You are on page 1of 6

‫العدالة‪ ‬الضريبية‪ ‬رهان‪ ‬لتحقيق‪ ‬العدالة‪ ‬الجتماعية‬

‫أخبارنانشر في أخبارنا يوم ‪2017 - 07 - 13‬‬

‫تستمد الضرائب شرعيتها من حقيقة كونها تقوم بتمويل ثلثا جيوب رئيسية داخل الدوألة‪ ،‬الوظيفة الوألى‬
‫هي أنها تقوم بضمان إنتاج السلع اللزامة وأتحقيق التنمية وأالتماسك الجتماعي للبلد )التعليم‪ ،‬البحث‬
‫العلمي‪ ،‬المن‪ ،‬الصحة‪ ،‬البنية التحتية‪ ،(...‬الوظيفة الثانية هي كون الضريبة تقوم بإعادة توزايع الدخل من‬
‫أجل تصحيح الفوارق الجتماعية وأاللمساوأاة داخل المجتمع )المنافع الجتماعية(‪ ،‬وأضمان ضد المخاطر‬
‫الجتماعية )التقاعد‪ ،‬التأمين الصحي ‪ .(...‬وأالوظيفة الثالثة وأالخيرة تكمن في زايادة النشاط القاتصادي‪،‬‬
‫وأمنع الركود الذي قاد يصيب القاتصاد الوطني‪.‬‬

‫كما تعتبر الضريبة أكبر مثال لمعرفة نوعية العلقاة التي تجمع الدوألة بمواطنيها‪ ،‬سواء تعلق المر‬
‫بالشركات‪ ،‬أوأ بالشخاص الذاتيين‪ ،‬فالنظام الضريبي المغربي عرف تغييرا شامل بداية من سنة ‪ 1985‬في‬
‫إطار ما كان يعرف عليه بسياسة التقويم الهيكلي‪ ،‬مما نتج عنه تطبيق ما أضحى يعرف بالثلثية الجبائية‪،‬‬
‫الضريبة على القيمة المضافة )‪ (TVA‬سنة ‪ ،1985‬الضريبة على الشركات )‪ (IS‬سنة ‪ ،1986‬وأالضريبة‬
‫على الدخل )‪ (IR‬سنة ‪ ،1990‬بالضافة إلى رسوم التسجيل وأالتمبر التي كانت مطبقة منذ فترة الستعمار‬
‫الفرنسي‪.‬‬

‫لكن رغم كل هذا‪ ،‬بقيت الرسوم وأالجبايات المحلية كما هي وألم تمس بهذا الصإلحا‪ ،‬في حين تمت زايادة‬
‫عدد من الرسوم الجبائية‪ ،‬مما نتج عنه تداخل وأكثرة وأضبابية النظام الجبائي المحلي‪ ،‬منذ صإدوأر القانون‬
‫رقام ‪ 30.89‬الذي غير بالقانون رقام ‪ 06.47‬لكثرة ثغراته وأسلبياته‪ ،‬هذا الخير هو عرضة اليوم لمجموعة‬
‫من النتقادات وأالمشاكل وأالمعيقات التي أهمها عدم مواكبته للمضامين الدستورية الجديدةعلى المستوى‬
‫الترابي‪ ،‬وأعلى رأسها الجهوية المتقدمة‪ ،‬مما جعل العديد من المهتمين بالمجال يدعون إلى عقد مناظرة‬
‫وأطنية حول الجبايات المحلية من أجل إصإلحا الصإلحا ‪.1‬‬

‫لذلك‪ ،‬فالسؤال الرئيسي المرتبط بأي نظام ضريبي هو ارتباطه بوجود عدالة ضريبية‪ ،‬هذا المبدأ الذي يجد‬
‫نفسه في كل من الفصول ‪ 39‬وأ ‪ 40‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪ .2011‬لكن‪ ،‬الواقاع يؤكد عكس ذلك‪،‬‬
‫فرغم دسترة مفهوم وأمبدأ العدالة الضريبية‪ ،‬فالضريبة على الدخل مثل ما يقارب ‪ %75‬من اليرادات‬
‫الضريبية المتأتية من هذه الضريبة هي تلك المتحصلة من المنبع‪ ،‬وأهي الجور وأالدخول المعتبرة في‬
‫حكمها‪ ،‬أما فيما يخص الضريبة على الشركات ف ‪ %2‬من الشركات تؤدي ما يقارب من ‪ %80‬من‬
‫إيرادات هذه الضريبة‪ ،‬أما الضريبة على القيمة المضافة فهي المورد الرئيسي لخزينة الدوألة‪ ،‬في حين أن‬
‫عبئها يتحمله الملزم‪.‬‬

‫فأسباب عدم وأجود عدالة ضريبية في نظامنا الضريبي المغربي تجد أساسها في الختيارات الخاطئة‬
‫للسياسات الضريبية‪ ،‬وأأيضا في طرق وأأساليب احتساب وأتصفية وأوأعاء وأتدبير الضريبة‪ ،‬زايادة على عدم‬
‫وأجود تطبيق صإحيح وأمثالي لمخرجات المناظرة الوطنية الثانية حول الجبايات لسنة ‪ ،2013‬فلحد الساعة‬
‫لم يتحقق أحد العمدة الساسية لهذه المناظرة وأهو سن تشريع جبائي يضمن العدالة الجبائية بين جميع‬
‫الملزمين‪ .‬لذلك وأجب علينا في الوأل من أجل تنوير القارئ المغربي على وأجه عام‪ ،‬وأدافعي الضرائب بشكل‬
‫خاص‪ ،‬معرفة ما هي العدالة الضريبية؟ وأكيف يمكن للضريبة أن تحقق العدالة الجتماعية؟ وأكيف يمكن‬
‫لنظام ضريبي عادل أن يشكل مدخل لتحقيق العدالة الجتماعية؟‬

‫أوأل‪:‬ا في مفهوم العدالة الضريبية‬

‫إن موضوع العدالة الضريبية يستوجب في مقدمته تعريفا دقايقا لمفهوم العدالة لغة وأاصإطلحا‪ ،‬فالعدالة لغة‪:‬ا‬
‫العدل ضد الجور‪ ،‬يقال عدل عليه في القضية فهو عادل‪ ،‬وأبسط الوالي عدله وأتمععددلتتته ‪ -‬بكسر الدال وأفتحها‪،‬‬
‫وأفلن من أهل التمععتد تلة ‪-‬بفتح الدال‪ ،-‬أي‪:‬ا من أهل العدل‪ ،‬وأرجل عدل‪ ،‬أي‪:‬ا رضا وأمقنع في الشهادة‪.‬‬
‫ي تععدلل دمعنككعم{ْ‪ ،‬وأيقال‪:‬ا رجل عدل وأرجلن‬ ‫وأالعدالة‪:‬ا وأصإف بالمصدر معناه ذوأ عدل‪ ،‬قاال تعالى‪:‬ا{ْتوأأت ع‬
‫شدهكدوأا تذتوأ ع‬
‫عدل‪ ،‬وأرجال عدل‪ ،‬وأامرأة عدل‪ ،‬وأنسوة عدل‪ ،‬كل ذلك على معنى رجال ذوأوأ عدل‪ ،‬وأنسوة ذوأات عدل‪ ،‬فهو‬
‫ل يثنى‪ ،‬وأل يجمع‪ ،‬وأل يؤنث‪ ،‬فإن رأيته مجموعاا‪ ،‬أوأ مثنى أوأ مؤنثاا‪ ،‬فعلى أنه قاد أجرى مجرى الوصإف‬
‫الذى ليس بمصدر‪ ،‬وأتعديل الشيء تقويمه‪ ،‬يقال عدلته فاعتدل‪ ،‬أي قاومته فاستقام‪ .‬فمن هذه التعاريف‬
‫اللغوية يتبين أن معنى العدالة فى اللغة الستقامة‪ ،‬وأالعدل هو المتوسط في المور من غير إفراط في طرفي‬
‫طا{ْ‪ ،‬أي عدال‪ ،‬فالوسط وأالعدل بمعنى وأاحد‪.‬‬ ‫س ا‬ ‫الزيادة وأالنقصان‪ ،‬وأمنه قاوله تعالى{ْتوأتكتذلدتك تجتععلتناككعم أكممةا توأ ت‬

‫وأالعدالة اصإطلحا‪ ،‬تنوعت فيها عبارات العلماء من محدثين وأأصإوليين وأفقهاء‪ ،‬إل أنها ترجع إلى معنى‬
‫وأاحد وأهو أنها‪:‬ا ملكة أي صإفة راسخة في النفس تحمل صإاحبها على ملزامة التقوى وأالمروأءة‪ .‬وأالتقوى‬
‫ضابطها‪:‬ا امتثال المأمورات‪ ،‬وأاجتناب المنهيات من الكبائر ظاهراا‪ ،‬وأباطناا من شرك أوأ فسق أوأ بدعة‪.‬‬
‫وأالمروأءة ضابطها‪:‬ا آداب نفسية تحمل صإاحبها على التحلي بالفضائل‪ ،‬وأالتخلي عن الرذائل‪ ،‬وأترجع‬
‫معرفتها إلى العرف‪ .‬وأليس المراد بالعرف هنا سيرة مطلق الناس بل الذين نقتدي بهم‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬فإنه يوجد فرق بين مفهوم العدالة كهدف من أهداف الضريبة‪ ،‬وأبين مفهوم العدالة كركن من أركان‬
‫الضريبة‪ ،‬فالعدالة كركن من أركان الضريبة‪ ،‬يقصد به مساهمة أفراد المجتمع في أداء الضريبة بما يتناسب‬
‫وأقادرتهم المالية‪ ،‬فيجب على جميع الخاضعين للضريبة كأفراد أن يتحملوا عبئها وأيخضعوا لها دوأن محاباة‬
‫أوأ تفضيل‪ .‬أما العدالة كهدف من أهداف الضريبة‪ ،‬فهي تعني إعادة توزايع الدخل وأالثروأة وأمنع تكتل‬
‫الثروأات بيد فئة معينة من المجتمع‪ ،‬وأذلك من خلل فرض الضرائب على الثروأات‪ ،‬أوأ تطبيق التصاعد‬
‫بالضرائب‪ ،‬وأالعدالة الضريبية لها وأجهان‪ ،‬العدالة الفقية‪ ،‬وأالعدالة الرأسية‪:‬ا‬

‫‪ -‬العدالة الفقية‪:‬ا تعني مقابلة دافعي الضرائب‪ ،‬ذوأي القدرات المتساوأية –الذين لهم نفس الدخل‪ -‬بمعدلت‬
‫ضريبية متساوأية‪ ،‬بحيث يدفعون نفس المقدار من الضريبة‪.‬‬

‫‪ -‬العدالة الرأسية أوأ العمودية‪:‬ا تعني معاملة دافعي الضريبة ذوأي القدرات غير المتساوأية الذين تختلف‬
‫دخول بعضهم عن بعض‪ ،‬بمعدلت ضريبية غير متساوأية‪ ،‬بحيث يتباين ما يدفعه كل مكلف منهم عن الخر‬
‫حسب قادرة كل منهم على الدفع‪.‬‬

‫فالعدالة‪ ،‬من وأجهة نظر الفيلسوف الليبرالي )‪ ،(John Rawls‬تتخذ وأجهات نظر متباينة‪ ،‬وأذلك من خلل‬
‫أن‪:‬ا" النظرية النفعية للعدالة يمكن أن تكون مقبولة من وأجهة نظر تطبيقية‪ ،‬لكن‪ ،‬من وأجهة نظر فلسفية‬
‫فهي غير منطقية‪ .‬لذلك‪ ،‬إذا كنا نؤمن بأن لكل فرد الحق في احترام شخصه‪ ،‬وأأن هذا الحق مضمون‬
‫وأمصون‪ ،‬فإنه ل يمكن أن نجد ل من باب القبول وأل العدل أن يفقد شخص حريته من أجل ضمان الرفاه‬
‫لكبر عدد ممكن"‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬فمبدأ العدالة الضريبية له مؤشرات ناظمة وأضابطة‪ ،‬من بينها أحقية الملزم في مراقابة تصحيح‬
‫إقاراراته‪ ،‬وأاللجوء إلى الطعون ضدا على قارارات الدارة‪ ،‬وأتبني أحكام وأإجراءات وأآجال وأأحكام فنية خالية‬
‫من الغموض وأالتعقيد النصي‪ ،‬تقوم على تشخيصية السعر وأالوعاء‪ ،‬وأتعتمد على سهولة التحصيل المالي‬
‫وأوأضوحه‪ ،‬إضافة لعمومية المادة الجبائية‪ ،‬وأكأداة تدخلية لتحقيق التنمية القاتصادية وأالجتماعية‬
‫وأالعمرانية‪.‬‬

‫فكما أن الضريبة يجب أن تكون وأافرة في حصيلتها‪ ،‬يجب أن تكون عادلة في فرضها‪ ،‬لن العدالة شرط‬
‫أساسي لكل إصإلحا يقوم على تحقيق العدالة الجتماعية‪ .‬لذلك فالضريبة تلعب دوأرا هاما في المجال‬
‫القاتصادي باعتبارها المورد الساسي لخزينة الدوألة‪ ،‬غير أنها ل تحقق أهدافها المتنوعة إل إذا تم تحديدها‬
‫وأفرضها على أساس العدل وأالعدالة الضريبية المنصوص عليها دستوريا‪ .‬وأعلى ذلك‪ ،‬فقد سعى المشرع إلى‬
‫وأضع نصوص قاانونية وأتشريعية لتحقيق هذه العدالة‪ ،‬وأحماية المكلف بالضريبة حين قايام الدارة الجبائية‬
‫بممارسة سلطاتها وأخلل مختلف مراحل المواجهة‪.‬‬

‫وأتبعا لذلك‪ ،‬فالضريبة يجب أن تكون عادلة يشترك في تأديتها كل المواطنين‪ ،‬بحسب قادرة كل منهم على‬
‫الدفع‪ ،‬وأذلك حسب منطوق الفصل ‪ 39‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪ ،2011‬الذي ينص على أنه "على‬
‫الجميع أن يتحمل كل قادر استطاعته التكاليف العمومية‪ ،‬التي للقانون وأحده الصلحية لحداثها وأتوزايعها‪،‬‬
‫وأفق الجراءات المنصوص عليها في الدستور"‪ .‬وأأيضا الفصل ‪ 40‬من نفس الدستور‪ ،‬الذي ينص على أنه‬
‫"على الجميع أن يتحمل‪ ،‬بصفة تضامنية‪ ،‬وأبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفروأن عليها‪ ،‬التكاليف التي‬
‫تتطلبها تنمية‬

‫البلد‪ ،‬وأكذا تلك الناتجة عن العباء الناجمة عن الفات وأالكوارثا الطبيعية التي تصيب البلد"‪ .‬كما يجب‬
‫أن تكون الضريبة في باب العدالة‪ ،‬محددة على سبيل اليقين دوأن غموض في تحديد مقدارها وأمواعيد دفعها‬
‫وأطرق جبايتها وأإجراءات تحققها وأتنفيذها‪ .‬وأيدخل في هذا الطار استقرار النظام الضريبي وأثباته‪ ،‬فل‬
‫يكون عرضة للتبدل وأالتغيير المستمر‪ ،‬إذ يجب أن يتعود المكلف على دفعها وأل يشعر بازادياد عبئها عليه‪،‬‬
‫بحيث ل يتعارض ذلك مع المروأنة‪ ،‬وأأن تجبى بالطرق وأالوأقاات الكثر ملئمة للمكلف وأالدارة معا‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬ا العدالة الضريبية عقد اجتماعي‬

‫الضرائب غالبا ما تدمي قالب دافعيها‪ ،‬وأأداء الضريبة دائما ما تكون له انعكاسات سلبية على نفسية‬
‫المكلفين‪ .‬في حين‪ ،‬بدوأن ضرائب‪ ،‬مجتمعنا سيصبح عاجزا عن العمل بشكل اعتيادي وأصإحيح‪ .‬بدوأن‬
‫ضرائب‪ ،‬ليس هناك خدمات اجتماعية كالمستشفيات‪ ،‬المدارس‪ ،‬الطرق السيارة‪ ،‬القطارات‪ ،...‬فبأداء‬
‫الضريبة‪ ،‬الحكومة وأالملزم يوقاعان عقدا اجتماعيا‪ ،‬الضرائب وأالرسوم يعاد توزايعها وأبرمجتها لكي تصبح‬
‫كمساعدات مختلفة تهم الجوانب المختلفة من حياة المواطنين‪.‬‬

‫فمن خلل الضرائب‪ ،‬الحكومة تستثمر شقا كبيرا من ميزانيتها في الخدمات الجتماعية الساسية‪،‬‬
‫وأبواسطتها فحاجيات المواطنين وأالمواطنات ينبغي أن تتطور وأترتقي كالصحة وأالتعليم على سبيل المثال‪.‬‬
‫وألتسهيل تقسيم الثروأات وأالتقليل من عدم المساوأاة‪ ،‬فمن الضروأري أن يكون هناك نظام ضريبي عادل‪،‬‬
‫نظام بواسطته يؤدي كل مواطن نصيبه من الضرائب حسب مقدرته التكليفية‪ ،‬في حين يساهم ذوأي الثروأات‬
‫وأالشخاص الغنياء بنصيب وأافر زايادة على ما يساهم به الفقراء‪ .‬من جهة أخرى‪ ،‬يجب أن يكون هناك‬
‫إدارة وأتدبير شفاف خاضع‬

‫للمساءلة طبقا لحكام الفقرة الثانية من الفصل الوأل من الدستور المغربي الذي ينص على أنه‪:‬ا" يقوم‬
‫النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط‪ ،‬وأتوازانها وأتعاوأنها‪ ،‬وأالديمقراطية المواطنة وأالتشاركية‪،‬‬
‫وأعلى مبادئ الحكامة الجيدة‪ ،‬وأربط المسؤوألية بالمحاسبة"‪ ،‬وأذلك من أجل الستثمار بوعي في المصلحة‬
‫العامة للبلد وأالعباد‪ .‬لكن مع حكومة فاسدة تتبع الغنيمة وأل يهمها مصلحة البلد‪ ،‬العقد الجتماعي الذي‬
‫يربط دافع الضريبة )المواطن( وأالدوألة هو عقد مكسور وأباطل‪ ،‬الشيء الذي يؤدي إلى عدم ثقة المواطن‬
‫في الدوألة‪ .‬وأفي النهاية‪ ،‬فشيء طبيعي وأوأاضح أن يتم استثمار الضرائب التي تم جبايتها في خدمات ذات‬
‫منفعة عامة )الصحة‪ ،‬التعليم‪ ،‬الحماية الجتماعية‪.(...‬‬

‫بالمقابل‪ ،‬فالنظام الضريبي غير العادل يزيد في حدة وأتفاقام ظاهرة عدم المساوأاة‪ ،‬كمثال على ذلك فالشركات‬
‫المتعددة الجنسيات وأأصإحاب الثروأات وأالثرياء يروأن في ثروأاتهم وأأرباحهم تزداد وأتنمو بدوأن وأجود أي‬
‫عائق أوأ حاجز أوأ رادع‪ ،‬في حين ترى الدوألة عائداتها الضريبية تقل وأتختفي‪ .‬زايادة على ذلك‪ ،‬نجد ما‬
‫يصطلح عليه بالملذات الضريبية )‪ ،(les paradis fiscaux‬وأهي بصفة عامة شكل من أشكال التهرب‬
‫الضريبي‪ ،‬وأالتي تساهم بشكل فعلي وأقاوي في زايادة التفاوأتات الجتماعية وأعدم المساوأاة )‪.(inégalités‬‬
‫وأبواسطته فالغنياء وأأصإحاب الثروأات وأالشركات المتعددة الجنسيات زاادت في أرباحها وأفي نسبة ثروأاتها‬
‫بواسطة هذه الملذات الضريبية‪ ،‬وأبسبب هذه الظاهرة فالعديد من الدوأل خسرت أكثر من ‪ 156‬مليار أوأروأ‬
‫من المداخيل الضريبية‪ ،‬وأيقدر بأن ‪ %30‬من الموارد المالية لفريقيا توجد بالخارج » ‪.« offshore‬‬

‫بعبارة أخرى‪ ،‬فمبلغ ‪ 14‬مليار دوألر سنويا حسب بعض التقديرات يتم خسارتها‪ ،‬هذا المبلغ يكفي لدفع‬
‫تكاليف علج مجموعة كبيرة من الشخاص‪ ،‬وأإدماج العديد من الشخاص في سوق الشغل‪ ،‬وألتطوير وأبناء‬
‫مجموعة من المدارس ذات جودة عالية‪ .‬وأبذل من ذلك‪ 896 ،‬مليون شخص يعيشون في بلدان يوجد بها‬
‫عدم مساوأاة وأتفاوأت كبير في طبقاتها الجتماعية أكثر حدة منذ ما يزيد عن ‪ 30‬سنة الماضية‪.‬‬

‫وأفي تقرير لصندوأق النقد الدوألي المعروأف اختصارا ب )‪ (FMI‬حول الرضا الضريبي للشركات‪ ،‬أكد بأن‬
‫البلدان في طور النمو تعاني من فقدان نسبة ‪ %1,75‬من ناتجها الداخلي الخام )‪ .(PIB‬وأهي ثلثا مرات‬
‫أكثر من الدوأل الغنية‪ .‬فالتهرب الضريبي للشركات بلغ سنويا ‪ 100‬مليار دوألر في الدوأل السائرة في طور‬
‫النمو حسب تقرير صإادر عن منظمة مؤتمر المم المتحدة للتجارة وأالتنمية )‪ .(UNCTAD‬لذلك‪،‬‬
‫فالفضائح العالمية التي تم نشرها مؤخرا حول )‪ (Luxleaks‬وأ )‪ (Panamapapers‬ليست سوى غيض‬
‫من فيض‪ ،‬وأتلك الثروأات التي تم رصإدها في هذه الفضائح‪ ،‬وأالتي تشمل ما يزيد عن ‪ 214.488‬شركة قاائمة‬
‫خارج الدوألة )‪ ،(extraterritoriale‬وأست رؤساء دوأل متورطين بشكل مباشر في هذه القضية‪ .‬هذه‬
‫الثروأات كان يمكن لها أن تساهم في تثبيت وأوأضع نظام ضريبي عادل في جميع أنحاء العالم‪ ،‬وأالتقليل جزئيا‬
‫من عدم المساوأاة وأالتفاوأت الطبقي المهول‪ .‬لذلك‪ ،‬يجب العمل على إنهاء هذه الملذات الضريبية‪.‬‬

‫فالبلدان التي هي في طريق النمو‪ ،‬تخسر كل سنة ما يقل عن ‪ 170‬مليار دوألر من المداخيل الضريبية‪ ،‬كون‬
‫أن أصإحاب الثروأات وأالشركات متعددة الجنسيات تخفي مبالغ خيالية داخل هذه الملذات الضريبية‪ ،‬وأهو‬
‫على مرتين ‪ 2x‬المبلغ الضروأري وأالكافي للقضاء على الفقر بالعالم‪.‬‬

‫إن خير دليل على أن النظام الضريبي المغربي نظام غير عادل‪ ،‬هو تأكيد المناظرتين الوطنيتين‪ ،‬سواء‬
‫الوألى التي انعقدت في أوأاخر سنة ‪ ،1999‬أوأ المناظرة الثانية حول الجبايات التي انعقدت بالصخيرات سنة‬
‫‪ ،2013‬وأالتي أكدت على ضروأرة سن تشريع جبائي يضمن العدالة الجبائية بين جميع الملزمين‪ ،‬وأذلك من‬
‫خلل التدابير التالية‪:‬ا‬

‫‪ -‬خلق توازان بين الضرائب غير المباشرة التي تشكل حوالي ‪ 3/2‬من المداخيل الجبائية وأالضرائب المباشرة‬
‫التي تراعي وأتتماشى مع مبدأ وأأهداف العدالة الجبائيىة؛‬

‫‪ -‬سن نظام ضريبي يراعي المقدرة التكليفية للملزمين‪.‬‬

‫مسألة أخرى أساسية تدخل في نطاق العقد الجتماعي الذي يجب أن يجمع دافع الضريبة بالدارة‪ ،‬هي‬
‫مسألة القبول بالضريبة‪ ،‬ففي كل دوألة ديمقراطية يجب قابول الضريبة‪ ،‬هذا القبول إما أن يكون مباشرا أوأ‬
‫نصف مباشر‪ ،‬أي أن يكون إما عن طريق الملزمين أوأ عن طريق من يمثل هؤلء الملزمين؛ الملحظ أن‬
‫المر يتوازاى حينما نتكلم عن الديمقراطية‪ ،‬فنقول ديمقراطية مباشرة وأديمقراطية نصف مباشرة‪..‬الخ‪.‬‬
‫في سويسرا مثل‪ ،‬نجد الكانطونات‪ ،‬فالكانطون هو كل مواطن يصوت لصالح أوأ ضد التعديلت المتعلقة‬
‫بالضريبة‪ ،‬إذ هنا يتم القبول‪ ،‬بمعنى أن الناس يقبلون ذلك التعديل بشكل ديمقراطي عن طريق الغلبية‪ ،‬هذا‬
‫القبول بدوأن شك‪ ،‬يرتبط كذلك بحقوق النسان‪ ،‬فنجد أن العلن الفرنسي لحقوق النسان لسنة ‪ 1789‬مثل‬
‫في بنده ‪ ،14‬يقول‪:‬ا "لكل مواطن الحق شخصيا أوأ بواسطة من يمثله في التأكد من ضروأرة المساهمة‬
‫العامة )أي الضريبة(‪ ،‬من قابولها بحرية وأمن تتبع استعمالها‪ ،‬وأتحديد مقدارها وأأساسها وأكيفية تفصيلها‬
‫وأمدتها"‪ ،‬إذن فقبول المواطن بالضريبة من خلل هذا البند يرتبط بمختلف مراحلها منذ نشأتها إلى غاية‬
‫تحصيلها ثم إنفاقاها ‪.2‬‬

‫إن النقاش الدائر اليوم عن مدى وأجود عدالة ضريبية في نظامنا الضريبي المغربي‪ ،‬وأعن رهانات تحقيق‬
‫المعادلة الكامنة في عدالة ضريبية تساوأي عدالة اجتماعية‪ ،‬يجعلنا نتساءل بالضروأرة عن مدى تطبيق‬
‫مخرجات المناظرة الوطنية الثانية حول الجبايات التي نظمت بالصخيرات يومي ‪ 29‬وأ ‪ 30‬أبريل ‪،2013‬‬
‫وأبالخصوص على مستوى البانيل الوأل المعنون بالتشريع الضريبي وأالعدالة ‪ ،3‬فما الجدوأى من تنظيم‬
‫مناظرة بكلفة مالية مرتفعة وأبوسائل لوجيستيكية عالية‪ ،‬إن لم تنفذ توصإياتها وأنتائجها على أرض الواقاع‪،‬‬
‫بل وأالدهى من ذلك أن المسؤوألين‬

‫على المناظرة وأرغم الكلفة العالية التي نظموا بها هذه المناظرة‪ ،‬لم يكلفوا أنفسهم على القال بتشكيل لجنة‬
‫مختصة من أجل تتبع التوصإيات وأالنتائج وأمخرجات هذه المناظرة‪ ،‬وأذلك من خلل تطبيقها وأتتبعها على‬
‫مدى مدد زامنية متباينة سواء على ‪ 5‬أوأ ‪ 10‬سنوات على الكثر‪ ،‬حتى يتم التطبيق الفعلي لجل مخرجاتها‪.‬‬

‫إلى جانب ذلك‪ ،‬هناك اللغة التي كتبت بها المدوأنة العامة للضرائب‪ ،‬وأالتي تعتبر معقدة حتى على الممارسين‬
‫وأالمتخصصين في المجال‪ ،‬فما بالك بالمواطن العادي بأن يستوعبها وأيعرف كيفية تقديرها وأاحتسابها‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬وأجب إعادة صإياغة المدوأنة العامة للضرائب وأفق أسلوب مبسط وأسهل الستيعاب من طرف الجميع‪.‬‬
‫فمن أجل إصإلحا النظام الضريبي المغربي ليصبح نظاما عادل وأمتكامل‪ ،‬يجب الشروأع الن وأبشكل سريع‪،‬‬
‫في تحليل وأدراسة نظامنا الضريبي المغربي وأفق طريقة نقدية من أجل إستخراج نواقاص وأنقط الضعف‬
‫الكامنة في هذا النظام‪ ،‬وأالعمل على إيجاد حلول بديلة من أجل إصإلحا نظامنا الضريبي في شقه المتعلق‬
‫بالعدالة الضريبية‪ ،‬لن أي إصإلحا يرتبط بالعدالة فهو يمس بشكل أساسي مسألة غاية في الهمية وأهي‬
‫العدالة الجتماعية‪ .‬لذلك‪ ،‬يجب إشراك الجميع في هذا المشروأع سواء أحزاب سياسية التي تغيب عنها‬
‫الرؤى الشمولية للصإلحا الضريبي في جل برامجها النتخابية ‪ ،4‬وأكذا جميع المهتمين بالشأن الجبائي‬
‫ببلدنا‪.‬‬

You might also like