتين عاديتين كل سنة ،مما يعني أن رئيس الجمهورية يشرع بأوامر في مدة أقصاها 4أشهر
سنويا.
إذا كانت حالة شغور المجلس الشعبي الوطني ال تطرح إشكاال ،فإن هذه الحالة الثانية التي
نظمتها المادة 646تثير إشكالية قانونية ،هل يعتبر تجميد المجلس لجلساته حالة من حاالت ما بين
دورتي انعقاد البرلمان؟
نجد اإلجابة عن هذا التساؤل في الفقه المصري ،الذي أقر أن فترة تأجيل انعقاد البرلمان ال
تعد واقعة بين دورات البرلمان ،ومن ثم ال يستطيع رئيس الجمهورية التشريع بأوامر في هذه الحالة،
ألن هذه الفترة تقطع دورة انعقاد البرلمان ،وحينما يعود البرلمان الى االنعقاد من جديد فإنه يستكمل
الدورة نفسها التي قطعت ،وال يعتبر في حالة انعقاد جديد ،بل يطيل دورته مدة مساوية لمدة التأجيل
منه ال يمكن لرئيس الجمهورية التشريع عن طريق األوامر ما دام المجلس الشعبي الوطني في إحدى
1
دورات انعقاده.
يختص رئيس الجمهورية في ممارسة السلطة التشريعية ،عن طريق األوامر في حالة شغور
البرلمان ،ويقصد بذلك إما غيابه أو حله ،2فشغور المجلس الشعبي الوطني يتحقق إذا تم حله ،والحل
يكون إما وجوبي أو تلقائي ،فالحل الوجوبي يتمثل في حالة عدم موافقة المجلس الشعبي الوطني
على برنامج الحكومة للمرة الثانية ،وهذا حسب نص المادة 92من التعديل الدستوري الجديد ،بحيث
جاء في الفقرة األولى منه على" إذا لم تحصل من جديد على موافقة المجلس الشعبي الوطني
وجوبا ".3
-1بركات أحمد ،االختصاصات التشريعية لرئيس الجمهورية في النظام الدستوري الجزائري ،مذكرة تخرج لنيل شهادة
ماجستير في القانون العام ،كلية الحقوق ،جامعة تلمسان ،1112/1117 ،ص.52،57
-2لوناسي ججيقة ،مرجع سابق ،ص .115
-3المادة 92من التعديل الدستوري .1152
49
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
أما الحل االختياري1 ،فيكون عندما يقرر رئيس الجمهورية حل المجلس الشعبي الوطني ،تطبيقا
لنص المادة 641من التعديل الدستوري الجديد التي تنص " يمكن لرئيس الجمهورية أن يقرر حل
المجلس الشعبي الوطني ،أو إجراء انتخابات تشريعية قبل أوانها ،بعد استشارة رئيس مجلس األمة
ورئيس المجلس الشعبي الوطني ،ورئيس المجلس الدستوري والوزير األول ،وتجرى االنتخابات
في كلتا الحالتين في اجل أقصاه ثالثة ( )3أيام".2
من خالل كل هذا فان االختصاص البرلماني ينتقل من البرلمان إلى رئيس الجمهورية مباشرة،
بمجرد أن تتم عملية الحل ،ومن ثمة يستحوذ على المجال التشريعي بأكمله.3
إذا كانت المادة 646من التعديل الدستوري لسنة 6161قد منحت صالحية التشريع بأوامر
في الظروف العادية لرئيس الجمهورية ،فقد ذهبت أيضا لتخول له نفس المهام في الحالة االستثنائية
باإلحالة إلى نص المادة 611من التعديل الدستوري لسنة ،6161وهذه األخيرة بدورها وسعت أكثر
في اختصاصاته لكن ذلك بجملة من الشروط ،منها ما هي موضوعية ومنها ما هي شكلية.
أ-الشروط الموضوعية:
لقد حددت المادة 611من التعديل الدستوري لسنة 6161الشروط الموضوعية في فقرتها
األولى" :يقرر رئيس الجمهورية الحالة االستثنائية إذا كانت البالد مهددة بخطر داهم يوشك أن
يصيب مؤسساتها الدستورية أو استقاللها أو سالمة ترابها 4".من خالل هذه المادة يتبين لنا أن
50
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
الشروط الموضوعية تتمثل في حالة وجود خطر داهم والذي يجب أن يشكل هذا الخطر انعكاسات
1
على المؤسسات الدستورية للدولة وأن يمس بوحدتها وسالمة إقليمها.
يكفي أن يكون هناك مساس جزئي للسلطات في سيرها إلعالن هذه الحالة من قبل رئيس
الجمهورية ،وهذا ما يدل على إطالق السلطة التقديرية للنظر في مدى وجود حالة استثنائية من
2
عدمها ،وذلك نظ ار لكون رئيس الجمهورية القائد األعلى للبالد والضامن لبقاء الدولة واستمرارها.
ب-الشروط الشكلية:
إضافة إلى الشروط الموضوعية هناك شروط شكلية تتمثل فيما يلي:
-استشارة كل من رئيسي غرفتي البرلمان والمجلس الدستوري :تعتبر هذه االستشارة ملزمة قبل تقرير
الحالة االستثنائية وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 611من التعديل الدستوري الجزائري
لسنة ،36161لكن اآلراء التي تبديها هذه الهيئات غير ملزمة لرئيس الجمهورية ،ألن اآلراء من
الناحية القانونية غير ملزمة.4
-االستماع إلى المجلس األعلى لألمن ومجلس الوزراء :تعتبران كهيئة سياسية تقنية يلجأ إليها رئيس
الجمهورية لتوضيح األمر ،عكس مصطلح "يستشار" الذي أستعمل اتجاه البرلمان والمجلس
-1عبد الالوي زينب ،توزيع السلطة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في ظل دستور ،6991مذكرة لنيل شهادة
ماجستير في العلوم القانونية ،تخصص قانون دستوري ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،قسم العلوم القانونية ،جامعة الحاج
لخضر ،باتنة ،6114/6112 ،ص.91.
-2خرباشي عقيلة ،مركز مجلس األمة في النظام الدستوري الجزائري ،أطروحة دكتوراه في العلوم القانونية ،كلية الحقوق
والعلوم السياسية ،جامعة الحاج لخضر ،باتنة ،6161/6119 ،ص.694،692
-3المادة 517من التعديل الدستوري .1152
-4بو الشعير سعيد ،التشريع عن طريق األوامر بين القيود الدستورية والممارسة العملية ،مجلة االجتهاد القضائي ،المجلد
،15العدد ،15الجزائر ،1155 ،ص .52
51
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
الدستوري ،حيث يعتبرون هيئات قانونية استشارية 1،منه نستنتج أنه من المستبعد أن يعارض المجلس
األعلى لألمن ومجلس الوزراء رئيس الجمهورية ،لكونه رئيس المجلسين.
الفرع الثاني
يقوم رئيس الجمهورية بالتشريع في الجانب المالي ،في حالة وجود سبب وحيد وهو حالة عدم
مصادقة البرلمان على قانون المالية في غضون المدة المحددة لذلك و هي مدة 17يوم،2وهذا ما
أشارت إليه المادة 628فقرة 8من التعديل الدستوري 6161التي تنص على " يصادق البرلمان
على قانون المالية في مدة أقصاها خمسة و سيعون ( )57يوما من تاريخ إيداعه ،طبقا للفقرات
السابقة" ،3بحيث تحتسب مدة 17يوم ابتداءا من تاريخ إيداع مشروع قانون المالية لدى مكتب
المجلس الشعبي الوطني ،باعتباره الغرفة األولى التي تمر عليها جميع المشاريع القوانين المقدمة من
طرف الحكومة ،فبمجرد حدوث ذلك فانه يمكن لرئيس الجمهورية أن يقوم بإصدار قانون المالية
بموجب أمر له نفس قوة قانون المالية.
كما تعتبر هذه الصالحية بمثابة ج ازء اقره المؤسس الدستوري لمواجهة العجز الذي يسجله
البرلمان ،نظ ار لعدم مصادقته على قانون المالية في األجل المحدد لذلك ،إضافة إلى األهمية الكبيرة
التي تكتسبها الميزانية* 4في الدولة ،حيث يجب أن تكون هناك موازنة مالية للدولة قبيل بداية العام
الجديد ،باعتبار أن السلطة التنفيذية هي المشرفة على تسيير مؤسسات الدولة ،فهي تحرص على
شية حسين ،شرشاوي فروق ،التشريع بأوامر-سلطة تشريعية موازية؟ ،-مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ،قانون
ّ -
1
عام ،تخصص قانون الجماعات اإلقليمية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة بجاية ،1151/1151 ،ص.11،15
-2بركات أحمد ،مرجع سابق ،ص .51
-3المادة 2/ 512من التعديل الدستوري .6161
* -4الميزانية العامة للدولة هي عبارة عن وثيقة محاسبية قانونية ومالية تعبر عن فكرة التوقع واالعتماد للنفقات واإليرادات
العامة لفترة مقبلة ،وذلك في صورة أرقام توضح بها النشاط اإلداري واالقتصادي واالجتماعي للدولة.
52
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
تزويدها بوسائل التسيير العادي ،وهذا ما ال يتحقق إال بضمان دخول قانون المالية حيز التنفيذ في
األجل المالئم لذلك.
أما فيما يتعلق بالمدة التي تختص بها كل غرفة من البرلمان في التصويت على قانون المالية
،نجد أن المجلس الشعبي الوطني يختص في المصادقة على قانون المالية ،في اجل 41يوم ابتداءا
من تاريخ إيداع مشروع قانون المالية مكتب المجلس ، 1فبعد أن تعد الحكومة مشروع قانون المالية
،تقوم بإيداعه لدى مكتب المجلس الشعبي الوطني ،ثم تقوم اللجنة المكلفة بالمالية في المجلس
لالستماع للعرض الذي يقدمه كل وزير عن االعتماد المالية المخصصة للقطاع الذي يشرف عليه
،ثم بعد ذلك تقوم هذه اللجنة بإعداد تقرير عن مشروع الميزانية و تقدمه لرئيس المجلس لكي يعرضه
على أعضاء المجلس لالطالع عليه ،ثم بعد ذلك يقوم وزير المالية و في جلسة علنية بعرض مشروع
قانون المالية على أعضاء المجلس الشعبي الوطني ،ثم بعدها تأتي مرحلة المناقشة و التصويت و
كل هذه اإلجراءات ال يجب أن تتعدى مدة 41يوم ،وفي حالة تجاوز هذه المدة يعتبر المجلس
الشعبي الوطني لم يصوت عليها.
أما المدة التي يختص بها مجلس األمة للمصادقة على مشروع قانون المالية فهي مدة 61يوم،
تحتسب ابتداءا من نهاية مهلة 41يوم المخصصة للغرفة األولى.
في حالة وجود خالف بين الغرفتين حول مشروع قانون المالية ،تكون هناك لجنه متساوية األعضاء
للفصل في الخالف في مدة 8أيام ،تحتسب من نهاية مهلة 61يوم المحددة لمجلس األمة للتصويت
على مشروع المالية.
ثم إن عدم مصادقة البرلمان على قانون المالية بصفة عامة يتجسد في فرضيتين وهما:
-بسبب عدم مصادقة المجلس الشعبي الوطني أو مجلس األمة على مشروع القانون في اآلجال
المحدد لكل منهما للمصادقة.
53
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
-في حالة إذا مضت مدة 8أيام ولم تفصل خاللها اللجنة المتساوية األعضاء في الخالف الذي
ثار بين الغرفتين حول المشروع المالي ،وهي الحالة التي ال يمكن فيها للحكومة أن تسحب مشروع
قانون المالية ،كما هو الحال بالنسبة لمشاريع القوانين العادية ،وانما يقوم رئيس الجمهورية بإصدار
مشروع قانون المالية بموجب أمر.1
المبحث الثاني
لقد عرف التنافس الكبير بين السلطة التنظيمية وبين السلطة التشريعية ،إلى قيام المؤسس
الدستوري والسيما في دستور ،26991باتخاذ مجموعة من اإلجراءات ،3والتي يمكن القول بأنها
جاءت في صالح السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ،وهذا من خالل دورها الكبير في منع البرلمان
من توسيع حالة التشريع على حساب مجال التنظيم الرئاسي ،وبالتالي فقد قام المؤسس الدستوري
بتأمين السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية دستوريا وقضائيا.
وسوف نقوم بتبيان كيفية تأمين السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ،من خالل التطرق إلى كيفية
تأمين السلطة التنظيمية دستوريا (مطلب أول) ،وقضائيا (مطلب ثان).
54
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
المطلب األول
يعمل المجلس الدستوري على توفير الحماية الدستورية لمجال السلطة التنظيمية لرئيس
الجمهورية ،من أي تعدي محتمل من السلطة التشريعية ،معتمدا في ذلك على النصوص الدستورية
وباالعتماد أيضا على روح الدستور ،من خالل تكريس مبدأ الفصل بين السلطات أثناء حمايته لمجال
السلطة التنظيمية.
هذا ما سوف نقوم بتوضيحه من خالل تبيان تأمين السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ،بواسطة
الوظيفة االستشارية لمجلس الدولة (فرع أول) ،باإلضافة إلى الوظيفة الرقابية للمجلس الدستوري
(فرع ثان).
55
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
الفرع األول
يستمد مجلس الدولة وظيفته االستشارية أساسا من نص المادة 621من التعديل الدستوري
الجديد ،بحيث تنص على ما يلي ":لكل من الوزير األول والنواب وأعضاء مجلس األمة حق المبادرة
بالقوانين.
تكون اقتراحات القوانين قابلة للمناقشة إذا قدمها عشرون( )12نائبا أو عشرون ( )12عضوا في
مجلس األمة في المسائل المنصوص عليها في المادة 235أدناه.
تعرض مشاريع القوانين على مجلس الوزراء ،بعد اخذ رأي مجلس الدولة ،ثم يودعها الوزير األول
1
حسب الحالة ،مكتب المجلس الشعبي الوطني أو مكتب مجلس األمة".
بحيث نستنتج من هذه المادة أن مجلس الدولة يمثل بالنسبة للسلطة التنفيذية في مجال
التشريع غرفة مشورة ،بحيث إذا أرادت هذه األخيرة تقديم مشروع معين فإنه يستوجب عليها أوال
اللجوء إلى مجلس الدولة ،من أجل أخذ رأيه بخصوص هذا المشروع.2
إضافة إلى أنه ومن باب االستشارة ،فإن مشاريع القوانين محل االستشارة ،ال تستوجب أن
تمس المجال اإلداري فقط ،حتى يتم طلب رأي مجلس الدولة ،بل إن هذا األخير مطلوب وبشكل
وجوبي في كل مشاريع القوانين ،أيا كان موضوعها ،سواء تعلقت بالمجال المدني أو العقاري أو أي
مجال أخر.
يتمتع مجلس الدولة بأهمية كبيرة في العملية التشريعية ،وهذا من خالل لفت انتباه الحكومة
إلى كل الثغرات والنقائص التي الحظها في مشاريع القوانين ،التي قدمت إليه ،كما أنه يساهم وفي
بعض األحيان وبشكل كبير في صناعة التشريع ،وهذا من خالل كل ما يبديه ويقترحه من تعديالت
56
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
والتي يراها ضرورية ،هذا إلى جانب تمتع األعضاء الموكل إليهم مهمة تقديم المشورة بقدرات قانونية
أكيدة وثقافة واسعة ،اكتسبوها نتيجة الخبرة ،أو بواسطة مؤهل دراسي عالي وهذا ما يساعدهم وبشكل
كبير في أداء مهمتهم على أحسن وجه.1
أما فيما يخص محل اإلشارة التي يقدمها مجلس الدولة ،فهي تتعلق بالمشروعية والمالئمة ،وذلك أن
مالئمة النصوص وجدواها ،وتحقيق األهداف المرجوة منها ،تخرج عن نطاق الوظيفة االستشارية
الموكلة إليه.
فالدور االستشاري لمجلس الدولة ينص في تقديرنا على التأكد أساسا على:
إذا كان هناك تعارض بين مشروع القانون المعروض عليه ،وبين نصوص قانونية أخرى أم ال،
واذا ما كان هناك تعارض بين أحكام ومواد المشروع ذاته ،أو إذا كانت العبارات والمصطلحات
2
المستعملة في مشروع القانون واضحة من حيث المعنى والصيغة القانونية أم ال.
-2صادق محمد علي الحسيني" ،الوظيفة االستشارية لمجلس الشورى الدولة العراقي" ،مجلة أهل البيت ،جامعة أهل البيت،
العدد ،17العراق ،1119،ص .512
57
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
الفرع الثاني
لم يكتفي المؤسس الدستوري الجزائري بإسناد لرئيس الجمهورية السلطة التنفيذية ،بل قام
بتعزيز هذه السلطة عن طريق تأمينها دستوريا من قبل المجلس الدستوري ،وهذا من أجل مواجهة
1
القانون وحماية المجال التنظيمي من االعتداءات المحتملة.
وان كان تدخل البرلمان في المجال التنظيمي المستقل يشكل اعتداءا مباش ار على السلطة
التنظيمية لرئيس الجمهورية فإنه في الوقت ذاته يشكل إعتداءا غير مباشر على الدستور وعدم
احترامه ،ولتجنب حصول ذلك نصت كل من المادة 6/612من دستور 6991والمادة 686من
التعديل الدستوري 6161على :المادة " 6/612يؤسس مجلس دستوري يكلف بالسهر على احترام
3
الدستور" 2.والمادة ":6/686المجلس الدستوري هيئة مستقلة تكلف بالسهر على احترام الدستور".
من خالل نص المادتين يمكننا القول بأن الوظيفة األساسية التي أنشأ من أجلها المجلس
الدستوري هي الوظيفة الرقابية ،4والشيء اإليجابي الذي جاء به الدستور الجزائري لسنة 6161أنه
جعل هذا المجلس هيئة مستقلة مما يجعلها أكثر حيادا وشفافية من الناحية الشكلية.
ومن خالل هذا الفرع سنتطرق الى معرفة أساس الوظيفة الرقابية للمجلس الدستوري (أوال)،
والى ضوابط الوظيفة الرقابية للمجلس الدستوري (ثانيا).
58
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
لمعرفة األساس الذي اعتمدته الوظيفة الرقابية للمجلس الدستوري في تأمين السلطة التنظيمية
لرئيس الجمهورية من تدخالت المشرع في نطاقها ومجالها المخصص لها دستوريا ،البد لنا من
العودة إلى تلك اآلراء والق اررات التي صدرت بموجبها ونذكر منها:
-الرأي رقم ،89/16المؤرخ في 68أوت 6989والمتعلق بدستورية النص الذي صادق عليه
المجلس الشعبي الوطني بتاريخ 66جويلية 6989وعنوانه "قانون متضمن النظام الداخلي للمجلس
الشعبي الوطني" ،الذي جاء فيه ما يلي " :نظ ار لكون محرر الدستور ،أقام مبدا الفصل بين
السلطات باعتباره عنص ار أساسيا في تنظيم السلطات العمومية ،ونظ ار لكون مثل هذا االختيار
يترتب عليه أن كل سلطة لها صالحية تنظيم عملها الداخلي وضبطه ."....
-الرأي رقم ،16/66المؤرخ في 62جانفي 6116و المتعلق بالرقابة على دستورية القانون األساسي
لعضو البرلمان ،الذي جاء فيه ":و اعتبا ار ان المشرع ،طبقا للمبدأ الدستوري القاضي بتوزيع
االختصاصات ،مطالب ان يراعي ،كلما مارس صالحية التشريع المجال المحدد في الدستور
للنص المعروض عليه بحيث ال يدرج ضمنه أحكاما و مضامين تعود دستوريا لمجاالت نصوص
أخرى مما يستوجب استثنائها من النطاق الذي يعود لهذا القانون ...فيما يخص الشطر األخير
من المادة 21و المادة 12من القانون ،موضوع اإلخطار ،مأخوذين مجتمعين التحادهما في
الموضوع و العلة و المحررين كما يلي ":الشطر األخير من المادة ،....:21ويحظى بالمرتبة
التشريفية الالئقة و المرتبة بمهمته الوطنية " ".المادة :12يستفيد عضو البرلمان في سفره في
الداخل والخارج من المساعدات والتشريفات المرتبطة بصفته البرلمانية .يسافر عضو البرلمان في
كل تنقالته بالمكانة الالئقة التي يقرها له الدستور".
-اعتبا ار أن المشرع أقر بمقتضى الشطر األخير من المادة 12والمادة 12المذكوران أعاله ان
يحظى عضو البرلمان بالمرتبة التشريفية الالئقة والمرتبطة بمهمته الوطنية واستفادته في سفره
في الداخل والخارج من المساعدات والتشريفات المرتبطة بصفته البرلمانية،
59
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
-واعتباره أنه يستنتج من الدستور السيما المادتين 211و 213أن المرتبة التشريفية الالئقة
والمرتبطة بالمهمة الوطنية لعضو البرلمان واستفادته في سفره في الداخل والخارج من المساعدات
والتشريفات المرتبطة بصفته البرلمانية مواضيع ال تندرج ضمن مجال القانون،
-واعتبا ار أن المؤسس الدستوري ينص ص ارحة ،بموجب الفقرة األولى من المادة 217من
الدستور ،أن المسائل غير المخصصة للقانون يعود االختصاص فيها للسلطة التنظيمية لرئيس
الجمهورية،
-واعتبا ار بالنتيجة أن المشرع حين أدرج المواضيع المذكورة أعاله ضمن هذا القانون قد خالف
1
مبدأ الفصل بين السلطات".
من خالل هذا الرأيين ،ال يبقى في تقديرنا أي مجال للشك في أن األساس الذي اعتمدته
واستندت إليه الوظيفة الرقابية للمجلس الدستوري في تأمين السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية من
2
تدخالت المشرع في مجالها هو مبدأ الفصل بين السلطات.
ينبغي أن يتخذ المجلس الدستوري في ممارسة ووظيفته الرقابية موقفا وسطا بين اإلفراط فيها،
الذي يؤدي إلى المساس باستقاللية البرلمان وسيادته القانونية ،وبين التفريط ،الذي يؤدي إلى انعدام
3
جدوى وظيفته الرقابية.
لكي يمارس المجلس الدستوري وظيفته الرقابية كان واجبا عليه أن يراعي عدة أمور ،وأن
يخضع لعدة ضوابط وقيود ،من بين أهمها نذكر ما يلي:
60
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
أ-وجود إخطار سابق من إحدى الجهات المختصة دستوريا بذلك :إن الوظيفة الرقابية للمجلس
الدستوري تخضع للضابط الدستوري القاضي بأال تمارس هذه الوظيفة إال إذا تم تقديم طلب بذلك
من قبل إحدى الجهات المحددة في الدستور 1،فالمادة 681من التعديل الدستوري لسنة 6161
نصت على أنه " :يخطر المجلس الدستوري رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس األمة أو رئيس
المجلس الشعبي الوطني أو الوزير األول " ،وذلك ما يتعلق األمر بالمعاهدات و القوانين و
التنظيمات ،أما لما يتعلق األمر بالقوانين العضوية و النظام الداخلي لكل من غرفتي البرلمان ،فإنه
حسب المادة 681الفقرة الثانية و الثالثة من التعديل الدستوري لسنة ،6161يتم اإلخطار من طرف
2
رئيس الجمهورية.
من خالل هذه المواد نستنتج أن اإلخطار المتعلق بالمعاهدات والقوانين والتنظيمات هو
إخطار اختياري بحيث يمكن أن تمارسه إحدى السلطات المذكورة في المادة 681من التعديل
الدستوري 6161في أي وقت تراه مناسبا وهذا ما يستشف من خالل نص المادة 6/681من دستور
":6161يبدي المجلس الدستوري ،بعد أن يخطره رئيس الجمهورية ،رأيه وجوبا في دستورية
القوانين العضوية بعد أن يصادق عليها البرلمان".
أما اإلخطار المتعلق بالقوانين العضوية والنظام الداخلي لكل من غرفتي البرلمان هو اإلخطار
المتعلق بالقوانين العضوية والنظام الداخلي لكل من غرفتي البرلمان هو إخطار إجباري أو وجوبي،
وذلك أنه وبموجب الفقرتين الثانية والثالثة من نص المادة 681من التعديل الدستور لسنة 6161
فإن رئيس الجمهورية ملزم بإخطار المجلس الدستوري بالقوانين العضوية والنظام الداخلي لكل من
-1بوتيرة علي ،ضوابط الرقابة على دستورية القوانين في ظل ممارسات المجلس الدستوري الجزائري ،مجلة الفكر
البرلماني ،مجلس األمة ،الجزائر ،العدد ،6114 ،17ص.71
-2المادة 6/681و 2من التعديل الدستوري 6161تنص على ما يلي ،... ":يبدي المجلس الدستوري ،بعد أن يخطره
رئيس الجمهورية ،رأيه وجوبا في دستورية القوانين العضوية بعد أن يصادق عليها البرلمان.
كما يفصل المجلس الدستوري في مطابقة النظام الداخلي لكل من غرفتي البرلمان للدستور ،حسب اإلجراءات المذكورة
في الفقرة السابقة".
61
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
غرفتي البرلمان وكذا التعديالت التي تط أر عليها بعد أن يصادق عليها البرلمان ،أي قبل أن تصبح
1
واجبة التنفيذ.
إن ما يعاب على هذا الضابط الدستوري أنه يمكن من إفالت تلك النصوص القانونية
الخاضعة لإلخطار االختياري من الرقابة الدستورية ،رغم ما قد يكون فيها من إخالل بالدستور.
ب-التزام الوظيفة الرقابية للمجلس الدستوري لإلطار الدستوري المحدد لها حص ار :بين المجلس
الدستوري هذا الضابط من خالل الرأي رقم ،66/14المؤرخ في 66ديسمبر 6166و المتعلق بمراقبة
مطابقة القانون العضوي الذي يحدد حاالت التنافي مع العهدة البرلمانية للدستور من خالل قوله بأنه
" :اعتبا ار أن المؤسس الدستوري نص صراحة في المادة 211من الدستور على إمكانية إخطار
المجلس الدستوري من رئيس المجلس الشعبي الوطني و رئيس مجلس األمة ،و حدد مجال تدخل
المجلس الدستوري في النصوص المتضمنة حصريا في المادة 217من الدستور ،واعتبا ار أن
المشرع في صياغته للفقرتين 1و 3من المادة 5نص أنه في حالة عدم توصل مكتب الغرفة
المعنية تقرير وجود حالة تنافي يخطر المجلس الدستوري ،دون تحديد جهة اإلخطار بدقة ،إذا
كان المقصود بهذه الجهة رئيس الغرفة المعنية وفقا للمادة 211من الدستور ،ففي هذه الحالة
يكون المشرع قد خوله-،أي المجلس الدستوري -صالحية ال تتضمنها المادة 217من الدستور
،واعتبا ار بالنتيجة ،فإن المشرع بمنحه لرئيس الغرفة المعنية صالحية إخطار المجلس الدستوري
2
إلبداء رأيه في إثبات حالة التنافي من عدمها ،يكون قد تجاوز اختصاصه".
ج-عدم امتداد الوظيفة الرقابية للمجلس الدستوري إلى مالئمة القانون أو أهدافه وبواعثه:
يجتمع معظم فقهاء القانون الدستوري إلى القول بأن الرقابة التي يمارسها القضاء الدستوري
هي رقابة فنية ذات طابع قانوني مجرد ،أي أنها رقابة يقتصر مداها فقط على المسائل الدستورية و
-1دهينه خالد "،أساليب عمل المجلس الدستوري في مجال رقابة المطابقة للدستور ورقابة الدستورية" ،مجلة الفكر
البرلماني ،مجلس األمة ،العدد ،64الجزائر ،6111 ،ص.44
-2الموقع اإللكتروني للمجلس الدستوري ،مرجع سابق.
62
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
ال يمتد إلى االختصاص التقديري للسلطة المختصة بالتشريع ،و ال إلى ما يتعلق لمالئمة التشريع و
ال بواعث إصداره أو ضرورته ،ألنها من عناصر السياسة التشريعية التي يمتنع على جهات الرقابة
التدخل فيها ،وعليه فإن المجلس الدستوري مطالب بموجب مبدأ الفصل بين السلطات عند ممارسته
وظيفته الرقابية التقيد بعدم التدخل في تلك المسائل وعدم التعرض لها ،واال أعتبر متجاو از لحدود
اختصاصاته الدستورية 1،حيث نجد أن المجلس الدستوري الجزائري التزم بهذا الضابط و يظهر هذا
2
من خالل اآلراء التي صدرت عنه.
الفرع الثالث
بالرغم من أن التنظيم المستقل ال يخضع في األصل إلى القانون ،إال أن ذلك ال يعني عدم
احترامه لمبدأ الشرعية ،وبالتالي فإن مخالفة التنظيم المستقل للقانون يعد اعتداء على هرم تدرج
القوانين.
وبالتالي إذا ما أردنا تقييم الرقابة الدستورية على التنظيمات فإننا سوف نقوم بتقييم ذلك من ناحيتين
وهما:
تعتبر الرقابة الدستورية من الناحية النظرية ،رقابة فعالة ومؤثرة ،وهذا نظ ار المتالك رئيس
الجمهورية لسلطة إخطار المجلس الدستوري ،عن أي إخالل برلماني أو مخالفة قانونية للدستور،
هذا إذا ما حاول القانون التعدي على التنظيم المستقل ،ذلك الذي يمنع سلطتي اإلخطار والمتمثلة
في كل من رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس األمة ،من التحرك إلخطار المجلس
-1الدبس عصام ،القضاء اإلداري ورقابته ألعمال اإلدارة ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان.6161،
-2الرأي رقم ،66/17المؤرخ في 66ديسمبر6166و المتعلق بمراقبة مطابقة القانون العضوي الذي يحدد كيفيات توسيع
تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة للدستور ،الذي جاء فيه أنه" :واعتبا ار أنه إذا كان ال يعود للمجلس الدستوري أن يحل
محل المشرع في تقديره لمدى اختيار النسب التي حددها والتي هي من اختيار السيد "...
63
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
الدستوري ،بحيث نجد التنظيم المستقل يتدخل في المجاالت المحفوظة للبرلمان ليشرع فيها بقوانين،
وكل هذا يرجع إلى التفوق المؤسساتي لرئيس الجمهورية.1
لقد وضح الواقع العملي على صحة االفتراضات التي يقتضها الجانب النظري البحث ،بحيث
أنه ومنذ إنشاء المجلس الدستوري ،بموجب دستور 6989لم يسجل أي ممارسة الختصاصه في
مجال رقابة التنظيمات المستقلة.
بحيث أنه ال يمكن للمجلس الدستوري ،على أن يتحرك من تلقاء نفسه ليمارس رقابة ذاتية ،بل يجب
أن تحرك من طرف سلطات اإلخطار ،و بالتالي إن لم تتحرك هذه السلطات فال يمكن للمجلس
الدستوري فعل أي شيء ،و هذا حتى في حالة التأكد من عدم دستورية تنظيم مستقل ،و على عكس
ذلك نجد أن رئيس الجمهورية يقوم بإخطار المجلس الدستوري حول النصوص التشريعية ،ونجده
أيضا يستعمل حقه في اإلخطار بشكل قوي* ،2ولذلك فقد عمد المؤسس الدستوري على توسيع
حاالت اإلخطار في التعديل الدستوري الجديد ،فباإلضافة إلى الجهات الثالث المعروفة سابقا ،تم
إضافة خمسين( )71نائب من أعضاء المجلس الشعبي الوطني ،وثالثين( )21نائب من أعضاء
مجلس األمة ،كما يمكن أن يكون بناءا على إحالة من طرف المحكمة العليا أو مجلس الدولة،3وهذا
كله من أجل حماية القانون من تعدي التنظيمات المستقلة .
في األخير فانه وبالرغم من استقالل السلطة التنظيمية عن القانون ،إلى أن الرقابة الدستورية
المسلطة عليها من طرف المجلس الدستوري هي رقابة ضعيفة ،وهي رقابة في خدمة السلطة
64
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
التنظيمية المستقلة ،وهذا من أجل حمايتها من التدخل واالعتداء عليها من طرف القانون أو التشريع
العادي ،ولحماية المجال الخصوصي للتنظيم المستقل من تدخالت البرلمان.
رغم فعالية الرقابة الدستورية على السلطة التنظيمية من الناحية النظرية ،إلى أن الجانب العملي قد
أثبت عكس ذلك ،وقد أثبت أيضا محدوديتها وقصورها.
المطلب الثاني
السمة التي تتمتع بها الدول الحديثة أنها دول قانون ،حيث تسعى إلى فرض حكمها على
إن ّ
جميع األفراد في سلوكهم وأعمالهم ،وكذلك فرضه على كل هيئات الدولة ،سواء المركزية منها
والالمركزية 1،وهذا ما تبنته الدولة الجزائرية ،ونجد ذلك في النصوص الدستورية الجزائرية المتعاقبة،
وهذا ما أكدت عليه المادة 14من دستور ،6911التي نصت على أن " :على كل شخص احترام
2
الدستور ،واالمتثال لقوانين الجمهورية وتنظيماتها ،ال يعذر أحد بجهل القانون".
وكذا المادة 14من التعديل الدستوري ،6161حيث نصت هذه األخيرة على ما يلي" :ال يعذر
بجهل القانون ،يجب على كل شخص أن يحترم الدستور وقوانين الجمهورية 3".ولتجسيد مفهوم
دولة القانون وتحقيقه على أرض الواقع يقتضي حسب الفقه توفر العديد من الضمانات ،من أهمها
4
تنصيب سلطة قضائية مستقلة.
-1بوضياف عمار ،دعوى اإللغاء في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ،جسور للنشر والتوزيع ،الجزائر،6119 ،
ص.18
-2المادة 71من دستور .5972
-3المادة 71من التعديل الدستوري .1152
-4بودريوة عبد الكريم" ،القضاء اإلداري في الجزائر :الواقع واالفاق" ،مجلة مجلس الدولة ،العدد ،12الجزائر ،1111
ص.19
65
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
وهذا ما أكدت عليه المادة 616من التعديل الدستوري 6161على تبني الجزائر لالزدواجية
القضائية يعني أن السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية قد أصبحت مؤمنة تحديدا بواسطة رقابة كل
من القضاء اإلداري (فرع أول) والقضاء العادي (فرع ثان).
الفرع األول
تعد التنظيمات الرئاسية الصادرة بموجب السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية طبقا للمعيار
الموضوعي المادي عمال تشريعيا ،ذلك ألن طبيعة القواعد القانونية التي تتضمنها قواعد عامة
ومجردة ،شأنها في ذلك شأن القوانين ،ومن ثمة فهي تعد أحد مصادر النظام القانوني في الدولة
1
وبالتالي تحتم اعتبارها أحد مصادر مبدأ المشروعية.
باعتبار التنظيمات الرئاسية عنص ار من عناصر المشروعية ،فإنه يحتم على السلطات
العمومية واإلدارية في الدولة احترامها والتقيد بها ،واال أنه يحق لألفراد اللجوء إلى القضاء للطعن
في الق اررات الصادرة بالمخالفة لها ،حيث أن المادة 616من التعديل الدستوري 6161نصت على
أن" :ينظر القضاء في الطعن في ق اررات السلطة اإلدارية ".ومنه يجب على القضاء اإلداري ممثال
في مجلس الدولة والجهات القضائية اإلدارية ،مراعاة التنظيمات الرئاسية وتطبيقها ،وتأمين السلطة
التنظيمية لرئيس الجمهورية بواسطة رقابة القضاء اإلداري تتم عن طريق رقابة بوصفها تحمي
المشروعية ورقابة تحد المشروعية.
تنقسم الدعوى اإلدارية إلى قسمين أساسيين وهما :دعاوي القضاء المشروعية ودعاوي قضاء
الحقوق ،فدعوى قضاء المشروعية هي تلك المجموعة من الدعاوي القضائية الموضوعية التي يحركها
ويرفعها أصحاب الصفة والمصلحة أمام جهات القضاء اإلداري المختصة.
-1سامي جمال الدين ،اللوائح اإلدارية وضمانة الرقابة اإلدارية ،منشأة دار المعارف ،مصر ،6986 ،ص.11
66
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
فدعاوي قضاء المشروعية تستهدف حماية مفهوم دولة القانون ومبدأ المشروعية في الدولة 1،وتتمثل
أهم دعاوي قضاء المشروعية في:
-دعوى اإللغاء
-دعوى التفسير
-دعوى فحص المشروعية
الرقابة القضائية ال تمارس إال بناءا على دعوى ترفع من صاحب الشأن ،فالقاضي ال يستطيع
أن يتدخل في المنازعات القائمة بين اإلدارة العمومية واألفراد من تلقاء نفسه ،إال إذا طلب منه ذلك،
فإذا لم يتدخل يعد مرتكبا لجريمة إنكار العدالة ، 2إال أنه توجد بعض التنظيمات الرئاسية الصادرة
بموجب السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ال يمكن الطعن فيها قضائيا أمام القضاء اإلداري ،وذلك
ألن هذا يعد من قبيل أعمال السيادة ، 3فإن القاضي عندما يرفع أمامه طعن ضد أحد التنظيمات
الرئاسية ،فإنه يعترض بعدم القبول ،ويؤكد ذلك من خالل قرار الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى
الصادر بتاريخ 11جانفي .6984
المطلب الثاني
باعتبار المجلس الدستوري في الجزائر هو المكلف برقابة احترام السلطات العمومية للقيود
الدستورية المفروضة عليها ،وهو المكلف أيضا بالرقابة على السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية
وهذا ابتداءا من دستور 6989و وصوال إلى دستور 6991وآخره التعديل الدستوري لسنة ،6161
-1عوابدي عمار ،قضاء التفسير في القانون اإلداري ،الطبعة الخامسة ،دار هومة ،الجزائر ،1112،ص.511
-2محمد تقية ،مبدأ المشروعية ورقابة القضاء على األعمال اإلدارية ،ملتقى قضاة الغرف اإلدارية ،الديوان الوطني
لألشغال التربوية ،الجزائر ،5991،ص.511
-3بن سرية سعاد ،مركز رئيس الجمهورية في تعديل ،1112دار بلقيس للنشر ،الجزائر ،1151،ص.527
67
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
ومن خالل هذا المطلب قمنا بالتطرق إلى استقراء بعض اجتهادات المجلس الدستوري التي طبقها
عندما يفصل في مدى دستورية النصوص القانونية ،فوجدنا أنه يفصلها من الناحية الشكلية (فرع
أول) ومن الناحية الموضوعية (فرع ثان).
الفرع األول
القيود الدستورية الشكلية المفروضة على السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية يمكن تعريفها
بأنها "تلك القواعد الدستورية التي عملت على تحديد المختص بممارسة السلطة التنظيمية ،في
1
المسائل غير المخصصة للقانون ،وكذا على تحديد وسيلة وكيفية ممارستها".
ومن خالل هذا التعريف يتبين لنا أن القيود الشكلية المتعلقة بالسلطة التنظيمية لرئيس
الجمهورية تنقسم إلى قيود متعلقة باختصاص ممارستها(أوال) ،وقيود وجوب احترام اإلجراءات المحددة
دستوريا(ثانيا).
حسب المادة 6/642من التعديل الدستوري ،6161فإن رئيس الجمهورية يمارس السلطة التنظيمية
في المسائل غير المخصصة للقانون و منه فإن التنظيمات الصادرة بموجب هذه السلطة تعد حك ار
على رئيس الجمهورية يمارسها بصفة شخصية ،و في حالة صدور هذه التنظيمات من جهة أخرى
غير رئيس الجمهورية ،فإن لجهات اإلخطار الحق في الطعن أمام المجلس الدستوري على أساس
عدم احترام قواعد االختصاص و كذلك أيضا رئيس الجمهورية عند ممارسته للسلطة التنظيمية فإنه
مقيد باحترام اختصاصه و عدم االعتداء عن طريق التنظيمات على مجال القانون المحدد في المادة
641و 646و مواد أخرى متفرقة في الدستور ،ففي حالة مخالفته لقواعد االختصاص فإن لجهات
اإلخطار كذلك الحق في الطعن أمام المجلس الدستوري على أساس عدم احترام قواعد االختصاص.
68
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
نجد أن المجلس الدستوري من خالل مراقبته لمدى دستورية المادة 6من األمر المتعلق
بالتقسيم القضائي ،قام بتفسير مجال السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية بشكل سلبي أي بعدم
اختصاصه بإنشاء المحاكم ضمن المجالس القضائية ،حيث قام المجلس الدستوري بتفسيرها أنها
تدخل في مجال واختصاص القانون 1،وهذا بمقتضى المادة 1/666وذلك من خالل رأيه رقم
14المؤرخ في ،6991/16/69والمتعلق بمدى دستورية المادة 6من األمر المتعلق بالتقسيم القضائي
2
المصادق عليه من طرف المجلس الوطني االنتقالي بتاريخ 1يناير .6991
تتعلق سالمة النصوص التنظيمية من الناحية الدستورية ،بمدى مراعاة القواعد الشكلية
واإلجرائية المحددة في الدستور.
فبالنسبة للقانون فقد اشترط المؤسس الدستوري أن تتم عملية وضعه بموجب مجموعة من
اإلجراءات ،وبمجموعة من األشكال والمراحل المعينة التي حددتها مواد الدستور ،كمرحلة االقتراح
وهذا حسب نص المادة 517من التعديل الدستوري ،1152ومرحلة الفحص والتصويت حسب نص
المادة 512من التعديل الدستوري ،1152وثم بعد ذلك تأتي مرحلة التصديق وهذا حسب المادة
3
511والمادة 511من التعديل الدستوري .1152
وبالتالي فانه في حالة عدم احترام البرلمان للمراحل واإلجراءات الدستورية السابقة يكون
القانون غير دستوري ،مما يستوجب تدخل المجلس الدستوري بعد إخطاره ،مما يعني خضوعه للرقابة
السياسية من طرف المجلس الدستوري.
-1رمضان فاطمة الزهراء ،مساهمة سلطة التقرير في عملية صنع القانون في الجزائر ،مذكرة ماجستير في القانون العام،
جامعة أبي بكر بلقايد ،تلمسان ،الجزائر ،6117-6114،ص.629
-2أنظر الموقع اإللكتروني للمجلس الدستوري الجزائري ،مرجع سابق.
-3مواد من التعديل الدستوري .1152
69
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
أما فيما يخص خضوع التنظيمات المستقلة للرقابة السياسية ،فانه يقتضي منا األمر البحث
في مدى تحديد الدستور للشكل واإلجراءات والمراحل المعينة لوضع التنظيم المستقل ،حيث أن تنظيم
الدستور لهذه المسألة يجعل التنظيمات المستقلة معرضة للرقابة السياسية ،فمخالفة هذه المراحل يعني
مخالفة األحكام الدستورية ،مما يضفي على التنظيم صفة الغير دستوري.1
وبالرجوع إلى نص المادة 511فقرة 5من التعديل الدستوري ،1152نجد أنها حددت الجهة المكلفة
بإصدار هذا النوع من التنظيمات والمتمثلة في رئيس الجمهورية ،2كما أنها حددت الوسيلة الدستورية
التي يمارس من خاللها هذا االختصاص.
وعلى خالف ذلك لم يحدد الدستور اإلجراءات أو المراحل التي يتعين على رئيس الجمهورية
إتباعها ،من اجل إصدار المرسوم التنظيمي المستقل ،وهذا على عكس القانون ،مما يعني أن المرسوم
الرئاسي يدخل حيز التنفيذ مباشرة بعد توقيعه و إصداره من طرف رئيس الجمهورية ،ولم يوجب
الدستور أيضا عرض أو اتخاذ المراسيم الرئاسية في مجلس الوزراء ،بالرغم من ترأسه من طرف
رئيس الجمهورية ،ولم يوجب أيضا ضرورة عرض المرسوم الرئاسي كمشروع على مجلس الدولة،
إلبداء الرأي فيه على غرار مشاريع القوانين ،وبالتالي فان عدم تحديد المؤسس الدستوري لهذا النوع
من اإلجراءات و المراحل و التنظيمات المستقلة ،فان الجهة المخطرة ال تستطيع أن تضمن في
رسالة األخطار أوجه مخالفة التنظيم لهذه المراحل و اإلجراءات ،ألنه ال وجود أصال ألحكام دستورية
في هذا المجال،3حيث أنه من غير المعقول القول بمخالفة الشيء إذا لم يكن ذلك الشيء موجود
أصال ،وهذا ما يعطي رئيس الجمهورية قدر كبير من الحرية و التقدير ،في ممارسة السلطة التنظيمية،
عكس البرلمان الذي يقيد بمجموعة من اإلجراءات أثناء وضع القانون ،و التي تمكن رئيس الجمهورية
70
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
من مواجهته في كل المراحل عن طريق إخطار المجلس الدستوري ،و كل هذه االمتيازات التي
يحتكرها رئيس الجمهورية تبقى و تخص فقط ممارسته للسلطة التنظيمية في الحاالت العادية.
أما فيما يخص ممارسة السلطة في الحاالت االستثنائية من طرف رئيس الجمهورية ،فهو
يخضع لمجموعة من اإلجراءات ،بحيث يترتب على مخالفتها عدم دستورية المرسوم الرئاسي ،وهذا
كله يرجع إلى خطورة ممارسة السلطة التنظيمية االستثنائية ،وما يترتب عليها من أثار خاصة تلك
المتعلقة بالحقوق والحريات العامة ،بحيث قام المؤسس الدستوري بإبراز كيفية ممارستها وضرورة
التقيد بها واحترامها ،وهذا ما نجده في حاالت الطوارئ والحصار ،والتي ال يمكن لرئيس الجمهورية
أن يقررها لوحده ،باإلضافة إلى حاالت التبعية وحالة الحرب.1
الفرع الثاني
على غرار ضرورة سالمة شكل التنظيمات الصادرة من طرف رئيس الجمهورية يستوجب
األمر أيضا أن يكون مضمون هذه األخيرة مراعيا ومحترما ألحكام الدستور ،كما يجب عليه أن
2
يحترم المبادئ العامة الدستورية المستنبطة منه ،وعلى رأسها مبدأ الفصل بين السلطات.
فأي مخالفة أو خروج عن روح ومقتضى الدستور يترتب عليه مباشرة إخطار المجلس
الدستوري بدعوى عدم دستورية التنظيمات المستقلة من الناحية الموضوعية ،وذلك أن المجلس
الدستوري أثناء مراقبته لعدم اعتداء رئيس الجمهورية بتنظيمه المستقل على اختصاص البرلمان يستند
في ذلك على مبدأ الفصل بين السلطات ،و مثال عن ذلك نجد رأي المجلس الدستوري الجزائري رقم
14المؤرخ في ،6991/16/69و الذي ينص من خالله على أن -...":اعتبا ار أن المؤسس
الدستوري ،باعتماده مبدأ الفصل بين السلطات كمبدأ أساسي لتنظيم السلطات العمومية ،قد عمد
-1بوضياف عمار ،القرار االداري ،دراسة تشريعية قضائية فقهية ،جسور للنشر والتوزيع ،الجزائر ،1117،ص.12
-2قارش أحمد ،مرجع سابق ،ص.91
71
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
إلى تحديد اختصاص كل منهما ،و التي ال يمكن أن تمارسه إال في المجاالت و وفق الكيفيات
1
التي حددها لها الدستور صراحة"...
72
الفصل الثاني امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة والتأمين
من خالل هذا الفصل الثاني توصلنا إلى عدة نتائج وسنقوم بعرضها على الشكل التالي:
-تبيان امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية إلى التشريع بأوامر وهذا في حالة شغور غرفتي
البرلمان أو في العطل البرلمانية وذلك في الحالة العادية وكذا التشريع بأوامر في الحالة االستثنائية
وهذا وفقا لمجموعة من الشروط التي قسمناها إلى موضوعية والى شروط شكلية.
-القيود الواردة على السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ،حيث توصلنا إلى أن هذه القيود تعمل في
مواجهة رئيس الجمهورية ويكمن ذلك بإلزامه عدم مخالفة القاعدة الدستورية التي نصت على
اختصاصه بممارستها وكذلك بعدم التنازل عن اختصاصه في ممارسة السلطة التنظيمية المخولة له
للغير.
-تبيان كيفية رقابة وتأمين السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية :تكون الرقابة على السلطة التنظيمية
لرئيس الجمهورية عن طريق المجلس الدستوري ،وذلك بطريقة اإلخطار والتي توصلنا أنه رغم التعديل
الدستوري لسنة 6161الذي جعل من المجلس الدستوري هيئة مستقلة إال أن ذلك ال يعكس الواقع
العملي بالنظر إلى تشكيلة المجلس الدستوري.
-كيفية تأمين السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ،والتي بينها بأنها مؤمنة عن طريق القضاء
اإلداري وعن طريق القضاء العادي.
73
خاتمة
بعد دراستنا لموضوع السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية يمكننا القول أن السلطة التنظيمية
في الجزائر تعد أسمى عملية في الدولة كون المشرف عليها هو حامي الدستور ممثال في رئيس
الجمهورية ،هذا األخير الذي يحظى بامتياز كبير على البرلمان من خالل مساهمته في وضع القواعد
العامة و المجردة المنظمة لحياة األفراد ،كما تتمتع السلطة التنظيمية بمكانة هامة في النظام السياسي
الجزائري و ذلك الستالئها على مجاالت كانت حك ار على البرلمان هذا ما تأكد لنا جراء إطالق
المؤسس الدستوري الجزائري لمجال السلطة التنظيمية المستقلة في جميع الميادين غير المخصصة
للقانون وفقا لنص المادة 341من التعديل الدستوري ،6132ما جعلها تستقطب كل الميادين ،بينما
حصر اختصاص البرلمان بمجاالت معينة يتقيد بها و ال يستطيع الخروج منها ،و بالتالي فالسلطة
التنظيمية هي السلطة األولى في الجزائر كونها تتمتع على العمومية و السمة البارزة على السلطة
التشريعية ،من خالل دراستنا لهذا الموضوع نستخلص أن امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية
إلى التشريع بأوامرّ ،إنما هو تجاوز وتعدي خطير على السلطة التشريعية ،وبعبارة أخرى ّإنما هو
اغتصاب للسلطة التشريعية ،وهذا ما يعكس المبدأ المكرس في الدستور أال وهو مبدأ الفصل بين
السلطات ،لكن بالتعديل الدستوري الجزائري الجديد لسنة 6132يمكن القول أن المؤسس الدستوري
الجزائري قد سيكبح رئيس الجمهورية نوعا ما من استخدام هذه السلطة وذلك بتقليصه دورات البرلمان
إلى دورة واحدة في السنة ،مدتها 31أشهر ،حسب رأيينا هذا لن يقيد من سلطة رئيس الجمهورية
في التشريع بأوامر مادام أن البرلمان سلطة عقيمة تنصاغ دائما إلى السلطة التنفيذية باعتبار أن
اللون السياسي الحاكم هو الطاغي في البرلمان ،من خالل ما سبق نستخلص أن السلطة التنظيمية
لرئيس الجمهورية تعد أسمى عملية في الدولة كون المشرف عليها هو حامي الدستور ،الذي يحظى
بامتياز كبير على البرلمان من خالل مساهمته في وضع القواعد العامة و المجردة المنظمة لحياة
األفراد ،لكن إطالق السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية لها عدة نقائص التي تجعل منها سلطة
تخرج عن المبدأ الموجود في الدستور أال و هو مبدأ الفصل بين السلطات ،إضافة عدم وجود استشارة
قبلية لمجلس الدولة أثناء عملية اصدار التنظيمات ،و من النقائص أيضا التي تعاب على السلطة
التنظيمية غياب رقابة المجلس الدستوري بشكل واقعي على التنظيمات الرئاسية .
74
خاتمة
من خالل هذه النقائص قمنا باقتراح مجموعة من النقائص والمتمثلة في :أنه من الضروري
أن يقوم المؤسس الدستوري بتخفيف العبئ الملقى على كاهل رئيس الجمهورية من خالل تفويض
سلطته التنظيمية للوزير األول ،ولتفعيل دور المجلس الدستوري في الرقابة على السلطة التنظيمية
لرئيس الجمهورية ،نقترح إعادة صياغة تشكيلة المجلس الدستوري وذلك بالخصوص كيفية تعيين
رئيس المجلس الدستوري ونائبه ،أما فيما يخص كيفية اإلخطار نقترح أن يتحرك المجلس الدستوري
من تلقاء نفسه دون تقييد بجهات اإلخطار المنصوص عليها في الدستور ،ونقترح أيضا على
المؤسس الدستوري أن يعود لما كان معمول به في السابق فيما يخص الرقابة السابقة و الالحقة على
دستورية القوانين و التنظيمات ( دستور .)3992
75
قائمة المراجع
قائمة المراجع
أوال :باللغة العربية
.Iالكتب:
.1أوصديق فوزي ،الوافي في شرح القانون الدستوري الجزائري ،الجزء الثالث ،الطبعة الثالثة،
د.م.ج ،الجزائر.8002،
.8إيمان عبد المنعم عامر ،تاريخ أوروبا في العصر الحديث والمعاصر ،دار التعاون للطباعة،
مصر ،د.س.ن.
.3بدرية جاسر صالح ،مجال الالئحة في فرنسا ،مطبوعات جامعة الكويت ،الكويت.1110 ،
.4بن سرية سعاد ،مركز رئيس الجمهورية في تعديل ،8002دار بلقيس للنشر ،الجزائر.8010،
.5بوضياف عمار ،النظام القضائي الجزائري ،دار ريحانة للنشر والتوزيع ،الجزائر.8003،
.6بوالشعير سعيد ،النظام السياسي الجزائري ،الطبعة الثانية ،دار الهدى للنشر والطباعة
والتوزيع ،الجزائر.1113 ،
.7بو الشعير سعيد ،النظام السياسي الجزائري ،دار الهدى ،الجزائر ،سنة.1110
.2ديدان مولود ،مباحث في القانون الدستوري والنظم السياسية ،دار النجاح للكتاب ،الجزائر،
د.س.ن.
.1ذبيح ميلود ،الفصل بين السلطات في التجربة الدستورية الجزائرية ،دار الهدى ،الجزائر،
.8007
.10سامي جمال الدين ،اللوائح اإلدارية وضمانة الرقابة اإلدارية ،دراسة تحليلية لسلطة اإلدارة
في إصدار اللوائح التنفيذية واللوائح المستقلة ومدى سلطة القضاء في الرقابة عليها بالمقارنة
مع فرنسا ،منشأ المعارف ،مصر.1128 ،
.11سعيدي فرحات ،التشريع المفوض والمنافس في الجزائر منذ ،3691مذكرة لنيل شهادة
ماجستير في القانون ،فرع اإلدارة والمالية ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر.2002 ،
76
قائمة المراجع
.80قصير مزياني فريدة ،مبادئ القانون اإلداري الجزائري ،مطبعة عمار قرفي ،الجزائر.8001 ،
.81محمد الصغير بعلي ،القانون اإلداري (التنظيم اإلداري) ،دار العلوم للنشر والتوزيع،
الجزائر.8005،
.88محمد الصغير بعلي ،القانون اإلداري (التنظيم اإلداري) ،دار العلوم للنشر والتوزيع ،الجزائر
.8008،
.83محمد محمود حافظ ،القانون اإلداري ،دار النهضة العربية ،مصر.1175،
.42هاملي محمد ،هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية في النظام الدستوري الجزائري،
(دراسة مقارنة بالنظامين المصري والفرنسي) ،دار الجامعة الجديدة ،مصر.8014،
77
قائمة المراجع
.IIالمجالت:
.1بدرية جاسر الصالح" ،التشريع الحكومي في الكويت" ،مجلة المحاماة ،العدد ،08الكويت،
سنة .1110ص ص .36585
.8بلحاج نسيمه" ،العالقة بين النصوص التشريعية والتنظيمية (...ضوابط دستورية...ضمانات
المشروعية ،")...مجلة الفكر البرلماني ،العدد ،11الجزائر ،سنة .8002ص ص .30515
.3بلمامي عمر" ،إثر االتفاقيات الدولية في إعمال فكرة النظام العام في الجزائر" ،مجلة العلوم
االجتماعية واإلنسانية ،جامعة باتنة ،العدد الرابع ،الجزائر ،1115 ،ص ص.48581
.4بو الشعير سعيد" ،التشريع عن طريق األوامر بين القيود الدستورية والممارسة العملية" ،مجلة
االجتهاد القضائي ،المجلد ،81العدد ،41الجزائر ،8011 ،ص ص .86516
.5بوتيرة علي" ،ضوابط الرقابة على دستورية القوانين في ظل ممارسات المجلس الدستوري
الجزائري" ،مجلة الفكر البرلماني ،مجلس األمة ،الجزائر ،العدد ،8004 ،05ص ص .68542
.6بودريوة عبد الكريم" ،القضاء اإلداري في الجزائر :الواقع واالفاق" ،مجلة مجلس الدولة ،العدد
،06الجزائر ،8005 ،ص ص .8052
.7دهينه خالد" ،أساليب عمل المجلس الدستوري في مجال رقابة المطابقة للدستور ورقابة
الدستورية" ،مجلة الفكر البرلماني ،مجلس األمة ،العدد ،14الجزائر ،8006 ،ص ص .47532
.2صادق محمد علي الحسيني" ،الوظيفة االستشارية لمجلس الشورى الدولة العراقي" ،مجلة أهل
البيت ،جامعة أهل البيت ،العدد ،07العراق ،8001 ،ص ص .1855102
.1عمرو أحمد حسبو" ،اللوائح الصادرة في الظروف العادية وفقا لدستور دولة االمارات العربية
المتحدة" ،مجلة الفكر الشرطي ،شرطة الشارقة ،العدد األول ،اإلمارات .1116 ،ص ص.66547
.10شيهوب مسعود" ،المجلس الدستوري :قاضي انتخابات" ،مجلة المجلس الدستوري ،مجلة
نصف سنوية متخصصة تصدر عن المجلس الدستوري ،العدد رقم ،03الجزائر ،2031 ،ص
ص .332.300
78
قائمة المراجع
79
قائمة المراجع
.5بن مالك بشير ،االختصاص التنظيمي للسلطة التنفيذية في الجزائر على ضوء دستور 22
نوفمبر ،3666مذكرة لنيل شهادة ماجستير في القانون العام ،معهد العلوم القانونية واإلدارية،
جامعة جياللي اليابس ،سيدي بلعباس ،الجزائر.3666-3662 ،
.6بن نملة صليحة ،مرونة نطاق السلطة التنظيمية في الجائر ،مذكرة ماجستير ،فرع اإلدارة
والمالية ،كلية الحقوق والعلوم اإلدارية ،جامعة الجزائر ،سنة .8000
.7ذوادي عادل ،السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية ،مذكرة ماجستير في العلوم القانونية،
تخصص قانون دستوري ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة الحاج لخضر ،باتنة،
.8013/8018
.2رمضان فاطمة الزهراء ،مساهمة سلطة التقرير في عملية صنع القانون في الجزائر ،مذكرة
ماجستير في القانون العام ،جامعة أبي بكر بلقايد ،تلمسان ،الجزائر.8005-8004،
.1سعيدي فرحات ،التشريع المفوض والمنافس في الجزائر منذ ،1163مذكرة ماجستير ،كلية
الحقوق ،جامعة الجزائر.8008 ،
.10عبد الالوي زينب ،توزيع السلطة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في ظل دستور
،1116مذكرة لنيل شهادة ماجستير في العلوم القانونية ،تخصص قانون دستوري ،كلية
الحقوق والعلوم السياسية ،قسم العلوم القانونية ،جامعة الحاج لخضر ،باتنة.8004/8003 ،
.11كيواني قديم ،السلطة التنظيمية في التعديل الدستوري لسنة ،8002بحث لنيل شهادة
الماجستير في القانون ،فرع قانون المؤسسات ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر.8018/8011 ،
.18مزياني حميد ،عن واقع االزدواجية التشريعية والعمل التشريعي في النظام الدستوري الجزائري
(دراسة مقارنة) ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون ،فرع تحوالت الدولة ،مدرسة الدكتوراه
للقانون األساسي والعلوم السياسية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة مولود معمري ،تيزي
وزو.8011،
80
قائمة المراجع
مذكرة الماستر:
شية حسين ،شرشاوي فروق ،التشريع بأوامر-سلطة تشريعية موازية؟ ،-مذكرة لنيل شهادة
ّ .1
الماستر في الحقوق ،قانون عام ،تخصص قانون الجماعات اإلقليمية ،كلية الحقوق والعلوم
السياسية ،جامعة بجاية.8013/8018 ،
.IVالملتقيات:
.1خوالدية فؤاد ،المجلس الدستوري ،8016قراءة قانونية وسياسية في الحال والمآل ،مداخلة
ألقيت في إطار ملتقى وطني حول المجلس الدستوري في ضوء تعديل 06مارس
"8016إصالحات مقررة في انتظار الممارسة" ،جامعة بجاية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية87 ،
أفريل .8017ص.13
.8كيحل كمال ،التشريع بأوامر في الدستور الجزائري ،الملتقى الدولي الثاني حول التعديالت
الدستورية في البلدان العربية ،كلية الحقوق والعلوم اإلدارية ،جامعة االغواط ،ايام-6-5
7ماي.8002
.Vالنصوص القانونية:
النصوص التأسيسية:
.1دستور ،1176الصادر بموجب مرسوم رئاسي ،17-76مؤرخ في 88نوفمبر ،1176ج.
ر .ج .ج.د.ش ،العدد ،14لسنة ،1176الصادر في 88نوفمبر .1176
.8دستور 83فيفري ،1121المنشور بموجب المرسوم الرئاسي ،12-21مؤرخ في 82فيفري
،1121ج.ر.ج.ج.د.ش ،العدد ،01الصادر في أول مارس .1121
.3دستور ،1116المنشور بموجب المرسوم الرئاسي ،432-16مؤرخ في 7ديسمبر ،1116
المعدل والمتمم ،ج.ر.ج.ج.د.ش ،العدد ،76الصادر في 02ديسمبر لسنة .1116
.4التعديل الدستوري الصادر بمقتضى القانون رقم ،10-16المؤرخ في 06مارس ،8016
ج.ر.ج.ج.د.ش ،العدد ،14الصادر في 07مارس .8016
االتفاقيات الدولية:
.1ميثاق األمم المتحدة ،الموقع في 86جويلية ،1145دخل حيز التنفيذ بتاريخ 84أكتوبر.1145
81
قائمة المراجع
النصوص التنظيمية:
.1مرسوم رئاسي رقم ،143/21مؤرخ في 7أوت ،1121متعلق بالقواعد الخاصة بتنظيم المجلس
الدستوري والقانون األساسي لبعض موظفيه ،ج.ر.ج.ج.د.ش ،عدد.38
.8مرسوم رئاسي رقم ،116-11المؤرخ في 04جوان ،1111المتعلق بحالة الحصار
المرسوم الرئاسي رقم ،44-62المؤرخ في 6فيفري ،3662يتضمن إعالن حالة الطوارئ، .1
82
الفهرس
الفهرس
العنوان ...............................................................................الصفحة
كلمة شكر2.............................................................................
إهداء3..................................................................................
قائمة المختصرات4......................................................................
مقدمة5.................................................................................
83
الفهرس
84
الفهرس
امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية للتشريع بأوامر وخضوعها للرقابة الفصل الثاني:
والتأمين 41....................................................................................
امتداد السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية إلى سن القواعد التشريعية47...... المبحث األول:
85
الفهرس
الفرع األول :تشريع رئيس الجمهورية عن طريق األوامر وفقا لنص المادة 41..............142
أ-الشروط الموضوعية50....................................................................
ب-الشروط الشكلية51.......................................................................
الفرع الثاني :تشريع رئيس الجمهورية عن طريق األوامر وفقا لنص المادة 52.............131
الفرع األول :السلطة التنظيمية مؤمنة بواسطة الوظيفة االستشارية لمجلس الدولة51............
86
الفهرس
خاتمة74.................................................................................
قائمة المراجع71..........................................................................
الفهرس13................................................................................
87
ﻣﻠﺧص
أﻗـ ــر اﻟﻣؤﺳـ ــس اﻟدﺳـ ــﺗوري اﻟﺟ ازﺋـ ــري ﻟ ـ ـرﺋﯾس اﻟﺟﻣﻬورﯾـ ــﺔ وﻓﻘـ ــﺎ ﻟﻠﻣـ ــﺎدة 1/143ﻣـ ــن اﻟﺗﻌـ ــدﯾل
اﻟدﺳــﺗوري 2016ﺑﺻــﻼﺣﯾﺔ ﻣﻣﺎرﺳــﺔ اﻟﺳــﻠطﺔ اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾــﺔ ﻓــﻲ اﻟﻣﺳــﺎﺋل ﻏﯾــر اﻟﻣﺧﺻﺻــﺔ ﻟﻠﺑرﻟﻣــﺎن ،
ﻣﺎﻧﺣﺎ ﻟﻪ ﺑذﻟك ﻣﺟﺎﻻ واﺳﻌﺎ ﻏﯾر ﻣﺣدد ﯾﻣﺎرس ﻣن ﺧﻼﻟﻪ اﺧﺗﺻﺎﺻـﻪ اﻟﺗﻧظﯾﻣـﻲ ،و ﺑﺎﻟﻣﻘﺎﺑـل ﺣﺻـر
اﻟﻣؤﺳس اﻟدﺳﺗوري ﻣﺟﺎل اﻟﺑرﻟﻣـﺎن ﺑﺗﺣدﯾـد اﻟﻣﯾـﺎدﯾن اﻟﺗـﻲ ﯾﻣﻛـن أن ﯾﺷـرع ﺑﻬـﺎ اﻟﺗـﻲ ﻧﺟـد أﺳﺎﺳـﻬﺎ ﻓـﻲ
اﻟﻣــﺎدﺗﯾن 140و 141ﻣــن اﻟﺗﻌــدﯾل اﻟدﺳــﺗوري 2016و ﻣـواد أﺧــرى ﻣﺗﻔرﻗــﺔ ﻓــﻲ اﻟدﺳــﺗور ،وﻫــذا ﻣــﺎ
ﺟﻌل اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ﻟرﺋﯾس اﻟﺟﻣﻬورﯾﺔ آﻟﯾﺔ دﺳﺗورﯾﺔ ﻣدﻋﻣﺔ ﻟﻣرﻛز رﺋﯾس اﻟﺟﻣﻬورﯾـﺔ ﻓـﻲ ﻣواﺟﻬـﺔ
اﻟﺑرﻟﻣﺎن ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺻﻧﻊ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛذﻟك ﻣﻧﺢ اﻟدﺳﺗور ﻟرﺋﯾس اﻟﺟﻣﻬورﯾﺔ ﻛل اﻟوﺳﺎﺋل اﻟدﺳـﺗورﯾﺔ اﻟﺗـﻲ
ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﺳﯾطرة و اﻟﺗﺷـرﯾﻊ ﺣﺗـﻰ ﻓـﻲ اﻟﻣﺟـﺎل اﻟﻣﺧﺻـص ﻟﻠﺑرﻟﻣـﺎن ،ﻟﻛـن إطـﻼق ﺳـﻠطﺗﻪ
اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾــﺔ ﻫــذا ﻻ ﯾﻌﻧــﻲ ﻋــدم ﺧﺿــوﻋﻬﺎ ﻟﻠرﻗﺎﺑــﺔ ،ﻓــﺈن ﻛــﻼ ﻣــن اﻟﺗﻧظــﯾم و اﻟﻘــﺎﻧون ﯾﺧﺿــﻌﺎن ﻟﻠرﻗﺎﺑــﺔ
اﻟدﺳــﺗورﯾﺔ وﻓﻘ ــﺎ ﻟﻠﻣ ــﺎدة 186ﻣــن اﻟﺗﻌ ــدﯾل اﻟدﺳ ــﺗوري ،2016ذﻟــك ﻓ ــﻲ ﺣﺎﻟ ــﺔ ﺗﻌــدﯾﻬﻣﺎ ﻋﻠ ــﻰ ﻣﺟ ــﺎل
اﻵﺧــر ،ﻫــذا ﻣــﺎ ﯾﺟﻌــل ﻫــذا اﻷﺧﯾــر ﺣﺎرﺻــﺎ ﻋﻠــﻰ ﺗــﺄﻣﯾن اﻟﺳــﻠطﺔ اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾــﺔ ﻟـرﺋﯾس اﻟﺟﻣﻬورﯾــﺔ ،وﻓــﻲ
ﻧﻔس اﻟوﻗت ﻣراﻗﺑﺎ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ﻣن ﺗﻌدﯾﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺟﺎل اﻟﻘﺎﻧون.