Professional Documents
Culture Documents
يتعرض الناسان خللا مراحل حياته لمجموعة من المخاطر كالمرض والمومة والعجز والشيخوخة
وحوادث الشغل والمراض المهنية والوفاة والعباء العائلية والبطالة ،وتؤدي هذه المخاطر الى التقليل من
قدرة الفراد على الكسب ،او حرماناهم من هذه القدرة ،وبالتالي حرمان السرة من وسيلة العيش التي
كاناوا يعيشون منها.
ويراد بالحماية الجاتماعية في معناه الواسع ،مجموعة من التدابير ،القائمة على التأمين والتضامن ،الهادفة
إلى تحقيق الضمان الجاتماعي وتقديم المساعدة ،ارتكازاا على المساهمات أو دون الرتكاز عليه ،من أجال
ضمان القدرة على توفير الرعاية والدخل لجميع الشأخاص وعلى مدى جاميع مراحل حياتهم(1).
وقد عرفت المجتمعات المختلفة الحماية الجاتماعية منذ زمن بعيد ،إل أناها لم تأخذ الشكل الحالي حيث
كانات تعتمد بشكل أساسي على المبادئ الدينية ،فعندما كان يتعرض الفرد إلى أي ناوع من
المخاطر الجاتماعية كانات المجموعة التي ينتسب إليها سواء العائلة أو القرية أو القبيلة تقوم بالتكفل به،
وادى وجاود مثل هذه المخاطر الى جاعل التفكير الناساناي يتوجاه ناحو البحث عن الوسائل التي تقيه خطر
الحاجاة ان هو اصيب بإحدى هذه المخاطر ،فظهر ناظام الدخار ،حيث بدأ الفراد يتجهون ناحو ادخار
جازء من دخلهم لستعماله حين اصابتهم بخطر يعدم الدخل او يقلله ،في حين اتجه بعض الفراد الى طلب
المساعدة من افراد السرة ،والجيران والصدقاء للحصولا على المالا بعد ان تعذر عليه الكسب ،فظهر
التعاون الجاتماعي والحسان من خللا ما يقدمه الشخص او جاماعة من الشأخاص الى الفقراء
والمعوزين من هبات وصدقات لمساعدتهم على مواجاهة النكبات التي ل يستطيعون رفعا بالعتماد على
امكاناياتهم الذاتية ) ،(2وظهر فيما بعد ناظام التدارك الجاتماعي ،الذي يقوم على اساس قيام جاماعة من
الناس بتشكيل صندوق فيما بينها يمولا من اسهامات اعضاء هذه الجماعة لمواجاهة بعض المخاطر التي قد
يتعرض لها احد هؤلء العضاء ).(3
على الرغم من اناتشار هذه الناظمة بشكل كبير في القدم سواء في المغرب او في غيره من البلدان ال ان
ما يعاب عليها اناها ليست اجابارية واناما تقوم على محض ارادة الطراف ،كما ان طابعها يمس بكرامة
الناسان الذي يضطر الى قبولا ما يسلم اليه تحت ضغط الحاجاة ،اضف الى ذلك محدوديته سواء من حيث
الشأخاص المستفيدين او من حيث ناطاق الستفادة ،اذ في الغالب ل يتجاوز ناطاقه محيط العائلة او القرية
التي يعيش فيها الفرد.
ولم تظهر اناظمة الحماية الجاتماعية بشكل مهيكل ال في الدولا المتقدمة ،حيث ظلت حكرا على هذه
البلدان باعتبارها أداة لـتعويض الفقدان الـمؤقت للدخل الناجام عن الزمات ذات الطبيعة الـمرحلية ،و كان ينظر إليها
1تقرير المجلس القاتصادي والجتماعي والبيئي حول "الحماية الجتماعية بالمغرب واقاع الحال ،الحصيلة وسبل تعزيز انظمة الضمان والمساعدة
الجتماعية " احالة ذاتية رقام .34/2018
2محمد بنحساين " القانون الجتماعي المغربي الحماية الجتماعية الجزء الثاني" مطبعة المنية الرباط 2016صفحة 8
3محمد بنحساين مرجع سابق صفحة 9
على أناها غير مناسبة للبلدان النامية التي يشكل فيها الفقر والهشاشأة ظواهر هيكلية ،وكانات النماذج القتصادية التي
تسود في معظم هذه الدولا النامية تهدف بالدرجاة الولى الى الرفع من النمو القتصادي ،في حين كانات الحماية
الجاتماعية تأتي في مرتبة ثاناوية باعتبارها قطاع غير منتج ،ال اناه مع توالي الزمات القتصادية ،وتفاقم ظاهرة الفقر
واتساع الفوارق الجاتماعية ،اعتمدت الحماية الجاتماعية كألية لتثمين الرأسمالا البشري وتعزيز الحقوق الجاتماعية
للفراد ،وتحقيق تأثير مزدوج من جاهة على النمو القتصادي ،ومن جاهة اخرى الحفاظ على المن والستقرار
والتماسك الجاتماعي لذلك عملت جال البلدان النامية على اقرار برامج للحماية الجاتماعية توفر اناماط مختلفة من
الخدمات للساكنة الكثر هشاشأة ( 4).
والمغرب كغيره من الدولا النامية وضع شأبكة من اناظمة الحماية الجاتماعية وذلك بشكل تدريجي ،حيث تتشكل
منظومة الحماية الجاتماعية بالمغرب من مكوناين اساسين يرتبط المكون الولا بمنظومة الحماية
الجاتماعية التي تقوم على مبدأ المساهمة أوالشأتراكات ،في حين يرتبط المكون الثاناي بالمساعدة
الجاتماعية ويقوم على الدعم المباشأر دون الحاجاة الى المساهمات ،وبالنظر الى كون موضوعنا يرتبط
ارتباطا وثيق بالجاراء ،سواء في القطاع الخاص أو في القطاع العام ،وبالنظر الى كون المكون الثاناي من
الحماية الجاتماعية ل يقتصر على الجاراء والموظفين فقط بل يستهدف جاميع مكوناات المجتمع ويتكون
من برامج ذات طابع غير اشأتراطي اي يستفيد منها جاميع المغاربة على حد السواء فننا سنقتصر في هذه
البحث على المكون الولا من منظومة الحماية الجاتماعية ،المبني على الشأتراكات والمساهمات ،وذلك
من خللا الجاابة عن الشأكالية التالية ،ماهي حدود الحماية الجاتماعية التي توفرها منظومة الحماية
الجاتماعية بالمغرب ؟ وتتفرع عن هذه الشأكالية مجموعة من السئلة الفرعية التي بإجاابتنا عنها ناكون
قد احطنا بالشأكالية التي وضعناها لهذا البحث ،وتتمثل هذه السئلة الفرعية فيما يلي:
ماهي السس والقيم التي تنبني عليها منظومة الحماية الجاتماعية بالمغرب؟ وبالتالي ماهي مختلف
الخطار التي تعطيه منظومة الحماية الجاتماعية بالمغرب؟ ثم ماهي المرجاعيات التي تستند عليها هذه
المنظومة ؟ ثم ما هي مكوناات هذه المنظومة ؟ وممادى ناجاعتها في توفير الحماية المبتغاة منها ؟
ان الجاابة عن مختلف هذه التساؤلت وغيرها التي سترد في البحث يقتضي منا ابراز اسس هذه
المنظومة ومرجاعياتها القاناوناية )المبحث الولا( ،ثم الوقوف عند وضعية منظومة الحماية الجاتماعية
بالمغرب)،المبحث الثاناي( .وذلك وفق التصميم التالي:
4المناظرة الوطنية الولى للحماية الجتماعية تحت شعار جميعا من اجل منظومة مندمجة ومستدامة للحماية الجتماعية عقدت بقصر المؤتمرات
الدولي محمد السادس بالصخيرات يومي 12و 13نونبر . 2018
المبحث الول :اسس منظومة الحماية الجاتماعية ومرجاعياتها القانونية
تتأسس منظومة الحماية الجاتماعية المغربية على مجموعة من السس والمبادئ )أول(التي تمكنها من
مواجاهة مجموعة من المخاطر)ثانايا(
ترتكز المنظومة المغربية للحماية الجاتماعية ،على مبدأ اعادة توزيع الثروة ،ومبدأ المحافظة
على الدخل لتحقيق الستقرار والمن الجاتماعي ،ومبدأ التضامن ذلك من خللا مبدأ المساهمة
والشأتراكات في تمويل هذه المنظومة ،حيث تتشكل منظومة الحماية من مجموعة من الليات الحتياطية
التي تمكن الفرد والسرة من مواجاهة المخاطر الجاتماعية التي يترتب عنها اما ازياد النفقات على الفرد
او السرة او تدناي المدخولا او حتى اناقطاعه ،ولذلك فتوفير حماية اجاتماعية متينة يستوجاب مجموعة من
المتطلبات الساسية ،كتطبيق الحد الدناى للجاور ،وتوفير الرعاية الصحية ،ومبدأ التأمين
فتطبيق الحد الدناى للجاور ،له أبعاده الجاتماعية والقتصادية ،وهو يهدف ويراعي مستويات نافقات
المعيشة والحاجاات الساسية للجاير وأفراد أسرته ويضمن كرامته في المجتمع ،ويجعله يعيش حياة
كريمة ويشعر بالستقرار القتصادي والجاتماعي ،ومن الناحية القتصادية فإن وضع حد ادناى للجاور ل
يجب النزولا عنها يجعل الدولة تضمن قدرة شأرائية مستقرة عند حد معين مما يجعلها تتحكم في الستهلك
والناتاج في نافس الوقت بما يحقق التوازن القتصادي والجاتماعي
والمن الوظيفي ،مما ينعكس عليه وعلى أسرته بشكل ايجابي ،ويوفر له على القل ناوع من الحماية
من الستغللا في الجاور أمام قاناون العرض والطلب .
أما مبدأ الرعاية الصحية فيقتضي أن توفر الدولة رعاية صحية للمواطنين على قدم المساوات ،دون تميز
حتى تحصل على مجتمع خالي من المراض وقادر على مواكبة التنافسية القتصادية ومطمئن من الناحية
الجاتماعية.
في حين يقتضي مبدأ التأمين ،مواجاهة الضرار والخطار التي تحدق بالفراد والسر وكذا تحديد
المسؤولية المترتبة عنها.
ثانيا :الخاطار التي تستهدفها منظومة الحماية الجاتماعية المغربية
تستهدف منظومة الحماية الجاتماعية تأمين دخل الفرد والسر من خللا مواجاهة مجموعة من الخطار
المتمثلة في ما يلي:
المخاطر المرتبطة بالصحة :كالمرض ،والعجز ،الضرار المترتبة عن حوادث الشغل
والمراض المهنية
المخاطر المرتبطة بالسرة ،والمومة كالعاناة على تحمل اعباء السرة ،والمخاطر المرتبطة
بالمومة ،والوضع.
المخاطر المرتبطة بالشيخوخة والمعاش حيث يتدناى دخل الفرد بالموازاة مع تراجاع قدرته على
العمل والكسب
المخاطر المرتبطة بالشغل ،كالبطالة ومصاريف الدماج واعادة الدماج المهني
وقد وضع المغرب تشكيلة متنوعة من الناظمة لمواجاهة هذه المخاطر استنادا الى عدة مرجاعيات ناقف
عندها من خللا المطلب الثاناي من هذا المبحث.
المطلب الثاني :المرجعيات القانونية المؤطرة لمنظومة الحماية الجتماعية بالمغرب