You are on page 1of 58

‫مـــــاستر العلــوم اإلدارية والمالية‬


‫‪ -‬الفوج الثاني –‬
‫وحدة‪ :‬السياسات الالمركزية المقارنة‬

‫عرض بعنوان‪:‬‬
‫تطور الالمركزية بالمغرب إلى غاية دستور ‪2011‬‬

‫تحت إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫من إعداد الطلبة الباحثين‪:‬‬


‫د‪.‬عبد الفتاح بلخال‬ ‫بشرى المالكي‬
‫أيوب أوزين‬
‫عبد اإلله أوقادا‬
‫محمد جالل ابن موسى‬
‫المهدي دريهمي‬
‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﯿﺔ‪:‬‬
‫أسامة المرابط‬
‫‪2018 -2017‬‬
‫مقدمة الموضوع‪:‬‬
‫قد عرف المغرب مند مراحل متقدمة من تاريخه أشكاال تقليدية لإلدارة كانت‬
‫حاضرة في الحياة اليومية لإلنسان المغربي‪ ,‬وكانت قريبة بشكل يمكنها من البث‬
‫في أموره الشرعية والعرفية التي تبتدأ باألحوال الشخصية وتنتهي بتنظير التجارة‬
‫وأمور األمن والمنازعات‪ ,‬ومن هنا جاء البعد الترابي‪ -‬المحلي لإلدارة التي أملته‬
‫عدة متطلبات منها الحفاظ على وحدة الدولة من التوتر الداخلي والخارجي وكذا‬
‫تأطير وتنظيم العالقات اإلنسانية واالجتماعية داخل مجتمع متنوع ومنفتح‪.‬‬
‫وأنيط باإلدارة الترابية في تلك الحقبة; تنظيم وتدبير كل ما هو محلي‪ ,‬وذلك‬
‫إنطالقا من وجود حاجيات ذات خصوصية محلية‪ ,‬وال يمكن االستجابة لها إال‬
‫على المستوى المحلي‪.‬‬
‫فهو تنازل الدولة عن جزأ من اختصاصاتها المركزية إلى المستوى المحلي عبر‬
‫وحدات الممركزة‪ .‬وباعتبار أن هناك صنفين من الالمركزية‪ ,‬وهما الالمركزية‬
‫السياسية والالمركزية اإلدارية‪ ,‬فالمغرب يأخد بهذه األخيرة في إطار وحدة‬
‫الدولة‪ ,‬باعتبار أن الممكلة المغربية دولة موحدة‪.‬‬
‫ويقصد بالالمركزية اإلدارية توزيع الوظائف اإلدارية بين الحكومة المركزية في‬
‫العاصمة‪ ,‬وبين هيئات الجماعات المحلية أو المصلحية‪ .‬وتخضع هذه الهيئات‬
‫المحلية في ممارسة وظيفتها إلشراف ورقابة الحكومة المركزية‪.1‬‬
‫ويتسم نظام الالمركزية اإلدارية بتعدد األشخاص المعنوية العامة في الدولة والتي‬
‫تتمتع باستقالل قانوني ذاتي‪ ,‬مع مباشرة سلطاتها بأساليب قد تختلف من شخص‬
‫إداري الَخر‪ ,‬وذلك ال ينفي خضوعها لرقابة الدولة وإشرافها خضوعاً يختلف مداه‬
‫ضيقاً واتساعا من هيئة إلى أخرى‪.‬‬
‫ ‬
‫ ‪ -1‬ﻣﻠﯿﻜﺔ اﻟﺼﺮوخ‪ ،‬اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺘﻨﻈﯿﻢ اﻹداري‪ :‬ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ اﻟﻤﻌﻨﻮﯾﺔ‪ ،‬اﻷﺳﺲ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺘﻨﻈﯿﻢ اﻹداري‪ :‬اﻟﺘﻨﻈﯿﻢ اﻹداري‬
‫ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب‪ :‬اﻟﻤﺮﻛﺰﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻼﻣﺮﻛﺰﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬دار اﻟﻘﻠﻢ‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،2010 ،‬ص ‪.41‬‬
‫وتنقسم الالمركزية اإلدارية في حد ذاتها إلى المركزية مرفقية والمركزية ترابية‪,‬‬
‫وما يهمنا في موضوعنا هذا هو الالمركزية الترابية‪ ,‬والتي تتحقق بمنح جزء من‬
‫الترتب الوطني الشخصية المعنوية‪ .‬يعني منحه االستقالل المالي واإلداري في‬
‫مباشرة االختصاصات الموكولة إليه بهذف السهر على تحقيق المصالح المحلية‬
‫تحت إشراف الحكومة ورقابتها‪.‬‬

‫وتقوم االمركزية الترابية على ثالث أركان أو عناصر رئيسية وهي‪:2‬‬


‫‪ -‬االعتراف بوجود مصالح محلية متميزة عن المصالح الوطنية‪ :‬بمعنى‬
‫أن ثمة مصالح محلية ينبغي ترك مباشرتها واإلشراف عليها لمن يهمهم األمر‬
‫حتى تتفرغ الحكومة المركزية لمصالح أخرى ذات طابع عام تهم الدولة‬
‫كلها‪ .‬وتحديد المصالح المحلية التي تسند للهيئات الالمركزية يقوم به‬
‫المشرع‪.‬‬

‫ويترتب على تحديد اختصاص المجالس المحلية بقانون‪ ,‬أنخ ال يجوز لإلدارة‬
‫المركزية أن تنتقص من اختصاصات تلك المجالس كما ال يجوز للهئيات‬
‫الالمركزية أن تحلل من أي اختصاص من االختصاصات المحددة لها قانوناً‪.‬‬
‫إال أن تحديد تلك االختصاصات ليس باألمر الهين نظراً للتداخل الكبير‬
‫الموجود بين الشؤون المحلية والشؤون الوطنية‪.‬‬

‫‪ -‬أن يعهد باإلشراف على هذه المصالح إلى هيئات منتخبة‪ :‬ألن اإلدارة‬
‫المحلية تسعى باألساس إلى إسناد المصالح المحلية إلى من يهمهم األمر‪.‬‬

‫ ‬
‫ ‪ -2‬ﻧﻔﺴﮫ‪ ،‬ص‪.43 :‬‬
‫وذلك إلشباع حاجياتهم المحلية بأنفسهم‪ .‬ولما كان من المستحيل على‬
‫جميع أبناء اإلقليم أو المدينة أن يقوموا بهذه المهمة بأنفسهم مباشرة‪ ,‬فإن‬
‫المشرع قد يجعل إسناد هذه المصالح المحلية إلى من ينتخبونه نيابة عنهم‪.‬‬
‫ومن ثمة كان االنتخاب هو الطريقة األساسية التي يتم عن طريقها تكوين‬
‫المجالس المعبرة عن إرادة الشخص المعنوي العام اإلقليمي‪.‬‬

‫‪ -‬استقالل المجالس في ممارسة اختصاصاتها تحت إشراف السلطة‬


‫المركزية‪ :‬وهذا االستقالل ليس منحة من الحكومة المركزية وإنما هو مقرر‬
‫من المشرع ويخضع لمقتضيات القانون‪ .‬وال يراد بذلك االستقالل الفصل‬
‫المطلق بين المصالح المحلية ودائرة المصلحة الوطنية‪ ,‬كما ال يراد بذلك‬
‫االستقالل جعل كل جماعة محلية ـ ترابية حالياً ـ في معزل عن األخرى وإنما‬
‫التكامل والتعايش‪ .‬ويقصد بالرقابة اإلدارة مجموع السلطات المحددة‪,‬‬
‫والتي يخولها القانون لجهة معينة لإلشراف على أشخاص وأعمال الهيئات‬
‫المحلية بقصد تحقيق وحماية المصلحة العامة‪.‬‬

‫وبمعنى اَخر فإن الرقابة أو الوصاية اإلدارية تهذف إلى تمكين السلطة‬
‫المركزية من التنسيق بين عمل السلطات الالمركزية وبين نشاطها الخاص‪.‬‬
‫وذلك في اإلطار القانوني لذلك ألنه ال وصالة إال بوجود نص قانوني يقرها‪.‬‬
‫وفي هذا االطار شهدت الالمركزية الترابية تطورات عبر مراحل عدة إلى غاية‬
‫دستور ‪ ,2011‬ومنه تكمن أهمية الموضوع في التعرف على مراحل تطور‬
‫الالمركزية الترابية بالوقوف على مختلف النصوص القانونية التي واكبت هذا‬
‫التطور إلى حدود سنة ‪ .2011‬ورصد هذه التطورات وإغناء الحقل العلمي بها‪.‬‬
‫ولمعالجتنا هذا الموضوع إقتضينا االعتماد على المنهج التاريخي; لرصد‬
‫التطورات التاريخية التي شهدتها الالمركزية الترابية إلى غاية ‪ ,2011‬ثم المقاربة‬
‫التحليلية‪ ,‬في تحليل وفهم محتوى النصوص القانونية التي واكبت هذا التطور‪.‬‬
‫ومنه برزت اإلشكالية التالية‪ :‬ما هي أهم المحطات التي مرت منها الالمركزية‬
‫بالمغرب إلى حدود سنة ‪?2011‬‬
‫وتفرعت عنها مجموعة من األسئلة الفرعية التالية‪:‬‬
‫• ما هي أهم التعديالت التي دخلت على المنظومة القانونية المؤطرة‬
‫للجماعات الترابية?‬
‫• ماهي العوامل األساسية التي ابانت عن فشل المقاربة الكالسيكية‬
‫للجماعات الترابية بالمغرب في تدبير شؤونها? وهل يمكن اعتبار فشل هذه‬
‫المقاربة هي السبب الرئيسي في تبني مرحلة جديدة من الالمركزية بالمغرب‬
‫مع التعديل الدستوري ‪?1992‬‬
‫• ماهي اهم مراحل تطور الجهوية بالمغرب?وماهي النتائج التي خلفتها‬
‫تجربة ‪?1971‬‬
‫• ما هي االسباب التي ادت الى اعادة النظر في الوضع القانوني لظهير‬
‫‪ 1971‬واالرتقاء بالجهة الى جماعة محلية?‬
‫• ماهي المكانة التي اصبحت تحتلها الجهة في ضوء قانون ‪?47.96‬‬
‫• ماهي العوائق التي اعترت الجهة وحالت دون تحقيق ال مركزية‬
‫جهوية?‬
‫• ماهو تصور اللجنة االستشارية حول الجهوية المتقدمة بالمغرب?‬
‫• ما هي المقترحات التي خلصت اليها اللجنة االستشارية للجهوية قصد‬
‫تطوير الالمركزية الجهوية?‬
‫ولمعالجة كل هذه التساؤالت واالشكالية الرئيسية تم وضع التصميم التالي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الالمركزية بالمغرب بين نضوج التجربة وأسباب فش المقاربة‬


‫الكالسيكية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مسار الالمركزية الجهوية بالمغرب‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الالمركزية بين فتاوة التجربة و فشل التدبير الكالسيكي‬
‫”الجماعات و العماالت و األقاليم“‬
‫عرف المسار الالمركزي بالمغرب نقالت نوعية منذ أن وجد كفكرة‪,‬كنص ثم‬
‫كواقع‪ ,‬خالل المراحل األساسية التي عرفها المغرب قبل الحماية و إبانها ثم في‬
‫ما بعد اإلستقالل‪.‬‬
‫فقبل الحماية كان المغرب يتسم بغياب مقومات المرفق و التنمية لخضوعه‬
‫لموروث سياسي إسالمي و سيادة الدولة السلطانية‪.3‬‬
‫في عهد الحماية رغم اإلصالحات اإلدارية و السياسية التي رافقت هذه األثناء إال‬
‫أنها في مجملها كانت تعبر عن مصالح الفرنسيين‪ ,‬و هذا ما حذا بالفاعلين‬
‫السياسيين إلى التوسل منذ الحصول على اإلستقالل بفكر الشرعية اإلدارية و‬
‫فكرة اإلدارة كوسيلة للتنمية اإلقتصادية و اإلجتماعية‪ ,‬بإعتبارها مقومات أساسية‬
‫إلعادة بناء كل من اإلدارة المركزية و المحلية التي تعاني من مجموعة من مظاهر‬
‫التخلف و الركود و الجمود‪ .4‬توالت هذه اإلصالحات إلى غاية تكريس ورش‬
‫الجهوية المتقدمة كآخر إصالح عرفه التنظيم الالمركزي بالمغرب‪.‬‬
‫ستتم معالجة هذا المبحث وفق مطلبين; مراحل الالمركزية بالمغرب "المطلب‬
‫األول" فشل التدبير الكالسيكي "المطلب الثاني"‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مراحل تطور الالمركزية بالمغرب‬


‫سينقسم هذا المطلب إلى مراحل تطور الالمركزية بالمغرب إلى غاية ‪1976‬‬
‫)الفرع األول ( ومند سنة ‪ 1976‬إلى غاية سنة ‪.2011‬‬

‫ ‬
‫‪ 3‬ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﻋﺒﺪ ﷲ‪" :‬اﻟﻨﻈﺎم اﻹداري ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب ﻣﻨﺬ ﻗﺮون" ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺸﺆون اﻹدارﯾﺔ ﻋﺪد ‪ 1‬ﯾﻨﺎﯾﺮ ‪ 1983‬ص ‪ .83‬‬
‫‪4‬‬
‫ » ‪ A.Sedjari : « Les structures Administratives Territoriales et le Developpement local au Maroc‬‬
‫ ‪Rabat 1981, p :31.‬‬
‫الفرع األول‪:‬تطور الالمركزية بالمغرب إلى غاية سنة ‪.1976‬‬

‫أهم ما ميز مرحلة ما قبل الحماية هو المركزية المطلقة في المخزن‪ ,‬و ذلك أن‬
‫إدارة المخزن تآلفت آنذاك من عنصرين‪ ,‬السلطان و الوزراء‪ ,‬كوزير المالية‬
‫العامة )بيت مال المسلمين( وزير الحرب‪ ,‬وزير الشؤون الخارجية )وزير‬
‫البحر(‪. 5‬‬
‫كذلك من بين أهم السمات التي طبعت هذه الفترة هو إنقسام المغرب إلى "بالد‬
‫المخزن" و "بالد السيبة" هذه األخيرة حيث القبائل تحكم نفسها بنفسها بعيدا عن‬
‫تدخل المخزن و في ظل السلطة الدينية للسلطان الشريف‪ .‬فبالد السيبة كونت‬
‫لنفسها هيأة مؤلفة من أعيان القبيلة‪ ,‬تقرر في جميع الميادين و تعين عضوا منفذا‬
‫لقراراتها يسمى "األمغار" و الهيأة المشرعة هي "الجماعة" حيث كان مصدر‬
‫التشريع لديها هو العرف‪.‬‬
‫فالجماعة آنذاك كانت تدار من قبل مجلس مختار و تطغى عليه الروح القبلية‪.‬‬
‫هذه الفترة هي ضحض للفكرة القائلة بعدم وجود تنظيم جماعي قبل دخول‬
‫سلطات الحماية إلى المغرب‪ ,‬بل إن عهد الحماية حين حل عمل على التقليص‬
‫من دور و إختصاص الجماعة‪ ,‬حتى يحد من نفوذها و يقضي على بالد السيبة‬
‫ليعمم الوضع لصالحه‪.6‬‬
‫خالل فترة الحماية أهم ما يمكن أن يقال هو حضور الرقابة المزدوجة‪,‬رقابة‬
‫المخزن و رقابة السلطة الفرنسية‪ ,‬حيث أنه و إن كانت رقابة المخزن تأخد برأي‬
‫الجماعة‪ ,‬قبل أي تعيين أو إجراء‪ ,‬فالرقابة الحماية لم تعير أي إهتمام لرأي‬
‫الجماعة و تلجأ لمجالس أخرى جديدة أنشأتها على رأس القبائل و أوكلت لها‬
‫ ‬
‫‪5‬‬
‫ ‪ A.sedjari : op. Cit, p : 32‬‬
‫‪6‬‬
‫ ‪ Benbachir : « L’administration Locale au Maroc » Imprimerie Royale Rabat, 1979, p :119‬‬
‫مهمة تسيير األراضي الجماعية‪ .‬و عملت السلطات الفرنسية على إحداث‬
‫وحداث محلية جديدة‪,‬حيث منحت صفة بلدية إلى ‪ 16‬مدينة صارت تتمتع‬
‫بالشخصية المعنوية و الميزانية المستقلة‪ .‬عموما فسياسة سلطات الحماية أنذاك‬
‫كانت تحاول إبعاد المغاربة من تسيير شؤونهم بأنفسهم ضمانا لمصالحها‬
‫اإلستعمارية‪.‬‬
‫و بعد حصول المغرب على اإلستقالل عرف المغرب قفزات نوعية إلعادة تنظيم‬
‫السلطة المركزية و الالمركزية و تكييفها مع المتطلبات و التحديات اإلقتصادية و‬
‫اإلجتماعية و تطور المجتمع و حاجات المواطنين‪ .7‬و يمكن تقسيم هذه‬
‫المرحلة إلى مرحلة ما قبل ظهير ‪ 30‬شتنبر ‪ 1976‬و مرحلة ما بعده‪.‬‬
‫في مرحلة ما قبل ظهير ‪ 30‬شتنبر ‪ 1976‬شرعت الدولة أنذاك في إقامة قواعد‬
‫جديدة لالمركزية أساسها الدمقراطية الحقة تبدأ من أسفل الهرم اإلجتماعي و‬
‫السياسي للوصول إلى قمته‪ ,‬فأنشأت مجالس جماعية و إقليمية و برلمانية و كان‬
‫البلد في تلك األثناء مقسما إلى حضيرتين مستقلتين الرباط و الدارالبيضاء إضافة‬
‫إلى ‪ 13‬منطقة أخرى هي‬
‫مكناس‪,‬فاس‪,‬تازة‪,‬وجدة‪,‬أكادير‪,‬أسفي‪,‬الجديدة‪,‬بني مالل‪,‬مراكش‪,‬‬
‫ورزازات‪,‬تافياللت‪,‬الشاوية‪,‬على رأسها عمال و باشاوات على المدن‪.8‬‬
‫في ‪ 1959‬تم وضع قانون اإلنتخابات الجماعية الذي اعتبر خطوة مهمة في إطار‬
‫المسلسل الدمقراطي الذي يرمي إلى تهذيب المواطن سياسيا و يؤهله للمشاركة‬
‫في تسيير شؤونه المحلية و تأسيس جماعته المحلية‪.9‬‬
‫هكذا كان ظهير ‪ 23‬يونيو ‪ 1960‬الذي حدد إختصاصات المجلس الجماعي‬
‫المنتخب و السلطة المحلية و إستمر العمل بمقتضيات هذا الظهير طيلة السنوات‬
‫ ‬
‫ ‪ 7‬ﻣﻨﺠﺰات و أھﺪاف‪ ،‬ﻣﻄﺒﻮع وزارة اﻷﻧﺒﺎء و اﻟﺴﯿﺎﺣﺔ‪ ،1958 ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪8‬‬
‫ ‪ JULIEN : « Le Maroc face aux Imperialismes 1914-1956 » Paris, 1978, p :380.‬‬
‫‪9‬‬
‫ ‪ Julien : op.cit, p 474.‬‬
‫التي تلت دون تغيير‪ ,‬حيث حقق هدا الظهير مستوى من التعايش التدريجي مع‬
‫المؤسسة الجماعية‪ ,‬إلى أن إتضح التفاوت الشاسع بين الجماعات الحضرية و‬
‫القروية على مستوى المؤهالت التأطيرية و التقنية و اإلدارية على مستوى التجهيز‬
‫األساسي‪.10‬لذلك كانت فترة السبعينيات بداية البحث عن الوسائل القانونية‬
‫القادرة على جعل الجماعات المحلية"أنذاك" أداة فاعلة في التنمية و التغيير‪.‬‬
‫أما في مرحلة ما بعد ظهير ‪ 30‬شتنبر ‪ ,1976‬فهذا اإلصالح عد بحق أهم محطة‬
‫في تاريخ الالمركزية بالمغرب‪ ,‬حيث ساهم في إنفراج المناخ السياسي‪ .‬كما‬
‫اعتبر نقلة نوعية و كمية على مستوى صالحيات المجالس المنتخبة‪ ,‬حيث‬
‫أصبح بإمكان الجماعات المحلية تحديد حاجياتها و تلبيتها وفق مخطط التنمية‬
‫اإلقتصادية المنصوص عليه في المادة ‪ 30‬من الظهير‪.‬‬
‫كما أن الظهير أعطى مجموعة من اإلمتيازات األخرى للجماعات الترابية‪,‬‬
‫كإقرار نظام جديد للجبايات المحلية‪ ,‬إعادة هيكلة صندوق التجهيز الجماعي‪,‬‬
‫دعم النظام الجماعي بالجهوية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تطور الالمركزية بالمغرب مند سنة ‪ 1976‬إلى غاية سنة ‪.2011‬‬

‫رغم أن الخطاب الرسمي ظل يعترف بأهمية إدخال االعتبارات االقتصادية‬


‫واالجتماعية والثقافية في مهام الجماعات المحلية ـ الترابية حالياً ـ خاصة بعد‬
‫ظهير ‪ 30‬شتنبر ‪ ,1976‬فإن النصوص القانونية '' لم تتغير كثيراً لتتكيف مع‬
‫الوضع القائم‪ ,‬بالمقارنة مع ما كان عليه األمر في الماضي‪ ,‬إذ ظلت الجماعات‬
‫المحلية‪ ,‬اإلطار اإلداري للتنمية بدل أن تكون البنية األساسية للتنمية‪'' ,‬‬
‫وللخروج من هذه الدائرة البد من '' توسيع دور الجماعات المحلية لخلق‬

‫ ‬
‫‪10‬‬
‫ ‪ Le Vrault : « le fellah Marocain Défenseur du Trône » Paris, 1974, p :5-9.‬‬
‫ظروف موضوعية للتنمية الجهوية المتوازنة '' خاصة على المستوى‬
‫االقتصادي‪11.‬‬
‫وفي سياق تطوير اختصاصات الجماعات المحلية عرف المغرب تنظيم سبع‬
‫مناظرات وطنية للجماعات المحلية‪ :‬الرباط ‪ ,1977‬مراكش ‪ ,1980‬مكناس‬
‫‪ ,1986‬الدار البيضاء ‪ ,1989‬الرباط ‪ ,1990‬تطوان ‪ ,1994‬الدار البيضاء‬
‫‪ 1998‬لتنظيم العالقة بين الدولة والجماعات المحلية‪.‬‬

‫وفي بداية تسعينات القرن الماضي‪ ,‬يجب التذكير بحدثين بارزين ويتعلق األمر‬
‫بإعادة النظر في التقسيم اإلداري للمملكة سنة ‪ ,1992‬الذي سمح بإحداث‬
‫‪ 668‬جماعة جديدة واالرتقاء بالجهة إلى درجة جماعة محلية وذلك بموجب‬
‫الدستور المعدل لسنة ‪.1996‬‬
‫واستمراراً لمسلسل تطور نظامي الالمركزية الترابية وعدم التركيز اإلداري‬
‫وإعماال للتوصيات المتراكمة عن المناظرات الوطنية السبع‪ ,‬حاول المشرع‬
‫الميثاق الجماعي لسنة ‪ ,122002‬وعموماً ارتكز الميثاق في محاولته إصالح‬
‫وتأهيل العمل الجماعي على المحاور التالية‪:‬‬
‫‪Ø‬تدقيق وتوسيع اختصاصات المجالس الجماعية ورؤسائها;‬
‫‪Ø‬إقرار نظام لحقوق وواجبات المنتخب الجماعي;‬
‫‪Ø‬إلغاء نظام المجموعة الحضرية وإقرار وحدة المدينة;‬
‫‪Ø‬مراجعة النظام القانوني الخاص بمكتب المجلس;‬
‫‪Ø‬مراجعة وتحديث قواعد الوصاية;‬
‫‪Ø‬تخليق المرافق العام المحلي;‬
‫ ‬
‫ ‪ -‬اﻟﻼﻣﺮﻛﺰﯾﺔ ‪ :‬ﻣﻦ اﻟﺘﺴﯿﯿﺮ اﻹداري إﻟﻰ ﺗﺪﺑﯿﺮ اﻟﺘﻨﻤﯿﺔ‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص ‪.349‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪.3468‬‬ ‫ ‪ -12‬ظﮭﯿﺮ ﺷﺮﯾﻒ رﻗﻢ ‪ ،1.02.297‬اﻟﺠﺮﯾﺪة اﻟﺮﺳﻤﯿﺔ ﻋﺪد ‪ 5058‬ﺑﺘﺎرﯾﺦ ‪ 2002/11/21‬اﻟﺼﻔﺤﺔ‬


‫‪Ø‬تبسيط قواعد تسيير المجلس الجماعي;‬
‫‪Ø‬تطوير اَليات التعاون والشراكة‪.‬‬

‫وعليه فقد أرسى الميثاق الجديد دعائم ممارسة سليمة للعمل الجماعي عند‬
‫تحديده لالختصاصات الذاتية للمجلس الجماعي‪ ,‬ونصه على أخرى قابلة‬
‫للنقل وثالثة استشارية‪ .‬كما قدم عدة ضمانات للرفع من مردودية األداء‬
‫الجماعي‪ ,‬وترسيم حدود اختصاص الرئيس خصوصاً في مجاالت الشرطة‬
‫اإلدارية وتمثيل الجماعة امام القضاء‪ ,‬إضافة إلى إقرار نظام خاص بالمنتخب‬
‫يوسع حقوقه ويضبط واجباته بهدف تخليق المرفق العمومي المحلي‪13.‬‬
‫كما قام الميثاق بالتخفيف من الوصاية عبر التقليص من المواد الخاضعة‬
‫للمصادفة القبلية وإحالل الرقابة المقربة محل الوصاية المركزية بإسنادها للوالة‬
‫والعمال‪ ,‬مع تخفيض اَجال المصادقة والتأشيرة على مداوالت المجالس‬
‫وقرارات الرؤساء‪ ,‬إضافة إلى تعميم قاعدة تعليل القرارات الوصائية‪ .‬ولتبسيط‬
‫قواعد التسيير‪ ,‬تمت مراجعة نظام الدورات وإعداد جدول األعمال والنصاب‬
‫القانوني وطريقة التصويت على المداوالت ومسطرة تعيين الكاتب ومقرر‬
‫الميزانية‪.‬‬
‫وقد أضحت مالية الجماعات الترابية مع الميثاق الجماعي لسنة ‪ 2002‬أكثر قوة‬
‫وعصرنة‪ ,‬فقد حاول ـ الميثاق ـ تعزيز الدور االقتصادي واالجتماعي للجماعة‬
‫عبر الرفع من دورها في إنعاش التنمية وخلق الثروات وإحداث مناصب شغل‬
‫وتهيئة التراب‪ ,‬حيث تم تمتيع ميزانيات الجماعات الترابية بنظام التبويب‬

‫ ‬
‫ ‪ -‬ﻣﻮﻻي ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺒﻮﻋﺰاوي‪ ،‬ﺗﺤﺪﯾﺚ اﻹدارة اﻟﺘﺮاﺑﯿﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب ﻧﺤﻮ ﺗﺮﺳﯿﺦ اﻟﺪﯾﻤﻮﻗﺮاطﯿﺔ وﻛﺴﺐ رھﺎن اﻟﺘﻨﻤﯿﺔ‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮرات ﻣﺠﻠﺔ‬ ‫‪13‬‬

‫اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﯿﺔ‪ ،‬ﺳﻠﺴﻠﺔ اﻟﺒﺤﺚ اﻷﻛﺎدﯾﻤﻲ‪ ،‬اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬ص‪.41-40:‬‬


‫ووضع التقديرات المالية وتحديد االختيارات القابلة للتحقيق وفق ما تسمح به‬
‫االمكانيات الذاتية بالنسبة للمداخيل وما تمليه الحاجيات بالنسبة للنفقات‪.‬‬
‫كما أصبح الحساب اإلداري بمثابة الحساب الختامي تسطر فيه جميع العمليات‬
‫المالية والمحاسبية التي اضطلع بها االَمر بالصرف في إطار تنفيد الميزانية‪,‬‬
‫والحصيلة النهائية لتنفيذ التقديرات المالية المقررة إما من خالل إثبات عجر‬
‫مالي صافي أو إقرار فائص مالي حقيقي‪ ,‬مما يمكن المجلس بصفته الجهاز‬
‫التداولي من بلورة رؤية شاملة حول الوضع الصحي لمالية الجماعة ومسارها‬
‫االقتصادي‪14.‬‬

‫كما أن الممارسة من خالل الميثاق الجماعي لسنة ‪ ,2002‬أبانت عن فشلها‬


‫كذلك في العديد من األمور التي سنذكرها على سبيل االستئناس‪ ,‬مثل; عدم‬
‫ارتكاز التقسيم الجماعي على معايير موضوعية‪ ,‬وعدم تنظيم المالية المحلية‬
‫من تنظيم للممتلكات الجماعية ونظام الجبايات‪ ,‬وغياب االحترافية في إعداد‬
‫الميزانيات المحلية‪...‬‬
‫وعلى اثر التوجهات الكبرى التي جاء بها الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح‬
‫الملتقى الوطني األول للجماعات المحلية بأكادير‪ ,‬يوم ‪ 12‬دجنبر ‪,2006‬‬
‫التي تهم باألساس تحديد االجراءات الضرورية بترسيخ المكتسبات وفي‬
‫الوقت نفسه القيام بالتعديالت الضرورية من أجل إعطاء مزيد من الفعالية لنظام‬
‫الحكامة المحلية ببالدنا‪.‬‬

‫ ‬
‫ ‪ -14‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.55 :‬‬
‫صدر على عقب ذلك سنة ‪ 2009‬تعديل للميثاق الجماعي لسنة ‪ ,2002‬عبر‬
‫صدور القانون رقم ‪ 1517.08‬والذي جاء بالعديد من المستجدات التي تهم‬
‫باألساس ترسيخ قيم الحكامة والفعالية عبر دعم دور المنتخب المحلي‬
‫واإلدارة الجماعية وتعزيز آليات التعاون والشراكة وهي‪:‬‬

‫‪ (1‬دعم الجهاز التنفيذي للجماعة‪ ,‬وذلك من خالل اعتماد نظام جديد‬


‫النتخاب رئيس المجلس‪ ,‬بشكل يسمح له بالتوفر على أغلبية قوية تؤدي إلى‬
‫استقرار فعلي في عمل المؤسسات الجماعية‪ ,‬ويتميز هذا النظام أساسا بتنظيم‬
‫دور ثاني النتخاب الرئيس‪ ,‬يترشح خالله المترشحون المصنفون في المرتبة‬
‫األولى والثانية بحسب عدد األصوات المحصل عليها في الدور األول‪,‬‬
‫والهدف من إقرار هذا الدور هو البحث عن تكتالت تسمح بانتخاب الرئيس‬
‫باألغلبية المطلقة لألعضاء المزاولين مهامهم‪ .‬وفي حالة عدم حصول أي‬
‫مترشح على هذه األغلبية المطلقة ينتخب الرئيس في الدور الثالث باألغلبية‬
‫النسبية‪.‬‬

‫‪ (2‬توضيح كيفيات تفويض السلطات من رئيس المجلس إلى نوابه‪ ,‬وذلك‬


‫بإقرار مبدأ التخصص‪ ,‬والذي على أساسه ال يمكن لرئيس المجلس أن يفوض‬
‫ألكثر من نائب في نفس القطاع‪ .‬هذا اإلجراء يسمح بتحديد المسؤوليات‬
‫بشكل واضح‪ ,‬سواء تجاه المنتخبين أو المواطنين‪ ) .‬المادة ‪( 55‬‬

‫‪ (3‬دعم وتقوية أدوار اللجان الدائمة للمجلس وذلك من خالل‪) :‬المادة ‪( 14‬‬

‫ ‬
‫ ‪ -15‬اﻟﺠﺮﯾﺪة اﻟﺮﺳﻤﯿﺔ ﻋﺪد ‪ ،536‬ﻋﺪد ‪ 5711‬ﺑﺘﺎرﯾﺦ ‪ 23‬ﻓﺒﺮاﯾﺮ ‪.2009‬‬
‫‪ -‬تمكين رئيس اللجنة من التسجيل التلقائي في جدول أعمال دورات‬
‫المجلس‪ ,‬لنقطة تتعلق بتقديم عرض حول المهام المنوطة باللجنة‪ ,‬أمام‬
‫المجلس الجماعي في إطار جلسة عمومية‪.‬‬
‫‪ -‬إضافة لجنة دائمة رابعة للجان الدائمة الحالية‪ ,‬تخص المرافق العمومية‬
‫المحلية‪ ,‬بالنسبة للجماعات التي يزيد عدد سكانها عن ‪ 100.000‬نسمة‪.‬‬
‫‪ -‬تمكين رؤساء اللجان الدائمة من تعويضات على غرار النظام المطبق‬
‫بخصوص تعويضات أعضاء مكتب المجلس الجماعي‪.‬‬

‫‪ (4‬تضمين التعديل لمقتضيات تولي أهمية كبرى للتخطيط االستراتيجي كأداة‬


‫فعالة للنهوض بالتنمية المحلية‪ .‬ويمتد هذا المخطط التنموي على مدى ست‬
‫سنوات ويتم تحيينه ثالث سنوات من دخلوه حيز التنفيذ‪ ) .‬المادة ‪( 36‬‬

‫‪ (5‬إعطاء الصالحية لرئيس المجلس‪ ,‬للقيام بالتحويل من فصل إلى فصل‬


‫لإلعتمادات المدرجة‪ ,‬بالميزانية‪ ,‬وبذلك تصبح التحويالت وحدها من باب‬
‫إلى باب خاضعة لمداوالت المجلس‪ .‬إن هذا اإلجراء‪ ,‬يهدف إلى تكريس مبدأ‬
‫شمولية االعتمادات‪ ,‬ويمنح لآلمر بالصرف مرونة أكبر في تنفيذ الميزانية‪,‬‬
‫ومطابقتها للحاجيات الخاصة والمستعجلة للتدبير الجماعي‪.‬‬

‫‪ (6‬تبسيط المساطر حتى تتاح إمكانية برمجة الفائض المالي في حالة التصويت‬
‫بالرفض على الحساب اإلداري‪ ,‬وذلك باالعتماد على برمجة حساب التسيير‬
‫الخاص بالقابض‪ ,‬في انتظار قرار المجلس الجهوي للحسابات‪ ,‬ويهدف هذا‬
‫اإلجراء إلى تجاوز حاالت الشلل التي تطال سير عدد متزايد من المجالس‬
‫المحلية‪.‬‬
‫‪ (7‬تمكين أعوان وموظفي الدولة والمؤسسات العمومية المنتخبين رؤساء‬
‫للجماعات الحضرية والقروية أو رؤساء لهيآتها‪ ,‬وذلك بطلب منهم حق التفرغ‬
‫التام لممارسة مهامهم‪ ,‬مع احتفاظهم بوضعيتهم النظامية داخل اإلدارات‬
‫التابعين لها‪.‬‬

‫تقوية أدوات الشراكة ما بين الجماعات المحلية وشركائها في القطاع العام‪,‬‬


‫وذلك من خالل تحديد الشروط المتعلقة بالموارد الواجب وضعها‪ ,‬في إطار‬
‫اتفاقية‪ ,‬للقيام بالمشاريع ذات المنفعة المشتركة‪ .‬ويسمح هذا اإلجراء بوضع‬
‫اإلطار القانوني الالزم لتعزيز التعاون بين الجماعات وفاعلي القطاع العام‪ .‬هذا‬
‫التعاون الذي أصبح يعرف تطورا ملحوظا نتيجة الوتيرة المتزايدة التي تعرفها‬
‫األوراش الكبرى للتنمية ببالدنا‪.‬‬

‫ولم يقتصر التعديل فقط على الميثاق الجماعي لسنة ‪ ,2009‬بل شمل أيضاً‬
‫صدور القانون ‪ 45.0816‬المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية‬
‫ومجموعاتها‪ ,‬وقد جاءت مقتضياته عصرية وتفتح اَفاقاً جديدة أمام التدبير‬
‫المالي الجماعي بعد أن أزالت عدة عقبات‪:‬‬
‫تخفيف الوصاية عن طريق حصر األعمال الخاضعة للمصادقة القبلية‪ ,‬وتحديد‬
‫مجاالتها‪ ,‬وإلغاء الوصاية القبلية التي كانت تمارسها وزارة المالية‪.‬‬
‫جعل القواعد والمساطر المتعلقة بالميزانية أكثر مرونة‪ ,‬لتكريس استقاللية‬
‫المجالس ومسؤولية اآلمرين بالصرف والسماح بتعديل الميزانية خالل السنة‬
‫ ‬
‫ ‪ -16‬اﻟﻈﮭﯿﺮ اﻟﺸﺮﯾﻒ رﻗﻢ ‪ 09-02‬اﻟﺼﺎدر ﻓﻲ ‪ 22‬ﺻﻔﺮ ‪ 18 ) 1430‬ﻓﺒﺮاﯾﺮ ‪ ( 2009‬ﺑﺘﻨﻔﯿﺬ اﻟﻘﺎﻧﻮن رﻗﻢ ‪ 45.08‬اﻟﻤﺘﻌﻠﻖ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﻨﻈﯿﻢ اﻟﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ وﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺗﮭﺎ‪ ،‬اﻟﺠﺮﯾﺪة اﻟﺮﺳﻤﯿﺔ ﻋﺪد ‪.5711‬‬
‫عقلنه تدبير المالية المحلية والتي تنفذ عن طريق‪:‬‬
‫تشجيع إنجاز برامج متعددة السنوات تندرج في إطار المخطط الجماعي‬
‫للتنمية‪.‬‬
‫وضع مساطر وميكانزمات لتسوية الحاالت الناجمة عن عدم المصادقة أو‬
‫رفض الحساب اإلداري‪.‬‬
‫ضبط عمليات اإلعداد‪ ,‬والتصويت والموافقة على الميزانية بشكل يضمن‬
‫تنفيذها في بداية السنة المالية‪.‬‬
‫وأخيرا وضع إطار للمراقبة ومحاسبة الجماعات المحلية‪17.‬‬
‫وعلى مستوى العماالت واألقاليم ولكي تصبح في نفس مرتبة الجماعات فقد‬
‫بادر المشرع إلى إصدار قانون جديد رقم ‪ 79.0018‬يهدف إلى جعل العماالت‬
‫واألقاليم بالفعل مؤسسة وسيطة بين الدولة والمواطنين وفضاء مهما لتطبيق‬
‫آليات الحكامة وأن هذه المؤسسة تحتضن مؤسسة أخرى قائمة بذاتها وهي‬
‫الوالي أو العامل الذي يتوفر على وظائف رائدة في ميدان التنمية المحلية‪19.‬‬
‫أما من حيث االختصاصات المتاحة لمجالس العماالت و األقاليم ‪ ,‬فالقانون‬
‫‪ 79.00‬جاءت مواده المنظمة الختصاصات مجالس العماالت و األقاليم أكتر‬
‫تفصيال و وضوحا من الظهير ‪ 1963‬حيت تم تدعيم الدور الذي تلعبه العمالة أو‬
‫اإلقليم في إنعاش التنمية القروية ودعم برامج التجهيز بالجماعات القروية‬
‫وإنعاش التضامن بين الجماعات المكونة للعمالة أو اإلقليم و تقليص الفوارق‬
‫التنموية بينهما‪ ,‬فضال عن تقوية الدور الموكول لهذه الجماعة الترابية في ميدان‬
‫العمل االجتماعي والثقافي وإنعاش التضامن لفائدة المناطق أو الفئات‬
‫ ‬
‫ ‪ -17‬أﻧﻈﺮ ﻣﻮﻗﻊ ﺑﻮاﺑﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺘﺮاﺑﯿﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب‪http://www.pncl.gov.ma/ :‬‬
‫ ‪ -18‬اﻟﺠﺮﯾﺪة اﻟﺮﺳﻤﯿﺔ ﻋﺪد ‪ 5058‬ﺑﺘﺎرﯾﺦ ‪ 2002/11/21‬اﻟﺼﻔﺤﺔ ‪ .3490‬‬
‫‪ -19‬اﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﻗﺮﯾﺸﻲ‪ :‬اﻟﺘﺪﺑﯿﺮ اﻟﻤﺤﻠﻲ واﻟﺤﻜﺎﻣﺔ اﻟﺘﺮاﺑﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﺿﻮء اﻟﻘﻮاﻧﯿﻦ اﻟﺘﻨﻈﯿﻤﯿﺔ اﻟﺠﺪﯾﺪة‪ ،‬ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﯿﺔ‪ ،‬ﺳﻠﺴﻠﺔ‬
‫اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺪﺳﺘﻮرﯾﺔ واﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ‪ ،‬اﻟﻌﺪد اﻟﺮاﺑﻊ‪ ،2015 ،‬ص‪.249:‬‬
‫المحرومة ‪ ,...‬كل هاته االختصاصات تصب في قالب واحد وهو التنمية‪,‬‬
‫وذلك عن طريق حكامة ترابية تتوخى التدبير الجيد للشؤون اإلقليمية بشكل‬
‫فعال يخلق الثورة ويساهم في حل مختلف اإلشكاليات االجتماعية‪.‬‬
‫فبعد أن أصبح تنظيم العماالت واألقاليم أحد العوامل الحاسمة لتحقيق التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪ ,‬في إطار مواجهة التحوالت العميقة التي يعرفها تدبير‬
‫الشأن المحلي‪ ,‬وإلرساء سياسة جديدة للتدبير‪ ,‬تم منح اختصاصات مهمة و‬
‫مفصلة شيئا ما لمجالس العماالت و األقاليم ‪.‬‬
‫أ ‪ -‬فالبنسبة " لالختصاصات الذاتية " والتي نصت عليها مقتضيات المادة ‪ 36‬من‬
‫القانون ‪ 79.00‬فإن المجلس يتكلف بالشؤون المتعلقة بالتنمية االقتصادية أو‬
‫االجتماعية المتعلقة بالعمالة أو اإلقليم وكذلك برامج التجهيز والتنمية إضافة‬
‫إلى األعمال المتعلقة بالبث في إحداث مقاوالت وشركات االقتصاد المختلط‪,‬‬
‫ذات الفائدة للعمالة أو اإلقليم أو المساهمة فيها‪ ,‬إضافة إلى كل األعمال‬
‫الخاصة بإنعاش التشغيل طبقا للتوجهات واألهداف الوطنية‪.‬‬
‫ويتكلف مجلس العمالة أو اإلقليم بإبرام اتفاقيات التعاون أو الشراكة مع‬
‫اإلدارات العمومية أو الجماعات المحلية والهيئات العمومية أو الخاصة‪,‬‬
‫والفاعلين االجتماعيين‪ ,‬وكذلك توقيع اتفاقيات التوأمة و التعاون الالمركزي و‬
‫االنخراط والمشاركة في أنشطة المنظمات المهتمة بالشؤون المحلية‪ ,‬و كل‬
‫أشكال التبادل مع الجماعات الترابية األجنبية‪.‬‬
‫أما فيما يخص باقي "اختصاصات مجلس العمالة أو اإلقليم" فيتعلق جزء منها‬
‫بالشؤون المالية وأمالك العمالة أو اإلقليم‪ ,‬بحيث يتكلف المجلس بدراسة‬
‫الميزانية والحساب اإلداري‪ ,‬وكذلك فتح حسابات خصوصية وإعتمادات‬
‫جديدة‪ ,‬رفع مبالغ االعتمادات وتحويلها من فصل إلى فصل‪ ,‬و تحديد سعر‬
‫الرسوم و تعرفة الواجبات ومختلف الحقوق التي تقبض لفائدة العمالة أو‬
‫اإلقليم‪ ,‬إضافة إلى التقرير في االقتراضات والضمانات‪ ,‬والمحافظة على‬
‫ممتلكات العمالة أو اإلقليم‪ ,‬وتأهيلها و صيانتها‪ ,‬واالقتناءات والتفويتات‬
‫والمعاوضات واإلكتراءات و كل المعامالت المتعلقة بالملك الخاص التابع‬
‫للعمالة أو اإلقليم‪ ,‬واالحتالل المؤقت للملك العمومي ‪.‬‬
‫أما "االختصاصات المتعلقة بالمرافق العمومية والتجهيزات العمومية" فإن‬
‫مجلس العمالة أو اإلقليم يتكلف بإحداث المرافق العمومية و تحديد طرق‬
‫تدبيرها ‪ ,‬و كذلك إنجاز و صيانة الطرق التابعة للعمالة أو اإلقليم‪ ,‬والبث في‬
‫إحداث المرفق العمومي للنقل بين الجماعات و تحديد طرق تدبيره‪.‬‬
‫أما "االختصاصات المتعلقة بالشؤون االجتماعية و الثقافية و التعمير و البيئة "‪,‬‬
‫فإن المجلس مكلف بإنجاز برامج اإلسكان أو إعادة هيكلة النسيج الحضري‪,‬‬
‫والسكن غير الالئق بالوسط الحضري والقروي‪ ,‬ويقوم أيضا بالمحافظة على‬
‫المواقع الطبيعية والتراث التاريخي و الثقافي والفني‪ ,‬إضافة إلى إنعاش الرياضة‬
‫وكل أعمال التضامن االجتماعي أو ذو طابع إنساني‪ ,‬كما يهتم أيضا بالسهر‬
‫على حماية شؤون البيئة ‪.‬‬
‫وبصفة عامة يمكن القول أن القانون ‪ 79.00‬قد حاول إخراج العماالت‬
‫واألقاليم من جمودها اإلداري ومحدوديتها التنموية‪ ,‬وحاول أن يفتح لها اَفاقاً‬
‫واعدة على صعيد التدبير االقتصادي‪ .‬لكن ذلك لم يتحقق‪ ,‬إذ لم يتم إرفاقه‬
‫بوسائل مالية وطاقات بشرية من شأنها أن تترجم طموحاتها واستراتيجيتها إلى‬
‫أرض الواقع وأن تكون بالفعل جماعة وسطية بين الدولة والمواطنين‪20.‬‬
‫ولكن في سياق كل هذه اإلصالحات والمستجدات والتي اقترنت في مقارباتها‬
‫األخيرة بالحكامة الترابية التي أشارت إليها التوجهات الملكية‪ ,‬أبان كل ذلك‬

‫ ‬
‫ ‪ -20‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.250 :‬‬
‫عن فشلها وسنعرض من خالل المطلب الثاني من هذا المبحث; األسباب التي‬
‫أدت إلى هذا الفشل‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أسباب فشل الالمركزية الكالسيكية‬

‫وجدت الالمركزية الكالسيكية نفسها أمام مجموعة من التحديات‪ ,21‬وهذا ما‬


‫سبب في اصطدام هذه األخيرة مع تزايد حاجات السكان األساسية وتوفير‬
‫الخدمات الضرورية التي لم تعد خدمات روتينية عادية‪ ,‬بل أصبح من‬
‫الضروري توفير الماء والكهرباء والطرق والمستشفيات والمدارس‪ ,‬وأيضا‬
‫توفير مناصب الشغل والمشاريع االقتصادية‪.‬‬
‫وعدم انسجام هياكل الجماعات المحلية ‪ -‬الترابية ‪ -‬ووسائلها مع هذه‬
‫التحوالت سيلقي بها في أزمة بنيوية أصبحت تهدد وجودها‪ ,‬إذن ماهي العوامل‬
‫األساسية التي أبانت عن فشل المقاربة الكالسيكية للجماعات الترابية بالمغرب‬
‫في تدبير شؤنها? وهل يمكن اعتبار فشل هذه المقاربة هي السبب الرئيسي في‬
‫تبني مرحلة جديدة من الالمركزية بالمغرب مع دستور ‪?1992‬‬
‫ولإلجابة عن هذه األسئلة الفرعية سنحيط علما في هذا المطلب باألسباب‬
‫الرئيسية التي أدت لفشل المقاربة الكالسيكية لالمركزية بالمغرب عبر العناصر‬
‫التالية‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الجماعات الترابية الكالسيكية إطار للتسيير اإلداري;‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ضعف أداء النخب المحلية;‬
‫ ‬
‫ ‪ -21‬ﻣﻦ أﺑﺮز ھﺬه اﻟﺘﺤﺪﯾﺎت ﻧﺠﺪ‪:‬‬
‫‪ -‬ﺑﺮوز اﻟﺜﻮرة اﻟﺤﻀﺮﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬ﻋﻮاﻣﻞ اﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬ضعف الموارد المالية للجماعات الترابية مقابل توسيع‬
‫االختصاصات;‬

‫الفرع األول‪ :‬الجماعات الترابية الكالسيكية إطار للتسيير اإلداري‬

‫إن هيكلة الجماعات الترابية الذي عملت به لمدة طويلة‪ ,‬تظهر أن هذه األخيرة‬
‫ال زالت مهامها تنصب حول تأطير سياسي وإداري للسكان‪ ,‬في حين ظلت‬
‫السلطة المركزية وممثلوها تمارس االختصاصات الجوهرية وتستحوذ على‬
‫الوسائل الكفيلة بخلق تنمية حقيقة في التصور والعمل‪ ,‬فالهياكل الكالسيكية‬
‫وجدت أصال لتأمين وظائف الحكم وتأطير السكان‪ ,‬وغير قابلة للقيام بالمهام‬
‫الجديدة في التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ,22‬فهي من حيث أهدافها المعلنة‬
‫جماعة ترابية تدخل في نطاق الالمركزية‪ ,‬لكن من حيث وظائفها تعتبر مؤسسة‬
‫أو مقاطعة إدارية تابعة للدولة‪ ,‬خاصة على مستوى الجماعات القروية‪ ,‬حيث‬
‫تبقى دائرة ذات طابع إداري وسياسي‪ ,‬إذ لم تكتسب بعد بعدا اجتماعيا‬
‫كجماعة ترابية‪.‬‬
‫إن إطاللة سريعة على التشريعات الخاصة بالجماعات الترابية‪ ,‬يظهر لنا بجالء‬
‫أنه لم تكن لدى واضعي ميثاق ‪ 1960‬رؤية واضحة واستراتيجية متكاملة للدور‬
‫التنموي الذي يمكن أن تلعبه الجماعات الترابية‪ ,‬وحتى إذ تعمقنا مع ظهير‬
‫‪ 1976‬نجده الزال حبيس اعتبارات لم تستطع معها الجماعات الترابية أن‬
‫تتخلص من اإلطار اإلداري الضيق‪.‬‬
‫ ‬
‫ ‪ -22‬ﻋﺰﯾﺰي ﻣﻔﺘﺎح‪ ،‬أطﺮوﺣﺔ ﻟﻨﯿﻞ اﻟﺪﻛﺘﻮراه ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻌﺎم‪" ،‬اﻟﻼﻣﺮﻛﺰﯾﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺴﯿﯿﺮ اﻹداري إﻟﻰ ﺗﺪﺑﯿﺮ اﻟﺘﻨﻤﯿﺔ"‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ‬
‫ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺨﺎﻣﺲ‪ ،‬ﻛﻠﯿﺔ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﯿﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ‪ -‬أﻛﺪال‪ ،‬اﻟﺮﺑﺎط – اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﯿﺔ ‪ ،2001-2000‬ص‪.130‬‬
‫ومن خالل قراءة أفقية للنصوص القانونية التي تأطر عمل لجماعات الترابية‬
‫بالمغرب في فترة ممتدة من ‪ 1960‬إلى حدود سنة ‪ 2010‬يمكن استخالص‬
‫نتيجتين‪:23‬‬
‫هجانة البنيات وروتينية وظائف الجماعات الترابية‪ ,‬عملت السلطات العمومية‬
‫غداة االستقالل على إبقاء النموذج االستعماري في التسيير اإلداري العام‪ ,‬مع‬
‫بعض اإلصالحات الطفيفة المستوحاة من التجربة الفرنسية‪ ,‬وهي إصالحات ال‬
‫تتماشى مع الخصوصيات الوطنية‪ ,‬الشيء الذي جعل هذه النماذج المستوردة‬
‫غير مالئمة للواقع السياسي واالجتماعي واإلداري المغربي‪.‬‬
‫ولذلك فالجماعات الترابية بالمغرب التي كانت من المفروض أن تشكل البنية‬
‫األساسية لتأطير مختلف األنشطة الالمركزية‪ ,‬لم تستطيع أن تقوم بهذا الدور‬
‫التنموي‪ ,‬نظرا لهجانة بنياتها وهيمنة البعد اإلداري في المؤسسة والناتج أساسا‬
‫عن تأثر الواضح لدى واضعي ميثاق ‪ 1960‬بقانون ‪ 1884‬الفرنسي‪.24‬‬
‫الواقع أن المسألة الجماعية بالمغرب لم تكتسب أبعادها الحقيقية وتكرس‬
‫واقعها العملي‪ ,‬إال بعد ‪ 1976‬في المجال الحضري على األقل‪ ,‬ولذلك فإن‬
‫أهم العيوب التي ال زالت تطبع النصوص المنظمة للجماعات الترابية هي أنها ال‬
‫تطرح أهمية التباينات القائمة بين الجماعات الترابية وخاصة بين القروية‬
‫والحضرية إذ ظلت النصوص تتكلم عن نفس االختصاصات ونفس الموارد ‪,‬‬
‫وبالتالي ظلت بنية الجماعات القروية رهينة لمثالية المشرع المغربي دون أن‬
‫تستفيد من أي تطور عملي قصد التقليص الفرق الهائل بينها وبين مجموعة من‬
‫الجماعات على المستوى الحضري‪.‬‬
‫ ‬
‫ ‪ -23‬أﺣﻤﺪ ﺑﺮداري‪ ،‬أطﺮوﺣﺔ ﻟﻨﯿﻞ اﻟﺪﻛﺘﻮراه ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻌﺎم‪ " ،‬اﻷﺑﻌﺎد اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻟﻨﻈﺎم اﻟﺠﮭﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب"‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ‬
‫ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺨﺎﻣﺲ‪ ،‬ﻛﻠﯿﺔ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﯿﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ‪ -‬أﻛﺪال‪ ،‬اﻟﺮﺑﺎط – اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﯿﺔ ‪ ،2001-2000‬ص ‪ .82‬‬
‫ ‪ -24‬ﻋﺰﯾﺰي ﻣﻔﺘﺎح‪ ،‬أطﺮوﺣﺔ ﻟﻨﯿﻞ اﻟﺪﻛﺘﻮراه ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻌﺎم‪" ،‬اﻟﻼﻣﺮﻛﺰﯾﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺴﯿﯿﺮ اﻹداري إﻟﻰ ﺗﺪﺑﯿﺮ اﻟﺘﻨﻤﯿﺔ"‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ‬
‫ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص ‪.134‬‬
‫أما بالنسبة للعماالت واألقاليم‪ ,‬فالتنظيم اإلقليمي جعل من العامل الجهاز‬
‫المنفذ لمقرارات المجلس‪ ,‬وصاحب السلطة األولى في اإلقليم‪.‬‬
‫إن التأمل في االختصاصات التي منحت للعماالت واألقاليم يتضح لنا بجالء أن‬
‫هذه األخيرة ظلت تعاني من مجموعة من اإلكراهات حالت دون القيام هذه‬
‫األخيرة بوظائفها من قبيل‪ ,‬هيمنة العامل على سائر الحياة االقتصادية‪ ,‬مما‬
‫يجعل منه الرئيس الفعلي في حين تبقى وظيفة المجالس التداولية اإلقليمية‬
‫شكلية‪.25‬‬
‫ضعف السلطات االقتصادية للجماعات الترابية‪ ,‬لقد تم إحداث الجماعات‬
‫الترابية في المغرب ما بعد االستعمار بهدف خلق ال مركزية إدارية وليست‬
‫اقتصادية‪ ,‬مما جعل اإلطار القانوني المعتمد عليه وكذا بنيته الترابية من خالل‬
‫التقسيم اإلداري لم تكن إال استجابة لمعطيات سياسية وإدارية دون إقحام البعد‬
‫االقتصادي واالجتماعي في القاعدة األساسية لبناء الجماعات الترابية‪.‬‬
‫وهذا ما جعل المشرع المغربي منذ ظهير ‪ 1960‬ال يعطي للجماعات الترابية إال‬
‫اختصاصات تنصب أساسا في المجاالت اإلدارية العادية‪ :‬الحالة المدنية‪,‬‬
‫التعليم‪ ,‬في حين أن ان إصالح ‪ 1976‬وعلى الرغم من توسيعه لدائرة‬
‫االختصاصات وتجديد التدخل في بعض المجاالت االقتصادية واالجتماعية‬
‫والقافية‪ ,‬فقد أبقاها محدودة ال من حيث إطارها القانوني العام بل أيضا من‬
‫حيث جوانبها المادية والبشرية‪.26‬‬
‫ولعل عمومية النص على التنمية بأبعادها الثالثة‪ ,‬تؤدي إلى غموض فيما يرجع‬
‫لتحديد مختلف هذه المجاالت وقياس درجة التدخل‪ ,‬بالمقابل لم يتحقق‬
‫التدخل االقتصادي والجتماعي للجماعات الترابية كما هو مطلوب للرفع من‬
‫ ‬
‫ ‪ -25‬اﻟﻤﺼﻄﻔﻰ اﻟﻘﺮﯾﺸﻲ‪ " ،‬اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺘﻨﻈﯿﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﺎﻻت واﻷﻗﺎﻟﯿﻢ ﻣﺴﺘﺠﺪات ﻣﺤﺪودة وآﻓﺎق ﻣﺒﮭﻤﺔ"‪ ،‬اﻟﺘﺪﺑﯿﺮ اﻟﻤﺤﻠﻲ واﻟﺤﻜﺎﻣﺔ‬
‫اﻟﺘﺮاﺑﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﺿﻮء اﻟﻘﻮاﻧﯿﻦ اﻟﺘﻨﻈﯿﻤﯿﺔ اﻟﺠﺪﯾﺪة‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮرات ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﯿﺔ‪ ،‬ص‪.241:‬‬
‫ ‪ -26‬ﻧﻔﺴﮫ‪ ،‬ص ‪.153‬‬
‫المستوى التنموي سواء بواسطة إنشاء مرافق محلية أو عن طريق تقنيات غير‬
‫مباشرة‪ ,‬كأن تقوم بتوفير اإلطار المالئم لتشجيع واستقبل االستثمار الخاص‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬ضعف أداء النخب المحلية‬

‫تعرضت النخبة المحلية لعدة انتقادات مرادها ضعف األداء خصوصا من داخل‬
‫اإلدارة الترابية‪ ,‬حيث رغم سعي المشرع إلى النص على عدة مقتضيات قانونية‬
‫كفيلة بتوفير الشروط الذاتية والموضوعية للرفع من هذا األداء إال أن انحراف‬
‫السلوك الوظيفي والغموض في االختصاص اإلداري ظل سمته األساسية‪.‬‬
‫وعند الخوض الموضوعي في مردودية النخبة المحلية من خالل التراكمات‬
‫السوسيو‪-‬ثقافية‪ ,‬السياسية واإلدارية لفهم معيقات التحديث اإلداري الترابي‪,‬‬
‫سنجد أن هذه األخيرة ظلت حبيسة الشكالنية والعقم اإلبداعي والسلوكي‬
‫وكانت فيها المنفعة الذاتية والزبونية واالرتباط السلبي بالقبيلة واالرتباط السلبي‬
‫بالقبيلة أو الجماعة محدد وموجها ألدائها‪.27‬‬
‫فالنخبة القروية مثال تعتمد في تعبئتها لقواعدها وحصولها على تمثيليتها النيابية‬
‫على المحددات القبلية والفوائد الرمزية والمادية التي يرى عبرها الناخب عملية‬
‫التصويت‪ ,‬أي أن نوايا التصويت ترتكز إلى محددات مادية أكثر منها‬
‫موضوعية‪ ,‬والحديث هنا عن المقاربة السلوكية في تحديد التوجه االنتخابي‬
‫للناخب‪.28‬‬

‫ ‬
‫ ‪ -27‬ﻓﺎطﻤﺔ اﻋﻠﯿﻠﻮش‪ ،‬اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاطﯿﺔ اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ ﻓﻲ ظﻞ اﻟﻌﮭﺪ اﻟﺠﺪﯾﺪ‪ ،‬رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻨﯿﻞ اﻟﻤﺎﺳﺘﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧﻮن واﻟﻌﻠﻮم اﻹدارﯾﺔ ﻟﻠﺘﻨﻤﯿﺔ‪ ،‬ﻛﻠﯿﺔ‬
‫اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﯿﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ طﻨﺠﺔ‪ ،2009-2010 ،‬ص‪.117:‬‬
‫ ‪ -28‬ﻣﻮﻻي ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺒﻮﻋﺰاوي‪ ،‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪43 :‬‬
‫فهذه البنية التقليدية الجامدة أثرت على عملية التحديث في كل مستويات‬
‫اإلدارية والمجالية وغيرهما‪ ,‬وخلقت اختالال واضحا في معادلة الواقع‬
‫المفروض توازنها بين الالمركزي والالمتمركز أي بين الناخب والمعين‪.‬‬
‫مما يوضح أن النخب المحلية المفرزة سياسيا أو مجتمعيا ليست مؤهلة كفاية‬
‫لتحمل مسؤولياتها كاملة والمحافظة على اختصاصات كاملة غير منقوصة‪,‬‬
‫كما أنه من المهم التحلي بالقدرة الالزمة للوفاء بها وليس التهرب منها في‬
‫ممارسة سياسية متواكلة‪.29‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬ضعف الموارد المالية للجماعات الترابية مقابل توسيع‬


‫االختصاصات‬

‫أدى تطور القانوني المتعلق بتوسيع وتدقيق اختصاصات الجماعات الترابية ‪-‬‬
‫الجماعات الحضارية والقروية والعماالت واألقاليم – خاصة بعد إصالح سنة‬
‫‪ 2002‬إلى إعطاء هذه األخيرة صالحيات واختصاصات ال يقابلها تحويل في‬
‫الموارد ورصد االعتمادات‪.‬‬
‫إن أهم المداخل نحو تحديث اإلدارة الترابية والرفع من تنافسيتها المالية هو‬
‫إعادة النظر في طرق إعداد ميزانيات الجماعات الترابية وتنفيذها ونظام‬
‫الجبايات المحلية‪ ,‬فالمداخيل الذاتية لهذه األخيرة حسب المعطيات ال تغطي‬
‫في أحسن األحوال ‪ 60‬في المائة من نفقاتها‪ ,‬فإذا إذا كانت المداخيل الذاتية ال‬
‫تستطيع حتى تغطية نفقات المجال المنتخبة والموظفين وباقي النفقات‬
‫االستهالكية فكيف يمكنها أن تمول المشاريع وبرامج تنموية‪.‬‬

‫ ‬
‫ ‪ -29‬ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺮﺟﻊ‪ ،‬ص‪.44 :‬‬
‫فالمداخيل الذاتية الجماعات الترابية حققت سنة ‪ 2005‬ما يفوق ‪ 7.2‬مليار‬
‫درهم وأغلبها مداخيل جبائية‪ ,‬في حين تتعدى تحمالت هذه األخيرة ‪ 12‬مليار‬
‫درهم‪ ,‬وتوضح لنا بجالء هذه المؤشرات ضعف التمويل الذاتي واالتكال على‬
‫االعتمادات المحولة من الدولة‪.‬‬
‫إضافة إلى مجموعة من األسباب األخرى التي أدت إلى فشل الالمركزية‬
‫الكالسيكية‪:‬‬
‫التقسيم الجماعي‪.‬‬
‫القانون االنتخابي‪.‬‬
‫التقطيع االنتخابي‪.‬‬
‫نمط االقتراع‪.‬‬
‫وفي ختام هذا المطلب‪ ,‬جاز لنا طرح الفرضية التالي‪ :‬هل فعال أن فشل‬
‫المقاربة الكالسيكية لالمركزية كانت السبب الرئيسي في تبني الجهوية ذات بعد‬
‫اقتصادي واجتماعي‪ ,‬وهذا ما سوف نحاول اإلجابة عنه في المبحث الثاني‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مسار الالمركزية الجهوية بالمغرب‬

‫بعد استحضار اهم المحطات التي مر منها التنظيم الالمركزي بالمغرب فيما‬
‫يخص العماالت واالقاليم‪ ,‬سنتطرق في هذا المبحث الى الالمركزية على‬
‫مستوى الجهات‪ ,‬من خالل التعرف على المسار الذي مرت منه هذه األخيرة منذ‬
‫الحماية الى غاية صدور القانون رقم ‪) 96-74‬المطلب األول( ‪ ,‬ثم مقترحات‬
‫اللجنة االستشارية كمرحلة انتقالية في مسار الجهوية )المطلب الثاني(‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تطور مسلسل الجهوية بالمغرب‬

‫ان التنظيم الجهوي الحالي الذي اخذ به المغرب هو تتويج لمراحل تاريخية مرت‬
‫منها الجهة‪ ,‬فاذا كانت الجهة قبل دخول سلطات الحماية الى المغرب غير منظمة‬
‫ومقننة على أسس وقواعد تشريعية بقدر ما كان هناك نزاعات جهوية تستمد‬
‫أصولها وتنظيمها من الخصوصيات الجغرافية والقبلية‪ ,‬فانه خالل فترة الحماية‬
‫سيعرف تنظيما جهويا يخضع الى االعتبارات األمنية والعسكرية وذلك بغية تشديد‬
‫المراقبة على كل أجزاء التراب الوطني قصد اخضاعها للسيطرة االستعمارية )‬
‫الفرع األول(‪.‬‬
‫اما بعد االستقالل فقد عرف المغرب تنظيما جهويا ال يحمل من مواصفات الجهة‬
‫اال االسم ) الفرع الثاني(‪ ,‬لكن هذا لم يدم حتى عرفت الجهة الطار الدستوري‬
‫والمؤسساتي لها لكي يصبح الحديث ممكنا عن الجهة باعتبارها جماعة محلية‬
‫ومدى تفعيلها الليات وأساليب التنمية المحلية ) الفرع الثالث(‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الجهة خالل فترة الحماية‬
‫لقد كان من اهداف سلطات الحماية هو تشديد المراقبة اإلدارية والترابية على‬
‫أجزاء المغرب خوفا من ردود الفعل السلبية اتجاه السلطات االستعمارية‪ .‬من هذا‬
‫المنطلق وضعت سلطات الحماية تنظيما جهويا يعتمد على األساليب العسكرية‬
‫واألمنية‪ .‬لهذا كان هدف هذه األخيرة من احداث المناطق والجهات هو تسهيل‬
‫عملية السيطرة على كل انحاء المغرب‪ .‬لذا تم احداث جهات عسكرية بقرار‬
‫صادر عن المقيم العام الفرنسي في ‪ 4‬غشت ‪.1912‬اما الجهات المدنية فقد‬
‫أحدثت ابتداءا من ‪ 27‬مارس ‪ ,1919‬وهي جهة الدار البيضاء وجهة الرباط ثم‬
‫جهة وجدة في ‪ 22‬دجنبر ‪ 1919‬في حين أحدثت جهة الغرب سنة ‪.1920‬لكنه‬
‫ابتداء من سنة ‪ 1923‬تم تعديل التقسيم الترابي للمغرب وذلك بتقسيم المغرب الى‬
‫اربع جهات مدنية وهي الرباط‪ -‬الدار البيضاء – وجدة – الغرب‪ .‬وثالث مراقبات‬
‫وهي اسفي – مزاكان )الجديدة( وموغدور ) الصويرة(‪ ,‬واحدثت ثالث جهات‬
‫عسكرية وهي فاس – مكناس – مراكش‪.‬‬
‫اال ان هذا التقسيم سيعرف تغييرا سنة ‪ 1935‬بحيث تم تقسيم المغرب الى‬
‫منطقتين فقط‪:‬‬
‫المنطقة المدنية وتضم ثالث جهات وهي‪ :‬وجدة ‪ -‬الرباط ‪ -‬الدار البيضاء وثالثة‬
‫أقاليم وهي ‪ :‬اسفي – ميناء ليوطي – مزاكان‪.‬‬
‫المنطقة العسكرية وتضم ثالث جهات وهي ‪ :‬فاس – مكناس – مراكش‪ ,‬وأربعة‬
‫أقاليم وهي تازة – تافياللت – تخوم درعة – وسط االطلس‪.‬‬
‫ويمكن القول بان التنظيم الجهوي الذي ساد خالل فترة الحماية قد املته‬
‫االعتبارات األمنية والعسكرية المتمثلة في ضرورة اخضاع كل المناطق وجهات‬
‫البالد الى سلطات الحماية‪ ,‬كما ان المغرب باعتباره بلد ذو مساحة شاسعة قد‬
‫دفع بسلطات الحماية الى احداث هذا النوع من التنظيم الجهوي ذو الطبيعة‬
‫اإلدارية واألمنية التي يهدف من وراءها هو تشديد المراقبة على اطراف التراب‬
‫‪30‬‬
‫الوطني بصرف النظر عن االعتبارات االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪:‬التجربة الجهوية وفق ظهير ‪ 1971‬ومحدوديتها في تهيئة المجال‬


‫وتحقيق التنمية‬

‫يمكن اعتبار التحديات التي واجهها المغرب بعد االستقالل‪ ,‬هي التي جعلته‬
‫يعتمد الجهوية االقتصادية بمقتضى ظهير ‪ 1-71-77‬بتاريخ ‪ 16‬يونيو ‪ 1971‬وذلك‬
‫للتخفيف من ظاهرة ومركزية القرار ولتفادي تعثر التنمية وللحد من الفوارق‬
‫الجهوية‪ ,‬حيث أعطت األهمية للعامل االقتصادي ليكون الحافز األساسي في‬
‫انشاء الجهات خاصة بعدما اتضح ان الجماعات المحلية واإلقليمية ال تتسع‬
‫للقيام بالمشاريع الكبرى‪.‬‬
‫ومن هنا اصبح ينظر لفكرة الجهوية من الزاوية االقتصادية‪ ,‬حيث ان هذه األخيرة‬
‫بإمكانها ان تخفف العبء االقتصادي عن الدولة‪ .‬خاصة وان الطريقة المركزية‬
‫في تسيير شؤونه المتعلقة بالتنمية االقتصادية قد ابانت عن فشلها وعد نجاحها‪,‬‬
‫كما ان المستويات السفلى من اإلدارة الالمركزية أصبحت هي األخرى غير قادرة‬
‫على القيام بمهامها بفعالية نظرا لقلة مواردها المالية والبشرية‪.‬‬

‫ ‬
‫‪30‬‬
‫اﻟﻣﮭدي ﺑﻧﻣﯾر‪ ،‬اﻟﺟﮭﺔ ﺑﯾن اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ واﻟﻼﺗﻣرﻛز اﻹداري" دراﺳﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ ﻟﻠﺟﮭوﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻟرﺳﺎﻟﺔ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ ﺣول اﻟﺗدﺑﯾر اﻟﻼﻣﺗﻣرﻛز ﻟﻼﺳﺗﺛﻣﺎر"‪،‬‬
‫ﺳﻠﺳﻠﺔ اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ‪ ،‬ﻋدد ‪ ،2002 ،10‬ص ‪ 17‬‬
‫لهذا أصبحت هناك ضرورة لوجود مستوى ترابي واداري وسيط بين السلطة‬
‫المركزية والجماعات المحلية بغية االشراف على التخطيط والتفكير للتنمية‬
‫الجهوية والمحلية‪.31‬‬
‫وهكذا اعطى ظهير ‪ 1971‬ميالد المؤسسة الجهوية واضفى الطابع الرسمي على‬
‫سياسة الجهوية‪ ,‬ووضع اللبنة األولى لتنظيم حقيقي للجهة بالمغرب‪ ,‬حيث‬
‫وضعها في اطار قانوني مؤسسي مبنيا وظيفتها وحدود مشاركتها في المسلسل‬
‫الوطني للتنمية وجاء كذلك ليترجم التوجه الجهوي الذي اصبح من صميم‬
‫االختيارات االقتصادية بالمغرب‪.‬‬
‫اال انه ال يجب ان يفهم من ذلك ان الظهير قد احدث تحوال في سياسة الجهوية‪,‬‬
‫واالرتقاء بالجهة الى مكانتها المالئمة‪ ,‬ففي ظل هذا الظهير تظهر دونية الجهات‬
‫االقتصادية‪ ,‬قانونيا وعمليا مقارنة مع الجماعات المحلية األخرى‪ ,‬االمر الذي‬
‫يجعلها فقط مجرد اطار عمل اقتصادي للقيام بالدراسات وإنجاز المشاريع‬
‫وبرامج جهوية اكثر منها اطارا لتحقيق تنمية شاملة متوازنة ومنسجمة لمختلف‬
‫أجزاء المملكة‪.‬‬
‫وبالفعل اذا رجعنا الى المقتضيات القانونية خاصة الفصل ‪ 2‬من الظهير المذكور‬
‫نصادف التعريف التالي‪ ":‬يراد بالجهة مجموعة من األقاليم التي تربط بينها او‬
‫يحتمل ان يربط بينها على الصعيد الجغرافي واالقتصادي واالجتماعي عالقات‬
‫كفيلة بتقوية نموها والتي تقتضي من جراء ذلك القيام بتهيئة عامة فيها‪."...‬‬
‫اذن فالجهة ال تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي‪ ,‬وال تدخل في نطاق‬
‫ال الجماعات غير المركزة‪ ,‬وال في صف الجماعات الترابية الالمركزية‪ ,‬فهي‬
‫مجرد اطار لعدم تركيز اعمال الدولة واداة النجاز الدراسات والمشاريع الجهوية‪.‬‬

‫ ‬
‫‪31‬‬
‫ﺣﻣﺑد اﺑوﻻس‪ ،‬ﻣﺎرﯾﺎ زﻣﺑوﻧﯾﻧو ﺑوﻟﯾﺗو‪ " ،‬دراﺳﺔ ﺣول اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻐرب واﺳﺑﺎﻧﯾﺎ"‪ ،‬ص ‪ 103‬‬
‫وفيما يخص تأليف المجالس الجهوية فقد كانت تضم المستشارين الجماعيين‬
‫المنتخبين ضمن مجالس العماالت واالقاليم ثم عناصر تمثل السلطة المركزية‬
‫والمصالح المهنية ‪:‬‬
‫رؤساء المجالس اإلقليمية ومجالس العماالت الداخلة في دائرة النفوذ الترابي‬
‫للجهة‪.‬‬
‫ممثلي الغرف الفالحية وغرف الصناعة التقليدية والتجارة والصناعة العصرية في‬
‫حظيرة المجالس التابعة للجهة‬
‫خمسة أعضاء عن كل مجلس من المجالس اإلقليمية الداخلة في تراب الجهة‬
‫والذين يتم انتخابهم من طرف هذه المجالس لتمثيلها في المجالس الجهوية‪.‬‬
‫عمال العماالت واالقاليم الداخلة في دائرة نفوذ الجهة ومساعديهم ورؤساء‬
‫المصالح الخارجية لمختلف الوزارات‪ ,‬فهؤالء يمكنهم حضور جلسات هذه‬
‫المجالس وكذا جلسات اللجان التي يمكن ان تكونها هذه المجالس‪.‬‬
‫وقد اسند المشرع مهمة رئاسة هذه المجالس الى رؤساء مجالس العماالت‬
‫واالقاليم لكن التجربة ابانت عن هيمنة ممثلي الدولة أي العمال على مستوى‬
‫المجالس الجهوية فهم يحضرون اجتماعات المجلس‪ ,‬فضال عن ذلك فالفصل‬
‫‪ 7‬من الظهير المنظم للجهات اسند للعمال الكتابة العامة للهيئة االستشارية وربط‬
‫االتصال بين هذه الهيئة والسلطات المركزية والمحلية‪.‬فالعمال يعتبرون السلطة‬
‫المتحكمة فيها‪ ,‬بحكم ان ممثلي المجالس اإلقليمية ليس لهم استقالال حقيقيا‬
‫فهم في تبعية تامة للعامل بمقتضى ظهير ‪ 1963‬المتعلق بالتنظيم اإلقليمي‪.‬‬
‫غير ان هذه المجالس الجهوية االستشارية كما يدل على ذلك اسمها ال تمارس‬
‫سوى اختصاصات استشارية فهي ليست بهيئات محلية تقريرية‪ ,‬ومن ثم فهذه‬
‫المجالس ال يمكنها ان تتخذ أي قرار او تدبير يخص تنمية الجهة‪.‬‬
‫فاختصاصاتها تنحصر في تقديم رايها في كل ما يخص برامج التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية والتهيئة الترابية التي تهم نطاق الجهات‪ ,‬وينبغي ان تحاط علما‬
‫بحالة تقدم تنفيذ هذه البرامج‪.‬ويمكنها ان تطلب من السلطات المختصة تزويدها‬
‫بكل المعلومات حول مجرى االعمال والصعوبات التي تعرقل او تؤخر إنجازها‪,‬‬
‫ويمكنها كذلك ان تتقدم بكل المقترحات التي تهم انجاز المشاريع االقتصادية‬
‫واالجتماعية والتي من شانها ان تساعد على االزدهار االقتصادي واالجتماعي‬
‫للجهة‪ ,‬فاختصاصات المجالس الجهوية هي اختصاصات استشارية ودورها يظل‬
‫دورا محدودا‪32.‬‬
‫التقسيم الجهوي وفق ظهير ‪: 1971‬‬
‫اسفر ظهير ‪ 1971‬عن تقسيم التراب الوطني الى سبع جهات اقتصادية بناء على‬
‫مجموعة من الدراسات التي أعدتها مجموعة البحوث حول الجهوية ‪GRE33‬‬
‫وهي‪:‬‬
‫الجهة الشمالية الوسطى تحتضن الحسيمة‪ ,‬فاس‪ ,‬تازة‪ ,‬تاونات‪ ,‬مساحتها تقدر‬
‫ب ‪ 43950‬كلم‪ 2‬ساكنتها تفوق ‪ 2.720.000‬نسمة بكثافة سكانية تقدر ‪62,5‬‬
‫نسمة في الكلم المربع‬
‫الجهة االقتصادية الوسطى تضم والية الدار البيضاء واقاليم الجديدة سطات بن‬
‫سليمان خريبكة بني مالل وازيالل‪ ,‬تغطي هذه الجهة ‪ % 5,8‬من مجموع التراب‬
‫الوطني ويفوق عدد سكانها ‪ 6.440.000‬نسمة حسب إحصاء سنة ‪ ,1987‬اكثر‬
‫من ‪ % 58‬منهم يعيشون في الوسط الحضري‪.‬‬

‫ ‬
‫‪32‬‬
‫اﻟﺳﻌﯾدي ﻣزروع ﻓﺎطﻣﺔ‪ ،‬اﻹدارة اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ‪ ،2003‬ص ‪ 128‬‬
‫‪33‬‬
‫رﺷﯾد ﺗوﻧﻔﻲ‪ ،‬اﻟﺗﻘﺳﯾم اﻟﺗراﺑﻲ اﻟﺟﮭوي ﺑﺎﻟﻣﻐرب‪ ،‬دراﺳﺔ ﻓﻲ أﻧﻣﺎط اﻟﺗﻘﺳﯾم واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﺎل اﻟﺟﮭوي ‪ ، 2015-1912‬رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻧﯾل ﺷﮭﺎدة اﻟﻣﺎﺳﺗر‬
‫ﺗﺧﺻص اﻟدراﺳﺎت اﻹدارﯾﺔ واﻟﻣﺎﻟﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق اﻛدال‪ ،‬ص ‪ 41‬‬
‫الجهة االقتصادية الشرقية وتشتمل على أقاليم وجدة الناظور و فكيك يبلغ عدد‬
‫سكاتها ‪ 1.777.00‬وكثافة سكانية تتعدى ‪ 2346‬كلم‪ 2‬كما تبلغ مساحتها‬
‫‪ 28.750‬كلم‪.2‬‬
‫الجهة االقتصادية الوسطى الجنوبية تضم أقاليم مكناس‪ ,‬ايفران‪ ,‬خنيفرة‪,‬‬
‫والراشيدية تمتد مساحتها على ‪ 79210‬كلم‪ 2‬أي ما يعادل ‪ % 11,44‬من مساحة‬
‫البالد‪ ,‬وعدد سكانها حسب إحصاء ‪ 1987‬وصل ‪ 1.698.000‬نسمة بكثافة‬
‫سكانية تبلغ ‪ % 21,5‬كلم‪.2‬‬
‫الجهة االقتصادية تانسيفت وتضم والية واقاليم مراكش اسفي الصويرة وقلعة‬
‫السراغنة تقدر مساحتها بحوالي ‪ 39000‬كلم‪ 2‬عدد سكانها ‪ 3,5‬ماليين نسمة‪.‬‬
‫الجهة الشمالية الغربية وتضم والية الرباط سال واقاليم القنيطرة العرائش طنجة‬
‫تطوان شفشاون والخميسات‪ ,‬تبلغ مساحتها ‪ 29955‬كلم‪ 2‬وعدد سكانها يناهز‬
‫‪ 4.788.000‬نسمة وكثافة سكانية تقدر ب ‪ 5969‬ن‪/‬كلم‪.2‬‬
‫الجهة الجنوبية وتتكون من أقاليم اكادير تزنيت تارودانت طاطا كلميم طانطان‬
‫العيون السمارة بوجدور واد الذهب ورزازات‪ ,‬تبلغ مساحتها ‪ 397025‬كلم‪, 2‬‬
‫اما عدد السكان فيصل الى ‪ 2.773.000‬نسمة بكثافة تبلغ ‪. 6.98‬‬
‫ومن بين اهم االختالالت التي نتجت عن التقسيم الجهوي لظهير ‪ 1971‬عدم‬
‫التوازن على مستوى التقطيع الترابي‪ .‬فبالعودة الى مضامين هذا التقسيم نجد ان‬
‫النتائج المحصل عليها كانت بعيدة عن األهداف المتوخاة منه من حيث منطق‬
‫الالتوازن وعدم التكافؤهما السمتان البارزتان اللتان سادتا بين مختلف جهات‬
‫المملكة‪.‬‬
‫وهكذا نجد الخريطة الجهوية التي انبثقت عن تجربة ‪ 1971‬ظلت تعاني من عدة‬
‫اختالالت يمكن اجمالها في مستتويين‪:‬‬
‫المستوى األول‪ :‬ويتعلق االمر بالخريطة الجغرافية للتقسيم الجهوي بحيث نجد‬
‫تفاوتا من حيث النفوذ الترابي بين جهة تضم ‪ 11‬إقليم "الجهة الجنوبية" وجهة ال‬
‫تتعدى ‪ 3‬أقاليم "الجهة الشرقية" كما عانت بعض الجهات من غياب واضح من‬
‫حيث تكامل مواردها وامكانياتها مما نتج عنه تجميع عدة أقاليم فقيرة داخل‬
‫الجهة الواحدة مثل الجهة الشرقية التي تضم أقاليم اجدير الناظور وفكيك‪.‬‬
‫المستوى الثاني ويتعلق بغياب معيار التخصص القطاعي بين الجهات فاغلب هذه‬
‫الجهات شكلت تجميعا عشوائيا لالقاليم‪ ,‬فقد تم الفصل بين إقليم فاس‬
‫ومكناس مثال رغم الترابط السوسيو ثقافي والمجالي للمنطقة‪.‬‬
‫ورغم التوازن الذي طبع التقسيم من كون جل الجهات توفرت على منفذ بحري‬
‫على الساحل األطلسي او المتوسطي‪ ,‬فان جهة واحدة استثنيت من هذا االمتياز‬
‫وهي الجهة الوسطى الجنوبية مما جعلها كيانا ترابيا مغلقا على المنافذ الخارجية‪.‬‬
‫ويمكن القول ان جهات ‪ 1971‬كان من أسس تنظيمها الجانب الطبيعي قبل‬
‫البشري‪ ,‬على اعتبار ان التقطيع الخاص ياالقليم يحترم حدود المجموعات‬
‫البشرية بمختلف مستوياتها‪ ,‬فكان من وظائف التقطيع االقتصادي محاولة توزيع‬
‫الثروات الطبيعية بشكل متكافئ بين مختلف الجهات لتعميم حظوظ وفرص كل‬
‫مجموعة من األقاليم في اإلقالع االقتصادي‪.‬‬
‫اما فيما يتعلق باختصاصات المجالس الجهوية التي أحدثت بمقتضى ظهير‬
‫‪ ,1971‬فيمكن القول انها كانت تفتقد الى الكثير من الفعالية بسبب غياب الطابع‬
‫التقريري الذي كان باإلمكان ان يجعل من تدخالتها امرا ملموسا وذا جدوى ونفع‬
‫في مختلف الميادين االقتصادية واالجتماعية‪ ,‬فحينما نرجع الى ظهير ‪ 1971‬فاننا‬
‫نجده قد منح المجالس الجهوية اختصاصات استشارية حيث لم يمكنها من اية‬
‫قوة قانونية ملزمة وكفيلة بتفعيل تدخلها والتاثير في العملية التنموية‪34...‬‬
‫ ‬
‫‪34‬‬
‫ﺣﻣﯾد أﺑوﻻس‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪ 106‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬التجربة الجهوية وفق منظور قانون ‪ 96.47‬وجوانب القصور‬
‫والضعف‬

‫التجربة الجهوية وفق منظور قانون ‪96.47‬‬


‫امام كل االننقادات التي افرزتها التجربة الجهوية لسنة ‪ 1971‬كان البد من التفكير‬
‫في تطوير النظام الجهوي وتصور افاق جديدة لجهوية تكون مالئمة لتطور البالد‪,‬‬
‫وبالفعل فقد اعلن الملك الراحل الحسن الثاني في خطاب القاه بفاس عن تصوره‬
‫لنظام الجهة المستقبلي فصار التفكير في خيار جهوي حقيقي امرا واقعا نظر له‬
‫الخطاب الملكي لسنة ‪ ,1984‬ال سيما ان جاللته أراد خلق جهوية على شاكلة‬
‫الالندر ‪ Lander‬بألمانيا الفيدرالية‪ ,‬وبهذا يكون هذا الخطاب متنفسا لالمركزية‬
‫والديمقراطية‪ ,‬حيث كان يرغب جاللته في ان يترك لخلفه مغربا يضم برلمانا‬
‫يمثل الوطن اسمى تمثيل وحكومة تنفذ سياسته‪.....‬وهياكل جهوية متمتعة‬
‫باالمكانات التشريعية والمالية واإلدارية الكافية‪ ,‬وموحدة الكلمة بالرغم من‬
‫اختالف األحزاب والمشارب السياسية‪.35‬‬
‫وبتتبع الخطاب الرسمي نالحظ انه عرف تحوال من الدعوة للجهة السياسية الى‬
‫الجهة في اطار الالمركزية بأهداف سياسية محدودة تتمثل في توسيع المشاركة‬
‫السياسية والتمرس على الديمقراطية وتأطير نخب جديدة على صعيد الجهة‬
‫واهداف اقتصادية واجتماعية واسعة‪ .‬ونسجل نبرة التغيير في الخطاب الرسمي‬
‫على مستوى المؤسسة الملكية في عدة مناسبات‪ ,‬ففي خطاب العرش بتاريخ ‪3‬‬

‫ ‬
‫‪35‬‬
‫اﺣﻣد ﺳرداري‪ "،‬اﻻﺑﻌﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻟﻧظﺎم اﻟﺟﮭﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب" اطروﺣﺔ ﻟﻧﯾل اﻟدﻛﺗوراه ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم‪ ،‬وﺣدة ﻋﻠم اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ واﻟﻘﺎﻧون‬
‫اﻟدﺳﺗوري‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺣﻣد اﻟﺧﺎﻣس‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق اﻛدال ‪ ،2002-2001 ،‬ص‪ 18‬‬
‫مارس ‪ 1989‬اقر الملك الحسن الثاني ‪ ..." :‬وعلى الصعيد الجهوي‬
‫والمحلي‪...‬نتابع العمل الذي شرعنا فيه والهادف الى تحقيق الالمركزية‪"...‬‬
‫كما ان الرسالة الملكية الموجهة الى المؤتمر ‪ 21‬للعلوم اإلدارية المنعقد بمراكش‬
‫بتاريخ ‪ 24‬يوليوز من نفس السنة ترسخ هذا التوجه حيث جاء فيها ‪.... " :‬ان‬
‫الالمركزية كانت ومازالت جزءا ال يتجزأ من المسلسل الديمقراطي الذي شهدته‬
‫بالدنا منذ االستقالل‪36....‬‬
‫وجل هذه الخطابات الملكية كرسها التعديل الدستوري لسنة ‪ ,1992‬والذي‬
‫جعل من الجهة جماعة محلية بموجب الفصل ‪ " 94‬الجماعات المحلية بالمملكة‬
‫هي الجهات والعماالت واألقاليم والجماعات الحضرية والقروية ‪ ,‬وال يمكن‬
‫إحداث أي جماعة محلية أخرى إال بقانون‪37 " .‬‬
‫وبعد مرور ‪ 4‬سنوات على هذا التعديل الدستوري الذي جعل من الجهة جماعة‬
‫محلية‪ ,‬صدر القانون ‪ ,3896-47‬والذي حاول تفادي محدودية نتائج ظهير‬
‫‪ 16‬يونيو ‪ 1971‬وعجزه عن تفعيل نظام الجهة ببالدنا بسبب ضعف االطار‬
‫المؤسساتي ‪ .39‬تاله مرسوم ‪ 17‬غشت ‪ 1997‬والذي بموجبه الغيت التقسيمات‬
‫الترابية الجهوية ل ‪ 1971‬بعدما تبث فشلها بسبب سيطرة منطق اإلقليم على كل‬
‫توجه جهوي للمركز في مجال التخطيط والتنمية االقتصادية واالجتماعية‪.‬اضافة‬
‫للدور الكالسيكي للجماعات المحلية التقليدية األخرى الذي اصبح متجاوزا‬
‫وعاجزا عن مواكبة التطورات المتسارعة اعتبارا لوسائلها وحجمها‪ ,‬اذ لم تعد‬
‫قادرة على االستجابة للمتطلبات الحديثة وإيجاد حلول مالئمة للمشاكل‬
‫الكبرى‪.‬‬
‫ ‬
‫‪ 36‬ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻮﻟﻰ اﻟﻤﺴﻌﯿﺪ ‪" ،‬ﻣﺴﺎر وﺗﺤﻮﻻت ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﻼﻣﺮﻛﺰﯾﺔ اﻟﺘﺮاﺑﯿﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب ﺳﻌﯿﺪ" ‪ ،‬اﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء ‪ :‬ﺻﻮﻣﺎدﯾﻞ‪،2012 ،‬‬
‫ص ‪ 91‬‬
‫‪37‬‬
‫ظﮭﯾر ﺷرﯾف رﻗم ‪ 1.92.155‬ﺻﺎدر ﻓﻲ ‪ 11‬ﻣن رﺑﯾﻊ اﻵﺧر ‪ 9) 1413‬أﻛﺗوﺑر ‪ (1992‬ﺑﺗﻧﻔﯾذ ﻣراﺟﻌﺔ اﻟدﺳﺗور‪ .‬‬
‫‪38‬‬
‫ظﮭﯾر رﻗم ‪ 1.97.84‬اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ ‪ 2‬ﻓﺑراﯾر ‪ 1997‬واﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺗﻧﻔﯾذه اﻟﻘﺎﻧون ‪ ،47.96‬ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﻟﻧص اﻟﻣﻧظم ﻟﻠﺟﮭﺔ ‪ .‬‬
‫‪39‬‬
‫ﺣﻣﯾد اﺑوﻻس‪ ،‬ﻣﺎرﯾﺎ زﻣﺑوﻧﯾﻧو ﺑوﻟﯾﺗو‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪،‬ص ‪ .108‬‬
‫ويمكن القول ان جل الدوافع وراء اقرار الجهوية كتقسيم ترابي وتنظيمي‪ ,‬ذات‬
‫هدف تنموي بامتياز‪ ,‬بعد ان تأكد فشل المركزية في االستجابة لمتطلبات‬
‫سوسيو‪ -‬اقتصادية محلية متزايدة ‪40‬‬
‫االطار القانوني ‪:‬‬
‫الجهة كجماعة محلية المركزية أصبحت تتوفر بمقتضى قاون ‪ 47.96‬على‬
‫هياكل وأجهزة تسهر على ضمان التدبير الديمقراطي للشؤون الجهوية طبقا‬
‫للنصوص الدستورية‪ ,‬وهكذا تبرز أجهزة منبثقة عن التمثيلية االنتخابية )المجلس‬
‫الجهوي باألساس( كجهاز تداولي‪ ,‬وأخرى تعتمد على التعيين )العامل‪/‬الوالي(‬
‫باعتباره جهازا تنفيذيا ‪.‬‬
‫الجهاز التداولي‪:‬‬
‫استنادا الى المبدا الدستوي الذي يعطي للجهة حقها في إدارة شؤونها بطريقة‬
‫ديمقراطية لضمان تنميتها االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ,‬نصت المادة األولى‬
‫في فقرتها الثالثة من قانون ‪ 47.96‬على تولية مجلس جهوي منتخب بطريقة‬
‫ديمقراطية لمدة ست سنوات وفقا للشروط المحددة في مدونة االنتخابات‪ ,‬قصد‬
‫إدارة شؤون الجهة بحرية‪.‬‬
‫المجلس الجهوي يتكون من ممثلين منتخبين للجماعات المحلية والغرف المهنية‬
‫والمأجورين كما يضم المجلس كذلك باإلضافة الى أعضاء البرلمان المنتخبين‬
‫في اطار الجهة‪ ,‬رؤساء مجالس العماالت واالقاليم الواقعة داخل الجهة الذين‬
‫يحضرون اجتماعاته بصفة استشارية‪.‬‬

‫ ‬
‫‪40‬‬
‫ﻣوﻻي ﻣﺣﻣد اﻟﺑوﻋزاوي‪ " ،‬ﺗﺣدﯾث اﻹدارة اﻟﺗراﺑﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب ﻧﺣو ﺗرﺳﯾﺦ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ وﻛﺳب رھﺎن اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪،‬ص ‪ .145‬‬
‫وحسب المادة ‪ 10‬من نفس القانون ينتخب المجلس الجهوي من بين أعضائه‬
‫رئيسا وعدة نواب للرئيس يؤلفون مكتب المجلس المذكور‪ ,‬وينتخب أعضاء‬
‫المكتب لمدة ‪ 3‬سنوات قابلة للتجديد‪.‬‬
‫يقوم الرئيس الذي يستعين في ممارسة اختصاصاته بمصالح الدولة في الجهة‬
‫بواسطة عامل العمالة او اإلقليم مركز الجهة‪ ,‬يقوم بتعيين الكاتب العام للجهة‬
‫والمكلفون بالمهمة والمكلفون بالدراسات بمقرر يصدره‪ ,‬غير انه البد ان‬
‫يحصل على تأشيرة عامل العمالة او اإلقليم مركز الجهة‪.‬‬
‫الجهاز التنفيذي‪:‬‬
‫القرارات الصادرة عن المجلس الجهوي ينفذها عامل العمالة او اإلقليم مركز‬
‫الجهة حسب المادة ‪ 54‬من قانون ‪ 47.96‬ولهذه الغاية فهو يتخذ التدابير الالزمة‬
‫بعد اخذ راي المجلس الجهوي‪.‬‬
‫كما يقوم وفقا لقرارات المجلس الجهوي وطبق الشروط المنصوص عليها في‬
‫المادة ‪ 54‬ب‪:‬‬
‫إنجاز أعمال الكراء والبيع والشراء وإبرام صفقات األشغال والتوريدات‬ ‫‪-1‬‬
‫وتقديم الخدمات ;‬
‫تنفذ الميزانية وإعداد الحساب اإلداري ;‬ ‫‪-2‬‬
‫اتخاذ قرارات ألجل فرض الرسوم واألتاوى ومختلف الحقوق وفقا‬ ‫‪-3‬‬
‫للنصوص التشريعية الجاري بها العمل في هذا المجال‪.‬‬

‫التقطيع الترابي‪:‬‬
‫تم احداث ‪ 16‬جهة بناء على المادة ‪ 4‬من القانون ‪ 96-47‬التي تنص على انه‬
‫يحدد بمرسوم عدد الجهات وأسماؤها وحدودها الترابية ومراكزها‪ .‬ويحدد عدد‬
‫المستشارين الجهويين الواجب انتخابهم قي كل جهة وكذا توزيع المقاعد على‬
‫مختلف الهيئات الناخبة وفقا للتشريع الجاري به العمل‪.‬‬
‫وهو مرسوم ‪ 17‬غشت ‪ 1997‬والذي بموجبه الغيت التقسيمات الترابية الجهوية ل‬
‫‪ 1971‬بعد ثبوت فشلها بسبب سيطرة منطق االقليم على كل توجه جهوي للمركز‬
‫في مجال التخطيط والتنمية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫جوانب القصور والضعف في قانون ‪96-47‬‬
‫ال خالف بان قانون ‪ 96-47‬المنظم للجهات كان يعد مكسبا هاما في تعزيز‬
‫وتقوية الصرخ الديمقراطي المحلي كان من شانه اغناء واثراء التجربة الجهوية‬
‫الالمركزية وتطويع النخب المحلية على كيفية ممارسة الشان الجهوي بما يخدم‬
‫متطلبات التنمية الجهوية‪.‬‬
‫لكن التجربة افرزت مجموعة من االختالالت والعديد من المعيقات القانونية‬
‫واالدارية‪ ,‬والتي يمكن ابرازها على مستويات عدة‪:‬‬
‫المستوى القانوني‪ :‬ان المعيار العام الذي استند عليه المشرع المغربي في تحديد‬
‫االختصاص الجهوي‪ ,‬لم يسعف في توزيع االدوار بشكل واضح وصريح‪ ,‬ولم‬
‫يرق الى وضع الحدود الفاصلة بين تدخالت كل من الدولة والجهة وباقي‬
‫الجماعات المحلية االخرى‪.‬‬
‫المستوى االداري‪ :‬يشكل التقطيع الجهوي احد الحدود االدارية ‪ ,‬ذلك ان‬
‫المعايير التي اعتمدت في هذا التقسيم غلب عليها هاجس المراقبة واالمن اكثر‬
‫مما راعت تحقيق التوازن واالنسجام الداخلي لكل جهة والتكامل االقتصادي‬
‫واالجتماعي بين الجهات‬
‫على مستوى الموارد المالية للجهة‪ :‬يتوزع نظام التمويل الجهوي الى مصادر‬
‫التمويل العادي ومصادر التمويل االستثنائي‪ ,‬حيث تتشكل االولى من مصادر‬
‫ذاتية تتجلى في مجموعة من الضرائب والرسوم المحدثة لفائدة الجهات باالضافة‬
‫الى حصة من حصيلة ضرائب الدولة المحولة لفائدة الجماعات المحلية‬
‫والمتمثلة اساسا في الضريبة العامة على الدخل والضريبة على الشركات وضريبة‬
‫اضافية على الضريبة السنوية الى جانب ضرائب اخرى تم التنصيص عليها في‬
‫القانون المنظم للجهة‪ ,41‬غير ان حصة الجهة من تلك الضرائب والتي ال تتجاوز‬
‫في الغالب نسبة ضئيلة تقدر ب ‪ % 1‬تظل رهينة بقوانين المالية مما يجعلها ترتبط‬
‫بوضعية المالية العامة وبالتالي التقلبات التي يمكن ان تتاثر بها هذه األخيرة‪,‬‬
‫سيؤثر بدون شك على حصة الجهة من الضرائب‪42.‬‬

‫ ‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬اللجنة اإلستشارية للجهوية ورهــان تطوير النموذج الجهوي‬
‫بالمغرب‬
‫تم تنصيب اللجنة اإلستشارية للجهوية من طرف الملك يوم ‪ 3‬يناير ‪ ,2010‬عهد‬
‫إليها بلورة نموذج وطني لجهوية متقدمة تواكب ورش اإلصالحات الدستورية‪,‬‬
‫خلصت اللجنة إلى إعداد تقرير يحتوي ثالث كتب‪ ,‬وملحقات‪: 43‬‬
‫الكتاب األول ‪ :‬يقدم التصور العام للجهوية المتقدمة‪ ,‬ويمهد أيضا لسلسلة من‬
‫المقترحات حول المشروع;‬
‫الكتاب الثاني ‪ :‬يتضمن تقارير موضوعاتية انبنت عليها المقترحات المشكلة‬
‫للتصور العام المعروض في الكتاب األول;‬
‫ ‬
‫‪41‬‬
‫اﻟﻔﺻل ‪ 66‬اﻟﻔﻘرة ‪ 1‬ﻣن ﻗﺎﻧون ‪ 96-47‬اﻟﻣﻧظم ﻟﻠﺟﮭﺎت ‬
‫‪42‬‬
‫اﻟﻣﺻطﻔﻰ ﺑﻠﻘزﺑور‪ ،‬ﺗوزﯾﻊ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﮭﺎت‪ ،‬اﻟﺳﻠﺳﻠﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻟﺑﺣوث اﻹدارة واﻻﻗﺗﺻﺎد واﻟﻣﺎل‪ ،‬اﻟﻌدد اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ ،‬ص ‪ 82‬‬
‫ ‪43‬اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻹﺳﺘﺸﺎرﯾﺔ ﻟﻠﺠﮭﻮﯾﺔ‪ ،‬ﺗﻘﺮﯾﺮ ﺣﻮل اﻟﺠﮭﻮﯾﺔ اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ‪ ،‬اﻟﻜﺘــﺎب اﻷول‪ ،‬اﻟﺘﺼﻮر اﻟﻌﺎم‬
‫الكتاب الثالث ‪ :‬يتضمن دراسة عن الجهوية باعتبارها أداة للتنمية اإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية‪.‬‬
‫تضمن المشروع مقترحات عديدة‪ ,‬يمكن إجمالها في اآلتي ‪:‬‬
‫فيما يتعلق بالكتاب األول فقد عرض في قسمه التمهيدي القيم المؤسسة‬
‫للنموذج المقترح للجهوية المتقدمة وللغايات المتوخاة منه ‪.‬‬
‫هذا النموذج حسب تصور اللجنة‪ ,‬من شأنه أن يفتح السبيل إلرساء عالقات‬
‫جديدة بين الدولة والجماعات الترابية مبنية على الشراكة واإلشراف والمراقبة‬
‫المرنة عوض الوصاية; كما يعتبر التعاقد النهج المقترح إلقامة هذه الشراكة‪ ,‬مع‬
‫ضرورة تنسيق السياسات العمومية الوطنية والترابية‪ ,‬ومراجعة آليات‬
‫المراقبة من طرف الدولة بتفضيل اللجوء إلى التقييمات البعدية ‪..‬‬
‫تفعيل هذا المشروع كما تصورته اللجنة‪ ,‬لن يتأتى إال تدريجيا على مراحل‪,‬‬
‫وتفعيله يرافقه تقييم مستمر يتجلى من خالل ‪:‬‬
‫‪ -‬على الصعيد المؤسساتي ‪ :‬الشروع في تفعيل الجهوية المتقدمة اليستدعي‬
‫مراجعة الدستور بل مجرد إعادة النظر في الالزم من المقتضيات التشريعية‬
‫والتنظيمية المعمول بها;‬
‫‪ -‬من حيث اختصاصات الجهات ومنها أساسا اختصاصات مجالسها المنتخبة‪,‬‬
‫فيجب توسيع هذه اإلختصاصات للمجاالت اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية‬
‫والبيئية;‬
‫المقترحات ‪:‬‬
‫تم تقديم هذه المقترحات بأسلوب توصيفي تيسيرا إلدراكها اإلجمالي‪ ,‬وتتعلق‬
‫هذه المقترحات على التوالي ب ‪:‬‬
‫‪ – 1‬الحياة الديموقراطية الجهوية;‬
‫‪ – 2‬توزيع اإلختصاصات وتمفصلها;‬
‫‪ – 3‬أدوات الجهات في التنمية المندمجة والموارد المرتبطة بها;‬
‫‪ – 4‬الحكامة والمراقبة من طرف الدولة;‬
‫‪ – 5‬الالتمركز اإلداري والتقطيع الجهوي;‬
‫‪ – 6‬التدابير الدستورية والتشريعية المواكبة لتفعيل المشروع;‬

‫ترمي المقترحات المدرجة في هذا المحور إلى تقوية التمثيلية والمشروعية‬


‫الديموقراطية للمجالس الجهوية‪ ,‬واعتماد مقاربة النوع في ولوج الوظائف‬
‫التمثيلية في الجهة‪,‬‬
‫فيمايتعلق بتركيبة المجالس وانتخابها ‪:‬‬
‫‪ -‬يجب تكوين المجلس من صنفين من األعضاء )منتخبين لهم صوت تقريري;‬
‫أعضاء بحكم القانون أو الصفة لهم صوت استشاري(;‬
‫‪ -‬انتخاب أعضاء المجلس الجهوي ذوي الصوت التقريري عن طريق اإلقتراع‬
‫العام المباشر;‬
‫‪ -‬يضم المجلس الجهوي كذلك أيضا كأعضاء بصوت استشاري‪ ,‬البرلمانيين‬
‫المنتخبين في الجهة ورؤساء الغرف المهنية;‬
‫‪ -‬إجراء اإلنتخابات الجماعية والجهوية في تاريخ واحد;‬
‫‪ -‬يتنافى منصب رئيس المجلس الجهوي مع العضوية في البرلمان;‬
‫‪ -‬اليمكن لنفس الشخص أن يجمع بين عضوية المجالس الترابية الثالثة ) في‬
‫إطار التوسيع من حاالت التنافي( ‪.‬‬
‫فيما يتعلق بالصالحيات التنفيذية لرؤساء المجالس ‪:‬‬
‫يجب تقوية مؤسسة الرئيس وإعطائه صالحيات ‪:‬‬
‫‪ -‬تنفيذ مداوالت المجلس;‬
‫‪ -‬األمر بالصرف لمداخيل ونفقات الجهة;‬
‫‪ -‬التنفيذ المباشر لقررات المجلس ذات الطابع اإلداري;‬
‫‪ -‬توضع رهن إشارته وكالة لتنفيذ مشاريع اإلستثمار التي يقررها المجلس‬
‫الجهوي;‬
‫فيما يتعلق بالمشاركة النسائية وفق مقاربة النوع ‪:‬‬
‫‪ -‬اإلدماج الممنهج لمقاربة النوع في السياسات العمومية واإلستراتيجيات‬
‫والحكامة;‬
‫‪ -‬إحداث لجنة استشارية إلنصاف النوع في كل مجلس جهوي تضم شخصيات‬
‫كفأة من الجنسين;‬
‫فيما يتعلق بالديموقراطية التشاركية ‪:‬‬
‫‪ -‬إحداث آاليات استشارية لتيسير المشاركة المنظمة للمواطنين في إعداد‬
‫المخططات الجهوية للتنمية والمشاريع الكبيرة;‬
‫‪ -‬آليات العرائض;‬
‫‪ -‬آليات للحوار والتشاور مع الجمعيات المؤهلة;‬
‫‪ -‬هيئات للتشاور مع القطاع الخاص ‪.‬‬
‫اختصاصات موسعة وأكثر تمفصال ‪:‬‬
‫اقترحات في مجال اختصاصات الجهة في التمية المندمجة ‪:‬‬
‫‪ -‬عمال بمبدأ التفريع يمكن تقاسم اإلختصاص بين الدولة والجماعات الترابية‬
‫فيما يتعلق بالتنمية اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية والبيئية;‬
‫‪ -‬نقل مسؤليات الدولة ومهامها إلى الجهات والجماعات الترابية وفي إطار‬
‫قانوني بالتدريج على أساس تعاقد مضبوط الشكل‪ ,‬ويقرن هذا النقل بنقل‬
‫الموارد والوسائل المطابقة ;‬
‫‪ -‬صدارة المجلس الجهوي بين باقي الجماعات في مجال البرامج التنموية‬
‫الجهوية ‪.‬‬
‫ضرورة الرفع من الموارد المرصودة من طرف الدولة ‪:‬‬
‫‪-‬الرفع من الحصة المرصودة لها من الضريبة على الشركات‪ ,‬والضريبة على‬
‫الدخل من‪ 1%‬إلى ‪;5%‬‬
‫‪ -‬اإلقتسام المتساوي بين الدولة والمجالس الجهوية لعائدات رسوم التسجيل‬
‫والضريبة السنوية الخاصة على العربات ذات المحرك;‬
‫‪ -‬تخويل الجهات أهلية اإلستفادة من عائدات الضريبة على القيمة المضافة على‬
‫أن يصرف نصيبها في اإلستثمار;‬
‫‪ -‬ضرورة إدراج الحكومة في القوانين المالية المبالغ المرصودة للمجالس‬
‫الجهوية وباقي المجالس الترابية;‬
‫‪ -‬ضرورة تناسب الموارد مع اإلختصاصات المنقولة للجهة;‬
‫تبويب الميزانية العامة بحسب الجهات إلبراز مايرصد لكل جهة من اإلعتمادات‬
‫العمومية;‬
‫‪-‬تعميم عقود البرامج‪44‬والتدبير وفق األهداف من خالل تطوير التجارب‬
‫المكتسبة في مجال اللجوء إلى عقود البرامج فيما يخص التصريف الترابي‬
‫لخطط العمل القطاعية وتحويل اإلختصاصات والموارد المطابقة لها من المركز‬
‫إلى المصالح الخارجية‪.‬‬
‫كما تورد اللجنة اقتراحات لها عالقة بحكامة األداء‪ ,45‬يتأتى ذلك من خالل‬
‫التوصية بتعزيز القدرات التنفيذية والتدبيرية للجماعات الترابية‪ ,‬لذلك اقترحت‬
‫اللجنة ‪:‬‬
‫‪ -‬تمكين مجالس الجهات من وكالة لتنفيذ المشاريع تكن تحت مراقبتها‪ ,‬كفيلة‬
‫بإمدادها بالدراسات التقنية وإنجاز مشاريع اإلستثمار الجهوية;‬
‫‪ -‬إذكاء روح المسؤولية بين أعضاء المجالس والمسؤولين واألطر واألعوان‬
‫العاملين بإدارات الجهات;‬
‫‪ -‬التدبير بحسب األهداف والوسائل المرصودة لكل اختصاص من اختصاصاتها‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬تطوير التجارب المكتسبة في مجال اللجوء إلى عقد البرامج بين هذين‬
‫المستويين فيماا يخص التصريف الترابي لخطط العمل القطاعية‪ ,‬وتحويل‬
‫اإلختصاص والموارد المطابقة لها من المركز إلى المصالح الخارجية‬
‫ ‬
‫ ‪44‬ﯾﻛﺗﺳﻲ ﻋﻘد اﻟﺑرﻧﺎﻣﺞ ﺷﻛل إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺳﻧوﯾﺔ أو ﻣﺗﻌددة اﻟﺳﻧوات ﺗﻛون ﻣرﺟﻌﺎ‪ ،‬وﯾﻣﻛن أن ﯾﺗداﺧل ﻓﻲ ﺳﻧﺗﯾن ﻣﺎﻟﯾﺗﯾن أو أﻛﺛر‪.‬‬
‫ ‪45‬ﺳﯿﺪي ﻣﻮﻻي أﺣﻤﺪ ﻋﯿﻼل ‪":‬اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﺠﮭﻮي ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب ﺑﯿﻦ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ واﻟﻘﺎﻧﻮن" ﻣﺠﻠﺔ ﻣﺴﺎﻟﻚ‪ ،‬اﻟﺤﻜﺎﻣﺔ اﻟﺘﺮاﺑﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﮭﻮﯾﺔ‬
‫اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ إﻟﻰ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺬاﺗﻲ"‪ ،‬اﻟﻌﺪد ‪ ،32/31‬ﻣﻄﺒﻌﺔ اﻟﻨﺠﺎح اﻟﺠﺪﯾﺪة‪ -‬اﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء‪ ،2015 ،‬اﻟﺼﻔﺤﺎت ‪70‬و ‪. 71‬‬
‫‪-‬تقديم الجهات لحساباتها سنويا إلى المجالس الجهوية للحسابات ;‬
‫‪ -‬إقامة أنظمة للوقاية وتدبير المخاطر ‪.‬‬
‫مراقبة أكثر مرونة وحداثة من طرف الدولة‬
‫مع مراعاة ضرورة إشراف الدولة على أنشطة المجالس الجهوية وباقي المجالس‬
‫المنتخبة ومراقبتها لهذه األنشطة‪ ,‬تجدر إعادة النظر في المفهوم التقليدي‬
‫للوصاية وذلك ب ‪:‬‬
‫‪ -1‬الحد من المراقبة القبلية‪ ,‬بحيث ال تخضع للمراقبة بالمصادقة المسبقة إال‬
‫القرارات واألعمال المنصوص عليها صراحة في القوانين واألنظمة الجاري بهــا‬
‫العمل‪ ,‬على أن يتم تدريجيا الحد من هذه المراقبة بتقليص آجال جواب السلطة‬
‫المختصة‪ ,‬وأيضا بحصر القرارات واألعمــال التي تبقى خاضعة لهــا على جدول‬
‫أعمـال اإلجتماعات والميزانيات;‬
‫‪ _ 2‬تنحصر المراقبة على ‪:‬‬
‫‪ -‬اإللتزام بالنفقات وأدائها;‬
‫‪ -‬المراقبة المالية على المؤسسات العمومية وعلى الشركات التابعة للجماعات‬
‫والوكاالت الجهوية لتنفيذ المشاريع;‬
‫‪ -‬المراقبة المعدلة أو المواكبة;‬
‫‪ -‬اإلبقاء على المراقبة القضائية لشرعية األعمــال والقرارات‪,‬‬
‫تنسيق اإلدارة العمومية في الجهة‪:‬‬
‫يتأتى ذلك من خالل ‪:‬‬
‫‪ -‬تحديد مسؤوليات وصالحيات الوالة والعمال من حيث التنسيق بين المصالح‬
‫الالممركزة ومجمل الهيئات العمومية في حدود اختصاصهم الترابي بالدقة‬
‫والوضوح;‬

‫مساهمة في ورش الالتمركز ‪:‬‬


‫يتأتى ذلك من خالل‪: 46‬‬
‫‪-1‬تنسيق اإلختصاصات واإلنتشار الترابي للمصالح الخارجية لإلدارة وللهيآت‬
‫العمومية الالمركزية العاملة في قطاعات أساسية مثل التربية والتكوين والماء‬
‫والبنيات التحتية للنقل والسكن والتعمير;‬
‫‪ -2‬السهر على تصويب أو تجنب تداخل اإلختصاصات وازدواجية الهيآت‬
‫واإلستعمال غير المالئم للموارد البشرية والمادية بين مختلف أنواع المصالح‬
‫والهياكل الالممركزة والالمركزية المكلفة بالعمل العمومي الميداني;‬
‫‪ – 3‬تضطلع اإلدارة المركزية بمهام التوجيه والتصور والتنشيط والمواكبة‬
‫والمساعدة والتقييم والمراقبة في اتجاه تفويض موسع بالتدريج للمهام افجرائية‬
‫والتدبيرية للمصالح الخارجية القريبة من السكان;‬
‫‪ – 4‬تناط باإلدارة الجهوية مهام التنسيق وتحقيق التماسك بين برامج وأعمــال‬
‫المصالح والهيئات العمومية ‪ ,‬وأيضا مهمة التعاقد مع اإلدارة المركزية وتتبع‬
‫التفعيل ;‬
‫‪ – 5‬يتم تصريف اإلستراتيجيات والسياسات العمومية على صعيد الجهة مع‬

‫ ‬
‫ ‪46‬اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻹﺳﺘﺸﺎرﯾﺔ ﻟﻠﺠﮭﻮﯾﺔ ﺗﻘﺮﯾﺮ ﺣﻮل اﻟﺠﮭﻮﯾﺔ اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ‪ ..‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ اﻟﺼﻔﺤﺔ ‪. 43‬‬
‫إشراك اإلدارة الجهوية وبتشاور مع الفاعلين العموميين في الجهة ‪.‬‬

‫‪ -‬التدابير الدستورية والتشريعية المواكبة لتفعيل المشروع ‪:‬‬


‫دعوة إلجراء تعديالت دستورية ألن الدستوة من شأنها إضفاء قيمة واستقرار على‬
‫المقتضيات القانونية بالشكل الذي يطبع وبامتداد في الزمــان عالقات الجهوية‬
‫ببنيات الدولة‪ ,‬من هذا المنظور أوصت اللجنة بأن تنطوي الصيغة الدستورية‬
‫للتعديالت المقترحة على تصويبات تيسر اإلنتقال من جهوية ناشئة إلى جهوية‬
‫متقدمة‪ ,‬وذلك من خالل ‪:‬‬
‫‪ -‬إلغاء الحدود المنصوص عليها خاصة في الفصل ‪ 100‬من الدستور‪;47‬‬
‫‪ -‬دسترة مواد جديدة;‬
‫‪ -‬إلغاء القيود المدرجة في الفصل ‪ 101‬ذلك أن الفقرة الثانية منه تخالف مبدأ‬
‫التدبير الديموقراطي لشؤون الجهة‪ ,‬ذلك أن الفقرة األولى منه تعطي للجماعات‬
‫المحلية أحقية التدبير الديموقراطي لشؤونها‪ ,‬فيما تقيد الفقرة الثانية هذا الحق‪,‬‬
‫إذا كانت تنص صراحة على أن العمال يتولون تنفيذ قرارات مجالس الجهات‬
‫طبق الشروط التي يحددها القانون ;‬
‫‪ -‬تعديل عنوان الباب الحادي عشر من الدستور لتحل عبارة "الجماعات الترابية"‬
‫محل عبارة "الجماعات المحلية "في النص الحالي ‪.‬‬

‫ ‬
‫ ‪47‬ﯾﻨﺺ اﻟﻔﺼﻞ ‪ 100‬ﻣﻦ دﺳﺘﻮر ‪ 1996‬ﻋﻠﻰ ﻣﺎﯾﻠﻲ ‪ ":‬اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ ﺑﺎﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ھﻲ اﻟﺠﮭﺎت واﻟﻌﻤﺎﻻت واﻷﻗﺎﻟﯿﻢ واﻟﺠﻤﺎﻋﺎت‬
‫اﻟﺤﻀﺮﯾﺔ واﻟﻘﺮوﯾﺔ‪ ،‬وﻻ ﯾﻤﻜﻦ إﺣﺪاث أي ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﺤﻠﯿﺔ أﺧﺮى إﻻ ﺑﻘﺎﻧﻮن"‬
‫‪ -‬التكريس الدستوري لمبدأ اإلقتراع العام المباشر;‬
‫‪ -‬تعديل الفصل ‪ 38‬من الدستور بالتنصيص فيما يعود لتمثيل الجماعات الترابية‬
‫لمجلس المستشارين في البرلمان‪ ,‬على هيئتين ناخبتين عوض واحدة‪ ,‬األولى‬
‫تتكون من أعضاء المجلس الجهوي‪ ,‬والثانية تضم ممثلي باقي الجماعات‬
‫الترابية على صعيد الجهة;‬
‫‪ -‬دسترة مواد جديدة وذلك بغرض إدراج بعض مبادئ الجهوية بغية تعزيز‬
‫استقاللية الجماعات الترابية خاصة في المجال المــالي‪ ,‬تعنى هذه المبادئ ب ‪:‬‬
‫‪ -‬حرية التصرف بالموارد في حدود القانون;‬
‫‪ -‬المعادلة بين الموارد واإلختصاصات ‪ ,‬ويتعلق األمر بالتكريس الدستوري‬
‫لمبدأ نقل الموارد تبعا لنقل اإلختصاصات من الدولة إلى الجهات;‬
‫‪ -‬التعاون بين الجماعات الترابية;‬
‫‪ -‬التضامن بين الجماعات‪.‬‬
‫ﺧـــﺎﺗﻤﺔ‪:‬‬
‫تظهر الالمركزية بالمغرب إلى حدود سنة ‪ ,2011‬في أنها شهدت محطات مختلفة‬
‫في نموها وتطورها‪ ,‬إال أن هذه المحطات اعتبرت باألساس مصنفة ضمن مقاربة‬
‫كالسيكية‪ ,‬رغم جهود المشرع في تحيين النصوص القانونية المتعلقة‬
‫بالالمركزية الترابية‪ ,‬سواء في الشق اإلداري أو النصوص المالية المتعلقة‬
‫بالجماعات الترابية ـ المحلية أنذاك ـ مما أدى في نهاية األمر إلى التطور من‬
‫المركزية تعتمد على مؤسستين ترابيتين وهما الجماعات ـ الحضرية والقروية في‬
‫السابق ـ و العماالت واألقاليم‪ ,‬إلى إضافة الجهة كوحدة المركزية ترابية تتضمن‬
‫اختصاصات واسعة وكذلك ذات خصوصية تنموية باألساس‪ .‬وجاءت هذه‬
‫المحطة بناءاً على توصيات أدلت بها اللجنة االستشارية حول الجهوية المتقدمة‬
‫وكذلك انطالقا من الرغبة المتجلية في القرار السياسي وكذلك الصناعة التشريعية‬
‫لهذه المحطة عبر النصوص المنظمة لها‪.‬‬
‫وبالتالي أضحى المغرب يتوفر على ثالث وحدات ترابية الممركزة شهدت تطوراً‬
‫مع النصوص القانونية المرتبطة بها والتي سنتعرف عليها من خالل الالمركزية‬
‫الترابية بعد سنة ‪ 2011‬أو بعد بعد دستور فاتح يوليوز ‪ 2011‬وهو العرض الموالي‬
‫في سلسلة عروض هذه الوحدة‪.‬‬

‫ ‬
‫ ‬
‫ ‬
‫الئحة المراجع المعتمدة‪:‬‬
‫باللغة العربية‪:‬‬
‫‪ v‬الكتب‪:‬‬
‫‪ v‬عبد المولى المسعيد ‪" ,‬مسار وتحوالت سياسية الالمركزية‬
‫الترابية بالمغرب سعيد" ‪ ,‬الدار البيضاء ‪ :‬صوماديل‪.2012 ,‬‬
‫‪ ü‬مليكة الصروخ‪ ,‬النظرية العامة للتنظيم اإلداري‪ :‬نظرية‬
‫الشخصية المعنوية‪ ,‬األسس العامة للتنظيم اإلداري‪ :‬التنظيم اإلداري‬
‫في المغرب‪ :‬المركزية اإلدارية‪ ,‬الالمركزية اإلدارية‪ ,‬دار القلم‪,‬‬
‫الطبعة األولى‪.2010 ,‬‬
‫‪ ü‬السعيدي مزروع فاطمة‪ ,‬اإلدارة المحلية الالمركزية بالمغرب‪,‬‬
‫الطبعة األولى ‪.2003‬‬
‫‪ ü‬عبد العزيز عبد الله‪" :‬النظام اإلداري بالمغرب منذ قرون" مجلة‬
‫الشؤون اإلدارية عدد ‪ 1‬يناير ‪.1983‬‬
‫‪ ü‬حمبد ابوالس‪ ,‬ماريا زمبونينو بوليتو‪ " ,‬دراسة حول الالمركزية‬
‫اإلدارية والسياسية في المغرب واسبانيا"‪.‬‬
‫‪ v‬المجالت‪:‬‬
‫‪ ü‬موالي محمد البوعزاوي‪ ,‬تحديث اإلدارة الترابية بالمغرب نحو‬
‫ترسيخ الديموقراطية وكسب رهان التنمية‪ ,‬منشورات مجلة العلوم‬
‫القانونية‪ ,‬سلسلة البحث األكاديمي‪ ,‬الطبعة األولى‪.‬‬
‫‪ ü‬المصطفى قريشي‪ :‬التدبير المحلي والحكامة الترابية على ضوء‬
‫القوانين التنظيمية الجديدة‪ ,‬مجلة العلوم القانونية‪ ,‬سلسلة الدراسات‬
‫الدستورية والسياسية‪ ,‬العدد الرابع‪.2015 ,‬‬
‫‪ ü‬المهدي بنمير‪ ,‬الجهة بين الالمركزية والالتمركز اإلداري"‬
‫دراسة تحليلية للجهوية على ضوء الرسالة الملكية حول التدبير‬
‫الالمتمركز لالستثمار"‪ ,‬سلسلة الالمركزية والجماعات المحلية‪,‬‬
‫عدد ‪.2002 ,10‬‬
‫‪ ü‬المصطفى بلقزبور‪ ,‬توزيع االختصاص بين الدولة والجهات‪,‬‬
‫السلسلة المغربية لبحوث اإلدارة واالقتصاد والمال‪ ,‬العدد الثاني‪.‬‬

‫التقارير الرسمية‪:‬‬ ‫‪v‬‬


‫‪ ü‬اللجنة االستشارية للجهوية‪ ,‬تقرير حول الجهوية المتقدمة‪,‬‬
‫الكتــاب األول‪ ,‬التصور العام‪.‬‬

‫الرسائل واألطروحات‪:‬‬ ‫‪v‬‬


‫‪ ü‬رشيد تونفي‪ ,‬التقسيم الترابي الجهوي بالمغرب‪ ,‬دراسة في‬
‫أنماط التقسيم وانعكاساته على المجال الجهوي ‪, 2015-1912‬‬
‫رسالة لنيل شهادة الماستر تخصص الدراسات اإلدارية والمالية‪ ,‬كلية‬
‫الحقوق اكدال‪.2015 ,‬‬
‫‪ ü‬فاطمة اعليلوش‪ ,‬الديمقراطية المحلية في ظل العهد الجديد‪,‬‬
‫رسالة لنيل الماستر في القانون والعلوم اإلدارية للتنمية‪ ,‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة‪.2009-2010 ,‬‬
‫‪ ü‬احمد سرداري‪ ",‬االبعاد السياسية واالجتماعية لنظام الجهة‬
‫بالمغرب" اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ,‬وحدة علم‬
‫السياسة والقانون الدستوري‪ ,‬جامعة محمد الخامس‪ ,‬كلية الحقوق‬
‫اكدال‪.2002-2001 ,‬‬
‫‪ ü‬عزيزي مفتاح‪ ,‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪,‬‬
‫"الالمركزية من التسيير اإلداري إلى تدبير التنمية"‪ ,‬جامعة محمد‬
‫الخامس‪ ,‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪ -‬أكدال‪,‬‬
‫الرباط – السنة الجامعية ‪.2000-2001‬‬
‫‪ ü‬أحمد برداري‪ ,‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪" ,‬‬
‫األبعاد السياسية واالجتماعية لنظام الجهة بالمغرب"‪ ,‬جامعة محمد‬
‫الخامس‪ ,‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪ -‬أكدال‪,‬‬
‫الرباط – السنة الجامعية ‪.2000-2001‬‬
‫‪ v‬النصوص القانونية‪:‬‬
‫‪ ü‬الظهير الشريف رقم ‪ 09-02‬الصادر في ‪ 22‬صفر ‪ 18 ) 1430‬فبراير‬
‫‪ (2009‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 45.08‬المتعلق بالتنظيم المالي‬
‫للجماعات المحلية ومجموعاتها‪ ,‬الجريدة الرسمية عدد ‪ .5711‬‬

‫‪ ü‬ظهير شريف رقم ‪ 1.92.155‬صادر في ‪ 11‬من ربيع اآلخر ‪1413‬‬


‫)‪ 9‬أكتوبر ‪ (1992‬بتنفيذ مراجعة الدستور‪.‬‬
‫ظهير رقم ‪ 1.97.84‬الصادر في ‪ 2‬فبراير ‪ 1997‬والقاضي‬ ‫‪ü‬‬
‫بتنفيذه القانون ‪ ,47.96‬بمثابة النص المنظم للجهة ‪.‬‬
‫‪ ü‬قانون ‪ 96-47‬المنظم للجهات‪ ,‬الجريدة الرسمية عدد ‪4470‬‬
‫بتاريخ ‪ 1997/04/03‬الصفحة ‪.556‬‬
‫‪ v‬المطبوعات‪:‬‬
‫‪ ü‬منجزات و أهداف‪ ,‬مطبوع وزارة األنباء و السياحة‪.1958 ,‬‬

‫المواقع الرسمية‪:‬‬
‫‪ ü‬بوابة الجماعات الترابية بالمغرب‪ http://www.pncl.gov.ma :‬‬
:‫باللغة الفرنسية‬
Les Ouvrages : v
A.Sedjari : « Les structures Administratives ü
Territoriales et le Developpement local au
.Maroc » Rabat 1981
Benbachir : « L’administration Locale au Maroc ü
.» Imprimerie Royale Rabat, 1979
JULIEN : « Le Maroc face aux Imperialismes ü
.1914-1956 » Paris, 1978
Le Vrault : « le fellah Marocain Défenseur du ü
.Trône » Paris, 1974

‫اﻟﻔــــﮭــــﺮس‬
‫مقدمة الموضوع‪ 2 .................................................................... :‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الالمركزية بين فتاوة التجربة و فشل التدبير الكالسيكي ”الجماعات و‬
‫العماالت و األقاليم“ ‪ 7 ................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مراحل تطور الالمركزية بالمغرب ‪ 7 ...........................................‬‬
‫الفرع األول‪:‬تطور الالمركزية بالمغرب إلى غاية سنة ‪ 8 ................................ .1976‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تطور الالمركزية بالمغرب مند سنة ‪ 1976‬إلى غاية سنة ‪ 10 .............. .2011‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أسباب فشل الالمركزية الكالسيكية ‪ 20 .......................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الجماعات الترابية الكالسيكية إطار للتسيير اإلداري ‪ 21 .........................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ضعف أداء النخب المحلية ‪ 24 ...................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬ضعف الموارد المالية للجماعات الترابية مقابل توسيع االختصاصات ‪ 25 ......‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مسار الالمركزية الجهوية بالمغرب ‪ 27 .................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تطور مسلسل الجهوية بالمغرب ‪ 27 ..........................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الجهة خالل فترة الحماية ‪ 28 ....................................................‬‬
‫الفرع الثاني ‪:‬التجربة الجهوية وفق ظهير ‪ 1971‬ومحدوديتها في تهيئة المجال وتحقيق التنمية‬
‫ ‪ 29 .............................................................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬التجربة الجهوية وفق منظور قانون ‪ 96.47‬وجوانب القصور والضعف ‪ 35 ....‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬اللجنة اإلستشارية للجهوية ورهــان تطوير النموذج الجهوي بالمغرب ‪ 40 ...‬‬
‫ﺧـــﺎﺗﻤﺔ‪ 50 ..................................................................... :‬‬
‫الئحة المراجع المعتمدة‪ 52 .......................................................... :‬‬
‫ ‬

You might also like