You are on page 1of 148

‫الشريف الغيوبي‬ ‫عبد الحافظ ادمينو‬

‫أستاذ القانون العام‬ ‫أستاذ القانون العام‬

‫جامعة محمد الخامس الرباط‬

‫مبادئ عامة للقانون االداري‬

‫األسس العامة للتنظيم االداري‬

‫االدارة المركزية بالمغرب‬

‫السنة الجامعية ‪2020-2019‬‬

‫‪1‬‬
‫تقديم‪:‬‬
‫تعد اإلدارة وسيلة من وسائل تنظيم المجتمع اإلنساني‪ ،‬لذا فالسعي إلى تطورها وادخال‬
‫مجموعة من المستجدات على وظائفها وتنظيمها يعد من بين أهم األولويات‪ ،‬وذلك عبر تحديد‬
‫األدوار وتوزيع االختصاصات والمسؤوليات بين المستويات المركزية والمحلية‪ .‬تدعيما لفكرة‬
‫الالمركزية وتطبيقا لمبدأ الديمقراطية‪ ،‬حتى تؤدي األهداف التي رسمتها لها الدولة سياسيا‬
‫واقتصاديا‪.‬‬
‫وقد تركز االهتمام في السنوات األخيرة في المغرب‪ ،‬ومنذ إنشاء أول جامعة‪ ،‬على‬
‫القانون اإلداري والعلوم اإلدارية عبر مختلف البحوث والدراسات الجامعية‪ ،‬التي تناولته من خالل‬
‫مواضيعه المتعددة والمتنوعة‪ ،‬التي تشغل عناصر التعريف واألسس والعالقات بفروع القانون‪،‬‬
‫وكذا مسألة التنظيم اإلداري والنشاط اإلداري والقضاء اإلداري‪ ،‬وفق منهج قانوني يتبع األسلوب‬
‫التحليلي في معالجة الظواهر والقضايا اإلدارية‪.‬‬
‫ويكتسي موضوع التدريس والبحث في مادة القانون اإلداري والعلوم اإلدارية أهمية خاصة‬
‫في بلد كالمغرب‪ ،‬الذي يسعى إلى تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية لتقوية وتكريس دولة الحق‬
‫والقانون‪.‬‬
‫فمادة التنظيم اإلداري من المواد التي جاء بها اإلصالح الجامعي الجديد وتدرس في‬
‫السداسية الثانية‪ ،‬وبما أنه أول محور من محاور القانون اإلداري الموزعة على السداسيات‬
‫المتبعة في التحصيل الجامعي ارتأينا أن نسبقه بالتطرق إلى المبادئ العامة للقانون اإلداري قبل‬
‫دراسة السلطات المركزية والالمركزية‪ ،‬والتي ترتبط أشد االرتباط بالقانون الدستوري في نفس‬
‫الوحدة التي تكملها‪.‬‬
‫مبادئ أساسية في" القانون اإلداري والتنظيم اإلداري" هو عنوان المؤلف المشترك الذي‬
‫نهدف من خالله تقديم مساهمة متواضعة ترمي التطرق إلى األحكام العامة للقانون اإلداري والى‬
‫التطبيقات العملية للمستويين المركزي والمحلي في تنظيمنا اإلداري المغربي‪.‬‬
‫إن إصدار هذا الكتاب‪ ،‬الذي هو عبارة عن عمل علمي متواضع وان كان يدخل ضمن‬
‫اهتمامنا العلمي فإننا نتوخى من خالله أن يكون أولى اللبنات البد أن يتبعها مجهود أكبر‬
‫ومحاوالت أخرى حتى يكتمل البناء لملء الثغرات فيه ولتقويم ما اعوج فيه ألن الكمال هلل‬
‫سبحانه‪.‬‬
‫واهلل ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫فصل تمهيدي‬

‫دأب الفقهاء على تصنيف العلوم القانونية إلى صنفين‪ :‬قانون عام وقانون خاص‪ ،‬وكل‬
‫منهما يشمل على قانون داخلي وقانون دولي ‪1‬ويشكل كل من القانون الدستوري والقانون اإلداري‬
‫أهم فروع القانون العام الداخلي بجانب القواعد المنظمةللتشريعات المالية‪ .‬واذا كان القانون‬
‫الدستوري موضوعه تنظيم وعمل السلطات الدستورية للدولة‪ ،‬بمعنى آخر "السلطات العمومية"‪،‬‬
‫فإن القانون اإلداري يرتبط بالهيئات اإلدارية داخل الدولة‪ ،‬فهو الذي يتولى تنظيم اإلدارة ونشاطها‬
‫أو هو باختصار قانون اإلدارة‪ .‬وتبعا لذلك فال يمكن تعريف وتحديد ميادين تطبيق القانون‬
‫اإلداري بدون تعريف كلمة اإلدارة‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف اإلدارة والقانون اإلداري‪.‬‬
‫لكلمة اإلدارة ‪ Administration‬معنيين متباينان لكنهما متكاملين لمعرفة ميدان القانون‬
‫اإلداري‪ .‬فالمعنى األول عضوي‪ ، organique‬أما المعنى الثاني فهو وظيفي ‪.fonctionnel‬‬
‫فاإلدارة بالمفهوم العضوي هي مجموعة من الهيئات تمثل الدولة‪ ،‬والتي تتولى تنفيذ األعمال‬
‫العامة للدولة‪ ،‬ويندرج في هذا المعنى السلطات المركزية وتشمل رئيس الدولة ورئيس الحكومة‬
‫والوزراء والمديرين ورؤساء المصالح إلى أن تنتهي إلى آخر مستخدم في الو ازرة أي األعوان‬
‫وممثلي الوزراء في الجهات واألقاليم والجماعات الترابية‪.‬‬
‫والى جانب السلطات المركزية‪ ،‬يضم المعنى العضوي لإلدارة السلطات الالمركزية‬
‫اإلدارية‪ ،‬سواء كانت ال مركزية ترابية‪ ،‬ممثلة في الهيئات والمجالس كمجالس الجهات ومجالس‬
‫العماالت أو األقاليم والمجالس الجماعية حضرية كانت أم قروية‪ ،‬أو كانت ال مركزية مرفقية‬
‫‪2‬‬
‫ممثلة في المؤسسات العمومية‪ ،‬المعهود إليها اإلشراف على مرفق معين أيا كانت طبيعتها‪.‬‬
‫ووفقا لهذا المعنى العضوي تعرف اإلدارة بالنظر إلى شكل الشخص الذي مارس النشاط‪،‬‬
‫فإذا كان اإلجراء المتخذ أو النشاط صاد اًر عن شخص يتخذ الشكل اإلداري‬
‫‪1‬‬
‫أما مفهوم اإلدارة بالمعنى الوظيفي‪ ،‬فهو‬ ‫ويوصف بأنه شخص إداري يكون اإلجراء إداريا‪.‬‬
‫النشاط ‪ Activité‬الذي تقوم به مختلف الهيئات التي سبق أن استعرضناها في المعنى العضوي‪.‬‬
‫وهذا النشاط هو الذي يؤدي إلى احتكاك اإلدارة باألفراد فتنتج عنه روابط وعالقات شتى‪ .‬فمن‬

‫‪ –1‬أنظر كتب المدخل لدراسة القانون‪.‬‬


‫‪ –2‬عبد القادر باينة‪ :‬مدخل عام لدراسة القانون اإلداري‪ .‬دار النشر المغربية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ :1990‬ص‪.22‬‬
‫‪ –1‬محمد مرغني‪ :‬المبادئ العامة للقانون اإلداري المغربي‪ ،‬مكتبة الطالب‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،1984 ،‬ص‪.10:‬‬

‫‪3‬‬
‫األفراد من يتلقى هذا النشاط في صورة خدمات عامة‪ ،‬ومنهم من يقوم على تحقيقه فيدخل في‬
‫روابط تعاقدية مع اإلدارة‪ ،‬ومنهم من يقوم بتحقيقه كالموظفين والمستخدمين‪ ،‬ومنهم من يتسبب‬
‫لهم في أضرار مادية ومعنوية األمر الذي يثبت عنه مسؤولية اإلدارة‪ ،‬ومنهم من يمس بحقوقهم‬
‫أو حرياتهم أو وضعياتهم القانونية‪ .‬والقانون اإلداري هو الذي يحكم مختلف هذه العالقات كما‬
‫‪2‬‬
‫ينظم الهيئات اإلدارية التي تدخل كطرف في تلك العالقات‪.‬‬
‫رغم وضوح هذين المعنيين‪ ،‬فإن تحديد معنى اإلدارة يصادف صعوبات نظ ار لتعدد المهام‬
‫التي تقوم بها اإلدارة وتداخل مهام أخرى غير إدارية يقوم بها بعض المسؤولين عن اإلدارة‪ ،‬وتبعا‬
‫لذلك يقتصر البعض على تعريف اإلدارة وتحديد نشاطها عن طريق استبعاد بعض المهام التي‬
‫ال تدخل في مهامها المرتبطة بالقانون اإلداري‪ ،‬والتي تكون من اختصاص سلطات قضائية‬
‫‪3‬‬
‫وتشريعية أو من اختصاص السلطة التنفيذية عندما تقوم بمهام غير إدارية‪.‬‬
‫تقوم الدولة الحديثة على التمييز بين سلطات ثالث هي‪ :‬التشريعية والتنفيذية والقضائية‬
‫ولكل منها وظيفتها‪ ،‬واذا كان من السهل توضيح الفوارق موضع الحدود بين اختصاص كل من‬
‫السلطة التشريعية والقضائية وتمييزها عن النشاطات اإلدارية‪ ،‬فإن الصعوبة تكمن في تحديد‬
‫طبيعة األعمال اإلدارية عن غيرها من األعمال التي تقوم بها السلطة التنفيذية وبالتالي معرفة‬
‫الحدود الفاصلة بين مهمة <<الحكم>> ومهمة <<اإلدارة>>الموكولة لها‪.‬‬
‫فالسلطة التنفيذية المركزية المتمثلة في رئيس الدولة والوزراء‪ ،‬تقوم بنشاطات متباينة منها‬
‫ما هو ذو طابع إداري ويخضع بالتالي ألحكام وقواعد القانون اإلداري‪ ،‬ومنها ما هو غير إداري‬
‫ويخضع لقواعد وأحكام أخرى‪ ،‬وعلى الخصوص القانون الدستوري‪ ،‬ولهذا يميز الفقه بين األعمال‬
‫الحكومية واألعمال اإلدارية‪ ،‬ففي الوقت الذي تخضع فيه هذه األخيرة للقانون اإلداري تخضع‬
‫األعمال الحكومية للقانون الدستوري أو القانون الدولي العام أحيانا‪.‬‬
‫وتبعا لذلك يمكن القول أن القانون اإلداري ما هو إال امتداد للقانون الدستوري‪ ،‬ويقصد به‬
‫ذلك الفرع من القانون العام الداخلي الذي يشمل تنظيم ونشاط ما يسمى عادة باإلدارة‪ ،‬أي‬
‫مجموع السلطات واألعوان واألجهزة الموكول إليها بدافع من السلطة السياسة القيام بالتدخالت‬
‫‪1‬‬
‫الكثيرة الملقاة على عاتق الدولة الحديثة‪.‬‬
‫فالقانون اإلداري يعرف إذن مظهرين أساسيين‪ :‬أحدهما يتعلق بهياكل اإلدارة واآلخر‬
‫بمهامها ووسائل عملها والمراقبة التي تثقل كاهلها‪ ،‬وبعبارة أدق العالقات التي تربط مصالح‬
‫‪2‬‬
‫الدولة بالخواص‪.‬‬

‫‪ –2‬عبد الرحمان البكريوي‪ :‬الوجيز في القانون اإلداري المغربي بدون ذكر دار النشر الطبعة األولى ‪ 1995‬ص‪.12:‬‬
‫‪ –3‬عبد القادر باينة‪ :‬مدخل عام لدراسة القانون اإلداري‪ .‬م‪ .‬س‪ .‬ص‪.23:‬‬
‫‪ –1‬هذا التعريف ورد في كتاب إدريس البصري وآخرون‪ :‬القانون اإلداري‪ .‬المطبعة الملكية‪ .‬الطبعة األولى‪ 1988 ،‬ص‪.5 :‬‬
‫‪ –2‬نفس المرجع السابق الذكر‪ .‬ص‪.5:‬‬

‫‪4‬‬
‫من خالل تعريف كل من القانون اإلداري واإلدارة يتبين لنا أهمية قواعد القانون اإلداري‬
‫في تنظيم اإلدارة‪ ،‬إال أن هذا االرتباط ال يشمل إال جزءا من الظاهرة اإلدارية‪ .‬فالقانون اإلداري‬
‫هو ببساطة قانون اإلدارة‪ ،‬وهذا صحيح لكن في جزء منه فقط‪ .‬ألنه إذا كان القانون اإلداري هو‬
‫قانون اإلدارة‪ ،‬فليس هو القانون الوحيد الذي يحكم اإلدارة‪ ،‬كما أنه ال يعتبر قانون اإلدارة وحدها‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬القانون اإلداري – قانون اإلدارة‪.‬‬
‫تخضع اإلدارة لقانون خصوصي وال يجري عليها القانون العادي‪ ،‬فلماذا هذه الخاصية‬
‫وكيف تتمظهر؟‬
‫الفرع األول‪:‬لماذا قانون خاص لإلدارة؟‬
‫اإلدارة ما هي إال امتداد للسلطة السياسية‪ ،‬إنها أداة الحكومة ومجموع الوسائل التي‬
‫تمكنها من تنفيذ ق ارراتها‪ .‬وبما أنها كذلك فعلى اإلدارة أن تتعالى عن مصالح الخواص وأن‬
‫تستفيد من امتيازات ليس فقط باعتبارها إدارة‪ ،‬ولكن ألنها تخدم الصالح العام‪ .‬إال أن هذا الوضع‬
‫ال يتناسب مع أنظمة قانونية أخرى‪ .‬فإذا كان القانون الخاص يقوم على أساس المساواة فإن‬
‫القانون العام‪ ،‬والقانون اإلداري بصفة خاصة‪ ،‬يقوم على الالمساواة‪ .‬وهو ما ال نجده في بلدان‬
‫تتنكر‪ ،‬ولو نظريا‪ ،‬لوجود قانون إداري مستقل‪ .‬لكن في مقابل االعتراف بوجود االمتيازات‬
‫الم ذكورة‪ ،‬إذ أن الفرق يكمن في غياب قواعد تمييزية واضحة يخضع لها الجميع بما فيه اإلدارة‪،‬‬
‫في ظل القانون العام » ‪ « commun low‬كما هو األمر بالنسبة للنظام القانوني األنجلو‬
‫ساكسوني‪ .‬إال أن النظام القانوني المغربي كان أكثر تأث ار بالنموذج الفرنسي الذي يسلم بعدم‬
‫خضوع اإلدارة لقانون موحد ولكن لقواعد متميزة عن تلك التي تؤطر العالقات الخاصة ماعدا إذا‬
‫قبلت اإلدارة ذلك‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬كيف تترجم خصوصية هذا القانون؟‬
‫يتجلى هذا القانون بكل وضوح في وجود االمتيازات المخولة لإلدارة التي تتمتع بسلطة‬
‫األمر والقيادة ‪،1‬أو كما يعرف مثال في العقود اإلدارية بالشروط غير المألوفة في القانون‬
‫الخاص‪ .‬بحيث تتخذ مقررات قابلة للتنفيذ تلزم الخواص‪ ،‬ويجوز لها تنفيذ مقرراتها دون طلب‬
‫إذن سابق من قاض‪ ،‬ويلزم الخواص باالمتثال وال يمكنهم تقديم أي طعن إال بعد التنفيذ‪ .‬ومقابل‬
‫ذلك تفرض على اإلدارة التزامات عليها احترامها اتجاه المواطنين وتسأل عن األضرار الناتجة‬
‫عن سوء تصرفاتها نتيجة أخطائها أو بمجرد وجود مخاطر‪ ،‬وتخضع امتيازاتها تلك الحترام مبدأ‬
‫الشرعية الذي يمكن من جراء المس به‪ ،‬التقدم بدعوى اإللغاء من أجل الشطط في استعمال‬
‫‪2‬‬
‫السلطة ومساءلة اإلدارة أمام القضاء‬

‫‪1‬‬
‫‪– M. ROUSSET, J.GARAGNON : Droit administratif Marocain 6èmeédition La porte, 2003 P :14 .‬‬
‫‪ –2‬عبد القادر باينة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.27 :‬‬

‫‪5‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬القانون اإلداري ليس كل قانون اإلدارة‪.‬‬
‫ال تخضع كل أنشطة اإلدارة للقانون اإلداري فاإلدارة تخضع أحيانا للقانون الخاص‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬لمادا ال تخضع اإلدارة في بعض األحيان للقانون اإلداري؟‬
‫إن كانت اإلدارة في أهم نشاطاتها تخضع وتلجأ إلى أحكام القانون اإلداري‪ ،‬فليس هذا األخير‬
‫هو القانون الوحيد الذي تعتمده‪ .‬فقد تلجأ إلى قواعد القانون الخاص‪ ،‬عندما تنزل منزلة الخواص‬
‫وتقوم بنفس األعمال التي يقومون بها‪ 3.‬فاإلدارة عندما تريد القيام بشراء أو بيع قصد تلبية‬
‫الحاجات العادية لمصالحها ال تلجأ إلى اإلجراءات المعقدة التي يفرضها القانون اإلداري‪4 ،‬كأن‬
‫توجر ممتلكاتها الخاصة من أجل الحصول على أرباح مادية أو عندما تقوم بتسيير مرافق ذات‬
‫طابع تجاري أو صناعي‪ ،‬وبما أن اإلدارة ال تكون حينئذ في حاجة إلى هذه االمتيازات فإنه ال‬
‫‪4‬‬
‫داعي كذلك ألن تفرض عليها المراقبة الالزمة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬متى ال يطبق القانون اإلداري على اإلدارة؟‬
‫تنفلت اإلدارة من الخضوع لقواعد القانون اإلداري عندما تلجأ إلى قواعد القانون الخاص‬
‫وبشكل أساسي إلى القانون المدني‪ .‬إذ أن اإلدارة في هذه الحالة تستعمل تقنية التعاقد وفق أحكام‬
‫القانون المدني مما يمكنها من تجنب المراقبة واإلجراءات الشكلية المعقدة‪ ،‬وبالتالي تراقب كغيرها‬
‫من المتعاملين العاديين (األفراد)‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬ليس القانون اإلداري قانون اإلدارة وحدها‪.‬‬
‫ال يطبق القانون اإلداري على اإلدارة وحدها‪ .‬إذ أن القانون اإلداري يمتد تطبيقه إلى‬
‫الخواص كلما استعانت بهم اإلدارة في تنفيذ المهام الموكولة لها في إطار المصلحة العامة‪،‬‬
‫لكونهم يستفيدون من مجموعة من االمتيازات أثناء قيامهم بالمأموريات العادية لإلدارة‪ ،‬وبانتقال‬
‫االمتيازات تنتقل كذلك الشكليات وأعمال المراقبة‪ .‬ويخضع الخواص في نشاطهم هذا للقانون‬
‫اإلداري‪ ،‬كنزع الملكية للمنفعة العامة بالنسبة لصاحب االمتياز الموكول إليه تسيير مرفق‬
‫عمومي‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬عالقة القانون اإلداري بالقوانين األخرى‪.‬‬
‫يعد القانون اإلداري فرعا من فروع القانون العام‪ ،‬لهذا فمن الطبيعي أن تكون له عالقات‬
‫تتدرج بين القوة والضعف بين سائر فروع القانون العام والخاص‪ ،‬إال أن هذا ال يمنع من تميزه‬
‫عن الفرعين ببعض المميزات التي تعطيه طابعه المستقل‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬عالقة القانون اإلداري بمختلف فروع القانون العام‪.‬‬

‫‪ –3‬عبد القادر باينة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.27 :‬‬


‫‪4‬‬
‫‪– M. ROUSSET, J. GARAGNON : op .cit p : 15‬‬
‫‪ –4‬إدريس البصري وآخرون‪ :‬القانون اإلداري‪ .‬م‪.‬س‪ .‬ص‪7:‬‬

‫‪6‬‬
‫إذا استثنينا القانون الدولي العام فكل فروع القانون العام الداخلي لها ارتباط بالقانون‬
‫اإلداري وان بدرجات متفاوتة‪ .‬وسنقتصر على القانون الدستوري والقانون المالي وعلم اإلدارة‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬عالقة القانون اإلداري بالقانون الدستوري‪.‬‬
‫إن العالقة بين القانون اإلداري والقانون الدستوري هي عالقة وطيدة‪ ،‬لكنها ال تمتد إلى أن‬
‫ينصهر األول في الثاني بل يحتفظ كل منهما باستقالليته وخصوصياته‪ .‬ونظ ار لهذا التداخل‬
‫يعتبر بعض الفقهاء أن القانون اإلداري مكمل للقانون الدستوري‪.5‬‬
‫فإذا كان القانون الدستوري يبين كيفية تكوين السلطات العامة في الدولة وعالقة هذه‬
‫السلطات بعضها ببعض‪ ،‬كما يبين حقوق األفراد وواجباتهم إزاء الدولة والسلطات العامة فيها‪،‬‬
‫فإن القانون اإلداري يتعرض لنشاط الدولة اإلداري‪ ،‬بمعنى أنه يتعرض للمرافق العامة التي تقوم‬
‫‪6‬‬
‫الدولة بإدارتها من حيث تنظيمها وكيفية تسييرها‪.‬‬
‫وبهذا يشترك كل من القانونين في تنظيم نشاط السلطة التنفيذية‪ ،‬إال أن كال منهما يتناولها‬
‫من جهة مختلفة‪ ،‬فالقانون الدستوري يرينا كيف شيدت األداة الحكومية‪ ،‬وكيف ركبت أجزاؤها‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫أما القانون اإلداري فيبين كيف تعمل تلك األداة وكيف يتحرك كل جزء من تلك األجزاء‪.‬‬

‫فنشاط السلطة التنفيذية السياسي‪ ،‬أو نشاطها في عالقاتها مع السلطة التشريعية‪ ،‬أو السلطة‬
‫القضائية يخضع للقانون الدستوري‪ ،‬إذ يرتكز القانون الدستوري على تنظيم السلطات العليا‬
‫بالبالد‪ ،‬واختصاصاتها‪ ،‬مثل اختصاصات رئيس الدولة والوزراء‪ ،‬في حين يهتم القانون اإلداري‬
‫ببعض االختصاصات وممارستها من قبل السلطات اإلدارية في مستويات أدنى‪ .‬وهذا االرتباط‬
‫هو انعكاس لتبعية اإلدارة للحكومة‪ ،‬كما ينص عليه الفصل‪ 89‬من دستور‪:2011‬‬

‫"تمارس الحكومة السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫تعمل الحكومة‪ ،‬تحت سلطة رئيسها‪ ،‬على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين‪.‬‬
‫واإلدارة موضوعة تحت تصرفها‪ ،‬كما تمارس اإلشراف والوصاية على المؤسسات والمقاوالت‬
‫العمومية‪." .‬‬

‫غير أن هذا االرتباط الكبير ال يمنع من اعتبارهما قانونين مستقلين ألن لكل منهما مجاله‬
‫الخاص‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬عالقة القانون اإلداري بالقانون المالي‪.‬‬

‫‪ –5‬عبد القادر باينة‪ :‬مدخل عام لدراسة القانون اإلداري‪ .‬م‪.‬س‪ .‬ص‪.30-29 :‬‬
‫‪ –6‬مليكة الصروخ‪ :‬القانون اإلداري‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة ‪ ،1996 ،3‬ص‪.46:‬‬
‫‪ –7‬محمد مرغني‪ :‬المبادئ العامة للقانون المغربي‪ .‬مرجع سابق ذكره‪ ،‬ص‪.26 :‬‬

‫‪7‬‬
‫يختص علم المالية العامة والقوانين المالية بتنظيم النشاط المالي العام للدولة‪ ،‬المتمثل في‬
‫مختلف الوسائل التي تتوفر عليها السلطات العمومية للحصول على إيرادات مالية‪ ،‬وبالتالي‬
‫كيفية صرفها على أساس التوازن بين اإليرادات واإلنفاقات‪ 8،‬وبذلك فإن علم المالية العامة يشارك‬
‫القانون اإلداري في تنظيم جزء هام من نشاط اإلدارة بل الدولة‪ .‬لذا فإن فصلهما عن بعضهما‬
‫يبدو أم ار صعبا خاصة وأن دراسة الموارد الطبيعية (أي أمالك الدولة العامة) تدخل في نطاق‬
‫القانون اإلداري‪ .‬أما دراسة الموارد النقدية (كالضرائب والرسوم)‪ ،‬فتدخل في نطاق المالية العامة‪،‬‬
‫‪9‬كما أن اإلدارة ال يمكنها أن تقوم بتلبية الحاجيات العامة دون إمكانية مالية‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬عالقة القانون اإلداري بالعلوم اإلدارية‪.‬‬
‫يعتبر علم اإلدارة العامة من العلوم الحديثة النشأة‪ ،‬وان كان يشترك مع القانون اإلداري في‬
‫هذه الصفة فهو أحدث نشأة من هذا األخير‪.‬فهو يهتم أساسا بدراسة اإلدارة العامة والوسائل‬
‫الخاصة التي تقوم عليها‪ ،‬وفي نفس الوقت يدرس الوسائل المادية والفنية لتؤدي اإلدارة مهامها‬
‫‪10‬‬
‫في أحسن الظروف وبأكثر فعالية وبأقل التكاليف ولتحصل على أحسن مردودية‪.‬‬
‫وقد أصبحت ضرورة دراسة اإلدارة العامة من الناحيتين العملية والقانونية مسلم بها‪ ،‬سواء‬
‫في الدول األوربية أو الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وذلك بعد أن ظلت هذه الدراسة في فرنسا إلى‬
‫عهد قريب مركزة على الوجهة القانونية‪ .‬بينما اقتصر اهتمام العلماء في الدول األنجلوساكسونية‬
‫‪11‬‬
‫ولهذا فإن كان االرتباط أساسا في‬ ‫على دراسة فعالية ومدى إنتاجية عمل ونشاط اإلدارة‬
‫الميادين التي يهتم بها كل من القانون اإلداري وعلم اإلدارة‪ ،‬فاألول يحدد القواعد القانونية التي‬
‫يجب احترامها‪ ،‬وبالتالي تحديد مظاهر وقواعد الشرعية التي يجب احترامها من قبل اإلدارة‪ .‬أما‬
‫علم اإلدارة العامة فيغلب عليه الطابع التجريبي والعملي‪ ،‬الذي يمكن أن يكون أكثر فعالية من‬
‫‪12‬‬
‫االلتزام بالقواعد القانونية التي قد تكون عرقلة في وجه هذه الفعالية‪.‬‬
‫ومن هنا نرى أن العلوم اإلدارية والقانون اإلداري يكونان معا جوهر الدراسات القانونية‬
‫ويكمل أحدهما اآلخر‪ .‬ألن اإلدارة تعمل على تحقيق المصلحة العامة‪ .‬لذلك وجب عليها‪ ،‬لحسن‬
‫تأدية وظيفتها‪ ،‬أن تستعمل أكثر الطرق فعالية لتحقيق تلك المصلحة على أحسن وجه وبأقل‬
‫تكلفة‪ ،‬وهذا هو موضوع العلوم اإلدارية‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن اإلدارة ينبغي أال تتعسف في‬
‫استخدام سلطتها أو تقيد حريات األفراد إال في الحدود الالزمة فعال لتحقيق المصلحة العامة‪.‬‬
‫وهذا هو الجانب األهم في القانون اإلداري الذي يمكن أن يتولى باإلضافة إلى ذلك صياغة‬

‫‪ –8‬عبد القادر باينة‪ :‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.32 :‬‬


‫‪ –9‬مليكة الصروخ‪ :‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.47:‬‬
‫‪ –10‬عبد القادر باينة‪ :‬نفس المرجع‪ .‬ص‪.33 :‬‬
‫‪ –11‬خطابي مصطفى‪ :‬القانون اإلداري والعلوم اإلدارية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ .‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1999 ،‬ص‪.23:‬‬
‫‪ –12‬عبد القادر باينة‪ :‬نفس المرجع‪ .‬ص‪.33 :‬‬

‫‪8‬‬
‫مبادئ علم اإلدارة وترجمتها في قواعد قانونية ملزمة‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ :‬مسألة معرفة هل من‬
‫الالئق إعطاء سلطة التقرير لرئيس مصلحة يوجد بالعاصمة أو إلى ممثليه المحليين ليست‬
‫بمسألة قانونية بل تدخل في إطار التقنية ‪ technique‬والسياسة اإلداريتين‪ .‬وكذلك األمر فيما‬
‫يتعلق بالبحث عن أحسن الطرق لتقسيم التراب الوطني قصد إنشاء وارساء المرافق العامة‪ .‬وهكذا‬
‫‪13‬‬
‫فعندما يقع تبني الحل المناسب‪ ،‬يمكن ترجمته في نص قانوني فيكتسب آنذاك قوة قانونية‪.‬‬
‫إذا كانت السمة الغالبة التي تطبع عالقة القانون اإلداري بفروع القانون العام هي االرتباط‬
‫الكبير والتداخل فإن عالقته بمختلف فروع القانون الخاص يطبعها التباين‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬عالقة القانون اإلداري بالقانون الخاص‪.‬‬
‫إن العالقة بين القانون اإلداري والقانون الخاص يطبعها التباين نظ ار لطبيعة القواعد التي‬
‫يتضمنها كال القانونين‪ .‬فإذا كان القانون الخاص يرتكز أساسا على مبدأ المساواة في التصرفات‬
‫فإن القانون اإلداري يضع اإلدارة موضعا متمي از بالنسبة لألفراد والخواص كافة من خالل‬
‫االمتيازات التي تتمتع بها اإلدارة وينظمها القانون اإلداري بحيث ال نجد لها مثيال في القانون‬
‫الخ اص‪ .‬فاإلدارة يمكنها أن تصدر ق اررات فردية ملزمة لألفراد قد تؤثر على حريتهم أو وضعيتهم‬
‫المادية‪ ،‬وأن تبرم العقود مع الخواص وتفرض شروطا غير مألوفة في العقود المتداولة بين‬
‫الخواص وتنفذ ق ارراتها دون اللجوء إلى القضاء وتنزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة وال يمكن‬
‫الحجز على أموالها‪.‬‬
‫واذا كانت امتيازات اإلدارة تلزم فرض أحكام متميزة عن القانون الخاص بصفة عامة فإن‬
‫هذا يظهر أكثر عندما نستعرض عالقة القانون اإلداري بفروع القانون الخاص كل على حدة‬
‫وخاصة بالقانون المدني‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬القانون اإلداري والقانون المدني‪.‬‬
‫حين يتعرض الفقه للمقارنة بين القانون الخاص والقانون العام يرتكز أساسا على القانون‬
‫اإلداري والقانون المدني‪ ،‬فقد كان القانون المدني إلى ما بعد منتصف القرن ‪ 19‬المرجع األول‬
‫للروابط القانونية التي تنشأ بين اإلدارة واألفراد في كل ما لم يصدر عنها بوصفها صاحبة‬
‫السيادة‪ ،‬ذلك أنها ال تسأل أمام القضاء عن أفعالها الضارة وغير المشروعة إذا صدرت عنها‬
‫بوصفها صاحبة السلطة‪ ،‬أما إذا صدرت منها بوصفها فردا عاديا فإنها تخضع للمساءلة وتطبق‬
‫عليها قواعد القانون المدني‪ .‬ولكن لما تقررت مسؤولية الدولة عن جميع أعمالها الضارة‪،‬‬
‫أصبحت مبادئ القانون المدني ال تتفق في كثير من األحيان مع مقتضيات سير المرافق العامة‬
‫وضرورة سيرها بانتظام واضطراد‪ .‬إذ أن هذه القواعد قد وضعت لتنظيم العالقات الخاصة‬

‫‪ –13‬المصطفى خطابي‪ :‬القانون اإلداري والعلوم اإلدارية‪ .‬مرجع سابق ذكره‪ ،‬ص‪.24-23 :‬‬

‫‪9‬‬
‫الفردية‪ ،‬القائمة على المساواة بين أطراف العالقة‪ .‬ومن ثمة فقد باتت ال تصلح لتنظيم العالقات‬
‫التي تكون السلطة العامة طرفا فيها عندما تتصرف باعتبارها حامية للمصلحة العامة‪ .‬وتبعا لذلك‬
‫أخذ القانون اإلداري ينفصل تدريجيا عن قواعد القانون المدني ويستقل بنظرياته ومبادئه الخاصة‪.‬‬
‫وان كانت تلك النظريات مستمدة أصال من القانون المدني مع تعديلها بما يتطلبه القانون العام‬
‫من تحويرات‪ 1.‬غير أنه بالرغم من االستقالل المتبادل بين القانون اإلداري والقانون المدني فهناك‬
‫نوع من الصالت بينهما ألن استقالل األول عن الثاني ليس مطلقا إذ ال تزال تقوم بينهما عالقات‬
‫تداخل مستمرة جعلت القانون اإلداري كما يقال همزة الوصل بين القانون العام والقانون الخاص‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫تبدو مظاهر التقارب بين القانونين اإلداري والمدني فقط في الدول التي تتبنى ازدواجية‬
‫القانون‪.‬فاإلدارة تلجأ إلى قواعد القانون الخاص قصد توجيه االقتصاد أو تسيير مرافق عمومية‬
‫تجارية وصناعية‪ .‬كما نجد العديد من المبادئ العامة يتبناها القانون اإلداري أيضا في القانون‬
‫المدني مثل فكرة الحق‪ ،‬القوة القاهرة‪ ،‬نظرية العقد‪ ،‬نظرية الظروف الطارئة‪ ،‬وجوب تنفيذ‬
‫االلتزامات التعاقدية بحسن نية‪.‬‬
‫كذلك يشمل القانون اإلداري على كثير من المواضيع نجد أصلها في القانون المدني‪،‬‬
‫لكنها تأخذ مفاهيم جديدة تختلف عن المفاهيم التي يعرفها القانون المدني نظ ار لطبيعة كل من‬
‫القانونين‪ .‬لتأخذ حلة جديدة وبشروط مغايرة أحيانا‪ ،‬من بين ذلك نذكر على الخصوص العقود‪،‬‬
‫المسؤولية التقصيرية‪ ،‬الوصاية‪ 14،‬األموال العمومية والموظفين‪...‬الخ‪.‬‬
‫واضافة إلى ما سبق نجد اإلدارة أحيانا تطبق قواعد القانون الخاص‪ ،‬المدنية والتجارية‬
‫واالجتماعية في تعامالتها‪ ،‬كما هو الشأن في تسييرها للمرافق التجارية والصناعية‪ .‬أو قيامها‬
‫بالتزود من السوق دون اعتماد أساليب الصفقات العمومية‪.‬‬
‫والقضاء اإلداري يطبق قواعد المسطرة المدنية على المنازعات اإلدارية‪ ،‬وحتى عند وجود‬
‫مسطرة إدارية خاصة‪ ،‬فإن مبادئها تكون مستوحاة من المسطرة المدنية‪.‬‬
‫وبالمقابل يالحظ غزو القانون اإلداري لبعض معاقل القانون الخاص‪ ،‬فبعض االهيئات‬
‫الخاصة (جمعيات‪ ،‬شركات‪ ،‬نقابات وأشخاص عاديين)‪ ،‬تمارس نشاطا إداريا عندما تساهم في‬
‫تسيير مرافق عمومية‪ ،‬ومن أمثلة ذلك ملتزمو المرافق العمومية ‪ concessionnaire‬والنقابات‬
‫المهنية (المحاماة ‪ /‬الطب) والجمعيات الرياضية (الجامعة الملكية لكرة القدم وغيرها)‪ .‬هذه‬

‫‪ –1‬مليكة الصروخ‪ :‬القانون اإلداري‪ :‬دراسة مقارنة‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.49:‬‬


‫‪ –2‬عبد الرحمان البكريوي‪ :‬الوجيز في القانون اإلداري المغربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.19:‬‬
‫‪ –14‬عبد القادر باينة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.39-38 :‬‬

‫‪10‬‬
‫األشخاص الخاصة تخولها الدولة حق التصرف كسلطة عامة‪ ،‬وتطبق قواعد القانون اإلداري‬
‫‪15‬‬
‫على هذه التصرفات‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬القانون اإلداري والقانون الجنائي‪.‬‬
‫إذا كان القانون الجنائي هو مجموعة القواعد القانونية التي تحدد األفعال المجرمة وتبين‬
‫عقوبتها‪ ،‬فمضمون هذا القانون يجعله في خدمة القانون اإلداري من خالل الحماية التي يضمنها‬
‫لألموال ‪16‬العامة وللموظفين العموميين‪ ،‬نظ ار لطبيعة المهمة العامة للمكلفين بها ويفرض عقوبات‬
‫على الغير الذي يهين الموظف أو يعتدي عليه‪ .‬ومقابل هذه الحماية فالموظف يتعرض لعقوبات‬
‫مشددة إذا ما استغل الظروف المتوفرة له أو غير ذلك من الجرائم التي قد يرتكبها أثناء أو بسبب‬
‫ممارسة وظيفته‪ .‬والقانون الجنائي هو الذي يحدد تلك العقوبات ويشددها مؤكدا بذلك خطورة‬
‫المهام المسندة إلى الموظف العمومي‪ ،‬وبالتالي يساعد بذلك القانون اإلداري على حسن سير‬
‫اإلدارة ودفع القائمين عليها إلى تجنب كل ما من شأنه أن يخل بهذا السير‪.‬‬
‫ويخدم القانون اإلداري القانون الجنائي بالعمل على تنفيذ اإلجراءات والعقوبات التي يقرها‬
‫هذا ا ألخير‪ .‬فعدم التنفيذ أو البطء فيه يجعل تلك العقوبات بدون جدوى‪ ،‬وتقاعس اإلدارة في‬
‫التنفيذ يعد عمال غير شرعي تتحمل مسؤولية سلبياته‪ .‬كما أن كال القانونين قد يقرر فرض‬
‫عقوبات على نفس الجرائم‪ .‬فالجرائم التي يرتكبها الموظفون داخل اإلدارة أو بسبب اإلدارة تترتب‬
‫عنها في نفس الوقت عقوبات جنائية يحددها القانون الجنائي وعقوبات تأديبية يقررها القانون‬
‫اإلداري‪ .‬وال يخل هذا بالمبدأ المعروف "عقوبة واحدة لجرم واحد"‪ .‬بل إن العقوبات الجنائية يمكن‬
‫‪17‬‬
‫أن تكون سببا في حرمان المعاقبين من تولي الوظائف العامة أو االستمرار فيها‪.‬‬
‫وقد يختلف القانونان في تعريفهما لقضايا معينة نظ ار لطبيعة المبادئ واألسس التي يرتكز‬
‫عليها كال القانونين مثل تعريف الموظف العمومي كما تختلف الجريمة التأديبية عن الجريمة‬
‫‪18‬‬
‫إال هذه االختالفات دليل على استقالل القانونين‪ ،‬وال يمنع من‬ ‫الجنائية من بعض الزوايا‪،‬‬
‫العالقات الوثيقة بينهما‪.‬‬
‫هذا وقد يكون للقانون اإلداري صالت أخرى بكثير من فروع القانون األخرى مثل القانون‬
‫الدولي العام أو القانون الدولي الخاص (كما يحدث في دعاوى الجنسية أو إقامة األجانب مثال)‬
‫وأيضا بعلوم أخرى مثل علم السياسة واالقتصاد‪...‬الخ‪.19‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬مصادر القانون اإلداري‪.‬‬

‫‪ –15‬أحمد البخاري‪ :‬القانون اإلداري العملي‪ ،‬الجزء األول الطبعة الثانية‪ ،2004،‬ص‪.29:‬‬
‫‪ –16‬محمد مرغني‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.19 :‬‬
‫‪ –17‬عبد القادر باينة‪ :‬نفس المرجع السابق ذكره‪ ،‬ص‪.45:‬‬
‫‪ –18‬للمزيد من التفصيل في هذه النقطة أنظر‪ :‬محمد مرغني مرجع سابق ذكره‪ ،‬ص‪.35:‬‬
‫‪ –19‬أنظر‪ :‬محمد مرغني‪ :‬مرجع سابق ذكره‪ ،‬ص‪.35:‬‬

‫‪11‬‬
‫ال تختلف مصادر القانون اإلداري في جوهرها عن المصادر المشتركة لكل فروع القانون‬
‫بغض النظر عن اختالف فروعه‪ ،‬ولكن أهمية هذه المصادر بالنسبة للقانون اإلداري تبرز‬
‫خاصة من الدرجة التي يحتلها كل مصدر منها‪ ،‬والتي تؤكد جانبا من مظاهر استقالل القانون‬
‫اإلداري‪ ،‬وتتدرج هذه المصادر من حيث القوة ويمكن استعراضها على أساس أن نميز بين‬
‫المصادر المكتوبة (أ) والمصادر غير المكتوبة(ب)‪ .‬ولإلشارة فهناك من يصنفها إلى مصادر‬
‫رسمية (التشريع‪ ،‬العرف) ومصادر غير رسمية أو مصادر تفسيرية غير ملزمة تقتصر على‬
‫تفسير القواعد القانونية (القضاء – الفقه)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المصادر المكتوبة‪.‬‬
‫إذا كان القانون اإلداري طبقا لخصائصه قانونا غير مدون‪ ،‬فغياب التدوين ال يعني أن‬
‫المصادر التي يعتمد عليها غير مقننة‪ ،‬بل إن قواعده نجدها متفرقة في العديد من المصادر‬
‫المكتوبة نذكرها تباعا‪ :‬الشريعة اإلسالمية‪ ،‬الدستور‪ ،‬القوانين التنظيمية‪ ،‬المعاهدات الدولية‪،‬‬
‫التشريع (القانون العادي)‪ ،‬والق اررات التنظيمية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫تعد الشريعة اإلسالمية المصدر األساسي لكل القوانين الوضعية‪ ،‬إذ إضافة إلى أصولها‬
‫ومبادئها فالحضارة اإلسالمية ساهمت في تطوير كثير من مبادئ ونظريات القانون اإلداري‬
‫وتطبيقاته سواء في تسيير اإلدارة أو ما كان يعرف بالدواوين‪ .‬أو تعزيز جانب من القضاء‬
‫اإلداري الذي كان يعرف "بقضاء المظالم"‪ ،‬إذ كان يتتبع تصرف الوالة ويراقبهم حتى يبقوا مهتدين‬
‫بهدي الشريعة اإلسالمية وأحكامها الحقيقية السمحاء‪.20‬‬
‫فإذا كانت الدولة المخزنية تخضع في جميع معامالتها لقواعد الشريعة اإلسالمية‬
‫واألعراف‪ ،‬فتعرض المغرب لالستعمار أدى إلى انحصار مجال الشريعة اإلسالمية لفائدة القانون‬
‫الوضعي المقتبس من القانون الفرنسي‪ .‬إذ ال نكاد اليوم نجد مجاال قانونيا إال ويخضع‬
‫لمقتضيات القانون الذي طالما خضع لمبادئ الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫لقد شكلت قواعد الشريعة اإلسالمية أساسا مرجعيا للعديد من تدخالت المخزن‪ ،‬وكانت‬
‫مقتضياتها تحكم العديد من مظاهر اشتغال الدولة‪.‬‬
‫إال ان خضوع المغرب لسلطة الحماية أعاد التساؤل حول سريان قواعد الشريعة االسالمية‬
‫و تنظيمها لبعض تدخالت أجهزة الدولة العصرية‪ .‬إذ لم تكن مظاهر االستعمار لتشمل فقط‬
‫الجوانب السياسية واالدارية واالقتصادية بل امتدت كذلك لتشمل القواعد المنظمة للمعامالت‬
‫االجتماعية‪ ،‬وأصبح المجال العام مقتسما بين القوانين الوضعية (القانون اإلداري والمدني‪،‬‬

‫‪ –20‬عبد القادر باينة‪ :‬مرجع سابق ذكره‪ ،‬ص ‪.53:‬‬

‫‪12‬‬
‫الجنائي وغيرهما‪ )...‬وقواعد الشريعة االسالمية التي انحصر مجال تطبيقها ليشمل قواعد‬
‫األحوال الشخصية واالسرة‪.‬‬
‫إذ بالرغم من تأكيد جميع الدساتير المغربية في ديباجتها على أن " المملكة المغربية دولة‬
‫إسالمية‪ "...‬فالواقع القانوني اإلداري يثبت غزو القانون الوضعي لجميع المجاالت بما فيها تلك‬
‫التي كانت مؤطرة بقواعد الشريعة اإلسالمية‪ .‬غير أن دلك الينفي القول على أن القانون اإلداري‬
‫مازال في حاجة إلى مجموعة من األحكام والمبادئ المعروفة في الشريعة اإلسالمية لضمان‬
‫حسن سير اإلدارة والمرافق اإلداري‪ ،‬وان كان ممكن القول بأن أزمة اإلدارة هي أزمة أخالقية‪-‬‬
‫روحية في العديد من مظاهرها ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الدستور والقوانين التنظيمية‪.‬‬
‫سبق أن أشرنا بأن القانون اإلداري ما هو إال امتداد للقانون الدستوري‪ .‬إذ يعد الدستور‬
‫القانون األسمى للدولة وبالتالي فكل القوانين األخرى ومن بينها القانون اإلداري ال يمكن‬
‫أن تخرج عن أحكامه‪ ،‬كما أن الدستور يضم أغلب المبادئ واألحكام الخاصة بالقانون‬
‫اإلداري‪ ،‬كما هو األمر بالنسبة للفصول المنظمة للجماعات الترابية وممارسة السلطة‬
‫التنظيمية من طرف رئيس الحكومة‪ ،‬وامكانية تفويض اختصاصه للوزراء والمساواة في‬
‫تقليد الوظائف العمومية‪...‬‬

‫كما سبق ذكره ‪ ،‬إن دستور فاتح يوليوز ‪ 2011‬تضمن العديد من المقتضيات ذات‬
‫الصلة بالقانون اإلداري‪ .‬وهكذا تضمن الفصل األول منه تحديد التنظيم الترابي للمملكة "الذي يعد‬
‫تنظيما ال مركزيا يقوم على الجهوية المتقدمة"‪ ،‬وتضمن الفصل ‪ 75‬من الدستور التأكيد على حق‬
‫االضراب باعتباره حقا مضمونا‪.‬‬
‫وفي مجال التعيين في اإلدارة العمومية حدد الفصل ‪ 49‬من الدستور حق الملك في‬
‫التعيين في الوظائف السامية التالية باقتراح من رئيس الحكومة وبمبادرة من الوزير المعني‪:‬‬
‫‒ والي بنك المغرب؛‬
‫‒ الوزراء والوالة والعمال؛‬
‫‒ المسؤولين عن اإلدارة المكلفة باألمن الداخلي؛‬
‫‒ المسؤولين عن المؤسسات والمقاوالت العمومية االستراتيجية؛‬

‫وأسند الدستور لقانون تنظيمي مهمة تحديد الئحة هذه المؤسسات والمقاوالت االستراتيجية‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫في حين حدد الفصل ‪ 71‬من الدستور عدة ميادين ذات الطبيعة اإلدارية التي يجب أن يتم‬
‫التشريع فيها من قبل البرلمان ‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‒ النظام األساسي العام للوظيفة العمومية؛‬
‫‒ الضمانات األساسية الممنوحة للموظفين المدنيين والعسكريين؛‬
‫‒ نظام مصالح وقوات حفظ األمن؛‬
‫‒ نظام الجماعات الترابية ومبادئ تحديد دوائرها الترابية؛‬
‫‒ النظام االنتخابي للجماعات الترابية ومبادئ تقطيع الدوائر االنتخابية؛‬
‫‒ النظام الضريبي ووعاء الضرائب ومقدار طرق تحصيلها؛‬
‫‒ نظام الجمارك؛‬
‫‒ التعمير واعداد التراب؛‬
‫‒ إحداث المؤسسات العمومية وكل شخص اعتباري من أشخاص القانون العام؛‬
‫‒ تأميم المنشآت ونظام الخصوصة‪.‬‬
‫واضافة إلى هده المجاالت تنضاف مشموالت أخلرى تم تحديدها في نصوص متفرقة‬
‫أخرى في الوثيقة الدستورية‪.‬‬

‫وخصص الباب الخامس منه للسلطة التنفيذية‪ ،‬إذ حدد مدلول الحكومة في الفصل الثامن‬
‫و السبعين الذي حدد تركيبة الحكومة في كل من رئيس الحكومة والوزراء ويمكن أن تضم كتابا‬
‫للدولة‪.‬‬
‫فيما أسند الفصل التاسع و الثمانون للحكومة مهمة ممارسة السلطة التنفيذية‪ ،‬ولرئيس‬
‫الحكومة السلطة التنظيمية والدي له أن يفوض بعضا منها إلى الوزراء‪.‬‬
‫كما حدد الدستور اختصاص رئيس الحكومة في مجال التعيين في الوظائف المدنية في‬
‫االدارة العمومية (الفصل ‪ )91‬مع إمكانية تفوض هذه السلطة‪.‬‬
‫و حدد الفصل ‪ 92‬المجاالت التي تعرض على المجلس الحكومي و التي من بينها ‪:‬‬
‫مشاريع المراسيم التنظيمية؛‬
‫تعيين الكتاب العامين ومديري اإلدارات المركزية باإلدارة العمومية ورؤساء الجامعات‬
‫والعمداء ومديري المدارس والمؤسسات العليا‪.‬‬
‫و انتقل عدد الفصول المخصصة للجهات والجماعات الترابية األخرى‪ ،‬من ستة في‬
‫الدساتير السابقة ليصل إلى إحدى عشر فصال في الدستور الحالي‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ومن بين مستجدات الوثيقة الدستورية في المجاالت دات الصلة بالقانون اإلداري‪ ،‬ادراجها‬
‫للحكامة الجيدة ومبادئها وجعلها من ضمن مشموالتها‪ .‬اذ نص الفصل األول على أن النظام‬
‫الدستوري للمملكة يقوم على "مبادئ الحكامة الجيدة و ربط المسؤولية بالمحاسبة" ‪.‬‬
‫فيما حدد الفصل‪ 154‬المبادئ التي على أساسها يجب أن تنظم المرافق العمومية والتي‬
‫تتمثل في‪:‬‬
‫‒ المساواة بين المواطنين والمواطنات في الولوج إليها؛‬
‫‒ اإلنصاف في تغطية التراب الوطني؛‬
‫‒ االستم اررية في أداء الخدمات؛‬

‫كما حدد الفصل ‪ 154‬من الدستور المعايير التي يجب أن تخضع لها المرافق العمومية وهي‪:‬‬
‫‒ الجودة؛‬
‫‒ المحاسبة والمسؤولية؛‬
‫‒ الخضوع للمبادئ والقيم الديمقراطية في التسيير‪.‬‬

‫بجانب الدستور نجد القوانين التنظيمية والتي يعترف لها الدستور بهذه الصفة وتخضع‬
‫إلجراءات خاصة محددة في الدستور‪ ،‬وتأخذ مكانتها من حيث مسطرة إعدادها واقرارها‪ .‬فوفق‬
‫المعيار الشكلي تتميز القوانين التنظيمية‪ 21‬بأنها‪:‬‬
‫‪ -‬قواعد مكملة للوثيقة الدستورية؛‬
‫‪ -‬وجوب انصرام مدة عشرة أيام بين إيداعها والمداولة فيها؛‬
‫‪ -‬لزوم إقرار القوانين التنظيمية بمجلس المستشارين بصيغة موحدة؛‬
‫‪ -‬ضرورة عرضها على المحكمة الدستورية‪.‬‬
‫لقد تضمن الدستور الحالي مستجدات ترتبط بمجاالت ومساطر اعتماد القوانين‬
‫التنظيمية‪ ،‬اذ وسع من مجاالت ومشموالت القوانين التنظيمية لتشمل الميادين‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -‬مراحل تفعيل الطابع الرسمي لألمازيغية؛‬
‫‪ -‬مجلس وطني للغات والثقافة االمازيغية؛‬
‫‪ -‬اإلضراب ؛‬
‫‪ -‬األحزاب السياسية؛‬

‫مصطفى قلوش‪ :‬اإلطار القانوني والفقهي للقوانين التنظيمية‪ .‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،47‬دجنبر ‪ ،2002‬ص‪:‬‬
‫‪.1121‬‬

‫‪15‬‬
‫‒ حقوق فرق المعارضة (والذي ترك الدستور أمر تنظيمها حسب الحالة بموجب قوانين‬
‫تنظيمية أقوانين أو بمقتضى النظام الداخلي لكل مجلس من مجلسي البرلمان)؛‬
‫‒ الملتمسات في مجال التشريع؛‬
‫‒ العرائض المقدمة إلى السلطات العمومية؛‬
‫‒ مجلس الوصاية؛‬
‫‒ الئحة المؤسسات والمقاوالت العمومية االستراتيجية ؛‬
‫‒ مجلس النواب ؛‬
‫‒ مجلس المستشارين؛‬
‫‒ اللجان النيابية لتقصي الحقائق؛‬
‫‒ القانون التنظيمي للمالية؛‬
‫‒ تنظيم وتسيير أشغال الحكومة؛‬
‫‒ النظام األساسي للقضاة؛‬
‫‒ المجلس األعلى للسلطة القضائية؛‬
‫‒ إجراءات وشروط الدفع المتعلق بعدم دستورية قانون أمام المحكمة الدستورية ؛‬
‫‒ انتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية؛‬
‫‒ الجهات؛‬
‫مجالس العماالت واالقاليم؛‬ ‫‒‬
‫‒ الجماعات؛‬
‫‒ المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي؛‬

‫أما بخصوص المساطر المعتمدة في اعتماد والموافقة على مشاريع القوانين التنظيمية‪،‬‬
‫فيمكن التمييز بين مرحلتين ‪:‬‬
‫المرحلة الحكومية والتي يتم فيها إعداد مسودات هذه النصوص والقيام بالمشاورات الالزمة‬
‫لضمان أكبرمشاركة للفاعلين في صياغتها قبل عرضها على المجلس الحكومي والمجلس‬
‫الوزاري‪.‬‬
‫المرحلة البرلمانية والتي تتمثل في إحالة هذه المشاريع على مجلسي البرلمان من أجل‬
‫الدراسة والتصويت عليها‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫وبخصوص هذا النوع من النصوص القانونية‪ ،‬فعقب التصويت عليها يجب إحالتها على‬
‫المحكمة الدستورية للتأكد من مطابقتها ألحكام الدستور ليتم نشرها في الجريدة الرسمية‪.‬‬
‫ويمكن تحديد أهم مراحل هذه المسطرة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬التداول بشأنها في المجلس الوزاري (الفصل ‪ 49‬من الدستور)؛‬
‫‪ ‬االحالة باألسبقية على مجلس النواب؛‬
‫‪ ‬ال يتم التداول في شأنها من قبل مجلس النواب إال بعد مضي (عشرة أيام) على‬
‫وضعهالدى مكتبه ؛‬
‫‪ ‬تتم المصادقة عليها باألغلبية المطلقة لألعضاء الحاضرين بمجلس النواب‪ ،‬غير‬
‫أنه إذا تعلق األمر بمشروع قانون تنظيمي يخص مجلس المستشارين أو‬
‫الجماعات الترابية فإن التصويت يتم بأغلبية أعضاء مجلس النواب؛‬
‫‪ ‬يتم إقرار القوانين التنظيمية المتعلقة بمجلس المستشارين باتفاق بين مجلسي‬
‫البرلمان على نص موحد؛‬
‫‪ ‬ال يمكن إصدار األمر بتنفيذ القوانين التنظيمية إال بعد أن تصرح المحكمة‬
‫الدستورية بمطابقة أحكامها للدستور‪.‬‬

‫وقد أقر المجلس الدستوري منذ سنة ‪ 2011‬هذه المسطرة في جل مشاريع القوانين‬
‫التنظيمية المحالة عليه من أجل النظر في مطابقتها ألحكام الدستور‪.22‬‬
‫ونظ ار لكون الطبيعة التأسيسية للمرحلة الموالية لتنفيذ دستور فاتح يوليوز ‪ ،2011‬فقد‬
‫تضمنت الوثيقة الدستورية مقتضى ورد في الفصل ‪ 86‬منه ينص على أنه "تعرض مشاريع‬
‫مشاريع القوانين التنظيمية المنصوص عليها في هدا الدستور وجوبا قصد المصادقة عليها من‬
‫قبل البرلمان‪ ،‬في أجل اليتعدى مدة الوالية التشريعية األولى التي تلي صدور األمر بتنفيد هدا‬
‫الدستور"‪.‬‬
‫ولم تعرف هذه الفترة(الوالية التشريعية التاسعة) المصادقة على أي مقترح قانون تنظيمي‬
‫اللهم ما ارتبط بمقترح القانون التنظيمي المتعلق باللجان النيابية لتقصي الحقائق الذي تمت‬

‫‪ 22‬قرارات‬
‫رقم‪/961،15/955،15/950،15/943،14/941،14/854،14/862،12/821،12/821،11/820،11/818،11/817،11/11_:‬‬
‫‪،968‬وغيرها‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫إعادته الى لجنة العدل والتشريع وحقوق االنسان بمجلس النواب بعد أن تم عرضه على الجلسة‬
‫العامة بتاريخ‪.23‬‬
‫ومن المجاالت ذات الطبيعة اإلدارية التي تم تأطيرها بالقوانين التنظيمية يمكن اإلشارة‬
‫إلى‪:‬‬
‫‒ العرائض المقدمة إلى السلطات العمومية؛‬
‫‒ الئحة المؤسسات والمقاوالت العمومية االستراتيجية ؛‬
‫‒ القانون التنظيمي للمالية؛‬
‫حق اإلضراب؛‬ ‫‒‬
‫‒ تنظيم وتسيير أشغال الحكومة؛‬
‫الجهات؛‬ ‫‒‬
‫‒ العماالت واألقاليم؛‬
‫‒ الجماعات‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬المعاهدات الدولية‪.‬‬


‫على الرغم من كونها مصد اًر من مصادر القانون الدولي العام لكن أحيانا تتضمن أحكاما‬
‫مرتبطة بميادين القانون اإلداري كحقوق وحريات المواطنين التي تتضمنها المواثيق الدولية وتلزم‬
‫الدول تتطلب من اإلدارة احترامها وتوفير الشروط الضرورية والعملية لهذا االحترام من خالل‬
‫تنظيم ممارستها وضمان التمتع بها‪ .‬هناك أيضا بعض العقود اإلدارية نجد أصلها في‬
‫المعاهدات‪ :‬مثال العقود التي تبرمها الدولة مع الموظفين األجانب قد نجد أصلها في معاهدات‬
‫واتفاقات ثقافية أو تقنية بين الدول‪ ،‬وكذلك العقود التي تبرمها اإلدارة مع األجانب كالعقود‬
‫‪1‬‬
‫الخاصة بتسيير بعض المرافق العامة والعقود الخاصة بتوريد الخدمات أو المواد‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬التشريع (القانون العادي)‪.‬‬
‫ويقصد بالتشريع‪ ،‬في معناه الواسع كل القواعد الملزمة المتسمة بالعموم والتجريد بينما‬
‫يقصد به في معناه الضيق كل ما يصدره الجهاز التشريعي (البرلمان)‪ ،‬وقد توسع أيضا ليشمل‬
‫كل ما يصدر عن السلطة التنفيذية من خالل ما هو محدد في الوثيقة الدستورية‪ .‬وقد ساير‬
‫الدستور المغربي النهج الذي اعتمده الدستور الفرنسي لسنة ‪ ،1958‬حيث حدد الفصل ‪ 71‬من‬
‫الدستور المغربي ‪ 2011‬الئحة من القضايا يتولى التشريع فيها البرلمان نجد كثي ار منها يرتبط‬

‫‪ 23‬انظر تقرير لجنة العدل والتشريع وحقوق االنسان بمجلس النواب المتعلق باللجان النيابية لتقصي الحقائق‪.‬السنة التشريعية الثانية‬
‫‪،2013-2012‬دورة أبريل ‪.2013‬‬
‫‪ –1‬عبد القادر باينة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.55 :‬‬

‫‪18‬‬
‫بالقانون اإلداري كاألنظمة األساسية الخاصة بالقضاة والموظفين والنظام االنتخابي لمجالس‬
‫الجماعات الترابية واحداث المؤسسات العمومية‪ ...‬إضافة إلى مواضيع أخرى‪ ،‬وفي المقابل حدد‬
‫‪24‬‬
‫الفصل ‪ 72‬المجاالت التي هي من اختصاص السلطة التنظيمية‪.‬‬
‫الفرع الخامس‪ :‬الق اررات التنظيمية‪.‬‬
‫ال تختلف الق اررات التنظيمية من حيث المضمون عن القانون‪ ،‬إذ تتصف هي أيضا‬
‫بالعمومية والتجريد واإللزام‪ ،‬إال أنها تصدر عن السلطة التنفيذية‪ .‬وتعرف سلطة اتخاذ الق اررات‬
‫التنظيمية بالسلطة التنظيمية‪ ،‬ويمارسها في المغرب رئيس الحكومة وفقاللفصل (‪ )90‬وتحمل‬
‫الق اررات التنظيمية هذه الصادرة عنه التوقيع بالعطف من لدن الوزراء المكلفين بتنفيذها‪ ،‬وهي‬
‫تدخل في إطار المجال التنظيمي المعهود به للحكومة‪ .‬وتبعا لذلك فإن المعيار الشكلي هو‬
‫الحاسم للتمييز بين الق اررات التنظيمية والقانون ويعني اختالف السلطة المختصة بإصدار كل نوع‬
‫منهما‪ .‬ونظ ار الشتراكهما في الصفات الموضوعية من حيث العمومية والتجريد فإن الق اررات‬
‫التنظيمية تعرف أيضا بالتشريع <<الثانوي>> أو <<الفرعي>> لتميزها عن <<التشريع‬
‫العادي>> أي القانون‪ .25‬والق اررات اإلدارية نوعان‪ ،‬هناك القرار اإلداري التنظيمي التي ال‬
‫يستهلك مرة واحدة بمجرد تطبيقه ويهم فئة معينة‪ ،‬أما القرار اإلداري الفردي فيهم شخص محدد‬
‫بصفته واسمه كأن يتعلق األمر بترقية مثال دون أن يتعداه إلى موظف آخر‪ ،‬الذي يتطلب‬
‫استصدار قرار جديد لترقيته‪ ،‬وتأتي الق اررات التنظيمية في مرتبة أدنى من القانون لكنها على‬
‫درجة من الق اررات اإلدارية الفردية‪.‬‬
‫وتعتبر الق اررات التنظيمية من الوسائل األساسية التي تعتمد عليها اإلدارة في نشاطاتها‬
‫اليومية‪ ،‬ولهذا فهي تدرج في مصادر القانون اإلداري على أساس القانون بمفهومه الواسع وليس‬
‫القانون بالمعنى الشكلي الصادر عن السلطة التشريعية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المصادر غير المكتوبة‪.‬‬
‫تحتل المصادر غير المكتوبة مرتبة أساسية من بين مصادر القانون اإلداري في ضبط‬
‫كثير من مبادئه وأحكامه يمكن أن نحصرها في‪ :‬العرف اإلداري والمبادئ العامة للقانون‬
‫واالجتهاد القضائي والفقه‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬العرف اإلداري‪.‬‬
‫ويقصد به السير على نمط معين مدة تكفي لكي تضفي على القاعدة عنصر اإللزام ويتولد‬
‫العرف في القانون اإلداري من التزام اإلدارة في إشرافها على مرفق ما بقاعدة معينة والسير على‬
‫فترة من الزمن‪ ،‬فتصبح تلك القاعدة ملزمة لها‪ ،‬حيث ال تستطيع العدول عنها‪ ،‬بشرط أال تكون‬

‫‪ 24‬يمكن العودة إلى القسم المتعلق بالحكومة‪ ،‬وبشكل خاص تحديد نطاق التشريع ومجال التنظيم‪.‬‬
‫‪ –25‬عبد القادر باينة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.59:‬‬

‫‪19‬‬
‫تلك القواعد مخالفة للدستور وللقوانين ‪26‬وللق اررات التنظيمية المعمول بها‪ ،‬وعموما يعد العرف‬
‫مصد ار ثانويا للقانون اإلداري نظ ار لحداثة قواعد القانون اإلداري‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المبادئ العامة للقانون‪.‬‬
‫كسائر المصادر األخرى السابقة‪ ،‬ال ينكر القانون اإلداري المبادئ العامة للقانون‬
‫كمصدر خاص به والتي تعد مظه اًر من مظاهر دولة القانون‪ ،‬وهي متعددة يحاول الفقهاء‬
‫توسيعها بغية إعطاء أسس سليمة وشرعية لألعمال القانونية والتصرفات اليومية لألفراد‬
‫وللسلطات العمومية‪.‬‬
‫ويلعب القضاء اإلداري دو اًر أساسيا في إظهار هذه المبادئ العامة والكشف عنها وأحيانا‬
‫خلقها ب أن يستوحيها من الروح العامة للقانون‪ .‬وقد أقر الدستور المغربي كثي ار منها في الباب‬
‫األول منه لممارسة كثير من الحقوق والحريات‪ ،‬وأصبحت بالتالي هذه المبادئ أحد مصادر‬
‫القانون اإلداري وتلتزم اإلدارة بها عند وضع ق ارراتها أو القيام بنشاطاتها واال تعرضت أعمالها‬
‫للبطالن نذكر منها‪27 ،‬مبدأ قوة الشيء المقضى به‪ ،‬مبدأ عدم رجعية الق اررات اإلدارية‪ ،‬مبدأ كفالة‬
‫حق الدفاع‪ ،‬مبدأ وجوب احترام الحقوق المكتسبة‪ ،‬مبدأ عدم جواز تعدد الجزاءات على الفعل‬
‫الواحد ومبدأ حرية التجارة والصناعة‪.....‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬االجتهاد القضائي‪.‬‬
‫يعد أهم مصدر من مصادر القانون اإلداري لدوره األساسي والبارز في اكتشاف ووضع‬
‫قواعده‪ ،‬مما أدى إلى نعت القانون اإلداري بأنه قانون قضائي سنتولى تبيان ذلك‬
‫عند الحديث عن خصائصه‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬الفقه‪.‬‬
‫يعد الفقه مصد اًر استثنائيا للقانون اإلداري لكونه يقدم نوعا من اإلرشاد لكل من المشرع‬
‫والقاضي‪ ،‬فالفقيه يشرح القواعد القانونية ببيان معناها وايضاح شروط تطبيقها والنقائص والعيوب‬
‫التي تتضمنها األنظمة القانونية والحلول الممكنة إلصالحها‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬نشأة القانون اإلداري في فرنسا والمغرب‪.‬‬
‫يتسم القانون اإلداري بأنه قانون حديث النشأة إذ يرجع تاريخ نشوئه إلى بداية القرن ‪،19‬‬
‫وقد ارتبط هذا القانون بنظام ازدواجية القانون في البلدان التي تفرد قواعد قانونية متميزة لإلدارة‬
‫تطبق على أنشطتها تميي از لها عن الثقافة القانونية األنجلوساكسوية التي ال تعترف لإلدارة‬
‫بوضعية متميزة عن الخواص‪ ،‬وبالتالي قانون إداري ينظمها‪.‬‬

‫‪ –26‬محمد مرغني‪ :‬م‪.‬س‪ .‬ص‪.50:‬‬


‫‪–27‬عبد القادر باينة‪ :‬م‪.‬س‪ .‬ص‪.64-63:‬‬

‫‪20‬‬
‫المطلب األول‪ :‬في فرنسا‪.‬‬
‫تعد فرنسا أول دولة أخذت بنظام ازدواجية القانون وعنها أخذت باقي الدول‪ .‬إذ ظهر‬
‫القانون اإلداري مع مجيء الثورة الفرنسية‪ ،‬حيث أدت خيارات رجال الثورة إلى االستغناء عن‬
‫قواعد القانون الخاص في تنظيم نشاط اإلدارة وضبط عالقتها بالجمهور إلى نشوء هذا القانون‪،‬‬
‫من خالل إنشاء أجهزة خاصة لفض النزاعات اإلدارية‪ ،‬تحولت مع مرور الوقت إلى محاكم‬
‫خاصة متميزة عن المحاكم العادية‪ ،‬تطبق قانونا خاصا متمي از عن القانون اإلداري ‪.1‬‬
‫وباعتبار أن القانون اإلداري يعد نتاجاً الجتهادات مجلس الدولة لذلك فقد تدرج في النشأة‬
‫وارتبط بالتطورات التي رافقت تطور القضاء اإلداري ممثال في اجتهادات مجلس الدولة‪ ،‬حيث‬
‫تدرج في ثالث مراحل لم يكن في بداية األمر إال جها از إداريا استشاريا بجانب الحاكم ثم تحول‬
‫إلى جهاز شبه قضائي خاضعا لوصاية من قبل الملك قبل أن يرتقي إلى مستوى الجهاز‬
‫القضائي المستقل‪.‬‬
‫وقد أخذت بنظام الثنائية القانونية هذا مجموعة من الدول كمصر‪ ،‬إلى جانب أخرى في‬
‫الحقبة االستعمارية‪ ،‬خصوصا الدول اإلفريقية الفرنكفونية بمن فيها دول المغرب العربي‪ ،‬حيث‬
‫نجد كل من تونس والج ازئر والمغرب‪ ،‬أخذت بثنائية القانون(قانون إداري–قانون خاص) مع وحدة‬
‫القضاء في البداية قبل أن تتبنى ثنائية القانون والقضاء‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نشأة القانون اإلداري في المغرب‪.‬‬
‫كانت سلطات الحكم واإلدارة في مغرب ما قبل الحماية مجتمعة في يد السلطان يفوضها‬
‫إلى وزير كلما توسعت القضايا المعروضة عليه‪ ،‬ولم يعرف القانون اإلداري بمعناه الحديث إال‬
‫مع معاهدة الجزيرة الخضراء ‪ 1906‬وظهير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬المتعلق بالتنظيم القضائي‪ .‬وبعد‬
‫االستقالل أنشأ المجلس األعلى في ‪ 27‬شتنبر ‪ ،1957‬والذي من جملة اختصاصاته البث في‬
‫دعاوى اإللغاء للشطط في استعمال السلطة ضد الق اررات الصادرة عن السلطات اإلدارية‪ ،‬واستمر‬
‫األخذ بازدواجية القانون مع وحدة القضاء إلى حين إنشاء المحاكم اإلدارية بقانون ‪ 41-90‬سنة‬
‫‪ 1993‬تبعته محاكم استئناف إدارية سنة ‪ ،2006‬حيث أصبح يتبنى االزدواجية في القانون‬
‫والقضاء‪ ،‬وبذلك خطى خطوة هامة في اتجاه توطيد قواعد القانون اإلداري‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬خصائص القانون اإلداري‪.‬‬
‫يهتم القانون اإلداري‪ ،‬كفرع من القانون العام الداخلي‪ ،‬بتنظيم ونشاط اإلدارة‪ ،‬وبحكم‬
‫قواعده التي هي قواعد خاصة‪ ،‬يتميز بمجموعة من الخصائص تجعله يختلف عن باقي فروع‬
‫القانون األخرى‪ ،‬وقد حاول الفقهاء إبرازها مع التأكيد على بعض الصفات التي ينفرد بها عن‬

‫‪ –1‬أحمد البخاري‪ :‬مرجع سابق ذكره‪ ،‬ص‪.23:‬‬

‫‪21‬‬
‫القوانين األخرى‪ ،‬ويمكن أن ينسب للقانون اإلداري كثير من الصفات والخصائص لكننا سوف‬
‫نقتصر على ما نراه هاما منها‪ :‬قانون حديث النشأة‪ ،‬قانون قضائي قانون غير مقنن‪.‬‬
‫وهناك من يضيف خصائص أخرى‪ :‬قانون السلطة العامة – مستقل – سريع – التطور –‬
‫مرن‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬القانون اإلداري قانون حديث النشأة‪.‬‬
‫لقد سبق أن أكدنا بأن نشأة القانون اإلداري بمفهومه الحديث باعتباره قواعد متميزة عن‬
‫قواعد القانون الخاص‪ ،‬لم يظهر إال في النصف الثاني من القرن ‪ ،19‬حيث أصبح يكتمل في‬
‫فرنسا تبعا لتطور القضاء اإلداري بها وتكيفه مع التطورات االجتماعية واالقتصادية خالل القرن‬
‫‪ .20‬فالنظرة التي سادت فيها ترتكز على وجود قانون خاص يطبق على العالقات التي تكون‬
‫فيها اإلدارة طرفا وعلى وجود محاكم خاصة تفصل في النزاعات الناشئة عن هذه العالقات‪.‬‬
‫وينطلق إحداث المحاكم اإلدارية في فرنسا بإنشاء محاكم خاصة تفصل في النزاعات اإلدارية‬
‫وفي قمة هذه المحاكم يوجد مجلس الدولة ‪.1‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فوجود القانون اإلداري في فرنسا اقترن بإنشاء محاكم إدارية متميزة عن المحاكم‬
‫العادية‪ .‬خاصية الحداثة جعلت من القانون اإلداري قانون متطور ومتجدد ومرن‪ ،‬متكيفا مع‬
‫التطور والتجدد الذي تعرفه الحياة اإلدارية والنشاطات المتنوعة التي تقوم بها اإلدارة تبعا لتطور‬
‫مفهوم الصالح العام‪ ،‬واتساع ميدان تدخل الدولة في كثير من النشاطات االقتصادية واالجتماعية‬
‫التي كانت مقصورة من قبل الخواص‪ .‬وان تنظيم هذا النشاط أصبح يخضع لقواعد معينة‪ ،‬هي‬
‫قواعد القانون اإلداري بشكل متميز كما كان عليه األمر قبل إنشاء القانون اإلداري في مفهومه‬
‫الحديث‪ ،‬وبشكل متميز أيضا عما هو عليه الوضع في الدول االنجلوساكسونية التي ال تعرف‬
‫مميز عن القانون الخاص‪ ،‬سمة الحداثة هذه تجعل من القانون اإلداري خاضعا‬ ‫ًا‬ ‫قانونا إداريا‬
‫للتطور والتجدد وسيبقى قابال للمرونة‪ 28‬تبعا لتطور القضاء‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬القانون اإلداري أساسا قانون قضائي‪.‬‬
‫يتميز القانون اإلداري بأنه قانون قضائي لكون أبرز نظرياته األساسية ومبادئه الرئيسية‬
‫وقواعده من صنع القضاء وعلى وجه التحديد من ابتكار مجلس الدولة الفرنسي‪.‬‬
‫حقّا أننا نجد اآلن كثي ار من القواعد التي مصدرها التشريع‪ ،‬سواء كان هذا التشريع‬
‫األساسي (الدستور) أو العادي (القانون) أو الثانوي (الفرعي)‪ ،‬باإلضافة إلى مصادر أخرى‬
‫كالعرف والمبادئ العامة للقانون‪ ...‬إال أنه يبقى للقضاء دائما مسحة واضحة على قواعد القانون‬
‫اإلداري‪ ،‬إذ مهما تعددت التشريعات في المجالي اإلداري وتنوعت وأحكمت صياغتها فإن الوقائع‬

‫‪ –1‬المصطفى خطابي‪ :‬مرجع سابق ذكره‪ ،‬ص‪.25:‬‬


‫‪ –28‬عبد القادر باينة‪ :‬مرجع سابق ذكره‪ ،‬ص‪.73:‬‬

‫‪22‬‬
‫التي تخضع ألحكام هذا القانون يصعب حصرها وهي متجددة ومتغيرة دوما بتجدد الحياة اإلدارية‬
‫وتغيرها بحيث يصعب العثور على القاعدة التشريعية‪ 29‬تبعا لتنوع مفهوم الصالح العام‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فدور القاضي اإلداري رغم أنه ليس مشرعا يخلق القواعد الجديدة ويفسر تلك‬
‫القائمة ويوازن في ذلك بين المصلحة العامة والمصالح الخاصة (بين السلطة والحرية)‪.‬‬
‫* خلق القاعدة القانونية من طرف القاضي‪:‬‬
‫القاضي هو المبدع للنظريات والمبادئ المتميزة عن تلك التي يعرفها القانون الخاص (قرار‬
‫بالنكو ‪ ،)1873‬ولهذا فإن أهم نظريات القانون اإلداري ولو أنها أصبحت في معظمها مدونة‬
‫يرجع أصلها إلى القضاء اإلداري‪ :‬كالعقود اإلدارية‪ ،‬المسؤولية اإلدارية‪ ،‬ونزع الملكية من أجل‬
‫المصلحة العامة‪ ،‬وتنفيذ الق اررات اإلدارية ‪...‬الخ وقد تميز القضاء المغربي عن نظيره الفرنسي‬
‫فيما يخص رقابة الق اررات الصادرة عن رئيس الدولة‪ ،‬مما يؤكد على اختالف دور القاضي من‬
‫بلد ألخر تبعا للتطورات الخاصة بكل بلد‪.‬‬
‫* تفسير القانون من قبل القضاء‪ :‬ويستمد التفسير أصله من حرية القاضي اإلداري في‬
‫التقييم معتمدا في ذلك على السلطة التقديرية وما تمليه عليه ظروف النازلة على المبادئ العامة‬
‫المقررة في القانون وخصوصيات المجتمع‪.‬‬
‫* الموازنة بين المصلحة العامة والمصالح الخاصة‪:‬‬
‫القاضي اإلداري هو الذي يزيل عن القانون اإلداري صفة بأنه ال يخدم إال اإلدارة وأنه جاء‬
‫فقط لضمان امتيازاتها على حساب األفراد‪ ،‬وبذلك فإن القانون اإلداري تبعا لدور القاضي اإلداري‬
‫يعمل في نفس الوقت على تحقيق المصلحة العامة دون أن يغفل المصالح الخاصة على أساس‬
‫أن تحقيق المصلحة الخاصة يمكن أن يؤدي إلى تحقيق المصلحة العامة ويعمل القاضي مثال‬
‫على نزع الملكية الخاصة لصالح نشاط خاص على أساس أن هذا النشاط يحقق المصلحة‬
‫العامة (مثال في سنة ‪ 1975‬رجح القضاء المصلحة الشخصية لموظفة مغربية تعمل في البعثة‬
‫الثقافية المغربية بفرنسا‪ ،‬إذ رفض المقرر القاضي بإرجاعها إلى المغرب على أساس أن اإلدارة‬
‫<<لم تختر الوقت المتالئم لقرارها>>‪ ،‬وفي فرنسا أيضا قرر مجلس الدولة تفضيل مصلحة‬
‫مستشفى لألمراض العقلية في ملك الخواص على مصلحة عامة في شق طريق رئيسي‪.‬‬
‫فاالجتهاد القضائي يبرز دور القاضي في خلق كثير من قواعد القانون اإلداري وجرأته في‬
‫تفسير القانون ورغبته في الموازنة بين المصلحة العامة والمصالح الخاصة‪ ،‬والمقارنة بين مختلف‬
‫المصالح العامة‪ ،‬وهو بذلك يعمل على إعطاء القانون اإلداري كثي ار من معالمه األساسية‪.‬‬

‫‪ –29‬محمد مرغني‪ :‬مرجع سابق ذكره‪ ،‬ص‪.21 :‬‬

‫‪23‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬القانون اإلداري قانون غير مقنن‪.‬‬
‫يقصد بالتقنين إصدار قانون يضم القواعد الكلية والتفصيلية التي تحكم نوعا معينا من‬
‫النشاط‪ ،‬ومعظم فروع القانون توجد اآلن مدونة‪ .‬أما القانون اإلداري فلم يتم تقنينه إلى اآلن‪ ،‬بل‬
‫يرى الفقهاء أن تجميعه في وثيقة واحدة ليس باألمر اليسير‪.‬‬
‫والحقيقة أن عدم تقنين القانون اإلداري ال يرجع إلى حداثة المادة وحدها‪ ،‬بل إلى طبيعة‬
‫التشريعات اإلدارية ذاتها‪ ،‬فالتقنين من طبيعته أن يضفي على التشريع المقنن ثباتا نسبيا‪ ،‬ويجعل‬
‫التعديل فيه أصعب بكثير من التعديل في تشريع منفرد‪ ،‬وهذا الثبات يتالءم مع الكثير من قواعد‬
‫القانون اإلداري‪ ،‬ذلك أن قواعد هذا القانون ليست مقصورة على التشريع بمعناه الضيق ‪30‬بل‬
‫يعتمد أيضا على الق اررات التنظيمية والمبادئ العامة للقانون‪ ،‬باإلضافة إلى االجتهادات القضائية‬
‫التي يمكن أن تتغير وتتطور‪ ،‬لهذا يصعب تقنينه خاصة أن النظريات والمبادئ العامة الخاصة‬
‫به كاألعمال اإلدارية‪ ،‬والمسؤولية اإلدارية‪ ،‬والتزامات اإلدارة هي من صنع القضاء‪ ،‬وان من شأن‬
‫هذا التقنين أن يؤدي إلى تجميد هذه النظريات أو أنها ستتجاوز بالواقع المتطور والمتجدد الذي‬
‫تتحرك فيه اإلدارة‪.‬‬
‫لكن عدم تقنين القانون اإلداري ال يعني انعدام بعض المواضيع المقننة التي يمكن أن‬
‫تكون قد وصلت إلى نوع من االستقرار كقانون الوظيفة العمومية‪ ،‬القوانين الخاصة باإلدارة‬
‫الترابية‪ .‬فالتقنين من شأنه أن يسهل البحث وقيام اإلدارة بالمهام المنوطة بها لكن تقنين كل‬
‫القواعد والمبادئ التي يرتكز عليها قواعد القانون اإلداري سيكون من شأنه تجميد القانون اإلداري‬
‫والعمل على الحد من التطور والتجدد الذي يتسم به‪.31‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬معايير تطبيق القانون اإلداري‪.‬‬
‫ي قصد بمعيار القانون اإلداري الحاالت التي يتعين فيها على عالقة قانونية ما الخضوع‬
‫لقواعد القانون اإلداري بدل قواعد القانون الخاص‪ .‬إن نشاط اإلدارة ال يخضع بكامله للقواعد‬
‫الخاصة للقانون اإلداري‪ ،‬ذلك أننا نجد حاالت تخضع فيها اإلدارة لقواعد القانون الخاص‪. 32‬‬
‫ومن جانب آخر‪ ،‬فإن بيان خضوع العالقة ألحد القانونين قد يكون سببا في تحديد القضاء‬
‫المختص‪ ،‬هل هو القضاء اإلداري أو العادي‪33 ،‬حيث يتعين على القاضي وهو المختص في‬
‫جميع المواد والقضايا كيف ما كان نوعها (مدنية أو إدارية) معرفة ما إذا كان أمام المادة‬
‫اإلدارية‪ ،‬وبالتالي يتحتم عليه تطبيق قواعد القانون اإلداري‪. 34‬‬

‫‪ –30‬عبد الرحمان البكريوي‪ :‬مرجع سابق ذكره‪ ،‬ص‪.29 :‬‬


‫‪ –31‬عبد القدر باينة ‪ :‬مرجع سابق ذكره‪ .‬ص‪.84-83 :‬‬
‫‪ –32‬المصطفى خطابي‪ :‬مرجع سابق ذكره‪ ،‬ص‪.37 :‬‬
‫‪ –33‬محمد مرغني‪ :‬مرجع سابق ذكره‪ ،‬ص‪.49:‬‬
‫‪ –34‬المصطفى خطابي‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.37:‬‬

‫‪24‬‬
‫ويعتبر موضوع معايير تطبيق القانون اإلداري من المواضيع التي يختلف فيها الفقهاء بين‬
‫مؤيد لمعيار ومناهض لمعيار آخر‪ ،‬وال زال هذا االنقسام ملحوظا بشدة إلى يومنا هذا‪ ،‬وهناك‬
‫رأيين يتقاسمان النقاش المطروح‪ ،‬رأي يدافع عن معيار السلطة العامة الذي تمثله اإلدارة عند‬
‫استفادتها من قواعد القانون اإلداري وآخر ينكر صالحية هذا المعيار‪ ،‬ويدافع بنفس الحماس‬
‫والقوة على معيار المرفق العمومي‪ ،‬ويعتبر أن القانون اإلداري يحدد مجاله في التطبيق عندما‬
‫يتعلق بنشاط اإلدارة بمرفق عمومي‪.‬‬
‫ورغم وجود مؤيدين لكل من هذين المعيارين‪ ،‬فاالتجاه السائد حاليا هو التفكير في إيجاد‬
‫معيار وسط يجمع بين المعيارين‪ ،‬وهو ما يعرف بالمعيار المختلط الذي ال ينسى معيار السلطة‬
‫العامة ويحاول أن يكمله بمفهوم إشباع الحاجات العامة التي يتوخاها المرفق العمومي‪.35‬‬
‫المطلب األول‪ :‬معيار السلطة العامة‪.‬‬
‫لقد كانت أولى األفكار التي ارتكز عليها فقهاء القرن ‪ 19‬لتحديد نطاق القانون اإلداري‬
‫هي التمييز بين أعمال السلطة وأعمال اإلدارة العامة‪ ،‬ذلك أن هؤالء الفقهاء اعتمدوا أول األمر‬
‫في تحديد العالقات التي تخضع للقانون اإلداري‪ ،‬على فكرة التمييز بين العالقات التي تتدخل‬
‫فيها اإلدارة‪ ،‬باعتبارها سلطة عامة‪ ،‬فتصدر األوامر والنواهي‪ ،‬وتلك التي تظهر فيها كشخص‬
‫عادي تقوم بمجموعة من األعمال المالية‪ ،‬فتبيع وتشتري وتؤجر‪ ...‬وغير ذلك من األعمال التي‬
‫تخضع عادة لقواعد القانون الخاص‪ ،‬فقالو بأن أعمال األولى تسمى بأعمال السلطة وتخضع‬
‫للقانون اإلداري بينما األعمال األخرى هي األعمال المادية أو التسييرية لإلدارة وتخضع فيها‬
‫لقواعد القانون الخاص‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة للخواص واألفراد‪ .‬وقد كان أحد أكبر أنصاره الفقيه‬
‫الفريير‪ La Ferrière‬وسميت بمدرسة السلطة العامة ‪.36‬‬
‫إال أن هذا المعيار وجهت إليه عدد من االنتقادات باعتبار أن اإلدارة قد تستفيد من بعض‬
‫االمتيازات الخاصة وغير المألوفة في القانون الخاص‪ ،‬حتى في نطاق العالقات الخاصة باإلدارة‬
‫المالية أو التسيير‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لالمتيازات الخاصة التي تتوفر عليها اإلدارة أثناء‬
‫إبرامها ال عقود اإلدارية‪ ،‬وهي عبارة عن إجراءات غير مألوفة في القانون الخاص‪ ،‬كما أنه ليس‬
‫هناك ارتباط حتمي بين األعمال المالية لإلدارة وضرورة تطبيقها للقانون الخاص‪.‬‬
‫إضافة إلى عامل آخر ساهم في مراجعة المعيار هو تراجع فكرة حرية التجارة والصناعة‪،‬‬
‫حيث أصبحت الدولة تتدخل من أجل تقديم خدمات أساسية واجتماعية‪ ،‬مما جعلها ترغم – نتيجة‬
‫ذلك – على خلق مرافق عمومية تتولى هذه المهمة‪.‬‬

‫‪ –35‬عبد القادر باينة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.88 :‬‬


‫‪ –36‬محمد أيت المكي‪ :‬محاضرات المرافق العمومية الكبرى بالمغرب‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ .‬فاس‪ 1995 ،‬ص‪.5:‬‬

‫‪25‬‬
‫ونتيجة لهذا كله بدأ يتضح جليا أن خضوع اإلدارة لقانون مستقل هو القانون اإلداري ال‬
‫يعود إلى كونها في حاجة إلى السلطة والسيادة‪ ،‬ولكن ألن مستلزمات المرافق العمومية تتطلب‬
‫ذلك‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬معيار المرفق العمومي‪.‬‬
‫إذا كان معيار السلطة العامة كاف في بداية القرن ‪ ،19‬حيث كانت الدولة تلعب في حياة‬
‫المواطنين دو اًر محدوداً وال تتدخل إال لتنظيم مرافق الدفاع الوطني والشرطة والقضاء( أي الدولة‬
‫الدركية أو الحامية)‪ ،‬فإنه مع تطور وظائف الدولة مع النصف الثاني من القرن ‪ 19‬وتعدد‬
‫تدخالتها في عدة ميادين إلرضاء حاجيات العموم‪ ،‬جعل اإلدارة في حاجة للتمتع بامتيازات‬
‫وقواعد القانون اإلداري‪ ،‬وهكذا انتصرت فكرة المرفق العام‪ ،‬وبالتالي التمييز بين نشاط المرفق‬
‫العام عن غيره من األنشطة‪ ،‬لذا فإن العالقة ينبغي أن تخضع لقواعد القانون اإلداري كلما تعلق‬
‫‪37‬‬
‫األمر بمرفق عام‪ ،‬وتترك للقانون الخاص في غير ذلك ولو كانت اإلدارة طرفا فيها‪.‬‬
‫وقد بدأ هذا المعيار الجديد فأخذ طريقه إلى القانون اإلداري منذ أواخر القرن ‪ ،19‬وسجلته‬
‫سلسلة من أحكام مجلس الدولة ومحكمة التنازع‪ ،‬وعلى رأسها حكم محكمة التنازع الشهير في‬
‫وحكم مجلس الدولة الصادر في ‪ 6‬فبراير ‪1903‬‬ ‫‪38‬‬
‫قضية بالنكو الصادر في ‪ 8‬فبراير ‪،1873‬‬
‫في قضية تيرييي‪.‬‬
‫وكما غالى بعض الفقهاء في تحمسهم لفكرة السلطة العامة‪ ،‬فعل غيرهم بالنسبة لمعيار‬
‫المرفق العمومي‪ .‬فقد قام فريق منهم سمي بمدرسة المرفق العمومي أو مدرسة بوردو على رأسها‬
‫دوجي ‪ Dugi‬وجيز ‪JIZ‬وبونار‪ BOUNARD‬برد جميع نظريات القانون اإلداري إلى فكرة‬
‫‪39‬‬
‫الخدمة العامة والمرفق العمومي‪.‬‬
‫إال أنه بالرغم من هذا النجاح الذي حققته مدرسة المرفق العمومي ومعيار المرفق العمومي‬
‫في حل الكثير من المشاكل المطروحة فإن الحياة اإلدارية – كما هو معلوم – ال يمكن أن تجمد‬
‫على حال واحد‪ ،‬بل إنها بطبعها متطورة وتحتاج إلى التكيف واالنسجام مع األوضاع الجديدة‬
‫والمستجدات‪ ،‬لذلك ظهرت نقائص هذا المعيار عندما أصبحت الدولة ذاتها تلجأ إلى حلول‬
‫االقتصاد الموجه بدل االقتصاد الحر‪ ،‬وأدى ذلك إلى إنشاء كثير من المرافق االقتصادية التجارية‬
‫والصناعية‪ ،‬فتبين أنه ليس من األصلح وال من األفيد‪ ،‬خضوع هذه المرافق لقواعد القانون العام‬
‫دائما‪ ،‬فاإلدارة لم تعد ترى مانعا في اللجوء إلى قواعد القانون الخاص إلدارة األموال العامة‪،‬‬

‫‪ –37‬المصطفى خطابي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.39 :‬‬


‫‪38‬‬
‫‪Serge Velley : Droit Administratif. Librairie Vuibert, 2éme édition, 1999, P : 14.‬‬
‫‪- 39‬عبد الرحمان البكريوي‪ :‬مرجع سابق ص‪.39:‬‬

‫‪26‬‬
‫وتلجأ إلى إبرام عقود تخضع لهذا القانون وتخضع مرافقها التجارية والصناعية لقليل أو كثير من‬
‫أساليب القانون الخاص‪.‬‬
‫أضف إلى هذا أن المرفق الواحد قد يعرف أنشطة تخضع للقانون العام وأخرى تخضع‬
‫للقانون الخاص‪ .‬كما أنه لم يعد هناك تالزم بين النشاط المرفقي العمومي ووجود منظمة أو‬
‫جهاز عام فبعض الخواص يتدخلون في تسيير المرافق العمومية‪ ،‬كما يظهر ذلك على مستوى‬
‫المرافق التي تدار عن طريق االستغالل المباشر أو االمتياز أو شركة مساهمة‪.40‬‬
‫والخالصة أن فكرة المرفق العام لم تصبح وحدها كافية لتحديد نطاق القانون اإلداري‪ ،‬إذ‬
‫يمكن وجود القانونين معا (الخاص والعام) داخل المرفق العام‪ ،‬واتجه الفقهاء المعاصرون إلى‬
‫‪41‬‬
‫إيجاد وسيلة أخرى لتحديد نطاق القانون اإلداري‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬المعيار المختلط‪.‬‬
‫نتيجة ظهور مرافق عامة جديدة‪ ،‬كالمرافق االقتصادية (الصناعية والتجارية) ومرافق‬
‫التنظيم المهني‪ ،‬حاول الفقه الفرنسي البحث عن معيار جديد يحل محل معيار المرفق العام فقد‬
‫اتسع مفهوم المصلحة العامة ولم يعد القيام بالمشروعات ذات النفع العام حك اًر على اإلدارة‪،‬‬
‫فبعض الخواص قد يقومون بأنشطة ال تهدف الربح وانما تسعى أوال إلى تحقيق أغراض‬
‫المصلحة العامة وتعترف لها الدولة بذلك‪ ...‬وهذه هي التي يطلق عليها المشروعات الخاصة‬
‫ذات النفع العام‪.‬‬
‫هكذا‪ ،‬فأشكال تدخل السلطات العمومية في إدارة المرافق العمومية متنوعة‪ ،‬فقد تتخذ‬
‫احتكار أو تقاسم النشاط مع الخواص أو االكتفاء بالمشاركة معهم‪ .‬أو بمجرد مراقبة وتنظيم‬
‫النشاط‪1،‬لذا أصبح الفقه يعتمد فقط في تحديد معيار تطبيق القانون اإلداري على أعمال اإلدارة‬
‫الرامية إلى تحقيق المصلحة العامة أو المنفعة العامة‪ ،‬لكن ما لبث أن تخلو عن هذا المبدأ‬
‫ومنهم فالين ‪ WALLINE‬نفسه حيث اعترف بأن مفهوم المنفعة العامة واسع جداً ال يصلح‬
‫كمعيار سليم لتطبيق القانون اإلداري‪.2‬‬
‫وبالرغ م من االنتقادات الفقهية التي وجهت إلى نظرية المرفق العمومي‪ ،‬فإن القضاء يعود‬
‫إليه الفضل األساسي في ابتكارها‪ ،‬فهو ال يزال يأخذ بها في حلوله سواء فيما يتعلق بتكييف‬
‫القرار اإلداري والعقد اإلداري واألمالك العامة واألشغال العامة‪ ،‬وهي أغلب مجاالت القانون‬
‫اإلداري‪.‬‬

‫‪ –40‬محمد أيت المكي‪ :‬محاضرات في المرافق العمومية الكبرى بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق ص‪.12:‬‬
‫‪ –41‬المصطفة خطابي‪ :‬مرجع سابق‪ .‬ص‪.41:‬‬
‫‪ –1‬محمد آيت المكي‪ :‬محاضرات في المرافق العمومية الكبرى بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.14-13-12 :‬‬
‫‪ –2‬عبد القادر باينة‪ :‬مرجع سابق ص‪.89:‬‬

‫‪27‬‬
‫وبالتالي فالمرفق العمومي ال زال هو الطابع المميز لإلدارة‪ ،‬ولكن المرافق العمومية ال‬
‫تستغرق جميع أوجه نشاط اإلدارة‪ ،‬فاإلدارة لها أوجه نشاط أخرى مكملة ألوجه النشاط اإلداري‬
‫المرفقي‪.‬‬
‫موضوعات القانون اإلداري‪.‬‬
‫‪ -‬التنظيم اإلداري‪.‬‬
‫‪ -‬النشاط اإلداري‪.‬‬
‫‪ -‬وسائل عمل اإلدارة‪.‬‬
‫‪ -‬رقابة القضاء على أعمال اإلدارة‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫الباب األول‬
‫األسس العامة للتنظيم اإلداري‬

‫يقصد بالتنظيم اإلداري تحديد األسلوب الكفيل بتنفيذ اختيارات الدولة ووظائفها وبيان كيفية‬
‫إنجازها باستخدام اإلمكانيات المتوفرة‪ .‬ويعتبر عملية ضرورية لقيام اإلدارة بوظائفها وتحقيق‬
‫نشاطها‪ ،‬وقد أصبح من أهم الموضوعات التي تدرس ليس فقط في القانون اإلداري بل أيضا في‬
‫علم اإلدارة‪.‬‬
‫إن دراسة التنظيم اإلداري من زاوية القانون اإلداري هي دراسة وصفية تبرز الهياكل‬
‫القائمة وتشرحها وتحللها‪ .‬وقد تركز مفهومه النظري والتطبيقي على محورين أساسيين عمال‬
‫بالفعل على تحديد هذا التنظيم يتأرجح بين المركزية والالمركزية‪ ،‬وذلك تبعا للتطورات التاريخية‬
‫والسياسية واالجتماعية لكل دولة‪.‬‬
‫ومن جانبه عمل مفهوم الشخصية المعنوية دو ار بار از في إعطاء الشكل القانوني لمختلف‬
‫تحركات اإلدارة‪ ،‬على أساس أنها تتميز عن األشخاص الطبيعيين الذين تعمل من أجل‬
‫مصلحتهم في إطار تحقيق الصالح العام‪ .‬لذلك من خالل دراستنا لكل من الشخصية المعنوية‬
‫(القسم األول) والمركزية والالمركزية اإلدارية (القسم الثاني) سنعمل على تحديد األسس العامة‬
‫للتنظيم اإلداري‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫القسم األول‬
‫الشخصية المعنوية‬

‫يعرف القانون اإلداري عددا من األشخاص القانونية إذ أن العالقة فيما بينها وبين‬
‫‪42‬‬
‫ففي إطار التهيئة القانونية للبنايات اإلدارية تشغل تقنية‬ ‫الخواص تشكل أهم موضوعاته‪،‬‬
‫الشخصية المعنوية مكانة هامة في إصباغ الشكل القانوني على الهياكل اإلدارية‪ .‬فاإلدارة في‬
‫مفهومها العضوي ما هي إال مجموعة من األشخاص المعنوية الترابية أو الوظيفية يرتبطون في‬
‫أنشطتهم عبر رابطة التكامل والرقابة‪.43‬‬
‫ويلعب مفهوم "الشخص اإلداري" أو شخص "القانون العام" دو ار هاما في التنظيم اإلداري‪.‬‬
‫إذ أن نشاط األشخاص اإلدارية هو أساسا إدارة المرافق العمومية‪ ،‬األمر الذي يفسر الترابط الذي‬
‫كان حاصال بين مصطلح "األشخاص اإلدارية" و"المرافق العمومية"‪ ،‬إال أن ذلك لم يعد اليوم‬
‫مقبوال لكون األشخاص اإلدارية قد تقوم بأنشطة ثانوية ال ترتبط مباشرة بتسييره أي المرفق‬
‫العمومي‪ .‬وبالمقابل‪ ،‬فالخواص الذين ال يعتبرون أشخاصا إدارية أصبحوا اليوم يساهمون في‬
‫تسيير المرافق العمومية أو خلقها‪.44‬‬
‫ولفهم المقصود بالشخص المعنوي‪ ،‬سنعرض أوال لتحديد المفهوم (الفصل األول) ثم‬
‫لمقوماته (الفصل الثاني) ثم أخي ار أنواعه (الفصل الثالث)‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫‪– J.M.AUBY, J.B. AUBY : Institutions administratives, 7ème édition DALLOZ 1996 p :13.‬‬
‫‪43‬‬
‫‪– Yves , GUAUDMET : Traité de droit administratif. Tome 1. L.G.D.J.DELTA 16ème éd, 2002 p :51.‬‬
‫‪44‬‬
‫‪– J.M. AUBY, J.B. AUBY , Institutions administratives op.cit. p :13.‬‬

‫‪30‬‬
‫الفصل األول‬
‫مفهوم الشخصية المعنوية‪.‬‬

‫يقوم القانون في مجمله على تنظيم الحق وتحديد مدلوله وتبيان موضوعه وربطه‬
‫بااللتزامات المتولدة عنه‪ .‬وهذا الحق بذاته ليس مجرداً أو خياليا بل هو حقيقة ترتبط بحقيقة‬
‫أخرى هي الشخص‪ ،‬والشخص موضوع هذا الحق ارتبط باإلنسان الطبيعي اآلدمي‪.‬‬
‫واذا كان المفهوم الفلسفي األخالقي للشخص ال يتصور غير الشخص الطبيعي(اإلنسان)‪،‬‬
‫فإن اللغة القانونية وباإلضافة إلى هذا الشخص الطبيعي الذي رتبت له حقوقا وفرضت عليه‬
‫التزامات‪ ،‬هناك شخص معنوي اعتباري اعتبره القانون كذلك ورتب له هو اآلخر حقوقا وألزمه‬
‫بالتزامات‪ ،‬الشيء الذي جعل منه ظاهرة قانونية ساهمت بفعالية في تطوير المعامالت اإلنسانية‪،‬‬
‫سواء في عالقة الخواص في نطاق القانون الخاص أو في عالقات الدولة في نطاق القانون‬
‫العام‪ ،‬حيث وجد الشخص المعنوي أو االعتباري على السواء كشخص معنوي خاص أو كشخص‬
‫‪45‬‬
‫معنوي عام‪.‬‬
‫واذا كانت نظرية الشخصية المعنوية قد نشأت في مجال القانون الخاص‪ ،‬إال فإن أهميتها‬
‫في مجال القانون العام أصبحت أكثر من القانون الخاص‪ ،‬نظ ار الهتمام هذا األخير باألشخاص‬
‫الطبيعيين‪ ،‬في حين أن القانون العام ال يعرف األشخاص الطبيعيين إال بصفتهم ممثلين‬
‫‪46‬‬
‫لألشخاص المعنوية‪.‬‬
‫ويعرف فقهاء القانون الشخص بأنه كل كائن قادر على اكتساب الحقوق وااللتزام‬
‫بالواجبات ثم قسموا هذا لشخص إلى شخص طبيعي أو ذاتي ‪ ،personne physique‬والى‬
‫شخص معنوي أو اعتباري ‪ .personne morale‬والشخص الطبيعي هو اإلنسان أما الشخص‬
‫المعنوي فيمكن تقسيمه إلى نوعين‪ :‬شخص معنوي خاص وهو الذي يخضع ألحكام القانون‬
‫الخاص ومثله الشركات والجمعيات‪ ،‬أما الشخص المعنوي العام فهو الذي يخضع للقانون العام‬
‫‪47‬‬
‫كالدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية‪.‬‬
‫والقانون اإلداري ال يهتم بدراسة ال الشخص الطبيعي وال الشخص المعنوي الخاص‬
‫بل إن أشخاص القانون العام هي التي تعد موضوعات ‪ les sujets‬هذا القانون األساسية‪.‬‬

‫‪ –45‬عبد القادر باينة‪ :‬مرجع سابق ذكره‪ ،‬ص‪.129 :‬‬


‫‪ –46‬مليكة الصروخ‪ :‬مرجع سابق ذكره‪ ،‬ص‪.57 :‬‬
‫‪ –47‬محمد مرغني‪ :‬مرجع سابق ذكره‪ ،‬ص‪.55:‬‬

‫‪31‬‬
‫وتبعا العتبارات المشرع فالشخص المعنوي أو االعتباري هو مجموعة من األشخاص أو‬
‫مجموعة من األموال منحها المشرع الشخصية القانونية التي تؤهلها الكتساب الحقوق وتفرض‬
‫عليها بعض االلتزامات‪.48‬‬
‫وعلى هذا األساس فالشخص المعنوي ال يقتصر فقط على مجموعة األشخاص الطبيعيين‬
‫المجتمعين لتحقيق هدف أو غرض معين‪ ،‬بل أن يكون أيضا مجموعة من األموال رصدت‬
‫لتحقيق غرض معين‪ ،‬ال بد من تجمع أشخاص طبيعيين أو أموال يضفي عليها القانون صفة‬
‫الشخص المعنوي أو االعتباري‪ ،‬وعليه فإن الشخص المعنوي يمكنه التملك والتعاقد والتقاضي‬
‫شأنه في ذلك شأن األشخاص الطبيعيين تماما‪.‬‬
‫ولإلشارة فقد تولد عن اإلقرار بوجود الشخص المعنوي نقاش فقهي وفلسفي‪ ،‬حول طبيعة‬
‫الشخصية المعنوية وحقيقتها‪ 49‬مما يؤكد على أهمية هذه الظاهرة في النسق القانوني‪.‬‬

‫‪ -48‬عبد القادر باينة ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.130‬‬


‫‪ 49‬حول هذا النقاش بين المؤيد والمنتقد انظر محمد كرامي‪ :‬القانون اإلداري‪ ،‬التنظيم اإلداري‪ ،‬النشاط اإلداري‪ .‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،2015 ،‬ص‪ 50 :‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫مقومات الشخصية المعنوية‪.‬‬

‫تقوم الشخصية المعنوية على أركان ضرورية (المبحث األول) تميزها عن األشخاص‬
‫الطبيعيين (المبحث الثاني) وتترتب عن ذلك نتائج (المبحث الثالث)‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬أركان الشخصية المعنوية‪.‬‬
‫ترتكز الشخصية المعنوية على عدة دعائم‪ ،‬يمكن إجمالها في ضرورة توافر عنصرين‪:‬‬
‫أولهما العنصر الموضوعي أو المادي والثاني عنصر شكلي‪.‬‬
‫أما العنصر الموضوعي فيتحقق بما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬وجود جماعة من األشخاص واألموال‪.‬‬
‫‪ ‬وجود مصالح مشتركة‪ :‬يقتضي هذا أن يكون بين مجموع األشخاص الطبيعيين‬
‫المكونين للشخص المعنوي‪ ،‬مصالح مشتركة تتحقق عن طريق وجود الشخص‬
‫المعنوي‪ ،‬فأعضاء جمعية تربط بينهم مصالح اجتماعية أو إنسانية أو سياسية أو‬
‫دينية يسعون لتقوية االتصال والتضامن بينهم في تلك الميادين‪ ،‬وأعضاء النقابة‬
‫تربط بينهم مصالح مهنية تستهدف الدفاع عن المصالح المادية والمعنوية‬
‫والمهنية‪ .‬فأعضاء الشركة تجمع بينهم مصلحة استثمار أموالهم وجلب األرباح‪،‬‬
‫وأعضاء الجماعات الترابية تجمع بينهم مصالح محلية مشتركة حول قضايا محلية‬
‫أو حاجات يسعون إلشباعها‪ ،‬كما أنه بالنسبة للمواطنين داخل الدولة تجمع بينهم‬
‫مصالح مشتركة تستهدف الدفاع عن الوحدة الترابية وضمان االستقالل والسيادة‬
‫ورفع شأنها بين الدول األخرى‪ .‬ووجود المؤسسات العامة ينطلق أساسا من وجود‬
‫مصالح يجب تحقيقها‪ ،‬حيث يعهد إليها بتحقيق أغراض معينة من أجلها كسبت‬
‫‪1‬‬
‫صفة الشخصية المعنوية‪.‬‬
‫‪ ‬وجود ارتباط بين المصالح المشتركة‪ :‬وترتبط هذه المصالح المشتركة بما يعرف‬
‫أيضا بالتخصص‪ ،‬حيث تتميز األشخاص المعنوية بأنها قائمة من أجل غرض‬
‫معين وأنها تتخصص فيه‪ ،‬فالدولة تتخصص في إنجاز مهام وطنية في حين‬
‫تتخصص الجماعات الترابية في تدبير القضايا الترابية وكذلك الجمعيات‬
‫والشركات‪.‬‬

‫‪ –1‬عبد القادر باينة‪ :‬م‪.‬س‪ .‬ص‪.143 :‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ ‬وجود إدارة واحدة للشخص المعنوي تتمثل في األجهزة المسيرة‪ :‬وتظهر هنا‬
‫اإلرادة الواحدة للشخص المعنوي في اإلجراءات التي يقدم عليها من أجل تحقيق‬
‫المصالح التي أنشء من أجلها‪ ،‬وتجسد هذه اإلرادة في األعمال المادية والقانونية‬
‫التي تقوم بها األجهزة المقررة والمنفذة للشخص المعنوي تبعا الختيارات الشخص‬
‫المعنوي والقوانين الداخلية‪ ،‬أو تبعا للتوجيهات العامة التي قررها المشرع‪.‬‬
‫‪ ‬يجب أن يكون الغرض المراد تحقيقه ممكنا ومشروعا ومعينا‪ ،‬ويمكن أن يكون‬
‫هذا الغرض ماليا كما في الشركات‪ ،‬كما يمكن أن يكون غير مالي كالجمعيات‪.‬‬
‫أما العنصر الشكلي فهو يتحقق باعتراف الدولة أو المشرع بالشخصية المعنوية‪ ،‬وقد يكون‬
‫االعتراف صريحا أو قد يكون ضمنيا‪ ،‬وقد يتم بطريق االعتراف العام‪ ،‬وقد يتم عن طريق‬
‫االعتراف الخاص‪.‬‬
‫فاالعتراف العام يتم مهما تحققت الشروط التي حددها المشرع‪ ،‬أما المجموعات التي ال‬
‫تدخل في إحدى الصور التي حددها المشرع فهي ال تكتسب الشخصية االعتبارية إال إذا ورد‬
‫نص خاص يمنحها‪.50‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تمييز الشخص المعنوي عن الشخص الطبيعي‪.‬‬
‫انطالقا من العناصر المكونة للشخص المعنوي‪ ،‬يمكن أن نستشف عددا من نقاط التمييز‬
‫عن الشخص الطبيعي‪ ،‬ويمكن أن نجمل أهم مظاهر هذا التمييز في‪:‬‬
‫‪ ‬يبقى الشخص الطبيعي المنضوي داخل الشخص المعنوي محتفظا بذاتيته‬
‫المستقلة‪ ،‬من حيث الذمة المالية ومن حيث المسؤولية والتمثيل‪.‬‬
‫‪ ‬ال يرتبط الشخص المعنوي بمصير أعضائه‪ :‬إذ األنظمة القانونية المنشأة له تحدد‬
‫طرق تجديد أجهزته في كل األحوال‪.‬‬
‫‪ ‬تصرفات الشخص المعنوي تنحصر في النشاط الذي أحدث من أجله‪ :‬أي مبدأ‬
‫تخصص الشخص المعنوي‪.‬‬
‫‪ ‬يتمتع الشخص الطبيعي ببعض الحقوق بمجرد وجوده‪ ،‬في حين أن الشخص‬
‫المعنوي ال يتمتع بحقوقه إال إذا توفرت األركان الضرورية لوجوده وتدخل المشرع‬
‫‪1‬‬
‫لمنحه ذلك‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬النتائج المترتبة عن منح الشخصية المعنوية‪.‬‬

‫‪ –50‬خالد سمارة الز ْعبي‪ :‬القانون اإلداري‪ ،‬مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،1998 ،‬ص‪.99:‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Jean RIVERO : Jean WALLINE : Droit administratif. 18ème,ed ; Dolloz 2000, p :38.‬‬

‫‪34‬‬
‫يترتب على االعتراف بالشخصية المعنوية نتائج هامة يشترك فيها أشخاص القانون العام‬
‫والخاص (المطلب األول) إال أن القانون يعترف لألشخاص المعنوية العامة ببعض الخصائص‬
‫غير المعترف بها لألشخاص المعنوية الخاصة باإلضافة إلى النتائج المشتركة (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬النتائج المشتركة المترتبة عن االعتراف بالشخصية المعنوية‪.‬‬
‫يمكن القول إجماال بأن القانون يعترف للشخص المعنوي بكل الحقوق التي يعترف بها‬
‫للشخص الطبيعي إال ما كان منها مالزما لطبيعة اإلنسان ويمكن تلخيص أهم هذه الحقوق فيما‬
‫يلي‪:‬‬
‫*الذمة المالية المستقلة‪ :‬لكل شخص قانوني ذمته المالية المستقلة عن ذمة األشخاص‬
‫الطبيعيين المكونين له‪ .‬وللذمة المالية جانبان‪ :‬جانب إيجابي وهي الحقوق بأنواعها‬
‫المختلفة‪ ،‬وجانب سلبي وهي االلتزامات والواجبات التي تقع على الشخص‪ .‬فالشخص‬
‫المعنوي هو المالك لحقوقه وهو الملتزم وحده بديونه والتزاماته‪.‬‬
‫*األهلية للتقاضي‪ :‬وهذه من أهم نتائج الشخصية المعنوية فيجوز للشخص المعنوي رفع‬
‫الدعاوي المختلفة للدفاع عن مصالحه طلبا لحقوقه‪ ،‬كما أن للغير أن يقاضوه طلبا‬
‫لحقوقهم عليه‪ .‬كل هذا في حدود ما يحدده القانون أو يبين في سند إنشائه‪.‬‬
‫*موطن مستقل‪ :‬للشخص المعنوي موطنه المستقل عن مواطن األشخاص الطبيعيين‬
‫والمعنويين المكونين له‪ .‬وتحديد الموطن أمر هام‪ .‬وبخاصة في تحديد المكان الذي توجه‬
‫إليه أوراق الدعاوي المرفوعة على الشخص المعنوي‪ .‬أو في تحديد المحكمة المختصة‬
‫مكانيا في دعاوى هذا الشخص‪.‬‬
‫*األهلية إلبرام العقود‬
‫*نائب يعبر عن إرادته‪ :‬لما كان الشخص المعنوي فكرة قانونية معنوية فال بد أن يكون له‬
‫شخص طبيعي كي ينوب عنه في التعبير عن إرادته‪ ،‬فيقوم هذا النائب بإبرام التصرفات‬
‫المختلفة باسم الشخص المعنوي ولحسابه ويبين في سند إنشاء الشخص المعنوي‪ ،‬أو في‬
‫ق اررات الحقة‪ ،‬الشخص أو األشخاص الذين لهم حق النيابة عنه‪ .‬كما يضع القانون غالبا‬
‫‪1‬‬
‫بعض الضوابط في هذا الشأن‪.‬‬
‫*مسؤولية الشخص المعنوي‪ :‬يكون الشخص المعنوي مسؤوال مدنيا وجنائيا عن األضرار‬
‫المنسوبة إليه‪ ،‬وبالنسبة لألشخاص المعنوية الخاصة‪ ،‬قد يترتب عن هذه المسؤولية حلها‬
‫‪2‬‬
‫أو توقيفها كما هو عليه األمر بالنسبة للجمعيات‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬النتائج الخاصة المترتبة عن االعتراف بالشخصية المعنوية العامة‬

‫‪ –1‬محمد مرغني‪ :‬مرجع سابق ذكره‪ ،‬ص‪.67-66 :‬‬


‫‪ –2‬عبد القادر باينة‪ :‬مرجع سابق ذكره‪ ،‬ص ‪.153:‬‬

‫‪35‬‬
‫يترتب عن تمتع الهيئات اإلدارية بشخصية معنوية بجوار الدولة النتائج التالية‪:‬‬
‫*تمتع الشخص المعنوي العام بامتيازات السلطة العامة‪ :‬تتجلى في إمكانية إصدار ق اررات‬
‫إدارية منفردة وملزمة واستعمال وسائل القانون العام كنزع الملكية للمنفعة العامة وابرام‬
‫العقود اإلدارية المتضمنة لشروط غير مألوفة في القانون الخاص‪.‬‬
‫*استقالل نسبي في مواجهة الدولة‪ :‬فهي ليست دوال داخل الدولة‪ ،‬بل فروعا منها ترتبط‬
‫بها برابط الرقابة اإلدارية أو الوصاية اإلدارية سابقاوتقتسم السلطة عمليا معها‪ ،‬وبذلك‬
‫يمكن أن تتعامل مع أشخاص عمومية أخرى كما يمكن لها أن تنشأ أشخاص عمومية‬
‫تابعة لها‪.‬‬
‫*يعتبر العاملون لدى األشخاص المعنوية العامة موظفون عموميون‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫*استقالل أشخاص القانون العام بأموالهم‪ :‬فلكل من الدولة وأشخاص القانون العام األخرى‬
‫ذمة مالية خاصة تكمن في ميزانية تتصرف فيها وفق القانون‪ .‬ويترتب عن هذا االستقالل‬
‫إمكانية حصولها على مداخيل مختلفة من دومينها العام والخاص والهبات والوصايا‬
‫والمساعدات‪ ،‬وبالمقابل تتحمل مسؤولية أفعالها الضارة‪ ،‬سواء أكان أساس المسؤولية العقد‬
‫أو الفعل الضار أو اإلثراء بال سبب أو مجرد المخاطرة‪ ،‬ويجب أن يوجه الشخص‬
‫المتضرر دعواه ضد ممثل الشخص المعنوي المسؤول دون إشراك السلطة المركزية معه‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫كما يتحمل أشخاص القانون العام مسؤولية األعمال الضارة التي تصدر من موظفيها‪.‬‬

‫‪ –1‬خالد سمارة الزعبي‪ :‬مرجع سابق ذكره‪ ،‬ص‪.101 :‬‬

‫‪37‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫أنواع األشخاص المعنوية‬

‫تنقسم األشخاص المعنوية إلى أشخاص عامة وأشخاص خاصة‪ ،‬ويرجع هذا التقسيم إلى‬
‫تقسيم القانون إلى قانون عام وقانون خاص‪ ،‬حيث تعتبر األشخاص المعنوية العامة من أشخاص‬
‫القانون العام فتخضع ألحكامه وتهدف تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬عبر تمتعها بامتيازات السلطة‬
‫العامة‪ .‬وتعتبر األشخاص المعنوية الخاصة من أشخاص القانون الخاص‪ ،‬فتسري عليها أحكامه‬
‫وتهدف تحقيق المصلحة الخاصة وال تتمتع بأي امتياز في معامالتها القانونية‪.‬‬
‫ومع ذلك فإن خضوع الشخص المعنوي لهذا النوع أو ذاك من األحكام تبعا للطائفة التي‬
‫ينتمي إليها لم يعد مطلقا إلى الحد الذي كان مقر ار من قبل‪ .‬فمظاهر التداخل بين نوعي‬
‫األشخاص المعنوية تتجلى في صفات مشتركة من حيث إنشاؤها وتكوينها والهدف الذي ترمي‬
‫‪51‬‬
‫إليه والوسائل المستعملة والمهام والقانون المطبق‪.‬‬
‫فهناك من األشخاص المعنوية العامة ما يخضع في بعض النواحي ألحكام القانون‬
‫الخاص‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة للمؤسسات العمومية الصناعية أو التجارية كالمكتب الوطني‬
‫للسكك الحديدية‪ ،‬وهناك من األشخاص المعنوية الخاصة ما يخضع في بعض النواحي ألحكام‬
‫القانون العام‪ ،‬كما هو الشأن مثال بالنسبة للهيئات المهنية كمجلس هيئة المحامين‪ ،‬التي صرح‬
‫المجلس األعلى بصدد نزاع وقع بين السيد حسن فتوح وهيئة نقابة المحامين بمدينة وجدة قائال‪" :‬‬
‫‪52‬‬
‫وحيث إن القضية جاهزة وباعتبارها إدارية"‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬األشخاص المعنوية الخاصة‪.‬‬
‫وهي تتبع القانون الخاص وتخضع ألحكامه‪ ،‬كما تخضع للقضاء العادي وهي متنوعة‪،‬‬
‫تتميز أيضا من حيث الهدف‪ :‬فمنها من تتوخى الربح المادي كالشركات‪ ،‬ومنها من ال تتوخى‬
‫الربح كالجمعيات والنقابات والهيئات المهنية‪.‬‬

‫‪ –51‬للمزيد من التفصيل أنظر‪ :‬عبد القادر باينة‪ :‬مرجع سابق ذكره‪ ،‬ص‪.164 :‬‬
‫‪ –52‬عبد الرحمان البكريوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.55 :‬‬

‫‪38‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬األشخاص المعنوية العامة‪.‬‬
‫تخضع األشخاص المعنوية العامة إلى أحكام القانون اإلداري‪ ،‬وهي على نوعين‪:‬‬
‫األشخاص المعنوية العامة الترابية أو اإلقليمية‪ ،‬واألشخاص المعنوية المصلحية أو المرفقية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬األشخاص المعنوية العامة الترابية أو اإلقليمية‪.‬‬
‫ويوجد على رأس األشخاص المعنوية الترابية الدولة واألشخاص العمومية الترابية األخرى‬
‫التي تنشئها‪ ،‬وقد حددها الدستور المغربي في الجهات والعماالت أو األقاليم والجماعات الحضرية‬
‫أو القروية‪ ،‬وكل جماعة أخرى تحدث بقانون‪.‬‬
‫‪-1‬الدولة‪ :‬تعتبر الدولة أهم األشخاص المعنوية العامة‪،‬وشخصيتها ركن من أركان‬
‫وجودها وفقا لقواعد القانون الدولي العام‪ ،‬وهي التي تضمن لها االستمرار عبر الزمان بغض‬
‫النظر عن أشكال الحكومات المختلفة التي تتعاقب عليها‪ ،‬وذلك دون حاجة إلى نص دستوري‬
‫يقرر شخصيتها‪ .‬أما عن األشخاص اإلقليمية األخرى‪ ،‬بالرغم من استقاللها‬
‫فهي تتفرع من أصل شخصية الدولة‪ ،‬لذلك كانت للدولة هيمنتها على جميع األشخاص‬
‫‪1‬‬
‫المعنوية‪.‬‬
‫وللدولة والية إدارية عامة‪ ،‬أي أنها تتدخل في كل ميادين العمل اإلداري‪ ،‬وتمارس‬
‫اختصاصا جغرافيا وطنيا‪2 ،‬وتملك شخصية معنوية واحدة‪ ،‬تغطي جميع تصرفاتها سواء كانت‬
‫تلك التصرفات تنطوي على قدر كبير من السلطة العامة أم كانت تدخل في نطاق التصرفات‬
‫العادية‪.‬‬
‫وتتخذ الدولة شكلين أساسيين‪ :‬الدولة البسيطة الموحدة والدولة المركزية‪.‬‬
‫‪ ‬وتتخذ الدولة البسيطة الموحدة شكلين‪ :‬الدولة البسيطة المركزية‪ ،‬والدولة البسيطة‬
‫الالمركزية‪.‬‬
‫‪ ‬الدولة المركبة‪ :‬فبدورها تتخذ شكلين‪ :‬األول عبارة عن دولة مركبة اتحادية والدولة‬
‫المركبة الكونفدرالية‪ ،‬ويتولى التفصيل في هذه الجوانب القانون الدولي العام‬
‫والقانون الدستوري‪.‬‬
‫‪-2‬الجماعات الترابية‪ :‬ونقصد بها الجهات والعماالت واألقاليم والجماعات الحضرية‬
‫والقروية تتمتع بالشخصية المعنوية وتشكل تقسيمات إدارية عامة تمارس اختصاصاتها في‬
‫اإلطار الجغرافي المحدد لها تحت رقابة الدولة ووصايتها‪ .‬وسنتولى التفصيل في كل أصنافها‬
‫الحقا‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬األشخاص المعنوية العامة المصلحية أو المرفقية‪.‬‬

‫‪ –1‬مليكة الصروخ‪ :‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص‪.68-67 :‬‬


‫‪2‬‬
‫‪– Yves GAUDMET : Traité de Droit administratif, op.cit. p :51‬‬

‫‪39‬‬
‫وهي التي يتحدد اختصاصها على أساس مصلحي أو مرفقي‪ ،‬وتدعى المؤسسات‬
‫العمومية‪ ،‬وهي عبارة عن مرفق عام يدار عن طريق هيئة عامة لتحقيق المصلحة العامة‪.‬‬
‫أما االعتبارات التي تدعو المشرع أو المجالس المنتخبة إلنشاء األشخاص المعنوية‬
‫المصلحية هو تقديره أن المرفق الذي تقوم هذه األشخاص على إدارته يحتاج بحكم طبيعته إلى‬
‫أساليب إدارية تختلف عن األسلوب اإلداري العادي أي أن الخدمات التي تؤديها تختلف عن‬
‫الوظائف اإلدارية المعروفة‪1 ،‬فيوفر لها االستقالل اإلداري والمالي‪.‬‬
‫وتتنوع المؤسسات العمومية إلى أنواع متعددة إدارية واقتصادية واجتماعية ومهنية‪ ،‬كما قد‬
‫تكون وطنية وجهوية واقليمية وجماعية أو مشتركة بين عدة جماعات في إطار التعاون والتكامل‪.‬‬
‫وعلى عكس باقي األشخاص المعنوية فالمؤسسات العمومية لها اختصاص محدد يرتبط‬
‫بالتخصص‪ ،‬أي أن تدخلها ينحصر في ميدان معين كالمؤسسات الجامعية مثال‪.‬‬
‫وبجانب األشخاص المعنوية العامة يعرف التنظيم اإلداري بعض الدوائر اإلدارية التي ال‬
‫تتمتع بالشخصية المعنوية (كالمقاطعات والدوائر‪ .‬والمرافق المدارة مباشرة كالو ازرات‪ )...‬فهم‬
‫مرتبطين مباشرة باألشخاص المعنوية السابقة الذكر‪ .‬والروابط بين األشخاص المعنوية تحفظ‬
‫استقالل كل شخص معنوي مع وجود الرقابة‪.‬‬

‫‪ –1‬عبد الرحمان البكريوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.57 :‬‬

‫‪40‬‬
‫القسم الثاني‬
‫المركزية والالمركزية اإلدارية‬

‫إن تماسك العمل اإلداري يفرض نفسه بين األدوار الموكولة لمختلف األشخاص المعنوية‬
‫الخاضعة للقانون العام‪ ،‬إذ يجب تحديد طبيعة ومحتوى العالقات التي تنسج بين األشخاص‬
‫المعنوية‪ ،‬هل يخضع أحدهما لآلخر؟ أم يجب أن يأخذ كل واحد منهم بعين االعتبار‬
‫اختصاصات اآلخر؟‪ ،‬وعموما فأهم عنصر في التنظيم اإلداري هو تحديد طبيعة العالقات‬
‫القانونية القائمة بين السلطة المركزية من جهة‪ ،‬والدوائر المحلية والسلطات التي تشرف عليها من‬
‫‪1‬‬
‫جهة ثانية‪.‬‬
‫وتتجه الدولة لتسيير المرافق العمومية وتصريف األمور اإلدارية إلى حصر جميع‬
‫االختصاصات في يد اإلدارة المركزية في العاصمة‪ ،‬حيث تعرض عليها كل صغيرة وكبيرة وتبث‬
‫في كل مسألة‪ ،‬غير أن هذا التنظيم اإلداري إذا كان قد عرفته بعض الدول فيما مضى فهو‬
‫صعب التطبيق في الوقت الحاضر‪ .‬لذلك قد اتجهت مختلف الدول إلى توزيع االختصاصات‬
‫على موظفين يمارسون مهامهم باإلدارة المركزية وآخرين موزعين على المصالح‬
‫الالممركزةالمختلفة التي تنوب عن السلطة المركزية في شتى األقاليم أوالعماالت والجهات‪ ،‬وتترك‬
‫لهم سلطة البث في بعض المسائل مع استمرار إشراف السلطة المركزية في العاصمة عليهم‬
‫وعلى أعمالهم‪.‬‬
‫ويبدو من الصورتين السالفتين أن للمركزية اإلدارية وجهين‪ :‬األولى تتركز فيها السلطات‬
‫اإلدارية في يد الو ازرة في العاصمة‪ .‬أما الحالة الثانية فهي المسماة بالمركزية اإلدارية مع عدم‬
‫التركيز‪ ،‬والتي بمقتضاها يتم توزيع سلطة إصدار الق اررات بين الرئيس اإلداري وبعض أعضاء‬
‫السلطة اإلدارية سواء في داخل العاصمة أو خارجها‪.‬‬
‫وتتجه الدول المعاصرة إلى ترك سلطات البث النهائي إلى هيئات إدارية تتمتع بقدر من‬
‫االستقالل‪ ،‬تقوم بتسيير شؤونها المحلية التي تقتضي طبيعة األمور فيها أن يترك شأنها لهيئات‬
‫مستقلة‪ ،‬تديرها بإمكانياتها الذاتية‪ ،‬مع خضوعها لنوع من الرقابة اإلدارية تمارسها عليها اإلدارة‬
‫المركزية‪ ،‬وهذه الصورة هي التي تعرف بالالمركزية اإلدارية‪.‬‬
‫ويبدو أن جميع الدول في الوقت الحاضر تأخذ بقدر متفاوت من الالمركزية‪ ،‬فتترك بعض‬
‫األمور إلى هيئات تتوالها بنفسها مستقلة عن السلطة المركزية‪ ،‬غير أن توزيع االختصاصات‬
‫بين السلطة المركزية وهذه الهيئات المستقلة وتحديد ما يخضع لنشاط هذه الهيئات وما ال يخضع‬

‫‪1‬‬
‫‪– André DELAUBADERE, et autres : Droit administratif. L.G.D.J, 16 ed,2000. p :173.‬‬

‫‪41‬‬
‫أمر تختلف فيه الدول حسب ظروفها السياسية واالجتماعية واالقتصادية وحسب ما بلغه المجتمع‬
‫من نضج ومن اهتمام بالشؤون العامة‪ ،‬كما أن الرقابة التي تمارسها عليها اإلدارة المركزية‬
‫تختلف حدتها ويتسع حجمها أو يضيق من دولة إلى أخرى حسب درجة التقدم والنمو الذي‬
‫‪1‬‬
‫وصلت إليه‪.‬‬
‫ويمزج القانون المغربي بين أسلوبي المركزية (الفصل ‪ )I‬والالمركزية (الفصل ‪ )II‬في‬
‫تنظيمه اإلداري‪ .‬فالقيام بمهام المصلحة العامة موزع بين الدولة التي تعد تعبي ار عن الجماعة‬
‫الوطنية والجماعات الترابية المتمتعة بالشخصية المعنوية‪ ،‬يوكل إليها تدبير مصالحها الترابية أو‬
‫‪2‬‬
‫المعتبرة كذلك من طرف المشرع‪.‬‬

‫‪ –1‬عبد الرحمان البكريوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.62-61 :‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Jean RIVERO, J.WALLINE : Droit administratif, 18 edDelloz 2000, p : 305.‬‬

‫‪42‬‬
‫الفصل األول‬
‫المركزية اإلدارية‬

‫قبل أن ندرس تطبيقات المركزية اإلدارية في النظام اإلداري المغربي نتطرق إلى مفهوم‬
‫المركزية وتحديد عناصرها (المبحث األول) ثم مختلف الصور واألشكال التي تتخذها (المبحث‬
‫الثاني) وأخي ار تقدير هذا النوع من التنظيم (المبحث الثالث)‪.‬‬
‫المبحث األول‪:‬مفهوم المركزية وعناصرها‪.‬‬
‫تتميز المركزية بوحدة اإلدارة والتي تتمظهر في مختلف سمات الحياة العامة‪ :‬السياسية‬
‫واالقتصادية واإلدارية‪ .53‬فالمركزية السياسية تقوم على تجميع السلطة السياسية في الدولة في يد‬
‫هيئة رئيسة واحدة‪ ،‬والمركزية االقتصادية تقوم على إشراف الدولة على كافة أوجه النشاط‬
‫االقتصادي وتوجيهه وفقا للخطط المرسومة‪ .‬أما المركزية اإلدارية فتقوم على تجميع كل آليات‬
‫أي قصر الوظيفة اإلدارية في الدولة على ممثلي الحكومة‬ ‫‪54‬‬
‫العمل والرقابة في مركز واحد‪،‬‬
‫المركزية في العاصمة‪ .‬وهم الوزراء دون مشاركة من هيئات أخرى‪ ،‬فهي تقوم على توحيد اإلدارة‬
‫‪55‬‬
‫وجعلها تنبثق من مصدر واحد مقره العاصمة‪.‬‬
‫ففي بلد ممركز ‪ centralisé‬ال يوجد إال شخص معنوي واحد خاضع للقانون العام هو‬
‫الدولة‪ .‬ورغم تقسيم البالد إلى جماعات وأقاليم ثم أخي ار إلى جهات إال أنه ال يعترف لها‬
‫بالشخصية المعنوية‪ ،‬وبالتالي فما هي إال إطار لمختلف المصالح اإلدارية دون أن ترقى إلى‬
‫صفة جماعة‪.56‬‬
‫ويتضح من التعريف السابق للمركزية اإلدارية أنها تقوم على ثالثة عناصر أساسية هي‪:‬‬
‫تركيز السلطة بين أيدي اإلدارة المركزية‪ ،‬ووجود تبعية هرمية وقيام هذه التبعية على السلطة‬
‫الرئاسية‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫‪– Philippe GEORGES : Droit public : concours administratifs, 5ed, sirey 1984, p : 151‬‬
‫‪54‬‬
‫‪Jean-Louis Autin / Catherine Ribot : Droit Administratif Général. Édition Litec, 1999, P : 25.‬‬
‫‪ –55‬خالد سمسارة الزعبي‪ :‬القانون اإلداري مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.108 :‬‬
‫‪56‬‬
‫‪– Jean RIVERO, Jean WALLINE : Droit administratif, op. cit. p : 310.‬‬

‫‪43‬‬
‫‪-1‬تركيز السلطة بين أيدي اإلدارة المركزية‪.‬‬
‫ويقصد بها استئثار الحكومة المركزية في العاصمة بسلطة البث في األمور اإلدارية في‬
‫الدولة كلها أي انفراد الوزراء وتابعيهم من موظفي المصالح الخارجية بتصريف كل الشؤون‬
‫اإلدارية‪ ،‬بمعنى أن يكون من حق هؤالء وحدهم سلطة إصدار الق اررات اإلدارية النهائية وما‬
‫تتضمنه هذه السلطة من والية تعديل هذه الق اررات أو تعديل آثارها أو سحبها أو إلغائها حسبما‬
‫‪57‬‬
‫تقتضيه مالزمات حسن سير المرافق العمومية‪.‬‬
‫‪-2‬التبعية الهرمية‪:‬‬
‫المقصود بالتبعية الهرمية بالنسبة للسلطة الرئاسية داخل اإلدارات المركزية ومصالحها‬
‫الخارجية هو التبعية المتدرجة التي تحكم موظفي وأعمال هذه اإلدارات في عالقاتهم بالسلطة‬
‫الرئاسية‪ .‬وتعتبر هذه التبعية من لوازم النظام المركزي‪ ،‬وبمقتضاها يخضع الموظفون‬
‫والمستخدمون لما يصدره رئيسهم من توجيهات وأوامر ملزمة‪ .‬وتتدرج هذه التبعية في سلم إداري‬
‫إلى أن تصل إلى أدنى درجات اإلدارة‪ .‬ويحتل القمة في النظم البرلمانية ملكية كانت أو جمهورية‬
‫‪58‬‬
‫الوزير المختص‪ ،‬أما في النظم الرئاسية فيشغل قمة الهرم رئيس الجمهورية‪.‬‬
‫‪-3‬السلطة الرئاسية‪:‬‬
‫وتعني السلطة الرئاسية سلطة شبه مطلقة يمارسها الرئيس على شخص المرؤوس وأعماله‪.‬‬
‫* من حيث شخص المرؤوس‪ :‬فالرئيس يمكن أن يكلفه بعمل معين أو يتواله بنفسه‪ ،‬وقد‬
‫ينقله إلى عمل آخر‪ ،‬وقد يعطيه عطلة أو يرقيه‪ ،‬وقد يوقع عليه جزاء‪ ،‬كما يشتركفي‬
‫تنقيطه‪...‬الخ‪.‬‬
‫* بالنسبة ألعمال المرؤوس وهذه الرقابة تنقسم إلى نوعين سابقة والحقة‪.‬‬
‫‪ -‬الرقابة السابقة‪ ،contrôle Apriori:‬يمارسها الرئيس بواسطة ما يوجهه من أوامر‬
‫(‪ ،)ordres‬وقد تكون هذه األوامر فردية ومحددة وموجهة إلى مرؤوس محدد بعينه‪ ،‬وقد تكون‬
‫عامة ومجردة وموجهة إلى سائر المرؤوسين‪ ،‬أو لطائفة محددة منهم‪ .‬وتسمى هذه األوامر‬
‫بالتعليمات المصلحية (‪ )instruction de services‬وبالدوريات (‪.)circulaires‬‬
‫‪ -‬الرقابة الالحقة على أعمال المرؤوس‪ ،‬تتلخص في سلطات الرئيس في التعقيب على‬
‫التصرفات الصادرة عن مرؤوسه‪ ،‬فله أن يقرها أو يجيزها‪ ،‬وله الحق في أن يبطلها (‪)annuler‬‬
‫أو أن يعدلها (‪ )réformer‬أو أن يستبدل بها غيرها‪59 ،‬ويمكن له أن يفوض بعض اختصاصاته‬

‫‪ –57‬عبد الرحمان البكريوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.63:‬‬


‫‪ –58‬عبد الرحمان البكريوي‪ :‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.63:‬‬
‫‪ –59‬المصطفى خطابي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52:‬‬

‫‪44‬‬
‫إلى المرؤوس‪ ،‬وتمارس هذه السلطة بمجرد ثبوت عالقة رئيس بمرؤوس دون حاجة إلى نص‬
‫صريح يفرضها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬صور المركزية اإلدارية‪.‬‬
‫المركزية كشكل للتنظيم اإلداري يمكن أن تتجلى في مظهرين‪ :‬تركيز سلطات اتخاذ‬
‫الق اررات في مجموعها‪ ،‬أو بالعكس عدم تركيزها‪ ،‬إذ االختصاصات والصالحيات التي يمارسها‬
‫الوزير تتخذ أحد شكلين‪:‬‬
‫أ‪-‬التركيز اإلداري‪ :concentration‬ومعناه أن يقتصر اتخاذ الق اررات اإلدارية في الو ازرة‬
‫في العاصمة وبخاصة في يد الوزير‪ ،‬فال يعطي أي قدر من السلط سواء بالعاصمة أو خارجها‪.‬‬
‫فالوزير وحده هو الذي يملك سلطة التقرير في كل صغيرة وكبيرة‪ ،‬غير أن هذا ال يعني أن‬
‫موظفي الو ازرة ال يقومون بأي شيء‪ ،‬بل إن دورهم ينكمش إذ ال يتعدى دور التحضير والدراسة‬
‫واالقتراح عن طريق رفع التقارير والمذكرات إلى الوزير المختص الذي يتخذ وحده القرار النهائي‬
‫في شأنها‪ ،‬وبعد مصادقة الوزير على تلك االقتراحات والتقارير يظهر دور أولئك الموظفين من‬
‫جديد للقيام بعملية تنفيذ تلك التدابير ومتابعتها‪.60‬‬
‫وهذه الصورة البدائية للمركزية غير متصورة في العصر الحديث‪ ،‬بالنظر لتوسيع المهام‬
‫التي على اإلدارة تلبيتها وضرورة تقريب المدار من سلطة التقرير‪ ،‬كما أن المركزية تتطور‬
‫‪61‬‬
‫بسرعة نحو الالمركزية‪.‬‬
‫ب‪-‬عدم التركيز أو الالتمركز اإلداري‪:déconcentration‬‬
‫يراد بعدم التركيز تخفيف العبء الملقى على عاتق السلطة المركزية بتوزيع أفضل‬
‫لألعمال اإلدارية‪ ،‬عبر نقل جزء من سلطة التقرير المسندة إليها إلى األعوان المحليين إلدارة‬
‫الدولة ‪62‬والبث فيها نهائيا دون الرجوع إلى الوزير المختص قبل الشروع في تنفيذها‪.‬‬
‫أو الوزير‬ ‫‪64‬‬
‫يتحقق ذلك بنقل أو تفويض بعض اختصاصات الملك‪63‬أو رئيس الحكومة‬
‫إلى موظف آخر أو إلى مجموعة من الموظفين بالو ازرة في العاصمة ذاتها‪ ،‬وقد تنقل إلى بعض‬
‫موظفي الو ازرة في المصالح الالممكزةللو ازرة‪ ،‬أو أن توكل بعض االختصاصات إلى الوالة أو‬
‫‪65‬‬
‫عمال العماالت واألقاليم أو إلى رؤساء البعثات الدبلوماسية بالخارج‪.‬‬
‫ولكن سلطة البث هذه والتي قد يتمتع بها بعض الموظفين ال تعني استقاللهم عن الوزير‪،‬‬
‫بل يمارس هؤالء سلطتهم تحت إشراف الوزير ورؤسائهم اإلداريين‪ ،‬أي في نطاق السلطة‬

‫‪ –60‬عبد الرحمان البكريوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.67:‬‬


‫‪61‬‬
‫‪– Nadine POULET- GIBOT LECLERC : Droit administratif. Breal, 1995, p: 19.‬‬
‫‪62‬‬
‫‪– M. ROUSSET: op.cit. p :33.‬‬
‫‪ 63‬ينص الفصل ‪ 48‬من الدستور " للملك أن يفوض لرئيس الحكومة بناء على جدول أعمال محدد رئاسة مجلس وزاري"‪.‬‬
‫‪ 64‬ينص الفصل ‪ 90‬من الدستور "يمارس رئيس الحكومة السلطة التنظيمية ويمكن أن يفوض بعض سلطه للوزراء"‪.‬‬
‫‪ –65‬عبد الرحمان البكريوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.68 :‬‬

‫‪45‬‬
‫الرئاسية‪.66‬إذ يتعلق األمر بتهيئة تقنية التخاذ القرار الموكول للممثلين المحليين دون المساس‬
‫‪67‬‬
‫بجوهر المركزية‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬تقدير نظام المركزية اإلدارية‪.‬‬
‫تتصف المركزية اإلدارية إذا نظمت وطبقت كما يجب‪ ،‬ببعض المزايا التي ال يمكن‬
‫إنكارها‪ ،‬وتلك المزايا هي التالية كما يورده معظم الفقهاء‪.‬‬
‫‪-1‬تقوي السلطة العمومية‪ ،‬وتسهل نشر نفوذ الدولة وهيبتها‪ ،‬ومن ثم كانت المركزية‬
‫اإلدارية ضرورة للدول الحديثة في أول نشوئها‪ ،‬وقد لمس أنصار الحكم المطلق هذه الحقيقة‪،‬‬
‫ولذلك فإن النظم التي أقاموها كانت تقترن غالبا بمركزية إدارية مفرطة‪.‬‬
‫‪-2‬إشراف الحكومة على المرافق العمومية في جميع األقاليم يؤدي إلى العدالة ومساواة‬
‫األفراد أمام الخدمات التي تقوم بها‪ .‬كما أن السلطة المركزية‪ ،‬بإمكانياتها الكبيرة من الناحية‬
‫المالية والفنية تستطيع أن تكفل أداء المرافق العمومية لخدماتها على أتم وجه عن طريق تنظيمها‬
‫تنظيما موحدا‪ ،‬واخضاعها إلشراف دقيق نتيجة للسلطة الرئاسة‪.‬‬
‫‪-3‬وبالنظر إلى وحدة المصدر الذي ينبثق من السلطة المركزية‪ ،‬فإن هذا النظام يحقق‬
‫تجانس النظم اإلدارية في الدولة كلها‪ ،‬ولهذا أهمية ال تنكر‪ ،‬إذ يسهل على الموظفين اإلحاطة‬
‫بتلك النظم‪ ،‬وبالتالي يحسنون تنفيذها‪ ،‬كما أن المواطنين يفهمونها بسهولة‪.‬‬
‫‪-4‬قيل إن المركزية اإلدارية تؤدي إلى اإلقالل من النفقات العامة إلى أقصى حد ممكن‪،‬‬
‫نظ ار لوحدة مصدر النفقات والرقابة الدقيقة الموحدة للسلطة عليها‪.‬‬
‫وبطبيعة الحال فكل نظام له محاسنه ومساوئه‪ ،‬فالمركزية اإلدارية هي بدورها رغم هذه‬
‫المزايا التي يضفيها الفقهاء عليها فلها مساوئ وعيوب ونذكر جملتها‪.1‬‬
‫‪-1‬إنها أسلوب غير ديمقراطي حيث تتركز االختصاصات اإلدارية في أيدي قلة من‬
‫الوزراء وكبار الموظفين‪ ،‬وتبعد كثي اًر من الكفاءات الوطنية عن اإلسهام في إدارة المرافق‬
‫العمومية والمشاركة في العمل العام‪.‬‬
‫‪-2‬إنها تتسم بالبطء والتعقيد والروتين في أداء الخدمات العامة وتلبية احتياجات‬
‫المواطنين‪.‬‬
‫‪-3‬بعد مركز اتخاذ القرار عن المكان الذي ينفذ فيه‪ ،‬خاصة بالنسبة إلى األقاليم البعيدة‬
‫عن العاصمة‪ ،‬يجعلها غالبا غير مالءمة لمواجهة االحتياجات الترابية الخاصة بها‪.‬‬

‫‪ –66‬المصطفى خطابي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.53:‬‬


‫‪67‬‬
‫‪– Jacqueline MORAND- DEVILLIER : cours de Droit administratif. 6 eme éd Montchrestien 1999,‬‬
‫‪p : 94-145.‬‬
‫‪ –1‬محمد مرغني‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.116 :‬‬

‫‪46‬‬
‫‪-4‬إنها قد تؤدي إلى استئثار العاصمة والمدن الكبرى بمعظم المشروعات والمرافق‬
‫العمومية وال يترك للقرى والمناطق النائية إلى النزر اليسير‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى عدم تجانس‬
‫‪2‬‬
‫مستوى النمو االجتماعي واالقتصادي في الدولة الواحدة‪ ،‬ويزيد من الهوة الموجودة أصال بينها‪.‬‬

‫‪ –2‬عبد الرحمان البكريوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.80-79 :‬‬

‫‪47‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫الالمركزية اإلدارية‬

‫سندرس الالمركزية اإلدارية من خالل المباحث التالية‪:‬‬


‫‪ -‬المبحث األول‪ :‬تعريف وتحديد عناصر الالمركزية اإلدارية‬
‫‪ -‬المبحث الثاني‪ :‬أنواع الالمركزية اإلدارية‪.‬‬
‫‪ -‬المبحث الثالث‪ :‬أركان الالمركزية اإلدارية‪.‬‬
‫‪ -‬المبحث الرابع‪ :‬تميز نظام الالمركزية اإلدارية عما يشابهها‪.‬‬
‫‪ -‬المبحث الخامس‪ :‬تقدير نظام الالمركزية اإلدارية‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف وتحديد عناصر الالمركزية اإلدارية‪.‬‬
‫لقد رأينا عند تحليل نظام المركزية اإلدارية أنها تقوم أساسا على وجود شخص معنوي عام‬
‫واحد وهو الدولة‪ ،‬وأن كل ما تنشئ من المرافق العمومية (الو ازرات) واألجهزة اإلدارية المتفرعة‬
‫عنها ال يتمتع أي منها بشخصية معنوية مستقلة عن شخصية الدولة‪ ،‬غير أنه من الناحية‬
‫العملية ال يتكون التنظيم اإلداري بالمركزية اإلدارية وحدها بل توجد إلى جانب الدولة أشخاص‬
‫معنوية أخرى‪ ،‬وهذه هي التي تكون ما يطلق عليه اإلدارة الالمركزية‪.1‬‬
‫تعني الالمركزية اإلدارية ترك جزء من الوظيفة اإلدارية بين أيدي هيئات إدارية محلية‬
‫إقليمية أو مصلحية متمتعة بالشخصية المعنوية‪ ،‬لتباشرها تحت الوصاية اإلدارية للسلطات‬
‫المركزية‪.2‬‬
‫إن البحث في مغزى التنظيم الالمركزي يفرض معالجة مفهوم الالمركزية اإلدارية انطالقا‬
‫من طرحه من حالل أشكال التنظيم األخرى‪ ،‬إذ يمكن التمييز بين ثالث أنواع من التنظيم‪:‬‬
‫المركزية‪ ،‬عدم التركيز‪ ،‬ثم الالمركزية‪ ،‬فبخصوص المركزية يمكن القول بأنها ترتبط أساسا‬
‫بالمركز‪ ،‬أي العاصمة‪ ،‬ذلك أن السلطة المركزية تتشكل من الملك ورئيس الحكومة والوزراء‪،‬‬
‫وتتوفر على اختصاصات عامة تهم جميع أنحاء التراب الوطني‪ ،‬أي أن هذه االختصاصات‬
‫مارسها السلطة المركزية في مواجهة كل جهة من جهات البالد‪ ،‬سواءعلى مستوى السكان أو‬
‫على مستوى المصالح‪ ،‬أي المرافق العمومية‪.‬‬
‫أما عدم التركيز أو الالتمركز‪ ،‬فهو أسلوب تقني يقتضي االعتراف بسلطات أي بسلطات‬
‫تقريرية في عين المكان لموظفين تابعين للسلطة المركزية‪ ،‬وهم موظفون يتم تعيينهم من طرف‬
‫هذه األخيرة على رأس مختلف المصالح الالممكزة التي توجد على المستوى الترابي‪ .‬ويكون‬

‫‪ –1‬عبد الرحمان البكريوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.18 :‬‬


‫‪ –2‬محمد مرغني‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.76 :‬‬

‫‪48‬‬
‫بإمكانهم اتخاذ التدابير الضرورية للتسيير على المستوى الترابي كما لو أن الحكم المركزي هو‬
‫الذي مارسها‪ ،‬ومن أمثلة إجراءات عدم التركيز أو الالتمركز نشير إلى الحالة التي يصدر فيها‬
‫قانون يخول إلى الوالي أو العامل سلطة القرار في مادة معينة كانت فيما قبل من اختصاص‬
‫الوزير‪.1‬‬
‫أما الالمركزية اإلدارية ومن خالل التعريف السابق يتضح أنها تقوم على العناصر‬
‫‪68‬‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ )1‬وجود هيئات ترابية أو مصلحية تتمتع بالشخصية المعنوية‪ ،‬وقد تكون هذه الهيئات‬
‫الترابية في غالب األحيان منتخبة من طرف السكان المعنيين باألمر‪.‬‬
‫ويترتب عن مفهوم الشخصية المعنوية أن الهيئات الترابية قصد تصريف شؤونها الخاصة‬
‫ال بد لها من أموال ذاتية‪ ،‬وممتلكات مادية وموظفين وميزانية‪.‬‬
‫وتكون الجماعة الالمركزية نظ ار لتمتعها بالشخصية المعنوية صاحبة حقوق وواجبات كما‬
‫بوسعها التقاضي أمام المحاكم‪ ،‬ويعبر عن هذه الوظيفة من الناحية القانونية بالقول بأن الجماعة‬
‫الالمركزية تتمتع بالشخصية المعنوية‪.‬‬
‫‪-2‬االعتراف لهذه الهيئات بتسيير وتصريف الشؤون الترابية بواسطة مرافق عمومية متميزة‬
‫عن المرافق العمومية الوطنية‪ ،‬فالدولة وحدها هي المختصة في تحديد الحاجيات العمومية‬
‫المشتركة بين جميع سكان التراب الوطني والتي تكون شؤون الدولة‪ ،‬أي المرافق العمومية‬
‫الوطنية‪ ،‬والحاجيات الخاصة بالسكان‪ ،‬والتي تكون الشؤون الترابية تسير من طرف مرافق‬
‫عمومية ترابية‪ .‬وهكذا فإن نطاق الشؤون الترابية يكون محدداً من طرف المشرع أو القانون‪.‬‬
‫‪ )3‬الالمركزية اإلدارية هي نوع من التسيير الذاتي وليست باالستقالل التام‪ .‬فالسلطة‬
‫المركزية تكون خاضعة في ممارستها لمهامها إلى نوع من الرقابة تمارسها السلطة المركزية‪ ،‬كما‬
‫سنفصل ذلك الحقا‪.1‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أنواع الالمركزية اإلدارية‪:‬‬
‫تأخذ الالمركزية شكلين حسب التطور الذي وصلت إليه مفاهيم الديمقراطية‪:‬‬
‫‪ -‬الالمركزية الترابية والتي تشكل مختلف الجماعات الترابية موضوعا لها‪ ،‬وتتحقق على‬
‫أساس السماح للوحدات الترابية أو اإلقليمية المتمتعة بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي‬
‫بتسيير شؤونها الترابية‪ ،‬وان كان االستقالل الذي تتمتع به نسبيا حيث أن وحدة الدولة تفرض‬
‫إش ارف السلطة المركزية عليها عن طريق الرقابة‪.2‬‬

‫‪ –1‬محمد كرامي‪ :‬التنظيم اإلداري‪ .‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2000 ،‬ص‪.55 :‬‬
‫‪68‬‬
‫‪Philipe Georges : Droit Public, Concours Administratifs, 5éme édition, Edition SIREY, 1984. P : 154.‬‬
‫‪ –1‬المصطفى خطابي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.55 :‬‬
‫‪ –2‬صالح المستف‪ :‬التطور اإلداري في أفق الجهوية بالمغرب‪ .‬مؤسسة بنشرة للطباعة والنشر‪ ،‬الدار البيضاء ‪ ،1989‬ص‪.27 :‬‬

‫‪49‬‬
‫‪-‬الالمركزية المرفقية أو المصلحية‪ :‬ونجد هذا النوع من الالمركزية عند منح مرفق عام‬
‫سواء أكان وطنيا أو ترابيا الشخصية المعنوية أي منحه االستقالل اإلداري والمالي لتسيير شؤونه‬
‫‪69‬‬
‫مع خضوعه للرقابة اإلدارية من طرف السلطات المختصة‪.‬‬
‫وينطبق هذا بصفة خاصة على المؤسسات العمومية بمختلف أنواعها‪.‬‬
‫يتضح من خالل تحديد نوعي الالمركزية أنهما يلتقيان في عدة نقاط‪ :‬فكالهما يتوفر على‬
‫شخصية معنوية وتوكل لهما مهمة تسيير مرفق عمومي كما يخضعان معا للرقابة اإلدارية‪ ،‬إال‬
‫أن هذا ال يمنع من اختالفهما في نقاط أخرى نوجزها في النقط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تنشأ األشخاص اإلدارية الترابية بتأثر عوامل سياسية أهمها انتشار األفكار الديمقراطية‬
‫ومبادئ الحرية السياسية‪ ،‬التي تسهر على تحقيق منح الجماعات الترابية صفة حكم نفسها‬
‫بنفسها‪ ،‬وأما األشخاص العامة المرفقية فتنشأ ألسباب وعوامل فنية هي الرغبة في إدارة المرافق‬
‫العامة بطريقة سليمة‪ ،‬تسعى إلى تحقيق أفضل إنتاج وأوفره بأقل تكاليف ممكنة‪.‬‬
‫لذلك فإن أعضاء المجالس الترابية يتم انتخابهم من السكان‪ ،‬بينما يختار أعضاء‬
‫المؤسسات العمومية ‪-‬كقاعدة عامة – بطريق التعيين بواسطة السلطة التي تملك الوصاية على‬
‫‪1‬‬
‫هذه األشخاص المرفقية‪.‬‬
‫‪ -‬ينشأ الشخص اإلداري الترابي لرعاية مصالح عامة لسائر السكان المتواجدين داخل‬
‫إطاره الجغرافي أي الجماعات الترابية تشكل إطارات إدارية عامة محدودة جغرافيا في دائرة‬
‫معينة‪ ،‬بينما ينشأ الشخص العام المرفقي لتحقيق غرض محدد يرتبط بالشخص‪ ،‬أي تدخل‬
‫المؤسسات العمومية ينحصر في ميدان معين وال يخرج عنه كالتعليم العالي والبحث العلمي‬
‫‪2‬‬
‫بالنسبة للجامعة مثال‪ ،‬عكس الدولة والجماعات الترابية لها والية عامة كل في حدوده الجغرافية‬
‫‪ -‬إن الشخص اإلداري الترابي‪ ،‬يعتبر أعلى درجة وأوسع اختصاصا وسلطانا عن‬
‫الشخص اإلداري المرفقي‪ ،‬ذلك أن اختصاص الشخص اإلداري الترابي يشمل إنشاء وادارة‬
‫المرافق العامة في جهة أو إقليم أو جماعة من الدولة بما في ذلك إنشاء المرفق ومنحه الشخص‬
‫‪3‬‬
‫المعنوي‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫‪Marie-Christine ROUAULT : Droit Administratif. 4éme édition, Gualino éditeur, EJA-Paris- 2007,‬‬
‫‪P : 96.‬‬
‫‪ –1‬مليكة الصروخ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.87-86 :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪– Yves G AUDMET : op.cit. p : 56.‬‬
‫‪ –3‬مليكة الصروخ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.86:‬‬

‫‪50‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬أركان اإلدارة الترابية أو الالمركزية اإلدارية‪.‬‬
‫إن اإلدارة الترابية أصبحت تقليدا راسخا في الدول التي تتبع النظام الالمركزي في تدبير‬
‫شؤون أقاليمها‪ ،‬حيث أن الركائز التي تقوم عليها هي واحدة مع بعض االختالفات البسيطة‪،‬‬
‫وتتجلى في وجود قضايا ترابية‪ ،‬وادارة هذه القضايا من قبل هيئات ترابية وممارسة الرقابة‪.‬‬
‫‪-1‬وجود قضايا ترابية‪:‬‬
‫يعتبر هذا الركن نقطة االنطالق في إرساء هياكل الالمركزية الترابية أو المرفقية‪ ،‬وان كان‬
‫هناك اختالف في طريقة تحديد اختصاصاتها عن طريق عدة أساليب‪ ،‬فهناك أسلوب يعتمد على‬
‫تحديد اختصاص الهيئات الالمركزية على سبيل الحصر من طرف المشرع (وهي الطريقة‬
‫االنجلوساكسونية) ‪1‬ويترتب على هذه الطريقة توزيع االختصاص وجود تباين بين اختصاصات‬
‫الهيئات الترابية‪.2‬‬
‫أما الثاني فيتعلق بتحديد القضايا الخاصة للوحدات الترابية بصفة عامة (وهو األسلوب‬
‫الالتيني)‪ ،‬وبالتالي تمارس كل االختصاصات التي تقوم بها السلطة المركزية وحتى إذا ما تم‬
‫ذكر نوعية القضايا الترابية فال تكون إال على سبيل المثال‪.3‬‬
‫لكن المشكل يثور بالنسبة لوضع معيار يفرق بين المرافق الترابية‪ ،‬فمنها ما يعتبر وطنيا‬
‫من بعض الوجوه‪ ،‬وترابيا من أخرى‪ ،‬ويتولى المشرع تحديد ما يدخل في اختصاصات الجماعات‬
‫الترابية بمقتضى القوانين التنظيمية‪ ،‬وفق الدستور الحالي ‪.2011‬‬
‫‪ )2‬إدارة القضايا الترابية بواسطة هيئات منتخبة على صعيد كل وحدة‪.‬‬
‫من بين األركان األساسية التي تقوم عليها الالمركزية هو تسيير الشؤون الترابية من‬
‫طرف أشخاص لهم ارتباط وثيق بالنفوذ الترابي الذي تمارس فيه تلك االختصاصات‪ ،‬فهؤالء‬
‫السكان يشاركون في تدبير شؤونهم الترابية بواسطة منتخبين يتم اختيارهم وتشكيل هيئتهم بواسطة‬
‫االنتخاب الذي يعتبر أساسيا وضروريا لقيام الالمركزية‪.4‬‬
‫وقد اتجه بعض الفقهاء إلى القول إن انتخاب هيئات اإلدارة الالمركزية ليس ركنا من‬
‫أركانها‪ ،‬وانه ليس هناك ما يمنع من تعيين أعضاء الهيئات دون أن تفقد صفتها الالمركزية‪،‬‬
‫طالما أمكن ضمان استقاللها اتجاه اإلدارة المركزية‪ ،‬غير أن الرأي الراجح في الفقه يذهب إلى‬
‫أن الالمركزية اإلدارية ال تقوم دون انتخاب أعضاء الهيئات الترابية كلهم أو معظمهم بحيث‬
‫الغلبة للعنصر المنتخب‪.‬‬

‫‪ –1‬صالح المستف‪ :‬التطور اإلداري في أفق الجهوية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.28 :‬‬
‫‪ –2‬عبد الرحمان البكريوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21:‬‬
‫‪ –3‬صالح المستف‪ :‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.28:‬‬
‫‪ –4‬عبد القادر باينة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.363 :‬‬

‫‪51‬‬
‫فاالنتخاب يعد إذن من مقومات اإلدارة الالمركزية بينما يعد التعيين من مقومات اإلدارة‬
‫المركزية‪ ،‬فاالعتبارات السياسية التي تكمن وراء األخذ بالالمركزية اإلقليمية‪ ،‬وهي إخضاع اإلدارة‬
‫الترابية للنظام الديمقراطي توجب األخذ بطريق االنتخاب‪ ،‬فالعضو المنتخب يشعر دائما بأنه‬
‫يستند إلى قاعدة شعبية هي صاحبة الفضل في االختيار‪ ،‬قصد إنجاز الخدمات التي هي في‬
‫حاجة إليها‪ ،‬وان تلك القاعدة هي وحدها القادرة على إعادة انتخابه إذا رأت أنه جدير بوضع الثقة‬
‫فيه مرة أخرى‪.‬‬
‫أما العضو المعين فال يستطيع أن يتجاهل أن اإلدارة المركزية هي التي عينته‪ ،‬وان لها‬
‫بالت الي مبدأ عليه‪ ،‬وال يستطيع أن يتجاهل أن اإلدارة المركزية هي التي تملك إعادة تعيينه‪ ،‬وهذه‬
‫الحقائق تنعكس آثارها حتما أثناء العضوية‪.‬‬
‫ولعل األخذ بأسلوب االنتخاب له فوائد ومزايا تتجلى في تدعيم استقالل الهيئات الترابية‬
‫واحساس السكان بأن تلك الممارسة أسلوب ديمقراطي‪ ،‬وان كان يؤخذ على هذه الطريقة أنها غير‬
‫سليمة خاصة في دول العالم الثالث‪ .‬وقد اتبع المغرب نهج االنتخاب منذ االستقالل كباقي‬
‫الدول‪.‬‬
‫‪-3‬ممارسة سلطة الوصاية على الهيئات الترابية‪.‬‬
‫يقول مونتسكيو‪":‬إن الحرية نفسها في حاجة إلى أن توضع لها قيود‪ ،‬وال شك أن‬
‫الالمركزية وما تتضمنه من استقالل الهيئات الالمركزية في إدارة شؤونها‪ ،‬ال ينبغي أن تكون‬
‫الالمركزية مطلقة بل يجب أن تكون مقيدة وأهم قيد يرد على نظام الالمركزية هو رقابة‬
‫الدولة‪.1"...‬‬
‫وقد عرف األستاذ جاك دمبور الرقابة اإلدارية بأنها "مجموعة من السلطات يمنحها المشرع‬
‫لسلطة عليا لمنع انحراف الهيئات الالمركزية ولتحقيق مشروعية أعمالهاوق ارراتها وعدم تعارضها‬
‫‪2‬‬
‫مع المصلحة العامة"‬
‫إن استقالل الجماعات الترابية ليس استقالال مطلقا‪ ،‬وال يعني أن هناك فصل قاطع بين‬
‫نطاق المصالح الترابية ونطاق المصالح الوطنية‪ ،‬كما أن استقالل كل جماعة ترابية ال يعني أن‬
‫كل واحدة مستقلة عن األخرى‪ ،‬فالجماعة الترابية هي جزء ال يتج أز من مجموعة أوسع‪ ،‬وهي‬
‫المجموعة الوطنية‪ ،‬فالهيئات الترابية ليست مستقلة داخل الدولة‪.‬‬
‫لذلك كان من الضروري إيجاد الوسائل الالزمة بيد السلطة المركزية باعتبارها المسؤولة‬
‫عن الصالح العام للدولة كلها‪ ،‬لمنع انحراف الالمركزية وطغيان المصالح الترابية على المصلحة‬
‫الوطنية والصالح العام‪ ،‬وهذه الضرورة األساسية هي التي أدت في كل تنظيم إداري إلى وجود‬

‫‪ –1‬صالح المستف‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.29 :‬‬


‫‪ –2‬تعريف أورده األستاذ عبد الرحمان البكريوي نقال عن األستاذ طعيمة الجرف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.23 :‬‬

‫‪52‬‬
‫نظام من الرقابة اإلدارية تمكن السلطة المركزية من تنسيق نشاطها مع نشاط السلطات‬
‫‪1‬‬
‫الالمركزية‪.‬‬
‫وتعتبر الرقابة اإلدارية عمال استثنائيا لذلك ينبغي أن تبقى في حدود ما تقرره النصوص‬
‫التشريعية‪ ،‬وتختلف ما بين األنظمة األنجلوسكسونيةوالالتنية‪70.‬وقد حددها المشرع المغربي منذ‬
‫‪ 1960‬وأعاد تنظيمها في كل محطات اإلصالح الالمركزي‪ .‬نتطرق أوال ألشكال الرقابة اإلدارية‬
‫(‪ )1‬ثم إلى تميزها عن الرقابة الرئاسية‪.)2( .‬‬
‫‪ )I‬أشكال الرقابة اإلدارية‪.‬‬
‫إن الرقابة اإلدارية‪ ،‬باعتبارها أسلوبا للمراقبة‪ ،‬قد ظلت دائما تجسد أساسا لوجودها‪ ،‬ومن‬
‫تم فإن طرق ممارستها تنطلق بالضرورة من هذا األساس‪ ،‬مما ينتج عنه أن الرقابة اإلدارية يمكن‬
‫تصورها على مستويين‪ :‬على مستوى األشخاص‪ ،‬ثم على مستوى األعمال‪.‬‬
‫‪-1‬الرقابة اإلدارية على األشخاص‪:‬‬
‫لقد تم تنظيم الرقابة اإلدارية على األشخاص بواسطة النصوص المتعلقة بالتنظيمات‬
‫الخاصة بمجالس الجماعات الترابية‪ ،‬وهي تأخذ شكل سلطة تأديبية تمارسها السلطات العليا‬
‫المختصة‪ ،‬إما على أعضاء هذه المجالس واما على المجالس برمتها‪ .‬وتمارس هذه الرقابة‬
‫بأشكال تختلف حسب طبيعة الدوافع التي أدت إلى تحريكها‪ .‬ومن تم فهي قد تأخذ شكل‬
‫االستقالة أو اإلقالة‪ ،‬أو التوقيف أو الحل‪.‬‬
‫أ‪-‬االستقالة‪ :‬حيث يكون بإمكان أعضاء مجالس الجماعات الترابية أو رؤساء هذه‬
‫المجالس ونوابهم أن يستقيلوا بصفة اختيارية‪ ،‬وذلك حسب شروط تختلف فيما إذا كان العضو‬
‫عضوا عاديا داخل المجلس أو رئيسا لهذا المجلس وتقدم هذه االستقالة إلى السلطة المركزية‬
‫المتمثلة في و ازرة الداخلية أو ممثليها على المستوى الالممركز (الوالي أو العامل)‪ ،‬بناء على‬
‫مسطرة تختلف حسب نوعية المجالس الترابية‪ ،‬مجالس العمالة أو اإلقليم‪ ،‬مجلس جماعي حضري‬
‫أو قروي‪ ،‬مجلس الجهة‪.‬‬
‫ب‪-‬التوقيف‪ :‬ويدخل في إطار اإلجراءات التأديبية التي يمكن للسلطة المركزية أن‬
‫تتخذها‪ ،‬سواء اتجاه األعضاء الذين تتكون منهم المجالس الترابية‪ ،‬أو اتجاه رؤساء هذه‬
‫المجالس‪ ،‬أو اتجاه المجالس برمتها‪ ،‬وهو إجراء يختلف أيضا من حالة إلى أخرى‪.‬‬
‫ج – الحل‪ :‬يمكن للسلطة المركزية أن تبادر إلى حل المجالس الترابية‪ ،‬وذلك بواسطة‬
‫مراسيم حكومية يتداول في شأنها داخل مجلس الوزراء‪ ،‬لكن نالحظ بأن هذا الحل ال يحدد‬

‫‪ –1‬المصطفى خطابي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.58 :‬‬


‫‪ 70‬انظر أحمد أجعون‪ :‬التنظيم اإلداري المغربي بين المركزية والالمركزية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة المؤلفات‬
‫واألعمال الجامعية‪ ،‬عدد ‪ .2013 ،96‬ص‪.66 :‬‬

‫‪53‬‬
‫القانون بصفة حصرية الحاالت التي يمكن أن يتم فيها‪ ،‬بل اقتصر على جعل أن يكون مرسوم‬
‫الحل مدعما بأسباب‪ ،‬مما يترتب عليه أن دواعي هذا الحل تبقى من اختصاص السلطة التقديرية‬
‫الذي تتوفر عليها سلطة الوصاية‪.‬‬
‫إن هذه اإلجراءات والتدابير التأديبية يتم اتخاذها من طرف السلطات المركزية أو ممثليها‬
‫الترابيين نتيجة األعمال غير الشرعية التي تنسب إلى أعضاء المجالس أو رؤسائها‪ ،‬أو نتيجة‬
‫اإلهمال الذي قد يصدر عنهم اتجاه شؤون الجماعات الترابية التي يشرفون عليها‪.‬‬
‫‪-2‬الرقابة اإلدارية على األعمال‪:‬‬
‫وهي صفة المراقبة التي تمارسها السلطة المركزية على األعمال التي تقوم بها سلطات‬
‫اإلدارة الالمركزية‪ ،‬على مجالس الجماعات الترابية‪ ،‬وذلك بهدف جعل هذه المجالس تحترم مبدأ‬
‫الشرعية‪ ،‬أي أال تكون األعمال أو المقررات التي تتخذها مخالفة للتشريع أو للمراسيم التنظيمية‪،‬‬
‫وأال تكون منافية للتوجيهات العامة التي تعتزم السلطة المركزية إقامة تسيير شؤون البالد عليها‪،‬‬
‫وتأخذ هذه المراقبة أشكاال مختلفة نطرحها كالتالي‪:‬‬
‫‪ -‬مقاضاة السلطات الالمركزية‪ :‬وهي اإلمكانية التي يكون بمقتضاها للسلطة المركزية‬
‫الحق في أن تطرح األعمال غير المشروعة الصادرة عن السلطات الالمركزية أمام القضاء‬
‫اإلداري‪ ،‬غير أن هذه الوسيلة ال يمكن اللجوء إليها إال إذا كانت السلطات المركزية ال تتوفر‬
‫على وسائل أخرى تمكنها من أن تقف في وجه تنفيذ األعمال غير المشروعة‪.‬‬
‫‪ -‬صالحية السلطة المركزية في أن تقوم هي بنفسها بعملية إبطال مقررات السلطات‬
‫الالمركزية إذا تبين لها عدم مشروعيتها‪.‬‬
‫‪ -‬خضوع بعض األعمال الصادرة عن السلطات الالمركزية لموافقة السلطات المركزية‪،‬‬
‫بمعنى أن هناك من األعمال التي ال يمكن أن تدخل حيز التنفيذ إال إذا تمت المصادقة عليها‬
‫من طرف األجهزة العليا‪ ،‬وقد تأخذ هذه المصادقة شكلين‪ :‬قد تكون صريحة وذلك عندما يفرض‬
‫القانون ضرورة اإلجابة الصريحة بعد توصل سلطات الوصاية بمقررات مجالس األجهزة‬
‫ابتداء من تاريخ‬
‫ً‬ ‫الالمركزية‪ ،‬كما أنها قد تكون ضمنية عندما يتطلب القانون مرور أجل معين‪،‬‬
‫توصل السلطات المركزية أو ممثليها الترابيين بمقررات األجهزة الالمركزية‪.‬‬
‫‪ -‬إمكانية السلطات المركزية بأن تحل محل المجالس الترابية لممارسة االختصاصات‬
‫المسندة لها قانونا‪ ،‬ويتحقق ذلك عندما يرفض رؤساء هذه المجالس‪ ،‬أو يمتنعوا عن القيام‬
‫باألعمال التي يفرض عليهم القانون إنجازها‪ ،‬وذلك بشرط أن تكون السلطات المركزية أو ممثليها‬

‫‪54‬‬
‫على الصعيد الالممركز قد أمرت السلطات الالمركزية بالقيام بمهامها بصفة صريحة‪ ،‬إال أن هذه‬
‫‪1‬‬
‫األخيرة قد رفضت‬
‫واألصل هو استقالل الهيئات الالمركزية‪ ،‬لذلك كانت الرقابة اإلدارية على تلك الهيئات‬
‫استثناء يرد على األصل‪ ،‬وال تباشر إال بالقدر الذي نص عليه القانون وفي الحدود التي بينها‬
‫حتى ال ينتهي بها األمر إلى المس باستقالل تلك الهيئات وتدور تلك الحدود حول المعطيات‬
‫التالية‪:‬‬
‫* فالمجالس الترابية هي التي تقوم بالعمل واتخاذ القرار ثم يأتي دور سلطة الرقابة‬
‫اإلدارية‪ ،‬لذا فال يسوغ لهذه أن تحل محل تلك في اتخاذ القرار أو القيام بالعمل إال إذا كان هناك‬
‫نص صريح في القانون المنظم لها‪ ،‬كما أنه ال يجوز للثانية أن تأمر بالتداول في شأن قرار ما‬
‫أو اتخاذ تصرف معين‪.‬‬
‫* ليس لسلطة الرقابة في الحاالت التي ينص القانون على خضوع أعمال الهيئات‬
‫الالمركزية لرقابتها إال أن توافق على تلك األعمال أو ترفضها‪ ،‬جملة وتفصيال وليس لها تعديلها‬
‫أو استبدال غيرها بها‪.‬‬
‫* تصديق السلطة المركزية أو إذنها باتخاذ قرار معين ال يقيد حرية المجالس الترابية في‬
‫التراجع عن هذا القرار‪ ،‬كما أن عدم تصديق سلطة الرقابة ال يعني قبر المشروع المعترض عليه‬
‫بل يمكن للمجالس الترابية مراجعتها في أسباب اعتراضها أو رفع دعوى ضدها أمام القضاء‪.‬‬
‫* تتحمل المجالس الترابية مسؤولية جميع أعمالها ولو وافقت عليها السلطة المكلفة‬
‫بالمراقبة‪ ،‬ولهذا فإن القضاء اإلداري يجري على أن الق اررات الصادرة عن المجالس الترابية والتي‬
‫يستوجب القانون المصادقة عليها من طرف السلطة المركزية وتسري من تاريخ صدورها عن‬
‫المجلس‪ ،‬وليس من تاريخ المصادقة عليها من طرف السلطة المكلفة بالمراقبة‪.‬‬
‫* حتى تظل الرقابة التي تمارسها السلطة المكلفة بالمراقبة في حدودها المشروعة ولكيال‬
‫يهدر استقالل الهيئات الالمركزية‪ ،‬فإن لرؤساء المجلس الترابية حق الطعن في الق اررات الصادرة‬
‫عن سلطة المراقبة‪ 1‬أمام المحاكم اإلدارية‪.‬‬
‫وعموما يمكن القول ان الوصاية هي صلة الوصل بين السلطة المركزية والسلطات‬
‫الالمركزية‪ ،‬وتهدف إلى تحقيق غرضين‪ :‬إداري وسياسي‪.‬‬
‫‪ -‬الغرض اإلداري‪ :‬يكمن ضمان حسن سير إدارة المرافق التابع لألشخاص الالمركزية‬
‫عبر الرفع من مستوى الخدمات والمتطلبات بأقل تكلفة‪.‬‬

‫‪–1‬محمد كرامي‪ :‬التنظيم اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.63-62-61 :‬‬


‫‪ –1‬عبد الرحمان البكريوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.79:‬‬

‫‪55‬‬
‫‪ -‬الغرض السياسي‪ :‬يكمن في صيانة وحدة الدولة السياسية وضمان وحدة االتجاه‬
‫‪2‬‬
‫اإلداري‪.‬‬
‫‪ )II‬تميز الرقابة اإلدارية عن الرقابة الرئاسية ‪3:‬رأينا أن السلطة المركزية تمارس رقابة‬
‫على السلطات والهيئات الالمركزية‪ ،‬تسمى بالرقابة اإلدارية‪ ،‬غير أن هذه الرقابة لها حدود يجب‬
‫أن ال تتعداها واال أفرغت الالمركزية من مدلولها‪ ،‬وأدى األمر إلى نفس الوضعية القانونية التي‬
‫تدار فيها األقاليم مباشرة من طرف السلطة المركزية بغير االستعانة بهيئات المركزية‪ ،‬تتمتع‬
‫بالشخصية المعنوية‪ .‬فالمركزية والالمركزية تؤديان إلى نوع من الرقابة تمارس من األعلى على‬
‫األعمال اإلدارية للهيئات التابعة أو المرؤوسة‪ ،‬غير أن أشكال نطاق هذه الرقابة تختلف كثي ار‬
‫في كال النطاقين ‪1‬يمكن إيجازها في النقاط التالية‪:‬‬
‫* ال توجد الرقابة اإلدارية إال في العالقة بين سلطة إدارية أعلى وجهة أخرى متمتعة‬
‫بالشخصية المعنوية‪ ،‬أما السلطة الرئاسية فتمارس في غير ذلك من الحاالت‪ ،‬وعلى ذلك نجدها‬
‫في عالقة الرؤساء بالمرؤوسين في المركزية اإلدارية‪ ،‬داخل الو ازرات واإلدارات الحكومية التابعة‬
‫لها‪ ،‬وأيضا في عالقة رجال الو ازرة في العاصمة بممثليهم‪ ،‬في الجهات أو األقاليم‪ ،‬كما نجدها‬
‫داخل الهيئات الالمركزية نفسها‪ ،‬مثال عالقة رئيس الجامعة عمداء الكليات وبسائر العاملين هي‬
‫عالقة سلطة رئاسية‪ ،‬أما عالقة هؤالء جميعا بوزير التربية الوطنية والتعليم العالي فتعتبر عالقة‬
‫رقابة إدارية‪ ،‬وأيضا رئيس المجلس الجماعي يعد رئيسا لمجموع العاملين في الجماعة التي‬
‫يرأسها‪.‬‬
‫* الرقابة اإلدارية ال توجد إال بنص صريح وفي حدود القدر المنصوص عليه‪ ،‬أما السلطة‬
‫الرئاسية فموجودة كقاعدة وبغير حاجة إلى نص وتشمل كل أعمال المرؤوس وال يخرج من‬
‫نطاقها إال ما نص على إخراجه من نطاقها صراحة‪.‬‬
‫* للرئيس سلطة تعديل ق اررات مرؤوسه وليس لسلطة الرقابة اإلدارية تعديل ق اررات الهيئات‬
‫الالمركزية‪.‬‬
‫* للرئيس الحلول محل مرؤوسه كقاعدة‪ ،‬وال تحرم عليه هذه السلطة إال بنص خاص‪.‬‬
‫وعلى العكس‪ ،‬فليس لسلطة الرقابة اإلدارية الحلول محل الهيئات الالمركزية إال إذا وجد نص‬
‫خاص يبيح هذه الحلول‪.‬‬
‫* ينسب عمل المرؤوس إلى الرئيس وعلى هذا فترفع الدعاوى في المركزية اإلدارية على‬
‫الرئيس التسلسلي األعلى وهو الوزير ولو كان القرار أو الفعل الضار صاد ار عن أدنى درجات‬

‫‪ –2‬صالح المستف‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.30:‬‬


‫‪ –3‬المصطفة خطابي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.61:‬‬
‫‪ –1‬المصطفى خطابي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.50 :‬‬

‫‪56‬‬
‫السلم اإلداري داخل و ازرته كقاعدة‪ ،‬بينما ال ترفع دعاوى الطعن في ق اررات الهيئات الالمركزية‪،‬‬
‫أو دعاوى المسؤولية عن أعمالها على سلطة الرقابة اإلدارية وانما على الممثل القانوني للشخص‬
‫المعنوي‪ ،‬كرئيس الجماعة الترابية أو مدير المؤسسة العمومية‪ ،‬ويصدق هذا الحكم حتى بالنسبة‬
‫‪71‬‬
‫للق اررات التي تصادق عليها السلطة المكلفة بالمراقبة االدارية أو تأذن بها‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬تميز الالمركزية اإلدارية عما يشابهها من األنظمة اإلدارية‪.‬‬
‫يتضح من خالل المعالم التي سبقت اإلشارة إليها بصدد الالمركزية اإلدارية أن فكرة هذه‬
‫األخيرة تقترب من نظامين اثنين هما‪ :‬عدم التركيز أو الالتمركز اإلداري والالمركزية السياسية أو‬
‫النظام الفيدرالي‪.‬‬
‫‪-1‬الالمركزية اإلدارية والال تمركز اإلداري‪.‬‬
‫تتشابه الالمركزية مع الالتمركز في أنهما يؤديان معا إلى توزيع السلطات اإلدارية والى‬
‫عدم تركزها في يد واحدة‪ ،‬بما ينتج عن هذا من سرعة البث والتصرف في الشؤون اإلدارية‪ ،‬إال‬
‫أنهما يختلفان في عدة نقاط‪:‬‬
‫‪ -‬الالتمركز يعتمد على التعيين بينما الالمركزية على االنتخاب الذي قد يكون مباشر أو‬
‫غير مباشر‪.‬‬
‫‪ -‬عدم التركيز اإلداري هو صورة من صور المركزيةبينماالالمركزية هي مبدأ مقابل‬
‫للمركزية‪.‬‬
‫‪ -‬االستقالل وسلطة البث في بعض األمور المعترف بها لبعض األشخاص أو لبعض‬
‫الهيئات في عدم التركيز اإلداري هو استقالل عارض يجوز للوزير سحبه في أي وقت‪ ،‬وهم‬
‫يمارسون هذه االختصاصات تحت رقابته الرئاسية بكل ما تعنيه السلطة الرئاسية من معاني‬
‫وأحكام‪ .‬أما استقالل الهيئات الالمركزية فاستقالل أصيل مستمد من الدستور أو القانون – من‬
‫المشرع – وليست منحة وتفضيال من السلطة المركزية‪ ،‬وهي تمارس االختصاصات المخولة لها‬
‫بصفة أصلية وتتحمل مسؤولية تصرفاتها‪ ،‬وليس للسلطة المركزية عليها من سبيل في إطار‬
‫‪72‬‬
‫الرقابة اإلدارية السابق دراستها‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كان أسلوب الالمركزية اإلدارية وأسلوب عدم التركيز اإلداري يؤديان معا إلى توزيع‬
‫السلطات وعدم تركيزها في يد واحدة فإن الفارق بين النظامين فارق في الجوهر والطبيعة وليس‬
‫فارق في الدرجة والمدى‪.‬‬
‫‪-2‬الالمركزية اإلدارية والالمركزية السياسية (الفيدرالية)‪.‬‬

‫‪ –71‬محمد مرغني‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.88-87:‬‬


‫‪ –72‬محمد مرغني‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.89 :‬‬

‫‪57‬‬
‫تنقسم الدول عادة – من حيث تكوينها – إلى دول بسيطة ودول مركبة‪ .‬ففي الدول‬
‫البسيطة تكون ممارسة السيادة فيها لسلطة واحدة في العاصمة‪ ،‬كما تملك سلطة واحدة لكل من‬
‫التشريع والتنفيذ والقضاء‪ ،‬سواء أكانت هذه الدول تتبع األسلوب المركزي أو الالمركزي فيما‬
‫يتعلق بكيفية ممارسة الوظيفة اإلدارية‪ ،‬كما أن أخذ هذه الدول بأسلوب اإلدارة الالمركزية ال يؤثر‬
‫في تكوينها السياسي‪.‬‬
‫أما في الدول المركبة‪ ،‬وهي تلك التي تتكون من عدة دويالت كالواليات المتحدة وسويس ار‬
‫فإن ممارسة السيادة ال تتركز في الحكومة المركزية وحدها وانما تتوزع هذه السيادة بين الحكومة‬
‫االتحادية (المركزية) وبين الواليات‪ ،‬فنجد في الحكومة االتحادية السلطة التشريعية والتنفيذية‬
‫والقضائية تمارس اختصاصها على صعيد كافة أرجاء إقليم الدولة االتحادية‪ ،‬إلى جانب تلك‬
‫السلطات نجد سلطات أخرى تشريعية وتنفيذية وقضائية في الدويالت‪ ،‬وهذه الظاهرة األخيرة‬
‫يطلق عليها تسمية "الالمركزية السياسية "‪.Décentralisation politique‬‬
‫يتبين مما سبق أن هناك فروقا بين الالمركزية السياسية والالمركزية اإلدارية وذلك كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬إن الالمركزية السياسية ال توجد إال في الدول االتحادية أما الالمركزية اإلدارية فتوجد‬
‫في جميع الدول سواء أكانت بسيطة أم مركبة‪.‬‬
‫‪ -‬إن الالمركزية السياسية تنصرف إلى السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية‪ ،‬وتختص‬
‫الدويالت أو الجهات –كما رأينا – بسلطاتها في الحدود التي يرسمها دستور االتحاد‪ .‬أما‬
‫الالمركزية اإلدارية فمقصورة على بعض الوظائف اإلدارية‪ ،‬المتعلقة بالمرافق الترابية‪.‬‬
‫‪ -‬إن اختصاص الدويالت أ الجهات في الدول االتحادية ال سلطان للبرلمان االتحادي‬
‫عليه‪ ،‬وال يجوز تعديله إال بتعديل الدستور االتحادي وبالطريقة التي ينص عليها فيه‪ .‬أما‬
‫اختصاصات الهيئات الالمركزية فهي محددة من طرف المشرع العادي‪ .‬ويجوز له تضييقها أو‬
‫‪1‬‬
‫توسيعها حسبما تقتضيه األوضاع‪.‬‬
‫فخصائص كل من الالمركزية اإلدارية والالمركزية السياسية تؤكد الفرق الواضح بين‬
‫النظامين‪ ،‬وقد اتفق الفقهاء على أن هذا الفرق يؤدي حتما إلى عدم الخلط بينهما ويتجلى ذلك‬
‫عموما في خاصيتين‪:‬‬
‫‪ -‬الفرق في الطبيعة والجوهر وليس في الدرجة‪.‬‬
‫‪ -‬إن الالمركزية اإلدارية ظاهرة إدارية في حين الالمركزية السياسية ظاهرة سياسية‪ .‬فال‬
‫يمكن الخلط إذن بينهما ألن الالمركزية السياسية هي أوسع مجاال من الالمركزية اإلدارية‪ ،‬كما‬
‫أن هذه األخيرة تجد ارتباطها بالقانون اإلداري‪ ،‬في حين أن الالمركزية السياسية ترتبط بالقانون‬

‫‪–1‬مليكة الصروخ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.92:‬‬

‫‪58‬‬
‫الدستوري في تحديد طبيعة الدولة االتحادية وبالقانون الدولي في تحديد طبيعة االتحاد المركزي‬
‫‪1‬‬
‫وعالقاته داخل المجتمع الدولي‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬تقدير نظام الالمركزية اإلدارية‪.‬‬
‫لنظام الالمركزية اإلدارية مزايا متعددة‪ ،‬فهو بوجه عام يخفف من أعباء السلطة اإلدارية‬
‫المركزية إذ تقتصر مهمتها‪ ،‬بشأن االختصاصات التي تتكفل بها السلطة المركزية‪ ،‬على مجرد‬
‫ممارسة الرقابة اإلدارية عليها‪ ،‬كما أن هذا النظام باعترافه للسلطات الالمركزية بالشخصية‬
‫المعنوية مع ما يترتب عليها من التمتع بذمة مالية مستقلة يسمح بزيادة الموارد المالية لهذه‬
‫السلطات عن طريق التبرعات والهبات والوصايا فضال عن ضرائب الجماعات الترابية‪.‬‬
‫أما عن مساوئ الالمركزية فال تنشأ في الحقيقة إال نتيجة سوء تطبيقه‪ ،‬ففي حالة ضعف‬
‫أو انعدام رقابة السلطة المركزية يخشى أن تسيء الهيئات الالمركزية استخدام سلطاتها‪ ،‬أو‬
‫تفضل المصالح الترابية أو الخاصة على المصلحة الوطنية‪ ،‬وقد يؤدي ضعف اإلمكانيات الفنية‬
‫أو المالية للسلطات الالمركزية مع سلبية السلطة المركزية إلى فشل هذه السلطات ورداءة‬
‫أعمالها‪.‬‬
‫ولتوضيح هذه األفكار أكثر نحلل مزاياها وعيوبها الواحد تلو اآلخر‪:‬‬
‫أ‪-‬مزايا الالمركزية اإلدارية‪.‬‬
‫‪-1‬الالمركزية نظام ديمقراطي‪ :‬إذ تتيح لألفراد في حدود إقليمهم أو في حدود نشاطهم‬
‫واحتياجاتهم الشخصية االشتراك في إدارة شؤونهم الترابية‪ ،‬ومن غير المتصور أن يسمح‬
‫للمواطنين باالشتراك عبر ممثليهم في الشؤون السياسية العليا وال يسمح لهم بالمساهمة في إدارة‬
‫مصالحهم الخاصة‪.‬‬
‫‪-2‬الالمركزية مدرسة للناخبين‪ :‬يساعدهم هذا النظام على تربية الناخبين والممثلين‬
‫للمساهمة في الشؤون العامة فضال عن أنها تمد الهيئة التشريعية بأفضل العناصر التي تدربت‬
‫في الشؤون الترابية إضافة إلى أنها تعبير ديمقراطي يعبر فيه السكان عن حقهم في اختيار‬
‫ممثليهم الترابيين‪.‬‬
‫‪-3‬تعمل على تخفيف العبء على السلطة المركزية وعلى ممثليها في األقاليم والجهات‪،‬‬
‫خاصة في وقت اتسعت فيه الحاجات العامة التي يجب إشباعها عن طريق السلطات العمومية‪،‬‬
‫وفي وقت ارتفع فيه وعي المواطنين بالدفاع عن حقوقهم وتحقيق مطالبهم العادلة في ضمان حياة‬
‫كريمة‪.‬‬

‫‪–1‬صالح لمستف‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.32-31:‬‬

‫‪59‬‬
‫‪-5‬تعمل الالمركزية اإلدارية على تجنب الروتين اإلداري المعقد والبطيء والتأخير في‬
‫التوجيه والتسيير‪ ،‬وتعمل بالتالي على السرعة في التقرير والتنفيذ والتعديل تبعا للظروف المحلية‪.‬‬
‫‪-6‬تضمن الالمركزية العدالة في توزيع الضرائب وبالتالي تضمن حسن توزيع الثروات‬
‫الوطنية على مختلف أقاليم البالد‪ ،‬إذ توزع المداخيل على مختلف األقاليم تبعا لحاجاتها‪ ،‬وليس‬
‫‪1‬‬
‫تبعا لثرواتها أو تبعا لمقدار الضرائب المحصلة لها‪.‬‬
‫‪-7‬دلت التجارب أن الالمركزية تصمد أكثر في مواجهة األزمات‪ :‬في أوقات الحروب‬
‫والثورات يختل النظام في الدولة كلها بمجرد اختالل أمن العاصمة والحكومة المركزية‪ ،‬فإذا أخذ‬
‫بالن ظام الالمركزي أمكن لكل وحدة إقليمية أن تقف بمفردها على قدميها لتحقيق األمن أو تتولى‬
‫الدفاع‪ ،‬وذلك نظ ار لما تعتاده من استقالل في ممارسة شؤونها الخاصة‪.‬‬
‫ب‪-‬عيوب الالمركزية اإلدارية‪:‬‬
‫يمكن حصر أهم هذه العيوب فيما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬إن وجود هيئات ال مركزية متعددة قد تمس بوحدة الدولة وبتماسك الوظائف اإلدارية‪،‬‬
‫‪73‬‬
‫في ظل صعوبة الفصل بين القضايا الوطنية والترابية‪.‬‬
‫‪-2‬طبيعة تكوين الهيئات الالمركزية خاصة اإلقليمية أو الترابية منها يؤدي إلى اإلشراف‬
‫عليها من قبل أشخاص أقل كفاءة وخبرة‪ ،‬إذ ال يقتصر إسناد تلك المهام تبعا للكفاءات والخبرات‪،‬‬
‫بل تدخل عدة اعتبارات غير موضوعية في اختيار تلك الهيئات الترابية‪.‬‬
‫‪-3‬وجود عدة هيئات ال مركزية يؤدي ال محالة إلى تنافس قد يكون غير إيجابي ويؤدي‬
‫عادة إلى إسراف في النفقات‪ ،‬أو إلى انعدام التنسيق بين مختلف المشاريع والتخطيطات‬
‫المتشابهة في مختلف الوحدات الترابية التي تشرف عليها تلك الهيئات الالمركزية‪.‬‬
‫‪-4‬غالبا ما تعمل الالمركزية اإلدارية على تقديم المصالح الخاصة للوحدة الترابية على‬
‫المصالح العامة للدولة الشيء الذي يقوي من النزعات اإلقليمية الضيقة على حساب الروح‬
‫الوطنية الشاملة‪.‬‬
‫‪-5‬وان كانت الالمركزية اإلدارية مظه ار للديمقراطية الترابية فإن هذه الديمقراطية قد تشوه‬
‫عن طريق تزييف إرادة السكان‪ ،‬أو إشغال الهيئات الترابية الالمركزية بمشاكل عويصة ومآزق‬
‫‪1‬‬
‫متعددة تعمل على بث اليأس في ذوي اإلرادات الحسنة العاملين في الهيئات الالمركزية‪.‬‬
‫هذا ومن المؤكد أن جميع أوجه النقد هذه تتضمن قد اًر كبي ار من المبالغة سواء من ناحية‬
‫المحاسن أو من ناحية العيوب‪ ،‬ألن نجاح النظام الالمركزي يرتبط كثي ار بسيكولوجية السلطة‬

‫‪ –1‬عبد القادر باينة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.236 :‬‬


‫‪73‬‬
‫‪Jean-Louis Autin / Catherine Ribot : Droit Administratif Général. Édition Litec, 1999, P : 92-93.‬‬
‫‪ –1‬عبد القادر باينة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.37-36 :‬‬

‫‪60‬‬
‫المركزية وبعقليتها أكثر منه ارتباطا بعوامل مادية‪ ،‬كما أن المزايا التي نسبت إلى الالمركزية ال‬
‫تتحقق بطريقة حتمية وآلية‪ ،‬فاألمر يحتاج إلى كثير من اإلعداد لألطر والكفاءات الفنية والى‬
‫‪2‬‬
‫وعي الجماهير وادراكها لما هو في صالح المجتمع‪.‬‬

‫‪ –2‬صالح المستف‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.34 :‬‬

‫‪61‬‬
‫الباب الثاني‬
‫التنظيم اإلداري بالمغرب‪.‬‬

‫بعد دراستنا في الباب األول األسس العامة للتنظيم اإلداري سنعرض في الباب الثاني‬
‫للتطبيقات العملية للتنظيم اإلداري بالمغرب‪.‬‬
‫يتأثر التنظيم اإلداري في أية دولة بشكل الدولة الدستوري‪ :‬دولة بسيطة أو دولة مركبة أو‬
‫فيدرالية‪ ،‬وأيضا بظروفها االجتماعية من تاريخية وسياسية واقتصادية ودينية وجغرافية‬
‫وقبلية‪...‬الخ والمغرب دولة موحدة بسيطة من هنا فالسلطتان التشريعية والقضائية مركزيتان دائما‪،‬‬
‫أما السلطة التنفيذية فإذا تم التفكير في نوع من الالمركزية فإن ذلك يقتصر على الوظيفة اإلدارية‬
‫‪1‬‬
‫وحدها‪.‬‬
‫إن خصوصيات المغرب الناتجة عن تطوره التاريخي والحضاري جعلته يعرف مؤسسات‬
‫‪2‬‬
‫وتنظيما إداريا متأث ار بالثرات الحضاري العربي واإلسالمي‪.‬‬
‫فمفهوم السلطة كان يقوم على أساس جميع االختصاصات تجد مصدرها في السلطان –‬
‫الخليفة‪ ،‬ذلك أن هذا األخير كانت تعود إليه ممارسة كل مهام الدولة‪ ،‬وأنه في حالة عدم‬
‫مباشرتها بنفسه فهو كان يفوضها لمن يقوم مقامه‪3 ،‬وكان التنظيم اإلداري يتسم عادة بمركزية‬
‫ملحوظة في المدن مع ال مركزية في البوادي‪.‬‬
‫غير أن هذه الوضعية التي تتميز بمزج واضح للسلط في يد السلطان قد عرفت غداة‬
‫االستقالل تغيي ار مهما نتيجة اإلصالحات المؤسساتية التي ستعرفها البالد‪ ،‬وقد تجلى ذلك في‬
‫توالي صدور مجموعة القوانين األساسية والنصوص التشريعية الرامية إلى إدخال تعديالت‬
‫جوهرية على الوضع السياسي القائم‪ ،‬ذلك أن هذه التعديالت مست كل المجاالت‪ ،‬أسفرت عن‬
‫هيكلة اإلدارة المغربية بصورة جذرية وخضع المغرب بذلك لتطور ملحوظ في تنظيم إدارته‬
‫المركزية (القسم األول) وادارته الترابية (القسم الثاني)‪.‬‬

‫‪ –1‬محمد مرغني‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.97 :‬‬


‫‪ –2‬عبد القادر باينة‪ :‬التنظيم اإلداري بالمغرب دار النشر المغربية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة الثانية‪ 1991 ،‬ص‪5 :‬‬
‫‪ –3‬محمد كرامي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.13 :‬‬

‫‪62‬‬
‫القسم األول‬
‫اإلدارة المركزية‪.‬‬

‫يقصد باإلدارة المركزية إدارة الدولة‪ ،‬تمي از لها عن اإلدارة الترابية التابعة للهيئات الالمركزية‬
‫الترابية‪ ،‬فاألولى تخص كافة أجزاء الدولة وترتبط بتسيير مختلف القضايا الوطنية‪ ،‬في حين أن‬
‫الثانية تخص وحدات ترابية تتمتع بالشخصية المعنوية وتعرف بالجماعات الترابية‪.‬‬
‫إن دراسة التنظيم اإلداري ترتبط ال محالة بدراسة السلطات المركزية‪ ،‬ودراسة هذه السلطات‬
‫األخيرة ال يقتصر فقط على الدراسات الخاصة بالقانون اإلداري بل تمتد أيضا إلى دراسات أخرى‬
‫خاصة بالقانون الدستوري‪ ،‬وذلك ألن السلطات المركزية تمارس في نفس الوقت اختصاصات‬
‫سياسية واختصاصات إدارية‪ ،‬فجاللة الملك يمارس بعض االختصاصات اإلدارية‪ ،‬والوزراء هم‬
‫في نفس الوقت سلطات إدارية وسلطات سياسية‪ ،‬كما يأخذ المغرب بنظام المركزية مع‬
‫الالتركيز‪ ،‬حيث تباشر السلطات المركزية اختصاصاتها من العاصمة وتستعين في القيام بمهامها‬
‫بمصالح خارجية أو الممركزة تابعة لإلدارة المركزية ‪.1‬‬
‫ومن خالل تحليل مختلف الهيئات والسلطات اإلدارية المنوطة بها القيام بمهام اإلدارة‬
‫المركزية بالمغرب‪ ،‬نجد اإلدارة المركزية تتكون من الملك (الفصل األول)‪ .‬الحكومة (الفصل‬
‫الثاني)‪ ،‬األجهزة المحلية إلدارة الدولة (الفصل الثالث)‪.‬‬

‫‪ –1‬عبد القادر باينة‪ :‬مرجع سابق ذكره‪ ،‬ص‪.7 :‬‬

‫‪63‬‬
‫الفصل األول‬
‫الملك‬

‫يعد النظام الملكي في المغرب من أقدم النظم الملكية‪ ،‬والذي كانت بدايته األولى مع قدوم‬
‫وتسلم المولى إدريس الثاني الملك بعد اغتيال والده المولى إدريس األول‪.‬‬
‫والنظام الملكي في المغرب ينتقل فيه الحكم من السلف إلى الخلف عن طريق ما يعرف‬
‫بالبيعة‪ ،‬وقد اعتبر الملك دائما سواء قبل الحماية أو خاللها أو بعد االستقالل السلطة السياسية‬
‫واإلدارية األولى في البالد‪.‬‬
‫ولما كان المغرب وقت دخوله للمرحلة الدستورية لم يقطع صلته بالماضي‪ ،‬فإن الوثائق‬
‫الدستورية المتعاقبة في المغرب منذ سنة ‪ ،1962‬حافظت على خصوصية النظام الملكي في‬
‫مجال الحكم والسياسة وجسدت النظرية السياسية لمفهوم الحكم كما بينها فقهاء أهل السنة‬
‫والجماعة‪ ،‬حيث يعتبر متولي سدة اإلمامة العظمى رئيسا للدولة يمارس مهامها‪ .2‬مما جعل منه‬
‫‪74‬‬
‫ميز بين‬ ‫محور النظام الدستوري والسياسي‪ ،‬فالدستور الحالي لفاتح يوليوز ‪2011‬‬
‫اختصاصاته الدينية والمدنية‪ ،‬إذ يقر في فصله األول "نظام الحكم في المغرب نظام ملكية‬
‫دستورية‪ ،‬ديمقراطية برلمانية واجتماعية"‪.‬‬
‫واذا كانت الوثيقة الدستورية قد نقلت موقع المؤسسة الملكية على مستوى الهندسة‬
‫الدستورية إلى الباب الثالث عوض الباب الثاني كما كان الشأن باقي الوثائق الدستورية السابقة‬
‫(دستور ‪ ،)1992 ،1992 ،1972 ،1960‬فإنها نصت في الفصل ‪ 42‬على أن الملك "رئيس‬
‫الح َكم األسمى بين‬
‫الدولة وممثلها األسمى ورمز وحدة األمة‪ ،‬وضامن دوام الدولة واستمرارها‪ ،‬و َ‬
‫مؤسساتها يسهر على احترام الدستور‪ ،‬وحسن سير المؤسسات الدستورية وعلى صيانة‬
‫االختيار الديمقراطي وحقوق وحريات المواطنين‪ ،‬والجماعات وعلى احترام التعهدات الدولية‬
‫للمملكة والملك هو ضامن استقالل البالد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة‪".‬‬
‫ويمارس الملك هذه المهام بمقتضى ظهائر من خالل السلطات المخولة له صراحة بنص‬
‫الدستور‪.‬‬

‫ومما يوضح أيضا أهمية المؤسسة الملكية الفصل ‪ 41‬من الدستور الذي ينص على أن‬
‫<<الملك أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين‪ ،‬والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية‪.‬‬

‫‪ –2‬أنظر نفس المرجع السابق‪.‬‬


‫ظهير رقم ‪ 1.11.91‬بتاريخ ‪ 29‬يوليو ‪ ،2011‬مع قرار المجلس الدستوري رقم ‪ 815.2011‬بتاريخ ‪ 14‬يوليو ‪ 2011‬المعلن لنتائج‬
‫‪74‬استفتاء فاتح يوليو ‪.2011‬‬

‫‪64‬‬
‫يرأس الملك‪ ،‬أمير المؤمنين‪ ،‬المجلس العلمي األعلى‪ ،‬الذي يتولى دراسة القضايا التي‬
‫يعرضها عليه‪.‬‬
‫ويعتبر الجهة الوحيدة المؤهلة إلصدار الفتاوى التي تعتمد رسميا‪ ،‬في شأن المسائل‬
‫المحالة إليه‪ ،‬استنادا إلى مبادئ واحكام الدين اإلسالمي الحنيف‪ ،‬ومقاصده السمحة‪.‬‬
‫تحدد اختصاصات المجلس وتأليفه وكيفيات سيره بظهير‪.‬‬
‫يمارس الملك الصالحيات الدينية المتعلقة بإمارة المؤمنين‪ ،‬والمخولة له حصريا‪،‬‬
‫بمقتضى هذا الفصل‪ ،‬بواسطة ظهائر‪>> .‬‬
‫ولفهم حقيقة النظام الملكي فإنه تجب اإلشارة إلى أن النظام الملكي في المغرب يجمع بين‬
‫سمات الخالفة اإلسالمية القائمة على مفهوم البيعة‪ ،‬وكذلك سمات النظام النيابي الرئاسي‬
‫والبرلماني‪ ،‬ثم أخي اًر التقاليد واألعراف المغربية التي تم ترسيخها عبر الزمن‪.‬ذلك أن العرش في‬
‫المغرب ليس بالكرسي الفارغ الذي يسود فيه الملك وال يحكم‪ ،‬كما هو األمر بالنسبة لبعض‬
‫األنظمة الدستورية الغربية كنظام المملكة المتحدة البريطانية أو المملكة االسبانية‪ ،‬ومن تم‬
‫ضرورة األخذ بعين االعتبار أهمية الدور الذي يقوم به الملك في سير السياسة العامة للبالد‪.‬‬
‫وسنقتصر على تحليل مختلف فصول الدستور الحالي ‪ 2011‬لدراسة اختصاصات الملك‬
‫(المبحث األول) وسنبين الطبيعة القانونية للق اررات الملكية المتخذة في الميدان اإلداري قضاء‬
‫وفقها (المبحث الثاني)‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ميادين اختصاصات الملك‪.‬‬
‫يخول الدستور للملك اختصاصات متعددة تبين دوره المحوري في النظام السياسي‬
‫واإلداري‪ ،‬ويميز فيها بين الملك والمؤسسة الملكية‪ ،‬سنطرحها على مستويين‪ :‬في الحالة العادية‬
‫(المطلب األول)‪ ،‬وفي الحالة االستثنائية (المطلب الثاني)‬
‫المطلب األول‪ :‬اختصاصات الملك في الحالة العادية‪:‬‬
‫يمكن تصنيف هذه االختصاصات انطالقا من السلطات التي يخولها الدستور للملك في‬
‫السلط الثالث‪ :‬في المجال التنفيذي (الفرع األول) والمجال التشريعي (الفرع الثاني) والمجال‬
‫القضائي (الفرع الثالث)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬اختصاصات الملك في مجال السلطة التنفيذية‪:‬‬
‫وردت اختصاصات الملك في المجال التنفيذي على وجه التحديد ضمن فصول الدستور‬
‫وفق مايلي‪:‬‬
‫‪-1‬تعيين رئيس الحكومة وأعضائها (الفصل ‪.)47‬‬
‫من مستجدات الوثيقة الدستورية لسنة ‪ 2011‬وهو ربط تعيين الملك لرئيس الحكومة‬
‫بالحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب وعلى أساس نتائجها‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫فإذا كانت الدساتير السابقة جعلت من اختيار الملك لرئيس الحكومة مسالة خاضعة‬
‫للسلطة التقديرية للملك‪ ،‬بالرغم من تداول األحزاب السياسية المغربية لمقولة "ضرورة احترام‬
‫المنهجية الديمقراطية" كما حصل مع تعيين حكومة ادريس جطو سنة ‪ ،2002‬فالسياق الدستوري‬
‫الحالي يفرض هذا التالزم‪ m‬بين نتائج انتخابات مجلس النواب وتعيين رئيس الحكومة‪.‬‬
‫واذا كان الدستور لم يحدد الموقع السياسي لرئيس الحكومة في حزبه السياسي‪ ،‬فالممارسة‬
‫أفرزت أن الملك اختار في تجربة حكومة يناير‪ ،2011‬وكذا في تجربة ‪ 8‬أكتوبر ‪ 2016‬زعيم‬
‫الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات ‪25‬نونبر ‪ 2011‬وانتخابات ‪ 7‬أكتوبر‪( 2016‬حزب‬
‫العدالة والتنمية)‪ .75‬كما يقوم بتعيين أعضاء الحكومة باقتراح رئيسها‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد فقد أقر المجلس الدستوري في ق ارره رقم ‪ 825‬الصادر في ‪ 2‬يناير‬
‫‪ 2011‬على أن الحكومة التي تستمد وجودها الدستوري من تعيين الملك لها ‪،‬ال يكون ألعضائها‬
‫‪-‬بما في ذلك‪ -‬رئيسها صفة عضو في الحكومة إال من تاريخ هذا التعيين ‪،‬على أن الدستور‬
‫يضيف للتعيين الملكي للحكومة ضرورة حصولها على ثقة مجلس النواب من خالل التصويت‬
‫باألغلبية على البرنامج الحكومي الذي يتقدم به رئيسها (الفصل ‪.)88‬‬
‫وعلى خالف الدساتير السابقة التي عرفها المغرب ‪،‬عملت الوثيقة الدستورية لفاتح يوليو‬
‫على استحضار الفترة الفاصلة بين انتهاء الوالية الحكومية و تعيين حكومة جديدة من خالل‬
‫تنظيم ما يعرف باختصاصات حكومة تدبير األمور الجارية‪.‬‬
‫فمادا يقصد بتدبير األمور الجارية ؟‬
‫ال يوجد تعريف دستوري لتصريف األمور الجارية‪ ،‬غير أن القانون التنظيمي‪65.13‬‬
‫المتعالق بتنظيم و تسيير أشغال الحكومة و الوضع القانوني ألعضائها حدد طبيعة التدابير‬
‫المرتبطة بتدبير األمور الجارية ‪.‬‬
‫واذا كان الفقه البلجيكي يعتبر أن تصريف األمور الجارية أو تصريف األعمال هو مفهوم‬
‫يرتبط بمبدأين متعارضين‪)1( :‬‬
‫مبدأ مسؤولية الحكومة أمام مجلسي البرلمان ‪ ،‬انسجاما مع طبيعة النظام البرلماني‪ ،‬وعليه‬
‫فالحكومة المستقيلة أو المنتهية واليتها ال يمكن أن تخضع لمراقبة البرلمان ‪.‬فكما يقول ‪Marcel‬‬
‫‪" Waline‬ال نقتل األموات" ‪.)2( on ne tue pas les morts‬‬
‫مبدأ ضرورة ضمان استم اررية الدولة ‪ ،‬حيث يجب على الحكومة أن تستمر في تدبير‬
‫األمور وايجاد األجوبة عن األسئلة المطروحة ‪.‬‬

‫‪ 75‬ظهير تعيين رئيس الحكومة أعضاء الحكومة سنة ‪( 2011‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،...‬تاريخ ‪ 29‬نونبر ‪ ،2011‬ص‪. ...‬‬
‫ظهير تعيين رئيس الحكومة أعضاء الحكومة سنة ‪( 2016‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،...‬تاريخ ‪ ،................‬ص‪. ....‬‬
‫‪x.BASELEN , S TOUSSAINT , J,B PILET et N , BRACK : Quelle activité parlementaire en période -2‬‬
‫‪d affaires courantes § in les cahiers de L ULB et Du PFWB , N1 2014 P 10‬‬

‫‪66‬‬
‫وقد أكد الفصل ‪ 36‬من القانون التنظيمي ‪ 65.13‬على استم اررية الحكومة في تصريف‬
‫األمور الجارية ‪ ،‬ألي سبب من األسباب إلى غاية تشكيل حكومة جديدة ويمكن تحديد بعض‬
‫هده األسباب فيما يلي‪:‬‬
‫‪-‬استقالة الحكومة استقالة جماعية ‪ ،‬واعفاؤها من لدن الملك بناء على دلك ؛‬
‫‪-‬استقالة رئيس الحكومة ‪ ،‬التي يترتب عنها إعفاء الحكومة بكاملها من لدن الملك ؛‬
‫‪-‬الفترة الفاصلة بين انتهاء الوالية الحكومية (خمس سنوات) و تعيين الحكومة الجديدة‪.‬‬
‫وبالنظر لطبيعة النظام البرلماني يمكن إثارة حاالت أخرى ترتبط بحل مجلسي البرلمان‬
‫وتنظيم انتخابات جديدة ‪ ،‬مادام أن مختلف االختصاصات ذات الصلة بالعالقة بالسلطة‬
‫التشريعية ال يمكن تفعيلها في ظل غياب البرلمان ‪.‬‬
‫وحدد الفصل ‪ 37‬من نفس القانون التنظيمي المقصود بتصريف األمور الجارية وطبيعة‬
‫المهام المسندة إلى الحكومة في هده الفترة و التي تم تحديدها في اتخاذ المراسيم و الق اررات و‬
‫المقررات الضرورية و التدابير المستعجلة الالزمة لضمان استم اررية عمل مصالح الدولة و‬
‫مؤسساتها وضمان انتظام سير المرافق العمومية ‪.‬‬
‫واستبعد نفس الفصل التدابير من هده المهام تلك التي من شأنها أن تلزم الحكومة‬
‫المقبلة بصفة دائمة ومستمرة ‪ ،‬وخاصة المصادقة على مشاريع القوانين و المراسيم التنظيمية و‬
‫كدا التعيين في المناصب العليا ‪ .‬وبخصوص هدا اإللزام ‪ ،‬أكد المجلس الدستوري في ق ارره رقم‬
‫‪ 955‬الصادر في ‪ 4‬مارس ‪ 2015‬على أنه "يتعين في إعماله مراعاة ما قد تستلزمه حالة‬
‫الضرورة من اتخاذ تدابير تشريعية أو تنظيمية لمواجهتها ‪".‬‬

‫‪-2‬رئاسة المجلس الوزاري (الفصل ‪.)48‬‬


‫يرأس الملك المجلس الوزاري الذي يضم رئيس الحكومة والوزراء‪ ،‬مع استثناء كتاب الدولة‪،‬‬
‫الذي يجتمع بمبادرة منه أو بطلب من رئيس الحكومة‪ ،‬ويمكنه تفويض ذلك لرئيس الحكومة بناء‬
‫على جدول أعمال محدد‪.‬‬
‫تمارس الحكومة اختصاصاتها تحت إشراف الملك الذي يرأس المجلس الوزاري‪ ،‬الشيء‬
‫الذي يمكنه من ممارسة سلطة فعلية في توجيه عمل الحكومة في مختلف المجاالت‪ ،‬إذ تعرض‬
‫عليه المسائل المهمة على النحو المحدد في الفصل ‪ 49‬والمتمثلة أساسا في‪:‬‬
‫‪ -‬التوجهات اإلستراتيجية لسياسة الدولة؛‬
‫‪ -‬مشاريع مراجعة الدستور؛‬
‫‪ -‬مشاريع القوانين التنظيمية؛‬
‫‪ -‬التوجهات العامة لمشروع قانون المالية؛‬
‫‪67‬‬
‫‪ -‬مشاريع القوانين‪-‬اإلطار المشار إليها في الفصل ‪( 71‬الفقرة الثانية) من هذا الدستور؛‬
‫‪ -‬مشروع قانون العفو؛‬
‫‪ -‬مشاريع النصوص المتعلقة بالمجال العسكري؛‬
‫‪ -‬اإلعالن عن حالة الحصار؛‬
‫‪ -‬إشهار الحرب؛‬
‫‪ -‬مشروع المرسوم المشار إليه في الفصل ‪ 104‬من الدستور؛‬
‫‪-3‬التعيين باقتراح من رئيس الحكومة‪ ،‬وبمبادرة من الوزير المعني‪ ،‬في الوظائف المدنية التالية‪:‬‬
‫والي بنك المغرب‪ ،‬والسفراء والوالة والعمال‪ ،‬والمسؤولين عن اإلدارات المكلفة باألمن الداخلي‪،‬‬
‫والمسؤولين عن المؤسسات والمقاوالت العمومية اإلستراتيجية‪ .‬وتتحدد بقانون تنظيمي الئحة هذه‬
‫المؤسسات والمقاوالت االستراتيجية (الفقرة األخيرة من الفصل ‪)48‬‬
‫‪-4‬يعد الملك القائد األعلى للقوات المسلحة الملكية (الفصل ‪)53‬؛‬
‫ويعين في المناصب العسكرية بدءاً من درجة نقيب فما فوق‪.‬‬
‫‪-5‬يرأس المجلس األعلى لألمن وله حق تفويض ذلك لرئيس الحكومة (الفصل ‪)54‬؛‬
‫‪-6‬اختصاصات في المجال الدبلوماسي (الفصل ‪)55‬؛‬
‫يمنح الدستور للملك الحق في تعيين السفراء لدى الدول األجنبية والمنظمات الدولية‪ ،‬ولديه‬
‫أيضا يعتمد سفراء وممثلي المنظمات الدولية‪ .‬ويوقع على المعاهدات ويصادق عليها‪ ،‬باستثناء‬
‫تلك التي هي منصوص عليها دستوريا بالفقرتين ‪ 2‬و‪ 3‬من الفصل ‪ 55‬والتي يتطلب األمر‬
‫موافقة البرلمان فيها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اختصاصات الملك في مجال السلطة التشريعية‪.‬‬


‫يحدد الدستور عدد من العالقات بين الملك والبرلمان تتجسد في عدد من االختصاصات‬
‫هي‪:‬‬
‫‪-1‬حق إصدار األمر بتنفيذ القانون (الفصل ‪)50‬؛‬
‫يعد اإلصدار خطوة أساسية ال بد أن يمر بها التشريع‪ ،‬إذ بدون اإلصدار ال يمكن للقوانين‬
‫التي صادق عليها البرلمان أن ترى النور‪ ،‬بعد ثالثين يوما من إحالته للحكومة بعد تمام الموافقة‬
‫عليه وينشر بعد شهر من ظهير إصداره‪.‬‬
‫‪-2‬يرأس الملك افتتاح الدورة األولى للبرلمان (الفصل ‪)65‬؛‬
‫‪-3‬للملك أن يخاطب البرلمان واألمة وال يناقش خطابه (الفصل ‪)52‬؛‬
‫‪-4‬طلب القراءة الجديدة (الفصل ‪)95‬؛‬

‫‪68‬‬
‫يملك الملك بعد إحالة القانون عليه بعد المصادقة عليه من قبل البرلمان أن يطلب من كال‬
‫المجلسين أن يق أر قراءة جديدة كل مشروع أو اقتراح قانون‪ ،‬وتطلب هذه القراءة بخطاب‪ ،‬وال يمكن‬
‫أن ترفض هذه القراءة الجديدة‪.‬‬
‫‪-5‬حل مجلس البرلمان وممارسة الوظيفة التشريعية (الفصل ‪)96‬؛‬
‫قد تقتضي الظروف السياسية أو االجتماعية أو االقتصادية إجراء حل للبرلمان إذ يحق‬
‫للملك بعد استشارة رئيس المحكمة الدستورية واخبار رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي البرلمان‬
‫وتوجيه خطاب لألمة‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬اختصاصات الملك في مجال السلطة القضائية‪.‬‬


‫‪-1‬يتولى الملك رئاسة المجلس األعلى للسلطة القضائية (الفصل ‪)56‬؛‬
‫‪-2‬يوافق الملك بظهير على تعيين القضاة من قبل المجلس األعلى للسلطة القضائية‬
‫(الفصل ‪)56‬؛‬
‫‪-3‬يعين الملك ستة أعضاء من المحكمة الدستورية‪ ،‬ويعين رئيسها من بينهم (الفصل‬
‫‪)130‬؛‬
‫‪-4‬يمارس الملك حق العفو (الفصل ‪)58‬؛‬
‫‪-5‬تصدر األحكام باسم الملك وطبقا للقانون (الفصل ‪.)124‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اختصاصات الملك في الظروف غير العادية‪.‬‬
‫حدد الدستور اختصاصات الملك في الظروف غير العادية كاآلتي‪:‬‬
‫‪-‬اإلعالن عن حالة االستثناء‪( .‬الفصل ‪.)59‬‬
‫تعد حالة االستثناء حالة تتغير فيها المسيرة العادية للمؤسسات الدستورية وتتطلب بالتالي‬
‫اتخاذ إجراءات دستورية وقانونية تتناسب مع االمالءات التي تمليها الظروف االستثنائية‪.‬‬
‫ونظ ار لجسامة وضعية االستثناءات يمارس الملك باعتباره الساهر على سير المؤسسات‬
‫الدستورية‪ ،‬بسلطات واسعة‪ ،‬إال أن ممارسة هذه السلطات تخضع لشروطمعينة حددها الفصل‬
‫‪.59‬‬
‫إلعالن حالة االستثناء يستوجب الدستور توافر أحد الشرطين الموضوعين التاليين‪:‬‬
‫* تهديد حوزة التراب الوطني‪.‬‬
‫وتكون حوزة التراب الوطني مهددة‪ ،‬عندما يكون هناك تهديد بغزو خارجي‪ ،‬يتهدد المساس‬
‫بحوزة التراب الوطني أو النيل من مكانة الدولة وسيادتها‪ ،‬إال أنه أيضا قد تكون حوزة التراب‬
‫مهددة من الداخل إذا قامت حركات تمردية تستهدف إقامة كيان منفصل عن الدولة‪.‬‬
‫‪69‬‬
‫والتهديد الذي يستوجب اإلعالن عن حالة االستثناء يجب أن يكون تهديدا جديا على درجة‬
‫من الخطورة والجسامة‪ ،‬وخطر على وشك الوقوع وليس الخطر المحتمل الوقوع بعد فترة طويلة‪.‬‬
‫* وقوع أحداث تمس بسير المؤسسات الدستورية‪.‬‬
‫والشرط الثاني هو المرتبط بوقوع أحداث تمس السير العادي للمؤسسات الدستورية‪ ،‬أو‬
‫مهددة بخطر يعرقل أداء مهامها‪ ،‬أو وقوع أحداث أصابت المرافق األساسية في الدولة بشكل‬
‫يؤثر على سير المؤسسات الدستورية‪ .‬وقيام أحداث فردية كاإلضرابات ال يمكن اعتباره من‬
‫األحداث التي تمس سير المؤسسات‪ ،‬وكذا تقديم ملتمس رقابة ضد الحكومة‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى الشرطين الموضوعين استوجب الدستور في الفصل ‪ 59‬مسطرة شكلية‬
‫معينة هي‪:‬‬
‫* استشارة رئيس المحكمة الدستورية‪ ،‬رئيس الحكومة‪ ،‬رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس‬
‫ال مستشارين‪ ،‬وهذه االستشارة ال تلزم الملك بالتقييد بنتيجتها‪ ،‬إذ له مطلق الصالحية في األخذ‬
‫بنتيجة االستشارة أو عدمه‪.‬‬
‫* توجيه خطاب إلى األمة‪.‬‬
‫وهذا الخطاب يتوجه من خالله الملك إلى األمة ليبين األسباب والظروف التي اقتضت‬
‫اللجوء إلى فرض حالة االستثناء‪.‬‬
‫ويملك الملك بعد اإلعالن عن حالة االستثناء القيام واتخاذ جميع التدابير الالزمة إلعادة‬
‫األمور إلى طبيعتها‪ .‬فيمكن للملك باإلضافة إلى االختصاصات المسندة إليه ممارسة‬
‫اختصاصات الحكومة‪ ،‬وكذا ممارسة بعض أعمال البرلمان‪ .‬إال أنه ال يملك حق حل البرلمان‪،‬‬
‫وال تسمح له أيضا باتخاذ المبادرة لتعديل الدستور على اعتبار أن تعديل الدستور يتعارض مع‬
‫الحكمة التي من أجلها وضع الفصل المنظم لحالة االستثناء‪ ،‬والذي يستهدف في المقام األول‬
‫‪76‬‬
‫عودة الحياة الدستورية إلى مسارها الطبيعي‪.‬‬

‫‪ 76‬لقد سبق أن عرف المغرب هذه الوضعية‪ ،‬حيث تم اإلعالن عن حالة االستثناء في ‪ 7‬يونيو ‪ .1965‬وذلك على إثر تصدع األغلبية‬
‫من خالل أول انتخابات تشريعية والتي أفرزت مناخا سياسيا متوترا‪ ،‬وأغلبية هشة غير متجانسة ومعارضة ديناميكية‪ ،‬استطاعت أن‬
‫تساعد على استفحال التناقضات واالختالفات التي أخذت تطفو على السطح لتنفجر مع الممارسة الحكومية والبرلمانية التي وصفت‬
‫بالمحدودية إن على مستوى الشكل أو على مستوى مضمون النشاط التشريعي والسياسي للتجربة المعاقة‪ ،‬خاصة بعد استحالة‬
‫تشكيل حكومة ائتالفية في غضون األزمة السياسية التي استأثرت باهتمام الطبقة السياسية بالمغرب‪.‬‬
‫هذه األسباب وغيرها‪ ،‬انتهت إلى إعالن الملك الحسن الثاني الراحل على حالة االستثناء ليضع حدا لتجربة المغرب في مرحلة‬
‫جديدة‪ ،‬تم تركيز جميع السلط بيد الملك كما خول له ذلك الفصل ‪ 35‬من دستور ‪( 1996‬الفصل ‪ 59‬من دستور ‪ )2011‬وذلك‬
‫كتدبير مؤقت للخروج بالبالد من األزمة العميقة التي كانت تجتازها‪ ،‬وفي نفس الوقت فرصة للقوى السياسية واالجتماعية المعارضة‬
‫من أجل تعديل مواقفها‪ ،‬واستمرت هذه الحالة االستثنائية حتى أواخر يوليوز ‪.1970‬‬

‫‪70‬‬
‫لقد عاش المغرب حالة االستثناء في ظل الدستور األول للمملكة ‪ ،1962‬دامت لمدة‬
‫تناهز خمس سنوات في الفترة المتراوحة ما بين ‪ 7‬يناير ‪ 1965‬و‪ 8‬يوليوز ‪ .1970‬حيث تم‬
‫تركيز السلطة في يد الملك‪ ،‬بإنهاء مهام البرلمان وممارسته لسلطتـي التشريـع والتنفيذ‪77،‬في حين‬
‫ظل القضاء مستقال‪ .‬إال أن هذه التدابير المتخذة بالخصوص في المجال التنظيمي ال تعد أعماال‬
‫خاضعة لنظام األعمال اإلدارية على أساس أن القضاء يمنح حصانة مطلقة للملك بالنظر إلى‬
‫‪78‬‬
‫مركزه كسلطة سامية غير عادية وبالتالي ال يعتبر سلطة إدارية‪.‬‬

‫‪-1‬اإلعالن عن حالة الحصار (الفصل ‪.)74‬‬


‫تقتضي بعض األزمات التي قد تكون طبيعية‪ ،‬كالهزات األرضية واألوبئة‪ ،‬وقد تكون‬
‫ألسباب اجتماعية وسياسية كالمظاهرات العصيان‪ ،‬وظهور حركات إرهابية‪ ،‬إعالن حالة‬
‫الحصار والتي يترتب عنها تقييد بعض الحريات العامة وفرض بعض اإلجراءات الصارمة‪،‬‬
‫وغالبا ما تقترن حالة الحصار هاته بأوضاع داخلية تهدد النظام العام‪ .‬وينص الفصل ‪ 74‬على‬
‫أنه يمكن اإلعالن عن حالة الحصار لمدة ‪ 30‬يوما بمقتضى ظهير شريف يوقعه بالعطف رئيس‬
‫الحكومة‪ ،‬وال يمكن تمديد أجل الثالثين يوما إال بقانون‪.‬‬
‫‪-2‬اإلعالن عن حالة الحرب‪( .‬الفصل ‪.)99‬‬
‫حينما تتعرض الدولة لخطر خارجي يهدد حوزة التراب الوطني‪ ،‬فإن من حق الملك إشهار‬
‫الحرب وهو الموضوع الذي يعرض على المجلس الوزاري‪ ،‬واحاطة الملك مجلس النواب ومجلس‬
‫المستشارين علما بذلك‪.‬‬

‫انظر في هذا الشأن‪:‬غوتي محمد األغظف‪" :‬التعديالت الدستورية المغربية من زاوية علم االجتماع السياسي"‪ .‬بحث قدم خالل‬
‫السنة الثانية من دبلوم الدراسات العليا المعمقة في الحقوق‪ .‬كلية الحقوق‪– .‬أكدال‪ .‬شعبة وحدة القانون الدستوري وعلم السياسة‪.‬‬
‫الموسم الدراسي ‪ .2000-1999‬ص‪.31-32 :‬‬
‫عبد الرحمان القادري‪" :‬القانون الدستوري والمؤسسات السياسية"‪ ،‬الجزء الثاني "األنظمة السياسية"‪ ،‬مطبعة الساحل – الرباط‪ .‬السنة‬
‫‪ .1992‬ص‪.148 :‬‬

‫‪ -77‬أحمد حضراني‪" :‬النظام السياسي المغربي‪ :‬مقاربة لتجربة دستور ‪ ."1996‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪،‬سلسلة‬
‫مؤلفات وأعمال جامعية عدد ‪ 39‬الطبعة األولى ‪.2002‬ص‪.37-36 :‬‬
‫‪ -78‬محمد الغالي‪" :‬التدخل البرلماني في مجال السياسات العامة في المغرب (‪ ")2002-1954‬المطبعة والوراقة الوطنية –مراكش‪-‬‬
‫الطبعة األولى ‪ .2006‬ص‪.34-33 :‬‬

‫‪71‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الطبيعة القانونية للق اررات الملكية الصادرة في المجال اإلداري‪.‬‬

‫أثار موضوع الطبيعة القانونية للق اررات الملكية الصادرة في المجال اإلداري نقاشا قضائيا‬
‫(المطلب األول) وفقهيا (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬موقف القضاء من الق اررات الملكية الصادرة في المجال اإلداري"‬
‫إن الوقوف عند صالحيات الملك التنفيذية‪ ،‬وخاصة في المجال اإلداري يحيل على‬
‫ضرورة اتخاذ الملك لتدابير فردية وذات طبيعة تنظيمية من أجل إعمال صالحياته‪ ،‬والسؤال‬
‫الذي يطرح نفسه هل يمكن اعتبار الملك سلطة إدارية‪ ،‬وبالتالي ق ارراته ق اررات إدارية‪ .‬إن اإلجابة‬
‫عن هذا السؤال تتطلب الوقوف عند تطور تعاطي القضاء مع هذه الق اررات‪.‬‬
‫صرح المجلس األعلى‪ ،‬منذ البداية‪ ،‬بعدم اختصاصه في الطعون الموجهة ضد (الظهائر‬
‫ابتداء من حكم الروندة (‪ 18‬يونيو ‪ )1960‬ومرو ار بحكم أوفقير‬
‫ً‬ ‫أو المراسيم) وكان موقفه مطردا‬
‫مصطفى (‪ 26‬أكتوبر ‪ )1977‬وانتهاءا بمختلف األحكام األخرى‪.‬‬
‫ولفهم تطور الموقف القضائي المغربي يمكن التمييز بين مرحلتين‪ :‬مرحلة ما قبل حكم‬
‫مزرعة عبد العزيز‪ ،‬وما بعد حكم مزرعة عبد العزيز‪.‬‬
‫‪-1‬مرحلة ما قبل حكم عبد العزيز‪.‬‬
‫يمكن اإلشارة في هذا الصدد إلى موقف القضاء في عهد الحماية‪ ،‬إذ أن محكمة‬
‫االستئناف بالرباط في حكمها الصادر بتاريخ ‪ 4‬مايو ‪ 1944‬في قضية جماعة تمسغلفت‪ 1‬قد أكد‬
‫على التمييز بين الظهائر ذات الصبغة اإلدارية والتي يمكن أن تقرن بالمراسيم والظهائر ذات‬
‫الطبيعة التنظيمية‪...‬‬
‫ورغم هذا الموقف فقد أكد مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬باعتباره كان المختص بالنظر في‬
‫الطعن من أجل الشطط في استعمال السلطة ضد الق اررات اإلدارية غير الشرعية الصادرة في‬
‫حق المواطنين العاملين في إدارة الحماية بالمغرب تبعا لظهير فاتح شتنبر ‪ ،1928‬قد قرر عدم‬
‫صالحيته في إلغاء الظهائر الملكية وهو أمر يخالف موقف مجلس الدولة الفرنسي بالنسبة‬
‫للمراسيم الصادرة عن الباي التونسي في عهد الحماية‪.‬‬
‫وبعد إنشاء المجلس األعلى بمقتضى ظهير ‪ 27‬شتنبر ‪ 1957‬فقد أكد في أحكامه موقفه‬
‫النهائي وهو عدم قابلية رقابة المجلس األعلى للق اررات الملكية‪ ،‬وهكذا ففي األحكام األولى التي‬
‫تصدى فيها المجلس األعلى للنظر في طلبات اإللغاء ضد الظهائر‪ ،‬قرر أن هذه الظهائر ليست‬
‫صادرة عن سلطة إدارية‪ ،‬فقد صرح في قضية الروندا بأن دعوى هذا األخير ليست موجهة ضد‬

‫‪–1‬انظر عبد القادر باينة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21:‬‬

‫‪72‬‬
‫سلطة إدارية بل ضد قرار صادر عن الملك متخذ في شكل ظهير‪ ،‬وكرر نفس الموقف في‬
‫قضية بنسودة عبد اهلل بتاريخ ‪ 15‬يوليوز ‪ 1963‬وقرار رزقي التجاني في نفس التاريخ‪.‬‬

‫‪-2‬مرحلة حكم مزرعة عبد العزيز وما بعدها‪.‬‬


‫يشكل حكم مزرعة عبد العزيز الصادر بتاريخ ‪ 20‬مارس ‪ 1970‬نقطة تحول في اجتهاد‬
‫المجلس األعلى انطالقا من كونه بالرغم من أنه استمر في التمسك بموقفه السابق برفض النظر‬
‫في أي طعن موجه ضد مرسوم ملكي واحتفظ بمسلكه بعدم الخوض في بحث طبيعة المرسوم‬
‫والملكي ولكنه وجد في الدستور أساسا جديدا لتعليل عدم اختصاصه‪ ،‬إذ أن جاللة الملك الذي‬
‫يمارس اختصاصاته الدستورية بوصفه أمي اًر للمؤمنين‪ ،‬طبقا للفصل ‪ 19‬من الدستور من دستور‬
‫‪ ،1962‬ال يمكن اعتباره سلطة إدارية‪ ،‬وتتلخص وقائع القضية في أن الشركة الفالحية لمزرعة‬
‫عبد العزيز قدمت دعوى بسبب الشطط في استعمال السلطة مطالبة بإلغاء المرسوم الملكي‬
‫الصادر في ‪ 11‬يونيو ‪ 1968‬والممضي من الوزير األول بناءاً على التفويض الملكي‪ ،‬والذي‬
‫يقضي بالمصادقة على ضم األراضي الزراعية إلى بعضها في قطاع مصانع الشمندر بناحية‬
‫الغرب‪ ،‬وقد أكد المجلس األعلى على عدم اختصاصه في النظر في الطعون الموجهة ضد‬
‫الق اررات الملكية واستند على‪:‬‬
‫بناءا على تفويض من الملك هو مرسوم‬
‫‪ -‬أن المرسوم الممضي من قبل الوزير األول ً‬
‫ملكي‪.‬‬
‫‪ -‬الغرفة اإلدارية ال تختص بالنظر في الق اررات الصادرة عن السلطات اإلدارية‪.‬‬
‫‪ -‬الملك الذي يمارس اختصاصاته الدستورية بوصفه أمي ار للمؤمنين طبقا للفصل‬
‫‪ 19‬ال يمكن اعتباره سلطة إدارية‬
‫‪ -‬أكدت أن القضاء من وظائف اإلمامة ومندرج في عمومها والقاضي عندما يصدر‬
‫أحكامه فهو ينوب عن جاللة الملك‪.‬‬
‫لتنتهي إلى أن اإلمكانية التامة هي لجوء صاحب الشأن إلى جاللة الملك على سبيل‬
‫االستعطاف‪.‬‬
‫إن انتفاء الطريق القضائي إلمكان إلغاء الظهائر الملكية في المجال اإلداري أو الحصول‬
‫على تعويض من الضرر الذي ينجم عنها يسبغ على مسطرة االستعطاف طابعا خاصا‪.‬‬
‫واالستعطاف الملكي له بعض الجذور في التاريخ اإلسالمي المتمثلة في والية المظالم‬
‫وو ازرة الشكايات بالمغرب‪ ،‬ورفع المظالم كان من جملة المهام التي يضطلع بها السلطان باعتباره‬
‫القاضي األسمى‪ ،‬وقد كان الحسن األول يخصص يومي األحد والثالثاء كل أسبوع للشكاية‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫غير أن االستعطاف الملكي غير مقنن بأي نص قانوني عام ويظل رهين السلطة التقديرية‬
‫للملك في غياب أي نص عام يحدده‪ 1،‬ورغم توالي األحكام بعد هذا الحكم فإن موقف المجلس‬
‫ظل ثابتا (حكم عدد ‪ 3‬بتاريخ ‪ 8‬يناير ‪ /1971‬التباري محمد قديم ضد وزير العدل‪ .‬م‪.‬ك‪.‬س‬
‫‪ 1971-1970‬ص‪.)9 :‬‬
‫وبعد إنشاء المحاكم اإلدارية استمر االجتهاد القضائي وفق السياسة القضائية للمجلس‬
‫األعلى‪ ،‬وبالرغم من المادة ‪ 11‬من قانون المحاكم اإلدارية نصت على <<أن المحكمة اإلدارية‬
‫بالرباط تختص بالنظر في النزاعات المتعلقة بالوضعية الفردية لألشخاص المعينين بظهير‬
‫شريف أو مرسوم‪ ،‬وبالنزاعات الراجعة إلى اختصاص المحاكم اإلدارية التي تنشأ خارج دوائر‬
‫اختصاص هذه المحاكم>> فإنه قد يتبادر أن األمر يتعلق بالطعن في الق اررات الملكية‪ ،‬لكن‬
‫الواقع يؤكد أن األمر ال يتعلق بصفة مباشرة الق اررات الملكية ولكن بالتسوية التي هي عمل مادي‬
‫في اختصاص السلطات اإلدارية والتي تقترح على الملك تلك التسوية‪.‬‬
‫وفي الحكم الصادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط (حكم اوكرش أحمد) توسعت المحكمة‬
‫في مفهوم العمل الملكي ليشمل أيضا الق اررات الصادرة عن ولي العهد‪ .‬إن القرار الصادر عن‬
‫صاحب السمو الملكي ولي العهد منسق مكاتب ومصالح القيادة العليا للقوات المسلحة المكية‬
‫بأمر من صاحب الجاللة يعتبر ق ار اًر ملكيا ساميا (حكم عدد ‪ 14‬بتاريخ ‪ ،)1998/6/1‬وبالتالي‬
‫تكون المحكمة اإلدارية غير مختصة للبث في الطعن المقدم ضده‪.‬‬
‫واداكان دستور الفاتح من يوليوز ‪ 2011‬قد نص في الفصل ‪ 118‬على أن "كل قرار اتخد في‬
‫المجال اإلداري سواء كان تنظيميا أو فرديا يمكن الطعن فيه أمام الهيئة القضائية اإلدارية‬
‫المختصة " فإن المحكمة اإلدارية بالرباط في حكمها رقم ‪ 3236‬بتاريخ ‪ 16‬شتنبر‪ 2016‬دهبت‬
‫إلى تأكيد استثناء الق اررات الملكية من الطعن القضائي ‪" ،‬يتبين أن قرار تمديد حد سن القاعد‬
‫بالنسبة للمطلوب في الطعن عبد الوحيد خوجة كأمين عام لمجلس المستشارين يندرج بدوره ضمن‬
‫إجراءات متخدة في إطار جانب من المهام الدستورية المنوطة بجاللة الملك بمقتضى الفصل ‪42‬‬
‫من الدستور و المتمثلة في السهر على حسن سير المؤسسات الدستورية ‪ ،‬ولدلك فإن هدا القرار‬
‫يظل غير قابل للطعن القضائي و الينال من دلك مانص عليه الفصل ‪ 118‬من نفس الدستور‬
‫بخصوص قابلية كل الق اررات التنظيمية و الفردية المتخدة في المجال اإلداري للطعن أمام‬
‫الجهات القضائية اإلدارية المختصة ‪ ،‬مادامت التنزل منزلة هدا المجال اإلداري الصرف‬
‫الصالحيات الدستورية المحفوظة لجاللة الملك في مجال اإلشراف على حسن سير المؤسسات‬
‫الدستورية "‪.‬‬

‫‪ –1‬انظر‪ :‬محمد أشركي‪ :‬الظهير الشريف في القانون العام المغربي‪ ،‬منشورات جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء‪ .1983 ،‬ص‪.127:‬‬

‫‪74‬‬
‫ولم تقتصر حصانة المراسيم والظهائر الملكية ضد دعوى اإللغاء بل انصرفت أيضا إلى‬
‫دعوى التعويض‪ ،‬فبالرغم من أن جزءاً من الفقه طالب بإقرار دعوى التعويض اتجاه الظهائر‪ ،‬إذ‬
‫آنذاك سيسمح للمحاكم بإقرار المسؤولية المالية للدولة الشريفة حين تخرق القانون بواسطة ظهير‬
‫أو مرسوم‪1 ،‬فإن اليوم دعوى التعويض ضد الظهائر والق اررات الملكية غير ممكنة بعد أن أسبغ‬
‫عليها المجلس األعلى سابقا ومحكمة النقض حاليا الحصانة الكاملة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اآلراء الفقهية في تكييف طبيعة الق اررات الملكية‬
‫لقد تضاربت آراء الفقه حول تأييد أو نقد موقف الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى‪.‬‬
‫‪ -‬اآلراء المؤيدة‪:‬‬
‫لقد تباينت مواقف الفقهاء حول تبرير حصانة الق اررات الملكية بالرغم من اتفاقها حول‬
‫عدم إمكانية الطعن فيها‪ ،‬إذ أن هناك جانب من الفقه من فضل االعتماد على نظرية السيادة‬
‫كأساس لتحصين الق اررات الملكية ‪ ،2‬في حين فضل جانب آخر من الفقه االعتماد على فكرة‬
‫السلطة التقديرية التي يتمتع بها الملك في اتخاذ الق اررات في المجال اإلداري‪ ،‬وبالتالي فإن‬
‫القضاء ال يمكن له أن يتدخل في مراقبة هذه السلطة ألنها تخرج عن حدود مراقبة الشرعية ‪،3‬‬
‫ألن جاللة الملك يمارس في هذا المجال اختصاصات تدخل في إطار المالءمة‪ ،‬وبالتالي ال‬
‫يمكن للقاضي مراقبة هذه المالءمة ألنه مختص أساسا في مراقبة الشرعية وأن المراقبة على‬
‫األركان األربعة األخرى للسلطة التقديرية يمكن أن تمارس بواسطة الرقابة الذاتية لجاللة الملك‬
‫باعتباره الساهر على احترام الدستور طبقا للفصل ‪ 19‬في الدساتير السابقة و‪ 42‬في دستور‬
‫‪.2011‬‬
‫واستند جانب آخر على المبادئ العامة للقانون العام اإلسالمي الواردة في تحاليل الفقهاء‬
‫المسلمين وعلى رأسهم الماوردي وابن خلدون الذين يؤكدون على نظرية ازدواجية المهام‪ ،‬وبالتالي‬
‫على الفصل بين الق اررات ذات الطبيعة اإلدارية وغيرها‪ .‬والملك عندما يتخذ هذه الق اررات يتخذها‬
‫باعتباره أكبر سلطة إدارية‪ ،‬بل إنه الممثل األسمى لألمة‪.‬‬
‫ويذهب رأي آخر على اعتماد أساس مغاير‪ ،‬والمتمثل في التفسير السوسيولوجي القادر‬
‫على تبرير موقف المجلس األعلى‪ ،‬فغياب الرقابة القضائية عن الظهير ال يعني انتفاء‬
‫المشروعية‪...‬فالمشروعية بالنسبة للق ار ارت الملكية ليست ضرورية بل هي من صميم الوظيفة‬
‫الملكية نفسها‪ ،‬وأن حصانة الظهائر تجد أساسا في الطبيعة الخاصة للسلطة الملكية‪ ،‬ويبدو أن‬
‫‪79‬‬
‫التفسير السوسيولوجي وحده يمكن أن يبرر موقف المجلس األعلى في هذا المضمار‪.‬‬

‫‪ –1‬محمد أشركي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.106 :‬‬


‫‪ –2‬محمد مرغني‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.127 :‬‬
‫‪ –3‬عبد القادر باينة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.34:‬‬
‫‪ –79‬محمد أشركي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.123 :‬‬

‫‪75‬‬
‫‪ -‬اآلراء المنتقدة‬
‫ينطلق هذا الموقف في انتقاده ورفضه لموقف المجلس األعلى من التركيز على مضمون‬
‫القرار‪ ،‬متأث ار بالتوجه المعتمد في فرنسا والذي يخضع الق اررات اإلدارية لمراقبة القضاء من أي‬
‫مصدر كانت ولو من رئيس الدولة‪ ،‬فإذا تضمن القرار أمو ار إدارية فتكون أمام سلطة إدارية‬
‫أعمالها خاضعة لرقابة القاضي اإلداري بينما يتم استبعاد األعمال غير اإلدارية من الرقابة‬
‫القضائية‪ ،‬ويتزعم هذا االتجاه‪ Michel Rousset ،‬الذي يرى أن كل الق اررات الملكية ال يمكن‬
‫الطعن فيها في جميع المجاالت‪ ،‬سواء عن طريق اإللغاء أو عن طريق طلب التعويض أو الدفع‬
‫بعدم المشروعية التي يمكن أن تثار في القضايا المدنية أو االجتماعية‪ ،‬واستنتج أن الق اررات‬
‫الملكية يطبق عليها نفس النظام القضائي المطبق على أعمال السيادة أو الحكومة التي ال‬
‫تخضع لمراقبة القضاء‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬الهيئات التابعة للملك‪.‬‬
‫إذا كان الملك هو السلطة العليا في البالد ويمثل الركن األساسي في السلطة المركزية فإنه‬
‫من الطبيعي أن يستعين بهيئات وأشخاص خاصين يساعدونه في القيام بالمهام المسندة إليه‪،‬‬
‫وعلى رأس هذه الهيئات يوجد الديوان الملكي والهيئات االستشارية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الديوان الملكي‪:‬‬
‫لقد صدر بعد االستقالل ظهير ‪ 28‬أكتوبر ‪ 1956‬ليعلن عن إحداث "مجلس التاج لدى‬
‫‪80‬‬
‫جاللة الملك" وظهير ‪ 10‬نونبر ‪ 1956‬محدثا مكتب األبحاث واإلرشادات لدى جاللة الملك‪.‬‬
‫وقد لعب الديوان الملكي دو ار مهما في مساعدة الملك على إعداد واحداث الق اررات‬
‫‪81‬‬
‫ودراستها خاصة قبل صدور ظهير ‪ 17‬غشت ‪ 1971‬الذي أعطى التفويض للوزير األول‬
‫والذي قبله تم تنصيب المدير العام للديوان الملكي‪ ،‬الذي يمارس تفويضا عاما قبل المصادقة‬
‫على دستور ‪ ،1962‬ليعود أيضا الديوان الملكي لالضطالع باختصاصات واسعة في ظل غياب‬
‫الوزير األول في مرحة حالة االستثناء إلى أن تم تعيين الوزير األول في يونيو ‪.1967‬‬
‫وتكمن أهمية المدير العام للديوان الملكي في شخصيات الدولة في كونه كان على رأس‬
‫القائمة الرسمية للشخصيات قبل الوزير األول‪ ،‬إذ كان له تفويض من قبل جاللة الملك من أجل‬
‫التوقيع على كثير من الق اررات والمراسيم والتأشيرات‪ .‬وبإلغاء منصبه على إثر الخطاب الملكي‬
‫بتاريخ ‪ 4‬غشت ‪ 1971‬أصبح مستشارو جاللة الملك يقومون بتنشيط العمل بالديوان الملكي‬

‫‪ –80‬عبد القادر باينة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.36 :‬‬


‫‪ –81‬ظهير شريف رقم ‪ 134.71.1‬بتاريخ ‪ 17‬غشتب ‪ ،1971‬بشأن التفويض العام في السلطة التنظيمية‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬ص‪.1920:‬‬

‫‪76‬‬
‫تحت سلطة الملك‪ ،‬غير أن الصبغة التقنية لهذه الوظائف ال تمنع أن يكون لبعض الشخصيات‬
‫التي تتقلدها دو ار مؤث ار‪ 82‬بدرجات متفاوتة‪ ،‬وذلك منذ ‪ 10‬أكتوبر ‪.1977‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مستشارو جاللة الملك‪.‬‬
‫إذا كان تعيينهم يتم بظهير شريف خاص بكل واحد منهم‪ ،‬فإننا ال نجد نص قانوني ينظم‬
‫اختصاصاتهم بشكل واضح‪ ،‬وكان تعيينهم في ‪ 10‬أكتوبر ‪ 1977‬وهو نفس التاريخ الذي تم في‬
‫تعيين الحكومة األولى بعد االنتخابات التشريعية في يونيو‪.1977‬‬
‫ورغم تمتعهم بنفس االمتيازات التي يتمتع بها الوزراء طبقا للظهير الشريف الخاص بحالة‬
‫أعضاء الحكومة ودواوينهم الصادر في ‪ 23‬أبريل ‪ 1975‬فإن الباحثين ال يعتبرونهم أعضاء في‬
‫الحكومة‪ 1.‬خاصة وأنه توضع تحت تصرفهم ديوان وموظفين ومكاتب‪ .‬وقد عين الملك عددا من‬
‫‪83‬‬
‫المستشارين عقب التصويت على استفتاء الدستور الجديد‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الهيئات االستشارية بجانب جاللة الملك‪.‬‬
‫تشكل االستشارة من اآلليات األساسية التي تدعم نظام الحكم وتقوي ركائزه خاصة وأنها‬
‫تمثل أحد مبادئ الحكم التي تميز األنظمة الديمقراطية عن األنظمة األخرى‪ ،‬وتعتبر الهيئات‬
‫االستشارية من بين أهم الوسائل التي تمارس من خاللها الوظيفة االستشارية‪ ،‬وال تنفرد أي سلطة‬
‫معينة بإحداث الهيئات االستشارية‪ ،‬ذلك أنه ال يوجد هناك أي نص يعطي ألية جهة امتياز‬
‫إحداث وتنظيم الهيئات االستشارية‪2،‬إذ نجد أن دستور المملكة يتضمن إحداث بعض الهيئات‪،‬‬
‫بل وحتى بعض المقتضيات التنظيمية لها‪ ،‬إلى جانب أخرى يتم إحداثها بظهائر ملكية‪ .‬وال‬
‫يقتصر األمر على تلك المحدثة بجانب الملك‪ ،‬بل حتى تلك التي تعمل بجانب الحكومة‪ ،‬فضال‬
‫على أن هناك أخرى تجد النص المحدث لها في نص تشريعي صادر عن البرلمان أو في نص‬
‫تنظيمي صادر عن السلطة التنفيذية‪.‬‬
‫‪84‬‬
‫وهكذا عرف المغرب منذ االستقالل إلى اآلن تشكيل عدد من الهيئات االستشارية‬
‫المحدثة مباشرة بجانب الملك‪ ،‬حيث أحدثت بمبادرة من الملك التي أعلن عن إنشائها بمناسبة‬
‫خطاب ملكي‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة للمجلس االستشاري الملكي لشؤون الصحراء‪ ،‬والمجلس‬
‫األعلى للماء والمناخ‪ ،‬والذي تم تنظيمه بمقتضى ظهير شريف رقم ‪ 1.95.154‬المتعلق بتنفيذ‬
‫قانون الماء رقم ‪ .10.95‬كما تمت دسترة البعض منها مؤخ ار في ‪ 85،2011‬ونخص بالذكر‪:‬‬

‫‪ 82‬ميشيل روسي‪ :‬المؤسسات اإلدارية المغربية‪ ،‬تعريب إبراهيم الزياني‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدارالبيضاء‪ ،1993 ،‬ص‪.51 :‬‬
‫‪ –1‬عبد القادر باينة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.38 :‬‬
‫‪ 83‬عبد اللطيف المنوني‪-‬فؤاد عالي الهمة‪-‬ياسرالزناكي‪-‬الطيب الفاسي الفهري‪.‬‬
‫انظر أحمد أجعون‪ :‬التنظيم اإلداري المغربي بين المركزية والالمركزية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة المؤلفات‬
‫واألعمال الجامعية‪ ،‬عدد ‪ .2013 ،96‬ص‪.92 :‬‬
‫‪ –2‬حكيمة بومحمدي‪ :‬االستشارة في التشريع المغربي‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ 2004 ،55-54‬ص‪.155 :‬‬
‫‪ 84‬للتعرف عليها يمكن الرجوع لمؤلف د‪ .‬عبد القادر باينة‪ :‬الهيئات االستشارية بالمغرب‪ ،‬دار النشر المغربية‪ ،‬الدار البيضاء‪.1991 ،‬‬
‫‪ 85‬انظر حسن طارق‪ :‬هيئات الحكامة في الدستور‪ ،‬السياق‪ ،‬البنيات والوظائف‪ .‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة‬
‫المؤلفات واألعمال الجامعية‪ ،‬عدد ‪ .2016 ،110‬ص‪ 43 :‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫‪86‬‬
‫‪-‬المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي؛‬
‫‪87‬‬
‫‪-‬المجلس الوطني لحقوق االنسان؛‬
‫‪88‬‬
‫‪-‬مؤسسة الوسيط؛‬
‫‪89‬‬
‫‪-‬مجلس الجالية المغربية بالخارج؛‬
‫‪90‬‬
‫‪-‬الهيئة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز؛‬
‫‪91‬‬
‫‪-‬الهيأة العليا لالتصال السمعي البصري؛‬
‫‪92‬‬
‫‪-‬مجلس المنافسة؛‬
‫‪93‬‬
‫‪-‬الهيأة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها؛‬
‫‪94‬‬
‫‪-‬المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي؛‬
‫‪95‬‬
‫‪-‬المجلس االستشاري لألسرة والطفولة؛‬
‫‪96‬‬
‫‪-‬المجلس االستشاري للشباب والعمل الجمعوي؛‬

‫‪ 86‬الفصل ‪.151‬‬
‫‪87‬الفصل ‪.161‬‬
‫‪ 88‬الفصل ‪.162‬‬
‫‪ 89‬الفصل ‪.163‬‬
‫‪ 90‬الفصل ‪.164‬‬
‫‪ 91‬الفصل ‪.165‬‬
‫‪ 92‬الفصل ‪.166‬‬
‫‪ 93‬الفصل ‪.167‬‬
‫‪ 94‬الفصل ‪.168‬‬
‫‪ 95‬الفصل ‪.169‬‬
‫‪ 96‬الفصل ‪.169‬‬

‫‪78‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫الحكومة‬

‫إن ظهور الحكومات بشكلها الحالي لم يكن وليد مرحلة تاريخية محددة وانما جاء نتيجة‬
‫لتطور أنظمة الحكم وتطور الدولة بشكل خاص‪ ،‬ولكن بالرغم من قدمها فإن ذلك ال يعني أنها‬
‫جهاز محدد المعالم ومعروف بشكل دقيق‪ ،‬ذلك أن الدساتير لم تعمل في الغالب على تعريفها‬
‫وان كانت قد حددت مكوناتها مثلما هو الحال في المغرب‪ .‬وتعددت التعاريف التي أعطيت لها‬
‫‪ 1‬واألقرب هو الذي يسير في االتجاه الذي حدد الدستور في كون الحكومة محصورة في رئيس‬
‫الحكومة والوزراء‪ ،‬حيث ندرس مكوناتها واختصاصاتها كما هو محدد في الوثيقة الدستورية‪.‬‬
‫ونظ ار القتصارنا على الجانب اإلداري في العمل الحكومي فسنتعرض إلى‪:‬‬
‫‪ -‬لمحة تاريخية عن تطور الحكومة بالمعرب (المبحث األول)‪.‬‬
‫‪ -‬الحكومة في الدستور المغربي الحالي (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬لمحة تاريخية عن الحكومة في المغرب‪.‬‬


‫لقد عرف المغرب كبلد مستقل تنظيمه الخاص للسلطة واإلدارة المركزية‪ ،‬إذ كانت إلى‬
‫جانب السلطان المغربي عبر الحقب التاريخية حكومة تساعده على إدارة شؤون األمة كانت‬
‫تعرف باسم المخزن‪.‬‬
‫وسنتناول تطور الحكومة في مراحلها الثالث‪ ،‬قبل الحماية (المطلب ‪ )I‬وأثناء الحماية‬
‫(المطلب ‪ )II‬وبعد االستقالل (المطلب الثالث)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬فترة ما قبل الحماية‪.‬‬
‫لقد تكون التنظيم اإلداري المركزي المخزني من السلطان والوزراء‪ ،‬إذ كان السلطان هو‬
‫محور السلطة التنظيمية‪ ،‬وهو الذي يضمن النظام واألمن في كل أنحاء البالد‪ ،‬وال يمكن ألي‬
‫سلطة أن تقسم معه سلطاته إال بتفويض منه‪ 2،‬إذ يجمع السلطان سلطات عديدة روحية وعسكرية‬
‫مادام أن له الحق في سحبها‬ ‫‪97‬‬
‫واقتصادية وتنفيذية‪...‬ويجنح إلى تفويض البعض منها إلى وزرائه‬
‫في أي وقت شاء إذا كان هؤالء الوزراء ليسوا سوى مساعديه‪.98‬‬

‫‪ –1‬محمد فتح هللا الخطيب‪ :‬دراسات في الحكومات المقارنة‪ ،‬نشر دار النهضة العربية القاهرة ‪ .1966‬ص‪.5.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪LAHBABI (M) : Le gouvernement Marocain à l’aube du XXème siècle les éditions Maghrébines,‬‬
‫‪Casablanca 1975 2ème édition p : 111.‬‬
‫‪97‬‬
‫‪Ali El Mhamdi : L’Administration centrale au Maroc. 1ère édition, DAR ALQALAM, 2011, P : 41.‬‬
‫‪98‬‬
‫‪SED JARI (A) : Les structures administratives territoriales et le développement local au Maroc, Ed‬‬
‫‪F..S.J.E.S RABAT série N° 32 1981 p 25.‬‬

‫‪79‬‬
‫‪99‬‬
‫إال أنه‬ ‫واختلفت التركيبة الحكومية انسجاما مع تعاقب العائالت الملكية في المغرب‪،‬‬
‫بالعودة إلى تاريخ الدولة العلوية‪ ،‬وبخاصة في عهد المولى الحسن األول حين عرف في عهده‬
‫‪100‬‬
‫ضغوطا كبيرة من طرف الدول األوربية على المغرب لم يزد عدد الوزراء عن خمسة‪.‬‬
‫‪ -‬الصدر األعظم‪ :‬لقد كان الصدر األعظم باعتباره الوزير األكثر خطوة لدى الملك‬
‫يضطلع بمهام كثيرة‪ ،‬لكن ال تصل إلى التقرير في األمور المعروضة عليه بل لم تكن له أية‬
‫اختصاصات واضحة ومعروفة‪ ،‬كما أنه لم يكن رئيسا للحكومة لتكون بين يديه سلطات السهر‬
‫على الدواليب اإلدارية في الدولة‪ ،‬إال أنه كان يتمتع بامتياز بروتوكولي اتجاه باقي الوزراء‪.‬‬
‫الوزراء‪ :‬إذا كان الصدر األعظم ال يتمتع باختصاصات حقيقية‪ ،‬فإن بقية الوزراء الذين‬
‫هم معاونون للسلطان لم يقتصر دورهم سوى في عرض المسائل التي يرونها في مجال و ازرتهم‬
‫على أنظار السلطان للموافقة عليها‪ .‬وقد عرف المغرب خالل نهاية القرن ‪ 19‬أربعة وزراء‬
‫باإلضافة إلى الصدر األعظم‪.‬‬
‫‪-1‬وزير البحر‪ :‬وكان يختص بتقديم الرأي والمشورة للسلطان في القضايا التي تهم عالقة‬
‫المغرب بالدول األجنبية من خالل العالقة التجارية‪ ،‬حماية األجانب بالمغرب والتفاوض حول‬
‫التعويضات األجنبية والديون األوربية اتجاه المغرب‪.‬‬
‫‪-2‬أمين األمناء‪:‬عرفت هذه الو ازرة بعدة أسماء‪ ،‬وأصبحت بعد إصالحات الحسن األول‬
‫تتوفر على حوالي ‪ 15‬كاتبا أساسيا‪ ،‬كما أصبحت لها اليد العليا على الخزينة العامة "بيت‬
‫المال"‪.101‬‬
‫‪-3‬العالف الكبير‪ :‬وكان يضطلع بالشؤون العسكرية والحربية‪ ،‬وكانت رغبة الحسن األول‬
‫في إنشاء هاته الو ازرة هو الحفاظ على استقالل البالد‪.‬‬
‫‪-4‬وزير الشكايات‪ :‬عرف المغرب هذه الو ازرة أول مرة مع الدولة السعدية تحت اسم‬
‫صاحب المظالم‪ ،‬إال أنها أصبحت في الدولة العلوية تعرف باسم و ازرة الشكايات‪ ،‬وكانت مهمتها‬
‫األساسية تتجلى في تسجيل الدعاوي المقدمة إلى السلطان ضد عمال االيالة‪ ،‬عندما يعتدون‬
‫على المواطنين أو يختلسون أموالهم‪ ،‬إذ كان يقوم بمهمة رجل المظالم‪ ،‬وفي نفس الوقت يدون‬
‫الشكايات بعد تلخيصها ويقدمها إلى السلطان الذي يتخذ الق اررات النهائية في شأنها‪.102‬‬

‫‪ –99‬أمينة المسعودي‪ :‬الوزراء في النظام السياسي المغربي ‪ .1992-1955‬الطبعة ‪ 2001 I‬ص ‪.20-13‬‬
‫‪ –100‬الناجي الدرداري‪ :‬الحكومة في ظل الدساتير المغربية ‪ 1996-1962‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس أكدال ‪ 2002-2001‬ص ‪.4‬‬
‫‪101‬‬
‫‪LAHBABI (M) le gouvernement Marocain à l’aube du XXème siècle op cit p : 161.‬‬
‫‪ –102‬باينه عبد القادر‪ :‬التنظيم اإلداري بالمغرب‪ .‬ص‪.43 :‬‬

‫‪80‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مرحلة الحماية‪.‬‬
‫بمقتضى توقيع الحماية ‪ 30‬مارس ‪ 1912‬مع السلطات الفرنسية‪ ،‬ويوم ‪ 27‬نونبر ‪1912‬‬
‫مع السلطات اإلسبانية‪ ،‬وعبر فرض نظام دولي بطنجة أصبح المغرب يتوفر وفقا لهذا التقسيم‬
‫على ثالث مناطق إدارية‪ :‬المنطقة الفرنسية‪ ،‬والتي تشكل منطقة نفوذ فرنسا‪ ،‬والمنطقة الشمالية‬
‫والجنوبية باتفاق بين إسبانيا وفرنسا وضعت تحت النفوذ اإلسباني‪ ،‬ومنطقة طنجة التي خضعت‬
‫لمجموعة من االتفاقيات التي تحدد طبيعتها‪ .‬وفي ظل هذا الواقع ظلت اإلدارة المخزنية حاضرة‬
‫خاصة على مستوى المنطقة الفرنسية واإلسبانية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬ممثلو السلطات اإلدارية المغربية في عهد الحماية‪:‬‬
‫في المنطقة الفرنسية تم إلغاء الو ازرات التي كان يعرفها المغرب والتي كانت تمثل جزءا‬
‫مهما من السيادة الوطنية‪ ،‬وان حاولت هذه األخيرة الحفاظ على شكل اإلدارة المركزية المغربية‪،‬‬
‫احتراما لعقد الحماية‪ ،103‬وخوفا من المغاربة‪ .‬ومع ذلك فقد قامت بإدخال مجموعة من‬
‫اإلصالحات عليها ألن الفاصل بينها هو ظهير ‪ 21‬يونيو ‪ .1947‬وما يميز هذه المرحلة هو‬
‫التفويض المكتوب الذي أصبح يعتمده السلطان لفائدة الصدر األعظم الذي أصبح يضطلع‬
‫بصالحيات ملموسة في اإلدارة العامة للبالد‪ ،‬والتي أصبحت في ظل المرحلة الدستورية تعرف‬
‫بالمراسيم التنظيمية‪.‬‬
‫وعلى صعيد بنية الو ازرة في المرحلة األولى من عهد الحماية‪ ،‬أي قبل ‪ 21‬يونيو ‪1947‬‬
‫كان عدد الوز ارت في المغرب ال يتجاوز ثالثة وهي‪:‬‬
‫‪ -‬و ازرة العدل‪.‬‬
‫‪ -‬و ازرة الحرب‪.‬‬
‫‪ -‬و ازرة المالية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى الو ازرة األولى‪ ،‬فقد عملت سلطات الحماية على إدخال مجموعة من‬
‫التعديالت‪ ،‬إذ تم تفويض صالحيات وزير الحرب إلى قائد الجيوش الفرنسية‪ ،‬وعمدت إلى إلغاء‬
‫و ازرة المالية‪ ،‬وبعدها أنشأت و ازرة األحباس وو ازرة األمالك المخزنية لتختفي هي األخرى بعد‬
‫حوالي ‪ 12‬سنة على إنشائها في دجنبر ‪.1927‬‬
‫وبمقتضى ظهير ‪ 21‬يونيو ‪ 1947‬أصبح هيكل اإليالة الشريفة الخاضعة للسلطان تتكون‬
‫من‪:‬‬
‫‪ -‬الصدر األعظم‪.‬‬
‫‪ -‬وزير العدل‪.‬‬

‫‪ –103‬ميشيل روسي‪ :‬المؤسسات اإلدارية المغربية‪ .‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1993 ،‬ص‪.27:‬‬

‫‪81‬‬
‫‪ -‬وزير األحباس‪.‬‬
‫وقد عرفت هذه المرحلة ازدواجية إدارية‪ ،‬فأطلق على اإلدارة التي كان يتولى تسييرها‬
‫السلطان "بإدارة شؤون اإليالة"‪ ،‬وكان يعهد أمر تدبيرها إلى و ازرة المخزن والمتمثلة في الصدر‬
‫األعظم‪ ،‬الذي كان يتمتع بسلطة تنظيمية عامة بناءا على تفويض من السلطان وكذا من‬
‫الوزراء‪ .‬أما إدارة الحماية فقد أوكلت مهمتها إلى المقيم العام‪ ،‬وعرفت باسم "إدارة اإليالة‬
‫الشريفة"‪.‬‬
‫أما في المنقطة الخليفية فقد كان جهاز المخزن يتكون عموما من خليفة السلطان‪ ،‬الذي‬
‫تقترحه السلطات األسبانية‪ ،‬يساعده ثالث وزراء هم‪:‬‬
‫‪ -‬الوزير األعظم‪.‬‬
‫‪ -‬وزير العدل‪.‬‬
‫‪ -‬وزير األحباس‪.‬‬
‫أما في منطقة طنجة‪ ،‬وبالرغم من أنها كانت منطقة دولية فلم يمنع من اإلبقاء على سيادة‬
‫السلطان المغربي بها عبر وجود مندوبه على رأس مجلسها التشريعي الدولي‪ ،‬والذي ظل الممثل‬
‫الوحيد للحكومة المغربية على قلة صالحياته‪ ،‬إذ لم يكن يتوفر على أي مساعد كبير من درجة‬
‫وزير ولو شكلي مثلما كان األمر في المنطقة الخليفية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬ممثلوا سلطات الحماية بالمغرب‬
‫شملت ثالث إدارات مختلفة‪ ،‬فرنسية‪ ،‬إسبانية ودولية في طنجة‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪:‬سلطات الحماية الفرنسية بالمغرب‪.‬‬
‫كانت اإلدارة التابعة لسلطات الحماية تشكل من مصالح تابعة لإلدارة الفرنسية إضافة‬
‫إلدارات عصرية‪ .‬واشتملت هاته المصالح على‪:‬‬
‫‪ -‬المقيم العام‪.‬‬
‫‪ -‬مكتب المعتمد خليفة المقيم العام‪.‬‬
‫‪ -‬الكتابة العامة للحماية تحت رئاسة الكاتب العام للحماية‪.‬‬
‫أما اإلدارة العصرية فكانت تتشكل من أربع إدارات هي‪:‬‬
‫‪-1‬اإلدارة العامة وتشمل ثالث مديريات‪:‬‬
‫‪ -‬مديرية الداخلية؛‬
‫‪ -‬مديرية األمن؛‬
‫‪ -‬مديرية الشؤون الشريفة‪ :‬وكانت تقوم بربط المقيم العام بالقصر الملكي‪.‬‬
‫‪-2‬اإلدارة المالية‪ :‬وتشمل على مديرية المالية‪ ،‬ومديرية الخزينة العامة‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫‪-3‬اإلدارة االقتصادية‪ :‬وتشمل مديرية األشغال العمومية‪ ،‬اإلنتاج الصناعي المعادن‪،‬‬
‫الفالحة‪ ،‬الغابات‪ ،‬التجارة‪ ،‬المالحة التجارية‪ ،‬البريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪.‬‬
‫‪-4‬إدارة الشؤون االجتماعية‪ :‬وتضم مديرية التعليم العمومي‪ ،‬الصحة‪ ،‬الشغل والشؤون‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫ويمكن اإلشارة إلى أن هذه المديريات كانت لها سلطات تنظيمية بناء على تفويض من‬
‫السلطات المختصة‪1 ،‬وتعد أيضا أصل الو ازرات المغربية في عهد االستقالل‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬السلطات االسبانية بالمنطقة الخليفية‪:‬‬
‫تم تنظيم سلطات الحماية االسبانية بالمنطقة الخليفية الشمالية بمقتضى المرسوم الملكي‬
‫اإلسباني بتاريخ ‪ 27‬فبراير ‪ ،1913‬حيث تضمن باإلضافة إلى السلطات المخزنية الشكلية‪،‬‬
‫سلطات الحماية تتكون من ضمنه إدارات <<و ازرات>> كان يطلق عليها اسم نيابات وهي‪:‬‬
‫‪ -‬نيابة األمور األهلية‪.‬‬
‫‪ -‬نيابة الثقافة والتعليم‪.‬‬
‫‪ -‬نيابة االقتصاد والفالحة والميزانية وحفظ الصحة والغابات وتربية المواشي‪.‬‬
‫‪ -‬نيابة األشغال العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬نيابة المالية‪.‬‬
‫وبمقتضى إصالح ‪ 1947‬في المنطقة الفرنسية‪ ،‬عمدت السلطات االسبانية إلى إدخال‬
‫إصالحات في منطقة نفوذها واختصرت الو ازرات في ثالث‪:‬‬
‫‪ -‬و ازرة الفالحة واإلنتاج‪.‬‬
‫‪ -‬و ازرة المالية‪.‬‬
‫‪ -‬و ازرة التعليم العمومي‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الحكومة بعد االستقالل‪.‬‬
‫ورث المغرب المستقل نفس البنية المعقدة التي تطبعها المركزية الشديدة واالزدواجية التي كان‬
‫يقوم عليها نظام الحكم على عهد الحماية‪ ،‬فقد عمل المغرب منذ استقالله على إرساء ركائز‬
‫السلطة وممارستها‪ ،‬وتبعا لذلك أسست أول حكومة في المغرب في ‪ 7‬دجنبر ‪ ،1955‬وبعد‬
‫حصول المغرب على استقالله السياسي في ‪ 2‬مارس ‪ 1956‬أصدر منشو ار تم بموجبه نقل جميع‬
‫صالحيات المديرين السابقين في عهد الحماية إلى الوزراء‪.‬‬

‫‪ –1‬عبد الحميد بنشنهو‪ :‬النظام اإلداري المغربي ص‪.73‬‬

‫‪83‬‬
‫وبالرغم من أن المغرب لم يعرف الدستور إال في ‪ 14‬دجنبر ‪ ،1962‬أي بعد فترة زمنية‬
‫تقدر بست سنوات و‪ 25‬يوما فإنه عرف سبعة تشكيالت حكومية إضافة إلى حكومة ‪ 27‬دجنبر‬
‫‪.1955‬‬
‫ولفهم موقع الحكومة وصالحياتها بعد دسترة الحياة العامة في المغرب‪ ،‬وخاصة‬
‫اختصاصاتها كجهاز تنفيذي‪ ،‬يجب الرجوع لمختلف الدساتير التي أطرت الحياة السياسية بدءا‬
‫من ‪ ،2011-1996-1992-1972-1970-1962‬حيث اختلفت تشكيالتها واختصاصاتها‬
‫مع كل تعديل دستوري بحثا عن التوازن في النظام السياسي المغربي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الحكومة في الدستور المغربي الحالي‬

‫سنقف عند موقع الحكومة في الدستور المغربي ‪ ،2011‬أما تشكيالتها واختصاصاتها‬


‫فنستعرض لها من خالل اختصاصات رئيس الحكومة واختصاصات الوزراء‪.‬‬
‫تضطلع الحكومة عموما بمهام ذات طابع سياسي واداري‪ ،‬ذلك أن الوزراء هم تارة سلطات‬
‫سياسية وأخرى سلطات إدارية‪ .‬فصالحيتها التنفيذية حظيت باهتمام وتنظيم مجموعة من‬
‫النصوص الدستورية‪ ،‬محيال على قانون تنظيمي مسألة تبيان تنظيم وتسيير اشتغالها والوضع‬
‫القانوني ألعضائها‪ ،‬حاالت التنافي‪ ،‬قواعد الجمع بين هذه المناصب‪ ،‬القواعد الخاصة بتصريف‬
‫األمور الجارية من لدن الحكومة المنتهية مهامها ومهام الحكومة الجديدة قبل تنصيبها من قبل‬
‫‪104‬‬
‫مجلس النواب‪.‬‬
‫وتنص المادة ‪ 2‬من القانون التنظيمي ‪ ،065.13‬السالف الذكر‪ ،‬استنادا إلى الفصل ‪87‬‬
‫من الدستور‪ ،‬على أن الحكومة تتألف من رئيس الحكومة والوزراء‪ ،‬نساء ورجاال‪ ،‬تكون لهم‬
‫صفة وزراء دولة أو وزراء أو وزراء منتدبين لدى رئيس الحكومة‪ ،‬ويمكن أن تضم كتابا للدولة‪،‬‬
‫معينين لدىرئيسالحكومة أو لدى الوزراء‪ .‬كما يشير (الفصل ‪ 47‬من الدستور) أيضا أن الملك هو‬
‫الذي يملك سلطة تعيين رئيس الحكومة والوزراء وكذا إعفائهم من مهامهم‪ ،‬وفي تحديد طبيعة‬
‫مسؤوليتها فالحكومة مسؤولة أمام الملك وأمام البرلمان‪.‬‬
‫على أنه ومباشرة بعد تعيينه يقدم رئيس الحكومة برنامجه أمام مجلسي البرلمان مجتمعين‪،‬‬
‫متضمنا الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به في مختلف مجاالت النشاط‬
‫الوطني‪ ،‬وباألخص في ميادين السياسة االقتصادية واالجتماعية والبيئية والثقافية والخارجية‪.‬‬

‫‪ 104‬ظهير شريف رقم ‪ 1.15.33‬صادر في ‪ 28‬من جمادي األولى ‪ 19( 1436‬مارس ‪ )2015‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪065.13‬‬
‫المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني ألعضائها‪.‬ج‪.‬ر عدد ‪ 6348‬الصادرة في ‪ 2‬أبريل ‪ ،2015‬ص‪.3515 :‬‬

‫‪84‬‬
‫تتبعه مناقشة وتصويت في مجلس النواب‪ ،‬وان حصل على األغلبية المطلقة تعتبر الحكومة‬
‫‪105‬‬
‫آنذاك منصبة بعد منحها ثقة النواب‪.‬‬
‫وطبقا لمقتضيات الفصل ‪ 89‬تمارس الحكومة السلطة التنفيذية‪ .‬واعماال لذلك تعمل‬
‫الحكومة‪ ،‬تحت سلطة رئيسها‪ ،‬على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين‪ .‬واإلدارة‬
‫موضوعة تحت تصرفها‪ ،‬كما تمارس االشراف والوصاية على المؤسسات والمقاوالت العمومية‪.‬‬
‫وبصفة عامة وان كان الدستور ينص على تشكيلة الحكومة لكنه لم يشر إلى أنواعهم‬
‫داخل التشكيلة الحكومية سواء فيما يتعلق بترتيبهم البرتوكولي أو من خالل األهمية التي تمنح‬
‫‪1‬‬
‫سندرس الحكومة من خالل مكوناتها‪ ،‬أي رئيس الحكومة (المطلب األول)‬ ‫لو ازرة مقابل أخرى‪.‬‬
‫والوزراء (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬رئيس الحكومة‪.‬‬

‫عرف المغرب قبل استقالله ‪ 1956‬الصدر األعظم‪ ،‬وبعد هذا التاريخ سيعوضه برئيس‬
‫الحكومة‪ ،‬وفي ظل غياب أحكام دستورية توضح مهام رئيس الحكومة‪ ،‬فقد تم تنظيمها من خالل‬
‫ظهير ‪ 6‬يناير ‪ ،1956‬الذي يخول له كل السلطات التي كان يتمتع بها الصدر األعظم في‬
‫مرحلة الحماية‪.‬‬
‫وقد عرفت هذه االختصاصات توسعا كبي ار في مرحلة لم تكن فيها نصوص دستورية‬
‫تحدد المهام‪ .‬كما منحت لرئيس الحكومة‪ ،‬ومنذ الحكومة األولى‪ ،‬المهام التي كانت يمارسها‬
‫المقيم العام‪ ،‬وبعض اختصاصات الكاتب العام للحماية‪ ،‬اللذين كانا يشكالن قطبي الجهاز‬
‫اإلداري والسياسي في البالد‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فوضت لرئيس الحكومة مجموعة من االختصاصات جعلته يقوم بدور أساسي‬
‫داخل الحكومة‪ ،‬فهو المكلف بتنسيق العمل الحكومي والمصادقة والتأشير على الق اررات‪ .‬بل‬
‫هناك من ذهب إلى اعتباره مكلفا بقيادة الحكومة‪ .106‬وبالتالي‪ ،‬فهو يعد ثمرة إلرث ثالثي عن كل‬
‫‪107‬‬
‫من‪ :‬الصدر األعظم‪ ،‬المقيم العام‪ ،‬الكاتب العام للحماية‪.‬‬

‫‪ 105‬الفصل ‪ 88‬من دستور ‪.2011‬‬


‫‪ –1‬الناجي الدرداري‪ :‬الحكومة في الدساتير المغربية من ‪ 1996-1962‬م‪.‬س‪ .‬ص‪.94:‬‬
‫‪ -106‬الناجي الدرداري ‪" :‬الحكومة في ظل الدساتير المغربية من ‪ 1962‬إلى ‪ ." 1996‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ .‬الرباط‬
‫–السنة الجامعية ‪ .2002-2001 :‬ص ‪.35 :‬‬
‫‪-107‬الجدير بالذكر‪ ،‬أن المغرب إذا كان لم يعرف الحياة الدستورية إال في سنة ‪ ،1962‬بإصدار أول دستور له لتنظيم السلط داخل البالد‪،‬‬
‫وتحديدا اختصاصات كل سلطة على حدة‪ ،‬فإننا نجد أن منصب رئاسة الحكومة تواجد منذ تشكيل أول حكومة بتاريـخ ‪ 7‬دجنبر ‪.1955‬‬
‫التي شغل فيه ا هذا المنصب السيد البكاي بن مبارك الهبيل وقد استمر في هذا المنصب في ظل الحكومة الثانيةفي ‪ 26‬أكتوبر ‪،1956‬‬
‫ودامت حتى ‪ 16‬أكتوبر ‪ ،1958‬ثم الحكومة الثالثةفي ‪ 12‬ماي ‪ ،1958‬واستمرت حتى ‪ 3‬دجنبر ‪ ،1958‬برئاسة الحاج أحمد بالفريج‪.‬‬
‫وفي ‪ 24‬دجنبر ‪ 1958‬عين الملك محمد الخامس الحكومة الرابعةبرئاسة عبد هللا ابراهيم التي انتهت مهامها في ‪ 21‬ماي ‪.1960‬‬
‫وابتداءا من الحكومة الخامسة المشكلة بتاريـخ ‪ 27‬ماي ‪ ،1960‬تولى الملك محمد الخامس بنفسه رئاستها‪ ،‬وعين سمو ولي العهد المولى‬
‫الحسن نائبا له الذي أسندت إليه بعض االمتيازات من أجل التسيير الفعلي للشؤون الحكومية كإدارة الدفاع الوطني الشيء الذي مكنه‬
‫بهذه الصفة‪ ،‬أن يمارس فعال زمام السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫والى حدود سنة ‪ ،1961‬عايشت مؤسسة رئيس الحكومة عدم االستقرار الحكومي‪ ،‬إذ‬
‫خالل سبع سنوات‪ ،‬توالت ست حكومات‪ .‬فالرئاسة نفسها لم تسلم من التأثيرات الظرفية السياسية‬
‫إذ أن تقويتها كانت وراء التعديالت الو ازرية المتوالية وهي أسباب ساهمت في تراجع هذه‬
‫‪108‬‬
‫المؤسسة‪.‬‬
‫لكن ومع دخوله المرحلة الدستورية في ‪ 14‬دجنبر ‪ 1962‬سيتم التخلي عن تسمية رئيس‬
‫الحكومة وتعويضها بالوزير األول‪ .‬وقد اقترن هذا التغيير اللفظي بتغيير آخر على مستوى‬
‫الوضعية بدالالت عميقة‪ ،‬يرمي إلى وضع تمييز واضح بين رئاسة الوزارة ورئاسة الحكومة‪.‬‬
‫‪109‬‬
‫في النظام السياسي المغربي يقود العمل الحكومي وهو األول من بين الوزراء‪،‬‬ ‫فالوزير األول‬
‫لكنه ليس رئيسا للحكومة‪ ،‬ألن رئاستها تعود إلى الملك‪ ،‬فهو الرئيس الفعلي والدستوري للجهاز‬
‫التنفيذي‪ .‬ولم يفقد هذا المنصب اسمه فقط وانما فقد جزءا من صالحياته‪ ،‬إذ لم يعد من حق‬
‫الوزير األول‪ ،‬كما كان األمر مع رئيس الحكومة‪ ،‬اقتراح الوزراء على أنظار جاللة الملك‬
‫‪1‬‬
‫لتعيينهم‪ ،‬ولم يتوفر على العناصر األساسية لرئاسة الحكومة في البلدان الديمقراطية‪.‬‬
‫وازداد تقليص دور الوزير األول مع حالة االستثناء ودستور ‪ 1970‬الذي أسند السلطة‬
‫التنظيمية للملك‪ .‬ولم يعزز موقعه إال بعد إلغاء منصب المدير العام للديوان الملكي الذي كان‬
‫‪2‬‬
‫يمارس اختصاصات مهمة جعلت منه شخصا يفوق مرتبة الوزير األول‪.‬‬
‫ومما يجدر ذكره هو أن المغرب أيضا عرف منصب نائب الوزير األول ثالث مرات وذلك‬
‫نتيجة ظروف خاصة‪.‬‬
‫ومع التعديل الدستوري لفاتح يوليوز ‪ 2011‬تم الرجوع لتسمية رئيس الحكومة ليقود الجهاز‬
‫التنفيذي‪ ،‬حيث يعين من الحزب الذي تصدر في انتخاب مجلس النواب‪ ،‬تكريسا الختيار النظام‬
‫‪110‬‬
‫سنتناول اختصاصاته اإلدارية (الفرع‬ ‫البرلماني‪ ،‬بدال من الوزير األول في الدساتير السابقة‪.‬‬
‫األول) ثم الهيئات التابعة له (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬اختصاصات رئيس الحكومة‬
‫يمارس رئيس الحكومة اختصاصات عديدة‪ ،‬في عالقته بالملك والبرلمان‪ ،‬منها ما يجد‬
‫مصدرها في الوثيقة الدستورية وفي القوانين أو في تفويض جاللة الملك‪ ،‬ويمكن اإلشارة إلى‬
‫بعض اختصاصات رئيس الحكومة في عالقته بالملك كاقتراح تعيين واعفاء الوزراء‪ ،111‬طلب‬

‫‪ 108‬محمد األغضف غوتي‪ :‬مرجع سابق ص‪.33 :‬‬


‫‪ -109‬عبد النبي كياس ‪" :‬مؤسسة الوزير األول في النظام السياسي الدستور المغربي" رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في‬
‫القانون العام –أكدال‪-‬الرباط‪ .‬السنة الجامعية ‪ 2005-2004‬ص‪.25 :‬‬
‫‪ –1‬أمينة المسعودي‪ :‬الوزراء في النظام السياسي المغربي ص‪.373 :‬‬
‫‪ –2‬خطاب جاللة الملك الحسن ‪ II‬في ‪ 4‬غشت ‪ ،1971‬سلسلة مطبوعات القصر الملكي ج ‪ ،1971 .16‬ص‪.135-119 :‬‬
‫‪ 110‬عرف المغرب عددا من الدساتير منذ االستقالل إلى اآلن‪ ،‬سنوات ‪.2011-1996-1992-1972-1970-1962‬‬
‫‪ 111‬الفصل ‪ 47‬من الدستور‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫عقد المجلس الوزاري ويمكن له ترأسه بتفويض من الملك‪112،‬التوقيع بالعطف على الظهائر‬
‫الملكية‪113،‬اقتراح على الملك التعيين في الوظائف المدنية‪.‬‬
‫التشريع‬ ‫في‬ ‫أساساً‬ ‫فتتمثل‬ ‫بالبرلمان‬ ‫بعالقته‬ ‫المرتبطة‬ ‫االختصاصات‬ ‫أما‬
‫البرلماني‪114،‬وطلب الثقة من البرلمان‪ ،‬أو عرض التصريح الحكومي والحصيلة المرحلية أمام‬
‫وطلب من الملك حل البرلمان‪ ...117‬إال أننا سوف‬ ‫‪116‬‬
‫وكذا التقدم بمقترحات القوانين‬ ‫‪115‬‬
‫البرلمان‬
‫نقتصر على المهام ذات الطابع اإلداري‪.‬‬

‫يضطلع رئيس الحكومة باختصاصات ذات طبيعة إدارية متنوعة في المجال اإلداري‬
‫ترتبط بقيادة األنشطة اإلدارية الحكومية‪ ،‬االشراف على اإلدارة العمومية‪ ،‬بتنسيق العمل‬
‫الحكومي‪ ،‬وأخرى بممارسة السلطة التنظيمية‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬قيادة األنشطة اإلدارية الحكومية‪.‬‬
‫عندما يحوز أعضاء الحكومة على التعيين الملكي يتدخل رئيس الحكومة‪ ،‬عبر مراسيم‪،‬‬
‫‪118‬‬
‫كما يقوم‬ ‫لتحديد مهام واختصاصات والهياكل اإلدارية المركزية والالممركزة التابعة لكل و ازرة‪.‬‬
‫‪119‬‬
‫ويقترح على الملك من ينوب عنه إن‬ ‫بالتتبع اليومي ألنشطة جميع أعضاء الحكومة‪،‬‬
‫‪121‬‬ ‫‪120‬‬
‫ويوافق على جدول أعمال مجلس الحكومة المعد من قبل األمين العام للحكومة‪،‬‬ ‫تغيب‪،‬‬
‫‪122‬‬
‫ويرفع خالصات مداوالته إلى الملك‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬االشراف على اإلدارة العمومية‪.‬‬


‫يحتل رئيس الحكومة قمة الهرم اإلداري للدولة وبهذه الصفة يضطلع بالعديد من المهام‬
‫وانهاء مهام الوزراء‪124،‬وبالتعيين في الوظائف‬ ‫‪123‬‬
‫ذات الطبيعة اإلدارية‪ .‬فهو يقوم باقتراح تعيين‬

‫‪ 112‬الفصل ‪ 48‬من الدستور‪.‬‬


‫‪ 113‬الفصل ‪ 42‬من الدستور‪.‬‬
‫‪ 114‬الفصل ‪ 81‬من الدستور‪.‬‬
‫‪ 115‬الفصل ‪ 88‬من الدستور‪.‬‬
‫‪ 116‬الفصل ‪78‬من الدستور‪.‬‬
‫‪ 117‬الفصل ‪ 104‬من الدستور‪.‬‬
‫‪ 118‬المادة ‪ 4‬من القانون التنظيمي للحكومة‪.‬‬
‫‪ 119‬المادة ‪ 5‬من القانون التنظيمي للحكومة‪.‬‬
‫‪ 120‬المادة ‪ 8‬من القانون التنظيمي‪.‬‬
‫‪ 121‬المادة ‪ 15‬من القانون التنظيمي‪.‬‬
‫‪ 122‬المادة ‪ 17‬من القانون التنظيمي‪.‬‬
‫‪123‬يقترح رئيس الحكومة على الملك‪ ،‬وبمبادرة من الوزير المعني‪ ،‬في الوظائف المدنية الثالية‪ :‬والي بنك المغرب‪ ،‬والسفراء والوالة‬
‫والعمال‪ ،‬والمسؤولين عن اإلدارات المكلفة باألمن الداخلي‪ ،‬والمسؤولين عن المؤسسات والمقاوالت العمومية االستراتيجية‪ .‬وتحدد‬
‫بقانون تنظيمي الئحة هذه المؤسسات والمقاوالت االستراتيجية (الفصل ‪.)48‬‬
‫‪ 124‬الفصل ‪ 47‬من الدستور‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫‪125‬‬
‫فضال عن مواكبته بتوجيهاته مختلف السلطات الحكومية واإلدارات العمومية التابعة‬ ‫المدنية‪،‬‬
‫‪126‬‬
‫لها‪ ،‬والمؤسسات والمقاوالت العمومية وسائر أشخاص القانون العام الخاضعة لوصايتها‪.‬‬
‫ويرأس المجالس اإلدارية للمؤسسات العمومية‪ ،‬ويمكن تفويض ذلك ألي سلطة حكومية‬
‫أخرى‪ .‬ووفق ما نصت عليه المادة ‪ 515‬من قانون المسطرة المدنية‪ ،‬فرئيس الحكومة هو الذي‬
‫‪127‬‬
‫يمثل الدولة أمام القضاء وله أن يكلف بتمثيلها الوزير المختص عند االقتضاء‪.‬‬
‫كما يمارس رئيس الحكومة أيضا اختصاصات ال تدخل في صالحيات أي و ازرة أخرى‬
‫والتي تتعلق بعدة و ازرات كعملية تنظيم األثمان‪ .5‬كما أن ترخيصه يظل ضروريا إلتمام مجموعة‬
‫‪6‬‬
‫من عمليات اإلدارة‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬تنسيق النشاطات الوزارية‪.‬‬


‫يعتبر التنسيق بين النشاطات الحكومية وبين الو ازرات أهم ما يمارسه رئيس الحكومة‪ ،‬إذ‬
‫بواسطته يستطيع ضمان وحدة الحركة الحكومية ومالءمة السياسات المتبعة من قبل مختلف‬
‫الوزراء‪ .‬وقد نصت الدساتير المغربية على ضرورة اضطالع الوزير األول سابقا رئيس الحكومة‬
‫‪128‬‬
‫ولم تشر إلى اآلليات التي وضعت رهن إشارته للقيام بهاته‬ ‫حاليا بتنسيق النشاطات الو ازرية‬
‫‪2‬‬
‫المسؤولية‪.‬‬
‫مركز للتنسيق والتوجيه بين السياسات القطاعية لمختلف‬
‫ا‬ ‫ويشكل المجلس الحكومي‬
‫‪130‬‬
‫المنعقد‬ ‫الو ازرات‪ ،1293‬حيث يضطلع رئيس الحكومة بتنظيم أشغااللحكومة ويرأس مجلسها‬

‫‪ 125‬القانون التنظيمي رقم ‪ 02-12‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.12.20‬بتاريخ ‪ 17‬يوليوز ‪ ،2012‬ج‪.‬ر عدد ‪ 6066‬بتاريخ‬
‫‪ 19‬يوليوز ‪ ،2012‬ص‪.4235 ،‬‬
‫‪ 126‬المادة ‪ 5‬من القانون التنظيمي للحكومة‪.‬‬
‫‪ 127‬المادة ‪ 6‬من القانون التنظيمي للحكومة‪.‬‬
‫‪ –5‬مثل ما تستلزمه الفصل ‪ 5‬من ظهير فاتح يوليوز ‪ 1914‬بشأن الملك العمومي و‪ 4‬و‪ 5‬من ظهير ‪ 19‬أكتوبر ‪ 1921‬بشأن الملك‬
‫البلدي و‪4‬و‪ 9‬من ظهير ‪ 28‬يونيو ‪ 1954‬بشأن الجماعات القروية‬
‫انظر‪ :‬أحمد بوخاري‪ :‬القانون اإلداري العملي‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة الثانية‪ 2004 .‬ص‪.107.‬‬
‫‪ –6‬قانون ‪ 12‬أكتوبر ‪ 1971‬المنشور بالجريدة الرسمية ‪ ،1971‬ص‪.1492.‬‬
‫‪ –128‬الفصل ‪ 64‬من دستور ‪ ،1972‬الفصل ‪ 64‬من دستور ‪ ،1992‬الفصل ‪ 65‬من دستور ‪.1996‬‬
‫‪ –2‬محمد أشركي‪ :‬الوزير األول‪ :‬وظيفته ومركزه في النظام المغربي ص ‪.295‬‬
‫‪ –3‬يمكن اإلشارة أيضا إلى أن الدستور الفرنسي لم يذكر هذا المجلس‪ ،‬مما جعل جلساته تكون شبه منعدمة في عهد الجنرال دوكول‬
‫حيث لم ينعقد في عهده إال مرة واحدة‪ ،‬وبعد رحيله عاد المجلس يمارس مهامه‪ ،‬انظر ‪Debash (ch): Président de la‬‬
‫‪République et le premier ministre dans le système politique de la V République R.D.P.N°5.1982 P :‬‬
‫‪185‬‬
‫‪ 129‬ينص الفصل ‪: 92‬‬

‫يتداول مجلس الحكومة‪ ،‬تحت رئاسة رئيس الحكومة‪ ،‬في القضايا والنصوص التالية‪:‬‬

‫‪ -‬السياسة العامة للدولة قبل عرضها على المجلس الوزاري؛‬


‫‪ -‬السياسات العمومية؛‬
‫‪ -‬السياسات القطاعية؛‬
‫‪ -‬طلب الثقة من مجلس النواب‪ ،‬قصد مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها؛‬
‫‪ -‬القضايا الراهنة المرتبطة بحقوق اإلنسان وبالنظام العام؛‬
‫‪ -‬مشاريع القوانين‪ ،‬ومن بينها مشروع قانون المالية‪ ،‬قبل إيداعها بمكتب مجلس النواب‪ ،‬دون إخالل باألحكام الواردة في‬
‫الفصل ‪ 49‬من هذا الدستور؛‬

‫‪88‬‬
‫أسبوعيا‪ ،‬يجمع كل أعضاء الحكومة دون استثناء عكس المجلس الوزاري الذي يقصي كتاب‬
‫‪131‬‬
‫الدولة‪.‬‬
‫وفضال عما سبق يقومرئيس الحكومة بدور الحكم في الخالفات الو ازرية إذ يعمل على‬
‫التحكيم بين األطراف الو ازرية وبين الخالفات والتقاطعات التي قد تحدث أثناء تدخل أكثر من‬
‫و ازرة‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬اختصاصات رئيس الحكومة في مجال سلطة التنظيم‪.‬‬


‫يقصد بالسلطة التنظيمية‪ ،‬االختصاص الممنوح لرئيس الحكومة التخاذ التدابير الالزمة‬
‫لسير المرافق العمومية والمحافظة على النظام العام‪ ،‬فبمقتضى تدابير عامة يعمل رئيس الحكومة‬
‫على تطبيق نصوص تشريعية قائمة (المراسيم التطبيقية) أو يتخذها باستقالل عن المجاالت التي‬
‫حصرها الدستور لفائدة السلطة التشريعية‪ .‬وهكذا تتفرع السلطة التنظيمية إلى سلطة تطبيق وتنفيذ‬
‫‪132‬‬
‫القوانين وسلطة تنظيمية مستقلة‪.‬‬
‫وبالعودة إلى الدساتير المغربية نجد أنها لم تستقر على رأي واحد في مجال اختصاص‬
‫السلطة التنظيمية‪ ،‬كما أنها لم تتخذ موقفا موحداً من الجهة التي أسند لها هذا االختصاص‪ .‬فإذا‬
‫كان الملك الراحل الحسن الثاني قد فوض كل هذه السلطات لمدير الديوان الملكي قبل الحياة‬
‫الدستورية بمقتضى ظهير ‪ 27‬أبريل ‪ 1961‬فإن األمر أصبح مختلفا مع وجود الدستور‪.‬‬
‫لقد تمت دسترة االختصاص التنظيمي للوزير األول بموجب دستور ‪ 14‬دجنبر ‪ 1962‬إذ‬
‫أوضح الفصل ‪ 68‬منه" على أن الوزير األول يمارس السلطة التنظيمية فيما عدا المواد التي‬
‫يصرح الدستور بإسنادها إلى سلطة الملك التنظيمية في الميادين المقصورة عليه بصريح نص‬

‫‪ -‬مراسيم القوانين؛‬
‫‪ -‬مشاريع المراسيم التنظيمية؛‬
‫‪ -‬مشاريع المراسيم المشار إليها في الفصول ‪( 65‬الفقرة الثانية) و‪ 66‬و‪( 70‬الفقرة الثالثة) من هذا الدستور؛‬
‫‪ -‬المعاهدات واالتفاقيات الدولية قبل عرضها على المجلس الوزاري؛‬
‫‪ -‬تعيين الكتاب العامين‪ ،‬ومديري اإلدارات المركزية باإلدارات العمومية‪ ،‬ورؤساء الجامعات والعمداء‪ ،‬ومديري المدارس‬
‫والمؤسسات العليا‪ .‬وللقانون التنظيمي المشار إليه في الفصل ‪ 49‬من هذا الدستور‪ ،‬أن يتمم الئحة الوظائف التي يتم‬
‫التعيين فيها في مجلس الحكومة‪ .‬ويحدد هذا القانون التنظيمي‪ ،‬على وجه الخصوص‪ ،‬مبادئ ومعايير التعيين في هذه‬
‫الوظائف‪ ،‬السيما منها مبادئ تكافؤ الفرص واالستحقاق والكفاءة والشفافية‪.‬‬
‫يطلع رئيس الحكومة الملك على خالصات مداوالت مجلس الحكومة‪.‬‬
‫‪ 131‬من أهم المستجدات التي جاء بها الدستور الحالي ‪ 2011‬هو دسترة المجلس الحكومي‪ ،‬فلتمكين الحكومة من أساس دستوري‪،‬‬
‫لممارسة مسؤولياتها التنظيمية والتنفيذية‪ ،‬تمت دسترة مجلس الحكومة‪ ،‬وتحديد وتوضيح اختصاصاته‪ ،‬في انسجام وتكامل وتمايز مع‬
‫مجلس الوزراء‪.‬‬
‫فالمجلس الوزاري ينعقد برئاسة الملك‪ ،‬بمبادرة منه‪ ،‬أو بطلب من رئيس الحكومة‪ ،‬الذي يشارك في أشغاله بحضور الوزراء فقط‪.‬‬
‫وللملك أن يفوض رئاسته‪ ،‬على أساس جدول أعمال محدد‪ ،‬لرئيس الحكومة تعزيزا لسلطته التنفيذية‪ .‬أما مجلس الحكومة‪ ،‬فينعقد برئاسة‬
‫رئيسها‪ ،‬وبمبادرة منه‪ ،‬وبتركيبة تشمل كافة أعضائها‪.‬‬
‫وعلى صعيد االختصاصات‪ ،‬فإن تمايزهما يتجلى في تخويل مجلس الحكومة‪ ،‬صالحيات تنفيذية واسعة‪ ،‬ذاتية تقريرية‪ ،‬وأخرى تداولية‪،‬‬
‫تحال على المجلس الوزاري ليبت فيها‪ ،‬ضمن ما تم االحتفاظ له به‪ ،‬من صالحيات استراتيجية وتحكيمية‪ ،‬وتوجيهية‪ ،‬بما فيها الحرص‬
‫على التوازنات الماكرو‪-‬اقتصادية والمالية‪ ،‬التي صارت قاعدة دستورية‪.‬‬
‫انظر الخطاب الملكي يوم ‪ 17‬يونيو ‪.2011‬‬
‫‪132‬‬
‫‪Michel ROUSSET : Droit administratif. Marocain op.cit. page :77‬‬

‫‪89‬‬
‫الدستور" وهكذا فقد حدد دستور ‪ 1962‬اختصاص الملك في المجال التنظيمي في حاالت‬
‫معينة‪ ،‬في حين أن هذا االختصاص هو عام وشامل بالنسبة للوزير األول وال يحده سوى المجال‬
‫المحجوز للملك‪.‬‬
‫وبموجب اإلعالن عن حالة االستثناء في ‪ 8‬يونيو ‪ 1965‬وفقا لمقتضيات الفصل ‪ 35‬من‬
‫الدستور‪ ،‬استجمع الملك كل السلطات بين يديه وآلت االختصاصات في المجال التنظيمي إلى‬
‫الملك‪ .‬وتمت دسترة هذا الوضع مع دستور ‪ 31‬يوليوز ‪ ،1970‬حيث جعل ممارسة السلطة‬
‫‪133‬‬
‫التنظيمية من اختصاص الملك وفقا لمقتضيات الفصل ‪ 29‬منه‪.‬‬
‫ومنذ مراجعة الدستور في ‪ 10‬مارس ‪ 1972‬والى حدود شتنبر ‪ ،1996‬لم تعرف ممارسة‬
‫هذه السلطة تغيي اًر يذكر‪ ،‬إذ نصت هذه الدساتير على أن المواد التي ال يشملها اختصاص‬
‫‪135‬‬ ‫‪134‬‬
‫رئيس الحكومة حاليا‬ ‫والوزير األول سابقا‬ ‫القانون تبقى من اختصاص المجال التنظيمي‪،‬‬
‫‪136‬‬
‫هو الذي يمارس السلطة التنظيمية‪.‬‬
‫أ‪-‬نطاق السلطة التنظيمية‪.‬‬
‫إذا كان المقصود بالمجال التنظيمي جميع األمور والمسائل التي تتوالها السلطة التنظيمية‬
‫(الحكومة) والتي ال تندرج في ميدان القانون الذي يختص به البرلمان بمقتضى الفصل ‪ 71‬فإن‬
‫السلطة التنظيمية أصبح لها النصيب األوفر في مجال الوظيفة التشريعية ما دام اختصاص‬
‫البرلمان قد ورد في الدستور على سبيل الحصر‪ .‬إذ أن الفصل ‪ 71‬يحدد مجال القانون كاآلتي‪":‬‬
‫يختص القانون‪ ،‬باإلضافة إلى المواد المسندة إليه صراحة بفصول أخرى من الدستور‪ ،‬بالتشريع‬
‫في الميادين اآلتية‪:‬‬
‫‪-‬الحقوق والحريات األساسية المنصوص عليها في التصدير‪ ،‬وفي فصول أخرى من هذا‬
‫الدستور؛‬
‫‪-‬نظام األسرة والحالة المدنية؛‬
‫‪-‬مبادئ وقواعد المنظومة الصحية؛‬
‫‪-‬نظام الوسائط السمعية البصرية والصحافة بمختلف أشكالها؛‬
‫‪-‬العفو العام؛‬
‫‪-‬الجنسية ووضعية األجانب؛‬
‫‪-‬تحديد الجرائم والعقوبات الجارية عليها؛‬

‫‪ –133‬ينص الفصل ‪ 29‬من دستور ‪ 31‬يوليوز ‪ 1970‬على أن يمارس الملك السلطة التنظيمية وتحدد ظهائر شريفة الميادين التي يفوض‬
‫فيها الملك هذه السلطة للوزير األول‪.‬‬
‫‪ –134‬انظر الفصل ‪ 46‬من دستور ‪ 1972‬ونفس الفصل من دستور ‪ ،1992‬والفصل ‪ 47‬من دستور ‪ ،1996‬والفصل ‪ 72‬من دستور‬
‫‪.2011‬‬
‫‪ –135‬انظر الفصل ‪ 62‬فقرة ‪ 1‬من دستور ‪ ،1972‬و‪ 1992‬والفصل ‪ 63‬فقرة ‪ 1‬من دستور ‪.1996‬‬
‫‪ -136‬الفصل ‪ 90‬من دستور ‪.2011‬‬

‫‪90‬‬
‫‪-‬التنظيم القضائي واحداث أصناف جديدة من المحاكم؛‬
‫‪-‬المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية؛‬
‫‪-‬نظام السجون؛‬
‫‪-‬النظام األساسي العام للوظيفة العمومية؛‬
‫‪-‬الضمانات األساسية الممنوحة للموظفين المدنيين والعسكريين؛‬
‫‪-‬نظام مصالح وقوات حفظ األمن؛‬
‫‪-‬نظام الجماعات الترابية ومبادئ تحديد دوائرها الترابية؛‬
‫‪-‬النظام االنتخابي للجماعات الترابية ومبادئ تقطيع الدوائر االنتخابية؛‬
‫‪-‬النظام الضريبي‪ ،‬ووعاء الضرائب‪ ،‬ومقدارها وطرق تحصيلها؛‬
‫‪-‬النظام القانوني إلصدار العملة ونظام البنك المركزي؛‬
‫‪-‬نظام الجمارك؛‬
‫‪-‬نظام االلتزامات المدنية والتجارية‪ ،‬وقانون الشركات والتعاونيات؛‬
‫‪-‬الحقوق العينية وأنظمة الملكية العقارية العمومية والخاصة والجماعية؛‬
‫‪-‬نظام النقل؛‬
‫‪-‬عالقات الشغل‪ ،‬والضمان االجتماعي‪ ،‬وحوادث الشغل‪ ،‬واألمراض المهنية؛‬
‫‪-‬نظام األبناك وشركات التأمين والتعاضديات؛‬
‫‪ -‬نظام تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت؛‬
‫‪-‬التعمير واعداد التراب؛‬
‫‪-‬القواعد المتعلقة بتدبير البيئة وحماية الموارد الطبيعية والتنمية المستدامة؛‬
‫‪-‬نظام المياه والغابات والصيد؛‬
‫‪-‬تحديد التوجهات والتنظيم العام لميادين التعليم والبحث العلمي والتكوين المهني؛‬
‫‪-‬إحداث المؤسسات العمومية وكل شخص اعتباري من أشخاص القانون العام؛‬
‫‪-‬تأميم المنشآت ونظام الخوصصة‪.‬‬
‫للبرلمان‪ ،‬باإلضافة إلى الميادين المشار إليها في الفقرة السابقة‪ ،‬صالحية التصويت على‬
‫قوانين تضع إطا ار لألهداف األساسية لنشاط الدولة‪ ،‬في الميادين االقتصادية واالجتماعية والبيئية‬
‫والثقافية‪].‬‬
‫ويأتى أيضا الفصل ‪ 72‬لينص على أن "المواد األخرى التي ال يشملها اختصاص القانون‬
‫يختص بها مجال التنظيم‪".‬‬
‫إال أنه يمكن اإلشارة أيضا إلى أن المجال المحفوظ للبرلمان يمكن للحكومة أن تتدخل فيه‬
‫ولكن طبق الشروط التي يحددها الدستور عبر مراسيم اإلذن (الفصل ‪ )70‬حيث يعطي البرلمان‬

‫‪91‬‬
‫إذنا للحكومة بالتشريع في مجاالت هي من اختصاص القانون‪ ،‬أو من خالل مراسيم الضرورة‬
‫(الفصل ‪ ،)81‬من خالل التشريع في الفترة الفاصلة بين الدورات وباتفاق مع اللجان التي يعنيها‬
‫األمر‪ .‬ويشير (الفصل ‪ )73‬أيضا إلى أن النصوص التشريعية من حيث الشكل يمكن تغييرها‬
‫بمرسوم بعد موافقة المحكمة الدستورية إذا كان مضمونها يدخل في مجال من المجاالت التي‬
‫تمارس فيها السلطة التنظيمية اختصاصاتها‪.‬‬
‫والمراسيم المتخذة من قبل رئيس الحكومة يجب أن توقع بالعطف من قبل الوزراء المكلفين‬
‫‪137‬‬
‫إال أن اإلشكال يطرح بالنسبة لمراسيم القوانين (الفصلين ‪ 70‬و‪ )81‬هل يتم التوقيع‬ ‫بتنفيذها‪.‬‬
‫بالعطف عليها من قبل الوزراء؟ فإذا كان الدستور ساكتا عن ذلك فإن المنطق يقتضي إخضاعها‬
‫لنفس النظام التي تخضع لها المراسيم العادية بالرغم من أنها ال تتخذ إال باتفاق وبإذن من‬
‫البرلمان‪.‬‬
‫ب‪-‬صور السلطة التنظيمية‬
‫تمارس السلطة التنظيمية اختصاصاتها عبر مراسيم تعرف باسم المراسيم التنظيمية التي‬
‫تتخذ شكلين‪ :‬المراسيم المستقلة والمراسيم التطبيقية‪.‬‬
‫‪-1‬المراسيم المستقلة‪ :‬وتعرف عادة بالمراسيم المستقلة‪ ،‬وهي مجموع التدابير التي يتخذها‬
‫رئيس الحكومة دون استناد إلى قانون قائم‪ ،‬وهي ال تتبع القانون وال تخضع له بل تباشر في‬
‫جميع المجاالت التي لم يحجزها الدستور لمجال القانون‪ .‬وتجد سندها في (الفصل ‪ ،)72‬وبقيت‬
‫اإلشارة إلى أن ممارسة السلطة التنظيمية أفرزت نوعين من المراسيم األولى تتميز بالصبغة‬
‫العامة والثانية لها صفة فردية‪.‬‬
‫أ‪-‬المراسيم المستقلة العامة‪ :‬وهي مراسيم تختلف عن القانون من حيث الشكل إذ أنها‬
‫تصدر عن السلطة التنظيمية‪ ،‬ويتم سريانها على كل فرد وكل حالة متى توافرت شروط انطباقها‪،‬‬
‫‪139‬‬ ‫‪138‬‬
‫والمراسيم‬ ‫ومراسيم الضرورة‬ ‫وتتسم بالعمومية والتجريدوتستثنى منها مراسيم اإلذن‬
‫‪140‬‬
‫باإلضافة‪ ،‬إلى مراسم ختم دورات البرلمان العادية إذا ما تجاوزت جلساته مدة أربعة‬ ‫التطبيقية‪،‬‬
‫‪142‬‬ ‫‪141‬‬
‫إضافة إلى‬ ‫ومراسيم عقد الدورات االستثنائية وانهائها‬ ‫أشهرعلى األقل التي حددها الدستور‬
‫‪143‬‬
‫المراسيم المالية‪.‬‬

‫‪ 137‬الفصل ‪ 90‬من دستور ‪.2011‬‬


‫‪ 138‬الفصل ‪ 70‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪ 139‬الفصل ‪.81‬‬
‫‪ 140‬الفصل ‪.89‬‬
‫‪ 141‬الفصل ‪.65‬‬
‫‪ 142‬الفصل ‪.66‬‬
‫‪ 143‬الفصل ‪.75‬‬

‫‪92‬‬
‫ب‪-‬المراسيم المستقلة الفردية‪ :‬إنها مراسيم توصف بالشخصية والفردية ألنها تخص حالة‬
‫معينة بذاتها وتستنفد بمجرد تطبيقها‪ ،‬وتكتسب صفة االستقالل لكون السلطة التنظيمية تستمد‬
‫حقها في إصدارها من الدستور مباشرة ودون اللجوء إلى قوانين أخرى‪ ،‬كمراسيم ختم دورات‬
‫البرلمان إذا تجاوزت مدة أربعة أشهرعلى األقل‪ ،‬ومراسيم عقد دورات استثنائية للبرلمان وختمها‪.‬‬
‫‪ 2‬المراسيم التطبيقية‪ :‬إن مهمة تنفيذ القوانين هي أولى مسؤوليات السلطة التنفيذية‪ ،‬حيث‬
‫يبقى رئيس الحكومة مسؤوال عن تنفيذ القوانين طبقا للفصل ‪ 89‬من الدستور‪ ،‬وتوضع اإلدارة‬
‫رهن تصرف الحكومة‪ ،‬ذلك أن القوانين التي يضعها البرلمان تقتصر عادة على وضع األحكام‬
‫العامة والخطوط العريضة دون الدخول في التفاصيل‪ ،‬فتأتي المراسيم التطبيقية استنادا لها كي‬
‫تفصل حيث أجمل القانون وتفسر حيث عمم وتضع االجراءات التطبيقية حيث لم يضع القانون‬
‫إال المبادئ والقواعد األساسية‪.‬‬
‫ويبقى أن نشير أيضا إلى أن رئيس الحكومة يمكن تفويض البعض من سلطاته إلى‬
‫الوزراء‪ ،‬ولكن هل يمكن إدخال السلطة التنظيمية ضمن مجال التفويض؟ فإذا كان الفصل ‪90‬‬
‫قد منح هذا الحق لرئيس الحكومة‪ ،‬فيمكن اعتباره أيضا إذنا بتفويض السلطة التنظيمية بالرغم‬
‫من أنها تبين أولوية رئيس الحكومة في العمل الحكومي‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المصالح اإلدارية التابعة لرئيس الحكومة‪.‬‬
‫إذا كانت مهمة رئيس الحكومة ثقيلة وصعبة‪ ،‬فإنه مطالب باالعتماد على مصالح وهيئات‬
‫مساعدة توفر له االستشارة واإلعانة‪ ،‬ومن بين الهيئات التي يستعين بها نجد األمانة العامة‬
‫للحكومة‪ ،‬باإلضافة إلى ديوان فضال عن وزراء منتدبين وكتاب دولة ومصالح إدارية أخرى‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬األمانة العامة للحكومة‪.‬‬
‫تم إحداث الكتابة العامة للحكومة بموجب ظهير ‪ 10‬دجنبر ‪ ،11955‬الذي تم تتميمه‬
‫بموجب ظهير ‪ 4‬دجنبر ‪ .21961‬وتمت ترقيتها إلى مرتبة الو ازرة بموجب المرسوم الملكي‬
‫الصادر في ‪21‬غشت ‪ ،1441965‬حيث خولت لألمين العام مرتبة الوزير‪ ،‬وخولته نفس‬
‫االمتيازات التي يتمتع بها باقي الوزراء‪ ،‬إذ أصبح اسم األمين العام يأتي ضمن الئحة أعضاء‬
‫‪3‬‬
‫الحكومة ويجري عليه ما يجري على كل أعضاء الحكومة من إعفاء وتعيين‪.‬‬

‫‪ –1‬انظر الجريدة الرسمية عدد ‪ 2260‬الصادرة بتاريخ ‪ 17‬فبراير ‪ 1956‬ص ‪.3175‬‬


‫‪ –2‬الصادر بتاريخ ‪ 4‬دجنبر ‪ .1961‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 2564‬ص‪.3175 :‬‬
‫مرسوم ملكي رقم ‪ 432.65‬بتاريخ ‪ 21‬غشت ‪ 1965‬بتحديد اختصاصات وتنظيم األمانة العامة للحكومة‪ ،‬ج‪.‬ر ‪ ،1965‬ص‪،‬‬
‫‪.1888144‬‬
‫‪ -3‬الناجي الدرداري‪ :‬الحكومة في الدساتير المغربية من ‪1996-1962‬م‪.‬س‪ .‬ص‪.173:‬‬
‫محمد األغضف غوتي‪ :‬األمانة العامة للحكومة‪ :‬دراسة تحليلية من حيث البنية والوظيفة‪ .‬أطروحة لنيل الدكتوراة في القانون العام كلية‬
‫الحقوق أكدال‪ 2011 ،‬ص‪.13 :‬‬

‫‪93‬‬
‫وتتمثل أهم االختصاصات الموكولة له في عالقته بتنظيم أعمال الحكومة‪ ،‬حيث يقوم قبل‬
‫انعقادمجلس الحكومة‪ ،‬بتوزيع مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية‪ ،‬والمعاهدات واالتفاقيات‬
‫الدولية المعروضة على مسطرة المصادقة أو االنضمام إليها‪ ،‬على أعضاء الحكومة داخل أجل‬
‫‪145‬‬
‫يحدد بقانون تنظيمي‪ ،‬قبل عرضها على أنظار مجلس الحكومة‪.‬‬
‫وتتولى األمانة العامة للحكومة من خالل مختلف مصالحها على ضمان التنسيق بين‬
‫مختلف الو ازرات‪ ،‬كما تضطلع بدور السكرتارية‪ ،‬حيث تشرف على تنظيم وكتابة محاضر‬
‫جلسات المجالس الو ازرية والحكومية‪ ،‬وتحضر هذه االجتماعات من توجيه الدعوات ثم تبليغ‬
‫مقرراتها إلى مختلف الو ازرات واإلدارات المعنية بتنفيذها‪.‬‬
‫ويكلف األمين العام للحكومة‪ 1‬أحيانا بالنيابة عن الوزراء في حالة غيابهم‪.‬‬
‫و تنظم األمانة العامة الحكومة بمقتضى المرسوم الصادر عن الوزير األول بتاريخ ‪29‬‬
‫يناير ‪4 ،1985‬الذي عوض المرسوم الملكي بعد ما تم فصلها عن و ازرة الشؤون اإلدارية‪ ،‬حيث‬
‫‪146‬‬
‫أصبحت تتكون من سبع مديريات‪:‬‬
‫‪-1‬مديرية التشريع والدراسات‪ :‬تقوم هذه المديرية بتنسيق األعمال المتعلقة بإعداد‬
‫وصياغة مشاريع القوانين‪ ،‬كما تسهر على تنفيذ السياسة الحكومية في مجال تدوين النصوص‬
‫التشريعية والتنظيمية ومراجعتها لتساير التطور وتستجيب للواقع‪ ،‬ولهذه الغاية يتولى‪:‬‬
‫‪ -‬دراسة جميع مشاريع القوانين واألنظمة لكي تتأكد من مدى مطابقتها للدستور وعدم‬
‫تنافيها مع النصوص التشريعية والتنظيمية الجارية‪.‬‬
‫‪ -‬إعداد مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية التي ال تدخل ضمن اختصاصات‬
‫و ازرة محددة‪.‬‬
‫‪ -‬القيام من الوجهة القانونية ببحث الفتاوى التي تطلبها اإلدارات والمؤسسات العمومية‪،‬‬
‫ولهذه الغاية على األمين العام للحكومة االضطالع على كل األحكام القضائية التي كان شخص‬
‫من أشخاص العام طرفا فيها‪ ،‬وقد حددت المادة الثالثة من المرسوم أربعة أقسام ضمن هاته‬
‫‪5‬‬
‫المديرية‪.‬‬

‫‪ 145‬المادة ‪ 13‬من القانون التنظيمي للحكومة‪.‬‬


‫‪ –1‬يتميز منصب األمين العام للحكومة باالستقرار مقارنة مع باقي أعضاء الحكومة‪ ،‬إذ منذ إنشائها في ‪ 10‬دجنبر ‪ 1955‬تولت أربع‬
‫شخصيا مهام األمانة‪ ،‬ويتعلق األمر بمحمد ابا حنيني ما بين ‪ 10‬دجنبر ‪ 1955‬و‪ 20‬نونبر ‪ ،1972‬وعباس القيسي عبر مرحلتين ما بين‬
‫‪ 20‬نونبر ‪ 1972‬و‪ 6‬يونيو ‪ 1973‬والثانية ما بين ‪ 10‬أكتوبر ‪ 1977‬و‪ 7‬نونبر ‪ ،1993‬ومحمد بن يخلف ما بين ‪ 6‬يونيو ‪ 1973‬و‪10‬‬
‫أكتوبر ‪ 1977‬وعبد الصادق ربيع من ‪ 17‬نونبر ‪ 1993‬ثم بعد وفاته إدريس الضحاك إلى حدود اليوم‪.‬‬
‫‪ –4‬مرسوم رقم ‪ 2.83.365‬صادر بتاريخ ‪ 29‬يناير ‪1985‬ج‪.‬ر عدد ‪ 3820‬الصادر بتاريخ ‪ 15‬يناير ‪ ،1986‬ص‪.89-88 :‬‬
‫‪146‬انظر‪ :‬قرار األمين العام للحكومة رقم ‪ 2690.10‬الصادر في ‪ 28‬دجنبر ‪ 2010‬القاضي بإحداث األقسام والمصالح التابعة للمديريات‬
‫المركزية لألمانة العامة للحكومة‪ ،‬ح‪.‬ر عدد ‪ ،5922‬بتاريخ ‪ 3‬مارس ‪ ،2011‬ص‪.587 ،‬‬
‫‪ –5‬هذه األقسام هي‪ :‬القسم االقتصادي – ‪ -2‬قسم خاص بالقانون الخاص – ‪ -3‬قسم خاص بالقانون العام – ‪ -4‬قسم الدراسات العامة‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫‪-2‬المفتشية العامة للمصالح اإلدارية‪.‬‬
‫تقوم هذه المصلحة بأعمال التفتيش التي يطلبها األمين العام بناءاً على طلب رؤساء‬
‫اإلدارات وتحرر عنها تقارير تفرض استنتاجاتها على السلطات المختصة‪.‬‬
‫‪-3‬مديرية الشؤون العامة‪:‬‬
‫تعمل هذه المديرية على جمع مشاريع القوانين واألنظمة التي تصدر عن مختلف المصالح‬
‫العامة وتوجيهها إلى مجلس النواب أو عرضها على المجلس الوزاري أو المجلس الحكومي‪،‬كما‬
‫تقوم بإعداد مشاريع الظهائر من أجل عرضها على جاللة الملك لكي يضع عليها طابعه‬
‫الشريف‪.‬‬
‫‪-4‬مديرية المطبعة الرسمية‪:‬‬
‫تعمل على طبع الجريدة الرسمية للمملكة‪ ،‬وتنفيذ جميع أعمال الطبع لحساب كل اإلدارات‬
‫العمومية‪.‬‬
‫‪-5‬مديرية الجمعيات والمهن المنظمة‪.‬‬
‫تقوم بمهمة السهر على تطبيق النصوص التشريعية التي تضبط الحق في تأسيس‬
‫الجمعيات والحق النقابي باإلضافة لبعض المهن المنظمة‪ ،‬ولهذه الغاية تقوم هذه المديرية بإعداد‬
‫مجموعة من الق اررات التي تتعلق ب‪:‬‬
‫‪ -‬حق تأسيس الجمعيات‪.‬‬
‫‪ -‬الحق النقابي‪.‬‬
‫‪ -‬المهن المنظمة‪.‬‬
‫‪ -‬التماس اإلحسان من الجمهور‪.‬‬
‫‪ -‬اليانصيب واليانصيب االختياري‪.‬‬
‫‪ -‬إثبات صحة التوقيع فيما يرجع للوثائق التي سيدلي بها في الخارج أو تلك الموضوعة‬
‫في الخارج لإلدالء بها في الداخل‪.‬‬
‫‪ -‬نقل الجثث من المغرب إلى الخارج‪.‬‬
‫‪-6‬مديرية الشؤون المالية واإلدارية‪:‬‬
‫تعمل هذه المديرية على إدارة المصالح الملحقة بشكل مباشر بالوزير األول واألمانة العامة‬
‫للحكومة‪ ،‬ولقيامها بهذا العمل تقوم ب‪:‬‬
‫‪ -‬إدارة شؤون الموظفين التابعين للوزير األول واألمانة العامة للحكومة وموظفي أية إدارة‬
‫أخرى لها ارتباط بالوزير األول‪.‬‬
‫‪ -‬إعداد ميزانية المصالح المذكورة أعاله وتنفيذها‪.‬‬
‫‪95‬‬
‫‪ -‬السهر على صيانة مباني ومعدات المصالح المعهود لها بإدارتها‪.‬‬
‫‪ -‬منح سندات النقل أو السفر أو نقل األمتعة للمستخدمين األجانب الذين يعملون‬
‫باإلدارات العامة عند مجيئهم أو رجوعهم إلى أوطانهم‪ ،‬عند االستغناء عن خدماتهم أو لقضاء‬
‫إجازتهم اإلدارية‪.‬‬
‫‪-7‬قسم الترجمة‪:‬‬
‫يقوم بالترجمة الرسمية لمشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية التي تصدرها اإلدارات‬
‫العمومية‪ ،‬كما تقوم بترجمة األعمال التي توجهها إليه اإلدارة السالفة الذكر (المادة ‪.)13‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المصالح األخرى التابعة لرئيس الحكومة‪.‬‬
‫إضافة إلى األمانة العامة للحكومة يستعين رئيس الحكومة بمرافق أخرى سواء تعلق األمر‬
‫بالوزراء المنتدبون أو كتاب الدولة‪ .‬وهكذا يقوم رئيس الحكومة بتفويض بعض صالحياته في‬
‫‪147‬‬
‫وضمت حكومة عبد االله بنكيران المعينة في نونبر‬ ‫قطاعات معينة إلى هؤالء الوزراء‪.‬‬
‫‪ 2012‬أربعة عشر وزي ار منتدبا ثالث منهم لدى رئيس الحكومة (الوزير المنتدب لدى رئيس‬
‫الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني‪ ،‬والوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون‬
‫العامة والحكامة والوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية)‪.‬‬
‫واضافة إلى هذه الشخصيات يوجد إلى جانب رئيس الحكومة مندوبين ساميين مكلفين‬
‫بمهام محددة لديه‪ ،‬ومن بينهم نجد المندوب السامي المكلف بإعادة إعمار أكادير بعد إصابتها‬
‫بالزلزال سنة ‪ 1961‬والتي ألغيت في ‪ 20‬فبراير ‪ ،1973‬والمندوبية السامية لإلنعاش الوطني‪،‬‬
‫والتي هي تابعة اليوم لو ازرة الداخلية عبر مرسوم ‪ 18‬أبريل ‪.1985‬‬
‫ومن بين المندوبيات األكثر قدما‪ ،‬هناك المندوبية السامية للمقاومة وأعضاء جيش التحرير‬
‫المحدثة بظهير ‪ 15‬يونيو ‪11973‬ومن بين المندوبيات المحدثة هناك المندوبية السامية للمعاقين‬
‫المحدثة بظهير ‪ 24‬ماي ‪ 21994،‬والمندوبية السامية للتخطيط المحدثة بظهير شريف رفم‬
‫‪ 1.03.946‬الصادر في ‪ 26‬دجنبر‪ 32003،‬والمندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة‬
‫‪4‬‬
‫التصحر‪ ،‬المحدثة بمقتضى مرسوم رقم ‪ 2.03.947‬الصادر في ‪ 26‬دجنبر ‪.2003‬‬

‫‪ 147‬طبقا للفصل ‪ 90‬من الدستور والمواد ‪ 11-10-9‬من القانون التنظيمي للحكومة‪.‬‬


‫‪ –1‬الجريدة الرسمية لسنة ‪ .1973‬ص‪.1952:‬‬
‫مرسوم رقم ‪ 2-93-84‬صادر في ‪ 7‬ذي القعدة ‪ 29( 1413‬أبريل ‪ )1993‬بتحديد اختصاصات وتنظيم المندوبية السامية لقدماء‬
‫المقاومين وأعضاء جيش التحرير (ج‪ .‬ر‪ .‬عدد ‪ 4207‬بتاريخ ‪ 25‬ذو الحجة ‪1413 -16‬يونيو ‪.1993‬‬
‫‪2‬‬
‫‪– Bulletin officiel 1994, p ; 308.‬‬
‫‪ –3‬الجريدة الرسمية ‪ 5174‬بتاريخ ‪.2004/1/1‬‬
‫‪ –4‬مرسوم رقم‪2-04-503‬صادر في ‪ 21‬من ذي الحجة ‪( 1425‬فاتح فبراير ‪ )2005‬بتحديد اختصاصات وتنظيم المندوبية السامية‬
‫للمياه والغابات ومحاربة التصحر (ج‪ .‬ر‪ .‬عدد ‪ 5292‬بتاريخ ‪ 8‬محرم ‪ 17 - 1426‬فبراير ‪2005‬‬

‫‪96‬‬
‫‪ -‬ديوان رئيس الحكومة‪:‬‬
‫يعتبر الديوان الوزاري بمثابة فريق عمل يشتغل بجانب الوزير ويتصف بالتضامن بين‬
‫أعضائه من أجل حماية الوزير‪ ،‬كما يتصف أيضا باإلخالص التام والمطلق وغير المقيد وغير‬
‫المشروط للوزير‪ ،5‬ويعد بذلك جها از هاما يساهم في االستراتيجية السياسية للو ازرة ووضعها‬
‫موضع التنفيذ ‪6.‬وقد حضي ديوان الوزراء باهتمام العديد من النصوص القانونية منذ النص األول‬
‫والصادر في ‪ 4‬يناير ‪ ،1955‬ولم تتضح الرؤية إال مع المنشور الملكي بتاريخ ‪ 23‬فبراير‬
‫‪ 1966‬الذي عدل بالظهير الشريف رقم ‪ 1.74.331‬بتاريخ ‪ 23‬أبريل ‪ 1975‬وبعد مرور ‪20‬‬
‫سنة صدر الظهير األخير المنظم للدواوين الو ازرية بتاريخ ‪ 10‬أكتوبر ‪ ،1995‬وقد كان الهدف‬
‫منه هو العمل على خلق ميكانيزمات تضبط العالقات بين اإلدارة والحكومة من جهة والفصلبين‬
‫ما هو سياسي وما هو إداري‪ .7‬وقد حدد هذا النص عدد أعضاء ديوان رئيس الحكومة في‪:‬‬
‫رئيس الديوان وستة مستشارين تقنيين وملحق للصحافة‪.‬‬
‫ويخضع تعيين أعضاء الدواوين الو ازرية لمجموعة من الشروط وردت في النصوص‬
‫السابقة‪ ،‬وقد نص ظهير ‪ 1995‬على أن أعضاء الدواوين يتم اختيارهم من بين خريجي‬
‫الجامعات والمعاهد العليا من كبار األطر من القطاع الخاص وكبار الموظفين في الوظيفة‬
‫العمومية‪ ،‬كما اشترط أن تتوفر فيهم الكفاية والمروءة واإلخالص للوزير‪.‬‬
‫وفيما يرجع لوظيفة ديوان رئيس الحكومة فإنها ال تختلف عن مأمورية باقي الدواوين‬
‫الو ازرية عندما يتعلق األمر بمجال الصحافة الوطنية والدولية وتنظيم أوقات استقباله واجتماعه‪،‬‬
‫وتهيئ خطبه ودراسة الملفات المعروضة عليه‪ .148‬إال أن هذه المهام تختلف عندما يتعلق األمر‬
‫بمهام رئيس الحكومة التنسيقية بصفة عامة والتقنية والسياسية على الخصوص‪.‬‬
‫وعادة يضطلع الديوان بمهمتين‪ :‬األولى هي ضمان الربط بين الوزير وباقي المرافق‬
‫الو ازرية وبين مخاطبيه والثانية في تدارس المسائل السياسية والتقنية المطروحة عليه‪ ،‬وال يمكنه‬
‫أن يتكلف باألمور اإلدارية للو ازرة‪.149‬‬
‫وباإلضافة إلى ماذكر‪ ،‬يجب على أعضاء الدواوين التقيد كيفما كانت الظروف بواجبات‬
‫‪150‬‬
‫التحفظ وكتمان السر المهني‪.‬‬

‫‪ –5‬المذكوري الشعبي‪ :‬الدواوين الوزارية‪ .‬المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية‪ ،‬العدد ‪ 1989.21‬ص‪37 :‬‬
‫‪ –6‬حول هذا الموضوع انظر أمينة المسعودي‪ :‬الوزراء في النظام السياسي المغربي من حكومة ‪ 1955‬إلى حكومة ‪ 1985‬أطروحة‬
‫لنيل الدكتوراه الدولة في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس أكدال ‪.1999‬‬
‫‪ –7‬محمد الضحى‪ :‬الدواوين الوزارية‪ :‬تدبير السياسة أم اإلدارة‪ .‬المجلة المغربية لإلدارة والتنمية‪ .‬عدد ‪ 45-44‬غشت ‪ .2002‬ص‪.26 :‬‬
‫‪148‬‬
‫‪– ALI EL Mhammedi : Regards sur les cabinets ministériels. R.A.A. N°2. Décembre 1983 pp : 307-‬‬
‫‪308.‬‬
‫‪149‬‬
‫‪– Michel ROUSSET ; Droit administratif Marocainé.d la porte 2003 p : 106.‬‬
‫‪ 150‬الحاج شكرة‪ :‬اإلدارة المركزية والجماعات الترابية‪.‬مطبعة دعاية‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2016‬ص‪.66 :‬‬

‫‪97‬‬
‫ولدعم الو ازرات بالكفاءات القانونية تم استحداث هيئة المستشارين القانونيين لإلدارات لدى‬
‫‪151‬‬
‫األمانة العامة للحكومة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الوزراء‪.‬‬
‫تعتبر هذه الفئة هي اإلدارة الفعالة داخل اإلدارة المركزية الحكومية‪ ،‬ولفهم موقعها‬
‫وسلطاتها سنعرض أوال ألصناف الوزراء من خالل الحكومات المغربية (الفرع األول)‬
‫واختصاصات الوزير (الفرع الثاني)‪ .‬والمصالح الو ازرية (الفرع الثالث)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬أصناف الوزراء‪.‬‬
‫إذا كان إحداث المرافق الو ازرية يتناسب ويستجيب للظروف التي تمر بها الدولة‪ ،‬وذلك من‬
‫أجل إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل المستجدة‪ ،‬فهناك وحدات و ازرية تحتل مكانة أساسية بالنظر‬
‫إلى الدور المسند لها في تحقيق وانجاز السياسات العمومية وأخرى تظهر نظ ار لطبيعة األمور‬
‫المسندة لها‪.‬‬
‫وال تظهر مسألة التسلسل بين أعضاء الحكومة إال من خالل الظهائر والمراسيم المتعلقة‬
‫ولهذا‬ ‫بتأليف الحكومة‪ ،‬إذ تنص على فئات مختلفة من الوزراء عند حضورهم بالحكومة‪.‬‬
‫فالحكومات المغربية على اختالف أنواعها تتضمن األصناف التالية من الوزراء‪ ،‬إضافة إلى‬
‫رئيس الحكومة‪:‬‬
‫‪ -‬وزراء الدولة؛‬
‫‪ -‬الوزراء؛‬
‫‪ -‬الوزراء المنتدبون لدى رئيس الحكومة أو لدى الوزراء؛‬
‫‪ -‬األمين العام للحكومة؛‬
‫‪152‬‬
‫‪ -‬كتاب الدولة معينين لدى رئيس الحكومة أو لدى الوزراء‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬وزير الدولة‪.‬‬


‫لم تنص الدساتير المغربية على هذه الفئة من الوزراء إال أنه انطالقا من الظهائر‬
‫والمراسيم التي تم من خاللها تعيين الحكومة‪ ،‬نجد هذه الفئة تتواجد في الصف الثالث بعد الوزير‬
‫األول ونواب الوزير األول سابقا ورئيس الحكومة حاليا إن تواجدوا بالحكومة‪.‬‬
‫وقد عرفت الحكومات المغربية الحضور الشبه الدائم لهذا الصنف من الوزراء منذ حكومة‬
‫مبارك البكاي في ‪ 7‬دجنبر ‪ ،1955‬وتبقى حكومة محمد كريم العمراني المشكلة في ‪ 30‬نونبر‬

‫حول مهام هذه الهيئة انظر‪ :‬المرسوم رقم ‪ 2.17.1039‬بتاريخ ‪ 26‬يناير ‪ 1998‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5458‬ص ‪ ،512‬المغير بمرسوم ‪11‬‬
‫‪151‬يوليوز ‪ 2011‬ج‪.‬ر عدد ‪.5959‬‬
‫‪ 152‬المادة ‪ 2‬من القانون التنظيمي ‪.065.13‬‬

‫‪98‬‬
‫‪ 1983‬من أكبر الحكومات التي عرفت حضو ار متمي از لوزراء الدولة‪ ،‬إذ قدر عددهم ثمانية وزراء‬
‫الدولة بدون حقائب‪ ،‬ويعود السبب في ذلك إلى مشاركة مجموعة من األحزاب السياسية في هذه‬
‫الحكومة‪ ،‬بواسطة رؤساء أو كتاب عامين لهيئاتهم السياسية باإلضافة إلى الحاج امحمدباحنيني‬
‫وموالي أحمد العلوي نظ ار للمكانة التي يتمتعون بها لدى الملك‪ ،‬ويبقى موالي أحمد العلوي قيدوما‬
‫لو ازرة الدولة بتوليه هذا المنصب إحدى عشرة مرة ما بين ‪ 12‬غشت ‪ 1968‬و ‪ 27‬فبراير‬
‫‪.1995‬‬
‫وقد يكلف وزراء الدولة بحقائب و ازرية أو يعينون بدون حقائب و ازرية وأيضا قد يكلفون من‬
‫قبل رئيس الحكومة‪ ،‬الوزير األول سابقا‪ ،‬بملفات أو مهمات خاصة‪.‬‬
‫وال توجد ضوابط قانونية على أساسها تمنح صفة وزير الدولة في الحكومة وانما يتم‬
‫االستناد إلى اعتبارات سياسية‪ ،‬إذ ال يعين في هذا المنصب الوزاري إال األشخاص ذوو الوزن‬
‫السياسي والثقافي الكبير (األشخاص الذين يحظون بثقة الملك)‪.‬‬
‫وبالعودة إلى بعض النصوص المحددة الختصاصات وزير الدولة‪ 1.‬نجده يضطلع‬
‫باختصاصات منها‪:‬‬
‫‪ -‬يمارس سلطات بموجب تفويض السلطان واالختصاصات المخولة لرئيس الحكومة‪.2‬‬
‫‪ -‬يكلف بمهام محددة تعود لوزراء آخرين‪.‬‬
‫‪ -‬يمارسون اختصاصات الوزير األول سابقا ورئيس الحكومة حاليا وهو ما يخولهم إمكانية‬
‫النيابة عن هذا األخير‪.‬‬
‫ويتوفر وزير الدولة على نفس المصالح والمساعدين الذي يتوفر عليهم الوزير خاصة إذا‬
‫اضطلع بحقيبة و ازرية معينة‪ ،‬ويحضرون المجلسين الوزاري والحكومي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الوزير‪.‬‬


‫يتم تعيين الوزراء على رأس اإلدارات المركزية ويضطلعون بتسيير مرافق و ازرية‪ ،‬حيث‬
‫يشرف كل وزير على تسيير قطاع حكومي‪ ،‬بعد تعيينه من قبل الملك باقتراح من رئيس‬
‫الحكومة‪ ،‬وذلك استنادا إلى انتمائه السياسي أو انطالقا من خبرته وكفاءته التقنية في مجال‬
‫معين‪ ،‬وتحدد اختصاصاتهم عبر ظهير‪.‬‬
‫وعددهم ليس قا ار بل يخضع إلى مجموعة من العوامل السياسية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫‪153‬‬
‫كما أن طبيعة‬ ‫التي تمر منها البالد‪ ،‬والسلطة التقديرية تبقى للملك صاحب االختصاص‪.‬‬

‫‪ –1‬المرسوم الملكي ‪ 65.433‬بتاريخ ‪ 31‬دجنبر ‪ 1965‬بشأن سلطات واختصاصات وزير الدولة الجريدة الرسمية ‪ 2776‬بتاريخ ‪12‬‬
‫يناير ‪.1966‬ص‪.47 :‬‬
‫‪ –2‬الفصل الثاني من المرسوم الملكي‪.‬‬
‫‪ –153‬عبد القادر باينة‪ :‬التنظيم اإلداري م‪.‬س‪ .‬ص‪.51:‬‬

‫‪99‬‬
‫بعض الو ازرات تفرض تعيين فئات و ازرية متعددة بنفس المرفق الوزاري‪ ،‬حيث تعرف بعض‬
‫‪154‬‬
‫الو ازرات وزي ار عاديا ووزي ار منتدبا وكاتبا للدولة أو أكثر من ذلك‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬الوزير المنتدب‪:‬‬
‫أصبح من المعتاد تعيين وزراء منتدبين إلى جانب الوزراء‪ ،155‬ونظ ار لجسامة وتوسع مجال‬
‫بعض القطاعات الو ازرية يتم إنشاء و ازرات منتدبة إما إلى جانب ال أو لدى الوزراء‪ ،‬أو و ازرات‬
‫منتدبة مستقلة‪.‬‬
‫وبالعودة إلى النصوص التنظيمية للحكومة ال نجد فرقا بين الوزراء والوزراء المنتدبين‪،‬‬
‫خاصة ما يتعلق بممارسة بعض السلط التي يتم تفويضها من قبل رئيس الحكومة للوزراء‪،‬‬
‫والتوقيع بالعطف على المقررات التنظيمية الصادرة عن رئيس الحكومة‪ ،‬وذلك عند تكليفهم‬
‫بتنفيذها‪ ،‬وكذلك الشأن بالنسبة للحضور في المجالس الو ازرية والحكومية‪ ،‬ومن جهة ثالثة فهم‬
‫يستفيدون من نفس امتيازات الوزراء طبقا للظهير الشريف المتعلق بحالة أعضاء الحكومة وتأليف‬
‫دواوينهم‪.156‬‬
‫والوزير المنتدب عندما يتم تكليفه بقطاع وزاري معين‪ ،‬فهو يكون مؤهال لوضع السياسة‬
‫العامة اإلدارية واتخاذ التدابير الالزمة لحسن سير هذا القطاع‪ ،‬فضال عن كونه يعد الرئيس‬
‫التسلسلي للمصالح اإلدارية التي وضعت تحت تصرفه‪.‬‬
‫والوزراء المنتدبون عادة في ظل الحكومات المغربية هم إما‪:‬‬
‫‪ -‬وزراء منتدبون لدى رئيس الحكومة؛‬
‫‪ -‬وزراء منتدبون لدى وزير‪.‬‬
‫وعلى مستوى الترتيب البروتوكولي في التشكيالت الحكومية نجد الوزراء المنتدبون لدى‬
‫رئيس الحكومة ثم الوزراء المنتدبون لدى وزير الدولة ثم الوزراء المنتدبون لدى الوزراء العاديين‪.‬‬
‫وبمقتضى المادة ‪ 10‬من القانون التنظيمي للحكومة أصبح بإمكان الوزراء الذين لديهم‬
‫وزراء منتدبين أن يسندوا لهم بقرار يؤشر عليه رئيس الحكومة‪ ،‬إما تفويضا في االختصاص في‬
‫المجاالت الصادرة بالظهير الشريف لتعيينهم‪ ،‬واما بتفويض عام ومستمر قصد التوقيع والتأشير‬
‫باسم الوزير الصادر عنه التفويض على جميع التصرفات المتعلقة بالمصالح الراجعة للمجاالت‬
‫المفوض فيها‪ ،‬ويمتد التفويض السالف الذكر إلى التوقيع بالعطف على النصوص التنظيمية التي‬
‫يصدرها رئيس الحكومة‪.‬‬

‫‪–154‬بعض الوزارات تشمل قطاعات متداخلة‪ ،‬كوزارة التنمية االجتماعية والتضامن والتشغيل والتكوين المهني‪ ،‬أو الوزارة المكلفة‬
‫بإعداد التراب والبيئة والتعمير واإلسكان سابقا‪.‬‬
‫‪ –155‬أصبح حصور هذه الفئة في الحكومة معتادا منذ حكومة ‪ 10‬أكتوبر ‪ 1977‬المعدلة في ‪ 2‬نونبر ‪ 1978‬والذي دخل بموجبه عبد‬
‫اللطيف الجواهري إلى التشكيلة الحكومية كوزير منتدب لدى الوزير األول‪ ،‬انظر الدرداري الناجي‪ :‬الحكومة في الدساتير المغربية‬
‫م‪.‬س‪ .‬ص‪.104 :‬‬
‫‪ –156‬الظهير الشريف الصادر في ‪ 29‬ماي ‪ 1998‬تحت رقم ‪ 1.98.339‬بشأن اختصاصات ووضعية الوزراء المنتدبين لدى‬
‫الوزراء‪.‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪ 11.4394‬يونيو ‪ 1998‬ص ‪.1731‬‬

‫‪100‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬كتاب الدولة‪.‬‬
‫يعتبر كتاب الدولة أعضاء في الحكومة ويأتون في مرتبة ثالثة بعد الوزراء المنتدبين‪ ،‬إذ‬
‫ليس هناك اختالف قانوني بين الصنفين فهم وزراء ولكن كما هو األمر في فرنسا ال يحضرون‬
‫‪157‬‬
‫المجلس الوزاري إال حينما تثار قضايا داخلة في إطار اختصاصهم‪.‬‬
‫ومن خالل استقراء المراسيم والظهائر الملكية لتشكيل الحكومات يتبين أن كتاب الدولة‬
‫‪158‬‬
‫هما‪:‬‬ ‫صنفان‬
‫‪-1‬كتاب الدولة التابعين‪ :‬إما لرئيس الحكومة أو الوزراء‪.‬‬
‫‪-2‬كتاب الدولة المستقلين‪.‬‬
‫ويعد منصب كاتب الدولة في المغرب‪ ،‬مرحلة مؤهلة من أجل تولي مناصب عليا في‬
‫الحكومة‪ ،159‬حيث يتمرس على العمل الحكومي في مثل هذه المناصب ويتواجد خلف وزير آخر‬
‫سواء تعلق األمر برئيس الحكومة أو بوزراء آخرين‪ .‬وتتجلى تبعية كتاب الدولة من خالل أن‬
‫صالحياتهم ومهامهم تحدد بق اررات و ازرية عكس ما هو األمر بالنسبة لباقي الوزراء إذ يتم تحديد‬
‫‪160‬‬
‫مهامهم بواسطة مرسوم‪.‬‬
‫وتنتظم العالقة بين الوزراء وكتاب الدولة بمقتضى ظهير ‪ 13‬دجنبر ‪1980‬بشأن تحديد‬
‫اختصاصات كتاب الدولة وتأهيل الوزراء لتفويض إمضائهم أو بعض اختصاصاته إلى كتاب‬
‫الدولة التابعين لهم والمعدل بمقتضى ظهير ‪ 26‬يونيو ‪ 1995‬الذي شمل أيضا نواب كتاب‬
‫الدولة‪.161‬‬
‫ومن خالل هذه المقتضيات القانونية فكتاب الدولة يعملون إلى جانب الوزراء ويؤازرونهم‬
‫وينظرون تحت سلطتهم في جميع المسائل المعهود إليهم بها‪.‬‬
‫كما أن رئيس الحكومةوالوزراء يمكن أن يسندوا إلى كتاب الدولة التفويض العام والمستمر‬
‫في التوقيع والتأشير باسم رئيس الحكومة أو عن الوزير على جميع الق اررات المتعلقة بالمصالح‬
‫باستثناء المراسيم والق اررات التنظيمية‪.‬‬
‫التفويض في االختصاص المتعلق ببعض المصالح الموضوعة تحت سلطة الوزراء‬
‫التابعين لهم والمشتملة على التفويض في التوقيع‪ ،‬وال يجوز منح تفويض التوقيع واالختصاص‬
‫‪162‬‬
‫بالنسبة لنفس المصالح والمواد‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫‪– Jaeques FOURNIER : le travail gouvernemental. P.U.F,.N.S.P DALLOZ Paris 1987 p :44.‬‬

‫‪ –158‬منذ ‪ 13‬نونبر ‪ 1963‬إلى حكومة عبد الرحمان اليوسفي ‪ 81‬شخصا تولوا منصب كاتب الدولة منهم ‪ 79‬في عهد الملك الراحل‬
‫الحسن الثاني واثنين في عهد محمد السادس أي ‪ % 12‬من مجموع أعضاء الحكومات‪.‬‬
‫‪ –159‬أمينة المسعودي‪ :‬الوزراء في النظام السياسي المغربي م‪.‬س‪ .‬ص‪.546‬‬
‫‪ –160‬الناجي الدرداري‪ :‬الحكومة في الدساتير المغربية من ‪ 1962‬إلى ‪ .1996‬م‪.‬س‪ .‬ص‪.111:‬‬
‫‪161‬‬
‫‪- Bulletin officiel 1995. p : 541.‬‬
‫‪ 162‬المادة ‪ 11‬من القانون التنظيمي للحكومة‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫وعلى الرغم من كون كتاب الدولة يعدون في منزلة أقل من منزلة الوزراءمن الماحية‬
‫البروتوكولية‪ ،‬فإنهم يشاركون في المجالس الو ازرية مادام الدستور و القانون التنظيمي ‪65.13‬‬
‫لم ينصان على خالف دلك‪ .‬ويعملون مع الفئات الو ازرية األخرى على تنفيذ السياسة العامة‬
‫للحكومة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اختصاصات الوزراء‪.‬‬

‫يبقي الوزراء بصفة عامة أعضاء في الحكومة ويضطلعون بمهام سياسية مستمدة من‬
‫الدستور ومهام إدارية مستمدة من الدستور أو بصفتهم رؤساء مصالح ومرافق إدارية‪ ،‬أو انطالقا‬
‫من نصوص خاصة‪ ،‬ويمارسون اختصاصاتهم بواسطة ق اررات و ازرية أو بواسطة مذكرات‬
‫توجيهية أو منشورات أو تعليمات و ازرية ويمكن إجمال اختصاصات الو ازرات في اآلتي‪:‬‬
‫‪-1‬سلطة التعيين‪.‬‬
‫ترجع سلطة التعيين للملك ولرئيس الحكومة‪ ،‬إذ أن التعيين في الوظائف المدنية السامية‬
‫يمارسها رئيس الحكومة‪ ،‬باستثناء تلك الموكولة للملك‪.‬أما الوظائف العسكرية فهو اختصاص‬
‫مخول إلى الملك‪ ،‬والوزراء ال يمارسون مثل هذا الحق إال من خالل تفويض رئيس الحكومة‪.‬‬
‫ويتمتع الوزراء بسلطات واسعة في اختيار معاونيهم باستثناء البعض منهم الذين يعينون‬
‫بظهير‪ ،‬وبالنسبة للعاملين في و ازرته يتمتع الوزير بسلطات فعلية في نقلهم وترقيتهم وانزال‬
‫عقوبات ضدهم في إطار السلطة التأديبية الممنوحة له‪ ،‬ما دام هو السلطة الرئاسية في مختلف‬
‫اإلدارات التابعة لو ازرته سواء المركزية أو الخارجية‪ ،‬باستثناء الحاالت التي يختص بها الملك أو‬
‫رئيس الحكومة أو الممنوحة إلى هيئات متخصصة عهد إليها بذلك بمقتضى نصوص تشريعية‬
‫أو تنظيمية‪ .‬ويبقى مسؤوال إداريا عن الق اررات التي يتخذها والتي يمكن التظلم بشأنها أمام‬
‫القضاء اإلداري في إطار دعوى اإللغاء أو التعويض في ظل قواعد المسؤولية اإلدارية‪.‬‬
‫‪-2‬سلطة التوجيه‪:‬‬
‫بما أن الوزير هو المسؤول عن التدبير اإلداري لو ازرته‪ ،‬فله الحق في إصدار ق اررات‬
‫ودوريات وتوجيهات تساهم في حسن تدبير المرفق الذي يوجد على رأسه‪ ،‬واحترامها مضمون‬
‫عبر السلطة الرئاسية والتأديبية التي يملكها الوزير‪ ،‬حيث يعتبر المسؤول عن الوضعية الفردية‬
‫والتنظيمية للموظفين في و ازرته‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫ومعلوم أن السلطة الرئاسية للوزير تكمن في فرض طاعة كل موظف كيف ما كانت‬
‫وضعيته اإلدارية‪ .‬وعلى مساعدي الوزير‪ ،‬من كاتب عام ومديرين ورؤساء أقسام ومصالح أن‬
‫يتخذوا ق اررات طبقا لتوجيهات وتعاليم وزيرهم طبقا للقانون‪-163.‬‬
‫‪ - 3‬سلطة التنظيم‪:‬‬
‫إذا كانت السلطة التنظيمية اختصاص موكول إلى رئيس الحكومةبموجب الفصل‬
‫التسعين(‪ )90‬من الدستور‪ ،‬فالوزراء يشاركونه في هذا األمر عبر‪:‬‬
‫‪164‬‬
‫يشمل‬ ‫‪ -‬تفويض رئيس الحكومة بعض سلطاته إلى الوزراء‪ ،‬ومن بينها المجال التنظيمي‪،‬‬
‫مجاالت معينة‪ ،‬من بينها سلطة التعيين في الوظائف المدنية بموجب الفصل ‪ 91‬من الدستور‪.‬‬
‫‪ -‬التوقيع بالعطف على المقررات التنظيمية الصادرة عن رئيس الحكومة خاصة تلك المكلف‬
‫بتنفيذها في نطاق و ازرته‪.‬‬
‫‪ -‬ويمتلك الوزير سلطة تنظيمية مستقلة‪ ،‬وهي المرتبطة أساسا بتنفيذ السياسة الحكومية بالمرفق‬
‫الوزاري الذي هو مكلف بتدبيره‪،‬‬
‫‪165‬‬
‫في إطار التضامن الحكومي‪.‬‬
‫‪-4‬سلطة التدبير‪:‬‬
‫يعتبر الوزير هو اآلمر بالصرف بالنسبة للمصاريف الخاصة بو ازرته والمسؤول األول عن‬
‫التدبير اإلداري للمرفق الوزاري الذي يشرف عليه‪ ،‬ويضطلع بأعمال سلطة الوصاية أو الرقابة‬
‫على المرافق المتمتعة بالشخصية المعنوية‪ ،‬في إطار الالمركزية المرفقية‪ ،‬كالمؤسسات العمومية‬
‫والمقاوالت العمومية التابعة للو ازرة‪ ،‬كرقابة و ازرة الداخلية على الجماعات الترابية‪ ،‬ووصاية و ازرة‬
‫التعليم العالي على المؤسسات الجامعية‪ .‬ويمكن للوزير أيضا أن يفوض البعض من سلطاته‬
‫لفائدة معاونيه ومساعديه‪ ،‬كالكاتب العام للو ازرة‪.‬‬
‫ويعد الوزير المسؤول األول عن و ازرته أمام كل من الملك ورئيس الحكومة والبرلمان‪ ،‬كما‬
‫يعتبر ممثال لو ازرته أمام القضاء فيما يتعلق بالق اررات الصادرة منه أو عن مرؤوسه‪ ،‬حيث تخضع‬
‫أعماله وق ارراته للرقابة القضائية‪ ،‬وترفع ضده جميع الدعاوى المتعلقة بالشطط في استعمال‬
‫السلطة الموجهة ضد مرؤوسيه وجميع دعاوى المسؤولية اإلدارية الناتجة عن نشاط المرافق‬
‫‪166‬‬
‫واإلدارات التابعة لو ازرته‪.‬‬

‫‪ 163‬الحاج شكرة‪ :‬اإلدارة المركزية والجماعات الترابية‪ ،‬مطبعة دعاية‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2016‬ص‪.83 :‬‬
‫‪ 164‬المادة ‪ 7‬من القانون التنظيمي للحكومة‪.‬‬
‫‪ 165‬المادة ‪ 9‬من القانون التنظيمي للحكومة‪.‬‬
‫‪ 166‬أحمد أجعون‪ :‬التنظيم اإلداري المغربي بين المركزية والالمركزية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال‬
‫جامعية عدد ‪ ،2013 ،96‬ص‪.112 :‬‬

‫‪103‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬المصالح الوزارية‪:‬‬

‫وتضم ديوان الوزير (الفرع األول) والمصالح المركزية للو ازرة (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ديوان الوزير‬


‫سبق القول بأن الديوان هو فريق من المساعدين الذين يتم اختيارهم استناداً إلى الثقة‬
‫الشخصية والكفاءة ووفق ما نص عليه ظهير ‪ 10‬أكتوبر ‪ 1995‬الخاص بتأليف الدواوين‬
‫‪167‬‬
‫الو ازرية بما فيها ديوان رئيس الحكومة‪.‬‬
‫ويتألف أعضاء الدواوين الو ازرية من‪:‬‬
‫‪ -‬ثمانية أعضاء بالنسبة لديوان رئيس الحكومة‪ :‬ستة مستشارين تقنيين وملحق للصحافة‬
‫ورئيس الديوان‪.‬‬
‫‪ -‬سبعة أعضاء لديوان كل الوزراء‪ :‬رئيس ديوان خمسة مستشارين تقنيين ورئيس للكتابة‬
‫الخاصة‪.‬‬
‫‪168‬‬
‫‪ -‬ثالثة أعضاء بالنسبة لكاتب الدولة‪ :‬رئيس الديوان‪ ،‬ومستشاران تقنيان‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المصالح المركزية للوزارة‪.‬‬
‫إن تنظيم المصالح المركزية للو ازرات‪ ،‬الذي قد يختلف من و ازرة إلى أخرى يتناسب في‬
‫خطوطه العريضة مع نموذج موحد‪ ،‬إذ تخضع للسلطة التنظيمية لرئيس الحكومة التي تكملها‬
‫بعض الق اررات الوزارية‪ .‬ومنذ االستقالل عرفت الهندسة اإلدارية للمصالح المركزية عدة محاوالت‬
‫لإلصالح والمراجعة بما يتناسب واألهداف المستمدة التي تحدث على المستويات االقتصادية‬
‫واالجتماعية والسياسية‪ ،‬وبما يتالءم أيضا مع محاوالت تحديث البنيات اإلدارية المركزية التي‬
‫اضطلعت بها و ازرة الشؤون اإلدارية‪.‬‬
‫وبالرغم من التعديالت التي مست النصوص المنظمة للمصالح المركزية للو ازرات فإن‬
‫مختلف الو ازرات تتوفر على المصالح اإلدارية تتدرج من حيث مهامها في‪:‬‬
‫‪ )1‬الكتابة العامة تحت إشراف الكاتب العام للوزارة‪.‬‬
‫إذ تحتل الصدارة اإلدارية في مختلف الو ازرات ويشرف عليها الكاتب العام الذي يعد من‬
‫الموظفين السامين بالدولة‪ ،‬ولم تحظ الكتابة العامة بالو ازرة باهتمام نص قانوني مستقل إال مع‬

‫‪ 167‬راجع منشور رئيس الحكومة رقم ‪ 16/2002‬بتاريخ ‪ 25‬نونبر ‪ 2002‬بشأن تأليف الدواوين الوزارية‪.‬‬
‫انظر‪ :‬محمد الرضواني‪ :‬الدواوين الوزارية والعمل الحكومي‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،45-44‬ماي‪-‬‬
‫‪168‬غشت ‪ ،2002‬ص‪.35 :‬‬

‫‪104‬‬
‫صدور مرسوم ‪ 29‬أبريل ‪ 1993‬الذي حدد اختصاصات الكاتب العام ووظيفته‪ ،‬إذ أنه من بين‬
‫داخل الو ازرة بالرغم‬ ‫‪169‬‬
‫أهم المهام المنوطة بالكاتب العام هو ضمان استم اررية العمل اإلداري‬
‫من الحركية التي يعرفها منصب الوزير خاصة وأنه غير مطالب بالخوض في القضايا ذات‬
‫الطبيعة السياسية‪1،‬فوظيفته إدارية وتقنية محضة ترتبط بضمان التنسيق بين عمل مختلف‬
‫المصالح من أجل تحقيق تجانس العمل اإلداري ويضمن أيضا تنفيذ التعليمات الصادرة عن‬
‫الوزير ‪.2‬‬
‫ونظ ار للوظيفة المعهودة إليه يعد الكاتب العام للو ازرة الشخصية اإلدارية الثانية بعد الوزير‬
‫فهو مكلف بتدبير شؤون العاملين في الو ازرة واعداد وتنفيذ ميزانية الو ازرة واعداد مشاريع القوانين‬
‫والنصوص التي تعود إلى اختصاص الو ازرة وحل القضايا القانونية والمنازعات المتعلقة بمصالح‬
‫‪170‬‬
‫فإنه بالمقابل وفي ظل وجود وزير ذو شخصية ضعيفة فصالحياته وسلطاته يمكن أن‬ ‫الو ازرة‪،‬‬
‫تتسع أكثر فأكثر‪.‬‬
‫‪ )2‬المصالح اإلدارية األخرى‪:‬‬
‫نظ ار لتنوع وتعقد المهام اإلدارية الموكولة إلى المصالح المركزية للو ازرات هناك توجه عام‬
‫نحو تقسيم األعمال والمهام سواء من حيث شكلها كمهام التصور والتنفيذ أو من حيث طبيعتها‪،‬‬
‫كاألعمال اإلدارية واألعمال التقنية‪.‬‬
‫فبالنسبة لألعمال اإلدارية المشتركة بين بعض المصالح يتم اعتماد المديرية والتي تتكلف‬
‫عادة باإلدارة العامة‪ ،‬أي كل األعمال المرتبطة بتدبير الموارد البشرية والتجهيزات‪ ،‬وكذا التدبير‬
‫المالي‪ ،‬في حين أن األقسام عادة ما تكلف بتولي المهام ذات الطبيعة القانونية من إعداد‬
‫المشاريع والقوانين وأيضا دراسة القضايا المتعلقة بالمنازعات‪.‬‬
‫بينما توكل مهمة التفتيش إلى أقسام خاصة والتي تكون في ارتباط مباشر بالوزير أو‬
‫وقد صدرت‬ ‫‪171‬‬
‫بالكاتب العام‪ ،‬وتتولى مهمة القيام بالتفتيش في مختلف المرافق التابعة للو ازرة‪،‬‬
‫مجموعة من التوصيات القاضية بضرورة تفعيل دور المفتشيات العامة داخل الو ازرات بما يمكن‬
‫من تعزيز الرقابة الالئقة وتحسين جودة الخدمات اإلدارية وذلك عبر توفير األطر المختصة‬
‫ووضع رهن إشارتها الوسائل المالية والقانونية الالزمة‪.‬‬
‫تخضع المفتشية العامة للو ازرة مباشرة لسلطة الوزير‪ ،‬ويسيرها مفتش عام ‪.‬وقد حدد‬
‫المرسوم الخاص يالمفتشيات العامة للو ازرات في مادته الثانية في عدة مهام منها‪:‬‬

‫‪Ali El Mhamdi : L’Administration centrale au Maroc. 1ère édition, DAR ALQALAM, 2011, P : 132.‬‬
‫‪169‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ANTARI (M) : Regards sur le secrétaire général de Ministère dans l’administration Marocaine,‬‬
‫‪REMALD série thèmes actuels N° 6, 1996, p : 19.‬‬
‫‪ –2‬المادة الثالثة من مرسوم ‪ 29‬أبريل ‪ ،1993‬انظر الجريدة الرسمية الصادرة في ‪ 16‬يونيو ‪ 1993‬ص ‪ 1010 – 1009‬عدد ‪.4207‬‬
‫‪ –170‬المادة الرابعة من مرسوم ‪ 29‬أبريل ‪.1993‬‬
‫‪ -‬انظر مرسوم رقم ‪ 2.11.112‬صادر في ‪ 20‬رجب ‪ 23( 1432‬يونيو ‪ )2011‬في شأن المفتشيات العامة للوزارات‪ .‬ج‪.‬ر عدد ‪5960‬‬
‫‪171‬بتاريخ ‪ 14‬يونيو ‪ .2011‬ص‪.3386 :‬‬

‫‪105‬‬
‫_مهام تفتيش و ملراقبة و تدقيق و تقييم تدبير المصالح المركزية و الالمركزية للو ازرة ؛‬
‫التنسيق و التواصل و التتبعمع مؤسسة الوسيط ؛‬
‫_التعاون مع كل من المجلس األعللى للحسابات و المفتشية العامة للمالية و الهيئة‬
‫الوطنية للنزاهة و الوقاية من الرشوة و محاربتها‪.‬‬
‫وعالقة بمجال التفتيش و المراقبة تضطلع المفتشية العامة للو ازرة بمايلي‪:‬‬
‫_السهر على تطبيق النصوص التشريعية و التنظيمية وعلى حسن سير تدبير األموال‬
‫العمومية ؛‬
‫_إجراء المراقبات و التدقيقات تاداخليةالمتعلقة بتهيئ وابرام وتنفيد الصفقات العمومية‬
‫طبقا للمقتضيات القانونية ؛‬
‫التحري في الشكايات و التظلمات الموجهة إلى الو ازرة من طرف المواطنين أو‬ ‫_‬
‫المتعاملين معها وكدا شكايات وتظلمات الموظفين أو األعوان أو المستخدمين لتدعيم األخالقيات‬
‫؛‬
‫_تتبع التوصيات المثبتة في تقارير المحاكم المالية والمفتشية العامة للمالية و الهيئة‬
‫الوطنية للنزاهة و الوقايةمن الرشوة ومحاربتها‪.‬‬
‫وألجل دلك ‪ ،‬يعد المفتش العام تقارير مدعمة بمختلف الوثائق و البيانات الضرورية‬
‫والحظات المصالح اإلدارية المعنية ‪ ،‬ويرفع تقي ار نهائيا عن دلك للوزير المعني ‪ .‬فضال عن‬
‫مهام أخرى ترتبط بالتدقيق ‪.‬‬
‫تقرير‬ ‫ولتثمين عملها ينص المرسوم السالف الدكر‪ ،‬على قيام المفتش العام بإعداد‬
‫تركيبي سنوي عن حصيلة المفتشية العامة ‪ ،‬يرفعه إلى الوزير المعني قبل ‪ 31‬مارس من السنة‬
‫الموالية‪ ،‬يتضمن جردا باالختالالت التي قد تكون شابت سير مصالح الو ازرة معز از بتوصيات ‪.‬‬
‫كما يرفع تقرير ا سنويا حول القضايا المعروضة عليه من لدن مؤسسة الوسيط الدي يرفعه‬
‫إلى رئيس الحكومة‪.‬‬
‫ولتفعيل أمثل لهدا المرسوم ‪ ،‬أصدر رئيس الحكومة منشو ار بتاريخ ‪25‬غشت‪ 2011‬تحت‬
‫رقم ‪ 2011 /8‬طالب فيه أعضاء الحكومة بإيالء االهتمام البالغ من أجل تفعيله ‪،‬وتمكين‬
‫المفتشيات العامة من الوسائل الكفيلة بأداء مهامها وبما يساهم في تخليق المرفق العام‪.‬‬
‫واضافة إلى المفتشيات والمديريات واألقسام توجد المصالح وعلى رأسها رئيس المصلحة‬
‫وآخر خلية إدارية هي المكتب‪ ،‬التي توجد في قاعدة الهرم اإلداري‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫وتختلف تنظيم األعمال من و ازرة إلى أخرى‪ ،‬إذ أنه مثال نجد بعض الو ازرات تنتظم في‬
‫عدد كبير من المديريات التقنية كالمالية والصحة والتعليم والداخلية‪ ،‬وذلك انسجاما مع طبيعة‬
‫أعمال الو ازرة‪.172‬‬

‫‪ –172‬وزارة الفالحة والتنمية القروية تنتظم في ثمانية مديريات تقنية‪ -‬انظر المرسوم رقم ‪ 2.93.23‬الصادر في ‪ 13‬ماي ‪ 1993‬المتعلق‬
‫بتنظيم واختص اصات وزارة الفالحة واإلصالح الزراعي ج‪.‬ر‪ .‬بتاريخ ‪ 16‬يونيو ‪.1993‬‬

‫‪107‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫األجهزة المحلية لإلدارة المركزية‬

‫إن امتداد السلطة المركزية على الصعيد الترابي في شكل إدارة عامة وادارة متخصصة‬
‫أدى إلى نوع من توزيع العمل بين اإلدارة المركزية واإلدارة الترابية فيما يخص اتخاذ الق اررات‪.‬‬
‫وهكذا فالعمل اإلداري الذي يتم تقريره على المستوى المركزي يحتاج ألن يشمل مجموع التراب‪ ،‬إذ‬
‫البد من ضمان تنفيذه خاصة وأن فعالية اإلدارة ال تقاس فقط بجودة الق اررات اإلدارية بل بقدرة‬
‫اإلدارة على وضعها موضع التنفيذ‪ ،‬وهنا ظهرت الحاجة إلى وحدات إدارية غير متمركزة أو‬
‫وحدات عدم التركيز اإلداري‪ ،‬منها ما يمارس أعمال خاصة مرتبطة بمختلف اإلدارات المركزية‬
‫أو ما يعرف بالمصالح الالممركزة للو ازرات (المبحث األول) وأخرى لها صالحيات عامة وتمثل‬
‫السلطة التنفيذية في مجموعها ونقصد بشكل خاص ممثلي و ازرة الداخلية على المستوى المحلي‬
‫وهم رجال ونساء السلطة المحلية (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬المصالح اإلدارية الالممركزة للو ازرات‬

‫تستدعي أنشطة الجهاز اإلداري للو ازرات إقامة فروع لها في الجهات واألقاليم المختلفة‬
‫وتقوم هذه المصالح بمباشرة اختصاصات الو ازرات في تلك المناطق التي أقيمت فيها‪ .‬فانتشار‬
‫المصالح الخارجية يحقق مبدأ المساواة ومبدأ مجانية الخدمات اإلدارية‪ ،‬ومواكبة التزايد السكاني‬
‫بتوفير البنيات اإلدارية الالزمة إلدارة القرب‪ .‬والعالقة بين اإلدارة المركزية والمصالح الالممركزة‬
‫تبرز لنا توزيعا عموديا للسلطة وآخر أفقيا‪ ،‬وذلك من خالل التنسيق والرقابة على هذه المصالح‪.‬‬

‫واهتماما بهذا الموضوع صدرت‪ ،‬منذ االستقالل إلى اآلن‪ ،‬عدة نصوص قانونية من‬
‫‪173‬‬
‫يعنى بالالتركيز اإلداري‪ ،‬تلبية لتوصيات المناظرات‬ ‫أبرزها مرسوم ‪ 20‬أكتوبر ‪1993‬‬
‫الوطنية للجماعات المحلية‪ ،‬التي تحث على ضرورة الربط بين تطور الالمركزية والالتركيز‪ .‬غير‬
‫أنه لم يصل المشرع المغربي بعد إلى صياغة ميثاق لالتركيز‪ ،‬رغم االنتقادات المتكررة الموجهة‬
‫‪174‬‬
‫للسياسة الترابية‪.‬‬

‫وقد شكلت العماالت واألقاليم مجاال لعدم التركيز عبر استقطاب كل اإلدارات الحكومية‬
‫سواء كانت تتصل بالمجال االقتصادي أو االجتماعي أو العمراني أو السياسي‪ ،‬اللهم بعض‬
‫اإلدارات التي ال تتوفر على تمثيليات لها بالداخل ولكن تمتد إلى خارج حدود الدولة‪ ،‬كما هو‬
‫الشأن بالنسبة لو ازرة الخارجية‪ ،‬حيث توجد في شكل سفارات وقنصليات أو مندوبيات دائمة لدى‬

‫‪173‬مرسوم رقم ‪ 2.93.625‬الصادر في ‪ 20‬أكتوبر ‪ 1993‬في شأن الالتركيز اإلداري‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4227‬بتاريخ ‪.1993/11/3‬‬
‫المكي السراجي‪ :‬الالتركيز اإلداري في إطار السياسة الجهوية الموسعة‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪98-97‬‬
‫‪174‬مارس –يونيو ‪ ،2011‬ص‪.117 :‬‬

‫‪108‬‬
‫المنظمات الدولية‪ ،‬وهو ما جعل اإلقليم اإلطار البينوازري المالئم‪ .175‬وشكل االرتقاء بالجهة إلى‬
‫مستوى جماعة محلية مرحلة في تطور سياسة عدم التركيز اإلداري من خالل تجميع المصالح‬
‫غير المتمركزة على مستوى الجهة‪ ،176‬خاصة وأن الجهة قد تشكل وسيلة ناجعة لحل المشاكل‬
‫واالختالالت الموجودة بين المدن والبوادي‪.177‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬ترسيخ اللالتمركز‬

‫تم إصدار مرسوم جديد في شأن تحديد قواعد تنظيم القطاعات الو ازرية والالتركيز اإلداري‬
‫‪178‬‬
‫حيث حدد األجهزة والهياكل التي تتكون منها الو ازرة سواء على‬ ‫بتاريخ ‪ 2‬دجنبر ‪،2005‬‬
‫الصعيد المركزي أو المحلي‪:‬‬

‫‪ -‬األجهزة اإلدارية المركزية‪ ،‬وتضم‪ :‬كتابة عامة‪ ،‬مفتشية عامة‪ ،‬مديريات مركزية‪ ،‬أقسام‬
‫ومصالح‪ ،‬كما يمكن إحداث مديريات عامة اعتمادا على معايير تحدد بمرسوم ؛‬

‫‪ -‬مستوى إداري الممركز‪ ،‬ويضم‪ :‬مديريات جهوية‪ ،‬مديريات إقليمية ومصالح‪.‬‬

‫وقد بين اختصاصات كل بنية‪ ،‬إذ تتولى اإلدارات المركزية تطبيق السياسة الحكومية‬
‫المرتبطة بمجاالت نشاطها وتقييم نتائجها‪ ،‬واعداد مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية‪،‬‬
‫وتوجيه ومراقبة عمل المصالح الالممركزة‪ ،‬وتقييم الوسائل الضرورية لسيرها‪.‬‬

‫أما المستويات المحلية من مديريات جهوية‪ ،‬إقليمية ومصالح فتتكلف بتنفيذ المقررات‬
‫والتوجيهات الصادرة عن السلطات المركزية‪ ،‬مع مراعاة االختصاصات الموكولة للعامل‪.‬‬

‫ولضمان حسن سير المصالح الالممركزة ‪ ،‬يتعين على رؤساء القطاعات الو ازرية تفويض‬
‫اإلمضاء ومسؤولية اتخاد الق اررات اإلدارية الفردية إلى رؤساء المصالح الالممركزة على صعيد‬
‫الجهة أو تالعماالت و األقاليم باستثناء تلك التي اليمكن تفويضها ‪.‬‬

‫ولضمان تنظيم فعا للقطاعات الو ازرية ‪ ،‬فرض المرسوم السالف الدكر أن تتوفر هده القطاعات‬
‫وجوبا بنيات إدارية مكلفة بمايلي‪:‬‬

‫‪-‬تدبير الموارد البشرية ؛‬


‫‪-‬التدقيق ومراقبة التسيير ؛‬

‫‪ -175‬عبد الكريم بخنوش‪ :‬عدم التركيز اإلداري بين العمالة أو اإلقليم والجهة‪ .‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪2004-56‬‬
‫ص‪.57:‬‬
‫‪-176‬أنظر الشريف الغيوبي‪ :‬الجهة المجال األنسب لالتركيز وتشجيع االستثمار‪.‬‬
‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية سلسلة "نصوص ووثائق" عدد ‪ 2002-66‬ص‪.31-21 :‬‬
‫‪177‬‬
‫‪Brahimi (M) : déconcentration et décentralisation au Maroc. R.M.F.P.E.N° 8, 1992.p :80.‬‬
‫‪ 178‬مرسوم رقم ‪ 2.5.1369‬الصادر في ‪ 2‬دجنبر ‪ 2005‬بشأن تحديد قواعد تنظيم القطاعات الوزارية والالتمركز اإلداري‪ ،‬ج‪.‬ر عدد‪،‬‬
‫‪ ،5386‬بتاريخ ‪ 12‬يناير ‪ ،2006‬ص‪.177 :‬‬

‫‪109‬‬
‫‪-‬الدراسات التشريعية و الشؤون القانونية ؛‬
‫‪-‬التخطيط و البرمجة و التدبير المالي ؛‬
‫‪-‬تدبير أنظمة المعلومات ‪.‬‬
‫وادا كان إحداث وتحديد اختصاص القطاعات الو ازرية و المكديريات العامة و‬
‫المديريات المركزية التابعة لها يتم بموجب مرسوم ‪ ،‬فإن إحداث وتحديد إختصاصات‬
‫األقسام و المصالح التابعة للمديريات المركزية ‪ ،‬وكدا المديريات الجهوية و المديريات‬
‫اإلقليمية بموجب قرار للوزير المعني تؤشر عليه السلطة الحكومية المكلفة بالمالية و‬
‫السلطة الحكومية المكلفة بتحديث القطاعات العامة ‪.‬‬
‫ولضمان عقلنة إحداث هده الهياكل وفعاليتها ‪ ،‬من خالل تطابق الهيكلة المقترحة مع‬
‫استراتيجية القطاع المعني يتعين على القطاعات الو ازرية المعنية اإلدالء بتقرير حول‬
‫التدقيق التنظيمي المتعلق بتنظيم الهياكل اإلدارية الخاصة به‪.‬‬
‫ومن أجل تفعيل سياسة الالتمركز نص هدا المرسوم على أن يقوم رؤساء القطاعات‬
‫الو ازرية على بعث تصاميم مديرية لالتمركز اإلداري إلى لجنة الهياكل اإلدارية و‬
‫الالتمركز اإلداري(‪ ،)179‬في ظرف زمني اليتراوح خمس سنوات والتي يجب أن‬
‫تتضمن ‪:‬‬
‫‪ -‬االختصاصات المزمع نقلها إلى المصالح الالممركزة برسم السنة الجارية و التي‬
‫سيتم نقلها لفائدتها خالل السنوات المالية ؛‬
‫‪ -‬عدد الموظفين و األعوان العاملين باإلدارات المركزية و بالمصالح الالممركزة‬
‫مصنفين حسب اإلطار و الدرجة ؛‬
‫‪ -‬عدد الموظفين المزمع إعادة انتشارهم لفائدة المصالح الالممركزة ؛‬
‫‪ -‬الوسائل المادية المخولة للمصالح الالممركزة وتلك المزمع وضعها رهن اإلشارة ؛‬
‫‪ -‬الق اررات اإلدارية الفردية المزمع االحتفاظبها من طرف اإلدارات المركزية ؛‬
‫المعطيات الميدانية و اإلمكانيات المتوفرة لدى القطاع المعني و اإلجراءات الضرورية‬
‫و المدى الزمني إلنجاز هده التصاميم‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫وفي أفق الجهوية المتقدمة‪ ،‬حدد جاللة الملك مالمح إصالح سياسة الالتركيز‪ ،‬من منطلق‬
‫شعار ال جهوية مع المركزية‪ ،‬وذلك في خطابه ‪ 11‬نونبر ‪ 2008179‬وذكر به أيضا أثناء‬
‫تنصيب اللجنة االستشارية حول صياغة تصور لجهوية مغربية متقدمة سنة ‪.2010‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ ::‬تصور جديد للالتركيز اإلداري‬

‫لقد شكل المرسوم الصادر في ‪26‬دجنبر ‪ 2018‬بمثابة ميثاق وطني للالتمركز اإلداري تحوال‬
‫مهما في تاطير عالقة المصالح الخارجية للو ازرات سواء مع المصالح المتمركزة او مجالس‬
‫الجماعات الترابية ‪ .‬إذ نص في مادته الثالثة على ان الالتمركز اإلداري لمصالح الدولة يعتبر‬
‫تنظيما إداريا مواكبا للنظيم اإلداري للمملكة القائم على الجهوية المتقدمة ‪ ،‬كما انه أداة لتفعيل‬
‫الساسة العامة للدولة على المستوى الترابي ‪ .‬وحدد هذا النص متكزات سياسة الالتركيز و التي‬
‫تقوم على ‪:‬‬

‫الجهة باعتبارها الفضاء الترابي لبلورة السياسة الوطنية للالتمركز اإلداري ‪ ،‬خاصة و ان الجهة‬
‫تعتبر مستوى بينيا لتدبير العالقة بين اإلدارات المركزية و تمثيليتها على المستوى الترابي ؛‬

‫الدور المحوري لوالي الجهة باعتباره ممثال للسلطة المركزيةعلى صعيد الجهات ومسؤوليته في‬
‫تنسيق أنشطة المصالح اللالممركزة والسهر على حسن سيرها و مراقبتها تحت سلطة الو ازراء‬
‫المعنيين ‪ ،‬بما يحقق النجاعة و الفعالية و االلتقائية المطلوبة في تنفيذد السياسات العمومية على‬
‫مستوى الجهة ‪.‬‬

‫وتماشيا مع هذه المرتكزات حدد المرسوم عدة اهداف للالتركيز و التي تتمثل في ‪:‬‬

‫‪ -‬تنفيذ توجهات الدولة في مايتعلق بسياسة الدولة في مجال إعادة تنظيم مصالحها على‬
‫مستويات التنظيم الترابي وعلى وجه الخصوص الجهات و العماالت و األقاليم ؛‬

‫‪ -‬التوطين الترابي للسياسات العمومية أخدا بعين االعتبار الخصوصيات الجهوية و اإلقليمية ؛‬

‫‪ -‬مواكبة التنظيم الترابي الالمركزي للدولة ؛‬

‫‪ -‬ضمان التقائية السياسات العمومية وتجانسها على مستوى الجهة و العمالة او اإلقليم ؛‬

‫‪ -‬تحقيق الفعالية و النجاعة في تنفيذ البرامج و المشاريع العمومية التي تتولى المصالح‬
‫الاللممركزة االشراف عليها او إنجازها او تتبع تنفيذها ؛‬

‫‪ 179‬جاء في خطاب ‪ 11‬نونبر ‪ 2008‬ما يلي ‪ ":‬ومهما وفرنا للجهوية من تقدم‪ ،‬فستظل محدودة‪ ،‬ما لم تقترن بتعزيز مسار الالتمركز‪،‬‬
‫لذلك‪ ،‬يتعين إعطاء دفعة قوية لعمل الدولة على المستوى الترابي‪ ،‬خاصة في مجال إعادة تنظيم اإلدارة المحلية وجعلها أكثر تنافسا‬
‫وفعالية وتقوية التأطير عن قرب‪".‬‬

‫‪111‬‬
‫‪ -‬تقريب الخدمات العمومية التي تقدمها الدولة الى المرتفقين ‪.‬‬

‫وحدد ميثاق الالتركيز تأليف المصالح الالممركزة على مستوى الجهة او على مستوى العمالة او‬
‫اإلقليم ‪ ،‬إذ يمكن ان تتالف من تمثيليات مشتركة بين قطاعين و ازريين او اكثر أو تمثيليات‬
‫قطاعية ‪ .‬كما يمكن عند االقتضاء احداث بنيات ادراية لالشراف وانجاز مشاريع ومهام مؤقتة‬
‫‪.‬وتحدث التمثيليات اإلدارية الجهوية القطاعية بمرسوم ‪ .‬بينما تحدث التمثيليات الجهوية‬
‫المشتركة بمرسوم كذلك يتخذ باقتراح من السلطات الحكومية المعنية إما بمبادرة منها او بناء‬
‫على اقتراح من اللجنة الو ازرية لالتركيز اإلداري أو اباقتراح من والي الجهة المعني ‪.‬في حين ان‬
‫احداث التمثيليات اإلقليمية القطاعية يتم بموجب قرار للسلطة الحكومية المعنية ‪.‬‬

‫اما التمثيليات اإلقليمية المشتركة بموجب قرار مشترك للسلطات الحكومية المعنية إما بمبادرة‬
‫منها او بناء على اقتراح من اللجنة الو ازرية الالتمركز اإلداري او باقتراح من عامل العمالة او‬
‫اإلقليم المعني ‪ .‬على ان تعرض كل ق اررات االحداث على السلطات المكلفة بالداخلية و المالية‬
‫واصالح اإلدارة قصد التاشيرة عليها ‪.‬‬

‫وتنفيذا الختصاصات المصالح الالممركزة ‪ ،‬يمارس رؤساء المصالح الخارجية ومختلف العاملين‬
‫تحت امرتهم ‪ ،‬تحت إشراف والي الجهة او عامل العمالة اواالفليم ‪.‬‬

‫ولتنفيذ تصور الدولة لساسية الالتركيز تقوم السلطات الحكومية باعداد تصاميم مديرية لالتركيز‬
‫اإلداري في اجل ستة اشهر من دخول هذا المرسوم حيز النفاذ ‪ ،‬وتحدد مدة سريانها في ثالث‬
‫سنوات ‪ ،‬على انيتم نتفيذها و تحيينها سنويا ‪ ،‬ويتم تنزيلها على المستوى الجهوي في اطار‬
‫تعاقدي بين السلطات الحكومية المعنية ووالي الجهة ورؤساء التمثيليات الجهوية المعنية ‪.‬‬

‫ومن اجل تمكين والي الجهة من ممارسة االختصاصات الموكولة اليه في مجال تنالعمل على‬
‫انسجام والتقائية ووحدة عمل المصالح الالممركزة على المستوى الجهوي ‪ ،‬تحدث لديه وتحت‬
‫رئاسته لجنة جهوية تسمى اللجنة الجهوية للتنسيق ‪ ،‬تناط بها ‪:‬‬

‫‪ -‬تنسيق أنشطة المصالح الالممركزة للدولة او المؤسسات العمومية ؛‬


‫‪ -‬العمل على تحقيق االنسجام و االلتقائية مابين السياسات و البرامج و المشاريع‬
‫العمومية و التصاميم الجهوية العداد التراب و برامج التنمية الجهوية ؛‬
‫‪ -‬العمل على تامين استم اررية الخدمات التي تقدمها المصالح المذكورة ؛‬
‫‪ -‬ابداء الرأي حول مشاريع السياسات و البرامج العمومية للدولة على صعيد الجهات ؛‬

‫‪112‬‬
‫‪ -‬ابداء الراي بخصوص مقترحات البرمجة الميزانياتية لثالث سنواتوتقارير نجاعة األداء‬
‫القطاعية وكذا مخططات الدولة لالستثمار وذلك انسجانا مع توجهات الدولة ؛‬
‫‪ -‬تتبع تنفيذ السياسات العمومية و القطاعية على المستوى الجهوي في ضوء تقارير‬
‫الكتابة العامة للشؤون الجهوية ؛‬
‫‪ -‬اقتراح التدابير الكفيلة بتحسين جودةالخدمات العمومية المقدمة الى المرتفقين على‬
‫مستوى الجهة ؛‬
‫‪ -‬ابداء الراي بخصوص االتفافيات المتعلقة بتنفيذ البرامج و المشاريع العمومية على‬
‫مستوى الجهات ؛‬
‫‪ -‬ابداء الراي بشان عقود البرامج ذات الطابع الجهوي ؛‬
‫‪ -‬دراسة كل القضاياالمحالة من قبل والي الجهة و التي تندرج في مجال اختصاصها ؛‬
‫‪ -‬المصادقة على التقرير السنوي لمنجزات اللجنة و اقتراحاتها ‪.‬‬
‫وتتألف اللجنة الجهوية للتنسيق من ‪:‬‬
‫‪ -‬عمال العماالت و األقاليم التابعة لدائرة النفوذ الترابي للجهة ؛‬
‫‪ -‬الكاتب العام للشؤون الجهوية ؛‬
‫‪ -‬رؤساء مصالح الدولة الالممركزة على صعيد الجهة ؛‬
‫‪ -‬المسؤولون عن المراكز الجهوية لالستثمار و المسؤولون الجهويون للمؤسسات‬
‫العمومية المعنية ‪ .‬ويمكن لوالي الجهة ‪،‬ان يدعو بصفة استشارية ‪ ،‬كل شخص ذاتي‬
‫او اعتباري لحضور اجتماعات اللجنة يرى فائدة في حضوره‪.‬‬
‫ووفق نفس الرؤية ‪ ،‬تحدث لدى عامل العمالة او اإلقليم ‪ ،‬في مجال تنسيق المصالح‬
‫الالممركزة للدولة و المؤسسات العمومية التي تمارس مهامها على مستوى العمالة اة‬
‫اإلقليم ‪ ،‬لجنة تقنية على صعيد العمالة او اإلقليم ‪.‬‬
‫ولتتبع تنفيذ التوجهات العامة لسياسة الدولة في مجال الالتمركز تحدث لدى رئيس‬
‫الحكومة لجنة و ازرية لالتمركز اإلداري تتولى تقديم و اقتراح التدابير الالزمة لتنفيذهذه‬
‫الساسة و السهر على تتبع تنفيذها و تقييم نتائجها ‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬رجال ونساء السلطة‬

‫تضطلع و ازرة الداخلية بدور مهم على مستوى مختلف التقسيمات اإلدارية‪ ،‬وذلك عبر‬
‫حضورها وتواجدها عن طريق هيئة رجال السلطة الذين يعتبرون عصب السلطة المركزية على‬
‫الصعيد الترابي‪ .‬ويراد بعبارة رجال السلطة الموظفون المنتمون على مستوى التسلسل اإلداري‬
‫لوزير الداخلية‪ .180‬والذين يتمتعون بامتيازات وصالحيات واسعة على صعيدالدوائر والمقاطعات‬
‫اإلدارية التي يوجدون على رأسها‪.‬‬

‫سوف نتطرق لتطور النظام القانوني لرجال ونساء السلطة (المطلب األول)‪ ،‬ثم إلى‬
‫أصناف واختصاصاتهم وفق النظام الحالي (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تطور النظام القانوني لهيئة رجال ونساء السلطة‬

‫عرفت هيئة رجال ونساء السلطة تطورات مهمة منذ االستقالل إلى اليوم‪ ،‬فبتاريخ ‪20‬‬
‫مارس ‪ 1956‬صدر ظهيران شريفان يتعلق أولهما بتحديد النظام األساسي لهيئة العمال‬
‫بالعماالت واألقاليم والثاني بتنظيم هيئة "القواد" وكان هذان النصان يتالءمان مع الظروف غداة‬
‫حصول المغرب على استقالله‪ ،‬غير أن عدم صدور مراسيم تطبيق الظهيرين جعلهما يحتفظان‬
‫بصبغة نظامين مبدئين ال يتجاوزان مرحلة التدوين والبيان‪.181‬‬

‫وقد صدرت نصوص أخرى متفرقة تحدد اختصاصات رجال السلطة في مجاالت متعددة‬
‫ونخص بالذكر ظهير التنظيم الجماعي الصادر في ‪ 23‬يونيو ‪ 1960‬وظهير تنظيم العماالت‬
‫واألقاليم ومجالسها في ‪ 12‬شتنبر ‪.1963‬‬

‫إال أن هذه النصوص لم تحدد نظاما أساسيا واضحا لرجال السلطة المحلية إذ أن شروط‬
‫ومقاييس التعيين لم تكن محددة كما أن نظام التأديب لم يضبط بأي نص‪ ،‬األمر الذي دفع‬
‫برجال هذه الهيئة إلى البحث عن ضمانات خارج النصوص القانونية وذلك من خالل تعاطفها‬
‫مع األحزاب السياسية‪ .‬وشكل ظهير فاتح مارس ‪ ،1821963‬بمثابة النظام األساسي الخصوصي‬
‫للمتصرفين بو ازرة الداخلية‪ ،‬استجابة لهذه الضرورة‪ ،‬من خالل سد الفراغ والنقص المالحظين في‬
‫ظهير سنة ‪ ،1956‬إذ حدد اختصاصات رجال السلطة وخلق التجاوب المطلوب بين أعوان‬
‫المصلحة المركزية واألعوان المزاولين مهام القيادة اإلدارية‪ ،‬فضال عن أنه حدد الضمانات‬
‫األساسية التي يجب أن تتمتع بها هذه الفئة من موظفي اإلدارة المركزية‪.‬‬

‫‪-180‬إدريس البصري‪ :‬رجل السلطة‪ .‬مطبوعات كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الرباط‪ ،‬المطبعة الملكية ‪ 1976‬ص‪.14 :‬‬
‫‪ -181‬إدريس البصري‪ :‬نفس المرجع السابق ص‪.64:‬‬
‫‪-182‬الظهير الشريف رقم ‪ 1-63-038‬بشأن النظام األساسي الخصوصي للمتصرفين بوزارة الداخلية الجريدة الرسمية عدد ‪،2629‬‬
‫الصادر في ‪ 15‬مارس ‪ 1963‬ص‪.574:‬‬

‫‪114‬‬
‫ثم جاء ظهير فاتح مارس ‪ 1963‬بشأن متصرفي و ازرة الداخلية‪ ،‬الذي حدد أصنافهم في‬
‫ثالث فئات أساسية‪.183‬‬

‫‪-‬المتصرفون المساعدون‪.‬‬

‫‪-‬المتصرفون‪.‬‬

‫‪-‬المتصرفون الممتازون‪.‬‬

‫يشــتمل ســلك المتص ـرفين المســاعدين علــى ثــالث طبقــات وطبقــة متمــرن وطبقــة اس ــتثنائية‪.‬‬
‫ويعــين المتصـرفون المســاعدون بقـرار لــوزير الداخليــة مــن بــين المرشــحين المتراوحــة أعمــارهم بــين‬
‫خمســة وعشـرين وخمســة وثالثــين ســنة‪ ،‬الحاصــلين علــى دبلــوم المدرســة الوطنيــة أو دبلــوم يعادلــه‬
‫والحاصلون علـى إجـازة فـي التعلـيم العـالي أو شـهادة جامعيـة تعادلهـا‪ ،‬ويمكـن تعيـنهم كمتصـرفين‬
‫مساعدين بالرتبة األولى من الطبقة الثانية (الفصل ‪ 8‬من المرسوم)‪.‬‬

‫ويمكن للمتصرفين المساعدين بمقتضى هذا النص وبمقتضى ظهير ‪ 16‬فبراير ‪،1841977‬‬
‫الذي عدل ظهير ‪ 1‬مارس ‪ ،1963‬الولوج إلى بعض المناصب داخل اإلدارة المركزية أو على‬
‫مستوى المصالح الخارجية لو ازرة الداخلية‪ ،‬كمنصب العامل‪ ،‬الكاتب العام للعمالة أو اإلقليم‪،‬‬
‫رئيس ديوان العامل‪ ،‬رئيس قسم الشؤون االقتصادية واالجتماعية بالعمالة أو اإلقليم‪ ،‬رئيس‬
‫الدائرة‪ ،‬رئيس مكتب الدائرة ورئيس المقاطعة الحضرية أو القروية (الباشا أو القائد)‪.‬‬

‫ويشمل سلك المتصرفين ثالث طبقات (الفصل ‪ ،)4‬ويعينون أيضا بقرار من وزير الداخلية‪،‬‬
‫من بين المتصرفين المساعدين المدرجين في المرتبة الثانية من سلكهم والمسجلين بعد امتحان‬
‫تجريبي في الئحة لألهلية يحددها وزير الداخلية (الفصل ‪ ،)5‬ويؤهلون لبعض أصناف الوظائف‬
‫باإلدارة المركزية وعلى صعيد المصالح الخارجية‪ ،‬في حين يعين المتصرفون الممتازون بواسطة‬
‫مرسوم باقت ارح من وزير الداخلية‪ ،‬من بين المتصرفين المدرجين على األقل في الرتبة السابقة‪،‬‬
‫أو عند االقتضاء من بين المرشحين غير المنتمين لإلدارة والمتوفرين على بعض الشهادات‪ ،‬أو‬
‫اإلجازة والبالغين من العمر ‪ 35‬سنة على األقل (الفصل ‪.)3‬‬

‫ويؤهل المتصرفون الممتازون لنفس الوظائف التي يؤهل لها المتصرفون‪ ،‬والمحددة في‬
‫الفصل الثاني من هذا الظهير‪:‬‬

‫‪-‬رئيس ديوان العامل؛‬

‫‪-183‬ظهير شريف بمثابة قانون رقم ‪ 1-75-168‬الصادر بتاريخ ‪ 25‬صفر ‪ 15 1397‬فبراير ‪ 1977‬يتعلق باختصاصات العامل ج‪.‬ر‬
‫بتاريخ ‪ 25‬ربيع األول ‪ 1397‬الموافق ‪ 16‬مارس ‪ 1977‬عدد ‪ 3359‬ص‪767 :‬‬
‫‪-184‬ظهير شريف بمثابة قانون رقم ‪ 1-75-168‬بتاريخ ‪ 25‬ربيع األول ‪ 1397‬الموافق باختصاصات العامل‪ ،‬ج‪.‬ر الصادرة بتاريخ ‪25‬‬
‫ربيع األول ‪ 1397‬الموافق ‪ 16‬مارس ‪ ،1977‬عدد ‪ ،3359‬ص‪.767 :‬‬

‫‪115‬‬
‫‪-‬رئيس المقاطعة الحضرية أو القروية؛‬

‫‪-‬رئيس الدائرة؛‬

‫‪-‬رئيس المصلحة اإلقليمية للشؤون االقتصادية واالجتماعية؛‬

‫‪-‬الكاتب العام للعمالة أو اإلقليم؛‬

‫‪-‬عامل العمالة أو اإلقليم؛‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أنه إذا كان رجال السلطة يحظون بنص خاص بهم هو ظهير ‪ 1‬مارس‬
‫‪ 1963‬فإنهم بالمقابل يستفيدون من كل المبادئ الواردة في ظهير ‪ 24‬فبراير ‪ 1958‬المتعلق‬
‫بالوظيفة العمومية‪ ،‬غير أن طبيعة المهام المسندة إليهم تفرض عليهم بعض الواجبات‪ ،‬كعدم‬
‫االنتماء إلى حزب أو منظمة نقابية‪.‬‬

‫كما أنهم ال يستفيدون من حق اإلضراب (الفصل ‪ ،)15‬كما تضمن أيضا هذا النص اإلشارة‬
‫إلى واجبات خاصة‪ ،‬وتهدف على الخصوص إلى تجنب كل شبهة معنوية أو مادية وكذا بعض‬
‫الواجبات المهنية األخرى‪ ،‬كعدم مغادرة دوائر نفوذهم إال بعد الحصول على سابق إذن بهذا‬
‫الغرض‪.‬‬
‫ويضمن احترام هذه الواجبات‪ ،‬بفضل السلطة التأديبية التي تقتسمها السلطة المعهود إليها‬
‫بمهمة التعيين‪ ،‬ووزير الداخلية باعتباره أيضا سلطة تسلسلية ورئاسية‪.‬‬
‫ويجدر القول أيضا بأنه في سنة ‪ 1980‬أنشأت مؤسسة الحسن الثاني لألعمال االجتماعية‬
‫لمتصرفي و ازرة الداخلية والتي هدف من وراء إنشائها تقديم الخدمات ذات الطبيعة األسرية‬
‫واالجتماعية لهاته الفئة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أصناف واختصاصات هيئة رجال ونساء السلطة‬
‫من خالل مختلف النصوص القانونية الخاصة برجال السلطة المحلية وانطالقا من‬
‫‪185‬‬
‫وضعيتهم الحالية‪ ،‬وفق ظهير ‪ 31‬يوليوز ‪.2008‬‬
‫فقد ميز ضمن الهيئة بين إطار ودرجات رجال ونساء السلطة‪ ،‬من جهة‪ ،‬والمهام الموكولة‬
‫لهم ميدانيا‪ ،‬من جهة ثانية‪ .‬وهكذا حددت المادة األولى أربعة أطر‪ ،‬موزعة على الدرجات‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪-1‬إطار العمال‪ ،‬وتضم درجة عامل ممتاز ودرجة عامل؛‬
‫‪-2‬إطار الباشوات‪ ،‬ويضم درجة باشا ممتاز ودرجة باشا؛‬

‫‪ 185‬ظهير شريف رقم ‪ 1.08.67‬صادر في ‪ 27‬من رجب ‪ 31( 1429‬يوليوز ‪ )2008‬في شأن هيئة رجال السلطة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪5677‬‬
‫الصادرة في ‪ 27‬أكتوبر ‪ ،2008‬ص‪.3880 :‬‬

‫‪116‬‬
‫‪-3‬إطار القواد‪ ،‬ويضم درجة قائد ممتاز ودرجة قائد؛‬
‫‪-4‬إطار خلفاء القواد‪ ،‬ويضم درجة خليفة قائد ممتاز ودرجة خليفة قائد من الدرجة األولى‬
‫ودرجة خليفة قائد من الدرجة الثانية‪.‬‬
‫أما المهام التي قد توكل لهم فقد حددها الظهير‪ ،‬السالف الذكر‪ ،‬في وال أو عامل أو كاتب‬
‫عام لعمالة أو إقليم أو باشا أو رئيس دائرة أو رئيس منطقة حضرية‪ ،‬أو قائد باإلدارة المركزية أو‬
‫باإلدارة المحلية بو ازرة الداخلية‪ .‬أما باقي رجال السلطة المصنفين في البند الرابع فيتولون مهام‬
‫خليفة قائد باإلدارة المركزية أو المحلية بو ازرة الداخلية‪.‬‬
‫ويمكن تصنيفهم إلى رجال السلطة رئيسيون ‪(supérieurs‬الوالة والعمال) (الفرع األول)‪،‬‬
‫ورجال السلطة تابعين ‪(subalternes‬باقي أصناف رجال ونساء السلطة) (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬رجال السلطة الرئيسيون (الوالة والعمال)‬

‫يقتضي امتداد النشاط اإلداري إقامة مراكز التخاذ القرار عن قرب‪ ،‬لتحقيق االنسجام في‬

‫عمل األجهزة اإلدارية للدولة في مختلف مستوياتها وطنيا ومحليا‪ ،‬بما تفرضه من تمثيل فعال‬

‫لألجهزة المركزية في كل الدوائر ونقل صالحيات وسلطات اتخاذ القرار إليها‪ ،‬تحقيقا للسرعة‬

‫والفعالية في القيام بالوظيفة اإلدارية‪ .‬وهو ما تجسده سياسة الالتركيز اإلداري‪ ،‬التي انصبت على‬

‫تدعيم سلطات المصالح الخارجية ورجال السلطة‪.‬‬

‫فدساتير الدول الموحدة كالمغرب‪ ،‬لم تقف فقط عند حد تنظيمها للسلطات السياسية العليا‬

‫الممارسة للحكم‪ ،‬بل امتدت إلى دسترة المؤسسة الممثلة للسلطة السياسية على امتداد التراب‬

‫الوطني‪ ،‬ونظمت العالقة بينها وبين السلطة المركزية‪ ،‬ونخص بالذكر هنا مؤسسة الوالي‬

‫والعامل‪.‬‬

‫هده الوضعية الدستورية منحت لهيئة العمال والوالة مكانة سامية داخل النسق السياسي‬

‫واإلداري‪ ،‬وما فتئت تتدعم مع توظيف المفاهيم التدبيرية الجديدة لتجسيد الحكامة الجيدة وادارة‬

‫‪117‬‬
‫القرب‪ ،‬حيث انتقلت بهم من مجرد حافظ للنظام واألمن العام إلى محرك ودافع للتنمية‬

‫االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫مما يتطلب تعزيز سلطاتهم لتمكينهم من االضطالع بدورهم األمني والتنموي بأسلوب‬

‫حداثي‪ ،‬لالرتقاء بهم إلى مستوى طموح النص الدستوري‪ ،‬الذي جعل منهم المدبرين بدل فقط‬

‫المنسقين للمصالح الخارجية‪ ،‬لتكريس الالتركيز األفقي وفق المفهوم الجديد للسلطة الذي أعلن‬

‫عنه جاللة الملك‪.‬‬

‫أوال‪:‬مكانة الوالي والعامل في النسق السياسي واإلداري المغربي‬

‫قبل التطرف إلى هذه المكانة السامية يجب التمييز بين الوالي والعامل‪،‬يعد الوالي من رجال‬
‫السلطة وممثل و ازرة الداخلية في دائرته اإلدارية ويعين بظهير شريف على مستوى الوالية‪ ،‬التي‬
‫تتكون من عدد من العماالت واألقاليم‪ .‬أنشأت الوالية في سنة ‪ 1981‬لتستجيب لحاجيات‬
‫التنسيق اإلداري‪ ،‬وكذا الرغبة في تأطير التجمعات الكبرى باعتبارها فضاء يتطلب مقاربة‬
‫تدبيرية جديدة‪.‬‬
‫وقد أحدثت الوالية بمقتضى مرسوم ‪ 28‬يوليوز ‪ 1981‬عقب أحداث الدار البيضاء‪ ،‬حيث‬
‫تم تقسيم المدنية إلى سبع عماالت في والية واحدة‪ ،‬ثم بعد ذلك أحدثت والية الرباط في فبراير‬
‫‪ 1983‬ليصل عددها اليوم إلى حوالي ‪ 17‬والية‪.‬‬

‫فقد ارتبط ظهور منصب الوالي داخل هيئة رجال السلطة بنظام الوالية سنة ‪ ،1981‬التي‬

‫جاءت نتيجة إدماج عدد من العماالت أو األقاليم المتقاربة جغرافيا واقتصاديا واجتماعيا مع‬

‫احتفاظ كل عمالة أو إقليم بصفتها كوحدة لعدم التركيز‪ ،‬تمشيا مع متطلبات الالتمركز‬

‫والالمركزية اإلدارية‪ ،‬ليصبح مؤسسة جهوية لتمثيل الدولة‪ ،‬حيث أسندت إليه مهمة تحقيق‬

‫التكامل بين هاته العماالت واألقاليم المتجاورة في إطار بنية الوالية‪ ،‬التي يتقاسم مسؤولية تدبير‬

‫‪118‬‬
‫وحدتها عدة عمال ويشرف الوالي على مصالحها العامة والتنسيق بين وحداتها من دون أن تكون‬

‫له أية سلطة على باقي عمال الوالية‪ ،‬الذي هو واحد منهم‪.‬‬

‫ويتميز عن هؤالء بدور التنسيق وبعض الوظائف الجهوية الموكولة إليه بصفته ممثل‬

‫الدولة بالجهة سواء في عالقته بالمجالس الترابية (ال تركيز الرقابة) أو بالتدبير الالمتمركز‬

‫لالستثمار (رئاسته للمراكز الجهوية لإلستثمار) دون المساس باستقاللية باقي العمال باستثناء‬

‫‪186‬‬
‫ذلك‪ ،‬والى يومنا هذا‪ ،‬لم تنظم ال وضعية تأطيره اإلداري وال مهامه الوظيفية‪.‬‬

‫وانسجاما مع التوجهات الحديثة لتدبير إدارة الدولة في إطار المفهوم الجديد للسلطة تعززت‬
‫سلطات الوالة بصالحيات ذات بعد اقتصادي واستثماري لتجاوز المنظور األمني الضيق‪ ،‬وهو‬
‫ما عبرت عنه الرسالة الملكية الموجهة إلى الوزير األول سابقا والمتعلقة بالتدبير الالمتمركز‬
‫لالستثمار بتاريخ ‪ 9‬يناير ‪ ،1872002‬والتي أكدت على ضرورة تفويض السلطة إلى والة‬
‫الجهات‪ ،188‬مما جعل منهم محركين أساسيين للعملية االقتصادية في الدوائر اإلدارية التي‬
‫يشرفون على إدارتها‪.‬‬

‫وتعكس طبيعة التعيينات الملكية في هذا المنصب الرهانات التنموية المطروحة على‬
‫الوالة بالجهة‪ ،‬مادام الوالي هو المسؤول المباشر عن المركز الجهوي لالستثمار التابع له‪،‬‬
‫وذلك من أجل الوقوف عند أولويات كل جهة والتدابير الالزمة للنهوض بها‪.‬‬

‫أما الوضعية السامية لهيئة الوالة والعمال في النسق السياسي اإلداري المغربي فتتجلى في‬

‫نقاط متعددة منها‪:‬‬

‫‪ .1‬التعيين من قبل أعلى سلطة في الدولة بظهير بعد اقتراح من وزير الداخلية؛‬

‫‪ 186‬ألول مرة سيتم ذكر الوالي في الدستور الحالي ‪ ،2011‬لكن دون تمييز عن مؤسسة العامل‪ ،‬في الفصل ‪.145‬‬
‫‪-187‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 4970‬بتاريخ ‪ 2002/1/17‬ص‪.75:‬‬
‫‪-188‬أنظر مراسيم التفويض في الجريدة الرسمية عدد ‪ 4984‬بتاريخ ‪ 2002/3/7‬ص‪.483:‬‬

‫‪119‬‬
‫‪ .2‬الدرجة اإلدارية العليا المخصصة لشاغلي الوظائف العليا‪ ،‬والتي تترتب عنها امتيازات‬

‫مادية ومعنوية واجتماعية وواجبات وظيفية؛‬

‫‪ .3‬عالقتهم بالسلطة المركزية باعتبارهم ذا تمثيل مزدوج لجاللة الملك وللحكومة‬

‫‪ .4‬طبيعة مهامهم القيادية كموظفين ساميين مهمتهم تمثيل الدولة بالوحدات الجهوية‬

‫واإلقليمية سواء من حيث‪:‬‬

‫‪ ‬اتخاذ القرار باسمها؛‬

‫‪ ‬أو بالسلطة التسلسلية والتأديبية على المصالح الالممكزة للو ازرات؛‬

‫‪ ‬أو سلطة التنظيم والتسيير الموكولة لهم محليا‪.‬‬

‫تعود أصول مصطلح العامل والوالي إلى فجر التاريخ اإلسالمي‪ ،‬وأصل التسمية هو واضح‬
‫فالعامل هو المكلف بعمل أو مهمة‪ ،‬حيث درج االصطالح اإلداري اإلسالمي منذ عهد الخلفاء‬
‫الراشدين على تسمية المكلف بإدارة اإلقليم بالعمال والمكلف بالجباية يسمى عامل الزكاة والى‬
‫جانبه نجد مصطلح الوالي الذي ال يعني أكثر من التولي والتكليف بمهمة وهي إدارة شؤون إقليم‬
‫ما‪.‬‬

‫ويبدو أن المغرب االستثناء في الدول اإلسالمية والعربية التي احتفظت بمصطلح العامل التي‬
‫تستعمل مصطلحات أخرى كالمحافظ أو المدير‪.‬‬

‫وفي المغرب منذ الدولة المخزنية إلى يومنا هذا عرفت مهمة العامل تطو ار مهما جعلت منه‬
‫قطبا إداريا أساسيا‪ ،‬خاصة على مستوى عدم التركيز اإلداري ومن أجل عرض اختصاصات‬
‫العامل البد أن نقف أوال عند موقع ومكانة العامل في النظام اإلداري المغربي‪.‬‬

‫هذه المكانة السامية تم ترسيخها تشريعيا بعدد من النصوص القانونية منذ بداية االستقالل‪،‬‬
‫ويعتبر الظهير الشريف رقم ‪ 1/56/046‬في ‪ 20‬مارس ‪ 1956‬أو ل نص قانوني صدر ما بعد‬
‫االستقالل ينظم مجاالت تدخل العمال‪ ،‬إذ ينص في فصله الثاني على أن العمال يقومون بتمثيل‬
‫السلطة التنفيذية باألقاليم ويقومون بالمراقبة اإلدارية باتصال بين المصالح الخارجية لمختلف‬
‫المرافق الو ازرية‪ ،‬وهكذا اضطلع العمال في بداية عملهم بمهمة تحقيق االتصال‪ ،‬خاصة وأن‬

‫‪120‬‬
‫التمثيلية المحلية آنذاك كانت في مرحلتها الجنينية ولم تنضج فكرة التنسيق إال مع تضاعف عدد‬
‫المرافق الو ازرية والسيما إحداث مصالح خارجية إضافية‪.‬‬

‫واستجاب ظهير ‪ 1‬مارس ‪ 1963‬المتعلق بالنظام األساسي الخاص بمتصرفي و ازرة الداخلية‬
‫لهذا المطلب من خالل تأكيده في الفصل ‪ 29‬على أن العمال يقومون بتنسيق نشاطات المصالح‬
‫الخارجية للمرافق الو ازرية ومكاتب االستثمار والمؤسسات العمومية" وهذه المرة األولى التي‬
‫استعملت فيها عبارة "التنسيق" نشاطات هذه التمثيليات المحلية‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫المتعلق‬ ‫وسيأتي الظهير الشريف بمثابة قانون المؤرخ في ‪ 15‬فبراير ‪1977‬‬
‫باختصاصات العامل كخطوة أساسية في طريق عدم تركيز عمل الدولة على المستوى اإلقليمي‪،‬‬
‫إذ رسم هذا النص التوجهات األساسية لعمل العامل داخل العماالت أو اإلقليم وجعل منه‬
‫الشخصية المركزية لإلدارة الترابية‪ ،‬بسبب االختصاصات المخولة له ليس اتجاه رجال السلطة‬
‫فحسب بل إزاء مجموع المصالح الخارجية لإلدارات المركزية‪ .‬ثم ظهير ‪ 6‬أكتوبر ‪ ،1993‬المحدد‬
‫إلمكانية تفويض الوزراء العمال التوقيع أو التأشير على جميع الق اررات المتعلقة بأعمال المصالح‬
‫الخارجية التابعة لهم في حدود اختصاصاتهم‪ ،‬وتوج مع دستور ‪ 1996‬ممثال للدولة في العمالة‬
‫أو اإلقليم والجهة‪ ،‬ومرسوم ‪ 2‬دجنبر ‪ 2005‬الخاص بالالتمركز اإلداري‪ ،‬ومرسوم ‪ 30‬أكتوبر‬
‫‪ 2008‬المنظم لتفويض السلطات الحكومية لبعض اختصاصاتهم للعمال‪ ،‬والنظام األساسي لهيئة‬
‫رجال السلطة في نفس السنة‪.‬‬

‫وقد عزز هذا الدور الفصل ‪ 145‬من دستور ‪" ،2011‬يمثل والة الجهات وعمال األقاليم‬
‫والعماالت‪ ،‬السلطة المركزية في الجماعات الترابية‪.‬‬

‫يعمل الوالة والعمال‪ ،‬باسم الحكومة‪ ،‬على تأمين تطبيق القانون‪ ،‬وتنفيذ النصوص التنظيمية‬
‫للحكومة ومقرراتها‪ ،‬كما يمارسون المراقبة اإلدارية‪.‬‬

‫يساعد الوالة والعمال رؤساء الجماعات الترابية‪ ،‬وخاصة رؤساء المجالس الجهوية‪ ،‬على تنفيذ‬
‫المخططات والبرامج التنموية‪.‬‬

‫يقوم الوالة والعمال‪ ،‬تحت سلطة الوزراء المعنيين‪ ،‬بتنسيق أنشطة المصالح الالممركزة لإلدارة‬
‫المركزية‪ ،‬ويسهرون على حسن سيرها‪" .‬‬

‫‪-189‬الظهير الشريف بمثابة قانون رقم ‪ 1.75.168‬بتاريخ ‪ 25‬صفر ‪ 1379‬الموافق ل ‪ 15‬فبراير ‪ 1977‬المتعلق باختصاصات العامل‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 16-3359‬مارس ‪ 1977‬ص‪.767:‬‬

‫‪121‬‬
‫وعلى ضوء هذه المقتضيات‪ ،‬يعتبر الوالة والعمال مجسدين لسلطة الدولة بالعماالت‬

‫واألقاليم والجهات ومطبقين للتوجيهات والتعليمات الملكية‪ ،‬وهي صفة فخرية تعطيهم امتيازات‬

‫مؤسساتية لتنفيذ البرامج التنموية للدولة على الصعيد المحلي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬العامل من مجرد حافظ لألمن والنظام إلى محرك ودافع للتنمية االقتصادية‬

‫واالجتماعية‪.‬‬

‫باعتباره ممثل للدولة محليا‪ ،‬فهو ينوب عن كل األجهزة المركزية في قيادة الرهان التنموي‬

‫ترابيا‪.‬‬

‫إضافة إلى المهام المسندة إلى العامل بمقتضى ظهير فاتح مارس ‪ 1963‬فإن ظهير ‪15‬‬
‫فبراير ‪ ،1977‬منح العامل اختصاصات متنوعة منها ما يرتبط بالجوانب السياسية باعتباره ممثال‬
‫لجاللة الملك ومندوبا للحكومة‪ ،‬ومنها ما يتعلق بالوظائف ذات الطبيعة اإلدارية والتنظيمية فضال‬
‫عن دوره المتجدد انطالقا من التسعينات الذي طال الجوانب التنموية‪.‬‬

‫وقد خضعت أدواره التنموية لتطورات مهمة من بداية االستقالل إلى اليوم‪ ،‬سأبدأ من‬

‫األدوار التقليدية لكونه رجل السلطة األول على المستوى الجهوي واإلقليمي والمسؤول عن‬

‫(‪.)II‬‬ ‫‪190‬‬
‫المحافظة على النظام العام (‪ )I‬قبل االنتقال إلى األدوار الحديثة التنموية الجديدة‬

‫‪ - I‬األدوار التقليدية االعتيادية للعامل‪.‬‬

‫‪-1‬المحافظة على النظام العام‬

‫الشريف الغيوبي‪ :‬دور الوالي والعامل في ميدان التنمية المحلية‪.‬‬


‫تدخل في أشغال المناظرة الدولية والمغاربية المنعقدة في مراكش من ‪ 29‬إلى ‪ 31‬أكتوبر ‪ 2007‬في موضوع "مبدأ التفريع‪ ،‬تجلياته‬
‫وإسهاماته في الديموقراطية والحكامة الجيدة والتنمية البشرية‪ ،‬مقال منشور ضمن أشغال ورشات المناظرة من طرف وزارة الداخلية‪،‬‬
‫‪ 190‬الكتابة العامة‪ ،‬مديرية تكوين األطر اإلدارية والتقنية‪ .‬الورشة الثالثة‪ :‬التفريع والتنمية البشرية والتنمية المستدامة‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫فالعامل يبقى المسؤول األول عن األمن إقليميا ومحليا بجانب رجال السلطة اآلخرين لما له‬

‫أهمية في حماية امن الدولة واألشخاص والممتلكات وهي مهمة تتعقد أكثر مع توسع النمو‬

‫الحضري‪.‬‬

‫ويستعمل عدة وسائل‪:‬‬

‫‪-‬استخباراتية كوسيلة وقائية؛‬

‫‪-‬التعاون والتنسيق مع أطراف أخرى في إطار التواصل وتبادل األخبار واالستشارة للحفاظ على‬

‫األمن‪.‬‬

‫يعتبر العامل المسؤول األول على الحفاظ على النظام العام في العمالة أو اإلقليم ومكنته‬
‫النصوص القانونية من اختصاصات واسعة في هذا المجال وأشار الفصل ‪ 2‬من ظهير ‪15‬‬
‫فب ارير ‪ 1977‬إلى أن "العامل يسهر على تطبيق الظهائر الشريفة والقوانين واألنظمة وعلى تنفيذ‬
‫ق اررات وتوجيهات الحكومة في العمالة أو اإلقليم‪.‬‬

‫ويتخذ في نطاق ممارسته المهام المشار إليها التدابير ذات الصبغة التنظيمية أو الفردية‬
‫طبقا للقوانين واألنظمة المعمول بها"‪.‬‬

‫ومن أجل تأديته لمهامه في مجال المحافظة على النظام العام وكذا مراقبة وتتبع ما يحدث‬
‫في العمالة أو اإلقليم خول للعامل استعمال القوة إذا اقتضى األمر ذلك الجتناب كل ما قد يعرقل‬
‫األمن والنظام‪ ،‬ولقد صدر منشور ‪ 3‬فبراير ‪ 1959‬من رئاسة الحكومة يحدد الشروط التي تخول‬
‫للعامل استعمال القوة العمومية إذ له الحق في استعمال القوات المساعدة‪ .‬وقوات الشرطة‬
‫واالستعانة بالدرك الملكي والقوات المسلحة طبق الشروط المحددة في القانون (الفصل ‪ 3‬من‬
‫ظهير ‪ 15‬فبراير ‪.)1977‬‬

‫واذا كانت تدابير الشرطة اإلدارية تعمل على الوقاية من كل ما يمكن أن يكدر صفو‬
‫األمن والنظام وتسعى إلى الحيلولة دون وقوعها‪ ،‬فللعامل أيضا وبمقتضى الفصل ‪ 33‬من‬
‫المسطرة الجنائية صفة ضابط للشرطة القضائية‪ ،‬إذ يقوم بالتدخل بعد وقوع األحداث من أجل‬

‫‪123‬‬
‫التثبت من محتواها وجمع األدلة المتعلقة بها ومالحقة مرتكبيها‪ .191‬إال أن تدخل العامل‬
‫وحضوره كضابط للشرطة القضائية يخضع لشروط حددها القانون‪ ،‬إذ أنه يجوز له التدخل فيما‬
‫إذا ارتكبت جناية أو جنحة ضد سالمة الدولة الداخلية أو الخارجية وكان األمر يقضي‬
‫االستعجال أن يجري بنفسه جميع اإلجراءات الالزمة للتحقيق‪ .‬كما يجوز له أن يطلب كتابة من‬
‫ضباط الشرطة القضائية المختصين للقيام بذلك وذلك فيما إذا كان ال يعلم أن السلطة القضائية‬
‫قد بدأت في مباشرة القضية‪.‬‬

‫وفي حالة قيامه باستعمال هذا الحق‪ ،‬فيتعين عليه أن يخبر وكيل الملك بذلك‪ ،‬وأن يتخلى‬
‫عن القضية للسلطة القضائية خالل الثالث أيام الموالية لشروعه ذلك‪ ،‬وعليه أيضا أن يرجع‬
‫جميع الوثائق وأن يسلم جميع األشخاص الذين وقع عليهم القبض لوكيل الملك‪.‬‬

‫‪-‬الوظائف السياسية للعامل‪:‬‬

‫أوكلت للعمل مهمة تمثيل جاللة الملك في العمالة أو اإلقليم وفق الفصل األول من ظهير‬
‫‪ 15‬فبراير ‪ 1977‬فضال عن كونه مندوبا للحكومة‪ .‬وقد غطت هذه االختصاصات التي تم‬
‫تحديده ا حي از واسعا يتجاوز الحقل اإلداري ويهم على السواء السياسة واالقتصاد وكذا الشؤون‬
‫االجتماعية‪.‬‬

‫ويجسد العامل الذي تتم تسميته بظهير شريف وباقتراح من وزير الداخلية السلطة‬
‫السياسية للحكومة ألن من واجبه أن يخبر الحكومة بتطور الرأي العام في دائرة نفوذه ومن واجبه‬
‫ال عمل على تسهيل تطبيق التدابير الحكومية‪ .‬ولهذا الغرض يحرص العامل على نسج اتصاالت‬
‫وثيقة مع المنتخبين المحليين وممثلي المجموعات االجتماعية األساسية‪.‬‬

‫وباعتباره مندوبا للحكومة فعليه تقوم مسؤولية تزويد السكان بالمعلومات الخاصة بالسياسة‬
‫الحكومية وعليه األخبار واإلعالم والتفسير‪ ،‬ولذا فهو مطالب باالتصال بمختلف الفعاليات‬
‫االقتصادية والمهنية والرياضية والثقافية‪ .‬وبجانب هاته المهمة يضطلع العامل بتنفيذ القوانين‬
‫والنصوص التنظيمية الصادرة عن الحكومة في دائرة نفوذه‪ .‬فطبقا لمقتضيات الفصل ‪ 145‬من‬
‫الدستور يقوم العامل بتنفيذ القوانين والق اررات الحكومية‪.‬‬

‫‪-‬العامل أمين السلطة المركزية غير المتمركزة‪:‬‬

‫ينص الفصل الخامس من ظهير ‪ 15‬فبراير ‪ 1977‬على ما يلي‪ '':‬يتولى العامل تنسيق‬
‫أعمال المصالح الخارجية لإلدارات المدنية التابعة للدولة وأعمال المؤسسات العمومية التي ال‬

‫‪-191‬الحبيب بيهي‪ :‬شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد (الجزء األول) سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية (عدد ‪ )56‬منشورات المجلة‬
‫المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪.‬الطبعة األولى ‪ 2004‬ص‪.109:‬‬

‫‪124‬‬
‫يتجاوز اختصاصها الت اربي نطاق العمالة أو اإلقليم''‪ .‬وهكذا تستثنى اإلدارة العسكرية‪ ،‬بينما‬
‫المؤسسات العمومية تخضع بمجموعها إلى هذا التنسيق‪ ،‬وكذلك الشأن بالنسبة لشركات االقتصاد‬
‫المختلط التي تستفيد من مساعدات الدولة‪.‬‬
‫‪192‬‬
‫ومن أجل تفعيل دور العامل في مجال التنسيق أنشأت لجنة تقنية للعمالة أو اإلقليم‪،‬‬
‫والتي حدد تكوينها الفصل ‪ 5‬من ظهير ‪ 15‬فبراير ‪ 1977‬والتي وضحتها الرسالة الملكية‬
‫الصادرة في ‪ 19‬نوفمبر ‪ ،1993‬وعلى إثر الرسالة الملكية بعث وزير الداخلية منشو ار إلى الوالة‬
‫والعمال يشرح فيها اختصاصاتهم الجديدة‪ ،‬ودور اللجنة التقنية لعمال اإلقليم‪ ،‬كما عمل المنشور‬
‫على توضيح المقتضيات الجديدة التي تضمنها الظهير الصادر في ‪ 16‬أكتوبر ‪ .1996‬وتتكون‬
‫هذه اللجنة من العامل بصفته رئيسا والكاتب العام للعمالة أو اإلقليم ورؤساء الدوائر ورؤساء‬
‫المصالح الخارجية لإلدارات المركزية التابعة للدولة ومديري المؤسسات العامة ذات االختصاص‬
‫المحلي‪ ،‬وكل شخص يرى العامل أنه من ذوي األهلية*‪ 1‬األقل‪ .‬ويمكن استدعاؤها كل مرة إذا‬
‫رأى العامل ذلك مناسبا‪ ،‬وهي تساعد العامل في المهام الرئيسية التالية‪:‬‬

‫‪-1‬المصادقة على جزء من مخطط التنمية االقتصادية واالجتماعية الخاص بالعمالة أو‬
‫اإلقليم‪.‬‬

‫‪-2‬حسن التنفيذ لألعمال المحددة في مخطط التنمية االقتصادية واالجتماعية وتنسيق‬


‫إنجازها‪.‬‬

‫‪-3‬القيام بمهمة التنسيق‬

‫‪-4‬تنفيذ مقررات مجالس العماالت واألقاليم‪.‬‬

‫وبموجب ظهير فبراير ‪ 1977‬والمعدل بمقتضى ظهير ‪ 6‬أكتوبر ‪ 1993‬يتوفر العامل‬


‫على اختصاصات مهمة في الميدان االقتصادي خاصة من خالل سلطة التنسيق المخولة إليه‪.‬‬

‫‪-‬العامل وممارسة السلطة الرئاسية‬

‫بمقتضى الفصل السادس من ظهير ‪ 15‬فبراير ‪ 1977‬يراقب العامل تحت سلطة الوزراء‬
‫المختصين النشاط العام والموظفين وأعوان المصالح الخارجية لإلدارات المدنية التابعة للدولة‬
‫المزاولين عملهم في العمالة أو اإلقليم‪ ،‬ويسهر داخل حدود اختصاصاته الترابية على حسن‬

‫‪ 192‬حول تشكيل ودور هده اللجنة انظر‪ :‬عبد الفتاح البجيوي‪ :‬مؤسسة الوالي والعامل وآفاق عدم التمركز اإلداري بالمغرب‪ .‬سلسلة‬
‫مؤلفات وأعمال جامعية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،2014 ،100‬ص‪ 123 :‬وما يليها‪.‬‬
‫‪-1‬منشور حول اختصاصات العامل‪ :‬دور اللجنة التقنية للعمالة أو اإلقليم الصادر عن وزير الدولة في الداخلية واإلعالم في ‪ 22‬نوفمبر‬
‫‪ ،1993‬واللجنة التقنية للعمالة أو اإلقليم تجتمع مرة واحدة في الشهر على األقل‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫تسيير المصالح العمومية وكل مؤسسة أخرى تستفيد من إعانة الدولة أو الجماعات المحلية‪،‬‬
‫وذلك باستثناء المحاكم‪.‬‬

‫ويمارس هذه السلطة بصفة مباشرة على مختلف الموظفين التابعين للمصالح الخارجية‬
‫لو ازرة الداخلية تحت سلطة وزير الداخلية باعتباره رجل السلطة األول في العمالة أو اإلقليم‪ ،‬وهو‬
‫بهذا يشرف على أعمال رؤساء الدوائر ورؤوساء المقاطعات الحضرية والقروية‪.‬‬

‫وبالنسبة ألعوان وموظفي المصالح الخارجية لإلدارات المدنية للدولة والمزاولين عملهم في‬
‫العمالة أو اإلقليم يقوم العامل بالسهر على حسن سير المصالح العمومية‪ ،‬كما يقوم أيضا‬
‫باطالع الوزراء المختصين على السلوك العام والخاص لكافة الموظفين وأعوان الدولة‪ ،‬إذ يقوم‬
‫بتوجيه تقرير سنوي عن سلوك رؤساء المصالح ومساعديهم المباشرين العاملين في العمالة أو‬
‫اإلقليم‪ ،‬ويجوز له في حالة خطأ فادح يمس السير العادي للمصالح العمومية للدولة توقيف كل‬
‫عون مسؤول عن الخطأ المذكور‪ ،‬وفي هذه الحالة يجب على العامل إخبار الوزير المختص‬
‫على الفور بتدبير التوقيف الذي اتخذه‪ ،193‬وال تنطبق هذه المقتضيات على موظفي المحاكم‬
‫العاملين في العمالة أو اإلقليم‪ ،‬كما أن العامل أيضا يطلع سلفا على كل انتقال أو تعيين لرؤساء‬
‫المصالح الخارجية للو ازرات ومساعديهم المباشرين فيكون له كلمة في كل تعيين أو تنقيل ال يخدم‬
‫مصالح العمالة أو اإلقليم‪.‬‬

‫‪-4‬دور العامل في ميدان عدم تركيز االعتمادات‬

‫تعززت سلطة العامل بآلية أخرى نص عليها الفصل السابع من ظهير ‪ 15‬فبراير ‪1977‬‬
‫إذ أصبح بإمكان العامل تعيين آم ار مساعدا بدفع النفقات من االعتمادات المدرجة في حساب‬
‫األموال الخصوصية رقم ‪ 56/05‬الحامل عنوان "األموال الخصوصية للتنمية الجهوية" وذلك‬
‫طبقا للشروط المنصوص عليها في الفصل ‪ 64‬من المرسوم الملكي الصادر في ‪ 21‬أبريل‬
‫‪ 1967‬بسن نظام للمحاسبة العمومية‪ ،‬ويمكن كذلك للعامل أن عين آم ار مساعدا بدفع نفقات‬
‫االستثمار من اعتمادات الميزانية المتعلقة بالعمليات الخاصة للعمالة أو اإلقليم شرط أن تكون‬
‫مدرجة في الئحة يحددها وزير المالية والسلطة الحكومية المكلفة بالتخطيط والوزراء المعنيين‬
‫باألمر‪.194‬‬

‫‪-193‬ظهير ‪ 6‬أكتوبر ‪ 1993‬رقم ‪ 293-93-1‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 4223‬بتاريخ ‪ 6‬أكتوبر ‪ 1993‬ص ‪.1911‬‬
‫‪-194‬تم تبني عدة نصوص تبين روح مسطرة عدم تركيز االعتمادات ومن بينها‪:‬‬
‫مناشير الوزير األول‪ :‬رقم ‪ /153‬بتاريخ ‪ 12‬أكتوبر ‪ 1974‬بشأن الصندوق الخاص بالتنمية الجهوية رقم ‪/177‬د بتاريخ ‪ 22‬ماي ‪1975‬‬
‫بشأن مسطرة استعمال الصندوق الخاص بالتنمية الجهوية رقم ‪/320‬د بتاريخ ‪ 19‬أبريل ‪ 1979‬في شأن الالمركزية وعدم تركيز‬
‫االعتمادات‪.‬‬
‫‪-‬منشور وزير الداخلية رقم ‪/103‬م‪.‬د‪.‬ح بتاريخ ‪ 20‬ابريل ‪ 1979‬بشأن عدم تركيز االعتمادات‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫‪ .1‬للعامل دور في الوقاية المدنية والمحافظة على الصحة من خالل التتبع والزيارات‬

‫الميدانية لمراقبة الوسائل الوقائية للمواد والمحالت أو لتنظيم عمليات اإلغاثة واإلنقاذ‪.‬‬

‫‪ .2‬للعامل دور في ممارسة الحريات العامة المتمثلة في تأسيس الجمعيات والنقابات‬

‫وضبط التجمعات العمومية والصحافة والنشر من خالل ضوابط تحمي ممارسة هذه الحريات‬

‫وتحافظ على النظام العام والسلم االجتماعي؛‬

‫‪ .3‬للعامل دور في تنظيم العمليات االنتخابية بشكل نزيه ومحايد‪.‬‬

‫إن مختلف هذه االختصاصات التقليدية تم تحديثها لمواجهة المخاطر المعاصرة بطرق‬

‫متطورة وتجاوز األساليب البيروقراطية انسجاما مع المفاهيم الحديثة للحكامة واالستدراك لبناء‬

‫جهاز إداري فعال عبر آليات‪:‬‬

‫‪ -‬التنسيق؛‬

‫‪ -‬السرعة في األداء؛‬

‫‪ -‬االنتشار الجيد؛‬

‫‪ -‬التدبير عن قرب؛‬

‫‪ -‬االقتصاد في التسيير؛‬

‫‪ -‬النهوض باألمن االقتصادي واالجتماعي؛‬

‫‪ -‬االنفتاح على المحيط‪.‬‬

‫فأين تتجلى األدوار التنموية؟‬

‫‪ II‬األدوار التنموية الحديثة للعامل‬

‫‪127‬‬
‫تعززت اختصاصات العامل بوظيفة مهمة وهي الوظيفة التنموية إذ فضال عن‬
‫االختصاصات التي أنيطت به أصبح للعامل اليوم‪ ،‬وبخاصة مع التوجهات الجديدة لمفهوم‬
‫السلطة وممارستها‪ ،‬دو ار مهما في المجال التنموي‪ ،‬إذ أصبح االعتقاد راسخا بأن الوظيفة األمنية‬
‫ال يمكن أن تستقيم إال بجعلها ضمن منظور تنموي يهدف إلى جعل األمن في خدمة التنمية‪.‬‬

‫فموقع العامل في العمالة أو اإلقليم ورئاسته واشرافه على عمل مجموعة من المصالح‬
‫تجعل منه محركا أساسا للعملية التنموية‪ ،‬إذ أن سلطاته ال تتوقف فقط في تسيير وتدبير ما‬
‫يتوفر عليه من إدارات ومرافق بل أيضا في وضع تحريك كل الوسائل الكفيلة بإنعاش العملية‬
‫االقتصادية واالستثمارية في دائرة نفوذه‪.‬‬

‫ولتمكينه من ذلك صدر في ‪ 6‬أكتوبر ‪ 1996‬المعدل لظهير ‪ 10‬أبريل ‪ 1957‬بشأن‬


‫تفويض الوزراء إلمضاءاتهم‪.‬‬

‫وتزداد مسؤولية العامل التنموية من خالل إشرافه ورقابته على عمل المجالس المنتخبة‪ ،‬إذ‬
‫أن عليه تحريك جميع الفاعلين المحليين من أجل تحقيق تنمية أكبر‪.‬‬

‫يتطلب تحقيق األمن االقتصادي واالجتماعي كمعيار حداثي يتحقق به االستقرار والسلم‬

‫االجتماعي‪ ،‬الذي يسعى إلى تحقيقه العامل محليا من خالل تحويل المقاربة األمنية السائدة في‬

‫الماضي إلى هم اقتصادي يعمل على حل المشاكل االجتماعية‪ ،‬عن طريق اإلسراع برفع‬

‫معدالت التنمية االقتصادية خاصة بالقطاعات المنتجة والتغلب على اإلكراهات التي تقلص‬

‫معدالت نموها في ظل توجهات الدولة المعتمدة على المبادرة الحرة وتشجيع االستثمارات المحلية‬

‫والدولية‪.‬‬

‫ويتوفر العامل على آليات دستورية وقانونية تخول له قيادة الرهان التنموي من خالل‪:‬‬

‫‪ .1‬إشرافه على تنفيذ مشاريع وبرامج ومخططات الدولة محليا؛‬

‫‪ .2‬توفير التنسيق الضروري بين الجهات المعنية لبلوغ األهداف المرسومة؛‬

‫‪ .3‬إنعاش النشاط االقتصادي لقطاعات متعددة كالفالحة والصناعة والسياحة؛‬

‫‪128‬‬
‫حيث يقوم بتسوية قضايا اقتصادية متنوعة يلعب فيها دور المحرك والمنعش والمتتبع لتنفيذ‬

‫سياسة الحكومة من خالل رئاسته لعدة لجان تهم إنعاش كل قطاع‪.‬‬

‫‪ .4‬التنسيق بين جميع األجهزة اإلدارية والتقنية المتدخلة في عملية توفير البنية التحتية‬

‫وتنفيذ المشاريع الحكومية من خالل ترأسه للجنة التقنية للعمالة أو اإلقليم التي يجتمع بها بشكل‬

‫منتظم وتضم كل الفعاليات االقتصادية واالجتماعية المحلية‪.‬‬

‫‪ .5‬ولتعزيز الدور التنموي للوالي‪ ،‬أسندت إليه مهمة تشجيع المبادرة الخاصة من خالل‬

‫تقديم المساعدة للمقاولين وتبسيط اإلجراءات اإلدارية أمام المقاوالت عبر آلية المراكز الجهوية‬

‫لالستثمار التي أحدثت تحت رئاسته‪ ،‬تجسيدا للمفهوم الجديد للسلطة بجعل اإلدارة في خدمة‬

‫المواطن والمستثمر حيث‪ ،‬حققت نتائج مرضية على مستوى إنشاء المقاوالت وانعاش االستثمار‬

‫رغم بعض الصعوبات اإلجرائية‪.‬‬

‫إضافة إلى العمل على تسريع انساق النمو االقتصادي الترابي لمواجهة تحديات التنافسية‬

‫الدولية‪ ،‬أصبح العامل ملزما أكثر من أي وقت مضى بتوجيه عنايته للتوازنات االجتماعية‬

‫الترابية وبذل جهوده واجتهاداته لتحقيق السلم والتماسك االجتماعي‪ ،‬فبطء النمو االقتصادي في‬

‫المغرب لسنين انعكس سلبا على القطاعات االجتماعية‪ ،‬مما يجعل العامل يتدخل‪:‬‬

‫‪ .1‬لما لديه من سلطات لدى القطاع العام والخاص والجماعات الترابية للنهوض‬

‫بالمجاالت االجتماعية األساسية كالتشغيل والتعليم والصحة والسكن‪،‬‬

‫‪129‬‬
‫‪ .2‬اتخاذ عدد من التدابير للتخفيف من ظاهرة الفقر والتهميش من خالل إشرافه على‬

‫لجان المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تتكلف بكل برامج ومشاريع المبادرة من اإلعداد إلى‬

‫المتابعة والتقييم؛‬

‫‪ .3‬سهره على تقديم جميع أشكال المساعدات في إطار العمل االجتماعي التضامني الذي‬

‫تقوم به مؤسسة محمد الخامس للتضامن‪.‬‬

‫بجانب األدوار االقتصادية واالجتماعية للعامل‪ ،‬هناك وظائف تنموية أخرى يتداخل فيها‬

‫العمل السياسي بالعمل اإلداري من بينها‪:‬‬

‫‪ .1‬وظيفة الوساطة والتحكيم‪ :‬وهي وظيفة تمليها صراعات المصالح الفئوية ومختلف‬

‫النزاعات السياسية واالقتصادية واالجتماعية التي تعقد الحياة المهنية للعامل وهنا تبرز بالتحديد‬

‫مهارة العامل وحذقه الدبلوماسي في صنع الحوار وتسوية الخالفات واستخدام كافة الوسائل‬

‫للنجاح في مهمته؛‬

‫‪ .2‬وظيفة اإلخبار‪ :‬لما لها من أهمية خاصة سواء إلطالع الحكومة على األحداث‬

‫المحلية واألوضاع االقتصادية واالجتماعية التي على أساسها تتخذ ق ارراتها في مختلف‬

‫المجاالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية أو إخبار المواطنين لخلق تواصل بينها وبين‬

‫‪195‬‬
‫المواطن لتوضيح الخطوط العريضة لسياستها؛‬

‫‪195‬محمد كرامي‪ :‬القانون اإلداري‪ ،‬التنظيم اإلداري‪ ،‬النشاط اإلداري‪ .‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ .2015 ،‬ص‪.70 :‬‬

‫‪130‬‬
‫لتنظيم أوجه الحياة العامة في مجاالت‬ ‫‪196‬‬
‫‪ .3‬ممارسة مهام الشرطة اإلدارية الخاصة‬

‫متعددة عن طريق‪:‬‬

‫‪ -‬اإلذن‬

‫‪ -‬المنع‬

‫‪ -‬الترخيص‬

‫‪ -‬التنظيم‬

‫‪ -‬المراقبة‬

‫على أساس النصوص القانونية والتنظيمية التي تخوله اتخاذ ق اررات تنظيمية وفردية تحت‬

‫المراقبة القضائية‬

‫‪ .4‬ممارسة الشرطة االقتصادية‪ :‬من خالل عدة نصوص لتنظيم وضبط مختلف‬

‫األنشطة االقتصادية والمهنية وحماية المستهلك؛‬

‫‪ .5‬تنظيم ومراقبة األسعار على ضوء قانون حرية األسعار والمنافسة الذي املته‬

‫التحوالت االقتصادية والتجارية الدولية‪ ،‬لتنظيم السوق وتلبية حاجيات المستهلك انسجاما مع‬

‫الضوابط الليبرالية‪.‬‬

‫من خالل ما سبق‪ ،‬يتضح بأن الوالي او العامل‬

‫‪ -‬يشرف‬

‫‪ -‬يتابع‬

‫انظر عبد العزيز أشرقي‪ :‬الشرطة اإلدارية والممارسون لها والنصوص القانونية المنظمة المتعلقة بها‪ .‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة‬
‫‪196‬األولى‪ ،2006 ،‬ص‪ 122 :‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫‪ -‬يراقب‬

‫‪ -‬وينسق‬

‫وهذه اآلليات غير كافية لتنزيل مقتضيات الدستور الحالي ‪.2011‬‬

‫ثالثا‪ :‬تعزيز سلطة العامل للقيام بدوره األمني والتنموي بأسلوب حداثي‪.‬‬

‫التستطيع األجهزة اإلدارية المركزية القيام بنفسها بالمهام اإلدارية‪ ،‬عبر جميع أرجاء التراب‬

‫الوطني‪ ،‬إال عن طريق مصالحها الالممركزة التي تحتاج في أداء مهامها إلى‪:‬‬

‫‪-‬إمكانيات مادية وبشرية وتقنية؛‬

‫‪ -‬والى انسجام من دون اإلخالل بوحدة الدولة‪.‬‬

‫وقد بدلت الدولة لتحقيق االنسجام للعمل الحكومي على المستوى المحلي الذي يتعارض‬

‫مع أسلوب الالتركيز العمودي‪ ،‬جهودا متواصلة لترسيخ تنسيق أفقي تحت سلطة العامل من‬

‫خالل آليات متعددة‪:‬‬

‫‪ .1‬رئاسته للجان اإلقليمية واللجنة التقنية للعمالة أو اإلقليم؛‬

‫‪ .2‬اختصاصاته الرقابية والتأديبية اتجاه رؤساء المصالح الخارجية؛‬

‫‪ .3‬توجيهه تقري ار سنويا إلى الحكومة عن حالة االستثمارات المقررة من لدن كل و ازرة‬

‫معنية باألمر واقتراحه كل تدبير يراه مناسبا؛‬

‫‪ .4‬إمكانية تعيينه آم ار مساعدا بالصرف لدفع نفقات االستثمار المتعلقة بعمليات خاصة‬

‫بالعمالة أو اإلقليم‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫كل هذه اإلجراءات الهدف منها هو ضمان الوحدة التنظيمية لعمل الو ازرات واألشخاص‬

‫العمومية األخرى والفاعلين االقتصاديين واالجتماعيين‪ ،‬وتعتبر مؤسسة الوالي أو العامل ركيزة‬

‫أساسية لالتركيز باعتباره نقطة التقاء بين فاعلي اإلدارة المحلية بشقيها المركزي والالمتمركز لذا‬

‫فهي تحتاج إلى مزيد من اإلصالحات لدعم اختصاصاتها وامكانياتها للتدبير عن قرب عبر‪:‬‬

‫‪ .1‬تكريس الالتمركز األفقي والتقليص من المركزية التي ال زالت تعاني منها اإلدارة‬

‫المغربية؛‬

‫‪ .2‬إق ار ار توزيع منسجم المصالح الالممركزة؛‬

‫‪ .3‬إعطاء مزيد من االهتمام لالتمركز اإلداري وتوفير اإلمكانيات المادية والبشرية‬

‫وسلطة اتخاذ القرار للمصالح الخارجية تحت قيادة العامل لتواكب الالمركزية؛‬

‫‪ .4‬دعم عدم الالتمركز على الصعيد الجهوي واقرار آلية للتنسيق على هذا المستوى‬

‫لتحقيق تنمية جهوية متوازنة؛‬

‫‪ .5‬تقوية عالقة الوالي أو العامل بالحكومة وخلق عالقة مباشرة بين العامل ورئيس‬

‫الحكومة؛‬

‫‪ .6‬إعطاء مزيد من التفويضات للوالة والعمال وتكريسهم كأمرين مساعدين بالصرف لدى‬

‫المصالحالالممركزة؛‬

‫‪ .7‬تمكين العامل من سلطة فعلية لتدبير مصالح الدولة محليا واتخاذ تصرفات قانونية‬

‫تمتد إلى القيادة والتنظيم والتسيير‪ ،‬كما نص على ذلك الفصل ‪ 145‬من الدستور‬

‫وعدم اقتصاره على مهمة التنسيق؛‬

‫‪133‬‬
‫وفي الختام‪ ،‬يمكن القول رغم هذه الثغرات‪ ،‬فاإلصالحات التي أجرتها السلطات مؤشرات‬

‫على التحول التدريجي لخلق مناخ جديد‪ ،‬حمل معه إدارة تجديد ممارسة السلطة بتقليص الدور‬

‫السياسي للعامل لفائدة دوره اإلداري‪ ،‬التدبيري والتنموي من أجل تكريس انسجام فعلي في عمل‬

‫الو ازرات محليا تحت قيادة الوالة والعمال‪.‬‬

‫‪-‬العامل والهيئات الالمركزية‬

‫يضطلع العامل إضافة إلى الوظائف السالف ذكرها بمهمة تمثيل سلطة الرقابة أو‬
‫الوصاية سابقا على الهيئات الالمركزية العاملة في مجال نفوذه‪ .‬وهكذا يمنح ظهير ‪1977‬‬
‫ومرسوم ‪ 20‬أكتوبر ‪ 1993‬بشأن الالتركيز اإلداري دو ار في مراقبة وتسيير نشاط المؤسسات‬
‫العمومية‪ ،‬إال أنه وفي عالقته بالمؤسسات العمومية ال يعتبر سلطة وصاية على جميع‬
‫المؤسسات العمومية المتواجدة داخل دائرة نفوذه‪ ،‬إذ أن البعض منها كالجامعات ومكاتب‬
‫االستثمار الفالحي ال يملك اتجاهها العامل سلطة الوصاية إال أنها مطالبة باإلدالء ببعض‬
‫المعلومات الالزمة إلخبار مجالس العماالت واألقاليم وفق منشور وزير الداخلية ‪ 22‬نوفمبر‬
‫‪.1993‬‬

‫وفي عالقته بالجماعات الترابية‪ ،‬والتي هي الجهات والعماالت واألقاليم والمجالس‬


‫الجماعية الحضرية والقروية‪ ،‬يقوم بتمثيل السلطة الوصية (و ازرة الداخلية)‪ ،‬من خالل أوجه‬
‫مختلفة بدءا من المراحل األولى لعملية انتخاب األجهزة المسيرة لها مرو ار بمرحلة فرز األصوات‬
‫واعالن النتائج وانتهاء بعمل وسلطات هذه المجالس من خالل الرقابة على أعضائها أو على‬
‫‪197‬‬
‫أعمالها أو على أموالها‪.‬‬

‫وانطالقا من حجم وطبيعة الصالحيات الممنوحة للعامل يتضح التصور والمنطق الذي‬
‫يحكم الدولة في مجال التدبير اإلداري للوحدات الترابية‪ ،‬إذ أن الحضور القوي والكثيف للعامل‬
‫على صعيد اإلدارة المركزية مع الالتمركز أو على صعيد الالمركزية يكشف عن هيمنة اإلدارة‬
‫المركزية‪ ،‬وخاصة ممثلي و ازرة الداخلية على مختلف المستويات اإلدارية األخرى السيما‬
‫المنتخبة‪ ،‬األمر الذي يضع مسؤولية أكبر على الوحدات الالمركزية وخاصة الجماعات الترابية‬
‫في تحقيق األهداف المرجوة منها والتي حكمها إنشاءها‪.‬‬

‫‪ 197‬انظر في هذا السياق القوانين التنظيمية الثالث الخاصة بالجماعات الترابية ‪ 111.14-111.13-111.12‬الصادرة سنة ‪.2015‬‬

‫‪134‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬رجال السلطة التبعيون ‪les agents d’autorité subalternes‬‬

‫وهم أصناف متعددة‪:‬‬

‫‪-1‬الكاتب العام للعمالة أو اإلقليم‪.‬‬

‫يتم تعيينه من قبل وزير الداخلية‪ ،‬وقد حدد الفصل ‪ 30‬من ظهير ‪ 1‬مارس ‪1963‬‬
‫اختصاصه في مساعدة العامل‪ ،‬وكذا اإلشراف على أعمال مصالح العمالة أو اإلقليم‪ ،‬ويساعده‬
‫أيضا في القيام بمهام التنسيق العام ويمثل العامل إذا عاقه عائق في سائر اختصاصاته‪ ،‬ما لم‬
‫يصدر وزير الداخلية مقرر بخالف ذلك‪.‬‬

‫‪-2‬الباشا‬

‫يشرف الباشا على المقاطعات الحضرية‪ ،‬ويمثل السلطة التنفيذية داخلها ويقوم بأعمال‬
‫سلطات التنظيم انسجاما مع صفته كرجل سلطة ويقوم بتنفيذ صالحياته تحت إشراف العامل‪،‬‬
‫وبمقتضى التعديل الذي أدخل على ظهير ‪ 15‬فبراير ‪ 1977‬في سنة ‪ 1982‬أنيطت بالباشا‬
‫مهام شبيهة بمهام العامل حيث أنه أصبح المسؤول عن تنفيذ الظهائر والقوانين واللوائح وكذا‬
‫تنفيذ الق اررات الصادرة عن اإلدارة‪.‬‬

‫‪-3‬رئيس الدائرة ‪chef de cercle‬‬

‫يقوم رئيس الدائرة بتمثيل السلطة التنفيذية ويعمل تحت إشراف العامل على تنفيذ القوانين‬
‫والمراسيم والقرارت‪ ،‬وكذا الحفاظ على النظام العام والسكينة العامة ويضطلع أيضا بتنشيط‬
‫ومراقبة عمل المقاطعات التي توجد في حدود الدائرة‪ ،‬وذلك تحت إشراف العامل‪.‬‬

‫‪-4‬القائد‬

‫يمثل كل من القائد والعامل عمودان ضروريان في التنظيم اإلداري‪ ،‬يمارس مهامه تحت‬
‫إشراف ومراقبة رئيس الدائرة‪ ،‬إذ يقوم بتأمين العديد من المهام على صعيد مقاطعته حيث يقوم‬
‫بأعمال التدبير المتعلقة بالمرافق اإلدارية الترابية وتقديم المساعدة للمجالس الجماعية‪ ،‬إذ يعتبر‬
‫مخاطبا مفضال للجماعات وكذا محاو ار مهما خاصة فيما يتعلق بحل بعض المشاكل والتوترات‬
‫التي تحدث داخل الجماعة‪.198‬‬

‫‪-SAMADI (M): le pouvoir local quel rôle pour l’agent d’autorité ? Mémoire du diplôme de cycle‬‬
‫‪198‬‬

‫‪supérieur E.N.A 1994, p : 45.‬‬

‫‪135‬‬
‫وقد أنيط بهم مهمة تمثيل السلطة التنفيذية‪ ،‬ويمارسون مهمة الحفاظ على األمن والنظام‬
‫العام‪ ،‬وكذا مساعدة وارشاد المجالس الجماعية في مهامها اإلدارية وفي تنفيذ أشغال التهيئة‬
‫والتجهيز الجماعي‪ ،‬ويتخذون في هذا الصدد جميع التدابير الالزمة‪ .‬وفي مجال تدخله يقوم‬
‫أيضا القائد بدوره في تتبع أعمال نشاط الجمعيات والهيئات المدنية‪.199‬‬

‫وقد راهنت الدولة منذ االستقالل على مؤسسة القائد لرفع تحدي التنمية االقتصادية‬
‫‪200‬‬
‫حيث يقترح على المجالس الجماعية القروية ولجانها كل النقط الهامة‬ ‫واالجتماعية القروية‪،‬‬
‫لتحقيق التنمية ويمدهم بكل المعلومات والبيانات واالحصائيات المتعلقة بإعداد البرامج‬
‫والمخططات الخاصة بالتنمية القروية‪ ،‬وتلك التي تنوي الدولة إنجازها فوق تراب الجماعة‪.‬‬

‫‪-5‬الخليفة الحضري أو خليفة القائد‬

‫أشار المرسوم الخاص برجال السلطة إلى أن الخلفاء يقومون بالنيابة عن رؤساء المقاطعات‬
‫الحضرية والقروية (الباشوات والقواد) في حالة غيابهم أو توقيفهم أو حدث أي مانع دون‬
‫ممارستهم لمهامهم‪.‬‬

‫وفي العديد من المدن يقوم الخلفاء بتأييد مهام رئيس المقاطعة ويسمون بالخلفاء الحضريون‪،‬‬
‫ودرجة الخليفة تناسب مع المرتبة األخيرة في هرمية وتراتبية رجال السلطة‪ ،‬ومنصب الخليفة ال‬
‫يتناسب مع بنية إدارية محددة كما هو األمر بالنسبة للقائد أو رئيس الدائرة أو الباشا أو العامل‬
‫فمنصبه هو عادة بالوكالة أو النيابة‪.201‬‬

‫والجدير بالذكر أنه إضافة إلى رجال السلطة يوجد أعوان للسلطة يساهمون بشكل كبير في‬
‫تسهيل مأمورية ممثلي السلطة التنفيذية‪ ،‬إذ أنهم يضطلعون إلى جانب رجل السلطة بكفالة‬
‫وضمان الربط بين الساكنة ومختلف مستويات اإلدارة‪ ،202‬ويضمنون أيضا االمتداد السلطوي‬
‫والسياسي ألجهزة الدولة‪.‬‬

‫غير أن م ا يعيق عمل هذه الفئة من األعوان هو غياب تأطير قانوني لمهامها من خالل‬
‫عدم وجود نظام قانوني محدد مشابه لباقي األعوان اآلخرين‪ ،‬فهم يعينون من قبل العامل‬
‫ويتلقون تعويضات شهرية عن مهامهم اإلدارية‪.‬‬

‫وففي ظل غياب نظام أساسي يحدد واجبات وحقوق هده الفئة ‪،‬قامت و ازرة الداخلية بإصدار‬
‫مجموعة من النصوص القانونية بهدف تحسين التعويضات المالية الممنوحة لهم(‪ . )1‬فمند سنة‬

‫‪-199‬دورية ‪ circulaire‬رقم ‪ 205‬الصادرة عن وزير الدولة في الداخلية ‪ 26‬أبريل ‪.1994‬‬


‫‪ 200‬الحاج شكرة‪ :‬مرجع سابق ص‪.128 :‬‬
‫‪201‬‬
‫‪- SAMADI (M): le pouvoir local quel rôle pour l’agent d’autorité op.cit p :47‬‬
‫‪-202‬عبد الحافظ أدمينو‪ :‬نظام البيروقراطية اإلدارية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام كلية الحقوق أكدال ‪ 2002‬ص‪.139 :‬‬

‫‪136‬‬
‫‪ ،1976‬وبموجب الظهير الشريف بمثابة قانون المالية ل‪27‬دجنبر ‪ ،1976‬أصبح بموجبه‬
‫الشيوخ و المقدمين و العريفات( الشبه الرسميين)يتقاضون أجورهم من الميزانية العامة للدولة ‪.‬‬

‫وتوالت النصوص التي هدفت تحسين الوضعية المادية لهده الفئة ‪،‬إد صدر مرسوم‬
‫‪29‬شتنبر ‪ 1986‬و مرسوم ‪ 5‬دجنبر ‪ 1996‬وكان آخرها المرسوم الصادر في ‪ 14‬يوليةز‬
‫‪ 2016‬الدي ميز بين مساعدو السلطة الحضريون (الشيوخ و المقدمين و العريفات)‪ ،‬والدين‬
‫يستفيدون من من تعويض عن المهام وعن التمثيل وتعويض عن التجول ‪ ،‬وبين الشيوخ و‬
‫المقدمين القرويين الدين يتم تعيينهم بموجب قرار لعامل العمالة أو اإلقليم الدين اصبحو‬
‫يتقاضون تعويضا شهريا عن الخدمات المقدمة في حدود ‪2500‬درهم لفائدة الشيوخ و ‪2000‬‬
‫درهم لفائدة المقدمين‬

‫المراجع المعتمدة‬

‫‪ - 1‬الكتب‬

‫‪-‬محمد آيت المكي‪ :‬محاضرات في المرافق العمومية الكبرى بالمغرب مطبعة المعارف الجديدة‪،‬‬
‫فاس ‪.1995‬‬

‫‪-‬محمد أشركي‪ :‬الظهير الشريف في القانون العام المغربي منشورات جامعة الحسن الثاني الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬السلسلة األولى‪.1983 ،‬‬

‫‪-‬فتح اهلل الخطيب‪ :‬دراسات في الحكومات المقارنة نشر دار النهضة العربية القاهرة‪.1966 ،‬‬

‫‪-‬أمينة المسعودي‪ :‬الوزراء في النظام السياسي المغربي ‪ 1992-1955‬الطبعة األولى‪،‬‬


‫‪.2001‬‬

‫‪-‬ميشيل روسي‪ :‬المؤسسات اإلدارية المغربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ‪1993‬‬

‫‪-‬إدريس البصري‪ :‬رجل السلطة‪ ،‬مطبوعات كلية العوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الرباط‬
‫المطبعة الملكية ‪1976‬‬

‫‪137‬‬
‫‪-‬الحبيب بيهي‪ :‬شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد (الجزء األول)‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال‬
‫جامعية منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية الطبعة األولى ‪.2004‬‬

‫‪-‬عبد الكريم بالزاع‪ :‬وظائف الجهة‪ ،‬نموذج جهة الشاوية ورديغة عدد ‪ 2004-91‬مطبعة‬
‫المعارف الجديدة الرباط‪-‬الطبعة األولى ‪.2003‬‬

‫‪-‬عبد القادر باينة‪:‬مدخل عام لدراسة القانون اإلداري دار النشر المغربية‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪1990‬‬

‫‪-‬عبد القادر باينة‪ :‬التنظيم اإلداري بالمغرب‪ ،‬دار النشر المغربية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة الثانية‬
‫‪.1991‬‬

‫‪-‬عبد الرحمان البكريوي‪ :‬الوجيز في القانون اإلداري المغربي‪ ،‬بدون ذكر دار النشر‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪.1995 ،‬‬

‫‪-‬إدريس البصري وآخرون‪ :‬القانون اإلداري المغربي‪ ،‬المطبعة الملكية الطبعة األولى‪.1988 ،‬‬

‫‪-‬المصطفى خطابي‪ :‬القانون اإلداري والعوم اإلدارية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫الطبعة الرابعة ‪.1999‬‬

‫‪-‬محمد كرامي‪ :‬القانون اإلداري‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪2000‬‬

‫‪-‬ميشيل روسي‪ :‬المؤسسات اإلدارية المغربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ‪.1993‬‬

‫‪-‬محمد مرغني‪ :‬المبادئ العامة للقانون اإلداري المغربي‪ ،‬مكتبة الطالب‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪1984‬‬

‫‪-‬ملكية الصروخ‪ :‬القانون اإلداري دراسة مقارنة‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة ‪.1996‬‬

‫‪-‬خالد سمارة الزعبي‪ :‬القانون اإلداري‪ :‬مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة الثالثة‪،‬‬
‫‪.1998‬‬

‫‪-‬أحمد البخاري‪ :‬القانون اإلداري العملي‪/‬الجزء األول الطبعة الثانية ‪.2004‬‬

‫‪-‬صالح المستف‪ :‬التطور اإلداري في أفق الجهوية بالمغرب‪ ،‬مؤسسة بنشرة للطباعة والنشر‬
‫الدار البيضاء‪.1989 ،‬‬

‫‪-‬المهدي بنمير‪ :‬التنظيم الجهوي بالمغرب‪ ،‬س‪.‬ال‪.‬ج‪.‬م (‪ )6‬المطبعة الوارقة الوطنية مراكش‬
‫‪.1997‬‬

‫‪138‬‬
‫‪-‬المصطفى دليل‪ :‬المجالس الجماعية بالمغرب على ضوء الميثاق الجماعي الجديد‪ ،‬المجلة‬
‫المغربية لإلدارة المحلية والتنمية عدد ‪.2003-40‬‬

‫‪-‬الميثاق الجماعي الجديد‪ :‬ندوة المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية عدد ‪.2003 ،44‬‬

‫‪ -‬محمد الغالي‪" :‬التدخل البرلماني في مجال السياسات العامة في المغرب (‪")2002-1954‬‬


‫المطبعة والوراقة الوطنية –مراكش‪-‬الطبعة األولى ‪.2006‬‬
‫‪-‬عبد الرحمان القادري‪" :‬القانون الدستوري والمؤسسات السياسية"‪ ،‬الجزء الثاني "األنظمة السياسية"‪ ،‬مطبعة‬
‫الساحل – الرباط‪ .‬السنة ‪.1992‬‬
‫‪-‬أحمد حضراني‪" :‬النظام السياسي المغربي‪ :‬مقاربة لتجربة دستور ‪ ."1996‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة‬
‫المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية عدد ‪ 39‬الطبعة األولى ‪.2002‬‬
‫‪-‬الحاج شكرة‪ :‬اإلدارة المركزية والجماعات الترابية‪ ،‬مطبعة دعاية‪ ،‬الطبعة األولى ‪2016‬‬
‫‪-‬أحمد أجعون‪ :‬التنظيم اإلداري المغربي بين المركزية والالمركزية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪،‬‬
‫سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية عدد ‪.2013 ،96‬‬
‫‪ -‬عبد العزيز أشرقي‪ :‬الشرطة اإلدارية والممارسون لها والنصوص القانونية المنظمة المتعلقة بها‪ .‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‪.2006 ،‬‬
‫‪ -‬حسن طارق‪ :‬هيئات الحكامة في الدستور‪ ،‬السياق‪ ،‬البنيات والوظائف‪ .‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية‬
‫والتنمية‪ ،‬سلسلة المؤلفات واألعمال الجامعية‪ ،‬عدد ‪.2016 ،110‬‬
‫‪-‬محمد كرامي‪ :‬القانون اإلداري‪ ،‬التنظيم اإلداري‪ ،‬النشاط اإلداري‪ .‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫‪.2015‬‬

‫‪ – 2‬األطروحات والرسائل‬

‫‪-‬الناجي الدرداري‪ :‬الحكومة في ظل الدساتير المغربية من ‪ 1962‬إلى ‪ 1996‬أطروحة لنيل‬


‫الدكتوراه في القانون العام جامعة محمد الخامس أكدال ‪.2002‬‬

‫‪-‬عبد الحافظ أدمينو‪ :‬نظام البيروقراطية اإلدارية بالمغرب أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون‬
‫العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس أكدال ‪.2002‬‬

‫‪-‬الشريف الغيوبي‪ :‬األسس القانونية والمقومات المالية للتنمية الجهوية أطروحة لنيل الدكتوراه‬
‫في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية الحقوق أكدال ‪.2003‬‬
‫‪-‬محمد األغضف غوتي‪ :‬األمانة العامة للحكومة‪ :‬دراسة تحليلية من حيث البنية والوظيفة‪ .‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراة في القانون العام كلية الحقوق أكدال‪.2011 ،‬‬
‫‪-‬غوتي محمد األغظف‪" :‬التعديالت الدستورية المغربية من زاوية علم االجتماع السياسي"‪ .‬بحث قدم خالل‬
‫السنة الثانية من دبلوم الدراسات العليا المعمقة في الحقوق‪ .‬كلية الحقوق‪– .‬أكدال‪ .‬شعبة وحدة القانون الدستوري‬
‫وعلم السياسة‪ .‬الموسم الدراسي ‪.2000-1999‬‬
‫‪-‬عبد النبي كياس‪" :‬مؤسسة الوزير األول في النظام السياسي الدستور المغربي" رسالة لنيل دبلوم الدراسات‬
‫العليا المعمقة في القانون العام –أكدال‪-‬الرباط‪ .‬السنة الجامعية ‪.2005-2004‬‬

‫‪139‬‬
‫‪ -‬عبد الفتاح البجي وي‪ :‬مؤسسة الوالي والعامل وآفاق عدم التمركز اإلداري بالمغرب‪ .‬سلسلة مؤلفات وأعمال‬
‫جامعية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪.2014 ،100‬‬

‫‪-3‬المقاالت‪:‬‬

‫‪-‬مصطفى قلوش‪ :‬قراءة جديدة الختصاصات وصالحيات المؤسسة الملكية على ضوء الفصل‬
‫‪ 19‬وما يقرره الدستور بأكمله‪ .‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية عدد ‪.2004-55-54‬‬

‫‪-‬حكيمة بو محمدي‪ :‬االستشارة في التشريع المغربي‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪،‬‬
‫عدد ‪.2004-55-54‬‬

‫‪-‬المذكوري الشعبي‪ :‬الدواوين الو ازرية‪ ،‬المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية‪ ،‬العدد ‪،21‬‬
‫‪1989‬‬

‫‪-‬عبد الكريم بخنوش‪ :‬عدم التركيز اإلداري بين العمالة أو اإلقليم والجهة‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫لإلدارة المحلية والتنمية عدد ‪.2004-56‬‬

‫‪-‬الشريف الغيوبي‪ :‬الجهة المجال األنسب لالتركيز وتشجيع االستثمار‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة‬
‫المحلية والتنمية سلسلة ‪ :‬نصوص ووثائق" عدد ‪.2002-66‬‬
‫‪-‬الشريف الغيوبي‪ :‬دور الوالي والعامل في ميدان التنمية المحلية‪.‬‬
‫تدخل في أشغال المناظرة الدولية والمغاربية المنعقدة في مراكش من ‪ 29‬إلى ‪ 31‬أكتوبر ‪ 2007‬في موضوع‬
‫"مبدأ التفريع‪ ،‬تجلياته وإسهاماته في الديموقراطية والحكامة الجيدة والتنمية البشرية‪ ،‬مقال منشور ضمن أشغال‬
‫ورشات المناظرة من طرف وزارة الداخلية‪ ،‬الكتابة العامة‪ ،‬مديرية تكوين األطر اإلدارية والتقنية‪ .‬الورشة‬
‫الثالثة‪ :‬التفريع والتنمية البشرية والتنمية المستدامة‪.‬‬
‫‪ -‬المكي السراجي‪ :‬الالتركيز اإلداري في إطار السياسة الجهوية الموسعة‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية‬
‫والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ 98-97‬مارس –يونيو ‪.2011‬‬
‫‪-‬محمد الضحى‪ :‬الدواوين الوزارية‪ :‬تدبير السياسة أم اإلدارة‪ .‬المجلة المغربية لإلدارة والتنمية‪ .‬عدد ‪45-44‬‬
‫غشت ‪.2002‬‬
‫‪ -‬محمد الرضواني‪ :‬الدواوين الوزارية والعمل الحكومي‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج‬
‫‪ ،45-44‬ماي‪-‬غشت ‪.2002‬‬

‫‪Les ouvrages‬‬

‫‪– Nadine POULET- GIBOT LECLERC : Droit administratif. Breal, 1995.‬‬

‫‪-Jean-Louis Autin / Catherine Ribot : Droit Administratif Général. Édition Litec,‬‬


‫‪1999.‬‬

‫‪140‬‬
- Philipe Georges : Droit Public, Concours Administratifs, 5éme
édition, Edition SIREY, 1984.
- Ali El Mhamdi : L’Administration centrale au Maroc. 1èreédition, DAR
ALQALAM, 2011.

- Jacqueline MORAND- DEVILLIER : cours de Droit administratif. 6 eme éd


Montchrestien 1999.
-SEDJARI (A) : Les structures administratives territoriales et le développement
local au Maroc, Ed F.S.J.E.S, RABAT, N° 32, 1981.
– Jaeques FOURNIER : le travail gouvernemental. P.U.F, DALLOZ Paris 1987.

-ANDRE DELAUBADERE, JEAN CLAUDE VENEZIA, YVES


GAUDMET : traité de droit administratif 13 éd L.G.D.J paris 1994.

-Jean Marie Auby, Jean Bernard Auby : institutions administratives, 7


éd Dalloz 1996.

-Jean Rivero, Jean Wallaine : Droit administratif 18 éd dalloz 2000.

-M.Rousset, Jean Garagnon : Droit adminidtratif Marocain ,6 éd la


porte 2003.

-André DELAUBADEREet autre : droit administratif ,16 éd L.G.D.J


2000.

-Yves Gaudmet : traité de droit administratif, Tome 1 ; L.G.D.J Delta ;


16 éd 2002.

-M. Rousset : démocratie local au Maroc Dar Al Qualam Rabat 2005.

-Abdelaziz Benjellon : droit administratif : l’organisation


administrative ; librairie AL MAARIF ; 1984.

-Marie-Christine ROUAULT : Droit Administratif. 4éme édition, Gualino éditeur, EJA-Paris- 2007.

- Serge Velley : Droit Administratif. Librairie Vuibert, 2éme édition, 1999.

-SAMADI (M) le pouvoir local quel rôle pour L’agent d’autorité,

Mémoire de cycle supérieur E.N.A 1994.

141
-lhbabi (M) : le gouvernement Marocain à l’aube du XXéme siècle les
éditions Maghrebines, Casablanca 2 éme éd 1975.

Articles
-Debash (ch): Président de la République et le premier ministre dans le
systèmepolitique de la V République R.D.P.N°5.1982 P : 185

-ANTARI (M) : regards sur le secrétaire général de Ministre dans


l’administration Marocaine REMALD N°.6 T.A 1996.

-Brahimi (M) : déconcentration et décentralisation au Maroc. R.M.F.P.E.N° 8,


1992.

142
‫فهـــرس‬

‫فصل تمهيدي‪3 ..................................................................................‬‬


‫المبحث األول‪ :‬تعريف اإلدارة والقانون اإلداري‪3 .............................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬القانون اإلداري –قانون اإلدارة‪5 .............................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬لماذا قانون خاص لإلدارة؟ ‪5 ...................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬كيف تترجم خصوصية هذا القانون؟‪6 ..........................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬القانون اإلداري ليس كل قانون اإلدارة‪6 .................................... .‬‬
‫الفرع األول‪ :‬لماذا ال تخضع اإلدارة في بعض األحيان للقانون اإلداري؟ ‪6 ....................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬متى ال يطبق القانون اإلداري على اإلدارة؟ ‪7 ...................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬ليس القانون اإلداري قانون اإلدارة وحدها ‪7 ..................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬عالقة القانون اإلداري بالقوانين األخرى‪7 ....................................‬‬
‫المطلب األول‪:‬عالقة القانون اإلداري بمختلف فروع القانون العام ‪8 ...........................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬عالقة القانون اإلداري بالقانون الدستوري‪8 ......................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬عالقة القانون اإلداري بالقانون المالي ‪9 ........................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬عالقة القانون اإلداري بالعلوم اإلدارية‪9 ........................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬عالقة القانون اإلداري بالقانون الخاص ‪10 ....................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬القانون اإلداري والقانون المدني‪11 ...............................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬القانون اإلداري والقانون الجنائي ‪12 .............................................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬مصادر القانون اإلداري ‪13 ..................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المصادر المكتوبة‪14 .........................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الشريعة اإلسالمية ‪14 ...........................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الدستور والقوانين التنظيمية ‪14 ..................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬المعاهدات الدولية‪15 ...........................................................‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬التشريع (القانون العادي) ‪15 .....................................................‬‬
‫الفرع الخامس‪:‬الق اررات التنظيمية ‪15 ..........................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المصادر غير المكتوبة ‪16 ...................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬العرف اإلداري‪16 ...............................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المبادئ العامة للقانون‪17 .......................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬االجتهاد القضائي‪17 ...........................................................‬‬
‫‪143‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬الفقه‪17 .........................................................................‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬نشأة القانون اإلداري في فرنسا والمغرب‪17 ....................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬في فرنسا ‪18 .................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬في المغرب‪18 ...............................................................‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬خصائص القانون اإلداري‪19 ...............................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬القانون اإلداري قانون حديث النشأة ‪19 ........................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬القانون اإلداري أساسا قضائي‪20 .............................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬القانون اإلداري قانون غير مقنن ‪21 ..........................................‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬معايير تطبيق القانون اإلداري‪22 ...........................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬معيار السلطة العامة‪23 ......................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬معيار المرفق العمومي‪24 .....................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬المعيار المختلط‪25 ..........................................................‬‬

‫الباب األول‪ :‬األسس العامة للتنظيم اإلداري‪27 .....................................................‬‬


‫القسم األول‪ :‬الشخصية المعنوية ‪28 ................................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفهوم الشخصية المعنوية ‪29 .......................................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬مقومات الشخصية المعنوية ‪31 .....................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬أركان الشخصية المعنوية‪31 ...................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تمييز الشخص المعنوي عن الشخص الطبيعي ‪32 ..............................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬النتائج المترتبة عن الشخصية المعنوية ‪33 .....................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬النتائج المشتركة لالعتراف بالشخصية المعنوية ‪33 ..............................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬النتائج الخاصة لالعتراف بالشخصية المعنوية‪34 ...............................‬‬
‫الفصل الثالث‪:‬أنواع األشخاص المعنوية ‪36 ........................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬األشخاص المعنوية الخاصة‪36 ...............................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬األشخاص المعنوية العامة ‪37 ................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬األشخاص المعنوية العامة الترابية أو اإلقليمية ‪37 .............................‬‬
‫‪-1‬الدولة‪37 ..................................................................................‬‬
‫‪-2‬الجماعات المحلية‪38 ......................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬األشخاص المعنوية العامة المصلحية أو المرفقية ‪38 ..........................‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬المركزية والالمركزية اإلدارية ‪39 .....................................................‬‬
‫‪144‬‬
‫الفصل األول‪ :‬المركزية اإلدارية‪41 .................................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مفهوم المركيزة وعناصرها ‪41 .................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬صور المركزية اإلدارية ‪43 ...................................................‬‬
‫أ‪-‬التركيز اإلداري ‪43 ........................................................................‬‬
‫ب‪-‬عدم التركيز اإلداري‪43 ..................................................................‬‬
‫المبحث الثالث‪:‬تقدير نظام المركزية اإلدارية ‪44 ...............................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الالمركزية اإلدارية ‪46 ..............................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف وتحديد عناصر الالمركزية اإلدارية ‪46 .................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أنواع الالمركزية اإلدارية ‪48 ..................................................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬أركان اإلدارة المحلية أو الالمركزية اإلدارية‪49 ................................‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬تمييز الالمركزية اإلدارية عن ما يشابهها من األنظمة اإلدارية ‪57 ..............‬‬
‫‪-1‬االمركزية اإلدارية والالتركيز اإلداري‪57 ...................................................‬‬
‫‪-2‬الالمركزية اإلدارية والالمركزية السياسية (الفيدرالية)‪58 ....................................‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬تقدير نظام الالمركزية اإلدارية‪59 .........................................‬‬

‫‪145‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬التنظيم اإلداري بالمغرب ‪62 ..........................................................‬‬
‫القسم األول‪ :‬اإلدارة المركزية‪63 ...................................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الملك‪64 ............................................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ميادين اختصاصات الملك ‪65 ................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬اختصاصات الملك في الحالة العادية ‪65 ......................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬اختصاصات الملك في مجال السلطة التنفيذية ‪65 ................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اختصاصات الملك في مجال السلطة التشريعية‪67 ...............................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬اختصاصات الملك في مجال السلطة القضائية‪68 ...............................‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬اختصاصات الملك في الظروف غير العادية ‪68 ...............................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الطبيعة القانونية للق اررات الملكية الصادرة في المجال اإلداري‪70 ...............‬‬
‫المطلب األول‪ :‬موقف القضاء من الق اررات الملكية الصادرة‬
‫في المجال اإلداري ‪70 ............................................................‬‬
‫المطلب المطلب الثاني‪ :‬اآلراء الفقهية في تكييف طبيعة الق اررات الملكية‬
‫الصادرة في المجال االداري‪74 ..................................................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬الهيئات التابعة للملك ‪75 .....................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الديوان الملكي ‪75 ............................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مستشارو جاللة الملك ‪76 ....................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الهيئات االستشارية بجانب جاللة الملك ‪76 ...................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الحكومة ‪78 ........................................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬لمحة تاريخية عن الحكومة بالمغرب ‪78 .......................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬فترة ما قبل الحماية ‪78 .......................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مرحلة الحماية‪80 ............................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الحكومة بعد االستقالل ‪83 ...................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الوزير األول‪84 ..............................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬اختصاصات الوزير األول‪85 .................................................‬‬
‫الفرع األول‪:‬اختصاصات الوزير األول اإلدارية‪85 .............................................‬‬
‫‪-1‬تنسيق النشاطات الو ازرية‪85 ..............................................................‬‬
‫‪-2‬اختصاصات الوزير األول في مجال القيادة اإلدارية‪85 ....................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اختصاصات الوزير األول في مجال سلطة التنظيم‪87 ..................................‬‬
‫أ‪-‬نطاق السلطة التنظيمية ‪88 ................................................................‬‬
‫‪146‬‬
‫ب‪ -‬صور السلطة التنظيمية‪89 ..............................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المصالح التابعة للوزير األول ‪90 .............................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬األمانة العامة للحكومة‪91 .......................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المصالح األخرى التابعة للوزير األول ‪93 ........................................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬الوزراء‪95 ...................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أصناف الوزراء ‪95 ...........................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬وزير الدولة‪96 ..................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الوزير‪97 .......................................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬الوزير المنتدب‪97 ..............................................................‬‬
‫الفرع الرابع‪:‬كاتب الدولة ‪98 ..................................................................‬‬
‫الفرع الخامس‪ :‬نواب كتاب الدولة ‪100 .........................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اختصاصات بقية الوزراء ‪100 .................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬المصالح الو ازرية ‪101 .........................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬ديوان الوزير‪101 .................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المصالح المركزية للو ازرة‪102 .....................................................‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬األجهزة المحلية لإلدارة المركزية‪104 .................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المصالح الخارجية للو ازرات ‪104 ...............................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬ممثلوا السلطة المركزية في العماالت واألقاليم (رجال السلطة) ‪105 ..............‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المتصرفون بو ازرة الداخلية‪106 .................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أصناف رجال السلطة‪108 .....................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬رجال السلطة الرئيسيون‪108 ......................................................‬‬
‫‪-1‬الوالي ‪108 ................................................................................‬‬
‫‪-2‬العامل‪109 ...............................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬رجال السلطة التبعيون ‪109 .......................................................‬‬
‫‪-1‬الكاتب العام ‪109 ..........................................................................‬‬
‫‪-2‬الباشا‪109 .................................................................................‬‬
‫‪-3‬رئيس الدائرة ‪110 ..........................................................................‬‬
‫‪-4‬القائد ‪110 .................................................................................‬‬
‫‪-5‬الخليفة الحضري أو خليفة القائد ‪111 .......................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬العامل واختصاصاته ‪111 ........................................................‬‬

‫‪147‬‬
‫‪-I‬موقع ومكانة العامل‪112 ....................................................................‬‬
‫‪-II‬اختصاصات العامل‪113 ...................................................................‬‬
‫‪-1‬الوظائف السياسية للعامل ‪113 .............................................................‬‬
‫‪-2‬العامل أمين السلطة المركزية غير المتمركزة‪114 ............................................‬‬
‫‪-3‬العامل وممارسة السلطة الرئاسية ‪115 ......................................................‬‬
‫‪-4‬دور العامل في ميدان عدم تركيز االعتمادات ‪116 ..........................................‬‬
‫‪-5‬العامل والمحافظة على النظام العام‪116 ....................................................‬‬
‫‪-6‬تجديد دور العامل‪117 .....................................................................‬‬
‫‪-7‬العامل والهيئات الالمركزية‪118 .............................................................‬‬
‫المراجع المعتمدة‪123 ...............................................................................‬‬
‫الفهرس‪127 ........................................................................................‬‬

‫‪148‬‬

You might also like