You are on page 1of 60

‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬

‫معمق‬

‫جــامـعــة أبو بكر بلقــايد‬


‫كلية الحقوق و العــلوم السياسية‬

‫محاضرات في مقياس‬
‫سلطات الضبط اإلداري‬

‫مقياس السداسي األول للسنة الثانية ماستر‬


‫القانون العام المعمق‬
‫األستاذ‪ :‬بن عودة حسكر مراد‬

‫السنة الجامعية‪2018-2017 :‬‬


‫المقدمة‬
‫يتناول هذا المقياس من جهة محتوى عمل اإلدارة من حيث الوظائف الموكلة لها ‪ ،‬سواء‬
‫تعلق األمر بالضبط اإلداري و المرفق العام ؛ ‪.‬كما تستهدف هذه المادة اإلحاطة بكل ما يتعلق‬
‫بالنشاط اإلداري من حيث المحتوى ‪ ،‬سواء تعلق األمر بالضبط اإلداري أو بالمرفق العام أو من‬
‫حيث الوسائل المستخدمة ‪،‬سواء قرارات إدارية أو عقود إدارية ‪.‬و سنركز في دراستنا على‬
‫نظرية الضبط اإلداري السيما سلطات الضبط اإلداري ‪.‬‬
‫تعد وظيفة الضبط اإلداري من أولى واجبات الدولة وأهمها‪ ،‬فهي ضرورة الزمة لضمان‬
‫اإلستقرار داخل المجتمع‪ ،‬اذ بدونها تعم الفوضى وينهار النظام اإلجتماعي وتزول القيم ‪ .‬فمن‬
‫‪1‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫خالل وظيفة الضبط اإلداري تعمل الدولة على محاولة التوفيق بين فكرتين قد تبدو متناقضتين‬
‫وهما الحرية والنظام ‪.‬‬
‫يعتبر الصراع بين الحرية والسلطة صراع قديم قدم البشرية‪ ،‬بحيث يسعى األفراد إلى فرض‬
‫وجودهم من خالل التشبط في فكرة الحرية المطلقة‪ ،‬في حين تعمل الدولة على فرض سلطانها‬
‫وسيادتها بإعتبارها سلطة عامة‪ ،‬مما قد يؤدي إلى حدوث اضطرابات في الكيان االجتماعي‬
‫وبالتالي انتشار الفوضى وعدم االستقرار ‪.‬‬
‫ومن أجل تحقيق التعايش بين فكرة الحرية والسلطة‪ ،‬فإن غالبية األنظمة الديمقراطية المبنية على‬
‫فكرة سيادة القانون‪ ،‬تكرس لألفراد جملة من الحقوق والحريات في الدستور وغيرها من القوانين‬
‫األخرى من جهة‪ ،‬وتبين لهم حدودها وشروط ممارستها من جهة أخرى‪.‬‬
‫يعتبر النظام العام من أهم الحدود التي يلتزم األفراد أثناء ممارستهم لحقوقهم وحرياتهم بعدم‬
‫تجاوزه أو المساس به‪ ،‬وذلك باعتباره الركيزة التي يقوم عليها النظام االجتماعي‪ ،‬أي ال يمكن‬
‫تصور أي استقرار في حالة تعكير النظام العام و اضطرابه ‪.‬‬
‫ومن أجل تجسيد ذلك‪ ،‬فإنه يقع على عاتق الدولة من خالل سلطات الضبط اإلداري الوطنية ممثلة‬
‫في رئيس الجمهورية والوزير األول والو ا رء وسلطات الضبط اإلداري المحلية ممثلة في‬
‫الوالي ورئيس المجلس الشعبي البلدي اتخاذ اإلج ا رءات القانونية والمادية الضرورية والالزمة‬
‫لصيانة النظام بصفة وقائية‪ ،‬وذلك بالعمل على التوفيق بين الحرية والنظام‪ ،‬مع تطبيق المبدأ‬
‫القائل بأن الحرية هي األصل والتقييد هو االستثناء‪.‬‬
‫إذ يعد الضبط اإلداري أهم وظيفة من وظائف اإلدارة العامة في الدولة‪ ،1‬بل امتياز من‪،‬‬
‫امتيازات السلطة العامة‪ ،2‬المتمثلة في مراقبة وتنظيم النشاط الفردي في شتى المجاالت‪ 3‬عن‬
‫طريق فرض القيود والضوابط على حريات األفراد بهدف حماية النظام العام في المجتمع ‪.‬فمن حق سلطات‬
‫الضبط اإلداري أن تفرض على األفراد قيودا تحد بها من حرياتهم ونشاطاتهم‪ ،‬وذلك من خالل ما‬
‫تصدره من إجراءات وتدابير سواء كانت عامة أو فردية لضمان سالمة المجتمع ووقايته من كل‬
‫االضطرابات قبل وقوعها أو منع تفاقمها أو وقفها عند وقوعها‪ .4‬فسلطات الضبط اإلداري تعمل‬
‫من جهة على حماية الدولة من كل المخاطر التي تهدد استقرارها ووحدتها‪ ،‬ومن جهة أخرى‬
‫حماية األفراد من المخاطر التي ال يمكن بمفرده استبعادها سواء تسبب فيه األفراد أنفسهم أو‬
‫الحيوانات أو الظروف الطبيعية‪.5‬‬

‫‪1‬محمد محمد عبده إمام‪ ،‬القانون اإلداري وحماية الصحة العامة‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ، 2007 ،‬ص ‪.275‬‬
‫‪CHEVENEMENT Jean Pierre , « difficultés et légitimité de la contrainte », discours 2‬‬
‫‪colloque intitulé: « puissance publique ou impuissance publique », organisé d'ouverture l'ors de‬‬
‫‪conjointement par le ministère de‬‬
‫‪l'intérieur et l'université Paris I, Panthéon Sorbonne, publier dans la revue A.J.D.A, 20‬‬
‫‪.juillet 20 août 1999, n°spécial, p 06‬‬
‫‪3‬خالد خليل الظاهر‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار الميسرة للنشر والتوزيع والطباعة‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪،1997،‬ص‪.36‬‬
‫‪ 4‬اعاد حمود القيسي‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬دار وائل للطباعة والنشر‪ ، 1998،‬ص ‪.147‬‬
‫‪CASTAGNE Jean, Le contrôle juridictionnel de la légalité des actes de police 5‬‬
‫‪doctorat en droit, faculté de droit et des sciences économiques, 1961, administrative, thèse pour le‬‬
‫‪p37.‬‬
‫‪2‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫تتمتع سلطات الضبط اإلداري بامتيازات السلطة العامة‪ ،‬مما يسمح لها باتخاذ كافة اإلجراءات‬
‫بطريقة انفرادية ‪ ،‬مع إمكانية اللجوء إلى التنفيذ الجبري والمباشر ‪.‬هذا الوضع قد يؤدي إلى خلق‬
‫نوع من التعسف من جانب سلطات الضبط اإلداري و إلحاق أضرار باألفراد ‪،‬هذا ما دفع بالعديد‬
‫من التشريعات إلى تقرير مبدأ مسؤولية سلطات الضبط اإلداري على تصرفاتها ‪ ،‬بحيث يجوز‬
‫لكل من تضرر من جراء هذه األعمال اللجوء إلى الجهة القضائية المختصة للمطالبة بإلغائـــها أو‬
‫التعويض عن األضرار المترتبة عنها‪.‬‬
‫ومن أجل تسليط الضوء على هذا الموضوع ارتأينا تقسيمه إلى أربعة محاور وهي‪:‬‬
‫المحور األول ‪:‬مفهوم الضبط اإلداري‬
‫المحور الثاني ‪:‬أنواع الضبط اإلداري‬
‫المحور الثالث ‪:‬أساليب ممارسة نشاط الضبط اإلداري‬
‫المحور الرابع ‪:‬خضوع أعمال الضبط ااإلداري لرقابة القضاء‪.‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬مفهوم الضبط اإلداري‬
‫إن المحافظة على النظام العام في الدولة في ظل اإلفراط من بعض المواطنين في استغالل الحياة‬
‫بصفة مطلقة و دون ضوابط حتى صار األمر ينقلب إلى ضده ‪,‬أدى إلى ضرورة وجود سلطة‬
‫مختصة تعمل على تحقيق أغراض الوظيفة اإلدارية في الدولة سميت بالضبط اإلداري أو‬
‫البوليس اإلداري لضبط الحريات حتى ال يساء استعمالها من اجل المحافظة على النظام العام‪.‬‬
‫تعد كلمة الضبط كلمة مبهمة إذ تشمل في طياتها معاني متباينة لغويا وفلسفيا وقانونيا‪.6‬‬
‫وما يزيد في غموض المصطلح هو عدم تعرض المشرع إلى تعريفه بصورة محددة وقاطعة‪ ،‬بل‬
‫اكتفى بتحديد غرضه المتمثل في النظام العام بمختلف عناصره‪.7‬‬
‫فالمشرع الفرنسي عرف الضبط اإلداري بالنظر إلى هدفه والمتمثل في حماية حسن‬
‫النظام‪ ،‬السكينة‪ ،‬األمن والنظافة العمومية‪ ،‬وهذا طبقا المادة ‪ 22-12‬من التقنين العام للهيئات‬
‫المحلية‪. 8‬‬
‫ونفس النهج انتهجه المشرع الجزائري والذي يظهر من خالل المادة ‪ 114‬من قانون‬
‫الوالية التي نصت على على أن الوالي مسؤول على المحافظة على النظام واألمن والسالمة‬
‫والسكينة العمومية‪.9‬‬
‫ونفس الشيء بالنسبة لرئيس المجلس الشعبي البلدي حيث نصت المادة ‪ 88‬من قانون‬
‫البلدية على التزام هذا األخير بالسهر على المحافظة على النظام والسكينة والنظافة العمومية ‪.‬‬
‫نفس االلتزام تم التأكيد عليه بموجب المادة ‪ 94‬من نفس القانون وذلك بتكليف رئيس المجلس‬
‫الشعبي البلدي بالسهر على المحافظة على النظام العام‪....‬الخ‪.10‬‬

‫‪6‬عاشور سليمان شوايل‪ ،‬مسؤولية الدولة عن أعمال الضبط اإلداري في القانون الليبي والمقارن جنائيا وإداريا‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربيةـ القاهرة‪،2002،‬ص‪.89‬‬
‫‪7‬‬
‫نواف‪،2002،‬ص‪ .264‬كنعان‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‬
‫‪8‬عرف المشرع الفرنسي الضبط اإلداري بتحديد هدفه من خالل القانون البلدي الصادر في ‪ 09‬سبتمبر ‪ 9219‬والذي تم‬
‫تعديله بموجب القانون المؤرخ في ‪ 22‬أفريل ‪ 9994‬حيث نصت المادة ‪ 12‬منه على أنه "‪:‬يختص البوليس البلدي)المحلي(‬
‫بالمحافظة على حسن النظام‪ ،‬األمن العام‪ ،‬والصحة العامة‪".‬‬
‫‪9‬‬
‫قانون رقم ‪ 07-12‬مؤرخ في ‪ 21‬فيفري‪ ،2012‬يتعلق بالوالية‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 12‬صادرة في ‪ 29‬فيفري‪.2012‬‬
‫‪ 10 .‬قانون رقم ‪10-11‬مؤرخ في ‪22‬جوان ‪ ،2011‬يتعلق بالوالية‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 37‬صادرة في ‪ 03‬جويلية ‪.2011‬‬
‫‪3‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫فعدم تعرض المشرع إلى تعريف فكرة الضبط اإلداري فتحت المجال أمام الفقه ليستكمل‬
‫النقص وتوضيح الغموض الذي يكتنف هذه الفكرة‪ ،‬وان اختلفت توجهاتهم وذلك باختالف الزاوية‬
‫التي ينظر منها إلى الضبط اإلداري‪.11‬‬
‫و يتمثل البوليس أو الضبط في إحدى نشطات السلطة اإلدارية فيكون الضبط اإلداري وهذا‬
‫المعنى هو األهم في القانون اإلداري ‪ ,‬ألنه يمثل إحدى النشطات األساسية لهذه السلطات وهذا‬
‫النشاط هو مجموع التدخالت اإلدارية التي تجسد في شكل التنظيمات‪.‬‬
‫و في الحقيقة نجد عدة تعاريف للضبط اإلداري منها‪:‬‬
‫حسب الدكتور عبد الغني بسيوني عبد هللا ( الضبط اإلداري يقصد به مجموع اإلجراءات‬
‫و األوامر و القرارات التي تتخذها السلطة المختصة بالضبط من اجل المحافظة على النظام العام‬
‫في المجتمع )‪.12‬‬
‫ويرى الدكتور جمال مطلق الذنيات (يعرف الضبط اإلداري بأنه مجموعة من األنظمة و‬
‫القرارات التي يتطلبها تحقيق أهداف الجماعة بالمحافظة على النظام العام بعناصره األساسية‬
‫اآلمن العام و الصحة العامة و السكينة العامة و األخالق و اآلداب العامة‪.13‬‬
‫وكذلك تعريف األستاذ جين ريفيرو بان ( نقصد بالضبط اإلداري مجموعة التدخالت اإلدارة التي‬
‫تهدف إلى فرض على حرية األفراد االنضباط المطلوب للعيش في المجتمع اإلطار المحدد من‬
‫المشرع ) ‪.14‬‬
‫وكذلك تعريف األستاذ اندري دي لوبادر الذي جاء فيه ( إن البوليس اإلداري هو شكل من أشكال‬
‫تدخل بعض السلطات اإلدارية يتضمن فرض حدود على حريات الفرد بغرض ضمان حماية‬
‫النظام العام‪.‬‬
‫رغم كل هده التعاريف يمكن إرجاع تعريف الضبط اإلداري الى الفقه التقليدي و الفقه الحديث ‪:‬‬
‫‪ / 1‬التعريف التقليدي للضبط اإلداري‪:‬‬
‫كلمة بوليس أو الضبط مشتقة من الكلمة الالتينية ‪ ، politia‬والتي اشتقت من الكلمة‬
‫االغريقية ‪ ، 15polis‬والتي كانت تعني دستور المدينة أو دستور الدولة‪ .‬ثم أصبحت تعني إدارة‬
‫اإلغريقية إدارة الدولة أو الحكومة ‪.‬و أخيرا استعملت بمعنى مجموعة األنظمة التي ترمي إلى‬
‫المحافظة على النظام واألمن في الدولة ‪.‬ولقد ارتبط تطور معنى الضبط اإلداري بالتطورات‬
‫الهامة التي حصلت في وظيفة الدولة‪.‬‬

‫‪ 11‬نواف كعنان‪ " ،‬دور الضبط اإلداري في حماية البيئة) د راسة تطبيقية في دولة اإلمارات العربية المتحدة "(‪ ،‬مجلة‬
‫جامعة الشارقة للعلوم الشرعية واإلنسانية‪ ،‬جامعة الشارقة للعلوم الشرعية واإلنسانية‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬المجلد ‪ ، 20‬العدد ‪ ، 29‬سنة‬
‫‪،2006‬ص ‪.79‬‬
‫‪12‬أنظر ‪،‬جمال مطلق الذنيات – الوجيز في القانون اإلداري –الدار العلمية الدولية ‪،‬عمان‪،2003،‬ص‪. 75‬‬
‫‪13‬أنظر‪،‬المرجع نفسه‪،‬ص‪. 76‬‬
‫‪14‬أنظر ‪ ،‬ناصر لباد ‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬منشورات لباد ‪ ،‬الطبعة ‪ 2009، 03‬ص ‪. 87‬‬
‫‪DELBLOND Antoine, la police administrative, édition L’HERMES, Lyon, 1997, p5 .15‬‬
‫‪4‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫ففي المرحلة األولى كانت سلطة الضبط مندمجة بسلطة الحكم‪ ،‬من اختصاص السلطة السياسية اذ‬
‫تتكفل األولى بحماية النظام العام في حين تتكفل الثانية بوضع قواعد الحظر أو الدفاع االجتماعي‪.‬‬
‫فبالنسبة للفقه التقليدي كان يعرف الضبط اإلداري تعريفا واسعا‪ ،‬حيث عرفه أفالطون‬
‫بأنه "‪:‬الحياة‪ ،‬النظام‪ ،‬والقانون للمحافظة على المدينة ‪".‬كما عرفه أرسطو بأنه "‪:‬حسن النظام‪،‬‬
‫حكومة المدينة‪ ،‬ودعامة حياة الشعب وهو أول وأكبر الخيرات‪."16‬‬
‫أما الفقيه هوريو فيرى أن "‪:‬الضبط اإلداري بمعناه الواسع هو نظام المدينة بمعنى الدولة‪،‬‬
‫فكل وسائل الحكم ما عدا القضاء تعد وسائل الضبط‪."17‬‬
‫يظهر جليا أن الضبط اإلداري وفقا لهذه التعاريف تشمل كل قواعد الحياة وقواعد تنظيم‬
‫المدينة أو الدولة‪ ،‬نظرا لتداخل مختلف الوظائف في الدولة‪ ،‬واعتبار أن كل المؤسسات تهدف‬
‫بطريقة أو بأخرى إلى حماية النظام في الدولة‪ ،‬وهذا غير سليم وفقا للتصور الحال ويفقد الضبط‬
‫معناه‪.‬‬
‫غير أن نطاق الضبط أخذ يتقلص مع بداية مرحلة تخصص السلطات العامة‪ ،‬فأصبح‬
‫مصطلح الضبط يستعمل لتميز الدولة البوليسية التي تتميز بعدم وجود قانون ينظم إطار تدخل‬
‫الدولة في النشاطات الفردية لألفراد مما فتح الباب أمام التعسف واالستبداد ودولة القانون التي‬
‫تعني خضوع كل مؤسسات الدولة للقواعد القانونية السارية وضبط مجال وكيفي تدخل السلطات‬
‫العامة في مجال النشاط الفردي‪ ،‬فالضبط مرادف للقانون‪.‬‬
‫‪ /2‬التعريف الحديث للضبط اإلداري‪:‬‬
‫حاول الفقه الحديث حصر الضبط اإلداري في إطاره القانوني غير أنه ظهرت اختالفات‬
‫بينهم وتباينت مواقفهم‪ ،‬وذلك للتباين في النظرة إلى هذه الصورة من صور النشاط اإلداري‬
‫ووظيفتها والغاية منها والمعايير المعتمدة‪.‬‬
‫فمنهم من ينظر إلى الضبط اإلداري من زاوية الهدف من وجودها والمتمثل في الحفاظ على‬
‫النظام العام بصفة وقائية ‪.‬وفي هذا اإلطار يقول األستاذ طعيمة الجرف بأن "‪:‬الضبط اإلداري‬
‫وظيفة من أهم وظائف الدولة تتمثل أصال في المحافظة على النظام العام بعناصره الثالثة األمن‬
‫العام‪ ،‬الصحة العامة والسكينة العامة عن طريق إصدار القرارات الالئحية والفردية واستخدام‬
‫‪18‬‬
‫القوة المادية مما يتتبع ذلك من فرض قيود على الحريات الفردية تستلزمها الحياة الجماعية"‬
‫كما عرفته الدكتورة سعاد الشرقاوي الضبط اإلداري بأنه "‪:‬مجموعة األنشطة التي تتخذها‬
‫اإلدارة منفردة بهدف المحافظة على النظام العام أو إعادة هذا النظام في حالة اختالله"‪. 19‬‬
‫يعد الضبط اإلداري وفقا هذا االتجاه غاية سامية ونبيلة يجب على سلطات الدولة تحقيقها دوما‬
‫فإقرار النظام واألمن داخل المجتمع غاية وهدف الضبط اإلداري لهذا يجب وجود جهاز أو تنظيم‬
‫معين يعمل على استتباب األمن والطمأنينة والسالم بين أفراد المجتمع‪.‬‬

‫‪CASTAGNE Jean, op.cit, p2016‬‬


‫‪ABDEL MALEK MANSOUR Samir, la protection des libertés publiques face a 17‬‬
‫‪Administrative en France et en Egypte, thèse de doctorat en droit, université l’autorité de la police‬‬
‫‪de Paris 1 Panthéon Sorbonne, 1992,p11.‬‬
‫‪18‬طعيمة الجرف‪ ،‬القانون اإلداري والمبادئ العامة في تنظيم نشاط السلطات اإلدارية‪،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪،1978 ،‬ص‪.471‬‬
‫‪19‬سعاد الشرقاوي‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬بدون ناشر‪ ، 1983 ،‬ص‪.13‬‬
‫‪5‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫تعرض هذا االتجاه إلى عدة انتقادات تتمثل أساسا في عدم كفايتها وصعوبة وضعه موضع‬
‫التطبيق العملي‪ ،‬إذ يتطلب األمر تحديد النظام العام تحيدا دقيقا وهو أمر صعب للغاية نظرا لكونه‬
‫مفهوم نسبي يختلف حسب الزمان والمكان ‪.‬كما تتسم هذه التعاريف التي تعتمد على غاية الضبط‬
‫اإلداري بعدم الوضوح والتحديد‪ ،‬لكونه يشمل في هذه الحالة كافة أوجه النشاط اإلداري‪،‬إذ تهدف‬
‫كلها بطريقة أو بأخرى إلى تحقيق النظام العام‪.20‬‬
‫وهناك جانب أخر من الفقه ينظر إلى الضبط اإلداري كنشاط يهدف إلى تقييد حريات األفراد من‬
‫خالل القرارات الالئحية أو الفردية التي تتخذها سلطات الضبط اإلداري على المستوى المركزي‬
‫أو المحلي بغرض صيانة النظام العام ‪.‬وفي هذا يؤكد الدكتور إبراهيم عبد العزيز شيحا بأنه "‪:‬‬
‫مجموعة القواعد التي تفرضها سلطة عامة على االفراد بغية تنظيم حرياتهم العامة أو بمناسبة‬
‫ممارستهم لنشاط معين بقصد صيانة النظام العام في المجتمع أي لتنظيم المجتمع تنظيما وقائيا‬
‫وعرفه الدكتور سليمان محمد الطماوي بأنه "‪:‬حق اإلدارة في أن تفرض على االفراد قيودا تحد‬
‫بها من حرياتهم بقصد حماية النظام العام"‪.21‬‬
‫كما عرف البعض األخر الضبط اإلداري بكونها صورة من صور تدخل اإلدارة لتنظيم‬
‫نشاطات االفراد في المجتمع ‪.‬وفي هذا الخصوص يقول األستاذ أندري دي لوبادير أن الضبط‬
‫اإلداري "‪:‬شكل من أشكال تدخل بعض السلطات اإلدارية يتضمن فرض حدود على حريات‬
‫األفراد بغرض حماية النظام العام"‪ .22‬أما جون ريفيرو فيرى أن الضبط اإلداري هو"‪:‬مجموعة‬
‫صور التدخل اإلداري على حرية نشاط االفراد التي تستهدف تحقيق االنضباط الذي تقتضيه حياة‬
‫الجماعة ‪ ".‬أما لفقيه تيتجن فيرى بأنه "‪:‬كل تنظيم إداري للحريات الفردية بهدف حماية النظام‪،‬‬
‫أو مصلحة مشتركة سامية يعد بمثابة ضبط بالمفهوم الواسع‪".‬‬
‫نالحظ على هذا المفهوم انه واسع يشمل جميع األعمال القانونية والمادية التي تستهدف‬
‫تطبيق القواعد التنظيمية الضبطية‪ ،‬فهو نشاط يسمح لإلدارة العامة بمراقبة نشاطات األفراد‬
‫بهدف حماية النظام االجتماعي‪.‬‬
‫يمكن القول أن الضبط اإلداري يشمل كل اإلجراءات القانونية والمادية التي تتخذها سلطات‬
‫إدارية محددة مسبقا بموجب نصوص قانونية تتضمن تنظيم ممارسة حرية معينة أو نشاط معين‬
‫بهدف صيانة وحماية النظام العام بمفهومه الواسع بطريقة وقائية ‪.‬فالضبط اإلداري نشاط وقائي‬
‫مخصص الهدف يتصل مباشرة بحقوق وحريات األفراد‪.‬‬

‫و من خالل هذه التعاريف‪ ،‬سنحاول تحليل العناصر المكونة للبوليس اإلداري‪ ،‬ثم سنحاول أن‬
‫نبين أنواع البوليس اإلداري‪ ،‬والفرق بينه وبين البوليس القضائي‪ ،‬وذلك من خالل المباحث‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪23‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬الضبط اإلداري هو نشاط إداري‬

‫‪ 20‬علي خطار شطناوي‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،2003،‬ص‪.346‬‬
‫‪21‬ابراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬مبادئ وأحكام القانون اإلداري اللبناني ‪ ،‬الدار الجامعية للطباعة والنشر‪ ،1983،‬ص ‪.40‬‬
‫‪22‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬د ا رسة مقارنة‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،1996‬ص ‪.539‬‬
‫أنظر ‪،‬بدران مراد ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 202‬‬ ‫‪23‬‬

‫‪6‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫يقترب مفهوم البوليس اإلداري من مفهوم المرفق العام‪ ،‬ذلك أن كال منهما عبارة عن‬
‫نشاط إداري يؤدي خدمات عامة األفراد‪ ،‬من ذلك مثال القيام باإلغاثة أثناء الكوارث‪ ،‬والتي يقوم‬
‫بها البوليس اإلداري‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن مهمة الحفاظ على النظام العام يمكن اعتبارها‬
‫داخلة في التعريف الواسع للمرفق العام‪.‬‬
‫ولكن على الرغم من هذا التقارب بين مفهوم البوليس اإلداري ومفهوم المرفق العام‬
‫باعتبارهما نشاط إداري‪ ،‬إال أن طرق عملهما تبقى مختلفة‪ .‬فبينما تقوم المرافق العامة بتقديم‬
‫خدمات عامة للجمهور قصد تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬فإن البوليس اإلداري بتقييده حريات‬
‫‪24‬‬
‫األفراد‪ ،‬فإنه يهدف من وراء ذلك إلى المحافظة على النظام العام‪.‬‬
‫وإذا كان البوليس اإلداري ال يمكن أن تمارسه سوى اإلدارة (ثانيا)‪ ،‬فإن له مع ذلك عدة‬
‫معان‪ ،‬فقد يقصد به التنظيم‪ ،‬وقد يقصد به النشاط (أوال)‪.‬‬
‫المطلب‪: 1‬المفهوم العضوي والمفهوم المادي للضبط اإلداري‪:‬‬
‫يقصد بالبوليس اإلداري من الناحية المادية نشاط السلطات اإلدارية التي تهدف إلى‬
‫المحافظة على النظام العام‪.‬هذا لمفهوم هو المقصود دائما‪ .‬وهذا المعنى هو األهم في القانون‬
‫اإلداري‪ ،‬وهو المعنى الحقيقي للبوليس اإلداري‪ ،‬ألنه يمثل إحدى األنشطة الرئيسية للسلطة‬
‫التنفيذية‪ .‬فالمفهوم المادي يقصد به إذن مجموعة التدخالت اإلدارية التي تتمثل في وضع حدود‬
‫للحريات الفردية من أجل المحافظة على النظام العام‪ ،‬لذلك لو استعملت عبارة البوليس اإلداري‬
‫لوحدها‪ ،‬فإن المقصود بذلك هو المعنى المادي‪.‬‬
‫أما من الناحية العضوية‪ ،‬فيقصد بالبوليس اإلداري مجموعة األشخاص المكلفين بذلك‬
‫النشاط‪ ،‬أي الذين يقومون بتنفيذ اإلجراءات المتعلقة بالنظام العام‪ .‬إن المظهر التنظيمي هو الذي‬
‫يظهر هنا‪ ،‬فيجري الحديث عندئذ عن قوات األمن أو أجهزة الشرطة‪.25‬‬
‫وباستعمال المفهوم العضوي‪ ،‬قد يقع خلط بين المرفق العام وبين البوليس اإلداري‪ ،‬ذلك‬
‫أن البوليس اإلداري من الناحية العضوية هو عبارة عن مرفق عام "للبوليس"‪.‬‬
‫هذا وتجدر اإلشارة هنا إلى أنه ليس كل أجهزة البوليس اإلداري بالمفهوم العضوي لها‬
‫الحق في ممارسة اختصاصات البوليس اإلداري بالمفهوم المادي‪ .‬فمحافظ الشرطة مثال باعتباره‬
‫من أجهزة البوليس اإلداري بالمفهوم العضوي‪ ،‬ليس بإمكانه إصدار قرار بغلق مقهى أو محال‬
‫سينيمائيا‪ ،‬وإنما الذي يملك ذلك هو الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي باعتبارهما يمارسان‬
‫اختصاصات البوليس اإلداري بالمفهوم المادي‪ .‬فمحافظ الشرطة ال يملك سوى التنفيذ المادي‬
‫لقرار الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي‪.‬‬

‫‪ 24‬دايم بلقاسم‪ ،‬الحماية القانونية للسكينة العامة‪ ،‬مجلة العلوم القانونية و اإلدارية‪ ،‬جامعة تلمسان‪ ،‬العدد ‪ ،2004 ،2‬ص ‪ 99‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪25‬أنظر ‪ ،‬بدران مراد ‪،‬المرجع السابق‪،‬ص‪. 202‬‬
‫‪7‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫المطلب ‪ :2‬الضبط اإلداري يعتبر احتكارا مطلقا لإلدارة‬


‫إن االختصاص المتمثل في وضع قيود على تصرفات األفراد‪ ،‬ال تتمتع به سوى السلطة‬
‫التنفيذية ممثلة في أجهزتها‪ ،‬وذلك مع مراعاة أحكام القانون‪ .‬لذلك فال يجوز للخواص ممارسة‬
‫نشاط البوليس اإلداري‪ ،‬كما أنه ال يجوز للدولة أن تتنازل عنه –كما هو الشأن بالنسبة إلدارة‬
‫‪26‬‬
‫المرافق العامة‪.-‬‬

‫المبحث الثاني ‪:‬الضبط اإلداري يضمن تقييد تصرفات ( حريات ) األفراد‪.‬‬


‫إذا كان البوليس اإلداري يجب أن يستند إلى نصوص قانونية عند قيامه بتقييد حريات‬
‫األفراد‪ ،‬فإن هذا شيء منطقي مادام أن تلك الحريات قد منحها المشرع لألفراد‪ .‬أما السلطة‬
‫التنفيذية فإن دورها يتمثل في توضح وتحديد ما جاء في القانون‪ ،‬وذلك عن طريق سلطات‬
‫البوليس اإلداري‪.‬‬
‫على أن سلطات البوليس اإلداري قد تتسع أو تضيق‪ ،‬وذلك باختالف نوع وأهمية‬
‫الحريات‪.‬فمثال تضيق هذه السلطات إذا ما تم ممارستها على الملكية الخاصة في دولة رأسمالية‪.‬‬
‫هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى يجب أال تؤدي إجراءات البوليس اإلداري إلى منع ممارسة‬
‫حريات األشخاص بصفة كلية‪ ،‬أو بصفة كاملة‪.‬‬
‫على أن تقييد البوليس اإلداري لتصرفات األفراد يتم بعدة وسائل‪ .‬فقد تلجأ اإلدارة إلى‬
‫التنظيمات‪ ،‬أو القرارات الفردية‪ ،‬وقد تجد نفسها مضطرة إلى استعمال وسائل الضغط‪ ،‬ودلك‬
‫على النحو التالي‪:‬‬
‫المطلب‪ – 1‬القرارات التنظيمية‪:‬‬
‫من أبرز الوسائل التي تمكن البوليس اإلداري من تقييد تصرفات األفراد القرارات اإلدارية‬
‫التنظيمية (اللوائح)‪ ،‬التي تقوم من خاللها هيئات البوليس اإلداري بوضع قواعد عامة ومجردة‪ ،‬ال‬
‫تطبق على أشخاص معينين بذواتهم‪ ،‬وإنما تنطبق على كل األفراد‪ .‬على أن مخالفة هذه‬
‫التنظيمات هو عمل معاقب عليه جزائيا ( المادة ‪ 453‬من قانون العقوبات )‪.‬‬
‫المطلب ‪ –2‬القرارات الفردية ‪ :‬وهي القرارات اإلدارية التي تلزم أفرادا معينين بذواتهم‪ ،‬على‬
‫خالف الالئحة أو القرار التنظيمي الذي يخص مجموعة غير محددة من األفراد‪ .‬واألصل في‬
‫القرارات الفردية أنها تكون مستندة على قاعدة عامة‪ ،‬وسواء كانت هذه القاعدة نصا تشريعيا أو‬
‫كانت نصا تنظيميا‪.‬‬
‫هذا وتجدر اإلشارة إلى أن القرارات اإلدارية تأخذ األشكال التالية ‪:‬‬

‫‪26‬أنظر‪ ،‬قروف جمال‪ ،‬الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة عنابة‪ ،2006 ،‬ص ‪ 1‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫أ‪-‬األمر‪ :‬كاألمر الصادر من شرطي إلى سائق السيارة بالتوقف ‪ ،‬أو األمر الصادر من‬
‫قوات األمن إلى المتظاهرين بالتفرق‪.‬‬
‫ب‪-‬الحظر أو المنع‪:‬كاألمر الصادر برفض السماح بالقيام بمسيرة أو تجمع أو مظاهرة‪.‬‬
‫ج‪-‬الترخيص أو اإلذن‪ :‬كاألمر الصادر بالسماح بالقيام بمسيرة أو تجمع أو مظاهرة‪.‬‬
‫والقاعدة فيكل هذه األوامر أن تكون كتابية ‪ ،‬ومع ذلك يجوز أن تكون شفهية ‪،‬كما يمكن‬
‫أن تكون باإلشارة كإشارة شرطي المرور بالتوقف أو بالسير أو بالمرور‪ .‬وقد تكون بواسطة‬
‫‪27‬‬
‫اإلشارات الضوئية مثل الضوء الملون النظم لحركة المرور‪.‬‬
‫المطلب ‪ : 3‬وسائل الضغط‪:‬‬
‫يجوز لهيئات البوليس اإلداري أن تستعمل وسائل الضغط من أجل الحفاظ على النظام العام ‪،‬‬
‫سواء من أجل وضع حد لمخلفة معينة‪ ،‬من ذلك التنفيذ المباشر و التنفيذ الجبري ‪ ،‬أو من أجل‬
‫الوقاية من االضطرابات التي قد تصيب النظام العام‪.‬‬
‫على أن هناك وسائل أكثر خطورة فد تستعملها هيئات البوليس اإلداري‪ ،‬من ذلك استعمال‬
‫األسلحة‪ ،‬أو مشاركة الجيش في الحفاظ على النظام العام خارج الحاالت اإلستثنائية‪ ،‬وذلك بطلب‬
‫من رئيس الحكومة أصال‪ ،‬والوالي استثناء‪ ،‬إذا تعلق األمر بحالة طوارئ قصوى‪.‬‬
‫ونظرا لخطورة استعمال القوة المادية‪ ،‬ما دام أن األمر قد يتعلق بالمساس بالحريات‬
‫العامة لألفراد‪ ،‬فإن هيئة البوليس اإلداري ال تلجأ إلى هذه الوسيلة إال بمراعاة بعض الضوابط‪.‬‬
‫إن هذه الضوابط وضعتها محكمة التنازع الفرنسية بتاريخ ‪ 2‬ديسمبر ‪ 1902‬في قضية‬
‫‪ (société immobilière de Saint- Just)28‬والمتمثلة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬يجب أن يجد استعمال القوة المادية سنده في نص قانوني‪،‬أي أنه يجب على اإلدارة أن تستند‬
‫على نص قانوني يسمح لها باستعمال القوة المادية‪.‬‬
‫‪ -2‬ال يجوز لإلدارة استعمال القوة المادية إال إذا تعرضت لمقاومة‪ ،‬سواء كانت تلك المقاومة‬
‫إيجابية أو كانت سلبية‪.‬‬
‫‪ -3‬على أن تلك المقاومة ال يمكن لإلدارة التغلب عليها إال باستعمال القوة‪ ،‬ألن النصوص‬
‫القانونية لم تضع أي جزاء في هذا المجال‪ ،‬أو أن الجزاء الذي قررته النصوص غير كاف‪.‬‬
‫‪ -4‬وإذا كان يسمح لإلدارة باستعمال القوة المادية‪ ،‬فإن استعمالها هذا يجب أن يقتصر على‬
‫الهدف المنشود‪.‬‬
‫ومع ذلك تجدر اإلشارة إلى أنه على الرغم من عدم توفر هذه الشروط‪ ،‬فإن اإلدارة‬
‫بإمكانها في حالة الضرورة أن تتدخل باستعمال القوة المادية‪.‬‬

‫‪27‬أنظر‪ ،‬عمور سيالمي‪ ،‬الضبط اإلداري البلدي في الجزائر‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬معهد العلوم القانونية و اإلدارية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،1988 ،‬ص ‪196‬‬
‫‪ 28‬أنظر ‪،‬بدران مراد ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 204‬‬
‫‪9‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫المبحث الثالث‪ :‬هدف الضبط اإلداري‬


‫يعد النظام العام الهدف الوحيد الذي ترمي إلى تحقيقه هيئات الضبط اإلداري سواء‬
‫كانت وطنية أو محلية‪ ، 29‬فإذا كانت اإلدارة العامة في الدولة تهدف من خالل نشاطها إلى‬
‫تحقيق المصلحة العامة فان سلطات الضبط اإلداري تخضع لقاعدة تخصيص األهداف‪.‬‬
‫إذا كان النظام العام هو الهدف الوحيد لنشاط الضبط اإلداري فهو بمثابة قيد وضابطا على‬
‫سلطات الضبط اإلداري‪ ،‬إذ يحدد اإلطار الذي يجب أن تتوقف عنده في تقييدها وتنظيمها لحريات‬
‫األفراد‪ ،‬ال يجوز لها تجاوزه أو الخروج عن حدوده‪ ،‬باعتبار أن كل اجراء ال يهدف إلى تحقيق‬
‫هذه الغاية يعد تصرفا غير مشروعا حتى ولو تعلق بالمصلحة العامة‪.‬‬
‫ونشير هنا الى المجلس الدستوري الفرنسي قد اعتبر النظام العام من ضمن المبادئ‬
‫الدستورية‪ ،‬والتي يقصد بها تلك الضروريات المرتبطة بالحياة في المجتمع والتي يجب أن توجه‬
‫النشاط التشريعي‪ 30‬غير أن فكرة النظام العام كما يصفها بعض الفقهاء فكرة مطاطة ومرنة ‪531‬‬
‫تتغير بتغير ظروف الزمان والمكان‪ ،‬وتتأثر بالظروف السياسية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫والعقائدية السائدة في المجتمع‪ .‬وفي هذا اإلطار يقول مفوض الحكومة‪ Letourneur‬أن كل حل‬
‫مبدئي في مجال الضبط اإلداري يجب استبعاده‪ ،‬فهي مسألة اجراءات وتقدير لظروف الزمان و‬
‫المكان‪ ،‬ففكرة النظام العام فكرة واسعة‪.32‬‬
‫‪ /1‬العناصر التقليدية لفكرة النظام العام‪:‬‬
‫لقد إرتبط مفهوم النظام العام بمفهوم وظيفة الدولة‪ ،‬حيث كان دورها التقليدي يكمن في‬
‫الدفاع وحماية المجتمع من كل االضطرابات‪ ،‬دون التدخل في مجال النشاطات الفردية المتروكة‬
‫للمبادرة الحرة لألفراد‪ .‬وعليه جاء المفهوم الكالسيكي للنظام العام مفهوما سلبيا يقتصر على عدم‬
‫وجود االضطراب‪.‬‬
‫إال أن هذا المفهوم الكالسيكي لم يعد يغطي كل جوانب تدخل سلطات الضبط اإلداري‪،‬‬
‫التي لم تتوقف عند حد حماية وكفالة الحياة المادية لالفراد ‪ ،‬بل أيضا حماية الحياة المعنوية‬
‫واألخالقية استجابة لألفكار الدينية واألخالقية السائدة في المجتمع ‪.‬كما توسع نشاط الضبط‬
‫اإلداري‪ ،‬ومنها مضمون النظام العام ليشمل الجانب الجمالي الذي أصبح مطلبا عالميا‪ ،‬تحت‬
‫تأثير المنظمات والجمعيات المدافعة عن البيئة والطبيعة ‪.‬فحماية البيئة والطبيعة‪ ،‬وجمال المدن‪،‬‬
‫أصبح مطلبا أساسيا‪ ،‬السيما في الدول المتحضرة‪.‬‬
‫لما كانت وظيفة الدولة مقصورة على الدفاع من أجل ضمان حماية أف ا رد الجماعة‬
‫منكل االضطرابات دون التدخل في نشاطاتهم الخاصة‪ ،‬فإن الفقه التقليدي حدد مفهوم النظام العام‬
‫تحديدا ضيقا وسلبيا ‪.‬ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن التضييق في مفهوم النظام العام يؤدي حتما إلى‬
‫التضييق في مقوماته و عناصره‪.‬‬

‫‪ 29‬محمود عاطف البنا‪" ،‬الضبط اإلداري بين الحرية والنظام العام"‪ ،‬مجلة األمن والقانون‪ ،‬كلية شرطة دبي‪ ،‬السنة‬
‫الثانية‪ ،‬العدد ‪ ،1994 ،1‬ص ‪.143‬‬
‫‪MAZEAUD Pierre , « libertés et ordre public », in http://conseil-constitutionnel.fr30‬‬
‫‪VINCENT-LEGOUX Marie- Caroline, l’ordre public, étude de droit comparé interne, 31‬‬
‫‪en droit, université de Bourgogne, faculté de droit et de science politique, thèse pour le doctorat‬‬
‫‪1996, p 02.‬‬
‫‪CE, 23 octobre 1951, arrêt société nouvelle d’imprimerie, conclusion de commissaire du32‬‬
‫‪gouvernement Letourneur, revue droit public, 1951, p1101.‬‬
‫‪10‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫يقصد بالنظام العام وفقا للفقه التقليدي عدم وجود الفوضى واالضطراب ‪.‬فهو ذلك النظام‬
‫المادي الذي يستهدف تحقيق حاالت واقعية ملموسة ‪.‬ولقد أكد الفقيه هوريو على هذا المعنى بقوله‬
‫أن" ‪:‬النظام العام حالة فعلية معارضة للفوضى‪" 33‬‬
‫يتضح جليا من خالل هذا التعريف‪ ،‬أنه إعتمد في تحديد معنى النظام العام على طبيعته‪ ،‬إذ‬
‫أضفى على النظام العام الطابع المادي دون الجانب الخلقي أي الشعوري ‪.‬إن النظام العام حسب‬
‫هذا التصور يعني القدر األدنى من النظام إذ ال يشمل تنظيم الحياة في المجتمع ‪.‬فواجب الفرد هنا‬
‫سلبي وهو االمتناع عن إحداث أي اضطراب‪.‬‬
‫إال أنه يؤخذ عليه غموض فكرة الفوضى من حيث مضمونها و نطاقها‪ ،‬إذ لم يبين ماهيتها‬
‫ومتى يمكن أن نقول أن هناك فوضى حتى يتسنى لسلطات الضبط اإلداري التدخل من أجل‬
‫القضاء عليها‪ ،‬فضال عن إهماله للجانب المعنوي للنظام العام‪.‬‬
‫أما الدكتور زين العابدين بركات‪ ،‬فكان أكثر وضوحا في تحديد العناصر المادية المكونة‬
‫للنظام العام بقوله أن " ‪:‬النظام العام يعني المحافظة على األمن العام‪ ،‬الراحة العامة والسالمة‬
‫‪34‬‬
‫العامة ‪.‬‬
‫يستفاد من خالل هذا التعريف‪ ،‬أن وظيفة سلطات الضبط اإلداري تكمن في حماية‬
‫الجماعة‪ ،‬من كل ما من شأنه أن يمس في أمنها وطمأنينتها وصحتها‪ ،‬ضمانا ألف ا ردها‬
‫لممارسة حقوقهم و حرياتهم وفق ما كفلها وحددها القانون ‪.‬وعليه ال يمكن لسلطات الضبط‬
‫اإلداري أن تخرج عن هذا اإلطار واال كانت إجراءاتها وتصرفاتها غير مشروعة‪.‬‬
‫وكنتيجة لهذا‪ ،‬فإن النظام العام الذي تهدف سلطات الضبط اإلداري إلى حمايته هو ذلك‬
‫النظام المادي أو الطبيعي‪ ،‬وذلك من كل ما من شأنه أن يؤدي إلى تعكيره‪ ،‬وليس النظام الذي‬
‫تعمل الدولة على إقامته‪ ،‬فهذا األخير يخرج من نطاق أغراض سلطات الضبط اإلداري‪ .‬ولقد أكد‬
‫على هذا المبدأ األستاذ‪ Jean Yves CHEROT‬بقوله أن " ‪:‬النظام العام هو النظام الطبيعي الذي‬
‫يجب حمايته وصيانته وليس النظام الذي تعمل الدولة على إقامته‪."35‬‬
‫إن النظام العام وفقا للنظرة التقليدية ينصرف إلى عناصر ومقومات ثابتة‪ ،‬تتمثل أساسا في‬
‫األمن‪ ،‬الصحة‪ ،‬والسكينة العمومية ‪.‬ولقد أكد الفقيه فالين على ذلك بقوله أن "‪:‬األمن السكينة‪،‬‬
‫والصحة العامة هي العناصر الوحيدة التي يمكن لسلطة الضبط البلدي اتخاذها عند تحديد حرية‬
‫المواطنين"‪.36‬‬
‫أما المشرع الفرنسي ‪ 1‬فلم يحمل نفسه مشقة تحديد مفهوم النظام العام‪ ،‬بل اكتفى بتحديد‬
‫العناصر المادية المكونة لمضمون النظام العام ‪ 2.‬وذلك بمناسبة تحديد اختصاصات وأهداف‬
‫سلطة الضبط اإلداري العام البلدي‪ ،‬بموجب القانون البلدي الصادر في ‪ 28‬أوت ‪ 1791‬والذي تم‬

‫‪HAURIOU Maurice, précis de droit administratif, Paris, Recueil Sirey, 12 éme édition, 1933, 33‬‬
‫‪p50.‬‬
‫‪ 34‬زين العابدين بركات‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري مطبعة رياض‪ ،‬دمشق‪ ،1979 ،‬ص ‪.491‬‬
‫‪CHEROT Jean Yves, « La notion d’ordre public dans la théorie de l’a ction 35‬‬
‫‪administrative existe-t-elle ?, sous la direction de LINOTTE Didier, administrative », In La police‬‬
‫‪Economica, Paris, 1985, p 30. Edition‬‬
‫‪ 36‬أنظر سكينة عزوز‪ ،‬عملية الموازنة بين أعمال الضبط اإلداري والحريات العامة‪ ،‬بحث لنيل شهادة الماجستير‬
‫فياإلدارة والمالية العامة‪ ،‬معهد الحقوق والعلوم اإلدارية‪ ،‬جامعة الج ا زئر‪،1990،‬ص ‪.33‬‬
‫‪11‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫تعديله بموجب القانون المؤرخ في ‪ 22‬أفريل ‪ 9994‬حيث نصت المادة ‪ 12‬منه على أن " ‪:‬هدف‬
‫البوليس البلدي هو ضمان حسن النظام‪ ،‬األمن العام‪ ،‬والصحة العامة ‪.‬‬
‫‪37‬‬

‫غير أن هذه المادة تثير مسألة جوهرية تتمثل في معرفة ما إذا كان المشرع قد حدد هذه‬
‫العناصر بصفة حصرية أم أنها جاءت على سبيل المثال ‪.‬وفي هذا الشأن اختلف الفقه الفرنسي‬
‫حيث يرى الفقيه تيتجن أن المادة ‪ 97‬جاءت بصفة حصرية إذ ال يحق لسلطة الضبط البلدي‬
‫تجاوزها‪ ،‬في حين يرى الفقيه جون كاستاني أن المادة جاءت على سبيل المثال‪ ،‬مبررا موقفه‬
‫بالفقرة الثانية من نفس المادة التي جاء فيها "‪:‬وتختص سلطات الضبط اإلداري البلدي‬
‫‪38‬‬
‫بمايلي ‪":.....‬‬
‫بالرجوع إلى أحكام القضاء اإلداري الفرنسي نجد أنه اعتمد على هذه العناصر الثالثة‬
‫كمقومات للنظام العام ‪.‬وهذا ما اكد عليه مجلس الدولة في ق ا رره الصادر بتاريخ ‪ 08‬أوت‬
‫‪ 1919‬في قضية ‪ 39 Labonne‬غير انه مع مرور الوقت لم يعد يتقيد فقط بالعناصر التي حددها‬
‫المشرع في المادة ‪ 97‬من القانون البلدي لعام ‪ 1884‬بل وسع من مقومات النظام العام‪.‬‬
‫إن تحديد المشرع للعناصر المادية المكونة للنظام العام جاء بهدف تقييد سلطات رئيس‬
‫البلدية ‪ ،‬باعتباره سلطة ضبط إداري عام على المستوى المحلي‪ ،‬وبالتالي تحديد اإلطار والحدود‬
‫التي ال يجوز تجاوزها وإال كانت تصرفاته غير مشروعة وعرضة لإللغاء‪ ،‬ولو كان يهدف إلى‬
‫تحقيق مصلحة عامة وذلك تطبيقا لقاعدة تخصيص األهداف‪.‬‬
‫يتضح من خالل هذا التحديد الضيق لمضمون النظام العام‪ ،‬أنه ليس لسلطات الضبط‬
‫اإلداري أن تقيد حريات االفراد بهدف صيانة النظام العام الجمالي‪ ،‬أو حماية اآلداب العامة‪،‬‬
‫لكونها ال تدخل في نطاق أهداف سلطات الضبط اإلداري وفقا للمفهوم التقليدي للنظام العام‪.‬‬
‫وهذه القاعدة ال تقتصر فقط على سلطات الضبط اإلداري العام المحلية‪ ،‬بل تنطبق أيضا‬
‫على سلطات الضبط اإلداري العام المركزية ‪.‬أما سلطات الضبط اإلداري الخاص فإن تدخلها‬
‫ينصب على عنصر محدد من عناصر النظام العام ‪.‬وذلك وفقا للقانون المنشأ لها‪ ،‬بحيث ال تملك‬
‫الخروج عن الهدف المحدد لها والذي أنشأت من أجله‪.‬‬
‫أما المشرع الجزائري فلقد ساير نظيره الفرنسي‪ ،‬إذ لم يتكفل بتحديد مفهوم النظام العام‪،‬‬
‫بل اقتصر على تحديد العناصر المادية الثالثة المكونة للنظام العام‪ ،‬بموجب القانون رقم ‪10-11‬‬
‫المؤرخ في ‪ 22‬جوان ‪ ،2011‬حيث نصت المادة ‪ 88‬منه على أن" ‪:‬يقوم رئيس المجلس الشعبي‬
‫البلدي تحت إشراف الوالي بما يأتي‪:‬‬
‫‪40‬‬
‫‪ ‬السهر على النظام والسكينة والنظافة العمومية‪"..‬‬
‫كما أكد المشرع الجزائري على هذه العناصر باعتبارها مقومات النظام العام‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل القانون رقم ‪ 09-90‬المؤرخ في ‪ 07‬أبريل ‪ 1990‬المتعلق بالوالية‪ ،‬حيث نصت المادة ‪96‬‬

‫‪ 37‬نشير إلى انه سبقت اإلشارة إلى فكرة النظام العام في المادة الحادية عشر من إعالن حقوق اإلنسان والمواطن لعام‬
‫‪LAJOIE Jean Louis, libertés, participation et ordre public en droit algérien, thèse pour le38‬‬
‫‪droit, mention droit public, université jean moulin, Lyon III, faculté de droit, doctorat d’Etat en‬‬
‫‪1983, p394.‬‬
‫‪l’article 97 alinéa 1 de la loi du 05 avril 1884 du code municipal stipule que : la police 39‬‬
‫‪objet le bon ordre, la sûreté et la salubrité publique. municipale a pour‬‬
‫‪ 40‬راجع المواد ‪ 94 ،89 ،88‬من القانون رقم ‪ 10-11‬المتعلق بالبلدية‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫منه على أن‪ ":‬الوالي مسؤول عن المحافظة على النظام‪ ،‬األمن‪ ،‬السالمة والسكينة العمومية‪.41‬‬
‫وتتمثل العناصر المادية التقليدية المكونة لفكرة النظام العام كهدف وحيد لنشاط الضبط اإلداري‬
‫في العناصر اآلتية ‪:‬األمن العام‪ ،‬السكينة العامة‪ ،‬الصحة العامة‪. 42‬‬
‫ونفس الموقف تبناه القاضي اإلداري الجزائري في العديد من القرارات نذكر منها قراره‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 16‬سبتمبر ‪ 2003‬والذي جاء فيه ‪:"..‬حيث انه يستخلص من معطيات الملف أن‬
‫القرار المراد إبطاله يدخل ضمن صالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي في إطار أعمال‬

‫الضبط اإلداري المخولة له من اجل المحافظة على النظام العام واآلمن العام والصحة العامة‬
‫‪43‬‬
‫بموجب مداوالته‪"...‬‬
‫تتفق أغلب النظم القانونية وكل من الفقه والقضاء على هذه العناصر الثالث المادية‬
‫باعتبارها المكونات المادية األصلية للنظام العام‪.‬‬
‫أ ‪/‬األمن العام‪:‬‬
‫من المسلم به أن استتباب األمن العام يعد الشرط األساسي ألي حياة جماعية‪ ،‬لذا كان‬
‫وما ي ا زل من أول وألح مهام الدولة قديما وحديثا ومستقبال ‪.‬فاألمن العام باعتباره‬
‫عنصرا ماديا من عناصر النظام العام‪ ،‬يقصد به طمأنينة أف ا رد الجمهور على أشخاصهم‬
‫وأموالهم من خطر أي عدوان يمكن أن يقع عليهم ‪.‬ويتحقق ذلك باتخاذ ما يلزم من الحيطة لمنع‬
‫وقوع الحوادث أو احتمال وقوعها على األشخاص‪ ،‬كحجز المصابين بأم ا رض عقلية‪ ،‬واتخاذ ما‬
‫يلزم للوقاية من خطر األشياء كانهيار المباني أو الحرائق‪ ،‬أو ما ينشأ عن مخاطر الطبيعة‬
‫كالفيضانات‪ ،‬ولعل أهم اعتبار من المقصود باألمن العام‪ ،‬هو درء الفتن و االضطرابات الداخلية‪.‬‬
‫يتضح أن مصدر األخطار والمخاطر متعددة فقد تكون طبيعية‪ ،‬مثل ‪:‬الزالزل‪ ،‬الفيضانات‬
‫و الحرائق ‪.‬وقد تكون مصادر هذه األخطار األشياء واآلالت الخطرة‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫السيارات وكافة المركبات‪ ،‬واألسلحة‪ ،‬المتفجرات والمصانع الكيميائية ‪.‬وقد تكون مصادر‬
‫هذه المخاطر طبيعة الحياة االجتماعية مثل ‪:‬المظاهرات ‪ ،‬التجمعات‪ ،‬القالئل واالضطرابات‬
‫االجتماعية ‪.‬كما قد يكون مصدر هذه المخاطر اإلنسان كما هو الحال في ظاهرة اإلجرام‬
‫‪44‬‬
‫والجرائم على األشخاص وعلى األموال الخاصة والعامة ‪...‬الخ‬
‫وعلى هذا األساس‪ ،‬فإن المشرع الجزائري كلف هيئة الضبط اإلداري البلدي وذلك من‬
‫خالل المواد ‪ 94 ،89 ،88‬من القانون رقم ‪ 10-11‬المؤرخ في ‪ 22‬جوان ‪ ،2011‬باتخاذ كافة‬
‫التدابير الوقائية واالجراءات الالزمة‪ ،‬إلقرار األمن العام وسالمة األشخاص واألموال على‬
‫المستوى البلدي‪ ،‬بالقضاء على كل ما من شأنه اإلخالل بهما مهما كان منبته‪.‬‬
‫فطبقا للمادة ‪ 94‬فانه يتخذ رئيس المجلس الشعبي البلدي ‪ ...‬كل االحتياطات الضرورية‬
‫وكل التدابير الوقائية لضمان سالمة األشخاص والممتلكات‪...".‬‬

‫‪ 41‬وهي نفس العناصر المنصوص عليها في المادة ‪ 114‬من القانون رق‪ 07-12‬المتعلق بالوالية‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪GUILLAUME-HOFNUNG Michéle, l'ordre public sanitaire et l'environnement, Revue 42‬‬
‫‪National , 4 éme trimestre, 2006, N° 221, p 33. de la Gendarmerie‬‬
‫‪ 43‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 11642‬المؤرخ في‪ 16‬سبتمبر ‪ ، 2003‬قضية ) ر ع (ضد بلدية العلمة ومن معها‪،‬‬
‫موسوعة االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬قرارات المحكمة العليا ومجلس الدولة‪ ،‬االصدار الرابع‪.2006،‬‬
‫‪44‬عمارعوا بدي‪ ،‬الجوانب القانونية لفكرة البوليس اإلداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ، 1987 ،‬ص ‪.1010‬‬
‫‪13‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫هاما المادة ‪ 14‬فجاء فيها "‪:‬في إطار احترام حقوق وحريات المواطنين‪ ،‬يكلف رئيس‬
‫المجلس الشعبي البلدي على الخصوص بما يأتي‪:‬‬
‫‪ ‬السهر على المحافظة على النظام العام وأمن األشخاص والممتلكات‪...".‬‬
‫كما أكد المشرع الجزائري على التزام هيئة الضبط اإلداري البلدي بحماية سالمة األشخاص‬
‫و هذا من خالل المادة ‪ 06‬من المرسوم رقم ‪ 267-81‬المؤرخ في ‪ 10‬أكتوبر‪ 1981‬التي تقرر‬
‫على أنه "‪:‬يجب على رئيس المجلس الشعبي البلدي أن يتخذ إجراءات االستعجال الرامية إلى‬
‫دعم أو هدم األسوار والبنايات و العمارات المهددة بالسقوط"‪.45‬‬
‫يتضح من خالل هذه المواد‪ ،‬أن رئيس المجلس الشعبي البلدي ملزم بما له من سلطة الضبط‬
‫اإلداري على مستوى البلدية‪ ،‬باتخاذ كافة اإلجراءات الوقائية الالزمة لحماية أمن األشخاص‬
‫والممتلكات الخاصة والعامة ‪.‬وكل تقصير أو إهمال يحمل البلدية مسؤولية التعويض عن‬
‫األضرار المترتبة من جراء ذلك‪.‬‬
‫كما يضطلع الوالي بمهمة حماية األمن العام باعتباره سلطة ضبط إداري على مستوى‬
‫الوالية‪ ،‬استنادا الى المادة ‪ 114‬من القانون رقم ‪ 07-12‬المتعلق بالوالية‪ .‬و أكثر من ذلك فان‬
‫المشرع الجزائري عمد إلى تحديد سلطات الوالي في ميدان األمن‪ ،‬وذلك بموجب المرسوم‬
‫‪ 373-83‬المؤرخ في ‪ 28‬ماي ‪ ، 1983‬حيث نصت المادة ‪ 01‬على أنه" ‪:‬عمال بالمواد‬
‫‪ 150‬و ما يليها من قانون الوالية يجسم الوالي سلطة الدولة على صعيد الوالية‪ ،‬ويتخذ في إطار‬
‫القوانين والتنظيمات المعمول بها‪ ،‬جميع اإلجراءات التي من شأنها أن تضمن في كل الظروف‪،‬‬
‫السلم ‪ ،‬االطمئنان والنظافة العمومية‪".‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 20‬من هذا المرسوم على إحداث لجنة لألمن في الوالية تحت رئاسة‬
‫الوالي‪ ،‬بهدف متابعة تطور الوضعية العامة في الوالية وت وفير انسجام التداخالت وتماسكها‪.‬‬
‫وتجتمع هذه اللجنة مرة كل شهر وكلما دعت الحاجة إلى ذلك ‪.‬وتختتم اجتماعاتها بتحرير‬
‫محضر ترسل نسخة منه إلى وزارة الداخلية ووزارة الدفاع الوطني‪.46‬‬
‫يتضح من خالل هذا أن الوالي ملزم بحكم القانون باعتباره سلطة ضبط إداري على‬
‫مستوى الوالية‪ ،‬بحماية أمن األشخاص والممتلكات ‪.‬وكل تقصير أو إهمال يحمل الوالية مسؤولية‬
‫التعويض عن األضرار المترتبة عن ذلك ‪.‬فضمان أمن األشخاص والممتلكات التزام على عاتق‬
‫‪47‬‬
‫الدولة‪.‬‬
‫ب ‪/‬السكينة العامة‪:‬‬
‫وهي مرادفة لمصطلح الراحة أو الطمأنينة العامة‪ ،‬ومفاد المحافظة على السكينة العامة‬
‫كعنصر مادي من عناصر النظام العام‪ ،‬اتخاذ كافة التدابير واإلجراءات الوقائية للقضاء على‬
‫أسباب ومصادر اإلزعاج والقلق‪ ،‬بهدف ضمان راحة المواطنين‪ ،‬والتمتع بأوقات فراغهما في‬
‫جو تسوده السكينة والطمأنينة العامة‪.‬‬

‫‪ 45‬راجع المرسوم رقم ‪ 267-81‬المؤرخ في ‪ 10‬أكتوبر ‪ 1981‬المتعلق بصالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي فيما يخص‬
‫الطرق و النقاوة و الطمأنينة العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 41‬الصادرة في ‪ 13‬أكتوبر ‪.1981‬‬
‫‪ 46‬للمزيد من التفاصيل راجع المرسوم رقم ‪ 373-83‬المؤرخ في ‪ 28‬ماي ‪ 1983‬المتعلق بسلطات الوالي في ميدان‬
‫األمن والمحافظة على النظام العام‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 22‬الصادرة في ‪ 31‬ماي‪.1983‬‬
‫‪ 47‬تنص المادة ‪ 26‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬المعدل والمتمم على أن " ‪:‬الدولة مسؤولة عن أمن األشخاص‬
‫والممتلكات‪...".‬‬
‫‪14‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫وبمعنى أخر يقصد بها المحافظة على الهدوء والسكون في الطرق واألماكن العامة‪،‬‬
‫لوقاية األفراد من الضوضاء وعدم التعرض لمضيقات الغير كالمتوسلين أو من يستعملون‬
‫مكبرات الصوت‪ ،‬وتوقيف اآلليات والمركبات التي ال تستجيب للشروط التقنية في خفض‬
‫معدالت األصوات والضجيج الصادر عنها‪ ،‬أو منع استعمال المنبهات الصوتية للسيارات قرب‬
‫األماكن التي تتطلب هدوءا خاصا كالمستشفيات والمدارس‪ ،‬أو خالل أوقات محددة كمنع‬
‫استعمالها خالل الليل‪ ،‬أو منع أنشطة مزعجة قرب التجمعات السكنية أو المهنية أو غيرها مما‬
‫يخل بالهدوء الالزم للراحة المعتادة للجمهور سواء في الشوارع أو المساكن أو أماكن العمل‪.‬‬
‫ولتحقيق ذلك‪ ،‬فان المشرع الجزائري‪ ،‬ألزم هيئة الضبط اإلداري البلدي بضرورة حماية‬
‫السكنية العامة‪ ،‬وهذا من خالل المادة ‪ 2/94‬من القانون رقم ‪ 10-11‬المتعلق بالبلدية‪ ،‬و التي جاء‬
‫فيها ‪ ":‬في إطار احترام حقوق وحريات المواطنين‪ ،‬يكلف رئيس المجلس الشعبي البلدي على‬
‫الخصوص بما يأتي‪:‬‬
‫‪... °‬التأكد من الحفاظ على النظام العام في كل األماكن العمومية التي يجري فيها تجمع‬
‫األشخاص‪ ،‬ومعاقبة كل مساس بالسكينة العمومية وكل األعمال التي من شأنها اإلخالل‬
‫بها‪...‬الخ‪"48.‬‬
‫كما منح المشرع لرئيس المجلس الشعبي البلدي من خالل المرسوم رقم ‪ 267-81‬المتعلق‬
‫بصالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي فيما يخص الطرق والنقاوة والطمأنينة العمومية‪، 49‬‬
‫السيما أحكام الباب الثالث المتعلقة بالطمأنينة العمومية‪ ،‬سلطة اتخاذ وتنفيذ كل التدابير و‬
‫اإلجراءات التي من شأنها الحفاظ على الراحة العامة‪ ،‬أو الطمأنينة العامة‪ ،‬وهذا بقمع كل عمل‬
‫يخل بذلك‪ ،‬عن طريق تنظيم األسواق والمعارض وكل التجمعات التي من شأنها تعكير الراحة‬
‫العامة‪ ،‬وذلك بضبط‪:‬‬
‫‪-‬ساعات فتح هذه المحالت وإغالقها‪.‬‬
‫‪-‬األماكن المخصصة للعرض والبيع‪.‬‬
‫‪-‬وقوف السيارات ومرورها‪.‬‬
‫وينسحب ذلك على الحفالت والعروض الفنية العمومية‪ ،‬عن طريق تسليم رخص قبلية متضمنة‬
‫القواعد الخاصة بالمحافظة على السكينة العمومية‪.‬‬
‫يتضح جليا من خالل هذه األحكام‪ ،‬أن رئيس المجلس الشعبي البلدي ملزم باتخاذ كافة‬
‫اإلجراءات الوقائية الالزمة لضمان راحة المواطنين‪ ،‬وذلك عن طريق القضاء على كل ما من‬
‫شأنه تعكير أو إزعاج يخل بهما‪.‬‬
‫كما يتمتع الوالي باعتباره سلطة ضبط إداري على مستوى الوالية‪ ،‬بسلطة اتخاذ كافة‬
‫التدابير الوقائية من أجل راحة المواطنين‪ ،‬استنادا إلى المادة ‪ 114‬من القانون رقم ‪07-12‬‬
‫المتعلق بالوالية‪.‬‬
‫و إلى جانب ذلك‪ ،‬فلقد أخضع المشرع الجزائري ممارسة بعض الحقوق والحريات العامة إلى‬
‫إجراء الترخيص المسبق‪ ،‬بهدف صيانة وحماية السكينة العامة ‪.‬هذا ما نص عليه القانون رقم‬

‫‪ 48‬لقد تم اإلشارة إلى السكينة العامة باعتبارها عنصر من عناصر النظام العام في المادة ‪ 88‬من القانون رقم ‪ 10-11‬المتعلق‬
‫بالبلدية ‪.‬كما نشير هنا أن المشرع الفرنسي لم يدرج السكينة العامة ضمن مقومات النظام العام في المادة ‪ 97‬من القانون الصادر‬
‫في ‪ 07‬أفريل ‪ 1884‬المتضمن القانون البلدي‪ ،‬غير أن الفقه والقضاء أكد على أنها تدخل ضمن عناصر النظام العام‬
‫وبالتالي تلتزم سلطات الضبط اإلداري بصيانته‪.‬‬
‫‪ 49‬للمزيد من التفاصيل راجع المواد ‪ 14،15،16‬من المرسوم رقم‪ ،267-81‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫‪ 19-91‬المؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر ‪ 1991‬المعدل والمتمم للقانون رقم ‪ 28-89‬القانون المؤرخ في‬


‫‪ 31‬ديسمبر ‪ 1989‬المتعلق باالجتماعات والمظاهرات العمومية‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 15‬على أن‬
‫" ‪:‬المظاهرات العمومية هي المواكب و االستعراضات‪ ،‬أو تجمعات األشخاص‪ ،‬وبصورة عامة‬
‫جميع المظاهرات التي تجري على الطريق العمومي ‪...‬تخضع المظاهرات العمومية إلى‬
‫ترخيص مسبق‪. . .".‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 20‬مكرر ‪ 2‬على أنه " ‪:‬يخضع تركيب أو استعمال األجهزة الصوتية‬
‫الثابتة‪ ،‬المؤقتة أو النهائية إلى رخصة مسبقة يمنحها الوالي ‪.‬تمنع األجهزة الصوتية الثابتة بقرب‬
‫المؤسسات التعليمية والمستشفيات‪".‬‬
‫أما المادة ‪ 20‬مكرر ‪ 3‬تنص على أنه "‪:‬دون اإلخالل بأحكام الفقرة الثانية من المادة ‪20‬‬
‫مكرر‪ ،2‬يخضع استعمال األجهزة الصوتية المتنقلة‪ ،‬ومكب ا رت الصوت التي يمكن أن تزعج‬
‫راحة السكان إلى رخصة مسبقة يمنحها الوالي‪. 50‬‬
‫يتضح من خالل أحكام هذا القانون‪ ،‬أن للوالي سلطة اتخاذ كافة اإلجراءات الالزمة‬
‫لضمان راحة المواطنين وذلك من خالل إخضاع استعمال بعض األجهزة التي قد تمس براحة‬
‫السكان إلى إجراء الترخيص المسبق ‪.‬وعليه يحق للوالي أن يمنع المظاهرة إذا كان من شأنها أن‬
‫تخل بالنظام العام‪ ،‬سواء باألمن العام أو السكينة العامة ‪.‬أو منع استعمال األجهزة الصوتية‪ ،‬سواء‬
‫كانت ثابتة أو متنقلة‪ ،‬بهدف المحافظة على راحة المواطنين‪ ،‬باعتباره واجب وااللتزام على عاتق‬
‫سلطات الضبط اإلداري‪.‬‬
‫ج ‪/‬الصحة العامة‪:‬‬
‫يعتبر الحق في الصحة أو الرعاية الصحية‪ ،‬إحدى الحقوق األساسية للمواطن ‪.‬ويعتبر‬
‫التزام على عاتق الدولة تسهر على ضمانه لكل األفراد دون تمييز ‪.‬وهناك من يطلق عليه تسمية‬
‫النظام العام الصحي‪. 51‬ولقد جسدت المادة ‪ 54‬من تعديل دستور ‪ 1996-11-28‬هذا االلتزام‬
‫حيث نصت على أن "‪:‬الرعاية الصحية حق للمواطنين ‪.‬تتكفل الدولة بالوقاية من األمراض‬
‫الوبائية والمعدية ومكافحتها‪".‬‬
‫ويقصد بالصحة العامة وقاية األفراد من األم ا رض أو اعتالل الصحة‪ ،‬ومنع انتشار‬
‫األوبئة‪ ،‬واالحتياط من كل ما قد يكون سببا‪ ،‬أو يحتمل أن يكون سببا للمساس بالصحة العامة‪. 52‬‬
‫ويدخل في ذلك رقابة األغذية وإعداد المياه الصالحة للشرب والمحافظة عليها من‬
‫التلوث‪ ،‬وتصريف الفضالت‪ ،‬وعزل المرض بأم ا رض معدية‪ ،‬وتحصين المواطنين ضد‬
‫‪53‬‬
‫األمراض الوبائية إلى غير ذلك من األعمال التي تلزم للمحافظة على صحة األفراد‪.‬‬
‫لقد كلف المشرع الجزائري هيئة الضبط اإلداري البلدي بحماية الصحة العامة من كل ما‬
‫من شأنه اإلخالل بها‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 94‬من القانون رقم ‪ 10-11‬المؤرخ في ‪ 22‬جوان‬
‫‪ 2011‬المتعلق بالبلدية على أنه ‪:‬في إطار احترام حقوق وحريات المواطنين‪ ،‬يكلف رئيس‬
‫المجلس الشعبي البلدي على الخصوص بما يأتي‪:‬‬

‫‪ 50‬للمزيد من التفاصيل راجع القانون رقم ‪ 19-91‬المؤرخ في ‪ 02‬ديسمبر ‪ ،1991‬المعدل و المتمم للقانون رقم ‪ 28‬المؤرخ في‬
‫‪ 31‬ديسمبر ‪ 1989‬المتعلق باالجتماعات و المظاهرات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 62‬الصادرة في ‪ 4‬ديسمبر ‪.1991‬‬
‫‪GUILLAUME-HOFNUNG Michèle, op.cit , p 33.51‬‬
‫‪CASTAGNE Jean, op.cit, p 32.52‬‬
‫‪ 53‬محمود حلمي‪ ،‬نشاط اإلدارة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪16‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫‪ ‬السهر على نظافة العمارات وضمان سهولة السير في الشوارع والساحات والطرق‬
‫العمومية‪.‬‬
‫‪ ‬السهر على احترام التنظيم في مجال الشغل المؤقت لالماك التابعة لألمالك العمومية‬
‫والمحافظة عليها‪.‬‬
‫‪ ‬اتخاذ االحتياطات والتدابير الضرورية لمكافحة األمراض المنتقلة أو المعدية والوقاية منها‪.‬‬
‫‪ ‬منع تشرد الحيوانات المؤذية والضارة‪.‬‬
‫‪ ‬السهر على سالمة المواد الغذائية االستهالكية المعروضة للبيع‪.‬‬
‫‪ ‬السهر على احترام تعليمات نظافة المحيط وحماية البيئة‪.‬‬
‫‪ ‬ضمان ضبط الجنائز والمقابر طبقا للعادات وحسب مختلف الشعائر الدينية‪ ،‬والعمل فورا‬
‫على دفن كل شخص متوفى بصفة الئقة دون تميز للدين أو المعتقد‪...".‬‬
‫أما المرسوم ‪ 267-81‬المتعلق بصالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي فيما يخص الطرق‬
‫والنقاوة والطمأنينة العمومية‪ ،‬فنصت أحكام الباب الثاني منه الخاص بالنقاوة وحفظ الصحة‬
‫العمومية على تكليف هيئة الضبط اإلداري البلدي بالسهر على تنفيذ التنظيم الصحي‪ ،‬واتخاذ كافة‬
‫اإلجراءات التي تخص النقاوة وحفظ الصحة العمومية بهدف المحافظة‬
‫على صحة الجماعة وذلك عن طريق"‪:‬‬
‫‪-‬اتخاذ كل اإلجراءات الرامية إلى مكافحة األمراض الوبائية والمعدية وحامالت‬
‫األمراض المتنقلة‪.‬‬
‫‪-‬السهر على تنفيذ العمليات المتعلقة بالتطهير‪.‬‬
‫‪-‬السهر على تموين السكان المنتظم بالماء الصالح للشرب‪ ،‬بكميات كافية لالحتياجات‬
‫المنزلية وحفظ الصحة‪.‬‬
‫‪-‬تنظيم تنظيف األنهج وجمع القمامة حسب توقيت دقيق ومالئم‪.‬‬
‫‪-‬تنظيم المزابل العمومية و احراق القمامة ومعالجتها في أماكن مالئمة " ‪...‬‬
‫‪54‬‬

‫‪-‬ومن أجل تدعيم حماية الصحة العامة أصدر المشرع الجزائري القانون رقم ‪05-85‬‬
‫المؤرخ في ‪ 16‬فيفري ‪ 1985‬والمتعلق بحماية الصحة وترقيتها‪ ،55‬حيث حدد مفهوم الصحة‬
‫العامة بأنها مجموع التدابير الوقائية والعالجية والتربوية واالجتماعية التي تستهدف المحافظة‬
‫على صحة الفرد والجماعة وتحسينها ‪.‬ولقد كلفت المجموعات المحلية من أجل حماية الصحة‬
‫العامة على المستوى المحلي بتطبيق االجراءات الرامية إلى ضمان مراعاة و احترام القواعد و‬
‫المقاييس الصحية في كل أماكن الحياة‪.‬‬
‫كما ألزمت أحكامه الوالة‪ ،‬ورؤساء المجالس الشعبية البلدية‪ ،‬ومسئولي الهيئات العمومية‬
‫والمصالح الصحية بتطبيق التدابير المالئمة في الوقت المناسب‪ ،‬للوقاية من ظهور‬
‫وانتشار األوبئة والقضاء على مختلف أسباب األمراض‪.‬‬
‫يستفاد من خالل هذا القانون‪ ،‬أن حماية الصحة العامة باعتبارها عنصرا من عناصر‬
‫النظام العام‪ ،‬مسؤولية تقع على عاتق سلطات الضبط اإلداري‪ ،‬سواء على المستوى المحلي أو‬

‫للمزيد من التفاصيل راجع المواد من ‪ 7‬إلى ‪ 13‬من المرسوم رقم ‪ ،267-81‬المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪54‬‬

‫للمزيد من التفاصيل راجع ‪ 1،2،25،42،52،61‬من القانون رقم ‪ 05-85‬المؤرخ في ‪ 16‬فيفري ‪ ،1985‬يتعلق بحماية‬ ‫‪55‬‬

‫الصحة و ترقيتها‪ ،‬المعدل و المتمم‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 08‬الصادرة في ‪ 17‬فيفري ‪.1985‬‬
‫‪17‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫الوقائية لضمان صحة األفراد‬ ‫الوطني‪ ،‬وذلك بحملها و إلزامها باتخاذ كافة اإلجراءات‬
‫والجماعة‪.‬‬
‫ونشير أن حماية الصحة العامة ال تخص فقط سلطات الضبط اإلداري العام‪ ،‬بل تخص‬
‫أيضا سلطات الضبط اإلداري الخاص‪ ،‬حيث يتمتع وزير الصحة والسكان واصالح المستشفيات‬
‫بسلطات واسعة في مجال حماية الصحة العامة‪ ،‬وكذا مديرو المستشفيات والقطاعات الصحية‪.‬‬
‫كما يتمتع وزير البيئة وتهيئة العمران بسلطة اتخاذ كافة التدابير الرامية إلى حماية الصحة‬
‫العامة‪ ،‬نظرا للعالقة الوطيدة بين حماية البيئة وحماية الصحة العامة‪.‬‬
‫وكمثال على ذلك تنص المادة ‪ 04‬من المرسوم رقم ‪ 258-10‬المؤرخ في ‪ 21‬أكتوبر‬
‫‪ 2010‬على انه "‪:‬يكلف وزير التهيئة العمرانية والبيئة في ميدان البيئة بما يأتي"‪:‬‬
‫‪-‬يبادر بالقواعد والتدابير الخاصة بالحماية والوقاية من كل أشكال التلوث وتدهور البيئة‬
‫واإلضرار بالصحة العمومية وبإطار المعيشة ويتصور ذلك ويقترحه باالتصال مع القطاعات‬
‫المعنية‪ ،‬ويتخذ التدابير التحفظية المالئمة‪...‬الخ‪". 56‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬نجد آن بعض األنشطة تخضع غالى إجراءات خاصة وصارمة لما لها‬
‫من خطر كبير على صحة اإلنسان‪ ،‬ونذكر على سبيل المثال ما جاء في القانون رقم ‪10-03‬‬
‫المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة حيث نجد المادة ‪ 15‬تنص على انه تخضع مسبقا‬
‫وحسب الحالة‪،‬لدراسة التأثير أو لموجز التأثير على البيئة‪ ،‬مشاريع التنمية والهياكل والمنشات‬
‫الثابتة والمصانع واألعمال الفنية األخرى‪...،‬الخ ‪".‬وتضيف المادة ‪ 16‬على انه يجب أن يتضمن‬
‫محتوى دراسة التأثير على األقل وصف للتأثير المحتمل على البيئة وعلى صحة اإلنسان‪...‬الخ‪.57‬‬
‫يتضح جليا أن حماية الصحة العامة‪ ،‬التزام على عاتق سلطات الضبط اإلداري سواء كانت عامة‬
‫أو خاصة ‪.‬بحيث يترتب على تهاونها وتقصيرها في اتخاذ اإلجراءات الالزمة والمالئمة تحميلها‬
‫المسؤولية عن األضرار المترتبة من جراء ذلك‪.‬‬
‫تعتبر هذه العناصر التقليدية الثالثة المقومات المادية األصلية للنظام العام الذي تسهر سلطات‬
‫الضبط اإلداري على حمايته وصيانته‪ ،‬من كل ما من شأنه أن يؤدي إلى تعكيره‪.‬‬
‫إال أنه إذا كانت هذه العناصر ثابتة في كل زمان ومكان‪ ،‬فإنها لم تعد تساير تطور وظيفة الضبط‬
‫اإلداري وتوسع مجالها بحكم توسع مفهوم النظام العام ذاته‪.‬‬

‫‪/2‬العناصر الحديثة لفكرة للنظام العام‪:‬‬


‫إن مفهوم النظام العام في القانون اإلداري قد تطور بتطور الوظيفة اإلدارية للدولة‪،‬‬
‫فالدولة الحديثة لم تعد متدخلة فقط‪ ،‬بل أصبحت فضال عن وظائفها السابقة‪ ،‬طرفا هامة في‬
‫المعادلة االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬مما تبع ذلك توسع هام في وظائف اإلدارة العامة‪،‬‬
‫وتطور لمختلف المفاهيم السائدة‪ ،‬بما فيها فكرة النظام العام‪.‬‬

‫من المرسوم رقم ‪ 258-10‬المؤرخ في ‪ 21‬أكتوبر‪ ،2010‬يحدد صالحيات وزير التهيئة العمرانية و البيئة‪ ،‬الجريدة الرسمية‪،‬‬ ‫‪56‬‬

‫العدد ‪ 64‬الصادرة في ‪ 28‬أكتوبر ‪.2010‬‬


‫قانون رقم ‪ 10-03‬مؤرخ في ‪ 19‬جويلية ‪ ، 2003‬يتعلق بحماية البيئة في اطار التنمية المستدامة‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪43‬‬ ‫‪57‬‬

‫الصادرة في ‪ 20‬جويلية ‪.2003‬‬


‫‪18‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫لقد توسع مفهوم النظام العام‪ ،‬بحيث لم يعد يقتصر على مجرد حماية ووقاية المجتمع من‬
‫االضطرابات المادية الخارجية إلقامة األمن‪ ،‬السكينة والصحة العامة‪ ،‬بل تعدى هذه الحدود‬
‫التقليدية إلى مجاالت أخرى استجابة لتطور المجتمع وازدياد تدخل الدولة في مجال النشاطات‬
‫الفردية‪.‬‬
‫على هذا التوجه‪ ،‬بقوله أن"‪:‬النظام العام ‪ Paul BERNARD‬ولقد أكد الفقيه بول برنارد‬
‫التقليدي قاصرا نظرا لسلبياته التي تجعله يتوقف عند حد النتيجة المباشرة المتمثلة في عدم وجود‬
‫االضطراب المادي في المجتمع‪ ،‬بل هو نظام حي ديناميكي ألنه نتيجة وثمرة لعمل بناء‬
‫ومجهودات كبيرة مدعمة بوسائل كثيرة وموجهة ألهداف متعددة من أجل هدف اجتماعي عام‬
‫وشامل‪ .‬فهو تنظيم منسجم لكل العالقات اإلنسانية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬السياسية‪ ،‬الفكرية‬
‫واألخالقية الكائنة في حياة مجموعة معينة"‪.58‬‬
‫أ ‪/‬النظام العام األخالقي أو األدبي‪:‬‬
‫أكد الفقه على ضرورة تدخل السلطات اإلدارية الضبطية لحماية كل ما يمس باآلداب‬
‫واألخالق العامة‪ ،‬والذي من شأنه أن يعكر النظام العام المادي للمجتمع‪ ،‬وذلك بهدف كفالة‬
‫الحياة المادية والمعنوية على حد سواء‪.‬‬
‫على هذا بقوله أن ‪: "...‬عالوة على النظام ‪ Maurice Hauriou‬ولقد أكد الفقيه موريس‬
‫هوريو المادي الذي يعني عدم وجود الفوضى‪ ،‬يوجد النظام الخلقي الذي يرمي إلى المحافظة‬
‫على ما يسود من معتقدات وأحاسيس وأفكار ‪.‬فإذا كان االضطراب في النظام الخلقي قد بلغ درجة‬
‫من الخطورة تهدد كيان النظام العام المادي‪ ،‬يستوجب تدخل السلطات اإلدارية الضبطية لوضع‬
‫حد لذلك االضطراب‪.59"...‬‬
‫أما األستاذ لوي لوك فلقد ذهب إلى أبعد من ذلك بقوله أن "‪:‬كل فكرة عن النظام العام‬
‫متغيرة وعائمة‪ ،‬فهي أقرب صلة بالشعور منها بالواقع القانوني‪.60"...‬‬
‫ورغم هذا‪ ،‬ظلت العديد من التشريعات والسيما في الدول غير اإلسالمية‪ ،‬متحفظة في هذا‬
‫المجال‪ ،‬إذ استبعدت فكرة األخالق من مضمون النظام العام‪ ،‬ومن ثمة من نطاق تدخل سلطات‬
‫الضبط اإلداري ‪.‬ومن بينها التشريع الفرنسي إذ لم يتضمن القانون البلدي لعام ‪ 1884‬في مادته‬
‫‪ 97‬أية إشارة إلى اآلداب واألخالق العامة‪.‬‬
‫ونفس الموقف تبناه القاضي اإلداري الفرنسي‪ ،‬إذ لم يعتبر اآلداب واألخالق العامة‬
‫عنصرا من عناصر النظام العام‪ ،‬وبالتالي كان يلغي إجراءات وتصرفات سلطات الضبط‬
‫اإلداري التي تمس بحقوق وحريات األفراد بحجة حماية اآلداب واألخالق العامة‪ ،‬كما يحملها‬
‫مسؤولية التعويض عن األضرار الناجمة عن هذه اإلجراءات والتصرفات‪.‬‬
‫غير أن القضاء اإلداري الفرنسي تراجع عن موقفه هذا‪ ،‬لمسايرة موقف الفقه الذي ظل‬
‫ينادي بضرورة تكفل الدولة عن طريق سلطات الضبط اإلداري بحماية األخالق العامة‪،‬باعتباره‬
‫عنصرا من عناصر النظام العام‪ .‬ومن أهم القرارات الشهيرة التي أصدرها القاضي اإلداري‬
‫الفرنسي والتي أكد فيها على اختصاص سلطات الضبط اإلداري والتزامها بحماية األخالق‬

‫‪BERNARD Paul, Notion d’ordre public en droit administratif, L.G.D.J, Paris, 1962, p 12 .58‬‬
‫‪ 59‬موريس هوريو‪ ،‬مطول القانون اإلداري‪ ،‬باريس‪ ، 1950 ،‬ص‪. 25‬عن ‪:‬سكينة عزوز‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪ 60‬عامر أحمد مختار‪ ،‬تنظيم سلطة الضبط اإلداري في العراق‪ ،‬رسالة جامعية‪ ،‬جامعة بغداد‪ ، 1975 ،‬ص ‪.53‬‬
‫‪19‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫واآلداب العامة‪ ،‬قرار مجلس الدولة الفرنسي المؤرخ في ‪ 18‬ديسمبر ‪ 1959‬في قضية شركة ‪-‬‬
‫أفالم لوتيسيا ‪ - lutetia‬و النقابة الفرنسية للمنتجين ومستثمرين االفالم‪.61‬‬
‫تتلخص وقائع هذه القضية في أن رئيس بلدية ‪-‬نيس ‪ - Nice‬أصدر قرارا إداريا ضبطيا‬
‫يقضي بمنع عرض فيلم حصلت على ترخيص قانوني من طرف وزير اإلعالم بعد موافقة لجنة‬
‫الرقابة على األفالم السينمائية المنظمة بموجب قانون ‪ 03‬جويلية ‪.1947‬‬
‫ويتعلق هذا اإلجراء بفيلم ‪:‬النار في الجسد ‪.Le feu dans la peau‬‬
‫لقد اتخذ رئيس بلدية نيس هذا القرار تحت تأثير قوى الضغط االجتماعي في المدينة‬
‫المتكونة في هذه القضية أساسا من جمعية المعلمين وأولياء التالميذ الذين هددوا بالقيام‬
‫بمظاهرات في المدينة لمنع عرض هذه األفالم التي تهدد تربية وأخالق وآداب التالميذ الصغار‪.‬‬
‫وبتاريخ ‪ 11‬جويلية ‪ 1956‬تقدمت شركة أفالم لوتيسيا والنقابة الفرنسية بدعوى قضائية‬
‫ضد رئيس البلدية أمام المحكمة اإلدارية لنيس‪ ،‬ملتمسة منها الحكم بعد مشروعية قرار المنع‬
‫لتجاوز السلطة‪ ،‬ومن ثمة إلغائه ‪.‬إال أن المحكمة اإلدارية قضت بمشروعية القرار اإلداري‬
‫الضبطي البلدي‪ ،‬وبالتالي حكمت برفض الدعوى‪.‬‬
‫وبناء على ذلك‪ ،‬استأنفت الشركة قرار المحكمة اإلدارية أمام مجلس الدّولة‪ ،‬مطالبة بإلغاء‬
‫القرار الذي أصدره رئيس بلدية نيس‪ ،‬والحكم بتّعويض األضرار والخسائر المترتبة عن عدم‬
‫عرض هذه األفالم‪.‬‬
‫وبتاريخ ‪ 18‬أكتوبر‪ 1959‬أصدر مجلس الدولة الفرنسي قراره برفض إلغاء قرار رئيس‬
‫البلدية‪ ،‬ألنه من سلطاته الضبطية أن يتعرض للمحافظة على اآلداب واألخالق العامة‪ .‬وجاء في‬
‫حيثيات هذا القرار على وجه الخصوص"‪:‬‬
‫‪ ...‬حيث أنه يتضح من خالل التحقيق أن الظروف المحلية التي أثارها رئيس بلدية نيس‬
‫تبرر قرار منع عرض هذه األفالم على مستوى هذه البلدية‪.‬‬
‫‪ ...‬حيث أنه يتضح من خالل كل ما سبق أن شركة أفالم لوتيسيا والنقابة الفرنسية للمنتجين‬
‫ومستثمرين األفالم غير محقين في التمسك بأن المحكمة اإلدارية غير محقة في قرارها المتضمن‬
‫رفض الدعوى الرامية إلى إلغاء قرار رئيس بلدية نيس‪ ...‬وعليه يرفض الطعن ‪".‬يتضح من‬
‫خالل هذا القرار‪ ،‬أن القاضي اإلداري الفرنسي اعتبر اآلداب واألخالق العامة عنصرا من‬
‫عناصر النظام العام‪ ،‬و بالتالي من حق سلطات الضبط اإلداري‪ ،‬بل ومن واجبها التدخل من أجل‬
‫حمايته وصيانته‪.‬‬
‫ومهما كان األمر‪ ،‬فإن القاضي اإلداري عندما أقر بضرورة حماية اآلداب العامة‬
‫واألخالق العامة‪ ،‬فإنه ال يتعدى إلى األخالق المثالية التي تعتبر مبادئ ثابتة في الضمير‬
‫اإلنساني‪ ،‬بل الحد األدنى منها الذي إذا لم يصن ترتب عنه اإلخالل بالطابع المادي للنظام العام‪.‬‬
‫وهذا ما أكده الفقيه فليب فويالر‪ Philippe FOILLARD‬بقوله أن "‪:‬إذا كان حماية‬
‫اآلداب العامة أمرا ضروريا فإنه يجب أن يكون في حدود صيانة األمن والسكينة العامة فقط‪."62‬‬

‫‪C.E, 18 décembre 1959, arrêt société « les films lutetia » et syndicat français des 61‬‬
‫‪de films, in WEIL. P, LONG.M, BRAIBANT .G, DELVOVE. P, producteurs et exportateurs‬‬
‫‪jurisprudence administrative, 13éme édition, DALLOZ, GENEVOIS.B, Les grands arrêts de la‬‬
‫‪Paris, 2001 .p 550‬‬
‫‪FOILLARD Philippe, Droit Administratif, C. P. U, Paris, 2001, p 264 .62‬‬
‫‪20‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫وبتعبير آخر حسب الفقيه هنري تيتجين ‪ Henry TEITGEN‬فهو عدم وجود الفضائح‬
‫أو عدم وجود أي اعتداء‪ ،‬أو مساس أو أذى عام بالقدر األدنى من األفكار الخلقية‪ ،‬التي رضي بها‬
‫واحترمها متوسط األفراد خالل فترة زمنية معينة‪. 63‬فمعيار هذه المبادئ يقاس بما يحرص الناس‬
‫على احترامه واإلبقاء عليه‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬يمكن القول أن اآلداب واألخالق العامة نسبية‪ ،‬تتغير من زمن إلى‬
‫آخر‪ ،‬ومن مكان إلى آخر ‪.‬وهذا ما يظهر جليا من خالل قرار مجلس الدولة الفرنسي المشار إليه‬
‫أعاله‪ ،‬والذي أكد فيه أن الظروف المحلية تبرر اتخاذ اإلجراءات المناسبة قصد حماية اآلداب‬
‫واألخالق العامة ‪.‬وبالمقابل فإن عدم توفر هذه الظروف ال يسمح لرئيس البلدية منع عرض هذه‬
‫األفالم ما دامت أنها تخضع لرقابة مسبقة من طرف الجهة المكلفة بمنح رخصة االستغالل‪.‬‬
‫وبناء على ذلك‪ ،‬ألغى مجلس الدولة الفرنسي عدة قرارات إدارية ضبطية‪ ،‬تضمنت منع‬
‫عرض بعض األفالم بهدف حماية اآلداب واألخالق العامة‪ ،‬حيث أكد فيها أن الطبيعة غير‬
‫األخالقية للفيلم ال تبرر لوحدها قرار المنع‪ ،‬مادام ليس من شأنها تعكير وتهديد النظام العام‬
‫المادي ‪.‬ومن بين هذه القرارات‪ ،‬قرار مجلس الدولة المؤرخ في ‪ 19‬أبريل ‪ 1963‬في قضية‬
‫شركة أفالم مارصو‪.64 Marceau‬‬
‫تتلخص وقائع هذه القضية في أنه بتاريخ ‪ 12‬فيفري ‪ 1960‬اتخذ رئيس بلدية‬
‫‪ Landerneau‬قرارا إداريا ضبطيا يتضمن منع عرض فيلم" العالقات الخطيرة ‪ ،"1960‬وذلك‬
‫بحجة حماية اآلداب واألخالق العامة‪.‬‬
‫وبتاريخ ‪ 23‬أكتوبر‪ 1961‬أصدرت المحكمة اإلدارية لمدينة ‪ Rennes‬حكمها القاضي‬
‫برفض دعوى اإللغاء‪ ،‬ومن ثمة الحكم بمشروعية القرار‪ .‬طعنت الشركة في هذا الحكم أمام‬
‫مجلس الدولة الذي أصدر قراره بتاريخ ‪ 1963-04-19‬يتضمن إلغاء القرار اإلداري الضبطي ‪.‬‬
‫ولقد جاء في حيثيات هذا الحكم على وجه الخصوص"‪:‬‬
‫‪...‬حيث يتضح من خالل التحقيق أن عرض الفيلم في تاريخ اتخاذ القرار محل الطعن‬
‫ليس من شأنه أن يحدث اضطرابات مادية مجدية في مدينة ‪.Landerneau‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬لم يثبت التحقيق أية ظروف محلية من طبيعتها أن تجعل عرض الفيلم‬
‫مهما كانت طبيعته غير األخالقية تهديدا على النظام العام‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن شركة أفالم مارصو مؤسسة في التمسك بأن المحكمة اإلدارية ‪ Rennes‬غير‬
‫محقة في حكمها الصادر بتاريخ ‪ 23‬أكتوبر ‪ ، 1961‬والقاضي برفض دعوى إلغاء القرار محل‬
‫الطعن‪".‬‬
‫يتضح أن فكرة النظام العام األخالقي صعبة التحديد‪ ،‬لذا فان سلطة هيئات الضبط اإلداري‬
‫ليست مطلقة فيما يتعلق بتحديد الطبيعة غير األخالقية للفيلم‪ ،‬بل تخضع لتقدير القاضي اإلداري‬
‫الذي يبحث في مدى خطورة عرض الفيلم على األخالق العامة‪ ،‬وهل ثمة ظروفا محلية مجدية‬
‫من شأنها أن تبرر منع عرضه ‪.‬فالقاضي اإلداري الفرنسي ي ا رقب مدى التوفيق بين ضرورة‬
‫حماية اآلداب واألخالق العامة وبين ضرورة حماية حرية المعتقد وحرية التعبير المكرسة‬
‫دستوريا ‪.‬ويترتب على ذلك‪ ،‬أن مجال ونطاق اآلداب واألخالق العامة يضيق و يتسع تبعا لتغير‬

‫‪TEITGEN Henry, La police municipale générale, l’ordre public et les pouvoirs de 63‬‬
‫‪p1 et 2. Sirey, Paris, 1934, Maire,‬‬
‫‪C.E, 19 avril 1963, arrêt société "des films Marceau", In WEIL.P, et autres, op.cit, p 247.64‬‬
‫‪21‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫األزمنة‪ ،‬واألمكنة‪ ،‬وحسب شخصية كل أمة وانتمائها الحضاري‪ ،‬والظروف المحلية الخاصة‬
‫‪65‬‬
‫بكل منطقة‪.‬‬
‫أما المشرع الجزائري‪ ،‬فباعتبار أن المجتمع الجزائري مجتمع مسلم‪ ،‬فإنه كان من‬
‫المنطقي أن يساير موقف الفقه والقضاء‪ ،‬حيث أدرج اآلداب العامة ضمن عناصر النظام العام‪،‬‬
‫تتكفل سلطات الضبط اإلداري بحمايته وصيانته ‪.‬غير أن فكرة اآلداب واألخالق العامة في‬
‫الجزائر تختلف عما هو عليه األمر في فرنسا ‪.‬أوال تتدخل سلطات الضبط اإلداري عندما يؤدي‬
‫المساس باآلداب العامة إلى اضطراب مادي للنظام العام‪ ،‬وهذا يتماشى مع موقف القضاء‬
‫اإلداري الفرنسي ‪.‬ثانيا عندما يؤدي مخالفة اآلداب العامة إلى اضطراب في عقيدة الجماعة‪.‬‬
‫ففي الحالة األولى تلجأ سلطات الضبط اإلداري إلى منع كل األعمال والتصرفات التي‬
‫تخل باآلداب والخالق العامة والتي من شأنها أن تؤدي إلى اضطراب مادي ‪.‬يفهم من هنا أن‬
‫اإلخالل باألخالق العامة يمس بالضرورة إحدى العناصر المادية للنظام العام ‪.‬والمثال على ذلك‬
‫فرغم أن بيع الكحول وشربه في أماكن خاصة مسموح به إال أن استهالكه في األماكن العمومية‬
‫يعد تصرفا مخل باآلداب العامة ويمس بالصحة والسكينة العامة‪.‬‬
‫أما في الحالة الثانية فان تدخل سلطات الضبط اإلداري ال يهدف إلى حماية األخالق العامة‬
‫الذي يؤدي إلى اضطراب مادي‪ ،‬وإنما إلى حماية اآلداب العامة بصفة مستقلة‪ .‬ويقصد باألخالق‬
‫العامة بهذا المعنى مجموعة المبادئ األخالقية التي تقبلها وطبقها عامة األفراد في المجتمع في‬
‫وقت معين وفي مكان معين‪ ،‬والتي تضمن الدولة حمايتها‪.66‬‬
‫تعتبر األخالق العامة بهذا المعنى فكرة نسبية تتغير بتغير ظروف الزمان والمكان‪ ،‬بل‬
‫وحتى بالعادات والتقاليد السائدة في منطقة معينة ‪.‬والمثال على ذلك العالقات الجنسية غير‬
‫المشروعة أو ما يصطلح عليه بالدعارة‪ ،‬فهي مخالفة لآلداب واألخالق العامة وللدين اإلسالمي‬
‫ومعاقب عليها قانونا ‪.‬وهنا نالحظ أن سلطات الضبط اإلداري من خالل خلية شرطة اآلداب‬
‫تسهر على صيانة المجتمع من هذه اآلفة التي تمس بمبادئ وأخالق المجتمع‬
‫الجزائري باعتباره مجتمع متدين‪.‬‬
‫بالرجوع إلى التشريع الجزائري نجد هناك عدة قوانين تتعلق بمجال الضبط اإلداري‪،‬‬
‫فالمادة ‪ 237‬الفقرة األولى من القانون البلدي لعام ‪ 1967‬نصت على أن " ‪:‬رئيس المجلس‬
‫الشعبي البلدي مكلف على وجه الخصوص لتحقيق النظام‪ ،‬األمن‪ ،‬السالمة‪ ،‬والصحة العامة بما‬
‫يلي"‪:‬‬
‫‪-‬المحافظة على اآلداب العامة‪."...‬‬
‫كما أكد المشرع الجزائري على تكليف هيئة الضبط اإلداري البلدي بالتزام حماية المتعلق‬
‫بصالحيات ‪ -‬وصيانة اآلداب العامة‪ ،‬وذلك في المادة ‪ 14‬من المرسوم رقم ‪ 567-81‬رئيس‬
‫المجلس الشعبي البلدي فيما يخص الطرق والنقاوة والطمأنينة العمومية‪ ،‬والتي جاء فيها " ‪:‬يتخذ‬
‫وينفذ رئيس المجلس الشعبي البلدي في إطار التنظيم المعمول به‪ ،‬كل االجراءات التي من شأنها‬
‫أن تضمن حسن النظام واألمن العمومي‪ ،‬وكذلك الحفاظ على الطمأنينة واآلداب العامة ‪.‬كما يجب‬
‫عليه أن يقمع كل عمل من شأنه أن يخل بذلك"‪.‬‬

‫‪CASTAGNE Jean, op.cit, p37.65‬‬


‫‪. LAJOIS Jean Louis, op.cit, p 47566‬‬
‫‪22‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫إن حماية اآلداب العامة ليس إلتزام على سلطات الضبط اإلدارية العامة فقط‪ ،‬بل حتى‬
‫سلطات الضبط اإلداري الخاصة نصيب من ذلك‪ ،‬ولقد أشار المشرع إلى ذلك في العديد من‬
‫القوانين الخاصة نذكر على سبيل المثال قانون رقم ‪ 03/2000‬المحدد للقواعد العامة المتعلقة‬
‫بالبريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬إذ تنص المادة ‪ 04‬منه على انه ‪:‬تسهر الدولة في أطار‬
‫الصالحيات المرتبطة بمهامها العامة بالخصوص على‪:‬‬
‫‪°‬احترام األحكام المقررة في مجال الدفاع الوطني واآلمن العمومي‪،‬‬
‫‪67‬‬
‫‪°‬احترام مبادئ اآلداب العامة‪"...‬‬
‫كما أكد القانون العضوي المتعلق باإلعالم على أهمية عدم المساس باألخالق العامة من‬
‫قبل كل من يتدخل في مجال اإلعالم‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 92‬على أنه "‪:‬زيادة على األحكام الواردة‬
‫في المادة ‪ 2‬من هذا القانون العضوي‪ ،‬يجب على الصحفي على الخصوص‪:‬‬
‫‪°‬االمتناع عن نشر أو بث صور أو أقوال تمس بالخلق العام أو تستفر مشاعر‬
‫‪68‬‬
‫المواطن"‪.‬‬
‫أن اآلداب واألخالق العامة التي تتكفل سلطات الضبط اإلداري بحمايتها‪ ،‬هي تلك اآلداب‬
‫العامة ذات المظهر الخارجي التي يجب أن يتحلى بها الفرد اتجاه الجماعة‪ ،‬سواء أدى اإلخالل‬
‫بها بالفعل أو الكلمة أو اللباس أو الصورة إلى إلحاق الضرر بالطابع المادي للنظام العام‪ ،‬كفالة‬
‫للحياة المادية والمعنوية للجماعة‪ ،‬وال دخل لسلطات الضبط اإلداري في أخالق الشخص اتجاه‬
‫نفسه ‪.‬فتلك تخضع لدرجة إيمانه ومدى رقابة ضميره‪. 69‬‬
‫وكمثال على ذلك‪ ،‬فإنه إذا كان من حق الفرد الخروج إلى اإللحاد وعدم اعتناق أي دين‪،‬‬
‫فإنه ليس من حقه في الدولة اإلسالمية الدعوة إلى اإللحاد وانكار الشرائع السماوية ألن في ذلك‬
‫مساسا بالدين اإلسالمي الحنيف‪ ،‬ومساسا بمبادئ وأخالق األمة اإلسالمية‪.‬‬
‫فممارسة حرية العقيدة المكرسة دستوريا تكون في إطار حماية اآلداب واألخالق العامة‬
‫التي يتمسك بها أفراد المجتمع‪. 70‬‬
‫ومهما كان األمر‪ ،‬فإن للقاضي اإلداري سلطة تقديرية في تكيف العمل أو التصرف الذي‬
‫يأتيه الفرد ومدى مساسه باآلداب واألخالق العامة‪ ،‬وبالتالي يبرر اإلجراء اإلداري الضبطي ‪.‬‬
‫فالقاضي اإلداري يوازن ويوفق بين صيانة اآلداب العامة وبين ضرورة حماية حرية المعتقد‬
‫والتعبير‪.‬‬
‫إال أن المالحظ هو تراجع المشرع الجزائري عن موقفه هذا إثر تعديل قانون بموجب‬
‫القانون رقم‪ 08-90‬المؤرخ في ‪ 07‬أفريل ‪ ،1990‬بحيث لم يدرج حماية اآلداب العامة ضمن‬
‫اختصاصات رئيس المجلس الشعبي البلدي عكس ما كان عليه سابقا ‪.‬كما استقر على نفس‬
‫الموقف في ظل قانون البلدية الحالي رقم ‪ 10-11‬المؤرخ في ‪ 22‬جوان ‪.2011‬‬

‫‪ 67‬قانون رقم ‪ 03-2000‬مؤرخ في ‪ 05‬أوت ‪ ،2000‬يحدد القواعد العامة المتعلقة بالبريد و المواصالت السلكية و الالسلكية‪،‬ج‬
‫ر العدد ‪ 48‬الصادرة في ‪ 05‬أوت ‪.2000‬‬
‫‪ 68‬قانون عضوي رقم ‪ 05-12‬مؤرخ في ‪ 12‬جانفي ‪ ،2012‬يتعلق باالعالم‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد‪ 2‬الصادرة في ‪ 15‬جانفي‬
‫‪.2012‬‬
‫‪ 69‬عمور سيالمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.78‬‬
‫‪ 70‬حمود حمبلي‪ ،‬حقوق اإلنسان بين النظم الوضعية و الشريعة اإلسالمية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫الجزائر‪،1995،‬ص ‪.43‬‬

‫‪23‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫ونحن نعتقد أن هذا التراجع يفقد رئيس البلدية السند القانوني الذي يستند إليه في ممارسة‬
‫صالحياته كسلطة ضبط على مستوى البلدية قصد صيانة اآلداب العامة ‪.‬إال إذا قلنا بكفاية نص‬
‫المادة ‪ 14‬من المرسوم رقم ‪ 267-81‬المشار اليه سابقا‪ .‬و ما يؤكد قولنا هو أن فكرة اآلداب‬
‫واألخالق العامة فكرة نسبية تتغير من منطقة إلى أخرى‪ ،‬فإن هيئة الضبط اإلداري البلدي أدرى‬
‫من كل جهة أخرى‪ ،‬بالعادات والتقاليد والمبادئ التي يتمسك بها أفراد الجماعة على المستوى‬
‫المحلي‪.‬‬
‫ب ‪/‬النظام العام الجمالي"جمال الرونق والرواء"‪:‬‬
‫لقد كان مجلس الدولة الفرنسي حريصا على عدم الخروج عن االغراض المشار إليها‬
‫سابقا‪ ،‬وذلك رغبة منه في تعزيز حماية الحريات العامة ‪.‬ولذا‪ ،‬فإن حماية النّظام الجمالي لم يكن‬
‫يعتبره من ضمن أغراض سلطات الضّبط اإلداري‪ ،‬وال يشكل عنصر من عناصر النظام العام‪.‬‬
‫ولقد كان لمجلس الدولة الفرنسي فرصة للتأكيد على هذا الموقف وذلك من خالل قراره‬
‫المؤرخ في ‪ 04‬ماي ‪ 1928‬في قضية ‪ 71 Leroy‬ولقد جاء في حيثيات هذا القرار أن ‪ ...":‬السلطة‬
‫القائمة على وظيفة الضبط اإلداري ال يحق لها أن تستهدف صون المظهر المنمق والمحافظة‬
‫على جمال الرواء‪ ،‬إال في الحاالت التي يرخص بها القانون بذلك بنصوص قاطعة‪"...‬ونفس‬
‫الموقف أكد عليه مجلس الدولة الفرنسي ا رفضا اعتبار الجمال الرونقي من ضمن عناصر النظام‬
‫‪72‬‬
‫العام وذلك في قراره الصادر بتاريخ ‪ 18‬فيفري ‪.1972‬‬
‫إال أن موقف مجلس الدولة الفرنسي تغير في فترة قصيرة‪ ،‬وذلك تحت تأثير المنظمات‬
‫والجمعيات المدافعة عن الجمال‪ ،‬بحيث يرى أنصارها أن الجمال يدخل ضمن مهام اإلدارة التي‬
‫تتكفل بحراسة الصالح العام ‪.‬ومما الشك فيه أن الجمال يعد من المصالح العامة للدولة‬
‫شأنه شأن الفن أو الثقافة ‪.‬فكل مساس به يكون اضطرابا في النظام يتعين المحافظة عليه‬
‫‪73‬‬
‫عن طريق وقاية الجمال‪.‬‬
‫ومن أهم القرارات التي أصدرها مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬والتي أكد فيها على اعتبار‬
‫حماية الجمال عنصر من عناصر النظام العام‪ ،‬ومن ثمة يدخل في نطاق أغراض سلطات الضبط‬
‫‪74‬‬
‫اإلداري‪ ،‬قراره المؤرخ في ‪ 92‬أكتوبر ‪ 9163‬في قضية إتحاد نقابات المطابع والنشر بباريس‪.‬‬
‫تتلخص وقائع هذه القضية في أن مدير ضبط مدينة السين أصدر قرارا إداريا ضبطيا‬
‫يتضمن حظر توزيع اإلعالنات "‪ "Prospectus‬على المارة في الطرقات العامة خشية إلقاؤها بعد‬
‫تصفحها‪ ،‬فيشوه هذا اإللقاء مظهر الطرقات و يفض من جمال روائها وأناقة مظهرها‪.‬‬
‫وعلى إثر ذلك‪ ،‬طعن إتحاد نقابات المطابع والنشر بباريس ضد هذه الالئحة أمام مجلس‬
‫الدولة طالبا إلغاءها لتجاوزها األغ ا رض المحدودة الموكلة لسلطات الضبط اإلداري لتحقيقها‪،‬‬
‫اعتمادا على السوابق القضائية التي صدرت عن مجلس الدولة في هذا الشأن‪.‬‬

‫‪ 71‬محمود سعد الدين الشريف‪" ،‬النظرية العامة للبوليس اإلداري في مصر"‪ ،‬مجلة مجلس الدولة‪ ،‬القاهرة‪ ،1951 ،‬ص ‪.292‬‬
‫‪C.E, 18 fevrier 1972, arrêt Chambre Syndicat des entreprises artisanales du bâtiment de 72‬‬
‫‪in http://www.legifrance.gouv.fr la haute Garonne,‬‬
‫‪Voir aussi C.E, 09-07-1975, Commune de Janvry, in http://www.legifrance.gouv.fr‬‬
‫‪ 73‬سكينة عزوز‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪ 74‬محمود سعد الدين الشريف‪" ،‬النظرية العامة للبوليس اإلداري في مصر "المرجع السابق‪ ،‬ص‪.292‬‬
‫‪24‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫إال أن مجلس الدولة سلم في قراره المؤرخ في ‪ ، 1936-10-23‬بحق هيئات الضبط‬


‫اإلداري في إصدار لوائح من هذا القبيل‪ ،‬تحمي جمال مظهر الطرقات وتحافظ على حسن‬
‫األحياء السكنية‪.‬‬
‫قرار‪ ،‬أن القاضي اإلداري الفرنسي وسع من مضمون النظام‬ ‫يتضح من خالل هذا ال ّ‬
‫غرضا من أغراض سلطات الضبط اإلداري‪ ،‬استجابة لتزايد متطلبات أفراد المجتمع التي ما‬
‫ظلت تطالب بضرورة تدخل الدولة من أجل حمايته وصيانته‪.‬‬
‫والى جانب هذا‪ ،‬فإن المشرع الفرنسي ساير موقف القضاء‪ ،‬وهذا بإدماج الجمال في‬
‫المجال القانوني‪ ،‬عن طريق إحداث العديد من أنواع البوليس الخاص تتكفل بحماية الجمال‪.‬‬
‫كما أن حماية الجمال يدخل في إطار سياسة عامة تتعلق بحماية البيئة التي أصبحت تشغل مركزا‬
‫هاما في إطار إنشغاالت الدولة‪.‬‬
‫وكمثال على ذلك‪ ،‬فإن المادة ‪ 07‬من القانون المؤرخ في ‪ 12‬أفريل ‪ 1943‬المتعلق‬
‫بشرطة الملصقات‪ "Police de l’affichage" ،‬تنص على أن "‪:‬للمحافظ سلطة منع وتنظيم تنص على‬
‫أن "‪:‬للمحافظ سلطة منع وتنظيم اإلشهار على مستوى الطرق السريعة قصد حماية جمال‬
‫المناطق التي يعبرها ‪.‬كما يمكن للمحافظ أن ينظم اإلشهار عن طريق الملصقات في كل أو جزء‬
‫‪75‬‬
‫من إقليم البلدية‪."...‬‬
‫أما المشرع الجزائري‪ ،‬فإنه لم يخرج على هذا االتجاه‪ ،‬بل ساير هذا التطور وأعتبر‬
‫الجمال عنصرا من عناصر النظام العام‪ ،‬تتكفل سلطات الضبط اإلداري بحمايته وصيانته‪.‬‬
‫وهذا ما يظهر جليا من خالل استعراض أحكام المرسوم رقم ‪ 267-81‬المؤرخ في ‪10‬‬
‫أفريل ‪ 1981‬المتعلق بصالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي في مجال الطرق والنقاوة‬
‫والطمأنينة العمومية‪.‬‬
‫فالمادة ‪ 02‬الفقرة السادسة تنصص على أنه ‪:"...‬يقوم فضال عن ذلك بتجميل الطرق‬
‫وينشئ في المناطق الحضرية‪ ،‬مساحات للراجلين"‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 04‬على أنه " ‪:‬يسهر رئيس المجلس الشعبي البلدي على إنارة الطرق‬
‫العمومية وصيانة شبكة اإلنارة ‪.‬ويسهر باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬على تشذيب المغروسان وتصفيفها‪،‬‬
‫وكذا إنشاء وصيانة المساحات الخضراء‪ ،‬الحدائق العمومية وحظائر التسلية"‪.‬‬
‫أما المادة ‪ 08‬الفقرة ‪ 08‬فإنها نصت على أنه ‪: "...‬يسهر على نظافة البلدية وتجميلها"‪.‬‬
‫يتضح من خالل استعراض هذه المواد‪ ،‬مدى األهمية التي أوالها المشرع الجزائري‬
‫لحماية النظام العام الجمالي‪ ،‬وذلك بتكليف هيئة الضبط اإلداري البلدي باتخاذ كافة التدابير‬
‫الوقائية الالزمة من أجل ضمان نظافة وجمال البلدية‪.‬‬
‫وأكثر من ذلك‪ ،‬فإن المشرع الجزائري ألزم سلطة الضبط اإلداري البلدي باتخاذ كافة‬
‫التدابير الضرورية من أجل حماية البيئة وتحسينها ‪.‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 10‬من المرسوم‬
‫المشار إليه أعاله‪ ،‬حيث جاء فيها "‪:‬يتخذ رئيس المجلس الشعبي البلدي كل اإلجراءات التي من‬
‫شأنها أن تحمي البيئة وتحسنها‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫‪BIBANDA Antoine, «Quelques exemples de polices administratives spéciales », In La police‬‬
‫‪existe- t-elle ?, In La police administrative existe-t-elle ?, sous la direction de LINOTTE Didier, administrative‬‬
‫‪Economica, Paris, 1985, p 134. Edition‬‬
‫‪25‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫يضبط إثر مداولة المجلس الشعبي البلدي كل اإلجراءات التي يمكن أن تشجع إنشاء كل‬
‫منظمة أو جمعية لحماية البيئة وتطويرها وتحسين نوعية حياة المواطن‪ ،‬والقضاء على التلوث‬
‫واألضرار‪ ،‬ويسهر على تنفيذ هذه اإلجراءات‪".‬‬
‫ومن أجل بلوغ هذه الغاية‪ ،‬عمد المشرع الج ا زئري إلى إصدار القانون رقم‪03-83‬‬
‫المؤرخ ‪ 05‬فيفري ‪ 1983‬المتعلق بحماية البيئة‪ ،‬حيث حدد فيه الجهات المكلفة بحماية البيئة‪ ،‬و‬
‫اإلجراءات التي يجب اتخاذها‪ ،‬وهذا تحت رعاية الوزير المكلف بالبيئة وتهيئة العمران‪ .‬وحسب‬
‫المادة ‪ 07‬من هذا القانون‪ ،‬فإن المجموعات المحلية تعد المؤسسات الرئيسية لتطبيق تدابير حماية‬
‫‪76‬‬
‫البيئة ‪.‬‬
‫أصبحت حماية البيئة في الجزائر تشغل مركزا هاما في انشغاالت الحكومة‪ ،‬إذ تتولى‬
‫وزارة البيئة وتهيئة العمران‪ ،‬وذلك عن طريق مختلف الهيئات المنشأة لهذا الغرض‪ ،‬سواء على‬
‫المستوى الوطني أو المحلي‪ ،‬باتخاذ كافة اإلجراءات الوقائية من أجل تحقيق التوازن الضروري‬
‫الذي تتطلبه التنمية االقتصادية‪ ،‬والحفاظ على إطار معيشة السكان وتحسين نوعيتها‪.‬‬
‫وما يثبت هذا التوجه هو ما تضمنه القانون رقم ‪ 10-03‬المتعلق بحماية البيئة في اطار‬
‫التنمية المستدامة‪ ،77‬والذي نص في المادة ‪ 2‬على جملة من األهداف من بينها الوقاية من كل‬
‫أشكال التلوث البيئي واألضرار الملحقة بالبيئة‪ ،‬وذلك بضمان الحفاظ على مكوناتها‪.‬‬
‫كما أكد المشرع الجزائري من خالل هذا القانون على األهمية القصوى الممنوحة للبيئة‬
‫من خالل تحديد المبادئ التي تقوم عليها السياسة الوطنية لحماية البيئة منها مبدأ النشاط الوقائي‬
‫وتصحيح األضرار البيئية باألولوية عند المصدر‪ ،‬ومبدأ الحيطة‪ ،‬مبدأ الملوث الدافع‪ ،‬مبدأ‬
‫اإلعالم والمشاركة‪...‬الخ‪.‬‬
‫يترتب على ذلك‪ ،‬أن حماية البيئة بما فيها صيانة جمال المدن والطرقات‪ ،‬والمحافظة على‬
‫المساحات الخضراء والغابات‪ ،‬مسؤولية تقع على عاتق الدولة وذلك عن طريق سلطات الضبط‬
‫اإلداري العام ‪.‬والى جانب هذا‪ ،‬توجد أنواع عديدة من هيئات الضبط اإلداري الخاص تتكفل‬
‫بحماية النظام العام الجمالي‪ ،‬سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬كشرطة الغايات‪ ،‬شرطة‬
‫الشواطئ‪...‬الخ‪.‬‬
‫إلى جانب ذلك نجد قوانين عديدة تضمن حماية الجمال باعتباره من مقومات النظام العام ‪،‬‬
‫فالمادة ‪ 08‬من القانون رقم ‪ 04-11‬المنظم للنشاط الترقية العقارية تنص على أنه "‪ :‬يجب أن‬
‫تسعى كل عملية تجديد عمراني إلى جمال اإلطار المبني وتحسين راحة المستعملين وكذا مطابقته‬
‫للمعايير العمرانية السارية‪".‬‬
‫وتضيف المادة ‪ 10‬منه "‪:‬يجب أن يؤخذ في الحسبان االنسجام المعماري والعم ا رني‬
‫والطابع الجمالي بالنسبة للمجموعة العقارية األصلية عند تصميم البناية أو البنايات التي تكون‬
‫‪78‬‬
‫موضوع عملية توسيع مشروع عقاري"‪.‬‬

‫للمزيد من التفاصيل‪ ،‬راجع القانون رقم ‪ 03-83‬المؤرخ في ‪ 05‬فيفري ‪ 1983‬المتعلق بحماية البيئة‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد‬ ‫‪76‬‬

‫‪ 06‬الصادرة في ‪ 8‬نوفمبر ‪( 1983‬ملغى)‪.‬‬


‫قانون رقم ‪ 10-03‬مؤرخ في ‪ 19‬جويلية ‪ ، 2003‬يتعلق بحمايةالبيئة في اطار التنمية المستدامة‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪43‬‬ ‫‪77‬‬

‫الصادر في ‪ 20‬جويلية ‪.2003‬‬


‫قانون رقم ‪ 04-11‬مؤرخ في ‪ 17‬فيفري ‪ ،2011‬يحدد القواعد التي تنظم نشااط الترقياة العقارياة‪ ،‬ج ر العادد ‪ 14‬الصاادرة فاي‬ ‫‪78‬‬

‫‪ 6‬مارس ‪.2011‬‬
‫‪26‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫إن حماية البيئة ال تستهدف صيانة النظام العام الجمالي فحسب‪ ،‬بل كذلك حماية الصحة‬
‫العمومية‪ ،‬وهذا بالحد والقضاء على كل مصادر التلوث الذي يشكل مصدر معظم األوبئة و‬
‫األمراض‪.‬‬
‫ومهما كانت الجهة المكلفة بصيانة النظام العام الجمالي من هيئات الضبط اإلداري العام‬
‫والخاص‪ ،‬فإن للقاضي اإلداري سلطة تقديرية كاملة في فحص مدى مالئمة اإلجراءات المتخذة‬
‫بفضل الرقابة التي يسلطها على االجراءات واألعمال الصادرة عن تلك الهيئات‪.‬‬
‫فالقاضي اإلداري يوازن بين مقتضات حماية وصيانة النظام العام الجمالي وبين متطلبات‬
‫المقررة والمضمونة لألفراد في قوانين الدولة ومنها حرية الصناعة‬ ‫ّ‬ ‫حماية الحقوق و الحريات‬
‫والتجارة‪.‬‬
‫إن فرض رقابة مشددة على إجراءات الضبط اإلداري يؤدي حتما بسلطات الضبط‬
‫اإلداري إلى التحري بالحذر والمسؤولية‪ ،‬وبالتالي تفادي إساءة استعمال السلطة والتالعب في‬
‫األذواق واأللوان والميول‪.‬‬
‫أما بالنسبة للقضاء الجزائري فلقد أكد على حق اإلدارة في حماية النظام العام الجمالي‬
‫وذلك في العديد من المناسبات نذكر على سبيل المثال قراره الصادر بالتاريخ ‪ 15‬أفريل ‪،2003‬‬
‫في قضية ) ه م (ضد بلدية حاسي مسعود والذي جاء فيه"‪:‬‬
‫حيث اتضح لمجلس الدولة بعد االطالع على كل ما احتوى عليه ملف الدعوى من وثائق‬
‫ومستندات أنه حقيقة تحصل المستأنف على ترخيص من المستأنف عليها بوضع كشك جاهز‬
‫بشرط أن يكون هذا األخير في حالة مالئمة ال تشوه المنظر العام و احترام قواعد النظافة ‪.‬حيث‬
‫‪79‬‬
‫أن اإلدارة لها سلطة الضبط اإلداري والمحافظة على جمالية عمران البلدية‪....‬الخ"‪.‬‬
‫ج ‪/‬الكرامة اإلنسانية‪:‬‬
‫اعتبر مجلس الدولة الفرنسي في قرار حديث له أن احترام كرامة اإلنسان من النظام‬
‫العام‪ ،‬حيث قضى أن القرار الذي يمنع مسرحية تسيء إلى األقزام تمس بكرامة اإلنسان‪ ،‬ويحق‬
‫لإلدارة منعها حفاظا على النظام العام‪. 80‬كما اعتبر مجلس الدولة احترام الكرامة اإلنسانية‬
‫‪81‬‬
‫عنصرا من عناصر النظام العام في قراره المؤرخ في ‪ 27‬أكتوبر ‪.1995‬‬
‫ومن جانب أخر‪ ،‬أكد المجلس الدستوري الفرنسي في قراره الصادر بتاريخ ‪ 27‬جويلية‬
‫‪ 1994‬على أن حماية كرامة اإلنسان ضد كل أشكال االستغالل يعد من ضمن المبادئ ذات قيمة‬
‫‪82‬‬
‫دستورية‪.‬‬
‫أما في الجزائر فانه بالرجوع إلى النصوص التشريعية نجد أن المشرع عبر في العديد من‬
‫النصوص القانونية صراحة عن موقفه في منه المساس بكرامة اإلنسان وبالتالي اعتبارها من‬

‫‪ 79‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 10048‬صادر بتاريخ ‪ 15‬أفريل ‪ ، 2003‬قضية ) ه م (ضد بلدية حاسي مسعود‪ ،‬موسوعة االجتهاد‬
‫القضائي الج ا زئري‪ ،‬ق ا ر ا رت المحكمة العليا و قرارات مجلس الدولة‪ ،‬اإلصدار الرابع‪.2006 ،‬‬
‫‪Didier Truchet, L'autorité de police est elle libre d'agir?, in colloque intitulé : puissance 80‬‬
‫‪impuissance publique" organisé par le ministère de l'intérieure conjointement avec publique ou‬‬
‫‪Sorbonne, les 08 et 09 février 1999 au Carrousel du Louvre, Pris, in l'université Paris I, Panthéon‬‬
‫‪A.J.D.A, 20 juillet/ 20 août 1999, n° spécial,‬‬
‫‪06.p 81.‬‬
‫‪in C.E, 27octobre 1995,Ville d'Aix en Provence et Commune de Morsang sur Orge ,81‬‬
‫‪http://www.legifrance.gouv.fr‬‬
‫‪GUILLAUME-HOFNUNG Michèle, op.cit1, p 33.82‬‬
‫‪27‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫العناصر المكونة لفكرة النظام العام‪ ،‬ونذكر على سبيل المثال نص المادة ‪ 8‬من القانون رقم ‪-15‬‬
‫‪ 13‬المتعلق بأنشطة وسوق الكتاب والتي جاء فيها "‪:‬تمارس األنشطة الخاصة بنشر الكتاب‬
‫وطبعه وتسويقه في إطار احترام ما يأتي‪:‬‬
‫‪°‬متطلبات األمن والدفاع الوطني‪ ،‬متطلبات النظام العام‪ ،‬ك ا رمة اإلنسان والحريات‬
‫‪83‬‬
‫الفردية و الجماعية‪"...‬‬
‫ج ‪ :‬النظام العام االقتصادي‪:‬‬
‫لقد تطور مفهوم التطام العام بعد ذلك‪ ،‬حيث أصبح يشمل – باإلضافة إلى المواضيع السابقة‬
‫– النظام العام اإلقتصادي‪ .‬إن هذا التطور كان نتيجة تغير وظيفة الدولة‪ .‬فبعد األزمة‬
‫اإلقتصادية العالمية‪ ،‬تزايد تدخل الدولة من أجل القضاء على مخلفات الحرب العالمية األولى‪،‬‬
‫وترتب على ذلك أن أصبحت القطاعات التي كانت تهيمن عليها المبادرة الفردية‪ ،‬والمنافسة‬
‫الحرة‪ ،‬خاضعة ألحكام تنظيمية‪ ،‬وذلك من أجل تأمين إدارة اإلقتصاد‪ ،‬والتنظيم اإلقتصادي‬
‫للمنافسة‪ ...‬ونتيجة لهذه الظروف تغيرت وسائل تدخل اإلدارة‪ ،‬فبدال من استعمال الوسائل‬
‫التقليدية للمنع‪ ،‬أخذت اإلدارة تطبق مجموعة من األساليب القانونية الجديدة‪ ،‬كالتنظيم‬
‫والمراقبة وتحديد الحرية التعاقدية ‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬تمييز الضبط اإلداري عن الضبط التشريعي و عن الضبط القضائي‬
‫ويقتضي التعريف بالضبط اإلداري تمييزه عن صور الضبط األخرى كالضبط التشريعي‬
‫والضبط القضائي‪.‬‬
‫المطلب ‪ : 1‬الضبط اإلداري و الضبط التشريعي‪:‬‬
‫يقصد بالضبط التشريعي مجموع القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية والتي يكون‬
‫موضوعها الحد من نطاق مباشرة بعض الحريات الفردية فمصدر المنع أو القيد أو الضبط هو‬
‫السلطة التشريعية‪ .‬وعليه وعند مقابلة تعريف الضبط اإلداري بالضبط التشريعي يتبين لنا أن‬
‫الهدف في النوعين واحد هو المحافظة على النظام العام‪ .‬واالختالف بينهما يكمن في أن الضبط‬
‫اإلداري تباشره وتشرف عليه سلطة إدارية‪ ،‬والضبط التشريعي مصدره السلطة التشريعية‪.‬‬
‫وقد يحدث التداخل بينهما عندما تبادر السلطة التشريعية إلى سن تشريعات ضبطية وتتولى‬
‫السلطة التنفيذية ممثلة في اإلدارة بتنفيذ هذه التشريعات وفرض قيود على حريات األفراد بالكيفية‬
‫المحددة في التشريع‪.‬‬
‫المطلب ‪ : 2‬الضبط اإلداري والضبط القضائي ‪:‬‬
‫‪84‬‬

‫سبق البيان أن الضبط اإلداري يتضمن مراقبة نشاط األفراد وتوجيهه على نحو يكفل‬
‫المحافظة على النظام العام‪ .‬فهو على ذلك إجراء وقائي‪ .‬بينما الضبط القضائي يهدف الى البحث‬
‫عن الجرائم ومعرفة مرتكبيها لتتولى أجهزة الضبط تقديمهم الى السلطة القضائية المختصة وفقا‬
‫لإلجراءات المحددة قانونا‪ .‬فالضبط القضائي يتخذ ويباشر بعد وقوع الجريمة أو المخالفة وليس‬
‫قبلها‪.‬‬
‫تميز الضبط اإلداري عن الضبط القضائي‬

‫القانون رقم ‪ 13-15‬مؤرخ في ‪ 15‬جويلية ‪ ،2015‬يتعلق بأنشطة وسوق الكتاب‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 39‬الصادرة في ‪19‬‬ ‫‪83‬‬

‫جويلية ‪.2015‬‬
‫سليمان محمد الطماوي‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬د ا رسة مقارنة‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ، 1996 ،‬ص ‪. 539‬‬ ‫‪84‬‬

‫‪28‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫يقسم بعض الفقهاء الضبط إلى ضبط إداري وضبط قضائي‪ ،‬حيث تتولى مهمة الضبط‬
‫اإلداري أجهزة إدارية تابعة للسلطة التنفيذية‪ ،‬في حين تتكفل بمهمة الضبط القضائي أجهزة تابعة‬
‫للسلطة القضائية أي النيابة العامة ‪.‬غير أنه في الواقع الحدود والفاصل بينهما غير واضح نظرا‬
‫للتداخل الذي يطبع وظيفة الضبط بنوعيها السيما من ناحية األشخاص المكلفين بممارستها‪ ،‬فنفس‬
‫السلطة ونفس الموظفين يتصرفون حسب الحاالت كسلطة ضبط إداري أو سلطة ضبط قضائي ‪.‬‬
‫مما يستدعي بيان األهمية النظرية والعملية من عملية التميز والبحث عن المعايير التي يمكن‬
‫اعتمادها لتحقيق هذه النتيجة‪.‬‬
‫‪/1‬أهمية التميز بين الضبط اإلداري والضبط القضائي‪:‬‬
‫تكتسي عملية التمييز بين الضبط اإلداري والضبط القضائي أهمية بالغة وذلك من عدة‬
‫نواحي‪:‬‬
‫‪ ‬تحديد الجهة القضائية المختصة بنظر المنازعات الناشئة عن نشاط كل منهما‪ ،‬إذ تعد‬
‫أعمال الضبط اإلداري أعمال إدارية يعود االختصاص فيها كأصل عام إلى القضاء اإلداري‪ ،‬أما‬
‫أعمال الضبط القضائي فهي أعمال قضائية تدخل في اختصاص القضاء العادي‪.85‬‬
‫‪ ‬اختالف النظام القانوني الذي يحكم كال منهما‪ ،‬فالضبط اإلداري يخضع ألحكام القانون‬
‫اإلداري‪ ،‬في حين الضبط القضائي يخضع ألحكام قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫‪ ‬فيما يتعلق بقواعد المسؤولية‪ ،‬فان اإلدارة مسؤولة عن تعويض األضرار الناجمة عن‬
‫أعمال الضبط اإلداري سواء اتخذت شكل عمل قانوني أو عمل مادي وفقا ألحكام وقواعد‬
‫المسؤولية اإلدارية‪ ، 86‬بينما الدولة ال تتحمل التعويض عن األضرار المترتبة عن نشاط الضبط‬
‫القضائي التي تخضع ألحكام خاصة إذ يكون الموظف المعني مسؤول مدنيا وجنائيا على عمله‪.‬‬
‫‪ ‬وما يزيد في أهمية التميز بينهما هو التداخل بين الهيئتين من حيث األشخاص المكلفين‬
‫بممارسة وظيفة الضبط اإلداري و وظيفة الضبط القضائي‪ .87‬فرئيس البلدية مثال يعد سلطة ضبط‬
‫قضائي طبقا للمادة ‪ 92‬من قانون االجراءات الجزائية وسلطة ضبط إداري طبقا للمادة ‪ 31‬من‬
‫قانون البلدية‪.‬‬
‫‪ ‬ومن الناحية النظرية يمكن القول أن الضبط القضائي تمارسه سلطات محددة مسبقا‬
‫بنصوص صريحة‪ ،‬تتقيد بالقيام بالتحري في الجرائم المرتكبة من قبل األفراد‬
‫والمخالفة للقوانين السارية في الدولة‪ ،‬دون أن تشارك في وضع هذه القواعد‪ ،‬فالضبط‬
‫القضائي يطبق قواعد موجودة مسبقا ‪.‬في حين سلطات الضبط اإلداري تساهم في صنع‬
‫القواعد القانونية‪ ،‬وذلك من خالل ما يصدر منها من قرارات الئحية وفردية ملزمة تهدف‬
‫إلى تنظيم ممارسة االفراد لحقوقهم وحرياتهم بما يتماشى مع اعتبارات صيانة النظام العام‬
‫في الدولة‪.‬‬
‫تعد مسألة معرفة طبيعة العمل الذي اتخذه عون الضبط من حيث ما إذا كان تصرف‬
‫ضبطي إداري أو تصرف ضبطي قضائي مسألة هامة‪ ،‬باعتبار أن عون الضبط القضائي‬
‫يخضع لرقابة وكيل الجمهورية أو النائب العام بحسب الحالة‪ ،‬في حين عون الضبط‬
‫اإلداري يخضع للرقابة اإلدارية عن طريق ما يصطلح عليه بالرقابة الرئاسية‪.‬‬

‫‪ABDEL MALEK MANSOUR Samir, op. cit, p 17.85‬‬


‫‪ 86‬علي خطار شطناوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.352‬‬
‫‪ABDEL- MALEK MANSOUR Samir, op. cit, p 17.87‬‬
‫‪29‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫كما أن المنازعات الناشئة عن نشاط الضبط اإلداري تخضع لرقابة القضاء اإلداري إلغاءا‬
‫وتعويضا‪ ،‬في حين المنازعات الناشئة عن نشاط الضبط القضائي تخضع في األساس للقضاء‬
‫العادي ‪.‬أبعد من ذلك‪ ،‬فان القواعد التي تحكم ممارسة وظيفة الضبط اإلداري تختلف عن القواعد‬
‫التي تحكم الضبط القضائي‪.88‬‬
‫‪/2‬معاير التميز بين الضبط اإلداري والضبط القضائي‪:‬‬
‫يظهر جليا أن إيجاد معيارا للتمييز بين الضبطين اإلداري والقضائي أمر بالغ الدقة‬
‫والصعوبة نظرا للتداخل الموجود بينهما‪ ،‬لذا فقد قدم الفقه عدة معايير للتمييز بينهما يمكن‬
‫حصرها فيما يلي‪:‬‬
‫أ ‪/‬المعيار العضوي‪:‬‬
‫يقوم هذا المعيار على أساس تحديد نوع العمل بالنظر إلى مركز القائم به والجهة التي‬
‫أصدرته‪ ،‬فمتى صدر العمل عن السلطة التنفيذية ممثلة في هيئاتها اإلدارية وموظفيها فهو عمل‬
‫ضبط إداري‪ ،‬أما إذا صدر العمل عن إحدى الهيئات القضائية فهو عمل ضبط قضائي‪.89‬‬
‫بالرجوع إلى التشريع الجزائري‪ ،‬نجد أن المشرع حدد على سبيل الحصر الجهات‬
‫المخول لها ممارسة وظيفة الضبط القضائي طبقا للمادة ‪ 92‬من قانون االجراءات الجزائرية‬
‫والمتمثلة في رؤساء المجالس الشعبية البلدية‪ ،‬ضباط الدرك الوطني‪ ،‬ضباط الشرطة‪ ،‬ذوي‬
‫الرتب في الدرك الوطني ورجال الدرك الذين أمضوا في سلك الدرك مدة ثالثة سنوات كاملة‬
‫والذين تم تعيينهم بموجب قرار وزاري مشترك بين وزير الدفاع الوطني ووزير العدل وبعد‬
‫موافقة لجنة خاصة‪ ،‬مفتشوا األمن الوطني الذين أمضوا مدة ثالثة سموات كاملة وتم تعيينهم‬
‫بموجب قرار وزاري بين وزير الداخلية والجماعات المحلية ووزير العدل وبعد موافقة لجنة‬
‫خاصة‪ ،‬ضباط وضباط الصف التابعين لألمن العسكري الذين تم تعيينهم خصيصا بموجب قرار‬
‫وزاري مشترك بين وزير الدفاع الوطني ووزير العدل ‪.‬والجهات المخول لها قانونا ممارسة‬
‫وظيفة الضبط اإلداري والمتمثلة أساسا في رئيس الجمهورية‪،‬الوزراء‪ ،‬الوالة‪ ،‬رؤساء البلديات‪.‬‬
‫يعد هذا المعيار معيار قاصر للتمييز بين الضبط اإلداري والضبط القضائي بسبب‬
‫االزدواجية التي تطبع سلطات الضبط‪ ،‬إذ نجد سلطة واحدة تتدخل تارة كسلطة ضبط‬
‫إداري عندما تتخذ إجراءات بهدف صيانة النظام العام بصفة وقائية‪ ،‬وتارة أخرى كسلطة ضبط‬
‫قضائي عندما تتدخل من اجل ضبط الجرائم المرتكبة من قبل األفراد أو السهر على المحافظة‬
‫على أثار الجريمة من االندثار والزوال حتى تتم عملية التحري من قبل الجهات المختصة ‪.‬‬
‫فرئيس البلدية مثال يعد سلطة ضبط إداري وسلطة ضبط قضائي‪.‬‬
‫فأعوان الشرطة يتولون مهمتي الضبط اإلداري والضبط القضائي‪ ،‬إذ عندما يتولى‬
‫الشرطي تنظيم حركة المرور فهو يقوم بعمل ضبط إداري إذ يهدف من ورائه إلى حماية النظام‬
‫العام‪ ،‬في حين إذا اصطدمت سيارة احد المارة فان الشرطي يتحول إلى عون ضبط قضائي إذ‬
‫يتولى إثبات الحالة والقيام بالتحقيق المبدئي والقبض على الجاني‪.‬‬
‫كذاك ما يقوم به أعوان األمن من عمليات التفتيش أثناء دخول الجمهور إلى المالعب‪،‬‬
‫فهي إجراءات ضبطية إدارية تهدف إلى ضمان وحماية النظام العام بصفة وقائية‪ ،‬لكن قد تتحول‬

‫‪CASTAGNE Jean, op. cit, p 24.88‬‬


‫‪ 89‬عادل السعيد أبو الخير‪" ،‬اجتهاد القاضي اإلداري في مجال الحقوق والحريات"‪ ،‬مجلة االجتهاد القضائي‪ ،‬جامعة‬
‫محمد‪ ،‬خيضر بسكرة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬العدد ‪،2،2005‬ص ‪.16‬‬
‫‪30‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫العملية إلى إلجراءات ضبطية قضائية في حالة ما تم حجز أسلحة بيضاء أو مخدرات لدى احد‬
‫األنصار إذ تتخذ بشأنهم اإلجراءات المنصوص عليها في قانون اإلجراءات الجزائية بحيث يتم‬
‫تحرير محضر في مركز الشرطة ويقدم إلى الجهة القضائية المختصة التخاذ اإلجراءات القانونية‬
‫الالزمة‪.‬‬
‫ب ‪/‬المعيار الموضوعي‪:‬‬
‫يقوم هذا المعيار على أساس اختالف كل من الضبط اإلداري والضبط القضائي في هذف‬
‫نشاط كل منهم ‪ ،‬فنشاط الضبط اإلداري وقائي في جوهره يستهدف وضع إجراءات وتدابير‬
‫وقائية غايتها منع وقوع اإلخالل بالنظام العام‪ ،90‬بينما نشاط الضبط القضائي نشاط ردعي قمعي‬
‫والحق على وقوع اإلخالل بالنظام العام وبالنظام القانوني في الدولة‪ ، 91‬حيث تتحدد مهمته في‬
‫البحث عن أسباب وظروف ومالبسات وقوع الجريمة‪ ،‬والتحري من اجل إلقاء القبض على‬
‫مرتكبيها وإحالتهم على العدالة ‪.‬‬
‫لذا قيل وبحق أن الحاجة إلى الضبط القضائي ال تظهر إال بعد فشل الضبط اإلداري في تحقيق‬
‫أهدافه وغاياته في منع وقوع الجريمة ‪.‬وهذا‪ 92‬ما أكده مجلس الدولة الفرنسي في قراره الصادر‬
‫‪93‬‬
‫عام‪.1951‬‬
‫يسمح هذا التصور بوضع فاصل بين ما يمكن إدخاله ضمن أعمال الضبط اإلداري وما‬
‫يدخل ضمن أعمال الضبط القضائي‪ ،‬وان كان في الواقع فان الضبط اإلداري قد يتدخل بعد‬
‫حدوث المساس بالنظام العام‪ ،‬وذلك باتخاذ إجراءات ردعية من اجل استتباب الوضع كاستمرار‬
‫عمل الضبط اإلداري بعد وقوع المظاهرة المحظورة حتى يتم تفريق المتظاهرين نهائيا‪ ،‬مما‬
‫يجعل هذا التصور عاجز للفصل بين كال الضبطين‪.‬‬
‫يتضح جليا أن هذا المعيار ال يأخذ بعين االعتبار صفة الشخص المتخذ للتصرف بل‬
‫يبحث في جوهر التصرف في حد ذاته أي بالنظر إلى الهدف الذي يبتغيه اإلجراء‪ ،‬وهو نفس‬
‫االتجاه المطبق من قبل مجلس الدولة ومحكمة التنازع الفرنسي‪ .‬كما تبنى القضاء اإلداري‬
‫الجزائري هذا المعيار في التمييز بين أعمال الضبط اإلداري وأعمال الضبط القضائي‪.‬‬
‫يظهر ان هذا المعيار سهل من الناحية النظرية‪ ،‬ولكنه يثير العديد من الصعوبات في‬
‫التطبيق ‪.‬وكمثال على ذلك فان قيام أعوان الشرطة بالتفتيش قد يكون الغرض منه حماية النظام‬
‫العام‪ ،‬وقد يكون البحث عن مرتكبي الجريمة إلحالته على العدالة ‪.‬وفي بعض الحاالت فان‬
‫القضاء يبحث في الهدف الردعي لدى رجال الشرطة‪ ،‬حتى في حالة عدم ارتكاب أية مخالفة‪.94‬‬
‫بل أبعد من ذلك‪ ،‬يمكن لنفس العملية أن تتغير طبيعتها أثناء عملية التنفيذ ‪.‬فيمكن لعملية‬
‫ضبط إداري أن تتحول إلى عملية ضبط قضائي ‪.‬ويمكن لنفس العملية أن تتضمن عدة خطوات‬
‫تشمل على كال من الضبطين ‪.‬وكمثال على ذلك توقيف المركبات ووضعها في المحشر‪ ،‬فتوقيف‬

‫‪ 90‬محمد محمد عبده إمام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.279‬‬


‫‪ 91‬عمار عوابدي‪" ،‬الجوانب القانونية لفكرة البوليس اإلداري"‪ ،‬المجلة الج ا زئرية للعلوم القانونية السياسية‬
‫واالقتصادية‪،‬‬
‫جامعة الجزائر‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬العدد‪،2،1987‬ص ‪.1019‬‬
‫‪ 92‬علي خطار شطناوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.351‬‬
‫‪C.E, 11 aout 1951, arrét Consort Baud, in http://www.revuegeneraledudroit.eu93‬‬
‫‪T.C, 15 juillet 1968, arrét Tayeb, in http://www.legifrance.gov.fr . 94‬‬
‫‪- T.C, 27 juin 1955, arrét Dame Barbier, in http://www.legifrance.gov.fr.‬‬
‫‪31‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫المركبات يشكل عمل ضبط قضائي يهدف إلى معاقبة مخالفة التوقف غير المشروع‪ ،‬ووضع‬
‫السيارة في المحشر يعد ق ا رر ضبط إداري ‪.‬فيقع على عاتق القاضي اإلداري إعادة تكييف‬
‫اإلجراءات الضبطية المقدمة لتحديد ما إذا كانت تعتبر من ضبط إداري‬
‫أو ضبط قضائي ‪.‬وهذا ما أكده مجلس الدولة الفرنسي في ق ا ر ره الصادر بتاريخ ‪24‬‬
‫جوان ‪ 1960‬في قضية تتعلق بحجز عددين من جريدة‪. 95France soir‬‬
‫كما أن للتميز بين الضبط اإلداري والضبط القضائي أهمية قصوى من حيث تحديد المسؤولية‬
‫والجهة القضائية المختصة ‪.‬وسنوضح هذه المسألة من خالل هاتين القضيتين‪:‬‬
‫‪ ‬المثال األول ‪ :‬قضية ‪Le Profil‬‬
‫تتلخص وقائع هذه القضية أن شركة تحويل األموال تم سرقتها من قبل مجرمين ‪.‬ففي هذه‬
‫القضية خطأين ‪.‬الخطأ األول خطأ ضبط اإلداري حيث لم يقوم أعوان الشرطة بمنع حدوث‬
‫السرقة واالعتداء ‪.‬وخطأ ضبط قضائي بحث لم يقوم األعوان بمتابعة المجرمين‪.‬‬
‫فإذا طبقنا معيار الغاية‪ ،‬يمكن القول أنه يمكن للشركة الضحية برفع دعوتين قضائيتين‪،‬‬
‫األولى أمام القاضي اإلداري للحصول على التعويض على خطأ سلطة الضبط اإلداري‪ ،‬والثانية‬
‫أمام القاضي العادي للحصول على تعويض على أساس خطأ سلطة الضبط القضائي ‪.‬حسب‬
‫محكمة التنازع فإن الضرر مصدره األساسي الخطأ األول ‪-‬خطأ سلطة الضبط اإلداري ‪-‬وبالتالي‬
‫للقاضي اإلداري أن يفصل في هذا النزاع الذي يهدف إلى الحصول على التعويض الناتج عن‬
‫الخطأين ‪.‬ومن هنا نستخلص أن في مثل هذه الحاالت يجب أن نأخذ بالخطأ األكثر تأثيرا‪.96‬‬
‫‪ ‬المثال الثاني ‪ :‬قضية ‪ Delle Motsch‬وقضية ‪Lecomte‬‬
‫تتلخص وقائع هذه القضية في قيام الشرطة بإطالق النار على سيارة حاولت أن تخرق‬
‫حاجز أمني‪ ،‬مما أدى الى وفات السائق ‪.‬هذا العمل يعد عمل ضبط إداري‪ ،‬ألن عملية اطالق‬
‫النار تمت أثناء تجاوز الحاجز األمني‪ ،‬ولم يصاحبها مطاردة من طرف الشرطة‪.‬‬
‫هذا ما أكده مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ‪ 24‬جوان ‪ 1949‬في قضية ‪.Lecomte97‬‬
‫أما إذا تم إطالق النار بعد خرق الحاجز األمني وأثناء عملية المتابعة والمطاردة بسبب‬
‫الهروب وعدم االستجابة لتعليمات الشرطة التي كانت تأمره بتوقيف السيارة‪ ،‬فان العملية تدخل‬
‫ضمن عمليات الضبط القضائي ‪.‬هذا ما أكدت عليه محكمة التنازع في حكمها الصادر بتاريخ ‪05‬‬
‫‪98‬‬
‫ديسمبر ‪ 1977‬في قضية‪Delle Motsch‬‬
‫المطلب ‪ :3‬التمييز بين الضبط و المرفق العام ‪:99‬‬
‫غالبا ما نجد التمييز بين الضبط اإلداري والمرفق العام قائما على أن األول يقيد من حريات‬
‫األفراد والثاني يقدم لهم خدمات لذلك وصف الفقه الضبط على أنه نشاط سلبي والمرفق على أنه‬
‫نشاط ايجابي‪ .‬فالضبط يترتب عليه المساس بحرية الفرد أو األفراد على النحو السابق اإلشارة‬
‫إليه خالفا للمرفق إذ يقف الفرد موقف المنتفع من خدماته مجانا أو برسوم يلزم بدفعها‪ .‬وتختلف‬
‫الجهة التي تتولى مباشرة إجراءات الضبط عن الجهة التي تتولى ضمان توفير الخدمة للمنتفعين‪،‬‬

‫‪in‬‬ ‫‪C.E, 24 juin 1960, Arrêt Société Frampar et société France éditions et publications,95‬‬
‫‪://www.legifrance.gov..fr http‬‬
‫‪T.C, 12 juin 1978, Arrét Société le Profil, in http://www.legifrance.gov.fr .96‬‬
‫‪C.E, 24 juin 1949, Arrét Lecomte, in http://www.legifrance.gov.fr .97‬‬
‫‪T.C, 05décsmbre 1977, Arrét Delle Motsch, in http://www.legifrance.gov.fr.98‬‬
‫أنظر ‪ ،‬خالد خليل الظاهر‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار الميسرة للنشر والتوزيع والطباعة‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،1997 ،‬ص‪. 63‬‬ ‫‪99‬‬

‫‪32‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫ففي الحالة األولى نجد الجهة دائما سلطة عامة ممثلة في رئيس الجمهورية أو وزير معين أو‬
‫والي أو رئيس مجلس شعبي بلدي‪ ،‬فهذه الهيئات هي من يعود لها الحق في أن تضرب على‬
‫الحريات العامة قيدا أو قيودا العتبارات تمليها المصلحة العامة‪ .‬وبالكيفية التي حددها القانون‪.‬‬
‫وا ألمر غير كذلك بالنسبة للمرفق العام حيث أن النشاط قد يعهد به إلى شركة أو إلى فرد‬
‫وتقوم العالقة مباشرة بين الشركة أو الفرد من جهة والمنتفع من جهة أخرى‪.‬‬
‫وبالنتيجة ننتهي أن طبيعة إجراءات الضبط من الخطورة حيث ال يمكن إسنادها إلى أشخاص‬
‫القانون الخاص‪ .‬خالفا للمرفق العام يمكن نقل نشاطه وإسناده إلى فرد أو شركة تتولى القيام به‬
‫وفق ما بيناه سابقا‪.‬‬
‫إن البوليس اإلداري كما عرفناه فيما سبق‪ ،‬قد يكون خاصا أو عاما‪ .‬إال أن البوليس‬
‫اإلداري بنوعيه يختلف عن البوليس القضائي‪ ،‬وهذا ما سنتعرف عليه اآلن‪ ،‬إذ سنميز بين كل‬
‫من البوليس اإلداري العام والبوليس اإلداري الخاص‪ ،‬ثم نميز بعد ذلك بين البوليس اإلداري‬
‫والبوليس القضائي‪.‬‬
‫المطلب ‪ : 4‬الضبط العام والضبط اإلداري الخاص ‪:100‬‬
‫يستنتج مما سبق أن البوليس اإلداري العام‪ ،‬معناه تنكين بعض الهيئات اإلدارية من إقامة النظام‬
‫العام ‪ ،‬عن طريق اتخاذ اإلجراءات الالزمة‪ .‬إال أن هيئات البوليس اإلداري المنوط بها تحقيق‬
‫هذا الغرض مقيدة – كما سنرى – ألن أغراضها محددة – النظام العام بالمفهوم السابق – ولهذا‬
‫يحق للمشرع – تحقيقا للمصلحة العامة – أن ينشئ بجوار هذا النوع من البوليس اإلداري – العام‬
‫– أنواعا أخرى من البوليس اإلداري تدعى البوليس اإلداري الخاص‪ ،‬ينيط بها تحقيق أهداف‬
‫محددة‪ ،‬يمنحها من السلطات ما يساعدها على أداء مهامها‪ ،‬وما يتالءم مع أغراضها‪ .‬فإذا كانت‬
‫الهيئات اإلدارية مسؤولة على الحفاظ على النظام العام بصفة عامة‪ ،‬في إقليم معين – وطني أو‬
‫محلي – فإنها تتمتع بمجموعة من اإلختصاصات ووسائل التدخل‪ ،‬وفي هذه الحالة نكون بصدد‬
‫البوليس اإلداري العام – الوطني أو المحلي –‬
‫إن سلطات البوليس اإلداري العام‪ ،‬إذن تكون مسندة للهيئات اإلدارية بهدف ممارستها‬
‫بصفة عامة تجاه كل نشاط وفي كل ميدان‪ ،‬إذ تستطيع هذه الهيئات أن تتدخل لتنظيم كل ما يمس‬
‫األمن والصحة والسكينة العامة في إقليم معين‪ .‬ومما تجدر اإلشارة إليه في هذا الصدد أن هذه‬
‫الهيئات محددة على سبيل الحصر‪ ،‬إذ تتمثل في رئيس الدولة على المستوى الوطني‪ ،‬والوالي‪،‬‬
‫ورؤساء المجالس الشعبية البلدية على المستوى المحلي‪.‬‬
‫ومع ذلك قد توجد بعض النصوص التي تنظم الوقاية من االضطرابات واإلخالل بالنظام‬
‫العام في مجاالت محددة‪ ،‬أو ميادين معينة بالذات‪ ،‬إذ تمنح هيئات إدارية خاصة وسائل خاصة‬
‫ذات فعالية تتماشى مع تلك المجاالت‪ .‬وفي هذه الحالة نكون بصدد البوليس اإلداري الخاص‪.‬‬
‫إن البوليس اإلداري الخاص‪ ،‬قد يستهدف نوعا خاصا من األشخاص‪ ،‬مثل بوليس‬
‫األ جانب وبوليس البدو الرحل وبوليس الباعة المتجولين‪ ،‬وقد يستهدف نوعا خاصا من النشاط ‪،‬‬
‫مثل بوليس الصيد البحري وبوليس العالقة الجوية وبوليس الحرائق‪ ،‬وقد يستهدف غاية محددة‪،‬‬
‫مثل بوليس األخالق‪ ،‬وبوليس حماية المواقع والنصب التذكارية‪...‬‬

‫أنظر‪ ،‬محمد محمد عبده إمام‪ ،‬القانون اإلداري وحماية الصحة العامة‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ، 2002 ،‬ص‪. 02‬‬ ‫‪100‬‬

‫‪33‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫ويجب أن نشير أخيرا إلى أن كل أنواع البوليس اإلداري الخاص‪ ،‬يجب أن تكون‬
‫موضوعا لنص خاص‪ ،‬ينظمها ويحدد الهيئات المختصة لممارستها واإلجراءات التي يمكن أن‬
‫تمليها‪.‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫هيئات الضبط اإلداري‬
‫إن عبارة هيئات البوليس اإلداري تثير معنيين مختلفين هما األشخاص الذين يتولون سلطة‬
‫التنظيم‪ ،‬أي األشخاص الذين حددتهم النصوص القانونية والذين يكونون أهال لممارسة واتخاذ‬
‫اإلجراءات المتعلقة بالبوليس اإلداري‪ .‬وإذا كان هذا هو الذي تثيره عبارة هيئات البوليس‬
‫اإلداري‪ ،‬فإننا ال نقوم هنا بدراسة المعنى الثاني‪ ،‬وإنما سنبين فقط المعنى األول‪ .‬وعليه سنقوم‬
‫بتحديد الهيئة المخولة قانونا اتخاذ اإلجراءات الضرورية للحفاظ على النظام العام‪ .‬وباإلضافة‬
‫إلى ذلك‪ ،‬فإننا لن نقوم بدراسة هيئات البوليس اإلداري الخاص‪ ،‬ألن هذه الهيئات ال يمكنها أن‬
‫تمارس اختصاصاتها إال إذا وجد نص خاص يحددها ويبين اختصاصاتها‪.‬‬
‫على أن هيئات البوليس اإلداري المخولة ممارسة اختصاصات البوليس اإلداري‬
‫الضرورية للحفاظ على النظام العام‪ ،‬تمارس اختصاصاتها تلك إما على المستوى الوطني‪ ،‬أو‬
‫على المستوى المحلي‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪.‬‬
‫المبحث األول‪:‬هيئات الضبط اإلداري المحلية‬
‫يمارس الضبط اإلداري العام على المستوى المحلي كل من رئيس المجلي الشعبي البلدي‬
‫على مستوى البلدية‪ ،‬والوالي على مستوى الوالية‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫المطلب ‪ : 1‬رئيس المجلس الشعبي البلدي طبقا للقانون ‪ 10/11‬المتعلق بالبلدية ‪:‬‬
‫طبقا لقانون البلدية يمارس رئيس المجلس الشعبي البلدي باعتباره ممثال للدولة جملة من‬
‫الصالحيات ذات العالقة بالنظام العام ورد تعدادها في المادة ‪ 94‬منه إذ جاء فيها " يكلف رئيس‬
‫المجلس الشعبي البلدي في إطار احترام الحقوق وحريات المواطنين على الخصوص بما يلي ‪:‬‬
‫السهر على المحافظة على النظام العام و سالمة و امن األشخاص والممتلكات‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫التأكد من الحفاض على النظام العام في جميع األماكن العمومية التي يجري فيها تجمع‬ ‫‪-‬‬
‫األشخاص‪.‬‬
‫المعاقبة على كل مساس بالسكينة العامة و الراحة العمومية وكل األعمال المخلة بها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تنظيم ضبطية الطرقات المتواجدة على إقليم البلدية مع مراعاة األحكام الخاصة بالطرقات ذات‬ ‫‪-‬‬
‫الحركة الكثيفة‪،‬‬
‫السهر على حماية التراث التاريخي والثقافي ورموز ثورة التحرير الوطني‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫السهر على احترام المقاييس والتعليمات في مجال العقار والسكن والتعمير وحماية التراث‬ ‫‪-‬‬
‫الثقافي المعماري‪،‬‬
‫السهر على نظافة العمارات وضمان سهولة السير في الشوارع والساحات والطرق العمومية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫السهر على احترام التنظيم في مجال الشغل المؤقت لألماكن التابعة لألمالك العمومية والمحافظة‬ ‫‪-‬‬
‫عليها‪،‬‬
‫اتخاذ االحتياطات والتدابير الضرورية لمكافحة األمراض المتنقلة أو المعدية و الوقاية منها‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫منع تشرد الحيوانات المؤذية والضارة‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫السهر على سالمة المواد الغذائية االستهالكية المعروضة للبيع‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪34‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫‪ -‬السهر على احترام تعليمات نظافة المحيط وحماية البيئة‪،‬‬


‫‪ -‬ضمان ضبطية الجنائز و المقابر طبقا للشعائر الدينية و العمل على دفن كل متوفى بصفة الئقة‬
‫‪101‬‬
‫دون تمييز للدين أو المعتقد‪.‬‬
‫ولقد مكن قانون البلدية رئيس المجلس الشعبي البلدي من االستعانة بالشرطة البلدية بغرض‬
‫أداء مهامه طبقا لما نصت عليه المادة ‪ 93‬من قانون البلدية ‪ 102 .‬ويمكنه طلب تدخل قوات‬
‫الشرطة أو الدرك المختصة إقليميا للتحكم خاصة في المسائل األمنية‪.‬‬
‫المطلب ‪ :2‬الوالي طبقا للقانون ‪ 07/12‬المتعلق بالوالية ‪:‬‬
‫نصت المادة ‪ 114‬من قانون الوالية على أن " الوالي مسئول عن المحافظة على النظام‬
‫واألمن والسالمة والسكينة العامة "‪ 103‬وبغرض مساعدته على القيام بمهامه في مجال الضبط‬
‫وضع القانون مصالح األمن تحت تصرفه وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 118‬من قانون الوالية‪.‬‬
‫وتزداد صالحية الوالي سعة في الحاالت االستثنائية إذ بإمكانه تسخير تشكيالت الشرطة والدرك‬
‫لضمان سالمة األشخاص والممتلكات‪.‬‬
‫ولقد أناط قانون الوالية بالوالي توفير كل تدابير الحماية خدمة للنظام العام بمختلف عناصره‪.‬‬
‫واعترف قانون البلدية بموجب المادة ‪ 101‬منه للوالي بممارسة سلطة الحلول بالنسبة لجميع‬
‫بلديات الوالية أو جزء منها عندما ال تقوم السلطات البلدية بذلك‪ .‬وتزداد ذات الصالحية سعة إذ‬
‫تعلق األمر بالحاالت اإلستعجالية‪ .‬ومن أحكام الحلول الواردة في قانون البلدية نستنتج أن المشرع‬
‫خرج عن مبدأ االخت صاص في أداء العمل اإلداري بغرض خدمة النظام العام‪ .‬فلو طبقنا القواعد‬
‫العامة لتعين على رئيس المجلس الشعبي وحده القيام بما يلزم من أجل المحافظة على األمن العام‬
‫داخل حدود البلدية‪ .‬غير أنه إذا لم يبادر إلى ذلك واتبعت اإلجراءات المحددة قانونا‪ ،‬تعين على‬
‫الوالي أن يحل محله فيتخذ كل اإلجراءات لضمان حماية األشخاص والممتلكات‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬هيئات الضبط اإلداري العام على المستوى الوطني‪:‬‬
‫طبقا لما جاء في المادة ‪ 1/125‬من الدستور الجزائري الصادر سنة ‪ ،1996‬فإن رئيس‬
‫الجمهورية هو الذي يمارس اإلختصاصات المتعلقة بالبوليس اإلداري العام على المستوى‬
‫الوطني‪ .‬فالمواد التي تكلمت عن اختصاص السلطة التشريعية (‪-123-1/122‬وبعض المواد‬
‫المتفرقة في الدستور) حددت اختصاص هذه السلطة على سبيل الحصر‪،‬كما أنها لم تتضمن مسألة‬
‫المحافظة على النظام العام‪ .‬ومن هنا فإن هذه المسألة تدخل في مجال السلطة التنظيمية العائد‬
‫لرئيس الجمهورية عن طريق إصدار المراسيم الرئاسية‪.‬‬
‫على أنه طبقا لنص المادة ‪ 87‬من نفس الدستور‪ ،‬يجوز لرئيس الجمهورية أن يفوض هذا‬
‫اإلختصاص‪.‬‬
‫ومع ذلك يجوز للوزير األول أن يمارس اإلختصاصات المتعلقة بالصحة العامة‪ ،‬ألن‬
‫تحديد القواعد المتعلقة بالصحة العامة يدخل في اختصاص البرلمان طبقا للمادة ‪ ،17/122‬وأن‬
‫تنفيذ القواعد المتعلقة بالصحة العامة يدخل في المجال التنظيمي العائد للوزير األول‪ ،‬والذي‬
‫يمارسه بواسطة إلصدار المراسيم التنفيذية‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يجوز للوزير األول‪ -‬خارج الحاالت اإلستثنائية‪ -‬أن يلجأ إلى وحدات‬
‫الجيش الشعبي الوطني وتشكيالته‪ ،‬من أجل حماية النظام العام‪ ،‬وذلك بموجب قرار يتخذه بعد‬

‫‪ 101‬هدا يتطابق مع المبادئ الدستورية المتعلقة بحماية حرية المعتقد ‪.‬‬


‫‪ 102‬أنظر المواد ‪ 94/ 93‬من القانون ‪ 10/11‬المتعلق بالبلدية ‪.‬‬
‫‪ 103‬القانون رقم ‪ 07/12‬الصادر في ‪ 2012/02/21‬المتعلق بالوالية ‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫اإلستشارة المسبقة لوزير الداخلية والجماعات المحلية‪ ،‬ووزير الدفاع الوطني وقائد أركان‬
‫الجيش‪ .‬على أن هذا القرار يتخذه الوزير األول بعد اإلستخدام الفعلي للوسائل المخصصة عادة‬
‫لمهام الحماية المدنية في مجال النجدة واإلسعاف (حماية السكان ونجدتهم‪-‬األمن اإلقليمي‪ -‬حفظ‬
‫األمن)‪ ،‬ويكون ذلك لمدة ال تقل عن شهر‪ ،‬وال تزيد عن سنة‪ .‬على أن المسؤولية عن اإلجراءات‬
‫واألعمال المتخذة في هذا الصدد تتحملها السلطة المدنية (الوالي في المقام األول على مستوى‬
‫دائرة اختصاصه‪ ،‬ووزير الداخلية والجماعات المحلية في المقام األخير على المستوى الوطني)‬
‫على أن التعويض يكون على عاتق الدولة‪.‬‬
‫أما الوزراء‪ ،‬فإنهم ال يشكلون ضباطا إداريين‪ ،‬إال إذا تلقوا تفويضا من رئيس الجمهورية‬
‫‪104‬‬
‫أو الوزير األول في اإلختصاصات التي يتمتعان بها في مجال المحافظة على النظام العام‪.‬‬
‫ومع ذلك فقد يتولى الوزراء بعض سلطات البوليس اإلداري الخاص‪ .‬فوزير السياحة مثال‬
‫يعتبر مختصا في مجال حماية اآلثار والنصب التذكارية‪ ،‬ووزير الفالحة والصيد البحري في‬
‫مجال بوليس الصيد‪...‬‬
‫أما وزير الداخلية فإنه ال يستطيع اتخاذ إجراءات البوليس اإلداري العام‪ ،‬إال أنه يستطيع‬
‫أن يصبح هيئة بوليس إداري بطريقة غير مباشرة‪ .‬فباعتباره الرئيس اإلداري للوالة‪ ،‬بإمكانه‬
‫أن يأمرهم كل في واليته باتخاذ إجراء متعلقا بالنظام العام‪.‬‬
‫هذا وتجدر اإلشارة إلى أن المرسوم المنظم لصالحيات وزير الداخلية والجماعات المحلية‬
‫(المرسوم التنفيذي رقم ‪ 01-91‬المؤرخ في ‪ 19‬جانفي ‪ )1991‬قد نص في مادتيه ‪2‬و‪ 3‬على أنه‬
‫بإمكان وزير الداخلية أن يتخذ إجراءات البوليس اإلداري‪ ،‬وفي هذا مخالفة صارخة لمواد‬
‫الدستور ألن مسألة ممارسة اختصاصات البوليس اإلداري على المستوى الوطني جعلها‬
‫الدستور‪ -‬كما رأينا من اختصاص رئيس الجمهورية أساسا‪ ،‬وفي الوزير األول في المسائل‬
‫المتعلقة بالصحة العامة‪.‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى ال يوجد أي قانون صدر في هذا الصدد‬
‫يسمح للوزير األول – رئيس الحكومة سابقا‪ -‬بإصدار ذلك المرسوم التنفيذي‪.‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫أساليب الضبط اإلداري‬
‫تتدخل هيئات الضبط اإلداري العام والخاص في مجال النشاطات الخاصة من خالل اإلجراءات‬
‫القانونية والمادية ‪ 105‬من أجل حماية وصيانة النظام العام بصفة وقائية ‪.‬فتملك هذه الهيئات حق‬
‫إصدار القرارات اإلدارية التنظيمية والفردية باإلرادة المنفردة وملزمة لألفراد ‪.‬كما يحق لها‬
‫تنفيذيها مباشرة وبالقوة في أوضاع معينة‪.‬‬
‫أوال ‪:‬األعمال القانونية‬
‫يقصد باألعمال القانونية طائفة األعمال أو القرارات التي تصدرها اإلدارة بصفة عامة‬
‫والتي تقصد من وراءها إحداث اثر قانوني معين سواء بإنشاء أو بتعديل أو بإلغاء مركز‬
‫قانوني‪. 106‬كما أن اقرارات اإلدارية تعد مظهر من مظاهر االمتيازات التي تتمتع بها اإلدارة‬
‫باعتبارها سلطة عامة تسعى إلى تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬ألنها أداة فعالة النجاز نشاطها اإلداري‬

‫‪104‬ا أنظر‪ ،‬مصطفى أبو زيد فهمي‪ ،‬الوسيط في القانون اإلداري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2000 ،‬ص ‪. 246‬‬
‫‪CASTAGNE Jean, op.cit, p38.105‬‬
‫‪GUILLAUME-HOFNUNG Michèle, op.cit, p 33.‬‬
‫‪ 106‬عمار عوابدي‪" ،‬الجوانب القانونية لفكرة البوليس اإلداري"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.1003‬‬
‫‪36‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫وتنقسم هذه القرارات إلى قرارات ضبطية إدارية عامة‬ ‫في معظم مجاالت العمل اإلداري‬
‫‪107‬‬

‫وقرارات ضبطية إدارية فردية‪.‬‬


‫‪/1‬القرارات اإلدارية التنظيمية ) لوائح الضبط( ‪:‬‬
‫تختص السلطة التشريعية كأصل عام طبقا للمادة ‪ 122‬من دستور ‪ 1996‬بتنظيم ممارسة‬
‫النشاط الفردي ووضع الضوابط التي تسمح بالتوفيق بين ممارسة الحريات المقررة لألفراد في‬
‫الدستور وبين ضرورة صيانة النظام العام‪ ،‬وتتكفل السلطة التنفيذية بالسهر على حسن تنفيذ‬
‫القوانين ‪.‬غير أن القانون يعجز على أن يضبط الحريات العامة ضبطا مفصال‪ ،‬مما يجعل السلطة‬
‫التشريعية ال تحتكر وحدها مهمة تنظيم ممارسة النشاط الفردي بل للسلطة التنفيذية دور ال‬
‫يستهان به في هذا المجال‪ ،‬لما لها من سلطة التنظيم عن طريق ما تصدره من القرارات اإلدارية‬
‫التنظيمية‪ ،‬والتي تتسم بالمرونة والقابلية للتغيير بسرعة طبقا لمقتضيات الزمان والمكان‪.‬‬
‫أ ‪/‬تعريف لوائح الضبط االداري‪:‬‬
‫يقصد بالقرارات اإلدارية الضبطية العامة أو ما يصطلح عليه باللوائح الضبط تلك اللوائح‬
‫التي تصدرها السلطة التنفيذية بهدف المحافظة على النظام العام بمختلف عناصره‪.‬‬
‫وبمعنى أخر كل القرارات التي تصدرها سلطات الضبط اإلداري بدون تفويض تشريعي‬
‫‪108‬‬
‫صريح يتضمن تقييد النشاط الفردي بهدف حماية النظام العام تحت طائلة عقوبات جنائية‬
‫فلوائح الضبط من اللوائح التي تضع بعض القواعد القانونية والتي تحد من الحريات العامة‪،‬‬
‫باعتبارها من أهم أساليب الضبط اإلداري وأبرز مظهر من مظاهر سلطته وذلك ضمانا‬
‫‪109‬‬
‫ألغراض الضبط اإلداري‪.‬‬
‫وبمعنى آخر تعد لوائح الضبط أهم وسيلة من وسائل تدخل هيئات الضبط اإلداري في مجال‬
‫النشاطات الفردية إذ تتضمن قواعد عامة موضوعية ومجردة تنظم بموجبها بعض أوجه النشاط‬
‫‪110‬‬
‫الفردي بهدف حماية النظام العام في المجتمع بصفة وقائية‪.‬‬
‫يتضح جليا أن لوائح الضبط تشبه القانون من الناحية الموضوعية باعتبارها تتضمن‬
‫قواعد قانونية عامة ومجردة ملزمة لألفراد‪ ،‬غير أنها تختلف عن القانون من الناحية العضوية‬
‫باعتبار أن القانون تصدره السلطة التشريعية‪ ،‬في حين لوائح الضبط تصدرها السلطة التنفيذية‪.‬‬
‫ب ‪/‬صور لوائح الضبط االداري‪:‬‬
‫تتخذ لوائح الضبط اإلداري أشكال عديدة يمكن تلخيصها فيما يلي‪:‬‬
‫‪°‬التنظيم‪:‬‬
‫تتكفل سلطات الضبط اإلداري بموجب هذه الوسيلة القانونية بتنظيم نشاط األفراد بهدف حماية‬
‫النظام وتحديد العقوبات على كل من يخالف أحكامها ‪.‬والمثال على ذلك اللوائح المتضمنة تنظيم‬
‫أماكن توقف سيارات النقل داخل المدينة‪ ،‬أو تحديد أماكن بيع الخضر والفواكه‪...‬الخ‪.‬‬
‫تتسم هذه الصورة بأنها أقل خطورة على حريات األفراد‪ ،‬إذ ال يحق لسلطات الضبط وضع قيود‬
‫من شأنها تعدم الحرية‪ ،‬طبقا لقاعدة الحرية هي األصل والتقيد هو االستثناء‪ 111‬فالتنظيم يكون‬
‫بالقدر الضروري لصيانة النظام العام بصفة وقائية‪.‬‬

‫‪ 107‬عباد الغناي بسايوني عباد هللا‪ ،‬وقاف تنفياذ القارار اإلداري فاي أحكاام القضااء اإلداري‪ ،‬الطبعاة الثالثاة‪ ،‬منشاأة المعاارف‪،‬‬
‫االسكندرية‪ ،2007 ،‬ص‪.13‬‬
‫‪PICARD Etienne, notion de police administrative, L.G.D.J, Paris, 1984, p192 . 108‬‬
‫‪. -2 109‬محمد محمد عبده إمام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.289‬‬
‫‪GUILLAUME-HOFNUNG Michèle, op.cit, p 34.110‬‬
‫‪37‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫اإلخطار المسبق‪:‬‬
‫تعمد سلطات الضبط اإلداري إلى اشتراط القيام بإجراء اإلخطار المسبق للجهات اإلدارية‬
‫المعنية قبل ممارسة نشاط معين أو حرية معينة‪ ،‬حتى يتسنى لهذه األخيرة اتخاذ اإلجراءات‬
‫واالحتياطات الالزمة بهدف حماية النظام العام من كل ما من شأنه أن يخل به‪ ،‬كضرورة‬
‫اإلخطار قبل إقامة الحفالت أو ممارسة الشعائر الدينية‪.‬‬
‫يتضح أن إجراء اإلخطار هو مجرد إجراء إداري وقائي ال يشكل خطرا على حريات‬
‫األفراد‪ ،‬باعتبار أن سلطات الضبط اإلداري ال يمكن لها منعهم من ممارسة نشاطهم‪ ،‬بل تتكفل‬
‫فقط باتخاذ ما تراه ضروريا لتفادي كل ما من شأنه أن يمس بالنظام العام‪.‬‬
‫ومن أمثلة على ذلك نذكر القانون رقم ‪ 07-90‬حيث نصت المادة ‪ 11‬منه على أن‪":‬‬
‫إصدار كل نشرية دورية يتم بحرية‪.‬‬
‫يخضع إصدار كل نشرية دورية إلجراءات التسجيل ومراقبة صحة المعلومات‪ ،‬بايداع‬
‫تصريح مسبق موقع من طرف المدير مسؤول النشرية‪ ،‬لدى سلطة ضبط الصحافة المكتوبة‬
‫المنصوص عليها في هذا القانون العضوي‪ ،‬ويسلم له فو ا ر وصل بذلك‪.112‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 3‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 135-07‬المؤرخ في ‪2007-06-19‬‬
‫المحدد لشروط وكيفيات سير التظاهرات الدينية لغير المسلمين بأنه "‪:‬تخضع التظاهرات الدينية‬
‫‪113‬‬
‫إلى التصريح المسبق للوالي"‪.‬‬
‫‪°‬اإلذن المسبق ) الترخيص‪(:‬‬
‫تقتضي هذه الصورة من صور تدخل سلطات الضبط اإلداري الحصول على إذن سابق أو‬
‫ترخيص من طرف المعنيين باألمر من طرف الجهة اإلدارية المختصة قبل ممارسة نشاط أو‬
‫حرية معينة‪ 114‬و ذلك حتى تتمكن االدارة من فرض ما تراه مناسبا و مالئما من اإلحتياطات التي‬
‫من شأنها توقي األضرار‪ ،‬أو بالعكس رفض اإلذن بممارسة نشاط ما إذا كانت االحتياطات‬
‫المقررة غير كافية أو أن الشروط المطلوبة قانونا غير متوفرة في طالب الرخصة‪.115‬‬
‫المثال رقم ‪ :1‬في مجال تنظيم المظاهرات يخضع تنظيم مختلف المظاهرات الى‬
‫ضرورة الحصول على ترخيص مسبق من طرف السلطة اإلدارية المختصة و إال كانت غير‬
‫مشروعة لمخالفتها للقوانين‪ ،‬وذلك استنادا الى نص المادة ‪ 15‬من قانون ‪ 19-91‬المؤرخ في ‪02‬‬
‫ديسمبر ‪ 1991‬المتعلق باإلجتماعات و المظاهرات العمومية التي جاء فيها "‪:‬المظاهرات‬
‫العمومية هي المواكب واالستعراضات‪ ،‬أو تجمعات األشخاص‪ ،‬وبصورة عامة جميع‬
‫التظاهرات التي تجري على الطريق العمومي‪ .‬تخضع المظاهرات العمومية إلى ترخيص‬
‫‪116‬‬
‫مسبق‪"...‬‬
‫المثال رقم ‪ :2‬في مجال إنشاء األحزاب السياسية يخضع إنشاء األحزاب السياسية إلى‬
‫إجراء اإلذن المسبق بحيث يجب على مؤسسي الحزب الحصول على اعتماد من طرف وزير‬

‫‪ 111‬عاشور سليمان شوايل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.126‬‬


‫‪ 112‬قانون عضوي رقم ‪ 05-12‬مؤرخ في ‪ 12‬جانفي ‪ ،2012‬يتعلق باالعالم‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ 113‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 135-07‬يحدد لشروط وكيفيات سير التظاهرات الدينية لغير المسلمين‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪CASTAGNE Jean, op.cit, p 47.114‬‬
‫‪ 115‬محمد محمد عبده إمام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.302‬‬
‫‪ 116‬قانون رقم ‪ 19-91‬المؤرخ في ‪ 02‬ديسمبر‪ ، 1991‬يعدل و يتمم القانون رقم ‪ 28-89‬المؤرخ في ‪ 31‬المتعلق باإلجتماعات و‬
‫المظاهرات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 62‬الصادرة في ‪ 4‬ديسمبر ‪.1991‬‬
‫‪38‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫الداخلية حيث نصت المادة ‪ 16‬من القانون العضوي رقم ‪ 04-12‬المتعلق باألحزاب السياسية‬
‫على أنه "‪:‬يخضع تأسيس حزب سياسي إلى الكيفيات اآلتية‪:‬‬
‫‪ ‬تصريح بتأسيس الحزب السياسي في شكل ملف يودعه أعضاؤه المؤسسون لدى الوزير‬
‫المكلف بالداخلية‪،‬‬
‫‪ ‬تسليم قرار إداري يرخص بعقد المؤتمر التأسيسي في حالة مطابقة التصريح‪،‬‬
‫‪ ‬تسليم اعتماد الحزب السياسي بعد التأكد من استفاء شروط المطابقة ألحكام هذا القانون‬
‫العضوي‪".‬‬
‫وتضيف المادة ‪ 30‬على انه "‪:‬يمنح الوزير المكلف بالداخلية االعتماد أو يرفضه‪ ،‬بعد دراسة‬
‫الملف المودع‪ ،‬وفقا ألحكام هذا القانون العضوي ‪.‬ويجب أن يكون قرار الرفض معلال تعليل‬
‫قانونيا‪...‬الخ" ‪.117‬‬
‫المثال رقم‪ :3‬في مجال ممارسة مهنة الصحافة تخضع ممارسة األجنبي لمهنة الصحافة‬
‫إلى إجراء الترخيص المسبق من طرف السلطة اإلدارية المختصة‪ ،‬وذلك تطبيقا ألحكام المرسوم‬
‫التنفيذي رقم ‪ 211-04‬المحدد لكيفيات اعتماد الصحفيين الذين يمارسون المهنة لحساب هيئة‬
‫تخضع لقانون أجنبي‪ ،‬إذ تنص المادة ‪ 03‬على أنه "‪:‬تخضع نشاطات الصحفيين المذكورين في‬
‫المادة ‪ 02‬أعاله ‪ ،‬الذين يمارسون المهنة بالجزائر إلى اعتماد تسلمه الوزارة المكلفة باالتصال‪،‬‬
‫بعد أخذ رأي السلطات المعنية ‪".118‬‬
‫المثال رقم ‪ :4‬في مجال إستغالل المنشآت الخطيرة‪.‬‬
‫تخضع بعض األنشطة نظرا لخطورتها إلى إجراء الترخيص المسبق‪ ،‬وذلك حتى تتمكن‬
‫السلطات المختصة من معرفة مدى اتخاذ كل االحتياطات المطلوبة قانونا لحماية النظام العام‪،‬‬
‫وهو ما أشار إليه صراحة القانون رقم ‪ 10-03‬المتعلق بحماية البيئة‪ .119‬بنصه على أن استغالل‬
‫المنشآت المصنفة والتي تم ترتيبها حسب درجة خطورتها تخضع لترخيص من الوزير المكلف‬
‫بالبيئة ومن الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي‪.‬‬
‫ونشير في هذا الصدد أن سلطة اإلدارة في منح أو رفض منح الترخيص سلطة مقيدة‬
‫وليست تقديرية‪ ،‬بمعنى وجوب منح الترخيص لكل من توافرت فيه الشروط المطلوبة‬
‫للحصول عليه ‪.‬فهذا اإلجراء هدفه هو السماح للسلطة اإلدارية المختصة بتفحص مدى توافر‬
‫الشروط المنصوص عليها في القوانين والتنظيمات لممارسة ذلك النشاط أو الحرية محل‬
‫اإلجراء ‪.‬وعليه تلتزم سلطات الضبط اإلداري عند إصدارها للترخيص أو رفضه أن تلتزم‬
‫باعتبارات حماية النظام العام‪ ،‬وبمبدأ المساواة‪ ،‬بحيث يجب أن ال يكون المنح والمنع وسيلة‬
‫للمجاملة أو أداة لإلنتقام و اال كان قرارها غير مشروع‪.‬‬
‫المثال رقم ‪ : 5‬في مجال الترقية العقارية‬
‫بهدف ضمان حماية النظام العام السيما الجانب الجمالي للمدينة فإن المشرع إتخذ‬
‫اجراءات صارمة في هذا المجال وذلك بإخضاع عملية الترميم أو التجديد العمراني إلى اجراء‬
‫الترخيص المسبق‪ ،‬و هذا ما نصت عليه صراحة المادة ‪ 06‬من القانون رقم‪ 04-11‬المنظم لنشاط‬

‫‪ 117‬راجع المواد من ‪ 17‬الى ‪ 34‬من القانون العضوي رقم ‪ 04-12‬المؤرخ في ‪ 12‬جانفي ‪ ،2012‬المتعلق باالحزاب السياسية‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية رقم ‪ 2‬الصادرة في ‪ 15‬جانفي ‪.2012‬‬
‫‪ 118‬مرسوم تنفيدي رقم ‪ 211-04‬مؤرخ في ‪ 28‬جويلية ‪ ،2004‬يحدد كيفياات اعتمااد الصاحفيين الاذين يمارساون المهناة لحسااب‬
‫هيئة تخضع لقانون أجنبي‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد ‪،47‬الصادرة في ‪ 28‬جويلية ‪.2004‬‬
‫‪ 119‬قانون رقم ‪ 10-03‬المتعلق بحماية البيئة في اطار التنمية المستدامة‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫الترقية العقارية والتي جاء فيها "‪:‬تخضع كل عملية ترميم عقاري أو إعادة تأهيل أو تجديد‬
‫عمراني أو إعادة هيكلة أو تدعيم إلى ترخيص إداري مسبق‪.‬‬
‫يمنع الشروع في أي من األشغال المذكورة أعاله‪ ،‬دون الحصول على الترخيص اإلداري‬
‫المذكور في الفقرة أعاله‪.120"..‬‬
‫أما المادة ‪ 76‬من القانون رقم ‪ 05-04‬تنص على أنه‪ ":‬يمنع الشروع في أشغال البناء‬
‫بدون رخصة أو إنجازها دون احترام المخططات البيانية التي سمحت بالحصول على رخصة‬
‫‪121‬‬
‫البناء‪".‬‬
‫المثال رقم ‪ :6‬نشر الكتاب واستيراده‪.‬‬
‫يعد الكتاب وسيلة ذو حدين‪ ،‬فهو من جهة وسيلة إلكتساب المعرفة في شتى الميادين‪،‬‬
‫بإعتبار أن العلم أساس تطور األمم‪ ،‬غير أنه في المقابل قد يتضمن أفكار أو صور قد تؤدي إلى‬
‫إحداث إضطرابات داخل المجتمع خاصة عندما تمس بقيم المجتمع وبسيادة الدولة ‪.‬هذا ما دفع‬
‫بالسلطات العمومية الى اخضاع عملية نشر و استيراد الكتب إلى أسلوب الترخيص المسبق و‬
‫ذلك بموجب القانون رقم رقم ‪ 13-15‬حيث نصت المادة ‪ 9‬على أنه‪ ":‬تخضع األنشطة الخاصة‬
‫بنشر الكتاب وطبعه وتسويقه الى التصريح المسبق لممارسة النشاط‪ ،‬لدى الوزارة المكلفة بالثقافة‬
‫التي تسلم وصال بذلك‪."...‬‬
‫كما أخضع المشرع الجزائري كل األنشطة ذات الصلة بالمصحف الشريف الى إجراء الترخيص‬
‫المسبق‪ ،‬و ذلك بموجب المرسوم التنفيدي رقم ‪ 08-19‬حيث نصت المادة ‪ 4‬على أنه "‪:‬يتعين‬
‫على كل شخص يريد نشر المصحف الشريف أو طبعه أو تسويقه أو استيراده‪،‬‬
‫‪122‬‬
‫‪ ‬عدم الشروع في أي إجراء‪ ،‬مهما كان‪ ،‬قبل حصوله على الترخيص المسبق"‪.‬‬
‫‪ ‬عدم الشروع في أي إجراء‪ ،‬مهما كان‪ ،‬قبل حصوله على الترخيص المسبق‪". 1‬‬
‫ونفس الشيئ ينطبق على إستيراد مختلف الكتب الدينية حيث تنص المادة ‪ 5‬من المرسوم التنفيدي‬
‫رقم ‪ 09-17‬على أنه "‪:‬يخضع استيراد الكتاب الديني على جميع الدعائم‪ ،‬ترخيص مسبق من‬
‫‪123‬‬
‫الوزير المكلف بالشؤون الدينية‪."...‬‬
‫وأضافت المادة ‪ 6‬من نفس المرسوم أنه يجب على الكتب الدينية المراد استيرادها أن ال‬
‫تمس مضامينها بالنظام العام واآلداب العامة‪...".‬‬
‫‪ ‬الحظر‪:‬‬
‫يقصد بالحظر تضمين الئحة الضبط أحكاما تنهي عن اتخاذ إجراء معين أو عن ممارسة‬
‫نشاط معين بصفة مطلقة‪ ،‬وقد تحدد الئحة الضبط هذا الحظر من حيث الغرض والزمان‬
‫والمكان‪ ،‬ومن ثم فان الحظر قد يكون كليا أو مطلقا أو جزئيا‪.‬‬

‫‪ 120‬من القانون رقم‪ 04-11‬المحدد للقواعد التي تنظم نشاط الترقية العقارية‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ 121‬القانون رقم ‪ 05-04‬مؤرخ في ‪ 14‬أوت ‪ 2004‬يعدل و يتمم القانون رقم ‪ 29-90‬المؤرخ في ‪ 01‬دسيمبر ‪ 1990‬و المتعلق‬
‫بالتهيئة و التعمير‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد ‪ 51‬الصادرة في ‪ 15‬أوت ‪.2004‬‬
‫‪ 122‬مرسوم تنفيدي رقم ‪ 08-17‬مؤرخ في ‪ 4‬جانفي ‪ ،2017‬يحدد شروط و كيفيات الترخيص المسبق لنشر المصحف الشريف و‬
‫طبعه و تسويقه على جميع الدعائم‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد ‪ 2‬الصادرة بتاريخ ‪ 11‬جانفي ‪.2017‬‬

‫‪123‬‬

‫‪40‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫وكمثال على الحظر المطلق إمكانية لجوء سلطة الضبط اإلداري في مجال حماية الغذاء إلى‬
‫حظر استعمال بعض المواد الكيميائية في الصناعات الغذائية‪ ،‬وحظر إستيراد المواد الغذائية‬
‫الفاسدة والملوثة مما لها من خطر على صحة المستهلكين‪.‬‬
‫أما بالنسبة للحظر النسبي يمكن لسلطات الضبط اإلداري أن تمنع الشاحنات من المرور‬
‫من بعض األماكن خاصة في فصل الصيف وذلك في أوقات محددة حماية لسالمة المصطفين‬
‫والسياح‪.‬‬
‫يمكن لسلطات الضبط اإلداري أن تمنع ممارسة حرية معينة أو نشاط معين إذا كان من‬
‫شأنه أن يؤدي إلى المساس بالنظام العام في الدولة‪ ،‬باعتبار أن سلطات الضبط اإلداري ملزمة‬
‫بموجب القانون بالسهر على حماية النظام العام بصفة وقائية ‪.‬فيمكن مثال للوالي أن يمنع تنظيم‬
‫اجتماع معين إذا تبين له أنه يشكل خط ا ر على األمن العمومي‪ ،‬أو تبين له أن القصد الحقيقي من‬
‫‪124‬‬
‫االجتماع يشكل خط ا ر على حفظ النظام العام‪.‬‬
‫وفي مجال ضبط األجانب فانه يمكن وزير الداخلية منع أي أجنبي من الدخول إلى اإلقليم‬
‫الجزائري ألسباب تتعلق بالنظام العام و ‪/‬أو بأمن الدولة ‪ ،‬أو تمس بالمصالح األساسية‬
‫والدبلوماسية للدولة الجزائرية ‪.‬ولألسباب نفسها‪ ،‬يمكن الوالي المختص إقليميا أن يقرر فورا منع‬
‫دخول األجنبي إلى اإلقليم الجزائري‪".125‬‬
‫يعد أسلوب الحظر أو المنع من اشد أساليب تدخل سلطات الضبط اإلداري خطورة على‬
‫حقوق وحريات األفراد‪ ،‬وعليه أقر القضاء اإلداري قاعدة مفادها أن المنع يجب أن يكون إجراء‬
‫إستثنائي ومؤقت‪ ،126‬أما المنع المطلق فإنه غير جائز على اإلطالق‪ ، 127‬ذلك ألنه ينطوي على‬
‫مصادرة كاملة للحرية العامة األمر الذي يتنافى مع المبادئ الدستورية‪ ، 128‬ويتنافى مع طبيعة‬
‫اإلجراءات الضبطية اإلدارية التي تعتمد على قاعدة مفادها أن الحرية هي األصل والتقيد هو‬
‫اإلستثناء‪ ،‬وسواء جاء هذا المنع بشكل مباشر وصريح أو عن طريق إخضاع النشاط الفردي‬
‫لشروط بالغة القسوة والشدة فانه باطل في كال الحالتين ‪.‬و من جهة أخرى فان المنع يجب أن‬
‫تمليه ضرورة حماية النظام العام‪ ،‬وأن تعجز سلطات الضبط اإلداري تحقيق ذلك بوسائل أخرى‪،‬‬
‫‪129‬‬
‫وأن يقتصر على مكان معين أو وقت معين‪.‬‬
‫ولقد أقر القاضي اإلداري الجزائري بسلطة هيئات الضبط اإلداري في اللجوء إلى‬
‫أسلوب المنع كآلية لممارسة وظيفة الضبط‪ ،‬وكمثال على ذلك قرار والي والية بجاية بمنع بيع‬
‫مواد األبناء في الهواء الطلق‪ ،‬وهذا ما تم استخالصه من قرار مجلس الدولة المؤرخ في ‪17‬‬
‫جوان ‪ 2003‬و الذي جاء فيه‪ ...":‬كما أن قرارا تنظيميا صادرا عن والي والية بجاية بتاريخ ‪23‬‬
‫مارس ‪ 1996‬قد منع بيع مواد البناء في الهواء الطلق‪.‬‬

‫‪ 124‬انظر المادة ‪ 06‬من قانون ‪ 19-91‬المتعلق باالجتماعات و المظاهرات العمومية‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ 125‬انظر المادة ‪ 5‬من القانون رقم ‪ 11-08‬المؤرخ في ‪ 25‬جوان ‪ ،2008‬المتعلق بشروط دخول االجانب الى الجزائر و اقامتهم‬
‫بها و تنقلهم فيها‪ .‬ج ر ‪ 36‬الصادرة في ‪ 2‬جويلية ‪.2008‬‬
‫‪ 126‬حسن محمد عواضة‪ ،‬المبادئ األساسية للقانون اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬المؤسسة الجامعية للد راسات والنشر‬
‫والتوزيع‪،‬بيروت‪،‬لبنان‪،1997،‬ص‪.79‬‬
‫‪127‬‬
‫‪LAJOIS Jean Louis, op.cit, p 533.‬‬
‫‪ 128‬دايم بالقاسم‪ "،‬الحماية القانونية للسكينة العامة"‪ ،‬مجلة العلوم القانونية واإلدارية‪ ،‬جامعة أبو بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،‬العدد‬
‫الثاني‪،‬ص ‪.104‬‬
‫‪ 129‬ناصر لباد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪41‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫حيث أن القرار الوالئي المطعون فيه هو إذن مؤسس تأسيسا كافيا وان قضاة الدرجة‬
‫‪130‬‬
‫األولى لم يقدروا الوقائع تقديرا سليما مما يعرض قرارهم لإللغاء‪."...‬‬
‫‪ /2‬القرارات اإلدارية الفردية )تدابير الضبط اإلداري الفردية)‪:‬‬
‫تصدر سلطات الضبط اإلداري إلى جانب لوائح الضبط قرارات إدارية ضبطية فردية في‬
‫شكل أوامر أو نواهي تنطبق على فرد محدد بذاته أو مجموعة أفراد محددين بذواتهم‪ 131‬أو على‬
‫حاالت أو وقائع محددة بذاتها ‪.‬وعادة ما تصدر هذه القرارات الفردية تطبيقا وتنفيذا لنص‬
‫تشريعي أو تنظيمي ‪.132‬بل يمكن أن تصدر مستقلة عنها بشرط أن ال تخالفها‪ ،‬وان تكون الزمة‬
‫للحفاظ على النظام العام‪. 133‬‬
‫غير أن القانون ولوائح الضبط ال تكفي لوحدها لمعالجة كل ما يطرأ في المجتمع‪ ،‬والذي‬
‫من شأنه اإلخالل بالنظام العام‪ ،‬وعليه يمكن لسلطات الضبط اإلداري إصدار قرارات ضبطية‬
‫فردية مستقلة بذاتها تتعلق بمعالجة واقعة معينة لم يكن التشريع أو الالئحة قد توقعتاه ‪.134‬وفي هذا‬
‫الصدد نجد أن الفقه انقسم إلى اتجاهين‪.‬‬
‫االتجاه األول وعلى رأسهم الفقيه موريس هوريو يرى أنه ال يمكن تصور قرارات إدارية‬
‫‪135‬‬
‫فردية مستقلة في مجال القانون اإلداري ال تستند إلى قاعدة تشريعية أو تنظيمية سابقة‪.‬‬
‫أما االتجاه الثاني فيرى أنه من الناحية العملية ال يمكن للقانون أو التنظيم أن يتوقع كل ما‬
‫من شأنه أن يهدد النظام العام‪ ،‬والقول عكس ذلك يترتب عنه نتيجة خطيرة إذ تجعل سلطات‬
‫الضبط مكفوفة األيدي أمام حاالت ال يتوقعها القانون أو التنظيم مسبقا ومن شأنها أن تخل‬
‫‪136‬‬
‫بالنظام العام‪.‬‬
‫أما بالنسبة للقضاء اإلداري فانه قيد سلطات الضبط اإلداري في إصدار قرارات إدارية‬
‫مستقلة بتوفر شرطين أساسيين هما‪:‬‬
‫‪-‬أن تكون هناك ضرورة ملحة إلصدار قرار إداري فردي لحماية النظام العام قبل‬
‫اضطرابه أو إعادة حفظه في حالة اضطرابه ‪.‬حيث قضى مجلس الدولة بإمكانية رئيس البلدية‬
‫باتخاذ قرار فردي يتضمن منع المواكب معين رغم عدم وجود تنظيم لهذه المواكب على مستوى‬
‫البلدية‪ ،‬إذ يتضح من الظروف المحلية أن الشروط التي جرت فيها هذه التظاهرة من شأنها أن‬
‫تؤدي إلى اضطراب النظام العام‪.‬‬
‫‪137‬‬
‫‪-‬أن ال يكون هناك نص تشريعي يمنع إصدار األوامر الفردية المستقلة‪.‬‬

‫‪ 130‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 10938‬المؤرخ في ‪ 17‬جوان ‪ ، 2003‬قضية والي والية بجاية ضد ) ش ح (‪ ،‬موسوعة االجتهاد‬
‫القضائي الجزائري‪ ،‬االصدار الرابع‪.2006،‬‬
‫‪ 131‬عاشور سليمان شوايل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.127‬‬
‫‪CASTAGNE Jean, op.cit, p 39 132‬‬
‫‪ 133‬ماجد ا رغب الحلو‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ، 2008 ،‬ص ‪.408‬‬
‫‪ 134‬تنص المادة ‪ 02‬من المرسوم رقم ‪ 373-83‬المؤرخ في ‪ 28‬ماي ‪ 1983‬المحدد لسلطات الوالي في ميدان األمن‬
‫والمحافظة على النظام العام على مايلي "‪:‬تطبيقا ألحكام المادة األولى السالفة الذكر‪ ،‬يجب على الوالي أن يتخذ جميع االجراءات‬
‫ذات الطابع التنظيمي أو الفردي التي من شأنها أو توفر ما يأتي حسب الشوط واألشكال المنصوص عليها في القوانين والتنظيمات‬
‫المعمول بها‪".‬‬
‫‪135‬‬
‫بوشيبه مختار‪ ،‬الضبط اإلداري والقضائي في النظرية العامة والتطبيق بالمحليات الجزائرية‪ ،‬بحث للحصول‬
‫على دبلوم الدراسات العليا‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬معهد الحقوق والعلوم السياسية واإلدارية‪،1975،‬ص ‪.43‬‬
‫‪. CASTAGNE Jean, op.cit, p 40136‬‬
‫‪ 137‬عمار عوابدي‪ ،‬الجوانب القانونية لفكرة البوليس اإلداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1000‬‬
‫‪42‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫ومن بين القرارات الفردية التي تصدرها سلطات الضبط اإلداري قرار منع األفراد من‬
‫ممارسة نشاط معين في أماكن عمومية حماية للسكينة العامة‪ ،‬األمر بغلق محل تجاري لعدم‬
‫استيفائه شروط الصحة العمومية‪ ،‬األمر بمغادرة وإخالء سكن معين لكونه أيل للسقوط‪ ،‬األمر‬
‫بمنع عرض فيلم في قاعة السينما بسبب إخالله بالنظام العام‪.‬‬
‫ومن األمثلة على ذلك ما نصت عليه المادة ‪ 07‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪44-92‬‬
‫المتضمن اعالن حالة الطوارئ على انه "‪:‬يؤهل وزير الداخلية والجماعات المحلية والوالي‬
‫المختص إقليميا المر عن طريق قرار باإلغالق المؤقت لقاعات العروض الترفيهية وأماكن‬
‫االجتماعات مهما كانت طبيعتها وبمنع كل مظاهرة يحتمل فيها اإلخالل بالنظام والطمأنينة‬
‫‪138‬‬
‫العمومية‪...‬الخ‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 10‬من االمر رقم ‪ 41-75‬المؤرخ في ‪ 17‬جويلية ‪ 1975‬على أنه‪ ":‬يمكن‬
‫األمر بغلق محالت بيع المشروبات والمطاعم بموجب قرار صادر عن الوالي وذلك لمدة ال‬
‫تتجاوز ‪ 06‬أشهر‪ ،‬إما من جراء مخالفة القوانين واألنظمة المتعلقة بهذه المحالت و اما بقصد‬
‫المحافظة على النظام أو الصحة أو اآلداب العامة‪".‬‬
‫وتضيف المادة ‪ 11‬من نفس األمر انه "‪:‬يجوز لوزير الداخلية أن يأمر لنفس السبب‬
‫بإغالق هذه المحالت لمدة تتراوح بين ستة أشهر وسنة واحدة‪.‬‬
‫وعند االقتضاء‪ ،‬تحسم مدة اإلغالق المقرر من الوالي من مدة اإلغالق الصادر من‬
‫الوزير‪".139‬‬
‫و كمثال أخر نذكر القانون رقم ‪ 02-04‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية‬
‫حيث تنص المادة ‪ 39‬منه على أنه‪ ":‬يمكن حجز البضائع موضوع المخالفات المنصوص عليها‬
‫في أحكام المواد ‪ 28-27-26-25-23-22-20-14-13-12-11-10‬من هذا القانون‪ ،‬كما يمكن‬
‫حجز العتاد و التجهيزات التي استعملت في ارتكابها مع مراعاة حقوق الغير حسن النية‪".‬‬
‫و تضيف المادة ‪ 46‬بأنه‪ ":‬يمكن الوالي المختص إقليميا‪ ،‬بناء على اقتراح من المدير الوالئي‬
‫المكلف بالتجارة‪ ،‬أن يتخذ بواسطة قرار‪ ،‬إجراءات غلق إدارية للمحالت التجارية لمدة ال تتجاوز‬
‫ثالثين يوما في حالة مخالفة القواعد المنصوص عليها في أحكام المواد ‪-22-20-14-13-1011‬‬
‫‪ 53-28-27-26-25-24-23‬من هذا القانون‪.‬‬
‫وفي حالة إلغاء قرار الغلق‪ ،‬يمكن العون االقتصادي المتضرر المطالبة بتعويض الضرر‬
‫الذي لحقه أمام الجهة المختصة‪".140‬‬
‫ولقد أكد القضاء الجزائري على ذلك حيث جاء في قرار مجلس الدولة المؤرخ في ‪-16‬‬
‫‪ 2003-12‬ما يلي‪ ...":‬حيث أن الغلق جاء على أساس أن المستأنف لم يتحصل على رخصة‬
‫إدارية خاصة وذلك طبقا للتشريع المعمول به خاصة األمر رقن ‪ 59/75‬و المنشور رقم ‪1169‬‬
‫المؤرخ في ‪ 1976-06-13‬المتعلق بكيفية تسليم الرخص الصادرة عن وزارة الداخلية ولما كان‬

‫‪ 138‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 44-92‬مؤرخ في ‪ 9‬فيفري ‪ ،1992‬يتضمن اعالن حالة الطوارئ ‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪10‬‬
‫الصادرة في ‪ 9‬فيفري ‪ ،1991‬و الملغى بموجب االمر رقم ‪ 01-11‬المؤرخ في ‪ 23‬فيفري ‪ ،2011‬المتضمن رفع حالة‬
‫الطوارئ‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 12‬الصادرة في ‪ 23‬فيفري ‪.2011‬‬
‫‪ 139‬االمر رقم ‪ 41-75‬المؤرخ في ‪ 17‬جويلية ‪ 1975‬المشار اليها سابقا‪.‬‬
‫‪ 140‬قانون رقم ‪ 02-04‬مؤرخ في ‪ 23‬جوان ‪ 2004‬يحدد القواعد المطبقة على الممارسات التجارية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪41‬‬
‫الصادرة في ‪ 27‬جوان ‪.2004‬‬
‫‪43‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫المستأنف ال يحوز على تلك الرخصة وان النشاط يمس بالنظام العام فإن قرار الغلق جاء سليم‬
‫‪141‬‬
‫مما يتعين تأييد ما توصل إليه قاضي الدرجة األولى‪."...‬‬
‫كما أكد في قراره الصادر بتاريخ ‪ 16‬ديسمبر ‪ 2003‬على انه "‪:‬حيث انه يستخلص من‬
‫وقائع الدعوى أن والي والية وهران و اصدار قرار والئي يتضمن غلق قاعة اللعب بتاريخ ‪05‬‬
‫ماي ‪ 2001‬و المستغلة من طرف (ب م)‪.‬‬
‫حيث أن الغرفة اإلدارية لمجلس قضاء وه ا رن اعتمدت في قرارها الرامي لرفض‬
‫الدعوى لعدم التأسيس على التقرير رقم ‪ 2118‬المؤرخ في ‪ 14‬أبريل ‪ 2001‬الصادر عن العميد‬
‫األول للشرطة ورئيس األمن لوالية وه ا رن الذي يقترح من خالله غلق قاعة اللعب كعقوبة‬
‫إدارية لغاية إصالح المحل وتوفير المرافق الضرورية‪.‬‬
‫حيث انه بالرجوع إلى المادة ‪ 96‬من القانون رقم ‪ 09-90‬المؤرخ في ‪ 07‬أبريل ‪1990‬‬
‫‪142‬‬
‫تجعل من حق الوالي المحافظة على السكينة العامة والنظام العام واألمن‪."...‬‬
‫كما يمكن لسلطات الضبط اإلداري اتخاذ قرار الغلق للمحالت التجارية في حالة استغاللها‬
‫بدون رخصة‪ ،‬ولقد أكد مجلس الدولة الجزائري على ذلك في قراره الصادر بتاريخ ‪ 22‬جويلية‬
‫‪ 2003‬في قضية (ع ن) ضد والي والية سكيكدة‪ /،‬حيث جاء فيه‪ ...":‬حيث انه يتضح من الملف‬
‫ومن أقوال األطراف أن المستأنف كان مستاجرا لمحل يستعمله كقاعة شاي بحي اإلخوة ساكر‬
‫عمارة ج بسكيكدة‪.‬‬
‫وانه تبعا لعملية مراقبة قام بها أعوان مديرية المنافسة واألسعار لوالية سكيكدة بتاريخ ‪10‬‬
‫جانفي ‪ 1997‬اتضح أن المستأنف يستغل قاعة الشاي المذكورة بدون قرار اإلنشاء المتعلق بهذا‬
‫النشاط‪.‬‬
‫حيث انه على اثر ذلك اصدر السيد والي والية سكيكدة بتاريخ ‪ 22‬ديسمبر ‪ 1997‬قرار‬
‫بغلق المحل موضوع النزاع إلى غاية تسوية الوضعية اإلدارية له بناء على األمر رقم ‪41/75‬‬
‫‪143‬‬
‫المؤرخ في ‪ 17‬جوان ‪ 1975‬المتعلق باستغالل المقاهي و المشروبات الكحولية‪."...‬‬
‫كما يمكن لرئيس البلدية في إطار ممارسة صالحياته في حماية النظام العام اتخاذ قرار‬
‫الغلق‪ ،‬ولقد أكد مجلس الدولة على ذلك في قراره الصادر بتاريخ ‪ 15‬أفريل ‪ 2003‬في قضية )‬
‫ع ب ( ضد رئيس بلدية سور الغزالن‪ ،‬حيث جاء فيه ‪:"...‬بالرجوع إلى ملف الدعوى فان النزاع‬
‫المطروح يخص بإبطال مقرر صادر عن سلطة إدارية وممثلة في رئيس البلدية وبالتالي يرجع‬
‫االختصاص للقاضي اإلداري هذا من جهة ومن جهة اهرى حيث تبين من الملف أن رئيس‬
‫البلدية اتخذ القرار محل اإلبطال حفاظا على األمن والنظام العام وباقتراح من اللجنة المكلفة‬
‫لمكافحة األم ا رض المتنقلة عن طريق المياه التي عاينت المدجنة وذلك في تاريخ ‪ 26‬جانفي‬
‫‪.2000‬‬
‫حيث أن هذه اللجنة بعد معاينتها خلصت إلى استغالل المدجنة بدون ترخيص سقفها مهدد‬
‫باالنبهار والنظافة منعدمة والتهوئة غير كافية‪ ،‬انسداد قنوات صرف المياه القذرة بسبب‬

‫‪ 141‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 11872‬المؤرخ في ‪ 16‬ديسمبر ‪ ،2003‬قضية(ع ع) ضد والي والية باتنة‪ ،‬موسوعة االجتهاد‬
‫القضائي الجزائري‪ ،‬االصدار الرابع‪.2006 ،‬‬
‫‪ 142‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 11812‬المؤرخ في ‪ 16‬ديسمبر ‪ ،2003‬قضية(ب م) ضاد والاي والياة وهاران‪ ،‬موساوعة االجتهااد‬
‫القضائي الجزائري‪ ،‬قرارات المحكمة العليا و قرارات مجلس الدولة‪ ،‬االصدار الرابع‪.2006 ،‬‬
‫‪ 143‬مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 9826‬المؤرخ في ‪ 22‬جويلية ‪ ،2003‬قضية(ع ن) ضد والي والية سكيكدة‪ ،‬موسوعة االجتهاد‬
‫القضائي الجزائري‪ ،‬قرارات المحكمة العليا و قرارات مجلس الدولة‪ ،‬االصدار الرابع‪.2006 ،‬‬
‫‪44‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫الفضالت‪ ،‬مدفئة غير موجودة‪ ...‬وبناء على كل هذه المعطيات قررت البلدية غلق هذه‬
‫‪144‬‬
‫المدجنة‪."...‬‬
‫إضافة إلى قرارات الغلق يمكن كذلك لسلطات الضبط االداري أن تتخذ قرارات تتضمن‬
‫األمر بقيام بعمل كما هو الحال في حالة البناء بدون رخصة إذ يمكن للسلطات اإلدارية المختصة‬
‫أن تأمر المعني بتوقف عن األشغال ‪.‬ومن أحكام القضاء اإلداري في هذا الشأن نذكر على سبيل‬
‫المثال قرار مجلس الدولة المؤرخ في ‪ 10‬فيفري ‪ 2003‬قضية رئيس المجلس الشعبي البلدي‬
‫لبلدية عين توتة ضد (ب ص ) و الذي جاء فيه‪ ...":‬حيث أن حيث أن المجلس يرى بان الطلب‬
‫األصلي للمدعي المستأنف عليه كان يرمي إلى إبطال مقرر البلدية المذكور أعاله لتجاوز في‬
‫السلطة إذ أن هذا المقرر رقم ‪ 188-98‬المؤرخ في ‪ 29‬جويلية ‪ 1998‬أمر بوقف األشغال غير‬
‫المشروعة على القطعة األرضية التابعة للبلدية‪.‬‬
‫حيث أنه من الثابت أن المستأنف عليه لم يحصل على رخصة بناء ومن ثم فان األشغال‬
‫التي تمت على القطعة األرضية المتنازع عليها كانت غير مشروعة وبالتالي فان المقرر مبرر‬
‫‪145‬‬
‫وقانوني وال يحمل أي طابع لتجاوز في السلطة‪."...‬‬
‫ونشير في هذا اإلطار أن سلطات الضبط اإلداري ليست حرة في إصدار ما تشاء من‬
‫قرارات‪ ،‬بل تلتزم بالهدف المحدد لها والمتمثل في حماية النظام العام بمختلف عناصره‪ ،‬ووفقا‬
‫للشكليات واإلجراءات المحددة قانونا احتراما لمبدأ المشروعية ‪.‬فكل قرار ال يهدف إلى‬
‫تحقيق هذه الغاية‪ ،‬أو يخالف القواعد القانونية السارية المفعول يعد قرار غير مشروع‪.‬‬
‫وفي النهاية فإن كل القرارات الصادرة عن سلطات الضبط اإلداري سواء كانت عامة أو‬
‫فردية فهي ملزمة مما يستوجب احترامها وتنفيذها من قبل المخاطبين بها ‪.‬ولضمان ذلك فان‬
‫المشرع نص على جزاءات توقع على كل من يخالف قرارات اإلدارة أو يعرقل تنفيذها وذلك في‬
‫المادة ‪ 459‬من قانون العقوبات الج زائري التي جاء فيها انه "‪:‬يعاقب بغرامة من ‪ 30‬إلى ‪100‬‬
‫دج ويجوز أن يعاقب أيضا بالحبس لمدة ثالثة أيام على األكثر كل من خالف المراسيم أو‬
‫القرارات المتخذة قانونا من طرف السلطة اإلدارية إذا لم تكن الجرائم الواردة بها معاقبا عليها‬
‫بنصوص خاصة‪".‬‬
‫و الى جانب هذه العقوبة المقررة في قانون العقوبات نجد هناك جزاءات ذات طابع‬
‫إداري‪ ،‬إذ تتمتع سلطات الضبط اإلداري بحق توقيع جزاءات ذات طبيعة إدارية على كل‬
‫األشخاص الذين تشكل أعمالهم وتصرفاتهم تهديدا للنظام العام بكل عناصره ‪.‬وتتخذ هذه‬
‫الجزاءات عدة صور كمصادرة األشياء التي تستعمل الضطراب النظام العام‪ ،‬أو سحب رخصة‬
‫لمنع المعني باألمر من ممارسة نشاطا يمس بالنظام العام كسحب رخصة السياقة من األشخاص‬

‫مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 9681‬المؤرخ في ‪ 15‬أبريل ‪ ،2003‬قضية(ع ب) ضد رئيس بلدية سور الغزالن‪ ،‬موسوعة‬ ‫‪144‬‬

‫االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬قرارات المحكمة العليا و قرارات مجلس الدولة‪ ،‬االصدار الرابع‪2006 ،‬‬
‫مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 9341‬المؤرخ في ‪ 10‬فيفري ‪ ،2003‬قضية رئيس بلدية عين توتة ضد (ب ص) ‪ ،‬موسوعة‬ ‫‪145‬‬

‫االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬قرارات المحكمة العليا و قرارات مجلس الدولة‪ ،‬االصدار الرابع‪2006 ،‬‬

‫‪45‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫المخالفين لقانون المرور‪ ،‬أو إبعاد أي شخص إذا كان وجوده في مكان معين يشكل مصدرا‬
‫‪146‬‬
‫الضطراب النظام العام ‪.‬‬
‫تشكل هذه الجزاءات خطرا كبيرا على حقوق وحريات االفراد‪ ،‬إذ تمس الفرد في شخصه‬
‫أو ماله‪ ،‬وعليه فان سلطة الضبط اإلداري غير مطلقة‪ ،‬إذ ال يمكن اتخاذ مثل هذه االجراءات إال‬
‫بناءا على ترخيص صريح من طرف المشرع‪ ،‬ووفقا لألوضاع التي حددها واال كان تصرفا‬
‫باطال ‪.‬ونشير إلى أن هذه الجزاءات تختلف عن الجزاءات المقررة في قانون العقوبات والتي‬
‫توقعها الجهات القضائية‪ ،‬على أساس أن الهدف الجزاء اإلداري وقائي وليس ردعي‪.‬‬
‫ومن األمثلة عن هذه اإلجراءات الوقائية نذكر األمر بمنع تفريغ سلعة بهدف التأكد من‬
‫مدى مطابقتها للمواصفات القانونية ومدى صحتها لالستهالك ‪.‬ولقد أكد القاضي اإلداري‬
‫الجزائري على ذلك في قراره الصادر بتاريخ ‪2 25‬فيفري ‪ 2003‬في قضية الشركة ذات‬
‫المسؤولية المحدودة) كوديال (ضد والي والية وه ا رن والذي جاء فيه ‪:"....‬حيث أن الشركة‬
‫ذات المسؤولية المحدودة ) كوديال (الكائن مقرها االجتماعي بالجزائر والممثلة بمسيرها القانوني‬
‫والذي رفض دعواها لعدم تأسيسها قانونا ال ا رمية إلى إبطال القرار الصادر عن والي والية‬
‫وهران بتاريخ ‪ 2000-11-02‬عدد ‪ 157‬يتضمن إيقاف تفريغ سلعة‪.‬‬
‫وان الشركة قد تضررت كثيرا من هذه الوضعية كون المتعاملين التجاريين معها‬
‫يطالبونها بتعويض يومي على التأخير في تنزيل البضاعة والمتمثلة في الحبوب المستوردة‪.‬‬
‫حيث أن قرار والي والية وه ا رن تضمن إيقاف عملية التفريغ والشروع في إجراء تحقيق‬
‫إداري في مراقبة النوعية للمادة المستوردة وعدم الشروع في وضع الحبوب المستوردة‬
‫لالستهالك إال بالموافقة الشخصية للوالي‪.‬‬
‫لذا طلبت المستأنفة األمر بتسريح بيع البضاعة وحيث انه يتبن من االطالع على قرار‬
‫الوالي المراد إبطاله هو إجراء وتدبير وقائي وتحفظي الهدف منه االحتفاظ على سالمة وصحة‬
‫المستهلك الجزائري لغاية التحقق من سالمة المنتوج‪.‬‬
‫وحيث أن تدخل الوالي في اتخاذ هذا اإلجراء يدخل ضمن صالحياته لغاية التحقق من‬
‫سالمة المنتوج المستورد والقول إذا كان مطابق للنصوص التشريعية‪ ،‬وهل هو قابل لالستهالك‬
‫وحيث انه بالرجوع إلى القانون رقم ‪ 02/89‬المؤرخ في ‪ 07‬فيفري ‪ 1989‬المتعلق بالقواعد‬
‫العامة لحماية المستهلك السيما المادة ‪ 94‬منه فانه يمكن للسلطة اإلدارية المختصة أن تقوم في أي‬
‫وقت وفي أي مرحلة من مراحل عرض المنتوج لالستهالك بتحريات لمراقبة المطابقة قصد‬
‫تفادي المخاطر التي قد تهدد صحة المستهلك وأمنه والتي تمس بمصالحه المادية‪.‬‬
‫و حيث بالرجوع إلى المادة ‪ 92‬من القانون رقم ‪ 09/90‬المؤرخ في ‪ 07‬أفريل ‪1990‬‬
‫المتعلق بالوالية فان الوالي هو ممثل الدولة ومندوب الحكومة على مستوى واليته‪ ،‬كما تضيف‬

‫‪ 146‬تنص المادة ‪ 4/06‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪44 44-92‬المتضمن إعالن حالة الطوارئ) الملغى (على‬
‫أنه "‪:‬يخول وضع حالة الطوارئ حيز التنفيذ لوزير الداخلية والجماعات المحلية في كامل الت ا رب الوطني أو الوالي على‬
‫امتداد تراب واليته في إطار التوجيهات الحك ومية سلطة القيام بما يأتي‪:‬‬
‫‪°‬منع من اإلقامة أو وضع تحت اإلقامة الجبرية كل شخص ا رشد يتضح أن نشاطه مضر بالنظام العام أو بسير‬
‫المصالح العمومية‪".‬‬
‫‪46‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫المادة ‪ 95‬من نفس القانون انه يجب على الوالي أن يسهر على تنفيذ القوانين والتنظيمات وهو‬
‫‪147‬‬
‫مسؤول على المحافظة على النظام واألمن والسالمة‪."...‬‬
‫ثانيا ‪:‬األعمال المادية ) أسلوب التنفيذ الجبري المباشر(‬
‫تتمتع القرارات اإلدارية الضبطية بالقوة التنفيذية‪ ،‬بمعنى أنها واجبة النفاذ من تلقاء نفسها‬
‫دون حاجة إلى استصدار حكم من القضاء‪ ،‬وبالتالي فاألفراد ملزمون باحترام القرارات اإلدارية‬
‫الضبطية وتنفيذها بمحض إ رادتهم ‪.‬ونقصد هنا تلك القرارات اإلدارية الضبطية الموجهة لألفراد‬
‫والتي تتضمن األمر بالقيام بعمل ما أو االمتناع عن القيام بعمل ما‪.‬‬
‫بل ابعد من ذلك‪ ،‬فان اللجوء إلى القضاء بهدف ضمان تنفيذها في حاالت معينة يجعل من‬
‫الحكم دون فائدة‪ ،‬لذا يستحسن أن تضمن هيئات الضبط اإلداري تنفيذ قراراتها بنفسها من خالل‬
‫‪149‬‬
‫امتياز التنفيذ المباشر والجبري‪ ، 148‬الذي يعد مظهر من مظاهر السلطة العامة‪.‬‬
‫ونشير غالى آن وسائل إكراه األفراد على الخضوع للقرارات اإلدارية الضبطية ليست‬
‫بذات المرتبة‪ ،‬حيث تنوعت ما بين التنفيذ الجبري عبر استخدام القوة العامة أو الوسائل‬
‫اإلكراهية‪ ،‬وبين التصرف التلقائي الذي ال يحتاج إلى أكثر من تصرف مادي بسيط‪.‬‬
‫‪ /1‬تعريف التنفيذ الجبري المباشر‪:‬‬
‫يقصد بالتنفيذ الجبري المباشر ذلك األسلوب الذي يسمح للسلطة اإلدارية بتنفيذ قراراتها‬
‫بنفسها دون إذن مسبق من القضاء وذلك في حالة وجود نص صريح يسمح لها بذلك أو في حالة‬
‫االستعجال‪. 150‬‬
‫ويرى األستاذ ماجد ا رغب الحلو أن حق التنفيذ المباشر هو حق اإلدارة في أن تنفذ‬
‫قراراتها بنفسها تنفيذا جبريا دون التجاء إلى القضاء ‪.‬ويعد حق التنفيذ المباشر من أهم االمتيازات‬
‫التي تتمتع بها اإلدارة في مزاولتها لنشاطها ‪.‬إذ عن طريقه تستطيع اإلدارة في حالة امتناع األفراد‬
‫عن تنفيذ قراراتها اختيار أن تحصل على ما لها من حقوق قبلهم مباشرة وبالقوة إذا لزم األمر ‪.‬‬
‫وهذا الحق يدعم ما لقرارات اإلدارة في ذاتها من قوة تنفيذية تتمثل في أنها يمكن أن ترتب آثارا‬
‫‪151‬‬
‫في حق األفراد بصرف النظر عن إرادتهم‪.‬‬
‫القاعدة العامة تطبيقا لمبدأ الفصل بين السلطات‪ ،‬وكذا الفصل بين السلطة والوظيفة‪ ،‬أنه‬
‫من غير المعقول أن تكون الجهة التي تقرر اإلجراء هي نفسها الجهة التي تنفذ هذا اإلجراء‪ ،‬بل‬
‫على السلطة اإلدارية ‪-‬وفي موضوعنا سلطة الضبط اإلداري ‪-‬أن تلجأ إلى القضاء لضمان تنفيذ‬

‫مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 9004‬المؤرخ في ‪ 25‬فيفري ‪ ،2003‬قضية الشركة ذات المسؤولية المحدودة (كوديال) ضد والي‬ ‫‪147‬‬

‫والية وهران ‪ ،‬موسوعة االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬قرارات المحكمة العليا و قرارات مجلس الدولة‪ ،‬االصدار الرابع‪،‬‬
‫‪2006‬‬

‫‪ 148‬عبد الغني بسيوني عبد هللا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬


‫‪CHEVENEMENT Jean Pierre, op.cit, p 06. 149‬‬
‫‪FERREIRAN Nelly, « la notion d'exécution d'office », in colloque intitulé : puissance 150‬‬
‫‪impuissance publique" organisé par le ministère de l'intérieure conjointement avec publique ou‬‬
‫‪Sorbonne, les 08 et 09 février 1999 au Carrousel du Louvre, Paris, in l'université Paris I, Panthéon‬‬
‫‪spécial, p 42 . A.J.D.A, 20 juillet/ 20 août 1999, n°‬‬
‫‪ 151‬ماجد ا رغب الحلو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.529‬‬
‫انظر كذلك ‪:‬عصام نعمة إسماعيل‪ ،‬الطبيعة القانونية للق ا رر اإلداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪47‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫قراراتها في حالة تقاعس المخاطبين بها ‪.‬استثناءا يمكن لهيئات الضبط اإلداري أن تلجأ إلى تنفيذ‬
‫قراراتها بطريقة مباشرة وجبري أي باستعمال القوة دون حاجة إلى إذن من القضاء‪ 152.‬ففي‬
‫بعض الحاالت تجد سلطات الضبط اإلداري نفسها أمام وضعيات يستلزم عليها استعمال اإلكراه‬
‫بهدف ضمان تنفيذ قراراتها لتحقيق الغرض من وجودها والمتمثل في حماية النظام العام أو إعادة‬
‫صيانته في حالة اضطرابه‪ ،‬ومن ثم فان إخضاعها إلى ضرورة اللجوء إلى القضاء والحصول‬
‫‪153‬‬
‫على إذن مسبق قد يجعل من تدخلها بدون جدوى‪.‬‬
‫ففي حالة المظاهرة مثال فان سلطات الضبط اإلداري تلجأ إلى استعمال القوة بهدف تفريق‬
‫المتظاهرين الذين يصرون على تنظيمها رغم صدور أمر بمنعها‪ ،‬إذ تعد بمثابة تجمهر يعاقب‬
‫عليه القانون نظرا لخطورتها على النظام العام ‪.‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 19‬من قانون ‪19-91‬‬
‫المؤرخ في ‪ 02‬ديسمبر ‪ 1991‬على أنه‪ ":‬كل مظاهرة تجري بدون ترخيص و بعد منعها تعتبر‬
‫تجمهرا‪".154‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 14‬من المرسوم رقم ‪ 267-81‬على أنه يتخذ و ينفذ رئيس المجلس‬
‫الشعبي البلدي‪ ،‬في إطار التنظيم المعمول به‪ ،‬كل االجراءات التي من شأنها أن تضمن حسن‬
‫النظام واألمن وكذلك الحفاظ على الطمأنينة واآلداب العامة ‪.‬كما يجب عليه قمع كل ما من شأنه‬
‫أن يخل بذلك‪".155‬‬
‫واألمثلة عن التنفيذ المباشر كثيرة كأن تلجأ لسلطات الضبط اإلداري إلى هدم المباني‬
‫اآليلة إلى السقوط إذا كان ذلك يشكل خط ا ر على المارة‪ ،‬وكذلك األوامر الشفوية التي يصدرها‬
‫يوميا رجال الشرطة بقصد تنظيم حركة المرور في المدن‪...‬الخ‪.‬‬
‫‪ /2‬شروط تطبيق التنفيذ الجبري المباشر‪:‬‬
‫يتضح جليا أن هذا اإلجراء يشكل كذلك خط ا ر على حقوق وحريات األفراد‪ ،‬مما جعل‬
‫القضاء اإلداري يضع له حدود وضوابط بهدف تفادي أي تعسف من قبل سلطات الضبط‬
‫اإلداري‪ ،‬ومن ثم ال يمكن اللجوء إلى هذا األسلوب االستثنائي إال في حالة‪:‬‬
‫‪-‬وجود نص صريح يسمح لسلطات الضبط اإلداري باللجوء إلى التنفيذ المباشر و‬
‫‪156‬‬
‫الجبري‪.‬‬
‫‪157‬‬
‫‪-‬في حالة االستعجال‪.‬‬
‫ومن اجل ضمان حماية األفراد في مواجهة سلطات الضبط اإلداري أثناء اللجوء إلى‬
‫التنفيذ المباشر والجبري فانه يقع على عاتق سلطات الضبط اإلداري أثناء اللجوء إلى هذا‬
‫األسلوب التزامات عديدة ال يمكن لها مخالفتها نذكر منها‪:‬‬
‫‪-‬أن تنصب عملية التنفيذ المباشر والجبري على قراران مشروعة‪ ،‬مما يجعل تنفيذ‬
‫القرارات غير المشروعة تنفيذا جبريا يشكل تعديا ‪ 158.‬وقد يتعلق األمر بتنفيذ نص قانوني أو‬
‫الئحي‪.159‬‬

‫‪CASTAGNE Jean, op.cit, p 44.152‬‬


‫‪ 153‬محمد عبد الحميد مسعود‪ ،‬إشكاليات رقابة القضاء على قرارات الضبط اإلداري‪ ،2007 ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ 154‬قانون ‪ 19-91‬المؤرخ في ‪ 02‬ديسمبر ‪ 1991‬المتعلق باالجتماعات و المظاهرات العمومية‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ 155‬مرسوم رقم ‪ 267-81‬مؤرخ في ‪ 10‬أكتوبر ‪ 1981‬يتعلق بصالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي فيما يخص الطرق و‬
‫النقاوة و الطمأنينة العمومية‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ 156‬محمد محمد عبده إمام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.292‬‬
‫‪FERREIRAN Nelly, op.cit, p 39 .157‬‬
‫‪48‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫‪-‬يجب أن ال تلجأ سلطات الضبط اإلداري إلى التنفيذ الجبري إال إذا صادفها مقاومة‬
‫ومعارضة من طرف المخاطبين باالجراءات الضبطية‪ ،‬وبعد إنذارهم ومنحهم مدة معقولة قبل‬
‫‪160‬‬
‫التدخل بالقوة‪.‬‬
‫‪-‬يجب أن تقتصر عملية التنفيذ الجبري على اإلجراءات الهادفة فقط إلى حماية النظام‬
‫‪161‬‬
‫العام قبل إضرابه أو إعادته في حالة اختالله دون أن تتعدى ذلك ‪.‬‬
‫‪-‬أن تلتزم سلطات الضبط االداري بإتباع اإلجراءات األولية منها االستشارة المسبقة إذا‬
‫كان القانون يشترط ذلك ‪.‬فالقانون الفرنسي يشترط مثال قبل اتخاذ قرار منع اإلقامة الذي يعتبر‬
‫إجراء أولي قبل اتخاذ قرار اإلبعاد استشارة لجنة رخصة اإلقامة‪.‬‬
‫استثناء يمكن لسلطة الضبط اإلداري أن تتخذ قرارها دون استشارة مسبقة مثل قرار‬
‫الطرد إذ يمكن لإلدارة اتخاذها في حالة االستعجال القصوى دون االستشارة المسبقة للجنة‬
‫الطرد‪. 162‬‬
‫كما نص المشرع الجزائري على سلطة هيئات الضبط اإلداري في اتخاذ قرار اإلبعاد‬
‫والطرد إلى الحدود وذلك طبقا للمادة ‪ 22‬من التي جاء فيها "‪:‬عالوة على األحكام المقررة في‬
‫المادة ‪( 22‬الفقرة ‪ )3‬أعاله‪ ،‬فان إبعاد األجنبي خارج اإلقليم الجزائري يمكن أن يتخذ بموجب‬
‫قرار صادر عن وزير الداخلية في الحاالت اآلتية‪:‬‬
‫‪°‬إذا تبين للسلطات اإلدارية أن وجوده في الج ا زئر يشكل تهديدا للنظام العام و‪/‬أو ألمن‬
‫الدولة‪ ،‬إذا صدر في حقه حكم أو قرار قضائي نهائي يتضمن عقوبة سالبة للحرية بسبب ارتكابه‬
‫جناية أو جنحة‪،‬‬
‫‪°‬إذا لم يغادر اإلقليم الجزائري في المواعيد المحددة له طبقا ألحكام الفقرة االولى و‬
‫الثانية من المادة ‪ 22‬المشار إليها أعاله‪ ،‬ما لم يثبت أن تأخره يعود إلى قوة قاهر ‪".‬‬
‫ومن األمثلة حول إمكانية اللجوء إلى التنفيذ المباشر والجبري دون حاجة إلى إذن من‬
‫القضاء نذكر لجوء اإلدارة إلى الهدم في حالة البناء بدون رخصة‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 76‬مكرر ‪ 4‬من القانون رقم ‪ 05-04‬على أنه‪ ":‬عندما ينجز البناء دون‬
‫رخصة‪ ،‬يتعين على العون المؤهل قانونا تحرير محضر إثبات المخالفة وارساله الى رئيس‬
‫المجلس الشعبي البلدي والوالي المختصين في اجل ال يتعدى اثنين وسبعين ساعة‪.‬‬
‫وفي هذه الحالة‪ ،‬ومراعاة للمتابعات الجزائية‪ ،‬يصدر رئيس المجلس الشعبي البلدي‬
‫المختص قرار هدم البناء في اجل ثمانية أيام‪ ،‬ابتداء من تاريخ استالم إثبات المخالفة‪.‬‬
‫عند انقضاء المهلة‪ ،‬وفي حالة قصور رئيس المجلس الشعبي البلدي المعني‪ ،‬يصدر الوالي‬
‫قرار هدم البناء في اجل ال يتعدى ثالثين يوما‪.‬‬
‫تنفذ أشغال الهدم من قبل مصالح البلدية ‪.‬وفي حالة عدم وجودها‪ ،‬يتم تنفيذ األشغال‬
‫‪163‬‬
‫بواسطة الوسائل المسخرة من قبل الوالي‪."...‬‬

‫‪ 158‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.530‬‬


‫‪CASTAGNE Jean, op.cit, p45. 159‬‬
‫‪ 160‬عمار عوابدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.998‬‬
‫‪ 161‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.530‬‬
‫‪MASUREL Hervé, op.cit, p 39.162‬‬
‫قانون رقم ‪ 05-04‬يتعلق بالتهيئة و التعمير‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪163‬‬

‫‪49‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫ولقد أكد مجلس الدولة الجزائري على ذلك في قراره رقم ‪ 890273‬الذي جاء فيه‪...":‬‬
‫وأنه بذلك‪ ،‬فالسلطة اإلدارية مؤهلة تمام األهلية للقيام بهدم األشغال المنجزة خرقا آلمر وقف‬
‫‪164‬‬
‫األشغال‪ ،‬وذلك دون اللجوء إلى قرار قضائي‪ ،‬كما هو عليه الحال بالنسبة لهذه القضية‪."...‬‬
‫كما أكد مجلس الدولة على سلطة البلدية في اتخاذ قرار الهدم البيانات القديمة التي تشكل خطرا‬
‫على سالمة المواطنين باعتبار ذلك من صالحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي ‪.‬حيث جاء في‬
‫قراره الصادر بتاريخ ‪ 16‬سبتمبر ‪ 2003‬مايلي ‪:"...‬وحيث أنه بالرجوع الى دراسة الوثائق‬
‫والمستندات يستفاد وان المستأنف عليه الذي يملك عمارة قديمة تقع بشارع أول نوفمبر والتي يع‬
‫ود بناءها للقرن الماضي‪ ،‬ونظرا لما تشكله من خطر على شاغليها‪ ،‬استفاد من رخصة هدم من‬
‫طرف بلدية العلمة والتي قبل أن تمنحه رخصة الهدم وتصدر قرار الهدم‪ ،‬اتخذت كل االجراءات‬
‫القانونية المتبعة في هذا المجال أين قامت المصالح التقنية والفنية واألمنية بمعاينة الحارة القديمة‬
‫والتأكد من حالتها والخطر المحدق بشاغليها باإلضافة إلى تسوية المنظر العام للمدينة ومحيطها‬
‫العمراني‪...‬‬
‫حيث انه يستخلص من معطيات الملف أن القرار المراد إبطاله يدخل ضمن صالحيات رئيس‬
‫المجلس الشعبي البلدي في إطار أعمال الضبط اإلداري المخولة له من اجل المحافظة على النظام‬
‫‪165‬‬
‫العام واآلمن العام والصحة العامة بموجب مداوالته‪."...‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫حدود سلطات الضبط اإلداري‬
‫القاعدة العامة أن األفراد يتمتعون بالحريات العامة التي كفلها لهم الدستور غير أنه في‬
‫مواضع معينة ترد على هذه الحريات قيودا تفرضها مصلحة المجتمع‪ .‬ولما كان األصل هو‬
‫التمتع بالحرية و االستثناء هو القيد أو القيود‪ ،‬وجب أن تخضع هذه القيود إلى ضوابط تمنع أو‬
‫تحد من التعسف في ممارستها‪ ،‬ويقضي األمر عن الحديث عن حدود سلطة الضبط اإلداري‬
‫التمييز بين الحالة العادية والحالة االستثنائية‪.‬‬
‫المبحت األول ‪ :‬الحالة العادية‪:‬‬
‫تخضع ممارسة الضبط من قبل األجهزة التي ذكرناها إلى قيدين هما خضوع إجراءات‬
‫الضبط لمبدأ المشروعية وثانيا خضوعها لرقابة القضاء‪:‬‬
‫المطلب ‪ -1‬خضوع إجراءات الضبط لمبدأ المشروعية‪ :‬إن كل اجراء من اجراءات‬
‫الضبط ينبغي أن يكون مشروعا وحتى يكون كذلك وجب أن يتخذ من النظام العام بجميع‬
‫عناصره وأبعاده مقصدا له‪ .‬فحين تفرض اإلدارة على األفراد عدم الخروج في مسيرة دون‬
‫رخصة فان المقصد العام هو توفير األمن العام حتى ال يبادر األفراد وبطريقة فوضوية للخروج‬
‫في الشوارع العامة بما في ذلك من خطر قد يهدد األرواح والممتلكات‪ .‬وحين تفرض عليهم عدم‬
‫استعمال مكبرات األصوات ليال فان القصد هو توفير السكينة العامة‪ .‬وحين تراقب اإلدارة بعض‬
‫المواد االستهالكية أو تمنع عرضها فذلك بغرض حماية األفراد من مخاطر األمراض‪.‬‬

‫مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 890273‬الصادر بتاريخ ‪ 20‬نوفمبر ‪ ،2000‬قضية(ب) ضد رئيس بلدية الميلية‪ ،‬موسوعة االجتهاد‬ ‫‪164‬‬

‫القضائي الجزائري‪ ،‬االصدار الرابع‪.2006 ،‬‬


‫مجلس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 11942‬الصادر بتاريخ ‪ 16‬سبتمبر‪ ،2003‬قضية(ر ع) ضد بلدية العلمة و من معها‪ ،‬موسوعة‬ ‫‪165‬‬

‫االجتهاد القضائي الجزائري‪ ،‬االصدار الرابع‪.2006 ،‬‬

‫‪50‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫وعليه فان القيد العام الذي يحكم الضبط اإلداري هو أن كل إجراء يترتب عليه المساس‬
‫بحريات األفراد ينبغي تبريره وإال كانت اإلدارة في وضعية لتجاوز السلطة‪ .‬كما أن هذه‬
‫الضوابط التي تفرضها اإلدارة على األفراد ينبغي أن تكون واحدة بالنسبة للجميع وأن كل خروج‬
‫عن مبدأ المساواة أمام القانون يعرض اإلدارة للمسؤولية كما سبق القول فالقانون واحد أن يحمي‬
‫أو يعاقب أو يكره كما جاء في المادة ‪ 29‬من الدستور‪.‬‬

‫المطلب ‪ -2‬خضوع إجراءات الضبط للرقابة القضائية‪:‬‬


‫‪166‬‬

‫األصل أن جميع أعمال ونشاطات اإلدارة تكون عرضة للرقابة القضائية إذا ثبت التجاوز أو‬
‫الخرق‪ ،‬للقوانين والتنظيمات وال يتعلق األمر بإجراءات الضبط فقط بل وبأعمال أخرى كقرارات‬
‫التأديب والترقية وغيرها‪.‬‬
‫فعندما يثبت للجهة القضائية أن اإلدارة تجاوزت الحد وأن مقتضيات النظام العام غير متوفرة‬
‫في القضية المعروضة عليها جاز لها إلغاء كل قرار في هذا المجال وإذا اقتضى األمر تعويض‬
‫الطرف المضرور‪ .‬فالرقابة القضائية على هذا النحو هي ضمانة أخرى تضاف للقيد العام حتى ال‬
‫تسيء اإلدارة استعمال سلطتها‪.‬‬
‫ولقد عهد الدستور الجزائري لسنة ‪ 1996‬للسلطة القضائية حماية الحريات العامة والحقوق‬
‫األساسية و هذا بموجب المادة ‪ 138‬منه‪ .‬كما اعترفت المادة ‪ 143‬للقضاء بالنظر في قرارات‬
‫السلطات اإلدارية‪ .‬ووعدت المادة ‪ 22‬بمعاقبة القانون لكل متعسف في استعمال السلطة‪ .‬ويمكن‬
‫للمدعي رفع دعواه أمام القضاء المختص (اإلداري) طالبا اإللغاء فقط أو اإللغاء مع التعويض أيا‬
‫كانت الجهة المصدرة للقرار سواء جهة مركزية أو إدارة محلية‪.‬‬
‫وسبق لنا القول أن المادة ‪ 5‬من المرسوم ‪ 131 -88‬المذكور والمتعلق بعالقة اإلدارة مع‬
‫المواطن نصت أنه يترتب على كل تعسف في ممارسة السلطة تعويض وفق التشريع المعمول به‬
‫وهو ما تكرر في المادة ‪ 39‬أيضا من نفس القانون‪.‬‬
‫و تجدر اإلشارة إلى أن الرقابة التي يمارسها القاضي اإلداري على أعمال البوليس اإلداري‪ ،‬تتم‬
‫إما عن طريق دعوى تجاوز السلطة ضد القرارات التنظيمية أو القرارات الفردية‪ .‬كما قد تتم‬
‫تلك الرقابة عن طريق دعوى المسؤولية المدنية عن اإلضرار التي سببتها أعمال البوليس‬
‫اإلداري‪.167‬‬
‫أما بالنسبة لدعوى المسؤولية المدنية‪ ،‬فإنها تهدف إلى الحصول على تعويض األضرار‬
‫التي سببتها أعمال أو إجراءات هيئات البوليس اإلداري‪ .‬على أن هذه الدعاوى توجه إما ضد‬
‫الدولة أو ضد الجماعات المحلية ‪ ،‬وذلك طبقا لما إذا كان العمل قد صدر عن الدولة أو عن‬
‫الجماعة اإلقليمية‪.‬‬

‫‪ -‬انظر‪ ،‬قروف جمال‪ ،‬الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة عنابة‪ ،2006 ،‬ص ‪ 1‬وما‬ ‫‪166‬‬

‫بعدها‪.‬‬

‫أنظر‪ ،‬عادل السعيد محمد ابو الخير ‪ ،‬الضبط اإلداري و حدوده ‪ ،‬مطابع الطوبجي التجارية ‪،‬القاهرة ‪،‬مصر ‪،1993،‬ص ‪. 355‬‬ ‫‪167‬‬

‫‪51‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫على أن أخطاء البوليس اإلداري ال ترتب مسؤوليتها إال إذا كانت جسيمة – خالة‬
‫المسؤولية المبنية على الخطأ‪ .-‬ومع ذلك يجوز إقامة مسؤولية هيئات البوليس اإلداري حتى ولو‬
‫لم ترتكب أي خطأ‪ -‬حالة المسؤولية بدون خطأ‪ ،-‬وذلك في حالة وقوع أضرار بالغة نتيجة‬
‫استعمالها األسلحة النارية‪.‬‬
‫هذا وتجدر اإلشارة إلى أن الطعن بدعوى تجاوز السلطة ضد قرار هيئة البوليس‬
‫اإلداري‪ ،‬ال يؤدي إلى وقف تنفيذ ذلك القرار‪.‬‬
‫كما يمكن للقاضي المدني أن يكون مختصا بتقرير التعويض عن األضرار التي سببه إجراء‬
‫البوليس اإلداري‪ ،‬إذا ما كان الذي قام بإجراء البوليس اإلداري قد ارتكب خطأ شخصيا‪ ،‬أو كنا‬
‫بصدد تطبيق نظام الجمع بين المسؤوليات‪.‬‬
‫ويجوز ايضا للقاضي الجزائي بمقتضى المادة ‪ 453‬من قانون العقوبات أن يفرض رقابته على‬
‫مخالفة التنظيمات التي تتخذها هيئات البوليس اإلداري –المتعلقة بالنظام العام‪ -‬ويوقع نتيجة لذلك‬
‫الج زاءات المقررة في هذا الصدد‪ ،‬هذا من جهة‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬يجوز للقاضي الجزائي أن‬
‫يقدر مدى مشروعية قرار إداري‪ ،‬وهو بصدد توقيع عقوبة جزائية على من خالفه نتيجة لدفع هذا‬
‫األخير بعدم مشروعية القرار الذي خالفه‪ ،‬وحتى ولو تم ذلك الدفع بعد انتهاء مواعيد الطعن‬
‫القضائية ضد القرار اإلداري‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬االختصاصات االستثنائية لسلطات البوليس اإلداري‬
‫قد يكون المجتمع عرضة لظروف استثنائية مثل الحرب والكوارث الطبيعية واألوبئة وغيرها‬
‫مما يفرض االعتراف لجهة اإلدارة بسلطات أوسع للتحكم في الوسع االستثنائي غير أن اإلشكالية‬
‫التي أثيرت بهذا الصدد هل ينبغي تقييد السلطة التنفيذية بقانون خاص يحكم نشاطها في الحاالت‬
‫‪168‬‬
‫االستثنائية وتطبيق النصوص الخاصة؟‬
‫وتقتضي الطريقة الثانية أن تلجأ السلطة التنفيذية للبرلمان الستصدار قانون خاص يحكم‬
‫عملها ونشاطها في الظروف االستثنائية‪ .‬وقد عاب البعض أيضا على هذه الطريقة كون الظروف‬
‫االستثنائية قد تحل بصورة مفاجئة مما قد يعيق نشاط السلطة التنفيذية ويغل يدها عن مواجهة‬
‫‪169‬‬
‫الوضع‪.‬‬
‫المطلب ‪ :1‬أشكال الظروف االستثنائية‬
‫يمكن القول بأنه هناك نوعين من الظروف االستثنائية‪ :‬ظروف استثنائية قضائية‪ ،‬وهي‬
‫التي رأيناها لحد اآلن‪ ،‬وظروف استثنائية منظمة بنصوص قانونية‪ .‬فأما النوع األول من‬
‫الظروف‪ ،‬فقد لعب مجلس الدولة الفرنسي دورا معتبرا في تأصيل هذه النظرية‪ ،‬حتى وإن كانت‬
‫هذه النظرية تضرب بجذورها عبر العصور الغابرة‪ .‬أما النوع الثاني من الظروف فقد تدخلت‬
‫النصوص القانونية وأقرت ما وضعه القضاء في هذا الصدد‪ ،‬حيث وسعت من اختصاص هيئات‬
‫البوليس اإلداري‪ .‬إن هذه الحاالت تتمثل في حالة الطوارئ وحالة الحصار(أوال) والحالة‬
‫االستثنائية(ثانيا)‪ .‬وإذا تمعنا جيدا في هذه الخاالت‪ ،‬فإنه يمكن القول بأنها ال تتضمن مساسا بمبدأ‬
‫المشروعية‪ ،‬ما دام أن النصوص القانونية هي التي حددتها ونظمتها‪.‬‬

‫‪ 168‬أنظر ‪ ،‬عبد الغني بسيوني عبد هللا‪ ،‬القانون اإلداري ‪ ،‬منشاة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪1991 ،‬ص‪. 392‬‬
‫‪ -.،‬الدكتور شاب توما‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.177‬‬

‫‪ 169‬الدكتور عبد الغني بسيوني عبد هللا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.394‬‬
‫‪52‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫الفرع ‪ :1‬حالة الطوارئ وحالة الحصار‪ : 170‬لقد نصت المادة ‪ 91‬من الدستور الجزائري على‬
‫أنه " يقرر رئيس الجمهورية‪ ،‬إذا دعت الضرورة الملحة‪ ،‬حالة الطوارئ أو حالة الحصار‪ ،‬لمدة‬
‫معينة‪ ،‬بعد اجتماع المجلس األعلى لألمن‪ ،‬واستشارة المجلس الشعبي الوطني‪،‬ورئيس مجلي‬
‫األمة ‪ ،‬و الوزير األول‪ ،‬ورئيس المجلي الدستوري‪ ،‬ويتخذ كل التدابير الالزمة الستتباب الوضع‪.‬‬
‫وال يمكن تمديد حالة الطوارئ أو حالة الحصار إال بعد موافقة البرلمان المنعقد بغرفتيه‬
‫المجتمعتين معا "‪.‬‬
‫إن هذه المادة تثير المالحظات التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا كان الفرق بين الحالتين في فرنسا يكمن في أنه في حالة الطوارئ‪ ،‬فإن اختصاصات‬
‫السلطة اإلدارية تتسع بشكل غير مألوف‪ ،‬بينما في حالة الحصار فإن السلطة العسكرية هي التي‬
‫تحل محل السلطة المدنية في ممارسة اختصاصات البوليس اإلداري‪ ،‬فإن النصوص الجزائرية لم‬
‫تبين لحد اآلن ما هو الفرق بين الحالتين‪ ،‬وإن كان التطبيق العملي للحالتين في الجزائر أخذ‬
‫بالتمييز المطبق في فرنسا‪.‬‬
‫ومع ذلك تجدر اإلشارة إلى أن السلطات الجزائرية قد تنبهت لهذه المسألة في عهد الرئيس‬
‫ليامين زروال‪ .‬فالمادة ‪ 15‬من تنظيم أجهزة المرحلة اإلنتقالية المنبثقة عن أرضية اإلجماع‬
‫الوطني‪ ،‬قد أشارت إلى أن هذه المسألة سيتكفل بها أمر يبين كل من حالة الطوارئ وحالة‬
‫الحصار‪ ،‬إال أن هذا األمر لم يصدر‪ .‬وعندما صدر دستور ‪ ،1996‬نصت المادة ‪ 92‬منه على أنه‬
‫" يحدد تنظيم حالة الطوارئ وحالة الحصار بموجب قانون عضوي" إال أن هذا القانون هو‬
‫اآلخر لم يصدر لحد اآلن‪.‬‬
‫‪ -2‬إن القيود التي وضعتها المادة ‪ 91‬من الدستور إلعالن حالة الطوارئ وحالة الحصار‪ ،‬هي‬
‫قيود قليلة الفعالية‪ ،‬ألن الضرورة الملحة يعود تقديرها لرئيس الجمهورية وحده‪ .‬أما أخذ رأي‬
‫الهيئات أو الشخصيات التي أشارت إليها المادة‪ ،‬فإن رأيها استشاري غير ملزم‪ ،‬إال فيما يتعلق‬
‫بتمديد حالبة الطوارئ أو حالة الحصار‪ ،‬إذ يشترط موافقة البرلمان المنعقد بغرفتيه المجتمعتين‬
‫معا‪.‬‬
‫الفرع ‪ :2‬الحالة االستثنائية ‪:‬‬
‫تنص المادة ‪ 93‬من الدستور على أنه " يقرر رئيس الجمهورية الحالة اإلستثنائية إذا كانت البالد‬
‫مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية‪ ،‬أو استقاللها‪ ،‬أو سالمة ترابها‪.‬‬
‫وال يتخذ مثل هذا اإلجراء إال بعد استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس‬
‫األمة و المجلس الدستوري واالستماع إلى المجلس األعلى لألمن ومجلس الوزراء‪.‬‬
‫تخول الحالة اإلستثنائية رئيس الجمهورية أن يتخذ اإلجراءات اإلستثنائية التي تستوجبها‬
‫المحافظة على استقالل األمة والمؤسسات الدستورية في الجمهورية‪.‬‬
‫يجتمع البرلمان وجوبا‪.‬‬
‫تنتهي الحالة اإلستثنائية حسب األشكال واإلجراءات السالفة الذكر التي أوجبت إعالنها"‪.‬‬
‫إن هذه المادة تستدعي المالحظات التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا كان من المفروض أن الحالة اإلستثنائية هي حالة يتم اإلعالن عنها عندما يكون الوضع‬
‫أكثر خطورة من حالتي الطوارئ والحصار‪ ،‬فإننا ال نرى في غياب نصوص قانونية تحدد‬

‫‪ 170‬سامي جمال الدين ‪ ،‬اللوائح اإلدارية و ضمان الرقابة اإلدارية ‪ ،‬منشاة المعارف اإلسكندرية ‪ ،‬مصر ‪، 1998،‬ص ‪. 352‬‬

‫‪53‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫اإلجراءات المتخذة في الحاالت الثالثة‪ ،‬ما هو الفرق بينها‪ ،‬ذلك أنه إذا كانت اإلجراءات المتخذة‬
‫في الحالة اإلستثنائية تؤدي إلى تقييد الحريات العامة والحقوق األساسية‪ ،‬فإن حالتي الطوارئ‬
‫والحصار تسمح بالوصول إلى هذا الهدف‪ ،‬لذلك ال داعي إلدراج حالة ثالثة ال تبدو الزمة‪.‬‬
‫‪ -2‬يتضح من قراءة المادة ‪ 93‬أنه يشترط إلعالن الحالة اإلستثنائية شروطا موضوعية وشروطا‬
‫شكلية‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫أ‪ -‬الشروط الموضوعية ‪ :‬تتمثل هذه الشروط فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬وجود خطر داهم يوشك أن يصيب المؤسسات الدستورية للدولة‪ ،‬أو استقاللها‪ ،‬أو سالمة‬
‫ترابها‪.‬‬
‫‪ -‬أن تكون الغاية من استخدام السلطات اإلستثنائية التي يمارسها رئيس الجمهورية هي المحافظة‬
‫على استقالل األمة والمؤسسات الدستورية في الجمهورية‪.‬‬
‫ب‪ -‬الشروط الشكلية‪ :‬وتتمثل في‪:‬‬
‫‪ -‬استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس األمة و المجلس الدستوري ‪.‬‬
‫‪ -‬اإلستماع إلى المجلس األعلى لألمن ومجلس الوزراء‪.‬‬
‫ولكن ينبغي أن يالحظ أن كل هذه الشروط ليس لها في الحقيقة قيمة كبيرة‪ .‬فالشروط‬
‫الموضوعية غير محددة‪ ،‬ورئيس الجمهورية هو القاضي الوحيد في تقديرها‪ .‬أما الشروط‬
‫الشكلية‪ ،‬فإنها ليست فعالة‪ ،‬ما دام أن رأي الجهات التي يستشيرها رئيس الجمهورية أو يستمع‬
‫إليها ليست ملزمة‪.171‬‬
‫أما الضمانة الوحيدة والحقيقية‪ ،‬فإنها تتمثل فيما نص عليه الدستور من ضرورة انعقاد‬
‫المجلس الشعبي الوطني وجوبا‪ ،‬األمر الذي قد يترتب عليه أن ممارسة رئيس الجمهورية‬
‫للسلطات الخطيرة التي يتمتع بها في هذا الصدد‪ ،‬تتم تحت رقابة أعضاء المجلس الشعبي‬
‫الوطني‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬آثار الظروف االستثنائية‬
‫إن اآلثار التي تترتب على الظروف اإلستثنائية هي على نوعين‪ ،‬فمنها ما يتعلق بمدى‬
‫مشروعية الظروف (أوال)‪،‬ومنها ما يتعلق بمسؤولية اإلدارة (ثانيا)‪،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬

‫الفرع ‪ :1‬مدى مشروعية الظرف االستثنائي‪:‬‬


‫إن من آثار الظروف اإلستثنائية هو إعفاء اإلدارة من مراعاة القواعد التي تلتزم بها في‬
‫الظروف العادية‪ ،‬من ذلك قواعد االختصاص‪،‬إذ يمكن لإلدارة في مثل هذه الظروف أن تتجاوز‬
‫اإلختصاصات المحددة لها في الظروف العادية‪ .‬كما تعفى اإلدارة من مراعاة قواعد الشكل‬
‫واإلجراءا ت والموضوع‪ ،‬إذ يمكنها أن تقوم بأعمال من شأنها المساس بالحريات العامة‪ ،‬هذا من‬
‫جهة‪.‬‬

‫‪ 171‬أنظر ‪،‬حسين طاهري ‪ ،‬القانون اإلداري و المؤسسات اإلدارية ‪ -‬التنظيم اإلداري ‪ ،‬النشاط اإلداري ‪ ،‬دراسة مقارنة ‪ ،‬دار الخلدونية ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪ 2007 ،‬ص ‪. 56‬‬
‫عمار بوضياف ‪،‬الوجيز في القانون اإلداري ‪ ،‬دار جسور ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬الطبعة الثانية‪ .2007 ،‬ص ‪. 64‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪54‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬إذا كان يترتب على الظروف اإلستثنائية إعفاء هيئات البوليس اإلداري‬
‫من مراعاة قواعد المشروعية العادية ‪ ،‬فإن هذا ليس معناه إعفاء اإلدارة من التحلل كلية من‬
‫قواعد المشروعية‪،‬ذلك أن هذه األخيرة عليها أن تتقيد بمشروعية األزمة‪ .‬هذه المشروعية الجديدة‬
‫قيدها القاضي اإلداري ألمرين هامين‪ .‬أما األمر األول فإنه يتعلق بالهدف المتبع من طرف‬
‫اإلدارة‪ ،‬والذي يجب أن يكون بالضرورة مواجهة األزمة‪ .‬وأما األمر الثاني‪ ،‬فإنه يتمثل في‬
‫الوسائل المستعملة من طرف اإلدارة‪ ،‬والتي يجب أن تتالءم مع ذلك الظرف‪.‬‬
‫الفرع‪ :2‬مسؤولية هيئة البوليس اإلداري‬
‫يمكن القول بأن هناك عدة نتائج في هذا الصدد‪ ،‬والمتمثلة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬إن بعض إجراءات البوليس اإلداري التي تعتبر غير مشروعة في الظروف العادية‪ ،‬ال تسأل‬
‫عنها اإلدارة في ظل الظروف اإلستثنائية‪.‬‬
‫‪ -2‬إن إجراءات البوليس اإلداري المشوبة بعيب جسيم والتي تدخل فيما يسمى بالتعدي‪ ،‬لو‬
‫ارتكبت في الظروف اإلستثنائية ‪ ،‬تحولت إلى أخطاء بسيطة‪.‬‬
‫‪ -3‬إن بعض اإلجراءات المتخذة في الظروف اإلستثنائية‪ ،‬والتي ترتب ضررا للغير‪ ،‬تؤدي إلى‬
‫قيام مسؤولية اإلدارة ليس على أساس الخطأ‪ ،‬بل على أساس المسؤولية بدون خطأ‪.‬‬
‫رغما كل القيود التي يفردها الضبط اإلداري أو البوليس اإلداري على حريات األفراد فإنه‬
‫في النهاية يقوم على خدمة هؤالء األفراد بالحفاظ له على النظام العام الذي تعود فائدته على‬
‫الجميع فلما كانت مصلحة الفرد في مصلحة الجماعة هنا يمكن أن نقول أن الضبط اإلداري نعمة‬
‫على الفرد ‪ ,‬فحدود حريات الفرد تنتهي عند بداية حريات اآلخرين ‪ ,‬فالضبط اإلداري هو عصب‬
‫السير الحسن لنظام العام‪.‬‬

‫قائمة المراجع‬
‫الكتب و المؤلفات‪:‬‬
‫أ‪ /‬باللغة العربية ‪:‬‬
‫أحمد حسنين عبد العال – الرقابة القضائية على قرارات الضبط اإلداري – الطبعة الثانية‬ ‫‪-1‬‬
‫دار النهضة العربية ‪،‬سنة ‪. 1991‬‬
‫‪ -2‬بدران مراد ‪ ،‬محاضرات في القانون اإلداري‪ ،‬السنة الثانية حقوق‪،‬كلية الحقوق و العلوم‬
‫السياسية ‪ ،‬جامعة تلمسان‪ ،‬السنة الجامعية ‪. 2007/2006‬‬
‫‪ -3‬بوشيبه مختار‪ ،‬الضبط اإلداري والقضائي في النظرية العامة والتطبيق بالمحليات‬
‫الجزائرية‪ ،‬بحث للحصول على دبلوم الدراسات العليا‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬معهد الحقوق والعلوم‬
‫السياسية واإلدارية‪.1975،‬‬
‫‪ -4‬جمال مطلق الذنيات – الوجيز في القانون اإلداري –الدار العلمية الدولية ‪،‬عمان‪.2003،‬‬
‫‪ -5‬حماد محمد شطا‪ ،‬تطور وظيفة الدولة‪ ،‬المرافق العامة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪2000 ،‬‬
‫‪ -6‬حسين طاهري ‪ ،‬القانون اإلداري و المؤسسات اإلدارية ‪ -‬التنظيم اإلداري ‪ ،‬النشاط‬
‫اإلداري ‪ ،‬دراسة مقارنة ‪ ،‬دار الخلدونية ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬الطبعة األولى ‪. 2007 ،‬‬
‫‪ -7‬حسن محمد عواضة‪ ،‬المبادئ األساسية للقانون اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬المؤسسة الجامعية‬
‫للد راسات والنشر والتوزيع‪،‬بيروت‪،‬لبنان‪.1997،‬‬

‫‪55‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫‪ -8‬حسن محمد عواضة‪ ،‬المبادئ األساسية للقانون اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬المؤسسة‬
‫الجامعية للد راسات والنشر والتوزيع‪،‬بيروت‪،‬لبنان‪. 1997،‬‬
‫‪ -9‬حماد محمد شطا‪ ،‬تطور وظيفة الدولة‪ ،‬نظرية المؤسسات العامة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪. 1984 ،‬‬
‫‪ -10‬حمود حمبلي‪ ،‬حقوق اإلنسان بين النظم الوضعية و الشريعة اإلسالمية‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.1995،‬‬
‫‪ -11‬خالد خليل الظاهر‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار الميسرة للنشر والتوزيع‬
‫والطباعة‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.1997 ،‬‬
‫‪ -12‬دايم بلقاسم‪ ،‬الحماية القانونية للسكينة العامة‪ ،‬مجلة العلوم القانونية و اإلدارية‪ ،‬جامعة‬
‫تلمسان‪ ،‬العدد ‪. 2004 ،2‬‬
‫‪ -13‬رياض عيسى‪ ،‬نظرية المرفق العام في القانون المقارن‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪.2005 ،‬‬
‫‪ -14‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬نظرية المرافق العامة ‪،‬دار الفكر العربي‬
‫‪،‬القاهرة ‪.2007،‬‬
‫‪ -15‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬د ارسة مقارنة‪ ،‬دار الفكر العربي‪،‬‬
‫‪.1996‬‬
‫‪ -16‬شاب توما منصور‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬ط‪ ،1‬جامعة بغداد‪،‬العراق ‪.1999 ،‬‬
‫‪ -17‬عادل السعيد محمد ابو الخير ‪ ،‬الضبط اإلداري و حدوده ‪ ،‬مطابع الطوبجي التجارية‬
‫‪،‬القاهرة ‪،‬مصر ‪. 1993،‬‬
‫‪ -18‬عبد الفتاح أبو الليل‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪2000 ،‬‬
‫‪ -19‬عصمت عبد هللا الشيخ ‪،‬مبادئ ونظريات القانون اإلداري‪ ،‬جامعة حلوان‪ ،‬مصر‪.2003 ،‬‬
‫‪ -20‬عبد الغني بسيوني عبد هللا‪ ،‬القانون اإلداري ‪ ،‬منشاة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.1991 ،‬‬
‫‪ -21‬عادل السعيد محمد ابو الخير ‪ ،‬الضبط اإلداري و حدوده ‪ ،‬مطابع الطوبجي التجارية‬
‫‪،‬القاهرة ‪،‬مصر ‪.1993،‬‬
‫‪ -22‬عادل السعيد أبو الخير‪" ،‬اجتهاد القاضي اإلداري في مجال الحقوق والحريات"‪ ،‬مجلة‬
‫االجتهاد القضائي‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬العدد‬
‫‪. 02،2005‬‬
‫‪ -23‬عمور سيالمي‪ ،‬الضبط اإلداري البلدي في الجزائر‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬معهد العلوم‬
‫القانونية و اإلدارية‪ ،‬جامعة الجزائر‪.1988 ،‬‬
‫‪ -24‬عبد الرؤوف هشام بسيوني ‪ ،‬نظرية الضبط اإلداري في النظم الوضعية المعاصرة و‬
‫الشريعة اإلسالمية‪،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية ‪. 2007،‬‬
‫‪ -25‬عمار بوضياف ‪،‬الوجيز في القانون اإلداري ‪ ،‬دار جسور ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫‪.2007‬‬
‫‪ -26‬عادل السعيد أبو الخير‪" ،‬اجتهاد القاضي اإلداري في مجال الحقوق والحريات"‪ ،‬مجلة‬
‫االجتهاد القضائي‪ ،‬جامعة محمد‪ ،‬خيضر بسكرة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬العدد ‪،‬‬
‫‪.2005‬‬

‫‪56‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫‪ -27‬عمر يس‪ .‬استقالل السلطة القضائية في النظامين اإلسالمي و الوضعي‪ ،‬رسالة دكتوراه‬
‫جامعة عين شمس ‪.‬‬
‫‪ -28‬عبد الغني بسيوني عبد هللا‪ ،‬وقف تنفيذ القرار اإلداري في أحكام القضاء اإلداري‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬االسكندرية‪.2007 ،‬‬
‫‪ -29‬عمار عوابدي‪ ،‬القانون االداري – النشاط اإلداري – الجزء ‪ ، 2‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية ‪ ،‬الجزائر ‪. 2005‬‬
‫‪ -30‬عمور سيالمي‪ ،‬الضبط اإلداري البلدي في الجزائر‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬معهد العلوم‬
‫القانونية و اإلدارية‪ ،‬جامعة الجزائر‪.1988 ،‬‬
‫‪ -31‬عامر أحمد مختار‪ ،‬تنظيم سلطة الضبط اإلداري في العراق‪ ،‬رسالة جامعية‪ ،‬جامعة‬
‫بغداد‪.1975 ،‬‬
‫‪ -32‬ماهر جبر نضر ‪،‬األصول العامة للقانون‪ ،‬جامعة المنصورة ‪ ،‬مصر‪، 2002،‬ص‪3 .6‬‬
‫‪ -33‬محمد فاروق عبد هللا‪ ،‬نظرية المرفق العام في القانون الجزائري بين مفهومين التقليدي‬
‫واإلشتراكي ديوان المطبوعات الجامعية ‪،1987‬‬
‫‪ -34‬محمد الصغير بعلي‪ ،‬المؤسسات العمومية اإلقتصادية في التشريع الجزائري‪ ،‬المعهد‬
‫الوطني للدراسات و البحوث النقابية‪ ،‬الجزائر ‪،‬دون تاريخ ‪.‬‬
‫‪ -35‬محمود عاطف البنا‪" ،‬الضبط اإلداري بين الحرية والنظام العام"‪ ،‬مجلة األمن والقانون‪،‬‬
‫كلية شرطة دبي‪ ،‬السنة الثانية‪ ،‬العدد ‪.1994 ،1‬‬
‫‪ -36‬محمود سعد الدين الشريف‪" ،‬النظرية العامة للبوليس اإلداري في مصر"‪ ،‬مجلة مجلس‬
‫الدولة‪ ،‬القاهرة‪.1951 ،‬‬
‫‪ -37‬محمود حلمي‪ ،‬نشاط اإلدارة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -38‬مسعود شيهوب‪ ،‬المبادئ العامة للمنازعات اإلدارية‪ ،‬الجزء الثالث‪،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية ‪،‬الجزائر ‪.1999‬‬
‫‪ -39‬محمد فؤاد عبد الباسط ‪ ،‬القانون اإلداري ‪،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪،‬اإلسكندرية‪.2006،‬‬
‫‪ -40‬موريس هوريو‪ ،‬مطول القانون اإلداري‪ ،‬باريس‪. 1950 ،‬‬
‫‪ -41‬محمد محمد عبده إمام‪ ،‬القانون اإلداري وحماية الصحة العامة‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪2002 ،‬‬
‫‪ -42‬مصطفى أبو زيد فهمي‪ ،‬الوسيط في القانون اإلداري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪. 2000 ،‬‬
‫‪ -43‬قروف جمال‪ ،‬الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة عنابة‪. 2006 ،‬‬
‫‪ -44‬ناصر لباد ‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬منشورات لباد ‪ ،‬الطبعة ‪. 2009، 03‬‬
‫‪ -45‬زين العابدين بركات‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري مطبعة رياض‪ ،‬دمشق‪.1979 ،‬‬
‫ب‪ /‬باللغة الفرنسية ‪:‬‬

‫‪1/- BIBANDA Antoine, «Quelques exemples de polices‬‬


‫‪administratives spéciales », In La police administrative existe- t-‬‬
‫‪elle ?, In La police administrative existe-t-elle ?, sous la direction‬‬
‫‪de LINOTTE Didier, Edition Economica, Paris, 1985.‬‬
‫‪57‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

2/- BERNARD Paul, Notion d’ordre public en droit administratif,


L.G.D.J, Paris, 1962.
3/- CHEROT Jean Yves, « La notion d’ordre public dans la théorie
de l’action administrative », In La police administrative existe-t-
elle ?, sous la direction de LINOTTE Didier, Edition Economica,
Paris, 1985.
4/-Didier Truchet, L'autorité de police est elle libre d'agir?, in
colloque intitulé : puissance publique ou impuissance publique"
organisé par le ministère de l'intérieure conjointement avec
l'université Paris I, Panthéon Sorbonne, les 08 et 09 février 1999
au Carrousel du Louvre, Pris, in A.J.D.A, 20 juillet/ 20 août 1999,
n° special .
5/- FOILLARD Philippe, Droit Administratif, C. P. U, Paris, 2001.
6/- FERREIRAN Nelly, « la notion d'exécution d'office », in
colloque intitulé : puissance publique ou impuissance publique"
organisé par le ministère de l'intérieure conjointement avec
l'université Paris I, Panthéon Sorbonne, les 08 et 09 février 1999
au Carrousel du Louvre, Paris, A.J.D.A, 20 juillet/ 20 août 1999,
n° special.
7/- GUILLAUME-HOFNUNG Michéle, l'ordre public sanitaire et
l'environnement, Revue de la Gendarmerie National , 4 éme
trimestre, 2006, N° 221.
8/- HAURIOU Maurice, précis de droit administratif, Paris, Recueil
Sirey, 12 éme édition, 1933.
9/- MAZEAUD Pierre , « libertés et ordre public », in http://conseil-
constitutionnel.fr.
10 /- VINCENT-LEGOUX Marie- Caroline, l’ordre public, étude de
droit comparé interne, thèse pour le doctorat en droit, université
de Bourgogne, faculté de droit et de science politique, 1996.
11/- TEITGEN Henry, La police municipale générale, l’ordre public
et les pouvoirs de Maire, Sirey, Paris, 1934.

: ‫النصوص القانونية‬

‫ المتعلق بالوقاية من النزاعات‬1990 ‫ فبراير‬06 ‫ المؤرخ في‬02-90 ‫ القانون رقم‬


-91 ‫الجماعية في العمل وتسويتها وممارسة حق اإلضراب المعدل والمتمم بالقانون رقم‬
.1991 ‫ ديسمبر‬21 ‫ المؤرخ في‬27
. ‫ المتعلق بالوالية‬2012 ‫ فبراير‬21 ‫ المؤرخ في‬07/12 ‫ القانون رقم‬
58
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫القانون رقم ‪ 10/11‬المؤرخ في ‪ 22‬جوان ‪ 2011‬المتعلق بالبلدية ‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫القانون رقم ‪ 19-91‬المؤرخ في ‪ 02‬ديسمبر‪ ، 1991‬يعدل و يتمم القانون رقم ‪28-89‬‬ ‫‪‬‬
‫المؤرخ في ‪ 31‬المتعلق باإلجتماعات و المظاهرات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪62‬‬
‫الصادرة في ‪ 4‬ديسمبر ‪.1991‬‬
‫القانون العضوي رقم ‪ 04-12‬المؤرخ في ‪ 12‬جانفي ‪ ،2012‬المتعلق باالحزاب‬ ‫‪‬‬
‫السياسية‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 2‬الصادرة في ‪ 15‬جانفي ‪.2012‬‬
‫القانون رقم ‪ 11-08‬المؤرخ في ‪ 25‬جوان ‪ ،2008‬المتعلق بشروط دخول االجانب الى‬ ‫‪‬‬
‫الجزائر و اقامتهم بها و تنقلهم فيها‪ .‬ج ر ‪ 36‬الصادرة في ‪ 2‬جويلية ‪.2008‬‬
‫قانون رقم ‪ 02-04‬مؤرخ في ‪ 23‬جوان ‪ 2004‬يحدد القواعد المطبقة على الممارسات‬ ‫‪‬‬
‫التجارية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 41‬الصادرة في ‪ 27‬جوان ‪.2004‬‬
‫القانون رقم ‪ 19-91‬المؤرخ في ‪ 02‬ديسمبر ‪ ،1991‬المعدل و المتمم للقانون رقم ‪28‬‬ ‫‪‬‬
‫المؤرخ في ‪ 31‬ديسمبر ‪ 1989‬المتعلق باالجتماعات و المظاهرات العمومية‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 62‬الصادرة في ‪ 4‬ديسمبر ‪. 1991‬‬
‫القانون رقم ‪ 05-85‬المؤرخ في ‪ 16‬فيفري ‪ ،1985‬يتعلق بحماية الصحة و ترقيتها‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫المعدل و المتمم‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 08‬الصادرة في ‪ 17‬فيفري ‪.1985‬‬
‫القانون رقم ‪ 10-03‬مؤرخ في ‪ 19‬جويلية ‪ ،2003‬يتعلق بحماية البيئة في اطار التنمية‬ ‫‪‬‬
‫المستدامة‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 43‬الصادرة في ‪ 20‬جويلية ‪.2003‬‬
‫القانون رقم ‪ 03-2000‬مؤرخ في ‪ 05‬أوت ‪ ،2000‬يحدد القواعد العامة المتعلقة بالبريد و‬ ‫‪‬‬
‫المواصالت السلكية و الالسلكية‪،‬ج ر العدد ‪ 48‬الصادرة في ‪ 05‬أوت ‪.2000‬‬
‫القانون عضوي رقم ‪ 05-12‬مؤرخ في ‪ 12‬جانفي ‪ ،2012‬يتعلق باالعالم‪ ،‬الجريدة‬ ‫‪‬‬
‫الرسمية‪ ،‬العدد‪ 2‬الصادرة في ‪ 15‬جانفي ‪.2012‬‬
‫القانون رقم ‪ 10-03‬مؤرخ في ‪ 19‬جويلية ‪ ،2003‬يتعلق بحمايةالبيئة في اطار التنمية‬ ‫‪‬‬
‫المستدامة‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 43‬الصادر في ‪ 20‬جويلية ‪.2003‬‬
‫القانون رقم ‪ 04-11‬مؤرخ في ‪ 17‬فيفري ‪ ،2011‬يحدد القواعد التي تنظم نشاط الترقية‬ ‫‪‬‬
‫العقارية‪ ،‬ج ر العدد ‪ 14‬الصادرة في ‪ 6‬مارس ‪.2011‬‬
‫القانون رقم ‪ 13-15‬مؤرخ في ‪ 15‬جويلية ‪ ،2015‬يتعلق بأنشطة وسوق الكتاب‪ ،‬الجريدة‬ ‫‪‬‬
‫الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 39‬الصادرة في ‪ 19‬جويلية ‪.2015‬‬
‫األمر ‪ 03.06‬المؤرخ في ‪ 15‬جويلية ‪ 2006‬المتضمن القانون األساسي العام للوظيفة‬ ‫‪‬‬
‫العمومية ‪.‬‬
‫المرسوم رقم ‪ 373-83‬المؤرخ في ‪ 28‬ماي ‪ 1983‬المتعلق بسلطات الوالي في ميدان‬ ‫‪‬‬
‫األمن والمحافظة على النظام العام‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 22‬الصادرة في ‪ 31‬ماي‬
‫‪.1983‬‬
‫المرسوم رقم ‪ 267-81‬المؤرخ في ‪ 10‬أكتوبر ‪ 1981‬المتعلق بصالحيات رئيس‬ ‫‪‬‬
‫المجلس الشعبي البلدي فيما يخص الطرق و النقاوة و الطمأنينة العمومية‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 41‬الصادرة في ‪ 13‬أكتوبر ‪ 1981‬المرسوم رقم ‪ 373-83‬المؤرخ في‬
‫‪ 28‬ماي ‪ 1983‬المتعلق بسلطات الوالي في ميدان األمن والمحافظة على النظام العام‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 22‬الصادرة في ‪ 31‬ماي‪.1983‬‬

‫‪59‬‬
‫السنة الثانية ماستر قانون عام‬ ‫محاضرات في مقياس سلطات الضبط اإلداري‬
‫معمق‬

‫المرسوم رقم ‪ 258-10‬المؤرخ في ‪ 21‬أكتوبر‪ ،2010‬يحدد صالحيات وزير التهيئة‬ ‫‪‬‬


‫العمرانية و البيئة‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 64‬الصادرة في ‪ 28‬أكتوبر ‪.2010‬‬
‫مرسوم تنفيدي رقم ‪ 211-04‬مؤرخ في ‪ 28‬جويلية ‪ ،2004‬يحدد كيفيات اعتماد‬ ‫‪‬‬
‫الصحفيين الذين يمارسون المهنة لحساب هيئة تخضع لقانون أجنبي‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫العدد ‪،47‬الصادرة في ‪ 28‬جويلية ‪.2004‬‬
‫مرسوم تنفيدي رقم ‪ 08-17‬مؤرخ في ‪ 4‬جانفي ‪ ،2017‬يحدد شروط و كيفيات‬ ‫‪‬‬
‫الترخيص المسبق لنشر المصحف الشريف و طبعه و تسويقه على جميع الدعائم‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية العدد ‪ 2‬الصادرة بتاريخ ‪ 11‬جانفي ‪.2017‬‬
‫مرسوم رئاسي رقم ‪ 44-92‬مؤرخ في ‪ 9‬فيفري ‪ ،1992‬يتضمن اعالن حالة الطوارئ ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 10‬الصادرة في ‪ 9‬فيفري ‪ ،1991‬و الملغى بموجب االمر رقم‬
‫‪ 01-11‬المؤرخ في ‪ 23‬فيفري ‪ ،2011‬المتضمن رفع حالة الطوارئ‪ ،‬الجريدة الرسمية‪،‬‬
‫العدد ‪ 12‬الصادرة في ‪ 23‬فيفري ‪.2011‬‬

‫‪60‬‬

You might also like