Professional Documents
Culture Documents
1
تقديم:
تعد اإلدارة وسيلة من وسائل تنظيم المجتمع اإلنساني ،لذا فالسعي إلى تطورها وادخال
مجموعة من المستجدات على وظائفها وتنظيمها يعد من بين أهم األولويات ،وذلك عبر تحديد
األدوار وتوزيع االختصاصات والمسؤوليات بين المستويات المركزية والمحلية .تدعيما لفكرة
الالمركزية وتطبيقا لمبدأ الديمقراطية ،حتى تؤدي األهداف التي رسمتها لها الدولة سياسيا
واقتصاديا.
وقد تركز االهتمام في السنوات األخيرة في المغرب ،ومنذ إنشاء أول جامعة ،على
القانون اإلداري والعلوم اإلدارية عبر مختلف البحوث والدراسات الجامعية ،التي تناولته من خالل
مواضيعه المتعددة والمتنوعة ،التي تشغل عناصر التعريف واألسس والعالقات بفروع القانون،
وكذا مسألة التنظيم اإلداري والنشاط اإلداري والقضاء اإلداري ،وفق منهج قانوني يتبع األسلوب
التحليلي في معالجة الظواهر والقضايا اإلدارية.
ويكتسي موضوع التدريس والبحث في مادة القانون اإلداري والعلوم اإلدارية أهمية خاصة
في بلد كالمغرب ،الذي يسعى إلى تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية لتقوية وتكريس دولة الحق
والقانون.
فمادة التنظيم اإلداري من المواد التي جاء بها اإلصالح الجامعي الجديد وتدرس في
السداسية الثانية ،وبما أنه أول محور من محاور القانون اإلداري الموزعة على السداسيات
المتبعة في التحصيل الجامعي ارتأينا أن نسبقه بالتطرق إلى المبادئ العامة للقانون اإلداري قبل
دراسة السلطات المركزية والالمركزية ،والتي ترتبط أشد االرتباط بالقانون الدستوري في نفس
الوحدة التي تكملها.
مبادئ أساسية في" القانون اإلداري والتنظيم اإلداري" هو عنوان المؤلف المشترك الذي
نهدف من خالله تقديم مساهمة متواضعة ترمي التطرق إلى األحكام العامة للقانون اإلداري والى
التطبيقات العملية للمستويين المركزي والمحلي في تنظيمنا اإلداري المغربي.
إن إصدار هذا الكتاب ،الذي هو عبارة عن عمل علمي متواضع وان كان يدخل ضمن
اهتمامنا العلمي فإننا نتوخى من خالله أن يكون أولى اللبنات البد أن يتبعها مجهود أكبر
ومحاوالت أخرى حتى يكتمل البناء لملء الثغرات فيه ولتقويم ما اعوج فيه ألن الكمال هلل
سبحانه.
واهلل ولي التوفيق.
2
فصل تمهيدي
دأب الفقهاء على تصنيف العلوم القانونية إلى صنفين :قانون عام وقانون خاص ،وكل
منهما يشمل على قانون داخلي وقانون دولي 1ويشكل كل من القانون الدستوري والقانون اإلداري
أهم فروع القانون العام الداخلي بجانب القواعد المنظمةللتشريعات المالية .واذا كان القانون
الدستوري موضوعه تنظيم وعمل السلطات الدستورية للدولة ،بمعنى آخر "السلطات العمومية"،
فإن القانون اإلداري يرتبط بالهيئات اإلدارية داخل الدولة ،فهو الذي يتولى تنظيم اإلدارة ونشاطها
أو هو باختصار قانون اإلدارة .وتبعا لذلك فال يمكن تعريف وتحديد ميادين تطبيق القانون
اإلداري بدون تعريف كلمة اإلدارة.
المبحث األول :تعريف اإلدارة والقانون اإلداري.
لكلمة اإلدارة Administrationمعنيين متباينان لكنهما متكاملين لمعرفة ميدان القانون
اإلداري .فالمعنى األول عضوي ، organiqueأما المعنى الثاني فهو وظيفي .fonctionnel
فاإلدارة بالمفهوم العضوي هي مجموعة من الهيئات تمثل الدولة ،والتي تتولى تنفيذ األعمال
العامة للدولة ،ويندرج في هذا المعنى السلطات المركزية وتشمل رئيس الدولة ورئيس الحكومة
والوزراء والمديرين ورؤساء المصالح إلى أن تنتهي إلى آخر مستخدم في الو ازرة أي األعوان
وممثلي الوزراء في الجهات واألقاليم والجماعات الترابية.
والى جانب السلطات المركزية ،يضم المعنى العضوي لإلدارة السلطات الالمركزية
اإلدارية ،سواء كانت ال مركزية ترابية ،ممثلة في الهيئات والمجالس كمجالس الجهات ومجالس
العماالت أو األقاليم والمجالس الجماعية حضرية كانت أم قروية ،أو كانت ال مركزية مرفقية
2
ممثلة في المؤسسات العمومية ،المعهود إليها اإلشراف على مرفق معين أيا كانت طبيعتها.
ووفقا لهذا المعنى العضوي تعرف اإلدارة بالنظر إلى شكل الشخص الذي مارس النشاط،
فإذا كان اإلجراء المتخذ أو النشاط صاد اًر عن شخص يتخذ الشكل اإلداري
1
أما مفهوم اإلدارة بالمعنى الوظيفي ،فهو ويوصف بأنه شخص إداري يكون اإلجراء إداريا.
النشاط Activitéالذي تقوم به مختلف الهيئات التي سبق أن استعرضناها في المعنى العضوي.
وهذا النشاط هو الذي يؤدي إلى احتكاك اإلدارة باألفراد فتنتج عنه روابط وعالقات شتى .فمن
3
األفراد من يتلقى هذا النشاط في صورة خدمات عامة ،ومنهم من يقوم على تحقيقه فيدخل في
روابط تعاقدية مع اإلدارة ،ومنهم من يقوم بتحقيقه كالموظفين والمستخدمين ،ومنهم من يتسبب
لهم في أضرار مادية ومعنوية األمر الذي يثبت عنه مسؤولية اإلدارة ،ومنهم من يمس بحقوقهم
أو حرياتهم أو وضعياتهم القانونية .والقانون اإلداري هو الذي يحكم مختلف هذه العالقات كما
2
ينظم الهيئات اإلدارية التي تدخل كطرف في تلك العالقات.
رغم وضوح هذين المعنيين ،فإن تحديد معنى اإلدارة يصادف صعوبات نظ ار لتعدد المهام
التي تقوم بها اإلدارة وتداخل مهام أخرى غير إدارية يقوم بها بعض المسؤولين عن اإلدارة ،وتبعا
لذلك يقتصر البعض على تعريف اإلدارة وتحديد نشاطها عن طريق استبعاد بعض المهام التي
ال تدخل في مهامها المرتبطة بالقانون اإلداري ،والتي تكون من اختصاص سلطات قضائية
3
وتشريعية أو من اختصاص السلطة التنفيذية عندما تقوم بمهام غير إدارية.
تقوم الدولة الحديثة على التمييز بين سلطات ثالث هي :التشريعية والتنفيذية والقضائية
ولكل منها وظيفتها ،واذا كان من السهل توضيح الفوارق موضع الحدود بين اختصاص كل من
السلطة التشريعية والقضائية وتمييزها عن النشاطات اإلدارية ،فإن الصعوبة تكمن في تحديد
طبيعة األعمال اإلدارية عن غيرها من األعمال التي تقوم بها السلطة التنفيذية وبالتالي معرفة
الحدود الفاصلة بين مهمة <<الحكم>> ومهمة <<اإلدارة>>الموكولة لها.
فالسلطة التنفيذية المركزية المتمثلة في رئيس الدولة والوزراء ،تقوم بنشاطات متباينة منها
ما هو ذو طابع إداري ويخضع بالتالي ألحكام وقواعد القانون اإلداري ،ومنها ما هو غير إداري
ويخضع لقواعد وأحكام أخرى ،وعلى الخصوص القانون الدستوري ،ولهذا يميز الفقه بين األعمال
الحكومية واألعمال اإلدارية ،ففي الوقت الذي تخضع فيه هذه األخيرة للقانون اإلداري تخضع
األعمال الحكومية للقانون الدستوري أو القانون الدولي العام أحيانا.
وتبعا لذلك يمكن القول أن القانون اإلداري ما هو إال امتداد للقانون الدستوري ،ويقصد به
ذلك الفرع من القانون العام الداخلي الذي يشمل تنظيم ونشاط ما يسمى عادة باإلدارة ،أي
مجموع السلطات واألعوان واألجهزة الموكول إليها بدافع من السلطة السياسة القيام بالتدخالت
1
الكثيرة الملقاة على عاتق الدولة الحديثة.
فالقانون اإلداري يعرف إذن مظهرين أساسيين :أحدهما يتعلق بهياكل اإلدارة واآلخر
بمهامها ووسائل عملها والمراقبة التي تثقل كاهلها ،وبعبارة أدق العالقات التي تربط مصالح
2
الدولة بالخواص.
–2عبد الرحمان البكريوي :الوجيز في القانون اإلداري المغربي بدون ذكر دار النشر الطبعة األولى 1995ص.12:
–3عبد القادر باينة :مدخل عام لدراسة القانون اإلداري .م .س .ص.23:
–1هذا التعريف ورد في كتاب إدريس البصري وآخرون :القانون اإلداري .المطبعة الملكية .الطبعة األولى 1988 ،ص.5 :
–2نفس المرجع السابق الذكر .ص.5:
4
من خالل تعريف كل من القانون اإلداري واإلدارة يتبين لنا أهمية قواعد القانون اإلداري
في تنظيم اإلدارة ،إال أن هذا االرتباط ال يشمل إال جزءا من الظاهرة اإلدارية .فالقانون اإلداري
هو ببساطة قانون اإلدارة ،وهذا صحيح لكن في جزء منه فقط .ألنه إذا كان القانون اإلداري هو
قانون اإلدارة ،فليس هو القانون الوحيد الذي يحكم اإلدارة ،كما أنه ال يعتبر قانون اإلدارة وحدها.
المطلب األول :القانون اإلداري – قانون اإلدارة.
تخضع اإلدارة لقانون خصوصي وال يجري عليها القانون العادي ،فلماذا هذه الخاصية
وكيف تتمظهر؟
الفرع األول:لماذا قانون خاص لإلدارة؟
اإلدارة ما هي إال امتداد للسلطة السياسية ،إنها أداة الحكومة ومجموع الوسائل التي
تمكنها من تنفيذ ق ارراتها .وبما أنها كذلك فعلى اإلدارة أن تتعالى عن مصالح الخواص وأن
تستفيد من امتيازات ليس فقط باعتبارها إدارة ،ولكن ألنها تخدم الصالح العام .إال أن هذا الوضع
ال يتناسب مع أنظمة قانونية أخرى .فإذا كان القانون الخاص يقوم على أساس المساواة فإن
القانون العام ،والقانون اإلداري بصفة خاصة ،يقوم على الالمساواة .وهو ما ال نجده في بلدان
تتنكر ،ولو نظريا ،لوجود قانون إداري مستقل .لكن في مقابل االعتراف بوجود االمتيازات
الم ذكورة ،إذ أن الفرق يكمن في غياب قواعد تمييزية واضحة يخضع لها الجميع بما فيه اإلدارة،
في ظل القانون العام » « commun lowكما هو األمر بالنسبة للنظام القانوني األنجلو
ساكسوني .إال أن النظام القانوني المغربي كان أكثر تأث ار بالنموذج الفرنسي الذي يسلم بعدم
خضوع اإلدارة لقانون موحد ولكن لقواعد متميزة عن تلك التي تؤطر العالقات الخاصة ماعدا إذا
قبلت اإلدارة ذلك.
الفرع الثاني :كيف تترجم خصوصية هذا القانون؟
يتجلى هذا القانون بكل وضوح في وجود االمتيازات المخولة لإلدارة التي تتمتع بسلطة
األمر والقيادة ،1أو كما يعرف مثال في العقود اإلدارية بالشروط غير المألوفة في القانون
الخاص .بحيث تتخذ مقررات قابلة للتنفيذ تلزم الخواص ،ويجوز لها تنفيذ مقرراتها دون طلب
إذن سابق من قاض ،ويلزم الخواص باالمتثال وال يمكنهم تقديم أي طعن إال بعد التنفيذ .ومقابل
ذلك تفرض على اإلدارة التزامات عليها احترامها اتجاه المواطنين وتسأل عن األضرار الناتجة
عن سوء تصرفاتها نتيجة أخطائها أو بمجرد وجود مخاطر ،وتخضع امتيازاتها تلك الحترام مبدأ
الشرعية الذي يمكن من جراء المس به ،التقدم بدعوى اإللغاء من أجل الشطط في استعمال
2
السلطة ومساءلة اإلدارة أمام القضاء
1
– M. ROUSSET, J.GARAGNON : Droit administratif Marocain 6èmeédition La porte, 2003 P :14 .
–2عبد القادر باينة :مرجع سابق ،ص.27 :
5
المطلب الثاني :القانون اإلداري ليس كل قانون اإلدارة.
ال تخضع كل أنشطة اإلدارة للقانون اإلداري فاإلدارة تخضع أحيانا للقانون الخاص.
الفرع األول :لمادا ال تخضع اإلدارة في بعض األحيان للقانون اإلداري؟
إن كانت اإلدارة في أهم نشاطاتها تخضع وتلجأ إلى أحكام القانون اإلداري ،فليس هذا األخير
هو القانون الوحيد الذي تعتمده .فقد تلجأ إلى قواعد القانون الخاص ،عندما تنزل منزلة الخواص
وتقوم بنفس األعمال التي يقومون بها 3.فاإلدارة عندما تريد القيام بشراء أو بيع قصد تلبية
الحاجات العادية لمصالحها ال تلجأ إلى اإلجراءات المعقدة التي يفرضها القانون اإلداري4 ،كأن
توجر ممتلكاتها الخاصة من أجل الحصول على أرباح مادية أو عندما تقوم بتسيير مرافق ذات
طابع تجاري أو صناعي ،وبما أن اإلدارة ال تكون حينئذ في حاجة إلى هذه االمتيازات فإنه ال
4
داعي كذلك ألن تفرض عليها المراقبة الالزمة.
الفرع الثاني :متى ال يطبق القانون اإلداري على اإلدارة؟
تنفلت اإلدارة من الخضوع لقواعد القانون اإلداري عندما تلجأ إلى قواعد القانون الخاص
وبشكل أساسي إلى القانون المدني .إذ أن اإلدارة في هذه الحالة تستعمل تقنية التعاقد وفق أحكام
القانون المدني مما يمكنها من تجنب المراقبة واإلجراءات الشكلية المعقدة ،وبالتالي تراقب كغيرها
من المتعاملين العاديين (األفراد).
المطلب الثالث :ليس القانون اإلداري قانون اإلدارة وحدها.
ال يطبق القانون اإلداري على اإلدارة وحدها .إذ أن القانون اإلداري يمتد تطبيقه إلى
الخواص كلما استعانت بهم اإلدارة في تنفيذ المهام الموكولة لها في إطار المصلحة العامة،
لكونهم يستفيدون من مجموعة من االمتيازات أثناء قيامهم بالمأموريات العادية لإلدارة ،وبانتقال
االمتيازات تنتقل كذلك الشكليات وأعمال المراقبة .ويخضع الخواص في نشاطهم هذا للقانون
اإلداري ،كنزع الملكية للمنفعة العامة بالنسبة لصاحب االمتياز الموكول إليه تسيير مرفق
عمومي.
المبحث الثاني :عالقة القانون اإلداري بالقوانين األخرى.
يعد القانون اإلداري فرعا من فروع القانون العام ،لهذا فمن الطبيعي أن تكون له عالقات
تتدرج بين القوة والضعف بين سائر فروع القانون العام والخاص ،إال أن هذا ال يمنع من تميزه
عن الفرعين ببعض المميزات التي تعطيه طابعه المستقل.
المطلب األول :عالقة القانون اإلداري بمختلف فروع القانون العام.
6
إذا استثنينا القانون الدولي العام فكل فروع القانون العام الداخلي لها ارتباط بالقانون
اإلداري وان بدرجات متفاوتة .وسنقتصر على القانون الدستوري والقانون المالي وعلم اإلدارة.
الفرع األول :عالقة القانون اإلداري بالقانون الدستوري.
إن العالقة بين القانون اإلداري والقانون الدستوري هي عالقة وطيدة ،لكنها ال تمتد إلى أن
ينصهر األول في الثاني بل يحتفظ كل منهما باستقالليته وخصوصياته .ونظ ار لهذا التداخل
يعتبر بعض الفقهاء أن القانون اإلداري مكمل للقانون الدستوري.5
فإذا كان القانون الدستوري يبين كيفية تكوين السلطات العامة في الدولة وعالقة هذه
السلطات بعضها ببعض ،كما يبين حقوق األفراد وواجباتهم إزاء الدولة والسلطات العامة فيها،
فإن القانون اإلداري يتعرض لنشاط الدولة اإلداري ،بمعنى أنه يتعرض للمرافق العامة التي تقوم
6
الدولة بإدارتها من حيث تنظيمها وكيفية تسييرها.
وبهذا يشترك كل من القانونين في تنظيم نشاط السلطة التنفيذية ،إال أن كال منهما يتناولها
من جهة مختلفة ،فالقانون الدستوري يرينا كيف شيدت األداة الحكومية ،وكيف ركبت أجزاؤها.
7
أما القانون اإلداري فيبين كيف تعمل تلك األداة وكيف يتحرك كل جزء من تلك األجزاء.
فنشاط السلطة التنفيذية السياسي ،أو نشاطها في عالقاتها مع السلطة التشريعية ،أو السلطة
القضائية يخضع للقانون الدستوري ،إذ يرتكز القانون الدستوري على تنظيم السلطات العليا
بالبالد ،واختصاصاتها ،مثل اختصاصات رئيس الدولة والوزراء ،في حين يهتم القانون اإلداري
ببعض االختصاصات وممارستها من قبل السلطات اإلدارية في مستويات أدنى .وهذا االرتباط
هو انعكاس لتبعية اإلدارة للحكومة ،كما ينص عليه الفصل 89من دستور:2011
تعمل الحكومة ،تحت سلطة رئيسها ،على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين.
واإلدارة موضوعة تحت تصرفها ،كما تمارس اإلشراف والوصاية على المؤسسات والمقاوالت
العمومية." .
غير أن هذا االرتباط الكبير ال يمنع من اعتبارهما قانونين مستقلين ألن لكل منهما مجاله
الخاص.
الفرع الثاني :عالقة القانون اإلداري بالقانون المالي.
–5عبد القادر باينة :مدخل عام لدراسة القانون اإلداري .م.س .ص.30-29 :
–6مليكة الصروخ :القانون اإلداري :دراسة مقارنة ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة ،1996 ،3ص.46:
–7محمد مرغني :المبادئ العامة للقانون المغربي .مرجع سابق ذكره ،ص.26 :
7
يختص علم المالية العامة والقوانين المالية بتنظيم النشاط المالي العام للدولة ،المتمثل في
مختلف الوسائل التي تتوفر عليها السلطات العمومية للحصول على إيرادات مالية ،وبالتالي
كيفية صرفها على أساس التوازن بين اإليرادات واإلنفاقات 8،وبذلك فإن علم المالية العامة يشارك
القانون اإلداري في تنظيم جزء هام من نشاط اإلدارة بل الدولة .لذا فإن فصلهما عن بعضهما
يبدو أم ار صعبا خاصة وأن دراسة الموارد الطبيعية (أي أمالك الدولة العامة) تدخل في نطاق
القانون اإلداري .أما دراسة الموارد النقدية (كالضرائب والرسوم) ،فتدخل في نطاق المالية العامة،
9كما أن اإلدارة ال يمكنها أن تقوم بتلبية الحاجيات العامة دون إمكانية مالية.
الفرع الثالث :عالقة القانون اإلداري بالعلوم اإلدارية.
يعتبر علم اإلدارة العامة من العلوم الحديثة النشأة ،وان كان يشترك مع القانون اإلداري في
هذه الصفة فهو أحدث نشأة من هذا األخير.فهو يهتم أساسا بدراسة اإلدارة العامة والوسائل
الخاصة التي تقوم عليها ،وفي نفس الوقت يدرس الوسائل المادية والفنية لتؤدي اإلدارة مهامها
10
في أحسن الظروف وبأكثر فعالية وبأقل التكاليف ولتحصل على أحسن مردودية.
وقد أصبحت ضرورة دراسة اإلدارة العامة من الناحيتين العملية والقانونية مسلم بها ،سواء
في الدول األوربية أو الواليات المتحدة األمريكية ،وذلك بعد أن ظلت هذه الدراسة في فرنسا إلى
عهد قريب مركزة على الوجهة القانونية .بينما اقتصر اهتمام العلماء في الدول األنجلوساكسونية
11
ولهذا فإن كان االرتباط أساسا في على دراسة فعالية ومدى إنتاجية عمل ونشاط اإلدارة
الميادين التي يهتم بها كل من القانون اإلداري وعلم اإلدارة ،فاألول يحدد القواعد القانونية التي
يجب احترامها ،وبالتالي تحديد مظاهر وقواعد الشرعية التي يجب احترامها من قبل اإلدارة .أما
علم اإلدارة العامة فيغلب عليه الطابع التجريبي والعملي ،الذي يمكن أن يكون أكثر فعالية من
12
االلتزام بالقواعد القانونية التي قد تكون عرقلة في وجه هذه الفعالية.
ومن هنا نرى أن العلوم اإلدارية والقانون اإلداري يكونان معا جوهر الدراسات القانونية
ويكمل أحدهما اآلخر .ألن اإلدارة تعمل على تحقيق المصلحة العامة .لذلك وجب عليها ،لحسن
تأدية وظيفتها ،أن تستعمل أكثر الطرق فعالية لتحقيق تلك المصلحة على أحسن وجه وبأقل
تكلفة ،وهذا هو موضوع العلوم اإلدارية ،ومن جهة أخرى فإن اإلدارة ينبغي أال تتعسف في
استخدام سلطتها أو تقيد حريات األفراد إال في الحدود الالزمة فعال لتحقيق المصلحة العامة.
وهذا هو الجانب األهم في القانون اإلداري الذي يمكن أن يتولى باإلضافة إلى ذلك صياغة
8
مبادئ علم اإلدارة وترجمتها في قواعد قانونية ملزمة .فعلى سبيل المثال :مسألة معرفة هل من
الالئق إعطاء سلطة التقرير لرئيس مصلحة يوجد بالعاصمة أو إلى ممثليه المحليين ليست
بمسألة قانونية بل تدخل في إطار التقنية techniqueوالسياسة اإلداريتين .وكذلك األمر فيما
يتعلق بالبحث عن أحسن الطرق لتقسيم التراب الوطني قصد إنشاء وارساء المرافق العامة .وهكذا
13
فعندما يقع تبني الحل المناسب ،يمكن ترجمته في نص قانوني فيكتسب آنذاك قوة قانونية.
إذا كانت السمة الغالبة التي تطبع عالقة القانون اإلداري بفروع القانون العام هي االرتباط
الكبير والتداخل فإن عالقته بمختلف فروع القانون الخاص يطبعها التباين.
المطلب الثاني :عالقة القانون اإلداري بالقانون الخاص.
إن العالقة بين القانون اإلداري والقانون الخاص يطبعها التباين نظ ار لطبيعة القواعد التي
يتضمنها كال القانونين .فإذا كان القانون الخاص يرتكز أساسا على مبدأ المساواة في التصرفات
فإن القانون اإلداري يضع اإلدارة موضعا متمي از بالنسبة لألفراد والخواص كافة من خالل
االمتيازات التي تتمتع بها اإلدارة وينظمها القانون اإلداري بحيث ال نجد لها مثيال في القانون
الخ اص .فاإلدارة يمكنها أن تصدر ق اررات فردية ملزمة لألفراد قد تؤثر على حريتهم أو وضعيتهم
المادية ،وأن تبرم العقود مع الخواص وتفرض شروطا غير مألوفة في العقود المتداولة بين
الخواص وتنفذ ق ارراتها دون اللجوء إلى القضاء وتنزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة وال يمكن
الحجز على أموالها.
واذا كانت امتيازات اإلدارة تلزم فرض أحكام متميزة عن القانون الخاص بصفة عامة فإن
هذا يظهر أكثر عندما نستعرض عالقة القانون اإلداري بفروع القانون الخاص كل على حدة
وخاصة بالقانون المدني.
الفرع األول :القانون اإلداري والقانون المدني.
حين يتعرض الفقه للمقارنة بين القانون الخاص والقانون العام يرتكز أساسا على القانون
اإلداري والقانون المدني ،فقد كان القانون المدني إلى ما بعد منتصف القرن 19المرجع األول
للروابط القانونية التي تنشأ بين اإلدارة واألفراد في كل ما لم يصدر عنها بوصفها صاحبة
السيادة ،ذلك أنها ال تسأل أمام القضاء عن أفعالها الضارة وغير المشروعة إذا صدرت عنها
بوصفها صاحبة السلطة ،أما إذا صدرت منها بوصفها فردا عاديا فإنها تخضع للمساءلة وتطبق
عليها قواعد القانون المدني .ولكن لما تقررت مسؤولية الدولة عن جميع أعمالها الضارة،
أصبحت مبادئ القانون المدني ال تتفق في كثير من األحيان مع مقتضيات سير المرافق العامة
وضرورة سيرها بانتظام واضطراد .إذ أن هذه القواعد قد وضعت لتنظيم العالقات الخاصة
–13المصطفى خطابي :القانون اإلداري والعلوم اإلدارية .مرجع سابق ذكره ،ص.24-23 :
9
الفردية ،القائمة على المساواة بين أطراف العالقة .ومن ثمة فقد باتت ال تصلح لتنظيم العالقات
التي تكون السلطة العامة طرفا فيها عندما تتصرف باعتبارها حامية للمصلحة العامة .وتبعا لذلك
أخذ القانون اإلداري ينفصل تدريجيا عن قواعد القانون المدني ويستقل بنظرياته ومبادئه الخاصة.
وان كانت تلك النظريات مستمدة أصال من القانون المدني مع تعديلها بما يتطلبه القانون العام
من تحويرات 1.غير أنه بالرغم من االستقالل المتبادل بين القانون اإلداري والقانون المدني فهناك
نوع من الصالت بينهما ألن استقالل األول عن الثاني ليس مطلقا إذ ال تزال تقوم بينهما عالقات
تداخل مستمرة جعلت القانون اإلداري كما يقال همزة الوصل بين القانون العام والقانون الخاص.
2
تبدو مظاهر التقارب بين القانونين اإلداري والمدني فقط في الدول التي تتبنى ازدواجية
القانون.فاإلدارة تلجأ إلى قواعد القانون الخاص قصد توجيه االقتصاد أو تسيير مرافق عمومية
تجارية وصناعية .كما نجد العديد من المبادئ العامة يتبناها القانون اإلداري أيضا في القانون
المدني مثل فكرة الحق ،القوة القاهرة ،نظرية العقد ،نظرية الظروف الطارئة ،وجوب تنفيذ
االلتزامات التعاقدية بحسن نية.
كذلك يشمل القانون اإلداري على كثير من المواضيع نجد أصلها في القانون المدني،
لكنها تأخذ مفاهيم جديدة تختلف عن المفاهيم التي يعرفها القانون المدني نظ ار لطبيعة كل من
القانونين .لتأخذ حلة جديدة وبشروط مغايرة أحيانا ،من بين ذلك نذكر على الخصوص العقود،
المسؤولية التقصيرية ،الوصاية 14،األموال العمومية والموظفين...الخ.
واضافة إلى ما سبق نجد اإلدارة أحيانا تطبق قواعد القانون الخاص ،المدنية والتجارية
واالجتماعية في تعامالتها ،كما هو الشأن في تسييرها للمرافق التجارية والصناعية .أو قيامها
بالتزود من السوق دون اعتماد أساليب الصفقات العمومية.
والقضاء اإلداري يطبق قواعد المسطرة المدنية على المنازعات اإلدارية ،وحتى عند وجود
مسطرة إدارية خاصة ،فإن مبادئها تكون مستوحاة من المسطرة المدنية.
وبالمقابل يالحظ غزو القانون اإلداري لبعض معاقل القانون الخاص ،فبعض االهيئات
الخاصة (جمعيات ،شركات ،نقابات وأشخاص عاديين) ،تمارس نشاطا إداريا عندما تساهم في
تسيير مرافق عمومية ،ومن أمثلة ذلك ملتزمو المرافق العمومية concessionnaireوالنقابات
المهنية (المحاماة /الطب) والجمعيات الرياضية (الجامعة الملكية لكرة القدم وغيرها) .هذه
10
األشخاص الخاصة تخولها الدولة حق التصرف كسلطة عامة ،وتطبق قواعد القانون اإلداري
15
على هذه التصرفات.
الفرع الثاني :القانون اإلداري والقانون الجنائي.
إذا كان القانون الجنائي هو مجموعة القواعد القانونية التي تحدد األفعال المجرمة وتبين
عقوبتها ،فمضمون هذا القانون يجعله في خدمة القانون اإلداري من خالل الحماية التي يضمنها
لألموال 16العامة وللموظفين العموميين ،نظ ار لطبيعة المهمة العامة للمكلفين بها ويفرض عقوبات
على الغير الذي يهين الموظف أو يعتدي عليه .ومقابل هذه الحماية فالموظف يتعرض لعقوبات
مشددة إذا ما استغل الظروف المتوفرة له أو غير ذلك من الجرائم التي قد يرتكبها أثناء أو بسبب
ممارسة وظيفته .والقانون الجنائي هو الذي يحدد تلك العقوبات ويشددها مؤكدا بذلك خطورة
المهام المسندة إلى الموظف العمومي ،وبالتالي يساعد بذلك القانون اإلداري على حسن سير
اإلدارة ودفع القائمين عليها إلى تجنب كل ما من شأنه أن يخل بهذا السير.
ويخدم القانون اإلداري القانون الجنائي بالعمل على تنفيذ اإلجراءات والعقوبات التي يقرها
هذا ا ألخير .فعدم التنفيذ أو البطء فيه يجعل تلك العقوبات بدون جدوى ،وتقاعس اإلدارة في
التنفيذ يعد عمال غير شرعي تتحمل مسؤولية سلبياته .كما أن كال القانونين قد يقرر فرض
عقوبات على نفس الجرائم .فالجرائم التي يرتكبها الموظفون داخل اإلدارة أو بسبب اإلدارة تترتب
عنها في نفس الوقت عقوبات جنائية يحددها القانون الجنائي وعقوبات تأديبية يقررها القانون
اإلداري .وال يخل هذا بالمبدأ المعروف "عقوبة واحدة لجرم واحد" .بل إن العقوبات الجنائية يمكن
17
أن تكون سببا في حرمان المعاقبين من تولي الوظائف العامة أو االستمرار فيها.
وقد يختلف القانونان في تعريفهما لقضايا معينة نظ ار لطبيعة المبادئ واألسس التي يرتكز
عليها كال القانونين مثل تعريف الموظف العمومي كما تختلف الجريمة التأديبية عن الجريمة
18
إال هذه االختالفات دليل على استقالل القانونين ،وال يمنع من الجنائية من بعض الزوايا،
العالقات الوثيقة بينهما.
هذا وقد يكون للقانون اإلداري صالت أخرى بكثير من فروع القانون األخرى مثل القانون
الدولي العام أو القانون الدولي الخاص (كما يحدث في دعاوى الجنسية أو إقامة األجانب مثال)
وأيضا بعلوم أخرى مثل علم السياسة واالقتصاد...الخ.19
المبحث الثالث :مصادر القانون اإلداري.
–15أحمد البخاري :القانون اإلداري العملي ،الجزء األول الطبعة الثانية ،2004،ص.29:
–16محمد مرغني :مرجع سابق ،ص.19 :
–17عبد القادر باينة :نفس المرجع السابق ذكره ،ص.45:
–18للمزيد من التفصيل في هذه النقطة أنظر :محمد مرغني مرجع سابق ذكره ،ص.35:
–19أنظر :محمد مرغني :مرجع سابق ذكره ،ص.35:
11
ال تختلف مصادر القانون اإلداري في جوهرها عن المصادر المشتركة لكل فروع القانون
بغض النظر عن اختالف فروعه ،ولكن أهمية هذه المصادر بالنسبة للقانون اإلداري تبرز
خاصة من الدرجة التي يحتلها كل مصدر منها ،والتي تؤكد جانبا من مظاهر استقالل القانون
اإلداري ،وتتدرج هذه المصادر من حيث القوة ويمكن استعراضها على أساس أن نميز بين
المصادر المكتوبة (أ) والمصادر غير المكتوبة(ب) .ولإلشارة فهناك من يصنفها إلى مصادر
رسمية (التشريع ،العرف) ومصادر غير رسمية أو مصادر تفسيرية غير ملزمة تقتصر على
تفسير القواعد القانونية (القضاء – الفقه).
المطلب األول :المصادر المكتوبة.
إذا كان القانون اإلداري طبقا لخصائصه قانونا غير مدون ،فغياب التدوين ال يعني أن
المصادر التي يعتمد عليها غير مقننة ،بل إن قواعده نجدها متفرقة في العديد من المصادر
المكتوبة نذكرها تباعا :الشريعة اإلسالمية ،الدستور ،القوانين التنظيمية ،المعاهدات الدولية،
التشريع (القانون العادي) ،والق اررات التنظيمية.
الفرع األول :الشريعة اإلسالمية.
تعد الشريعة اإلسالمية المصدر األساسي لكل القوانين الوضعية ،إذ إضافة إلى أصولها
ومبادئها فالحضارة اإلسالمية ساهمت في تطوير كثير من مبادئ ونظريات القانون اإلداري
وتطبيقاته سواء في تسيير اإلدارة أو ما كان يعرف بالدواوين .أو تعزيز جانب من القضاء
اإلداري الذي كان يعرف "بقضاء المظالم" ،إذ كان يتتبع تصرف الوالة ويراقبهم حتى يبقوا مهتدين
بهدي الشريعة اإلسالمية وأحكامها الحقيقية السمحاء.20
فإذا كانت الدولة المخزنية تخضع في جميع معامالتها لقواعد الشريعة اإلسالمية
واألعراف ،فتعرض المغرب لالستعمار أدى إلى انحصار مجال الشريعة اإلسالمية لفائدة القانون
الوضعي المقتبس من القانون الفرنسي .إذ ال نكاد اليوم نجد مجاال قانونيا إال ويخضع
لمقتضيات القانون الذي طالما خضع لمبادئ الشريعة اإلسالمية.
لقد شكلت قواعد الشريعة اإلسالمية أساسا مرجعيا للعديد من تدخالت المخزن ،وكانت
مقتضياتها تحكم العديد من مظاهر اشتغال الدولة.
إال ان خضوع المغرب لسلطة الحماية أعاد التساؤل حول سريان قواعد الشريعة االسالمية
و تنظيمها لبعض تدخالت أجهزة الدولة العصرية .إذ لم تكن مظاهر االستعمار لتشمل فقط
الجوانب السياسية واالدارية واالقتصادية بل امتدت كذلك لتشمل القواعد المنظمة للمعامالت
االجتماعية ،وأصبح المجال العام مقتسما بين القوانين الوضعية (القانون اإلداري والمدني،
12
الجنائي وغيرهما )...وقواعد الشريعة االسالمية التي انحصر مجال تطبيقها ليشمل قواعد
األحوال الشخصية واالسرة.
إذ بالرغم من تأكيد جميع الدساتير المغربية في ديباجتها على أن " المملكة المغربية دولة
إسالمية "...فالواقع القانوني اإلداري يثبت غزو القانون الوضعي لجميع المجاالت بما فيها تلك
التي كانت مؤطرة بقواعد الشريعة اإلسالمية .غير أن دلك الينفي القول على أن القانون اإلداري
مازال في حاجة إلى مجموعة من األحكام والمبادئ المعروفة في الشريعة اإلسالمية لضمان
حسن سير اإلدارة والمرافق اإلداري ،وان كان ممكن القول بأن أزمة اإلدارة هي أزمة أخالقية-
روحية في العديد من مظاهرها .
الفرع الثاني :الدستور والقوانين التنظيمية.
سبق أن أشرنا بأن القانون اإلداري ما هو إال امتداد للقانون الدستوري .إذ يعد الدستور
القانون األسمى للدولة وبالتالي فكل القوانين األخرى ومن بينها القانون اإلداري ال يمكن
أن تخرج عن أحكامه ،كما أن الدستور يضم أغلب المبادئ واألحكام الخاصة بالقانون
اإلداري ،كما هو األمر بالنسبة للفصول المنظمة للجماعات الترابية وممارسة السلطة
التنظيمية من طرف رئيس الحكومة ،وامكانية تفويض اختصاصه للوزراء والمساواة في
تقليد الوظائف العمومية...
كما سبق ذكره ،إن دستور فاتح يوليوز 2011تضمن العديد من المقتضيات ذات
الصلة بالقانون اإلداري .وهكذا تضمن الفصل األول منه تحديد التنظيم الترابي للمملكة "الذي يعد
تنظيما ال مركزيا يقوم على الجهوية المتقدمة" ،وتضمن الفصل 75من الدستور التأكيد على حق
االضراب باعتباره حقا مضمونا.
وفي مجال التعيين في اإلدارة العمومية حدد الفصل 49من الدستور حق الملك في
التعيين في الوظائف السامية التالية باقتراح من رئيس الحكومة وبمبادرة من الوزير المعني:
‒ والي بنك المغرب؛
‒ الوزراء والوالة والعمال؛
‒ المسؤولين عن اإلدارة المكلفة باألمن الداخلي؛
‒ المسؤولين عن المؤسسات والمقاوالت العمومية االستراتيجية؛
وأسند الدستور لقانون تنظيمي مهمة تحديد الئحة هذه المؤسسات والمقاوالت االستراتيجية.
13
في حين حدد الفصل 71من الدستور عدة ميادين ذات الطبيعة اإلدارية التي يجب أن يتم
التشريع فيها من قبل البرلمان ،ومنها:
‒ النظام األساسي العام للوظيفة العمومية؛
‒ الضمانات األساسية الممنوحة للموظفين المدنيين والعسكريين؛
‒ نظام مصالح وقوات حفظ األمن؛
‒ نظام الجماعات الترابية ومبادئ تحديد دوائرها الترابية؛
‒ النظام االنتخابي للجماعات الترابية ومبادئ تقطيع الدوائر االنتخابية؛
‒ النظام الضريبي ووعاء الضرائب ومقدار طرق تحصيلها؛
‒ نظام الجمارك؛
‒ التعمير واعداد التراب؛
‒ إحداث المؤسسات العمومية وكل شخص اعتباري من أشخاص القانون العام؛
‒ تأميم المنشآت ونظام الخصوصة.
واضافة إلى هده المجاالت تنضاف مشموالت أخلرى تم تحديدها في نصوص متفرقة
أخرى في الوثيقة الدستورية.
وخصص الباب الخامس منه للسلطة التنفيذية ،إذ حدد مدلول الحكومة في الفصل الثامن
و السبعين الذي حدد تركيبة الحكومة في كل من رئيس الحكومة والوزراء ويمكن أن تضم كتابا
للدولة.
فيما أسند الفصل التاسع و الثمانون للحكومة مهمة ممارسة السلطة التنفيذية ،ولرئيس
الحكومة السلطة التنظيمية والدي له أن يفوض بعضا منها إلى الوزراء.
كما حدد الدستور اختصاص رئيس الحكومة في مجال التعيين في الوظائف المدنية في
االدارة العمومية (الفصل )91مع إمكانية تفوض هذه السلطة.
و حدد الفصل 92المجاالت التي تعرض على المجلس الحكومي و التي من بينها :
مشاريع المراسيم التنظيمية؛
تعيين الكتاب العامين ومديري اإلدارات المركزية باإلدارة العمومية ورؤساء الجامعات
والعمداء ومديري المدارس والمؤسسات العليا.
و انتقل عدد الفصول المخصصة للجهات والجماعات الترابية األخرى ،من ستة في
الدساتير السابقة ليصل إلى إحدى عشر فصال في الدستور الحالي.
14
ومن بين مستجدات الوثيقة الدستورية في المجاالت دات الصلة بالقانون اإلداري ،ادراجها
للحكامة الجيدة ومبادئها وجعلها من ضمن مشموالتها .اذ نص الفصل األول على أن النظام
الدستوري للمملكة يقوم على "مبادئ الحكامة الجيدة و ربط المسؤولية بالمحاسبة" .
فيما حدد الفصل 154المبادئ التي على أساسها يجب أن تنظم المرافق العمومية والتي
تتمثل في:
‒ المساواة بين المواطنين والمواطنات في الولوج إليها؛
‒ اإلنصاف في تغطية التراب الوطني؛
‒ االستم اررية في أداء الخدمات؛
كما حدد الفصل 154من الدستور المعايير التي يجب أن تخضع لها المرافق العمومية وهي:
‒ الجودة؛
‒ المحاسبة والمسؤولية؛
‒ الخضوع للمبادئ والقيم الديمقراطية في التسيير.
بجانب الدستور نجد القوانين التنظيمية والتي يعترف لها الدستور بهذه الصفة وتخضع
إلجراءات خاصة محددة في الدستور ،وتأخذ مكانتها من حيث مسطرة إعدادها واقرارها .فوفق
المعيار الشكلي تتميز القوانين التنظيمية 21بأنها:
-قواعد مكملة للوثيقة الدستورية؛
-وجوب انصرام مدة عشرة أيام بين إيداعها والمداولة فيها؛
-لزوم إقرار القوانين التنظيمية بمجلس المستشارين بصيغة موحدة؛
-ضرورة عرضها على المحكمة الدستورية.
لقد تضمن الدستور الحالي مستجدات ترتبط بمجاالت ومساطر اعتماد القوانين
التنظيمية ،اذ وسع من مجاالت ومشموالت القوانين التنظيمية لتشمل الميادين
التالية:
-مراحل تفعيل الطابع الرسمي لألمازيغية؛
-مجلس وطني للغات والثقافة االمازيغية؛
-اإلضراب ؛
-األحزاب السياسية؛
مصطفى قلوش :اإلطار القانوني والفقهي للقوانين التنظيمية .المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد ،47دجنبر ،2002ص:
.1121
15
‒ حقوق فرق المعارضة (والذي ترك الدستور أمر تنظيمها حسب الحالة بموجب قوانين
تنظيمية أقوانين أو بمقتضى النظام الداخلي لكل مجلس من مجلسي البرلمان)؛
‒ الملتمسات في مجال التشريع؛
‒ العرائض المقدمة إلى السلطات العمومية؛
‒ مجلس الوصاية؛
‒ الئحة المؤسسات والمقاوالت العمومية االستراتيجية ؛
‒ مجلس النواب ؛
‒ مجلس المستشارين؛
‒ اللجان النيابية لتقصي الحقائق؛
‒ القانون التنظيمي للمالية؛
‒ تنظيم وتسيير أشغال الحكومة؛
‒ النظام األساسي للقضاة؛
‒ المجلس األعلى للسلطة القضائية؛
‒ إجراءات وشروط الدفع المتعلق بعدم دستورية قانون أمام المحكمة الدستورية ؛
‒ انتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية؛
‒ الجهات؛
مجالس العماالت واالقاليم؛ ‒
‒ الجماعات؛
‒ المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي؛
أما بخصوص المساطر المعتمدة في اعتماد والموافقة على مشاريع القوانين التنظيمية،
فيمكن التمييز بين مرحلتين :
المرحلة الحكومية والتي يتم فيها إعداد مسودات هذه النصوص والقيام بالمشاورات الالزمة
لضمان أكبرمشاركة للفاعلين في صياغتها قبل عرضها على المجلس الحكومي والمجلس
الوزاري.
المرحلة البرلمانية والتي تتمثل في إحالة هذه المشاريع على مجلسي البرلمان من أجل
الدراسة والتصويت عليها.
16
وبخصوص هذا النوع من النصوص القانونية ،فعقب التصويت عليها يجب إحالتها على
المحكمة الدستورية للتأكد من مطابقتها ألحكام الدستور ليتم نشرها في الجريدة الرسمية.
ويمكن تحديد أهم مراحل هذه المسطرة فيما يلي:
التداول بشأنها في المجلس الوزاري (الفصل 49من الدستور)؛
االحالة باألسبقية على مجلس النواب؛
ال يتم التداول في شأنها من قبل مجلس النواب إال بعد مضي (عشرة أيام) على
وضعهالدى مكتبه ؛
تتم المصادقة عليها باألغلبية المطلقة لألعضاء الحاضرين بمجلس النواب ،غير
أنه إذا تعلق األمر بمشروع قانون تنظيمي يخص مجلس المستشارين أو
الجماعات الترابية فإن التصويت يتم بأغلبية أعضاء مجلس النواب؛
يتم إقرار القوانين التنظيمية المتعلقة بمجلس المستشارين باتفاق بين مجلسي
البرلمان على نص موحد؛
ال يمكن إصدار األمر بتنفيذ القوانين التنظيمية إال بعد أن تصرح المحكمة
الدستورية بمطابقة أحكامها للدستور.
وقد أقر المجلس الدستوري منذ سنة 2011هذه المسطرة في جل مشاريع القوانين
التنظيمية المحالة عليه من أجل النظر في مطابقتها ألحكام الدستور.22
ونظ ار لكون الطبيعة التأسيسية للمرحلة الموالية لتنفيذ دستور فاتح يوليوز ،2011فقد
تضمنت الوثيقة الدستورية مقتضى ورد في الفصل 86منه ينص على أنه "تعرض مشاريع
مشاريع القوانين التنظيمية المنصوص عليها في هدا الدستور وجوبا قصد المصادقة عليها من
قبل البرلمان ،في أجل اليتعدى مدة الوالية التشريعية األولى التي تلي صدور األمر بتنفيد هدا
الدستور".
ولم تعرف هذه الفترة(الوالية التشريعية التاسعة) المصادقة على أي مقترح قانون تنظيمي
اللهم ما ارتبط بمقترح القانون التنظيمي المتعلق باللجان النيابية لتقصي الحقائق الذي تمت
22قرارات
رقم/961،15/955،15/950،15/943،14/941،14/854،14/862،12/821،12/821،11/820،11/818،11/817،11/11_:
،968وغيرها.
17
إعادته الى لجنة العدل والتشريع وحقوق االنسان بمجلس النواب بعد أن تم عرضه على الجلسة
العامة بتاريخ.23
ومن المجاالت ذات الطبيعة اإلدارية التي تم تأطيرها بالقوانين التنظيمية يمكن اإلشارة
إلى:
‒ العرائض المقدمة إلى السلطات العمومية؛
‒ الئحة المؤسسات والمقاوالت العمومية االستراتيجية ؛
‒ القانون التنظيمي للمالية؛
حق اإلضراب؛ ‒
‒ تنظيم وتسيير أشغال الحكومة؛
الجهات؛ ‒
‒ العماالت واألقاليم؛
‒ الجماعات.
23انظر تقرير لجنة العدل والتشريع وحقوق االنسان بمجلس النواب المتعلق باللجان النيابية لتقصي الحقائق.السنة التشريعية الثانية
،2013-2012دورة أبريل .2013
–1عبد القادر باينة :مرجع سابق ،ص.55 :
18
بالقانون اإلداري كاألنظمة األساسية الخاصة بالقضاة والموظفين والنظام االنتخابي لمجالس
الجماعات الترابية واحداث المؤسسات العمومية ...إضافة إلى مواضيع أخرى ،وفي المقابل حدد
24
الفصل 72المجاالت التي هي من اختصاص السلطة التنظيمية.
الفرع الخامس :الق اررات التنظيمية.
ال تختلف الق اررات التنظيمية من حيث المضمون عن القانون ،إذ تتصف هي أيضا
بالعمومية والتجريد واإللزام ،إال أنها تصدر عن السلطة التنفيذية .وتعرف سلطة اتخاذ الق اررات
التنظيمية بالسلطة التنظيمية ،ويمارسها في المغرب رئيس الحكومة وفقاللفصل ( )90وتحمل
الق اررات التنظيمية هذه الصادرة عنه التوقيع بالعطف من لدن الوزراء المكلفين بتنفيذها ،وهي
تدخل في إطار المجال التنظيمي المعهود به للحكومة .وتبعا لذلك فإن المعيار الشكلي هو
الحاسم للتمييز بين الق اررات التنظيمية والقانون ويعني اختالف السلطة المختصة بإصدار كل نوع
منهما .ونظ ار الشتراكهما في الصفات الموضوعية من حيث العمومية والتجريد فإن الق اررات
التنظيمية تعرف أيضا بالتشريع <<الثانوي>> أو <<الفرعي>> لتميزها عن <<التشريع
العادي>> أي القانون .25والق اررات اإلدارية نوعان ،هناك القرار اإلداري التنظيمي التي ال
يستهلك مرة واحدة بمجرد تطبيقه ويهم فئة معينة ،أما القرار اإلداري الفردي فيهم شخص محدد
بصفته واسمه كأن يتعلق األمر بترقية مثال دون أن يتعداه إلى موظف آخر ،الذي يتطلب
استصدار قرار جديد لترقيته ،وتأتي الق اررات التنظيمية في مرتبة أدنى من القانون لكنها على
درجة من الق اررات اإلدارية الفردية.
وتعتبر الق اررات التنظيمية من الوسائل األساسية التي تعتمد عليها اإلدارة في نشاطاتها
اليومية ،ولهذا فهي تدرج في مصادر القانون اإلداري على أساس القانون بمفهومه الواسع وليس
القانون بالمعنى الشكلي الصادر عن السلطة التشريعية.
المطلب الثاني :المصادر غير المكتوبة.
تحتل المصادر غير المكتوبة مرتبة أساسية من بين مصادر القانون اإلداري في ضبط
كثير من مبادئه وأحكامه يمكن أن نحصرها في :العرف اإلداري والمبادئ العامة للقانون
واالجتهاد القضائي والفقه.
الفرع األول :العرف اإلداري.
ويقصد به السير على نمط معين مدة تكفي لكي تضفي على القاعدة عنصر اإللزام ويتولد
العرف في القانون اإلداري من التزام اإلدارة في إشرافها على مرفق ما بقاعدة معينة والسير على
فترة من الزمن ،فتصبح تلك القاعدة ملزمة لها ،حيث ال تستطيع العدول عنها ،بشرط أال تكون
24يمكن العودة إلى القسم المتعلق بالحكومة ،وبشكل خاص تحديد نطاق التشريع ومجال التنظيم.
–25عبد القادر باينة :مرجع سابق ،ص.59:
19
تلك القواعد مخالفة للدستور وللقوانين 26وللق اررات التنظيمية المعمول بها ،وعموما يعد العرف
مصد ار ثانويا للقانون اإلداري نظ ار لحداثة قواعد القانون اإلداري.
الفرع الثاني :المبادئ العامة للقانون.
كسائر المصادر األخرى السابقة ،ال ينكر القانون اإلداري المبادئ العامة للقانون
كمصدر خاص به والتي تعد مظه اًر من مظاهر دولة القانون ،وهي متعددة يحاول الفقهاء
توسيعها بغية إعطاء أسس سليمة وشرعية لألعمال القانونية والتصرفات اليومية لألفراد
وللسلطات العمومية.
ويلعب القضاء اإلداري دو اًر أساسيا في إظهار هذه المبادئ العامة والكشف عنها وأحيانا
خلقها ب أن يستوحيها من الروح العامة للقانون .وقد أقر الدستور المغربي كثي ار منها في الباب
األول منه لممارسة كثير من الحقوق والحريات ،وأصبحت بالتالي هذه المبادئ أحد مصادر
القانون اإلداري وتلتزم اإلدارة بها عند وضع ق ارراتها أو القيام بنشاطاتها واال تعرضت أعمالها
للبطالن نذكر منها27 ،مبدأ قوة الشيء المقضى به ،مبدأ عدم رجعية الق اررات اإلدارية ،مبدأ كفالة
حق الدفاع ،مبدأ وجوب احترام الحقوق المكتسبة ،مبدأ عدم جواز تعدد الجزاءات على الفعل
الواحد ومبدأ حرية التجارة والصناعة.....
الفرع الثالث :االجتهاد القضائي.
يعد أهم مصدر من مصادر القانون اإلداري لدوره األساسي والبارز في اكتشاف ووضع
قواعده ،مما أدى إلى نعت القانون اإلداري بأنه قانون قضائي سنتولى تبيان ذلك
عند الحديث عن خصائصه.
الفرع الرابع :الفقه.
يعد الفقه مصد اًر استثنائيا للقانون اإلداري لكونه يقدم نوعا من اإلرشاد لكل من المشرع
والقاضي ،فالفقيه يشرح القواعد القانونية ببيان معناها وايضاح شروط تطبيقها والنقائص والعيوب
التي تتضمنها األنظمة القانونية والحلول الممكنة إلصالحها.
المبحث الرابع :نشأة القانون اإلداري في فرنسا والمغرب.
يتسم القانون اإلداري بأنه قانون حديث النشأة إذ يرجع تاريخ نشوئه إلى بداية القرن ،19
وقد ارتبط هذا القانون بنظام ازدواجية القانون في البلدان التي تفرد قواعد قانونية متميزة لإلدارة
تطبق على أنشطتها تميي از لها عن الثقافة القانونية األنجلوساكسوية التي ال تعترف لإلدارة
بوضعية متميزة عن الخواص ،وبالتالي قانون إداري ينظمها.
20
المطلب األول :في فرنسا.
تعد فرنسا أول دولة أخذت بنظام ازدواجية القانون وعنها أخذت باقي الدول .إذ ظهر
القانون اإلداري مع مجيء الثورة الفرنسية ،حيث أدت خيارات رجال الثورة إلى االستغناء عن
قواعد القانون الخاص في تنظيم نشاط اإلدارة وضبط عالقتها بالجمهور إلى نشوء هذا القانون،
من خالل إنشاء أجهزة خاصة لفض النزاعات اإلدارية ،تحولت مع مرور الوقت إلى محاكم
خاصة متميزة عن المحاكم العادية ،تطبق قانونا خاصا متمي از عن القانون اإلداري .1
وباعتبار أن القانون اإلداري يعد نتاجاً الجتهادات مجلس الدولة لذلك فقد تدرج في النشأة
وارتبط بالتطورات التي رافقت تطور القضاء اإلداري ممثال في اجتهادات مجلس الدولة ،حيث
تدرج في ثالث مراحل لم يكن في بداية األمر إال جها از إداريا استشاريا بجانب الحاكم ثم تحول
إلى جهاز شبه قضائي خاضعا لوصاية من قبل الملك قبل أن يرتقي إلى مستوى الجهاز
القضائي المستقل.
وقد أخذت بنظام الثنائية القانونية هذا مجموعة من الدول كمصر ،إلى جانب أخرى في
الحقبة االستعمارية ،خصوصا الدول اإلفريقية الفرنكفونية بمن فيها دول المغرب العربي ،حيث
نجد كل من تونس والج ازئر والمغرب ،أخذت بثنائية القانون(قانون إداري–قانون خاص) مع وحدة
القضاء في البداية قبل أن تتبنى ثنائية القانون والقضاء.
المطلب الثاني :نشأة القانون اإلداري في المغرب.
كانت سلطات الحكم واإلدارة في مغرب ما قبل الحماية مجتمعة في يد السلطان يفوضها
إلى وزير كلما توسعت القضايا المعروضة عليه ،ولم يعرف القانون اإلداري بمعناه الحديث إال
مع معاهدة الجزيرة الخضراء 1906وظهير 12غشت 1913المتعلق بالتنظيم القضائي .وبعد
االستقالل أنشأ المجلس األعلى في 27شتنبر ،1957والذي من جملة اختصاصاته البث في
دعاوى اإللغاء للشطط في استعمال السلطة ضد الق اررات الصادرة عن السلطات اإلدارية ،واستمر
األخذ بازدواجية القانون مع وحدة القضاء إلى حين إنشاء المحاكم اإلدارية بقانون 41-90سنة
1993تبعته محاكم استئناف إدارية سنة ،2006حيث أصبح يتبنى االزدواجية في القانون
والقضاء ،وبذلك خطى خطوة هامة في اتجاه توطيد قواعد القانون اإلداري.
المبحث الخامس :خصائص القانون اإلداري.
يهتم القانون اإلداري ،كفرع من القانون العام الداخلي ،بتنظيم ونشاط اإلدارة ،وبحكم
قواعده التي هي قواعد خاصة ،يتميز بمجموعة من الخصائص تجعله يختلف عن باقي فروع
القانون األخرى ،وقد حاول الفقهاء إبرازها مع التأكيد على بعض الصفات التي ينفرد بها عن
21
القوانين األخرى ،ويمكن أن ينسب للقانون اإلداري كثير من الصفات والخصائص لكننا سوف
نقتصر على ما نراه هاما منها :قانون حديث النشأة ،قانون قضائي قانون غير مقنن.
وهناك من يضيف خصائص أخرى :قانون السلطة العامة – مستقل – سريع – التطور –
مرن.
المطلب األول :القانون اإلداري قانون حديث النشأة.
لقد سبق أن أكدنا بأن نشأة القانون اإلداري بمفهومه الحديث باعتباره قواعد متميزة عن
قواعد القانون الخاص ،لم يظهر إال في النصف الثاني من القرن ،19حيث أصبح يكتمل في
فرنسا تبعا لتطور القضاء اإلداري بها وتكيفه مع التطورات االجتماعية واالقتصادية خالل القرن
.20فالنظرة التي سادت فيها ترتكز على وجود قانون خاص يطبق على العالقات التي تكون
فيها اإلدارة طرفا وعلى وجود محاكم خاصة تفصل في النزاعات الناشئة عن هذه العالقات.
وينطلق إحداث المحاكم اإلدارية في فرنسا بإنشاء محاكم خاصة تفصل في النزاعات اإلدارية
وفي قمة هذه المحاكم يوجد مجلس الدولة .1
وهكذا ،فوجود القانون اإلداري في فرنسا اقترن بإنشاء محاكم إدارية متميزة عن المحاكم
العادية .خاصية الحداثة جعلت من القانون اإلداري قانون متطور ومتجدد ومرن ،متكيفا مع
التطور والتجدد الذي تعرفه الحياة اإلدارية والنشاطات المتنوعة التي تقوم بها اإلدارة تبعا لتطور
مفهوم الصالح العام ،واتساع ميدان تدخل الدولة في كثير من النشاطات االقتصادية واالجتماعية
التي كانت مقصورة من قبل الخواص .وان تنظيم هذا النشاط أصبح يخضع لقواعد معينة ،هي
قواعد القانون اإلداري بشكل متميز كما كان عليه األمر قبل إنشاء القانون اإلداري في مفهومه
الحديث ،وبشكل متميز أيضا عما هو عليه الوضع في الدول االنجلوساكسونية التي ال تعرف
مميز عن القانون الخاص ،سمة الحداثة هذه تجعل من القانون اإلداري خاضعا ًا قانونا إداريا
للتطور والتجدد وسيبقى قابال للمرونة 28تبعا لتطور القضاء.
المطلب الثاني :القانون اإلداري أساسا قانون قضائي.
يتميز القانون اإلداري بأنه قانون قضائي لكون أبرز نظرياته األساسية ومبادئه الرئيسية
وقواعده من صنع القضاء وعلى وجه التحديد من ابتكار مجلس الدولة الفرنسي.
حقّا أننا نجد اآلن كثي ار من القواعد التي مصدرها التشريع ،سواء كان هذا التشريع
األساسي (الدستور) أو العادي (القانون) أو الثانوي (الفرعي) ،باإلضافة إلى مصادر أخرى
كالعرف والمبادئ العامة للقانون ...إال أنه يبقى للقضاء دائما مسحة واضحة على قواعد القانون
اإلداري ،إذ مهما تعددت التشريعات في المجالي اإلداري وتنوعت وأحكمت صياغتها فإن الوقائع
22
التي تخضع ألحكام هذا القانون يصعب حصرها وهي متجددة ومتغيرة دوما بتجدد الحياة اإلدارية
وتغيرها بحيث يصعب العثور على القاعدة التشريعية 29تبعا لتنوع مفهوم الصالح العام.
وهكذا ،فدور القاضي اإلداري رغم أنه ليس مشرعا يخلق القواعد الجديدة ويفسر تلك
القائمة ويوازن في ذلك بين المصلحة العامة والمصالح الخاصة (بين السلطة والحرية).
* خلق القاعدة القانونية من طرف القاضي:
القاضي هو المبدع للنظريات والمبادئ المتميزة عن تلك التي يعرفها القانون الخاص (قرار
بالنكو ،)1873ولهذا فإن أهم نظريات القانون اإلداري ولو أنها أصبحت في معظمها مدونة
يرجع أصلها إلى القضاء اإلداري :كالعقود اإلدارية ،المسؤولية اإلدارية ،ونزع الملكية من أجل
المصلحة العامة ،وتنفيذ الق اررات اإلدارية ...الخ وقد تميز القضاء المغربي عن نظيره الفرنسي
فيما يخص رقابة الق اررات الصادرة عن رئيس الدولة ،مما يؤكد على اختالف دور القاضي من
بلد ألخر تبعا للتطورات الخاصة بكل بلد.
* تفسير القانون من قبل القضاء :ويستمد التفسير أصله من حرية القاضي اإلداري في
التقييم معتمدا في ذلك على السلطة التقديرية وما تمليه عليه ظروف النازلة على المبادئ العامة
المقررة في القانون وخصوصيات المجتمع.
* الموازنة بين المصلحة العامة والمصالح الخاصة:
القاضي اإلداري هو الذي يزيل عن القانون اإلداري صفة بأنه ال يخدم إال اإلدارة وأنه جاء
فقط لضمان امتيازاتها على حساب األفراد ،وبذلك فإن القانون اإلداري تبعا لدور القاضي اإلداري
يعمل في نفس الوقت على تحقيق المصلحة العامة دون أن يغفل المصالح الخاصة على أساس
أن تحقيق المصلحة الخاصة يمكن أن يؤدي إلى تحقيق المصلحة العامة ويعمل القاضي مثال
على نزع الملكية الخاصة لصالح نشاط خاص على أساس أن هذا النشاط يحقق المصلحة
العامة (مثال في سنة 1975رجح القضاء المصلحة الشخصية لموظفة مغربية تعمل في البعثة
الثقافية المغربية بفرنسا ،إذ رفض المقرر القاضي بإرجاعها إلى المغرب على أساس أن اإلدارة
<<لم تختر الوقت المتالئم لقرارها>> ،وفي فرنسا أيضا قرر مجلس الدولة تفضيل مصلحة
مستشفى لألمراض العقلية في ملك الخواص على مصلحة عامة في شق طريق رئيسي.
فاالجتهاد القضائي يبرز دور القاضي في خلق كثير من قواعد القانون اإلداري وجرأته في
تفسير القانون ورغبته في الموازنة بين المصلحة العامة والمصالح الخاصة ،والمقارنة بين مختلف
المصالح العامة ،وهو بذلك يعمل على إعطاء القانون اإلداري كثي ار من معالمه األساسية.
23
المطلب الثالث :القانون اإلداري قانون غير مقنن.
يقصد بالتقنين إصدار قانون يضم القواعد الكلية والتفصيلية التي تحكم نوعا معينا من
النشاط ،ومعظم فروع القانون توجد اآلن مدونة .أما القانون اإلداري فلم يتم تقنينه إلى اآلن ،بل
يرى الفقهاء أن تجميعه في وثيقة واحدة ليس باألمر اليسير.
والحقيقة أن عدم تقنين القانون اإلداري ال يرجع إلى حداثة المادة وحدها ،بل إلى طبيعة
التشريعات اإلدارية ذاتها ،فالتقنين من طبيعته أن يضفي على التشريع المقنن ثباتا نسبيا ،ويجعل
التعديل فيه أصعب بكثير من التعديل في تشريع منفرد ،وهذا الثبات يتالءم مع الكثير من قواعد
القانون اإلداري ،ذلك أن قواعد هذا القانون ليست مقصورة على التشريع بمعناه الضيق 30بل
يعتمد أيضا على الق اررات التنظيمية والمبادئ العامة للقانون ،باإلضافة إلى االجتهادات القضائية
التي يمكن أن تتغير وتتطور ،لهذا يصعب تقنينه خاصة أن النظريات والمبادئ العامة الخاصة
به كاألعمال اإلدارية ،والمسؤولية اإلدارية ،والتزامات اإلدارة هي من صنع القضاء ،وان من شأن
هذا التقنين أن يؤدي إلى تجميد هذه النظريات أو أنها ستتجاوز بالواقع المتطور والمتجدد الذي
تتحرك فيه اإلدارة.
لكن عدم تقنين القانون اإلداري ال يعني انعدام بعض المواضيع المقننة التي يمكن أن
تكون قد وصلت إلى نوع من االستقرار كقانون الوظيفة العمومية ،القوانين الخاصة باإلدارة
الترابية .فالتقنين من شأنه أن يسهل البحث وقيام اإلدارة بالمهام المنوطة بها لكن تقنين كل
القواعد والمبادئ التي يرتكز عليها قواعد القانون اإلداري سيكون من شأنه تجميد القانون اإلداري
والعمل على الحد من التطور والتجدد الذي يتسم به.31
المبحث السادس :معايير تطبيق القانون اإلداري.
ي قصد بمعيار القانون اإلداري الحاالت التي يتعين فيها على عالقة قانونية ما الخضوع
لقواعد القانون اإلداري بدل قواعد القانون الخاص .إن نشاط اإلدارة ال يخضع بكامله للقواعد
الخاصة للقانون اإلداري ،ذلك أننا نجد حاالت تخضع فيها اإلدارة لقواعد القانون الخاص. 32
ومن جانب آخر ،فإن بيان خضوع العالقة ألحد القانونين قد يكون سببا في تحديد القضاء
المختص ،هل هو القضاء اإلداري أو العادي33 ،حيث يتعين على القاضي وهو المختص في
جميع المواد والقضايا كيف ما كان نوعها (مدنية أو إدارية) معرفة ما إذا كان أمام المادة
اإلدارية ،وبالتالي يتحتم عليه تطبيق قواعد القانون اإلداري. 34
24
ويعتبر موضوع معايير تطبيق القانون اإلداري من المواضيع التي يختلف فيها الفقهاء بين
مؤيد لمعيار ومناهض لمعيار آخر ،وال زال هذا االنقسام ملحوظا بشدة إلى يومنا هذا ،وهناك
رأيين يتقاسمان النقاش المطروح ،رأي يدافع عن معيار السلطة العامة الذي تمثله اإلدارة عند
استفادتها من قواعد القانون اإلداري وآخر ينكر صالحية هذا المعيار ،ويدافع بنفس الحماس
والقوة على معيار المرفق العمومي ،ويعتبر أن القانون اإلداري يحدد مجاله في التطبيق عندما
يتعلق بنشاط اإلدارة بمرفق عمومي.
ورغم وجود مؤيدين لكل من هذين المعيارين ،فاالتجاه السائد حاليا هو التفكير في إيجاد
معيار وسط يجمع بين المعيارين ،وهو ما يعرف بالمعيار المختلط الذي ال ينسى معيار السلطة
العامة ويحاول أن يكمله بمفهوم إشباع الحاجات العامة التي يتوخاها المرفق العمومي.35
المطلب األول :معيار السلطة العامة.
لقد كانت أولى األفكار التي ارتكز عليها فقهاء القرن 19لتحديد نطاق القانون اإلداري
هي التمييز بين أعمال السلطة وأعمال اإلدارة العامة ،ذلك أن هؤالء الفقهاء اعتمدوا أول األمر
في تحديد العالقات التي تخضع للقانون اإلداري ،على فكرة التمييز بين العالقات التي تتدخل
فيها اإلدارة ،باعتبارها سلطة عامة ،فتصدر األوامر والنواهي ،وتلك التي تظهر فيها كشخص
عادي تقوم بمجموعة من األعمال المالية ،فتبيع وتشتري وتؤجر ...وغير ذلك من األعمال التي
تخضع عادة لقواعد القانون الخاص ،فقالو بأن أعمال األولى تسمى بأعمال السلطة وتخضع
للقانون اإلداري بينما األعمال األخرى هي األعمال المادية أو التسييرية لإلدارة وتخضع فيها
لقواعد القانون الخاص ،كما هو الشأن بالنسبة للخواص واألفراد .وقد كان أحد أكبر أنصاره الفقيه
الفريير La Ferrièreوسميت بمدرسة السلطة العامة .36
إال أن هذا المعيار وجهت إليه عدد من االنتقادات باعتبار أن اإلدارة قد تستفيد من بعض
االمتيازات الخاصة وغير المألوفة في القانون الخاص ،حتى في نطاق العالقات الخاصة باإلدارة
المالية أو التسيير ،كما هو الشأن بالنسبة لالمتيازات الخاصة التي تتوفر عليها اإلدارة أثناء
إبرامها ال عقود اإلدارية ،وهي عبارة عن إجراءات غير مألوفة في القانون الخاص ،كما أنه ليس
هناك ارتباط حتمي بين األعمال المالية لإلدارة وضرورة تطبيقها للقانون الخاص.
إضافة إلى عامل آخر ساهم في مراجعة المعيار هو تراجع فكرة حرية التجارة والصناعة،
حيث أصبحت الدولة تتدخل من أجل تقديم خدمات أساسية واجتماعية ،مما جعلها ترغم – نتيجة
ذلك – على خلق مرافق عمومية تتولى هذه المهمة.
25
ونتيجة لهذا كله بدأ يتضح جليا أن خضوع اإلدارة لقانون مستقل هو القانون اإلداري ال
يعود إلى كونها في حاجة إلى السلطة والسيادة ،ولكن ألن مستلزمات المرافق العمومية تتطلب
ذلك.
المطلب الثاني :معيار المرفق العمومي.
إذا كان معيار السلطة العامة كاف في بداية القرن ،19حيث كانت الدولة تلعب في حياة
المواطنين دو اًر محدوداً وال تتدخل إال لتنظيم مرافق الدفاع الوطني والشرطة والقضاء( أي الدولة
الدركية أو الحامية) ،فإنه مع تطور وظائف الدولة مع النصف الثاني من القرن 19وتعدد
تدخالتها في عدة ميادين إلرضاء حاجيات العموم ،جعل اإلدارة في حاجة للتمتع بامتيازات
وقواعد القانون اإلداري ،وهكذا انتصرت فكرة المرفق العام ،وبالتالي التمييز بين نشاط المرفق
العام عن غيره من األنشطة ،لذا فإن العالقة ينبغي أن تخضع لقواعد القانون اإلداري كلما تعلق
37
األمر بمرفق عام ،وتترك للقانون الخاص في غير ذلك ولو كانت اإلدارة طرفا فيها.
وقد بدأ هذا المعيار الجديد فأخذ طريقه إلى القانون اإلداري منذ أواخر القرن ،19وسجلته
سلسلة من أحكام مجلس الدولة ومحكمة التنازع ،وعلى رأسها حكم محكمة التنازع الشهير في
وحكم مجلس الدولة الصادر في 6فبراير 1903 38
قضية بالنكو الصادر في 8فبراير ،1873
في قضية تيرييي.
وكما غالى بعض الفقهاء في تحمسهم لفكرة السلطة العامة ،فعل غيرهم بالنسبة لمعيار
المرفق العمومي .فقد قام فريق منهم سمي بمدرسة المرفق العمومي أو مدرسة بوردو على رأسها
دوجي Dugiوجيز JIZوبونار BOUNARDبرد جميع نظريات القانون اإلداري إلى فكرة
39
الخدمة العامة والمرفق العمومي.
إال أنه بالرغم من هذا النجاح الذي حققته مدرسة المرفق العمومي ومعيار المرفق العمومي
في حل الكثير من المشاكل المطروحة فإن الحياة اإلدارية – كما هو معلوم – ال يمكن أن تجمد
على حال واحد ،بل إنها بطبعها متطورة وتحتاج إلى التكيف واالنسجام مع األوضاع الجديدة
والمستجدات ،لذلك ظهرت نقائص هذا المعيار عندما أصبحت الدولة ذاتها تلجأ إلى حلول
االقتصاد الموجه بدل االقتصاد الحر ،وأدى ذلك إلى إنشاء كثير من المرافق االقتصادية التجارية
والصناعية ،فتبين أنه ليس من األصلح وال من األفيد ،خضوع هذه المرافق لقواعد القانون العام
دائما ،فاإلدارة لم تعد ترى مانعا في اللجوء إلى قواعد القانون الخاص إلدارة األموال العامة،
26
وتلجأ إلى إبرام عقود تخضع لهذا القانون وتخضع مرافقها التجارية والصناعية لقليل أو كثير من
أساليب القانون الخاص.
أضف إلى هذا أن المرفق الواحد قد يعرف أنشطة تخضع للقانون العام وأخرى تخضع
للقانون الخاص .كما أنه لم يعد هناك تالزم بين النشاط المرفقي العمومي ووجود منظمة أو
جهاز عام فبعض الخواص يتدخلون في تسيير المرافق العمومية ،كما يظهر ذلك على مستوى
المرافق التي تدار عن طريق االستغالل المباشر أو االمتياز أو شركة مساهمة.40
والخالصة أن فكرة المرفق العام لم تصبح وحدها كافية لتحديد نطاق القانون اإلداري ،إذ
يمكن وجود القانونين معا (الخاص والعام) داخل المرفق العام ،واتجه الفقهاء المعاصرون إلى
41
إيجاد وسيلة أخرى لتحديد نطاق القانون اإلداري.
المطلب الثالث :المعيار المختلط.
نتيجة ظهور مرافق عامة جديدة ،كالمرافق االقتصادية (الصناعية والتجارية) ومرافق
التنظيم المهني ،حاول الفقه الفرنسي البحث عن معيار جديد يحل محل معيار المرفق العام فقد
اتسع مفهوم المصلحة العامة ولم يعد القيام بالمشروعات ذات النفع العام حك اًر على اإلدارة،
فبعض الخواص قد يقومون بأنشطة ال تهدف الربح وانما تسعى أوال إلى تحقيق أغراض
المصلحة العامة وتعترف لها الدولة بذلك ...وهذه هي التي يطلق عليها المشروعات الخاصة
ذات النفع العام.
هكذا ،فأشكال تدخل السلطات العمومية في إدارة المرافق العمومية متنوعة ،فقد تتخذ
احتكار أو تقاسم النشاط مع الخواص أو االكتفاء بالمشاركة معهم .أو بمجرد مراقبة وتنظيم
النشاط1،لذا أصبح الفقه يعتمد فقط في تحديد معيار تطبيق القانون اإلداري على أعمال اإلدارة
الرامية إلى تحقيق المصلحة العامة أو المنفعة العامة ،لكن ما لبث أن تخلو عن هذا المبدأ
ومنهم فالين WALLINEنفسه حيث اعترف بأن مفهوم المنفعة العامة واسع جداً ال يصلح
كمعيار سليم لتطبيق القانون اإلداري.2
وبالرغ م من االنتقادات الفقهية التي وجهت إلى نظرية المرفق العمومي ،فإن القضاء يعود
إليه الفضل األساسي في ابتكارها ،فهو ال يزال يأخذ بها في حلوله سواء فيما يتعلق بتكييف
القرار اإلداري والعقد اإلداري واألمالك العامة واألشغال العامة ،وهي أغلب مجاالت القانون
اإلداري.
–40محمد أيت المكي :محاضرات في المرافق العمومية الكبرى بالمغرب ،مرجع سابق ص.12:
–41المصطفة خطابي :مرجع سابق .ص.41:
–1محمد آيت المكي :محاضرات في المرافق العمومية الكبرى بالمغرب ،مرجع سابق ،ص.14-13-12 :
–2عبد القادر باينة :مرجع سابق ص.89:
27
وبالتالي فالمرفق العمومي ال زال هو الطابع المميز لإلدارة ،ولكن المرافق العمومية ال
تستغرق جميع أوجه نشاط اإلدارة ،فاإلدارة لها أوجه نشاط أخرى مكملة ألوجه النشاط اإلداري
المرفقي.
موضوعات القانون اإلداري.
-التنظيم اإلداري.
-النشاط اإلداري.
-وسائل عمل اإلدارة.
-رقابة القضاء على أعمال اإلدارة.
28
الباب األول
األسس العامة للتنظيم اإلداري
يقصد بالتنظيم اإلداري تحديد األسلوب الكفيل بتنفيذ اختيارات الدولة ووظائفها وبيان كيفية
إنجازها باستخدام اإلمكانيات المتوفرة .ويعتبر عملية ضرورية لقيام اإلدارة بوظائفها وتحقيق
نشاطها ،وقد أصبح من أهم الموضوعات التي تدرس ليس فقط في القانون اإلداري بل أيضا في
علم اإلدارة.
إن دراسة التنظيم اإلداري من زاوية القانون اإلداري هي دراسة وصفية تبرز الهياكل
القائمة وتشرحها وتحللها .وقد تركز مفهومه النظري والتطبيقي على محورين أساسيين عمال
بالفعل على تحديد هذا التنظيم يتأرجح بين المركزية والالمركزية ،وذلك تبعا للتطورات التاريخية
والسياسية واالجتماعية لكل دولة.
ومن جانبه عمل مفهوم الشخصية المعنوية دو ار بار از في إعطاء الشكل القانوني لمختلف
تحركات اإلدارة ،على أساس أنها تتميز عن األشخاص الطبيعيين الذين تعمل من أجل
مصلحتهم في إطار تحقيق الصالح العام .لذلك من خالل دراستنا لكل من الشخصية المعنوية
(القسم األول) والمركزية والالمركزية اإلدارية (القسم الثاني) سنعمل على تحديد األسس العامة
للتنظيم اإلداري.
29
القسم األول
الشخصية المعنوية
يعرف القانون اإلداري عددا من األشخاص القانونية إذ أن العالقة فيما بينها وبين
42
ففي إطار التهيئة القانونية للبنايات اإلدارية تشغل تقنية الخواص تشكل أهم موضوعاته،
الشخصية المعنوية مكانة هامة في إصباغ الشكل القانوني على الهياكل اإلدارية .فاإلدارة في
مفهومها العضوي ما هي إال مجموعة من األشخاص المعنوية الترابية أو الوظيفية يرتبطون في
أنشطتهم عبر رابطة التكامل والرقابة.43
ويلعب مفهوم "الشخص اإلداري" أو شخص "القانون العام" دو ار هاما في التنظيم اإلداري.
إذ أن نشاط األشخاص اإلدارية هو أساسا إدارة المرافق العمومية ،األمر الذي يفسر الترابط الذي
كان حاصال بين مصطلح "األشخاص اإلدارية" و"المرافق العمومية" ،إال أن ذلك لم يعد اليوم
مقبوال لكون األشخاص اإلدارية قد تقوم بأنشطة ثانوية ال ترتبط مباشرة بتسييره أي المرفق
العمومي .وبالمقابل ،فالخواص الذين ال يعتبرون أشخاصا إدارية أصبحوا اليوم يساهمون في
تسيير المرافق العمومية أو خلقها.44
ولفهم المقصود بالشخص المعنوي ،سنعرض أوال لتحديد المفهوم (الفصل األول) ثم
لمقوماته (الفصل الثاني) ثم أخي ار أنواعه (الفصل الثالث).
42
– J.M.AUBY, J.B. AUBY : Institutions administratives, 7ème édition DALLOZ 1996 p :13.
43
– Yves , GUAUDMET : Traité de droit administratif. Tome 1. L.G.D.J.DELTA 16ème éd, 2002 p :51.
44
– J.M. AUBY, J.B. AUBY , Institutions administratives op.cit. p :13.
30
الفصل األول
مفهوم الشخصية المعنوية.
يقوم القانون في مجمله على تنظيم الحق وتحديد مدلوله وتبيان موضوعه وربطه
بااللتزامات المتولدة عنه .وهذا الحق بذاته ليس مجرداً أو خياليا بل هو حقيقة ترتبط بحقيقة
أخرى هي الشخص ،والشخص موضوع هذا الحق ارتبط باإلنسان الطبيعي اآلدمي.
واذا كان المفهوم الفلسفي األخالقي للشخص ال يتصور غير الشخص الطبيعي(اإلنسان)،
فإن اللغة القانونية وباإلضافة إلى هذا الشخص الطبيعي الذي رتبت له حقوقا وفرضت عليه
التزامات ،هناك شخص معنوي اعتباري اعتبره القانون كذلك ورتب له هو اآلخر حقوقا وألزمه
بالتزامات ،الشيء الذي جعل منه ظاهرة قانونية ساهمت بفعالية في تطوير المعامالت اإلنسانية،
سواء في عالقة الخواص في نطاق القانون الخاص أو في عالقات الدولة في نطاق القانون
العام ،حيث وجد الشخص المعنوي أو االعتباري على السواء كشخص معنوي خاص أو كشخص
45
معنوي عام.
واذا كانت نظرية الشخصية المعنوية قد نشأت في مجال القانون الخاص ،إال فإن أهميتها
في مجال القانون العام أصبحت أكثر من القانون الخاص ،نظ ار الهتمام هذا األخير باألشخاص
الطبيعيين ،في حين أن القانون العام ال يعرف األشخاص الطبيعيين إال بصفتهم ممثلين
46
لألشخاص المعنوية.
ويعرف فقهاء القانون الشخص بأنه كل كائن قادر على اكتساب الحقوق وااللتزام
بالواجبات ثم قسموا هذا لشخص إلى شخص طبيعي أو ذاتي ،personne physiqueوالى
شخص معنوي أو اعتباري .personne moraleوالشخص الطبيعي هو اإلنسان أما الشخص
المعنوي فيمكن تقسيمه إلى نوعين :شخص معنوي خاص وهو الذي يخضع ألحكام القانون
الخاص ومثله الشركات والجمعيات ،أما الشخص المعنوي العام فهو الذي يخضع للقانون العام
47
كالدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية.
والقانون اإلداري ال يهتم بدراسة ال الشخص الطبيعي وال الشخص المعنوي الخاص
بل إن أشخاص القانون العام هي التي تعد موضوعات les sujetsهذا القانون األساسية.
31
وتبعا العتبارات المشرع فالشخص المعنوي أو االعتباري هو مجموعة من األشخاص أو
مجموعة من األموال منحها المشرع الشخصية القانونية التي تؤهلها الكتساب الحقوق وتفرض
عليها بعض االلتزامات.48
وعلى هذا األساس فالشخص المعنوي ال يقتصر فقط على مجموعة األشخاص الطبيعيين
المجتمعين لتحقيق هدف أو غرض معين ،بل أن يكون أيضا مجموعة من األموال رصدت
لتحقيق غرض معين ،ال بد من تجمع أشخاص طبيعيين أو أموال يضفي عليها القانون صفة
الشخص المعنوي أو االعتباري ،وعليه فإن الشخص المعنوي يمكنه التملك والتعاقد والتقاضي
شأنه في ذلك شأن األشخاص الطبيعيين تماما.
ولإلشارة فقد تولد عن اإلقرار بوجود الشخص المعنوي نقاش فقهي وفلسفي ،حول طبيعة
الشخصية المعنوية وحقيقتها 49مما يؤكد على أهمية هذه الظاهرة في النسق القانوني.
32
الفصل الثاني
مقومات الشخصية المعنوية.
تقوم الشخصية المعنوية على أركان ضرورية (المبحث األول) تميزها عن األشخاص
الطبيعيين (المبحث الثاني) وتترتب عن ذلك نتائج (المبحث الثالث).
المبحث األول :أركان الشخصية المعنوية.
ترتكز الشخصية المعنوية على عدة دعائم ،يمكن إجمالها في ضرورة توافر عنصرين:
أولهما العنصر الموضوعي أو المادي والثاني عنصر شكلي.
أما العنصر الموضوعي فيتحقق بما يلي:
وجود جماعة من األشخاص واألموال.
وجود مصالح مشتركة :يقتضي هذا أن يكون بين مجموع األشخاص الطبيعيين
المكونين للشخص المعنوي ،مصالح مشتركة تتحقق عن طريق وجود الشخص
المعنوي ،فأعضاء جمعية تربط بينهم مصالح اجتماعية أو إنسانية أو سياسية أو
دينية يسعون لتقوية االتصال والتضامن بينهم في تلك الميادين ،وأعضاء النقابة
تربط بينهم مصالح مهنية تستهدف الدفاع عن المصالح المادية والمعنوية
والمهنية .فأعضاء الشركة تجمع بينهم مصلحة استثمار أموالهم وجلب األرباح،
وأعضاء الجماعات الترابية تجمع بينهم مصالح محلية مشتركة حول قضايا محلية
أو حاجات يسعون إلشباعها ،كما أنه بالنسبة للمواطنين داخل الدولة تجمع بينهم
مصالح مشتركة تستهدف الدفاع عن الوحدة الترابية وضمان االستقالل والسيادة
ورفع شأنها بين الدول األخرى .ووجود المؤسسات العامة ينطلق أساسا من وجود
مصالح يجب تحقيقها ،حيث يعهد إليها بتحقيق أغراض معينة من أجلها كسبت
1
صفة الشخصية المعنوية.
وجود ارتباط بين المصالح المشتركة :وترتبط هذه المصالح المشتركة بما يعرف
أيضا بالتخصص ،حيث تتميز األشخاص المعنوية بأنها قائمة من أجل غرض
معين وأنها تتخصص فيه ،فالدولة تتخصص في إنجاز مهام وطنية في حين
تتخصص الجماعات الترابية في تدبير القضايا الترابية وكذلك الجمعيات
والشركات.
33
وجود إدارة واحدة للشخص المعنوي تتمثل في األجهزة المسيرة :وتظهر هنا
اإلرادة الواحدة للشخص المعنوي في اإلجراءات التي يقدم عليها من أجل تحقيق
المصالح التي أنشء من أجلها ،وتجسد هذه اإلرادة في األعمال المادية والقانونية
التي تقوم بها األجهزة المقررة والمنفذة للشخص المعنوي تبعا الختيارات الشخص
المعنوي والقوانين الداخلية ،أو تبعا للتوجيهات العامة التي قررها المشرع.
يجب أن يكون الغرض المراد تحقيقه ممكنا ومشروعا ومعينا ،ويمكن أن يكون
هذا الغرض ماليا كما في الشركات ،كما يمكن أن يكون غير مالي كالجمعيات.
أما العنصر الشكلي فهو يتحقق باعتراف الدولة أو المشرع بالشخصية المعنوية ،وقد يكون
االعتراف صريحا أو قد يكون ضمنيا ،وقد يتم بطريق االعتراف العام ،وقد يتم عن طريق
االعتراف الخاص.
فاالعتراف العام يتم مهما تحققت الشروط التي حددها المشرع ،أما المجموعات التي ال
تدخل في إحدى الصور التي حددها المشرع فهي ال تكتسب الشخصية االعتبارية إال إذا ورد
نص خاص يمنحها.50
المبحث الثاني :تمييز الشخص المعنوي عن الشخص الطبيعي.
انطالقا من العناصر المكونة للشخص المعنوي ،يمكن أن نستشف عددا من نقاط التمييز
عن الشخص الطبيعي ،ويمكن أن نجمل أهم مظاهر هذا التمييز في:
يبقى الشخص الطبيعي المنضوي داخل الشخص المعنوي محتفظا بذاتيته
المستقلة ،من حيث الذمة المالية ومن حيث المسؤولية والتمثيل.
ال يرتبط الشخص المعنوي بمصير أعضائه :إذ األنظمة القانونية المنشأة له تحدد
طرق تجديد أجهزته في كل األحوال.
تصرفات الشخص المعنوي تنحصر في النشاط الذي أحدث من أجله :أي مبدأ
تخصص الشخص المعنوي.
يتمتع الشخص الطبيعي ببعض الحقوق بمجرد وجوده ،في حين أن الشخص
المعنوي ال يتمتع بحقوقه إال إذا توفرت األركان الضرورية لوجوده وتدخل المشرع
1
لمنحه ذلك.
المبحث الثالث :النتائج المترتبة عن منح الشخصية المعنوية.
–50خالد سمارة الز ْعبي :القانون اإلداري ،مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ،الطبعة الثالثة ،1998 ،ص.99:
1
Jean RIVERO : Jean WALLINE : Droit administratif. 18ème,ed ; Dolloz 2000, p :38.
34
يترتب على االعتراف بالشخصية المعنوية نتائج هامة يشترك فيها أشخاص القانون العام
والخاص (المطلب األول) إال أن القانون يعترف لألشخاص المعنوية العامة ببعض الخصائص
غير المعترف بها لألشخاص المعنوية الخاصة باإلضافة إلى النتائج المشتركة (المطلب الثاني).
المطلب األول :النتائج المشتركة المترتبة عن االعتراف بالشخصية المعنوية.
يمكن القول إجماال بأن القانون يعترف للشخص المعنوي بكل الحقوق التي يعترف بها
للشخص الطبيعي إال ما كان منها مالزما لطبيعة اإلنسان ويمكن تلخيص أهم هذه الحقوق فيما
يلي:
*الذمة المالية المستقلة :لكل شخص قانوني ذمته المالية المستقلة عن ذمة األشخاص
الطبيعيين المكونين له .وللذمة المالية جانبان :جانب إيجابي وهي الحقوق بأنواعها
المختلفة ،وجانب سلبي وهي االلتزامات والواجبات التي تقع على الشخص .فالشخص
المعنوي هو المالك لحقوقه وهو الملتزم وحده بديونه والتزاماته.
*األهلية للتقاضي :وهذه من أهم نتائج الشخصية المعنوية فيجوز للشخص المعنوي رفع
الدعاوي المختلفة للدفاع عن مصالحه طلبا لحقوقه ،كما أن للغير أن يقاضوه طلبا
لحقوقهم عليه .كل هذا في حدود ما يحدده القانون أو يبين في سند إنشائه.
*موطن مستقل :للشخص المعنوي موطنه المستقل عن مواطن األشخاص الطبيعيين
والمعنويين المكونين له .وتحديد الموطن أمر هام .وبخاصة في تحديد المكان الذي توجه
إليه أوراق الدعاوي المرفوعة على الشخص المعنوي .أو في تحديد المحكمة المختصة
مكانيا في دعاوى هذا الشخص.
*األهلية إلبرام العقود
*نائب يعبر عن إرادته :لما كان الشخص المعنوي فكرة قانونية معنوية فال بد أن يكون له
شخص طبيعي كي ينوب عنه في التعبير عن إرادته ،فيقوم هذا النائب بإبرام التصرفات
المختلفة باسم الشخص المعنوي ولحسابه ويبين في سند إنشاء الشخص المعنوي ،أو في
ق اررات الحقة ،الشخص أو األشخاص الذين لهم حق النيابة عنه .كما يضع القانون غالبا
1
بعض الضوابط في هذا الشأن.
*مسؤولية الشخص المعنوي :يكون الشخص المعنوي مسؤوال مدنيا وجنائيا عن األضرار
المنسوبة إليه ،وبالنسبة لألشخاص المعنوية الخاصة ،قد يترتب عن هذه المسؤولية حلها
2
أو توقيفها كما هو عليه األمر بالنسبة للجمعيات.
المطلب الثاني :النتائج الخاصة المترتبة عن االعتراف بالشخصية المعنوية العامة
35
يترتب عن تمتع الهيئات اإلدارية بشخصية معنوية بجوار الدولة النتائج التالية:
*تمتع الشخص المعنوي العام بامتيازات السلطة العامة :تتجلى في إمكانية إصدار ق اررات
إدارية منفردة وملزمة واستعمال وسائل القانون العام كنزع الملكية للمنفعة العامة وابرام
العقود اإلدارية المتضمنة لشروط غير مألوفة في القانون الخاص.
*استقالل نسبي في مواجهة الدولة :فهي ليست دوال داخل الدولة ،بل فروعا منها ترتبط
بها برابط الرقابة اإلدارية أو الوصاية اإلدارية سابقاوتقتسم السلطة عمليا معها ،وبذلك
يمكن أن تتعامل مع أشخاص عمومية أخرى كما يمكن لها أن تنشأ أشخاص عمومية
تابعة لها.
*يعتبر العاملون لدى األشخاص المعنوية العامة موظفون عموميون.
36
*استقالل أشخاص القانون العام بأموالهم :فلكل من الدولة وأشخاص القانون العام األخرى
ذمة مالية خاصة تكمن في ميزانية تتصرف فيها وفق القانون .ويترتب عن هذا االستقالل
إمكانية حصولها على مداخيل مختلفة من دومينها العام والخاص والهبات والوصايا
والمساعدات ،وبالمقابل تتحمل مسؤولية أفعالها الضارة ،سواء أكان أساس المسؤولية العقد
أو الفعل الضار أو اإلثراء بال سبب أو مجرد المخاطرة ،ويجب أن يوجه الشخص
المتضرر دعواه ضد ممثل الشخص المعنوي المسؤول دون إشراك السلطة المركزية معه،
1
كما يتحمل أشخاص القانون العام مسؤولية األعمال الضارة التي تصدر من موظفيها.
37
الفصل الثالث
أنواع األشخاص المعنوية
تنقسم األشخاص المعنوية إلى أشخاص عامة وأشخاص خاصة ،ويرجع هذا التقسيم إلى
تقسيم القانون إلى قانون عام وقانون خاص ،حيث تعتبر األشخاص المعنوية العامة من أشخاص
القانون العام فتخضع ألحكامه وتهدف تحقيق المصلحة العامة ،عبر تمتعها بامتيازات السلطة
العامة .وتعتبر األشخاص المعنوية الخاصة من أشخاص القانون الخاص ،فتسري عليها أحكامه
وتهدف تحقيق المصلحة الخاصة وال تتمتع بأي امتياز في معامالتها القانونية.
ومع ذلك فإن خضوع الشخص المعنوي لهذا النوع أو ذاك من األحكام تبعا للطائفة التي
ينتمي إليها لم يعد مطلقا إلى الحد الذي كان مقر ار من قبل .فمظاهر التداخل بين نوعي
األشخاص المعنوية تتجلى في صفات مشتركة من حيث إنشاؤها وتكوينها والهدف الذي ترمي
51
إليه والوسائل المستعملة والمهام والقانون المطبق.
فهناك من األشخاص المعنوية العامة ما يخضع في بعض النواحي ألحكام القانون
الخاص ،كما هو الحال بالنسبة للمؤسسات العمومية الصناعية أو التجارية كالمكتب الوطني
للسكك الحديدية ،وهناك من األشخاص المعنوية الخاصة ما يخضع في بعض النواحي ألحكام
القانون العام ،كما هو الشأن مثال بالنسبة للهيئات المهنية كمجلس هيئة المحامين ،التي صرح
المجلس األعلى بصدد نزاع وقع بين السيد حسن فتوح وهيئة نقابة المحامين بمدينة وجدة قائال" :
52
وحيث إن القضية جاهزة وباعتبارها إدارية".
المبحث األول :األشخاص المعنوية الخاصة.
وهي تتبع القانون الخاص وتخضع ألحكامه ،كما تخضع للقضاء العادي وهي متنوعة،
تتميز أيضا من حيث الهدف :فمنها من تتوخى الربح المادي كالشركات ،ومنها من ال تتوخى
الربح كالجمعيات والنقابات والهيئات المهنية.
–51للمزيد من التفصيل أنظر :عبد القادر باينة :مرجع سابق ذكره ،ص.164 :
–52عبد الرحمان البكريوي :مرجع سابق ،ص.55 :
38
المبحث الثاني :األشخاص المعنوية العامة.
تخضع األشخاص المعنوية العامة إلى أحكام القانون اإلداري ،وهي على نوعين:
األشخاص المعنوية العامة الترابية أو اإلقليمية ،واألشخاص المعنوية المصلحية أو المرفقية.
المطلب األول :األشخاص المعنوية العامة الترابية أو اإلقليمية.
ويوجد على رأس األشخاص المعنوية الترابية الدولة واألشخاص العمومية الترابية األخرى
التي تنشئها ،وقد حددها الدستور المغربي في الجهات والعماالت أو األقاليم والجماعات الحضرية
أو القروية ،وكل جماعة أخرى تحدث بقانون.
-1الدولة :تعتبر الدولة أهم األشخاص المعنوية العامة،وشخصيتها ركن من أركان
وجودها وفقا لقواعد القانون الدولي العام ،وهي التي تضمن لها االستمرار عبر الزمان بغض
النظر عن أشكال الحكومات المختلفة التي تتعاقب عليها ،وذلك دون حاجة إلى نص دستوري
يقرر شخصيتها .أما عن األشخاص اإلقليمية األخرى ،بالرغم من استقاللها
فهي تتفرع من أصل شخصية الدولة ،لذلك كانت للدولة هيمنتها على جميع األشخاص
1
المعنوية.
وللدولة والية إدارية عامة ،أي أنها تتدخل في كل ميادين العمل اإلداري ،وتمارس
اختصاصا جغرافيا وطنيا2 ،وتملك شخصية معنوية واحدة ،تغطي جميع تصرفاتها سواء كانت
تلك التصرفات تنطوي على قدر كبير من السلطة العامة أم كانت تدخل في نطاق التصرفات
العادية.
وتتخذ الدولة شكلين أساسيين :الدولة البسيطة الموحدة والدولة المركزية.
وتتخذ الدولة البسيطة الموحدة شكلين :الدولة البسيطة المركزية ،والدولة البسيطة
الالمركزية.
الدولة المركبة :فبدورها تتخذ شكلين :األول عبارة عن دولة مركبة اتحادية والدولة
المركبة الكونفدرالية ،ويتولى التفصيل في هذه الجوانب القانون الدولي العام
والقانون الدستوري.
-2الجماعات الترابية :ونقصد بها الجهات والعماالت واألقاليم والجماعات الحضرية
والقروية تتمتع بالشخصية المعنوية وتشكل تقسيمات إدارية عامة تمارس اختصاصاتها في
اإلطار الجغرافي المحدد لها تحت رقابة الدولة ووصايتها .وسنتولى التفصيل في كل أصنافها
الحقا.
المطلب الثاني :األشخاص المعنوية العامة المصلحية أو المرفقية.
39
وهي التي يتحدد اختصاصها على أساس مصلحي أو مرفقي ،وتدعى المؤسسات
العمومية ،وهي عبارة عن مرفق عام يدار عن طريق هيئة عامة لتحقيق المصلحة العامة.
أما االعتبارات التي تدعو المشرع أو المجالس المنتخبة إلنشاء األشخاص المعنوية
المصلحية هو تقديره أن المرفق الذي تقوم هذه األشخاص على إدارته يحتاج بحكم طبيعته إلى
أساليب إدارية تختلف عن األسلوب اإلداري العادي أي أن الخدمات التي تؤديها تختلف عن
الوظائف اإلدارية المعروفة1 ،فيوفر لها االستقالل اإلداري والمالي.
وتتنوع المؤسسات العمومية إلى أنواع متعددة إدارية واقتصادية واجتماعية ومهنية ،كما قد
تكون وطنية وجهوية واقليمية وجماعية أو مشتركة بين عدة جماعات في إطار التعاون والتكامل.
وعلى عكس باقي األشخاص المعنوية فالمؤسسات العمومية لها اختصاص محدد يرتبط
بالتخصص ،أي أن تدخلها ينحصر في ميدان معين كالمؤسسات الجامعية مثال.
وبجانب األشخاص المعنوية العامة يعرف التنظيم اإلداري بعض الدوائر اإلدارية التي ال
تتمتع بالشخصية المعنوية (كالمقاطعات والدوائر .والمرافق المدارة مباشرة كالو ازرات )...فهم
مرتبطين مباشرة باألشخاص المعنوية السابقة الذكر .والروابط بين األشخاص المعنوية تحفظ
استقالل كل شخص معنوي مع وجود الرقابة.
40
القسم الثاني
المركزية والالمركزية اإلدارية
إن تماسك العمل اإلداري يفرض نفسه بين األدوار الموكولة لمختلف األشخاص المعنوية
الخاضعة للقانون العام ،إذ يجب تحديد طبيعة ومحتوى العالقات التي تنسج بين األشخاص
المعنوية ،هل يخضع أحدهما لآلخر؟ أم يجب أن يأخذ كل واحد منهم بعين االعتبار
اختصاصات اآلخر؟ ،وعموما فأهم عنصر في التنظيم اإلداري هو تحديد طبيعة العالقات
القانونية القائمة بين السلطة المركزية من جهة ،والدوائر المحلية والسلطات التي تشرف عليها من
1
جهة ثانية.
وتتجه الدولة لتسيير المرافق العمومية وتصريف األمور اإلدارية إلى حصر جميع
االختصاصات في يد اإلدارة المركزية في العاصمة ،حيث تعرض عليها كل صغيرة وكبيرة وتبث
في كل مسألة ،غير أن هذا التنظيم اإلداري إذا كان قد عرفته بعض الدول فيما مضى فهو
صعب التطبيق في الوقت الحاضر .لذلك قد اتجهت مختلف الدول إلى توزيع االختصاصات
على موظفين يمارسون مهامهم باإلدارة المركزية وآخرين موزعين على المصالح
الالممركزةالمختلفة التي تنوب عن السلطة المركزية في شتى األقاليم أوالعماالت والجهات ،وتترك
لهم سلطة البث في بعض المسائل مع استمرار إشراف السلطة المركزية في العاصمة عليهم
وعلى أعمالهم.
ويبدو من الصورتين السالفتين أن للمركزية اإلدارية وجهين :األولى تتركز فيها السلطات
اإلدارية في يد الو ازرة في العاصمة .أما الحالة الثانية فهي المسماة بالمركزية اإلدارية مع عدم
التركيز ،والتي بمقتضاها يتم توزيع سلطة إصدار الق اررات بين الرئيس اإلداري وبعض أعضاء
السلطة اإلدارية سواء في داخل العاصمة أو خارجها.
وتتجه الدول المعاصرة إلى ترك سلطات البث النهائي إلى هيئات إدارية تتمتع بقدر من
االستقالل ،تقوم بتسيير شؤونها المحلية التي تقتضي طبيعة األمور فيها أن يترك شأنها لهيئات
مستقلة ،تديرها بإمكانياتها الذاتية ،مع خضوعها لنوع من الرقابة اإلدارية تمارسها عليها اإلدارة
المركزية ،وهذه الصورة هي التي تعرف بالالمركزية اإلدارية.
ويبدو أن جميع الدول في الوقت الحاضر تأخذ بقدر متفاوت من الالمركزية ،فتترك بعض
األمور إلى هيئات تتوالها بنفسها مستقلة عن السلطة المركزية ،غير أن توزيع االختصاصات
بين السلطة المركزية وهذه الهيئات المستقلة وتحديد ما يخضع لنشاط هذه الهيئات وما ال يخضع
1
– André DELAUBADERE, et autres : Droit administratif. L.G.D.J, 16 ed,2000. p :173.
41
أمر تختلف فيه الدول حسب ظروفها السياسية واالجتماعية واالقتصادية وحسب ما بلغه المجتمع
من نضج ومن اهتمام بالشؤون العامة ،كما أن الرقابة التي تمارسها عليها اإلدارة المركزية
تختلف حدتها ويتسع حجمها أو يضيق من دولة إلى أخرى حسب درجة التقدم والنمو الذي
1
وصلت إليه.
ويمزج القانون المغربي بين أسلوبي المركزية (الفصل )Iوالالمركزية (الفصل )IIفي
تنظيمه اإلداري .فالقيام بمهام المصلحة العامة موزع بين الدولة التي تعد تعبي ار عن الجماعة
الوطنية والجماعات الترابية المتمتعة بالشخصية المعنوية ،يوكل إليها تدبير مصالحها الترابية أو
2
المعتبرة كذلك من طرف المشرع.
42
الفصل األول
المركزية اإلدارية
قبل أن ندرس تطبيقات المركزية اإلدارية في النظام اإلداري المغربي نتطرق إلى مفهوم
المركزية وتحديد عناصرها (المبحث األول) ثم مختلف الصور واألشكال التي تتخذها (المبحث
الثاني) وأخي ار تقدير هذا النوع من التنظيم (المبحث الثالث).
المبحث األول:مفهوم المركزية وعناصرها.
تتميز المركزية بوحدة اإلدارة والتي تتمظهر في مختلف سمات الحياة العامة :السياسية
واالقتصادية واإلدارية .53فالمركزية السياسية تقوم على تجميع السلطة السياسية في الدولة في يد
هيئة رئيسة واحدة ،والمركزية االقتصادية تقوم على إشراف الدولة على كافة أوجه النشاط
االقتصادي وتوجيهه وفقا للخطط المرسومة .أما المركزية اإلدارية فتقوم على تجميع كل آليات
أي قصر الوظيفة اإلدارية في الدولة على ممثلي الحكومة 54
العمل والرقابة في مركز واحد،
المركزية في العاصمة .وهم الوزراء دون مشاركة من هيئات أخرى ،فهي تقوم على توحيد اإلدارة
55
وجعلها تنبثق من مصدر واحد مقره العاصمة.
ففي بلد ممركز centraliséال يوجد إال شخص معنوي واحد خاضع للقانون العام هو
الدولة .ورغم تقسيم البالد إلى جماعات وأقاليم ثم أخي ار إلى جهات إال أنه ال يعترف لها
بالشخصية المعنوية ،وبالتالي فما هي إال إطار لمختلف المصالح اإلدارية دون أن ترقى إلى
صفة جماعة.56
ويتضح من التعريف السابق للمركزية اإلدارية أنها تقوم على ثالثة عناصر أساسية هي:
تركيز السلطة بين أيدي اإلدارة المركزية ،ووجود تبعية هرمية وقيام هذه التبعية على السلطة
الرئاسية.
53
– Philippe GEORGES : Droit public : concours administratifs, 5ed, sirey 1984, p : 151
54
Jean-Louis Autin / Catherine Ribot : Droit Administratif Général. Édition Litec, 1999, P : 25.
–55خالد سمسارة الزعبي :القانون اإلداري مرجع سابق ،ص .108 :
56
– Jean RIVERO, Jean WALLINE : Droit administratif, op. cit. p : 310.
43
-1تركيز السلطة بين أيدي اإلدارة المركزية.
ويقصد بها استئثار الحكومة المركزية في العاصمة بسلطة البث في األمور اإلدارية في
الدولة كلها أي انفراد الوزراء وتابعيهم من موظفي المصالح الخارجية بتصريف كل الشؤون
اإلدارية ،بمعنى أن يكون من حق هؤالء وحدهم سلطة إصدار الق اررات اإلدارية النهائية وما
تتضمنه هذه السلطة من والية تعديل هذه الق اررات أو تعديل آثارها أو سحبها أو إلغائها حسبما
57
تقتضيه مالزمات حسن سير المرافق العمومية.
-2التبعية الهرمية:
المقصود بالتبعية الهرمية بالنسبة للسلطة الرئاسية داخل اإلدارات المركزية ومصالحها
الخارجية هو التبعية المتدرجة التي تحكم موظفي وأعمال هذه اإلدارات في عالقاتهم بالسلطة
الرئاسية .وتعتبر هذه التبعية من لوازم النظام المركزي ،وبمقتضاها يخضع الموظفون
والمستخدمون لما يصدره رئيسهم من توجيهات وأوامر ملزمة .وتتدرج هذه التبعية في سلم إداري
إلى أن تصل إلى أدنى درجات اإلدارة .ويحتل القمة في النظم البرلمانية ملكية كانت أو جمهورية
58
الوزير المختص ،أما في النظم الرئاسية فيشغل قمة الهرم رئيس الجمهورية.
-3السلطة الرئاسية:
وتعني السلطة الرئاسية سلطة شبه مطلقة يمارسها الرئيس على شخص المرؤوس وأعماله.
* من حيث شخص المرؤوس :فالرئيس يمكن أن يكلفه بعمل معين أو يتواله بنفسه ،وقد
ينقله إلى عمل آخر ،وقد يعطيه عطلة أو يرقيه ،وقد يوقع عليه جزاء ،كما يشتركفي
تنقيطه...الخ.
* بالنسبة ألعمال المرؤوس وهذه الرقابة تنقسم إلى نوعين سابقة والحقة.
-الرقابة السابقة ،contrôle Apriori:يمارسها الرئيس بواسطة ما يوجهه من أوامر
( ،)ordresوقد تكون هذه األوامر فردية ومحددة وموجهة إلى مرؤوس محدد بعينه ،وقد تكون
عامة ومجردة وموجهة إلى سائر المرؤوسين ،أو لطائفة محددة منهم .وتسمى هذه األوامر
بالتعليمات المصلحية ( )instruction de servicesوبالدوريات (.)circulaires
-الرقابة الالحقة على أعمال المرؤوس ،تتلخص في سلطات الرئيس في التعقيب على
التصرفات الصادرة عن مرؤوسه ،فله أن يقرها أو يجيزها ،وله الحق في أن يبطلها ()annuler
أو أن يعدلها ( )réformerأو أن يستبدل بها غيرها59 ،ويمكن له أن يفوض بعض اختصاصاته
44
إلى المرؤوس ،وتمارس هذه السلطة بمجرد ثبوت عالقة رئيس بمرؤوس دون حاجة إلى نص
صريح يفرضها.
المبحث الثاني :صور المركزية اإلدارية.
المركزية كشكل للتنظيم اإلداري يمكن أن تتجلى في مظهرين :تركيز سلطات اتخاذ
الق اررات في مجموعها ،أو بالعكس عدم تركيزها ،إذ االختصاصات والصالحيات التي يمارسها
الوزير تتخذ أحد شكلين:
أ-التركيز اإلداري :concentrationومعناه أن يقتصر اتخاذ الق اررات اإلدارية في الو ازرة
في العاصمة وبخاصة في يد الوزير ،فال يعطي أي قدر من السلط سواء بالعاصمة أو خارجها.
فالوزير وحده هو الذي يملك سلطة التقرير في كل صغيرة وكبيرة ،غير أن هذا ال يعني أن
موظفي الو ازرة ال يقومون بأي شيء ،بل إن دورهم ينكمش إذ ال يتعدى دور التحضير والدراسة
واالقتراح عن طريق رفع التقارير والمذكرات إلى الوزير المختص الذي يتخذ وحده القرار النهائي
في شأنها ،وبعد مصادقة الوزير على تلك االقتراحات والتقارير يظهر دور أولئك الموظفين من
جديد للقيام بعملية تنفيذ تلك التدابير ومتابعتها.60
وهذه الصورة البدائية للمركزية غير متصورة في العصر الحديث ،بالنظر لتوسيع المهام
التي على اإلدارة تلبيتها وضرورة تقريب المدار من سلطة التقرير ،كما أن المركزية تتطور
61
بسرعة نحو الالمركزية.
ب-عدم التركيز أو الالتمركز اإلداري:déconcentration
يراد بعدم التركيز تخفيف العبء الملقى على عاتق السلطة المركزية بتوزيع أفضل
لألعمال اإلدارية ،عبر نقل جزء من سلطة التقرير المسندة إليها إلى األعوان المحليين إلدارة
الدولة 62والبث فيها نهائيا دون الرجوع إلى الوزير المختص قبل الشروع في تنفيذها.
أو الوزير 64
يتحقق ذلك بنقل أو تفويض بعض اختصاصات الملك63أو رئيس الحكومة
إلى موظف آخر أو إلى مجموعة من الموظفين بالو ازرة في العاصمة ذاتها ،وقد تنقل إلى بعض
موظفي الو ازرة في المصالح الالممكزةللو ازرة ،أو أن توكل بعض االختصاصات إلى الوالة أو
65
عمال العماالت واألقاليم أو إلى رؤساء البعثات الدبلوماسية بالخارج.
ولكن سلطة البث هذه والتي قد يتمتع بها بعض الموظفين ال تعني استقاللهم عن الوزير،
بل يمارس هؤالء سلطتهم تحت إشراف الوزير ورؤسائهم اإلداريين ،أي في نطاق السلطة
45
الرئاسية.66إذ يتعلق األمر بتهيئة تقنية التخاذ القرار الموكول للممثلين المحليين دون المساس
67
بجوهر المركزية.
المبحث الثالث :تقدير نظام المركزية اإلدارية.
تتصف المركزية اإلدارية إذا نظمت وطبقت كما يجب ،ببعض المزايا التي ال يمكن
إنكارها ،وتلك المزايا هي التالية كما يورده معظم الفقهاء.
-1تقوي السلطة العمومية ،وتسهل نشر نفوذ الدولة وهيبتها ،ومن ثم كانت المركزية
اإلدارية ضرورة للدول الحديثة في أول نشوئها ،وقد لمس أنصار الحكم المطلق هذه الحقيقة،
ولذلك فإن النظم التي أقاموها كانت تقترن غالبا بمركزية إدارية مفرطة.
-2إشراف الحكومة على المرافق العمومية في جميع األقاليم يؤدي إلى العدالة ومساواة
األفراد أمام الخدمات التي تقوم بها .كما أن السلطة المركزية ،بإمكانياتها الكبيرة من الناحية
المالية والفنية تستطيع أن تكفل أداء المرافق العمومية لخدماتها على أتم وجه عن طريق تنظيمها
تنظيما موحدا ،واخضاعها إلشراف دقيق نتيجة للسلطة الرئاسة.
-3وبالنظر إلى وحدة المصدر الذي ينبثق من السلطة المركزية ،فإن هذا النظام يحقق
تجانس النظم اإلدارية في الدولة كلها ،ولهذا أهمية ال تنكر ،إذ يسهل على الموظفين اإلحاطة
بتلك النظم ،وبالتالي يحسنون تنفيذها ،كما أن المواطنين يفهمونها بسهولة.
-4قيل إن المركزية اإلدارية تؤدي إلى اإلقالل من النفقات العامة إلى أقصى حد ممكن،
نظ ار لوحدة مصدر النفقات والرقابة الدقيقة الموحدة للسلطة عليها.
وبطبيعة الحال فكل نظام له محاسنه ومساوئه ،فالمركزية اإلدارية هي بدورها رغم هذه
المزايا التي يضفيها الفقهاء عليها فلها مساوئ وعيوب ونذكر جملتها.1
-1إنها أسلوب غير ديمقراطي حيث تتركز االختصاصات اإلدارية في أيدي قلة من
الوزراء وكبار الموظفين ،وتبعد كثي اًر من الكفاءات الوطنية عن اإلسهام في إدارة المرافق
العمومية والمشاركة في العمل العام.
-2إنها تتسم بالبطء والتعقيد والروتين في أداء الخدمات العامة وتلبية احتياجات
المواطنين.
-3بعد مركز اتخاذ القرار عن المكان الذي ينفذ فيه ،خاصة بالنسبة إلى األقاليم البعيدة
عن العاصمة ،يجعلها غالبا غير مالءمة لمواجهة االحتياجات الترابية الخاصة بها.
46
-4إنها قد تؤدي إلى استئثار العاصمة والمدن الكبرى بمعظم المشروعات والمرافق
العمومية وال يترك للقرى والمناطق النائية إلى النزر اليسير ،األمر الذي يؤدي إلى عدم تجانس
2
مستوى النمو االجتماعي واالقتصادي في الدولة الواحدة ،ويزيد من الهوة الموجودة أصال بينها.
47
الفصل الثاني
الالمركزية اإلدارية
48
بإمكانهم اتخاذ التدابير الضرورية للتسيير على المستوى الترابي كما لو أن الحكم المركزي هو
الذي مارسها ،ومن أمثلة إجراءات عدم التركيز أو الالتمركز نشير إلى الحالة التي يصدر فيها
قانون يخول إلى الوالي أو العامل سلطة القرار في مادة معينة كانت فيما قبل من اختصاص
الوزير.1
أما الالمركزية اإلدارية ومن خالل التعريف السابق يتضح أنها تقوم على العناصر
68
التالية:
)1وجود هيئات ترابية أو مصلحية تتمتع بالشخصية المعنوية ،وقد تكون هذه الهيئات
الترابية في غالب األحيان منتخبة من طرف السكان المعنيين باألمر.
ويترتب عن مفهوم الشخصية المعنوية أن الهيئات الترابية قصد تصريف شؤونها الخاصة
ال بد لها من أموال ذاتية ،وممتلكات مادية وموظفين وميزانية.
وتكون الجماعة الالمركزية نظ ار لتمتعها بالشخصية المعنوية صاحبة حقوق وواجبات كما
بوسعها التقاضي أمام المحاكم ،ويعبر عن هذه الوظيفة من الناحية القانونية بالقول بأن الجماعة
الالمركزية تتمتع بالشخصية المعنوية.
-2االعتراف لهذه الهيئات بتسيير وتصريف الشؤون الترابية بواسطة مرافق عمومية متميزة
عن المرافق العمومية الوطنية ،فالدولة وحدها هي المختصة في تحديد الحاجيات العمومية
المشتركة بين جميع سكان التراب الوطني والتي تكون شؤون الدولة ،أي المرافق العمومية
الوطنية ،والحاجيات الخاصة بالسكان ،والتي تكون الشؤون الترابية تسير من طرف مرافق
عمومية ترابية .وهكذا فإن نطاق الشؤون الترابية يكون محدداً من طرف المشرع أو القانون.
)3الالمركزية اإلدارية هي نوع من التسيير الذاتي وليست باالستقالل التام .فالسلطة
المركزية تكون خاضعة في ممارستها لمهامها إلى نوع من الرقابة تمارسها السلطة المركزية ،كما
سنفصل ذلك الحقا.1
المبحث الثاني :أنواع الالمركزية اإلدارية:
تأخذ الالمركزية شكلين حسب التطور الذي وصلت إليه مفاهيم الديمقراطية:
-الالمركزية الترابية والتي تشكل مختلف الجماعات الترابية موضوعا لها ،وتتحقق على
أساس السماح للوحدات الترابية أو اإلقليمية المتمتعة بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي
بتسيير شؤونها الترابية ،وان كان االستقالل الذي تتمتع به نسبيا حيث أن وحدة الدولة تفرض
إش ارف السلطة المركزية عليها عن طريق الرقابة.2
–1محمد كرامي :التنظيم اإلداري .مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،2000 ،ص.55 :
68
Philipe Georges : Droit Public, Concours Administratifs, 5éme édition, Edition SIREY, 1984. P : 154.
–1المصطفى خطابي :مرجع سابق ،ص.55 :
–2صالح المستف :التطور اإلداري في أفق الجهوية بالمغرب .مؤسسة بنشرة للطباعة والنشر ،الدار البيضاء ،1989ص.27 :
49
-الالمركزية المرفقية أو المصلحية :ونجد هذا النوع من الالمركزية عند منح مرفق عام
سواء أكان وطنيا أو ترابيا الشخصية المعنوية أي منحه االستقالل اإلداري والمالي لتسيير شؤونه
69
مع خضوعه للرقابة اإلدارية من طرف السلطات المختصة.
وينطبق هذا بصفة خاصة على المؤسسات العمومية بمختلف أنواعها.
يتضح من خالل تحديد نوعي الالمركزية أنهما يلتقيان في عدة نقاط :فكالهما يتوفر على
شخصية معنوية وتوكل لهما مهمة تسيير مرفق عمومي كما يخضعان معا للرقابة اإلدارية ،إال
أن هذا ال يمنع من اختالفهما في نقاط أخرى نوجزها في النقط التالية:
-تنشأ األشخاص اإلدارية الترابية بتأثر عوامل سياسية أهمها انتشار األفكار الديمقراطية
ومبادئ الحرية السياسية ،التي تسهر على تحقيق منح الجماعات الترابية صفة حكم نفسها
بنفسها ،وأما األشخاص العامة المرفقية فتنشأ ألسباب وعوامل فنية هي الرغبة في إدارة المرافق
العامة بطريقة سليمة ،تسعى إلى تحقيق أفضل إنتاج وأوفره بأقل تكاليف ممكنة.
لذلك فإن أعضاء المجالس الترابية يتم انتخابهم من السكان ،بينما يختار أعضاء
المؤسسات العمومية -كقاعدة عامة – بطريق التعيين بواسطة السلطة التي تملك الوصاية على
1
هذه األشخاص المرفقية.
-ينشأ الشخص اإلداري الترابي لرعاية مصالح عامة لسائر السكان المتواجدين داخل
إطاره الجغرافي أي الجماعات الترابية تشكل إطارات إدارية عامة محدودة جغرافيا في دائرة
معينة ،بينما ينشأ الشخص العام المرفقي لتحقيق غرض محدد يرتبط بالشخص ،أي تدخل
المؤسسات العمومية ينحصر في ميدان معين وال يخرج عنه كالتعليم العالي والبحث العلمي
2
بالنسبة للجامعة مثال ،عكس الدولة والجماعات الترابية لها والية عامة كل في حدوده الجغرافية
-إن الشخص اإلداري الترابي ،يعتبر أعلى درجة وأوسع اختصاصا وسلطانا عن
الشخص اإلداري المرفقي ،ذلك أن اختصاص الشخص اإلداري الترابي يشمل إنشاء وادارة
المرافق العامة في جهة أو إقليم أو جماعة من الدولة بما في ذلك إنشاء المرفق ومنحه الشخص
3
المعنوي.
69
Marie-Christine ROUAULT : Droit Administratif. 4éme édition, Gualino éditeur, EJA-Paris- 2007,
P : 96.
–1مليكة الصروخ :مرجع سابق ،ص.87-86 :
2
– Yves G AUDMET : op.cit. p : 56.
–3مليكة الصروخ :مرجع سابق ،ص.86:
50
المبحث الثالث :أركان اإلدارة الترابية أو الالمركزية اإلدارية.
إن اإلدارة الترابية أصبحت تقليدا راسخا في الدول التي تتبع النظام الالمركزي في تدبير
شؤون أقاليمها ،حيث أن الركائز التي تقوم عليها هي واحدة مع بعض االختالفات البسيطة،
وتتجلى في وجود قضايا ترابية ،وادارة هذه القضايا من قبل هيئات ترابية وممارسة الرقابة.
-1وجود قضايا ترابية:
يعتبر هذا الركن نقطة االنطالق في إرساء هياكل الالمركزية الترابية أو المرفقية ،وان كان
هناك اختالف في طريقة تحديد اختصاصاتها عن طريق عدة أساليب ،فهناك أسلوب يعتمد على
تحديد اختصاص الهيئات الالمركزية على سبيل الحصر من طرف المشرع (وهي الطريقة
االنجلوساكسونية) 1ويترتب على هذه الطريقة توزيع االختصاص وجود تباين بين اختصاصات
الهيئات الترابية.2
أما الثاني فيتعلق بتحديد القضايا الخاصة للوحدات الترابية بصفة عامة (وهو األسلوب
الالتيني) ،وبالتالي تمارس كل االختصاصات التي تقوم بها السلطة المركزية وحتى إذا ما تم
ذكر نوعية القضايا الترابية فال تكون إال على سبيل المثال.3
لكن المشكل يثور بالنسبة لوضع معيار يفرق بين المرافق الترابية ،فمنها ما يعتبر وطنيا
من بعض الوجوه ،وترابيا من أخرى ،ويتولى المشرع تحديد ما يدخل في اختصاصات الجماعات
الترابية بمقتضى القوانين التنظيمية ،وفق الدستور الحالي .2011
)2إدارة القضايا الترابية بواسطة هيئات منتخبة على صعيد كل وحدة.
من بين األركان األساسية التي تقوم عليها الالمركزية هو تسيير الشؤون الترابية من
طرف أشخاص لهم ارتباط وثيق بالنفوذ الترابي الذي تمارس فيه تلك االختصاصات ،فهؤالء
السكان يشاركون في تدبير شؤونهم الترابية بواسطة منتخبين يتم اختيارهم وتشكيل هيئتهم بواسطة
االنتخاب الذي يعتبر أساسيا وضروريا لقيام الالمركزية.4
وقد اتجه بعض الفقهاء إلى القول إن انتخاب هيئات اإلدارة الالمركزية ليس ركنا من
أركانها ،وانه ليس هناك ما يمنع من تعيين أعضاء الهيئات دون أن تفقد صفتها الالمركزية،
طالما أمكن ضمان استقاللها اتجاه اإلدارة المركزية ،غير أن الرأي الراجح في الفقه يذهب إلى
أن الالمركزية اإلدارية ال تقوم دون انتخاب أعضاء الهيئات الترابية كلهم أو معظمهم بحيث
الغلبة للعنصر المنتخب.
–1صالح المستف :التطور اإلداري في أفق الجهوية ،مرجع سابق ،ص.28 :
–2عبد الرحمان البكريوي :مرجع سابق ،ص.21:
–3صالح المستف :نفس المرجع ،ص.28:
–4عبد القادر باينة :مرجع سابق ،ص.363 :
51
فاالنتخاب يعد إذن من مقومات اإلدارة الالمركزية بينما يعد التعيين من مقومات اإلدارة
المركزية ،فاالعتبارات السياسية التي تكمن وراء األخذ بالالمركزية اإلقليمية ،وهي إخضاع اإلدارة
الترابية للنظام الديمقراطي توجب األخذ بطريق االنتخاب ،فالعضو المنتخب يشعر دائما بأنه
يستند إلى قاعدة شعبية هي صاحبة الفضل في االختيار ،قصد إنجاز الخدمات التي هي في
حاجة إليها ،وان تلك القاعدة هي وحدها القادرة على إعادة انتخابه إذا رأت أنه جدير بوضع الثقة
فيه مرة أخرى.
أما العضو المعين فال يستطيع أن يتجاهل أن اإلدارة المركزية هي التي عينته ،وان لها
بالت الي مبدأ عليه ،وال يستطيع أن يتجاهل أن اإلدارة المركزية هي التي تملك إعادة تعيينه ،وهذه
الحقائق تنعكس آثارها حتما أثناء العضوية.
ولعل األخذ بأسلوب االنتخاب له فوائد ومزايا تتجلى في تدعيم استقالل الهيئات الترابية
واحساس السكان بأن تلك الممارسة أسلوب ديمقراطي ،وان كان يؤخذ على هذه الطريقة أنها غير
سليمة خاصة في دول العالم الثالث .وقد اتبع المغرب نهج االنتخاب منذ االستقالل كباقي
الدول.
-3ممارسة سلطة الوصاية على الهيئات الترابية.
يقول مونتسكيو":إن الحرية نفسها في حاجة إلى أن توضع لها قيود ،وال شك أن
الالمركزية وما تتضمنه من استقالل الهيئات الالمركزية في إدارة شؤونها ،ال ينبغي أن تكون
الالمركزية مطلقة بل يجب أن تكون مقيدة وأهم قيد يرد على نظام الالمركزية هو رقابة
الدولة.1"...
وقد عرف األستاذ جاك دمبور الرقابة اإلدارية بأنها "مجموعة من السلطات يمنحها المشرع
لسلطة عليا لمنع انحراف الهيئات الالمركزية ولتحقيق مشروعية أعمالهاوق ارراتها وعدم تعارضها
2
مع المصلحة العامة"
إن استقالل الجماعات الترابية ليس استقالال مطلقا ،وال يعني أن هناك فصل قاطع بين
نطاق المصالح الترابية ونطاق المصالح الوطنية ،كما أن استقالل كل جماعة ترابية ال يعني أن
كل واحدة مستقلة عن األخرى ،فالجماعة الترابية هي جزء ال يتج أز من مجموعة أوسع ،وهي
المجموعة الوطنية ،فالهيئات الترابية ليست مستقلة داخل الدولة.
لذلك كان من الضروري إيجاد الوسائل الالزمة بيد السلطة المركزية باعتبارها المسؤولة
عن الصالح العام للدولة كلها ،لمنع انحراف الالمركزية وطغيان المصالح الترابية على المصلحة
الوطنية والصالح العام ،وهذه الضرورة األساسية هي التي أدت في كل تنظيم إداري إلى وجود
52
نظام من الرقابة اإلدارية تمكن السلطة المركزية من تنسيق نشاطها مع نشاط السلطات
1
الالمركزية.
وتعتبر الرقابة اإلدارية عمال استثنائيا لذلك ينبغي أن تبقى في حدود ما تقرره النصوص
التشريعية ،وتختلف ما بين األنظمة األنجلوسكسونيةوالالتنية70.وقد حددها المشرع المغربي منذ
1960وأعاد تنظيمها في كل محطات اإلصالح الالمركزي .نتطرق أوال ألشكال الرقابة اإلدارية
( )1ثم إلى تميزها عن الرقابة الرئاسية.)2( .
)Iأشكال الرقابة اإلدارية.
إن الرقابة اإلدارية ،باعتبارها أسلوبا للمراقبة ،قد ظلت دائما تجسد أساسا لوجودها ،ومن
تم فإن طرق ممارستها تنطلق بالضرورة من هذا األساس ،مما ينتج عنه أن الرقابة اإلدارية يمكن
تصورها على مستويين :على مستوى األشخاص ،ثم على مستوى األعمال.
-1الرقابة اإلدارية على األشخاص:
لقد تم تنظيم الرقابة اإلدارية على األشخاص بواسطة النصوص المتعلقة بالتنظيمات
الخاصة بمجالس الجماعات الترابية ،وهي تأخذ شكل سلطة تأديبية تمارسها السلطات العليا
المختصة ،إما على أعضاء هذه المجالس واما على المجالس برمتها .وتمارس هذه الرقابة
بأشكال تختلف حسب طبيعة الدوافع التي أدت إلى تحريكها .ومن تم فهي قد تأخذ شكل
االستقالة أو اإلقالة ،أو التوقيف أو الحل.
أ-االستقالة :حيث يكون بإمكان أعضاء مجالس الجماعات الترابية أو رؤساء هذه
المجالس ونوابهم أن يستقيلوا بصفة اختيارية ،وذلك حسب شروط تختلف فيما إذا كان العضو
عضوا عاديا داخل المجلس أو رئيسا لهذا المجلس وتقدم هذه االستقالة إلى السلطة المركزية
المتمثلة في و ازرة الداخلية أو ممثليها على المستوى الالممركز (الوالي أو العامل) ،بناء على
مسطرة تختلف حسب نوعية المجالس الترابية ،مجالس العمالة أو اإلقليم ،مجلس جماعي حضري
أو قروي ،مجلس الجهة.
ب-التوقيف :ويدخل في إطار اإلجراءات التأديبية التي يمكن للسلطة المركزية أن
تتخذها ،سواء اتجاه األعضاء الذين تتكون منهم المجالس الترابية ،أو اتجاه رؤساء هذه
المجالس ،أو اتجاه المجالس برمتها ،وهو إجراء يختلف أيضا من حالة إلى أخرى.
ج – الحل :يمكن للسلطة المركزية أن تبادر إلى حل المجالس الترابية ،وذلك بواسطة
مراسيم حكومية يتداول في شأنها داخل مجلس الوزراء ،لكن نالحظ بأن هذا الحل ال يحدد
53
القانون بصفة حصرية الحاالت التي يمكن أن يتم فيها ،بل اقتصر على جعل أن يكون مرسوم
الحل مدعما بأسباب ،مما يترتب عليه أن دواعي هذا الحل تبقى من اختصاص السلطة التقديرية
الذي تتوفر عليها سلطة الوصاية.
إن هذه اإلجراءات والتدابير التأديبية يتم اتخاذها من طرف السلطات المركزية أو ممثليها
الترابيين نتيجة األعمال غير الشرعية التي تنسب إلى أعضاء المجالس أو رؤسائها ،أو نتيجة
اإلهمال الذي قد يصدر عنهم اتجاه شؤون الجماعات الترابية التي يشرفون عليها.
-2الرقابة اإلدارية على األعمال:
وهي صفة المراقبة التي تمارسها السلطة المركزية على األعمال التي تقوم بها سلطات
اإلدارة الالمركزية ،على مجالس الجماعات الترابية ،وذلك بهدف جعل هذه المجالس تحترم مبدأ
الشرعية ،أي أال تكون األعمال أو المقررات التي تتخذها مخالفة للتشريع أو للمراسيم التنظيمية،
وأال تكون منافية للتوجيهات العامة التي تعتزم السلطة المركزية إقامة تسيير شؤون البالد عليها،
وتأخذ هذه المراقبة أشكاال مختلفة نطرحها كالتالي:
-مقاضاة السلطات الالمركزية :وهي اإلمكانية التي يكون بمقتضاها للسلطة المركزية
الحق في أن تطرح األعمال غير المشروعة الصادرة عن السلطات الالمركزية أمام القضاء
اإلداري ،غير أن هذه الوسيلة ال يمكن اللجوء إليها إال إذا كانت السلطات المركزية ال تتوفر
على وسائل أخرى تمكنها من أن تقف في وجه تنفيذ األعمال غير المشروعة.
-صالحية السلطة المركزية في أن تقوم هي بنفسها بعملية إبطال مقررات السلطات
الالمركزية إذا تبين لها عدم مشروعيتها.
-خضوع بعض األعمال الصادرة عن السلطات الالمركزية لموافقة السلطات المركزية،
بمعنى أن هناك من األعمال التي ال يمكن أن تدخل حيز التنفيذ إال إذا تمت المصادقة عليها
من طرف األجهزة العليا ،وقد تأخذ هذه المصادقة شكلين :قد تكون صريحة وذلك عندما يفرض
القانون ضرورة اإلجابة الصريحة بعد توصل سلطات الوصاية بمقررات مجالس األجهزة
ابتداء من تاريخ
ً الالمركزية ،كما أنها قد تكون ضمنية عندما يتطلب القانون مرور أجل معين،
توصل السلطات المركزية أو ممثليها الترابيين بمقررات األجهزة الالمركزية.
-إمكانية السلطات المركزية بأن تحل محل المجالس الترابية لممارسة االختصاصات
المسندة لها قانونا ،ويتحقق ذلك عندما يرفض رؤساء هذه المجالس ،أو يمتنعوا عن القيام
باألعمال التي يفرض عليهم القانون إنجازها ،وذلك بشرط أن تكون السلطات المركزية أو ممثليها
54
على الصعيد الالممركز قد أمرت السلطات الالمركزية بالقيام بمهامها بصفة صريحة ،إال أن هذه
1
األخيرة قد رفضت
واألصل هو استقالل الهيئات الالمركزية ،لذلك كانت الرقابة اإلدارية على تلك الهيئات
استثناء يرد على األصل ،وال تباشر إال بالقدر الذي نص عليه القانون وفي الحدود التي بينها
حتى ال ينتهي بها األمر إلى المس باستقالل تلك الهيئات وتدور تلك الحدود حول المعطيات
التالية:
* فالمجالس الترابية هي التي تقوم بالعمل واتخاذ القرار ثم يأتي دور سلطة الرقابة
اإلدارية ،لذا فال يسوغ لهذه أن تحل محل تلك في اتخاذ القرار أو القيام بالعمل إال إذا كان هناك
نص صريح في القانون المنظم لها ،كما أنه ال يجوز للثانية أن تأمر بالتداول في شأن قرار ما
أو اتخاذ تصرف معين.
* ليس لسلطة الرقابة في الحاالت التي ينص القانون على خضوع أعمال الهيئات
الالمركزية لرقابتها إال أن توافق على تلك األعمال أو ترفضها ،جملة وتفصيال وليس لها تعديلها
أو استبدال غيرها بها.
* تصديق السلطة المركزية أو إذنها باتخاذ قرار معين ال يقيد حرية المجالس الترابية في
التراجع عن هذا القرار ،كما أن عدم تصديق سلطة الرقابة ال يعني قبر المشروع المعترض عليه
بل يمكن للمجالس الترابية مراجعتها في أسباب اعتراضها أو رفع دعوى ضدها أمام القضاء.
* تتحمل المجالس الترابية مسؤولية جميع أعمالها ولو وافقت عليها السلطة المكلفة
بالمراقبة ،ولهذا فإن القضاء اإلداري يجري على أن الق اررات الصادرة عن المجالس الترابية والتي
يستوجب القانون المصادقة عليها من طرف السلطة المركزية وتسري من تاريخ صدورها عن
المجلس ،وليس من تاريخ المصادقة عليها من طرف السلطة المكلفة بالمراقبة.
* حتى تظل الرقابة التي تمارسها السلطة المكلفة بالمراقبة في حدودها المشروعة ولكيال
يهدر استقالل الهيئات الالمركزية ،فإن لرؤساء المجلس الترابية حق الطعن في الق اررات الصادرة
عن سلطة المراقبة 1أمام المحاكم اإلدارية.
وعموما يمكن القول ان الوصاية هي صلة الوصل بين السلطة المركزية والسلطات
الالمركزية ،وتهدف إلى تحقيق غرضين :إداري وسياسي.
-الغرض اإلداري :يكمن ضمان حسن سير إدارة المرافق التابع لألشخاص الالمركزية
عبر الرفع من مستوى الخدمات والمتطلبات بأقل تكلفة.
55
-الغرض السياسي :يكمن في صيانة وحدة الدولة السياسية وضمان وحدة االتجاه
2
اإلداري.
)IIتميز الرقابة اإلدارية عن الرقابة الرئاسية 3:رأينا أن السلطة المركزية تمارس رقابة
على السلطات والهيئات الالمركزية ،تسمى بالرقابة اإلدارية ،غير أن هذه الرقابة لها حدود يجب
أن ال تتعداها واال أفرغت الالمركزية من مدلولها ،وأدى األمر إلى نفس الوضعية القانونية التي
تدار فيها األقاليم مباشرة من طرف السلطة المركزية بغير االستعانة بهيئات المركزية ،تتمتع
بالشخصية المعنوية .فالمركزية والالمركزية تؤديان إلى نوع من الرقابة تمارس من األعلى على
األعمال اإلدارية للهيئات التابعة أو المرؤوسة ،غير أن أشكال نطاق هذه الرقابة تختلف كثي ار
في كال النطاقين 1يمكن إيجازها في النقاط التالية:
* ال توجد الرقابة اإلدارية إال في العالقة بين سلطة إدارية أعلى وجهة أخرى متمتعة
بالشخصية المعنوية ،أما السلطة الرئاسية فتمارس في غير ذلك من الحاالت ،وعلى ذلك نجدها
في عالقة الرؤساء بالمرؤوسين في المركزية اإلدارية ،داخل الو ازرات واإلدارات الحكومية التابعة
لها ،وأيضا في عالقة رجال الو ازرة في العاصمة بممثليهم ،في الجهات أو األقاليم ،كما نجدها
داخل الهيئات الالمركزية نفسها ،مثال عالقة رئيس الجامعة عمداء الكليات وبسائر العاملين هي
عالقة سلطة رئاسية ،أما عالقة هؤالء جميعا بوزير التربية الوطنية والتعليم العالي فتعتبر عالقة
رقابة إدارية ،وأيضا رئيس المجلس الجماعي يعد رئيسا لمجموع العاملين في الجماعة التي
يرأسها.
* الرقابة اإلدارية ال توجد إال بنص صريح وفي حدود القدر المنصوص عليه ،أما السلطة
الرئاسية فموجودة كقاعدة وبغير حاجة إلى نص وتشمل كل أعمال المرؤوس وال يخرج من
نطاقها إال ما نص على إخراجه من نطاقها صراحة.
* للرئيس سلطة تعديل ق اررات مرؤوسه وليس لسلطة الرقابة اإلدارية تعديل ق اررات الهيئات
الالمركزية.
* للرئيس الحلول محل مرؤوسه كقاعدة ،وال تحرم عليه هذه السلطة إال بنص خاص.
وعلى العكس ،فليس لسلطة الرقابة اإلدارية الحلول محل الهيئات الالمركزية إال إذا وجد نص
خاص يبيح هذه الحلول.
* ينسب عمل المرؤوس إلى الرئيس وعلى هذا فترفع الدعاوى في المركزية اإلدارية على
الرئيس التسلسلي األعلى وهو الوزير ولو كان القرار أو الفعل الضار صاد ار عن أدنى درجات
56
السلم اإلداري داخل و ازرته كقاعدة ،بينما ال ترفع دعاوى الطعن في ق اررات الهيئات الالمركزية،
أو دعاوى المسؤولية عن أعمالها على سلطة الرقابة اإلدارية وانما على الممثل القانوني للشخص
المعنوي ،كرئيس الجماعة الترابية أو مدير المؤسسة العمومية ،ويصدق هذا الحكم حتى بالنسبة
71
للق اررات التي تصادق عليها السلطة المكلفة بالمراقبة االدارية أو تأذن بها.
المبحث الرابع :تميز الالمركزية اإلدارية عما يشابهها من األنظمة اإلدارية.
يتضح من خالل المعالم التي سبقت اإلشارة إليها بصدد الالمركزية اإلدارية أن فكرة هذه
األخيرة تقترب من نظامين اثنين هما :عدم التركيز أو الالتمركز اإلداري والالمركزية السياسية أو
النظام الفيدرالي.
-1الالمركزية اإلدارية والال تمركز اإلداري.
تتشابه الالمركزية مع الالتمركز في أنهما يؤديان معا إلى توزيع السلطات اإلدارية والى
عدم تركزها في يد واحدة ،بما ينتج عن هذا من سرعة البث والتصرف في الشؤون اإلدارية ،إال
أنهما يختلفان في عدة نقاط:
-الالتمركز يعتمد على التعيين بينما الالمركزية على االنتخاب الذي قد يكون مباشر أو
غير مباشر.
-عدم التركيز اإلداري هو صورة من صور المركزيةبينماالالمركزية هي مبدأ مقابل
للمركزية.
-االستقالل وسلطة البث في بعض األمور المعترف بها لبعض األشخاص أو لبعض
الهيئات في عدم التركيز اإلداري هو استقالل عارض يجوز للوزير سحبه في أي وقت ،وهم
يمارسون هذه االختصاصات تحت رقابته الرئاسية بكل ما تعنيه السلطة الرئاسية من معاني
وأحكام .أما استقالل الهيئات الالمركزية فاستقالل أصيل مستمد من الدستور أو القانون – من
المشرع – وليست منحة وتفضيال من السلطة المركزية ،وهي تمارس االختصاصات المخولة لها
بصفة أصلية وتتحمل مسؤولية تصرفاتها ،وليس للسلطة المركزية عليها من سبيل في إطار
72
الرقابة اإلدارية السابق دراستها.
-إذا كان أسلوب الالمركزية اإلدارية وأسلوب عدم التركيز اإلداري يؤديان معا إلى توزيع
السلطات وعدم تركيزها في يد واحدة فإن الفارق بين النظامين فارق في الجوهر والطبيعة وليس
فارق في الدرجة والمدى.
-2الالمركزية اإلدارية والالمركزية السياسية (الفيدرالية).
57
تنقسم الدول عادة – من حيث تكوينها – إلى دول بسيطة ودول مركبة .ففي الدول
البسيطة تكون ممارسة السيادة فيها لسلطة واحدة في العاصمة ،كما تملك سلطة واحدة لكل من
التشريع والتنفيذ والقضاء ،سواء أكانت هذه الدول تتبع األسلوب المركزي أو الالمركزي فيما
يتعلق بكيفية ممارسة الوظيفة اإلدارية ،كما أن أخذ هذه الدول بأسلوب اإلدارة الالمركزية ال يؤثر
في تكوينها السياسي.
أما في الدول المركبة ،وهي تلك التي تتكون من عدة دويالت كالواليات المتحدة وسويس ار
فإن ممارسة السيادة ال تتركز في الحكومة المركزية وحدها وانما تتوزع هذه السيادة بين الحكومة
االتحادية (المركزية) وبين الواليات ،فنجد في الحكومة االتحادية السلطة التشريعية والتنفيذية
والقضائية تمارس اختصاصها على صعيد كافة أرجاء إقليم الدولة االتحادية ،إلى جانب تلك
السلطات نجد سلطات أخرى تشريعية وتنفيذية وقضائية في الدويالت ،وهذه الظاهرة األخيرة
يطلق عليها تسمية "الالمركزية السياسية ".Décentralisation politique
يتبين مما سبق أن هناك فروقا بين الالمركزية السياسية والالمركزية اإلدارية وذلك كاآلتي:
-إن الالمركزية السياسية ال توجد إال في الدول االتحادية أما الالمركزية اإلدارية فتوجد
في جميع الدول سواء أكانت بسيطة أم مركبة.
-إن الالمركزية السياسية تنصرف إلى السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية ،وتختص
الدويالت أو الجهات –كما رأينا – بسلطاتها في الحدود التي يرسمها دستور االتحاد .أما
الالمركزية اإلدارية فمقصورة على بعض الوظائف اإلدارية ،المتعلقة بالمرافق الترابية.
-إن اختصاص الدويالت أ الجهات في الدول االتحادية ال سلطان للبرلمان االتحادي
عليه ،وال يجوز تعديله إال بتعديل الدستور االتحادي وبالطريقة التي ينص عليها فيه .أما
اختصاصات الهيئات الالمركزية فهي محددة من طرف المشرع العادي .ويجوز له تضييقها أو
1
توسيعها حسبما تقتضيه األوضاع.
فخصائص كل من الالمركزية اإلدارية والالمركزية السياسية تؤكد الفرق الواضح بين
النظامين ،وقد اتفق الفقهاء على أن هذا الفرق يؤدي حتما إلى عدم الخلط بينهما ويتجلى ذلك
عموما في خاصيتين:
-الفرق في الطبيعة والجوهر وليس في الدرجة.
-إن الالمركزية اإلدارية ظاهرة إدارية في حين الالمركزية السياسية ظاهرة سياسية .فال
يمكن الخلط إذن بينهما ألن الالمركزية السياسية هي أوسع مجاال من الالمركزية اإلدارية ،كما
أن هذه األخيرة تجد ارتباطها بالقانون اإلداري ،في حين أن الالمركزية السياسية ترتبط بالقانون
58
الدستوري في تحديد طبيعة الدولة االتحادية وبالقانون الدولي في تحديد طبيعة االتحاد المركزي
1
وعالقاته داخل المجتمع الدولي.
المبحث الخامس :تقدير نظام الالمركزية اإلدارية.
لنظام الالمركزية اإلدارية مزايا متعددة ،فهو بوجه عام يخفف من أعباء السلطة اإلدارية
المركزية إذ تقتصر مهمتها ،بشأن االختصاصات التي تتكفل بها السلطة المركزية ،على مجرد
ممارسة الرقابة اإلدارية عليها ،كما أن هذا النظام باعترافه للسلطات الالمركزية بالشخصية
المعنوية مع ما يترتب عليها من التمتع بذمة مالية مستقلة يسمح بزيادة الموارد المالية لهذه
السلطات عن طريق التبرعات والهبات والوصايا فضال عن ضرائب الجماعات الترابية.
أما عن مساوئ الالمركزية فال تنشأ في الحقيقة إال نتيجة سوء تطبيقه ،ففي حالة ضعف
أو انعدام رقابة السلطة المركزية يخشى أن تسيء الهيئات الالمركزية استخدام سلطاتها ،أو
تفضل المصالح الترابية أو الخاصة على المصلحة الوطنية ،وقد يؤدي ضعف اإلمكانيات الفنية
أو المالية للسلطات الالمركزية مع سلبية السلطة المركزية إلى فشل هذه السلطات ورداءة
أعمالها.
ولتوضيح هذه األفكار أكثر نحلل مزاياها وعيوبها الواحد تلو اآلخر:
أ-مزايا الالمركزية اإلدارية.
-1الالمركزية نظام ديمقراطي :إذ تتيح لألفراد في حدود إقليمهم أو في حدود نشاطهم
واحتياجاتهم الشخصية االشتراك في إدارة شؤونهم الترابية ،ومن غير المتصور أن يسمح
للمواطنين باالشتراك عبر ممثليهم في الشؤون السياسية العليا وال يسمح لهم بالمساهمة في إدارة
مصالحهم الخاصة.
-2الالمركزية مدرسة للناخبين :يساعدهم هذا النظام على تربية الناخبين والممثلين
للمساهمة في الشؤون العامة فضال عن أنها تمد الهيئة التشريعية بأفضل العناصر التي تدربت
في الشؤون الترابية إضافة إلى أنها تعبير ديمقراطي يعبر فيه السكان عن حقهم في اختيار
ممثليهم الترابيين.
-3تعمل على تخفيف العبء على السلطة المركزية وعلى ممثليها في األقاليم والجهات،
خاصة في وقت اتسعت فيه الحاجات العامة التي يجب إشباعها عن طريق السلطات العمومية،
وفي وقت ارتفع فيه وعي المواطنين بالدفاع عن حقوقهم وتحقيق مطالبهم العادلة في ضمان حياة
كريمة.
59
-5تعمل الالمركزية اإلدارية على تجنب الروتين اإلداري المعقد والبطيء والتأخير في
التوجيه والتسيير ،وتعمل بالتالي على السرعة في التقرير والتنفيذ والتعديل تبعا للظروف المحلية.
-6تضمن الالمركزية العدالة في توزيع الضرائب وبالتالي تضمن حسن توزيع الثروات
الوطنية على مختلف أقاليم البالد ،إذ توزع المداخيل على مختلف األقاليم تبعا لحاجاتها ،وليس
1
تبعا لثرواتها أو تبعا لمقدار الضرائب المحصلة لها.
-7دلت التجارب أن الالمركزية تصمد أكثر في مواجهة األزمات :في أوقات الحروب
والثورات يختل النظام في الدولة كلها بمجرد اختالل أمن العاصمة والحكومة المركزية ،فإذا أخذ
بالن ظام الالمركزي أمكن لكل وحدة إقليمية أن تقف بمفردها على قدميها لتحقيق األمن أو تتولى
الدفاع ،وذلك نظ ار لما تعتاده من استقالل في ممارسة شؤونها الخاصة.
ب-عيوب الالمركزية اإلدارية:
يمكن حصر أهم هذه العيوب فيما يلي:
-1إن وجود هيئات ال مركزية متعددة قد تمس بوحدة الدولة وبتماسك الوظائف اإلدارية،
73
في ظل صعوبة الفصل بين القضايا الوطنية والترابية.
-2طبيعة تكوين الهيئات الالمركزية خاصة اإلقليمية أو الترابية منها يؤدي إلى اإلشراف
عليها من قبل أشخاص أقل كفاءة وخبرة ،إذ ال يقتصر إسناد تلك المهام تبعا للكفاءات والخبرات،
بل تدخل عدة اعتبارات غير موضوعية في اختيار تلك الهيئات الترابية.
-3وجود عدة هيئات ال مركزية يؤدي ال محالة إلى تنافس قد يكون غير إيجابي ويؤدي
عادة إلى إسراف في النفقات ،أو إلى انعدام التنسيق بين مختلف المشاريع والتخطيطات
المتشابهة في مختلف الوحدات الترابية التي تشرف عليها تلك الهيئات الالمركزية.
-4غالبا ما تعمل الالمركزية اإلدارية على تقديم المصالح الخاصة للوحدة الترابية على
المصالح العامة للدولة الشيء الذي يقوي من النزعات اإلقليمية الضيقة على حساب الروح
الوطنية الشاملة.
-5وان كانت الالمركزية اإلدارية مظه ار للديمقراطية الترابية فإن هذه الديمقراطية قد تشوه
عن طريق تزييف إرادة السكان ،أو إشغال الهيئات الترابية الالمركزية بمشاكل عويصة ومآزق
1
متعددة تعمل على بث اليأس في ذوي اإلرادات الحسنة العاملين في الهيئات الالمركزية.
هذا ومن المؤكد أن جميع أوجه النقد هذه تتضمن قد اًر كبي ار من المبالغة سواء من ناحية
المحاسن أو من ناحية العيوب ،ألن نجاح النظام الالمركزي يرتبط كثي ار بسيكولوجية السلطة
60
المركزية وبعقليتها أكثر منه ارتباطا بعوامل مادية ،كما أن المزايا التي نسبت إلى الالمركزية ال
تتحقق بطريقة حتمية وآلية ،فاألمر يحتاج إلى كثير من اإلعداد لألطر والكفاءات الفنية والى
2
وعي الجماهير وادراكها لما هو في صالح المجتمع.
61
الباب الثاني
التنظيم اإلداري بالمغرب.
بعد دراستنا في الباب األول األسس العامة للتنظيم اإلداري سنعرض في الباب الثاني
للتطبيقات العملية للتنظيم اإلداري بالمغرب.
يتأثر التنظيم اإلداري في أية دولة بشكل الدولة الدستوري :دولة بسيطة أو دولة مركبة أو
فيدرالية ،وأيضا بظروفها االجتماعية من تاريخية وسياسية واقتصادية ودينية وجغرافية
وقبلية...الخ والمغرب دولة موحدة بسيطة من هنا فالسلطتان التشريعية والقضائية مركزيتان دائما،
أما السلطة التنفيذية فإذا تم التفكير في نوع من الالمركزية فإن ذلك يقتصر على الوظيفة اإلدارية
1
وحدها.
إن خصوصيات المغرب الناتجة عن تطوره التاريخي والحضاري جعلته يعرف مؤسسات
2
وتنظيما إداريا متأث ار بالثرات الحضاري العربي واإلسالمي.
فمفهوم السلطة كان يقوم على أساس جميع االختصاصات تجد مصدرها في السلطان –
الخليفة ،ذلك أن هذا األخير كانت تعود إليه ممارسة كل مهام الدولة ،وأنه في حالة عدم
مباشرتها بنفسه فهو كان يفوضها لمن يقوم مقامه3 ،وكان التنظيم اإلداري يتسم عادة بمركزية
ملحوظة في المدن مع ال مركزية في البوادي.
غير أن هذه الوضعية التي تتميز بمزج واضح للسلط في يد السلطان قد عرفت غداة
االستقالل تغيي ار مهما نتيجة اإلصالحات المؤسساتية التي ستعرفها البالد ،وقد تجلى ذلك في
توالي صدور مجموعة القوانين األساسية والنصوص التشريعية الرامية إلى إدخال تعديالت
جوهرية على الوضع السياسي القائم ،ذلك أن هذه التعديالت مست كل المجاالت ،أسفرت عن
هيكلة اإلدارة المغربية بصورة جذرية وخضع المغرب بذلك لتطور ملحوظ في تنظيم إدارته
المركزية (القسم األول) وادارته الترابية (القسم الثاني).
62
القسم األول
اإلدارة المركزية.
يقصد باإلدارة المركزية إدارة الدولة ،تمي از لها عن اإلدارة الترابية التابعة للهيئات الالمركزية
الترابية ،فاألولى تخص كافة أجزاء الدولة وترتبط بتسيير مختلف القضايا الوطنية ،في حين أن
الثانية تخص وحدات ترابية تتمتع بالشخصية المعنوية وتعرف بالجماعات الترابية.
إن دراسة التنظيم اإلداري ترتبط ال محالة بدراسة السلطات المركزية ،ودراسة هذه السلطات
األخيرة ال يقتصر فقط على الدراسات الخاصة بالقانون اإلداري بل تمتد أيضا إلى دراسات أخرى
خاصة بالقانون الدستوري ،وذلك ألن السلطات المركزية تمارس في نفس الوقت اختصاصات
سياسية واختصاصات إدارية ،فجاللة الملك يمارس بعض االختصاصات اإلدارية ،والوزراء هم
في نفس الوقت سلطات إدارية وسلطات سياسية ،كما يأخذ المغرب بنظام المركزية مع
الالتركيز ،حيث تباشر السلطات المركزية اختصاصاتها من العاصمة وتستعين في القيام بمهامها
بمصالح خارجية أو الممركزة تابعة لإلدارة المركزية .1
ومن خالل تحليل مختلف الهيئات والسلطات اإلدارية المنوطة بها القيام بمهام اإلدارة
المركزية بالمغرب ،نجد اإلدارة المركزية تتكون من الملك (الفصل األول) .الحكومة (الفصل
الثاني) ،األجهزة المحلية إلدارة الدولة (الفصل الثالث).
63
الفصل األول
الملك
يعد النظام الملكي في المغرب من أقدم النظم الملكية ،والذي كانت بدايته األولى مع قدوم
وتسلم المولى إدريس الثاني الملك بعد اغتيال والده المولى إدريس األول.
والنظام الملكي في المغرب ينتقل فيه الحكم من السلف إلى الخلف عن طريق ما يعرف
بالبيعة ،وقد اعتبر الملك دائما سواء قبل الحماية أو خاللها أو بعد االستقالل السلطة السياسية
واإلدارية األولى في البالد.
ولما كان المغرب وقت دخوله للمرحلة الدستورية لم يقطع صلته بالماضي ،فإن الوثائق
الدستورية المتعاقبة في المغرب منذ سنة ،1962حافظت على خصوصية النظام الملكي في
مجال الحكم والسياسة وجسدت النظرية السياسية لمفهوم الحكم كما بينها فقهاء أهل السنة
والجماعة ،حيث يعتبر متولي سدة اإلمامة العظمى رئيسا للدولة يمارس مهامها .2مما جعل منه
74
ميز بين محور النظام الدستوري والسياسي ،فالدستور الحالي لفاتح يوليوز 2011
اختصاصاته الدينية والمدنية ،إذ يقر في فصله األول "نظام الحكم في المغرب نظام ملكية
دستورية ،ديمقراطية برلمانية واجتماعية".
واذا كانت الوثيقة الدستورية قد نقلت موقع المؤسسة الملكية على مستوى الهندسة
الدستورية إلى الباب الثالث عوض الباب الثاني كما كان الشأن باقي الوثائق الدستورية السابقة
(دستور ،)1992 ،1992 ،1972 ،1960فإنها نصت في الفصل 42على أن الملك "رئيس
الح َكم األسمى بين
الدولة وممثلها األسمى ورمز وحدة األمة ،وضامن دوام الدولة واستمرارها ،و َ
مؤسساتها يسهر على احترام الدستور ،وحسن سير المؤسسات الدستورية وعلى صيانة
االختيار الديمقراطي وحقوق وحريات المواطنين ،والجماعات وعلى احترام التعهدات الدولية
للمملكة والملك هو ضامن استقالل البالد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة".
ويمارس الملك هذه المهام بمقتضى ظهائر من خالل السلطات المخولة له صراحة بنص
الدستور.
ومما يوضح أيضا أهمية المؤسسة الملكية الفصل 41من الدستور الذي ينص على أن
<<الملك أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين ،والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية.
64
يرأس الملك ،أمير المؤمنين ،المجلس العلمي األعلى ،الذي يتولى دراسة القضايا التي
يعرضها عليه.
ويعتبر الجهة الوحيدة المؤهلة إلصدار الفتاوى التي تعتمد رسميا ،في شأن المسائل
المحالة إليه ،استنادا إلى مبادئ واحكام الدين اإلسالمي الحنيف ،ومقاصده السمحة.
تحدد اختصاصات المجلس وتأليفه وكيفيات سيره بظهير.
يمارس الملك الصالحيات الدينية المتعلقة بإمارة المؤمنين ،والمخولة له حصريا،
بمقتضى هذا الفصل ،بواسطة ظهائر>> .
ولفهم حقيقة النظام الملكي فإنه تجب اإلشارة إلى أن النظام الملكي في المغرب يجمع بين
سمات الخالفة اإلسالمية القائمة على مفهوم البيعة ،وكذلك سمات النظام النيابي الرئاسي
والبرلماني ،ثم أخي اًر التقاليد واألعراف المغربية التي تم ترسيخها عبر الزمن.ذلك أن العرش في
المغرب ليس بالكرسي الفارغ الذي يسود فيه الملك وال يحكم ،كما هو األمر بالنسبة لبعض
األنظمة الدستورية الغربية كنظام المملكة المتحدة البريطانية أو المملكة االسبانية ،ومن تم
ضرورة األخذ بعين االعتبار أهمية الدور الذي يقوم به الملك في سير السياسة العامة للبالد.
وسنقتصر على تحليل مختلف فصول الدستور الحالي 2011لدراسة اختصاصات الملك
(المبحث األول) وسنبين الطبيعة القانونية للق اررات الملكية المتخذة في الميدان اإلداري قضاء
وفقها (المبحث الثاني).
المبحث األول :ميادين اختصاصات الملك.
يخول الدستور للملك اختصاصات متعددة تبين دوره المحوري في النظام السياسي
واإلداري ،ويميز فيها بين الملك والمؤسسة الملكية ،سنطرحها على مستويين :في الحالة العادية
(المطلب األول) ،وفي الحالة االستثنائية (المطلب الثاني)
المطلب األول :اختصاصات الملك في الحالة العادية:
يمكن تصنيف هذه االختصاصات انطالقا من السلطات التي يخولها الدستور للملك في
السلط الثالث :في المجال التنفيذي (الفرع األول) والمجال التشريعي (الفرع الثاني) والمجال
القضائي (الفرع الثالث).
الفرع األول :اختصاصات الملك في مجال السلطة التنفيذية:
وردت اختصاصات الملك في المجال التنفيذي على وجه التحديد ضمن فصول الدستور
وفق مايلي:
-1تعيين رئيس الحكومة وأعضائها (الفصل .)47
من مستجدات الوثيقة الدستورية لسنة 2011وهو ربط تعيين الملك لرئيس الحكومة
بالحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب وعلى أساس نتائجها.
65
فإذا كانت الدساتير السابقة جعلت من اختيار الملك لرئيس الحكومة مسالة خاضعة
للسلطة التقديرية للملك ،بالرغم من تداول األحزاب السياسية المغربية لمقولة "ضرورة احترام
المنهجية الديمقراطية" كما حصل مع تعيين حكومة ادريس جطو سنة ،2002فالسياق الدستوري
الحالي يفرض هذا التالزم mبين نتائج انتخابات مجلس النواب وتعيين رئيس الحكومة.
واذا كان الدستور لم يحدد الموقع السياسي لرئيس الحكومة في حزبه السياسي ،فالممارسة
أفرزت أن الملك اختار في تجربة حكومة يناير ،2011وكذا في تجربة 8أكتوبر 2016زعيم
الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات 25نونبر 2011وانتخابات 7أكتوبر( 2016حزب
العدالة والتنمية) .75كما يقوم بتعيين أعضاء الحكومة باقتراح رئيسها.
وفي هذا الصدد فقد أقر المجلس الدستوري في ق ارره رقم 825الصادر في 2يناير
2011على أن الحكومة التي تستمد وجودها الدستوري من تعيين الملك لها ،ال يكون ألعضائها
-بما في ذلك -رئيسها صفة عضو في الحكومة إال من تاريخ هذا التعيين ،على أن الدستور
يضيف للتعيين الملكي للحكومة ضرورة حصولها على ثقة مجلس النواب من خالل التصويت
باألغلبية على البرنامج الحكومي الذي يتقدم به رئيسها (الفصل .)88
وعلى خالف الدساتير السابقة التي عرفها المغرب ،عملت الوثيقة الدستورية لفاتح يوليو
على استحضار الفترة الفاصلة بين انتهاء الوالية الحكومية و تعيين حكومة جديدة من خالل
تنظيم ما يعرف باختصاصات حكومة تدبير األمور الجارية.
فمادا يقصد بتدبير األمور الجارية ؟
ال يوجد تعريف دستوري لتصريف األمور الجارية ،غير أن القانون التنظيمي65.13
المتعالق بتنظيم و تسيير أشغال الحكومة و الوضع القانوني ألعضائها حدد طبيعة التدابير
المرتبطة بتدبير األمور الجارية .
واذا كان الفقه البلجيكي يعتبر أن تصريف األمور الجارية أو تصريف األعمال هو مفهوم
يرتبط بمبدأين متعارضين)1( :
مبدأ مسؤولية الحكومة أمام مجلسي البرلمان ،انسجاما مع طبيعة النظام البرلماني ،وعليه
فالحكومة المستقيلة أو المنتهية واليتها ال يمكن أن تخضع لمراقبة البرلمان .فكما يقول Marcel
" Walineال نقتل األموات" .)2( on ne tue pas les morts
مبدأ ضرورة ضمان استم اررية الدولة ،حيث يجب على الحكومة أن تستمر في تدبير
األمور وايجاد األجوبة عن األسئلة المطروحة .
75ظهير تعيين رئيس الحكومة أعضاء الحكومة سنة ( 2011الجريدة الرسمية عدد ،...تاريخ 29نونبر ،2011ص. ...
ظهير تعيين رئيس الحكومة أعضاء الحكومة سنة ( 2016الجريدة الرسمية عدد ،...تاريخ ،................ص. ....
x.BASELEN , S TOUSSAINT , J,B PILET et N , BRACK : Quelle activité parlementaire en période -2
d affaires courantes § in les cahiers de L ULB et Du PFWB , N1 2014 P 10
66
وقد أكد الفصل 36من القانون التنظيمي 65.13على استم اررية الحكومة في تصريف
األمور الجارية ،ألي سبب من األسباب إلى غاية تشكيل حكومة جديدة ويمكن تحديد بعض
هده األسباب فيما يلي:
-استقالة الحكومة استقالة جماعية ،واعفاؤها من لدن الملك بناء على دلك ؛
-استقالة رئيس الحكومة ،التي يترتب عنها إعفاء الحكومة بكاملها من لدن الملك ؛
-الفترة الفاصلة بين انتهاء الوالية الحكومية (خمس سنوات) و تعيين الحكومة الجديدة.
وبالنظر لطبيعة النظام البرلماني يمكن إثارة حاالت أخرى ترتبط بحل مجلسي البرلمان
وتنظيم انتخابات جديدة ،مادام أن مختلف االختصاصات ذات الصلة بالعالقة بالسلطة
التشريعية ال يمكن تفعيلها في ظل غياب البرلمان .
وحدد الفصل 37من نفس القانون التنظيمي المقصود بتصريف األمور الجارية وطبيعة
المهام المسندة إلى الحكومة في هده الفترة و التي تم تحديدها في اتخاذ المراسيم و الق اررات و
المقررات الضرورية و التدابير المستعجلة الالزمة لضمان استم اررية عمل مصالح الدولة و
مؤسساتها وضمان انتظام سير المرافق العمومية .
واستبعد نفس الفصل التدابير من هده المهام تلك التي من شأنها أن تلزم الحكومة
المقبلة بصفة دائمة ومستمرة ،وخاصة المصادقة على مشاريع القوانين و المراسيم التنظيمية و
كدا التعيين في المناصب العليا .وبخصوص هدا اإللزام ،أكد المجلس الدستوري في ق ارره رقم
955الصادر في 4مارس 2015على أنه "يتعين في إعماله مراعاة ما قد تستلزمه حالة
الضرورة من اتخاذ تدابير تشريعية أو تنظيمية لمواجهتها ".
68
يملك الملك بعد إحالة القانون عليه بعد المصادقة عليه من قبل البرلمان أن يطلب من كال
المجلسين أن يق أر قراءة جديدة كل مشروع أو اقتراح قانون ،وتطلب هذه القراءة بخطاب ،وال يمكن
أن ترفض هذه القراءة الجديدة.
-5حل مجلس البرلمان وممارسة الوظيفة التشريعية (الفصل )96؛
قد تقتضي الظروف السياسية أو االجتماعية أو االقتصادية إجراء حل للبرلمان إذ يحق
للملك بعد استشارة رئيس المحكمة الدستورية واخبار رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي البرلمان
وتوجيه خطاب لألمة.
76لقد سبق أن عرف المغرب هذه الوضعية ،حيث تم اإلعالن عن حالة االستثناء في 7يونيو .1965وذلك على إثر تصدع األغلبية
من خالل أول انتخابات تشريعية والتي أفرزت مناخا سياسيا متوترا ،وأغلبية هشة غير متجانسة ومعارضة ديناميكية ،استطاعت أن
تساعد على استفحال التناقضات واالختالفات التي أخذت تطفو على السطح لتنفجر مع الممارسة الحكومية والبرلمانية التي وصفت
بالمحدودية إن على مستوى الشكل أو على مستوى مضمون النشاط التشريعي والسياسي للتجربة المعاقة ،خاصة بعد استحالة
تشكيل حكومة ائتالفية في غضون األزمة السياسية التي استأثرت باهتمام الطبقة السياسية بالمغرب.
هذه األسباب وغيرها ،انتهت إلى إعالن الملك الحسن الثاني الراحل على حالة االستثناء ليضع حدا لتجربة المغرب في مرحلة
جديدة ،تم تركيز جميع السلط بيد الملك كما خول له ذلك الفصل 35من دستور ( 1996الفصل 59من دستور )2011وذلك
كتدبير مؤقت للخروج بالبالد من األزمة العميقة التي كانت تجتازها ،وفي نفس الوقت فرصة للقوى السياسية واالجتماعية المعارضة
من أجل تعديل مواقفها ،واستمرت هذه الحالة االستثنائية حتى أواخر يوليوز .1970
70
لقد عاش المغرب حالة االستثناء في ظل الدستور األول للمملكة ،1962دامت لمدة
تناهز خمس سنوات في الفترة المتراوحة ما بين 7يناير 1965و 8يوليوز .1970حيث تم
تركيز السلطة في يد الملك ،بإنهاء مهام البرلمان وممارسته لسلطتـي التشريـع والتنفيذ77،في حين
ظل القضاء مستقال .إال أن هذه التدابير المتخذة بالخصوص في المجال التنظيمي ال تعد أعماال
خاضعة لنظام األعمال اإلدارية على أساس أن القضاء يمنح حصانة مطلقة للملك بالنظر إلى
78
مركزه كسلطة سامية غير عادية وبالتالي ال يعتبر سلطة إدارية.
انظر في هذا الشأن:غوتي محمد األغظف" :التعديالت الدستورية المغربية من زاوية علم االجتماع السياسي" .بحث قدم خالل
السنة الثانية من دبلوم الدراسات العليا المعمقة في الحقوق .كلية الحقوق– .أكدال .شعبة وحدة القانون الدستوري وعلم السياسة.
الموسم الدراسي .2000-1999ص.31-32 :
عبد الرحمان القادري" :القانون الدستوري والمؤسسات السياسية" ،الجزء الثاني "األنظمة السياسية" ،مطبعة الساحل – الرباط .السنة
.1992ص.148 :
-77أحمد حضراني" :النظام السياسي المغربي :مقاربة لتجربة دستور ."1996منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية،سلسلة
مؤلفات وأعمال جامعية عدد 39الطبعة األولى .2002ص.37-36 :
-78محمد الغالي" :التدخل البرلماني في مجال السياسات العامة في المغرب ( ")2002-1954المطبعة والوراقة الوطنية –مراكش-
الطبعة األولى .2006ص.34-33 :
71
المبحث الثاني :الطبيعة القانونية للق اررات الملكية الصادرة في المجال اإلداري.
أثار موضوع الطبيعة القانونية للق اررات الملكية الصادرة في المجال اإلداري نقاشا قضائيا
(المطلب األول) وفقهيا (المطلب الثاني).
المطلب األول :موقف القضاء من الق اررات الملكية الصادرة في المجال اإلداري"
إن الوقوف عند صالحيات الملك التنفيذية ،وخاصة في المجال اإلداري يحيل على
ضرورة اتخاذ الملك لتدابير فردية وذات طبيعة تنظيمية من أجل إعمال صالحياته ،والسؤال
الذي يطرح نفسه هل يمكن اعتبار الملك سلطة إدارية ،وبالتالي ق ارراته ق اررات إدارية .إن اإلجابة
عن هذا السؤال تتطلب الوقوف عند تطور تعاطي القضاء مع هذه الق اررات.
صرح المجلس األعلى ،منذ البداية ،بعدم اختصاصه في الطعون الموجهة ضد (الظهائر
ابتداء من حكم الروندة ( 18يونيو )1960ومرو ار بحكم أوفقير
ً أو المراسيم) وكان موقفه مطردا
مصطفى ( 26أكتوبر )1977وانتهاءا بمختلف األحكام األخرى.
ولفهم تطور الموقف القضائي المغربي يمكن التمييز بين مرحلتين :مرحلة ما قبل حكم
مزرعة عبد العزيز ،وما بعد حكم مزرعة عبد العزيز.
-1مرحلة ما قبل حكم عبد العزيز.
يمكن اإلشارة في هذا الصدد إلى موقف القضاء في عهد الحماية ،إذ أن محكمة
االستئناف بالرباط في حكمها الصادر بتاريخ 4مايو 1944في قضية جماعة تمسغلفت 1قد أكد
على التمييز بين الظهائر ذات الصبغة اإلدارية والتي يمكن أن تقرن بالمراسيم والظهائر ذات
الطبيعة التنظيمية...
ورغم هذا الموقف فقد أكد مجلس الدولة الفرنسي ،باعتباره كان المختص بالنظر في
الطعن من أجل الشطط في استعمال السلطة ضد الق اررات اإلدارية غير الشرعية الصادرة في
حق المواطنين العاملين في إدارة الحماية بالمغرب تبعا لظهير فاتح شتنبر ،1928قد قرر عدم
صالحيته في إلغاء الظهائر الملكية وهو أمر يخالف موقف مجلس الدولة الفرنسي بالنسبة
للمراسيم الصادرة عن الباي التونسي في عهد الحماية.
وبعد إنشاء المجلس األعلى بمقتضى ظهير 27شتنبر 1957فقد أكد في أحكامه موقفه
النهائي وهو عدم قابلية رقابة المجلس األعلى للق اررات الملكية ،وهكذا ففي األحكام األولى التي
تصدى فيها المجلس األعلى للنظر في طلبات اإللغاء ضد الظهائر ،قرر أن هذه الظهائر ليست
صادرة عن سلطة إدارية ،فقد صرح في قضية الروندا بأن دعوى هذا األخير ليست موجهة ضد
72
سلطة إدارية بل ضد قرار صادر عن الملك متخذ في شكل ظهير ،وكرر نفس الموقف في
قضية بنسودة عبد اهلل بتاريخ 15يوليوز 1963وقرار رزقي التجاني في نفس التاريخ.
73
غير أن االستعطاف الملكي غير مقنن بأي نص قانوني عام ويظل رهين السلطة التقديرية
للملك في غياب أي نص عام يحدده 1،ورغم توالي األحكام بعد هذا الحكم فإن موقف المجلس
ظل ثابتا (حكم عدد 3بتاريخ 8يناير /1971التباري محمد قديم ضد وزير العدل .م.ك.س
1971-1970ص.)9 :
وبعد إنشاء المحاكم اإلدارية استمر االجتهاد القضائي وفق السياسة القضائية للمجلس
األعلى ،وبالرغم من المادة 11من قانون المحاكم اإلدارية نصت على <<أن المحكمة اإلدارية
بالرباط تختص بالنظر في النزاعات المتعلقة بالوضعية الفردية لألشخاص المعينين بظهير
شريف أو مرسوم ،وبالنزاعات الراجعة إلى اختصاص المحاكم اإلدارية التي تنشأ خارج دوائر
اختصاص هذه المحاكم>> فإنه قد يتبادر أن األمر يتعلق بالطعن في الق اررات الملكية ،لكن
الواقع يؤكد أن األمر ال يتعلق بصفة مباشرة الق اررات الملكية ولكن بالتسوية التي هي عمل مادي
في اختصاص السلطات اإلدارية والتي تقترح على الملك تلك التسوية.
وفي الحكم الصادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط (حكم اوكرش أحمد) توسعت المحكمة
في مفهوم العمل الملكي ليشمل أيضا الق اررات الصادرة عن ولي العهد .إن القرار الصادر عن
صاحب السمو الملكي ولي العهد منسق مكاتب ومصالح القيادة العليا للقوات المسلحة المكية
بأمر من صاحب الجاللة يعتبر ق ار اًر ملكيا ساميا (حكم عدد 14بتاريخ ،)1998/6/1وبالتالي
تكون المحكمة اإلدارية غير مختصة للبث في الطعن المقدم ضده.
واداكان دستور الفاتح من يوليوز 2011قد نص في الفصل 118على أن "كل قرار اتخد في
المجال اإلداري سواء كان تنظيميا أو فرديا يمكن الطعن فيه أمام الهيئة القضائية اإلدارية
المختصة " فإن المحكمة اإلدارية بالرباط في حكمها رقم 3236بتاريخ 16شتنبر 2016دهبت
إلى تأكيد استثناء الق اررات الملكية من الطعن القضائي " ،يتبين أن قرار تمديد حد سن القاعد
بالنسبة للمطلوب في الطعن عبد الوحيد خوجة كأمين عام لمجلس المستشارين يندرج بدوره ضمن
إجراءات متخدة في إطار جانب من المهام الدستورية المنوطة بجاللة الملك بمقتضى الفصل 42
من الدستور و المتمثلة في السهر على حسن سير المؤسسات الدستورية ،ولدلك فإن هدا القرار
يظل غير قابل للطعن القضائي و الينال من دلك مانص عليه الفصل 118من نفس الدستور
بخصوص قابلية كل الق اررات التنظيمية و الفردية المتخدة في المجال اإلداري للطعن أمام
الجهات القضائية اإلدارية المختصة ،مادامت التنزل منزلة هدا المجال اإلداري الصرف
الصالحيات الدستورية المحفوظة لجاللة الملك في مجال اإلشراف على حسن سير المؤسسات
الدستورية ".
–1انظر :محمد أشركي :الظهير الشريف في القانون العام المغربي ،منشورات جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء .1983 ،ص.127:
74
ولم تقتصر حصانة المراسيم والظهائر الملكية ضد دعوى اإللغاء بل انصرفت أيضا إلى
دعوى التعويض ،فبالرغم من أن جزءاً من الفقه طالب بإقرار دعوى التعويض اتجاه الظهائر ،إذ
آنذاك سيسمح للمحاكم بإقرار المسؤولية المالية للدولة الشريفة حين تخرق القانون بواسطة ظهير
أو مرسوم1 ،فإن اليوم دعوى التعويض ضد الظهائر والق اررات الملكية غير ممكنة بعد أن أسبغ
عليها المجلس األعلى سابقا ومحكمة النقض حاليا الحصانة الكاملة.
المطلب الثاني :اآلراء الفقهية في تكييف طبيعة الق اررات الملكية
لقد تضاربت آراء الفقه حول تأييد أو نقد موقف الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى.
-اآلراء المؤيدة:
لقد تباينت مواقف الفقهاء حول تبرير حصانة الق اررات الملكية بالرغم من اتفاقها حول
عدم إمكانية الطعن فيها ،إذ أن هناك جانب من الفقه من فضل االعتماد على نظرية السيادة
كأساس لتحصين الق اررات الملكية ،2في حين فضل جانب آخر من الفقه االعتماد على فكرة
السلطة التقديرية التي يتمتع بها الملك في اتخاذ الق اررات في المجال اإلداري ،وبالتالي فإن
القضاء ال يمكن له أن يتدخل في مراقبة هذه السلطة ألنها تخرج عن حدود مراقبة الشرعية ،3
ألن جاللة الملك يمارس في هذا المجال اختصاصات تدخل في إطار المالءمة ،وبالتالي ال
يمكن للقاضي مراقبة هذه المالءمة ألنه مختص أساسا في مراقبة الشرعية وأن المراقبة على
األركان األربعة األخرى للسلطة التقديرية يمكن أن تمارس بواسطة الرقابة الذاتية لجاللة الملك
باعتباره الساهر على احترام الدستور طبقا للفصل 19في الدساتير السابقة و 42في دستور
.2011
واستند جانب آخر على المبادئ العامة للقانون العام اإلسالمي الواردة في تحاليل الفقهاء
المسلمين وعلى رأسهم الماوردي وابن خلدون الذين يؤكدون على نظرية ازدواجية المهام ،وبالتالي
على الفصل بين الق اررات ذات الطبيعة اإلدارية وغيرها .والملك عندما يتخذ هذه الق اررات يتخذها
باعتباره أكبر سلطة إدارية ،بل إنه الممثل األسمى لألمة.
ويذهب رأي آخر على اعتماد أساس مغاير ،والمتمثل في التفسير السوسيولوجي القادر
على تبرير موقف المجلس األعلى ،فغياب الرقابة القضائية عن الظهير ال يعني انتفاء
المشروعية...فالمشروعية بالنسبة للق ار ارت الملكية ليست ضرورية بل هي من صميم الوظيفة
الملكية نفسها ،وأن حصانة الظهائر تجد أساسا في الطبيعة الخاصة للسلطة الملكية ،ويبدو أن
79
التفسير السوسيولوجي وحده يمكن أن يبرر موقف المجلس األعلى في هذا المضمار.
75
-اآلراء المنتقدة
ينطلق هذا الموقف في انتقاده ورفضه لموقف المجلس األعلى من التركيز على مضمون
القرار ،متأث ار بالتوجه المعتمد في فرنسا والذي يخضع الق اررات اإلدارية لمراقبة القضاء من أي
مصدر كانت ولو من رئيس الدولة ،فإذا تضمن القرار أمو ار إدارية فتكون أمام سلطة إدارية
أعمالها خاضعة لرقابة القاضي اإلداري بينما يتم استبعاد األعمال غير اإلدارية من الرقابة
القضائية ،ويتزعم هذا االتجاه Michel Rousset ،الذي يرى أن كل الق اررات الملكية ال يمكن
الطعن فيها في جميع المجاالت ،سواء عن طريق اإللغاء أو عن طريق طلب التعويض أو الدفع
بعدم المشروعية التي يمكن أن تثار في القضايا المدنية أو االجتماعية ،واستنتج أن الق اررات
الملكية يطبق عليها نفس النظام القضائي المطبق على أعمال السيادة أو الحكومة التي ال
تخضع لمراقبة القضاء.
المبحث الثالث :الهيئات التابعة للملك.
إذا كان الملك هو السلطة العليا في البالد ويمثل الركن األساسي في السلطة المركزية فإنه
من الطبيعي أن يستعين بهيئات وأشخاص خاصين يساعدونه في القيام بالمهام المسندة إليه،
وعلى رأس هذه الهيئات يوجد الديوان الملكي والهيئات االستشارية.
المطلب األول :الديوان الملكي:
لقد صدر بعد االستقالل ظهير 28أكتوبر 1956ليعلن عن إحداث "مجلس التاج لدى
80
جاللة الملك" وظهير 10نونبر 1956محدثا مكتب األبحاث واإلرشادات لدى جاللة الملك.
وقد لعب الديوان الملكي دو ار مهما في مساعدة الملك على إعداد واحداث الق اررات
81
ودراستها خاصة قبل صدور ظهير 17غشت 1971الذي أعطى التفويض للوزير األول
والذي قبله تم تنصيب المدير العام للديوان الملكي ،الذي يمارس تفويضا عاما قبل المصادقة
على دستور ،1962ليعود أيضا الديوان الملكي لالضطالع باختصاصات واسعة في ظل غياب
الوزير األول في مرحة حالة االستثناء إلى أن تم تعيين الوزير األول في يونيو .1967
وتكمن أهمية المدير العام للديوان الملكي في شخصيات الدولة في كونه كان على رأس
القائمة الرسمية للشخصيات قبل الوزير األول ،إذ كان له تفويض من قبل جاللة الملك من أجل
التوقيع على كثير من الق اررات والمراسيم والتأشيرات .وبإلغاء منصبه على إثر الخطاب الملكي
بتاريخ 4غشت 1971أصبح مستشارو جاللة الملك يقومون بتنشيط العمل بالديوان الملكي
76
تحت سلطة الملك ،غير أن الصبغة التقنية لهذه الوظائف ال تمنع أن يكون لبعض الشخصيات
التي تتقلدها دو ار مؤث ار 82بدرجات متفاوتة ،وذلك منذ 10أكتوبر .1977
المطلب الثاني :مستشارو جاللة الملك.
إذا كان تعيينهم يتم بظهير شريف خاص بكل واحد منهم ،فإننا ال نجد نص قانوني ينظم
اختصاصاتهم بشكل واضح ،وكان تعيينهم في 10أكتوبر 1977وهو نفس التاريخ الذي تم في
تعيين الحكومة األولى بعد االنتخابات التشريعية في يونيو.1977
ورغم تمتعهم بنفس االمتيازات التي يتمتع بها الوزراء طبقا للظهير الشريف الخاص بحالة
أعضاء الحكومة ودواوينهم الصادر في 23أبريل 1975فإن الباحثين ال يعتبرونهم أعضاء في
الحكومة 1.خاصة وأنه توضع تحت تصرفهم ديوان وموظفين ومكاتب .وقد عين الملك عددا من
83
المستشارين عقب التصويت على استفتاء الدستور الجديد.
المطلب الثالث :الهيئات االستشارية بجانب جاللة الملك.
تشكل االستشارة من اآلليات األساسية التي تدعم نظام الحكم وتقوي ركائزه خاصة وأنها
تمثل أحد مبادئ الحكم التي تميز األنظمة الديمقراطية عن األنظمة األخرى ،وتعتبر الهيئات
االستشارية من بين أهم الوسائل التي تمارس من خاللها الوظيفة االستشارية ،وال تنفرد أي سلطة
معينة بإحداث الهيئات االستشارية ،ذلك أنه ال يوجد هناك أي نص يعطي ألية جهة امتياز
إحداث وتنظيم الهيئات االستشارية2،إذ نجد أن دستور المملكة يتضمن إحداث بعض الهيئات،
بل وحتى بعض المقتضيات التنظيمية لها ،إلى جانب أخرى يتم إحداثها بظهائر ملكية .وال
يقتصر األمر على تلك المحدثة بجانب الملك ،بل حتى تلك التي تعمل بجانب الحكومة ،فضال
على أن هناك أخرى تجد النص المحدث لها في نص تشريعي صادر عن البرلمان أو في نص
تنظيمي صادر عن السلطة التنفيذية.
84
وهكذا عرف المغرب منذ االستقالل إلى اآلن تشكيل عدد من الهيئات االستشارية
المحدثة مباشرة بجانب الملك ،حيث أحدثت بمبادرة من الملك التي أعلن عن إنشائها بمناسبة
خطاب ملكي ،كما هو الشأن بالنسبة للمجلس االستشاري الملكي لشؤون الصحراء ،والمجلس
األعلى للماء والمناخ ،والذي تم تنظيمه بمقتضى ظهير شريف رقم 1.95.154المتعلق بتنفيذ
قانون الماء رقم .10.95كما تمت دسترة البعض منها مؤخ ار في 85،2011ونخص بالذكر:
82ميشيل روسي :المؤسسات اإلدارية المغربية ،تعريب إبراهيم الزياني ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدارالبيضاء ،1993 ،ص.51 :
–1عبد القادر باينة :مرجع سابق ،ص.38 :
83عبد اللطيف المنوني-فؤاد عالي الهمة-ياسرالزناكي-الطيب الفاسي الفهري.
انظر أحمد أجعون :التنظيم اإلداري المغربي بين المركزية والالمركزية ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،سلسلة المؤلفات
واألعمال الجامعية ،عدد .2013 ،96ص.92 :
–2حكيمة بومحمدي :االستشارة في التشريع المغربي ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد 2004 ،55-54ص.155 :
84للتعرف عليها يمكن الرجوع لمؤلف د .عبد القادر باينة :الهيئات االستشارية بالمغرب ،دار النشر المغربية ،الدار البيضاء.1991 ،
85انظر حسن طارق :هيئات الحكامة في الدستور ،السياق ،البنيات والوظائف .المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،سلسلة
المؤلفات واألعمال الجامعية ،عدد .2016 ،110ص 43 :وما بعدها.
77
86
-المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي؛
87
-المجلس الوطني لحقوق االنسان؛
88
-مؤسسة الوسيط؛
89
-مجلس الجالية المغربية بالخارج؛
90
-الهيئة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز؛
91
-الهيأة العليا لالتصال السمعي البصري؛
92
-مجلس المنافسة؛
93
-الهيأة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها؛
94
-المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي؛
95
-المجلس االستشاري لألسرة والطفولة؛
96
-المجلس االستشاري للشباب والعمل الجمعوي؛
86الفصل .151
87الفصل .161
88الفصل .162
89الفصل .163
90الفصل .164
91الفصل .165
92الفصل .166
93الفصل .167
94الفصل .168
95الفصل .169
96الفصل .169
78
الفصل الثاني
الحكومة
إن ظهور الحكومات بشكلها الحالي لم يكن وليد مرحلة تاريخية محددة وانما جاء نتيجة
لتطور أنظمة الحكم وتطور الدولة بشكل خاص ،ولكن بالرغم من قدمها فإن ذلك ال يعني أنها
جهاز محدد المعالم ومعروف بشكل دقيق ،ذلك أن الدساتير لم تعمل في الغالب على تعريفها
وان كانت قد حددت مكوناتها مثلما هو الحال في المغرب .وتعددت التعاريف التي أعطيت لها
1واألقرب هو الذي يسير في االتجاه الذي حدد الدستور في كون الحكومة محصورة في رئيس
الحكومة والوزراء ،حيث ندرس مكوناتها واختصاصاتها كما هو محدد في الوثيقة الدستورية.
ونظ ار القتصارنا على الجانب اإلداري في العمل الحكومي فسنتعرض إلى:
-لمحة تاريخية عن تطور الحكومة بالمعرب (المبحث األول).
-الحكومة في الدستور المغربي الحالي (المبحث الثاني).
–1محمد فتح هللا الخطيب :دراسات في الحكومات المقارنة ،نشر دار النهضة العربية القاهرة .1966ص.5.
2
LAHBABI (M) : Le gouvernement Marocain à l’aube du XXème siècle les éditions Maghrébines,
Casablanca 1975 2ème édition p : 111.
97
Ali El Mhamdi : L’Administration centrale au Maroc. 1ère édition, DAR ALQALAM, 2011, P : 41.
98
SED JARI (A) : Les structures administratives territoriales et le développement local au Maroc, Ed
F..S.J.E.S RABAT série N° 32 1981 p 25.
79
99
إال أنه واختلفت التركيبة الحكومية انسجاما مع تعاقب العائالت الملكية في المغرب،
بالعودة إلى تاريخ الدولة العلوية ،وبخاصة في عهد المولى الحسن األول حين عرف في عهده
100
ضغوطا كبيرة من طرف الدول األوربية على المغرب لم يزد عدد الوزراء عن خمسة.
-الصدر األعظم :لقد كان الصدر األعظم باعتباره الوزير األكثر خطوة لدى الملك
يضطلع بمهام كثيرة ،لكن ال تصل إلى التقرير في األمور المعروضة عليه بل لم تكن له أية
اختصاصات واضحة ومعروفة ،كما أنه لم يكن رئيسا للحكومة لتكون بين يديه سلطات السهر
على الدواليب اإلدارية في الدولة ،إال أنه كان يتمتع بامتياز بروتوكولي اتجاه باقي الوزراء.
الوزراء :إذا كان الصدر األعظم ال يتمتع باختصاصات حقيقية ،فإن بقية الوزراء الذين
هم معاونون للسلطان لم يقتصر دورهم سوى في عرض المسائل التي يرونها في مجال و ازرتهم
على أنظار السلطان للموافقة عليها .وقد عرف المغرب خالل نهاية القرن 19أربعة وزراء
باإلضافة إلى الصدر األعظم.
-1وزير البحر :وكان يختص بتقديم الرأي والمشورة للسلطان في القضايا التي تهم عالقة
المغرب بالدول األجنبية من خالل العالقة التجارية ،حماية األجانب بالمغرب والتفاوض حول
التعويضات األجنبية والديون األوربية اتجاه المغرب.
-2أمين األمناء:عرفت هذه الو ازرة بعدة أسماء ،وأصبحت بعد إصالحات الحسن األول
تتوفر على حوالي 15كاتبا أساسيا ،كما أصبحت لها اليد العليا على الخزينة العامة "بيت
المال".101
-3العالف الكبير :وكان يضطلع بالشؤون العسكرية والحربية ،وكانت رغبة الحسن األول
في إنشاء هاته الو ازرة هو الحفاظ على استقالل البالد.
-4وزير الشكايات :عرف المغرب هذه الو ازرة أول مرة مع الدولة السعدية تحت اسم
صاحب المظالم ،إال أنها أصبحت في الدولة العلوية تعرف باسم و ازرة الشكايات ،وكانت مهمتها
األساسية تتجلى في تسجيل الدعاوي المقدمة إلى السلطان ضد عمال االيالة ،عندما يعتدون
على المواطنين أو يختلسون أموالهم ،إذ كان يقوم بمهمة رجل المظالم ،وفي نفس الوقت يدون
الشكايات بعد تلخيصها ويقدمها إلى السلطان الذي يتخذ الق اررات النهائية في شأنها.102
–99أمينة المسعودي :الوزراء في النظام السياسي المغربي .1992-1955الطبعة 2001 Iص .20-13
–100الناجي الدرداري :الحكومة في ظل الدساتير المغربية 1996-1962أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد
الخامس أكدال 2002-2001ص .4
101
LAHBABI (M) le gouvernement Marocain à l’aube du XXème siècle op cit p : 161.
–102باينه عبد القادر :التنظيم اإلداري بالمغرب .ص.43 :
80
المطلب الثاني :مرحلة الحماية.
بمقتضى توقيع الحماية 30مارس 1912مع السلطات الفرنسية ،ويوم 27نونبر 1912
مع السلطات اإلسبانية ،وعبر فرض نظام دولي بطنجة أصبح المغرب يتوفر وفقا لهذا التقسيم
على ثالث مناطق إدارية :المنطقة الفرنسية ،والتي تشكل منطقة نفوذ فرنسا ،والمنطقة الشمالية
والجنوبية باتفاق بين إسبانيا وفرنسا وضعت تحت النفوذ اإلسباني ،ومنطقة طنجة التي خضعت
لمجموعة من االتفاقيات التي تحدد طبيعتها .وفي ظل هذا الواقع ظلت اإلدارة المخزنية حاضرة
خاصة على مستوى المنطقة الفرنسية واإلسبانية.
الفرع األول :ممثلو السلطات اإلدارية المغربية في عهد الحماية:
في المنطقة الفرنسية تم إلغاء الو ازرات التي كان يعرفها المغرب والتي كانت تمثل جزءا
مهما من السيادة الوطنية ،وان حاولت هذه األخيرة الحفاظ على شكل اإلدارة المركزية المغربية،
احتراما لعقد الحماية ،103وخوفا من المغاربة .ومع ذلك فقد قامت بإدخال مجموعة من
اإلصالحات عليها ألن الفاصل بينها هو ظهير 21يونيو .1947وما يميز هذه المرحلة هو
التفويض المكتوب الذي أصبح يعتمده السلطان لفائدة الصدر األعظم الذي أصبح يضطلع
بصالحيات ملموسة في اإلدارة العامة للبالد ،والتي أصبحت في ظل المرحلة الدستورية تعرف
بالمراسيم التنظيمية.
وعلى صعيد بنية الو ازرة في المرحلة األولى من عهد الحماية ،أي قبل 21يونيو 1947
كان عدد الوز ارت في المغرب ال يتجاوز ثالثة وهي:
-و ازرة العدل.
-و ازرة الحرب.
-و ازرة المالية.
باإلضافة إلى الو ازرة األولى ،فقد عملت سلطات الحماية على إدخال مجموعة من
التعديالت ،إذ تم تفويض صالحيات وزير الحرب إلى قائد الجيوش الفرنسية ،وعمدت إلى إلغاء
و ازرة المالية ،وبعدها أنشأت و ازرة األحباس وو ازرة األمالك المخزنية لتختفي هي األخرى بعد
حوالي 12سنة على إنشائها في دجنبر .1927
وبمقتضى ظهير 21يونيو 1947أصبح هيكل اإليالة الشريفة الخاضعة للسلطان تتكون
من:
-الصدر األعظم.
-وزير العدل.
–103ميشيل روسي :المؤسسات اإلدارية المغربية .مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،1993 ،ص.27:
81
-وزير األحباس.
وقد عرفت هذه المرحلة ازدواجية إدارية ،فأطلق على اإلدارة التي كان يتولى تسييرها
السلطان "بإدارة شؤون اإليالة" ،وكان يعهد أمر تدبيرها إلى و ازرة المخزن والمتمثلة في الصدر
األعظم ،الذي كان يتمتع بسلطة تنظيمية عامة بناءا على تفويض من السلطان وكذا من
الوزراء .أما إدارة الحماية فقد أوكلت مهمتها إلى المقيم العام ،وعرفت باسم "إدارة اإليالة
الشريفة".
أما في المنقطة الخليفية فقد كان جهاز المخزن يتكون عموما من خليفة السلطان ،الذي
تقترحه السلطات األسبانية ،يساعده ثالث وزراء هم:
-الوزير األعظم.
-وزير العدل.
-وزير األحباس.
أما في منطقة طنجة ،وبالرغم من أنها كانت منطقة دولية فلم يمنع من اإلبقاء على سيادة
السلطان المغربي بها عبر وجود مندوبه على رأس مجلسها التشريعي الدولي ،والذي ظل الممثل
الوحيد للحكومة المغربية على قلة صالحياته ،إذ لم يكن يتوفر على أي مساعد كبير من درجة
وزير ولو شكلي مثلما كان األمر في المنطقة الخليفية.
الفرع الثاني:ممثلوا سلطات الحماية بالمغرب
شملت ثالث إدارات مختلفة ،فرنسية ،إسبانية ودولية في طنجة.
الفقرة األولى:سلطات الحماية الفرنسية بالمغرب.
كانت اإلدارة التابعة لسلطات الحماية تشكل من مصالح تابعة لإلدارة الفرنسية إضافة
إلدارات عصرية .واشتملت هاته المصالح على:
-المقيم العام.
-مكتب المعتمد خليفة المقيم العام.
-الكتابة العامة للحماية تحت رئاسة الكاتب العام للحماية.
أما اإلدارة العصرية فكانت تتشكل من أربع إدارات هي:
-1اإلدارة العامة وتشمل ثالث مديريات:
-مديرية الداخلية؛
-مديرية األمن؛
-مديرية الشؤون الشريفة :وكانت تقوم بربط المقيم العام بالقصر الملكي.
-2اإلدارة المالية :وتشمل على مديرية المالية ،ومديرية الخزينة العامة.
82
-3اإلدارة االقتصادية :وتشمل مديرية األشغال العمومية ،اإلنتاج الصناعي المعادن،
الفالحة ،الغابات ،التجارة ،المالحة التجارية ،البريد والمواصالت السلكية والالسلكية.
-4إدارة الشؤون االجتماعية :وتضم مديرية التعليم العمومي ،الصحة ،الشغل والشؤون
االجتماعية.
ويمكن اإلشارة إلى أن هذه المديريات كانت لها سلطات تنظيمية بناء على تفويض من
السلطات المختصة1 ،وتعد أيضا أصل الو ازرات المغربية في عهد االستقالل.
الفقرة الثانية :السلطات االسبانية بالمنطقة الخليفية:
تم تنظيم سلطات الحماية االسبانية بالمنطقة الخليفية الشمالية بمقتضى المرسوم الملكي
اإلسباني بتاريخ 27فبراير ،1913حيث تضمن باإلضافة إلى السلطات المخزنية الشكلية،
سلطات الحماية تتكون من ضمنه إدارات <<و ازرات>> كان يطلق عليها اسم نيابات وهي:
-نيابة األمور األهلية.
-نيابة الثقافة والتعليم.
-نيابة االقتصاد والفالحة والميزانية وحفظ الصحة والغابات وتربية المواشي.
-نيابة األشغال العمومية.
-نيابة المالية.
وبمقتضى إصالح 1947في المنطقة الفرنسية ،عمدت السلطات االسبانية إلى إدخال
إصالحات في منطقة نفوذها واختصرت الو ازرات في ثالث:
-و ازرة الفالحة واإلنتاج.
-و ازرة المالية.
-و ازرة التعليم العمومي.
المطلب الثالث :الحكومة بعد االستقالل.
ورث المغرب المستقل نفس البنية المعقدة التي تطبعها المركزية الشديدة واالزدواجية التي كان
يقوم عليها نظام الحكم على عهد الحماية ،فقد عمل المغرب منذ استقالله على إرساء ركائز
السلطة وممارستها ،وتبعا لذلك أسست أول حكومة في المغرب في 7دجنبر ،1955وبعد
حصول المغرب على استقالله السياسي في 2مارس 1956أصدر منشو ار تم بموجبه نقل جميع
صالحيات المديرين السابقين في عهد الحماية إلى الوزراء.
83
وبالرغم من أن المغرب لم يعرف الدستور إال في 14دجنبر ،1962أي بعد فترة زمنية
تقدر بست سنوات و 25يوما فإنه عرف سبعة تشكيالت حكومية إضافة إلى حكومة 27دجنبر
.1955
ولفهم موقع الحكومة وصالحياتها بعد دسترة الحياة العامة في المغرب ،وخاصة
اختصاصاتها كجهاز تنفيذي ،يجب الرجوع لمختلف الدساتير التي أطرت الحياة السياسية بدءا
من ،2011-1996-1992-1972-1970-1962حيث اختلفت تشكيالتها واختصاصاتها
مع كل تعديل دستوري بحثا عن التوازن في النظام السياسي المغربي.
104ظهير شريف رقم 1.15.33صادر في 28من جمادي األولى 19( 1436مارس )2015بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 065.13
المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني ألعضائها.ج.ر عدد 6348الصادرة في 2أبريل ،2015ص.3515 :
84
تتبعه مناقشة وتصويت في مجلس النواب ،وان حصل على األغلبية المطلقة تعتبر الحكومة
105
آنذاك منصبة بعد منحها ثقة النواب.
وطبقا لمقتضيات الفصل 89تمارس الحكومة السلطة التنفيذية .واعماال لذلك تعمل
الحكومة ،تحت سلطة رئيسها ،على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين .واإلدارة
موضوعة تحت تصرفها ،كما تمارس االشراف والوصاية على المؤسسات والمقاوالت العمومية.
وبصفة عامة وان كان الدستور ينص على تشكيلة الحكومة لكنه لم يشر إلى أنواعهم
داخل التشكيلة الحكومية سواء فيما يتعلق بترتيبهم البرتوكولي أو من خالل األهمية التي تمنح
1
سندرس الحكومة من خالل مكوناتها ،أي رئيس الحكومة (المطلب األول) لو ازرة مقابل أخرى.
والوزراء (المطلب الثاني).
المطلب األول :رئيس الحكومة.
عرف المغرب قبل استقالله 1956الصدر األعظم ،وبعد هذا التاريخ سيعوضه برئيس
الحكومة ،وفي ظل غياب أحكام دستورية توضح مهام رئيس الحكومة ،فقد تم تنظيمها من خالل
ظهير 6يناير ،1956الذي يخول له كل السلطات التي كان يتمتع بها الصدر األعظم في
مرحلة الحماية.
وقد عرفت هذه االختصاصات توسعا كبي ار في مرحلة لم تكن فيها نصوص دستورية
تحدد المهام .كما منحت لرئيس الحكومة ،ومنذ الحكومة األولى ،المهام التي كانت يمارسها
المقيم العام ،وبعض اختصاصات الكاتب العام للحماية ،اللذين كانا يشكالن قطبي الجهاز
اإلداري والسياسي في البالد.
وهكذا ،فوضت لرئيس الحكومة مجموعة من االختصاصات جعلته يقوم بدور أساسي
داخل الحكومة ،فهو المكلف بتنسيق العمل الحكومي والمصادقة والتأشير على الق اررات .بل
هناك من ذهب إلى اعتباره مكلفا بقيادة الحكومة .106وبالتالي ،فهو يعد ثمرة إلرث ثالثي عن كل
107
من :الصدر األعظم ،المقيم العام ،الكاتب العام للحماية.
85
والى حدود سنة ،1961عايشت مؤسسة رئيس الحكومة عدم االستقرار الحكومي ،إذ
خالل سبع سنوات ،توالت ست حكومات .فالرئاسة نفسها لم تسلم من التأثيرات الظرفية السياسية
إذ أن تقويتها كانت وراء التعديالت الو ازرية المتوالية وهي أسباب ساهمت في تراجع هذه
108
المؤسسة.
لكن ومع دخوله المرحلة الدستورية في 14دجنبر 1962سيتم التخلي عن تسمية رئيس
الحكومة وتعويضها بالوزير األول .وقد اقترن هذا التغيير اللفظي بتغيير آخر على مستوى
الوضعية بدالالت عميقة ،يرمي إلى وضع تمييز واضح بين رئاسة الوزارة ورئاسة الحكومة.
109
في النظام السياسي المغربي يقود العمل الحكومي وهو األول من بين الوزراء، فالوزير األول
لكنه ليس رئيسا للحكومة ،ألن رئاستها تعود إلى الملك ،فهو الرئيس الفعلي والدستوري للجهاز
التنفيذي .ولم يفقد هذا المنصب اسمه فقط وانما فقد جزءا من صالحياته ،إذ لم يعد من حق
الوزير األول ،كما كان األمر مع رئيس الحكومة ،اقتراح الوزراء على أنظار جاللة الملك
1
لتعيينهم ،ولم يتوفر على العناصر األساسية لرئاسة الحكومة في البلدان الديمقراطية.
وازداد تقليص دور الوزير األول مع حالة االستثناء ودستور 1970الذي أسند السلطة
التنظيمية للملك .ولم يعزز موقعه إال بعد إلغاء منصب المدير العام للديوان الملكي الذي كان
2
يمارس اختصاصات مهمة جعلت منه شخصا يفوق مرتبة الوزير األول.
ومما يجدر ذكره هو أن المغرب أيضا عرف منصب نائب الوزير األول ثالث مرات وذلك
نتيجة ظروف خاصة.
ومع التعديل الدستوري لفاتح يوليوز 2011تم الرجوع لتسمية رئيس الحكومة ليقود الجهاز
التنفيذي ،حيث يعين من الحزب الذي تصدر في انتخاب مجلس النواب ،تكريسا الختيار النظام
110
سنتناول اختصاصاته اإلدارية (الفرع البرلماني ،بدال من الوزير األول في الدساتير السابقة.
األول) ثم الهيئات التابعة له (الفرع الثاني).
الفرع األول :اختصاصات رئيس الحكومة
يمارس رئيس الحكومة اختصاصات عديدة ،في عالقته بالملك والبرلمان ،منها ما يجد
مصدرها في الوثيقة الدستورية وفي القوانين أو في تفويض جاللة الملك ،ويمكن اإلشارة إلى
بعض اختصاصات رئيس الحكومة في عالقته بالملك كاقتراح تعيين واعفاء الوزراء ،111طلب
86
عقد المجلس الوزاري ويمكن له ترأسه بتفويض من الملك112،التوقيع بالعطف على الظهائر
الملكية113،اقتراح على الملك التعيين في الوظائف المدنية.
التشريع في أساساً فتتمثل بالبرلمان بعالقته المرتبطة االختصاصات أما
البرلماني114،وطلب الثقة من البرلمان ،أو عرض التصريح الحكومي والحصيلة المرحلية أمام
وطلب من الملك حل البرلمان ...117إال أننا سوف 116
وكذا التقدم بمقترحات القوانين 115
البرلمان
نقتصر على المهام ذات الطابع اإلداري.
يضطلع رئيس الحكومة باختصاصات ذات طبيعة إدارية متنوعة في المجال اإلداري
ترتبط بقيادة األنشطة اإلدارية الحكومية ،االشراف على اإلدارة العمومية ،بتنسيق العمل
الحكومي ،وأخرى بممارسة السلطة التنظيمية.
الفقرة األولى :قيادة األنشطة اإلدارية الحكومية.
عندما يحوز أعضاء الحكومة على التعيين الملكي يتدخل رئيس الحكومة ،عبر مراسيم،
118
كما يقوم لتحديد مهام واختصاصات والهياكل اإلدارية المركزية والالممركزة التابعة لكل و ازرة.
119
ويقترح على الملك من ينوب عنه إن بالتتبع اليومي ألنشطة جميع أعضاء الحكومة،
121 120
ويوافق على جدول أعمال مجلس الحكومة المعد من قبل األمين العام للحكومة، تغيب،
122
ويرفع خالصات مداوالته إلى الملك.
87
125
فضال عن مواكبته بتوجيهاته مختلف السلطات الحكومية واإلدارات العمومية التابعة المدنية،
126
لها ،والمؤسسات والمقاوالت العمومية وسائر أشخاص القانون العام الخاضعة لوصايتها.
ويرأس المجالس اإلدارية للمؤسسات العمومية ،ويمكن تفويض ذلك ألي سلطة حكومية
أخرى .ووفق ما نصت عليه المادة 515من قانون المسطرة المدنية ،فرئيس الحكومة هو الذي
127
يمثل الدولة أمام القضاء وله أن يكلف بتمثيلها الوزير المختص عند االقتضاء.
كما يمارس رئيس الحكومة أيضا اختصاصات ال تدخل في صالحيات أي و ازرة أخرى
والتي تتعلق بعدة و ازرات كعملية تنظيم األثمان .5كما أن ترخيصه يظل ضروريا إلتمام مجموعة
6
من عمليات اإلدارة.
125القانون التنظيمي رقم 02-12الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.12.20بتاريخ 17يوليوز ،2012ج.ر عدد 6066بتاريخ
19يوليوز ،2012ص.4235 ،
126المادة 5من القانون التنظيمي للحكومة.
127المادة 6من القانون التنظيمي للحكومة.
–5مثل ما تستلزمه الفصل 5من ظهير فاتح يوليوز 1914بشأن الملك العمومي و 4و 5من ظهير 19أكتوبر 1921بشأن الملك
البلدي و4و 9من ظهير 28يونيو 1954بشأن الجماعات القروية
انظر :أحمد بوخاري :القانون اإلداري العملي ،الجزء األول ،الطبعة الثانية 2004 .ص.107.
–6قانون 12أكتوبر 1971المنشور بالجريدة الرسمية ،1971ص.1492.
–128الفصل 64من دستور ،1972الفصل 64من دستور ،1992الفصل 65من دستور .1996
–2محمد أشركي :الوزير األول :وظيفته ومركزه في النظام المغربي ص .295
–3يمكن اإلشارة أيضا إلى أن الدستور الفرنسي لم يذكر هذا المجلس ،مما جعل جلساته تكون شبه منعدمة في عهد الجنرال دوكول
حيث لم ينعقد في عهده إال مرة واحدة ،وبعد رحيله عاد المجلس يمارس مهامه ،انظر Debash (ch): Président de la
République et le premier ministre dans le système politique de la V République R.D.P.N°5.1982 P :
185
129ينص الفصل : 92
يتداول مجلس الحكومة ،تحت رئاسة رئيس الحكومة ،في القضايا والنصوص التالية:
88
أسبوعيا ،يجمع كل أعضاء الحكومة دون استثناء عكس المجلس الوزاري الذي يقصي كتاب
131
الدولة.
وفضال عما سبق يقومرئيس الحكومة بدور الحكم في الخالفات الو ازرية إذ يعمل على
التحكيم بين األطراف الو ازرية وبين الخالفات والتقاطعات التي قد تحدث أثناء تدخل أكثر من
و ازرة.
-مراسيم القوانين؛
-مشاريع المراسيم التنظيمية؛
-مشاريع المراسيم المشار إليها في الفصول ( 65الفقرة الثانية) و 66و( 70الفقرة الثالثة) من هذا الدستور؛
-المعاهدات واالتفاقيات الدولية قبل عرضها على المجلس الوزاري؛
-تعيين الكتاب العامين ،ومديري اإلدارات المركزية باإلدارات العمومية ،ورؤساء الجامعات والعمداء ،ومديري المدارس
والمؤسسات العليا .وللقانون التنظيمي المشار إليه في الفصل 49من هذا الدستور ،أن يتمم الئحة الوظائف التي يتم
التعيين فيها في مجلس الحكومة .ويحدد هذا القانون التنظيمي ،على وجه الخصوص ،مبادئ ومعايير التعيين في هذه
الوظائف ،السيما منها مبادئ تكافؤ الفرص واالستحقاق والكفاءة والشفافية.
يطلع رئيس الحكومة الملك على خالصات مداوالت مجلس الحكومة.
131من أهم المستجدات التي جاء بها الدستور الحالي 2011هو دسترة المجلس الحكومي ،فلتمكين الحكومة من أساس دستوري،
لممارسة مسؤولياتها التنظيمية والتنفيذية ،تمت دسترة مجلس الحكومة ،وتحديد وتوضيح اختصاصاته ،في انسجام وتكامل وتمايز مع
مجلس الوزراء.
فالمجلس الوزاري ينعقد برئاسة الملك ،بمبادرة منه ،أو بطلب من رئيس الحكومة ،الذي يشارك في أشغاله بحضور الوزراء فقط.
وللملك أن يفوض رئاسته ،على أساس جدول أعمال محدد ،لرئيس الحكومة تعزيزا لسلطته التنفيذية .أما مجلس الحكومة ،فينعقد برئاسة
رئيسها ،وبمبادرة منه ،وبتركيبة تشمل كافة أعضائها.
وعلى صعيد االختصاصات ،فإن تمايزهما يتجلى في تخويل مجلس الحكومة ،صالحيات تنفيذية واسعة ،ذاتية تقريرية ،وأخرى تداولية،
تحال على المجلس الوزاري ليبت فيها ،ضمن ما تم االحتفاظ له به ،من صالحيات استراتيجية وتحكيمية ،وتوجيهية ،بما فيها الحرص
على التوازنات الماكرو-اقتصادية والمالية ،التي صارت قاعدة دستورية.
انظر الخطاب الملكي يوم 17يونيو .2011
132
Michel ROUSSET : Droit administratif. Marocain op.cit. page :77
89
الدستور" وهكذا فقد حدد دستور 1962اختصاص الملك في المجال التنظيمي في حاالت
معينة ،في حين أن هذا االختصاص هو عام وشامل بالنسبة للوزير األول وال يحده سوى المجال
المحجوز للملك.
وبموجب اإلعالن عن حالة االستثناء في 8يونيو 1965وفقا لمقتضيات الفصل 35من
الدستور ،استجمع الملك كل السلطات بين يديه وآلت االختصاصات في المجال التنظيمي إلى
الملك .وتمت دسترة هذا الوضع مع دستور 31يوليوز ،1970حيث جعل ممارسة السلطة
133
التنظيمية من اختصاص الملك وفقا لمقتضيات الفصل 29منه.
ومنذ مراجعة الدستور في 10مارس 1972والى حدود شتنبر ،1996لم تعرف ممارسة
هذه السلطة تغيي اًر يذكر ،إذ نصت هذه الدساتير على أن المواد التي ال يشملها اختصاص
135 134
رئيس الحكومة حاليا والوزير األول سابقا القانون تبقى من اختصاص المجال التنظيمي،
136
هو الذي يمارس السلطة التنظيمية.
أ-نطاق السلطة التنظيمية.
إذا كان المقصود بالمجال التنظيمي جميع األمور والمسائل التي تتوالها السلطة التنظيمية
(الحكومة) والتي ال تندرج في ميدان القانون الذي يختص به البرلمان بمقتضى الفصل 71فإن
السلطة التنظيمية أصبح لها النصيب األوفر في مجال الوظيفة التشريعية ما دام اختصاص
البرلمان قد ورد في الدستور على سبيل الحصر .إذ أن الفصل 71يحدد مجال القانون كاآلتي":
يختص القانون ،باإلضافة إلى المواد المسندة إليه صراحة بفصول أخرى من الدستور ،بالتشريع
في الميادين اآلتية:
-الحقوق والحريات األساسية المنصوص عليها في التصدير ،وفي فصول أخرى من هذا
الدستور؛
-نظام األسرة والحالة المدنية؛
-مبادئ وقواعد المنظومة الصحية؛
-نظام الوسائط السمعية البصرية والصحافة بمختلف أشكالها؛
-العفو العام؛
-الجنسية ووضعية األجانب؛
-تحديد الجرائم والعقوبات الجارية عليها؛
–133ينص الفصل 29من دستور 31يوليوز 1970على أن يمارس الملك السلطة التنظيمية وتحدد ظهائر شريفة الميادين التي يفوض
فيها الملك هذه السلطة للوزير األول.
–134انظر الفصل 46من دستور 1972ونفس الفصل من دستور ،1992والفصل 47من دستور ،1996والفصل 72من دستور
.2011
–135انظر الفصل 62فقرة 1من دستور ،1972و 1992والفصل 63فقرة 1من دستور .1996
-136الفصل 90من دستور .2011
90
-التنظيم القضائي واحداث أصناف جديدة من المحاكم؛
-المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية؛
-نظام السجون؛
-النظام األساسي العام للوظيفة العمومية؛
-الضمانات األساسية الممنوحة للموظفين المدنيين والعسكريين؛
-نظام مصالح وقوات حفظ األمن؛
-نظام الجماعات الترابية ومبادئ تحديد دوائرها الترابية؛
-النظام االنتخابي للجماعات الترابية ومبادئ تقطيع الدوائر االنتخابية؛
-النظام الضريبي ،ووعاء الضرائب ،ومقدارها وطرق تحصيلها؛
-النظام القانوني إلصدار العملة ونظام البنك المركزي؛
-نظام الجمارك؛
-نظام االلتزامات المدنية والتجارية ،وقانون الشركات والتعاونيات؛
-الحقوق العينية وأنظمة الملكية العقارية العمومية والخاصة والجماعية؛
-نظام النقل؛
-عالقات الشغل ،والضمان االجتماعي ،وحوادث الشغل ،واألمراض المهنية؛
-نظام األبناك وشركات التأمين والتعاضديات؛
-نظام تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت؛
-التعمير واعداد التراب؛
-القواعد المتعلقة بتدبير البيئة وحماية الموارد الطبيعية والتنمية المستدامة؛
-نظام المياه والغابات والصيد؛
-تحديد التوجهات والتنظيم العام لميادين التعليم والبحث العلمي والتكوين المهني؛
-إحداث المؤسسات العمومية وكل شخص اعتباري من أشخاص القانون العام؛
-تأميم المنشآت ونظام الخوصصة.
للبرلمان ،باإلضافة إلى الميادين المشار إليها في الفقرة السابقة ،صالحية التصويت على
قوانين تضع إطا ار لألهداف األساسية لنشاط الدولة ،في الميادين االقتصادية واالجتماعية والبيئية
والثقافية].
ويأتى أيضا الفصل 72لينص على أن "المواد األخرى التي ال يشملها اختصاص القانون
يختص بها مجال التنظيم".
إال أنه يمكن اإلشارة أيضا إلى أن المجال المحفوظ للبرلمان يمكن للحكومة أن تتدخل فيه
ولكن طبق الشروط التي يحددها الدستور عبر مراسيم اإلذن (الفصل )70حيث يعطي البرلمان
91
إذنا للحكومة بالتشريع في مجاالت هي من اختصاص القانون ،أو من خالل مراسيم الضرورة
(الفصل ،)81من خالل التشريع في الفترة الفاصلة بين الدورات وباتفاق مع اللجان التي يعنيها
األمر .ويشير (الفصل )73أيضا إلى أن النصوص التشريعية من حيث الشكل يمكن تغييرها
بمرسوم بعد موافقة المحكمة الدستورية إذا كان مضمونها يدخل في مجال من المجاالت التي
تمارس فيها السلطة التنظيمية اختصاصاتها.
والمراسيم المتخذة من قبل رئيس الحكومة يجب أن توقع بالعطف من قبل الوزراء المكلفين
137
إال أن اإلشكال يطرح بالنسبة لمراسيم القوانين (الفصلين 70و )81هل يتم التوقيع بتنفيذها.
بالعطف عليها من قبل الوزراء؟ فإذا كان الدستور ساكتا عن ذلك فإن المنطق يقتضي إخضاعها
لنفس النظام التي تخضع لها المراسيم العادية بالرغم من أنها ال تتخذ إال باتفاق وبإذن من
البرلمان.
ب-صور السلطة التنظيمية
تمارس السلطة التنظيمية اختصاصاتها عبر مراسيم تعرف باسم المراسيم التنظيمية التي
تتخذ شكلين :المراسيم المستقلة والمراسيم التطبيقية.
-1المراسيم المستقلة :وتعرف عادة بالمراسيم المستقلة ،وهي مجموع التدابير التي يتخذها
رئيس الحكومة دون استناد إلى قانون قائم ،وهي ال تتبع القانون وال تخضع له بل تباشر في
جميع المجاالت التي لم يحجزها الدستور لمجال القانون .وتجد سندها في (الفصل ،)72وبقيت
اإلشارة إلى أن ممارسة السلطة التنظيمية أفرزت نوعين من المراسيم األولى تتميز بالصبغة
العامة والثانية لها صفة فردية.
أ-المراسيم المستقلة العامة :وهي مراسيم تختلف عن القانون من حيث الشكل إذ أنها
تصدر عن السلطة التنظيمية ،ويتم سريانها على كل فرد وكل حالة متى توافرت شروط انطباقها،
139 138
والمراسيم ومراسيم الضرورة وتتسم بالعمومية والتجريدوتستثنى منها مراسيم اإلذن
140
باإلضافة ،إلى مراسم ختم دورات البرلمان العادية إذا ما تجاوزت جلساته مدة أربعة التطبيقية،
142 141
إضافة إلى ومراسيم عقد الدورات االستثنائية وانهائها أشهرعلى األقل التي حددها الدستور
143
المراسيم المالية.
92
ب-المراسيم المستقلة الفردية :إنها مراسيم توصف بالشخصية والفردية ألنها تخص حالة
معينة بذاتها وتستنفد بمجرد تطبيقها ،وتكتسب صفة االستقالل لكون السلطة التنظيمية تستمد
حقها في إصدارها من الدستور مباشرة ودون اللجوء إلى قوانين أخرى ،كمراسيم ختم دورات
البرلمان إذا تجاوزت مدة أربعة أشهرعلى األقل ،ومراسيم عقد دورات استثنائية للبرلمان وختمها.
2المراسيم التطبيقية :إن مهمة تنفيذ القوانين هي أولى مسؤوليات السلطة التنفيذية ،حيث
يبقى رئيس الحكومة مسؤوال عن تنفيذ القوانين طبقا للفصل 89من الدستور ،وتوضع اإلدارة
رهن تصرف الحكومة ،ذلك أن القوانين التي يضعها البرلمان تقتصر عادة على وضع األحكام
العامة والخطوط العريضة دون الدخول في التفاصيل ،فتأتي المراسيم التطبيقية استنادا لها كي
تفصل حيث أجمل القانون وتفسر حيث عمم وتضع االجراءات التطبيقية حيث لم يضع القانون
إال المبادئ والقواعد األساسية.
ويبقى أن نشير أيضا إلى أن رئيس الحكومة يمكن تفويض البعض من سلطاته إلى
الوزراء ،ولكن هل يمكن إدخال السلطة التنظيمية ضمن مجال التفويض؟ فإذا كان الفصل 90
قد منح هذا الحق لرئيس الحكومة ،فيمكن اعتباره أيضا إذنا بتفويض السلطة التنظيمية بالرغم
من أنها تبين أولوية رئيس الحكومة في العمل الحكومي.
الفرع الثاني :المصالح اإلدارية التابعة لرئيس الحكومة.
إذا كانت مهمة رئيس الحكومة ثقيلة وصعبة ،فإنه مطالب باالعتماد على مصالح وهيئات
مساعدة توفر له االستشارة واإلعانة ،ومن بين الهيئات التي يستعين بها نجد األمانة العامة
للحكومة ،باإلضافة إلى ديوان فضال عن وزراء منتدبين وكتاب دولة ومصالح إدارية أخرى.
الفقرة األولى :األمانة العامة للحكومة.
تم إحداث الكتابة العامة للحكومة بموجب ظهير 10دجنبر ،11955الذي تم تتميمه
بموجب ظهير 4دجنبر .21961وتمت ترقيتها إلى مرتبة الو ازرة بموجب المرسوم الملكي
الصادر في 21غشت ،1441965حيث خولت لألمين العام مرتبة الوزير ،وخولته نفس
االمتيازات التي يتمتع بها باقي الوزراء ،إذ أصبح اسم األمين العام يأتي ضمن الئحة أعضاء
3
الحكومة ويجري عليه ما يجري على كل أعضاء الحكومة من إعفاء وتعيين.
93
وتتمثل أهم االختصاصات الموكولة له في عالقته بتنظيم أعمال الحكومة ،حيث يقوم قبل
انعقادمجلس الحكومة ،بتوزيع مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية ،والمعاهدات واالتفاقيات
الدولية المعروضة على مسطرة المصادقة أو االنضمام إليها ،على أعضاء الحكومة داخل أجل
145
يحدد بقانون تنظيمي ،قبل عرضها على أنظار مجلس الحكومة.
وتتولى األمانة العامة للحكومة من خالل مختلف مصالحها على ضمان التنسيق بين
مختلف الو ازرات ،كما تضطلع بدور السكرتارية ،حيث تشرف على تنظيم وكتابة محاضر
جلسات المجالس الو ازرية والحكومية ،وتحضر هذه االجتماعات من توجيه الدعوات ثم تبليغ
مقرراتها إلى مختلف الو ازرات واإلدارات المعنية بتنفيذها.
ويكلف األمين العام للحكومة 1أحيانا بالنيابة عن الوزراء في حالة غيابهم.
و تنظم األمانة العامة الحكومة بمقتضى المرسوم الصادر عن الوزير األول بتاريخ 29
يناير 4 ،1985الذي عوض المرسوم الملكي بعد ما تم فصلها عن و ازرة الشؤون اإلدارية ،حيث
146
أصبحت تتكون من سبع مديريات:
-1مديرية التشريع والدراسات :تقوم هذه المديرية بتنسيق األعمال المتعلقة بإعداد
وصياغة مشاريع القوانين ،كما تسهر على تنفيذ السياسة الحكومية في مجال تدوين النصوص
التشريعية والتنظيمية ومراجعتها لتساير التطور وتستجيب للواقع ،ولهذه الغاية يتولى:
-دراسة جميع مشاريع القوانين واألنظمة لكي تتأكد من مدى مطابقتها للدستور وعدم
تنافيها مع النصوص التشريعية والتنظيمية الجارية.
-إعداد مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية التي ال تدخل ضمن اختصاصات
و ازرة محددة.
-القيام من الوجهة القانونية ببحث الفتاوى التي تطلبها اإلدارات والمؤسسات العمومية،
ولهذه الغاية على األمين العام للحكومة االضطالع على كل األحكام القضائية التي كان شخص
من أشخاص العام طرفا فيها ،وقد حددت المادة الثالثة من المرسوم أربعة أقسام ضمن هاته
5
المديرية.
94
-2المفتشية العامة للمصالح اإلدارية.
تقوم هذه المصلحة بأعمال التفتيش التي يطلبها األمين العام بناءاً على طلب رؤساء
اإلدارات وتحرر عنها تقارير تفرض استنتاجاتها على السلطات المختصة.
-3مديرية الشؤون العامة:
تعمل هذه المديرية على جمع مشاريع القوانين واألنظمة التي تصدر عن مختلف المصالح
العامة وتوجيهها إلى مجلس النواب أو عرضها على المجلس الوزاري أو المجلس الحكومي،كما
تقوم بإعداد مشاريع الظهائر من أجل عرضها على جاللة الملك لكي يضع عليها طابعه
الشريف.
-4مديرية المطبعة الرسمية:
تعمل على طبع الجريدة الرسمية للمملكة ،وتنفيذ جميع أعمال الطبع لحساب كل اإلدارات
العمومية.
-5مديرية الجمعيات والمهن المنظمة.
تقوم بمهمة السهر على تطبيق النصوص التشريعية التي تضبط الحق في تأسيس
الجمعيات والحق النقابي باإلضافة لبعض المهن المنظمة ،ولهذه الغاية تقوم هذه المديرية بإعداد
مجموعة من الق اررات التي تتعلق ب:
-حق تأسيس الجمعيات.
-الحق النقابي.
-المهن المنظمة.
-التماس اإلحسان من الجمهور.
-اليانصيب واليانصيب االختياري.
-إثبات صحة التوقيع فيما يرجع للوثائق التي سيدلي بها في الخارج أو تلك الموضوعة
في الخارج لإلدالء بها في الداخل.
-نقل الجثث من المغرب إلى الخارج.
-6مديرية الشؤون المالية واإلدارية:
تعمل هذه المديرية على إدارة المصالح الملحقة بشكل مباشر بالوزير األول واألمانة العامة
للحكومة ،ولقيامها بهذا العمل تقوم ب:
-إدارة شؤون الموظفين التابعين للوزير األول واألمانة العامة للحكومة وموظفي أية إدارة
أخرى لها ارتباط بالوزير األول.
-إعداد ميزانية المصالح المذكورة أعاله وتنفيذها.
95
-السهر على صيانة مباني ومعدات المصالح المعهود لها بإدارتها.
-منح سندات النقل أو السفر أو نقل األمتعة للمستخدمين األجانب الذين يعملون
باإلدارات العامة عند مجيئهم أو رجوعهم إلى أوطانهم ،عند االستغناء عن خدماتهم أو لقضاء
إجازتهم اإلدارية.
-7قسم الترجمة:
يقوم بالترجمة الرسمية لمشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية التي تصدرها اإلدارات
العمومية ،كما تقوم بترجمة األعمال التي توجهها إليه اإلدارة السالفة الذكر (المادة .)13
الفقرة الثانية :المصالح األخرى التابعة لرئيس الحكومة.
إضافة إلى األمانة العامة للحكومة يستعين رئيس الحكومة بمرافق أخرى سواء تعلق األمر
بالوزراء المنتدبون أو كتاب الدولة .وهكذا يقوم رئيس الحكومة بتفويض بعض صالحياته في
147
وضمت حكومة عبد االله بنكيران المعينة في نونبر قطاعات معينة إلى هؤالء الوزراء.
2012أربعة عشر وزي ار منتدبا ثالث منهم لدى رئيس الحكومة (الوزير المنتدب لدى رئيس
الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني ،والوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون
العامة والحكامة والوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية).
واضافة إلى هذه الشخصيات يوجد إلى جانب رئيس الحكومة مندوبين ساميين مكلفين
بمهام محددة لديه ،ومن بينهم نجد المندوب السامي المكلف بإعادة إعمار أكادير بعد إصابتها
بالزلزال سنة 1961والتي ألغيت في 20فبراير ،1973والمندوبية السامية لإلنعاش الوطني،
والتي هي تابعة اليوم لو ازرة الداخلية عبر مرسوم 18أبريل .1985
ومن بين المندوبيات األكثر قدما ،هناك المندوبية السامية للمقاومة وأعضاء جيش التحرير
المحدثة بظهير 15يونيو 11973ومن بين المندوبيات المحدثة هناك المندوبية السامية للمعاقين
المحدثة بظهير 24ماي 21994،والمندوبية السامية للتخطيط المحدثة بظهير شريف رفم
1.03.946الصادر في 26دجنبر 32003،والمندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة
4
التصحر ،المحدثة بمقتضى مرسوم رقم 2.03.947الصادر في 26دجنبر .2003
96
-ديوان رئيس الحكومة:
يعتبر الديوان الوزاري بمثابة فريق عمل يشتغل بجانب الوزير ويتصف بالتضامن بين
أعضائه من أجل حماية الوزير ،كما يتصف أيضا باإلخالص التام والمطلق وغير المقيد وغير
المشروط للوزير ،5ويعد بذلك جها از هاما يساهم في االستراتيجية السياسية للو ازرة ووضعها
موضع التنفيذ 6.وقد حضي ديوان الوزراء باهتمام العديد من النصوص القانونية منذ النص األول
والصادر في 4يناير ،1955ولم تتضح الرؤية إال مع المنشور الملكي بتاريخ 23فبراير
1966الذي عدل بالظهير الشريف رقم 1.74.331بتاريخ 23أبريل 1975وبعد مرور 20
سنة صدر الظهير األخير المنظم للدواوين الو ازرية بتاريخ 10أكتوبر ،1995وقد كان الهدف
منه هو العمل على خلق ميكانيزمات تضبط العالقات بين اإلدارة والحكومة من جهة والفصلبين
ما هو سياسي وما هو إداري .7وقد حدد هذا النص عدد أعضاء ديوان رئيس الحكومة في:
رئيس الديوان وستة مستشارين تقنيين وملحق للصحافة.
ويخضع تعيين أعضاء الدواوين الو ازرية لمجموعة من الشروط وردت في النصوص
السابقة ،وقد نص ظهير 1995على أن أعضاء الدواوين يتم اختيارهم من بين خريجي
الجامعات والمعاهد العليا من كبار األطر من القطاع الخاص وكبار الموظفين في الوظيفة
العمومية ،كما اشترط أن تتوفر فيهم الكفاية والمروءة واإلخالص للوزير.
وفيما يرجع لوظيفة ديوان رئيس الحكومة فإنها ال تختلف عن مأمورية باقي الدواوين
الو ازرية عندما يتعلق األمر بمجال الصحافة الوطنية والدولية وتنظيم أوقات استقباله واجتماعه،
وتهيئ خطبه ودراسة الملفات المعروضة عليه .148إال أن هذه المهام تختلف عندما يتعلق األمر
بمهام رئيس الحكومة التنسيقية بصفة عامة والتقنية والسياسية على الخصوص.
وعادة يضطلع الديوان بمهمتين :األولى هي ضمان الربط بين الوزير وباقي المرافق
الو ازرية وبين مخاطبيه والثانية في تدارس المسائل السياسية والتقنية المطروحة عليه ،وال يمكنه
أن يتكلف باألمور اإلدارية للو ازرة.149
وباإلضافة إلى ماذكر ،يجب على أعضاء الدواوين التقيد كيفما كانت الظروف بواجبات
150
التحفظ وكتمان السر المهني.
–5المذكوري الشعبي :الدواوين الوزارية .المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية ،العدد 1989.21ص37 :
–6حول هذا الموضوع انظر أمينة المسعودي :الوزراء في النظام السياسي المغربي من حكومة 1955إلى حكومة 1985أطروحة
لنيل الدكتوراه الدولة في القانون العام ،جامعة محمد الخامس أكدال .1999
–7محمد الضحى :الدواوين الوزارية :تدبير السياسة أم اإلدارة .المجلة المغربية لإلدارة والتنمية .عدد 45-44غشت .2002ص.26 :
148
– ALI EL Mhammedi : Regards sur les cabinets ministériels. R.A.A. N°2. Décembre 1983 pp : 307-
308.
149
– Michel ROUSSET ; Droit administratif Marocainé.d la porte 2003 p : 106.
150الحاج شكرة :اإلدارة المركزية والجماعات الترابية.مطبعة دعاية ،الطبعة األولى ،2016ص.66 :
97
ولدعم الو ازرات بالكفاءات القانونية تم استحداث هيئة المستشارين القانونيين لإلدارات لدى
151
األمانة العامة للحكومة.
المطلب الثاني :الوزراء.
تعتبر هذه الفئة هي اإلدارة الفعالة داخل اإلدارة المركزية الحكومية ،ولفهم موقعها
وسلطاتها سنعرض أوال ألصناف الوزراء من خالل الحكومات المغربية (الفرع األول)
واختصاصات الوزير (الفرع الثاني) .والمصالح الو ازرية (الفرع الثالث).
الفرع األول :أصناف الوزراء.
إذا كان إحداث المرافق الو ازرية يتناسب ويستجيب للظروف التي تمر بها الدولة ،وذلك من
أجل إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل المستجدة ،فهناك وحدات و ازرية تحتل مكانة أساسية بالنظر
إلى الدور المسند لها في تحقيق وانجاز السياسات العمومية وأخرى تظهر نظ ار لطبيعة األمور
المسندة لها.
وال تظهر مسألة التسلسل بين أعضاء الحكومة إال من خالل الظهائر والمراسيم المتعلقة
ولهذا بتأليف الحكومة ،إذ تنص على فئات مختلفة من الوزراء عند حضورهم بالحكومة.
فالحكومات المغربية على اختالف أنواعها تتضمن األصناف التالية من الوزراء ،إضافة إلى
رئيس الحكومة:
-وزراء الدولة؛
-الوزراء؛
-الوزراء المنتدبون لدى رئيس الحكومة أو لدى الوزراء؛
-األمين العام للحكومة؛
152
-كتاب الدولة معينين لدى رئيس الحكومة أو لدى الوزراء.
حول مهام هذه الهيئة انظر :المرسوم رقم 2.17.1039بتاريخ 26يناير 1998ج.ر عدد 5458ص ،512المغير بمرسوم 11
151يوليوز 2011ج.ر عدد .5959
152المادة 2من القانون التنظيمي .065.13
98
1983من أكبر الحكومات التي عرفت حضو ار متمي از لوزراء الدولة ،إذ قدر عددهم ثمانية وزراء
الدولة بدون حقائب ،ويعود السبب في ذلك إلى مشاركة مجموعة من األحزاب السياسية في هذه
الحكومة ،بواسطة رؤساء أو كتاب عامين لهيئاتهم السياسية باإلضافة إلى الحاج امحمدباحنيني
وموالي أحمد العلوي نظ ار للمكانة التي يتمتعون بها لدى الملك ،ويبقى موالي أحمد العلوي قيدوما
لو ازرة الدولة بتوليه هذا المنصب إحدى عشرة مرة ما بين 12غشت 1968و 27فبراير
.1995
وقد يكلف وزراء الدولة بحقائب و ازرية أو يعينون بدون حقائب و ازرية وأيضا قد يكلفون من
قبل رئيس الحكومة ،الوزير األول سابقا ،بملفات أو مهمات خاصة.
وال توجد ضوابط قانونية على أساسها تمنح صفة وزير الدولة في الحكومة وانما يتم
االستناد إلى اعتبارات سياسية ،إذ ال يعين في هذا المنصب الوزاري إال األشخاص ذوو الوزن
السياسي والثقافي الكبير (األشخاص الذين يحظون بثقة الملك).
وبالعودة إلى بعض النصوص المحددة الختصاصات وزير الدولة 1.نجده يضطلع
باختصاصات منها:
-يمارس سلطات بموجب تفويض السلطان واالختصاصات المخولة لرئيس الحكومة.2
-يكلف بمهام محددة تعود لوزراء آخرين.
-يمارسون اختصاصات الوزير األول سابقا ورئيس الحكومة حاليا وهو ما يخولهم إمكانية
النيابة عن هذا األخير.
ويتوفر وزير الدولة على نفس المصالح والمساعدين الذي يتوفر عليهم الوزير خاصة إذا
اضطلع بحقيبة و ازرية معينة ،ويحضرون المجلسين الوزاري والحكومي.
–1المرسوم الملكي 65.433بتاريخ 31دجنبر 1965بشأن سلطات واختصاصات وزير الدولة الجريدة الرسمية 2776بتاريخ 12
يناير .1966ص.47 :
–2الفصل الثاني من المرسوم الملكي.
–153عبد القادر باينة :التنظيم اإلداري م.س .ص.51:
99
بعض الو ازرات تفرض تعيين فئات و ازرية متعددة بنفس المرفق الوزاري ،حيث تعرف بعض
154
الو ازرات وزي ار عاديا ووزي ار منتدبا وكاتبا للدولة أو أكثر من ذلك.
الفقرة الثالثة :الوزير المنتدب:
أصبح من المعتاد تعيين وزراء منتدبين إلى جانب الوزراء ،155ونظ ار لجسامة وتوسع مجال
بعض القطاعات الو ازرية يتم إنشاء و ازرات منتدبة إما إلى جانب ال أو لدى الوزراء ،أو و ازرات
منتدبة مستقلة.
وبالعودة إلى النصوص التنظيمية للحكومة ال نجد فرقا بين الوزراء والوزراء المنتدبين،
خاصة ما يتعلق بممارسة بعض السلط التي يتم تفويضها من قبل رئيس الحكومة للوزراء،
والتوقيع بالعطف على المقررات التنظيمية الصادرة عن رئيس الحكومة ،وذلك عند تكليفهم
بتنفيذها ،وكذلك الشأن بالنسبة للحضور في المجالس الو ازرية والحكومية ،ومن جهة ثالثة فهم
يستفيدون من نفس امتيازات الوزراء طبقا للظهير الشريف المتعلق بحالة أعضاء الحكومة وتأليف
دواوينهم.156
والوزير المنتدب عندما يتم تكليفه بقطاع وزاري معين ،فهو يكون مؤهال لوضع السياسة
العامة اإلدارية واتخاذ التدابير الالزمة لحسن سير هذا القطاع ،فضال عن كونه يعد الرئيس
التسلسلي للمصالح اإلدارية التي وضعت تحت تصرفه.
والوزراء المنتدبون عادة في ظل الحكومات المغربية هم إما:
-وزراء منتدبون لدى رئيس الحكومة؛
-وزراء منتدبون لدى وزير.
وعلى مستوى الترتيب البروتوكولي في التشكيالت الحكومية نجد الوزراء المنتدبون لدى
رئيس الحكومة ثم الوزراء المنتدبون لدى وزير الدولة ثم الوزراء المنتدبون لدى الوزراء العاديين.
وبمقتضى المادة 10من القانون التنظيمي للحكومة أصبح بإمكان الوزراء الذين لديهم
وزراء منتدبين أن يسندوا لهم بقرار يؤشر عليه رئيس الحكومة ،إما تفويضا في االختصاص في
المجاالت الصادرة بالظهير الشريف لتعيينهم ،واما بتفويض عام ومستمر قصد التوقيع والتأشير
باسم الوزير الصادر عنه التفويض على جميع التصرفات المتعلقة بالمصالح الراجعة للمجاالت
المفوض فيها ،ويمتد التفويض السالف الذكر إلى التوقيع بالعطف على النصوص التنظيمية التي
يصدرها رئيس الحكومة.
–154بعض الوزارات تشمل قطاعات متداخلة ،كوزارة التنمية االجتماعية والتضامن والتشغيل والتكوين المهني ،أو الوزارة المكلفة
بإعداد التراب والبيئة والتعمير واإلسكان سابقا.
–155أصبح حصور هذه الفئة في الحكومة معتادا منذ حكومة 10أكتوبر 1977المعدلة في 2نونبر 1978والذي دخل بموجبه عبد
اللطيف الجواهري إلى التشكيلة الحكومية كوزير منتدب لدى الوزير األول ،انظر الدرداري الناجي :الحكومة في الدساتير المغربية
م.س .ص.104 :
–156الظهير الشريف الصادر في 29ماي 1998تحت رقم 1.98.339بشأن اختصاصات ووضعية الوزراء المنتدبين لدى
الوزراء.ج.ر .عدد 11.4394يونيو 1998ص .1731
100
الفقرة الرابعة :كتاب الدولة.
يعتبر كتاب الدولة أعضاء في الحكومة ويأتون في مرتبة ثالثة بعد الوزراء المنتدبين ،إذ
ليس هناك اختالف قانوني بين الصنفين فهم وزراء ولكن كما هو األمر في فرنسا ال يحضرون
157
المجلس الوزاري إال حينما تثار قضايا داخلة في إطار اختصاصهم.
ومن خالل استقراء المراسيم والظهائر الملكية لتشكيل الحكومات يتبين أن كتاب الدولة
158
هما: صنفان
-1كتاب الدولة التابعين :إما لرئيس الحكومة أو الوزراء.
-2كتاب الدولة المستقلين.
ويعد منصب كاتب الدولة في المغرب ،مرحلة مؤهلة من أجل تولي مناصب عليا في
الحكومة ،159حيث يتمرس على العمل الحكومي في مثل هذه المناصب ويتواجد خلف وزير آخر
سواء تعلق األمر برئيس الحكومة أو بوزراء آخرين .وتتجلى تبعية كتاب الدولة من خالل أن
صالحياتهم ومهامهم تحدد بق اررات و ازرية عكس ما هو األمر بالنسبة لباقي الوزراء إذ يتم تحديد
160
مهامهم بواسطة مرسوم.
وتنتظم العالقة بين الوزراء وكتاب الدولة بمقتضى ظهير 13دجنبر 1980بشأن تحديد
اختصاصات كتاب الدولة وتأهيل الوزراء لتفويض إمضائهم أو بعض اختصاصاته إلى كتاب
الدولة التابعين لهم والمعدل بمقتضى ظهير 26يونيو 1995الذي شمل أيضا نواب كتاب
الدولة.161
ومن خالل هذه المقتضيات القانونية فكتاب الدولة يعملون إلى جانب الوزراء ويؤازرونهم
وينظرون تحت سلطتهم في جميع المسائل المعهود إليهم بها.
كما أن رئيس الحكومةوالوزراء يمكن أن يسندوا إلى كتاب الدولة التفويض العام والمستمر
في التوقيع والتأشير باسم رئيس الحكومة أو عن الوزير على جميع الق اررات المتعلقة بالمصالح
باستثناء المراسيم والق اررات التنظيمية.
التفويض في االختصاص المتعلق ببعض المصالح الموضوعة تحت سلطة الوزراء
التابعين لهم والمشتملة على التفويض في التوقيع ،وال يجوز منح تفويض التوقيع واالختصاص
162
بالنسبة لنفس المصالح والمواد.
157
– Jaeques FOURNIER : le travail gouvernemental. P.U.F,.N.S.P DALLOZ Paris 1987 p :44.
–158منذ 13نونبر 1963إلى حكومة عبد الرحمان اليوسفي 81شخصا تولوا منصب كاتب الدولة منهم 79في عهد الملك الراحل
الحسن الثاني واثنين في عهد محمد السادس أي % 12من مجموع أعضاء الحكومات.
–159أمينة المسعودي :الوزراء في النظام السياسي المغربي م.س .ص.546
–160الناجي الدرداري :الحكومة في الدساتير المغربية من 1962إلى .1996م.س .ص.111:
161
- Bulletin officiel 1995. p : 541.
162المادة 11من القانون التنظيمي للحكومة.
101
وعلى الرغم من كون كتاب الدولة يعدون في منزلة أقل من منزلة الوزراءمن الماحية
البروتوكولية ،فإنهم يشاركون في المجالس الو ازرية مادام الدستور و القانون التنظيمي 65.13
لم ينصان على خالف دلك .ويعملون مع الفئات الو ازرية األخرى على تنفيذ السياسة العامة
للحكومة.
الفرع الثاني :اختصاصات الوزراء.
يبقي الوزراء بصفة عامة أعضاء في الحكومة ويضطلعون بمهام سياسية مستمدة من
الدستور ومهام إدارية مستمدة من الدستور أو بصفتهم رؤساء مصالح ومرافق إدارية ،أو انطالقا
من نصوص خاصة ،ويمارسون اختصاصاتهم بواسطة ق اررات و ازرية أو بواسطة مذكرات
توجيهية أو منشورات أو تعليمات و ازرية ويمكن إجمال اختصاصات الو ازرات في اآلتي:
-1سلطة التعيين.
ترجع سلطة التعيين للملك ولرئيس الحكومة ،إذ أن التعيين في الوظائف المدنية السامية
يمارسها رئيس الحكومة ،باستثناء تلك الموكولة للملك.أما الوظائف العسكرية فهو اختصاص
مخول إلى الملك ،والوزراء ال يمارسون مثل هذا الحق إال من خالل تفويض رئيس الحكومة.
ويتمتع الوزراء بسلطات واسعة في اختيار معاونيهم باستثناء البعض منهم الذين يعينون
بظهير ،وبالنسبة للعاملين في و ازرته يتمتع الوزير بسلطات فعلية في نقلهم وترقيتهم وانزال
عقوبات ضدهم في إطار السلطة التأديبية الممنوحة له ،ما دام هو السلطة الرئاسية في مختلف
اإلدارات التابعة لو ازرته سواء المركزية أو الخارجية ،باستثناء الحاالت التي يختص بها الملك أو
رئيس الحكومة أو الممنوحة إلى هيئات متخصصة عهد إليها بذلك بمقتضى نصوص تشريعية
أو تنظيمية .ويبقى مسؤوال إداريا عن الق اررات التي يتخذها والتي يمكن التظلم بشأنها أمام
القضاء اإلداري في إطار دعوى اإللغاء أو التعويض في ظل قواعد المسؤولية اإلدارية.
-2سلطة التوجيه:
بما أن الوزير هو المسؤول عن التدبير اإلداري لو ازرته ،فله الحق في إصدار ق اررات
ودوريات وتوجيهات تساهم في حسن تدبير المرفق الذي يوجد على رأسه ،واحترامها مضمون
عبر السلطة الرئاسية والتأديبية التي يملكها الوزير ،حيث يعتبر المسؤول عن الوضعية الفردية
والتنظيمية للموظفين في و ازرته.
102
ومعلوم أن السلطة الرئاسية للوزير تكمن في فرض طاعة كل موظف كيف ما كانت
وضعيته اإلدارية .وعلى مساعدي الوزير ،من كاتب عام ومديرين ورؤساء أقسام ومصالح أن
يتخذوا ق اررات طبقا لتوجيهات وتعاليم وزيرهم طبقا للقانون-163.
- 3سلطة التنظيم:
إذا كانت السلطة التنظيمية اختصاص موكول إلى رئيس الحكومةبموجب الفصل
التسعين( )90من الدستور ،فالوزراء يشاركونه في هذا األمر عبر:
164
يشمل -تفويض رئيس الحكومة بعض سلطاته إلى الوزراء ،ومن بينها المجال التنظيمي،
مجاالت معينة ،من بينها سلطة التعيين في الوظائف المدنية بموجب الفصل 91من الدستور.
-التوقيع بالعطف على المقررات التنظيمية الصادرة عن رئيس الحكومة خاصة تلك المكلف
بتنفيذها في نطاق و ازرته.
-ويمتلك الوزير سلطة تنظيمية مستقلة ،وهي المرتبطة أساسا بتنفيذ السياسة الحكومية بالمرفق
الوزاري الذي هو مكلف بتدبيره،
165
في إطار التضامن الحكومي.
-4سلطة التدبير:
يعتبر الوزير هو اآلمر بالصرف بالنسبة للمصاريف الخاصة بو ازرته والمسؤول األول عن
التدبير اإلداري للمرفق الوزاري الذي يشرف عليه ،ويضطلع بأعمال سلطة الوصاية أو الرقابة
على المرافق المتمتعة بالشخصية المعنوية ،في إطار الالمركزية المرفقية ،كالمؤسسات العمومية
والمقاوالت العمومية التابعة للو ازرة ،كرقابة و ازرة الداخلية على الجماعات الترابية ،ووصاية و ازرة
التعليم العالي على المؤسسات الجامعية .ويمكن للوزير أيضا أن يفوض البعض من سلطاته
لفائدة معاونيه ومساعديه ،كالكاتب العام للو ازرة.
ويعد الوزير المسؤول األول عن و ازرته أمام كل من الملك ورئيس الحكومة والبرلمان ،كما
يعتبر ممثال لو ازرته أمام القضاء فيما يتعلق بالق اررات الصادرة منه أو عن مرؤوسه ،حيث تخضع
أعماله وق ارراته للرقابة القضائية ،وترفع ضده جميع الدعاوى المتعلقة بالشطط في استعمال
السلطة الموجهة ضد مرؤوسيه وجميع دعاوى المسؤولية اإلدارية الناتجة عن نشاط المرافق
166
واإلدارات التابعة لو ازرته.
163الحاج شكرة :اإلدارة المركزية والجماعات الترابية ،مطبعة دعاية ،الطبعة األولى ،2016ص.83 :
164المادة 7من القانون التنظيمي للحكومة.
165المادة 9من القانون التنظيمي للحكومة.
166أحمد أجعون :التنظيم اإلداري المغربي بين المركزية والالمركزية ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،سلسلة مؤلفات وأعمال
جامعية عدد ،2013 ،96ص.112 :
103
الفرع الثالث :المصالح الوزارية:
وتضم ديوان الوزير (الفرع األول) والمصالح المركزية للو ازرة (الفرع الثاني).
167راجع منشور رئيس الحكومة رقم 16/2002بتاريخ 25نونبر 2002بشأن تأليف الدواوين الوزارية.
انظر :محمد الرضواني :الدواوين الوزارية والعمل الحكومي ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد مزدوج ،45-44ماي-
168غشت ،2002ص.35 :
104
صدور مرسوم 29أبريل 1993الذي حدد اختصاصات الكاتب العام ووظيفته ،إذ أنه من بين
داخل الو ازرة بالرغم 169
أهم المهام المنوطة بالكاتب العام هو ضمان استم اررية العمل اإلداري
من الحركية التي يعرفها منصب الوزير خاصة وأنه غير مطالب بالخوض في القضايا ذات
الطبيعة السياسية1،فوظيفته إدارية وتقنية محضة ترتبط بضمان التنسيق بين عمل مختلف
المصالح من أجل تحقيق تجانس العمل اإلداري ويضمن أيضا تنفيذ التعليمات الصادرة عن
الوزير .2
ونظ ار للوظيفة المعهودة إليه يعد الكاتب العام للو ازرة الشخصية اإلدارية الثانية بعد الوزير
فهو مكلف بتدبير شؤون العاملين في الو ازرة واعداد وتنفيذ ميزانية الو ازرة واعداد مشاريع القوانين
والنصوص التي تعود إلى اختصاص الو ازرة وحل القضايا القانونية والمنازعات المتعلقة بمصالح
170
فإنه بالمقابل وفي ظل وجود وزير ذو شخصية ضعيفة فصالحياته وسلطاته يمكن أن الو ازرة،
تتسع أكثر فأكثر.
)2المصالح اإلدارية األخرى:
نظ ار لتنوع وتعقد المهام اإلدارية الموكولة إلى المصالح المركزية للو ازرات هناك توجه عام
نحو تقسيم األعمال والمهام سواء من حيث شكلها كمهام التصور والتنفيذ أو من حيث طبيعتها،
كاألعمال اإلدارية واألعمال التقنية.
فبالنسبة لألعمال اإلدارية المشتركة بين بعض المصالح يتم اعتماد المديرية والتي تتكلف
عادة باإلدارة العامة ،أي كل األعمال المرتبطة بتدبير الموارد البشرية والتجهيزات ،وكذا التدبير
المالي ،في حين أن األقسام عادة ما تكلف بتولي المهام ذات الطبيعة القانونية من إعداد
المشاريع والقوانين وأيضا دراسة القضايا المتعلقة بالمنازعات.
بينما توكل مهمة التفتيش إلى أقسام خاصة والتي تكون في ارتباط مباشر بالوزير أو
وقد صدرت 171
بالكاتب العام ،وتتولى مهمة القيام بالتفتيش في مختلف المرافق التابعة للو ازرة،
مجموعة من التوصيات القاضية بضرورة تفعيل دور المفتشيات العامة داخل الو ازرات بما يمكن
من تعزيز الرقابة الالئقة وتحسين جودة الخدمات اإلدارية وذلك عبر توفير األطر المختصة
ووضع رهن إشارتها الوسائل المالية والقانونية الالزمة.
تخضع المفتشية العامة للو ازرة مباشرة لسلطة الوزير ،ويسيرها مفتش عام .وقد حدد
المرسوم الخاص يالمفتشيات العامة للو ازرات في مادته الثانية في عدة مهام منها:
Ali El Mhamdi : L’Administration centrale au Maroc. 1ère édition, DAR ALQALAM, 2011, P : 132.
169
1
ANTARI (M) : Regards sur le secrétaire général de Ministère dans l’administration Marocaine,
REMALD série thèmes actuels N° 6, 1996, p : 19.
–2المادة الثالثة من مرسوم 29أبريل ،1993انظر الجريدة الرسمية الصادرة في 16يونيو 1993ص 1010 – 1009عدد .4207
–170المادة الرابعة من مرسوم 29أبريل .1993
-انظر مرسوم رقم 2.11.112صادر في 20رجب 23( 1432يونيو )2011في شأن المفتشيات العامة للوزارات .ج.ر عدد 5960
171بتاريخ 14يونيو .2011ص.3386 :
105
_مهام تفتيش و ملراقبة و تدقيق و تقييم تدبير المصالح المركزية و الالمركزية للو ازرة ؛
التنسيق و التواصل و التتبعمع مؤسسة الوسيط ؛
_التعاون مع كل من المجلس األعللى للحسابات و المفتشية العامة للمالية و الهيئة
الوطنية للنزاهة و الوقاية من الرشوة و محاربتها.
وعالقة بمجال التفتيش و المراقبة تضطلع المفتشية العامة للو ازرة بمايلي:
_السهر على تطبيق النصوص التشريعية و التنظيمية وعلى حسن سير تدبير األموال
العمومية ؛
_إجراء المراقبات و التدقيقات تاداخليةالمتعلقة بتهيئ وابرام وتنفيد الصفقات العمومية
طبقا للمقتضيات القانونية ؛
التحري في الشكايات و التظلمات الموجهة إلى الو ازرة من طرف المواطنين أو _
المتعاملين معها وكدا شكايات وتظلمات الموظفين أو األعوان أو المستخدمين لتدعيم األخالقيات
؛
_تتبع التوصيات المثبتة في تقارير المحاكم المالية والمفتشية العامة للمالية و الهيئة
الوطنية للنزاهة و الوقايةمن الرشوة ومحاربتها.
وألجل دلك ،يعد المفتش العام تقارير مدعمة بمختلف الوثائق و البيانات الضرورية
والحظات المصالح اإلدارية المعنية ،ويرفع تقي ار نهائيا عن دلك للوزير المعني .فضال عن
مهام أخرى ترتبط بالتدقيق .
تقرير ولتثمين عملها ينص المرسوم السالف الدكر ،على قيام المفتش العام بإعداد
تركيبي سنوي عن حصيلة المفتشية العامة ،يرفعه إلى الوزير المعني قبل 31مارس من السنة
الموالية ،يتضمن جردا باالختالالت التي قد تكون شابت سير مصالح الو ازرة معز از بتوصيات .
كما يرفع تقرير ا سنويا حول القضايا المعروضة عليه من لدن مؤسسة الوسيط الدي يرفعه
إلى رئيس الحكومة.
ولتفعيل أمثل لهدا المرسوم ،أصدر رئيس الحكومة منشو ار بتاريخ 25غشت 2011تحت
رقم 2011 /8طالب فيه أعضاء الحكومة بإيالء االهتمام البالغ من أجل تفعيله ،وتمكين
المفتشيات العامة من الوسائل الكفيلة بأداء مهامها وبما يساهم في تخليق المرفق العام.
واضافة إلى المفتشيات والمديريات واألقسام توجد المصالح وعلى رأسها رئيس المصلحة
وآخر خلية إدارية هي المكتب ،التي توجد في قاعدة الهرم اإلداري.
106
وتختلف تنظيم األعمال من و ازرة إلى أخرى ،إذ أنه مثال نجد بعض الو ازرات تنتظم في
عدد كبير من المديريات التقنية كالمالية والصحة والتعليم والداخلية ،وذلك انسجاما مع طبيعة
أعمال الو ازرة.172
–172وزارة الفالحة والتنمية القروية تنتظم في ثمانية مديريات تقنية -انظر المرسوم رقم 2.93.23الصادر في 13ماي 1993المتعلق
بتنظيم واختص اصات وزارة الفالحة واإلصالح الزراعي ج.ر .بتاريخ 16يونيو .1993
107
الفصل الثالث
إن امتداد السلطة المركزية على الصعيد الترابي في شكل إدارة عامة وادارة متخصصة
أدى إلى نوع من توزيع العمل بين اإلدارة المركزية واإلدارة الترابية فيما يخص اتخاذ الق اررات.
وهكذا فالعمل اإلداري الذي يتم تقريره على المستوى المركزي يحتاج ألن يشمل مجموع التراب ،إذ
البد من ضمان تنفيذه خاصة وأن فعالية اإلدارة ال تقاس فقط بجودة الق اررات اإلدارية بل بقدرة
اإلدارة على وضعها موضع التنفيذ ،وهنا ظهرت الحاجة إلى وحدات إدارية غير متمركزة أو
وحدات عدم التركيز اإلداري ،منها ما يمارس أعمال خاصة مرتبطة بمختلف اإلدارات المركزية
أو ما يعرف بالمصالح الالممركزة للو ازرات (المبحث األول) وأخرى لها صالحيات عامة وتمثل
السلطة التنفيذية في مجموعها ونقصد بشكل خاص ممثلي و ازرة الداخلية على المستوى المحلي
وهم رجال ونساء السلطة المحلية (المبحث الثاني).
تستدعي أنشطة الجهاز اإلداري للو ازرات إقامة فروع لها في الجهات واألقاليم المختلفة
وتقوم هذه المصالح بمباشرة اختصاصات الو ازرات في تلك المناطق التي أقيمت فيها .فانتشار
المصالح الخارجية يحقق مبدأ المساواة ومبدأ مجانية الخدمات اإلدارية ،ومواكبة التزايد السكاني
بتوفير البنيات اإلدارية الالزمة إلدارة القرب .والعالقة بين اإلدارة المركزية والمصالح الالممركزة
تبرز لنا توزيعا عموديا للسلطة وآخر أفقيا ،وذلك من خالل التنسيق والرقابة على هذه المصالح.
واهتماما بهذا الموضوع صدرت ،منذ االستقالل إلى اآلن ،عدة نصوص قانونية من
173
يعنى بالالتركيز اإلداري ،تلبية لتوصيات المناظرات أبرزها مرسوم 20أكتوبر 1993
الوطنية للجماعات المحلية ،التي تحث على ضرورة الربط بين تطور الالمركزية والالتركيز .غير
أنه لم يصل المشرع المغربي بعد إلى صياغة ميثاق لالتركيز ،رغم االنتقادات المتكررة الموجهة
174
للسياسة الترابية.
وقد شكلت العماالت واألقاليم مجاال لعدم التركيز عبر استقطاب كل اإلدارات الحكومية
سواء كانت تتصل بالمجال االقتصادي أو االجتماعي أو العمراني أو السياسي ،اللهم بعض
اإلدارات التي ال تتوفر على تمثيليات لها بالداخل ولكن تمتد إلى خارج حدود الدولة ،كما هو
الشأن بالنسبة لو ازرة الخارجية ،حيث توجد في شكل سفارات وقنصليات أو مندوبيات دائمة لدى
173مرسوم رقم 2.93.625الصادر في 20أكتوبر 1993في شأن الالتركيز اإلداري ،ج.ر عدد 4227بتاريخ .1993/11/3
المكي السراجي :الالتركيز اإلداري في إطار السياسة الجهوية الموسعة ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد مزدوج 98-97
174مارس –يونيو ،2011ص.117 :
108
المنظمات الدولية ،وهو ما جعل اإلقليم اإلطار البينوازري المالئم .175وشكل االرتقاء بالجهة إلى
مستوى جماعة محلية مرحلة في تطور سياسة عدم التركيز اإلداري من خالل تجميع المصالح
غير المتمركزة على مستوى الجهة ،176خاصة وأن الجهة قد تشكل وسيلة ناجعة لحل المشاكل
واالختالالت الموجودة بين المدن والبوادي.177
تم إصدار مرسوم جديد في شأن تحديد قواعد تنظيم القطاعات الو ازرية والالتركيز اإلداري
178
حيث حدد األجهزة والهياكل التي تتكون منها الو ازرة سواء على بتاريخ 2دجنبر ،2005
الصعيد المركزي أو المحلي:
-األجهزة اإلدارية المركزية ،وتضم :كتابة عامة ،مفتشية عامة ،مديريات مركزية ،أقسام
ومصالح ،كما يمكن إحداث مديريات عامة اعتمادا على معايير تحدد بمرسوم ؛
وقد بين اختصاصات كل بنية ،إذ تتولى اإلدارات المركزية تطبيق السياسة الحكومية
المرتبطة بمجاالت نشاطها وتقييم نتائجها ،واعداد مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية،
وتوجيه ومراقبة عمل المصالح الالممركزة ،وتقييم الوسائل الضرورية لسيرها.
أما المستويات المحلية من مديريات جهوية ،إقليمية ومصالح فتتكلف بتنفيذ المقررات
والتوجيهات الصادرة عن السلطات المركزية ،مع مراعاة االختصاصات الموكولة للعامل.
ولضمان حسن سير المصالح الالممركزة ،يتعين على رؤساء القطاعات الو ازرية تفويض
اإلمضاء ومسؤولية اتخاد الق اررات اإلدارية الفردية إلى رؤساء المصالح الالممركزة على صعيد
الجهة أو تالعماالت و األقاليم باستثناء تلك التي اليمكن تفويضها .
ولضمان تنظيم فعا للقطاعات الو ازرية ،فرض المرسوم السالف الدكر أن تتوفر هده القطاعات
وجوبا بنيات إدارية مكلفة بمايلي:
-175عبد الكريم بخنوش :عدم التركيز اإلداري بين العمالة أو اإلقليم والجهة .المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد 2004-56
ص.57:
-176أنظر الشريف الغيوبي :الجهة المجال األنسب لالتركيز وتشجيع االستثمار.
المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية سلسلة "نصوص ووثائق" عدد 2002-66ص.31-21 :
177
Brahimi (M) : déconcentration et décentralisation au Maroc. R.M.F.P.E.N° 8, 1992.p :80.
178مرسوم رقم 2.5.1369الصادر في 2دجنبر 2005بشأن تحديد قواعد تنظيم القطاعات الوزارية والالتمركز اإلداري ،ج.ر عدد،
،5386بتاريخ 12يناير ،2006ص.177 :
109
-الدراسات التشريعية و الشؤون القانونية ؛
-التخطيط و البرمجة و التدبير المالي ؛
-تدبير أنظمة المعلومات .
وادا كان إحداث وتحديد اختصاص القطاعات الو ازرية و المكديريات العامة و
المديريات المركزية التابعة لها يتم بموجب مرسوم ،فإن إحداث وتحديد إختصاصات
األقسام و المصالح التابعة للمديريات المركزية ،وكدا المديريات الجهوية و المديريات
اإلقليمية بموجب قرار للوزير المعني تؤشر عليه السلطة الحكومية المكلفة بالمالية و
السلطة الحكومية المكلفة بتحديث القطاعات العامة .
ولضمان عقلنة إحداث هده الهياكل وفعاليتها ،من خالل تطابق الهيكلة المقترحة مع
استراتيجية القطاع المعني يتعين على القطاعات الو ازرية المعنية اإلدالء بتقرير حول
التدقيق التنظيمي المتعلق بتنظيم الهياكل اإلدارية الخاصة به.
ومن أجل تفعيل سياسة الالتمركز نص هدا المرسوم على أن يقوم رؤساء القطاعات
الو ازرية على بعث تصاميم مديرية لالتمركز اإلداري إلى لجنة الهياكل اإلدارية و
الالتمركز اإلداري( ،)179في ظرف زمني اليتراوح خمس سنوات والتي يجب أن
تتضمن :
-االختصاصات المزمع نقلها إلى المصالح الالممركزة برسم السنة الجارية و التي
سيتم نقلها لفائدتها خالل السنوات المالية ؛
-عدد الموظفين و األعوان العاملين باإلدارات المركزية و بالمصالح الالممركزة
مصنفين حسب اإلطار و الدرجة ؛
-عدد الموظفين المزمع إعادة انتشارهم لفائدة المصالح الالممركزة ؛
-الوسائل المادية المخولة للمصالح الالممركزة وتلك المزمع وضعها رهن اإلشارة ؛
-الق اررات اإلدارية الفردية المزمع االحتفاظبها من طرف اإلدارات المركزية ؛
المعطيات الميدانية و اإلمكانيات المتوفرة لدى القطاع المعني و اإلجراءات الضرورية
و المدى الزمني إلنجاز هده التصاميم.
110
وفي أفق الجهوية المتقدمة ،حدد جاللة الملك مالمح إصالح سياسة الالتركيز ،من منطلق
شعار ال جهوية مع المركزية ،وذلك في خطابه 11نونبر 2008179وذكر به أيضا أثناء
تنصيب اللجنة االستشارية حول صياغة تصور لجهوية مغربية متقدمة سنة .2010
لقد شكل المرسوم الصادر في 26دجنبر 2018بمثابة ميثاق وطني للالتمركز اإلداري تحوال
مهما في تاطير عالقة المصالح الخارجية للو ازرات سواء مع المصالح المتمركزة او مجالس
الجماعات الترابية .إذ نص في مادته الثالثة على ان الالتمركز اإلداري لمصالح الدولة يعتبر
تنظيما إداريا مواكبا للنظيم اإلداري للمملكة القائم على الجهوية المتقدمة ،كما انه أداة لتفعيل
الساسة العامة للدولة على المستوى الترابي .وحدد هذا النص متكزات سياسة الالتركيز و التي
تقوم على :
الجهة باعتبارها الفضاء الترابي لبلورة السياسة الوطنية للالتمركز اإلداري ،خاصة و ان الجهة
تعتبر مستوى بينيا لتدبير العالقة بين اإلدارات المركزية و تمثيليتها على المستوى الترابي ؛
الدور المحوري لوالي الجهة باعتباره ممثال للسلطة المركزيةعلى صعيد الجهات ومسؤوليته في
تنسيق أنشطة المصالح اللالممركزة والسهر على حسن سيرها و مراقبتها تحت سلطة الو ازراء
المعنيين ،بما يحقق النجاعة و الفعالية و االلتقائية المطلوبة في تنفيذد السياسات العمومية على
مستوى الجهة .
وتماشيا مع هذه المرتكزات حدد المرسوم عدة اهداف للالتركيز و التي تتمثل في :
-تنفيذ توجهات الدولة في مايتعلق بسياسة الدولة في مجال إعادة تنظيم مصالحها على
مستويات التنظيم الترابي وعلى وجه الخصوص الجهات و العماالت و األقاليم ؛
-التوطين الترابي للسياسات العمومية أخدا بعين االعتبار الخصوصيات الجهوية و اإلقليمية ؛
-ضمان التقائية السياسات العمومية وتجانسها على مستوى الجهة و العمالة او اإلقليم ؛
-تحقيق الفعالية و النجاعة في تنفيذ البرامج و المشاريع العمومية التي تتولى المصالح
الاللممركزة االشراف عليها او إنجازها او تتبع تنفيذها ؛
179جاء في خطاب 11نونبر 2008ما يلي ":ومهما وفرنا للجهوية من تقدم ،فستظل محدودة ،ما لم تقترن بتعزيز مسار الالتمركز،
لذلك ،يتعين إعطاء دفعة قوية لعمل الدولة على المستوى الترابي ،خاصة في مجال إعادة تنظيم اإلدارة المحلية وجعلها أكثر تنافسا
وفعالية وتقوية التأطير عن قرب".
111
-تقريب الخدمات العمومية التي تقدمها الدولة الى المرتفقين .
وحدد ميثاق الالتركيز تأليف المصالح الالممركزة على مستوى الجهة او على مستوى العمالة او
اإلقليم ،إذ يمكن ان تتالف من تمثيليات مشتركة بين قطاعين و ازريين او اكثر أو تمثيليات
قطاعية .كما يمكن عند االقتضاء احداث بنيات ادراية لالشراف وانجاز مشاريع ومهام مؤقتة
.وتحدث التمثيليات اإلدارية الجهوية القطاعية بمرسوم .بينما تحدث التمثيليات الجهوية
المشتركة بمرسوم كذلك يتخذ باقتراح من السلطات الحكومية المعنية إما بمبادرة منها او بناء
على اقتراح من اللجنة الو ازرية لالتركيز اإلداري أو اباقتراح من والي الجهة المعني .في حين ان
احداث التمثيليات اإلقليمية القطاعية يتم بموجب قرار للسلطة الحكومية المعنية .
اما التمثيليات اإلقليمية المشتركة بموجب قرار مشترك للسلطات الحكومية المعنية إما بمبادرة
منها او بناء على اقتراح من اللجنة الو ازرية الالتمركز اإلداري او باقتراح من عامل العمالة او
اإلقليم المعني .على ان تعرض كل ق اررات االحداث على السلطات المكلفة بالداخلية و المالية
واصالح اإلدارة قصد التاشيرة عليها .
وتنفيذا الختصاصات المصالح الالممركزة ،يمارس رؤساء المصالح الخارجية ومختلف العاملين
تحت امرتهم ،تحت إشراف والي الجهة او عامل العمالة اواالفليم .
ولتنفيذ تصور الدولة لساسية الالتركيز تقوم السلطات الحكومية باعداد تصاميم مديرية لالتركيز
اإلداري في اجل ستة اشهر من دخول هذا المرسوم حيز النفاذ ،وتحدد مدة سريانها في ثالث
سنوات ،على انيتم نتفيذها و تحيينها سنويا ،ويتم تنزيلها على المستوى الجهوي في اطار
تعاقدي بين السلطات الحكومية المعنية ووالي الجهة ورؤساء التمثيليات الجهوية المعنية .
ومن اجل تمكين والي الجهة من ممارسة االختصاصات الموكولة اليه في مجال تنالعمل على
انسجام والتقائية ووحدة عمل المصالح الالممركزة على المستوى الجهوي ،تحدث لديه وتحت
رئاسته لجنة جهوية تسمى اللجنة الجهوية للتنسيق ،تناط بها :
112
-ابداء الراي بخصوص مقترحات البرمجة الميزانياتية لثالث سنواتوتقارير نجاعة األداء
القطاعية وكذا مخططات الدولة لالستثمار وذلك انسجانا مع توجهات الدولة ؛
-تتبع تنفيذ السياسات العمومية و القطاعية على المستوى الجهوي في ضوء تقارير
الكتابة العامة للشؤون الجهوية ؛
-اقتراح التدابير الكفيلة بتحسين جودةالخدمات العمومية المقدمة الى المرتفقين على
مستوى الجهة ؛
-ابداء الراي بخصوص االتفافيات المتعلقة بتنفيذ البرامج و المشاريع العمومية على
مستوى الجهات ؛
-ابداء الراي بشان عقود البرامج ذات الطابع الجهوي ؛
-دراسة كل القضاياالمحالة من قبل والي الجهة و التي تندرج في مجال اختصاصها ؛
-المصادقة على التقرير السنوي لمنجزات اللجنة و اقتراحاتها .
وتتألف اللجنة الجهوية للتنسيق من :
-عمال العماالت و األقاليم التابعة لدائرة النفوذ الترابي للجهة ؛
-الكاتب العام للشؤون الجهوية ؛
-رؤساء مصالح الدولة الالممركزة على صعيد الجهة ؛
-المسؤولون عن المراكز الجهوية لالستثمار و المسؤولون الجهويون للمؤسسات
العمومية المعنية .ويمكن لوالي الجهة ،ان يدعو بصفة استشارية ،كل شخص ذاتي
او اعتباري لحضور اجتماعات اللجنة يرى فائدة في حضوره.
ووفق نفس الرؤية ،تحدث لدى عامل العمالة او اإلقليم ،في مجال تنسيق المصالح
الالممركزة للدولة و المؤسسات العمومية التي تمارس مهامها على مستوى العمالة اة
اإلقليم ،لجنة تقنية على صعيد العمالة او اإلقليم .
ولتتبع تنفيذ التوجهات العامة لسياسة الدولة في مجال الالتمركز تحدث لدى رئيس
الحكومة لجنة و ازرية لالتمركز اإلداري تتولى تقديم و اقتراح التدابير الالزمة لتنفيذهذه
الساسة و السهر على تتبع تنفيذها و تقييم نتائجها .
113
المبحث الثاني :رجال ونساء السلطة
تضطلع و ازرة الداخلية بدور مهم على مستوى مختلف التقسيمات اإلدارية ،وذلك عبر
حضورها وتواجدها عن طريق هيئة رجال السلطة الذين يعتبرون عصب السلطة المركزية على
الصعيد الترابي .ويراد بعبارة رجال السلطة الموظفون المنتمون على مستوى التسلسل اإلداري
لوزير الداخلية .180والذين يتمتعون بامتيازات وصالحيات واسعة على صعيدالدوائر والمقاطعات
اإلدارية التي يوجدون على رأسها.
سوف نتطرق لتطور النظام القانوني لرجال ونساء السلطة (المطلب األول) ،ثم إلى
أصناف واختصاصاتهم وفق النظام الحالي (المطلب الثاني).
عرفت هيئة رجال ونساء السلطة تطورات مهمة منذ االستقالل إلى اليوم ،فبتاريخ 20
مارس 1956صدر ظهيران شريفان يتعلق أولهما بتحديد النظام األساسي لهيئة العمال
بالعماالت واألقاليم والثاني بتنظيم هيئة "القواد" وكان هذان النصان يتالءمان مع الظروف غداة
حصول المغرب على استقالله ،غير أن عدم صدور مراسيم تطبيق الظهيرين جعلهما يحتفظان
بصبغة نظامين مبدئين ال يتجاوزان مرحلة التدوين والبيان.181
وقد صدرت نصوص أخرى متفرقة تحدد اختصاصات رجال السلطة في مجاالت متعددة
ونخص بالذكر ظهير التنظيم الجماعي الصادر في 23يونيو 1960وظهير تنظيم العماالت
واألقاليم ومجالسها في 12شتنبر .1963
إال أن هذه النصوص لم تحدد نظاما أساسيا واضحا لرجال السلطة المحلية إذ أن شروط
ومقاييس التعيين لم تكن محددة كما أن نظام التأديب لم يضبط بأي نص ،األمر الذي دفع
برجال هذه الهيئة إلى البحث عن ضمانات خارج النصوص القانونية وذلك من خالل تعاطفها
مع األحزاب السياسية .وشكل ظهير فاتح مارس ،1821963بمثابة النظام األساسي الخصوصي
للمتصرفين بو ازرة الداخلية ،استجابة لهذه الضرورة ،من خالل سد الفراغ والنقص المالحظين في
ظهير سنة ،1956إذ حدد اختصاصات رجال السلطة وخلق التجاوب المطلوب بين أعوان
المصلحة المركزية واألعوان المزاولين مهام القيادة اإلدارية ،فضال عن أنه حدد الضمانات
األساسية التي يجب أن تتمتع بها هذه الفئة من موظفي اإلدارة المركزية.
-180إدريس البصري :رجل السلطة .مطبوعات كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الرباط ،المطبعة الملكية 1976ص.14 :
-181إدريس البصري :نفس المرجع السابق ص.64:
-182الظهير الشريف رقم 1-63-038بشأن النظام األساسي الخصوصي للمتصرفين بوزارة الداخلية الجريدة الرسمية عدد ،2629
الصادر في 15مارس 1963ص.574:
114
ثم جاء ظهير فاتح مارس 1963بشأن متصرفي و ازرة الداخلية ،الذي حدد أصنافهم في
ثالث فئات أساسية.183
-المتصرفون المساعدون.
-المتصرفون.
-المتصرفون الممتازون.
يشــتمل ســلك المتص ـرفين المســاعدين علــى ثــالث طبقــات وطبقــة متمــرن وطبقــة اس ــتثنائية.
ويعــين المتصـرفون المســاعدون بقـرار لــوزير الداخليــة مــن بــين المرشــحين المتراوحــة أعمــارهم بــين
خمســة وعشـرين وخمســة وثالثــين ســنة ،الحاصــلين علــى دبلــوم المدرســة الوطنيــة أو دبلــوم يعادلــه
والحاصلون علـى إجـازة فـي التعلـيم العـالي أو شـهادة جامعيـة تعادلهـا ،ويمكـن تعيـنهم كمتصـرفين
مساعدين بالرتبة األولى من الطبقة الثانية (الفصل 8من المرسوم).
ويمكن للمتصرفين المساعدين بمقتضى هذا النص وبمقتضى ظهير 16فبراير ،1841977
الذي عدل ظهير 1مارس ،1963الولوج إلى بعض المناصب داخل اإلدارة المركزية أو على
مستوى المصالح الخارجية لو ازرة الداخلية ،كمنصب العامل ،الكاتب العام للعمالة أو اإلقليم،
رئيس ديوان العامل ،رئيس قسم الشؤون االقتصادية واالجتماعية بالعمالة أو اإلقليم ،رئيس
الدائرة ،رئيس مكتب الدائرة ورئيس المقاطعة الحضرية أو القروية (الباشا أو القائد).
ويشمل سلك المتصرفين ثالث طبقات (الفصل ،)4ويعينون أيضا بقرار من وزير الداخلية،
من بين المتصرفين المساعدين المدرجين في المرتبة الثانية من سلكهم والمسجلين بعد امتحان
تجريبي في الئحة لألهلية يحددها وزير الداخلية (الفصل ،)5ويؤهلون لبعض أصناف الوظائف
باإلدارة المركزية وعلى صعيد المصالح الخارجية ،في حين يعين المتصرفون الممتازون بواسطة
مرسوم باقت ارح من وزير الداخلية ،من بين المتصرفين المدرجين على األقل في الرتبة السابقة،
أو عند االقتضاء من بين المرشحين غير المنتمين لإلدارة والمتوفرين على بعض الشهادات ،أو
اإلجازة والبالغين من العمر 35سنة على األقل (الفصل .)3
ويؤهل المتصرفون الممتازون لنفس الوظائف التي يؤهل لها المتصرفون ،والمحددة في
الفصل الثاني من هذا الظهير:
-183ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1-75-168الصادر بتاريخ 25صفر 15 1397فبراير 1977يتعلق باختصاصات العامل ج.ر
بتاريخ 25ربيع األول 1397الموافق 16مارس 1977عدد 3359ص767 :
-184ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1-75-168بتاريخ 25ربيع األول 1397الموافق باختصاصات العامل ،ج.ر الصادرة بتاريخ 25
ربيع األول 1397الموافق 16مارس ،1977عدد ،3359ص.767 :
115
-رئيس المقاطعة الحضرية أو القروية؛
-رئيس الدائرة؛
وتجدر اإلشارة إلى أنه إذا كان رجال السلطة يحظون بنص خاص بهم هو ظهير 1مارس
1963فإنهم بالمقابل يستفيدون من كل المبادئ الواردة في ظهير 24فبراير 1958المتعلق
بالوظيفة العمومية ،غير أن طبيعة المهام المسندة إليهم تفرض عليهم بعض الواجبات ،كعدم
االنتماء إلى حزب أو منظمة نقابية.
كما أنهم ال يستفيدون من حق اإلضراب (الفصل ،)15كما تضمن أيضا هذا النص اإلشارة
إلى واجبات خاصة ،وتهدف على الخصوص إلى تجنب كل شبهة معنوية أو مادية وكذا بعض
الواجبات المهنية األخرى ،كعدم مغادرة دوائر نفوذهم إال بعد الحصول على سابق إذن بهذا
الغرض.
ويضمن احترام هذه الواجبات ،بفضل السلطة التأديبية التي تقتسمها السلطة المعهود إليها
بمهمة التعيين ،ووزير الداخلية باعتباره أيضا سلطة تسلسلية ورئاسية.
ويجدر القول أيضا بأنه في سنة 1980أنشأت مؤسسة الحسن الثاني لألعمال االجتماعية
لمتصرفي و ازرة الداخلية والتي هدف من وراء إنشائها تقديم الخدمات ذات الطبيعة األسرية
واالجتماعية لهاته الفئة.
المطلب الثاني :أصناف واختصاصات هيئة رجال ونساء السلطة
من خالل مختلف النصوص القانونية الخاصة برجال السلطة المحلية وانطالقا من
185
وضعيتهم الحالية ،وفق ظهير 31يوليوز .2008
فقد ميز ضمن الهيئة بين إطار ودرجات رجال ونساء السلطة ،من جهة ،والمهام الموكولة
لهم ميدانيا ،من جهة ثانية .وهكذا حددت المادة األولى أربعة أطر ،موزعة على الدرجات
التالية:
-1إطار العمال ،وتضم درجة عامل ممتاز ودرجة عامل؛
-2إطار الباشوات ،ويضم درجة باشا ممتاز ودرجة باشا؛
185ظهير شريف رقم 1.08.67صادر في 27من رجب 31( 1429يوليوز )2008في شأن هيئة رجال السلطة ،ج.ر عدد 5677
الصادرة في 27أكتوبر ،2008ص.3880 :
116
-3إطار القواد ،ويضم درجة قائد ممتاز ودرجة قائد؛
-4إطار خلفاء القواد ،ويضم درجة خليفة قائد ممتاز ودرجة خليفة قائد من الدرجة األولى
ودرجة خليفة قائد من الدرجة الثانية.
أما المهام التي قد توكل لهم فقد حددها الظهير ،السالف الذكر ،في وال أو عامل أو كاتب
عام لعمالة أو إقليم أو باشا أو رئيس دائرة أو رئيس منطقة حضرية ،أو قائد باإلدارة المركزية أو
باإلدارة المحلية بو ازرة الداخلية .أما باقي رجال السلطة المصنفين في البند الرابع فيتولون مهام
خليفة قائد باإلدارة المركزية أو المحلية بو ازرة الداخلية.
ويمكن تصنيفهم إلى رجال السلطة رئيسيون (supérieursالوالة والعمال) (الفرع األول)،
ورجال السلطة تابعين (subalternesباقي أصناف رجال ونساء السلطة) (الفرع الثاني).
يقتضي امتداد النشاط اإلداري إقامة مراكز التخاذ القرار عن قرب ،لتحقيق االنسجام في
عمل األجهزة اإلدارية للدولة في مختلف مستوياتها وطنيا ومحليا ،بما تفرضه من تمثيل فعال
لألجهزة المركزية في كل الدوائر ونقل صالحيات وسلطات اتخاذ القرار إليها ،تحقيقا للسرعة
والفعالية في القيام بالوظيفة اإلدارية .وهو ما تجسده سياسة الالتركيز اإلداري ،التي انصبت على
فدساتير الدول الموحدة كالمغرب ،لم تقف فقط عند حد تنظيمها للسلطات السياسية العليا
الممارسة للحكم ،بل امتدت إلى دسترة المؤسسة الممثلة للسلطة السياسية على امتداد التراب
الوطني ،ونظمت العالقة بينها وبين السلطة المركزية ،ونخص بالذكر هنا مؤسسة الوالي
والعامل.
هده الوضعية الدستورية منحت لهيئة العمال والوالة مكانة سامية داخل النسق السياسي
واإلداري ،وما فتئت تتدعم مع توظيف المفاهيم التدبيرية الجديدة لتجسيد الحكامة الجيدة وادارة
117
القرب ،حيث انتقلت بهم من مجرد حافظ للنظام واألمن العام إلى محرك ودافع للتنمية
االقتصادية واالجتماعية.
مما يتطلب تعزيز سلطاتهم لتمكينهم من االضطالع بدورهم األمني والتنموي بأسلوب
حداثي ،لالرتقاء بهم إلى مستوى طموح النص الدستوري ،الذي جعل منهم المدبرين بدل فقط
المنسقين للمصالح الخارجية ،لتكريس الالتركيز األفقي وفق المفهوم الجديد للسلطة الذي أعلن
قبل التطرف إلى هذه المكانة السامية يجب التمييز بين الوالي والعامل،يعد الوالي من رجال
السلطة وممثل و ازرة الداخلية في دائرته اإلدارية ويعين بظهير شريف على مستوى الوالية ،التي
تتكون من عدد من العماالت واألقاليم .أنشأت الوالية في سنة 1981لتستجيب لحاجيات
التنسيق اإلداري ،وكذا الرغبة في تأطير التجمعات الكبرى باعتبارها فضاء يتطلب مقاربة
تدبيرية جديدة.
وقد أحدثت الوالية بمقتضى مرسوم 28يوليوز 1981عقب أحداث الدار البيضاء ،حيث
تم تقسيم المدنية إلى سبع عماالت في والية واحدة ،ثم بعد ذلك أحدثت والية الرباط في فبراير
1983ليصل عددها اليوم إلى حوالي 17والية.
فقد ارتبط ظهور منصب الوالي داخل هيئة رجال السلطة بنظام الوالية سنة ،1981التي
جاءت نتيجة إدماج عدد من العماالت أو األقاليم المتقاربة جغرافيا واقتصاديا واجتماعيا مع
احتفاظ كل عمالة أو إقليم بصفتها كوحدة لعدم التركيز ،تمشيا مع متطلبات الالتمركز
والالمركزية اإلدارية ،ليصبح مؤسسة جهوية لتمثيل الدولة ،حيث أسندت إليه مهمة تحقيق
التكامل بين هاته العماالت واألقاليم المتجاورة في إطار بنية الوالية ،التي يتقاسم مسؤولية تدبير
118
وحدتها عدة عمال ويشرف الوالي على مصالحها العامة والتنسيق بين وحداتها من دون أن تكون
له أية سلطة على باقي عمال الوالية ،الذي هو واحد منهم.
ويتميز عن هؤالء بدور التنسيق وبعض الوظائف الجهوية الموكولة إليه بصفته ممثل
الدولة بالجهة سواء في عالقته بالمجالس الترابية (ال تركيز الرقابة) أو بالتدبير الالمتمركز
لالستثمار (رئاسته للمراكز الجهوية لإلستثمار) دون المساس باستقاللية باقي العمال باستثناء
186
ذلك ،والى يومنا هذا ،لم تنظم ال وضعية تأطيره اإلداري وال مهامه الوظيفية.
وانسجاما مع التوجهات الحديثة لتدبير إدارة الدولة في إطار المفهوم الجديد للسلطة تعززت
سلطات الوالة بصالحيات ذات بعد اقتصادي واستثماري لتجاوز المنظور األمني الضيق ،وهو
ما عبرت عنه الرسالة الملكية الموجهة إلى الوزير األول سابقا والمتعلقة بالتدبير الالمتمركز
لالستثمار بتاريخ 9يناير ،1872002والتي أكدت على ضرورة تفويض السلطة إلى والة
الجهات ،188مما جعل منهم محركين أساسيين للعملية االقتصادية في الدوائر اإلدارية التي
يشرفون على إدارتها.
وتعكس طبيعة التعيينات الملكية في هذا المنصب الرهانات التنموية المطروحة على
الوالة بالجهة ،مادام الوالي هو المسؤول المباشر عن المركز الجهوي لالستثمار التابع له،
وذلك من أجل الوقوف عند أولويات كل جهة والتدابير الالزمة للنهوض بها.
أما الوضعية السامية لهيئة الوالة والعمال في النسق السياسي اإلداري المغربي فتتجلى في
.1التعيين من قبل أعلى سلطة في الدولة بظهير بعد اقتراح من وزير الداخلية؛
186ألول مرة سيتم ذكر الوالي في الدستور الحالي ،2011لكن دون تمييز عن مؤسسة العامل ،في الفصل .145
-187الجريدة الرسمية عدد 4970بتاريخ 2002/1/17ص.75:
-188أنظر مراسيم التفويض في الجريدة الرسمية عدد 4984بتاريخ 2002/3/7ص.483:
119
.2الدرجة اإلدارية العليا المخصصة لشاغلي الوظائف العليا ،والتي تترتب عنها امتيازات
.4طبيعة مهامهم القيادية كموظفين ساميين مهمتهم تمثيل الدولة بالوحدات الجهوية
تعود أصول مصطلح العامل والوالي إلى فجر التاريخ اإلسالمي ،وأصل التسمية هو واضح
فالعامل هو المكلف بعمل أو مهمة ،حيث درج االصطالح اإلداري اإلسالمي منذ عهد الخلفاء
الراشدين على تسمية المكلف بإدارة اإلقليم بالعمال والمكلف بالجباية يسمى عامل الزكاة والى
جانبه نجد مصطلح الوالي الذي ال يعني أكثر من التولي والتكليف بمهمة وهي إدارة شؤون إقليم
ما.
ويبدو أن المغرب االستثناء في الدول اإلسالمية والعربية التي احتفظت بمصطلح العامل التي
تستعمل مصطلحات أخرى كالمحافظ أو المدير.
وفي المغرب منذ الدولة المخزنية إلى يومنا هذا عرفت مهمة العامل تطو ار مهما جعلت منه
قطبا إداريا أساسيا ،خاصة على مستوى عدم التركيز اإلداري ومن أجل عرض اختصاصات
العامل البد أن نقف أوال عند موقع ومكانة العامل في النظام اإلداري المغربي.
هذه المكانة السامية تم ترسيخها تشريعيا بعدد من النصوص القانونية منذ بداية االستقالل،
ويعتبر الظهير الشريف رقم 1/56/046في 20مارس 1956أو ل نص قانوني صدر ما بعد
االستقالل ينظم مجاالت تدخل العمال ،إذ ينص في فصله الثاني على أن العمال يقومون بتمثيل
السلطة التنفيذية باألقاليم ويقومون بالمراقبة اإلدارية باتصال بين المصالح الخارجية لمختلف
المرافق الو ازرية ،وهكذا اضطلع العمال في بداية عملهم بمهمة تحقيق االتصال ،خاصة وأن
120
التمثيلية المحلية آنذاك كانت في مرحلتها الجنينية ولم تنضج فكرة التنسيق إال مع تضاعف عدد
المرافق الو ازرية والسيما إحداث مصالح خارجية إضافية.
واستجاب ظهير 1مارس 1963المتعلق بالنظام األساسي الخاص بمتصرفي و ازرة الداخلية
لهذا المطلب من خالل تأكيده في الفصل 29على أن العمال يقومون بتنسيق نشاطات المصالح
الخارجية للمرافق الو ازرية ومكاتب االستثمار والمؤسسات العمومية" وهذه المرة األولى التي
استعملت فيها عبارة "التنسيق" نشاطات هذه التمثيليات المحلية.
189
المتعلق وسيأتي الظهير الشريف بمثابة قانون المؤرخ في 15فبراير 1977
باختصاصات العامل كخطوة أساسية في طريق عدم تركيز عمل الدولة على المستوى اإلقليمي،
إذ رسم هذا النص التوجهات األساسية لعمل العامل داخل العماالت أو اإلقليم وجعل منه
الشخصية المركزية لإلدارة الترابية ،بسبب االختصاصات المخولة له ليس اتجاه رجال السلطة
فحسب بل إزاء مجموع المصالح الخارجية لإلدارات المركزية .ثم ظهير 6أكتوبر ،1993المحدد
إلمكانية تفويض الوزراء العمال التوقيع أو التأشير على جميع الق اررات المتعلقة بأعمال المصالح
الخارجية التابعة لهم في حدود اختصاصاتهم ،وتوج مع دستور 1996ممثال للدولة في العمالة
أو اإلقليم والجهة ،ومرسوم 2دجنبر 2005الخاص بالالتمركز اإلداري ،ومرسوم 30أكتوبر
2008المنظم لتفويض السلطات الحكومية لبعض اختصاصاتهم للعمال ،والنظام األساسي لهيئة
رجال السلطة في نفس السنة.
وقد عزز هذا الدور الفصل 145من دستور " ،2011يمثل والة الجهات وعمال األقاليم
والعماالت ،السلطة المركزية في الجماعات الترابية.
يعمل الوالة والعمال ،باسم الحكومة ،على تأمين تطبيق القانون ،وتنفيذ النصوص التنظيمية
للحكومة ومقرراتها ،كما يمارسون المراقبة اإلدارية.
يساعد الوالة والعمال رؤساء الجماعات الترابية ،وخاصة رؤساء المجالس الجهوية ،على تنفيذ
المخططات والبرامج التنموية.
يقوم الوالة والعمال ،تحت سلطة الوزراء المعنيين ،بتنسيق أنشطة المصالح الالممركزة لإلدارة
المركزية ،ويسهرون على حسن سيرها" .
-189الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.75.168بتاريخ 25صفر 1379الموافق ل 15فبراير 1977المتعلق باختصاصات العامل
الجريدة الرسمية عدد 16-3359مارس 1977ص.767:
121
وعلى ضوء هذه المقتضيات ،يعتبر الوالة والعمال مجسدين لسلطة الدولة بالعماالت
واألقاليم والجهات ومطبقين للتوجيهات والتعليمات الملكية ،وهي صفة فخرية تعطيهم امتيازات
ثانيا :العامل من مجرد حافظ لألمن والنظام إلى محرك ودافع للتنمية االقتصادية
واالجتماعية.
باعتباره ممثل للدولة محليا ،فهو ينوب عن كل األجهزة المركزية في قيادة الرهان التنموي
ترابيا.
إضافة إلى المهام المسندة إلى العامل بمقتضى ظهير فاتح مارس 1963فإن ظهير 15
فبراير ،1977منح العامل اختصاصات متنوعة منها ما يرتبط بالجوانب السياسية باعتباره ممثال
لجاللة الملك ومندوبا للحكومة ،ومنها ما يتعلق بالوظائف ذات الطبيعة اإلدارية والتنظيمية فضال
عن دوره المتجدد انطالقا من التسعينات الذي طال الجوانب التنموية.
وقد خضعت أدواره التنموية لتطورات مهمة من بداية االستقالل إلى اليوم ،سأبدأ من
األدوار التقليدية لكونه رجل السلطة األول على المستوى الجهوي واإلقليمي والمسؤول عن
(.)II 190
المحافظة على النظام العام ( )Iقبل االنتقال إلى األدوار الحديثة التنموية الجديدة
122
فالعامل يبقى المسؤول األول عن األمن إقليميا ومحليا بجانب رجال السلطة اآلخرين لما له
أهمية في حماية امن الدولة واألشخاص والممتلكات وهي مهمة تتعقد أكثر مع توسع النمو
الحضري.
-التعاون والتنسيق مع أطراف أخرى في إطار التواصل وتبادل األخبار واالستشارة للحفاظ على
األمن.
يعتبر العامل المسؤول األول على الحفاظ على النظام العام في العمالة أو اإلقليم ومكنته
النصوص القانونية من اختصاصات واسعة في هذا المجال وأشار الفصل 2من ظهير 15
فب ارير 1977إلى أن "العامل يسهر على تطبيق الظهائر الشريفة والقوانين واألنظمة وعلى تنفيذ
ق اررات وتوجيهات الحكومة في العمالة أو اإلقليم.
ويتخذ في نطاق ممارسته المهام المشار إليها التدابير ذات الصبغة التنظيمية أو الفردية
طبقا للقوانين واألنظمة المعمول بها".
ومن أجل تأديته لمهامه في مجال المحافظة على النظام العام وكذا مراقبة وتتبع ما يحدث
في العمالة أو اإلقليم خول للعامل استعمال القوة إذا اقتضى األمر ذلك الجتناب كل ما قد يعرقل
األمن والنظام ،ولقد صدر منشور 3فبراير 1959من رئاسة الحكومة يحدد الشروط التي تخول
للعامل استعمال القوة العمومية إذ له الحق في استعمال القوات المساعدة .وقوات الشرطة
واالستعانة بالدرك الملكي والقوات المسلحة طبق الشروط المحددة في القانون (الفصل 3من
ظهير 15فبراير .)1977
واذا كانت تدابير الشرطة اإلدارية تعمل على الوقاية من كل ما يمكن أن يكدر صفو
األمن والنظام وتسعى إلى الحيلولة دون وقوعها ،فللعامل أيضا وبمقتضى الفصل 33من
المسطرة الجنائية صفة ضابط للشرطة القضائية ،إذ يقوم بالتدخل بعد وقوع األحداث من أجل
123
التثبت من محتواها وجمع األدلة المتعلقة بها ومالحقة مرتكبيها .191إال أن تدخل العامل
وحضوره كضابط للشرطة القضائية يخضع لشروط حددها القانون ،إذ أنه يجوز له التدخل فيما
إذا ارتكبت جناية أو جنحة ضد سالمة الدولة الداخلية أو الخارجية وكان األمر يقضي
االستعجال أن يجري بنفسه جميع اإلجراءات الالزمة للتحقيق .كما يجوز له أن يطلب كتابة من
ضباط الشرطة القضائية المختصين للقيام بذلك وذلك فيما إذا كان ال يعلم أن السلطة القضائية
قد بدأت في مباشرة القضية.
وفي حالة قيامه باستعمال هذا الحق ،فيتعين عليه أن يخبر وكيل الملك بذلك ،وأن يتخلى
عن القضية للسلطة القضائية خالل الثالث أيام الموالية لشروعه ذلك ،وعليه أيضا أن يرجع
جميع الوثائق وأن يسلم جميع األشخاص الذين وقع عليهم القبض لوكيل الملك.
أوكلت للعمل مهمة تمثيل جاللة الملك في العمالة أو اإلقليم وفق الفصل األول من ظهير
15فبراير 1977فضال عن كونه مندوبا للحكومة .وقد غطت هذه االختصاصات التي تم
تحديده ا حي از واسعا يتجاوز الحقل اإلداري ويهم على السواء السياسة واالقتصاد وكذا الشؤون
االجتماعية.
ويجسد العامل الذي تتم تسميته بظهير شريف وباقتراح من وزير الداخلية السلطة
السياسية للحكومة ألن من واجبه أن يخبر الحكومة بتطور الرأي العام في دائرة نفوذه ومن واجبه
ال عمل على تسهيل تطبيق التدابير الحكومية .ولهذا الغرض يحرص العامل على نسج اتصاالت
وثيقة مع المنتخبين المحليين وممثلي المجموعات االجتماعية األساسية.
وباعتباره مندوبا للحكومة فعليه تقوم مسؤولية تزويد السكان بالمعلومات الخاصة بالسياسة
الحكومية وعليه األخبار واإلعالم والتفسير ،ولذا فهو مطالب باالتصال بمختلف الفعاليات
االقتصادية والمهنية والرياضية والثقافية .وبجانب هاته المهمة يضطلع العامل بتنفيذ القوانين
والنصوص التنظيمية الصادرة عن الحكومة في دائرة نفوذه .فطبقا لمقتضيات الفصل 145من
الدستور يقوم العامل بتنفيذ القوانين والق اررات الحكومية.
ينص الفصل الخامس من ظهير 15فبراير 1977على ما يلي '':يتولى العامل تنسيق
أعمال المصالح الخارجية لإلدارات المدنية التابعة للدولة وأعمال المؤسسات العمومية التي ال
-191الحبيب بيهي :شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد (الجزء األول) سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية (عدد )56منشورات المجلة
المغربية لإلدارة المحلية والتنمية.الطبعة األولى 2004ص.109:
124
يتجاوز اختصاصها الت اربي نطاق العمالة أو اإلقليم'' .وهكذا تستثنى اإلدارة العسكرية ،بينما
المؤسسات العمومية تخضع بمجموعها إلى هذا التنسيق ،وكذلك الشأن بالنسبة لشركات االقتصاد
المختلط التي تستفيد من مساعدات الدولة.
192
ومن أجل تفعيل دور العامل في مجال التنسيق أنشأت لجنة تقنية للعمالة أو اإلقليم،
والتي حدد تكوينها الفصل 5من ظهير 15فبراير 1977والتي وضحتها الرسالة الملكية
الصادرة في 19نوفمبر ،1993وعلى إثر الرسالة الملكية بعث وزير الداخلية منشو ار إلى الوالة
والعمال يشرح فيها اختصاصاتهم الجديدة ،ودور اللجنة التقنية لعمال اإلقليم ،كما عمل المنشور
على توضيح المقتضيات الجديدة التي تضمنها الظهير الصادر في 16أكتوبر .1996وتتكون
هذه اللجنة من العامل بصفته رئيسا والكاتب العام للعمالة أو اإلقليم ورؤساء الدوائر ورؤساء
المصالح الخارجية لإلدارات المركزية التابعة للدولة ومديري المؤسسات العامة ذات االختصاص
المحلي ،وكل شخص يرى العامل أنه من ذوي األهلية* 1األقل .ويمكن استدعاؤها كل مرة إذا
رأى العامل ذلك مناسبا ،وهي تساعد العامل في المهام الرئيسية التالية:
-1المصادقة على جزء من مخطط التنمية االقتصادية واالجتماعية الخاص بالعمالة أو
اإلقليم.
بمقتضى الفصل السادس من ظهير 15فبراير 1977يراقب العامل تحت سلطة الوزراء
المختصين النشاط العام والموظفين وأعوان المصالح الخارجية لإلدارات المدنية التابعة للدولة
المزاولين عملهم في العمالة أو اإلقليم ،ويسهر داخل حدود اختصاصاته الترابية على حسن
192حول تشكيل ودور هده اللجنة انظر :عبد الفتاح البجيوي :مؤسسة الوالي والعامل وآفاق عدم التمركز اإلداري بالمغرب .سلسلة
مؤلفات وأعمال جامعية ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد ،2014 ،100ص 123 :وما يليها.
-1منشور حول اختصاصات العامل :دور اللجنة التقنية للعمالة أو اإلقليم الصادر عن وزير الدولة في الداخلية واإلعالم في 22نوفمبر
،1993واللجنة التقنية للعمالة أو اإلقليم تجتمع مرة واحدة في الشهر على األقل.
125
تسيير المصالح العمومية وكل مؤسسة أخرى تستفيد من إعانة الدولة أو الجماعات المحلية،
وذلك باستثناء المحاكم.
ويمارس هذه السلطة بصفة مباشرة على مختلف الموظفين التابعين للمصالح الخارجية
لو ازرة الداخلية تحت سلطة وزير الداخلية باعتباره رجل السلطة األول في العمالة أو اإلقليم ،وهو
بهذا يشرف على أعمال رؤساء الدوائر ورؤوساء المقاطعات الحضرية والقروية.
وبالنسبة ألعوان وموظفي المصالح الخارجية لإلدارات المدنية للدولة والمزاولين عملهم في
العمالة أو اإلقليم يقوم العامل بالسهر على حسن سير المصالح العمومية ،كما يقوم أيضا
باطالع الوزراء المختصين على السلوك العام والخاص لكافة الموظفين وأعوان الدولة ،إذ يقوم
بتوجيه تقرير سنوي عن سلوك رؤساء المصالح ومساعديهم المباشرين العاملين في العمالة أو
اإلقليم ،ويجوز له في حالة خطأ فادح يمس السير العادي للمصالح العمومية للدولة توقيف كل
عون مسؤول عن الخطأ المذكور ،وفي هذه الحالة يجب على العامل إخبار الوزير المختص
على الفور بتدبير التوقيف الذي اتخذه ،193وال تنطبق هذه المقتضيات على موظفي المحاكم
العاملين في العمالة أو اإلقليم ،كما أن العامل أيضا يطلع سلفا على كل انتقال أو تعيين لرؤساء
المصالح الخارجية للو ازرات ومساعديهم المباشرين فيكون له كلمة في كل تعيين أو تنقيل ال يخدم
مصالح العمالة أو اإلقليم.
تعززت سلطة العامل بآلية أخرى نص عليها الفصل السابع من ظهير 15فبراير 1977
إذ أصبح بإمكان العامل تعيين آم ار مساعدا بدفع النفقات من االعتمادات المدرجة في حساب
األموال الخصوصية رقم 56/05الحامل عنوان "األموال الخصوصية للتنمية الجهوية" وذلك
طبقا للشروط المنصوص عليها في الفصل 64من المرسوم الملكي الصادر في 21أبريل
1967بسن نظام للمحاسبة العمومية ،ويمكن كذلك للعامل أن عين آم ار مساعدا بدفع نفقات
االستثمار من اعتمادات الميزانية المتعلقة بالعمليات الخاصة للعمالة أو اإلقليم شرط أن تكون
مدرجة في الئحة يحددها وزير المالية والسلطة الحكومية المكلفة بالتخطيط والوزراء المعنيين
باألمر.194
-193ظهير 6أكتوبر 1993رقم 293-93-1الجريدة الرسمية عدد 4223بتاريخ 6أكتوبر 1993ص .1911
-194تم تبني عدة نصوص تبين روح مسطرة عدم تركيز االعتمادات ومن بينها:
مناشير الوزير األول :رقم /153بتاريخ 12أكتوبر 1974بشأن الصندوق الخاص بالتنمية الجهوية رقم /177د بتاريخ 22ماي 1975
بشأن مسطرة استعمال الصندوق الخاص بالتنمية الجهوية رقم /320د بتاريخ 19أبريل 1979في شأن الالمركزية وعدم تركيز
االعتمادات.
-منشور وزير الداخلية رقم /103م.د.ح بتاريخ 20ابريل 1979بشأن عدم تركيز االعتمادات.
126
.1للعامل دور في الوقاية المدنية والمحافظة على الصحة من خالل التتبع والزيارات
الميدانية لمراقبة الوسائل الوقائية للمواد والمحالت أو لتنظيم عمليات اإلغاثة واإلنقاذ.
وضبط التجمعات العمومية والصحافة والنشر من خالل ضوابط تحمي ممارسة هذه الحريات
إن مختلف هذه االختصاصات التقليدية تم تحديثها لمواجهة المخاطر المعاصرة بطرق
متطورة وتجاوز األساليب البيروقراطية انسجاما مع المفاهيم الحديثة للحكامة واالستدراك لبناء
-التنسيق؛
-السرعة في األداء؛
-االنتشار الجيد؛
-التدبير عن قرب؛
-االقتصاد في التسيير؛
127
تعززت اختصاصات العامل بوظيفة مهمة وهي الوظيفة التنموية إذ فضال عن
االختصاصات التي أنيطت به أصبح للعامل اليوم ،وبخاصة مع التوجهات الجديدة لمفهوم
السلطة وممارستها ،دو ار مهما في المجال التنموي ،إذ أصبح االعتقاد راسخا بأن الوظيفة األمنية
ال يمكن أن تستقيم إال بجعلها ضمن منظور تنموي يهدف إلى جعل األمن في خدمة التنمية.
فموقع العامل في العمالة أو اإلقليم ورئاسته واشرافه على عمل مجموعة من المصالح
تجعل منه محركا أساسا للعملية التنموية ،إذ أن سلطاته ال تتوقف فقط في تسيير وتدبير ما
يتوفر عليه من إدارات ومرافق بل أيضا في وضع تحريك كل الوسائل الكفيلة بإنعاش العملية
االقتصادية واالستثمارية في دائرة نفوذه.
وتزداد مسؤولية العامل التنموية من خالل إشرافه ورقابته على عمل المجالس المنتخبة ،إذ
أن عليه تحريك جميع الفاعلين المحليين من أجل تحقيق تنمية أكبر.
يتطلب تحقيق األمن االقتصادي واالجتماعي كمعيار حداثي يتحقق به االستقرار والسلم
االجتماعي ،الذي يسعى إلى تحقيقه العامل محليا من خالل تحويل المقاربة األمنية السائدة في
الماضي إلى هم اقتصادي يعمل على حل المشاكل االجتماعية ،عن طريق اإلسراع برفع
معدالت التنمية االقتصادية خاصة بالقطاعات المنتجة والتغلب على اإلكراهات التي تقلص
معدالت نموها في ظل توجهات الدولة المعتمدة على المبادرة الحرة وتشجيع االستثمارات المحلية
والدولية.
ويتوفر العامل على آليات دستورية وقانونية تخول له قيادة الرهان التنموي من خالل:
128
حيث يقوم بتسوية قضايا اقتصادية متنوعة يلعب فيها دور المحرك والمنعش والمتتبع لتنفيذ
.4التنسيق بين جميع األجهزة اإلدارية والتقنية المتدخلة في عملية توفير البنية التحتية
وتنفيذ المشاريع الحكومية من خالل ترأسه للجنة التقنية للعمالة أو اإلقليم التي يجتمع بها بشكل
.5ولتعزيز الدور التنموي للوالي ،أسندت إليه مهمة تشجيع المبادرة الخاصة من خالل
تقديم المساعدة للمقاولين وتبسيط اإلجراءات اإلدارية أمام المقاوالت عبر آلية المراكز الجهوية
لالستثمار التي أحدثت تحت رئاسته ،تجسيدا للمفهوم الجديد للسلطة بجعل اإلدارة في خدمة
المواطن والمستثمر حيث ،حققت نتائج مرضية على مستوى إنشاء المقاوالت وانعاش االستثمار
إضافة إلى العمل على تسريع انساق النمو االقتصادي الترابي لمواجهة تحديات التنافسية
الدولية ،أصبح العامل ملزما أكثر من أي وقت مضى بتوجيه عنايته للتوازنات االجتماعية
الترابية وبذل جهوده واجتهاداته لتحقيق السلم والتماسك االجتماعي ،فبطء النمو االقتصادي في
المغرب لسنين انعكس سلبا على القطاعات االجتماعية ،مما يجعل العامل يتدخل:
.1لما لديه من سلطات لدى القطاع العام والخاص والجماعات الترابية للنهوض
129
.2اتخاذ عدد من التدابير للتخفيف من ظاهرة الفقر والتهميش من خالل إشرافه على
لجان المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تتكلف بكل برامج ومشاريع المبادرة من اإلعداد إلى
المتابعة والتقييم؛
.3سهره على تقديم جميع أشكال المساعدات في إطار العمل االجتماعي التضامني الذي
بجانب األدوار االقتصادية واالجتماعية للعامل ،هناك وظائف تنموية أخرى يتداخل فيها
.1وظيفة الوساطة والتحكيم :وهي وظيفة تمليها صراعات المصالح الفئوية ومختلف
النزاعات السياسية واالقتصادية واالجتماعية التي تعقد الحياة المهنية للعامل وهنا تبرز بالتحديد
مهارة العامل وحذقه الدبلوماسي في صنع الحوار وتسوية الخالفات واستخدام كافة الوسائل
للنجاح في مهمته؛
.2وظيفة اإلخبار :لما لها من أهمية خاصة سواء إلطالع الحكومة على األحداث
المحلية واألوضاع االقتصادية واالجتماعية التي على أساسها تتخذ ق ارراتها في مختلف
المجاالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية أو إخبار المواطنين لخلق تواصل بينها وبين
195
المواطن لتوضيح الخطوط العريضة لسياستها؛
195محمد كرامي :القانون اإلداري ،التنظيم اإلداري ،النشاط اإلداري .مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء .2015 ،ص.70 :
130
لتنظيم أوجه الحياة العامة في مجاالت 196
.3ممارسة مهام الشرطة اإلدارية الخاصة
متعددة عن طريق:
-اإلذن
-المنع
-الترخيص
-التنظيم
-المراقبة
على أساس النصوص القانونية والتنظيمية التي تخوله اتخاذ ق اررات تنظيمية وفردية تحت
المراقبة القضائية
.4ممارسة الشرطة االقتصادية :من خالل عدة نصوص لتنظيم وضبط مختلف
.5تنظيم ومراقبة األسعار على ضوء قانون حرية األسعار والمنافسة الذي املته
التحوالت االقتصادية والتجارية الدولية ،لتنظيم السوق وتلبية حاجيات المستهلك انسجاما مع
الضوابط الليبرالية.
-يشرف
-يتابع
انظر عبد العزيز أشرقي :الشرطة اإلدارية والممارسون لها والنصوص القانونية المنظمة المتعلقة بها .مطبعة النجاح الجديدة ،الطبعة
196األولى ،2006 ،ص 122 :وما بعدها.
131
-يراقب
-وينسق
ثالثا :تعزيز سلطة العامل للقيام بدوره األمني والتنموي بأسلوب حداثي.
التستطيع األجهزة اإلدارية المركزية القيام بنفسها بالمهام اإلدارية ،عبر جميع أرجاء التراب
الوطني ،إال عن طريق مصالحها الالممركزة التي تحتاج في أداء مهامها إلى:
وقد بدلت الدولة لتحقيق االنسجام للعمل الحكومي على المستوى المحلي الذي يتعارض
مع أسلوب الالتركيز العمودي ،جهودا متواصلة لترسيخ تنسيق أفقي تحت سلطة العامل من
.3توجيهه تقري ار سنويا إلى الحكومة عن حالة االستثمارات المقررة من لدن كل و ازرة
.4إمكانية تعيينه آم ار مساعدا بالصرف لدفع نفقات االستثمار المتعلقة بعمليات خاصة
بالعمالة أو اإلقليم.
132
كل هذه اإلجراءات الهدف منها هو ضمان الوحدة التنظيمية لعمل الو ازرات واألشخاص
العمومية األخرى والفاعلين االقتصاديين واالجتماعيين ،وتعتبر مؤسسة الوالي أو العامل ركيزة
أساسية لالتركيز باعتباره نقطة التقاء بين فاعلي اإلدارة المحلية بشقيها المركزي والالمتمركز لذا
فهي تحتاج إلى مزيد من اإلصالحات لدعم اختصاصاتها وامكانياتها للتدبير عن قرب عبر:
.1تكريس الالتمركز األفقي والتقليص من المركزية التي ال زالت تعاني منها اإلدارة
المغربية؛
وسلطة اتخاذ القرار للمصالح الخارجية تحت قيادة العامل لتواكب الالمركزية؛
.4دعم عدم الالتمركز على الصعيد الجهوي واقرار آلية للتنسيق على هذا المستوى
.5تقوية عالقة الوالي أو العامل بالحكومة وخلق عالقة مباشرة بين العامل ورئيس
الحكومة؛
.6إعطاء مزيد من التفويضات للوالة والعمال وتكريسهم كأمرين مساعدين بالصرف لدى
المصالحالالممركزة؛
.7تمكين العامل من سلطة فعلية لتدبير مصالح الدولة محليا واتخاذ تصرفات قانونية
تمتد إلى القيادة والتنظيم والتسيير ،كما نص على ذلك الفصل 145من الدستور
133
وفي الختام ،يمكن القول رغم هذه الثغرات ،فاإلصالحات التي أجرتها السلطات مؤشرات
على التحول التدريجي لخلق مناخ جديد ،حمل معه إدارة تجديد ممارسة السلطة بتقليص الدور
السياسي للعامل لفائدة دوره اإلداري ،التدبيري والتنموي من أجل تكريس انسجام فعلي في عمل
يضطلع العامل إضافة إلى الوظائف السالف ذكرها بمهمة تمثيل سلطة الرقابة أو
الوصاية سابقا على الهيئات الالمركزية العاملة في مجال نفوذه .وهكذا يمنح ظهير 1977
ومرسوم 20أكتوبر 1993بشأن الالتركيز اإلداري دو ار في مراقبة وتسيير نشاط المؤسسات
العمومية ،إال أنه وفي عالقته بالمؤسسات العمومية ال يعتبر سلطة وصاية على جميع
المؤسسات العمومية المتواجدة داخل دائرة نفوذه ،إذ أن البعض منها كالجامعات ومكاتب
االستثمار الفالحي ال يملك اتجاهها العامل سلطة الوصاية إال أنها مطالبة باإلدالء ببعض
المعلومات الالزمة إلخبار مجالس العماالت واألقاليم وفق منشور وزير الداخلية 22نوفمبر
.1993
وانطالقا من حجم وطبيعة الصالحيات الممنوحة للعامل يتضح التصور والمنطق الذي
يحكم الدولة في مجال التدبير اإلداري للوحدات الترابية ،إذ أن الحضور القوي والكثيف للعامل
على صعيد اإلدارة المركزية مع الالتمركز أو على صعيد الالمركزية يكشف عن هيمنة اإلدارة
المركزية ،وخاصة ممثلي و ازرة الداخلية على مختلف المستويات اإلدارية األخرى السيما
المنتخبة ،األمر الذي يضع مسؤولية أكبر على الوحدات الالمركزية وخاصة الجماعات الترابية
في تحقيق األهداف المرجوة منها والتي حكمها إنشاءها.
197انظر في هذا السياق القوانين التنظيمية الثالث الخاصة بالجماعات الترابية 111.14-111.13-111.12الصادرة سنة .2015
134
الفرع الثاني :رجال السلطة التبعيون les agents d’autorité subalternes
يتم تعيينه من قبل وزير الداخلية ،وقد حدد الفصل 30من ظهير 1مارس 1963
اختصاصه في مساعدة العامل ،وكذا اإلشراف على أعمال مصالح العمالة أو اإلقليم ،ويساعده
أيضا في القيام بمهام التنسيق العام ويمثل العامل إذا عاقه عائق في سائر اختصاصاته ،ما لم
يصدر وزير الداخلية مقرر بخالف ذلك.
-2الباشا
يشرف الباشا على المقاطعات الحضرية ،ويمثل السلطة التنفيذية داخلها ويقوم بأعمال
سلطات التنظيم انسجاما مع صفته كرجل سلطة ويقوم بتنفيذ صالحياته تحت إشراف العامل،
وبمقتضى التعديل الذي أدخل على ظهير 15فبراير 1977في سنة 1982أنيطت بالباشا
مهام شبيهة بمهام العامل حيث أنه أصبح المسؤول عن تنفيذ الظهائر والقوانين واللوائح وكذا
تنفيذ الق اررات الصادرة عن اإلدارة.
يقوم رئيس الدائرة بتمثيل السلطة التنفيذية ويعمل تحت إشراف العامل على تنفيذ القوانين
والمراسيم والقرارت ،وكذا الحفاظ على النظام العام والسكينة العامة ويضطلع أيضا بتنشيط
ومراقبة عمل المقاطعات التي توجد في حدود الدائرة ،وذلك تحت إشراف العامل.
-4القائد
يمثل كل من القائد والعامل عمودان ضروريان في التنظيم اإلداري ،يمارس مهامه تحت
إشراف ومراقبة رئيس الدائرة ،إذ يقوم بتأمين العديد من المهام على صعيد مقاطعته حيث يقوم
بأعمال التدبير المتعلقة بالمرافق اإلدارية الترابية وتقديم المساعدة للمجالس الجماعية ،إذ يعتبر
مخاطبا مفضال للجماعات وكذا محاو ار مهما خاصة فيما يتعلق بحل بعض المشاكل والتوترات
التي تحدث داخل الجماعة.198
-SAMADI (M): le pouvoir local quel rôle pour l’agent d’autorité ? Mémoire du diplôme de cycle
198
135
وقد أنيط بهم مهمة تمثيل السلطة التنفيذية ،ويمارسون مهمة الحفاظ على األمن والنظام
العام ،وكذا مساعدة وارشاد المجالس الجماعية في مهامها اإلدارية وفي تنفيذ أشغال التهيئة
والتجهيز الجماعي ،ويتخذون في هذا الصدد جميع التدابير الالزمة .وفي مجال تدخله يقوم
أيضا القائد بدوره في تتبع أعمال نشاط الجمعيات والهيئات المدنية.199
وقد راهنت الدولة منذ االستقالل على مؤسسة القائد لرفع تحدي التنمية االقتصادية
200
حيث يقترح على المجالس الجماعية القروية ولجانها كل النقط الهامة واالجتماعية القروية،
لتحقيق التنمية ويمدهم بكل المعلومات والبيانات واالحصائيات المتعلقة بإعداد البرامج
والمخططات الخاصة بالتنمية القروية ،وتلك التي تنوي الدولة إنجازها فوق تراب الجماعة.
أشار المرسوم الخاص برجال السلطة إلى أن الخلفاء يقومون بالنيابة عن رؤساء المقاطعات
الحضرية والقروية (الباشوات والقواد) في حالة غيابهم أو توقيفهم أو حدث أي مانع دون
ممارستهم لمهامهم.
وفي العديد من المدن يقوم الخلفاء بتأييد مهام رئيس المقاطعة ويسمون بالخلفاء الحضريون،
ودرجة الخليفة تناسب مع المرتبة األخيرة في هرمية وتراتبية رجال السلطة ،ومنصب الخليفة ال
يتناسب مع بنية إدارية محددة كما هو األمر بالنسبة للقائد أو رئيس الدائرة أو الباشا أو العامل
فمنصبه هو عادة بالوكالة أو النيابة.201
والجدير بالذكر أنه إضافة إلى رجال السلطة يوجد أعوان للسلطة يساهمون بشكل كبير في
تسهيل مأمورية ممثلي السلطة التنفيذية ،إذ أنهم يضطلعون إلى جانب رجل السلطة بكفالة
وضمان الربط بين الساكنة ومختلف مستويات اإلدارة ،202ويضمنون أيضا االمتداد السلطوي
والسياسي ألجهزة الدولة.
غير أن م ا يعيق عمل هذه الفئة من األعوان هو غياب تأطير قانوني لمهامها من خالل
عدم وجود نظام قانوني محدد مشابه لباقي األعوان اآلخرين ،فهم يعينون من قبل العامل
ويتلقون تعويضات شهرية عن مهامهم اإلدارية.
وففي ظل غياب نظام أساسي يحدد واجبات وحقوق هده الفئة ،قامت و ازرة الداخلية بإصدار
مجموعة من النصوص القانونية بهدف تحسين التعويضات المالية الممنوحة لهم( . )1فمند سنة
136
،1976وبموجب الظهير الشريف بمثابة قانون المالية ل27دجنبر ،1976أصبح بموجبه
الشيوخ و المقدمين و العريفات( الشبه الرسميين)يتقاضون أجورهم من الميزانية العامة للدولة .
وتوالت النصوص التي هدفت تحسين الوضعية المادية لهده الفئة ،إد صدر مرسوم
29شتنبر 1986و مرسوم 5دجنبر 1996وكان آخرها المرسوم الصادر في 14يوليةز
2016الدي ميز بين مساعدو السلطة الحضريون (الشيوخ و المقدمين و العريفات) ،والدين
يستفيدون من من تعويض عن المهام وعن التمثيل وتعويض عن التجول ،وبين الشيوخ و
المقدمين القرويين الدين يتم تعيينهم بموجب قرار لعامل العمالة أو اإلقليم الدين اصبحو
يتقاضون تعويضا شهريا عن الخدمات المقدمة في حدود 2500درهم لفائدة الشيوخ و 2000
درهم لفائدة المقدمين
المراجع المعتمدة
- 1الكتب
-محمد آيت المكي :محاضرات في المرافق العمومية الكبرى بالمغرب مطبعة المعارف الجديدة،
فاس .1995
-محمد أشركي :الظهير الشريف في القانون العام المغربي منشورات جامعة الحسن الثاني الدار
البيضاء ،السلسلة األولى.1983 ،
-فتح اهلل الخطيب :دراسات في الحكومات المقارنة نشر دار النهضة العربية القاهرة.1966 ،
-ميشيل روسي :المؤسسات اإلدارية المغربية ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء 1993
-إدريس البصري :رجل السلطة ،مطبوعات كلية العوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الرباط
المطبعة الملكية 1976
137
-الحبيب بيهي :شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد (الجزء األول) ،سلسلة مؤلفات وأعمال
جامعية منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية الطبعة األولى .2004
-عبد الكريم بالزاع :وظائف الجهة ،نموذج جهة الشاوية ورديغة عدد 2004-91مطبعة
المعارف الجديدة الرباط-الطبعة األولى .2003
-عبد القادر باينة:مدخل عام لدراسة القانون اإلداري دار النشر المغربية ،الدار البيضاء،
الطبعة الثانية 1990
-عبد القادر باينة :التنظيم اإلداري بالمغرب ،دار النشر المغربية ،الدار البيضاء ،الطبعة الثانية
.1991
-عبد الرحمان البكريوي :الوجيز في القانون اإلداري المغربي ،بدون ذكر دار النشر ،الطبعة
األولى.1995 ،
-إدريس البصري وآخرون :القانون اإلداري المغربي ،المطبعة الملكية الطبعة األولى.1988 ،
-المصطفى خطابي :القانون اإلداري والعوم اإلدارية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء،
الطبعة الرابعة .1999
-محمد كرامي :القانون اإلداري ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ،الطبعة األولى 2000
-ميشيل روسي :المؤسسات اإلدارية المغربية ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء .1993
-محمد مرغني :المبادئ العامة للقانون اإلداري المغربي ،مكتبة الطالب ،الطبعة الرابعة 1984
-ملكية الصروخ :القانون اإلداري دراسة مقارنة ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة
الثالثة .1996
-خالد سمارة الزعبي :القانون اإلداري :مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ،الطبعة الثالثة،
.1998
-صالح المستف :التطور اإلداري في أفق الجهوية بالمغرب ،مؤسسة بنشرة للطباعة والنشر
الدار البيضاء.1989 ،
-المهدي بنمير :التنظيم الجهوي بالمغرب ،س.ال.ج.م ( )6المطبعة الوارقة الوطنية مراكش
.1997
138
-المصطفى دليل :المجالس الجماعية بالمغرب على ضوء الميثاق الجماعي الجديد ،المجلة
المغربية لإلدارة المحلية والتنمية عدد .2003-40
-الميثاق الجماعي الجديد :ندوة المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية عدد .2003 ،44
– 2األطروحات والرسائل
-عبد الحافظ أدمينو :نظام البيروقراطية اإلدارية بالمغرب أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون
العام ،جامعة محمد الخامس أكدال .2002
-الشريف الغيوبي :األسس القانونية والمقومات المالية للتنمية الجهوية أطروحة لنيل الدكتوراه
في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية الحقوق أكدال .2003
-محمد األغضف غوتي :األمانة العامة للحكومة :دراسة تحليلية من حيث البنية والوظيفة .أطروحة لنيل
الدكتوراة في القانون العام كلية الحقوق أكدال.2011 ،
-غوتي محمد األغظف" :التعديالت الدستورية المغربية من زاوية علم االجتماع السياسي" .بحث قدم خالل
السنة الثانية من دبلوم الدراسات العليا المعمقة في الحقوق .كلية الحقوق– .أكدال .شعبة وحدة القانون الدستوري
وعلم السياسة .الموسم الدراسي .2000-1999
-عبد النبي كياس" :مؤسسة الوزير األول في النظام السياسي الدستور المغربي" رسالة لنيل دبلوم الدراسات
العليا المعمقة في القانون العام –أكدال-الرباط .السنة الجامعية .2005-2004
139
-عبد الفتاح البجي وي :مؤسسة الوالي والعامل وآفاق عدم التمركز اإلداري بالمغرب .سلسلة مؤلفات وأعمال
جامعية ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد .2014 ،100
-3المقاالت:
-مصطفى قلوش :قراءة جديدة الختصاصات وصالحيات المؤسسة الملكية على ضوء الفصل
19وما يقرره الدستور بأكمله .المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية عدد .2004-55-54
-حكيمة بو محمدي :االستشارة في التشريع المغربي ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية،
عدد .2004-55-54
-المذكوري الشعبي :الدواوين الو ازرية ،المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية ،العدد ،21
1989
-عبد الكريم بخنوش :عدم التركيز اإلداري بين العمالة أو اإلقليم والجهة ،المجلة المغربية
لإلدارة المحلية والتنمية عدد .2004-56
-الشريف الغيوبي :الجهة المجال األنسب لالتركيز وتشجيع االستثمار ،المجلة المغربية لإلدارة
المحلية والتنمية سلسلة :نصوص ووثائق" عدد .2002-66
-الشريف الغيوبي :دور الوالي والعامل في ميدان التنمية المحلية.
تدخل في أشغال المناظرة الدولية والمغاربية المنعقدة في مراكش من 29إلى 31أكتوبر 2007في موضوع
"مبدأ التفريع ،تجلياته وإسهاماته في الديموقراطية والحكامة الجيدة والتنمية البشرية ،مقال منشور ضمن أشغال
ورشات المناظرة من طرف وزارة الداخلية ،الكتابة العامة ،مديرية تكوين األطر اإلدارية والتقنية .الورشة
الثالثة :التفريع والتنمية البشرية والتنمية المستدامة.
-المكي السراجي :الالتركيز اإلداري في إطار السياسة الجهوية الموسعة ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية
والتنمية ،عدد مزدوج 98-97مارس –يونيو .2011
-محمد الضحى :الدواوين الوزارية :تدبير السياسة أم اإلدارة .المجلة المغربية لإلدارة والتنمية .عدد 45-44
غشت .2002
-محمد الرضواني :الدواوين الوزارية والعمل الحكومي ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد مزدوج
،45-44ماي-غشت .2002
Les ouvrages
140
- Philipe Georges : Droit Public, Concours Administratifs, 5éme
édition, Edition SIREY, 1984.
- Ali El Mhamdi : L’Administration centrale au Maroc. 1èreédition, DAR
ALQALAM, 2011.
-Marie-Christine ROUAULT : Droit Administratif. 4éme édition, Gualino éditeur, EJA-Paris- 2007.
141
-lhbabi (M) : le gouvernement Marocain à l’aube du XXéme siècle les
éditions Maghrebines, Casablanca 2 éme éd 1975.
Articles
-Debash (ch): Président de la République et le premier ministre dans le
systèmepolitique de la V République R.D.P.N°5.1982 P : 185
142
فهـــرس
145
الباب الثاني :التنظيم اإلداري بالمغرب 62 ..........................................................
القسم األول :اإلدارة المركزية63 ...................................................................
الفصل األول :الملك64 ............................................................................
المبحث األول :ميادين اختصاصات الملك 65 ................................................
المطلب األول :اختصاصات الملك في الحالة العادية 65 ......................................
الفرع األول :اختصاصات الملك في مجال السلطة التنفيذية 65 ................................
الفرع الثاني :اختصاصات الملك في مجال السلطة التشريعية67 ...............................
الفرع الثالث :اختصاصات الملك في مجال السلطة القضائية68 ...............................
المطلب الثاني:اختصاصات الملك في الظروف غير العادية 68 ...............................
المبحث الثاني :الطبيعة القانونية للق اررات الملكية الصادرة في المجال اإلداري70 ...............
المطلب األول :موقف القضاء من الق اررات الملكية الصادرة
في المجال اإلداري 70 ............................................................
المطلب المطلب الثاني :اآلراء الفقهية في تكييف طبيعة الق اررات الملكية
الصادرة في المجال االداري74 ..................................................
المبحث الثالث :الهيئات التابعة للملك 75 .....................................................
المطلب األول :الديوان الملكي 75 ............................................................
المطلب الثاني :مستشارو جاللة الملك 76 ....................................................
المطلب الثالث :الهيئات االستشارية بجانب جاللة الملك 76 ...................................
الفصل الثاني :الحكومة 78 ........................................................................
المبحث األول :لمحة تاريخية عن الحكومة بالمغرب 78 .......................................
المطلب األول :فترة ما قبل الحماية 78 .......................................................
المطلب الثاني :مرحلة الحماية80 ............................................................
المطلب الثالث :الحكومة بعد االستقالل 83 ...................................................
المبحث الثاني :الوزير األول84 ..............................................................
المطلب األول :اختصاصات الوزير األول85 .................................................
الفرع األول:اختصاصات الوزير األول اإلدارية85 .............................................
-1تنسيق النشاطات الو ازرية85 ..............................................................
-2اختصاصات الوزير األول في مجال القيادة اإلدارية85 ....................................
الفرع الثاني :اختصاصات الوزير األول في مجال سلطة التنظيم87 ..................................
أ-نطاق السلطة التنظيمية 88 ................................................................
146
ب -صور السلطة التنظيمية89 ..............................................................
المطلب الثاني :المصالح التابعة للوزير األول 90 .............................................
الفرع األول :األمانة العامة للحكومة91 .......................................................
الفرع الثاني :المصالح األخرى التابعة للوزير األول 93 ........................................
المبحث الثالث :الوزراء95 ...................................................................
المطلب األول :أصناف الوزراء 95 ...........................................................
الفرع األول :وزير الدولة96 ..................................................................
الفرع الثاني :الوزير97 .......................................................................
الفرع الثالث :الوزير المنتدب97 ..............................................................
الفرع الرابع:كاتب الدولة 98 ..................................................................
الفرع الخامس :نواب كتاب الدولة 100 .........................................................
المطلب الثاني :اختصاصات بقية الوزراء 100 .................................................
المطلب الثالث :المصالح الو ازرية 101 .........................................................
الفرع األول :ديوان الوزير101 .................................................................
الفرع الثاني :المصالح المركزية للو ازرة102 .....................................................
الفصل الثالث :األجهزة المحلية لإلدارة المركزية104 .................................................
المبحث األول :المصالح الخارجية للو ازرات 104 ...............................................
المبحث الثاني :ممثلوا السلطة المركزية في العماالت واألقاليم (رجال السلطة) 105 ..............
المطلب األول :المتصرفون بو ازرة الداخلية106 .................................................
المطلب الثاني :أصناف رجال السلطة108 .....................................................
الفرع األول :رجال السلطة الرئيسيون108 ......................................................
-1الوالي 108 ................................................................................
-2العامل109 ...............................................................................
الفرع الثاني :رجال السلطة التبعيون 109 .......................................................
-1الكاتب العام 109 ..........................................................................
-2الباشا109 .................................................................................
-3رئيس الدائرة 110 ..........................................................................
-4القائد 110 .................................................................................
-5الخليفة الحضري أو خليفة القائد 111 .......................................................
الفرع الثالث :العامل واختصاصاته 111 ........................................................
147
-Iموقع ومكانة العامل112 ....................................................................
-IIاختصاصات العامل113 ...................................................................
-1الوظائف السياسية للعامل 113 .............................................................
-2العامل أمين السلطة المركزية غير المتمركزة114 ............................................
-3العامل وممارسة السلطة الرئاسية 115 ......................................................
-4دور العامل في ميدان عدم تركيز االعتمادات 116 ..........................................
-5العامل والمحافظة على النظام العام116 ....................................................
-6تجديد دور العامل117 .....................................................................
-7العامل والهيئات الالمركزية118 .............................................................
المراجع المعتمدة123 ...............................................................................
الفهرس127 ........................................................................................
148