You are on page 1of 159

‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫جملة املمارس للدراسات القا نو نية و القضا ئية‪ ،‬جملة علمية الكرتونية‬
‫تعنى بنشر املقاالت و األحباث ذات الصلة با جملال القانوني و القضائي‪،‬‬
‫تصدر كل ثالثة أشهر على املو قع االلكرتوني‪:‬‬

‫املدير املسؤول ‪ :‬ذ‪ .‬ياسني الصبار‬

‫رئيس التحرير ‪ :‬ذ‪ .‬عمر املوريف‬

‫الربيد االلكرتوني للمجلة ‪:‬‬

‫‪ALMOUMARIS@GMAIL.COM‬‬

‫اهلاتف ‪:‬‬

‫‪06.51.06.05.32‬‬

‫اإليداع القانوني للمجلة ‪:‬‬

‫‪ISSN : 2605-7670‬‬

‫اإلشراف الفين ‪ :‬عزالدين الغوساني‬

‫كل احلقوق حمفوظة ®‬

‫‪1‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫يسعدني و يشرفني أن أضع بين أيدي السادة و السيدات الباحثين‬


‫والباحثات والمهتمين بالشأن القضائي والقانوني في بالدنا‪ ،‬هذا العدد‬
‫األول من مجلتنا العلمية االلكترونية التي أطلقنا عليها اسم "مجلة‬
‫الممارس للدراسات القانونية و القضائية"‪ ،‬وال أخفي عليكم مقدار‬
‫السرور والفرح الذي يخالجني ونحن اليوم نصدر أول عدد من مجلتنا‪،‬‬
‫ونحن جد مسرورين بالتعاون والمساعدة التي لقيناها من كافة‬
‫األساتذة والممارسين والطلبة بكافة المستويات‪ ،‬وهذا إن دل على‬
‫شيء فإنما يدل على أن البحث العلمي ببالدنا الزال بخير‪ ،‬ويدل كذلك‬
‫على مقدار االهتمام الذي يوليه الباحثون واألساتذة لألعمال العلمية‬
‫بكافة أشكالها‪.‬‬

‫في الختام نتمنى أن يجد الباحث و األستاذ والطالب والمهتم ظالته‬


‫في هذه المجلة‪ ،‬وأن تكون هذه المبادرة هي دعم لألعمال العلمية‬
‫التي تصدر بشكل الكتروني وإضافة للحقل القانوني والعلمي ببالدنا‪.‬‬

‫ياسين الصبار‬
‫قلعة السراغنة في ‪:‬‬
‫‪ 16‬شتنبر ‪2018‬‬

‫‪2‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫‪ ‬د ‪ .‬عبد اللطيف الشنتوف )رئيس نادي قضاة المغرب(‬


‫‪ ‬د ‪ .‬نور الدين الفقيهي )أستاذ جامعي (‬
‫‪ ‬د ‪ .‬محمد الزهراوي )أستاذ جامعي (‬
‫‪ ‬د ‪ .‬نور الدين الرحالي )أستاذ جامعي(‬
‫‪ ‬د ‪ .‬عبد اإلاله المحبوب )أستاذ جامعي (‬
‫‪ ‬دة ‪ .‬زهيرة فونتير )أستاذة جامعية (‬
‫‪ ‬د ‪ .‬فؤاد بن الصغير )أستاذ جامعي (‬
‫‪ ‬د ‪ .‬محمد بن التاجر )أستاذ جامعي (‬
‫‪ ‬د ‪ .‬عبد الله فرح ) مستشار بمحكمة النقض(‬
‫‪ ‬ذ ‪ .‬البشير بن إسماعيل )نائب وكيل الملك(‬
‫‪ ‬ذ ‪ .‬عز يز بنطلبة ) محام(‬
‫‪ ‬ذ ‪ .‬عبد الغني قاسيمي )مفوض قضائي(‬
‫‪ ‬ذ ‪ .‬محمد الزكراوي ) إطار بوزارة الداخلية(‬

‫‪ ‬جواد خر بوش )باحث بسلك الدكتوراه(‬


‫‪ ‬محمد عيشوش )باحث بسلك الدكتوراه(‬
‫‪ ‬محمد القاسمي )باحث قانوني و مدير مجلة(‬
‫‪ ‬محمد جـــــحا )باحث بسلك الماستر(‬
‫‪ ‬يونس لعناني )باحث بسلك الماستر(‬
‫‪ ‬ادر يس الشنقوي )عدل متمرن(‬
‫‪ ‬رضوان الفتحي )عدل متمرن(‬
‫‪ ‬عز الدين الغوساني )باحثيف القانون العام(‬

‫‪3‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫‪ ‬أن يكون البحث أو المقال له صلة بالمجال القانوني أو القضائي‬

‫‪ ‬أن يكون البحث أو المقال غير منشور سابقايف مجلة أو موقع‬

‫‪ ‬أن يكون البحث أو المقال مستوفي للشروط المتعلقة بالمنهجية‬

‫‪ ‬أن يكون البحث أو المقال محترما لألمانة العلمية‬

‫‪ ‬أن يرسل المقال أو البحثيف صيغة ‪word‬‬

‫‪ ‬أن توافق اللجنة العلمية و االستشارية على المقال أو البحث‬

‫‪ ‬ال تتحمل المجلة التجاوزات التي يقوم بها صاحب المقال‬

‫‪ ‬ال تعبر المقاالت المنشورة بالمجلة إال عن رأي أصحابها‬

‫‪ ‬أن يكون البحث أو المقال مرفقا ببطاقة تعر يفية للكاتب‬

‫‪ ‬إرسال المقال أو البحث للبر يد االلكتروني للمجلة ‪:‬‬

‫‪Almoumaris@gmail.com‬‬

‫‪4‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫مقــاالت و أبحـــاث قانونيــــــة باللغة العربية‬

‫الصفحة‬ ‫الكاتب‬ ‫عنوان املقال‬

‫‪8‬‬ ‫ياسين الصبار‬ ‫المنازعات حول عيوب مسطرة‬


‫التحصيل الجبائي‬
‫‪20‬‬ ‫عزالدين الغوساني‬ ‫اإلدارة االلكترونية ‪ ،‬المعيقات ورهان‬
‫التطوير‬
‫‪45‬‬ ‫محمد عيشوش‬ ‫الزمن العام و الزمن الخاص‪ ،‬مقاربة‬
‫تحليلية على ضوء اجتهاد محكمة‬
‫النقض‪ ،‬عقد النقل نموذجــــا‬
‫‪58‬‬ ‫محمد الزكراوي‬ ‫االنحراف التشريعي أو المخالفة‬
‫الموضوعية للدستور‪ ،‬نموذج الدفع‬
‫بعدم دستورية قانون ساري‬
‫المفعول‬
‫‪83‬‬ ‫عبد الكر يم بنحمينا‬ ‫معايير اسناد الجنسية المغربية‬
‫األصلية على ضوء قانون الجنسية‬
‫المغربي‬
‫‪92‬‬ ‫عمر الموريف‬ ‫العقاب الجنائي بين حق الدولة و حق‬
‫الضحية‬
‫‪106‬‬ ‫رضوان الفتحي‬ ‫القضاء العسكري ‪ :‬التنظيم و‬
‫وعماد الحيان‬
‫االختصاص‬

‫‪5‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫مقــاالت و أبحـــاث قانونيــــــة باللغة الفرنسية‬

Le titre de l'article Auteur Page


Les attributions du Youssef AIT 134
président du tribunal de BAHA
commerce en vertu des
dispositions de la nouvelle
loi sur le bail commercial

‫نصوص قانونية‬

‫الصفحة‬ ‫العنوان‬

142 ‫محاربة العنف ضد النساء‬

6
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫مقــاالت و أبحـــاث قانونيــــــة باللغة‬


‫العربية‬

‫‪7‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫ذ ‪ .‬ياسيـن الصبــار‬

‫باحث يف قانون األعمال‬

‫مدير جملة املمارس‬

‫المنازعات حول عيوب مسطرة التحصيل الجبائي‬

‫مقدمة ‪:‬‬
‫لتمويل أنشطتها و نفقاتها المختلفة ‪ ،‬تعتمد الدولة على موارد متنوعة ‪ ،‬لكن أقدم و أهم هاته‬
‫الموارد هي الضرائب ‪.‬‬
‫فباالضافة إلى كونها أهم مصدر لإليرادات العامة في ميزانية الدولة ‪ ،‬فقد أضحت الضريبة‬
‫أيضا احدى وسائل السياسة المالية التي تمكن من توجيه النشاط االقتصادي و تحقيق أهداف‬
‫التنمية االقتصادية و االجتماعية ‪. 1‬‬
‫و نظرا لهذه األهمية التي تكتسيها الضرائب كمورد لخزينة الدولة فإن التشريع المغربي أقر‬
‫مجموعة من المؤسسات و الجهات التي تتكفل بعملية فرض الضريبة و تحديد الوعاء‬
‫الضريبي للملزمين ‪ ،‬كل حسب قدرته و استطاعته ‪ ،‬و كذلك السهر على عملية التحصيل ‪،‬‬
‫ثم إقرار عدة مساطر و إجراءات من شأنها تدبير النزاعات التي قد تنشب بين الملزم و‬
‫اإلدارة المكلفة بفرض الضريبة أو بتحصيلها ‪.‬‬
‫و المت أمل في العمل اإلداري و القضائي ببالدنا سيجد أنه غالبا ما تنشأ منازعات بين‬
‫الملزمين بالضريبة من جهة ‪ ،‬و بين اإلدارة من جهة ثانية لخطأ أو لعيب في إجراء من‬
‫اإلجراءات المتعلقة بتحديد وعاء الضريبة أو تحصيلها للخزينة العامة للدولة ‪.‬‬
‫و في كل نوع من هذه المنازعات نجد المشرع قد أوجد آليات و مساطر خاصة بفض‬
‫المنازعات ‪ ،‬و بما أن موضوع المقال الذي بين أيدينا هو في المنازعات حول عيوب‬
‫مسطرة التحصيل فإننا آثرنا أن نقوم بإلقاء نظرة وجيزة عن عملية التحصيل و مراحلها و‬

‫‪1‬‬
‫عبد اللطيف العطروز ‪ ،‬محاضرات في القانون الضريبي ‪ ،‬بدون مطبعة ‪ ، 2016– 2015 ،‬ص ‪. 2‬‬

‫‪8‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫كذلك الجهات التي تتكلف بالتحصيل ‪ ،‬على أن نمر فيما بعد للعيوب و الخروقات التي‬
‫تشوب مسطرة التحصيل ‪ ،‬و اآلليات التشريعية و القضائية التي أوجدها المشرع لفض هذه‬
‫المنازعات ‪.‬‬
‫نظم المشرع مسطرة التحصيل في القانون ‪ 15.972‬الذي يعتبر بمثابة مدونة لتحصيل‬
‫الديون العمومية ‪ ،‬حيث عرف المشرع التحصيل بكونه ‪:‬‬
‫" مجموع العمليات و اإلجراءات التي تهدف إلى حمل مديني الدولة و الجماعات المحلية و‬
‫هيآتها و المؤسسات العمومية على تسديد ما بذمتهم من ديون "‪. 3‬‬
‫و بالتالي فإن عمليات التحصيل تنصب بشكل أساسي على استخالص الديون العمومية‬
‫للدولة و بما أن الضرائب تدخل في خانة الديون العمومية ‪ ،‬فإن تحصيلها يكون وفقا‬
‫لإلجراءات و المساطر المنصوص عليها في مدونة تحصيل الديون العمومية مع مراعاة‬
‫القوانين األخرى الخاصة ببعض اإلجراءات كالبيع بالمزاد العلني و الحجز و غيرها ‪.‬‬
‫و تجدر اإلشارة إلى أن الملزمين بالضريبة يمرون بمرحلة التحصيل الرضائي أو التلقائي‬
‫الذي يتم بمحض إرادة الملزم و دون تدخل اإلدارة ‪ ،‬لكن في حالة امتناعه عن أداء ما بذمته‬
‫من ديون ضريبية فإن اإلدارة تلجأ لمساطر التحصيل الجبري للضريبة ‪ ،‬و بالتالي يتم اتباع‬
‫هذه اإلجراءات ‪:‬‬
‫‪ -‬اإلنذار ‪ :‬هو أول إجراء من إجراءات التحصيل الجبري للديون العمومية بما فيها‬
‫ا لديون الضريبية ‪ ،‬و يقوم على توجيه إنذار للملزم بغية حمله على تسديد ما بذمته‬
‫من ديون ‪ ،‬و يتم اإلنذار بسعي من مأمور التنفيذ و التنبليغ التابع للخزينة العامة التي‬
‫تباشر إجراءات التحصيل أو من موظف أو مهني آخر مفوض له القيام بذلك ‪.‬‬
‫و يتم اإلنذار في أجل ‪ 30‬يوما من تاريخ االستحقاق أو ‪ 20‬يوما من تاريخ ارسال آخر‬
‫إشعار باألداء ‪.‬‬
‫‪ -‬الحجز ‪ :‬بعد المرور بمرحلة اإلنذار فإن اإلدارة تلجأ للحجز على أموال المدين و‬
‫ذلك بترخيص من رئيس اإلدارة التي ينتمي إليها المحاسب الذي يقوم بإجراءات‬
‫‪2‬‬
‫القانون ‪ 15.97‬بمثابة مدونة لتحصيل الديون العمومية ‪ ،‬صادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.00.175‬صادر في ‪ 3‬ماي ‪ ، 2000‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 4800‬بتاريخ فاتح يونيو ‪ ، 2000‬ص ‪. 1256‬‬
‫‪3‬‬
‫المادة األولى من مدونة تحصيل الديون العمومية ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫التحصيل ‪ ،‬و يهدف الحجز أساسا إلى جعل الملزم يؤدي ما بذمته من ديون تحت‬
‫طائلة بيع أمواله المحجوزة و استخالص الدين من ثمنها ‪.‬‬
‫‪ -‬البيع ‪ :‬بعد انقضاء ‪ 8‬أيام من تاريخ الحجز المجرى من طرف المحاسب المكلف‬
‫بالتحصيل فإنه يلجأ لمسطرة بيع األموال المحجوزة بعد الحصول على ترخيص من‬
‫رئيس اإلدارة التي ينتمي إليها المحاسب و ذلك بحضور السلطة المحلية أو من‬
‫ينوب عنها ‪.‬‬
‫إذن فاإلدارة تمر عبر هذه اإلجراءات لتحصيل الديون الضريبية ‪ ،‬و قد تنتهي هذه المساطر‬
‫بتحصيل الضريبة كما يمكن أال يتم ذلك ‪ ،‬و بالتالي تلجأ اإلدارة لإلكراه البدني كحل أخير ‪،‬‬
‫لكن اإلشكال المطروح هو حول المنازعات التي قد تثار بشأن العيوب التي تسود إجراء‬
‫معين من إجراءات التحصيل ‪ ،‬و هنا نتساءل حول ماهية العيوب و الخروقات التي تشوب‬
‫مسطرة التحصيل ؟ ثم اآلليات المرصودة لفض المنازعات المثارة بشأن الخروقات التي‬
‫تشوب مسطرة التحصيل ؟ لإلجابة عن هذه األسئلة اقترحنا تقسيم تقريرنا إلى محورين‬
‫أساسيين ‪:‬‬
‫‪ ‬المحور األول ‪ :‬الخروقات التي تلحق مسطرة التحصيل‬
‫‪ ‬المحور الثاني ‪ :‬الطعن في صحة إجراءات التحصيل‬

‫احملور األول ‪ :‬اخلروقات اليت تلحق مسطرة التحصيل‬


‫تباشر اإلدارة ممثلة في الخزينة العامة للمملكة إجراءات تحصيل الديون الضريبية ‪ ،‬و‬
‫تسخ ر في ذلك شتى اآلليات و األجهزة ‪ ،‬كما يتم اتباع مسطرة متدرجة تبدأ باالنذار و‬
‫تنتهي باإلكراه البدني ‪ ،‬لكن يقع أن تسقط اإلدارة المكلفة بإجراءات التحصيل في عيوب‬
‫مسطرية و خروقات و تجاوزات من شأنها أن تبطل عمليات التحصيل ككل أو بعضها فقط‪،‬‬
‫و من بين هذه الخروقات التي تشوب مسطرة التحصيل ‪:‬‬

‫‪10‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫‪ -‬أوال ‪ :‬عيب عدم التدرج في إجراءات التحصيل‬


‫كما سبق الذكر فإن مسطرة التحصيل تمر بعدة إجراءات متسلسلة و مترابطة فيما بينها ‪،‬‬
‫بحيث تبدأ باإلنذار الذي توجهه اإلدارة للملزم إلعذاره ألداء ما بذمته من ديون ‪ ،‬مرورا‬
‫بالحجز على أمواله ‪ ،‬ثم ب يعها ‪ ،‬و في األخير إخضاع المدين إلجراء اإلكراه البدني لحمله‬
‫على تأدية ما بذمته من ديون ‪.‬‬
‫هذه التراتبية في اإلجراءات المتعلقة بمسطرة التحصيل لم تأتي اعتباطا و إنما حاول‬
‫المشرع من خالل هذا الترتيب أن يعطي للملزم فرصة لتأدية ما عليه من ديون و بالتالي‬
‫تحقيق الحد األدنى من العدالة الضريبية و أنسنة اإلجراءات ‪.‬‬
‫و بالتالي فاإلدارة المكلفة بالتحصيل ال يمكنها أن تخرق هذا التسلسل في إجراءات التحصيل‬
‫و إال سيعرض ذلك المسطرة ككل للبطالن ‪ ،‬و هذا ما أكدته عدة أحكام قضائية في‬
‫الموضوع ‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا ‪ :‬عيب في إجراء اإلنذار‬
‫يراد باإلنذار ذلك اإلشعار الذي يتضمن مجموعة من البيانات التي تحتوي على مبلغ الدين‬
‫المطالب به و الجزاءات المترتبة عنه ‪ ،‬كما يشتمل على ما يفيد إجبار المدين على الوفاء‬
‫حاال بما في ذمته تجاه الخزينة ‪ ،‬فبدونه ال تستقيم اإلجراءات الالحقة ‪ ،‬و يتم تبليغه بعد‬
‫انصرام ‪ 20‬يوما على إرسال آخر إشعار بدون صائر و ‪ 30‬يوما على تاريخ االستحقاق‪. 4‬‬
‫و نظرا لما يتميز به اإلنذار من أهمية فإن المشرع حاول ما أمكن أن يرصد له إجراءات‬
‫خاصة ‪ ،‬و مع ذلك فإن الواقع يعرف خروقات بالجملة فيما يتعلق باإلنذار إما لعدم احترام‬
‫آجال التبليغ أو عدم احترام طرق التبليغ المنصوص عليها قانون ‪.‬‬
‫و بالتالي فإن العيوب التي قد تشوب مسطرة اإلنذار قد تؤدي إلى إبطال هذا اإلجراء و ما‬
‫يتبعه من إجراءات أخرى ‪ ،‬تحت قاعدة ما بني على باطل فهو باطل ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫مهدي خرجوج ‪ ،‬بطالن إجراءات التحصيل بين النص القانوني و العمل القضائي ‪ ،‬مقال منشور بمجلة المنارة ‪ ،‬عدد خاص ‪ ، 2016 ،‬ص‬
‫‪. 136‬‬

‫‪11‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫‪ -‬ثالثا ‪ :‬عيب في إجراء الحجز‬


‫يعتبر الحجز من الوسائل الجبرية في تنفيذ السندات اإلدارية و القضائية ‪ ،‬و ينصب الحجز‬
‫على أموال المدين سواء المنقولة أو العقارية ‪ ،‬و يهدف باألساس إلى إجبار المدين على‬
‫الرضوخ لإلدارة و أداء ما بذمته من ديون تحت طائلة بيع أمواله ‪.‬‬
‫لكن هذا اإلجراء معرض للعيوب و الخروقات مثله في ذلك مثل باقي إجراءات التحصيل ‪،‬‬
‫و هذه العيوب و الخروقات التي قد تسود إجراء الحجز ‪:‬‬
‫‪ ‬عدم التدرج في الحجز ‪ :‬نظم المشرع الحجز في عدة قوانين‪ ، 5‬و رغم ذلك فإن‬
‫هناك قاعدة أساسية يحترمها المشرع في الحجز و هي أنه يجب أن ينصب على‬
‫األموال المنقولة فإن لم تكن كافية أو لم توحد من أساسه فإنه حينها يتم الحجز على‬
‫األموال العقارية للمدين ‪.‬‬
‫و بالتالي فإن اإلدارة ملزمة باحترام هذه القاعدة و القيام بحجز منقوالت المدين كمرحلة‬
‫أولية ‪ ،‬على أن يتم تمديد الحجز للعقارات المملوكة للمدين إذا كانت المنقوالت ال تغطي‬
‫المصاريف و الديون المستحقة لإلدارة ‪.‬‬
‫‪ ‬وقوع الحجز على أموال غير قابلة للحجز ‪ :‬استثنى المشرع في المادة ‪ 46‬من‬
‫مدونة تحصيل الديون العمومية مجموعة من األشياء و األموال من دائرة الحجز‬
‫نظرا لطابعها المعيشي و اإلنساني و مراعاة لظروف و وضعية المدين المحجوز‬
‫عليه و هي ‪:‬‬
‫‪ .1‬فراش النوم و المالبس و أواني الطبخ للمحجوز عليه و عائلته ‪.‬‬
‫‪ .2‬السكنى الرئيسية التي تأوي عائلته على أساس أال تتعدى قيمتها ‪ 200‬ألف‬
‫درهم ‪.‬‬
‫‪ .3‬الكتب و األدوات الالزمة لمهنة المحجوز عليه ‪.‬‬
‫‪ .4‬المواد الغذائية المخصصة لتغذية المحجوز عليه و لعائلته لمدة شهر واحد ‪.‬‬
‫‪ .5‬الحيوانات مصدر قوت المحجوز عليه و كذا العلف الضروري لتربيتها ‪.‬‬
‫‪ .6‬البذور الكافية لبذر مساحة تعادل ‪ 5‬هكتارات ‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫نظم المشرع الحجز كإجراء من إجراءات التحصيل الجبري للديون العمومية في المواد من ‪ 44‬إلى ‪ 57‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‬

‫‪12‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫‪ .7‬األشياء الضرورية لألشخاص المعاقين أو التي تخصص لعالج المرضى ‪.‬‬


‫إذن فقيام المحاسب المكلف بمتابعة إجراءات التحصيل بخرق القانون و الحجز على‬
‫أموال غير قابلة للحجز ‪ ،‬يعرض هذا اإلجراء للبطالن و بالتالي بطالن ما يليه من‬
‫إجراءات ‪.‬‬
‫‪ -‬رابعا ‪ :‬عيب في إجراءات البيع‬
‫يباشر بيع األموال المحجوزة من طرف المحاسب المكلف بالتحصيل بعد انصرام أجل ‪8‬‬
‫أيام من تاريخ الحجز‪ ، 6‬و ذلك بعد الحصول على ترخيص من رئيس اإلدارة التابع لها‬
‫المحاسب المكلف بالتحصيل ‪ ،‬كما يتم بحضور السلطة المحلية أو من ينوب عنها ‪.‬‬
‫لكن رغم بساطة و وضح هذه المسطرة فإنها ال تخلو من بعض التجاوزات التي قد تقع فيها‬
‫اإلدارة ‪ ،‬مما يعرض إجراء البيع للبطالن بعدما يتم الطعن في صحته لسبب من األسباب و‬
‫بالتالي فشل مسطرة التحصيل ‪ ،‬و تتلخص أسباب الطعن في مسطرة البيع في ‪:‬‬
‫‪ ‬عدم احترام األجل المنصرم بين إجراء الحجز و بين القيام بالبيع‬
‫‪ ‬عدم استصدار ترخيص من رئيس اإلدارة التي تتابع مسطرة التحصيل‬
‫‪ ‬عدم حضور السلطة المحلية أو من ينوب عنها إلجراءات البيع‬
‫‪ ‬متابعة البيع رغم استيفاء الحد الكافي ألداء مبلغ الدين‬

‫‪ -‬خامسا ‪ :‬تقادم إجراءات التحصيل‬


‫يعرف المجال بقاعدة التقادم الرباعي ‪ ،‬بحيث تتقادم إجراءات تحصيل الضرائب و الرسوم‬
‫و الحقوق الجمركية و حقوق التسجيل و التمبر بمضي ‪ 4‬سنوات من تاريخ الشروع في‬
‫تحصيلها ‪.7‬‬
‫و ما دام أن التقادم يعتبر من أسباب انقضاء اإللتزام ‪ ،8‬فإن اإلجراءات المتعلقة بالتحصيل‬
‫إذا طالها التقادم فإن اإلدارة ال يكون لها الحق في إجراء التحصيل بعد التقادم ‪ ،‬و إذا تم ذلك‬

‫‪6‬‬
‫ال يعتبر هذا األجل من النظام العام ‪ ،‬بحيث يمكن للمدين و اإلدارة االتفاق على التخفيض منه ‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫المادة ‪ 123‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‬
‫‪8‬‬
‫الفصل ‪ 319‬من قانون االلتزامات و العقود‬

‫‪13‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫فإنه يكون عيبا مسطريا يوجب الطعن ثم البطالن ‪ ،‬و هذا ما سار عليه القضاء في مجموعة‬
‫من القرارات في هذا الصدد ‪.9‬‬
‫احملور الثاني ‪ :‬الطعن يف صحة إجراءات التحصيل‬

‫تح قيقا للعدالة الضريبية و تحسينا لعالقة المواطن باإلدارة ‪ ،‬فإن المشرع أقر صالحية و‬
‫إمكانية الملزم في الطعن في إجراءات مسطرة التحصيل التي تباشرها اإلدارة ممثلة في‬
‫الخزينة العامة للمملكة ‪ ،‬و بهذا فالملزم أصبح بإمكانه منازعة اإلدارة المشرفة على عملية‬
‫التحصيل بشأن صحة مسطرة و مشروعية مسطرة التحصيل ‪.‬‬
‫و يختلف الطعن في صحة إجراءات التحصيل ‪ ،‬بحيث نميز بين الطعن اإلداري الممثل‬
‫أساسا في التظلم اإلداري الذي يقوم به المدين أمام اإلدارة التي تباشر إجراءات التحصيل ‪،‬‬
‫و بين الطعن القضائي الذي يثيره المدين أمام مؤسسة القضاء اإلداري سواء الموضوعي أو‬
‫االستعجالي ‪.‬‬

‫‪ -‬أوال ‪ :‬الطعن في إجراءات التحصيل أمام اإلدارة )التظلم اإلداري(‬


‫يعتبر التظلم اإلداري طريقة من طرق الطعن في القرار اإلداري غير المرغوب فيه قبل‬
‫ولوج المرحلة القضائية ‪ ،‬أذ يوجه إلى اإلدارة التي تعد خصما و حكما في نفس الوقت ‪ ،‬و‬
‫من هذه الزاوية يكتسي التظلم اإلداري أهمية بالغة ‪ ،‬إذ باعتباره يوجه اإلدارة صاحبة‬
‫القرار المطعون فيه ‪ ،‬فإنه يفضي إلى مراقبة اإلدارة نفسها بنفسها ‪ ،‬و هو األمر الذي‬
‫سيجنب المتقاضي أتعاب اللجوء إلى القضاء التي تعد مكلفة له أكثر من اإلدارة‪. 10‬‬
‫و قد فرضت م دونة تحصيل الديون العمومية على الملزم سلوك هذا النوع من الطعن قبل‬
‫المرور إلى الطعن أمام القضاء ‪ ،‬و هكذا فإن عدم إجراء هذا الطعن يؤدي ال محالة إلى‬

‫‪9‬‬
‫قرار لمحمكمة النقض ‪ ،‬الغرفة اإلدارية ‪ ،‬عدد ‪ 231‬بتاريخ ‪ 14‬أبريل ‪ 2002‬في الملف اإلداري عدد ‪2001.1.4.836‬‬
‫‪10‬‬
‫‪Mohamed mokhtari , contribution a l'étude du système marocain de protection des citoyens dans leurs‬‬
‫‪roports avec l'administration , mémoire pour l'obtention du diplôme des études supérieurs en droit public ,‬‬
‫‪université mohamed 5 , faculté des science juridiques économiques et sociales de rabat , janvier 1994 , p 50‬‬

‫‪14‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫رفض الدعوى في نفس الموضوع من طرف المحكمة المختصة ‪ ،‬بذريعة عدم احترام‬
‫الشروط الشكلية ‪. 11‬‬
‫جاء في حكم للمحكمة اإلدارية بمراكش ‪:‬‬
‫" دعوى المنازعة في عدة ضرائب مختلفة بمقال واحد مع الجمع في ذلك بين المنازعة‬
‫في تحصيلها و المنازعة في وعائها الضريبي ‪ ،‬بدون سلوك مسطرة المنازعة اإلدارية‬
‫أوال ‪ ،‬هي دعوى معيبة شكال و معرضة لعدم القبول " ‪. 12‬‬
‫و نفس األمر قد أكده المشرع من خالل المادة ‪ 120‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‬
‫التي جاء فيها ‪:‬‬
‫" ترفع المطالبات المتعلقة بإجراءات التحصيل الجبري تحت طائلة عدم القبول ‪ ،‬إلى‬
‫رئيس اإلدارة التي ينتمي إليها المحاسب المكلف بالتحصيل المعني أو إلى من يمثله ‪." ...‬‬
‫و يتميز الطعن لدى اإلدارة بضرورة توفر الشروط المنصوص عليها قانونا ‪ ،‬و تتمثل في ‪:‬‬
‫‪ -‬شرط احترام اآلجال المحددة للطعن أمام اإلدارة ‪ :‬اشترط المشرع في المادة ‪120‬‬
‫من مدونة تحصيل الديون العمزمية أن يتم تقديم طلب الطعن في إجراءات التحصيل‬
‫داخل أجل ‪ 60‬يوما الموالية لتبليغ الملزم باإلجراء الذي يراه معيبا ‪.‬‬
‫و يعتبر شرط األجل في تقديم التظلم اإلداري من النظام العام و ينتج عن عدم احترامه عدم‬
‫سماع دعوى الملزم أمام القضاء ‪. 13‬‬
‫و بالتالي فإن احترام األجل هو من األمور األساسية التي تقع على عاتق الملزم إذا ما أراد‬
‫الطعن في صحة إجراءات مسطرة التحصيل ‪.‬‬
‫‪ -‬شرط تقديم الضمانة ‪ :‬حماية للملزم الضريبي الذي يعتبر الطرف الضعيف في‬
‫العالقة الجبائية ‪ ،‬فقد أوجد المشرع آلية وقف إجراءات التحصيل و خول للملزم أن‬

‫‪11‬‬
‫سعيد جعفري ‪ ،‬القضاء االستعجالي في المادة الضريبية ‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ‪ ،‬وحدة البحث و التكوين ‪ ،‬تدبير‬
‫اإلدارات المحلية ‪ ،‬كلية الحقوق جامعة الحسن األول سطات ‪ ، 2012 – 2013 ،‬ص ‪. 98‬‬
‫‪12‬‬
‫حكم رقم ‪ 65‬بتاريخ ‪ 19‬ماي ‪ ، 1999‬ملف رقم ‪ ، 98/95‬قسم دعوى اإللغاء‬
‫‪13‬‬
‫يونس معاطا ‪ ،‬المنازعات في تحصيل الديون العمومية بالمغرب ‪ ،‬السلسلة المغربية للعلوم و التقنيات الضريبية ‪ ،‬مطبعة طوب بريس ‪ ،‬ط‬
‫‪ ، 2012‬ص ‪. 49‬‬

‫‪15‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫يطالب اإلدارة بوقف التنفيذ ريثما يتم البت في التظلم اٌداري المرفوع لإلدارة ‪ ،‬لكن‬
‫هذا مشروط بتقديم ضمانة من طرف الملزم ‪. 14‬‬
‫و مهما يكن فإن المشرع من خالل اشتراطه للضمانة كان يهدف إلى خلق نوع من التوازن‬
‫بين حقوق الملزم و اإلدارة المكلفة بالتحصيل ‪ ،‬و هذا ما سارت عليه مجموعة من األنظمة‬
‫الضريبية ‪. 15‬‬
‫من خالل كل ما سبق يتبين لنا بشكل جلي أن مسطرة التظلم اإلداري هي مسطرة إلزامية و‬
‫ض رورية للمدين للطعن في إجراءات التحصيل ‪ ،‬و قد رتب عليها المشرع مجموعة من‬
‫اآلثار القانونية المهمة التي نلخصها في ‪:‬‬
‫‪ ‬تسوية النزاع بين الملزم و اإلدارة ‪ :‬إن الهدف األساسي الذي كان يرمي له‬
‫المشرع من خالل إقراره لمسطرة التظلم اإلداري هو محاولة تسوية النزاع بين‬
‫الملزم و اإلدارة بطريقة أقل تكلفة ‪.‬‬
‫ناهيك أن مسطرة التظلم اإلداري من شأنها أن تجعل اإلدارة قادرة على إجراء‬
‫مراقبة ذاتية على مصالحها و أخطائها و إغفاالتها ‪.‬‬
‫‪ ‬فتح الباب أمام الملزم للطعن في صحة إجراءات التحصيل أمام القضاء ‪ :‬من شأن‬
‫سلوك مسطرة التظلم اإلداري تخويل الملزم إمكانية اللجوء للقضاء للطعن ‪ ،‬ما دام‬
‫أن اللجوء للقضاء مقيد بضرورة سلوك المنازعة أمام اإلدارة أوال ‪ ،‬إال ما يتعلق‬
‫بلجوء الملزم للقضاء االستعجالي فإنه غير مقيد بسلوك مسطرة التظلم ‪ ،‬و هكذا جاء‬
‫في قرار صادر عن الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض أن ‪:‬‬
‫" و من جهة ثالثة حيث إن سلوك مسطرة التظلم اإلداري قبل االلتجاء للقضاء االستعجالي‬
‫لرفع الحجز ‪ ،‬يتعارض مع حالة االستعجال التي يفرضها هذا اإلجراء و التي ال تتحمل‬
‫بطبيعتها االنتظار ‪ ،‬و تقتضي عرض النزاع على القضاء بأقصى سرعة ممكنة ‪ ،‬لذا فإن‬
‫مسطرة التظلم اإلداري تخص الدعاوى الموضوعية دون الدعاوى االستعجالية " ‪. 16‬‬

‫‪14‬‬
‫أنظر المادتين ‪ 117‬و ‪ 118‬من مدونة تحصيل الديون العمومية ‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫فاروق الهاشمي ‪ ،‬نشاط الخزينة في مجال تحصيل الضرائب و الرسوم ‪ ،‬مقال منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية ‪ ،‬عدد‬
‫مزدوج ‪ 100- 99‬يوليوز ‪ 11‬أكتوبر ‪ ، 2011‬ص ‪. 83 ، 82‬‬
‫‪16‬‬
‫قرار عدد ‪ 156‬المؤرخ في ‪ ، 2013 / 3 / 13‬ملف إداري عدد ‪ ، 2002/2/2180‬منشور بمجلة دفاتر المجلس األعلى عدد ‪، 2005/9‬‬
‫قضاء الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى في مجال الضرائب و التحصيل ‪ ،‬ص ‪. 243‬‬

‫‪16‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫‪ -‬ثانيا ‪ :‬الطعن في إجراءات التحصيل أمام القضاء‬


‫زيادة على الطعن أمام اإلدارة )التظلم اإلداري( فإن المشرع خول للمدين صالحية الطعن‬
‫في صحة إجراءات مسطرة التحصيل إذا كان يشوبها عيب أمام القضاء اإلداري ‪ ،‬و هنا‬
‫يطرح التساؤل حول األساس القانوني للطعن في مسطرة التحصيل أمام القضاء اإلداري ؟‬
‫ثم آثار الطعن القضائي في مسطرة التحصيل و شروطه ؟‬

‫أ‪ -‬األساس القانوني للطعن في مسطرة التحصيل أمام القضاء اإلداري ‪:‬‬
‫شكل إحداث المحاكم اإلدارية ثورة حقيقية في المجال القضائي ‪ ،‬بحيث أصبح من الممكن‬
‫لألفراد الطعن في قرارات اإلدارات التابعة للدولة و أعمالها ‪.‬‬
‫و بما أن مسطرة التحصيل تدخل في أعمال و قرارات اإلدارة الممثلة في الخزينة العامة‬
‫للمملكة فإن المشرع مكن المدين من الطعن في صحة إجراءات التحصيل أمام القضاء‬
‫اإلداري ‪ ،‬و هذا ما كرسه المشرع في المادة ‪ 8‬من القانون ‪ 41.9017‬التي جاء فيها ‪:‬‬
‫" تختص المحاكم اإلدارية بالنظر في النزاعات الناشئة ‪ ...‬عن تطبيق النصوص التشريعية‬
‫و التنظيمية المتعلقة باالنتخابات و الضرائب ‪ ...‬و بالبت في الدعاوى المتعلقة بتحصيل‬
‫الديون العمومية المستحقة للخزينة العامة " ‪.‬‬
‫استنادا على هذه المادة ‪ ،‬يتبين أن النظر في الطعون المقدمة ضد إجراءات التحصيل هو‬
‫من صميم اختصاص المحاكم اإلدارية دون غيرها ‪.‬‬
‫ب‪ -‬خصائص البت في منازعات التحصيل أمام المحاكم اإلدارية ‪:‬‬
‫يتميز البت في منازعات تحصيل الديون الضريبية أمام المحاكم اإلدارية ب ‪:‬‬
‫‪ ‬ال مسطرة الكتابية ‪ :‬تطبق المسطرة الكتابية أمام القضاء اإلداري و بالتالي فإن الملزم‬
‫في حاجة لتنصيب محام للدفاع ‪.‬‬
‫‪ ‬المسطرة التواجهية ‪ :‬تتجسد المسطرة التواجهية في تبادل المذكرات و التعقيب عليها‬
‫بين أطراف الدعوى )الملزم الضريبي ‪ /‬الخازن العام( ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫القانون ‪ 41.90‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف ‪ 1.91.225‬الصادر في ‪ 10‬سبتمبر ‪ ، 1993‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 4227‬بتاريخ‬
‫‪ ، 03/11/1993‬ص ‪. 2168‬‬

‫‪17‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫ت‪ -‬الطعن في إجراءات التحصيل بين قضاء اإللغاء و القضاء الشامل ‪:‬‬
‫من المعلوم أن القضاء اإلداري ينقسم إلى قضاء اإللغاء الذي يعنى بإلغاء القرارات اإلدارية‬
‫و القضاء الشامل المختص بشتى الطلبات األخرى بما فيها التعويض عن أعمال اإلدارة ‪،‬‬
‫هذا زيادة على القضاء الرئاسي االستعجالي ‪.‬‬
‫ل هذا فإن التساؤل كان يطرح فيما سبق حول القضاء المختص بالنظر في النزاعات‬
‫الضريبية سواء في مرحلة الوعاء أو التحصيل ‪ ،‬هل القضاء الشامل أم قضاء اإللغاء ؟‬
‫بالرجوع للقرارات القضائية في هذا الصدد نجد أن األمر بات محسوما ‪ ،‬و تم إقرار‬
‫القضاء الشامل في ما يتعلق بالنزاعات الضريبية سواء في الوعاء أو التحصيل ‪.‬‬
‫جاء في قرار لمحكمة النقض أن ‪:‬‬
‫" ‪ ..‬و من جهة أخرى حيث إن المنازعة الضريبية ال تدخل في دعوى اإللغاء إال استثناءا‬
‫‪ ...‬فتبقى خاضعة في غير ذلك و بوجه عام لوالية القضاء الشامل "‪. 18‬‬
‫ث‪ -‬صالحية القضاء في وقف إجراءات التحصيل ‪:‬‬
‫تتميز إجراءات تحصيل الديون العمومية بالتسلسل و السرعة ‪ ،‬و بالتالي فإن اإلجراءات‬
‫تمر في أجل قصير مما يخلق إشكاال أمام الملزم عندما يريد الطعن في صحة إجراءات‬
‫التحصيل ‪ ،‬لهذا فقد خول القانون للملزم طلب وقف التنفيذ أمام القضاء االستعجالي بالمحاكم‬
‫اإلدارية دون الحاجة للتقيد بضرورة سلوك مسطرة التظلم اإلداري ‪.‬‬
‫هذا ما سيوفر مزيدا من الوقت للملزم للطعن في إجراءات مسطرة التحصيل ‪ ،‬و بالتالي‬
‫حماية أمواله من البيع ‪.‬‬

‫خـــــــــاتمة ‪:‬‬
‫في الختام نؤكد على أهمية التحصيل كآلية إلغناء خزينة الدولة و بالتالي تنمية مالية الدولة‬
‫‪ ،‬كما نشير إلى أن مسطرة التحصيل المنظمة بشكل أساسي في مدونة تحصيل الديون‬

‫‪18‬‬
‫قرار صادر عن الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض عدد ‪ 258‬بتاريخ ‪ ، 2001/04/05‬منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية ‪ ،‬عدد‬
‫‪. 62‬‬

‫‪18‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫العمومية في حاجة إلعادة نظر و تعزيزها بالضمانات الكافية تحقيقا للعدالة الضريبية و‬
‫حماية للملزمين في مواجهة اإلدارة ‪ ،‬و بهذا نقرتح ما يلي ‪:‬‬
‫‪ ‬إعفاء الملزم من ضرورة تنصيب محام أمام القضاء اإلداري ‪ ،‬إذا ما تعلق األمر‬
‫بطعن في صحة إجراءات التحصيل ‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة التنصيص على استقالل القضاء االستعجالي و استثناءه من قاعدة التقيد‬
‫بالتظلم اإلداري ‪.‬‬
‫‪ ‬سن قوانين تسمح للملزم بطلب تعويض عن األخطاء و الهفوات المسطرية التي‬
‫يرتكبها المحاسب المكلف بالتحصيل أثناء مسطرة التحصيل ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫عزالدين الغوساني‬

‫باحث يف القانون العام‬

‫اإلدارة اإللكترونية بالمغرب‬

‫المعيقات ورهان التطو ير‬

‫تقديم‪:‬‬

‫شهد العالم بداية القرن الواحد والعشرين مجموعة منن التطنورات التكنولوجينة التني كنان لهنا‬
‫دورا حيويا فني تغيينر نمنط الحيناة البشنرية وغينرت بشنكل كبينر عندة ننواحي منهنا السياسنية‬
‫واإلقتصادية وحتى االجتماعية‪ ،‬حيث يعد العصر الحالي هو عصر المعلومنات واإلتصناالت‬
‫نظرا للتطورات السريعة والمتالحقة في مجال زينادة قندرات وسنائط تخنزين المعلومنات فني‬
‫ظل توفر انتشار استخدام شنبكة األنترنينت‪ ،‬ممنا أدى إلنى اإلنتقنال منن مجتمنع الصنناعة إلنى‬
‫مجتمع المعلومات‪ ،‬فنشأ ما يعرف "باإلدارة اإللكترونية"‪.‬‬

‫فبعدما كانت اإلدارة قائمة على النورق واألسناليب التقليدينة البسنيطة إلنجناز األعمنال وتقنديم‬
‫خدماتها للجمهور‪ ،‬أصنبحت إدارة أكثنر كفناءة وفعالينة السنتخدامها للوسنائل التكنولوجينة فني‬
‫تسننير و تنفيننذ أعمالهننا‪ ،‬فظهننور اإلدارة اإللكترونيننة‪ ،‬انعكننس علننى المننوطن وعلننى مختلننف‬
‫القطاعات السيما على اإلدارة سواءا اإلدارة العامة المركزية أو المحلية‪.‬‬

‫واإلدارة اإللكترونية كانت في البداية مجرد مشروع سعت كل الدول إلنى تنفينذه علنى الواقنع‬
‫العلمي واإلستفادة من المزايا التي تقندمها اإلدارة اإللكترونينة فظهنرت بعنض التطبيقنات فني‬
‫بعض الدول الغربية المتطورة‪ ،‬ثم بعدها تبنت الكثير من الدول أو باألصح كل الندول سنواءا‬
‫المتقدمة منها أو المتخلفة أو السائرة في طريق النمو اإلدارة اإللكترونية‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫والمغرب وعلى غرار بناقي الندول‪ ،‬توجنه مننذ مطلنع القنرن الواحند والعشنرين لندخول عنالم‬
‫تكنولوجيا المعلومات واإلتصال‪ ،‬حيث بنرز رهنان المغنرب نحنو دمنج المرفنق العمنومي فني‬
‫ركب التكنولوجيا‪ ،‬فكانت اإلرهاصات األولى لإلدارة اإللكترونية في المغنرب سننة ‪،1997‬‬
‫مننن خننالل تأسننيس "اللجنننة اإلسننتراتيجية لتكنولوجيننا المعلومننات"‪ ،‬والتنني هنندفت للعمننل فنني‬
‫المجننناالت المتعلقنننة بتنمينننة مجتمنننع المعرفنننة عبنننر تعمنننيم اسنننتعمال تكنولوجينننا المعلومنننات‬
‫واإلتصال بين مختلف األطراف الفاعلة في المجتمع‪.‬‬

‫وفنني هننذا اإلطننار أكنند العاهننل محمنند السننادس فنني رسننالة توجيهيننة‪ ،19‬أنننه‪" :‬سننيظل إصننالح‬
‫اإلدارة العمومية وعصرنتها من بين الرهانات الرئيسية التني يطرحهنا تقندم بالدننا‪ ،‬إذ يتعنين‬
‫أن نننوفر ألجهزتنننا مننايلزم مننن أدوات تكنولوجيننة عصننرية بمننا فيهننا األنترنيننت لتمكينهننا مننن‬
‫اإلنخراط في الشبكة العالمية وتوفير خدمات أكثر جودة لمتطلبات األفراد والمقاوالت"‪.‬‬

‫والمالحظ أن الرسالة الملكية قد استبقت بالتأكيد‪ ،‬على أن عنالم األلفينة الثالثنة سيتسنم بالنذكاء‬
‫الرقمنني كمصنندر للثنننروة االقتصننادية والرفاهيننة االجتماعينننة‪ ،‬وكننذلك أهميننة تطويرالشنننبكة‬
‫المعلوماتية لربط اإلدارة بمحيطها‪ ،‬وتطوير جودة خدماتها‪.‬‬

‫وتبقى سننة ‪ 2002‬حندثا مهمنا فني مسنار اإلدارة اإللكترونينة بنالمغرب‪ ،‬حينث شنهدت إقامنة‬
‫المنننناظرة الوطنينننة حنننول اإلصنننالح اإلداري‪ ،‬هنننذه المنننناظرة جعلنننت منننن تنمينننة اسنننتعمال‬
‫تكنولوجينننا المعلومنننات واإلتصنننال بننناإلدارة منننن الركنننأئز األساسنننية لإلصنننالح اإلداري فننني‬
‫المغرب‪.20‬‬

‫ومنذ هنذا التناريخ إلنى الينوم‪ ،‬شنهد المغنرب العديند منن المشناريع والبنرامج المواكبنة لتنزينل‬
‫لإلدراة اإللكترونية في مختلف اإلدرات العمومينة‪ ،‬غينر أن عندة مؤشنرات ا تقنارير‪ ،‬خطنب‬
‫ملكينننة‪ ،‬إحصنننائيات‪ ،)...‬حنننول اإلدارة عمومنننا‪ ،‬وبرننننامج اإلدارة اإللكترونينننة علنننى وجنننه‬
‫الخصوص‪ ،‬يطرح معه السؤال حول واقع اإلدارة اإللكترونية بالمغرب‪.‬‬

‫‪ - 19‬الرسننالة الملكيننة الموجهننة إلننى أشننغال المننناظرة الوطنيننة حننول "اإلستتتراتيجية الوطنيتتة إلدمتتاج المغتترب فتتي مجتمتتع‬
‫المعرفة واإلعالم"‪ ،‬الرباط‪ 23 ،‬أبريل ‪.2011‬‬
‫‪ - 20‬المناظرة الوطنية حول اإلصالح اإلداري بالمغرب‪" ،‬اإلدارة المغربية وتحديات ‪ ،"2010‬مطبعة اليت سال‪.2002 ،‬‬

‫‪21‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫فاليوم وبعد أكثر منن عقندين منن النزمن علنى إدمناج اإلدارة فني عنالم تكنولوجينا المعلومنات‬
‫واإلتصال‪ ،‬تزداد الحاجة لمعرفة إلى أين نحن نسير فيما يتعلق باإلدارة اإللكترونية‪ ،‬في ظل‬
‫وجود عدة معيقات إدارية واجتماعية وغيرها‪ ،‬تعيق تطوير رقمنة اإلدارة‪ ،‬باإلضنافة لألفناق‬
‫المستقبلية لإلدارة اإللكترونية بنالمغرب فني ظنل بعنض المؤشنرات الحالينة‪ ،‬والتني يمكنن أن‬
‫نلمننس منهننا منندى وجننود إرادة حقيقننة لجعننل تكنولوجيننا المعلومننات واإلتصننال رهانننا أساسننيا‬
‫للتحديث اإلداري‪.‬‬

‫فأهميننة موضننوع "اإلدارة اإللكترونيننة"‪ ،‬تتجلننى فنني كونننه مننن بننين أبننرز التطبيقننات اإلداريننة‬
‫الحديثننة‪ ،‬التنني ظهننرت خننالل العقننود القليلننة الماضننية‪ ،‬حيننث تشننكل حيننزا كبيننرا فنني مسننتقبل‬
‫اإلدارة خالل السنوات القادمة‪ ،‬وبالتنالي أصنبح هنذا الموضنوع حيوينا ويحظنى بأهمينة بالغنة‬
‫في مختلف دول العنالم‪ ،‬حينث تصنب فينه مجموعنة منن العوامنل التني تمكنن المجتمعنات منن‬
‫تحقيق تطلعاتها‪ ،‬بل وفتحتها أمام رؤى مستقبلية أرحب للرفع من مردودينة التندبير والتسنيير‬
‫اإلداري‪ ،‬وكذا الرفع من كفاءة عمل اإلدارة‪.‬‬

‫وهننذا ينننعكس علننى المغننرب‪ ،‬فمنننذ سنننوات أخند علننى عاتقننه تطننوير اإلدارة مننن خننالل تبننني‬
‫اإلدارة اإللكترونينننة‪ ،‬غينننر أن الواقنننع الينننوم يحنننثم البحنننث حنننول إكراهنننات تطنننوير اإلدارة‬
‫اإللكترونية‪ ،‬وذلك بغية استشراف األفاق المستقبلية لهذا الموضوع‪.‬‬

‫وعليه فاإلشكالية الجوهرية التي يتمحور حولها هنذا الموضنوع تتعلنق أساسنا برهنان تحنديث‬
‫وتطوير اإلدارة اإللكترونية بالمغرب‪ ،‬خاصنة فني ظنل وجنود معيقنات وتحنديات تحنول دون‬
‫تحقيق هذا الرهان‪.‬‬

‫لإلجابننة عننن هننذه اإلشننكالية‪ ،‬سنقسننم الموضننوع إلننى مبحثننين‪ ،‬حيننث سنننتناول فنني االمبحننث‬
‫األول) المعيقننات التنني تعرقننل تطبيننق اإلدارة اإللكترونيننة ‪ ،‬ثننم بعنند ذلننك سننننتقل إلننى رهننان‬
‫تطوير اإلدارة اإللكترونية ا المبحث الثاني)‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫املبحث األول‪ :‬معيقات تطبيق اإلدارة اإللكرتونية‬

‫تلعب اإلدارة اإللكترونية دورا مهما في مسار تحديث وإصالح اإلدارة المغربينة‪ ،‬منن خنالل‬
‫العمل على تطوير مختلف القطاعات اإلدارية لتحقيق النجاعة والجودة في الخندمات‪ ،‬إضنافة‬
‫لتعزيز الشفافية اإلدارية وتجاوز سلبيات النظم اإلدارية التقليدية‪.‬‬

‫لكننن فنني المقابننل نجنند أن تنزيننل اإلدارة اإللكترونيننة علننى أرض الواقننع‪ ،‬يكشننف عننن عنندة‬
‫إشكاليات تحول دون تحقيق مختلف األهداف والمبادئ التي تسعى الدول والحكومات إليها‪.‬‬

‫وبالنظر لسياق تطور اإلدارة اإللكترونينة بنالمغرب‪ ،‬ومختلنف الجواننب المرتبطنة بنه‪ ،‬يتبنين‬
‫وجننود عنندة معيقننات تعيننق مسننار هننذا التطننور‪ ،‬مننن بينهننا مننايرتبط بالتحننديات التنني تواجننه‬
‫اإلدارة‪ ،‬وكنننذلك الفجنننوة الرقمينننة التننني يعننناني منهنننا المجتمنننع االمطلنننب األول)‪ ،‬باإلضنننافة‬
‫للمخاطر المرتبطة بتأمين البيانات والمعلومات االمطلب الثاني)‬

‫املطلب األول‪ :‬التحديات اإلدارية واجملتمعية‬

‫تعتبننر اإلدارة مننن جهننة‪ ،‬وبنناقي المننرتفقين مننن جهننة تانيننة‪ ،‬الطرفننان المرتبطننان بنناإلدارة‬
‫اإللكترونية‪ ،‬وبالتالي فوجنود أينة مشناكل وصنعوبات فني هنذه العالقنة‪ ،‬سنيؤثر مباشنرة علنى‬
‫تطوير اإلدارة اإللكترونية‪.‬‬

‫وعليننه سننيتم تننناول التحننديات اإلداريننة مننن خننالل البحننث عننن واقننع اإلدارة المغربيننة االفقننرة‬
‫األولى)‪ ،‬على أن نرى بعد ذلك تأثير الفجوة الرقمينة فني المجتمنع علنى تفعينل البعند الرقمني‬
‫لإلدارة االفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬واقع اإلدارة المغربية‬ ‫‪‬‬

‫إن أهمية المرفق العمومي تتجلى من خالل عالقته المباشنرة بتلبينة احتياجنات المنرتفقين منن‬
‫أفننراد ومقنناوالت وغيرهننا‪ ،‬غيننر أن هننذه األهميننة تعترضننها عنندة اخننتالالت تنبننع مننن اإلدارة‬
‫نفسها وبعالقتها مع المرتفقين‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫فمنذ بروز أولنى تباشنير إصنالح اإلدارة المغربينة أوائنل القنرن الحنالي‪ ،‬وإلنى الينوم الزالنت‬
‫اإلدارة تعناني مننن عنندة آخننتالالت أثنرت علننى مردوديتهننا ونظننرة المنرتفقين إليهننا‪ ،‬وفنني هننذا‬
‫اإلطار يعتبر الخطاب الملكي ل‪ 14‬أكتنوبر ‪ 2016‬بمنسنبة افتتناح الندورة األولنى منن السننة‬
‫التشريعية األولى من الوالينة التشنريعية العاشنرة‪ ،‬حندثا ال يمكنن تجناوزه لفهنم واقنع اإلدارة‪،‬‬
‫حيث شخص الخطاب الملكي ألهم األسباب الكامنة وراء أزمة اإلدارة المغربية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ضعف األطر العاملين باإلدارة‬ ‫‪-‬‬

‫يعتبنر الموظننف الفاعنل الرئيسنني فني نجنناح المرفنق العننام فني القيننام بمهامنه‪ ،‬غيننر أن الواقننع‬
‫يفننرز مجموعننة مننن المؤشننرات‪ ،‬التنني تظهننر ضننعف اإلدارة فنني مننايتعلق بننأداء موظفيهننا‬
‫لمهامهم‪ ،‬مما يؤثر سلبا على إصالح وتطوير اإلدارة‪.‬‬

‫ويعزى هذا الضعف إلى غياب أليات تتبع وتقييم التكوين المستمر وكذا تقينيم أداءه‪ ،‬ينضناف‬
‫إلى ذلك طغيان اعتماد التسيير النظامي للموظفين‪ ،‬ونقصد به التركينز علنى الدرجنة والرتبنة‬
‫‪21‬‬
‫بدل الوظيفة واإلستحقاق‪.‬‬

‫في هذا السنياق‪ ،‬جناء الخطناب الملكني بمنايلي "إن المرافنق واإلدارات العمومينة‪ ،‬تعناني منن‬
‫عنندة نقننائص‪ ،‬تتعلننق بالضننعف فنني األداء‪ ...‬كمننا أنهننا تعنناني مننن التضننخم ومننن قلننة الكفنناءة‪،‬‬
‫وغياب روح المسؤولية لدى العديد من الموظفين‪."...‬‬

‫وبالتننالي فنناإلدارات اليننوم تعنناني مننن عنندة مشنناكل تننرتبط بضننعف موظفيهننا فنني القيننام بننأداء‬
‫األعمال المنوطة بهم‪ ،‬مما يساهم في تعثر تقديم الخدمات‪ ،‬كما تشهد تواجدا لكثنرة المنوظفين‬
‫مقابننل قلننة الكفنناءة ممننا يخلننق تضننخما يننؤثر سننلبا علننى السننير العننادي لننإلدارات‪ ،‬وتبقننى أهننم‬
‫إشننارة حسننب الخطنناب الملكنني هننو التنبيننه لغينناب روح المسننؤولية ممننا يجعننل مننن اإلدارات‬
‫مرافنننق ألخننند األجنننر وقضننناء المصنننالح الشخصنننية‪ ،‬ضنننربا بنننذلك الحنننائط ألهمينننة المرفنننق‬
‫العمومي‪ ،‬واألمانة الوطنية لدى الموظفين في القيام بمهامهم وتلبية آحتياجات المرتفقين‪.‬‬

‫‪ - 21‬المملكة المغربية‪ ،‬وزارة إصالح اإلدارة والوظيفة العمومية‪" ،‬برنامج اإلصالح اإلداري ‪ ،"2021/2017‬ص ‪.6‬‬

‫‪24‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫ونشير كذلك إلى غياب آعتماد اإلدارة المغربية علنى مقاربنة الوظنائف والكفناءات فني تندبير‬
‫المنننوارد البشنننرية‪ ،22‬فمنننثال التوظينننف الينننتم بنننناءا علنننى حاجينننات اإلدارة ‪ ،‬أو ينننتم بإقصننناء‬
‫أصحاب الكفاءة‪.‬‬

‫وهذا ما أشار إليه الخطاب الملكي بقوله‪" ،‬الواقع أن الوظيفنة العمومينة اليمكنن أن تسنتوعب‬
‫كل المغاربنة‪ ،‬كمنا أن الولنوج إليهنا يجنب أن يكنون علنى أسناس الكفناءة واإلسنتحقاق وتكنافؤ‬
‫الفرص‪."...‬‬

‫عموما فإن تطوير اإلدارة اإللكترونية خاصة‪ ،‬وإصالح اإلدارة بشنكل عنام‪ ،‬لنن يتنأتى بندون‬
‫مواكبة مستمرة لألطر العاملة‪ ،‬والقطيعة مع مظاهر الزبونينة والمحابناة فني التوظينف والتني‬
‫تنتج لنا غياب الكفاءة وروح المسؤولية‪ ،‬ونشير إلى وجود محاوالت في هنذا الصندد أبرزهنا‬
‫إطالق برنامج شكايتي‪ ،‬الخاص بتبيلغ شكايات المواطنين من سنوء فني عالقنتهم منع المرفنق‬
‫العمومي‪ ،‬وكذلك إصالح نظام مباريات التوظيف وكل اإلجراءات المتعلقة بها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الصعوبات التي تواجه المواطنين في عالقتهم باإلدارة‬ ‫‪-‬‬

‫تعتبر اإلدارة األداة التي تستعملها الدولنة لتسنيير أمنور المجتمنع وتلبينة حاجينات المنواطنين‪،‬‬
‫لننذلك فوجننود مشنناكل تعيننق هننذه العالقننة تننؤثر سننلبا علننى تطننور المجتمعننات‪ ،‬خاصننة ونحننن‬
‫بصدد الحديث عن اإلدارة اإللكترونية‪.‬‬

‫حيننث تتعنندد المعيقننات التنني تواجننه المننواطن فنني عالقتننه بنناإلدارة‪ ،‬بنندءا بضننعف ظننروف‬
‫اإلستقبال وغياب الترشيد والتوجيه‪ ،‬وتمتد إلى نقص فني معالجنة متطلباتنه‪ ،‬لدرجنة أصنبحت‬
‫هذه الصعوبات توصف حسنب الخطناب الملكني ل ‪ 14‬أكتنوبر "‪ ...‬تنرتبط فني ذهننه بمسنار‬
‫المحارب"‪.‬‬

‫‪ - 22‬برنامج اإلصالح اإلداري ‪ ،2021/2017‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.6‬‬

‫‪25‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫إضنافة إلنى ذلننك‪ ،‬فنالمواطنين يصنطدمون بصننعوبة الولنوج إلنى الخنندمات العمومينة‪ ،‬وطننول‬
‫أجننال الننرد علننى حاجينناتهم‪ ،‬إلننى جانننب إشننكالية تعقنند المسنناطر اإلداريننة‪ ،‬والتنني تننؤثر علننى‬
‫مصالح المرتفقين‪.‬‬

‫هننذا ونشننير إلننى بعننض الممارسننات التنني تسنني للمرفننق العمننومي‪ ،‬مننن قبيننل الشننطط فنني‬
‫آسننتعمال السننلطة والنفننوذ‪ ،‬وتعقينند المسنناطر القضننائية التنني تشننكل هاجسننا لنندى المننواطنين‪،‬‬
‫وكذلك قضية عدم تنفيد األحكام وخاصة في مواجهة اإلدارة‪ ،‬حيث تطرق ملك المغنرب إلنى‬
‫هذه النقطة في خطاب ‪ 14‬أكتوبر بقوله‪" ،‬إنه من غير المعقنول أن ال تقنوم اإلدارة للمنواطن‬
‫حقوقه‪ ،‬وهي التي يجب أن تصونها وتدافع عنها"‪.‬‬

‫هذا ويطول الحديث عن واقع اإلدارة المغربية واإلختالالت التي تعيق تطورها والتني تشنكل‬
‫هاجسا لدى المرتفقين‪ ،‬وهذا مانبه إليه الخطناب الملكني‪ ،‬ممنا يجعنل تبنني بنرامج فعالنة أمنرا‬
‫ضننروريا إلصننالح اإلدارة‪ ،‬وهننذا مننايمكن الوقننوف عليننه مننن خننالل المخطننط اإلسننتعجالي‬
‫لنننننننننوزارة إصنننننننننالح اإلدارة والوظيفنننننننننة العمومينننننننننة‪ ،‬المتعلنننننننننق اباإلصنننننننننالح اإلداري‬
‫‪.)232021/2017‬‬

‫الفقرة لثانية‪ :‬الفجوة الرقمية‬ ‫‪‬‬

‫يرجنننع ظهنننور مصنننطلح الفجنننوة الرقمينننة إلنننى الوالينننات المتحننندة األمريكينننة‪ ،‬سننننة ‪،1995‬‬
‫بصندور تقريننر لنوزارة التجننارة األمريكينة تحننت عننوان "السننقوط منن فتحننات الشنبكة"‪ ،‬هننذا‬
‫التقرير لفت األنظار إلى الفارق الكبير بنين فئنات المجتمنع األمريكني علنى مسنتوى آسنتخدام‬
‫‪24‬‬
‫الكمبيوتر واألنترنيت‪.‬‬

‫‪ - 23‬للمزيد راجع الفقرة الخاصة بمخطط اإلصالح اإلداري ‪.2021/2017‬‬


‫‪ - 24‬نبيل علي ونادية حجنازي‪" ،‬الفجتوة الرقميتة ر رةيتة عربيتة لمجتمتع المعرفتة "‪ ،‬سلسنلة عنالم المعرفنة‪ ،‬عندد ‪،318‬‬
‫أغسطس ‪ ،2015‬ص‪.26‬‬

‫‪26‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫وسرعان ما آتسع مفهوم الفجوة الرقمينة علنى المسنتوى العنالمي‪ ،‬حينث أصنبح بنديال جامعنا‬
‫من منظور معلوماتي‪ ،‬للفوارق بين العالم المتقدم والعالم النامي‪ ،‬وكذلك يحيل المصطلح إلنى‬
‫‪25‬‬
‫مدى توفر شبكة األنترنيت واإلتصاالت ووسائل النفاذ إليها‪.‬‬

‫في هذا اإلطار يعمد اإلتحناد الندولي لإلتصناالت‪ ،‬علنى دراسنة عندة مؤشنرات لقيناس مؤشنر‬
‫الفجوة الرقمية بين الدول‪ ،‬أما في المغرب فتتولى الوكالنة الوطنينة لتقننين المواصنالت‪ ،‬عندة‬
‫مهننام لهننا عالقننة بننالفجوة الرقميننة‪ ،‬أهمهننا تعمننيم الولننوج إلننى خنندمات االتصنناالت‪ ،‬باإلضننافة‬
‫لإلشراف ومراقبة هذا القطاع‪.‬‬

‫حيث تصدر عن الوكالة الوطنية لتقنين المواصالت تقارير سنوية‪ ،‬تستعرض لتطور أسنواق‬
‫االتصاالت‪ ،‬أخرها تقرير سنة ‪ ،2016‬والذي تميز بإجراء بحث ميداني حول قيناس الفجنوة‬
‫الرقمية‪ ،‬من خنالل اسنتعمال تكنولوجينا اإلعنالم واإلتصنال‪ ،‬حينث آسنتهدفت الدراسنة األسنر‬
‫المقيمنة بالوسننطين الحضنري والقننروي‪ ،‬وذلنك باسننتطالع لعيننة ضننمت ‪ 2520‬منابين أفننراد‬
‫وأسر‪.‬‬

‫وبنيننت الدراسننة علننى مؤشننرات رئيسننية‪ ،‬توزعننت بننين تجهيننز وولننوج وآسننتعمال األسنننر‬
‫واألفراد لتكنولوجيا اإلعالم واإلتصال‪ ،‬إضافة آلستعمال الشبكات االجتماعية والتسوق عبنر‬
‫‪26‬‬
‫األنترنيت والتطبيقات المتنقلة‪.‬‬

‫وباستقراء التقرير فيما يخص مؤشر تجهيز واستعمال الهاتف النقال والتابث‪ ،‬فيشنير إلنى أن‬
‫‪ %95‬مننن األفننراد يتننوفرون علننى هناتف متنقننل‪ ،‬لكننن فقننط ‪ %67‬منننهم مننن يملكننون هنناتف‬
‫ذكي‪ ،‬في المقابل سجل تراجع على مستوى الهاتف التابث حيث بلغنت نسنبة األسنر المجهنزة‬

‫‪ - 25‬نبيل علي ونادية حجازي‪" ،‬الفجوة الرقمية ر رةية عربية لمجتمع المعرفة "‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫‪ - 26‬المملكننة المغربيننة‪ ،‬الوكالننة الوطنيننة لتقنننين المواصننالت‪" ،‬التقريتتر الستتنوي برستتم ستتنة ‪ ،"2016‬الصننادر بالجرينندة‬
‫الرسمية عدد ‪ ،6652‬المؤرخ في ‪ 12‬جمادى األولى ‪ ،1439‬الموافق فاتح مارس ‪ ،2018‬ص ‪.1264‬‬

‫‪27‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫حننوالي ‪ ،%22‬األغلبيننة منننهم يشننتركون فنني الهنناتف التابننث للولننوج إلننى شننبكة األنترنيننت‬
‫‪27‬‬
‫بواسطة ا‪.)ADSL‬‬

‫إن مايمكن مالحظته من األرقام أعاله‪ ،‬أن المجتمع المغربي اليعاني خصاصا علنى مسنتوى‬
‫تجهيز واستعمال الهاتف المتنقل‪ ،‬فهناك تعميم لدى غالبية األسر واألفراد‪ ،‬لكنن اإلشنكالية أن‬
‫نسبة أقل هي من تملك هاتف ذكي ا‪ ،)SMARTPHONE‬وبالتنالي محدودينة األفنراد فني‬
‫النفاذ إلى األنترنيت والتي تعتبر ضرورية لتطبيق اإلدارة اإللكترونية‪.‬‬

‫باإلنتقال إلى مستوى تجهيز األسر بالحواسيب واللوحات اإللكترونية‪ ،‬وآسنتعمال األنترنينت‪،‬‬
‫فننإن األرقننام تعكننس الواقننع الننذي يتميننز بقلننة نسننب األسننر المتننوفرة علننى أجهننزة إلكترونيننة‪،‬‬
‫والمتوفرة على شبكة األنترنيت‪ ،‬كما يالحظ اكتساح الوسط الحضري في مقابنل نقنص شنديد‬
‫فنني الوس نط الحضننري‪ ،‬وهننذا ننناتج عننن عنندة أسننباب منهننا‪ ،‬ضننعف ربننط األنترنيننت بالعننالم‬
‫القروي‪ ،‬وكنذلك غيناب آسنتراتيجيات متعلقنة بتعمنيم األجهنزة اإللكترونينة واألنترنينت‪ ،‬وهنذا‬
‫مايجعل من نجاح اإلدارة اإللكترونية أمرا صعبا في ظل الفجوة الرقمية‪.‬‬

‫بالرجوع إلى التقرينر‪ ،‬فنإن ‪ %55‬منن األسنر فقنط منن تتنوفر علنى جهناز حاسنوب وتختلنف‬
‫هنذه النسننبة مننابين الوسنط الحضننري ‪ %60.2‬والقننروي ‪ ،26.3%‬أمنا بالنسننبة للولننوج إلننى‬
‫شبكة األنترنيت‪ ،‬فإن ‪ %65‬منن األسنر تتنوفر علنى ولنوج لألنترنينت‪ ،‬موزعنة بندورها بنين‬
‫‪28‬‬
‫‪ %77‬في الوسط الحضري‪ ،‬و‪ %51.3‬في الوسط القروي‪.‬‬

‫عموما فإن هذه المؤشرات تعكس‪ ،‬أن الفجوة الرقمية الزالت تشكل عائقا أمام تطنور اإلدارة‬
‫اإللكترونية علنى المسنتوى النوطني‪ ،‬رغنم وجنود بعنض التطنور الملحنوظ‪ ،‬وبالتنالي الزالنت‬
‫هننناك تحننديات مننن أجننل الرفننع مننن مسننتوى تكنولوجيننا المعلومننات واإلتصننال فنني المجتمننع‬
‫وتقليص الفجوة الرقمية‪.‬‬

‫‪ - 27‬الوكالة الوطنية لتقنين المواصالت‪" ،‬التقرير السنوي برسم سنة ‪ ،"2016‬ص ‪.1265‬‬
‫‪ - 28‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫املطلب الثاني‪ :‬املخاطر املرتبطة بأمن املعلومة‬

‫شهد العالم ثورة رقمية وإلكترونية منذ نهاية القرن العشرين‪ ،‬وهذا منانتج عننه اجتيناح شنامل‬
‫لألجهزة اإللكترونية وكذلك استخدام الشبكة العنكبوتية ااألنترنيت)‪.‬‬

‫لكن رافق هذه الثورة اإللكترونينة‪ ،‬آنتشنار الجنرائم اإللكترونينة التني تمنارس بواسنطة الننظم‬
‫المعلوماتية والمعدات اإللكترونية‪ ،‬وقد شكلت الجرائم تحديا ضخما أمام الدول والمجتمعات‪،‬‬
‫نظرا لصعوبة كشف هذه الجرائم وماتتميز به من سرية وسرعة في الفعل‪.‬‬

‫كننل هننذه األمننور جعلننت مننن التشننريعات الدوليننة‪ ،‬تسننن قننوانين ونصننوص لمكافحننة الجريمننة‬
‫اإللكترونيننة‪ ،‬وهننذا هننو التوجننه الننذي سننلكه المشننرع المغربنني بنندوره‪ ،‬حيننث سننن القننانون‬
‫‪ 09.08‬المتعلننق بحمايننة المعطيننات المعالجننة إلكترونيننا والمعطيننات الشخصننية‪ ،‬باإلضننافة‬
‫للقانون ‪ 07.03‬المتمم للفصل ‪ 607‬من مجموعة القانون الجنائي‪ ،‬وقد شنكلت هنذه القنوانين‬
‫وغيرهننا‪ ،‬الركينننزة األساسنننية والمنطلنننق النننذي سنننيمكن الدولنننة منننن معاقبنننة وزجنننر الجنننرائم‬
‫اإللكترونية‪.‬‬

‫وآرتباطا بموضنوع بحثننا حنول اإلدارة اإللكترونينة‪ ،‬فنإن أهنم اإلشنكاالت التني تعينق تطبينق‬
‫اإلدارة اإللكترونية هو انتشنار الجنرائم اإللكترونينة‪ ،‬التني قند تتسنبب فني نتنائج خطينرة علنى‬
‫اإلدارة كتخريننب البيانننات أو اختراقهننا االفقننرة األولننى)‪ ،‬وكننذلك التجسننس علننى المعطيننات‬
‫اإللكترونية االفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اختراق نظم المعلومات أو تخريبها‬ ‫‪‬‬

‫تدخل المشرع المغربي ليسنتجيب لمتطلبنات تطنور مجنال أمنن نظنم المعلومنات اإللكترونينة‪،‬‬
‫وذلك للحد من مظاهر اإلختراق أو التخريب‪ ،‬حيث ومن أمثلة ذلك القنانون رقنم ‪،2907.03‬‬

‫‪ - 29‬القانون رقم ‪ 07.03‬المتمم لمجموعة القانون الجنائي في مايتعلق بنالجرائم المتعلقنة بننظم المعالجنة األلينة للمعطينات‪،‬‬
‫الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم ‪ 1.03.197‬بتاريخ ‪ 16‬من رمضان ‪ 1424‬ا‪ 11‬نوفمبر ‪ ،)2003‬الجريدة الرسمية عندد‬
‫‪ 5171‬بتاريخ ‪ 27‬شوال ‪ 1424‬ا‪ 22‬ديسمبر ‪ ،)2003‬ص ‪.4284‬‬

‫‪29‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫المتعلنق بنناإلخالل بسننير نظنم المعالجننة األليننة للمعطينات‪ ،‬حيننث يحتننوي القنانون علننى تسننعة‬
‫فصول‪ ،‬من الفصل ‪ 607-3‬إلى الفصل ‪ 607-11‬من مجموعة القانون الجنائي المغربي‪.‬‬

‫وقد نص الفصل ‪ 607-3‬على أنه‪ " ،‬يعاقب بنالحبس منن شنهر إلنى ثالثنة أشنهر وبالغرامنة‬
‫من ‪ 200‬إلى ‪ 10000‬درهم أو بإحدى هاتين العقنوبتين فقنط كنل منن دخنل إلنى مجمنوع أو‬
‫بعض نظنام للمعالجنة األلينة للمعطينات عنن طرينق اإلحتينال‪ ،...‬وتضناعف تلنك العقوبنة فني‬
‫حال حذف أو تغيير للمعطيات أو اضطراب في سيره"‪.‬‬

‫يتبننين مننن المننادة أعنناله أن المشننرع قنند تنندخل لحمايننة نظننم المعلومننات بدايننة بالمعاقبننة علننى‬
‫النندخول عننن طريننق اإلحتيننال وغيننره‪ ،‬وتشننديد العقوبننة إذا نننتج عننن عننن اإلختننراق تغييننر أو‬
‫حذف لتلك المعطيات‪.‬‬

‫وبآسننتقراء المننادة ‪ ،30607-4‬فإنهننا قنند شننددت مننن العقوبننة إذا تعلننق األمننر بالمعطيننات التنني‬
‫تخننص األمننن الننداخلي أو الخننارجي للدولننة‪ ،‬أو تعلننق كننذلك بمعطيننات سننرية تهننم االقتصنناد‬
‫الوطني‪.‬‬

‫كذلك عاقب المشرع على عرقلة سير نظام المعالجة األولية األولينة للمعطينات‪ ،‬وكنذا إدخنال‬
‫معطيننات غيننر مدرجننة أو اإلتننالف أو الحننذف‪ ،‬وكننل مننن صنننع تجهيننزات أو أدوات أو أعنند‬
‫‪31‬‬
‫برامج للمعلوماتيات اعتمدت الرتكاب جرائم اختراق نظم المعلومات‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التجسس على المعطيات اإللكترونية‬ ‫‪‬‬

‫التجسس من العمليات القديمة‪ ،‬والتي تهدف لمعرفة معطينات وخطنط األعنداء‪ ،‬وقند تطنورت‬
‫عمليات التجسس مع الثورات العلمية والتكنولوجية‪ ،‬وأصبح مايعرف بالتجسس اإللكترونني‪،‬‬
‫عبر اختراق أنظمة معلوماتية وحواسيب‪.‬‬

‫‪ - 30‬تنص المنادة ‪ 607-4‬علنى أننه "دون اإلخنالل بالمقتضنيات الجنائينة األشند يعاقنب بنالحبس منن سنتة أشنهر إلنى سننتين‬
‫وبالغرامة من ‪ 10.000‬إلى ‪ 100.000‬درهم كل من ارتكب األفعال المشار إليهنا فني الفصنل السنابق فني حنق مجمنوع أو‬
‫بعض نظام للمعالجة األلية للمعطيات يفترض أنه يتضنمن معلومنات تخنص األمنن النداخلي أو الخنارجي للدولنة أو أسنرارا‬
‫تهم االقتصاد الوطني‪".‬‬
‫‪ - 31‬الفصل ‪ 607-5‬و‪.607-6‬‬

‫‪30‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫وتتطننور طننرق اإلختننراق بتطننور نظننم الحمايننة‪ ،‬حيننت تجنناوز التجسننس اإللكتروننني األفننراد‬
‫والمؤسسات المحلية‪ ،‬إلى ماهو دولي وأضنحى منن أهنم الوسنائل المسنتعملة فني الصنراعات‬
‫الدولية‪.‬‬

‫حيننث يعاقننب المشننرع المغربنني‪ ،‬جريمننة التجسننس اإللكتروننني‪ ،‬فنني إطننار التكييننف القننانوني‬
‫لجريمة التجسس المنصنوص عليهنا فني الفصنل ‪ 185‬منن مجموعنة القنانون الجننائي‪ ،‬حينث‬
‫تنننص علننى أنننه‪" ،‬يعنند مرتكبننا لجنايننة التجسننس ويعاقننب باإلعنندام‪ ،‬كننل أجنبنني آرتكننب أحنند‬
‫األفعال المبينة في الفصل ‪ 181‬فقرة ‪ 2‬و‪ 3‬و‪ 4‬و‪ 5‬والفصل ‪."182‬‬

‫والمالحننظ أنننه بننالرغم مننن وجننود عقوبننة رادعننة لجريمننة التجسننس اإللكتروننني والتنني هنني‬
‫اإلعنندام‪ ،‬إال أنننه وحسننب نظننري الشخصنني فننإن المشننرع المغربنني منندعو اليننوم لملن لفننرا‬
‫التشريعي بهنذا الخصنوص‪ ،‬والتنصنيص علنى فصنول خاصنة بجريمنة التجسنس اإللكترونني‬
‫تراعي خصوصيتها وما تتميز به عن جريمة التجسس التقليدية‪.‬‬

‫يذكر بأن إختراق نطم المعلومات والتجسس اإللكتروني‪ ،‬قد ثم ذكرهما علنى سنبيل المثنال ال‬
‫الحصر‪ ،‬حيث تتعدد المخاطر المرتبطة بأمن المعلومات اإللكترونية‪ ،‬وبالتالي علنى المشنرع‬
‫مواكبة هذه المخاطر وإعطاء ضمانات قانونية لحماية المعطيات الرقمينة وهنذا منا منن شنأنه‬
‫زينادة الثقننة والتعنناطي مننع تكنولوجيننا اإلتصننال والمعلومننات‪ ،‬ممننا سننيؤثر إيجابننا علننى تطننور‬
‫اإلدارة اإللكترونية‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬رهانات تطوير اإلدارة اإللكرتونية‬

‫تعتبنننر اإلدارة اإللكترونينننة منننن الرهاننننات األساسنننية للتحنننديث اإلداري‪ ،‬وهنننذا مننناعبر عننننه‬
‫الخطاب الملكي ل ‪ 14‬أكتوبر ‪ 2016‬بقوله‪" ،‬كمنا يتعنين تعمنيم اإلدارة اإللكترونينة بطريقنة‬
‫مندمجة‪ ،‬تتيح الولوج المشترك للمعلومات بين مختلف القطاعات والمرافق‪."...‬‬

‫وعليننه فبحثنننا فنني هننذا الفصننل حننول اإلدارة اإللكترونيننة بننالمغرب‪ ،‬ونتننائج تطبيقهننا مننرورا‬
‫بالمعيقات التي تحول دون تطورها‪ ،‬ماهي إلى مداخل لفهم واقع اإلدارة اإللكترونية‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫بناءا على ماسبق‪ ،‬سنتحدث في هذا المطلب عن أهم الرهانات المستقبلية‪ ،‬والتي ستساهم فني‬
‫إعطاء تصور حول أفاق تطوير البعد اإللكتروني لإلدارة المغربية‪ ،‬منن خنالل دراسنة مكاننة‬
‫اإلدارة اإللكترونيننة فنني الترسننانة التشننريعية الجدينندة االمطلننب األول)‪ ،‬علننى أن نخننتم بإلقنناء‬
‫نظننرة حننول أهننم الخطننط واإلسننتراتيجيات المسننتقبلية التنني تهننم اإلدارة اإللكترونيننة االمطلننب‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬موقع اإلدارة اإللكرتونية يف التشريع املغربي‬

‫إن تعميم اإلدارة اإللكترونينة وتحقينق مختلنف األهنداف المرجنوة منن تطبيقهنا‪ ،‬ينرتبط بمندى‬
‫قدرة المشرع من خالل مختلف القوانين على تنظيمها ومواكبة مستجداتها‪.‬‬

‫فنني هننذا اإلطننار ثننم إحننداث وكالننة التنميننة الرقميننة بموجننب القننانون رقننم ‪ 61.16‬االفقننرة‬
‫األولننى)‪ ،‬وكننذلك مكانننة اإلدارة اإللكترونيننة فنني القننانون رقننم ‪ 31.13‬المتعلننق بننالحق فنني‬
‫الحصول على المعلومة االفقرة الثانية)‪ ،‬والذي لم يدخل حيز التنفيذ بعد‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬قانون رقم ‪ 61.16‬المحدث بموجبه لوكالة التنمية الرقمية‬ ‫‪‬‬

‫إن المجال الرقمي من العوامل المهمة في تطوير اإلدارة العمومية‪ ،‬لما له من أثار إقتصنادية‬
‫وآجتماعيننة كبننرى‪ ،‬وفنني هنننذا السننياق ثننم إحننداث وكالنننة التنميننة الرقميننة بموجننب القنننانون‬
‫‪ ،61.16‬والذي يتكون من ‪ 21‬مادة وستة أبواب‪ ،‬تحتنوي علنى مهنام الوكالنة والغنرض منن‬
‫‪32‬‬
‫إنشائها وكذا أجهزة اإلدارة والتسيير والتنظيم المالي للوكالة الرقمية‪.‬‬

‫حيث أكد كاتب الدولة لدى وزير الصناعة واإلستثمار والتجارة واإلقتصناد الرقمني المكلنف‬
‫باإلسننتثمار‪ ،‬أمننام لجنننة الفالحننة والقطاعننات اإلنتاجيننة بمجلننس المستشننارين‪ ،‬حننول مشننروع‬
‫القانون رقم ‪ 61.16‬على أن‪" ،‬الوزارة قامت بإعداد اسنتراتيجية جديندة فني المجنال الرقمني‬

‫‪ - 32‬ظهيننر شننريف رقننم ‪ 1.17.27‬صننادر فنني ‪ 8‬ذي الحجننة ‪ 1438‬ا‪ 30‬أغسننطس ‪ )2017‬بتنفينند القننانون رقننم ‪61.16‬‬
‫المحدثة بموجبه وكالة التنمية الرقمية‪ ،‬صدر بالجريندة الرسنمية ‪ ،‬عندد ‪ 6604‬بتناريخ ‪ 23‬ذي الحجنة ‪ 1438‬ا‪ 14‬سنبتمبر‬
‫‪ ،)2017‬ص‪.5057‬‬

‫‪32‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫االمغرب الرقمي ‪ ،)2020‬لتشريع التحول الرقمي لإلقتصاد الوطني‪ ،‬وتقوية مكانة المغرب‬
‫‪33‬‬
‫كقطب رقمي‪ ،‬وتبويبه مكانة متميزة في مصاف الدول الصاعدة‪."...‬‬

‫وأشار الوزير إلى أن‪" ،‬تفعيل استراتيجية المغنرب الرقمني ‪ ،2020‬سنيتم إسنناده إلنى وكالنة‬
‫التنمية الرقمية‪ ،‬والغاية هني جعنل المغنرب ضنمن البلندان المنتجنة للتكنولوجينا الرقمينة علنى‬
‫المدى المتوسط إلضفاء قيمنة علنى االقتصناد النوطني‪ ،‬عنالوة علنى تحسنين جاذبينة المغنرب‬
‫‪34‬‬
‫لإلستثمار في المجال الرقمي‪."...‬‬

‫إن وكالننة التنميننة الرقميننة هنني مؤسسننة عموميننة تتمتننع بالشخصننية اإلعتباريننة واإلسننتقالل‬
‫‪36‬‬
‫المالي‪ ،35‬وتخضع لوصاية الدولة‪.‬‬

‫أما بالنسبة لمهنام الوكالنة‪ ،‬فهني محنددة حسنب المنادة ‪ 3‬منن القنانون رقنم ‪ ،61.16‬فني تنفينذ‬
‫آسننتراتيجية الدولننة فنني مجننال التنميننة الرقميننة‪ ،‬وكننذا تشننجيع نشننر الوسننائل الرقميننة وتطننوير‬
‫آستخدامها بين المواطنين‪ ،‬وللوكالة كذلك دور آستشاري وتمثل قوة آقتراحية لدى الحكومة‪.‬‬

‫وعليه فتطور قطاع تكنولوجيا المعلومات واإلتصال من خالل اإلسنتراتيجية المقبلنة للمغنرب‬
‫الرقمي ‪ ،2020‬رهين بتفعيل وكالة التنمينة الرقمينة‪ ،‬وقيامهنا بالمهنام الموكولنة إليهنا‪ ،‬سنواء‬
‫على مستوى تنمية القطاع‪ ،‬وتقديم اإلقتراحات والبرامج المرتبطة بالتكنولوجيا الرقمية‪.‬‬

‫‪ ‬الفقرة الثانية‪ :‬قانون رقم ‪ 31.13‬المتعلق بالحق في الحصول على المعلومة‬

‫إن الحق في الحصول على المعلومة من الحقنوق األساسنية والتني ضنمنتها مختلنف المواثينق‬
‫الدولية‪ ،‬خاصة المادة ‪ 10‬من آتفاقية األمم المتحدة لمكافحنة الفسناد‪ ،‬والتني ألزمنت اإلدارات‬
‫العموميننة بضننرورة تمكننين المننواطن مننن الحصننول علننى المعلومننات وآتخنناد التنندابير الكفيلننة‬
‫بممارسة هذا الحق‪.‬‬

‫‪ - 33‬المملكة المغربية‪ ،‬البرلمان‪ ،‬مجلس المستشارين‪ ،‬لجنة الفالحنة والقطاعنات اإلنتاجينة‪" ،‬تقريتر حتول مشتروع القتانون‬
‫رقم ‪ 61.16‬المحدث لوكالة التنمية الرقمية"‪ ،‬السنة التشريعية ‪ ،2017/2016‬دورة أبريل ‪ ،2017‬ص‪. 2‬‬
‫‪ - 34‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.4/3‬‬
‫‪ - 35‬قانون رقم ‪ ،61.16‬المادة األولى‪ ،‬ص ‪.5058‬‬
‫‪ - 36‬قانون رقم ‪ ،61.16‬المادة الثانية‪ ،‬ص ‪.5058‬‬

‫‪33‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫وقد نص دستور ‪ 2011‬فني الفصنل ‪ 27‬علنى أننه‪" ،‬للمواطننات والمنواطنين حنق الحصنول‬
‫علننى المعلومننات الموجننودة فنني حننوزة اإلدارات العموميننة‪ ،‬والمؤسسننات المنتخبننة والهيئننات‬
‫المكلفة بمهام المرفق العام‪."...‬‬

‫وتأكيننندا لهنننذا التوجنننه الدسنننتوري‪ ،‬صننندر القنننانون رقنننم ‪ 31.13‬بالجريننندة الرسنننمية بتننناريخ‬
‫‪ ،372018/03/12‬حيث ينظم الحق في الحصول على المعلومات‪ ،‬والتي يقصند بهنا حسنب‬
‫المادة ‪ 2‬من نفس القانون‪ " ،‬المعطيات واإلحصائيات المعبر عنها في شكل أرقنام أو أحنرف‬
‫أو رسنننوم أو صنننور أو تسنننجيل سنننمعي بصنننري أو أي شنننكل آخنننر‪ ،‬والمضنننمنة فننني وثنننائق‬
‫ومسنتندات وتقنارير ودراسنات ودورينات ومناشنير ومنذكرات وقواعند البياننات وغيرهنا مننن‬
‫الوثائق ذات الطابع العام‪ ،‬التي تنتجها أو تتوصل بها الهيئات المعنية في إطنار مهنام المرفنق‬
‫العام‪ ،‬كيفما كانت الدعامة الموجودة فيها‪ ،‬ورقية أو إلكترونية أو غيرها"‪.‬‬

‫وارتباطا ببحتنا حول اإلدارة اإللكترونية‪ ،‬سنبرز البعد الرقمي في القانون رقم ‪ ،31.13‬منن‬
‫خالل تدابير النشر اإلستباقي اأ)‪ ،‬ثم إجراءات الحصول على المعلومات اب)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تدابير النشر اإلستباقي‬ ‫‪-‬‬

‫جاء في المادة ‪ 10‬من القانون رقم ‪ 31.13‬على أن "الهيآت المعنية في حندود اختصاصنها‪،‬‬
‫أن تقوم في حدود اإلمكان‪ ،‬بنشر الحد األقصى من المعلومات التي بحوزتهنا والتني التنندرج‬
‫ضمن اإلستثناءات في هذا القانون‪ ،‬بواسطة جميع وسائل النشنر المتاحنة خاصنة اإللكترونينة‬
‫منها‪ ،‬بما فيها البوابات الوطنية للهيئات العمومية"‪.‬‬

‫يتبين من خالل المنادة أعناله أن المشنرع ألنزم الهيئنات العمومينة بضنرورة النشنر اإلسنتباقي‬
‫للمعلومننات‪ ،‬كمننا أكنند علننى إتاحتهننا بجميننع الوسننائل الممكنننة‪ ،‬ومننا يالحننظ تنصيصننه علننى‬
‫الوسائل اإللكترونية‪ ،‬وهذا يدل على األهمية التي أوالها القانون للبعد اإللكتروني‪.‬‬

‫‪ - 37‬ظهيننر شننريف رقننم ‪ 1.18.15‬صننادر فنني ‪ 5‬جمننادى األخننرة ‪ 1439‬ا‪ 22‬فبرايننر ‪ )2018‬بتنفينند القننانون رقننم ‪31.13‬‬
‫المتعلق بالحق في الحصنول علنى المعلومنات‪ ،‬صندر بالجريندة الرسنمية ‪ ،‬عندد ‪ 6655‬بتناريخ ‪ 23‬جمنادى األخنرة ‪1439‬‬
‫ا‪ 12‬مارس ‪ ،)2018‬ص‪.1438‬‬

‫‪34‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫ثانيا‪ :‬إجراءات الحصول على المعلومات‬ ‫‪-‬‬

‫أدرج المشننرع فنني القننانون المتعلننق بننالحق فنني الحصننول علننى المعلومننات‪ ،‬بنناب خنناص‬
‫بننإجراءات الحصننول علننى المعلومننات‪ ،‬حيننث يحتننوي علننى مراحننل حصننول المرتفننق علننى‬
‫المعلومننة واألجننال الموضننوعة لننذلك‪ ،‬والمسنناطر المتبعننة فنني حالننة رفننض اإلدارة للطلننب أو‬
‫عدم التجاوب‪.‬‬

‫لكن المالحظ أن القانون رقم ‪ 31.13‬في هذا الباب تطرق بشنكل قنوي للجاننب اإللكترونني‪،‬‬
‫فالمادة ‪ 4‬من نفس القانون‪ ،‬نصت على ضرورة تضمين البريد اإللكتروني فني الطلنب النذي‬
‫يقدمننه المعننني بنناألمر للحصننول علننى المعلومننات‪ ،‬كمننا أنننه يمكنننه توجيننه الطلننب إلننى رئننيس‬
‫الهيئة المعنية بواسطة البريد اإللكتروني‪.‬‬

‫أما المادة ‪ 15‬فقد نصت علنى أننه‪ " ،‬ينتم الحصنول علنى المعلومنات‪ ،‬إمنا بناالطالع المباشنر‬
‫عليها بمقر الهيئة المعنية خالل أوقنات العمنل الرسنمية‪ ،‬وإمنا عنن طرينق البريند اإللكترونني‬
‫عندما يكون المستند أو الوثيقة المتضمنة للمعلومات المطلوبنة متاحنة علنى حامنل إلكترونني‪،‬‬
‫وإما على أي حامل آخر متوفر لدى الهيئة المعنية"‪.‬‬

‫إن هذا اإلجراء األخير من شأنه تسريع وثينرة الحصنول علنى المعلومنات‪ ،‬وتجننب المشناكل‬
‫الزمكانية التي يمكن الوقوع فيها عند القيام باإلطالع المباشر‪.‬‬

‫عمومنننا فالمشنننرع انتصنننر للتوجنننه النننوطني المنصنننب علنننى تطنننوير تكنولوجينننا المعلومنننات‬
‫واإلتصال‪ ،‬خاصة فيما يتعلق باإلدارة اإللكترونية‪ ،‬وهذا مايمكن مالحظته من خالل القنانون‬
‫الجديد المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات‪.‬‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬اآلفاق املستقبلية لإلدارة اإللكرتونية‬

‫من خنالل هنذا البحنث فني موضنوع اإلدارة اإللكترونينة‪ ،‬يمكنن الخنروج بإحندى الخالصنات‬
‫المبدئية والتي تفيد‪ ،‬أن أي حنديث عنن إصنالح لنإلدارة اليمكنن الخنوض فينه بندون اإلعتمناد‬
‫على البعد الرقمي‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫لننذلك فتطننور اإلدارة اإللكترونيننة ال يتننأتى إال مننن خننالل اإلسننتمرار فنني تصننحيح األخطنناء‬
‫السابقة وبلورة مخططات واستراتيجيات وطنية تراعي هذا الجانب‪.‬‬

‫من خالل الوضع الحالي يمكن الحديث عنن األفناق المسنتقبلية لنبعض األوراش‪ ،‬حينث تنكنب‬
‫وزارة إصننالح اإلدارة والوظيفننة العموميننة علننى البرنننامج اإلسننتعجالي لإلصننالح اإلداري‬
‫‪ 2021/2017‬االفقننرة األولننى)‪ ،‬والننذي جنناء انعكاسننا للخطنناب الملكنني ل ‪ 14‬أكتننوبر الننذي‬
‫شخص مكامن الخلل والضعف في اإلدارة‪.‬‬

‫ثننم سننننتقل للبحننث فنني اسننتراتيجية المغننرب الرقمنني ‪ 2020‬االفقننرة الثانيننة)‪ ،‬والتنني لننم يننتم‬
‫اإلعالن عنها بعد‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مخطط اإلصالح اإلداري ‪2021/2017‬‬ ‫‪‬‬

‫إن الحننديث عننن اإلصننالح اإلداري‪ ،‬هننو حننديث آننني ومسننتقبلي ألنننه يتعلننق بتطننوير اإلدارة‬
‫كأداة للتنمية من جهة‪ ،‬وبرصد أفاق المستقبل آنطالقا من الوضعية الراهنة من جهة أخرى‪.‬‬

‫فنني هننذا الصنندد يسننتند مخطننط اإلصننالح اإلداري ‪ ،2021/2017‬علننى ثننالث مرجعيننات‬
‫أساسية‪ ،‬منهنا مضنامين الدسنتور والتني تندعو لندعم الحكامنة الجيندة وإخضناع المرفنق العنام‬
‫‪38‬‬
‫لمبادئ اإلنصاف والجودة واإلستمرارية والمساواة والحياد والشفافية والنزاهة‪.‬‬

‫وثنناني هننذه المرجعيننات‪ ،‬تتعلننق بالتوجهننات العامننة للبرنننامج الحكننومي والتنني تؤكنند علننى‬
‫ضرورة إصالح اإلدارة‪ ،‬وتحسين عالقة اإلدارة بالمواطنين‪ ،‬وأخيرا هي مضنامين الخطناب‬
‫الملكننني ل ‪ 14‬أكتنننوبر ‪ ،2016‬التننني شخصنننت واقنننع اإلدارة ودعنننت إلنننى تننندبير شنننؤون‬
‫المواطنين وخدمة مصنالحهم‪ ،‬واعتبارهنا مسنؤولية وطنينة وأماننة جسنيمة التقبنل التهناون أو‬
‫‪39‬‬
‫التأخير‪.‬‬

‫‪ - 38‬وزارة إصالح اإلدارة والوظيفة العمومية‪" ،‬مخطط اإلصالح اإلداري ‪ ،"2021/2017‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.4‬‬
‫‪ - 39‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.7/6‬‬

‫‪36‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫ويعتمد مخطط اإلصالح اإلداري الجديد على ثالث محاور رئيسية‪: 40‬‬

‫تحسين عالقنة اإلدارة بنالمواطن‪ :‬وذلنك بجعنل المنواطن والمقاولنة فني‬ ‫‪)1‬‬
‫صننلب انشننغاالت اإلدارة وتعزيننز روابننط الثقننة بننين اإلدارة والمننواطن عبننر‬
‫تطننوير جننودة الخنندمات‪ ،‬وهننذا س نيتأتى مننن خننالل تحسننين اإلسننتقبال وتبس نيط‬
‫المساطر ورقمنتها باإلضافة لمعالجة الشكايات والتظلمات‪.‬‬

‫تثمنننين الرأسنننمال البشنننري‪ :‬يعتبنننر تثمنننين الرأسنننمال البشنننري عنصنننر‬ ‫‪)2‬‬


‫أساسي إلنجاح أي إصالح باإلدارة وترسيخ ثقافة المرفق العام‪ ،‬بهدف تطوير‬
‫منظومننة تنندبير المننوارد البشننرية‪ ،‬وكننذا تحسننين تنندبير هننذه المننوارد‪ ،‬وأخيننرا‬
‫تقوية الحماية االجتماعية‪.‬‬

‫تطوير أليات الحكامة والتنظيم ‪ :‬وذلك بوضع األلينات الكفيلنة بتكنريس‬ ‫‪)3‬‬
‫المبادئ العامة للحكامة الجيدة‪ ،‬انطالقنا منن الممارسنات الدولينة الناجحنة‪ ،‬منن‬
‫أجننل مواكبننة الجهويننة وتقويننة فعاليننة وتسننيير اإلدارة‪ ،‬وهننذا مننن خننالل تعزيننز‬
‫النزاهننة والشننفافية‪ ،‬ومواكبننة التنظننيم والالتمركننز‪ ،‬إضننافة لتحننديث أسنناليب‬
‫وطرق التدبير باإلدارة العمومية‪.‬‬

‫وتمتد البرمجنة الزمنينة لمخطنط اإلصنالح اإلداري هلنى أربنع سننوات منن سننة ‪ 2017‬إلنى‬
‫سنة ‪ ،2021‬وذلك وفق برنامج محدد‪.‬‬

‫بعنند اسننتعراض كننل مننايتعلق بالمحنناور الرئيسننية لمخطننط اإلصننالح اإلداري‪ ،‬وكننذا البرمجننة‬
‫الزمنية لتنزيله‪ ،‬سوف نعمل على آسنتخراج أهنم الننقط المرتبطنة بناإلدارة اإللكترونينة وفنق‬
‫هذا المخطط‪.‬‬

‫‪" - 40‬مخطط اإلصالح اإلداري ‪ ،"2021/2017‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.10‬‬

‫‪37‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫ويمكننن إجمننال هننذه النننقط فنني‪ ،‬تبسننيط المسنناطر ورقمنتهننا اأوال)‪ ،‬ثننم تحسننين تنندبير المننوارد‬
‫البشننرية عبننر دعننم آسننتعمال تكنولوجيننا المعلومننات اثانيننا)‪ ،‬وأخيننرا تطننوير أليننات الحكامننة‬
‫والتنظيم اثالثا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تبسيط المساطر ورقمنتها‬

‫يشننير مخطننط اإلصننالح اإلداري الننذي ثننم العمننل بننه منننذ السنننة الماضننية‪ ،‬إلننى أن الوضننعية‬
‫الحالية لإلدارة تعرف صعوبة على مستوى تدوين المساطر والنشر المنتظم لهنا‪ ،‬وعنن بطن‬
‫تفعينننل التننندابير واإلجنننراءات وهنننذا منننا ينننؤثر سنننلبا علنننى المنننرتفقين وكنننذا البيئنننة المالئمنننة‬
‫لإلستثمار‪.41‬‬

‫وعليه فإن مضامين اإلصالح هذا الجانب تأخد بعدين أساسيين‪:‬‬

‫بوابة مساطر المقاولة ‪www.busines.procedurr.ma‬‬ ‫‌أ‪.‬‬

‫ستعنى هذه البوابة اإللكترونية بعرض المساطر اإلدارية المتعلقنة بالمقاولنة مرحلنة بمرحلنة‪،‬‬
‫وبشكل مدقق‪ ،‬وكذلك سيتم إلزام اإلدارة بآحترام المساطر المتعلقة بالمقاولنة‪ ،‬ومعالجتهنا فني‬
‫‪42‬‬
‫مدة ال تتجاوز ‪ 48‬ساعة‪.‬‬

‫يننذكر أن هننذا اإلجننراء مننن شننأنه تمكننين المقاولننة مننن الحصننول علننى المعلومننات المتعلقننة‬
‫بالمساطر اإلدارية‪ ،‬دون الحاجة لإلنتقال لإلدارة‪.‬‬

‫ب‪ .‬آعتماد المنصة الحكومية ا‪)Geteway Gouvernement‬‬


‫‌‬

‫حسننب مخطننط اإلصننالح اإلداري‪ ،‬فننإن آعتمنناد هننذه المنصننة سننيمكن مننن حفننظ المعلومننات‬
‫المتبادلة منن خنالل قاعندة بياننات مشنتركة‪ ،‬وكنذا اسنتعمالها كنأداة للتبنادل البينني بنين أنظمنة‬
‫‪43‬‬
‫معلومات اإلدارة‪.‬‬

‫‪" - 41‬مخطط اإلصالح اإلداري ‪ ،"2021/2017‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.18‬‬


‫‪ - 42‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪ - 43‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.21‬‬

‫‪38‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫وعليه فإن هذه المنصة ستهدف لربح الوقت وسنهولة التحقنق منن صنحة المعلومنات‪ ،‬إضنافة‬
‫إلى تقليص تكاليف إنجناز الخندمات اإلدارينة بالنسنبة للمنواطن واإلدارة‪ ،‬وهنذا ماسنينتج عننه‬
‫تقليص عدد الوثائق اإلدارية المطلوبة وتقليص اآلجال‪ ،‬وتخفيف عب تننقالت المنواطن نحنو‬
‫اإلدارة‪ ،‬وهذا كله سيؤدي لتحسين جودة الخدمات العمومية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬دعم آستعمال تكنولوجيا المعلومات واإلتصال في تحسين تدبير الموارد البشرية‬

‫إن تأهيننل العنصننر اليشننري مننن اهننم األهننداف التنني يسننعى إليهننا مخطننط اإلصننالح اإلداري‪،‬‬
‫حيث تم العمل على إدماج تكنولوجيا المعلومات واإلتصنال لتحسنين تندبير المنوارد البشنرية‪،‬‬
‫من خالل عدة نقط‪ ،44‬أهمها‪:‬‬

‫العمننل علننى وضننع برنننامج معلومنناتي مشننترك لتنندبير المننوارد البشننرية بنناإلدارات‬ ‫‌أ‪.‬‬

‫العمومية ا‪ ،)SIRH‬والذي يهدف لتكريس التدبير التوقعي للمنوارد البشنرية وعقلننة وضنبط‬
‫النفقات المالينة المرتبطنة بتندبير هنذه المنوارد‪ ،‬وذلنك لتجناوز الوضنعية الحالينة والتني تتمينز‬
‫بتعدد األنظمة وعدم تجانسها‪ ،‬وصعوبة الحصول على إحصائيات شاملة للموارد البشرية‪.‬‬

‫انجنناز التقننارير الدوريننة التنني تضننم المؤشننرات والبيانننات اإلحصننائية حننول المننوارد‬ ‫ب‪.‬‬
‫‌‬

‫البشننرية بنناإلدارات العموميننة عننن طريننق آسننتغالل القاعنندة المعلوماتيننة المركزيننة للمننوارد‬
‫البشرية‪.InfoCentreRH ،‬‬

‫صيانة وتطوير القاعدة المعلوماتية المركزية ‪.InfoCentreRH‬‬ ‫ت‪.‬‬


‫‌‬

‫مواصلة تطوير بوابة التشغيل العمومي وتطبيقه الذكي‪.‬‬ ‫ث‪.‬‬


‫‌‬

‫ثالثا‪ :‬تطوير أليات الحكامة والتنظيم‬ ‫‪-‬‬

‫آعتمد مخطط اإلصالح اإلداري على عدة توجهات من أجل تطوير أليات الحكامة والتنظنيم‪،‬‬
‫سنواء تعلننق األمننر بتعزيننز النزاهننة والشنفافية وذلننك بواسننطة اإلسننتراتيجية الوطنيننة لمكافحننة‬

‫‪" - 44‬مخطط اإلصالح اإلداري ‪ ،"2021/2017‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.41/40‬‬

‫‪39‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫الفساد‪ ،‬والتي من أهم إجراءتها الشنروع فني مراجعنة نظنام التصنريح اإلجبناري بالممتلكنات‬
‫‪45‬‬
‫وتحديد قائمة الوظائف والمناصب المعنية وذلك بآعتماد نظام إلكتروني للتصريح والنشر‪.‬‬

‫ومن التوجهنات كنذلك‪ ،‬تحنديث أسناليب وطنرق التندبير بناإلدارات العمومينة‪ ،‬وذلنك بواسنطة‬
‫التعاضد والتبادل بين اإلدارات على مستوى أفضل التجارب والممارسنات‪ ،‬حينث فني مجنال‬
‫اإلدارة اإللكترونينننة يعننننى مخطنننط اإلصنننالح اإلداري علنننى تعاضننند األنظمنننة المعلوماتينننة‬
‫لنننإلدرات العمومينننة‪ ،‬منننن أمثلنننة ذلنننك انظنننام تننندبير المخنننزون‪ ،‬نظنننام تننندبير المراسنننالت‬
‫اإلدارية‪.)...‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إستراتيجية المغرب الرقمي ‪2020‬‬ ‫‪‬‬

‫فننني إطنننار تطنننوير تكنولوجينننا المعلومنننات واإلتصنننال‪ ،‬درج المغنننرب علنننى وضنننع بنننرامج‬
‫وآسنننتراتيجيات وطنينننة لتنزينننل القطننناع الرقمننني وخلنننق مجتمنننع المعلومنننات‪ ،‬كنننان أخرهنننا‬
‫آستراتيجية المغرب الرقمي ‪.2013‬‬

‫واليننوم يننتم اإلعننداد لإلسننتراتيجية المقبلننة والتنني سننتمتد لسنننة ‪ ،2020‬حيننث تشننرف وزارة‬
‫الصننناعة والتجننارة واإلسننتثمار واإلقتصنناد الرقمنني علننى تنزيننل مخطننط المغننرب الرقمنني‬
‫‪ ،2020‬ونشير ونحن بصدد إنجاز هذا البحث أنه لم يتم اإلعالن الكامل عن اإلستراتيجية‪.‬‬

‫لكننن سنننحاول التطننرق للموضننوع مننن خننالل آسننتقراء مختلننف اإلرهاصننات واإلعالنننات‬
‫المتعلق بالمخطط الجديد‪ ،‬من خنالل األركنان األساسنية لإلسنتراتيجية اأوال)‪ ،‬وكنذا األهنداف‬
‫العامننة التنني سننتقوم عليهننا اثانيننا)‪ ،‬علننى أن نخننتم بآسننتخالص ألهننم النتننائج المنتظننرة مننن‬
‫اإلستراتيجية اثالثا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬األركان األساسية لمخطط المغرب الرقمي ‪2020‬‬ ‫‪-‬‬

‫تنبني اإلستراتيجية المتعلقة برقمنة المغرب في أفق ‪ ،2020‬على ثالثة أركان أساسنية‪ ،‬هنذه‬
‫األركان تعتبر الموجه لوضع اإلسنتراتيجية‪ ،‬حينث تتعلنق األولنى بنالتحول الرقمني لإلقتصناد‬

‫‪ - 45‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.48‬‬

‫‪40‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫الننوطني اأ)‪ ،‬ثننم السننعي نحننو إقامننة قطننب رقمنني جهننوي اب)‪ ،‬وختامننا العمننل علننى تعزيننز‬
‫الموقع الرقمي للمغرب ات)‪.‬‬

‫التحول الرقمي لإلقتصاد الوطني‪ :‬وذلك بتعزينز اإلدارة اإللكترونينة منن خنالل القينام‬ ‫‌أ‪.‬‬

‫بإعننادة هيكلننة اإلدارات‪ ،‬إضننافة إلننى ترشننيد وتحننديث المنصننات المعلوماتيننة‪ ،‬والعمننل علننى‬
‫تقليص الفجنوة الرقمينة فني المجتمنع‪ ،‬وهنذا ماسنيتم اإلشنراف علينه منن خنالل وضنع منصنة‬
‫‪46‬‬
‫خاصة بمعالجة الفوارق وتأثيراتها على المواطن‪.‬‬

‫قطب رقمي جهوي‪ :‬ستنكب اإلستراتيجية الجديدة على جعل المغرب قطبنا رقمينا فني‬ ‫ب‪.‬‬
‫‌‬

‫المنطقة‪ ،‬من خالل إنشاء قطنب رقمني منع الندول اإلفريقينة خاصنة الناطقنة باللغنة الفرنسنية‪،‬‬
‫‪47‬‬
‫وكذلك تطوير المنظومة الرقمية الوطنية‪.‬‬

‫الموقع الرقمي للمغرب ‪ :‬وذلك من خالل ثالث نقط رئيسية‪ ،‬تتعلق األولى بآسنتهداف‬ ‫ت‪.‬‬
‫‌‬

‫بنيننات تحتيننة للبيانننات‪ ،‬حيننث سننيتم العمننل علننى إنشنناء ‪ 6‬محطننات لتقننديم خدمننة االتصنناالت‬
‫الالسلكية‪ ،‬باإلضافة لتعزيز الشركات لمركز البيانات والشبكة الرئيسية لإلتصاالت ومراكنز‬
‫‪48‬‬
‫تخزين البيانات‪.‬‬

‫أما النقطة الثانية‪ ،‬فهي جعل المغرب قوة ضاربة للموارد البشنرية علنى المسنتوى اإلفريقني‪،‬‬
‫‪49‬‬
‫وأخيرا العمل على تنظيم المجال الرقمي ومجال األعمال‪.‬‬

‫المالحظ في األركنان أعناله‪ ،‬أنهنا توزعنت بنين مناهو داخلني عبنر آسنتهداف البنينات التحتينة‬
‫وتطننوير قطنناع تكنولوجيننا اإلتصننال والمعلومننات‪ ،‬وكننذلك اإلنفتنناح علننى المحننيط الخننارجي‪،‬‬
‫خاصننة علننى المسننتوى اإلفريقنني‪ ،‬والننذي يعتبننر شننريكا مهمننا للمغننرب فنني السنننوات القليلننة‬
‫األخيرة‪.‬‬

‫‪ - 46‬تقرير مشروع القانون رقم ‪ ،61.16‬مرجع السابق‪ ،‬ص‪.21‬‬


‫‪ - 47‬تقرير مشروع القانون رقم ‪ ،61.16‬مرجع السابق‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ - 48‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ -49‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.23‬‬

‫‪41‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫حيث من خنالل هنذه اإلسنتراتيجية يسنعى المغنرب ألخند الرينادة فني هنذا المجنال وجعلنه فني‬
‫مصنناف النندول اإلفريقيننة‪ ،‬وذلننك عبننر عنندة إجننراءات أهمهننا إنشنناء قطننب رقمنني مننع جننواره‬
‫اإلفريقي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أهداف المخطط الرقمي ‪2020‬‬ ‫‪-‬‬

‫من خالل الحديث عن األركان الرئيسية لمخطط المغرب الرقمني ‪ ،2020‬يمكنن اسنتخالص‬
‫أهم األهنداف التني تسنعى اإلسنتراتيجية لتحقيقهنا‪ ،‬حينث يتبنين أن تطنوير اإلدارة اإللكترونينة‬
‫من أولويات هذا المخطط‪ ،‬ويعتبر ذلك سيرا على نهج المخططات السابقة‪.‬‬

‫كما ينتظر من المخطط الرقمي الجديد أن يعزز من مكانة المغنرب‪ ،‬كمركنز إقليمني‪ ،‬إضنافة‬
‫إلنننى مواصنننلة العمنننل علنننى تقلنننيص الفجنننوة الرقمينننة فننني المجتمنننع‪ ،‬وذلنننك بتعمنننيم آسنننتعمال‬
‫التكنولوجيا الحديثة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬النتائج المنتظرة من المخطط الجديد للمغرب الرقمي‬ ‫‪-‬‬

‫بناء على مختلف اإلستراتيجيات السابقة وما نتج عنها من ضعف على مستوى الوصول إلى‬
‫األهننداف المنتظننرة‪ ،‬فننإن النتننائج المنتظننرة مننن المخطننط الرقمنني ‪ ،2020‬تتمثننل أساسننا فنني‬
‫المواكبنة المسنتمرة لهنذا المخطننط‪ ،‬خاصنة فيمنا يتعلنق بتحسننين فنرص الولنوج إلنى الخنندمات‬
‫اإللكترونية وتقليص الفجوة الرقمية‪.‬‬

‫كمنننا أن العنصنننر البشنننري يمثنننل تحنننديا أمنننام المخطنننط‪ ،‬وذلنننك منننن خنننالل تأهينننل الكفننناءات‬
‫والخبننرات العاليننة فنني المجننال الرقمنني‪ ،‬وأخيننرا ينتظننر تجنناوز سننلبيات اإلدارة والعمننل علننى‬
‫تنزيل وتفعيل اإلدارة اإللكترونية‪.‬‬

‫خاتـــــــــمة‬

‫مننن خننالل دراسننة وتحليننل موضننوع "اإلدارة اإللكترونيننة بننالمغرب"‪ ،‬مننن خننالل التحننديات‬
‫ورهانننات التطننوير‪ ،‬يمكننن القننول أن هاتننه األخيننرة هنني إحنندى أهننم مواضننيع السنناعة التنني‬

‫‪42‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫اليمكن تجاهلها‪ ،‬على آعتبار أن محور اهتمامها هو المواطن‪ ،‬ذلك أنها تسنعى لتسنهيل تقنديم‬
‫الخدمات العامة له‪ ،‬أي كان نوعها وفق ماتوفره تكنولوجيا المعلومات واإلتصال‪ ،‬منن خنالل‬
‫شبكة األنترنيت والهواتف وغيرها من الوسائل‪ ،‬بما يضمن عدم إرهناق المنواطن منن جهنة‪،‬‬
‫وضمان الجودة والفعالية في الخدمات من جهة أخرى‪.‬‬

‫هذا المسار النذي يشنهده موضنوع اإلدارة اإللكترونينة‪ ،‬أظهنر وجنود تحنديات ومعيقنات أمنام‬
‫تطوير هذا القطاع‪ ،‬حيث بعد دراسة هذا الجانب يمكن القنول أن اإلدارة المغربينة تعناني منن‬
‫عدة مشاكل‪ ،‬ترتبط بتضخم وقلة كفناءة المنوظفين‪ ،‬إضنافة لغيناب روح المسنؤولية‪ ،‬هنذا إلنى‬
‫جانب تعدد المعيقات اليومية التي تواجه المواطنين في عالقتهم باإلدارة‪.‬‬

‫ونشننير كننذلك إلننى أن الفجننوة الرقميننة الزالننت تشننكل عائقننا أمننام تطننور اإلدارة اإللكترونيننة‪،‬‬
‫وهذا ما أبرزه تقرير الوكالة الوطنية لتقنين المواصالت لسنة ‪ ،2016‬خاصة في ظل غياب‬
‫استراتيجيات فعالة لتعميم األجهزة اإللكترونية واألنترنيت في المجتمع‪.‬‬

‫لكن رغم هذه المعيقات‪ ،‬فيمكن التأكيد على إن اإلدارة اإللكترونية تعتبر من أولنى الرهاننات‬
‫األساسية للتحديث اإلداري‪ ،‬وهذا مناعبر عننه الخطناب الملكني ل ‪ 14‬أكتنوبر ‪ ،2016‬وهنو‬
‫ماترجم إلى أرض الواقع عبر البرنامج اإلستعجالي للتحديث اإلداري الممتد من ‪ 2017‬إلنى‬
‫‪ ،2021‬وكذلك االستراتيجية الرقمية ‪.2020‬‬

‫وهنننا يجننب التأكينند علننى أن "اإلدارة اإللكترونيننة"‪ ،‬ليسننت طريقننا سننحريا لتحقيننق الشننفافية‬
‫اإلدارية‪ ،‬كما أنها ليست لوحدها قنادرة علنى تغيينر الوضنع اإلداري النراهن‪ ،‬وإنمنا هني أداة‬
‫لتحقيق اإلصالح اإلداري شيئا فشيئا‪ ،‬بهدف جعل اإلدارات الحكومية تحظى بثقة المتعناملين‬
‫معها ورضاهم عن أدائها‪ ،‬وتستشعر اإلدارة المسؤولية والمحاسبة اتجاههم‪.‬‬

‫غيننر أنننه وفنني ظننل وجننود محننيط مجتمعنني تغيننب فيننه الثقافننة الرقميننة‪ ،‬واخننتالالت إداريننة ال‬
‫حصر لها‪ ،‬اليمكن الحديث عن تطوير اإلدارة الإللكترونية‪ ،‬فال يتصور أن نبدأ التطوير منن‬

‫‪43‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫األعلى ونحن لنم نطنور المجتمنع بعند والنذي مازالنت بعنض فئاتنه بعيندة كنل البعند عنن عنالم‬
‫تكنولوجيا اإلتصال والمعلومات‪.‬‬

‫كننذلك يالحننظ كثننرة اإلسننتراتيجيات والخطننط التنني أقيمننت مننن أجننل الوصننول إلننى مراحننل‬
‫متقدمنننة منننن مسنننتويات التحنننديث اإللكترونننني لنننإلدارة‪ ،‬والتننني لنننم تحقنننق غاياتهنننا‪ ،‬فننناإلدارة‬
‫اإللكترونية‪ ،‬ليست عبارة عنن بنرامج معلوماتينة وحواسنيب ينتم النزج بهنا فني اإلدارات‪ ،‬بنل‬
‫هذه تبقى وسائل اليمكن أن تؤدي وظيفتها‪ ،‬مالم يتم مواكبة اإلدارة نفسها‪ ،‬عن طرينق تأهينل‬
‫الموظفين وترسيخ الفكر الرقمي داخل اإلدارات‪.‬‬

‫فمن أجل بناء الثقنة واليقنين فني مختلنف مختلنف المعنامالت اإللكترونينة‪ ،‬فنإن األمنر يسنتلزم‬
‫المزيد من خلق إطار تشريعي يواكب الحاجة الحالية والمستقبلية لدعم اإلستخدام‬

‫وعموما يمكن القول‪ ،‬بإنه بات من الضروري تطوير اإلدارة اإللكترونية كأداة لترقينة مهنام‬
‫مؤسسنات الخدمنة العمومينة‪ ،‬ومنن ثمنة المسناهمة وبطريقنة واضنحة فني تجسنيد إصنالحات‬
‫الخندمات المقدمنة للمنواطنين‪ ،‬إال أن التحنول واالنتقنال منن اإلدارة الورقينة إلنى اإلدارة‬
‫اإللكترونية ينجر عليه مشاكل وفي مقدمتها مخاطر األمن اإللكترونني كمنا يعتنرض الخدمنة‬
‫اإللكترونية مشكل األمية اإللكترونينة التني تكناد تمنس جنل فئنات المجتمنع األمنر النذي يهندد‬
‫واقع الجاهزية اإللكترونية‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫ذ ‪ .‬حممد عيشوش‬

‫طالب باحث بسلك الدكتوراه‬

‫بكلية احلقوق فاس‬

‫الزمن العام والزمن الخاص‬

‫مقاربة تحليلة على ضوء اجتهاد محكمة النقض‬

‫‪-‬عقد النقل نمودجًا‪-‬‬

‫مقدمــــــــة‪:‬‬

‫من المعلوم أن العقود التجارية هي أبرز األدوات الالزمنة لخدمنة حاجنات المتعناملين‬
‫في الحياة التجارية‪ ،‬ولذلك كان من الطبيعي أن ينظم المشرع هذه األدوات علنى النحنو النذي‬
‫يتجاوب مع أهداف التجارة وغاياتها ومع ما تتصف به األعمال التجارية من سرعة وسهولة‬
‫في اإلجراءات‪ .50‬فالعقود التجارية إذن هي العقود التي يكون محلهنا القينام بعمنل تجناري أو‬
‫التنني يبرمهننا تنناجر لشننؤون تجارتننه‪ .51‬وخالفننا للمعننامالت المدنيننة التنني خاصننيتها الثبننات‬
‫واالستقرار والبطء والتعقيد‪ ،‬تتميز المعامالت التجارية من حيث إنجازها وتنفيذها بالسنرعة‪.‬‬
‫فالتاجر ودون تردد‪ ،‬قد يجازف أو يغامر في القيام بعملية أو إبرام صفقة منا والهندف يحنذوه‬
‫إلى عدم تضييع فرصة الربح التي ال تحتمل االنتظار‪ ،‬بل إن البعض منها قند يكنون مصنيره‬
‫التلننف فيمننا لننو تعطلننت اإلجننراءات المتعلقننة بننه‪ ،52‬وال يكننون ذلننك إال عننن طريننق تقنيتننين‬
‫متالزمتننين ومتننداخلتين همننا تقنيننة العقننود التجاريننة وتقنيننة الننزمن التنني ينبغنني إيالؤهننا أهميننة‬

‫‪50‬‬

‫‪848‬‬ ‫‪1995‬‬
‫‪51‬‬

‫‪52‬‬
‫‪37‬‬ ‫‪2014‬‬

‫‪45‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫بمناسننبة إبننرام تلننك العقننود‪ ،‬وقنند اهننتم المشننرع التجنناري بتنظننيم عنصننر الننزمن فنني العقننود‬
‫التجارية بشكل مسنتفيض سنواء بالتنصنيص علينه بشنكل مباشنر أو بالمبنادرة إلنى الحنث منن‬
‫خننالل قواعنند قانونيننة علننى حسننن تنندبيره والجنننوح إلننى ربحننه وعنندم تضننييعه مننن خننالل‬
‫تخصيص المادة التجارية ومن خاللهنا العقنود التجارينة بتقنينات قانونينة الهندف منهنا ضنمان‬
‫السرعة بما يتالءم وطبيعة النشاط التجاري والتي تشكل حسب البعض‪ 53‬دعامة أساسية فيه‪.‬‬
‫وتبعا لذلك تبنى المشرع نظنام التقنادم القصنير خروجنا عنن المبندأ العنام المتأصنل فني المنادة‬
‫المدنيننة‪ ،‬ومراعنناة منننه للمعننامالت التجاريننة التنني مناطهننا السننرعة‪ 54‬بمننا يضننمن اسننتقرار‬
‫المعامالت‪ ،‬حيث جعل الدعاوى الناشئة عن االلتزامات بمناسبة عمل تجناري بنين التجنار أو‬
‫بينهم وبين غير التجار تتقادم بمضني خمنس سننوات منا لنم توجند مقتضنيات خاصنة مخالفنة‪،‬‬
‫ولعله راعى في ذلك أن التجار من الواجنب أال يتنأخروا فني المطالبنة بحقنوقهم منع ضنرورة‬
‫االستمرار في السعي إلى الحصول عليها بسبب حاجتهم الكبيرة إلى المال‪ ،‬وأيضنا للحند منن‬
‫المنازعات الناشئة عن تلك االلتزامات في أقصى سرعة ممكنة‪.55‬‬

‫ويالحننظ أن القضنناء المغربنني يسننتند للحكننم بالتقننادم فنني االلتزامننات التجاريننة علننى‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 388‬من ق ل ع فني فقرتنه األولنى‪ ،‬وعلنى المنادة ‪ 5‬منن مدوننة التجنارة‪،‬‬
‫وهذا ما ذهبت إليه المحكمة التجارية بالدار البيضاء حيث جاء في حيثيات أحد أحكامها‪.‬‬

‫"‪ ...‬وحيث دفعت المندعي عليهنا بالتقنادم الخمسني المشنار إلينه فني الفصنل ‪388 /1‬‬
‫من ق ل ع‪.‬‬

‫وحيث عقبت المدعينة بنأن مقتضنيات الفصنل المنذكور ال تسنري علنى هنذه المنازعنة‬
‫باعتبار أن األمر في النازلة يتعلق بالتزام عقدي يسري على التقادم المحدد في ‪ 15‬سنة‪.‬‬

‫وحيث إن النزاع في هذه النازلة يخص شركتين تجاريتين ويتعلنق بحاجنات مهنتهمنا‪،‬‬
‫وبالتالي فإن مقتضيات الفصل ‪ 388‬هي التي تطبق‪.‬‬

‫‪53‬‬

‫‪54‬‬
‫‪46‬‬
‫‪55‬‬
‫‪47‬‬

‫‪46‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫وحيث باإلضافة إلى ذلك فإن المادة ‪ 5‬من مدونة التجارة تشير إلى أنه تتقنادم بخمنس‬
‫سنوات اللتزامات الناشئة بمناسبة عمل تجاري بين التجار أو بينهم وبين غير التجار‪.‬‬

‫وحيث إنه ما بين تاريخ آخر رسالة هو ‪ 1992 /4 / 28‬وتاريخ رفع الدعوى منرت‬
‫أكثر من ‪ 5‬سنوات وبذلك تكون الدعوى قد طالها التقادم مما ينبغي التصريح بسقوطها‪.56‬‬

‫إن االنطالق من مبدأ حتمينة اعتبنار العقنود التجارينة بكونهنا العقنود التني يكنون محلهنا القينام‬
‫بعمل تجاري‪ 57‬يجعلها بهذا المعنى تجنب فني محتواهنا جمينع العقنود المسنماة وغينر المسنماة‬
‫التي تعد تجارية‪ ،‬فيندرج تحت هنذا الوصنف لنيس فقنط العقنود المنظمنة أحكامهنا فني الكتناب‬
‫الرابع من مدونة التجارة وإنما كنذلك بقينة العملينات التجارينة األخنرى‪ .58‬ولمنا كنان القنانون‬
‫المدني مكمال للقانون التجاري فيما لم ينص عليه هذا األخينر‪ ،‬فلنذلك تسنري القواعند المدنينة‬
‫العامة في التعهدات والعقود كما تسري القواعند الخاصنة بكنل عقند علنى حندة‪ ،59‬ويننتج عنن‬
‫ذلك أن أحكام المعامالت وإن كانت في الغالب واحدة في أساسها ومغزاها سواء بالنسنبة لمنا‬
‫هو مدني أو ما هو تجاري‪ ،‬إال أنها قد تختلف في تطبيقها على المسائل التجارينة إمنا بسنبب‬
‫يوجد الخالف أو بسبب ما يجري به العمل في قواعد العمل بين التجار‪ ،60‬وهذا‬
‫نص قانوني ِ‬
‫الخننالف ينبثننق فنني أصننله عننن ازدواجيننة التنظننيم القننانوني لنننفس المقتضننى بموجننب النننص‬
‫الخاص والنص العام‪.‬‬

‫إن تننناول مقاربننة ازدواجيننة النننص العننام والنننص الخنناص علننى ضننوء النصنننوص‬
‫المنظمننة لعنصننر الننزمن القننانوني علننى مسننتوى عقنند النقننل باعتبنناره أهننم العقننود التجاريننة‬
‫واالكثر حضورا في الحياة العملية تحيل إلى ضرورة استجالء مركز هذا األخير بين مشنكلة‬

‫‪56‬‬
‫‪2000‬‬ ‫‪3837‬‬ ‫‪2000‬‬ ‫‪42 14‬‬ ‫‪2000‬‬ ‫‪9379‬‬

‫‪.2007‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪57‬‬
‫‪248‬‬
‫‪58‬‬
‫‪187‬‬ ‫‪،1998‬‬

‫‪59‬‬
‫‪9‬‬
‫‪60‬‬
‫‪10‬‬

‫‪47‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫الزمن الخاص والزمن العام‪ 61‬والذي ال يمكن رصده إال من خالل تطبيقات العمنل القضنائي‬
‫ممثلة في أحد القرارات الصنادرة عنن محكمنة الننقض‪ 62‬بتناريخ ‪ 3‬يولينوز ‪ 2014‬باعتبناره‬
‫نموذجا حديثا لتضارب الزمن العام والزمن الخاص الشيء الذي استرعى إلينه أنظنار جاننب‬
‫من الفقهاء‪ 63‬والباحثين ‪ 64‬بين مؤيد لتوجنه المحكمنة ومعنارض لهنا بحسنب اخنتالف النرؤى‬
‫حول هذا اإلشكال‪ ،‬الشيء الذي استوجب المحالة المبادرة إلى دراسة هنذا القنرار منن جمينع‬
‫جوانبه بتحليله والوقوف على مؤشرات اعتباره اجتهادا من عدمه من جهة‪ ،‬ولمحاولنة إبنراز‬
‫وجهة نظر شخصية حول أي الفريقين أحرى بالتأييد من جهة ثانية‪.‬‬

‫وتدور حيثينات هنذا القنرار حنول مشنكلة تطبينق المقتضنيات المنظمنة لمنرور النزمن‬
‫االتقادم) المنصوص عليهنا فني الفقنرة الرابعنة منن الفصنل ‪ 389‬منن ق ل ع علنى الندعاوي‬
‫الناشئة عنن عقند النقنل أو بمناسنبته وجعلهنا مقتضنيات خاصنة تقندم فني التطبينق علنى المنادة‬
‫الخامسة من مدوننة التجنارة التني تننظم التقنادم فني المنادة التجارينة بصنفة عامنة انطالقنا منن‬
‫كونها استثنت من تلك العمومية المقتضيات الخاصة المخالفة إن وجدت‪.65‬؟؟‬

‫اسننتنادا لمننا سننلف مننن معطيننات‪ ،‬اختلفننت وجهننات النظننر فنني هننذا الصنندد بننين مؤينند‬
‫لتوجننه المحكمننة ومعننارض لننه‪ .‬وقبننل الكشننف عننن كننال التننوجهين البنند مننن تحدينند اإلطننار‬
‫القننانوني للتقننادم الواجننب التطبيننق فنني النندعاوى الناشننئة عننن عقنند النقننل وبمناسننبة االمحننور‬
‫األول) ليتسنى بعد ذلك مناقشة حيثيات هذا القرار على ضوئها وفق اإلطار القنانوني المننظم‬
‫له والتوجه الفقهي انطالقا مما اعتمده أي من التوجهين السالفين االمحور الثاني)‪.‬‬

‫‪61‬‬

‫‪2016‬‬ ‫‪3-2‬‬
‫‪62‬‬
‫‪2012 1‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪624‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪381‬‬
‫‪2014‬‬ ‫‪17‬‬
‫‪63‬‬

‫‪2015 2014‬‬
‫‪64‬‬
‫‪65‬‬
‫‪5‬‬

‫‪48‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫احملور األول‪ :‬اإلطار القانوني لزمن التقادم الواجب التطبيق يف دعاوى عقد النقل‬

‫حري بالتسليم أن عقد النقل من العقود التجارية المسماة المنصوص عليهاا يام مدوناة‬
‫ا‬ ‫التجااارة‪ ،‬وبالتااالم يااتن ا لت اماااا الناةاانة عنهااا ة ا نها ة ا ن باااتم العقااود التجاريااة ت‬
‫لمقت ياا المادة ‪ 5‬من مدوناة التجاارة التام عر اا لتناايم التقاادم التجااري‪ ،‬والتام تانص‬
‫علاا" ‪....‬تتقااادم ا لت اماااا الناةاانة بمناساابة عماال تجاااري بااين التجااار أو بياانهم وبااين ياار‬
‫التجار بم م مس سنواا ما لم توجد مقت ياا اصة م الفة‪.....‬‬

‫وحسب األساتا عباد الارحيم بحاار‪ ،66‬ياتن تارا ة اا ا الانص األ يار‪ ،‬يتباين أنا حادد‬
‫ا لت اماا التجارية يم مس سنواا سوا ييما بين التجار أو بينهم وبين ير التجاار‪ ،‬مماا‬
‫حدد ستثنا عل" لك المبدأ يم حالة وجود مقت اياا تانونياة اصاة م الفاة‪ ،‬األمار الا ي‬
‫يتعين مع معالجة المبدأ العام للتقادم التجاري المنامة يم إطاار مدوناة التجاارة الأو ك وما ا‬
‫ا ستثنا اا الواردة عل" اا المبدأ المنصوص علي سوا يم مدونة التجاارة أو يام بعا‬
‫القوانين والمقت ياا ال اصة الثانياك‪.‬‬

‫لما مان العقد مصدرا من مصادر ا لت ام ‪ 67‬يتن ا لت اماا المترتبة عل" عقد النقال‬
‫يم تقادمها للمبدأ العام الوارد يم المادة ال امساة مان المدوناة‪ ،‬لاك أن الماادة الثانياة‬ ‫ت‬
‫ماان مدونااة التجااارة تاانص صااراحة علاا" أن المسااانل التجاريااة يفصاال ييهااا بمقت اا" تااوانين‬
‫أحماام اا ا األ يار‬ ‫تتعاار‬ ‫التجارة وعاداتها وأعرايها أو بمقت " القانون المدنم عندما‬
‫م المبادئ األساسية للقانون التجاري وال ي يبق" من أامها مبدأ التقادم التجاري‪.‬‬

‫اار‪ 68‬أن المحممااة مل مااة ييمااا ي ااص‬ ‫وياارا األسااتا عبااد الاارحيم بحااار ماان موتا‬
‫التقادم التجاري با ستناد إل" أحماام الماادة ‪ 5‬مان مدوناة التجاارة وتطبيقهاا علا" أسااس أنهاا‬

‫‪66‬‬
‫‪59‬‬
‫‪67‬‬

‫‪.2014‬‬ ‫‪68‬‬
‫‪147‬‬

‫‪49‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫وردا ياام تااانون اااص‪ ،‬وحسااب القاعاادة الفقهيااة المعمااول بهااا يااتن القااانون ال اااص يقيااد‬
‫يممن الرجوع إل" أحمام ق ل ع إ عناد‬ ‫القانون العام ويقدم علي يم التطبيق‪ ،69‬وبالتالم‬
‫عدم وجود نص يطبق عل" الن اع استنادا لما ورد يم المادة الثانية من مدوناة التجاارة‪ ،‬وتاد‬
‫‪ -‬المجلااس األعلاا" سااابقا‪ -‬علاا" لااك حينمااا جااا ياام حيثياااا إحاادا‬ ‫أماادا محممااة الاانق‬
‫تراراتها ‪....‬وحيث أن الدعوا تدما يم إطار مدوناة التجاارة وااو تاانون ااص مقادم يام‬
‫التطبيق عل" القانون العام وااو تاانون ا لت امااا والعقاود‪ ،‬وأن الطااعن تمساك بمقت اياا‬
‫المادة ‪ 5‬من مدونة التجارة التم تنص عل" ‪.‬تتقادم ا لت اماا الناةنة ما لم توجاد مقت اياا‬
‫اصااة م الفااة‪ .‬واااو أطااول أجاال للتقااادم ياام المااادة التجاريااة و اا ماان أجاال اسااتقرار‬
‫المعامالا التجارية‪.70‬‬

‫الحا ا التم أيارد‬ ‫لقد استثن" المةرع المغربم يم المادة ‪ 5‬من مدونة التجارة بع‬
‫البااااحثين‪ 72‬مااان اعتباااار‬ ‫لهاااا مقت اااياا تانونياااة اصاااة‪ ،71‬و الياااا لماااا ااااب إليااا بعااا‬
‫المقت ياا ال اصة الم الفة لنص المادة ‪ 5‬من مدونة التجارة ام تلك المنصوص عليها يم‬
‫الاانص العااام الماانام ياام ق ل ع‪ ،‬ويقصااد بالا مر انااا الفقاارة الرابعااة ماان الفصاال ‪ 389‬التاام‬
‫عر ا لتنايم عقد النقل وحددا تقادم الدعاوا الناةنة بمناسبت التم تثبا من أجال العاور‬
‫معلاال توجها با ن‬ ‫والت ير وال ياع يم سنة اا ثالث مانة و مسة وستين يوما‪ .‬وي اي‬
‫مةرع المادة ‪ 5‬من مدونة التجارة نص صراحة عل" أن مقت ياا ا ه األ يار تطباق ماا لام‬
‫توجد مقت ياا اصة م الفة ولم تقل نصاوص اصاة م الفاة‪ ،‬والمقت ا" ال ااص حساب‬
‫ا ا ا الجانااب يوجااد ياام الاانص العااام‪ ،‬وبه ا ا وجااب تاارجيظ ال ا من ال اااص الماانام بموجااب‬
‫المقت " ال اص الوارد يم النص العام عل" الانص ال ااص المانام لا من التقاادم التجااري‬

‫‪69‬‬
‫‪2014‬‬ ‫‪42 41‬‬
‫‪265‬‬
‫‪70‬‬
‫‪2000‬‬ ‫‪1844‬‬ ‫‪2001 9 26‬‬ ‫‪1957‬‬
‫‪143‬‬ ‫‪93‬‬
‫‪71‬‬
‫‪61‬‬
‫‪72‬‬

‫‪50‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫بةمل عام‪ ،‬واو بها ا التحليال – حساب تولا ‪ -‬لام يقال أن تاانون ا لت امااا والعقاود تاانون‬
‫اااص وأن مدونااة التجااارة تااانون عااام‪ ،‬واااو التوج ا ال ا ي ابااا يي ا محممااة ا سااتننا‬
‫التجارية مصدرة القارار المطعاون ييا – محال الدراساة – وأيادتها يام لاك محمماة الانق‬
‫التم اعتبرتها طبقا القانون تطبيقا صحيحا‪.‬‬

‫يرا األستا عباد الارحيم بحاار‪ -73‬وعان صاواب‪ -‬أن المقت اياا القانونياة ال اصاة‬
‫امن‬ ‫ت ارع عان تلاك الاواردة‬ ‫عمومية المادة ‪ 5‬من مدونة التجاارة‬ ‫التم يممن أن ت ال‬
‫القااوانين التجاريااة ال اصااة‪- ،‬‬ ‫مدونااة التجااارة نفسااها أو تلااك المنصااوص عليهااا ياام بع ا‬
‫يبالنساابة للمقت ااياا ال اصااة الم الفااة لعموميااة المااادة ال امسااة ماان المدونااة والمنصااوص‬
‫عليهااا ياام مدونااة التجااارة نفسااها‪ ،‬نجااد تلااك التاام نامااا التقااادم الصااريم بالنساابة ل ا وراق‬
‫التجارية المنصوص عليها يم المادة ‪ 228‬من المدونة وم ا الماادة ‪ 295‬التام ناماا جاال‬
‫تقادم الدعاوا الناةنة عن الةيك‪ .‬وت سيسا عل" ما سبق يتن مدة التقادم يم الدعاوا الناةانة‬
‫عان مادة التقاادم المحاددة يام الماادة ‪ 5‬مان‬ ‫عن الةيك أو الممبيالة اام مادد تصايرة وت تلا‬
‫مدونة التجارة وتبق" ام التفساير الصاحيظ لعباارة ‪.‬للمقت اياا ال اصاة‪ .‬التام نبا المةارع‬
‫إليها لمون المقت " ال اص اناا ‪-‬يام اعتقادناا‪ -‬أ اص مان الانص ال ااص نفسا وتماون لا‬
‫األولويااة ياام التطبيااق بااالنار للطبيعااة التجاريااة للعماال ال ا ي ينام ا وال ا ي اااو انااا الورتااة‬
‫التجارية‪.‬‬

‫أما بالنسبة لل من ال اص المنام للتقاادم التجااري بموجاب مقت اياا اصاة م الفاة‬
‫امن تاوانين تجارياة اصاة‪،‬‬ ‫لعمومية المادة ال امسة من مدونة التجارة والمنصوص علي‬
‫الحصار‪ ،‬ومان‬ ‫يهناك العديد من ا ه القوانين نقتصر عل" مر بع اها علا" سابيل المثاال‬
‫لااك المقت ااياا ال اصااة المنامااة لا من التقااادم علاا" مسااتوا تااانون الت ا مين‪ 74‬وم ا ا علاا"‬
‫مستوا توانين الةرماا‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫‪65 61‬‬
‫‪74‬‬

‫‪6‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪51‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫لمقت ياا الماادة ‪36‬‬ ‫يالنسبة للتقادم يم الدعاوي الناةنة عن عقد الت مين يتن ي‬
‫من مدونة الت ميناا الجديدة التم حددا نطاق من التقادم يام اا ا الساياق يام سانتين ابتادا‬
‫من تاريخ وتوع الحادث ال ي تولدا عن الدعوا واو ما سار عل" نهج الق ا من الل‬
‫مااا ورد ياام حماام صااادر عاان المحممااة التجاريااة بالاادار البي ااا ت ااا ييا بسااقوط دعااوا‬
‫الت مين بالتقاادم انطالتاا مان ماون األجال الفاصال باين حادوث الواتعاة وتااريخ ريا الادعوا‬
‫تجاو أجل السنتين المنصوص عليها يم المادة ‪ 36‬من المدونة‪.75‬‬

‫أما بالنسبة للتقادم يم دعاوا الةرماا التجارياة‪ ،‬ياتن التقاادم ال مسام المقارر ممبادأ‬
‫عام يم المعامالا التجارياة يجاد صادا توياا يام القاانون رتام ‪ 76 17.97‬المتعلاق بةارماا‬
‫المساامة‪ ،77‬إ ا ماا اساتثنينا بطاالن الةارمة أو عقودااا أو ماداو تها الالحقاة لت سيساها التام‬
‫تتقااادم طبقااا لمقت ااياا المااادة ‪ 345‬ماان ا ا ا القااانون بماارور ‪ 3‬ساانواا ابتاادا ماان سااريان‬
‫البطالن‪ .‬أما ب صوص تانون ‪ 5.96‬المتعلق بناتم الةرماا يتسري عليا نفاس المقت اياا‬
‫الساالفة الا مر علاا" اعتبااار أنا تااد تمااا ا حالاة إلاا" اا ه المقت ااياا بموجااب المااادة ‪ 1‬ماان‬
‫ال مر‪.‬‬ ‫القانون السال‬

‫احملور الثاني ‪ :‬مركز التوجه القضائي يف مقاربة الزمن العام والزمن اخلاص‬

‫على ضوء اإلطار القانوني والنقاش الفقهي‬

‫لوتاان‬ ‫عن المعن" ال ي يممن بين ثنايا عنوان ا ه الفقارة‪ ،‬باد مان التعار‬ ‫للمة‬
‫الفقا منا اساتنادا‬ ‫وحيثياا التوج الق انم يم ا ا القرار الأو ك ثم نتطرق بعد لك لموت‬
‫لإلطار القانونم المنام ل الثانياك‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫‪2006 06 6602‬‬ ‫‪2006 10 17‬‬ ‫‪11415‬‬
‫‪https://www.mahkamaty.com/2014/01/11/%D8%B9%D9%82%D8%AF-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A3%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%AF%D9%85‬‬
‫‪2016 12 10‬‬
‫‪76‬‬
‫‪65‬‬
‫‪77‬‬
‫‪371 355 351‬‬

‫‪52‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫‪-‬‬

‫يتجل" التوج الق انم يم ة ن تنا ع ال منين العام وال اص مان حياث التطبياق مان‬
‫الل ما راع يم حيثياا وبين وتان ا ا القرار‪ ،‬حياث يساتفاد مان اا ه األ يارة أنا بتااريخ‬
‫‪ 29 /12 /2010‬تقدما الطالبة ةرمة النقل ‪.‬المنار‪ .‬بمقال إلا" المحمماة التجارياة بمارام‬
‫عر ااااا يياااا إنهااااا داننااااة للماااادع" عليهااااا ةاااارمة الس‪.‬س‪ .‬ع ا منالي اساااايواك بمبلاااا‬
‫‪ 432606.06‬درام حساب الفااتوراا المريقاة ببونااا التساليم المتعلقاة ب ادماا النقال التام‬
‫تاما بها العار اة لفانادة المادع" عليهاا الما مورة‪ ،‬ملتمساة لا لك الحمام عليهاا با دا المبلا‬
‫الما مور وتعوي ااا عاان التماطاال تاادره ‪ 50.000‬درااام م ا الفوانااد القانونيااة ماان تاااريخ ماال‬
‫ياتورة وتحميلها الصانر‪ .‬ي صدرا المحممة التجارية حمما يابياا ت اا ييا علا" المادع"‬
‫الحماام‬ ‫عليهااا با دا مااا التمساات المدعيااة‪ ،‬اساات نفت الماادع" عليهااا‪ ،‬ي لغااا محممااة ا سااتننا‬
‫الطلاب لتقادما بمارور أجال السانة المنصاوص عليا يام‬ ‫ا بتدانم وت ا من جدياد باري‬
‫الفقاارة الرابعااة ماان الفصاال ‪ 389‬ماان ق ل ع المتعلقااة بالاادعاوا المقامااة ماان أجاال العااوار‬
‫وال ااياع والتا ير و يراااا ماان الاادعاوا التاام يمماان أن تنةا عاان عقااد النقاال أو بمناساابت ‪،‬‬
‫التوج ال ي سارا يي محممة ا ستننا ‪ .‬وبماا أن ت يياد القارار يعنام‬ ‫ي يدا محممة النق‬
‫عند‬ ‫تبنم نفس التحليل ال ي انبن" علي ‪ ،‬يتن التوج الق انم ال ي سارا يي محممة النق‬
‫التمسك ب حمام المادة ال امسة من مدونة التجارة‪ ،‬منطلق أن المادة السالفة ال مر تطبق علا"‬
‫ا لت اماا التجارية بوج عام وأن المقت " المنصوص علي بمقت ا" الفقارة الرابعاة مان‬
‫الفصل ‪ 389‬او بمثابة مقت " اص وإن ورد يم تانون عام وأن ال اص يقيد العاام ويقادم‬
‫علي يم التطبياق‪ ،‬وبالتاالم تماون – محمماة ا ساتننا ‪ -‬تاد طبقاا القاانون تطبيقاا صاحيحا‬
‫ساوا ماان حيااث الفصاال ‪ 389‬مان ق ل ع وما ا المااادة ‪ 5‬ماان مدوناة التجااارة مونهااا اسااتثنا‬
‫المقت ياا ال اصة من عموميتها والتم يبق" المقت " المنصاوص عليا يام الفصال ‪389‬‬
‫يم يقرت الرابعة من أامها‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫را‬ ‫المءيااد ل ا طاار‬ ‫التجاريااة وتاارار محممااة الاانق‬ ‫إن توج ا محممااة ا سااتننا‬
‫مت اربة من تبل جاناب مان الفقهاا والبااحثين والمهتماين مان الدارساين وم تلفاة باين مءياد‬
‫عنده يم مرحلة موالية‪.‬‬ ‫‪ ،‬واو ما سنتوت‬ ‫ومعار‬

‫‪-‬‬

‫رورة ح ور ا عتباراا ال اصة التم تعاود‬ ‫عل"‬ ‫أمد األستا عبد الحميد أ ري‬
‫إل" طبيعة مو وع الدعوا‪ ،‬والتم تعد بمثابة المعيار الحاسام الا ي يتعتماد يام تقادير الا من‬
‫‪78‬‬
‫وبااالر م إباادا اتفات ا علاا" لااك بااالقول أن تحديااد ال ا من الواجااب‬ ‫حسااب تلااك الطبيعااة‬
‫رورة تحديد طبيعة الادعوا باادر أحاد البااحثين ‪ 79‬إلا" ت يياد‬ ‫انطالتا عل"‬ ‫التطبيق يتوت‬
‫مءيدة القرار ا ستننايم الصاادر يام ةا ن عقاد النقال‬ ‫الم اب ال ي ابا يي محممة النق‬
‫بتاااريخ ‪ 3‬يوليااو ‪ ،2014‬والقااول بحتمي اة التميي ا بااين الاانص ال اااص والمقت اا" ال اااص‬
‫معتبرا يم عالتة بالقرار محل الدراسة‪ ،‬أن المقت ياا المناماة لتقاادم الادعوا الناتجاة عان‬
‫عقد النقال أو بمناسابت منصاوص عليهاا يام الفقارة الرابعاة مان الفصال ‪ ،389‬ومان ثام يهام‬
‫مقت ياا اصة تقدم يم التطبيق عل" المادة ال امسة من مدوناة التجاارة التام تانام التقاادم‬
‫ياام المااادة التجاريااة بصاافة عامااة‪ ،‬والتاام اسااتثنا ااام نفسااها ماان اا ه العموميااة المقت ااياا‬
‫ال اصة الم الفة إن وجدا مما او الحال بالنسابة للمقت اياا المنصاوص عليهاا يام الفقارة‬
‫الرابعة من الفصل ‪ 389‬من ق ل ع حسب ا ا اا الرأي‪.‬‬

‫ير أننا إ ا ما أ نا بمعيار تحديد طبيعة الادعوا الا ي أماد عليا اا ا الجاناب‪ ،‬يتنناا‬
‫أن الادعوا الصاادر يام ةا نها القارار الق اانم اام‬ ‫يدع مجا للبس أو مو‬ ‫نجد بما‬
‫دعوا أثيرا يم إطار منا عة ت انية بين ةريمتين تجاريتين وبمناسبة عمال تجااري طبقاا‬
‫‪80‬‬
‫للفقرة السادسة من الماادة ‪ 6‬مان المدوناة‪ ،‬األمار الا ي اساترع" ااتماام جاناب مان الفقهاا‬
‫وحملااا علااا" الااا ااب يااام ةااا ن تناااا ع تطبياااق األ مناااة – العاااام و ال ااااص – مااان حياااث‬

‫‪78‬‬

‫‪79‬‬

‫‪80‬‬

‫‪54‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫ر‪ ،‬والقول بمجانبة ا ا التوج الق اانم للصاواب‪ ،‬وعلا" اراره مان‬ ‫تصاص م اب‬ ‫ا‬
‫أيااد اا ا التوجا وتااال بصااحت ‪ .‬يالمةاارع نااص طبقااا للمااادة األولاا" ماان مدونااة التجااارة علاا"‬
‫تحديااد نطاااق تطبيااق ا ا ا القااانون ماان حيااث األة ا اص والمعااامالا‪ ،‬وب ا لك يمااون تااد سااي‬
‫ا طار ال ي تسري دا ل تواعد ا ا القانون‪.‬‬

‫ويعد عقد النقل من األعمال التجارية بطبيعتها طبقا للفقارة السادساة مان الماادة ‪ 6‬مان‬
‫المدونااة‪ ،‬وبنااا علي ا ينبغاام أن يفصاال ياام الن اعاااا المثااارة بة ا نها الاادعاوا المتعلقااة ب ا‬
‫أحماما‬ ‫تتعاار‬ ‫التجاارة أو بمقت ا" القاانون المادنم عنادما‬ ‫استنادا إل" توانين وأعرا‬
‫من المبادئ األساسية للقانون التجاري‪ .81‬ويعد التقادم التجاري أاام اا ه المباادئ التام تنبثاق‬
‫عن األحمام القانونية المتعلقة بالمادة التجارية‪ ،82‬ا ا األ ير نام مةرع مدونة التجارة يام‬
‫المادة ‪ 5‬منها وحادده يام ماس سانواا م ماد أتصا" ماا لام توجاد مقت اياا م الفاة تق ام‬
‫بمدد أتال‪ .‬وحساب الارأي الاراجظ‪ 83‬ياتن المقصاود بعباارة المقت اياا الم الفاة الاواردة يام‬
‫المادة ‪ 5‬من المدونة من المدونة تلك الواردة يم مدونة التجارة نفسها مما سبقا ا ةارة إل"‬
‫القوانين التجارية ال اصة‪.‬‬ ‫لك سلفا أو تلك المنصوص عليها يم بع‬

‫ااع الادعاوا‬ ‫ويرا األستا أحمد مويسم أن المةرع التجاري ماان وا احا يام إ‬
‫الناةنة عن عقد النقل إل" أحمام المادة ال امسة من مدونة التجاارة مان حياث مبادنها العاام –‬
‫اامن األعمااال التجاريااة الطبيعااة طبقااا لاانص‬ ‫التقااادم ال مساام – لمااون ا ا ا األ ياار يناادرع‬
‫المادة ‪ 6‬من مدونة التجارة‪ ،‬ودليل يم لك ا حالة الصريحة من دا ال مدوناة التجاارة علا"‬
‫أحماام الفقاارة الرابعاة ماان الفصال ‪ 389‬ماان ق ل ع ب صاوص تقااادم الادعاوا الناةاانة عاان‬
‫عقااد الومالااة بالعمولااة ياام نقاال الب ااان ممااا يبااين استة اعار المةاارع التجاااري تيمااة الماادا‬
‫ال منم للتقادم المحدد يم سنة ومدا مناسبت لعقد الومالة بالعمولاة يام نقال الب اان الةام‬
‫اارورة ا حالااة علي ا ‪ ،‬وبالمقاباال لااو األحمااام المنامااة لعقااد النقاال ياام مدونااة‬ ‫ال ا ي حااتم‬
‫ارورة تطبياق الفقارة‬ ‫من المواد من ‪ 443‬إل" ‪ 486‬من أي مقت " يحيل عل"‬ ‫التجارة‬
‫‪81‬‬
‫‪2‬‬
‫‪82‬‬
‫‪115 111‬‬
‫‪83‬‬

‫‪55‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫اااع‬ ‫الرابعااة ماان الفصاال ‪ 389‬ماان ق ل ع الةاام الا ي يسااتفاد منا ر بااة المةاارع ياام إ‬
‫الدعاوا التجارية الناةنة عن عقد النقل إل" التقادم التجاري واو مس سانواا طبقاا للماادة‬
‫ال امسااة ماان المدونااة‪ ،‬ممااا أن القااول بالساابق ياام التطبيااق يمااون ألحمااام الفقاارة الرابعااة ماان‬
‫عليهااا ياام اوساااط الفق ا‬ ‫الفص ال ‪ 389‬ماان ق ل ع يي ا م الفااة صااريحة للقاعاادة المتعااار‬
‫المغربم والمقارن التم مفاداا تقييد النص ال اص للنص العاام وأولويتا يام التطبياق عليا ‪،‬‬
‫ال ي نصا علي المادة ال امسة‪ ،‬ييجاب أن يماون أ اص مان‬ ‫أما المقت " ال اص الم ال‬
‫الانص ال اااص نفسا ممااا ااو الةا ن بالنساابة ألحمااام تقاادم الةاايك والممبيالااة وعقااود التا مين‬
‫و يراا مما نصاا عليا الماواد ‪ 6‬و ‪ 9‬و ‪ 10‬مان المدوناة ولايس أعام منا با ن يماون واردا‬
‫من األحمام العامة يـم ق ل ع مما او الحال بالنسبة للفقرة الرابعة من الفصل ‪.389‬‬

‫و تاما نرا من جهتنا ان ا ا التوج الفقهام األ يار أحارا بالت يياد وأوجاب باالتبنم‪،‬‬
‫للحج القانونية المعقولة التم يستند إليها والتحليل المنطقم الا ي يعتماده الياا لماا ساار ييا‬
‫رورة تحديد طبيعة الادعوا أاام تجارياة أم مدنياة ليتسان" بالتاالم‬ ‫‪ ،‬ال ي أمد عل"‬ ‫البع‬
‫تحديد ال من الواجب التطبيق بحساب تلاك الطبيعاة‪ ،‬ثام يعاود ليقاول ب ارورة تطبياق الا من‬
‫العام معتبرا إياه اصا باالر م مان وروده يام الانص العاام والحاال أن الادعوا تجارياة مان‬
‫تصاااص والمو ااوع واألطاارا ‪ .‬ممااا أن القاعاادة الفقهيااة القانلااة بجاادارة الاانص‬ ‫حيااث ا‬
‫الالحق يم التطبيق عل" النص السابق والتام يمثال ييهاا عنصار الا من الفيصال الحاسام يام‬
‫ياام القااول بتطبيااق أحمااام الفقاارة الرابعااة ماان الفصاال‬ ‫تسااع‬ ‫تاارجيظ اا ا التوجا أو اك‪،‬‬
‫‪ 389‬ماان ق ل ع وتقااديمها ياام التطبيااق علاا" مقت ااياا المااادة ال امسااة ماان مدونااة التجااارة‬
‫باعتباراا نصا حقا ل ‪.84‬‬

‫‪84‬‬
‫‪389‬‬
‫‪389‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪1913‬‬ ‫‪389‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪1939‬‬ ‫‪17‬‬
‫‪1996‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪389‬‬

‫‪56‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫يام‬ ‫وبنا علا" ماا سابق بيانا نقاول با ن توجا الغرياة التجارياة لادا محمماة الانق‬
‫تراراا الصادر بتاريخ ‪ 3‬يوليو ‪ 2014‬ب صوص تطبيق من التقادم المنصوص علي يام‬
‫الفقرة ‪ 4‬من الفصل ‪ 389‬او توج مجاناب للصاواب يتسان" العادول عنا يام أتارب يرصاة‬
‫تتا أمام اا المحممة لتقويم التوج الق اانم يام الطرياق الصاواب با ساتجابة إلا" منااداة‬
‫الفق الراجظ يم ا ا الصدد‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫ذ ‪ .‬حممد الزكراوي‬

‫إطار بوزارة الداخلية‬

‫باحث يف الشؤون اإلدارية و القانونية‬

‫االنحراف التشر يعي أو المخالفة الموضوعية للدستور‬

‫(نموذج الدفع بعدم دستورية قانون ساري المفعول)‬

‫مقدمة ‪:‬‬

‫من المستقر عليه فقها و قضاء أن الدساتير تسمو وتعلوا مرتبتا عن باقي القوانين‬
‫المعمول بها داخليا‪ ،‬و نظرا لكونها تشكل قوانين أساسية في البالد‪ ،‬فإن احترامها يقتضي‬
‫مراعاة المشرع لمبدأ سمو الدستور أثناء سنه للقوانين و اللوائح التنظيمية بما يتطابق مع‬
‫أحكام و قواعد النص الدستوري و الحرص على عدم مخالفتها له‪.‬‬

‫فاألصل في النصوص التشريعية هو حملها على قرينة الدستورية بافتراض مطابقتها‬


‫للدستور‪ ،‬ومن ثم ال يجوز أن يكون سريانها متراخيا بل قد يكون انفاذها ‪ -‬واعتبارا من‬
‫تاريخ العمل بها – الزما وال يجوز بالتالي أن يكون مجرد الطعن عليها موقفا ألحكامها أو‬
‫مانعا عن فرضها على المخاطبين بها‪،‬ذلك أن إبطالها ال يكون إال بقرار من المحكمة‬
‫الدستورية‪ ،‬إذا ما قام الدليل لديها على مخالفتها للدستور"‬

‫وبالمغرب‪ ،‬و مع إقرار دستور جديد لسنة ‪ ،2011‬ازدادت أهمية وجوب مراعاة دستورية‬
‫القوانين‪ ،‬ذ لك انه إذا كانت الدساتير السابقة حرصت على وجوب إحالة القوانين التنظيمية‬
‫وتلك المتعلقة بالمنازعات االنتخابية‪ ،‬و كذلك التي هي موضوع اتفاقيات دولية إلى المحكمة‬

‫‪58‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫الدستورية من أجل البت في مدى مطابقتها للدستور‪ ،‬فان األمر بالنسبة للقوانين العادية لم‬
‫تشملها الوجوبية بقدر ما كان األمر بخصوص إحالتها على المجلس اختياريا فقط ‪.‬‬

‫ولما كانت األحكام و القواعد الدستورية التي يتضمنها الدستور هي الكفيلة بضمان ممارسة‬
‫الحقوق و الحريات األساسية و العامة في البالد‪ ،‬وبها تتقيد باقي السلطات‪ ،‬فان إعمال‬
‫القوانين و تطبيقها ليس باألمر اليسير طالما انه قد يعمد تطبيقها إلي التضييق وتقييد ممارسة‬
‫تلك الحريات و الحقوق في مواجهه األفراد ‪ .‬خصوصا في الحاالت التي تستدعي فصل‬
‫المحاكم في المنازعات المعروضة عليها في شأن قضايا تتطلب إعمال وتطبيق القانون في‬
‫مواجهة المتقاضيات أمامها‪ ،‬فقد يثير احدهم دفعا بعدم دستورية نص قانوني أضر به‬
‫ومس بحقوقه‪ ،‬أو سلب من حرياته العامة وضاق بحقوقه األساسية المكفولة بقوة الدستور‪،‬‬
‫جراء تطبيق نص قانوني ال يتطابق و قواعد الدستور على النازلة المعروضة على نظر‬
‫محكمة الموضوع ‪.‬‬

‫وهذا هو المستجد الذي جاء به الدستور الجديد في شان رقابة القضاء الدستوري على‬
‫دستورية القوانين‪ ،‬و ذلك بموجب إثارة الدفع بعدم دستورية قانون ساري المفعول أمام‬
‫أنظار محكمة الموضوع وإحالته على المحكمة الدستورية المختصة للبت فيه‪ ،‬حيث أشار‬
‫إليه ا الفصـل ‪ )133‬بقوله ‪:‬‬

‫ر تختص المحكمة الدستورية بالنظر في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون‪ ،‬أثير أثناء‬
‫النظر في قضية‪ ،‬وذلك إذا دفع أحد األطراف بأن القانون الذي سيطبق في النزاع‪ ،‬يمس‬
‫بالحقوق وبالحريات التي يضمنها الدستور‪.‬‬

‫و يحدد قانون تنظيمي شروط وإجراءات تطبيق هذا الفصل ‪.‬‬

‫فما المقصود بالدفع بعدم دستورية نص قانوني ؟ ما هي إجراءاته ؟ وماهي الطبيعة‬


‫القانونية للدفع بعدم دستورية قانون ساري المفعول المحال على أنظار المحكمة الدستورية؟‬

‫‪59‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫وبما أن البت فيه يتم عن طريق صدور قرار في شأنه‪ ،‬نتساءل حول مدى حجية قرارات‬
‫المحكمة الدستورية المتعلقة بالدفع بعدم دستورية قانون؟ و أخيرا ما هي اإلشكاليات‬
‫القانونية والعملية للدفع بعدم دستورية نص قانوني أمام المحكمة الدستورية‪.‬؟‬

‫تلكم أسئلة‪ ،‬سنحاول قدر المستطاع التطرق إليها في معرض تحليلنا للموضوع وفق‬
‫التصميم المشار إليه أعاله‪.‬‬

‫املبحث األول‪ :‬ماهية الدفع بعدم دستورية قانون ‪،‬شروطه وكيفية إثارته‬

‫نص ا الفصـل ‪ )133‬من الدستور المغربي على أنه تختص المحكمة الدستورية بالنظر‬
‫في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون أثير أثناء النظر في قضية‪ ،‬وذلك إذا دفع أحد‬
‫األطراف بأن القانون الذي سيطبق في النزاع يمس بالحقوق وبالحريات التي يضمنها‬
‫الدستور‪ ،‬و يحدد قانون تنظيمي شروط وإجراءات تطبيق هذا الفصل‪.‬‬

‫كما أحالت المادة ‪ 28‬من قانون رقم ‪ 066/13‬المتعلق بالمحكمة الدستورية فيما يخص‬
‫شروط و إجراءات ممارسة المحكمة الدستورية الختصاصاتها في مجال النظر في كل دفع‬
‫بعدم دستورية قانون إلى قانون تنظيمي سيصدر الحقا طبقا ألحكام الفصل ‪ 133‬من‬
‫الدستور‪.‬‬

‫وفي غياب صدور القانون التنظيمي وعلى ضوء أحكام مشروع قانون تنظيمي رقم‬
‫‪ 86.15‬المتعلق بتحديد شروط وإجراءات تطبيق الفصل ‪ 133‬من الدستور‪ ،‬سنحاول‬
‫رصد ماهية الدفع بعدم دستورية قانون‪ ،‬وإبراز أهم شروطه وكيفية إثارته أمام محكمة‬
‫الموضوع واإلحالة به إلى القضاء الدستوري ‪.‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬تعريف الدفع بعدم دستورية نص قانوني وإجراءاته‬

‫‪60‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫‪ -‬الفقرة األولى ‪ :‬مفهوم الدفع بعدم دستورية قانون‬

‫حرصا على االستقرار القانوني و الثقة في األحكام القضائية‪ ،‬ورغبة في توفير أمن قانوني‬
‫و قضائي للمواطن عامة و المتقاضين خاصة‪ ،‬عمل المشرع المغربي علي إيجاد آليات‬
‫قانونية تضمن لهم حياد القضاة من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى تمكينهم من وسائل قانونية بقصد‬
‫التظلم من وقع األحكام القضائية‪ ،‬عبر طرق الطعن القانونية الجاري بها العمل في قانون‬
‫المسطرة المدنية ‪.‬‬

‫ولئن كان مناط الطعن بالطرق القانونية في مواجهة األحكام القضائية الصادرة عن المحاكم‬
‫يجد سنده في التطبيق القانوني السليم للقانون‪ ،‬فإن األمر بالنسبة لمنازعة دستورية القوانين‬
‫أمر جد مختلف‪ ،‬فبينما إقامة الطعون في األحكام مبناها منح فرصة للمتقاضين من ولوج‬
‫درجة من التقاضي فإن مسالة منازعة كون قانون ال يعتبر مطابق للدستور يجد سنده في‬
‫الدفع بعدم دستورية قانون ساري المفعول وذلك بمناسبة نزاع معروض على أنظار محاكم‬
‫الموضوع‪ ،‬للتأكد من جديته ثم إحالته على رقابة القضاء الدستوري ‪،‬أي المحكمة الدستورية‬
‫صاحبة الوالية في االختصاص‪.‬‬

‫وهي رقابة تتم بعد دخول القانون حيز النفاذ ويدفع بها أحد الخصوم في قضية منشورة أمام‬
‫المحاكم كوسيلة للدفاع عن نفسه‪ ،‬بحجة أن القانون الذي ينوي القاضي تطبيقه في القضية‬
‫هو غير دستوري‪ .‬عندها يوقف القاضي النظر في القضية ويحيل القانون إلى المحكمة‬
‫الدستورية التي تبت بقرار معلل وتكون اإلحالة من طرف المحاكم فورية‪ ،‬أي أن المحاكم ال‬
‫تلعب أي دور إلبداء رأيها في وجاهة الطلب‪ ،‬وال يمكن لها من تلقاء نفسها أن تثير الدفع‬
‫بعدم الدستورية‪ ،‬إذ آن حدود محاكم الموضوع تستقر فقط من التأكد من وجود الشروط‬
‫القانونية المتطلبة إلقامة دفع قانوني‪ ،‬وفقا للقانون‪.‬‬

‫و َمناط هذه الوسيلة أن االختصاص المعقود للمحكمة يتمثل في إعمال الرقابة على دستورية‬
‫القوانين أي أن رقابتها تنصرف إلى السلطة التشريعية‪ ،‬من حيث التحقق من التزامها في‬
‫سن القوانين بالحدود الواردة بالدستور‪ ،‬كما يشمل اختصاصها أيضا إعمال الرقابة على‬
‫َ‬

‫‪61‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫السلطة التنفيذية عند وضعها للوائح والبت في مدى التزامها بالضوابط الدستورية بهذا‬
‫الشأن‪.‬‬

‫المشرع الدستوري نظام الرقابة القضائية المركزية على دستورية القوانين‬


‫ّ‬ ‫وحيث أقر‬
‫واللوائح‪ ،‬فإنه ال يجوز لمحاكم المملكة على اختالف أنواعها ودرجاتها التصدي لرقابة‬
‫الدستورية‪ ،‬إال ما يتعلق منها باإلحالة التلقائية إلى المحكمة الدستورية‪ ،‬أو بتقدير الدفوع‬
‫المثارة أمامها بعدم الدستورية على النحو المنصوص عليه قانونا‪ ،‬فالمحكمة الدستورية هي‬
‫راعية الدستور المغربي ولها مهمتان‪ ،‬فهي كيان دستوري مستقل‪ ،‬وفي نفس الوقت تشكل‬
‫القوة القضائية الخاصة برعاية دستورية قانون الدولة‪ ،‬وهي تقوم بتفسير الدستور وتنطق‬
‫أحكاما ملزمة للحكومة ومؤسسات السلطة التنفيذية على أساسه‪.‬‬

‫ورغم أن المحكمة الدستورية ترعى أحكام الدستور‪ ،‬إال أنها ألتدخل ضمن السلسلة‬
‫القضائية في التنظيم القضائي المغربي‪ ،‬ولكنها تشرف على أعمال جميع الهيئات التنفيذية‬
‫في الدولة‪ ،‬وهي تقوم بفحص عمل تلك الهيئات ومطابقتها بأحكام الدستور‪ ،‬ولهذا فمن‬
‫الخطأ اعتبار المحكمة الدستورية بأنها أعلى محكمة من النظام القضائي المغربي‪.‬‬

‫و تنبع وظيفة إحالة القوانين إلى المحكمة الدستورية قصد البت في مطابقتها للدستور وفقا‬
‫لألحكام النصوص عليها في الفصـل‪ ،132‬وطبقا ألحكام الفصـل ‪ ، 133‬تختص بالنظر في‬
‫كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون أثير أثناء النظر في قضية‪ ،‬وذلك إذا دفع أحد األطراف‬
‫بأن القانون الذي سيطبق في النزاع يمس بالحقوق وبالحريات التي يضمنها الدستور‬
‫وتصدر المحكمة الدستورية قراراتها بشأن مطابقة أحد القوانين ألحكام الدستور‪.‬‬

‫ومن وظائف المحكمة الدستورية وحدها الفصل في تطابق قانون تم إصداره من الحكومة‬
‫مع أحكام الدستور‪ ،‬وفي حالة اكتشفت إحدى المحاكم عدم تطابق أحد القوانين مع أحكام‬
‫الدستور يناء على دفع من احد خصوم القضية المعروضة على أنظارها‪ ،‬فإنها تكون ملزمة‬
‫برفع موضوعه إلى المحكمة الدستورية التخاذ قرار بشأنه‪ ،‬ذلك أنه ال يمكن إصدار األمر‬
‫بتنفيذ مقتضى تم التصريح بعدم دستوريته على أساس الفصل ‪ 132‬من هذا الدستور‪ ،‬وال‬

‫‪62‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫تطبيقه‪ ،‬وينسخ كل مقتضى تم التصريح بعدم دستوريته على أساس الفصل ‪ 133‬من‬
‫الدستور‪ ،‬ابتداء من التاريخ الذي حددته المحكمة الدستورية في قرارها‪ ،‬و ال شك أن جميع‬
‫القرارات الصادرة عن المحكمة الدستورية ال تقبل أي طريق من طرق الطعن‪ ،‬وتلزم كل‬
‫السلطات العامة وجميع الجهات اإلدارية والقضائية‪.‬‬

‫إن الرقابة عن طريق اإلحالة التلقائية من محاكم الموضوع إعماال لمبدأ رجحان النص‬
‫خول القانون لمحاكم الموضوع بمختلف درجاتها و بناء على‬
‫األعلى على النص األدنى‪ّ ،‬‬
‫طلب أحد المتقاضين أن يحال إلى المحكمة الدستورية أي نص قانوني الزم للفصل في‬
‫النزاع المعروض أمامها‪ ،‬إذا ما تراءى لها عدم دستوريته‪ ،‬وذلك للبت فيه‪.‬‬

‫ومن وجهة نظرنا في تحديد طبيعة الرقابة التي تمارسها المحكمة الدستوري على الدفع‬
‫المحال أمامها من طرف قضاء الموضوع‪ ،‬يمكن القول أنها رقابة الحقة تخص مقتضيات‬
‫قانونية سارية المفعول يشكك في مدى مطابقتها ألحكام وقواعد الدستور عن طريق الدفع‬
‫الفرعي المبدي من األفراد‪ ،‬وتتحقق هذه الصورة عندما يدفع أحد الخصوم في نزاع منظور‬
‫أمام إحدى محاكم الموضوع بعدم دستورية نص قانوني يُراد تطبيقه على النزاع‪ ،‬فيكون‬
‫على القاضي حينئذ أن يتصدى لتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية‪ ،‬وفي حالة تقريره لذلك‬
‫فإنه يتعين عليه تأجيل الدعوى المنظورة أمامه ‪،‬وتحديد ميعاد ال يتجاوز شهرا للخصم الذي‬
‫أثار الدفع لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية‪.‬‬

‫فخالصة القول‪ ،‬يمكن تعريف الدفع بعدم دستورية مقتضى قانوني على أنه الوسيلة‬
‫القانونية التي يثيرها احد خصوم المنازعة في شأن نص او مقتضى قانوني بمناسبة‬
‫خصومة قائمة أمام أنظار محكمة الموضوع بعدم مطابقة أحكامه مع النص الدستوري إذا‬
‫ما كان تطبيقه في موضوع الخصومة سيمس بحق من الحقوق‪ ،‬أو بحرية من الحريات‬
‫المكفولة بضمانة الدستور ‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫‪ -‬الفقرة الثانية ‪:‬إجراءات الدفع بعدم دستورية قانون أمام المحاكم‬

‫يمكن أن يثار الدفع بعدم دستورية قانون أمام مختلف محاكم المملكة‪ ،‬وكذا أمام المحكمة‬
‫الدستورية بمناسبة البت في الطعون المتعلقة بانتخاب أعضاء البرلمان‪،‬كما يمكن عند‬
‫االقتضاء‪ ،‬إثارة هذا الدفع ألول مرة أمام محكمة االستئناف أو أمام محكمة النقض‪ ،‬و في‬
‫جميع األحوال‪،‬يجب أن يثار الدفع بعدم الدستورية قبل اعتبار القضية المعروضة على‬
‫المحكمة جاهزة للحكم‪ ،‬كما انه ال يمكن أن يثار الدفع المذكور تلقائيا من لدن المحكمة‪ ،‬و ال‬
‫يمكن التنازل عن الدفع بعدم دستورية قانون بعد إيداعه ‪.‬‬

‫ويحال الدفع بعدم دستورية قانون حسب الحالة الى الرئيس االول لمحكمة النقض طبقا‬
‫الحكام المادة ‪ 6‬من مشروع القانون رقم ‪ 86/15‬ويشعر فورا الوكيل العام للملك لدى هذه‬
‫المحكمة باالحالة المذكورة‪ ،‬غير انه اذا اثير الدفع بعدم دستورية قانون أمام محكمة النقض‬
‫الول مرة بمناسبة قضية معروضة أمامها‪ ،‬فان المحكمة المدكورة تبت في الدفع مباشرة‪،‬‬
‫وذلك وفق الشروط المنصوص عليها في المادة ‪ 5‬من نص المشروع وال يمكنها اثارته‬
‫تلقائيا ‪،‬وتبت المخكمة الهيئة التي بعينها الرئيس االول لمحكمة النقض في الفع بمقرر معلل‬
‫داخل اجل ‪ 3‬اشهر ابتداء من تاريخ االحالة او من تاريخ الدفع أمام محكمة النقض ألول‬
‫مرة كما تحيل هذه األخيرة الدفع الى المحكمة الدستورية مرفقا بمذكرات ومستنتجات‬
‫األطراف وكذلك يبلغ الى المحكمة التي اثير امامها الدفع ‪،‬كما يوجه مقرر محكمة النقض‬
‫إلى التي أثير أمامها الدقع فورا الى المحكمة التي أثير أمامها فور صدوره اذا لم تبت‬
‫محكمة النقض في الدفع داخل أجل ‪ 3‬اشهر ‪.‬‬

‫هذا وتوقف محكمة النقض البت في القضية المعروضة امامها الى غاية صدور قرارها‬
‫القاضي برد الدفع او الى غاية صدور قرار المحكمة الديتورية القاضي برفض الدفع ماعدا‬
‫في االحوال التالية ‪.‬‬

‫‪ -‬اذا تعلق االمر بحرمان شخص من حريته في القضية التب اثير بمناسبتها الدفع‬

‫‪ -‬اذا كان القانون ينص على اجل محدد للبت في القضية المعروضة على النقض‪،‬‬
‫اوكانت محكمة النقض ملزمة بالبت غلى سبيل االستعجال‬

‫‪64‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫‪ -‬اذا كان من الدواعي وقف البت في القضية الحاق ضرر بحقوق احد االطراف بتعذر‬
‫اصالحه‬

‫هذا‪ ،‬و تحدد اإلجراءات المتعلقة بالبت في الدفع بعدم دستورية قانون أمام المحكمة‬
‫الدستورية بموجب النظام الداخلي لهذه المحكمة تبعا لما هو منصوص عليه في المادة ‪43‬‬
‫من القانون التنظيمي رقم ‪ 06.13‬المتعلق بالمحكمة الدستورية‪ ،‬مع مراعاة القواعد الخاصة‬
‫الواردة بعده‪.‬‬

‫‪ -‬الفقرة الثالثة ‪ :‬المسطرة المتبعة أمام المحكمة الدستورية‬

‫يودع الدفع بعدم دستورية قانون المثار من قبل أحد أطراف الدعوى‪،‬مرفقا بمقرر اإلذن‬
‫بتقديم هذا الدفع بالمحكمة الدستورية‪،‬كما يودع الدفع بعدم دستورية قانون بمناسبة الطعن‬
‫المتعلق بانتخاب أعضاء البرلمان لدى نفس المحكمة‪،‬ويقدم الدفع بعدم دستورية قانون أمام‬
‫المحكمة الدستورية بواسطة مذكرة كتابية تتوافر فيها نفس الشروط المشار إليها في المادة‬
‫‪ 5‬من مشروع القانون رقم ‪. 86.15‬‬

‫كما تتضمن عالوة على ذلك‪ ،‬االسم الشخصي واالسم العائلي لصاحب الدفع وصفته‬
‫وعنوانه‪ ،‬ويجب إرفاق مذكرة الدفع بنسخ مساوية لعدد األطراف‪ ،‬وكذا بجميع الوثائق‬
‫والمستندات التي يرغب صاحب الدفع في اإلدالء بها بالمحكمة الدستورية ‪.‬‬

‫و تتحقق المحكمة من استيفاء جميع الشروط‪،‬لتحدد بعدها لصاحب الدفع بموجب مقرر غير‬
‫قابل للطعن اجل شهر يبتدء من تاريخ صدور المقرر المدكور لتقديم دفعه امام المحكمة‬
‫الدستورية‪،‬وفي هذه الحالة يتعين على صاحب الدفع االدالء بما يفيد تقديمه للدفع داخل‬
‫االجل‪،‬كما يجب على المحكمة الدستورية اشعار محكمة الموضوع التي اثير امامها الدفع‬
‫كتابة بذالك داخل اجل ‪ 8‬ايام من تاريخ تقديم الدفع‪ ،‬واذا لم يقدم الدفع داخل االجل المذكور‬
‫اعتير كأنه لم يكن‪ ،‬وللمحكمة ان تنذر مثير الدفع بتصحيحه داخل أجل ‪ 4‬ايام من تاريخ‬
‫وضع المذكرة الكتابية لديها ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫اذا لم تكن النيابة العامة طرفا في الدغوى التي اثير الدفع بعدم الدستورية بمناسبتها‪ ،‬فيتم‬
‫ابالغفا بالوسيلة المثارة من اجل ابداء رايها داخل اجل ال يتعدى ‪ 3‬ايام تحتسب من تاريخ‬
‫ابالغها‪،‬وفي حالة عدم ادالئها في داخل االجل‪ ،‬اعتبر الدفع غير مثير الي مالحضات ‪،‬كما‬
‫أن مقررها بعدم القبول يكون معلال وغير قابل للطعن‪ ،‬ويجوز اثارة نفس الدفع من جديد‬
‫امام محكمة االعلى درجة‪.‬‬

‫وعليه فاذا تحققت المحكمة من استيفاء الشروط المنصوص عليها في المادة ‪ 5‬وجب عليها‬
‫احالة مذكرة الدفع الى محكمة النقض داخل اجل اقصاه ‪ 8‬ايام من تاريخ ايداعها‪ ،‬وفي حالة‬
‫عدم استيفاء الدفع للشروط المذكورة فانها تبلغ مقررها القاضي بعدم القبول فورا لالطراف‪.‬‬

‫و إذا‪ ،‬تنازل المدعي عن دعواه وكان مثير الدفع هو المدعى عليه‪ ،‬فإن المحكمة تشهد على‬
‫التنازل مع مراعاة المادة ‪ 121‬من قانون المسطرة المدنية‪.‬‬

‫إن التنازل عن الدعوى بعد صدور اإلذن لمثير الدفع بتقديم دفعه أمام المحكمة الدستورية‪،‬ال‬
‫ينتج أي أثر وال يعتد به‪،‬هذا و في حالة ما اذا تبين للمحكمة عدم استيفاء الشروط الموجبة‬
‫لوسيلة الدقع فانها تبلغ مقررها القاضي بعدم القيول فورا لالطراف‪،‬كما انه‪،‬إذا تراءى‬
‫إلحدى المحاكم أو الهيئات ذات االختصاص القضائي أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم‬
‫دستورية نص في القانون‪،‬الزم للفصل في النزاع‪،‬أوقفت الدعوى وأحالت األوراق بغير‬
‫رسوم إلى المحكمة الدستورية للفصل في المسألة‪،‬و هكذا‪،‬إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر‬
‫دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات االختصاص القضائي بعدم دستورية نص‬
‫في القانون ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي‪،‬أ ّجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار‬
‫الدفع موعدًا ال يجاوزشهرا لرفع الدفع بذلك أمام المحكمة الدستورية‪،‬فإذا لم يقم برفعه في‬
‫الموعد المحدد اعتبر الدفع كأن لم يكن‪،‬و يجب أن يتضمن القرار الصادر باإلحالة إلى‬
‫المحكمة الدستورية أو الدفع المرفوع إليها وفقًا لحكم المادة السابقة بيان النص التشريعي‬
‫المطعون بعدم دستوريته والنص الدستوري المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة‪،‬ولكل ذي شأن‬
‫أن يطلب من المحكمة الدستورية تعيين جهة القضاء المختصة بنظر الدعوى‪،‬ويجب أن‬
‫يبيّن في الطلب موضوع النزاع وجهات القضاء التي نظرته وما اتخذته كل منها في‬

‫‪66‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫شأنه‪،‬ويترتب على تقديم الطلب وقف الدعاوى القائمة المتعلقة به حتى الفصل فيه‪،‬ونشير‬
‫هنا‪ ،‬انه اليمكن التنازل عن الدفع بعدم دستورية قانون بعد صدور قرار محكمة النقض‬
‫بقيول الدفع واحالته الى المحكمة الدستورية‬

‫فحصيلة القول‪،‬انه و في جميع االحوال اذا تكأدت المحكمة الدستورية من توفر الشروط‬
‫المتعلقة بوسيلة الدفع تقوم انذاك بتبليغ مذكرة الدفع الى رئيس الحكومة و كل من رئيس‬
‫مجلس النواب و المستشارين لالدالء بمالحظاتهم بخصوص موضوع الدفع داخل اجل‬
‫تحدده المحكمة الدستورية ‪.‬‬

‫وال تسري على الدعاوى والطلبات المعروضة على المحكمة قواعد الحضورأو الغياب‬
‫المقررة في قانون المسطرة المدنية والتجارية‪،‬كما انه ال يمكن أن يثار الدفع المذكور تلقائيا‬
‫من لدن المحكمة‪.‬‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬الشروط املتعلقة بالدفع بعدم دستورية نص قانوني‬

‫إن ارتباط الدفع بعدم دستورية القوانين بوجود دعوى قضائية‪ ،‬يجعل من قبوله يخضع‬
‫بشكل مباشر لشروط قبول الدعوى القضائية بالنسبة للمدعي شكال وموضوعا فعلى سبيل‬
‫المثال تنص المادة األولى من قانون المسطرة المدنية *على انه ال يصح التقاضي إال ممن‬
‫له الصفة واألهلية والمصلحة إلثبات حقوقه غير أن الحق في الطعن في دستورية قانون‬
‫يبقى متاحا ألطراف النزاع األخرى خاصة المدعى عليه وهو ما يوسع نسبيا من اإلمكانية‬
‫المتاحة لممارسته إذ يتعين على مشروع القانون التنظيمي أن يمدد إمكانية الطعن إلى كل‬
‫مدخل في الدعوى أو متدخال فيها‪ ،‬ويبقى للمحكمة المثار النزاع أمامها سلطة التقدير‪ ،‬تجنبا‬
‫للطلبات الكيدية التي قد يكون الهدف منها إطالة أمد النزاع بشكل يسيء استعمال هذا‬
‫األسلوب من الرقابة‪ ،‬لذلك نجد المشرع الدستوري‪ ،‬قد منح سلطة تقدير هذه الجدية حسب‬
‫األحوال للمحكمة او قاضي الموضوع صاحب البت في القضية المعروضة عليه‪ ،‬كما تطبق‬
‫أمام المحاكم المثار أمامها الدفع بعدم دستورية قانون‪ ،‬قواعد قانون المسطرة المدنية وقانون‬

‫‪67‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫المسطرة الجنائية‪ ،‬وكذا أي مقتضى إجرائي آخر منصوص عليه في نصوص خاصة‪،‬‬
‫حسب الحالة‪ ،‬مع مراعاة أحكام القانون التنظيمي المرتقب صدوره‪ ،‬هذا و يجب تحت طائلة‬
‫عدم القبول‪ ،‬إثارة الدفع بعدم الدستورية بواسطة مذكرة كتابية تتوافر فيها الشروط التالية‪:‬‬

‫‪ 1‬الشروط الشكلية‬

‫يجب تحب طائلة عدم القبول من قبل المحكمة المعروض عليها النزاع‪ ،‬إثارة الدفع بعدم‬
‫الدستورية بواسطة مذكرة كتابية‪ ،‬و يجب أن تكون معللة ومقدمة بصفة مستقلة‪.‬‬

‫‪ -‬أن تكون موقعة من قبل الطرف المعني أو من قبل محام مسجل في جدول هيئة من هيئات‬
‫المحامين بالمغرب مع مراعاة االتفاقيات الدولية النافذة‪.‬‬

‫‪-‬أن تكون مؤدى عنها ودائع مالية امام كتابة ضبط المحكمة‪،‬مالم بتم تمتيع من تقدم بها‬
‫بالمساعدة القضائية وتحتسب الرسوم على الشكل التالي‬

‫‪ 200 .‬درهم امام محاكم اول درجة‬

‫‪ 400 .‬درهم امام محاكم ثاني درجة‬

‫‪ 800 .‬درهم امام محكمة النقض‬

‫‪ 1000 .‬درهم امام المحكمة الدستورية‬

‫على ان يحتفظ بمبلغ الوديعة المالية لفائدة الخزينة العامة في حالة عدم قبول الدفع وعند‬
‫قبوله يرد المبلع الى مثير الدفع‬

‫‪ -‬أن تتضمن المقتضى التشريعي موضوع الدفع بعدم الدستورية‪،‬الذي يعتبره صاحب الدفع‬
‫أنه يمس بحق من الحقوق أو بحرية من الحريات التي يضمنها الدستور‪.‬‬

‫‪ -‬أن تتضمن بيانا ألوجه الخرق أو االنتهاك أو الحرمان من الحق أو الحرية المذكورة في‬
‫البند أعاله‪.‬‬

‫‪ -‬يجب أن ترفق المذكرة بنسخ منها مساوية لعدد األطراف‪،‬وعند االقتضاء‪،‬بأي وثيقة أخرى‬
‫يرغب الطرف المعني في اإلدالء بها لدى المحكمة‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫يسلم وصل للمعني باألمر‪،‬عند إيداع المذكرة المشار إليها أعاله بكتابة الضبط بالمحكمة‪.‬‬

‫وتعتبر النسخة الحاملة لطابع كتابة الضبط ‪،‬بمثابة وصل يشهد بذلك‪.‬‬

‫‪ 2‬الشروط الموضوعية‬

‫يعتبر الدفع بعدم دستورية قانون غير مقبول إذا لم يستوف الشروط التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬أن يكون القانون موضوع الدفع هو الذي تم تطبيقه أو يراد تطبيقه في الدعوى أو‬
‫المسطرة أو يشكل أساسا للمتابعة‪،‬حسب الحالة‪.‬‬

‫‪ .2‬أن يكتسي الدفع طابع الجدية‪.‬‬

‫‪ . 3‬أال يكون قد سبق البت بمطابقة المقتضى محل الدفع للدستور‪،‬مالم تتغير الظروف‪ .‬اي‬
‫االسس التي تم بناء عليها البث المدكور ‪.‬‬

‫كما يجب على المحكمة أن تتأكد من استيفاء الدفع بعدم دستورية قانون المثار أمامها‬
‫االجراءات المشار إليها في المادة الخامسة من مشروع القانون التنظيمي داخل أجل ‪ 8‬ايام‬
‫وللمحكمة ان تنذر مثير الدفع بتصحيح مسطرة الدفع امامها داخل اجل ال يتجاوز اربعة ايام‬
‫من تاريخ تقديم المدكرة الكتابية بشان الدفع‪،‬وفي حالة ما لم نكن النيابة العامة طرفا في‬
‫الدعوؤ التي اثير الدفع بعدم الدستورية بمناسبتها‪،‬فبتم ابالعها بالوسيلة المثارة من اجل ابداء‬
‫رايها داخل اجل ال يتعدى ‪ 3‬ايام تحتسب من تاريخ ابالعها‪،‬وفي حالة عدم ادالئها داخل هذا‬
‫االجل اعتبر ان الدفع غير مثير الي مالحظات لديها‪،‬ويكون مقررها في حالة عدم القبول‬
‫معلال وغير قابل للطعن‪،‬ويجوز اثارة نفس الدفع من جديد امام المحاكم االعلى درجة‪.‬‬

‫حيث اذا تحققت المحكمة من استيفاء جميع الشروط القانونية‪،‬وجب عليها احالة مذكرة الدفع‬
‫الى محمكمة النقض داخل اجل اقصاه ‪ 8‬ايام من تاريخ ايداعها‪،‬وفي حالة ما اذا تبين‬
‫للمحكمة عدم احترام الشروط القانونية المتبعة ‪ ،‬فانها تبلغ مقررها القاضي بعدم القبول فورا‬
‫لالطراف‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫ويترتب عن قبول الدفع ان توقف المحكمة التي اثير الدفع امامها البت في الدعوى كما‬
‫توقف االجال المرتبطة بها‪ ،‬ابتداءا من تاريخ توقف الدفع مع مراعاة االستثناءات الواردة‬
‫في المادة ‪ ،8‬غير انه للمحكمة ان تستانف البت في القضية فورا اذا بلغت بقرار محكمة‬
‫النقض القاضي برد الدفع‪،‬ويتعين في هذه الحالة اشعار االطراف‪.‬‬

‫املطلب الثالث ‪ :‬اثار الدفع بعدم دستورية قانون ساري املفعول‬

‫تصدر المحكمة الدستورية قرارها في أجل ‪ 60‬يوما من تاريخ الدفع بعدم الدستورية‬
‫وباألغلبية المطلقة ألعضائها‪ ،‬و يجب أن ينص القرار على أن األحكام موضوع الدفع‪،‬‬
‫دستورية او غير دستورية‪ ،‬ويكون قرار المحكمة ملزما لجميع السلطات وينشر بالجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬وإذا انقضى األجل المقرر دون إصدار المحكمة لقراها فتكون ملزمة بإحالتها‬
‫فورا إلى الملك‪ ،‬كما يتم إبال جميع القرارات الصادرة عن المحكمة إلى رئيس الحكومة و‬
‫رئيس كل من مجلس النواب و مجلس المستشارين‪ ،‬وال يتجاوز نظر المحكمة ما تم الدفع‬
‫به وليس لها أن تبسط رقابتها على ما لم يتم الدفع به‪.‬‬

‫وإذا قررت رفض الدفع او قبوله فإنها تقضي بتحميل المصاريف القضائية إما لمثير الدفع‬
‫او للخزينة العامة بحسب األحوال‪.‬‬

‫ويترتب عن القرار الصادر عن المحكمة الدستورية بعدم دستورية مقتضى قانوني‪ ،‬نسخه‬
‫ابتداء من تاريخ تحدده المحكمة الدستورية في قرارها‪ ،‬طبقا ألحكام الفصل ‪ 134‬من‬
‫الدستور‪ ،‬كما تلتزم مختلف محاكم المملكة بالتفسير الذي تعطيه المحكمة الدستورية‬
‫للمقتضى القانوني موضوع الدفع‪ ،‬والذي قررت هذه األخيرة مطابقته للدستور تحت شرط‬
‫هذا التفسير‪ ،‬هذا ويبلغ قرارا لمحكمة الدستورية الصادر بشأن الدفع بعدم دستورية قانون‬
‫إلى المحكمة المثار أمامها الدفع‪ ،‬داخل أجل ثمانية ا‪ )8‬أيام من تاريخ صدوره وتنشر‬
‫القرارات الصادرة بشأن الدفع بعدم دستورية القوانين بالجريدة الرسمية داخل أجل ال يزيد‬
‫عن ثالثين ا‪ )30‬يوما ابتداء من تاريخ صدورها‪ .‬كما أنه ال تقبل قرارات المحكمة‬

‫‪70‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫الدستورية أي طريق من طرق الطعن‪ ،‬وتلزم كل السلطات العامة وجميع الجهات اإلدارية‬
‫والقضائية الفصل ‪ 134‬من الدستور ‪.‬‬

‫وبالنسبة للرقابة المسلطة على القوانين التي دخلت حيز التنفيذ‪ ،‬تواصل الغموض الذي شاب‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 134‬من الدستور‪ ،‬حيث إذا ما أقرت المحكمة الدستورية عدم دستورية‬
‫القانون المدفوع بعدم دستوريته‪ ،‬يتوقف العمل به في حدود ما قضي به‪ ،‬وهذا من ينص‬
‫عليه الفصل ‪ 22‬من مشروع القانون التنظيمي رقم ‪ 86.15‬على أن قرار المحكمة‬
‫يتضمن تحديدا لآلثار القانونية المترتبة عن توقيف العمل باألحكام موضوع الطعن ‪ ،‬حيث‬
‫يترتب عن قرار المحكمة بعدم دستورية مقتضى تشريعي نسخه من تاريخ تحدده المحكمة‬
‫في قرارها طبقا ألحكام الفصل ‪ 134‬من الدستور‪.‬‬

‫ماذا ي عني ذلك؟ هل يتم إلغاء القاعدة القانونية غير الدستورية حتى بعد دخولها حيز النفاذ ؟‬
‫ما هو المقصود بتوقيف العمل؟ هل تقتصر آثار توقيف العمل على القضية المزمع تطبيق‬
‫القانون فيها أم أن له أثرا مطلقا يتجاوز أطراف النزاع؟‬

‫األثر التقليدي للدفع بعدم دستورية القانون هو عدم تطبيق النص المطعون فيه في النزاع‬
‫القائم‪ ،‬وهو ما يعبر عنه دون إمكانية إلغائه على عكس ما هو معمول به في فرنسا حيث‬
‫يعلن الفصل ‪ 62‬فقرة أولى من الدستور الفرنسي على إلغاء القانون ابتداء من نشر قرار‬
‫القاضي الدستوري‪ ،‬في إيطاليا مثال‪ ،‬يقر الفصل ‪ 136‬من الدستور على توقف اآلثار منذ‬
‫نشر القانون أيضا‪ ،‬وكذلك الشأن في إسبانيا‪.‬‬

‫تلكم إشكاليات سنحاول اإلجابة عنها في مبحثنا التالي‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫املبحث الثاني‪ :‬الطبيعة القانونية للدفع بعدم دستورية نص قانوني و مدى‬

‫حجيته‬

‫املطلب األول ‪ :‬الطبيعة القانونية للدفع بعدم دستورية قانون‬

‫تصدر أحكام المحكمة الدستورية وقراراتها باسم الملك و القانون‪ ،‬وال تفصل من تلقاء‬
‫نفسها في جميع المسائل الفرعية‪ ،‬ذلك أن أحكام المحكمة وقراراتها فيما يخص الدفع‬
‫بعدم دستورية مقتضى قانوني رهبن بما يثيره أصحاب المصلحة في ذلك‪ ،‬كما انه‬
‫رهبن بجديته وأحالته من طرف قضاء الموضوع على أنظارها‪ ،‬و نعتبر قراراتها في‬
‫نهائية وغير قابلة للطعن‪،‬‬ ‫الفصل في وسيلة الدفع المعروضة المحالة عليها‬
‫لجميع‬ ‫ملزمة‬ ‫بالتفسير‬ ‫وقراراتها‬ ‫الدعاوى الدستورية‪،‬‬ ‫فأحكام المحكمة في‬
‫في الجريدة‬ ‫سلطات الدولة وللكافة‪ ،‬وتنشر القرارات المتعلقة بوسيلة الدفع‬
‫الرسمية وبغير مصروفات خالال اجل ال يزيد عن ‪ 30‬يو ًما على األكثر من تاريخ‬
‫صدورها‪ ،‬ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون عدم جواز تطبيقه من‬
‫اليوم التالي لنشر الحكم ‪،‬ما لم يحدد الحكم لذلك تاري ًخا آخر‪ ،‬وتفصل المحكمة دون‬
‫غيرها في كافة المنازعات المتعلقة بتنفيذ األحكام والقرارات الصادرة منها‪ ..‬وال يترتب‬
‫على رفع المنازعة وقف التنفيذ ما لم تأمر المحكمة بذلك حتى الفصل في المنازعة‬
‫تسري على القرارات الصادرة من المحكمة فيما لم يرد به نص في هذا القانون‪ ،‬القواعد‬
‫المقررة في قانون المسطرة المدنية بما ال يتعارض وطبيعة تلك األحكام والقرارات‪ ،‬و‬
‫رغم أهمية المسالة وأهمية تأثيرها على حقوق المتقاضين أطراف النزاع األصلي‪ ،‬او‬
‫الذي يمس الحكم األصلي من حقوقهم ارتأى مشروع المحكمة إعطاء صبغة والئية‬
‫لتدخلها في مادة الدفع بعدم الدستورية و هو اختيار ال يراه المهتمون بالشأن الدستوري‬
‫حقيقة‪ ،‬موفقا نظرا الن األصل في التقاضي هو مبدأ المواجهة و تخويل كل طرف له‬
‫صفة ومصلحة من أن يمثل و من أن يقدم ما ومن يدافع به و يناضل عن تلك المصلحة‪،‬‬
‫فالصبغة الوالئية الواردة في المشروع‪ ،‬تأثر بالضرورة على جودة فقه قضاء المحكمة‬

‫‪72‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫الدستورية‪ ،‬الن فقه القضاء ال يكون ثريا و ناجزا و فعاال إال من خالل ما تتواله الهيئات‬
‫القضائية من الموازنة و الترجيح بين مختلف الحجج و البراهين المقدمة إليها في إطار‬
‫النظام أالدعائي الذي يبدو النظام األقرب منطقا باعتبار إن صالحية إثارة الدفع منحت‬
‫للمتقاضين على وجه الحصر ‪.‬‬
‫فالمقترح في هذا الصدد‪ ،‬هو إقرار إمكانية االطالع وتقديم الملحوظات و الترافع ألطراف‬
‫النزاع األصلي التي تطلب ذلك مع ما يستوجبه ذلك من تعديل لإلجراءات الحترام مبدأ‬
‫المواجهة‪ ،‬و إن كان ذلك التعديل سيبطأ نوعا ما من اجل البت فانه سيعطي الدفع بعدم‬
‫الدستورية توازنا و فقه قضاء المحكمة الدستورية ثراء يمكن أن نضيف مدة زمنية لتحويل‬
‫البت في الدفع من عمل والئي إلى نزاع قضائي‪ ،‬إضافة إلى إقرار الطبيعة النزاعية للبت‬
‫في الدفع وحماية لحقوق األطراف و حرصا على االستقرار القانوني و الثقة في األحكام‬
‫القضائية يتجه التنصيص بالحكم القضائي انه أثير بمناسبته دفع بعدم الدستورية و بيان‬
‫محتواه حتى يكون المحكوم لفائدته و الغير بصفة عامة باعتبار الحكم القضائي يمكن‬
‫االحتجاج به على الكافة ‪.‬‬

‫و الحقيقة‪ ،‬أن تحديد الطبيعة القانونية للدفع بعدم دستورية مقتضى قانوني يثير أكثر من‬
‫إشكال‪ ،‬ذلك أن بت المحكمة الدستورية في الدفع المثار أمامها و في غيبة األطراف يجعل‬
‫من بت المحكمة والئيا أكثر من كونه عمال قضائيا‪ ،‬وان طريقة و إجراءات كيفية إثارة‬
‫الدفع تجعلنا اعتباره دفعا ليس من متعلقات النظام العام‪ ،‬وسندنا في ذالك ‪،‬أن محكمة‬
‫الموضوع ال يمكنها إثارة الدفع تلقائيا من ذاتها‪ ،‬فقاضي الموضوع ال يمكنه إثارة وسيلة‬
‫الدفع من تلقاء نفسه‪ ،‬لكون امتناعه عن البت بدعوى عدم مطابقة النص القانوني لقواعد و‬
‫أحكام الدستور يعد امتناعا و انكرا للعدالة في حين تنص المادة ‪ 3‬من مشروع القانون‬
‫‪،‬بانه يمكن أن يثار الدفع بعدم دستورية قانون أمام مختلف محاكم المملكة‪ ،‬وكذا أمام‬
‫المحكمة الدستورية‪ ،‬كما يمكن عند االقتضاء إثارة هذا الدفع ألول مرة أمام محكمة‬
‫االستئناف او محكمة النقض‪ ،‬األمر الذي يفهم منه أن طبيعة هذا الدفع تكتسي طابعا يجعلها‬
‫من متعلقات النظام العام ‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫وقد اثار الدفع بعدم دستورية قانون جدال أخر يتعلق بترتيبه داخل دائرة الدفوع الموضوعية‬
‫أم الشكلية ‪ ،‬و باستقراء نص المادة ‪ 3‬من المشروع في فقرتها األخيرة‪ ،‬التي تشير بأنه ال‬
‫يمكن أن يثار الدفع المذكور تلقائيا من لدن المحكمة و يجب في جميع األحوال أن يثار الدفع‬
‫قبل اعتبار القضية المعروضة على المحكمة جاهزة للحكم‪ ،‬لدى نتساءل‪ ،‬هل هو دفع شكلي‬
‫أم موضوعي ؟ وهل يجب إثارته قبل أي بت في الجوهر‪ ،‬وهل يخضع لترتيب مسبق عن‬
‫باقي الدفوع الشكلية ؟‬

‫إن اإلجابة عن تلك اإلشكاليات‪ ،‬تحيلنا للبحث عن طبيعة الدفع هل هو دفع شخصي أم‬
‫عيني؟‬

‫و بالرجوع إلى أحكام الدستور الفصلين ‪ 133‬و ‪ 134‬و كذلك المادة ‪ 22‬و ‪ 23‬من‬
‫المشروع رقم‪ . 86.15 .‬يتبين جليا أن طبيعة الدفع تندرج ضمن الدفوع العينية‪ ،‬الن قرار‬
‫المحكمة في صدده تنصرف للعوام من الناس بخصوص النص القانوني الغير مطابق‬
‫للدستور‪ ،‬حيث يترتب عن الدفع نسخ القانون ابتدءا من تاريخ تحدده المحكمة في قرارها‪ ،‬و‬
‫النسخ هنا يجري أثاره على العامة طبقا ألحكام الفصل ‪ 134‬من الدستور‪ ،‬كما تلزم مختلف‬
‫المحاكم بالتفسير الذي تعطيه المحكمة الدستورية للمقتضى القانوني موضوع الدفع و الذي‬
‫قررت هده األخيرة مطابقته للدستور من عدمه تحت شرط هذا التفسير‪ ،‬وبما أن األمر‬
‫كذلك‪ ،‬يمكن القول من وجهة نظرنا بأنه دفع موضوعي وسندنا في ذلك أن تطبيقه في‬
‫النازلة يمس بحقوق دستورية لدافعه و الحكم لصالح خصمه‪ ،‬وحيث انه وسيلة توجه فيها‬
‫الخصومة إلى التشريع ذاته فإن مقتضى ذلك أن الحكم الذي يصدر بعدم دستورية نص‬
‫تشريعي يلغى قوة نفاذ هذا النص‪ ،‬ويغدو معدوما من الناحية القانونية أو يسقط كتشريع من‬
‫تشريعات الدولة‪.‬‬

‫وفي األخير نشير إلى كون وسيلة الدفع المشار إليها في الدستور و مشروع القانون‬
‫التنظيمي المتعلق بتحديد شروط و كيفيات مباشرة مسطرة الدفع بعدم دستورية مقتضى‬
‫قانوني ساري المفعول‪ ،‬هي وسيلة قانونية دفاعية وليست هجومية‪ ،‬مما يجعل من طبيعة‬

‫‪74‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫الدفع المثار دفعا فرعيا مترتب عن رفع الدعوى األصلية التي طبق عليها مقتضى قانوني‬
‫ال يطابق أحكام و قواعد الدستور‪ ،‬ويترتب عن هذا الدفع إبطال المقتضى القانوني و نسخه‪.‬‬

‫وفي رأينا المتواضع‪ ،‬وبالرجوع إلى األثر المترتب عن الدفع و المتمثل في نسخ المقتضى‬
‫التشريعي‪ ،‬كان على المشرع المغربي أن يجعل إثارة عدم مطابقة النص القانوني بمقتضى‬
‫دعوى أصلية وليس عن طريق دفع فرعي‪ ،‬ذلك أن القضاء و الفقه استقر على كون اثارة‬
‫الدفوع الفرعية المتعلقة بعدم مطابقة نص قانوني‪ ،‬ال يرتب نسخ القانون او إلغاؤه‪ ،‬بقدر ما‬
‫يرتب أثرا محدودا يتمثل في االمتناع عن تطبيق القانون المخالف للدستور دون الحكم‬
‫بإلغائه ‪.‬‬

‫فالفرق بين رقابة اإللغاء ورقابة االمتناع واضحة تتمثل في كون رقابة اإللغاء تمارس عن‬
‫طريق الدعوى األصلية‪ ،‬و هي رقابة تقوم بها المحكمة الدستورية و صورتها أن يتم وضع‬
‫دعوى من طرف األفراد او هيئات يطالب فيها بإبطال قانون غير دستوري و يكون إلغاؤه‬
‫ساريا المفعول على المستقبل و الماضي و ال يرتب أي اثر ويسري على الجميع ‪.‬‬

‫أما فيما يخص رقابة االمتناع فالمقصود بها امتناع المحكمة عن تطبيق القانون المخالف‬
‫للدستور دون الحكم بنسخه‪ ،‬الن الدفع في القانون ال يكون هو الموضوع الرئيسي‬
‫للدعوى‪،‬بل الدفع في الدستورية يأتي وسيلة لدفع حكم معين بناء على القانون فيدفع الطرف‬
‫المتضرر من الحكم بعدم الدستورية‪ ،‬و ال يلزم كافة األفراد و ال حتى ذات المحكمة ما لم‬
‫يدفع احد األطراف بعدم الدستورية وبالتالي أثاره نسيبة ال تتجاوز حدود أطراف النزاع‬
‫‪.‬عكس رقابة اإللغاء التي نمتد أثارها لتشمل الجميع‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬حجية قرارات احملكمة الدستورية املتعلقة بالدفع بعدم دستورية‬

‫قانون يف الفقه و القضاء املقارن‬

‫من المتفق عليه أن جميع األحكام و القرارات الصادرة عن محاكم الموضوع نكون لها‬
‫حجية قطعية غي مواجهة األفراد المخاطبين بأحكامها‪ ،‬فاألحكام القطعية تصبح الزمة‬

‫‪75‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫بمجرد صدورها وان حجية األمر او الشيء المقضي به تكون ملزمة للجميع‪ ،‬أما فيما‬
‫يتعلق بأحكام المحكمة الدستورية فلما لهذه المحكمة ولما لقضائها من طبيعة خاصة‪ ،‬فقد‬
‫تكفلت قانون المح كمة الدستورية بتحديد حجية أحكام المحكمة الدستورية ونص بما يفيد ان‬
‫أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة‬
‫وللكافة‪ ،‬ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو الئحة عدم جواز تطبيقه من‬
‫اليوم التالي لنشر الحكم ‪.‬‬

‫ولما ك ان الدفع بعدم دستورية مقتضى قانوني دفع موضوعي لكون ان تطبيقه في النازلة‬
‫يمس بحقوق دستورية لدافعه و الحكم لصالح خصمه‪ ،‬وحيث انه وسيلة توجه فيها‬
‫الخصومة إلى التشريع ذاته‪ ،‬فإن مقتضى ذلك أن الحكم الذى يصدر بعدم دستورية نص‬
‫تشريعي يلغى قوة نفاذ هذا النص‪ ،‬ويغدو معدوما من الناحية القانونية‪ ،‬أو يسقط كتشريع من‬
‫تشريعات الدولة‪ ،‬ولما كان ذلك االثر ال يقبل التجزئة بطبيعته فإن حجية الحكم الصادر بعدم‬
‫دستورية نص تشريعي ال يقتصر على أطراف النزاع في الدعوى التي قضى فيها فقط‪،‬‬
‫وانما ينصرف أثر هذا الحكم إلى الكافة‪ ،‬وذلك يعني ان األحكام الصادرة برفض الطعن‬
‫فإنها ال تمس التشريع المطعون فيه‪ ،‬وال يكون لهذه اإلحكام سوى حجية نسبية بين أطرافها‪.‬‬

‫ومما ال خالف عليه فقها وقضاء‪ ،‬أن أحكام المحكمة الدستورية التي تقضى بعدم دستورية‬
‫نص تتمتع بحجية مطلقة‪ ،‬وتلتزم به جميع سلطات الدولة‪ ،‬ويصبح له حجية على الكافة بما‬
‫يعنى عدم جواز إثارة النزاع مرة أخرى حول مدى دستورية نص كانت المحكمة الدستورية‬
‫قد قضت بعدم دستوريته سواء كان ذلك من ذات الخصوم في الدعوى الدستورية أو من‬
‫خصوم آخرين فالحكم يحوز الحجية في مواجهة الكافة‪ ،‬وفي مواجهة سلطات الدولة جميعها‬

‫وهذا ما استقر عليه القضاء المقارن ا القضاء المصري) وأجمع عليه‪ ،‬حيث جاء في قرار‬
‫أورد المحكمة الدستورية فى الطعن رقم ‪ 31‬لسنه ‪ 10‬قضائية دستورية ‪:‬‬

‫" حيث أنه أيا كانت الطاعن الموجهة إلى النصوص التشريعية‪ ،‬فإن قضاء المحكمة في‬
‫شأنها وفى النطاق السالف بيانه إنما يحوز حجية مطلقة في مواجهة سلطات الدولة جميعها‬

‫‪76‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫وبالنسبة للكافة‪ ،‬وهي حجية ال يجوز المساس بها وتعتبر بذاتها مانعة من إعادة عرض‬
‫النزاع محلها من جديد على هذه المحكمة " ‪.‬‬

‫وإذا كانت هذه هي أسس الحجية في القرارات الصادرة بعدم دستورية نص أو قانون‪ ،‬فإن‬
‫الوضع مختلف نوعا في أحكام المحكمة الدستورية الصادرة برفض طعن الدستورية وحتى‬
‫نتيجة هذا االختالف‪ ،‬فإن الفقه و القضاء يفرق بين حالتين ‪:‬‬

‫األولى عندما يكون رفض الطعن بسبب شكلي قبل الخوض في الموضوع ويسمى في هذه‬
‫الحالة عدم قبول‪ ،‬والثانية عندما يكون رفض الطعن بما يفيد دستورية النص أو القانون‬
‫المطعون فيه ‪.‬‬

‫الحالة األولى‪:‬‬

‫وهى أن يكون عدم قبول الطعن لسبب شكلي مثل انعدام الصفة أو المصلحة أو رفعها بعد‬
‫الميعاد أو أن يكون الفصل في الدعوى الدستورية غير الزم للفصل في الدعوى‬
‫الموضوعية ‪ ..‬الخ ذلك انه وفى مثل هذه الحاالت ينحصر بحث المحكمة الدستورية في‬
‫الشكل دون أن تتطرق فيه لموضوع مدى دستورية النص أو القانون وذلك فأحكام المحكمة‬
‫الدستورية في هذه الحالة يكون لها حجية نسبية بما يفيد أنه ليس هناك ما يمنع من طرح‬
‫النزاع مرة أخرى أمام المحكمة الدستورية‪ ،‬حول ذات النص أو القانون سواء كان ذلك‬
‫الطرح من ذات الخصوم ‪ -‬بأوضاع جديدة ‪ -‬أو من خصوم أخرين ‪.‬‬

‫الحالة الثانية ‪:‬‬

‫وهى أن يكون رفض الطعن بعدم دستورية نص‪ ،‬أو قانون بما يفيد دستورية هذا النص أو‬
‫القانون‪ ،‬وفي مثل هذه الحالة هل يجوز إعادة الطعن مرة أخرى امام المحكمة الدستورية‬
‫بعدم دستورية هذا النص أو القانون ‪....‬؟‬

‫وحيث أن القضاء المقارن القضاء المصري استقر على أنه‪ ،‬في المسائل الدستورية سواء‬
‫فيما فصل فيه من ناحية العيوب الشكلية أو المطاعن الموضوعية ‪ -‬إنما يحوز حجية مطلقة‬

‫‪77‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بكامل سلطاتها وعلى امتداد تنظيماتها المختلفة‪ ،‬وهي‬
‫حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه‪ ،‬أو السعي لنقضه من خالل إعادة طرحه على هذه‬
‫المحكمة لمراجعته‪ ،‬ذلك أن الخصومة في الدعوى الدستورية ‪ -‬وهي بطبيعتها من الدعاوى‬
‫العينية ‪ -‬قوامها مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور تحريا ً لتطابقها‬
‫معها إعالء للشرعية الدستورية‪ ،‬و من ثم تكون هذه النصوص ذاتها هي موضوع الدعوى‬
‫الدستورية أو هي باألحرى محلها‪ ،‬و إهدارها بقدر تهاترها مع أحكام الدستور‪ ،‬هي الغاية‬
‫التي تبتغيها هذه الخصومة‪ ،‬وقضاء المحكمة في شأن تلك النصوص‪ ،‬هو القاعدة الكاشفة‬
‫عن حقيقة صحتها أو بطالنها‪ ،‬و من ثم ال يعتبر قضاء هذه المحكمة باستيفاء النص‬
‫التشريعي المطعون عليه ألوضاعه الشكلية أو انحرافه عنها‪ ،‬أو اتفاقه مع األحكام‬
‫الموضوعية في الدستور أو مروقة منها‪ ،‬منصرفا ً إلى من كان طرفا ً في الخصومة‬
‫الدستورية دون سواه‪ ،‬بل منسحبا ً إليه وإلى األغيار كافة‪ ،‬ومتعديا إلى الدولة التي ألزمها‬
‫الدستور في المادة ‪ 65‬منه بالخضوع للقانون‪ ،‬وجعل من علوه عليها وانعقاد السيادة‬
‫ألحكامه قاعدة لنظامها ومحورا لبناء أساس الحكم فيها على ما تقضي به المادة ‪ 64‬من‬
‫الدستور بما يردها عن التحلل من قضاء المحكمة الدستورية العليا أو مجاوزة مضمونه‪،‬‬
‫ويلزم كل شخص بالعمل على مقتضاه‪ ،‬وضبط سلوكه وفقا ً لفحواه‪ ،‬ذلك أن هذه المحكمة‬
‫تستمد مباشرة من الدستور واليتها في مجال الرقابة الدستورية‪ ،‬ومرجعها إلى أحكامه ‪-‬‬
‫وهو القانون األعلى ‪ -‬فيما يصدر عنها من قضاء في المسائل الدستورية التي تطرح عليها‬
‫‪ -‬وكلمتها في شأن داللة النصوص التي يضمها الدستور بين دفتيه هي القول الفصل‪،‬‬
‫وضوابطها في التأصيل ومناهجها في التفسير‪ ،‬هي مدخلها إلى معايير منضبطة تحقق‬
‫ألحكام الدستور وحدتها العضوية‪ ،‬وتكفل االنحياز لقيم الجماعة في مختلف مراحل‬
‫تطورها‪ ،‬وليس التزامها بإنفاذ األبعاد الكاملة للشرعية الدستورية إال إرساء لحكم القانون‬
‫في مدارجه العليا‪ ،‬وفاء باألمانة التي حملها الدستور بها‪ ،‬وعقد لها ناصية النهوض بتبعاتها‪.‬‬
‫وكان حتما ً أن يكون التقيد بأحكامها مطلقا ً ساريا على الدولة والناس أجمعين‪ ،‬وعلى قدم من‬
‫المساواة الكاملة‪ ،‬وهو ما أثبتته المادة ‪ 49‬من قانون هذه المحكمة‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫وحيث إن سريان األحكام الصادرة في المسائل الدستورية على الدولة بأفرعها المختلفة وفي‬
‫مواجهة الكافة‪ ،‬باعتبار أنهم مخاطبون بها ال يملكون لها تبديالً‪ ،‬وال يستطيعون عنها حوال‪،‬‬
‫مؤداه أنها تحمل في ذاتها أسس فر ضها في النطاق اإلقليمي للدولة‪ ،‬ليكون االحتجاج بها‪،‬‬
‫واقتضاء تنفيذها حقا ً لهؤالء الذين تتعلق مصالحهم الشخصية المباشرة بإعمال مضمونها‪،‬‬
‫دون ما استثناء ينال منها ‪.‬‬

‫ولكل ذي شأن ‪ -‬ولو لم يكن طرفا ً في الدعوى الدستورية ‪ -‬أن يلوذ بها القتضاء الحقوق‬
‫التي عطلها النص التشريعي المحكوم بعدم دستوريته أو قيدها‪ ،‬وذلك بأن يقيم لطلبها دعواه‬
‫أمام محكمة الموضوع التي تتولى بنفسها إنزال قضاء المحكمة الدستورية العليا عليها لرد‬
‫غائلة العدوان عنها‪ ،‬ذلك أن قضاء المحكمة الدستورية العليا في شأن موافقة النصوص‬
‫التشريعية المطعون عليها ألحكام الدستور أو مخالفتها‪ ،‬إما أن يكون كاشفا ً عن صحتها منذ‬
‫صدورها‪ ،‬أو مقررا بطالنها وملغيا قوة نفاذها اعتبارا من تاريخ العمل بها‪ ،‬وهو بذلك‬
‫يعتبر محددا ً ‪ -‬وبصفة نهائية ‪ -‬للقاعدة القانونية الالزمة للفصل في النزاع الموضوعي‪،‬‬
‫والتي يتعين على محكمة الموضوع أن تطبقها ‪ -‬دون تعديل في مضمونها ‪ -‬على العناصر‬
‫الواقعية التي حصلتها‪ ،‬وليس إال إنفاذا لقضاء المحكمة الدستورية العليا‪ ،‬والتزاما بأبعاده‪،‬‬
‫وبإعمال أثره على الناس كافة دون تمييز‪ ،‬وبإخضاع الدولة لمضمونه دون قيد‪.‬‬

‫فإن ثمة حالة وحيدة يمكن أن تتم فيها إعادة عرض هذه المسألة على المحكمة التي تتولى‬
‫عندئذ الفصل فيها دون أن يكون في ذلك خروج على الحجية المطلقة للحكم الذي سبق‬
‫صدوره في شأنها‪ ،‬وتتحقق هذه الحالة عندما يصدر دستور جديد‪ ،‬أو يعدل الدستور القائم‪،‬‬
‫ويصبح النص التشريعي الذي سبق للمحكمة أن قررت دستوريته مخالفا للدستور الجديد‪ ،‬أو‬
‫التعديالت المستحدثة فاألصل العام أن المرجع في دستورية تشريع معين يكون إلى أحكام‬
‫الدستور الذي صدر هذا التشريع في ظلها وذلك طوال فترة سريانها‪ ،‬فإذا استبدلت بها‬
‫أحكام دستورية جديدة‪ ،‬فإن األحكام الدستورية المستحدثة تكون هي المرجع في دستورية‬
‫هذا التشريع‪ ،‬وه ذا هو ما يقتضيه تسويد أحكام الدستور القائم على ماعداها وفيما عدا الحالة‬
‫السابقة فإن النزاع الدستوري الذي سبق القضاء بعدم دستوريته أو برفض الدعوى‬

‫‪79‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫الدستورية بشأنه‪ ،‬ال يجوز أن يتجدد أمام المحكمة الدستورية العليا مرة أخرى ألن الحكم‬
‫الذي صدر بشأنه له حجية مطلقة تحسم الخصومة بشأن دستورية النصوص الطعينة‪ ،‬حسما‬
‫مانعا من نظر أي طعن يثور من جديد بشأنها‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬حدود رقابة احملكمة الدستورية على دستورية قانون ساري املفعول‬

‫المتعلق بالمحكمة‬ ‫من خالل استقراء مواد مشروع القانون التنظيمي رقم ‪86.15‬‬
‫الدستورية ‪،‬يتضح أن المشرع المغربي قد سمح لألفراد بالدفع بعدم دستورية القوانين‬
‫بأسلوب ووسيلة الدفع الفرعي حصرا ال بأسلوب الدعوى المباشرة األصلية‪ ،‬فال يجوز أن‬
‫تقوم المحكمة الدستورية بتحريك هذه الرقابة من تلقاء نفسها‪ ،‬كما ال يجور لإلفراد رفع‬
‫دعوى مباشرة أمامها‪ ،‬ومن ثم إذا ما أقام احد الخصوم بتقديم دفع بعدم دستورية قانون او‬
‫نص قانوني طبقته المحكمة المعروضة عليها القضية‪ ،‬ورأت محكمة الموضوع أن الدفع‬
‫المثار أمامها‪ ،‬جدي والزم للبت في القضية فيكون لهذه األخيرة واجب إحالة الدفع على‬
‫نظر محكمة النقض داخل اجل ‪ 8‬أيام من تاريخ إيداع مذكرة الدفع التي بدورها تتأكد من‬
‫شرط الجدية وباقي الشروط المنصوص عليها في المادة ‪ 15‬من مشروع القانون التنظيمي‬
‫رقم ‪ ،86.15‬فإذا ارتأت عدم جديتها‪ ،‬صرحت بعدم قبوله بمقتضى مقرر غير معلل مع‬
‫تبليغه فورا لألطراف و إلى المحكمة المثار أمامها الدفع‪ ،‬وإذا اقتنعت بتوفر جميع الشروط‪،‬‬
‫و تأكدها من توفر شروط قبول الدفع‪ ،‬قامت بتبليغ مذكرة الدفع إلى رئيس الحكومة ورئيس‬
‫كل مجلس من مجلسي البرلمان‪ ،‬وإلى األطراف‪.،‬ولرئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب‬
‫ورئيس مجلس المستشارين‪ ،‬اإلدالء بمالحظات كتابية بخصوص موضوع الدفع‪ ،‬وذلك‬
‫داخل أجل تحدده المحكمة الدستورية المادة ‪،17‬كما تبلغ المحكمة الدستورية المذكرات‬
‫الجوابية المدلى بها لألطراف المعنية في الدفع مع تحديد أجل للتعقيب‪.‬‬

‫و ال تقبل المذكرات الجوابية أو الوثائق أو المستندات بعد انقضاء المواعيد المحددة‬


‫لتقديمها‪ ،‬غير أنه يجوز لرئيس المحكمة الدستورية‪ ،‬استثناء وألسباب مقبولة‪ ،‬أن يقرر قبول‬
‫المذكرات والوثائق المشار إليها‪ ،‬وبعد انقضاء اآلجال المحددة في المادتين ‪ 16‬و ‪ 17‬من‬

‫‪80‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫المشروع‪ ،‬يحدد رئيس المحكمة الدستورية تاريخ الجلسة‪ ،‬و يشعر رئيس الحكومة ورئيسي‬
‫مجلسي البرلمان واألطراف بذلك قبل انعقادها بعشرة أيام على األقل ‪ ،‬كما يمكن للمحكمة‬
‫الدستورية أن تطلب من المحكمة المثار أمامها الدفع بعدم دستورية قانون تمكينها من نسخة‬
‫من ملف الدعوى داخل أجل ‪ 10‬أيام من تاريخ الطلب‪ ،‬تكون الجلسة أمام المحكمة‬
‫الدستورية علنية‪ ،‬ماعدا في الحاالت التي تقرر فيها المحكمة سرية الجلسة طبقا لنظامها‬
‫الداخلي‪ ،‬و تبت المحكمة الدستورية في الدفع بعدم دستورية قانون داخل أجل ستين ا‪)60‬‬
‫يوما ابتداء من تاريخ توصلها بمذكرة الدفع‪ ،‬يترتب عن القرار الصادر عن المحكمة‬
‫الدستورية بعدم دستورية مقتضى قانوني‪ ،‬نسخه ابتداء من تاريخ تحدده المحكمة الدستورية‬
‫في قرارها‪ ،‬طبقا ألحكام الفصل ‪ 134‬من الدستور‪.‬‬

‫فإذا قضت المحكمة الدستورية بأن قانونا غير دستوري‪ ،‬فإنه يعتبر منذ صدوره مخالفا‬
‫ألحكام الدستور معدوما‪ ،‬سواء بما ال يجوز معه أن نخلع عليه حصانة عن أي فترة طبق‬
‫فيها ولو كانت هذه الفترة سابقة على صدور حكم المحكمة الدستورية‪ ،‬الن مباشرة المحكمة‬
‫الدستورية لهذه الرقابة غايته تقرير اتفاق النصوص القانونية المطعون عليها مع الدستور أو‬
‫مجاوزتها للضوابط التي فرضها وتقييمها لهذه النصوص ال ينفصل عما يكون قد اعتراها‬
‫من عيوب عند إقرارها أو إصدارها فال تكون عيوبها أمرا ً طارئا أو عارضا عليها‪ ،‬بل‬
‫كامنا فيها ولصيقا بها منذ ميالدها ومتصال بها لزوما اتصال قرار بما يشوهها‪ ،‬وأن‬
‫المحكمة الدستورية‪ ،‬وهى تقضى بعدم دستورية قانون‪ ،‬إنما تطبق نصوص الدستور‬
‫بافتراض أن النص الباطل منعدم ابتداء ال انتهاء‪ ،‬فال يكون قابل للتطبيق أصال منذ أن نشأ‬
‫معيبا وان قضاء المحكمة بعدم دستورية النصوص القانونية المخالفة للدستور يعتبر تقريرا ً‬
‫لزوالها نافيا وجودها منذ ميالدها‪.‬‬

‫واستقر الفقه والقضاء على أن مؤدى ذلك هو عدم تطبيق النص ليس في المستقبل فحسب‪،‬‬
‫وإنما بالنسبة للوقائع والعالقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص على أن‬
‫يستثنى م ن هذا األثر الرجعى للحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدوره بحكم‬
‫حاز قوة األمر المقضي‪ ،‬أو بانقضاء مدة التقادم‪ ،‬أما إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقا‬

‫‪81‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫بنص جنائي‪ ،‬فإن جميع األحكام التي صدرت باإلدانة استنادا إلى ذلك النص تعتبر كأن لم‬
‫تكن ولو كانت أحكامها باتة‪.‬‬

‫فخالصة‪ ،‬القول أن المحكمة الدستورية تتقيد بموضوع ووسيلة الدفع المحال إليها من طرف‬
‫قضاء الموضوع‪ ،‬و ال يمكنها آبدا التوسع في ما لم يكون موضوعا للدفع‪ ،‬فسلطتها التقديرية‬
‫في البت مقيدة بحدود وسيلة و نقاط الدفع ال يمكنها أبدا تجاوزها‪ ،‬و إال اعتبر ذلك خرقا‬
‫جوهريا و مسطريا للقانون‪ ،‬و تجاوزا للحدود ‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫ختاما‪ ،‬مهما كان شكــل الرقــابة التي ستمـــارس على النصوص القانونية‪ ،‬يعتبر إرساء‬
‫محكمة دستورية من أهم مقومات دولة القانون‪ ،‬لكن عمل القاضي الدستوري ال يتوقف عند‬
‫التثبت من مدى مطابقــة النــص المطعــون فيه لمقتضيات الدستور‪ ،‬بل تتمثل مهمته‬
‫باألساس في تأويل النصوص القانونية‪ ،‬وهو ما يتطلب درجة عالية من الكفاءة والخبرة‬
‫والنزاهة إلرساء فقه قضاء دستوري مستقر‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫عبد الكريم بنحمينا‬

‫طالب باحث بسلك املاسرت‬

‫جامعة ابن زهر بأكادير‬

‫معايير إسناد الجنسية المغر بية األصلية على ضوء قانون الجنسية‬
‫المغربي‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫يعد القانون الدولي القانون الخاص ذلك الفرع من فروع القانون الذي يعنى بتنظيم عالقات‬
‫األفراد ذات طابع دولي عن طريق تمييز الوطني عن األجنبي‪ ،‬و تحديد قدرة األجنبي عن‬
‫التمتع بالحقوق داخل إقليم الدولة‪ ،‬و بيان القانون الواجب التطبيق على هذه العالقات و‬
‫المحكمة المختصة بالنظر في المنازعات المتعلقة بها و بيان آثار األحكام الصادرة من‬
‫قضاء دولة أجنبي ‪.‬‬

‫و عليه فالقانون الدولي الخاص يعد من أوسع و أعقد العلوم القانونية التي تنظم العالقات و‬
‫الروابط القانونية‪ ،‬ذات الصفة الدولية و التي تنشأ عبر الحدود بين أفراد من جنسيات‬
‫مختلفة و في دول متعددة‪.‬‬

‫مما الشك فيه أن الجنسية تعتبر من أبرز موضوعات هذا الفرع من القانون ‪ ،‬فهي عنصر‬
‫سياسي و قانوني‪ ،‬لكونها تسمح بعضوية الشخص في المجموعة البشرية المكونة للدولة‪،‬‬
‫ناهيك عن أنها تسبغ عليه صفة مواطن و يفضي مفهوم المخالفة‪ ،‬إلى القول أن من ال تتوفر‬
‫فيه هذه األخيرة تعتبر أجنبيا‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫وقد نظم المشرع المغربي الجنسية سنة ‪ 1958‬بمقتضى ظهير رقم ‪ 1- 58- 250‬المؤرخ‬
‫في ‪ 21‬صفر ‪ 1378‬وافق ل ‪ 6‬شتنبر ‪ ،1958‬وأصبح نافذ المفعول ابتداء من فاتح‬
‫أكتوبر ‪ ،1958‬غير أن بعض أحكام هذا القانون أصبحت متجاوزة‪ ،‬وبعضها يتعارض مع‬
‫النهج الديمقراطي الذي راهن عليه المغرب و القائم على احترام حقوق اإلنسان و تكريس‬
‫مبدأ المساواة بين الرجل و المرأة‪ ،‬وبالتالي تم تعديل بعض مقتضيات هذا القانون سنة‬
‫‪ 2007‬بالقانون رقم ‪ 06.62‬الصادر بتنفيذ الظهير الشريف المؤرخ في ‪ 23‬مارس‬
‫‪ 2007‬المعدل و المتمم للظهير الشريف رقم ‪ 250.58.1‬الصادر في ‪ 6‬شتنبر ‪1958‬‬
‫المتعلقة بقانون الجنسية المغربية‪.‬‬

‫فالجنسية نظام قانوني يقوم على أسس خاصة‪ ،‬بواسطتها تحدد المعيار الذي بمقتضاه يتم‬
‫التوزيع القانوني‪ ،‬لألفراد في المجتمع الدولي و تحدد عنصر الشعب في كل دولة وفقا‬
‫لقانون جنسيتها‪ ،‬وترتب هذه المؤسسة آثارا قانونية ألفرد ‪ ،‬بحيث تحدد حقوقهم و مركزهم‬
‫القانوني في عالقتهم بالدولة التي ينتمون إليها‪.‬‬

‫و قد أجمع الفقه بمختلف مشاربه على ثالث أنواع من الجنسية‪ ،‬األولى تسمى جنسية‬
‫التأسيسية‪ ،‬و الثانية تسمى المكتسبة و الثالثة تسمى الجنسية األصلية‪ ،‬ويقصد بهذه األخيرة‬
‫الجنسية التي تسند بحكم القانون إلى الشخص حين والدته‪ ،‬استنادا إما على الرابطة الدموية‬
‫و إما الرابطة اإلقليمية و إما على كليهما معا‪ ،‬بمعنى يصبح المولود حامال بقوة القانون‬
‫لجنسية الدولة التي ولد فوق ترابها ولو كان أبويه أجنبين يحمالن جنسية دولة أخرى أو كان‬
‫مجهولين‪ ،‬أو حامال لجنسية أمه أو أبيه و لو ازداد في إقليم دولة غير دولة أحد أبويه‪.‬‬

‫صحيح أن المشرع المغربي شأنه شأن أغلب التشريعات أخد بمعيارين إلسناد الجنسية‬
‫المغربية األصلية‪ ،‬وهما معيار الدم و معيار اإلقليم‪ .‬فما هي أهم اإلشكاالت التي تثيرها‬
‫شروط إسناد الجنسية المغربية بناء على هذين المعيارين ؟‬

‫و لتسليط الضوء على هذا الموضوع سأتناوله وفق المحورين اآلتيتين‪:‬‬

‫‪84‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫المحور األول ‪ :‬إسناد الجنسية المغربية األصلية بناء على الرابطة الدموية‬

‫المحور األول ‪ :‬إسناد الجنسية األصلية المغربية بناء على النطاق الجغرافي‬

‫احملور األول ‪ :‬إسناد اجلنسية املغربية األصلية بناء على الرابطة الدموية‬

‫يراد بحق الدم أو رابطة الدم‪ ،‬حق الفرد في حمل جنسية الدولة التي ينتمي إليها والديه‬
‫بمجرد ميالده بغض النظر عن مكان ازدياده حتى ولو ازداد في بلد آخر غير البلد الذي‬
‫يحمل والديه جنسيتها‪.‬‬

‫و قد أخد المشرع المغربي بهذا المعيار من خالل الفصل السادس من قانون الجنسية‬
‫المغربية‪ ،‬بحيث نص هذا األخير على أنه "يعتبر مغربيا الولد المولود من أب مغربي أو أم‬
‫مغربية"‪.‬‬

‫ويتضح من خالل الفصل أعاله أن كل شخص مولود من أب مغربي يعتبر مغربيا‪ ،‬بمعنى‬
‫أن هناك حالتين تتأسس عليها الجنسية المغربية األصلية تتمثل إحداهما في وجوب توفر‬
‫رابطة الدم من جهة األب اأوال)‪ ،‬وفي وجوب توفر الربطة الدموية من جهة األم اثانيا)‪.‬‬

‫‪ -‬أوال‪ :‬إسناد الجنسية المغربية األصلية بناء على الميالد ألب مغربي‬

‫تناول المشرع المغربي هذه الحالة في الشطر األول من الفصل السادس من قانون الجنسية‬
‫رقم ‪ ،62. 06‬وقد اشترط المشرع أن تتوافر في األب شرطين أساسين وهما‪:‬‬

‫أ – أن يكون األب مغربيا‪ :‬حتى تسند الجنسية المغربية إلى المولود بحيث أن يكون‬
‫األب متمتعا بالجنسية المغربية سواء كانت هذه األخيرة أصلية أو مكتسبة‪ ،‬وسواء كان األب‬
‫متعدد الجنسيات أو ال يحمل إال جنسية واحدة‪ .‬و يستوي أن يظل بعد الميالد محتفظا بها أم‬

‫‪85‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫تزول عنه باإلسقاط أو التجريد‪ ،‬و ال عبرة لمكان الميالد‪ ،‬فيستوي أن يتم داخل المغرب أو‬
‫خارجه‪.‬‬

‫فالمشرع في الفصل السادس لم يشترط وقوع الميالد داخل اإلقليم المغربي لتثبت الجنسية‬
‫المغربية للمولود باالنتساب ألب مغربي أو مغربية‪ ،‬و عليه فال عبرة في مكان ميالد‬
‫المولود بل إن حق المولود في الحصول على الجنسية المغربية من األب يظل قائما مهما‬
‫تعاقبت األجيال خارج التراب المغربي على اعتبار أن النص جاء عام غير مقيد بجيل أو‬
‫جيلين‬

‫والسؤال المطروح هنا ما هو الوقت الذي يعتد فيه بجنسية األب كأساس لمنح جنسيته‬
‫للمولود؟ هل من تاريخ الحمل أم من تاريخ الوالدة؟‬

‫يرى بعض الفقه أن الوقت الذي يؤخذ به لمنح الجنسية للمولود هو تاريخ الحمل‪ ،‬ففي هذا‬
‫التاريخ يصبح للجنين وجود قانوني مستقيل عن أبيه‪ ،‬كما أن القانون قد رتب لهذا الجنين‬
‫حقوق و التزامات‪ .‬في المقابل يرى جانب أخر من الفقه أنه من الصعب األخذ بهذا الوقت‬
‫على إطالقه‪ ،‬كون أن تاريخ حدوث الحمل ال يعتبر تاريخا تابتا بالنسبة لجميع النساء‪ ،‬فمن‬
‫النساء من يستطعن ك شف حملهن خالل تاريخ حدوثه‪ ،‬و منهن من ال يستطيع ذلك إال بعد‬
‫شهور‪ ،‬و من تم يكون من غير المنطقي اعتماد مسألة حدوث الحمل كأساس لالعتداد‬
‫بجنسية األب‪.‬‬

‫و منه فإن التاريخ الذي يجب االعتداد به هو تاريخ الميالد و ليس تاريخ الحمل‪ ،‬وهذا ما‬
‫أخد به المشرع المغربي من خالل صياغة الفصل السادس من قانون الجنسية المغربي"‬
‫الولد المولود من أب مغربي " بمعنى أنه في تاريخ حدوث الميالد يجب أن يكون األب‬
‫المغربي حامال للجنسية المغربية‪ ،‬و ما يزكي هذا الطرح أن تاريخ الوالدة يكون محددا و‬
‫معلوما و ال يخضع للترجيح أو االحتمال‪ ،‬كما يسهل أتباته‪ ،‬فيعتبر المولود مغربيا حتى و‬
‫لو كان أبوه يحمل جنسية أجنية أثناء الحمل تم أصبح حامال للجنسية المغربية أثناء الوالدة‪،‬‬
‫إذ يظل الولد حامال للجنسية المغربية استنادا إلى جنسية أبيه في تاريخ الميالد‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫غير أنه يثار تساؤل ثاني حول الحكم الذي يتعين إتباعه في حالة وفاة األب قبل الوالدة؟‬

‫أغلب الفقه ذهب إلى إسناد الجنسية إال المولود‪ ،‬على أساس أن الولد هو امتداد ألبيه‪ ،‬بحيث‬
‫يحمل اسمه و هويته و جنسيته‪ ،‬كما يحل محله في أمواله عن طريق الميراث‪ ،‬إلى جانب‬
‫كون الموت واقعة ال يد لألب و ال للمولود فيها‪ ،‬كما أن الفصل السادس يمنح الجنسية‬
‫المغربية لكل من يولد من أب مغربي و لم يميز بين أب حي أم ميت‪.‬‬

‫ب – إثبات عالقة النسب بين األب و المولود‪ :‬تعرف مدونة األسرة النسب بكونه"‬
‫لحمة شرعية بين األب و ولده تنتقل من السلف إلى الخلف"‪ .‬فالنسب إذا هو رابطة شرعية‬
‫تربط الفروع باألصول‪.‬‬

‫إن إسناد الجنسية المغربية إلى المولود يشترط إضافة إلى ذلك أن تكون هناك عالقة نسب‬
‫شرعية بين األب المغربي المسلم و المولود‪ ،‬وقد حدد المشرع المغربي في الفصل ‪152‬‬
‫من مدونة األسرة أسباب لوحق النسب و المتمثلة " الفراش‪ ،‬و اإلقرار و الشبهة "‪ .‬بمعنى‬
‫أن يكون المولود نتاج عالقة شرعية بين رجل و امرأة مسلمة أو كتابية‪ ،‬و من تم فإن نظام‬
‫التبني و النسب الطبيعي ال أثر لها مطلقا في اكتساب الجنسية المغربية األصلية‪.‬‬

‫‪ -‬ثانيا‪ :‬إسناد الجنسية المغربية بناء على الميالد الم مغربية‬

‫مما الشك فيه على أن إسناد األم المغربية جنسيتها إلى ولدها بصورة تلقائية‪ ،‬يعد قفزة‬
‫نوعية حققها القانون المغربي رقم ‪ 62. 06‬في مسلسل ترسيخ ثقافة حقوق اإلنسان‪ ،‬في‬
‫دولة تسعى جاهدة بكل إمكانيتها تحت ضغط تحوالت العصر إلى تلبية حاجيات مواطنيها‪.‬‬

‫فرابطة األمومة أصبحت في ظل هذا النص كافية بذاتها لترتيب آثارها فيما يتعلق بإسناد‬
‫الجنسية‪ ،‬ال مجرد حل فحسب و ذلك لتجنب بقاء الدولة بدون جنسية‪.‬‬

‫و عليه فالمشرع المغربي ساوى في الفصل السادس بين األم و األب في منح الجنسية‬
‫المغربية األصلية للولد‪ ،‬وذلك استجابة التفاقيات الدولية و مواكبة لما جاء به الدستور من‬
‫إقرار لمبدأ المساواة بين الجنسين في الحقوق ‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫و بالرجوع إلى الفصل األنف الذكر نجد على أن المشرع اشترط شرطين إلسناد الجنسية‬
‫المغربية بناء على الميالد الم مغربية و هما‪:‬‬

‫أ ‪ -‬أن تكون األم مغربية‪ :‬من المستقر عليه في القانون المغربي أن حق منح الجنسية‬
‫لألبناء ال يقتصر على األب فقط و إنما يمتد أيضا إلى األم‪ ،‬إال أن دور األم في منح‬
‫جنسيتها ألبنائها هو دور احتياطي فقط‪ ،‬و هذا يعني أن جنسية الولد تتحقق أوال باالستناد‬
‫إلى جنسية األب فإن انعدمت هذه الجنسية أو كان األب مجهوال‪ ،‬اكتسب المولود جنسية‬
‫أمه‪ ،‬وإذا كان يحمل جنسية أجنبية تحققت الجنسية المغربية لالبن باالستناد إلى جنسية أمه‬
‫باإلضافة إلى جنسية أبيه األجنبية‪.‬‬

‫ب – وجود عالقة بنوة بين األم و المولود‪ :‬حتى يستطيع الولد الحصول على الجنسية‬
‫المغربية بناء على رابطة الدم من جهة األم‪ ،‬يجب أن تكون هناك عالقة بنوة بين االم و‬
‫المولود‪ ،‬بغض النظر عما إذا كانت هذه األخيرة نتاج عالقة شرعية‪ ،‬إذ إن المولود ينسب‬
‫إلى أمه ألنها هي التي أنجبته و ال أهمية لما إذا أتت به من عالقة زواج أو من عالقة غير‬
‫شرعية‪.‬‬

‫احملور الثاني ‪ :‬إسناد اجلنسية املغربية األصلية بناء على النطاق اجلغرايف‬

‫ينص الفصل السابع المعدل و المتمم بموجب المادة األولى من القانون رقم ‪ 62. 06‬بأنه‪:‬‬

‫" يعتبر مغربيا الولد المولود في الغرب من أبوين مجهولين غير أن الولد المولود في‬
‫المغرب من أبوين مجهولين ‪،‬يعد كأن لم يكن مغربيا قط‪ ،‬إذا تبت خالل قصوره أن نسبه‬
‫ينحدر من أجنبي و كان يتمتع بالجنسية التي ينتمي إليها هذا األجنبي طبق قانونه الوطني‬

‫يعد مجهول األبوين في المغرب مولودا فيه ما لم يثبت خالف ذلك"‬

‫‪88‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫يستشف من مقتضيات المادة أعاله أنه كلما كان لولد مولودا في المغرب من أبوبن‬
‫مجهولين‪ ،‬إال والزم الركون إلى الرابطة الترابية إلسناد الجنسية األصلية المغربية إليه‪،‬‬
‫ألنه ال يمكن إعمال الرابطة الدموية في مثل هذه الحالة‪ ،‬على أنه يتعين إلسناد الجنسية‬
‫األصلية المغربية المبنية على رابطة اإلقليم أو المكان أن تتحقق واقعة الوالدة في المغرب‬
‫اأوال)‪ ،‬و أن يكون مردها إلى أبوين مجهوليناثانيا)‪.‬‬

‫‪ -‬أوال‪ :‬الوالدة في المغرب‬

‫يفهم من عبارة في" ا لمغرب" في منطوق قانون الجنسية المغربية مجموع التراب بالمغرب‬
‫و المياه اإلقليمية المغربية و السفن والطائرة ذات الجنسية المغربية‪.‬‬

‫فالوالدة في المغرب إذن يشكل عنصرا جوهريا في الجنسية المترتبة على الرابطة الدموية‪،‬‬
‫إال أنها ال تكفي بذاتها إلسناد الجنسية المغربية األصلية‪ ،‬و إنما البد من عنصر آخر يضاف‬
‫إليها و هو أن يكون قد حصلت الوالدة من أبوين مجهولين‪.‬‬

‫و إذا كان مكان ازدياد الولد في الجنسية المبنية على رابطة الدم ال يعتد به‪ ،‬أي سواء ولد‬
‫في المغرب أو في بالد أجنبي‪ ،‬طالما أنه مولود من أب مغربي أو أم مغربية‪ ،‬فإنه يتطلب‬
‫في تلك المبنية على الرابطة الترابية‪ ،‬أن تكون الوالدة قد وقعت فعال في المغرب من أبوين‬
‫مجهولين‪.‬‬

‫و لالفت النتباه أن المشرع المغربي اعتبر أن كل طفل مجهول األبوين يعتبر مولودا في‬
‫المغرب إلى أن يثبت العكس‪ ،‬ولعله قصد بهذا الحطم التمييز بين مجهول األبوين الذي يولد‬
‫في المغرب‪ ،‬أي أن والدته فيه تعتبر ثابتة‪ ،‬و للقيط الذي يعتبر والدته في المغرب مجرد‬
‫قرينة قابلة إلثبات العكس‪ ،‬إذ أن اللقيط قد يكون مولودا في المغرب‪ ،‬و قد يكون مولود‬
‫خارج المغرب و تم نقله إليه و هو حديث الوالدة‪ ،‬و يمكن إثبات هذه الواقعة بكافة وسائل‬
‫اإلثبات الن األمر يتعلق بإثبات واقعة مادية‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫‪ -‬ثانيا‪ :‬الوالدة من أبوين مجهولين‬

‫من المعلوم على أن الفقه المغربي انصب تحليله في إطار تناوله هذا الشرط على الجهالة‬
‫المادية بالنسبة للواقع و القانون ولم يعر أي اهتمام لمسألة الجهالة المتعلقة بالجنسية بالرغم‬
‫من أن النص جاء عام‪.‬‬

‫لعل أو مالحظة يمكن ابداؤها بشأن الفصل السابع المعدل و المتمم بموجب المادة األولى من‬
‫القانون‪ 62. 06‬و الذي وضعه المشرع بهدف إيجاد إطار قانوني لوضعية مجهول األبوين‬
‫كونه يسند الجنسية المغربية األصلية لكل ولد ازداد في المغرب من أبوين مجهولين‪ ،‬ويعتبر‬
‫مول ودا فيه‪ ،‬أي أنه يرجع ازدياده في المغرب ما لم يثبت العكس‪ ،‬بيد أنه يخلع عنه هذه‬
‫الصفة‪ ،‬و يعدو الولد كأنه لم يكون يحمل الجنسية المغربية متى ثبت قبل بلوغه سن الرشد‬
‫القانونية أنه ينحدر من أصول أجنبية طبق قانونه الوطني‪ ،‬فتحقق هذه الفرضية رهينة بثلة‬
‫من الشروط‪:‬‬

‫‪ ‬يجب أن تقع الوالدة بالمغرب من أبوين مجهولين معا‪ ،‬أما إذا كان مثال مجهول األب‬
‫و أمه مغربية‪ ،‬فإنه ال محال ال تطبيق أحكام الفصل السابع ألنه يعتبر وجود األم‬
‫المغربية سببا كافيا إلسناد الجنسية المغربية األصلية‪.‬‬
‫‪ ‬يجب أن يثبت أن نسب الولد ينحدر من أجنبي سواء كان األب أو األم‪.‬‬
‫‪ ‬يجب أن يثبت هذا النسب خالل قصور الولد‪ ،‬أي قبل بلو سن الرشد القانونية ‪.‬‬
‫‪ ‬يجب أن يسند القانون الوطني لألصل األجنبي الذي ثبت االنتساب إليه جنسيته إلى‬
‫الولد‪.‬‬

‫فمتى توافرت هذه الشروط مجتمعة يصبح الولد كأنه لم يكن مغربيا قط‪ ،‬بمعنى أن سحب‬
‫الجنسية المغ ربية من يتم بأثر رجعي يعود إلى تاريخ الوالدة‪ ،‬إال أنه اليمس بصحة العقود‬
‫التي أبرمها‪ ،‬و ال بالحقوق التي اكتسبها الغير استنادا إلى الجنسية التي كانت في الظاهر أال‬
‫و هي الجنسية المغربية‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫المراجع المعتمدة ‪:‬‬

‫‪ -‬خالد هيشام" شرط جنسية وفقا للنظام العربي لضمان االستثمار"ا دون ذكر الطبعة )‬
‫اإلسكندرية مؤسسة شباب الجامعة ‪1988‬‬
‫‪ -‬محمد كمال فهمي " أصول القانون الدولي الخاص" الجنسية ‪ ،‬الموطن ‪ ،‬مركز‬
‫األجانب‪ ،‬مادة التنازع الطبعة الثانية ‪ 1992‬اإلسكندرية ‪.‬‬
‫‪ -‬فؤاد عبد المنعم رياض "الوجيز في القانون الدولي الخاص ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الجنسية‬
‫و تنازع االختصاص القضائي ‪ ،‬دار النهضة العربية‪. 1969‬‬
‫‪ -‬عبد الرزاق أيوب " الوجيز في القانون الدولي الخاص " الجزء األول في الجنسية‪،‬‬
‫مطبعة قرطبة حي السالم أكادير سنة ‪. 2015‬‬
‫‪ -‬الحسين بلحساني " الوجيز في القانون الدولي الخاص" مطبعة الجسور وجدة‪ ،‬طبعة‬
‫‪2003-2002‬‬
‫‪ -‬أحمد عبد الكريم سالمة المبسوط في شرح نظام الجنسية‬
‫‪ -‬محمد األزهر "شرح مدونة األسرة أحكام الزواج الطبعة األولى ادون ذكر المطبعة‬
‫و السنة)‪.‬‬
‫‪ -‬جليلة اإلدريسي "محاضرات في القانون الدولي الخاص ‪،‬مكتبة قرطبة حي السالم‬
‫اكادير السنة ‪. 2017‬‬
‫‪ -‬نورة غزالن الشنيوي القانون الدولي الخاص ‪ ،‬الجزء األول بحث في الجنسية‬
‫المغربية مع آخر المستجدات " مطبعة الورود شارع الجيش الملك‪ ،‬انزكان الطبيعة‬
‫الثانية سنة ‪.2010‬‬
‫‪ -‬موسى عبود "الوجيز في القانون الدولي الخاص المغربي" ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬سنة‬
‫‪. 1994‬‬

‫‪91‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫ذ‪ .‬عمر املوريف‬

‫منتدب قضائي مبحكمة االستيناف بورزازات‬

‫رئيس التحرير مبجلة املمارس‬

‫العقاب الجنائي ‪ :‬بين حق الدولة و حق الضحية‬

‫متهيد‪:‬‬
‫لقد أدى تفشي الظاهرة اإلجرامية إلى تزايد مخاوف الرأي العام‪ ،‬وتنامي الشعور بانعدام‬
‫األمن‪ ،‬وهذا ما يستتبع الحديث عن وجود أزمة تعاني منها السياسة الجنائية التي تعتمدها‬
‫الدولة لتطويق اإلجرام ومحاربته‪ ،‬وتتمثل هذه األزمة أساسا في تصاعد ظاهرة الجريمة مع‬
‫ما يالحظ من قصور في محاربتها والوقاية منها‪ ،‬الشيء الذي أدى إلى انتقاد نظام سير‬
‫العدالة الجنائية بسبب عدم السرعة والفعالية نتيجة تضخم عدد القضايا المعروضة على‬
‫المحاكم‪ ،‬وما يحدثه من ضرر بنجاعتها وفعاليتها‪ ،85‬وارتفاع سهم الظاهرة اإلجرامية قد‬
‫طرح مسألتين في غاية التضاد مهما بدت في مستوى معلوم من االنسجام وهما وضعية‬
‫المتهم من جهة ووضعية الضحية من جهة أخرى‪.‬‬
‫فإذا كانت تترتب عن كل جريمة الحق في إقامة دعوى عمومية لتطبيق العقوبات والحق في‬
‫إقامة دعوى مدنية للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي تسببت فيه الجريمة‪ ،86‬فإن‬
‫المنصوص عليه قانونا أن حق إيقاع العقوبات يعود للدولة التي تمثلها النيابة العامة‪،‬‬
‫ليقتصر دور ضحية الفعل الجرمي في المطالبة والحصول على التعويضات المدنية كما‬
‫أكدت على ذلك المادتين ‪ 3‬و ‪ 7‬من قانون المسطرة الجنائية المغربي‪.‬‬

‫‪ -1‬السيد الطيب الشرقاوي‪ ،‬السياسة الجنائية‪ :‬مفهومها وآليات وضع تنفيذها والخطوط العريضة للسياسة الجنائية بالمغرب‪ ،‬منشور بكتاب السياسة‬
‫الجنائية بالمغرب‪ :‬واقع وآفاق‪ ،‬المجلد الثاني‪ /‬أشغال الندوة الوطنية التي نظمتها وزارة العدل بمكناس أيام ‪ 10 9‬و ‪ 11‬دجنبر ‪ ،2004‬منشورات‬
‫‪85‬‬
‫جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬سلسة الندوات واأليام الدراسية‪ ،‬العدد ‪ ،2005 ،4‬ص ‪37‬‬
‫‪ 86‬المادة‌الثانية‌من‌قانون‌المسطرة‌الجنائية‌المغربي‪‌.‬‬

‫‪92‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫وبعيدا عن النصوص القانونية قريبا من الواقع الملموس‪ ،‬هل فعال يظل حق إيقاع العقاب‬
‫مقتصر على الدولة وال دخل للضحية فيه؟‬
‫ٌ‬ ‫الجنائي على المجرمين‬
‫أم أن الدولة وهي تطالب بإيقاع العقاب تأخذ بعين االعتبار ظروف الضحية؟‬
‫وهل إي قاع العقوبة يهم أساسا الضحية ؟ بمعنى هل يتحكم مقدار العقوبة ونوعها في جبر‬
‫الضرر الحاصل أم أن التعويض المدني كافٍ لجبره؟ وهل يكفينا األخذ بظاهر النصوص‬
‫القانونية أم نتعداه للغوص في روحها؟‪..‬‬
‫هي األسئلة العامة التي تتطلب إجابات عميقة من خالل دراسات تتناولها بالتحليل‬
‫والتفصيل‪ ،‬وحسبنا في هذا المقال المتواضع أن نسلط الضوء على بعض الجوانب المرتبطة‬
‫بها لعلها تكون نقطة البداية لنقاشات مستقبلية أخرى‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬إرتأيت التطرق إلى موضوع العقوبة كحق مخول تطبيقه للدولة‪ ،‬وموقع الضحية‬
‫ضمن هذه المعادلة التي بدأت تأخذ نقاشات حادة إن على الصعيد الفقهي‪ ،‬أو من خالل‬
‫مرافعات الدفاع وهم يناقشون الدعويين العمومية والمدنية‪ ،‬وذلك من خالل االعتماد على‬
‫التقسيم التالي‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬فلسفة حق إيقاع العقاب‬
‫المبحث الثاني‪ :‬إيقاع العقوبة وموقع الضحية‬

‫املبحث األول‪ :‬فلسفة إيقاع العقاب‬

‫إن التطرق إ لى مسألة فلسفة إيقاع العقاب يستلزم منا تناول أساس استئثار الدولة في إيقاعه‬
‫االمطلب األول)‪ ،‬وذلك قبل الحديث عن العقوبة بين النص وفلسفته االمطلب الثاني)‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أساس استئثار الدولة بحق إيقاع العقاب‬
‫ارتبطت العقوبة بالتواجد اإلنساني وتطورت مع تطوره‪ ،‬ففي العصور البدائية األولى كان‬
‫اإلنسان يعيش في شبه عزلة عن بقية أقرانه من بني البشر‪ ،‬وتتحرك غريزة البقاء لديه متى‬
‫كان هناك خطر ما محدق به يهدده في حياته أو حياة أسرته أو ممتلكاته مما يجعله يدفع‬

‫‪93‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫الخطر‪ ،‬أو يقوم بالثأر بعد وقوعه من المعتدي دون قيود تحدد له نوع العقاب أو مقداره‪،‬‬
‫ولهذا كانت العقوبة وقتها كرد فعل غريزي يتمثل في انتقام الضحية من الجاني‪ ،87‬لتصبح‬
‫العقوبة في المرحلة الدينية ذات هدف آخر مغاير هو التكفير‪ 88‬وتحقيق التوبة‪ ،‬وذلك قبل أن‬
‫‪89‬‬
‫اسم المرحلة السياسية على أساس أن‬ ‫تصل إلى مرحلتها الراهنة التي اختار لها البعض‬
‫العقوبة في هذه المرحلة أصبحت مظهرا من مظاهر الحياة السياسية والتنظيم االجتماعي‪،‬‬
‫فالطابع السياسي جعل الدولة تستأثر بحق العقاب باسم السلطة العامة‪.‬‬
‫فالجريمة وإن تسببت بضرر مباشر للضحية فإنها تسبب اضطرابا اجتماعيا يمس المجتمع‬
‫برمته‪ ،‬لذا لم يعد ممكنا في ظل كيان منظم تحت سلطة الدولة أن يسلم بشرع اليد بعيدا عن‬
‫أي ضوابط أو نظم‪ ،‬ألن ذلك سيجعلنا في دوامة من العنف الالمتناهي بين مكونات المجتمع‬
‫الواحد‪ ،‬بل بين أفراد الدولة ككل‪ ،‬وهذا ما جعل الدولة تستأثر بهذا الحق استئثارا كليا بما‬
‫يعنيه من سيادة وسلطة من جهة‪ ،‬واستقرار وأمن ومن جهة ثانية‪ ،‬هذا االستقرار الذي‬
‫تسعى الدول إلى استثبابه من خالل االهتمام بالعقوبة اأو تنفيذ الجزاء الجنائي) حتى تمكن‬
‫من تحقيق الغاية المتوخاة منها‪ ،‬أال وهي إصالح الشخص المجرم وإعادة إدماجه بالمجتمع‬
‫وجعله منتجا فيه مع تفادي خطورته مستقبال‪ .‬فمن هذا المنطلق تسعى الدولة إلى تفعيل‬
‫السياسة العقابية بما تعنيه في عبارة بسيطة موقف الدولة إزاء الجريمة‪ ،‬هذا الموقف الذي‬
‫رأى فيه أنصار المدرسة التقليدية أن الدولة في كفاحها ضد الجريمة ينبغي أن تقوم بدور‬
‫وقائي ودور عقابي‪ ،‬أما الدور الوقائي أو ما يسمى بالسياسة االجتماعية فمؤداه أن تجاهد‬
‫الدولة في سبيل إزاحة أو على األقل تخفيض الظروف االجتماعية المساعدة على الجريمة‪،‬‬
‫بينما يتجلى الدور العقابي في توجه الدولة نحو المجرم لتوقيع العقوبة المناسبة لخطورة‬
‫الفعل‪.90‬‬
‫فعلى أي مقومات تقوم عليها العقوبة بما تعنيه بأنها جزاء؟‬

‫‪ 87‬محمد صبحي نجم‪ ،‬أصول علم اإلجرام وعلم العقاب‪ :‬دراسة تحليلية وصفية موجزة‪،‬دار الثقافة عمان األردن‪ ،‬س ‪ ،2005‬ص ‪.102‬‬
‫‪ 88‬عبد السالم بنحدو‪ ،‬الوجيز في القانون الجنائي املغربي‪،‬ط‪،3‬س‪،1997‬ص‪‌.56‬‬
‫‪ 89‬أستاذتي الدكتورة مينة عتيوي‪ ،‬شرعية تنفيذ الجزاء الجنائي‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة القاض ي عياض كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2005-2004‬ص ‪.36‬‬
‫‪ 90‬محمد‌زكي‌أوبو‌عمار‪‌،‬دراسة‌في‌علم‌اإلجرام‌والعقاب‪‌،‬الدار‌الجامعية‪،‬س‌‪‌،1993‬ص‌‪‌232-231‬‬

‫‪94‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫املطلب الثاني‪ :‬العقوبة بنت النص وفلسفة النص‬

‫إن الحديث عن العقوبة يدفعنا أوال إلى التعريف بالحكم الجنائي باعتباره األساس الذي يقوم‬
‫عليه التنفيذ وجودا وعدما‪ ،‬فبوجود حكم جنائي بات يمكننا الحديث عن مرحلة التنفيذ‪ ،‬وإال‬
‫فال مجال لتناوله مادام أن التنفيذ ال يتم إال بمقتضى سند قضائي يتخذ كما نصت على ذلك‬
‫المادة ‪ 608‬من قانون المسطرة الجنائية مقرر مكتسب لقوة الشيء المقضي به الصادر عن‬
‫هيئة قضائية‪ ،91‬والحكم الجنائي من هذا المنطلق يعرف بكونه إعالن القاضي عن قراره‬
‫الفاصل في الدعوى الجنائية‪ ،‬الصادر في الشكل القانوني بتطبيق القاعدة المتحققة في واقعة‬
‫‪92‬‬
‫‪،‬‬ ‫إجرامية وإدانة مرتكبها‪ ،‬وتوقيع الجزاء الجنائي عليه‪ ،‬في إطار المشروعية الجنائية‬
‫والمقرر الجنائي الصادر باإلدانة يتضمن تحديدين هما‪:93‬‬
‫األول‪ :‬تحديد الجزاء تدبيرا كان أم عقوبة مع بيان نوعه وتحديد مقداره؛‬
‫الثاني‪ :‬تحديد المحكوم عليه وهو من عينه الحكم لتحمل العقوبة أو التدبير الوارد فيه‪.‬‬
‫وبناء عليه‪ ،‬فإنه ال يقتصر البحث في موضوع هذا النوع من التنفيذ عن النصوص القانونية‬
‫المتوفرة‪ ،‬وإنما عن فلسفتها التي تؤطره بالمفهوم الجديد الذي بات يعرف به‪ ،‬إذ أنه وسيلة‬
‫إلصالح وإعادة اإلدماج بعد أن تجاوز المفهوم القديم القائم على األلم‪ ،‬فالرضى بالعقوبة‬
‫متوقف على مدى نفعها‪ ،‬وهنا ال يتم رفض العقوبات غير النافعة وحسب‪ ،‬ولكن أيضا يتم‬
‫رفض حتى العقوبات التي يتجاوز حد المنفعة فيها‪ .94‬وإذا كان يستحيل استغناء العقوبة عن‬
‫األلم‪ ،‬فإنه ليس كافيا إيالم الجاني بواسطة عقوبات غير وحشية وحسب‪ ،‬وإنما االعتماد‬
‫على عقوبات تتسم بالتأثير العميق في نفسية المعنيين بها‪ ،‬فقد أثبت علم االجتماع مثال فعالية‬
‫المزاح والسخرية من الجاني بأدوار ردعية وترهيبية بالغة األثر‪ ،‬ونفس األثر يستمد من‬
‫تصرفات بعض القبائل األفريقية تجاه الجناة حيث يتم مقاطعتهم في كل المناسبات المختلفة‪،‬‬

‫‪91‬‬
‫شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬سلسلة الشروح والدالئل‪ ،‬العدد ‪ ،8‬يونيو‬
‫‪ ،2007‬ص ‪11‬‬
‫‪92‬‬
‫سعيد عبد اللطيف حسن‪ ،‬الحكم الجنائي الصادر باإلدانة‪ ،‬دراسة قانونية لنظام الحكم الجنائي وفلسفته والعوامل المؤثرة في إصداره في ضوء‬
‫إتجاهات السياسة الجنائية المعاصرة‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،1989 ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪93‬‬
‫‪ -‬محمد زكي أبو عامر مرجع سابق ‪،‬ص ‪.251‬‬
‫‪94‬‬
‫محي الدين أمزازي ‪ ،‬العقوبة‪ ،‬منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية‪،‬مطبعة األمنية الرباط‪1993،‬؛ ص ‪73‬‬

‫‪95‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫وهذه العقوبات وما على شاكلتها هي التي يسميها بيكاريا ب " العقوبات المثالية"‪ ،‬والتي‬
‫تتميز بكونها خفيفة ولينة في واقعها وقاسية في مظهرها‪ ،‬و هو أيضا ما وصفه األستاذ‬
‫محي الدين أمزازي بقوله أن‪ " :‬ظاهر العقوبة المثالية رحمة وباطنها عذاب"‪.95‬‬
‫ويتجلى بوضوح البعد الفلسفي لتنفيذ الجزاء الجنائي حين الحديث عن شرعيته‪ ،‬فالحديث‬
‫عن شرعية تنفيذ الجزاء الجنائي يجعلنا ال ننطلق من القانون بل من روحه‪ ،‬ألن العقاب‬
‫أكبر بكثير من أن يكون مجرد جزاء‪ ،‬بل هو تجسيد لنقط القوة المعنوية واإليديولوجية‬
‫وحتى االقتص ادية في الدولة‪ ،‬ومن تم فإن طريقة العقاب وهدفها تعكس درجة حضارة‬
‫المجتمع‪ ،‬لذا فالبحث عن الغرض الحقيقي للجزاء كان هدف الفكر الفلسفي منذ ما يفوق‬
‫القرنين من الزمن‪.96‬‬
‫ومع ذلك يمكننا القول أن الغرض من العقوبة لم يتم الوصول إليه بالشكل المطلوب‪ ،‬فال‬
‫غرض الردع العام استطاع أن يكون فعاال في الحد من اإلجرام‪ ،‬وال الردع الخاص بجميع‬
‫صوره استطاع أن يحول دون عودة الجاني إلى التصرف اإلجرامي‪ ،‬حيث لم يوجد على‬
‫مستوى الواقع دليال قويا أو دراسات علمية أو تجارب تثبت فعالية هذا الغرض‪.97‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬إيقاع العقوبة وموقع الضحية‬

‫إ ن القارئ التجاهات المدارس المختلفة التي اهتمت بعلمي األجرام والعقاب سيقف ال محالة‬
‫على االهتمام بشخص المجرم أو الفاعل في الجريمة عكس ما ذهبت إليه المدارس التقليدية‪،‬‬
‫فقد انتقلت المدرسة الوضعية اإليطالية من دائرة الفعل أو " دائرة الجريمة " إلى " دائرة‬
‫المجرم" حيت تم االهتمام بشخص الفاعل أو بخطورته اإلجرامية‪ ،‬لتقرر مدرسة الدفاع‬
‫االجتماعي على يد "مارك أنسل" مبدأ مكافحة الكوارث االجتماعية وتحسين مستوى‬
‫المعيشة وغيرها من التدابير االقتصادية واالجتماعية والسياسية كوسيلة فعالة لمكافحة‬

‫‪95‬محي الدين أمزازي ‪ ،‬املرجع السابق ص ‪84‬‬


‫‪ 96‬أستاذتي الدكتورة أمينة عتيوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1‬‬
‫‪ 97‬أستاذتي الدكتورة مينة عتيوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.105‬‬

‫‪96‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫الجريمة‪ .‬فالمالحظ إذن أن هذا االهتمام الكبير إنما ينصب على شخص المجرم – وهذا أمر‬
‫مرغوب‪ -‬لكن قد أغفل ولوقت طويل جانب الضحايا أو الطرف المنسي في معادلة الفعل‬
‫‪98‬‬
‫بدأت بشائر العدل والمساواة تظهر‪ ،‬وبدأ االهتمام‬ ‫الجرمي‪ ،‬لكن في منتصف هذا القرن‬
‫بهذا الطرف الضعيف الذي طال أمد إهماله تلوح في األفق حيث ارتفعت األصوات الداعية‬
‫لكفالة حقوقه ومطالبين بإيجاد توازن بين حقوقه وحقوق الجاني ‪ ،‬وظهر ما يسمى بعلم‬
‫الضحية بعد أن كانت الظاهرة اإلجرامية غير كاملة لعدم دراسة مثل هذا العلم لكونه طرف‬
‫من أطراف هذه الظاهرة‪ ،‬فقد بدأ المختصون يدرسون الخصائص النفسية واالجتماعية‬
‫والثقافية للضحية والعالقات المتبادلة بينها وبين المجرم‪ ،‬وقد تطور هذا العلم لينتقل خالل‬
‫فترة بسيطة من العلم الذي يهتم أساسا ببيان دور الضحية في الظاهرة اإلجرامية‪ ،‬إلى العلم‬
‫الذي يهتم بالدفاع عن حقوق المجني عليه وإيجاد السبل الكفيلة لتعويضه عما لحق به من‬
‫أضرار ناجمة عن الجريمة سواء كان من األفراد أو من الدولة‪.‬‬
‫وقبل أن نناقش مدى أحقية الضحية في المطالبة بالعقاب أو موقعها من تطبيق العقوبة‪،‬‬
‫سنشير إلى مفهوم الضحية والعلم المهتم بها وذلك في المطلبين التاليين‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬الضحية مفهوما وعلما‬

‫لم يجمع الفقه على تعريف موحد للضحية حيث تفرق بين اآلخذ بالتعريف الضيق والقائل‬
‫بالتعريف الموسع لها‪ ،‬فهناك من عرف ضحية الفعل الجرمي بكونه من وقع على مصلحته‬
‫المحمية فعل يحرمه القانون سواء ألحق به هذا الفعل ضرر معينا أو عرضه للخطر‪،99‬‬
‫وهناك من عرفها بأنه كل شخص طبيعي أو معنوي ارتطبت ضده الجريمة ولو لم يصبه‬
‫ضرر جرائها‪ .100‬أما مؤتمر األمم المتحدة السابع لمنع الجريمة الذي عقد في ميالنو في‬

‫‪ 98‬رملي حشاني‪،‬حقوق املجني عليه في الدعوى العمومية‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة املاستر في الحقوق‪ ،‬تخصص قانون جنائي‪،‬جامعة محمد‬
‫خيضر بسكرة كلية الحقوق والعلوم السياسية الجزائر ‪ ،‬املوسم الجامعي ‪ 2014-2013‬ص ‪.1‬‬
‫‪ 99‬أحمد فتحي سرور ‪ ،‬الوسيط في قنون العقوبات‪ ،‬القسم العام‪ ،‬ط‪،4‬درا النهضة العربية‪ ،‬س ‪ ،1985‬ص ‪298‬‬
‫‪ 100‬سعدون بن عبد هللا العقاب‪ ،‬دور املجني عليه في ارتكاب الجريمة وأثره في العقوبات التعزيرية‪،‬أكاديمية نايف العربية للعلوم األمنية‪،‬س‬
‫‪ ،1998‬ص ‪‌.26‬‬

‫‪97‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫عام ‪ 1985‬فقد عرف الضحايا بما يلي ‪" :‬يقصد بمصطلح الضحايا األشخاص الذين‬
‫أصيبوا بضرر فرديا كان أو جماعيا‪ ،‬بما في ذلك الضرر البدني أو العقلي أو المعاناة‬
‫النفسية أو الخسارة االقتصادية أو الحرمان بدرجة كبيرة من التمتع بحقوقهم األساسية عن‬
‫طريق أفعال أو حاالت إهمال تشكل انتهاكا للقوانين الجنائية النافذة في الدول األعضاء بما‬
‫فيها القوانين التي تحرم اإلساءة الجنائية الستعمال السلطة‪ .‬يمكن اعتبار شخص ما ضحية‬
‫ب مقتضى هذا اإلعالن بصرف النظر عما إذا كان مرتكب الفعل قد عرف أو قبض عليه أو‬
‫أدين‪ .‬وبصرف النظر عن العالقة األسرية بينه وبين الضحية ‪ .‬ويشمل مصطلح الضحية‬
‫أيضا حسب االقتضاء العائلة المباشرة للضحية األصلية أو معيليها المباشرين واألشخاص‬
‫الذين أصيبوا بضرر من جراء التدخل لمساعدة الضحايا في محنتهم أو لمنع اإليذاء‪.‬‬
‫وقد أخذت الضحية حيزا هاما في اآلونة األخيرة ضمن الدراسات األكاديمية‪ ،‬وحركت‬
‫ركودا عرفته عالقة أطراف الخصومة الجنائية بعد أن اتجهت أغلب االهتمامات إلى جانب‬
‫المجرم أو الجاني على حساب الضحية أو المجني عليه‪ ،‬فظهر علم خاص بات يصطلح‬
‫عليه بعلم الضحية أو علم الضحايا بما يعنيه من الدراسة العلمية للتضحية‪ ،‬بما في ذلك‬
‫العالقة بين الضحية والجاني‪ ،‬التفاعل بين الضحايا ونظام العدالة الجنائية اأي الشرطة‪،‬‬
‫القضاء‪ ،‬وموظفوا اإلصالح) والعالقة بين الضحايا والجماعات والمؤسسات مثل وسائل‬
‫اإلعالم ورجال األعمال والحركات االجتماعية‪ ،101‬وإذا كان هذا العلم يعرف تطورا‬
‫ملحوظا في الدول المتقدمة‪ ،‬فإنه عكس ذلك في الدول النامية الذي يعرف فيها نوعا من‬
‫اإلهمال لخلو مؤسساتها العلمية من مناهج أو مساقات تعنى بتدريس هذا العلم‪ ،‬يضاف إليه‬
‫افتقار هذه الدول إلى أبحاث علمية أو تشريعات تعنى بحقوق الضحايا‪.102‬‬
‫وبعد تسليطنا الضوء على الضحية كمفهوم وموضوع لعلم مستقل بدأ في التطور‪ ،‬يمكننا أن‬
‫نتساءل هل بعد هذه المكانة الهامة التي يحظى بها ضحايا الجريمة يمكننا إغفال دور هؤالء‬
‫في تقدير العقوبة ونوعها‪ ،‬بل وجعل هذه العقوبة كتعويض عن الضرر الذي طالهم إلى‬

‫‪ 101‬محمد األمين البشرى‪ ،‬علم ضحايا الجريمة وتطبيقاته في الدول العربية‪ ،‬جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪ ،‬مركز الدراسات‬
‫والبحوث‪ ،‬الرياض السعودية‪،‬س ‪ ،2005‬ص ‪.35‬‬
‫‪ 102‬محمد األمين البشرى‪ /‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪40‬‬
‫واملالحظ أن بعض الجامعات املغربية قد بدات في إدراج هذا العلم في مناهج دراساتها العليا املتخصص في القانون الجنائي والعلوم األمنية‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫جانب التعويض المادي؟ بل هل يمكن أن تكون العقوبة نفسها هي التعويض األنسب الذي‬
‫تطالب به الضحية أكثر مما تطالب عن مقال مادي؟ وهل هذا الطرح يصدق على كل‬
‫الجرائم أم على نوع محدد فيها؟‬
‫هي األسئلة التي سنحاول مقاربتها في المطلب التالي‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬موقع الضحية من توقيع العقاب‬

‫إن الحديث عن الضرر الذي تحدثه الجريمة يدفعنا إلى التطرق إلى األبعاد التي تعرفها‬
‫تكلفة هذا الضرر‪ ،‬فهناك من الدراسات‪ 103‬من قسمت هذه التكلفة إلى بعدين أساسين هما‪:‬‬
‫ــ البعد األول اقتصادي‪ :‬وهو الذي يمكن قياسه بمبالغ من المال تجمع خسائر للممتلكات‬
‫وخسائر اإلنتاج وقيمة فواتير العالج؛‬
‫ــ البعد الثاني إنساني‪ :‬وهو المتمثل في اآلالم النفسية والعاطفية التي تصيب اإلنسان‬
‫باإلضافة إلى مخاطر الوفاة من جراء الجريمة‪.‬‬
‫من خالل ما سبق‪ ،‬يمكننا القول بأن الجريمة قد تخلف أضرارا ذات طابع مادي محض‬
‫يمكن جبرها عن طريق التعويض المادي كبعض جرائم السرقة وجرائم الشيك مثال‪ ،‬والتي‬
‫ال يسعى الضحية من خالل االنضمام إلى الدعوى الجنائية عن طريق الدعوى المدنية إال‬
‫للحصول على ما فقده وما كان متوقعا أن يحصل عليه من فوائد لوال وقوع الفعل الجرمي‬
‫في حقه‪ ،‬وقد نجده والحالة هذه ال يهتم بالدعوى العمومية بشأن توقيع العقاب يقدر ما يهتم‬
‫بالحصول على التعويضات المادية المطالب بها‪ ،‬وبالتالي نكون أمام المفهوم النصي‬
‫والتطبيقي للمادتين ‪ 3‬و‪ 7‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬
‫لكن بالمقابل هناك أضرار تلحق بالضحايا ال يمكن قياسها بالمعيار المادي‪ ،‬باعتبار‬
‫المصالح التي طالها الفعل الجرمي قيمة تخرج عن إمكانية التقويم المادي‪ ،‬وبالتالي فالقالب‬
‫الوحيد الذي يسع هذه المصالح ‪-‬باعتبارها قيمة شخصية‪ -‬هو القالب النفسي المعنوي‪،‬‬

‫‪ 103‬أنظر محمد األمين البشرى‪ /‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪23‬‬

‫‪99‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫فالقيمة ذاتها ال تعني في علم النفس إال تلك المعتقدات والتفضيالت والمفاهيم المجردة التي‬
‫يحملها الفرد لألشياء والمعاني وأوجه النشاط المختلفة‪ ،‬والتي تعمل على توجيه رغباته‬
‫واتجاهاته نحوها‪ ،‬حيث تساعده في تحديد السلوكيات ما هو مقبول وما هو مرفوض‪ ،‬ما هو‬
‫صائب وما هو خاط ‪ ،‬وتتصف بالثبات النسبي‪ ،104‬وهذه المصالح ذات القيمة المعنوية‬
‫التي يستعصي تقويمها ماليا إذا ما مثلنا لها في هذا المقال بالروح والشرف اإلنسانيين‪ ،‬فهل‬
‫يمكن القول بأن الضحية ال تجد موقعا لها ضمن العقاب الجنائي‪ ،‬أي أن العقوبة والحالة هذه‬
‫شأن للنيابة العامة وحدها‪ ،‬وال يمكن لهذه الضحية إال الخوض في الدعوى المدنية للمطالبة‬
‫بالتعويض وحسب؟ أم أن األمر يتعدى جمود النصوص إلى ما هو واقعي حسي حيث تشكل‬
‫العقوبة نفسها هي التعويض األنسب للضحية التي قد ال تبالي بمنطوق التعويض المادي‬
‫أكثر مما يهمها منطوق الدعوى العمومية؟‪.‬‬
‫المتواثر عليه قانونا وقضاء – كما سبقت اإلشارة إليه‪ -‬هو أن الطرف المتضرر إنما‬
‫يقتصر دوره في الدعوى الجنائية في مناقشة الدعوى المدنية وحدها‪ ،‬وهو ما يؤكد عليه‬
‫أعلى هرم قضائي بالمملكة في اجتهاداته المتتالية إذ ال تنفك محكمة النقض تقضي بأن‪" :‬‬
‫المطالب بالحق المدني ال صفة له في مناقشة الدعوى العمومية التي أصبحت نهائية‪ ،‬وأن‬
‫طعنه يقتصر على الدعوى المدنية التابعة"‪ .105‬وهذا ما نعتبره ضررا آخر للضحية يشعر‬
‫به بعد ضرر الجريمة‪ ،‬وبالتالي تكون بالنسبة إليه موازين العدالة مختلة‪ ،‬سيما إذ كان وحده‬
‫هو الذي سلك طريق الطعن في الدعوى دون النيابة العامة‪ ،‬مع العلم أنه يصعب أو يستحيل‬
‫تحقيق اإلنصاف بين م ا سلب من الضحية وما ناله المتهم تحقيقا للعدل‪ ،‬فالعدل كإشكال في‬
‫هذا الصدد يصعب الجواب عنه كما أكد على ذلك األستاذ محي الدين أمزازي‪ ،‬ألن مفهوم‬

‫‪ 104‬بوعطيط سفيان‪ ،‬بحث لنيل شهادة الدكتوراه في علم النفس والعمل والتنظيم بعنوان‪ " :‬القيم الشخصية في ظل التغيير االجتماعي‬
‫وعالقتها بالتوافق املنهي‪ ،‬جامعة منتوري‪-‬قسنطينة الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2012-2011‬ص ‪68‬‬
‫‌‬
‫‪‌105‬قرار عدد ‪ 06/1‬بتاريخ‪ 2005/01/05 :‬ملف جنحي رقم ‪ ،02/20490‬منشور بكتاب دالئل عملية عدد ‪ :5‬شكليات التقاض ي والترافع من‬
‫خالل قضاء املجلس األعلى لسنوات ‪ ، 2005-2000‬إعداد وتنسيق امحمد لفروجي‪ ،‬ص ‪.246‬‬
‫وفي قرار حديث لها تحت عدد‪ 11/1313 :‬الصادر بتاريخ‪ 2016/10/27 :‬في امللف الجنحي رقم‪ 2015/11/6/7777 :‬جاء فيه‪ " :‬وحيث إن املادة‬
‫‪ 533‬من ق‪.‬م‪.‬ج تنص على أنه ينحصر أثر الطعن بالنقض املرفوع من طرف الطرف املدني فيما يرجع لنظر محكمة النقض في املقتضيات‬
‫املتعلقة بالدعوى املدنية‪ ،‬وأن الوسيلة تناقش الدعوى العمومية التي يرجع أمر مناقشتها إلى إما إلى النيابة العامة وإما املتهم دون املطالب‬
‫بالحق املدني‪ ،‬وبالتالي يبقى ما أثير في الوسيلة غير مقبول" ( غير منشور)‪‌.‬‬

‫‪100‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫العدل يهرب من التعريف‪ .‬ويقرر كمحاولة منه التطرق إليه من خالل إبراز أهميته وطبيعته‬
‫بقوله‪ :‬أن العدل يتطلب أن نتعامل على أساس التناسب بين ما نأخذ وما نعطي‪.106‬‬
‫وإذا أخذنا جريمة القتل التي نُ َّ‬
‫ص على اإلعدام عقوبة لها‪ ،‬سنجد أصواتا عديدة تنادي اليوم‬
‫بإلغاء هذه العقوبة "لوحشيتها وعدم تناسبها مع آدمية اإلنسان"‪ ،‬وهو ما يمكن أن يستسيغه‬
‫جانب الفاعل ربما‪ ،‬لكن أقرباء الضحية ال يمكن إقناعهم بهذه المبادئ‪ ،‬فإذا كان اإلعدام‬
‫كمفهوم تناولته القواميس بأنه القتل عقابا‪ ،‬ففعل القتل – في نظرنا‪ -‬ال يبتعد كثيرا عن هذا‬
‫المفهوم‪ ،‬إذ أن القاتل إنما يعدم ضحيته عقابا لها بشكل من األشكال ا انتقام‪ ،‬حقد‪ ،‬شك‪،)...‬‬
‫الفرق أن القاتل قد أقام عدالته الشخصية االتي قد تكون خاطئة) بعيدا عن أية شرعية‪،‬‬
‫عكس اإلعدام الذي ينبني على قواعد شرعية ااألدلة القاطعة‪ ،‬المحاكمة العادلة‪ ،‬شرعية‬
‫السلطة مكلفة بالتنفيذ)‪ .‬وفي هذا اإلطار نجد الشريعة اإلسالمية قد أعطت للمتضرر من‬
‫جريمة القتل نفس الموقع الذي تعطيه القوانين الوضعية للنيابات العامة‪ ،‬إذا أنها خيرته بين‬
‫إيقاع القصاص أو الحصول على الدية‪ ،‬مع التشجيع على الخيار الثاني بقوله تعالى‪ :‬‬
‫فمن تصدق به فهو كفارة له ‪ ‬ا اآلية ‪ .45‬سورة المائدة)‪ ،‬بل إن الشريعة الغراء قد‬

‫ألزمت الجماعة بتسديد دية القاتل المعسر تحقيقا للمساواة في الدين بين األغنياء‬
‫والفقراء‪ .107‬ومن هنا نجد الشارع الحكيم قد أفرز مكانة هامة للضحية ضمن التشريع‬
‫العقابي‪ ،‬وذلك ليس بغريب على النص الديني الذي يجمع ُمثال أخالقية عليا‪ ،‬تفتقدها‬
‫النصوص الوضعية بشكل كبير‪.‬‬
‫ويمكن الحديث عن تحقيق العدالة النسبية لضحايا الجريمة في إطار التصالح الذي تؤطره‬
‫بعض النصوص لبعض الجرائم‪ ،‬حيث يتم الحديث عن التصالح كعقوبة جنائية‪ :‬فالصلح‬
‫الذي يتم بين المتهم والضحية في بعض الجرائم المحددة بنص القانون‪ ،‬ال يخرج في طبيعته‬
‫القانونية عن كونه عقوبة مالية إذا ما تم بهذا المقابل‪ ،‬وذلك لما يفترضه هذا الصلح من قيام‬
‫الجاني بإزالة أثر الجريمة‪ ،‬وهو أمر ال يتأتى إال بدفع مقابل الضرر الذي تمخضت عنه‬

‫‪106‬محي الدين أمزازي ‪ ،‬املرجع السابق ص ‪.116‬‬


‫‪107‬خالد مصطفى فهمي‪ ،‬تعويض املضرورين من األعمال ا إرهابية دراسة مقارنة‪ ،‬دار الفكر الجامعي االسكندرية مصر‪،‬س‪ ،2011‬ص ‪.64‬‬

‫‪101‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫تلك الجريمة‪ ،‬ويحتوي هذا المقابل في طياته إيالما للمتهم‪ ،‬حيث يقتطع جزءا من أمواله‬
‫بهدف تعويض المجني عليه عن ذلك الضرر الذي أصابه‪.108‬‬
‫‪109‬‬
‫على أساس أن الصلح الجنائي ال يعد‬ ‫وإن عارض هذا االتجاه بعض من الفقه اآلخر‬
‫عقوبة بالمعنى الفني‪ ،‬فإننا نرى من جانبنا المتواضع أن للصلح الجنائي سمة جزائية لما‬
‫يحققه من إنصاف معنوي للمتضرر الذي يعتبر عفوه وتصالحه َم ْكسبًا له‪ ،‬وبفضله نال‬
‫الفاعل حريته‪ ،‬وقد يتعايش معه في نفس المحيط بعيدا عن أي تبعات نفسية‪ ،‬وهو ما ال قد‬
‫نجده عند تطبيق عقوبة مخففة لم تلملم الجرح النفسي للضحية‪ ،‬ولم تستطع تقويم المتهم‬
‫الذي قد يخرج أكثر إجراما في مؤسسات فشلت في اإلصالح إلى حدود هذه الساعة‪.‬‬

‫وما نالحظه أثناء الممارسة العملية في مرافعات الدفاع خالل الخصومة الجنائية التي يوجد‬
‫بها طرف مدني هو ذلك النقاش الذي يدور هو مناقشة دفاع المطالب بالحق المدني للدعوى‬
‫العمومية وملتمساته الرامية من خاللها إلى تطبيق أقصى العقوبات على المتهم قبل أن يسرد‬
‫التعويضات المطالب بها‪ ،‬ليثور التساؤل في هذه المناسبة حول أحقية دفاع المطالب بالحق‬
‫المدني بالخوض في الدعوى العمومية؟‬
‫بخصوص هذه اإلشكالية هناك اتجاهان متباينان هما‪:‬‬
‫‪ ‬اإلتجاه األول القائل بأحقية دفاع المطالب بالحق المدني بالخوض في الدعوى العمومية‪:‬‬
‫وسندهم في ذلك أنه وإلبراز الضرر الذي لحق بالطرف المدني‪ ،‬البد من إثبات األفعال‬
‫الجرمية المنسوبة للمتهم‪ ،‬والمطالب بالحق المدني في هذه الحالة طرف مساعد للنيابة‬
‫العامة الممثلة للمجتمع في سبيل استجالئها للحقيقة‪ ،‬كما أن الحكم بالعقوبات المناسبة‬
‫ضد الفاعل يدخل ضمن التعويض المعنوي الذي سيستفيد منه الضحية ال محالة‪.‬‬
‫‪ ‬اإلتجاه الثاني القائل بعدم جواز خوض دفاع الطرف المدني في الدعوى العمومية‪:‬‬
‫وذلك على أساس أن الدعوى العمومية من اختصاص النيابة العامة لوحدها‪ ،‬والمسطرة‬
‫الجنائية حين مخاطبتها للطرف المدني تقتصر باإلشارة إلى ما يتعلق بحقوقه المدنية ال‬
‫غير‪ ،‬ولوضوح المادة الثانية من قانون المسطرة الجنائية التي نصت على أنه " يترتب‬
‫‪ 108‬محمد عوض‪ ،‬املبادئ العامة في قانون االجراءات الجنائية‪ ،‬دار املطبوعات الجامعية‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ص ‪.140-139‬‬
‫‪ 109‬علي محمد املبيضين‪ ،‬الصلح الجنائي وأثره في الدعوى العامة‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬عمان األردن‪ ،‬س ‪ ،2010‬ص ‪‌.45‬‬

‫‪102‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫عن كل جريمة الحق في إقامة دعوى عمومية لتطبيق العقوبات‪ ،‬والحق في إقامة‬
‫دعوى مدنية للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي تسببت فيه الجريمة"‪ ،‬وعليه‪ ،‬ومادام‬
‫أن تطبيق العقوبات يدخل ضمن الدعوى العمومية‪ ،‬فال يحق للمطالب بالحق المدني‬
‫المطالبة بتطبيق عقوبة محددة على المتهم‪ ،‬بل وال يحق له بناء على ذلك الخوض في‬
‫الدعوى العمومية‪.‬‬
‫ومن وجهة نظرنا المتواضعة‪ ،‬فلكال االتجاهين ركائز ودعامات يقوم عليها‪ ،‬لكن ال يمكن‬
‫التسليم بهما كلية‪ ،‬وإنما يمكن التوفيق بينهما – تطبيقا للنص الحرفي ال غير ‪ -‬من خالل‪:‬‬
‫حق دفاع الطرف المدني مناقشة األفعال ال ُجرمية المنسوبة للمتهم ألن من شأن إثباتها‬ ‫أ‪-‬‬
‫القول بأحقية المتضرر الحصول على التعويض المناسب لألضرار التي طالته جرائها؛‬
‫إمساك دفاع الطرف المدني عن التماس تطبيق عقوبات محددة ألن ذلك من‬ ‫ب‪-‬‬
‫صالحيات النيابة العامة الممارسة للدعوى العمومية‪ ،‬وليس للمطالب بالحق المدني‪.‬‬
‫لكن من الناحية الواقعية ال نجد مثل هذا التوافق في بعض الجرائم ا جرائم القتل‪ ،‬جرائم‬
‫القتل‪ ،‬العاهات المستديمة‪ )..‬إذ أن أول ما يلتمسه المتضرر من خالل دفاعه هو تطبيق‬
‫أقصى العقوبات‪ ،‬هذا إن لم يلتمس تكييف الفعل إلى فعل أشد‪.‬‬
‫خامتة‪:‬‬

‫صفوة القول‪ ،‬فبالرغم من التنصيصات القانونية على استئثار النيابة العامة بحق تطبيق‬
‫العقوبة‪ ،‬واقتصار الضحية على المطالبة بالتعويضات‪ ،‬فإن الواقع الملموس يقول غير ذلك‪،‬‬
‫إذ أن للضحية دور في تقدير هذه العقوبة بما يالئم الضرر‪ ،‬وخطورة الفعل ودور الضحية‬
‫نفسها في الحادث اإلجرامي‪ ،‬وكان لزاما اليوم األخذ بموقع الضحية ضمن التشريع العقابي‬
‫لما يمكن أن يحدثه من جبر للضرر‪ ،‬وإصالح للفاعل‪ ،‬وخلق جو سلمي داخل محيط العيش‬
‫بين الطرفين‪.‬‬
‫ولعل با طالعنا على مشروع المسطرة الجنائية المنتظر المصادقة عليه‪ ،‬سنجد أن المشرع‬
‫المغربي قد تفطن إلى أهمية الضحية في الدعوى العمومية وبالتالي ضمن التشريع العقابي‪،‬‬
‫حيث نص في الفصل ‪ 410‬من المشرع على إمكانية نشر الدعوى بشقيها العمومي والمدني‬

‫‪103‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫متى طعن الطرف المدني لوحده وكان هو من حرك الدعوى العمومية‪ ،‬وهنا لن نجد محال‬
‫لما تواترت عليه محكمة النقض بخصوص عدم قبول طعن الطرف المدني على أساس‬
‫مناقشته ال دعوى العمومية‪ ،‬إذ أن هذا الرفض لن يكون مفتوحا بشكل كلي‪ ،‬وهو ما يحفظ –‬
‫تدريجيا‪ -‬الموقع الطبيعي لضحايا الجريمة ضمن المجال العقابي ككل‪.‬‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫أوال‪ :‬األطروحات والرسائل‬

‫‪ .1‬الدكتورة أمينة عتيوي‪ ،‬شرعية تنفيذ الجزاء الجنائي‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬السنة الجامعية ‪2005-2004‬؛‬
‫‪ .2‬رملي حشاني‪،‬حقوق المجني عليه في الدعوى العمومية‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماستر‬
‫في الحقوق‪ ،‬تخصص قانون جنائي‪،‬جامعة محمد خيضر بسكرة كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية الجزائر ‪ ،‬الموسم الجامعي ‪2014-2013‬؛‬
‫‪ .3‬بوعطيط سفيان‪ ،‬بحث لنيل شهادة الدكتوراه في علم النفس والعمل والتنظيم بعنوان‪:‬‬
‫" القيم الشخصية في ظل التغيير االجتماعي وعالقتها بالتوافق المهني‪ ،‬جامعة‬
‫منتوري‪-‬قسنطينة الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية ‪،2012-2011‬‬
‫ثانيا‪ :‬الكتب‬

‫‪ .1‬السياسة الجنائية بالمغرب‪ :‬واقع وآفاق‪ ،‬المجلد الثاني‪ /‬أشغال الندوة الوطنية التي‬
‫نظمتها وزارة العدل بمكناس أيام ‪ 10 9‬و ‪ 11‬دجنبر ‪ ،2004‬منشورات جمعية‬
‫نشر المعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬سلسة الندوات واأليام الدراسية‪ ،‬العدد ‪،4‬‬
‫‪2005‬؛‬
‫‪ .2‬محمد صبحي نجم‪ ،‬أصول علم اإلجرام وعلم العقاب‪ :‬دراسة تحليلية وصفية‬
‫موجزة‪ ،‬دار الثقافة عمان األردن‪ ،‬س ‪2005‬؛‬
‫‪ .3‬عبد السالم بنحدو‪ ،‬الوجيز في القانون الجنائي المغربي‪ ،‬ط‪ ،3‬س‪1997‬؛‬

‫‪104‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫‪ .4‬محمد زكي أوبو عمار‪ ،‬دراسة في علم اإلجرام والعقاب‪ ،‬الدار الجامعية‪،‬‬
‫س ‪1993‬؛‬
‫‪ .5‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة‬
‫القانونية والقضائية‪ ،‬سلسلة الشروح والدالئل‪ ،‬العدد ‪ ،8‬يونيو ‪2007‬؛‬
‫‪ .6‬سعيد عبد اللطيف حسن‪ ،‬الحكم الجنائي الصادر باإلدانة‪ ،‬دراسة قانونية لنظام الحكم‬
‫الجنائي وفلسفته والعوامل المؤثرة في إصداره في ضوء إتجاهات السياسة الجنائية‬
‫المعاصرة‪ ،‬دار النهضة العربية ‪1989 ،‬؛‬
‫‪ .7‬محي الدين أمزازي ‪ ،‬العقوبة‪ ،‬منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية‪،‬‬
‫مطبعة األمنية الرباط‪1993،‬؛‬
‫‪ .8‬أحمد فتحي سرور ‪ ،‬الوسيط في قنون العقوبات‪ ،‬القسم العام‪ ،‬ط‪،4‬درا النهضة‬
‫العربية‪ ،‬س ‪1985‬؛‬
‫‪ .9‬سعدون بن عبد هللا العقاب‪ ،‬دور المجني عليه في ارتكاب الجريمة وأثره في‬
‫العقوبات التعزيرية‪ ،‬أكاديمية نايف العربية للعلوم األمنية‪ ،‬س ‪1998‬؛‬
‫محمد األمين البشرى‪ ،‬علم ضحايا الجريمة وتطبيقاته في الدول العربية‪،‬‬ ‫‪.10‬‬
‫جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪ ،‬مركز الدراسات والبحوث‪ ،‬الرياض السعودية‪،‬‬
‫س ‪2005‬؛‬
‫امحمد لفروجي ‪،‬دالئل عملية عدد ‪ :5‬شكليات التقاضي والترافع من خالل‬ ‫‪.11‬‬
‫قضاء المجلس األعلى لسنوات ‪ 2005-2000‬؛‬
‫خالد مصطفى فهمي‪ ،‬تعويض المضرورين من األعمال ا إرهابية دراسة‬ ‫‪.12‬‬
‫مقارنة‪ ،‬دار الفكر الجامعي االسكندرية مصر‪،‬س‪2011‬؛‬
‫المبادئ العامة في قانون االجراءات الجنائية‪ ،‬دار‬ ‫محمد عوض‪،‬‬ ‫‪.13‬‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬االسكندرية؛‬
‫علي محمد المبيضين‪ ،‬الصلح الجنائي وأثره في الدعوى العامة‪ ،‬دار الثقافة‪،‬‬ ‫‪.14‬‬
‫عمان األردن‪ ،‬س ‪.2010‬‬

‫‪105‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫رضوان الفتحــي‬

‫عمـ ــاد احلي ــان‬

‫خرجيي ماسرت املنازعات و املهن القضائية‬

‫أكـ ـ ـ ـ ــادير‬

‫"القضاء العسكري‪ :‬التنظيم و االختصاص"‬

‫المقدمة‪:‬‬

‫قبل التعديل الذي عرفه القضاء العسكري كانت تعد المحكمة العسكرية الدائمة للقوات‬
‫‪110‬‬
‫‪ ،‬المحكمة االستثنائية الوحيدة التي لها وجود فعلي حاليا بالمغرب ‪،‬‬ ‫المسلحة الملكية‬
‫وذلك بعد إلغاء محكمة العدل الخاصة ‪.‬‬

‫ونظرا لطبيعة المحكمة االستثنائية‪ ،‬وعدم رضا الحقوقيين على نشأتها سيما بسبب منحها‬
‫االختصاص للنظر في العديد من القضايا التي يرتكبها غير الجنود و في قضايا المس‬
‫‪111‬‬
‫أداة لتصفية الخصوم السياسيين و‬ ‫باألمن الخارجي للدولة ‪ ،‬حيث اعتبرها البعض‬
‫الضرب بيد من حديد على كل من يحاول التعبير عن رأيه‪ ،‬وبسبب عدم توفر قضاتها و‬
‫مستشاريها العسكريين على االستقالل التام اتجاه السلطة التنفيذية ‪،‬باعتبار أن مجموعة من‬
‫الجهات المحسوبة على السلطة التنفيذية هي من تقرر في شأن القضاء العسكري نذكر منها‬
‫إدارة الدفاع الوطني و المديرية العامة للدراسات و الوثائق و المكتب الثاني و مديرية العدل‬

‫‪110‬‬
‫أ نشأت المحكمة العسكرية الدائمة للقوات المسلحة الملكية بالمغرب ‪ ،‬وتم إصدار قانون العدل ااعسكري بمقتضى ظهير رقم ‪1-56-270‬‬
‫بتاريخ ‪ 10‬نونبر ‪ 1956‬المنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 2313‬بتاريخ ‪ 15‬مارس ‪ 1957‬ص ‪.614‬‬
‫‪111‬‬
‫الحسن البوعيسي ‪ ،‬الوسيط في القضاء العسكري ‪،‬مطبعة دار االمان ‪،‬الطبعة األولى ‪،2011‬ص‪.5‬‬

‫‪106‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫العسكري و مندوب الحكومة و القيادة العليا للدرك الملكي و مختلف مفتشيات القوات‬
‫المسلحة الملكية خصوصا من حيث عزل ونقل القضاة و تعيينهم ‪.‬‬

‫إضافة إلى أحداث " اكدم ازك " الذي راح ضحيتها العديد من قواتنا االمنية اأفراد القوات‬
‫المساعدة و الدرك الملكي و االمن الوطني و أفراد الوقاية المدنية ) على إثرها تمت‬
‫محاكمة المتسببين في قتل و تهديد السالمة الجسدية للمواطنين و كذلك أفراد القوات األمنية‬
‫أمام القضاء العسكري ‪،‬وصدور في حقهم أحكام بالسجن تتراوح من ‪ 20‬سنة إلى ‪ 30‬سنة‪،‬‬
‫مما أثار العديد من اإلشكاالت القانونية والحقوقية حول اختصاص المحكمة العسكرية في‬
‫النظر في قضايا تهم مدنيين ‪.‬‬

‫لكل هذه األسباب و أسباب أخرى ال يتأتى المجال هنا لذكرها تم تعديل قانون العدل‬
‫العسكري ليواكب المعاهدات و االتفاقيات الدولية التي وقع عليها المغرب‪ ،‬وكذلك تلبية‬
‫نداءات جمعيات حقوق االنسان‪ ،‬و انسجاما مع الدستور الذي منع إنشاء محاكم إستثنائية‪،‬‬
‫بمقتضى القانون رقم ‪ 108-13‬المتعلق بالقضاء العسكري‪.112‬‬

‫وبهذا يطرح موضوع القضاء العسكري عدة إشكاالت قانونية و حقوقية نجملها في إشكالية‬
‫محورية تتمثل في مدى استطاعة المشرع المغربي من خالل تعديله للقضاء العسكري أن‬
‫يضمن ا ستقاللية القضاء و إلى أي حد استطاع ضمان المحاكمة العادلة من خالل تنظيم‬
‫المحكمة العسكرية واختصاصاتها و تكريس القضاء المتخصص؟‬

‫تقتضي منا الضرورة المنهجية لإلجابة عن هذه اإلشكالية أن نقسم المقال إلى مبحثين نعالج‬
‫في األول تنظيم القضاء العسكري و تكوينه‪ ،‬ثم نعرج في المبحث الثاني على اختصاص‬
‫المحكمة العسكرية‪ ،‬وذلك وفق التصميم التالي‪:‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬تنظيم القضاء العسكري و تكوينه‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬اختصاص المحكمة العسكرية‬

‫‪112‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 6322‬بتاريخ ‪ 9‬ربيع األول ‪ 1436‬الموافق لفاتح يناير ‪ 2015‬ص‪.5‬‬

‫‪107‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫املبحث األول ‪ :‬تنظيم القضاء العسكري و تكوينه‬

‫مما ال شك فيه أن للقضاء العسكري هو قضاء زجري يعنى بالبحث و التحقيق في الجرائم‬
‫المرتكبة من طرف شريحة كبيرة من المجتمع المغربي أال وهي قواتنا المسلحة الملكية و‬
‫و الدرك الملكي و الوقاية المدنية ‪ ،114‬و البت فيها ‪ ،‬ونظرا لحساسية‬ ‫‪113‬‬
‫القوات المساعدة‬
‫هذا القضاء فقد شمله المشرع بتنظيم خاص مستقل عن التنظيم القضائي‪ ،‬و أخضع قضاته‬
‫و كتاب الضبط به لنظام خاص انطالقا من ذلك سنعالج في هذا المبحث الطبيعة القانونية‬
‫للقضاء العسكري و تنظيمه االمطلب األول)‪ ،‬تم سنتطرق إلى تكوين القضاء العسكري‬
‫االمطلب الثاني )‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬الطبيعة القانونية للقضاء العسكري و تنظيمه‬

‫نظرا لطبيعة تنظيم القضاء العسكري و طبيعة األشخاص الذين يكونون المحكمة العسكرية‬
‫يثار تساؤل هل المحكمة العسكرية محكمة مختصة أم استثنائية ؟‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬طبيعة القضاء العسكري‬

‫نصت المادة األولى من القانون رقم ‪ 13.108‬المتعلق بالقضاء العسكري على أنه ‪":‬تحدث‬
‫بمقتضى هذا القانون محكمة عسكرية متخصصة ‪."..‬‬

‫ا نطالقا من هذه المادة يظهر أن المشرع انسجم مع الدستور و نسخ المقتضيات التي كانت‬
‫تنص على أن المحكمة العسكرية هي محاكم استثنائية ‪ ،‬لكن في نظرنا أن المحاكم العسكرية‬
‫ذات طبيعة خاصة ‪،‬ال هي باالستثنائية و ال هي بالمتخصصة الصرفة لعدة اعتبارات‬
‫نجملها فيما يلي ‪:‬‬

‫لم ينظمها المشرع ضمن التنظيم القضائي و هذا دليل على طبيعتها الخاصة ال من ناحية‬
‫إختصاصها و ال من ناحية تنظيمها و تكوينها ‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫ظهير شريف بمثابة قانون رقم ‪ 1.75.73‬بتاريخ ‪ 12‬ربيع الثاني ‪1396‬ا‪12‬أبريل ‪ )1976‬يتعلق بالتنظيم العام للقوات المساعدة‪.‬‬
‫ظهير شريف بمثابة قانون رقم ‪ 533‬بتاريخ ‪29‬صفر ‪1393‬ا‪4‬أبريل‪ )1973‬يتعلق بالنظام األساسي الخاص برجال القوات المساعدة‪.‬‬
‫‪114‬‬
‫مرسوم رقم ‪ 2-16-814‬يتعلق باخضاع العاملين بالمديرية العامة للوقاية المدنية لقواعد االنضباط العسكري‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫المسطرة أمام المحكمة العسكرية هي مسطرة خاصة سواء مسطرة البحث أو التحقيق أو‬
‫البث في القضايا كما أنها ال تخضع لقانون المسطرة الجنائية باعتبار أن المحكمة العسكرية‬
‫محكمة زجرية ‪ ،‬إال في حالة عدم وجود نص في قانون القضاء العسكري انداك نرجع‬
‫للمسطرة الجنائية ‪.‬‬
‫‪115‬‬
‫وال‬ ‫القضاة العسكريون و كتاب الضبط و مستكتبوا الضبط لهم نظامهم الخاص‬
‫يخضعون للقانون التنظيمي المتعلق بالنظام االساسي للقضاة‪ ،‬وال للقانون التنظيمي المتعلق‬
‫بالمجلس األعلى للسلطة القضائية‪.‬‬
‫‪116‬‬
‫" إن القاضي العسكري هو ضابط أوال و أخيرا ‪،‬و أنه يخضع‬ ‫وقد قال أحد الباحثين‬
‫لكل ما يخضع له سائر الضباط من أحكام و أنظمة عسكرية بال أدنى تفرقة أو تمييز‪ ،‬مما‬
‫يجعلها عرضة للتدخل في عمله و ألنه يمارس عليه رؤساؤه المؤثرات ترغيبا و ترهيبا‪،‬‬
‫وعلى وجه الخصوص مدير القضاء العسكري الذي يتبع وزير الدفاع مباشرة‪ ،‬و الذي يملك‬
‫أن يصدر إلى القضاة العسكريين األقل منه رتبة و أقدمية التعليمات و التوجيهات مثلما‬
‫يصد ر القائد التعليمات الى ضباطه وال يملك هؤالء طبقا لقواعد االنضباط العسكري إال أن‬
‫يرضخوا و يستجيبوا و إال حقت عليهم المسائلة التأديبية "‪.‬‬

‫رغم تعديل عدة مقتضيات مما ذكر الباحث و اعتمد عليها في بحثه إال أن القضاة‬
‫العسكريون هم ضباط و يخضعون لظهير االنضباط العام في حضيرة القوات المسلحة‬
‫‪117‬‬
‫و ذلك حسب المادة ‪ 3‬منه التي تنص على أنه " يسري على القضاة العسكريين‬ ‫الملكية‬
‫و الضباط كتاب الضبط و ضباط الصف مستكتبي الضبط نظام االنضباط العام في حضيرة‬
‫القوات المسلحة الملكية "‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫الظهير الشريف رقم ‪80.15.1‬الصادر في ‪ 18‬من شوال ‪1436‬ا‪4‬أغسطس‪ )2015‬يتعلق بالنظام األساسي الخاص بالقضاة العسكريين و‬
‫بالنظام األساسي الخاص بالضباط كتاب الضبط و ضباط الصف مستكتبي الضبط منشور في الجريدة الرسمية ‪ 6398‬بتاريخ ‪ 10‬ذو الحجة‬
‫‪1436‬ا‪ 24‬سبتمبر ‪ )2015‬ص‪.7805‬‬
‫‪116‬‬
‫خالد عيد ‪"،‬المحاكم العسكرية ليست محاكم و القضاة العسكريون ليسوا قضاة " مجلة المحامي تصدرها هيئة المحامين بمراكش العدد ‪14-13‬‬
‫ص‪.82‬‬
‫‪117‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 383.74.1‬بتاريخ ‪15‬رجب ‪ 1394‬ا‪ 5‬غشت ‪ )1974‬يتعلق بالمصادقة على نظام اإلنضباط العام في حظيرة القوات‬
‫المسلحة الملكية ‪.‬المنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪3240‬مكرر بتاريخ ‪ 9‬دجنبر ‪.1974‬‬

‫‪109‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫لهذه االعتبارات ذهبنا في اتجاه أن المحكمة العسكرية هي محكمة ذات طبيعة خاصة ألنها‬
‫تجمع بين خصائص المحاكم المتخصصة و المحاكم االستثنائية‪ ،‬وهذا سيظهر جليا عندما‬
‫سنتناول تكوين المحكمة العسكرية و اختصاصاتها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تنظيم القضاء العسكري‬

‫مما ال شك فيه أن القضاة سواء قضاة الحكم أو النيابة العامة ال يخضعون للنظام األساسي‬
‫للقضاة و ال المجلس األعلى للسلطة القضائية ‪ ،‬و هكذا فإن القضاة العسكريون ال يخضعون‬
‫لنفس النظام القانوني للعزل و الترقية و النقل الذي يخضع له القضاة المدنيون ‪.‬أما كتابة‬
‫الضبط فيقوم بها ضباط كتاب الضبط و ضباط الصف مستكتبي الضبط و كل هذه األجهزة‬
‫تخضع لنظام أساسي خاص بها مختلف عن األنظمة األساسية التي يخضع لها كتاب الضبط‬
‫المدنيون‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬القضاة العسكريون‬

‫يشكل القضاة العسكريون سلكا قضائيا مستقال ذا تسلسل خاص بهم‪،‬و يشمل قضاة االحكام و‬
‫قضاة النيابة العامة و قضاة التحقيق ‪ ،‬ويتم تعينهم من بين ضباط القوات المسلحة الملكية ‪.‬‬

‫و يرتب القضاة العسكريون خالفا للقضاة المدنيون حسب المادة الخامسة من النظام‬
‫االساسي الخاص بالقضاة العسكريين في الرتب التالية ‪:‬‬

‫‪ ‬رتبة قاض جنرال ‪،‬مماتلة لرتبة جنرال دوبريكاد‬


‫‪ ‬رتبة قاض كولونيل ماجور ‪،‬مماثلة لرتبة كولونيل ماجور‬
‫‪ ‬رتبة قاض كولونيل ‪ ،‬مماثلة لرتبة كولونيل‬
‫‪ ‬رتبة قاض ليوتنان كولونيل ‪،‬مماثلة لرتبة ليوتنان كولونيل‬
‫‪ ‬رتبة قاض كومندان ‪ ،‬مماثلة لرتبة كومندان‬
‫انطالقا من هذه المادة يمكن طرح تساؤل حول إمكانية تقلد النساء لهذه المناصب القضائية ؟‬

‫‪110‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫بالعودة للقانون المتعلق بالنظام العام لالنضباط في حضيرة القوات المسلحة الملكية و‬
‫خصوصا الفصل ‪ 8‬الذي يحدد النظام التسلسلي الخاص بالنساء ‪ ،‬يالحظ أن المشرع نص‬
‫صراحة على أنه " ال تسند إليهن قيادة وحدة من الوحدات ماعدا فيما يخص المصالح أو‬
‫المناصب التابعة للمصلحة الصحية و المصلحة اإلجتماعية بالقوات المسلحة "‪ .‬كما يالحظ‬
‫أيضا أن الرتب الذي يرتب بها القضاة العسكريون ال يمكن للنساء الترتيب فيها‪.118‬‬

‫وانطالقا من ذلك فالنساء ال يمكنهم أن يتقلدو المناصب القضائية و مناصب المسؤولية في‬
‫القضاء العسكري‪.‬‬

‫ويمارس القضاة العسكريون بمختلف أصنافهم ‪،‬مهامهم بالمحكمة العسكرية طبقا للقانون‬
‫رقم ‪ 13.108‬المتعلق بالقضاء العسكري ‪ ،‬ومن الضمانات القانونية المكفولة لهم أنه ال‬
‫يمكن إحالتهم على لجنة معالجة الملفات التأديبية إال بأمر من صاحب الجاللة القائد األعلى‬
‫و رئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية ‪ ،‬كما أنهم يخضعون إذا ما ارتكبو‬
‫ف عل معاقب عليه بوصفه جنحة أو جناية أثناء مزاولة مهامهم أو خارجها لقواعد اإلمتياز‬
‫القضائي المنصوص عليها في المواد ‪265‬و‪266‬و‪ 267‬من قانون المسطرة الجنائية ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬كتابة الضبط‬

‫تت كون كتابة الضبط من جهازيين هما ضباط كتاب الضبط و ضباط الصف مستكتبي‬
‫الضبط‪.‬‬

‫‪ 1‬الضباط كتاب الضبط‬


‫يرتب ضباط كتاب الضبط حسب الفصل ‪ 21‬من النظام األساسي الخاص بالضبط كتاب‬
‫الضبط و ضباط الصف مستكتبي الضبط في الرتب التالية ‪:‬‬

‫‪ ‬رتبة ليوتنان كولونيل كاتب الضبط ‪،‬مماثلة لرتبة ليوتنان كولونيل‬


‫‪ ‬رتبة كومندان كاتب الضبط ‪ ،‬مماثلة لرتبة كومندان‬

‫‪118‬‬
‫الفصل ‪ 8‬من نظام االنضباط في حضيرة القوات المسلحة الملكية الذي يحدد رتب النساء الضابطات في ‪ :‬ضابطة من الطبقة الخامسة ‪،.....،‬‬
‫ضابطة من الطبقة األولى تم ضابطة خارج الطبقة‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫‪ ‬رتبة قبطان كاتب الضبط ‪ ،‬مماثلة لرتبة قبطان‬


‫‪ ‬رتبة مالزم كاتب الضبط ‪،‬مماثلة لرتبة مالزم‬
‫‪ ‬رتبة مالزم ثاني كاتب الضبط ‪ ،‬مماثلة لرتبة مالزم ثاني‬
‫ويعين الضباط كتاب الضبط من بين ضباط القوات المسلحة الملكية المرتبين في درجة‬
‫مالزم ثاني على األقل ‪.‬‬

‫ويترأس كتابة الضبط رئيس يتولى مهام التسيير اإلداري لشؤون كتابة الضبط و تتبع أعمال‬
‫كتاب الضبط و مستكتبي الضبط العاملين تحت امرته و السهر على حسن تطبيق القرارات‬
‫و التدابير و االجراءات الموكول تنفيذها إلى كتابة الضبط ‪،‬طبقا للنصوص التشريعية و‬
‫التنظيمية الجاري بها العمل‪.‬‬

‫‪ 2‬ضباط الصف مستكتبو الضبط‬


‫يتألف إطار ضباط الصف مستكتبي الضبط حسب المادة ‪ 32‬من القانون أعاله من الرتب‬
‫التالية ‪:‬‬

‫‪ ‬رتبة مساعد أول مستكتب الضبط ‪،‬مماثلة لرتبة مساعد أول‬


‫‪ ‬رتبة مساعد مستكتب الضبط ‪،‬مماثلة لرتبة مساعد‬
‫‪ ‬رتبة رقيب إداري مستكتب الضبط ‪،‬مماثلة لرتبة رقيب إداري‬
‫‪ ‬رتبة رقيب أول مستكتب الضبط ‪ ،‬مماثلة لرتبة رقيب أول‬
‫‪ ‬رتبة رقيب مستكتب الضبط ‪ ،‬مماثلة لرتبة رقيب‬
‫يتم تعيين مستكتبو الضبط من بين ضباط الصف بالقوات المسلحة الملكية‪ ،‬المرتبين في‬
‫رتبة رقيب على األقل و المتوفرين على ماال يقل عن خمس سنوات من الخدمة الفعلية‬
‫بصفة ضابط صف و البالغيين خمس و عشرين سنة على األقل في تاريخ إجراء المباراة‪.‬‬

‫في نهاية هذا المطلب ال بد أن نشير إلى أن المحكمة العسكرية خالفا للمحاكم العادية‪ ،‬ال‬
‫تتشكل من الرئاسة و النيابة العامة ‪ ،‬فال وجود لرئيس المحكمة وال وجود لقضاة أو كتاب‬

‫‪112‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫الضبط تابعين للرئاسة و أخرون تابعين للنيابة العامة‪ ،‬و ال يوجد ببناية المحكمة العسكرية‬
‫أي مكاتب سواء لقضاة الحكم المدنيين أو للمستشارين العسكريين ‪.119‬‬

‫و هكذا فإن الوكيل العام للملك لدى المحكمة العسكرية يتولى تدبير الشؤون اإلدارية لهذه‬
‫المحكمة‪ ،‬وبذلك يرفع تقريرا سنويا حول حصيلة نشاطه إلى القائد األعلى و رئيس أركان‬
‫الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية‪.120‬‬

‫ويستفيد العسكريون العاملون بالمحكمة العسكرية شأنهم شأن باقي العسكريين من عدة‬
‫ضمانات و خصوصا في المجال القضائي ‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 11‬من القانون رقم‬
‫‪ 12112.01‬على أنه " يستفيد العسكري الذي يكون محل متابعات تأديبية أو قضائية ‪ ،‬على‬
‫الخصوص من الضمانات التالية ‪:‬‬

‫‪……….‬‬

‫في المجال القضائي ‪:‬‬

‫‪ ‬الحق في ضمان محاكمة عادلة ‪.‬‬


‫‪ ‬الحق في الدفاع ‪ ،‬و المساعدة القضائية و فق األحكام التشريعية الجاري بها العمل‪".‬‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬تكوين احملكمة العسكرية‬

‫يختلف تكوين المحكمة العسكرية باختالف الجرائم المعروضة عليها أو المتهم الماثل‬
‫أمامها‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫الخسن البوعيسي ‪ ،‬الوسيط في قانون القضاء العسكري ‪ ،‬دار االمان‪ ،‬الرباط ‪،‬الطبعة األولى ‪، 2011‬ص‪.38‬‬
‫‪120‬‬
‫المادة ‪ 42‬من للنظام األساسي الخاص بالقضاة العسكرين و بالنظام االساسي بالضباط كتابة الضبط و ضباط الصف مستكتبي الضبط و بسن‬
‫أحكام خاصة‪.‬‬
‫‪121‬‬
‫ضهير شريف رقم ‪ 1.12.33‬صادر في ‪ 16‬شوال ‪ 1433‬الموافق ل ‪ 4‬سبتمبر ‪ 2012‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 01.12‬المتعلق بالضمانات األساسية‬
‫الممنوحة للعسكريين بالقوات المسلحة الملكية ‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6085‬بتاريخ ‪ 7‬ذو القعدة ‪ 1433‬الموافق ل ‪ 24‬سبتمبر ‪.2012‬‬

‫‪113‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تكوين المحكمة العسكرية بالنظر للجرائم المرتكبة‬

‫المحكمة العسكرية كما هو معلوم يوجد مقرها بالرباط و تعقد جلساتها بهذا المقر‪،‬لكن يجوز‬
‫أن تعقد جلساتها في أي مكان أخر بقرار من الوكيل العام للملك لدى المحكمة العسكرية‬
‫فعلى سبيل المثال في موقع العمليات أي موقع المعركة أو المناورات العسكرية‪.‬‬

‫وتضم المحكمة العسكرية خمس غرف فقط و هي غرفة الجنح اإلبتدائية العسكرية تختص‬
‫بالنظر ابتدائيا في الجنح و المخالفات المعروضة على المحكمة العسكرية ‪ ،‬وتتشكل هيئتها‬
‫من مستشار بمحكمة االستئناف بصفته رئيسا و من عضوين أحدهما أو كالهما من القضاة‬
‫العسكريين و بحضور وكيل الملك و مساعدة كاتب الضبط ‪.‬‬

‫أما الغرفة الثانية و هي غرفة الجنايات االبتدائية العسكرية تختص بالنظر ابتدائيا في‬
‫الجنايات المعروضة على المحكمة العسكرية ‪ ،‬وتتشكل هيئتها من مستشار بمحكمة‬
‫االستئناف بصفته رئيسا و من عضويين أحدهما مستشار بمحكمة االستئناف و االخر قاض‬
‫عسكري أو مستشار عسكري‪ ،‬و بحضور الوكيل العام للملك لدى المحكمة العسكرية و‬
‫مساعدة كاتب الضبط ‪.‬‬

‫في حين تختص غرفة الجنح االستئنافية بالنظر في االستئنافات المقدمة ضد المقررات‬
‫الصادرة عن غرفة الجنح االبتدائية العسكرية و تبث و هي مكونة من مستشار رئيس غرفة‬
‫بمحكمة االستئناف بصفته رئيسا‪ ،‬و من عضويين أحدهما مستشار بمحكمة االستئناف و‬
‫االخر قاض عسكري أو مستشار عسكري‪ ،‬و بحضور الوكيل العام للملك لدى المحكمة‬
‫العسكرية و مساعدة كاتب الضبط ‪.‬‬

‫أما غرفة الجنايات االستئنافية العسكرية فتختص بالنظر في االستئنافات المقدمة ضد‬
‫المقررات الصادرة عن غرفة الجنايات اإلبتدائية العسكرية ‪ ،‬وتبت و هي مشكلة من‬
‫مستشار رئيس غرفة بمحكمة االستئناف بصفته رئيسا‪ ،‬و من أربعة أعضاء اثنان منهم‬
‫م ستشاران بمحكمة االستئناف‪ ،‬واالخران أحدهما أو كالهما من القضاة العسكريين أو من‬

‫‪114‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫المستشاريين‪ ،‬وبحضور الوكيل العام للملك لدى المحكمة العسكرية و مساعدة كاتب‬
‫الضبط‪.‬‬

‫في حين تختص الغرفة الجنحية العسكرية بالنظر في الطعون المقدمة ضد أوامر و قرارات‬
‫قاضي التحقيق العسكري و طلبات السراح المؤقت و تدابير الوضع تحت المراقبة القضائية‬
‫المقدمة أمامها و بطالن إجراءات التحقيق‪ ،‬وتبت و هي مؤلفة من مستشار رئيس غرفة‬
‫بمحكمة االستئناف بصفته رئيسا‪،‬و من عضويين أحدهما مستشار بمحكمة االستئناف و‬
‫االخر إما قاض عسكري أو مستشار عسكري ‪،‬و بحضور الوكيل العام للملك لدى المحكمة‬
‫العسكرية و مساعدة كاتب الضبط‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تكوين المحكمة العسكرية بالنظر لرتبة المتهم‬

‫تختلف تشكيلة هيئة الحكم بحسب رتبة المتهم سواء من حيت الرئاسة او المستشارين‬
‫العسكريين‬

‫أوال ‪ :‬المستشارون المدنيون المناط بهم رئاسة هيئة الحكم‬

‫تسند رئاسة هيئة الحكم بالنسبة للجنح و المخالفات ابتدائيا إلى مستشار بمحكمة االستئناف‬
‫إذا تعلق األمر بمحاكمة العسكريين و شبه العسكريين المرتبين في درجة ليوتنان كولونيل‬
‫أو أقل ‪،‬أما استئنافيا فتسند الرئاسة إلى مستشار رئيس غرفة بمحكمة االستئناف ‪.‬‬

‫أ ما إذا تعلق األمر بمحاكمة العسكريين أو شبه العسكريين من الرتب السابق ذكرها ‪،‬على‬
‫أفعال تكيف جنايات سواء ابتدائيا أو إستئنافيا فتسند رئاسة الهيئة لمستشار رئيس غرفة‬
‫بمحكمة اإلستئناف ‪.‬‬

‫في حين إذا ما ارتكب فعل يعد جريمة كيفما كان تكييفها القانوني من طرف كولونيل و‬
‫كولونيل ماجور و جنرال‪،‬سواء في المرحلة االبتدائية أو االستئنافية‪ ،‬فإن رئاسة الهيئة تسند‬
‫إلى مستشار رئيس غرفة بمحكمة االستئناف‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫رغم تنصيص المشرع على المستشارين الذين يحق لهم رئاسة الهيئة في المادة ‪ 15‬إال أننا‬
‫نعيب عليه عدم تحديد درجة هؤالء المستشارين باعتبار أن هناك قضاة لهم درجات عليا‬
‫لكن يمارسون بالمحاكم االبتدائية ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬القضاة العسكريون و المستشارون العسكريين‬

‫تختلف تشكيلة الهيئة باختالف رتبة المتهم ا الجنود او ضباط الصف أو الضباط)‪.‬‬

‫‪ )1‬الجنود و ضباط الصف االمادة ‪)16‬‬


‫تبت المحكمة و هي مشكلة من ضابطان لهم رتبة قبطان على األقل فيما يخص الجنح و‬
‫المخالفات ابتدائيا ‪ ،‬أما استئنافيا فتشكل فقط من ضابط واحد‪.‬أما إذا تعلق األمر بالجنايات‬
‫إبتدائيا فتشكل من ضابط واحد و استئنافيا من ضابطان لهم جميعا رتبة كومندان على األقل‬

‫‪ )2‬الضباط إلى رتبة كومندان على االقل االمادة ‪)16‬‬


‫تحدد رتب القضاة العسكريين و المستشارين العسكريين المكونين لهيئة الحكم في القضايا‬
‫المنسوبة إلى الضباط إلى رتبة ليوتنان كولونيل كمايلي ‪:‬‬

‫‪ ‬إذا كان المتهم مالزم ثاني أو مالزم‪،‬فأنذاك تتشكل الهيئة في الجنح و المخالفات ابتدائيا من‬
‫كومندان و قبطان و استئنافيا من كومندان‪ ،‬أما الجنايات فتتشكل ابتدائيا من كومندان أو‬
‫قبطان و استئنافيا من كومندان و قبطان‪.‬‬
‫‪ ‬إذا كان المتهم قبطان فإن الهيئة تتشكل إبتدائيا في الجنح و المخالفات من ليوتنان كولونيل و‬
‫كومندان ‪ ،‬أما استئنافيا فتتشكل من ليوتنان كولونيل أو كومندان ‪،‬في حين تتشكل الهيئة في‬
‫الجنايات ابتدائيا من ليوتنان كولونيل أو كومندان ‪،‬أما استئنافيا فتتشكل من ليوتنان كولونيل‬
‫و كومندان‪.‬‬
‫‪ ‬إذا تعلق األمر بمحاكمة كومندان ارتكب جنحة أو مخالفة تتشكل الهيئة ابتدائيا من كولونيل‬
‫و ليوتنان كولونيل و استئنافيا من كولونيل أو ليوتنان كولونيل‪ ،‬أما إذا ما ارتكب جناية فإن‬
‫الهيئة تتشكل ابتدائيا من كولونيل أو ليوتنان كولونيل و استئنافيا فتتشكل من كولونيل و‬
‫ليوتنان كولونيل‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫‪ ‬إذا كان المتهم ليوتنان كولونيل فتتشكل الهيئة ابتدائيا في الجنح و المخالفات من جنرال أو‬
‫كولونيل ماجور و كولونيل‪،‬و استئنافيا من جنرال أو كولونيل و استئنافيا تتشكل من جنرال‬
‫و كولونيل أو كولونيل ماجور و كولونيل ‪.‬‬
‫فالتحديد الذي اعتمده المشرع هنا في نظرنا غير سليم و خصوصا فيما يتعلق بالجنح و‬
‫المخالفات حيث تتشكل الهيئة ابتدائيا من ضابطين في حين تتشكل استئنافيا من ضابط واحد‬
‫‪،‬حيث كان يستحسن أن يكون العكس ‪.‬‬
‫‪ )3‬الضباط من رتبة كولونيل أو كولونيل ماجور أو جنرال االمادة ‪)18‬‬
‫تتشكل الهيئة إذا ما تعلق األمر بهؤالء الضباط سواء استئنافيا أو ابتدائيا ‪،‬في جميع القضايا‬
‫من ‪:‬‬

‫‪ ‬مستشار رئيس غرفة بمحكمة االستئناف بصفته رئيسا ‪.‬‬


‫‪ ‬مستشارين بمحكمة االستئناف بصفتهما عضوين‪.‬‬
‫‪ ‬عضوين عسكريين أحدهما أو كالهما من القضاة العسكريين أو المستشارين العسكريين‬
‫رتبتهما مماثلة لرتبة المتهم أو أعلى منها‬
‫إذا كان المشرع حدد قواعد محاكمة العسكريين إلى رتبة جنرال دوبريكاد باعتبار ان أعلى‬
‫رتبة في القضاء العسكري هي رتبة جنرال مماثلة لرتبة جنرال دوبريكاد و اشتراطه لمحاكمة‬
‫هؤالء العسكريين أن يكون القاضي من نفس الرتبة أو أعلى ‪،‬يطرح هنا اشكال يتمثل في‬
‫محاكمة العسكريين من رتبة جنرال قائد جحفل و جنرال قائد جيش وجنرال قائد فريق‪،‬باعتبار‬
‫في نهاية هذه الفقرة ال بد لنا من‬ ‫أنه ال وجود لرتبة في القضاء أعلى من هذه الرتب‪.122‬‬
‫التساؤل إذا ما تعلق األمر بمحاكمة عسكري ينتمي إلى وحدة أو مصلحة ذات تراتبية خاصة‬
‫‪،‬ممن تشكل الهيئة؟‬

‫أجاب المشرع على هذا التساؤل في المادة ‪ 19‬من قانون القضاء العسكري حيث نص على‬
‫إمكانية ضم الهيئة الحكم مستشارا عسكريا منتميا إلى هذه الوحدة أو هذه المصلحة تكون رتبته‬
‫أعلى من رتبة العضو العسكري األخر بهيئة الحكم أو مماثلة لها‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫ه ذا االشكال في نظرنا يتشابه مع االشكال المطروح بالنسبة لمحاكمة الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض و الرئيس األول لديها‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫ويطرح تساؤل أخر حين يتعدد المتهمين و يكونون من رتب مختلفة ؟‬

‫باستطالعنا على المادة ‪ 20‬من قانون القضاء العسكري نجد الحل ‪،‬حيث تتألف الهيئة هنا‬
‫من قاض عسكري رتبته أعلى أو مماثلة للرتبة األعلى التي يترتب فيها المتهم‪.‬‬

‫كمالحظة يجب االشارة إلى أن ما ذكرناه آنفا يسري على محاكمة أسرى الحرب‬
‫العسكريين‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬تعيين هيئة الحكم‬

‫يتم تعيين رؤساء هيئات الحكم بالمحكمة العسكرية و أعضاؤها المستشارين بمحاكم‬
‫االستئناف في بداية كل سنة قضائية بقرار للمجلس األعلى للسلطة القضائية‪.‬‬

‫هنا يطرح تساؤل ما الحل إذا ما انتهت مهمة المستشارين و مازالت القضية رائجة أمام‬
‫المحكمة؟‬

‫أجاب المشرع على هذا التساؤل في الفقرة الثانية من المادة ‪ 25‬حيث نص على أنه‬
‫‪":‬يستمر رؤساء هيئات الحكم و أعضائها المستشارون المذكورون أعاله في القيام بمهامهم‬
‫القضائية إلى حين البت في القضايا التي قد ترأسو جلستها األولى أو شاركو في عضويتها"‪.‬‬

‫هذا فيما يخص القضاة المدنين ‪،‬أما القضاة العسكريين فيتم تعينهم من طرف جاللة الملك‬
‫القائد األعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية‪ ،‬بمقتضى مقرر يحدد‬
‫قائمة الضباط المؤهلين للمشاركة في أشغال المحكمة العسكرية بصفتهم مستشارين‬
‫عسكريين ‪،‬وذلك حسب رتبهم و أقدميتهم ‪.‬‬

‫ويقوم الضباط المقيدون في القائمة المذكورة بمهمة المستشارين العسكريين‪ ،‬بصفة متوالية‬
‫و حسب ترتيب تقييدهم في القائمة‪ ،‬إال إذا عاق أحدهم عائق سواء قبل أن يشارك أو أثناء‬
‫المشاركة فيعوض بالضابط الذي يليه‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫املبحث الثاني‪ :‬اختصاصات احملكمة العسكرية‬

‫يعتبر االختصاص بصفة عامة‪ ،‬صالحية المحكمة للبت في قضية معروضة عليها‪ ،‬وينقسم‬
‫هذا األخير إلى اختصاص نوعي ومحلي‪.‬‬

‫فاالختصاص النوعي هو الذي يعطي للمحكمة صالحية البت في نزاع معروض أمامها‬
‫استنادا إلى نوعه وطبيعته‪ ،‬أما بالنسبة لالختصاص المحلي‪ ،‬فهو الذي يخول للمحكمة‬
‫صالحية البت في الدعوى بناء على أساس جغرافي معين‪.‬‬

‫ويعني تحديد اختصاص المحكمة العسكرية تحديد القضايا التي يمكنها النظر فيها‪.‬‬

‫ومن خالل قراءتن ا للمقتضيات التي جاء بها المشرع المغربي حول االختصاصات المسندة‬
‫‪123‬‬
‫أن هذه االختصاصات إما تكون‬ ‫للمحكمة العسكرية في إطار القانون رقم ‪108.13‬‬
‫موضوعية أو شخصية أو محلية‪.‬‬

‫سنتناول في هذا المبحث اختصاص المحكمة العسكرية بالنظر إلى األشخاص الذين تختص‬
‫بهم وكذلك موضوع بعض الجرائم االمطلب األول)‪ ،‬ثم نتناول في االمطلب الثاني)‬
‫االختصاص المحلي وكذلك االستثناءات الواردة على اختصاصات هذه المحكمة‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬االختصاص الشخصي واملوضوعي للمحكمة العسكرية‬

‫يقصد باالختصاص الشخصي للمحكمة العسكرية‪ ،‬األشخاص الذين يمكن متابعتهم أمام هذه‬
‫المحكمة االفقرة األولى)‪ ،‬أما االختصاص الموضوعي للمحكمة العسكرية هو اختصاص‬
‫هذه األخيرة وحدها بالنظر في الجرائم ذات الطبيعة العسكرية االفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬االختصاص الشخصي للمحكمة العسكرية‬

‫إن الحديث عن هذا االختصاص يدفعنا لطرح سؤال‪ :‬على من تسري األحكام الصادرة من‬
‫المحكمة العسكرية؟‬

‫‪ - 123‬ظهير شريف رقم ‪ 1.14.187‬صادر في ‪ 17‬من صفر ‪ 1436‬ا‪ 10‬ديسمبر ‪ )2014‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 108.13‬المتعلق‬
‫بالقضاء العسكري‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6322‬بتاريخ ‪ 9‬ربيع األول ‪ 1436‬افاتح يناير ‪ ،)2015‬ص ‪.5‬‬

‫‪119‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫بمقتضى المادة ‪ 3‬من القانون رقم ‪ 108.13‬المتعلق بالقضاء العسكري‪ ،‬تختص المحكمة‬
‫العسكرية بالنظر في الجرائم العسكرية المنصوص عليها في الكتاب السادس من هذا القانون‬
‫والمرتكبة من قبل العسكريين وشبه العسكريين والذين هم في وضعية الخدمة‪ .‬ثم الجرائم‬
‫المرتكبة من قبل أسرى الحرب أيا كانت صفة مرتكبيها كما جاء المشرع في الفقرتين‬
‫الخامسة والسادسة من نفس المادة إلعطاء توضيح أكثر للعسكريين وشبه العسكريين الذين‬
‫يوجدون في وضعية الخدمة التي جاءت في مدلول البند األول من المادة ‪ 3‬من القانون رقم‬
‫‪.124108.13‬‬

‫ومنه فالمحكمة العسكرية تختص بالنظر في الجرائم التي يرتكبها األشخاص األتي ذكرهم‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬على جميع العسكريين وشبه العسكريين الذين هم في وضعية الخدمة‬

‫‪ - 124‬المادة ‪ 3‬من القانون ‪ 108.13‬المتعلق بالقضاء العسكري‪.‬‬


‫مع مراعاة أحكام المادة ‪ 5‬أدناه‪ .‬تختص المحكمة العسكرية بالنظر في الجرائم التالية‪:‬‬
‫‪ ‬أوال‪ :‬الجننرائم العسننكرية المنصننوص عليهننا فنني الكتنناب السننادس مننن هننذا القننانون والمرتكبننة مننن قبننل العسننكريين وشننبه‬
‫العسكريين المخولة لهم هذه الصفة بموجب نصوص خاصة والذين هم في وضعية الخدمة‪.‬‬
‫‪ ‬ثانيا ‪ :‬الجرائم المرتكبة من قبل أسرى الحرب‪ ،‬أيا كانت صفة مرتكبيها‪.‬‬
‫‪ ‬ثالثا‪ :‬الجرائم المرتكبة في حالة حرب‪ ،‬ضد مؤسسات الدولة أو المرتكبة ضد أمن األشخاص أو األموال إذا ارتكبت لفائندة‬
‫العدو أو كان لها تأثير على القنوات المسنلحة‪ ،‬وجنرائم اإلعنداد لتغيينر النظنام أو االسنتيالء علنى جنزء منن التنراب النوطني‬
‫باستعمال السالح‪ ،‬والجرائم المرتكبة ضد النظم المعلوماتية واالتصاالتية والتطبيقات االلكترونية والمواقع السيرانية التابعة‬
‫للدفاع الوطني‪.‬‬
‫‪ ‬رابعا‪ :‬إذا نص القانون صراحة على ذلك‪.‬‬
‫يعتبر أيضا في وضعية الخدمة في مدلول النبذ األول أعاله‪.‬‬
‫‪ ‬العسكريون الجدد من أي رتبة كانوا‪ ،‬المنتمون إلى القوات المسلحة الملكية‪.‬‬
‫‪ ‬المنخرطون في الجندية‪.‬‬
‫‪ ‬المنخرطون في الجندية من جديد‪.‬‬
‫‪ ‬المسرحون مؤقتا من الجندية بسبب مرض أو عجز بدني أصابهم‪.‬‬
‫‪ ‬العسكريون من مختلف الرتب المتمتعون برخصة غير محددة المدة أو الذين هم في حالة الوضنع رهنن اإلشنارة أو فني‬
‫وضعية االحتياط المستدعون للخدمة من جديد يصفون القنوات المسنلحة الملكينة‪ ،‬وذلنك منن تناريخ تكنوينهم فرقنة قصند‬
‫التحاقهم بالجيش‪ ،‬أو من تاريخ وصولهم إلى المكان المخصص لهم إذا التحقنوا بنه منفنردين إلنى غاينة تناريخ تسنريحهم‬
‫قصد التحاقهم بمنازلهم‪ .‬غير أن هؤالء خارج هذا اإلطنار ال يحناكمون أمنام المحكمنة العسنكرية إال إذا ارتكبنوا جريمنة‬
‫العصيان المنصوص عليها في هذا القانون‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫‪ ) 1‬يقصد بالعسكريين كل أفراد القوات المسلحة الملكية التابعين لألسلحة الثالثة اأرض‪،‬‬
‫جو‪ ،‬بحر)‪ ،‬باإل ضافة إلى رجال الدرك الملكي بالنسبة للجرائم المرتكبة خارج مزاولتهم‬
‫لمهام الشرطتين القضائية واإلدارية‪ ،‬وكذا رجال القوات المساعدة‪.125‬‬

‫ونالحظ بخصوص هذه األخيرة وكما نعلم أن هذه الفئة رجال القوات المساعدة تخضع‬
‫لوزارة الداخلية وليس الجهة المكلفة بالدفاع الوطني‪ ،‬فما هو المعيار الذي اعتمده المشرع‬
‫لجعل هذه الفئة تخضع الختصاص المحكمة العسكرية؟ إذ نسخ قانون القضاء العسكري‬
‫أحكام الفصل ‪ 16‬من الظهير الشريف المتعلق بالنظام األساسي الخاص برجال القوات‬
‫المساعدة‪.126‬‬

‫‪ )2‬يخضع الختصاصات هذه المحكمة جميع األشخاص الذين يشبهون العساكر بموجب‬
‫ظهائر أو مراسيم نظامية والذين هم في حالة قيامهم بخدمتهم‪ ،‬كمثال رجال القوات‬
‫المساعدة‪.‬‬

‫ـ رفعا لكل لبس بشأن وضعية بعض األشخاص الذين ال يمارسون فعال إما بسبب‬
‫المرض أو بسبب تمتعهم برخص أو بعض األسباب األخرى‪ ،‬قد جاء المشرع في الفصل‬
‫على أن بعض األشخاص يعتبرون كقائمين بخدمتهم العسكرية وهم ‪:‬‬

‫‪ ‬العسكريين الجدد المنتمون إلى القوات المسلحة الملكية‪.‬‬


‫‪ ‬المنخرطون في الجندية ا‪.)les engages‬‬
‫‪ ‬المنخرطون من جديد في الجندية‬
‫ـ المسرحون مؤقتا من الجندية ألجل مرض أصابهم أو عجز بدني؛ وهؤالء الجنود‬
‫يكونون في انتظار التسريح النهائي من صفوف القوات المسلحة الملكية‪ ،‬وفي انتظار ذلك‬
‫يعتبرون كقائمين بخدمتهم العسكرية ويخضعون الختصاصات المحكمة العسكرية الدائمة‪.‬‬

‫ـ جميع العسكريون كيفما كانت رتبهم اضباط – ضباط الصف – جنود) في الحاالت‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ - 125‬الحسن البوعيسي‪ ،‬الوسيط في قانون القضاء العسكري‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار األمان‪ ،‬الرباط‪ ،2011 ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪ - 126‬المادة ‪ 222‬من القانون ‪.108.13‬‬

‫‪121‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫‪ ‬إذا كانوا يتمتعون برخصة غير محددة ا‪)Congé illimité‬‬


‫‪ ‬إذا كانوا رهن اإلشارة أو في حالة الوضع رهن التصرف ا ‪Faisant parti‬‬
‫‪)de la disponibilité‬‬
‫يتعلق األمر هنا ببعض الجنود مهما كانت رتبهم والذين يعتبرون في عداد أفراد القوات‬
‫المسلحة الملكية ويمكن تكليفهم في أي قوت وحين بمهام عسكرية محضة‪ ،‬غير أن‬
‫الضرورة اقتضت تكليفهم بمهام ال عالقة لها باألعمال العسكرية وكمثال نذكر‪:‬‬
‫‪ ‬الجندي المعين لخدمة أحد الضباط بمنزله لمدة غير محدودة ا‪)planton‬‬
‫‪ ‬بعض الجنود الذين تسند لهم مهام باإلنعاش الوطني بأية إدارة عمومية‪ ،‬أو المكلفون‬
‫بحراسة بعض الشخصيات المدنية‪.127‬‬
‫‪ ‬إذا كانوا تابعين لجيش الرديف‪ ،128‬ومدعوين من جديد بصفوف القوات‬
‫المسلحة الملكية‪ ،‬وذلك من وقت تأليفهم فرقة قصد التحاقهم بالجيش أو من‬
‫تاريخ وصولهم إلى المكان المخصص لهم إذا التحقوا به منفردين إلى غاية‬
‫تاريخ تسريحهم قصد التحاقهم بمنازلهم‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة أن هؤالء خارج هذا اإلطار ال يحاكمون أمام المحكمة العسكرية إال في‬
‫حالة ارتكابهم لجريمة العصيان المنصوص عليها في الكتاب السادس من القانون المتعلق‬
‫بالقضاء العسكري‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬أسرى الحرب‬

‫إذا ارتكب أحد أسرى الحرب جريمة‪ ،‬سواء كان هذا األسير مدنيا أو عسكريا فإن المحكمة‬
‫العسكرية هي المختصة بالنظر في الجريمة التي اقترفها‪.‬‬

‫لقد نصت المادة ‪ 84‬من اتفاقية جنيف المؤرخة في ‪ 12‬غشت ‪ 1949‬على ما يلي‪:‬‬

‫‪ - 127‬الحسن البوعبسي‪ ،‬الوسيط في قانون القضاء العسكري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪ - 128‬جيش الدريف‪ :‬يتكون من العسكريين الذين غادروا الجيش ومن األشخاص الذين أدو الخدمة العسكرية ويمكن تجنيدهم عند‬
‫الضرورة لدعم القوات المسلحة الملكية‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫"إن محاكمة أسير الحرب من اختصاص المحكمة العسكرية وحدها‪ ،‬ما لم تسمح تشريعات‬
‫الدولة الحاجزة عن المخالفة نفسها التي يالحق أسير الحرب قضائيا بسببها"‪.‬‬

‫ونصت المادة ‪ 87‬من نفس االتفاقية على ما يلي‪" :‬ال يجوز أن يحكم على أسير الحرب‬
‫بواسطة السلطات العسكرية ومحاكم الدولة الحاجزة بأية عقوبات خالف العقوبات المقررة‬
‫عن األفعال ذاتها إذا اقترفها أفراد القوات المسلحة لهذه الدولة"‪.‬‬

‫ومنه وحسب مقتضيات المادة ‪ 3‬من قانون القضاء العسكري تختص المحكمة العسكرية‬
‫بالنظر في الجرائم المرتكبة من قبل أسرى الحرب‪ ،‬أيا كانت صفة مرتكبيها‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة كذلك أن المحكمة العسكرية تختص بالنظر في جميع األفعال التي ينص‬
‫القانون صراحة على اعتبارها من اختصاص هذه المحاكم‪.129‬‬

‫وهذا يدفعنا لطرح سؤال هل يمكن اعتبار هذه إمكانية لخلق نصوص قانونية مستقبال تلغي‬
‫الحدود الموضوعية في هذا القانون وتتجاوز االختصاص المحدد في الجيش؟‬

‫ثالثا‪ :‬األشخاص الخاضعين للخدمة العسكرية في إطار مشروع قانون رقم ‪44-18‬‬

‫تنص المادة السادسة من مشروع قانون رقم ‪ 44-18‬المتعلق بالخدمة العسكرية على أنه "‬
‫يخضع المجندون للقوانين و األنظمة العسكرية‪ ،‬ال سيما القانون رقم ‪ 108-13‬المتعلق‬
‫بالقضاء العسكري‪"...‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬االختصاص الموضوعي للمحاكم العسكرية‬

‫تختص المحكمة العسكرية وحدها بالنظر في الجرائم ذات الطبيعة العسكرية وقد نص‬
‫القانون ‪ 108.13‬المتعلق بالقضاء العسكري على الجرائم العسكرية والعقوبات المقررة لها‬
‫في الكتاب السادس منه‪.‬‬

‫ونذكر من هذه الجرائم‪ ،‬العصيان والفرار من الجندية‪ ،‬ثم الجرائم المرتكبة ضد الواجب‬
‫واالنضباط العسكري‪ ،‬والتمرد العسكري ونبذ الطاعة واالعتداء واإلهانة والثورة‪ ،‬والعطب‬

‫‪ - 129‬أنظر الفقرة ‪ 1‬من المادة ‪ 3‬من القانون ‪.108.13‬‬

‫‪123‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫المتعمد‪ ،‬ثم جريمة االستسالم والجرائم الماسة بنظم المعالجة اآللية للمعطيات والجرائم‬
‫الماسة بنظم ووسائل االتصال التابعة للدفاع الوطني‪ ،‬وغيرها من الجرائم وسنقتصر على‬
‫ذكر بعضها بشيء من التفصيل‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬جريمة العصيان والفرار من الجندية‬

‫‪ 1‬ـ جريمة العصيان‬

‫تنص المادة ‪ 159‬من اق‪.‬ق‪.‬ع)‪" ،‬يعاقب بالحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد وسنة كل‬
‫شخص أدين وقت السلم من أجل العصيان بمقتضى النصوص المتعلقة بالتجنيد في‬
‫الجيش… «‬

‫فجريمة العصيان المنصوص عليها في قانون القضاء العسكري ليست هي جريمة العصيان‬
‫الواردة في الفصل ‪ 300‬من القانون الجنائي "كل هجوم أو مقاومة‪ ،‬بواسطة العنف أو‬
‫اإليذاء ضد موظفي أو ممثلي السلطة العامة القائمين بتنفيذ األوامر أو القرارات الصادرة‬
‫من تلك السلطة‪."...‬‬

‫والمراد من العصيان األول هو رفض االلتحاق بالوحدة العسكرية في إطار التجنيد‪ ،‬بينما‬
‫يقصد من العصيان في القانون الجنائي هو المقاومة ضد موظفي وممثلي السلطة العامة‬
‫أثناء قيامهم بتنفيذ مهامهم‪.‬‬

‫والمشرع المغربي وعيا منه فقد حصر هذه الجريمة في الميدان المتعلق بالتجنيد في الجيش‬
‫ولم يتركه كمصطلح فضفاض حتى ال يتجاوز مفهومه الميدان العسكري‪.‬‬

‫كما أن المشرع جعل لجريمة العصيان عقوبات مختلفة حسب إذا كان مرتكبها قد اقترفها‬
‫أثناء السلم أم أثناء الحرب‪ ،‬ففي الحالة األولى يعاقب العسكريون بخصوص هذه الجريمة‬
‫بالحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد وسنة‪ .‬بينما ترفع العقوبة بين سنتين حبسا وعشر‬
‫سنوات سجنا في الحالة الثانية أي أثناء الحرب أو في مواقع العمليات العسكرية‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫كما يمكن أن تكون مصحوبة بالحرمان من ممارسة حق أو عدة حقوق من بين الحقوق‬
‫المنصوص عليها في الفصل ‪ 40‬من القانون الجنائي لمدة تتراوح بين سنة وعشر سنوات‪.‬‬

‫كما أن العقوبة تختلف حسب إذا كان المتهم ضابطا أو ضابط صف حيث يحكم عليه‬
‫بالخلع‪ 130‬إذا ارتكب الفعل وقت الحرب أو في مواقع العمليات العسكرية‪.‬‬

‫‪2‬ـ جريمة الفرار من الجندية‬

‫لقد عدد المشرع في المادة ‪ 160‬من اق‪.‬ق‪.‬ع) الحاالت التي يكون فيها العسكريين مرتكبين‬
‫لجريمة الفرار من الجندية بالداخل وفي وقت السلم‪ ،‬كالعسكري الذي تغيب عن وحدته بدون‬
‫إذن بعد مرور ستة أيام على معاينة الغياب‪ ،‬غير أن الجندي الذي لم يقضي في الجندية ‪3‬‬
‫أشهر ال يعتبر فارا إال بعد تغيبه مدة شهر واحد وغير ذلك من الحاالت‪.‬‬

‫ونصت المادة ‪ 161‬من اق‪.‬ق‪.‬ع) على الحاالت والعقوبات أثناء الفرار من الجندية إلى‬
‫الخارج وقت السلم بعد انصرام ‪ 3‬أيام على معاينة الغياب‪ ،‬كل عسكري أو شبه عسكري‬
‫تجاوز بغير إذن حدود التراب المغربي أو تخلى خارج المغرب عن الوحدة التي ينتمي‬
‫إليها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬جريمة العطب المتعمد‬

‫يقصد بهذه الجريمة أن العسكري يتعمد إلحاق ضرر بنفسه بشكل يجعله عاجز على أداء‬
‫واجبه العسكري سواء كان ذلك الضرر الذي ألحقه بنفسه مؤقتا أو دائما‪ ،‬وهذا ما نصت‬
‫عليه المادة ‪ 197‬من اق‪.‬ق‪.‬ع) " يعاقب بالحبس لمدة تتراوح بين سنة وخمس سنوات كل‬
‫من ثبت أنه تعمد جعل نفسه غير صالح للخدمة العسكرية بكيفية مؤقتة أو دائمة أو حاول‬
‫ذلك قصد التملص من واجباته العسكرية‪."...‬‬

‫وتصل العقوبة إلى المؤبد إذا كان مقترف الجريمة أمام العدو‪.‬‬

‫‪ - 130‬يقصد بالخلع حرمان المحكوم عليه من رتبته ودرجته وحقه في حمل الشارات العسكرية وارتداء البذلة العسكرية‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫وتضاعف العقوبات إذا كان المشاركون أطباء أو صيادلة او ممرضين ويعاقبون عالوة‬
‫على ذلك بغرامة تتراوح بين ‪ 5000‬و ‪ 10.000‬درهم‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬جريمة االستسالم‬

‫هذه الجريمة خصها المشرع بالقادة العسكريين ويمكن تعريفها أنها تخلي القائد العسكري‬
‫أو من يقوم مقامه‪ ،‬من الدفاع والمقاومة مستسلما إلى العدو مع الوحدة التي يقودها‪.‬‬

‫وقد نصت المادة ا‪ 199‬ق‪.‬ق‪.‬ع)‪" ،‬يعاقب بالسجن المؤبد مع التجريد من الرتبة العسكرية‬
‫كل قائد عسكري أحيل إلى المحكمة بناء على رأي اللجنة المكلفة بمعالجة الملفات التأديبية‬
‫في حالة ثبوت استسالمه أمام العدو أو تسليم الموقع الذي كلف بالدفاع عنه‪ ،‬دون أن يستنفذ‬
‫جميع وسائل الدفاع التي كان يتوفر عليها ودون أن يقوم بكل ما يفرضه عليه الواجب‬
‫والشرف" ولتحقيق هذه الجريمة البد من توفر أركانها‪.‬‬

‫‪ ‬أن يكون الفاعل قائدا عسكريا‪.‬‬


‫‪ ‬استسالم القائد العسكري أمام العدو أو تسليم الموقع الذي كلف بالدفاع عنه‪.‬‬
‫‪ ‬ثبوت عدم استنفاذه جميع وسائل الدفاع المتوفرة لديه‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬االختصاص المحلي للمحكمة العسكرية وحاالت عدم اختصاص المحكمة‬
‫العسكرية بالنسبة لبعض األشخاص‬

‫كما سبقت اإلشارة في البداية أن االختصاص المحلي فهو الذي يخول للمحكمة صالحية‬
‫البت في الدعوى بناءا على أساس جغرافي معين‪ ،‬وهذا ما سنتطرق إليه بالنسبة للمحكمة‬
‫العسكرية االفقرة األولى)‪ ،‬على أن نكرس االفقرة الثانية) للحديث عن بعض الحاالت التي‬
‫ينعدم فيها اختصاص المحكمة العسكرية بالنسبة لبعض األشخاص‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬االختصاص المحلي للمحكمة العسكرية‬

‫هناك محكمة عسكرية متخصصة واحدة تتمركز بمدينة الرباط‪ ،‬لتنظر ابتدائيا وانتهائيا في‬
‫القضايا التي حددها لها المشرع في القانون رقم ‪ 108.13‬المتعلق بالقضاء العسكري‪،‬‬
‫وجاء الكتاب الخامس منه لمقتضيات تتعلق بالمحكمة العسكرية وقت الحرب أو مواقع‬

‫‪126‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫العمليات العسكرية‪ .‬وذلك حسب ما جاء في المادة ا‪ 147‬من ق‪.‬ق‪.‬ع) "تحال وقت الحرب‬
‫أو في مواقع العمليات العسكرية القضايا التي تخضع الختصاص القضاء العسكري إلى‬
‫المحكمة العسكرية التي تعقد جلساتها بموقع العمليات العسكرية وفقا ألحكام المادة ‪ 12‬من‬
‫هذا القانون"‪.131‬‬

‫و منه إن الحديث عن االختصاص المحلي ليست له فائدة كبيرة‪ ،‬بسبب وجود محكمة‬
‫عسكرية واحدة بالمغرب‪ ،‬ومن تم ال يمكن أن يطرح أي تنازع‪ ،‬سواء سلبي أو إيجابي‬
‫لالختصاص وذلك لمعرفة المحكمة المختصة‪ ،‬إال أن هذا االختصاص في نظرنا يثير‬
‫إشكالية‪.‬‬

‫فإذا نظرنا إلى العدد الهائل للجنود المتواجدون في حضيرة القوات المسلحة الملكية على‬
‫الصعيد الوطني فوجود محكمة عسكرية دائمة واحدة غير كافية للبت في كافة القضايا‬
‫المعروضة عليها‪ ،‬ألنه مخالف لمبدأ تقريب القضاء من المتقاضين‪ .‬وفي نظرنا نقترح على‬
‫المشرع أن يقوم بوضع أقسام للمحاكم العسكرية باعتبارها محاكم متخصصة داخل المحكمة‬
‫االبتدائية كما فعل مع أقسام القضاء التجاري والقضاء اإلداري في المشروع المتعلق التنظيم‬
‫القضائيا‪.)38.15‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬حاالت عدم اختصاص المحكمة العسكرية بالنسبة لبعض األشخاص‬

‫لقد جاء المشرع بمجموعة من الحاالت التي ال تدخل ضمن اختصاص المحكمة العسكرية‬
‫والتي جاء منصوص عليها في المواد ‪ 4‬و ‪ 5‬و ‪ 6‬من القانون المتعلق بالقضاء العسكري‬
‫وذلك حسب اآلتي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬جرائم الحق العام المرتكبة من قبل العسكريين وشبه العسكريين‬

‫تنص المادة ‪ 4‬من اق‪.‬ق‪.‬ع) " ال تختص المحكمة العسكرية بالنظر في الجرائم التالية‪:‬‬

‫‪ - 131‬نورة غزالن الشنيوي‪ ،‬التوجهات األساسية لإلصالح الشامل والتعميق لمنظومة العدالة المنتظم القضائي للمحكمة‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪1437‬هـ‪ 2016/‬ص ‪.370‬‬

‫‪127‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫ـ أوال‪ :‬جرائم الحق العام المرتكبة من قبل العسكريين وشبه العسكريين سواء كانوا‬
‫فاعلين أصليين أو مساهمين أو مشاركين‪.‬‬

‫ـ ‪."....‬‬

‫ويقصد بجرائم الحق العام الجرائم التي تمس المجتمع كله وليس المجني عليه وحده‪ ،‬والتي‬
‫يتدخل فيها المجتمع ممثال في النيابة العامة للمطالبة بالحق العام ألن الجاني بارتكابه جنايته‬
‫قد أخل باستقرار المجتمع كله وأمنه وسالمته‪ ،‬وتفرض عقوبة على الجاني‪ ،‬ويتم إحقاق هذا‬
‫الحق على الفاعل حتى ولو تنازل المجني عليه عن حقه الشخصي الناش عن الجريمة‬
‫المرتكبة في حقه من قبل الجاني‪.‬‬

‫ومن كل ذلك وحسب البند األول من المادة ‪ 4‬فالمحكمة العسكرية ال يكون لها االختصاص‬
‫للنظر في الجرائم التي تمس المجتمع كله والتي تزعزع استقراره وأمنه وسالمته‪ ،‬سواء‬
‫ارتكبت من قبل العسكريين وهم األفراد التابعين للقوات المسلحة الملكية أو أشباههم‪ ،‬سواء‬
‫كانوا فاعلين أصليين أو مساهمين أو مشاركين‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الجرائم المرتكبة من قبل الضباط وضباط الصف والدركيين أثناء ممارسة‬
‫مهامهم في إطار الشرطة القضائية أو كشرطة إدارية‬

‫تنص المادة ‪ 4‬اق‪.‬ق‪.‬ع) "ال تختص المحكمة العسكرية بالنظر في الجرائم التالية‪:‬‬

‫ـ ‪"...‬‬

‫ـ ثانيا ‪ :‬الجرائم المرتكبة من قبل الضباط وضباط الصف والدركيين التابعين للدرك‬
‫الملكي أثناء ممارسة مهامهم في إطار الشرطة القضائية أو أثناء ممارسة مهامهم في‬
‫إطار الشرطة اإلدارية‬

‫إن استعمال المشرع عبارة "أثناء ممارسة مهامهم في إطار الشرطة القضائية أو في إطار‬
‫الشرطة اإلدارية" جاء عاما‪ ،‬ومن تم فإن رجال الدرك‪ ،‬سواء كانوا يمارسون الشرطة‬

‫‪128‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫القضائية المدنية أو الشرطة القضائية العسكرية‪ ،‬فإن المحكمة العسكرية ال تكون مختصة‬
‫بالنظر في الجرائم التي يرتكبونها أثناء مزاولتهم لمهام الشرطتين‪.132‬‬

‫ومن جهة أخرى فإن استعمال المشرع عبارة "أثناء" مزاولة الشرطتين القضائية واإلدارية‬
‫وليس عبارة "الجنايات والجنح المتعلقة بممارسة الشرطتين القضائية واإلدارية" يعني أنه‬
‫مهما كانت الجريمة المقترفة‪ ،‬فإن المحكمة العسكرية ال تكون مختصة‪.133‬‬

‫ويبقى من البديهي أنه إذا ارتكب أحد رجال القوات المسلحة الملكية المذكورة في البند الثاني‬
‫من المادة ‪ 4‬جريمة االعتقال التعسفي أو الهجوم على مسكن الغير أو زور أو تستر على‬
‫مجرم‪ ،‬باعتبارها تتعلق بعمل الشرطتين القضائية واإلدارية‪ ،‬فإن االختصاص ال يرجع إلى‬
‫المحكمة العسكرية‪.134‬‬

‫ثالثا‪ :‬المتهمون األحداث الذين يقل سنهم عن ثمانية عشر سنة‬

‫ال تختص المحكمة العسكرية سواء في وقت السلم أو في وقت الحرب في القضايا المتعلقة‬
‫بمتهمين يقل سنهم عن ‪ 18‬سنة وقت ارتكاب الفعل‪ .‬وهو على عكس ما كان في الفصل ‪5‬‬
‫من قانون العدل العسكري الذي كان ينص على عدم اختصاص المحكمة العسكرية في‬
‫القضايا التي يتابع فيها األحداث الذين يقل سنهم عن ‪ 18‬سنة وقت المحاكمة ؛ بمعنى أنه‬
‫عند ارتكاب القاصر جريمة من اختصاص المحكمة العسكرية‪ ،‬وقد تستغرق إجراءات‬
‫البحث أو التحقيق بعض الوقت يجعل القاصر يتجاوز سن ‪ 18‬سنة‪ ،‬فإنه يحاكم أمام‬
‫المحكمة العسكرية باعتبار أن تجاوز من ‪ 18‬سنة وقت المحاكمة كما أن هذه المحكمة كان‬
‫ينعقد لها االختصاص إذا كان القاصر ينتمي إلى جنود أو رعايا دولة عدوة أو محتلة‪.135‬‬

‫‪ -132‬الحسن البوعبسي‪ ،‬الوسيط في قانون القضاء العسكري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪60‬‬
‫‪ - 133‬الحسن البوعبسي‪ ،‬الوسيط في قانون القضاء العسكري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.61‬‬
‫‪ - 134‬قرار عدد ‪ 1/1379‬بتاريخ ‪ 04/7/21‬ملف جنحي عدد ‪ 03/21702‬الصادر عن المجلس األعلى "محكمة النقض" حاليا‪.‬‬
‫"تنص الفقرة الثانية من الفصل الثالث من قانون العدل العسكري على أنه "‪ ...‬ال تجري على ضباط الدرك أحكام المحكمة العسكرية‬
‫في شأن الجنايات والجنح التي يقترفها أثناء تأدية مهمتهم المتعلقة بالشرطة القضائية وبإثبات المخالفات في الشؤون اإلدارية" تكون‬
‫المحكمة العسكرية غير مختصة ويثير المجلس األعلى تلقائيا عدم اختصاصها لتعلقه بالنظام العام‪ .‬اأورده الحسن البوعيسي)‪.‬‬
‫‪ - 135‬الحسن البوعبسي‪ ،‬الوسيط في قانون القضاء العسكري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.62‬‬

‫‪129‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫وبمقارنة النصين ‪ :‬فالمادة ‪ 5‬من اق‪.‬ق‪.‬ع) الجديد جعل االختصاص ال ينعقد للمحاكم‬
‫العسكرية إذا كان المتهم قاصر وقت ارتكاب الفعل كما أن المشرع في هذه المادة حذف‬
‫االستثناء المتمثل في اختصاص المحكمة العسكرية إذا كان القاصر من جنود أو رعايا دولة‬
‫محتلة أو عدوة ‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬االشخاص المدنيين العاملين في خدمة القوات المسلحة الملكية‬

‫من المعلوم أن الجيش يوظف ويستخدم مجموعة من األشخاص المدنيين‪ ،‬سواء في المطاعم‬
‫العسكرية أو مقاصف الضباط أو يوكل إليهم بعض الخدمات كالميكانيك أو الخياطة أو غير‬
‫ذلك من الخدمات‪ ،‬ويحتفظ الموظف أو المستخدم بحالته المدنية‪ ،‬فهؤالء األشخاص ال‬
‫يخضعون الختصاص المحاكم العسكرية ما لم يتعلق األمر بالجرائم المرتكبة ضد أمن‬
‫األشخاص أو األموال‪ .‬إذا ارتكب لفائدة العدو أو كان لها تأثير على القوات المسلحة أثناء‬
‫الحرب‪ ،‬وكذلك في حالة إذا نص القانون صراحة على ذلك‪.136‬‬

‫ويستفاد ذلك من خالل مقتضيات المادة ‪ 6‬من اق‪.‬ق‪.‬ع) " ال تختص المحكمة العسكرية‬
‫بالنظر في األفعال المنسوبة إلى األشخاص المدنيين العاملين في خدمة القوات المسلحة‬
‫الملكية‪ ،‬مع مراعاة احكام المادة ‪ 3‬أعاله"‪.‬‬

‫وبعد انتهاءنا من هذا المبحث الذي تطرقنا من خالله الختصاصات المحكمة العسكرية من‬
‫الناحية الشخصية والموضوعية وكذلك االختصاص المحلي لهذه المحاكم والحاالت التي ال‬
‫ينعقد فيها االختصاص لهذه المحاكم‪.‬‬

‫ال تفوتنا اإلشارة في هذا اإلطار‪ ،‬أنه إذا توبع شخص بارتكابه جريمتين في آن واحد‬
‫أحداهما تدخل ضمن اختصاص المحكمة العسكرية واألخرى يرجع االختصاص فيها إلى‬
‫المحاكم العادية‪ ،‬يحال الشخص أوال إلى المحكمة التي لها عقوبة أشد على إحدى هذه‬

‫‪ - 136‬الحسن البوعبسي‪ ،‬الوسيط في قانون القضاء العسكري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.64-63‬‬

‫‪130‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫الجرائم‪ .‬غير أنه إذا كان للجريمتين نفس العقوبة أو كانت إحداهما جريمة الفرار من‬
‫الجندية يحال المتهم أوال على المحكمة العسكرية‪.137‬‬
‫كذلك إذا ساهم شخص مدني أو شارك مع عسكري أو شبه عسكري في جريمة من‬
‫اختصاصها – أي المحكمة العسكرية – فإنها تفصل القضية وتحيل الطرف المدني إلى‬
‫المحكمة العسكرية التي يمكنها أن تؤجل البث إلى أن تصدر حكما في الموضوع‪.‬‬

‫وإذا تبين للمحكمة العسكرية أن القضية التي تنظر فيها لها ارتباط بقضية رائجة أمام‬
‫المحاكم العادية وال يمكن فصلهما‪ ،‬أمكن للمحكمة العسكرية أن تحيلها إلى المحكمة العادية‬
‫‪138‬‬
‫التي عليها البت في القضية بكاملها‪.‬‬

‫وتنص المادة ‪ 9‬اق‪.‬ق‪.‬ع) أنه يمكن لكل من تضرر مباشرة من جريمة من اختصاصها ‪-‬‬
‫المحكمة العسكرية‪ -‬أن ينتصب طرفا مدنيا أمامها‪.‬‬

‫أما بخصوص تنازع االختصاص ومن هي الجهة التي منحها المشرع حق الفصل فيها‪ .‬فقد‬
‫نصت المادة ‪ 11‬اق‪.‬ق‪.‬ع) على أن محكمة النقض هي التي يرجع لها الحق في الفصل في‬
‫تنازع االختصاص طبقا للحاالت المنصوص عليها في المادة ‪ 261‬من اق‪.‬م‪.‬ج)‪.139‬‬

‫خــــــــاتمة‪:‬‬

‫كخالصة لما جاء في هذا المقال‪ ،‬فالمشرع قد حاول من خالل القانون رقم ‪108.13‬‬
‫المتعلق بالقضاء العسكري‪ ،‬أن يجرد المحكمة العسكرية المغربية من طابعها االستثنائي‪،‬‬
‫إلى طابع التخصص المنسجم مع نص دستور المملكة المغربية الذي نص في الفصل‪127‬‬
‫منه‪ " ،‬تحدث المحاكم العادية و المتخصصة بمقتضى القانون‪ .‬ال يمكن إحداث محاكم‬

‫‪ - 137‬أنظر المادة ‪ 7‬من القانون ‪ 108.13‬المتعلق بالقضاء العسكري‪.‬‬


‫‪ - 138‬أنظر المادة ‪ 8‬من القانون ‪ 108.13‬المتعلق بالقضاء العسكري‪.‬‬
‫‪ - 139‬المادة ‪ 261‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪" :‬يتعين الفصل في تنازع االختصاص في األحوال اآلتية‪:‬‬
‫‪ ‬إذا تمت المتابعة من أجل نفس الفعل في آن واحد أمام محاكم استئناف ومحاكم أخرى‪ ،‬أو أمام عدة قضاة للتحقيق‬
‫‪ ‬إذا أعلنت عدة محاكم من عدم اختصاصها بالنظر في نفس الفعل بمقرر نهائي‪.‬‬
‫‪ ‬إذا أعلنت هيئة الحكم عن عدم اختصاصها بمقرر نهائي بعد أن أحيلت إليها القضية بأمر من قاضي التحقيق أو من الغرفة‬
‫الجنحية‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫استثنائية " ‪ ،‬وهو ما يشكل ضمانة إضافية لتوفير شروط المحاكمة العادلة للمتقاضين‪،‬‬
‫وذلك من خالل تعديل المقتضيات القانونية المتعلقة باالختصاص الشخصي لهذه المحكمة‪،‬‬
‫والذي تم حصره في أفراد القوات المسلحة الملكية‪ ،‬دون المدنيين‪ ،‬مع استبعاد األحداث‬
‫مطلقا من اختصاص المحكمة العسكرية‪.‬‬

‫وفيما يتعلق باالختصاص النوعي‪ ،‬فإن المحكمة العسكرية بموجب القانون رقم ‪108.13‬‬
‫‪،‬لم تعد تختص بالنظر في الجرائم المتعلقة بالحق العام التي يرتكبها العسكريون و أشباههم‬
‫في وقت السلم‪ ،‬وإنما ينحصر مجال اختصاصها في الجرائم العسكرية فقط‪.‬‬

‫ورغم هذه المقتضيات االيجابية التي تضمنها القانون الجديد والذي حظي بترحيب حقوقي‬
‫وطني ودولي واسع‪ ،‬فإن اإلبقاء على القضاء العسكري كباب خاص ملحق بالقوات المسلحة‬
‫الملكية ال ينتمي للباب المتعلق بالسلطة القضائية هو تأكيد على االبقاء على هذا النوع‬
‫االستثنائي من المحاكم‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫دراسات و أبحاث باللغة الفرنسية‬

‫‪133‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

Youssef AIT BAHA

Titulaire d'un Master en Droit des Affaires et Fiscalité

Commissaire Judiciaire auprés de Cour d'appel Ouarzazate

"Les attributions du président du tribunal de

commerce en vertu des dispositions de la Nouvelle loi

sur le bail commercial"

La nouvelle loi sur le bail commercial140 a introduit des nouvelles dispositions


législatives envue de remédier aux lacunesconstatées dans l'application du
l'ancien Dahir remontant à la date du 24 Mai 1955.

La loi a accordé au président du tribunal de commerce des compétences


plus larges. Ainsi son champ d’intervention est devenu plus étendu. C’est la
raison pour laquelle nous estimons nécessaire de s’interroger sur les
principales nouveautés apportée par de la nouvelle loi dans le domaine de
la justice présidentielles? Et dans quelle mesure cette loi pourrait surmonter
et combler les insuffisances de sa prédécesseur ?

140 140
Loi sur le bail commercial N°49-16, publiée dans le B.O en date du 11/08/2016 et entrée en vigueur le 11/02/2017.

134
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

A ce titre, nous allons segmenter cette analyse en deux section :

- Il s’agit En premier lieu de mettre en relief l’analyse portant sur "La nature
de la compétence autorisée au président du tribunal de commerce en vertu
de la loi 49-16" (Section 1).

- Par la suite, nous allons faire apparaitre l’étendue "des grandes


compétences accordées au président du tribunal " (section 2).

Section 1 : La nature des compétences autorisées au président du


tribunal de commerce

Selon les dispositions de l'article 21 de la loi portant la constitution des


tribunaux de commerce, le président du tribunal peut, dans les limites de la
compétence du tribunal, ordonner en référé toutes les mesures qui ne font
l'objet d'aucune contestation sérieuse.

Il est à souligner que les ordonnances en référés ont une nature provisoire
en vertu de l'article 152 du code de procédure civile, elles ne sont pas
obligatoire pour l'action initiale, c'est la raison pour laquelle le tribunal au
fond peut ou ne pas prendre en considération l'ordonnance en référé.

Les dispositions de la loi 49-16,en l’occurrence les attributions allouéesau


président du tribunal de commerce, ont expressémentévoqué que le
président statue en référé, cela montre à l’évidence que la procédure sera

135
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

contradictoire devant lui avec présence du secrétaire greffier selon l'article


149 du code de procédure civile.

Section 2 : Les grandes compétences accordés au président du


tribunal de commerce

La loi précitée a accordé au président du tribunal, entant que juge de


référé, des attributions plus étendues que celles du Dahir du 24 Mai 1955.

Ces attributions se résument comme suit:

Paragraphe 1 : l'expulsion et indemnisation :

 Demande d'expulsion pour destruction-reconstruction :

Selon le paragraphe 4 de l'article 8 de la loi 49-16,la demande


d'expulsion pour ce genre de motif fait partie des cas dont le locataire peut
ne pas demander des indemnités sauf si le locataire prouve que le
propriétaire est responsables des dommages que le local a subis à cause de
l’absence d'intervention du propriétaire pour les réparations nécessitent.

Ainsi, le locataire est tenu d'informer le propriétaire de tousrisques


nécessitent l'intervention de ce dernier pour la protection du local. Si
malgrécela, le propriétaire s’abstient à effectuer des réparations, le locataire

136
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

a le droit de demander au président du tribunal de commerce des indemnités


pour expulsion pour destruction-reconstruction.

En outre, afin de garder ses droits le locataire est obligé d'exprimer au


président du tribunal son désir de revenir au local après la fin des travaux.

Le propriétaire est tenu ainsi en vertu de l'article 13 de la loi 49-16


d'informer le locataire de la date de commencement des travaux.

 Demande d'expulsion pour distension :

Le changement de direction ou l'image du locale loué sans autorisation


de propriétaire constitue l’un des cas ou l'expulsion aura lieu sans
indemnisations.

Toutefois, l'article 16 prévoit quele propriétaire disposedu droit


d'expulser le locataire pour distension du locale sous condition de ne pas
dépasser une année à partir de la date d'expulsion.

Le propriétaire adresse ainsi au président du tribunal de commerce une


demande pour ordonner les indemnités provisoires du locataire et aussi
demander une prolongation de la durée des travaux.

137
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

D’ailleurs, si le propriétaire retarde la livraison du local dans le délai légal


sans motif légitime, le locataire au droit de s’adresser au président du tribunal
avec une demande pour avoir des indemnités en totalité.

Dans ce cas, le président statu en vertu de l'article 7 pour arrêter le


montant des indemnités en prenant en considération la valeur du fonds de
commerce , les réparations effectuées par le locataire, le manque à gagner
causé par la perte des clients ainsi que les frais de déplacement.

Paragraphe 2 : Compétences d'octroi l'autorisation du changement de


l'activité commerciale :

Les parties peuvent convenir, dans le contrat, la nature et le genre de


l'activité commerciale qui va être exercé au sein du local. Dans ce cas, c’està
cause de plusieurs considérations d’ordre personnelle, économiques, ou
sociale ou autres, le locataire entend changer l'activité commerciale déjà
convenu initialement, dans ce cas le locataire est tenu:

 d’informer le propriétaire pour avoir son autorisation.

 il doit s'adresser au président du tribunal avec une demande à cet effet


en accompagnant del’autorisation délivrée par de propriétaire.

138
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

Si le propriétaire a exprimé son refus même si il est informé du


changement que le locataire entend envisager, le locataire s'adresse au
président du tribunal de commerce avec une demande en pouvant que le
propriétaire est informé.

En conséquence, le président du tribunal statue en la matière on


ordonnant la modification de la clause déterminant l'activité commerciale en
accordant l’autorisation d'exercer la nouvelle activité en question.
Paragraphe3: Compétences en ce qui concerne la restitution des locaux

Selon les dispositions l'article 32 de la loi 49-16précitée, le propriétaire a


le droit de s'adresser au président du tribunal de commerce pour demander
la restitution de son local après une fermeture qui dépasse 6 mois.

Cette demande doit être accompagnée du :

 contrat de bail commercial ;

 P.V d’huissier de justice constatant que le local est fermé depuis 6 mois ;

 une mise en demeure adressée au locataire pour payer ce qui doit et


d'ouvrir le local.

Avant de statuer, le président du tribunal de commerce entame une


enquête en vue d’avoir des preuves concrètes en la matière, puis il ordonne

139
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

la rédaction d'un P.V qui va décrire tous les éléments que contient le local. Si
l'absence du locataire continu en dépassant 6 mois, le contrat est résilié par
la force de la loi.

Mais si le locataire apparu avant les 6 mois signalé au-dessus, le


président du tribunal de commerce ordonne à lui un délai des 15 jours pour
payer ce qui doit et de continuer son activité commerciale.

Conclusion :

Pour conclure, on peut dire que la nouvelle loi 49-16 a procuré un champ
d’intervention plus vaste au président du tribunal de commerce
contrairement aux dispositions du Dahir du 24/5/1955 modifié et remplacé.

140
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫نصوص قانونية‬

‫محاربة العنف ضد النساء‬

‫‪141‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 1.18.19‬صادر في ‪ 5‬جمادى اآلخرة‬


‫‪ 1439‬ر‪ 22‬فبراير ‪ 2018‬بتنفيذ القانون رقم ‪103.13‬‬
‫‪141‬‬
‫المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‬
‫الحمد هلل وحده‪،‬‬
‫الطابع الشريف ‪ -‬بداخله ‪:‬‬
‫(محمد بن الحسن بن محمد بن يوسف هللا وليه)‬

‫يعلم من ظهيرنا الشريف هذا‪ ،‬أسماه هللا و أعزه أمره أننا‪:‬‬


‫بناء على الدستور وال سيما الفصلين ‪ 42‬و‪ 50‬منه‪،‬‬
‫أصدرنا أمرنا الشريف بما يلي‪:‬‬
‫ينفذ وينشر بالجريدة الرسمية‪ ،‬عقب ظهيرنا الشريف هذا‪ ،‬القانون رقم ‪103.13‬‬
‫المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‪ ،‬كما وافق عليه مجلس النواب ومجلس‬
‫المستشارين‪.‬‬

‫وحرر بالرباط في ‪ 5‬جمادى ‪ 22( 1439‬فبراير ‪.)2018‬‬

‫وقعه بالعطف‪:‬‬
‫رئيس الحكومة‪،‬‬
‫اإلمضاء‪ :‬سعد الدين العثماني‪.‬‬

‫‪ -141‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6655‬بتاريخ ‪ 23‬جمادى اآلخرة ‪ 1439‬ا‪ 12‬مارس ‪ ،)2018‬ص ‪.1449‬‬

‫‪142‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫قانون رقم ‪ 103.13‬يتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‬

‫الباب األول‪ :‬تعريف‬

‫المادة األولى‬
‫من‌أجل‌تطبيق‌أحكام‌هذا‌القانون‪‌،‬يراد‌بما‌يلي‪‌:‬‬
‫العنف ‌ضد ‌المرأة‪‌ :‬كل ‌فعل ‌مادي ‌أو ‌معنوي ‌أو ‌امتناع ‌أساسه ‌التمييز ‌بسبب‌‬
‫الجنس‪‌،‬يترتب‌عليه‌ضرر‌جسدي‌أو‌نفسي‌أو‌جنسي‌أو‌اقتصادي‌للمرأة؛‌‬
‫العنف‌الجسدي‪‌:‬كل‌فعل‌أو‌امتناع‌يمس‪‌،‬أو‌من‌شأنه‌المساس‪‌،‬بالسالمة‌الجسدية‌‬
‫للمرأة‪‌،‬أيا‌كان‌مرتكبه‌أو‌وسيلته‌أو‌مكان‌ارتكابه؛‬
‫العنف ‌الجنسي‪‌:‬كل‌قول‌أو‌فعل‌أو‌استغالل‌من‌شأنه‌المساس‌بحرمة‌جسد‌المرأة‌‬
‫ألغراض‌جنسية‌أو‌تجارية‪‌،‬أيا‌كانت‌الوسيلة‌المستعملة‌في‌ذلك‪‌.‬‬
‫العنف‌النفسي‪‌:‬كل‌اعتداء‌لفظي‌أو‌إكراه‌أو‌تهديد‌أو‌إهمال‌أو‌حرمان‪‌،‬سواء‌كان‌‬
‫بغض‌المس‌بكرامة‌المرأة‌وحريتها‌وطمأنينتها‪‌،‬أو‌بغرض‌تخويفها‌أو‌ترهيبها‪‌.‬‬
‫العنف‌االقتصادي‪‌:‬كل‌فعل‌أو‌امتناع‌عن‌فعل‌ذي‌طبيعة‌اقتصادية‌أو‌مالية‌يضر‪‌،‬‬
‫أو‌من‌شأنه‌أن‌يضر‪‌،‬بالحقوق‌االجتماعية‌أو‌االقتصادية‌للمرأة‪‌.‬‬

‫الباب الثاني‪ :‬أحكام زجرية‬

‫المادة ‪2‬‬
‫تغير‌وتتمم‌على‌النحو‌التالي‌أحكام‌الفصول‌‪‌ 404‬و‪‌ 431‬و‪‌ 446‬و‪‌ 481‬و‪‌503-1‬‬
‫من ‌مجموعة ‌القانون ‌الجنائي ‌المصادق ‌عليه ‌بالظهير ‌الشريف ‌رقم ‌‪‌1.59.413‬‬
‫بتاريخ ‌‪‌ 28‬من ‌جمادى ‌اآلخرة ‌‪‌ 26(‌ 1382‬نوفمبر ‌‪‌ )1962‬كما ‌وقع ‌تغييره‌‬
‫وتتميمه‪‌:142‬‬

‫‪ -142‬ظهير شريف رقم ‪ 1.59.413‬صادر في ‪ 28‬جمادى الثانية ‪ 1382‬ا‪ 26‬نونبر ‪ )1962‬بالمصادقة على‬
‫مجموعة القانون الجنائي‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 2640‬مكرر بتاريخ ‪ 12‬محرم ‪ 1383‬ا‪ 5‬يونيو ‪ ،)1963‬ص‬
‫‪ ،1253‬كما تم تغييره وتتميمه‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫الفصل ‌‪‌ -.‌ 404‬يعاقب ‌كل‪‌ ......................................‬العنف ‌أو ‌اإليذاء ‌ضد‌‬


‫امرأة‌بسبب‌جنسها‌أو‌ضد‌امرأة‌حامل‪‌،‬إذا‌كان‌حملها‌بينا‌أو‌معلوما‌لدى‌الفاعل‪‌‌،‬‬
‫أو ‌في ‌وضعية ‌إعاقة ‌أو ‌معروفة ‌بضعف ‌قواها ‌العقلية‪‌ ،‬أو ‌ضد ‌أحد ‌األصول ‌أو‌‬
‫ضد‌كافل‌أو‌ضد‌زوج‌أو‌خاطب‪‌،‬أو‌ضد‌شخص‌له‌والية‌أو‌سلطة‌عليه‌أو‌مكلف‌‬
‫برعايته‌أو‌ضد‌طليق‌أو‌بحضور‌أحد‌األبناء‌أو‌أحد‌الوالدين‌كما‌يلي‪‌:‬‬
‫‪ .1‬في‌الحاالت‌(الباقي‌بدون‌تغيير)‬
‫"الفصل‌‪‌ -‌ 431‬من‌أمسك‌عمدا‪‌ ...........................‬ألي‌خطر‪‌،‬يعاقب‌بالحبس‌‬
‫من‌ثالثة‌أشهر‌إلى‌سنتين‌وغرامة‌من‌‪‌2.000‬إلى‌‪‌10.000‬درهم‪‌.‬‬
‫تضاعف ‌العقوبة‪‌ ،‬إذا ‌كان ‌مرتكب ‌الجريمة ‌زوجا ‌أو ‌خاطبا ‌أو ‌طليقا ‌أو ‌أحد‌‬
‫األصول‌أو‌أحد‌الفروع‌أو‌أحد‌اإلخوة‌أو‌كافال‌أو‌شخصا‌له‌والية‌أو‌سلطة‌على‌‬
‫الضحية‌أو‌مكلفا‌برعايته‪‌،‬أو‌إذا‌كان‌ضحية‌الجريمة‌قاصر‌أو‌في‌وضعية‌إعاقة‌‬
‫أو‌معروفة‌بضعف‌قواها‌العقلية‪‌،‬وكذا‌في‌حالة‌العود‪‌".‬‬
‫"الفصل ‌‪‌ –‌ 446‬األطباء ‌والجراحون ‌‪‌ ................................‬عشرين ‌ألف‌‬
‫درهم‪‌.‬‬
‫غير‌أن‌األشخاص‪..............................................‬في‌الفقرة‌السابقة‪‌:‬‬
‫‌عن‌‬ ‫‌بلغوا‬ ‫‪ .1‬إذا‬
‫إجهاض‪.................................................................‬بهذا‌‬
‫التبليغ؛‬
‫‌السلطات‌‬ ‫‌بلغوا‬ ‫‪ .2‬إذا‬
‫القضائية‪.........................................................‬أو‌وظيفتهم‪.‬‬
‫إذا ‌استدعي‪‌ ...................................‬في ‌الفقرة ‌أعاله‪‌ ،‬فإنهم ‌يكونون ‌ملزمين‌‬
‫باإلدالء‌بشهاداتهم‪‌،‬ويجوز‌لهم‪‌،‬عند‌االقتضاء‪‌،‬اإلدالء‌بها‌كتابة‪‌".‬‬
‫"الفصل‌‪‌ -‌ 481‬إلى‌جانب‌المحاكم‪.......................................‬المستحق‌للنفقة‌‬
‫أو ‌المطرود ‌من ‌بيت ‌الزوجية‪‌ ،‬تختص ‌هي ‌أيضا ‌بالنظر ‌في ‌الدعاوى ‌المرفوعة‌‬
‫تنفيذا‌لمقتضيات‌الفصول‌‪‌479‬و‪‌480‬و‌‪‌،480-1‬‬

‫‪144‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫ال ‌يجوز ‌رفع ‌هذه ‌الدعاوى‪‌ ،‬إال ‌بناء ‌على‌شكاية ‌من ‌الشخص ‌المطرود ‌من ‌بيت‌‬
‫الزوجية‌أو‌الشخص‌المهمل‌أو‌المستحق‌‪‌...........‬من‌طرف‌النيابة‌العامة‌عندما‌‬
‫يكون‌النائب‌الشرعي‪‌..................‬للجريمة‪‌،‬‬
‫يجب‌أن‌يسبق‌المتابعة‪‌،‬إعذار‌المحكوم‌عليه‌بالنفقة‌بأن‌يقوم‌بما‌عليه‌في‌ظرف‌‬
‫ثالثين‌يوما‪‌،‬‬
‫ويتم‌هذا‌‪‌............................‬وذلك‌بناء‌على‌تعليمات‌من‌النيابة‌العامة‪‌،‬‬
‫إذا‌كان‌المحكوم‌عليه‌هاربا‌أو‪‌.....................................‬االستجواب"‪‌.‬‬
‫"الفصل ‌‪‌ -.503-1‬يعاقب ‌بالحبس ‌من ‌سنة ‌إلى ‌ثالث ‌سنوات ‌وبالغرامة ‌من‌‬
‫‪..................................‬جنسية‪‌".‬‬
‫المادة ‪3‬‬
‫يغير ‌على‌النحو‌التالي‌عنوان‌الفرع‌السابع‌من‌الباب‌الثامن‌من‌الكتاب‌الثالث‌من‌‬
‫مجموعة‌القانون‌الجنائي‌المشار‌إليها‌أعاله‪‌:‬‬
‫الفرع‌‪‌:7‬‬
‫في‌االستغالل‌الجنسي‌وفي‌إفساد‌الشباب‪‌.‬‬
‫المادة ‪4‬‬
‫تتمم ‌على ‌النحو ‌التالي ‌أحكام ‌الفصلين ‌‪‌ 61‬و ‌‪‌ 407‬من ‌مجموعة ‌القانون ‌الجنائي‌‬
‫المشار‌إليها‌أعاله‪‌:‬‬
‫"الفصل‌‪‌-.61‬التدابير‌الوقائية‌الشخصية‌هي‪‌:‬‬
‫‪ -1‬االقصاء؛‬
‫‪...........‬‬
‫‪ -9‬سقوط الحق في الوالية الشرعية على األبناء؛‬
‫‪ -10‬منع المحكوم عليه من االتصال بالضحية؛‬
‫‪ -11‬إخضاع المحكوم عليه لعالج نفسي مالئم‪".‬‬

‫‪145‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫" ‌الفصل ‌‪‌ -.‌ 407‬من ‌ ساعد‪........................................................‬إلى‌‬


‫خمس‪‌.‬‬
‫تضاعف‌العقوبة‌إذا‌ارتكبت‌الجريمة‌ضد‌قاصر‌أو‌ضد‌امرأة‌بسبب‌جنسها‪‌،‬أو‌‬
‫من ‌طرف ‌أحد ‌الزوجين ‌في ‌حق ‌الزوج ‌اآلخر‪‌ ،‬أو ‌إذا ‌ارتكبت ‌من ‌طرف ‌أحد‌‬
‫الفروع ‌أو ‌أحد ‌األصول ‌أو ‌الكافل ‌أو ‌الطليق ‌أو ‌الخاطب ‌أو ‌شخص ‌له ‌والية ‌أو‌‬
‫سلطة‌على‌الضحية‌أو‌مكلف‌برعايتها‪‌".‬‬
‫المادة ‪5‬‬
‫تتمم‌على‌النحو‌التالي‌أحكام‌مجموعة‌القانون‌الجنائي‌المشار‌إليها‌أعاله‌بالفصول‌‬
‫‪‌ 88-1‬و‪‌ 88-2‬و‪‌ 88-3‬و‪‌ 323-1‬و‪‌ 323-2‬و‪‌ 429-1‬و‪‌ 436-1‬و‪‌ 444-1‬و‪‌444-2‬‬
‫و‪‌ 447-1‬و‪‌ 447-2‬و‪‌ 447-3‬و‪‌ 480-1‬و‪‌ 481-1‬و‪‌ 503-1-1‬و‪‌ 503-1-2‬و‪-2-1‬‬
‫‪‌503‬و‪‌:526-1‬‬
‫"الفصل ‌‪‌ -.88-1‬في ‌حالة ‌اإلدانة ‌من ‌أجل ‌جرائم ‌التحرش ‌أو ‌االعتداء ‌أو‌‬
‫االستغالل‌الجنسي‌أو‌سوء‌المعاملة‌أو‌العنف‌ضد‌المرأة‌أو‌القاصرين‪‌،‬أيا‌كانت‌‬
‫طبيعة‌الفعل‌أو‌مرتكبه‪‌،‬يمكن‌للمحكمة‌الحكم‌بما‌يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬منع ‌المحكوم ‌عليه ‌من ‌االتصال ‌بالضحية ‌أو ‌االقتراب ‌من ‌مكان‌‬
‫تواجدها‪‌،‬أو‌التواصل‌معها‌بأي‌وسيلة‪‌،‬لمدة‌ال‌تتجاوز‌خمس‌سنوات‌‬
‫ابتداء‌من‌تاريخ‌انتهاء‌العقوبة‌المحكوم‌بها‌عليه‌أو‌من‌تاريخ‌صدور‌‬
‫المقرر‌القضائي‪‌،‬إذا‌كانت‌العقوبة‌السالبة‌للحرية‌المحكوم‌بها‌موقوفة‌‬
‫التنفيذ‌أو‌غرامة‌فقط‌أو‌عقوبة‌بديلة؛‬
‫‪ .2‬يضع ‌الصلح ‌المبرم ‌بين ‌الزوجين ‌حدا ‌التنفيذ ‌المنع ‌من ‌االتصال‌‬
‫بالضحية؛‬
‫‪ .3‬خضوع‌المحكوم‌عليه‪‌،‬خالل‌المدة‌المشار‌إليها‌في‌البند‌(‪‌)1‬أعاله‌أو‌‬
‫أثناء‌تنفيذ‌العقوبة‌السالبة‌للحرية‪‌،‬لعالج‌نفسي‌مالئم‪.‬‬
‫يمكن‌أن‌يتضمن‌المقرر‌القضائي‌بالمؤاخذة‌األمر‌بتنفيذ‌هذا‌التدبير‌مؤقتا‪‌،‬بالرغم‌‬
‫من‌استعمال‌أي‌طريق‌من‌طرق‌الطعن‪‌.‬‬
‫يجوز‌للمحكمة‌أن‌تحكم‌بمنع‌المحكوم‌عليه‌من‌االتصال‌بالضحية‌أو‌االقتراب‌من‌‬
‫مكان‌تواجدها‌أو‌التواصل‌معها‌بصفة‌نهائية‪‌،‬على‌أن‌تعلل‌قرارها‌بهذا‌الشأن‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫الفصل ‌‪‌ -.‌ 88-2‬يعد ‌الطبيب ‌المعالج ‌تقريرا ‌عن ‌تطور ‌حالة ‌المحكوم ‌عليه‌‬
‫بالخضوع‌للعالج‪‌،‬كل‌ثالثة‌أشهر‌على‌األقل‌ويوجهه‌إلى‌قاضي‌تطبيق‌العقوبات‪‌،‬‬
‫للتأكد‌من‌تحسن‌سلوكه‌وتفادي‌عودته‌إلى‌نفس‌األفعال‌التي‌أدين‌من‌أجلها‪‌.‬‬
‫إذا‌استقر‌رأي‌الطبيب‌المعالج‌على‌إنهاء‌هذا‌التدبير‌قبل‌الوقت‌المحدد‌له‌فإنه‪‌،‬‬
‫يخطر‌قاضي‌تطبيق‌العقوبات‌بواسطة‌تقرير‌منفصل‌يبرر‌ذلك‪‌.‬‬
‫يجب‌إشعار‌الضحية‌بنتيجة‌تقرير‌الطبيب‌المعالج‌بقرار‌القاضي‌المكلف‌بتطبيق‌‬
‫العقوبة‪‌.‬‬
‫"الفصل ‌‪‌ -.‌ 88-3‬يجوز ‌للنيابة ‌العامة ‌أو ‌لقاضي ‌التحقيق‪‌ ،‬أو ‌للمحكمة ‌عند‌‬
‫االقتضاء‌أو‌بطلب‌من‌الضحية‌في‌حالة‌المتابعة‌من‌أجل‌الجرائم‌المشار‌إليها‌في‌‬
‫الفصل ‌‪‌ 88-1‬أعاله‪‌ ،‬األمر ‌بمنع ‌الشخص ‌المتابع ‌من ‌االتصال ‌بالضحية ‌أو‌‬
‫االقتراب‌من‌مكان‌تواجدها‪‌،‬أو‌التواصل‌معها‌بأي‌وسيلة‪‌،‬ويبقى‌هذا‌األمر‌ساريا‌‬
‫إلى‌حين‌بت‌المحكمة‌في‌القضية‪‌.‬‬
‫الفصل‌‪‌-‌323-1‬يعاقب‌بالحبس‌من‌ستة‌أشهر‌إلى‌سنتين‌وغرامة‌من‌‪‌2.000‬إلى‌‬
‫‪‌ 20.000‬درهم ‌أو ‌بإحدى ‌هاتين ‌العقوبتين‪‌ ،‬من ‌خرق ‌تدبير ‌المنع ‌من ‌االتصال‌‬
‫بالضحية‌أو‌االقتراب‌منها‌أو‌التواصل‌معها‌بأي‌وسيلة‪‌،‬أو‌رفض‌الخضوع‌لعالج‌‬
‫نفسي‌مالئم‌تطبيقا‌للفصول‌‪‌88-1‬و‪‌88-3‬أعاله‪‌.‬‬
‫"الفصل ‌‪‌ -.323-2‬يعاقب ‌بالحبس ‌من ‌شهر ‌إلى ‌ثالثة ‌أشهر ‌وغرامة ‌من ‌‪‌5000‬‬
‫إلى ‌‪‌ 20.000‬درهم ‌أو ‌بإحدى ‌هاتين ‌العقوبتين ‌فقط ‌على ‌مخالفة ‌تدابير ‌الحماية‌‬
‫المشار‌إليها‌في‌المادة‌‪‌82-5-2‬من‌قانون‌المسطرة‌الجنائية‪‌".‬‬
‫"الفصل ‌‪‌ -.429-1‬تضاعف ‌العقوبة ‌المنصوص ‌عليها ‌في ‌الفصول ‌‪‌ 425‬و‪‌426‬‬
‫و‪‌ 427‬و‪‌ 429‬من‌هذا‌القانون‪‌،‬إذا‌كان‌مرتكب‌الجريمة‌أحد‌الزوجين‌ضد‌الزوج‌‬
‫اآلخر ‌أو ‌الطليق ‌أو ‌الخاطب‪‌ ،‬أو ‌أحد ‌األصول ‌أو ‌أحد ‌الفروع ‌أو ‌أحد ‌اإلخوة ‌أو‌‬
‫كافال‌أو‌شخصا‌له‌والية‌أو‌سلطة‌على‌الضحية‌أو‌مكلفا‌برعايته‪‌،‬وكذا‌في‌حالة‌‬
‫العود‪‌،‬أو‌إذا‌كان‌ضحية‌الجريمة‌قاصرا‌أو‌في‌وضعية‌إعاقة‌أو‌معروفة‌بضعف‌‬
‫قواها‌العقلية‪‌.‬‬

‫‪147‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫"الفصل‌‪‌ -.436-1‬إذا‌ارتكب‌االختطاف‌أو‌االحتجاز‌من‌طرف‌أحد‌الزوجين‌أو‌‬
‫الطليق ‌أو ‌الخاطب ‌أو ‌أحد ‌األصول ‌أو ‌أحد ‌الفروع ‌أو ‌أحد ‌اإلخوة ‌أو ‌الكافل ‌أو‌‬
‫شخص‌له‌والية‌أو‌سلطة‌على‌الضحية‌أو‌مكلف‌برعايته‌أو‌إذا‌تعرض‌الضحية‌‬
‫لعنف‌آخر‌كيفما‌كان‌نوعه‌ترفع‌العقوبة‌السالبة‌للحرية‌إلى‪‌:‬‬
‫‪ .1‬السجن ‌من ‌عشر ‌إلى ‌عشرين ‌سنة‪‌ ،‬في ‌الحالة ‌المنصوص ‌عليها ‌في‌‬
‫الفقرة‌األولى‌من‌الفصل‌‪‌436‬من‌هذا‌القانون؛‬
‫‪ .2‬السجن ‌من ‌عشرين ‌إلى ‌ثالثين ‌سنة‪‌ ،‬في ‌الحالة ‌المنصوص ‌عليها ‌في‌‬
‫الفقرة‌الثانية‌من‌الفصل‌‪‌436‬من‌هذا‌القانون‪‌.‬‬
‫"الفصل ‌‪‌ -.444-1‬يعاقب ‌على ‌السب ‌المرتكب ‌ضد ‌المرأة ‌بسبب ‌جنسها ‌بغرامة‌‬
‫مالية‌من‌‪‌12.000‬إلى‌‪‌60.000‬درهم"‌‬
‫"الفصل ‌‪‌ -.444-2‬يعاقب ‌على ‌القذف ‌المرتكب ‌ضد ‌المرأة ‌بسبب ‌جنسها ‌بغرامة‌‬
‫من‌‪‌12.000‬إلى‌‪‌120.000‬درهم"‌‬
‫"الفصل ‌‪‌ -.447-1‬يعاقب ‌بالحبس ‌من ‌ستة ‌أشهر ‌إلى ‌ثالث ‌سنوات ‌وغرامة ‌من‌‬
‫‪‌ 2.000‬إلى‌‪‌ 20.000‬درهم‪‌،‬كل‌من‌قام‌عمدا‪‌،‬وبأي‌وسيلة‌بما‌في‌ذلك‌األنظمة‌‬
‫المعلوماتية‪‌،‬بالتقاط‌أو‌تسجيل‌أو‌بث‌أو‌توزيع‌أقوال‌أو‌معلومات‌صادرة‌بشكل‌‬
‫خاص‌أو‌سري‪‌،‬دون‌موافقة‌أصحابها‪‌.‬‬
‫يعاقب‌بنفس‌العقوبة‪‌،‬من‌قام‌عمدا‌وبأي‌وسيلة‪‌،‬بتثبيت‌أو‌تسجيل‌أو‌بث‌أو‌توزيع‌‬
‫صورة‌شخص‌أثناء‌تواجده‌في‌مكان‌خاص‪‌،‬دون‌موافقته‪‌.‬‬
‫"الفصل ‌‪‌ -.447-2‬يعاقب ‌بالحبس ‌من‌سنة ‌واحدة ‌إلى ‌ثالث ‌سنوات ‌وغرامة ‌من‌‬
‫‪‌ 2.000‬إلى ‌‪‌ 20.000‬درهم‪‌ ،‬كل ‌من ‌قام ‌بأي ‌وسيلة ‌بما ‌في ‌ذلك ‌األنظمة‌‬
‫المعلوماتية‪‌ ،‬ببث ‌أو ‌توزيع ‌تركيبة ‌مكونة ‌من ‌أقوال ‌شخص ‌ ‌أو ‌صورته‪‌ ،‬دون‌‬
‫موافقته‪‌ ،‬أو ‌قام ‌ببث ‌أو ‌توزيع ‌ادعاءات ‌أو ‌وقائع ‌كاذبة‪‌ ،‬بقصد ‌المس ‌بالحياة‌‬
‫الخاصة‌لألشخاص‌أو‌التشهير‌بهم‪‌".‬‬
‫"الفصل‌‪‌ -.447-3‬يعاقب‌بالحبس‌من‌سنة‌واحدة‌إلى‌خمس‌سنوات‌وغرامة‌من‌‬
‫‪‌5.000‬إلى‌‪‌50.000‬درهم‪‌،‬إذا‌ارتكبت‌األفعال‌المنصوص‌عليها‌في‌الفصلين‌‪-1‬‬
‫‪‌ ‌ 447‬و‪‌ 447-2‬في ‌حالة‌العود‌وفي‌حالة‌ارتكاب‌الجريمة‌من‌طرف‌الزوج‌أو‌‬

‫‪148‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫الطليق‌أو‌الخاطب‌أو‌أحد‌األصول‌أو‌الكافل‌أو‌شخص‌له‌والية‌أو‌سلطة‌على‌‬
‫الضحية‌أو‌مكلف‌برعايتها‌أو‌ضد‌امرأة‌بسبب‌جنسها‌أو‌ضد‌قاصر‪‌.‬‬
‫"الفصل ‌‪‌ -.480-1‬يعاقب ‌بالحبس ‌من ‌شهر ‌واحد ‌إلى ‌ثالثة ‌أشهر ‌وغرامة ‌من‌‬
‫‪‌ 2.000‬إلى ‌‪‌ 5.000‬درهم‪‌ ،‬عن ‌الطرد ‌من ‌بيت ‌الزوجية ‌أو ‌االمتناع ‌عن‌إرجاع‌‬
‫الزوج‌المطرود‌من‌بيت‌الزوجية‪‌،‬وفقا‌لما‌هو‌منصوص‌عليه‌في‌المادة‌‪‌ 53‬من‌‬
‫مدونة‌األسرة‪‌،‬وتضاعف‌العقوبة‌في‌حالة‌العود‪‌.‬‬
‫"الفصل ‌‪‌ -.481-1‬في ‌الحاالت ‌المنصوص ‌عليها ‌في ‌الفصول ‌‪‌ 479‬و‪‌ 480‬و‪-1‬‬
‫‪‌ 480‬من‌هذا‌القانون‪‌،‬فإن‌تنازل‌المشتكي‌عن‌الشكاية‌يضع‌حدا‌للمتابعة‌وآلثار‌‬
‫المقرر‌القضائي‌المكتسب‌لقوة‌الشيء‌المقضي‌به‌في‌حالة‌صدوره‪‌".‬‬
‫"الفصل‌‪‌ -.503-1-1‬يعتبر‌مرتكبا‌لجريمة‌التحرش‌الجنسي‌ويعاقب‌بالحبس‌من‌‬
‫شهر ‌واحد ‌إلى ‌ستة ‌أشهر ‌وغرامة ‌من ‌‪‌ 2.000‬إلى ‌‪‌ 10.000‬درهم ‌أو ‌بإحدى‌‬
‫هاتين‌العقوبتين‌كل‌من‌أمعن‌في‌مضايقة‌الغير‌في‌الحاالت‌التالية‪‌:‬‬
‫‪ .1‬في ‌الفضاءات ‌العمومية ‌أو ‌غيرها‪‌ ،‬بأفعال ‌أو ‌أقوال ‌أو ‌إشارات ‌ذات‌‬
‫طبيعة‌جنسية‌أو‌ألغراض‌جنسية؛‬
‫‪ .2‬بواسطة‌رسائل‌مكتوبة‌أو‌هاتفية‌أو‌إلكترونية‌أو‌تسجيالت‌أو‌صور‌‬
‫ذات‌طبيعة‌جنسية‌أو‌ألغراض‌جنسية‪.‬‬
‫تضاعف‌العقوبة‌إذا‌كان‌مرتكب‌الفعل‌زميال‌في‌العمل‌أو‌من‌األشخاص‌المكلفين‌‬
‫بحفظ‌النظام‌واألمن‌في‌الفضاءات‌العمومية‌أو‌غيرها‪‌.‬‬
‫"الفصل ‌‪‌ -.503-1-2‬يعاقب ‌بالحبس ‌من ‌ثالث ‌إلى ‌خمس ‌سنوات ‌وغرامة ‌من‌‬
‫‪‌ 5.000‬إلى‌‪‌ 50.000‬درهم‪‌،‬إذا‌ارتكب‌التحرش‌الجنسي‌من‌طرف‌أحد‌األصول‌‬
‫أو‌المحارم‌أو‌من‌له‌والية‌أو‌سلطة‌على‌الضحية‌أو‌مكلفا‌برعايته‌أو‌كافال‌له‪‌،‬أو‌‬
‫إذا‌كان‌الضحية‌قاصرا‪‌.‬‬
‫"الفصل‌‪‌-.503-2-1‬دون‌اإلخالل‌بالمقتضيات‌الجنائية‌األشد‪‌،‬يعاقب‌بالحبس‌من‌‬
‫ستة ‌أشهر ‌إلى ‌سنة ‌وغرامة ‌من ‌‪‌ 10.000‬إلى ‌‪‌ 30.000‬درهم ‌أو ‌بإحدى ‌هاتين‌‬
‫العقوبتين‌فقط‪‌،‬من‌أكره‌شخصا‌على‌الزواج‌باستعمال‌العنف‌أو‌التهديد‪‌.‬‬

‫‪149‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫تضاعف‌العقوبة‪‌،‬إذا‌ارتكب‌اإلكراه‌على‌الزواج‌باستعمال‌العنف‌أو‌التهديد‪‌،‬ضد‌‬
‫امرأة ‌بسبب ‌جنسها ‌أو ‌قاصر ‌أو ‌في ‌وضعية ‌إعاقة ‌أو ‌معروفة ‌بضعف ‌قواها‌‬
‫العقلية‪‌.‬‬
‫ال‌تجوز‌المتابعة‌إال‌بناء‌على‌شكاية‌الشخص‌المتضرر‌من‌الجريمة‪‌.‬‬
‫يضع ‌التنازل ‌عن ‌الشكاية ‌حدا ‌للمتابعة ‌وآلثار ‌المقرر ‌القضائي ‌المكتسب ‌لقوة‌‬
‫الشيء‌المقضي‌به‌في‌حالة‌صدوره‪‌.‬‬
‫"الفصل ‌‪‌ -.526-1‬يعاقب ‌بالحبس ‌من ‌شهر ‌واحد ‌إلى ‌ستة ‌أشهر ‌وغرامة ‌من‌‬
‫‪‌ 2.000‬إلى ‌‪‌ 10.000‬درهم ‌أو ‌بإحدى ‌هاتين ‌العقوبتين‪‌ ،‬أحد ‌الزوجين ‌في ‌حالة‌‬
‫تبديد‌أو‌تفويت‌أمواله‪‌،‬بسوء‌نية‌وبقصد‌اإلضرار‌أو‌بالزوج‌اآلخر‌أو‌األبناء‌أو‌‬
‫التحايل ‌على ‌مقتضيات ‌مدونة ‌األسرة ‌المتعلقة ‌بالنفقة ‌أو ‌السكن ‌وبالمستحقات‌‬
‫المترتبة‌عن‌إنهاء‌العالقة‌الزوجية‌أو‌باقتسام‌الممتلكات‪‌.‬‬
‫ال‌تجوز‌المتابعة‌إال‌بناء‌على‌شكاية‌الزوج‌المتضرر‌من‌الجريمة‪‌.‬‬
‫يضع ‌التنازل ‌عن ‌الشكاية ‌حدا ‌للمتابعة ‌وألثار ‌المقرر ‌القضائي ‌المكتسب ‌لقوة‌‬
‫الشيء‌المقضي‌به‌في‌حالة‌صدوره‪‌.‬‬

‫الباب الثالث‪ :‬أحكام مسطرية‬

‫المادة ‪6‬‬
‫تغير‌وتتمم‌على‌النحو‌التالي‌أحكام‌المادة‌‪‌ 302‬من‌القانون‌رقم‌‪‌ 22.01‬المتعلق‌‬
‫بالمسطرة ‌الجنائية ‌الصــادر ‌بتنفيذه ‌الظهير ‌الشريــف ‌رقم ‌‪‌ 1.02.255‬بتاريـــخ‌‬
‫‪‌25‬من‌رجــــب‌‪‌3(‌1423‬أكتوبر‌‪‌)2002‬كما‌وقع‌تغييره‌وتتميمه‪‌:143‬‬
‫"المادة ‌‪‌ :302‬إذا ‌اعتبرت ‌المحكمة ‌أن ‌‪‌ ........................................‬الجلسة‌‬
‫سرية‪‌.‬‬

‫‪ -143‬القانون رقم ‪ 22.01‬المتعلق بالمسطرة الجنائية الصــادر بتنفيذه الظهير الشريــف رقم ‪1.02.255‬‬
‫بتاريـــخ ‪ 25‬من رجــــب ‪ 1423‬ا‪ 3‬أكتوبر ‪ ، )2002‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5078‬بتاريخ ‪ 27‬ذي القعدة‬
‫‪ 1423‬ا‪ 30‬يناير‪ ،)2003‬ص ‪ ،315‬كما وقع تغييره وتتميمه‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫إذا ‌تعلق ‌األمر ‌بقضية ‌عنف ‌أو ‌اعتداء ‌جنسي ‌ضد ‌المرأة ‌أو ‌القاصر ‌يمكن‌‬
‫للمحكمة‪‌،‬أن‌تعقد‌جلسة‌سرية‌بطلب‌من‌الضحية‪‌.‬‬
‫إذا‌تقررت‌سرية‪‌..............................‬المذكورة‌في‌الفقرتين‌أعاله‪‌،‬فإنها‌تشمل‌‬
‫أيضا‪........................‌....‬المناقشات‪‌.‬‬
‫المادة ‪7‬‬
‫تتمم‌على‌النحو‌التالي‌أحكام‌المادة‌‪‌ 7‬من‌القانون‌رقم‌‪‌ 22.01‬المتعلق‌بالمسطرة‌‬
‫الجنائية‌المشار‌إليه‌أعاله‪‌:‬‬
‫"المادة ‌‪‌ :7‬يرجع ‌الحق ‌في ‌إقامة‪..........................................‬الجريمة‌‬
‫مباشرة‪‌.‬‬
‫يمكن ‌للجمعيات ‌المعلن ‪‌ ................................................‬في ‌قانونها‌‬
‫األساسي‪‌.‬‬
‫غير ‌أنه‪‌ ،‬بالنسبة ‌للجمعيات ‌المذكورة ‌والتي ‌تعنى ‌بقضايا ‌مناهضة ‌العنف ‌ضد‌‬
‫النساء‪‌،‬حسب‌قانونها‌األساسي‪‌،‬فإنه‌ال‌يمكنها‌أن‌تنتصب‌طرفا‌إال‌بعد‌حصولها‌‬
‫على‌إذن‌كتابي‌من‌الضحية‪‌.‬‬
‫يمكن‌للدولة‌والجماعات‌الترابية‪‌...........................‬الجاري‌به‌العمل‪‌.‬‬
‫المادة ‪8‬‬
‫تتمم ‌على ‌النحو ‌التالي ‌أحكام ‌القانون ‌رقم ‌‪‌ 22.01‬المتعلق ‌بالمسطرة ‌الجنائية‌‬
‫المشار‌إليه‌أعاله‌بالمادة‌‪‌:82-5-2‬‬
‫"المادة‌‪‌-.82-5-2‬عالوة‌على‌التدابير‌المنصوص‌عليها‌في‌المادتين‌‪‌4-82‬و‪-82‬‬
‫‪‌5‬أعاله‪‌،‬تتخذ‌في‌قضايا‌العنف‌ضد‌النساء‪‌،‬فورا‪‌،‬تدابير‌الحماية‌التالية‪‌:‬‬
‫إرجاع‌المحضون‌مع‌حاضنته‌إلى‌السكن‌المعين‌له‌من‌قبل‌المحكمة؛‬ ‫‪-‬‬
‫إنذار ‌المعتدي ‌بعدم ‌االعتداء‪‌ ،‬في ‌حال ‌التهديد ‌بارتكاب ‌العنف‪‌ ،‬مع ‌تعهده‌‬ ‫‪-‬‬
‫بعدم‌االعتداء؛‬
‫إشعار‌المعتدي‌بأنه‌يمنع‌عليه‌التصرف‌في‌األموال‌المشتركة‌للزوجين؛‬ ‫‪-‬‬
‫إحالة‌الضحية‌على‌مراكز‌االستشفاء‌قصد‌العالج؛‬ ‫‪-‬‬

‫‪151‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫‪ -‬األمر ‌باإليداع ‌بمؤسسات ‌اإليواء ‌أو ‌مؤسسات ‌الرعاية ‌االجتماعية ‌للمرأة‌‬


‫المعنفة‌التي‌تحتاج‌وترغب‌في‌ذلك‪.‬‬

‫الباب الرابع‪ :‬آليات التكفل بالنساء ضحايا العنف‬

‫المادة ‪9‬‬
‫‌تحدث‪‌ ،‬للتكفل ‌بالنساء ‌ضحايا ‌العنف‪‌ ،‬خاليا ‌ولجان ‌مشتركة ‌بين ‌القطاعات ‌وفقا‌‬
‫للمنصوص‌عليه‌في‌هذا‌الباب‪‌.‬‬
‫المادة ‪10‬‬
‫تحدث ‌خاليا ‌التكفل ‌بالنساء ‌ضحايا ‌العنف ‌بالمحاكم ‌االبتدائية ‌ومحاكم ‌االستئناف‌‬
‫وبالمصالح ‌المركزية ‌والالممركزة ‌للقطاعات ‌المكلفة ‌بالصحة ‌وبالشباب ‌وبالمرأة‌‬
‫وكذا‌للمديرية‌العامة‌لألمن‌الوطني‌والقيادة‌العليا‌للدرك‌الملكي‪‌.‬‬
‫تتولى ‌هذه ‌الخاليا ‌مهام ‌االستقبال ‌واالستماع ‌والدعم ‌والتوجيه ‌والمرافقة‪‌ ،‬لفائدة‌‬
‫النساء‌ضحايا‌العنف‪‌.‬‬
‫تتكون ‌الخاليا ‌المحدثة ‌على ‌مستوى ‌المحاكم ‌االبتدائية ‌ومحاكم ‌االستئناف‪‌،‬‬
‫باإلضافة ‌لممثلي ‌اإلدارة‪‌ ،‬من ‌نائب ‌وكيل ‌الملك ‌وقاضي ‌األحداث ‌والمساعد ‌أو‌‬
‫المساعدة‌االجتماعية‪‌.‬‬
‫يحدد ‌بنص ‌تنظيمي ‌تأليف ‌الخاليا ‌المحدثة ‌على ‌مستوى ‌المصالح ‌المركزية ‌و‬
‫الالممركزة ‌للقطاعات ‌المكلفة ‌بالعدل ‌وبالصحة ‌وبالشباب ‌وبالمرأة ‌وكذا ‌للمديرية‌‬
‫العامة ‌لألمن ‌الوطني ‌والقيادة ‌العليا ‌للدرك ‌الملكي‪‌ ،‬وكذا ‌ممثلي ‌اإلدارة ‌بالخاليا‌‬
‫المحدثة‌على‌مستوى‌المحاكم‌االبتدائية‌ومحاكم‌االستئناف‪‌.‬‬
‫يراعى‌في‌تكوين‌هذه‌الخاليا‌مبدأ‌التخصص‌ومبدأ‌المناصفة‪‌.‬‬
‫المادة ‪11‬‬

‫اللجنة‌الوطنية‌‬
‫تحدث ‌لجنة ‌وطنية ‌للتكفل ‌بالنساء ‌ضحايا ‌العنف ‌تتولى ‌ممارسة ‌المهام‌‬
‫واالختصاصات‌المنصوص‌عليها‌في‌المادة‌الثانية‌عشر‌بعده‪‌.‬‬

‫‪152‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫يعين ‌رئيس ‌الحكومة‌رئيس ‌اللجنة ‌الوطنية ‌باقتراح ‌من ‌السلطة‌الحكومية‌المكلفة‌‬


‫بالمرأة‪‌.‬‬
‫يمكن ‌أن ‌يحضر ‌أشغال ‌اللجنة ‌الوطنية ‌شخصيات ‌وممثلون ‌عن ‌الهيئات ‌الوطنية‌‬
‫والمنظمات‌المعنية‌بقضايا‌المرأة‌إذا‌رأت‌اللجنة‌فائدة‌في‌ذلك‪‌.‬‬
‫تعقد‌اللجنة‌الوطنية‌اجتماعاتها‌مرة‌في‌السنة‌على‌األقل‪‌،‬وكلما‌دعت‌الضرورة‌‬
‫إلى‌ذلك‪‌،‬بدعوة‌من‌رئيسها‌أو‌أغلبية‌أعضائها‪‌.‬‬
‫يتولى‌القطاع‌المكلف‌بالمرأة‌كتابة‌هذه‌اللجنة‪‌.‬‬
‫يحدد‌نص‌تنظيمي‌تأليف‌وكيفيات‌سير‌عمل‌اللجنة‌الوطنية‪‌.‬‬

‫المادة ‪12‬‬
‫تناط‌باللجنة‌الوطنية‌المهام‌التالية‪‌:‬‬
‫‪ -‬ضمان ‌التواصل ‌والتنسيق ‌وطنيا ‌بين ‌تدخالت ‌القطاعات ‌الحكومية‌‬
‫واإلدارات‌المركزية‌المعنية‌بموضوع‌العنف‌ضد‌النساء؛‬
‫‪ -‬إبداء ‌الرأي ‌في ‌مخططات ‌عمل ‌اللجن ‌الجهوية ‌والمحلية‪‌ ،‬المشار ‌إليها ‌في‌‬
‫المواد‌‪‌13‬و‪‌15‬بعده‪‌،‬وتتبع‌تنفيذها؛‬
‫‪ -‬تلقي‌تقارير‌اللجن‌الجهوية‌والمحلية‌وفحصها؛‬
‫‪ -‬رصد‌واقتراح‌إمكانات‌تطوير‌عمل‌اللجن‌المحلية‌والجهوية؛‬
‫‪ -‬المساهمة‌في‌وضع‌آليات‌لتحسين‌تدبير‌عمل‌الخاليا‌المشار‌إليها‌في‌المادة‌‬
‫‪‌10‬أعاله‪‌،‬واللجن‌الجهوية‌والمحلية‌ومواكبة‌عملها‌مركزيا؛‬
‫‪ -‬تقوية ‌وتفعيل ‌آليات ‌الشراكة ‌والتعاون ‌بين ‌اللجن ‌الجهوية ‌واللجن ‌المحلية‌‬
‫وجمعيات‌المجتمع‌المدني‌وباقي‌المتدخلين‪.‬‬
‫‪ -‬إصدار‌تقرير‌سنوي‌عن‌حصيلة‌العمل‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫المادة ‪13‬‬

‫اللجان‌الجهوية‌‬
‫تحدث‌لجنة‌جهوية‌للتكفل‌بالنساء‌ضحايا‌العنف‌على‌مستوى‌الدائرة‌القضائية‌لكل‌‬
‫محكمة‌استئناف‌وتتألف‌من‪‌:‬‬
‫‪ -‬الوكيل‌العام‌للملك‌أو‌نائبه‌رئيسا؛‬
‫‪ -‬قاض ‌للتحقيق ‌ومستشار ‌للحكم ‌ومستشار ‌مكلف ‌باألحداث‪‌ ،‬يعينهم ‌الرئيس‌‬
‫األول‌لمحكمة‌االستئناف؛‬
‫‪ -‬رئيس‌كتابة‌النيابة‌العامة‌أو‌من‌يمثله؛‬
‫‪ -‬رئيس‌كتابة‌الضبط‌أو‌من‌يمثله؛‬
‫‪ -‬المساعد‌أو‌المساعدة‌االجتماعية‌بالمحكمة‌المذكورة؛‬
‫‪ -‬ممثلي‌اإلدارة؛‬
‫‪ -‬ممثل‌مجلس‌الجهة؛‬
‫‪ -‬محام؛‌يعينه‌نقيب‌هيئة‌المحامين‌بالدائرة‌القضائية‌االستئنافية؛‬
‫‪ -‬مفوض‌قضائي‪‌،‬يعينه‌رئيس‌المجلس‌الجهوي‌للمفوضين‌القضائيين‪.‬‬
‫كما ‌يمكن ‌أن ‌يحضر ‌أشغال ‌اللجنة‪‌ ،‬كل ‌شخصية ‌معروفة ‌باهتمامها ‌وخبرتها‌‬
‫بقضايا‌المرأة‪‌،‬وكذا‌ممثلو‌الهيئات‌والمؤسسات‌والجمعيات‌التي‌ترى‌اللجنة‌فائدة‌‬
‫في‌دعوتها‪.‬‬
‫المادة ‪14‬‬
‫تناط‌باللجان‌الجهوية‌للتكفل‌بالنساء‌ضحايا‌العنف‌المهام‌التالية‪‌:‬‬
‫‪ -‬إعداد‌خطط‌عمل‌جهوية‌في‌إطار‌االختصاصات‌الموكولة‌لها؛‬
‫‪ -‬ضمان‌التواصل‌والتنسيق‌بين‌السلطة‌القضائية‌وباقي‌القطاعات‌واإلدارات‌‬
‫المعنية‌بقضايا‌التكفل‌بالنساء‌ضحايا‌العنف‌على‌المستوى‌الجهوي؛‬
‫‪ -‬التواصل‌والتنسيق‌مع‌جمعيات‌المجتمع‌المدني‌العاملة‌في‌هذا‌المجال؛‬

‫‪154‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫‪ -‬العمل‌على‌توحيد‌كيفيات‌اشتغال‌الخاليا‌واللجن‌المحلية‪‌،‬بما‌يكفل‌تجانس‌‬
‫وتكامل ‌الخدمات ‌على ‌مستوى ‌الدوائر ‌القضائية ‌التابعة ‌لنفوذ ‌محكمة‌‬
‫االستئناف‌وباقي‌القطاعات‌واإلدارات‌المعنية؛‬
‫‪ -‬رصد‌اإلكراهات‌والمعيقات‌المرتبطة‌بعمليات‌التكفل‌بالنساء‌ضحايا‌العنف‌‬
‫واقتراح ‌الحلول ‌المناسبة ‌لها ‌بشكل ‌تشاركي ‌وفي ‌حدود ‌صالحيات‌‬
‫وإمكانيات‌كل‌قطاع؛‬
‫‪ -‬رصد‌اإلكراهات‌والمعيقات‌المرتبطة‌بعمليات‌التكفل‌بالنساء‌ضحايا‌العنف‌‬
‫التي‌تقتضي‌تدخال‌على‌الصعيد‌المركزي؛‬
‫‪ -‬ترصيد‌مختلف‌الخبرات‌والتجارب‌الناجحة‌وتعميمها‌على‌مختلف‌اآلليات‌‬
‫المحلية؛‬
‫‪ -‬إعداد‌تقارير‌دورية‌وتقرير‌سنوي‌حول‌سير‌وحصيلة‌عملها‌وعمل‌اللجان‌‬
‫المحلية‌وكذا‌خاليا‌التكفل‌بالنساء‌ضحايا‌العنف‪.‬‬
‫ترفع ‌تقارير ‌اللجان ‌الجهوية‪‌ ،‬بما ‌في ‌ذلك ‌تقريرها ‌السنوي‪‌ ،‬إلى ‌اللجنة ‌الوطنية‌‬
‫للتكفل‌بالنساء‌ضحايا‌العنف‪‌.‬‬
‫تعقد‌اللجان‌الجهوية‌اجتماعاتها‌مرتين‌في‌السنة‌على‌األقل‪‌،‬وكلما‌دعت‌الضرورة‌‬
‫ذلك‪‌،‬بدعوة‌من‌رئيسها‪‌.‬‬
‫تعقد ‌اللجان ‌الجهوية ‌للتكفل ‌بالنساء ‌ضحايا ‌العنف ‌اجتماعاتها ‌بحضور ‌نصف‌‬
‫أعضائها‪‌،‬على‌األقل‪‌،‬وتتخذ‌قراراتها‌بأغلبية‌األعضاء‌الحاضرين‪‌.‬‬
‫تتولى‌كتابة‌النيابة‌العامة‌بمحكمة‌االستئناف‌مهام‌كتابة‌اللجنة‌الجهوية‪‌.‬‬
‫المادة ‪15‬‬

‫اللجان‌المحلية‌‬
‫تحدث‌لجنة‌محلية‌للتكفل‌بالنساء‌ضحايا‌العنف‌على‌مستوى‌الدائرة‌القضائية‌لكل‌‬
‫محكمة‌ابتدائية‌وتتألف‌من‪‌:‬‬
‫‪ -‬وكيل‌للملك‌أو‌نائبه‌رئيسا؛‬
‫‪ -‬قاض‌للتحقيق‌وقاض‌للحكم‌وقاض‌األحداث‪‌،‬يعينهم‌رئيس‌المحكمة؛‬
‫‪ -‬رئيس‌كتابة‌النيابة‌العامة‌أو‌من‌يمثله؛‬

‫‪155‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫المساعد‌أو‌المساعدة‌االجتماعية‌بالمحكمة‌المذكورة؛‬ ‫‪-‬‬
‫ممثلي‌اإلدارة؛‬ ‫‪-‬‬
‫ممثل‌المجلس‌اإلقليمي؛‬ ‫‪-‬‬
‫محام‪‌،‬يعينه‌نقيب‌هيئة‌المحامين‌بالدائرة‌القضائية‌االستئنافية؛‬ ‫‪-‬‬
‫مفوض‌قضائي‪‌،‬يعينه‌رئيس‌المجلس‌الجهوي‌للمفوضين‌القضائيين؛‬ ‫‪-‬‬
‫كما‌يمكن‌أن‌يحضر‌أشغال‌اللجنة‪‌،‬كل‌شخصية‌معروفة‌باهتمامها‌بقضايا‌‬ ‫‪-‬‬
‫المرأة‪‌،‬وكذا‌ممثلو‌الهيئات‌والمؤسسات‌والجمعيات‌التي‌ترى‌اللجنة‌فائدة‌‬
‫في‌دعوتها‪‌‌.‬‬
‫المادة ‪16‬‬

‫اختصاصات‌اللجان‌المحلية‬
‫تناط‌باللجان‌المحلية‌للتكفل‌بالنساء‌ضحايا‌العنف‌المهام‌التالية‪‌:‬‬
‫‪ -‬إعداد‌خطط‌عمل‌محلية‌في‌إطار‌االختصاصات‌الموكولة‌لها؛‬
‫‪ -‬ضمان‌التواصل‌والتنسيق‌بين‌السلطة‌القضائية‌وباقي‌القطاعات‌واإلدارات‌‬
‫المعنية‌بقضايا‌التكفل‌بالنساء‌ضحايا‌العنف‌وجمعيات‌المجتمع‌العاملة‌في‌‬
‫المجال؛‬
‫‪ -‬رصد‌اإلكراهات‌والمعيقات‌المرتبطة‌بعمليات‌التكفل‌بالنساء‌ضحايا‌العنف‌‬
‫واقتراح ‌الحلول ‌المناسبة ‌لها ‌بشكل ‌تشاركي ‌وفي ‌حدود ‌صالحيات‌‬
‫وإمكانيات‌كل‌قطاع؛‬
‫‪ -‬رصد‌اإلكراهات‌والمعيقات‌المرتبطة‌بعمليات‌التكفل‌بالنساء‌ضحايا‌العنف‌‬
‫التي‌تقتضي‌تدخال‌على‌الصعيد‌الجهوي‌أو‌المركزي؛‬
‫‪ -‬إعداد‌تقارير‌دورية‪.‬‬
‫ترفع ‌اللجان ‌المحلية ‌تقاريرها ‌الدورية ‌إلى ‌اللجان ‌الجهوية ‌حول ‌سير ‌وحصيلة‌‬
‫عملها‪‌.‬‬
‫تعقد‌اللجان‌المحلية‌للتكفل‌بالنساء‌ضحايا‌العنف‌اجتماعاتها‌أربع‌مرات‌في‌السنة‌‬
‫على‌األقل‪‌،‬وكلما‌دعت‌الضرورة‌ذلك‪‌،‬بدعوة‌من‌رئيسها‪‌.‬‬

‫‪156‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫تعقد ‌اللجان ‌المحلية ‌للتكفل ‌بالنساء ‌ضحايا ‌العنف ‌اجتماعاتها ‌بحضور ‌نصف‌‬
‫أعضائها‪‌،‬على‌األقل‪‌،‬وتتخذ‌قراراتها‌بأغلبية‌األعضاء‌الحاضرين‪‌.‬‬
‫تتولى‌كتابة‌النيابة‌العامة‌بالمحكمة‌مهام‌كتابة‌اللجنة‪‌.‬‬

‫الباب الخامس‪ :‬التدابير والمبادرات للوقاية من العنف‬

‫المادة ‪17‬‬
‫تتخذ ‌السلطات ‌العمومية ‌كل ‌التدابير ‌واإلجراءات ‌الالزمة ‌للوقاية ‌من ‌العنف ‌ضد‌‬
‫النساء‪‌،‬ومن‌أجل‌ذلك‌تسهر‌السلطات‌العمومية‌على‌إعداد‌وتنفيذ‌سياسات‌وبرامج‌‬
‫تهدف‌إلى‌التحسيس‌بمخاطر‌العنف‌ضد‌المرأة‌وتصحيح‌صورتها‌في‌المجتمع‪‌،‬و‌‬
‫العمل‌على‌إذكاء‌الوعي‌بحقوقها‪‌.‬‬

‫الباب السادس‪ :‬دخول حيز التنفيذ‬

‫المادة ‪18‬‬
‫يدخل‌هذا‌القانون‌حيز‌التنفيذ‌بعد‌ستة‌أشهر‌من‌تاريخ‌نشره‌بالجريدة‌الرسمية‪‌.‬‬

‫‌‬

‫‪157‬‬
‫مجلة الممارس للدراسات القانونية و القضائية‬

‫‪158‬‬

You might also like