Professional Documents
Culture Documents
فاضمة االشفر
امينة انفر
حسناء شهابي
لبنى الكداري
زينب الوزواز
ندى كريم
2021-2022
مقدمـــــة :
تعتبر الجماعات الترابية عنصرا مهما و دعامة أساسية في تحقيق التنمية المحلية ،لكونها المحرك
األساسي لحركة اإلنتاج المحلي ،مما يلقي عليها مسؤولية ضخمة تقتضي منها أن تكون في مستوى
هذه األخيرة وقادرة على أداء دورها بكفاءة وفعالية لما يتطلبه مسلسل التنمية المحلية .الذي
يستوجب التوفر على نظام جبائي قوي وفعال وذو نظرة تنموية استشرافية ،وعلى تحصيل جيد و
سليم لمختلف الجبايات المحلية المكونة لهذا النظام بشكل يضمن استمرار و زيادة الموارد الذاتية .
وتبقى دورات الميزانية هي المناسبة الوحيدة التي تكشف كيفية صرف الميزانية ،و المداخيل التي
تم تحصيلها و المصاريف التي تم انجازها حسب كل فصل من فصول الميزانية ،و الذي يعكس
التدبير المالي للجماعة الترابية ،إن كان القانون التنظيمي رقم 113.14وفق ما تنص عليه المادة
رقم 94قد أوكل الى رئيس الجماعة مجموعة صالحيات من ضمنها تنفيذ برنامج عمل الجماعة ،
وتنفيذ الميزانية وغيرها من الصالحيات باعتباره األمر بقبض مداخليها وصرف نفقاتها ،مع العلم
أن جزء من هذه الميزانية هو جبايات محلية تقوم به الجماعة نفسها باعتبارها أداة من أدوات التنمية
المحلية ،ووفق ما تنص المادة 128من قانون رقم 06.47المتعلق بالجبايات.
ويوجه رئيس المجلس الجماعي إلى مصلحة الجبايات المحلية في شخص وكيل المداخيل الجماعي
األمر باستخالص الرسوم كما جاء في المادة 127من القانون 06.47على أنه " يقوم وكيل
المداخيل الجماعي المعني باستخالص الرسوم اإلقرارية و الحقوق النقدية" .إال أن مرحلة
استخالص تعتليها مجموعة من االشكالت ،ومن أهمها المعضالت التي تؤرق الجماعات الترابية
منذ سنوات الباقي استخالصه كإشكالية تاريخية مرتبطة بعوامل اقتصادية واجتماعية
وسيكولوجية ...وهو شيء مرتبط بإشكالية التحصيل في رمتها ال على المستوى الوطني وال على
المستوى المحلي وهنا يجب التمييز بين الباقي تحصيله كما يقول بذلك الموظفون المعنيون بعملية
االستخالص والباقي استخالصه فاألول تحصل جبايته في كل األحوال والثاني ذو طبيعة إشكالية
سياسية .وال تكاد في القوانين المنظمة للجماعات الترابية ما يشير الى الباقي استخالصه ،ماعدا
المادة 135و 145من مرسوم رقم 441.09.2صادر في 17من محرم 3 (1431يناير 2010
) بسن نظام المحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها 1حيث تشير المادة 135الى: "...,
ضرورة تبليغ الخازن واالمر بالصرف عن طريق المحصل الجماعي بالوضعية المختصرة
لتكفالت والتحصيالت والباقي استخالصه ،"..
1تشير المادة 135من مرسوم المحاسبة الجماعية الى انه "يتعين على المحصل الجماعي ،عند حصر حساب آخر كل شهر ،أن يبلغ الخازن المكلف باألداء واآلمر بالصرف قبل
اليوم الخامس من الشهر الموالي ،بما يلي :،
-وضعية األموال المتوفرة ) الصندوق وحسابات األموال المتوفرة الخارجية( بالمركز المحاسبي الذي يتولى تسييره؛ -وضعية القيم؛ -رصيد الحساب "صوائر التحصيل " -
الوضعية المختصرة للتكفالت والتحصيالت والباقي استخالصه مع بيان اإلجراءات التي قام بها خالل الشهر المنصرم"
اما المادة 145فهي تنص على اعداد الخازن المكلف باألداء في بداية شهر يناير قائمة تلخيصية في
ثالثة نظائر للمبالغ الباقية الواجب استخالصها في 31ديسمبر ،تحدد حسب األبواب ،وبالنسبة لكل
باب برسم السنة مصدر الديون يوقع عليها ويعرضها على تأشيرة االمر بالصرف الذي يحتفظ
بنظير منها لمحاسبته اإلدارية ".والحالة هذه ،فالباقي استخالصه يتشكل من المداخيل التي تم
جردها من قبل اإلدارة الجبائية المحلية .والتي لم تتمكن من تحصيلها في وقتها ،حيث تقوم الجماعة
قبل السنة المالية التالية بتوجيه أوامر بالتحصيل بشأنها إلى القابض الجماعي الذي يصبح بمجرد
استالمه مسؤوال عن جبايتها .
كما يتشكل أيضا من مجموع المداخيل التي أوكل المشرع أمر تحصيلها للقابض ،ولم يتم
استخالصها في وقتها أي داخل السنة .ان األرقام المتعلقة بالباقي استخالصه ،تجعلها ظاهرة جديرة
بتسليط الضوء عليها ،اال ان األمر يتعلق بالتحصيل وعالقته بالجماعات وأسباب وجودها ،أي
تحقيق التنمية في أبعادها الشمولية ،خصوصا مع الوضع الجديد للجماعات الترابية ال في دستور
2011وال في القوانين التنظيمية الجديدة
التحديـــــد المفاهيمــــــــي:
-1مفهوم النظام الجباني :
يقصد بالنظام الجباني مجموع الضرائب و الرسوم ،المفروضة في دولة معينة و وقت محدد،
بمعنى آخر هو مجموعة الضرائب التي يتم اختيارها و تطبيقها في مجتمع معين ،وزمن محدد،
بغية تحقيق أهذاف السياسة الجبائية التي ارتضاها ذلك المجتمع.
-2مفهوم الجباية المحلية :
يمكن تعريف الجبايات المحلية بأنها مجموع الرسوم المفروضة على الملزم الجبائي المحلي ،والتي
تحدد اإلدارة المحلية مقدارها ،بناءا على النصوص التشريعية أو التنظيمية .وتشكل الجبايات
المحلية أحد مصادر التمويل الذاتي للجماعات الترابية الى جانب مداخيل الممتلكات ومنتوج
الخدمات والهبات ..ونظرا النتشار دعائم الالمركزية في أقطار العالم المعاصر فقد شكلت الجبايات
المحلية الرصيد المالي األكثر عطاء واستقرار في ميزانيات الجماعات الترابية .كما أن حجمها
يعتبر مؤشرا هاما لقياس مدى قدرة الكيانات المحلية على التحرك نحو إنجاز مخططاتها
اإلقتصادية واإلجتماعية ،على أن تظل اإلمكانيات التمويلية للجبايات المحلية موضوع يتصدر
قائمة األولويات في كل مناسبة تناقش فيها مالية الجماعات الترابية ،ال لشيء سوى لكون هذه
األخيرة تشكل حجر الزاوية للموارد المحلية ،وبالتالي إلستقاللها المالي.
-3اإلدارة الجبانية المحلية :
إن مفهوم ا إلدارة الجبائية المحلية يتجسد في مجموع األجهزة المكلفة بالجباية المحلية ،انطالقا من
تحديد الوعاء مرورا بتحديد السعر وانتهاء بالتحصيل ،كما تعمل على تنفيذ القوانين والتحقق من
سالمة تطبيقها ،وتجد هذه األجهزة سندها في نص المادة 167من القانون 47.06التي تؤكد على
أنه :يقصد بمصطلح اإلدارة في هذا القانون :
-1المصالح التابعة لمديرية الضرائب بالنسبة للرسوم اآلتية :
+الرسم المهنية
+رسم السكن
+رسم الخدمات الجماعية.
-2المصالح التابعة للجماعات المحلية بالنسبة لباقي الرسوم المذكورة في هذا القانون.
إلى أي حد يشكل الباقي استخالصه معضلة تعرقل التنمية ؟ وماهي السبل الكفيلة للحد من تراكم
الديون العمومية المحلية ؟
وتبعـا لكـل مـا سـبق ذكـره ،استوجب علينـا تحـديـد خطـة لدراسـة الموضوع ،وهـو األمـر الـذي
يـجيـز لنـا تنـظـيـم عمـل الدراسـة باعتمـاد ثنائيـة التقسـيـم مـن خـالل اعتماد مبحثين رئيسين على
الشكل التالي:
المبحث األول :اإلكراهات المرتبطة بعملية التحصيل وانعكاساتها
المبحث الثاني :افاق اصالح منظومة التحصيل الجبائي المحلي
المبحث االول :االكراهات المرتبطة بعملية التحصيل وانعكاساتها
المطلب االول :اسباب تنامي ظاهرة الباقي استخالصه
رغم المجهودات التي وضعها المشرع المغربي لمجابهة ظاهرة تحصيل الجبايات الباقي
استخالصها ،إال أننا نالحظ عكس ذلك ،فهذه الظاهرة تنامت بشكل كبير في المجتمع مما يدفعنا
للتساؤل حول أهم األسباب التي ساهمت في تنامي هذه الظاهرة .والتي يمكن أن نذكر األسباب
القانونية (الفقرة األولى) و التنظيمية (الفقرة الثانية).
إن القراءة المتأنية للقانون 07.20تجعلنا نقف عند مجموعة من الثغرات التي تجوب الجانب
القانوني لهذه المنظومة ،خصوصا في حدود مبدأ التبسيط و الذي أدى الى عدم التطبيق السليم
لمقتضيات هذا القانون ،ثم كثرة اإلعفاءات الجبائية ،إضافة الى حدودية الوعاء الجبائي:
فرغم التعديالت التي عرفها القانون المتعلق بجبايات الجماعات الترابية من أجل تطوير و الرفع
من الموارد المالية للجماعات ،فهو الزال يحمل بين فصوله العديد من اإلعفاءات و التخفيضات6
* * 1 المادة 71 الرسم على اإلقامة بالمؤسسات السياحية
مجموع اإلعفاءات
انطالقا من هذا الجدول يمكن القول أن اإلصالح الجبائي أقر العديد من اإلعفاءات السخية و الغير
3سناء أحمر الراس "التدبير المالي بين إكراهات الواقع و متطلبات التنمية" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في العلوم السياسية ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية ،سال،
جامعة محمد الخامس السويسي،2016/2017 ،ص82
4سعيد جفري ،الجبايات المحلية ،مكتبة الرشاد ،سطات 2015 ،ص 117
5المحجوب الدربالي" النظام الجبائي المحلي على ضوء القانون رقم ، 47.06بحث تأهيلي لنيل شهادة الماستر ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية و االجتماعية سال ،جامعة محمد
الخامس السويسي ،الرباط 2007/2008ص 66
6حسن سهلي "آليات تحسين األداء المالي للجماعات الترابية و الجماعة الحضرية طنجة نموذجا" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،ماستر تدبير الشأن العام المحلي،
كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية ،جامعة عبد المالك السعدي ،طنجة 2013/2014ص 21
7
المبررة محاباة لبعض المكلفين و بالتالي ترحيل العبء الجبائي الى فئات اجتماعية أخرى ،وفي
7
هذا الجانب تم إعفاء منعشين عقاريين في مادة السكن اإلجتماعي من كل الرسوم المحلية.
ثﺎنيﺎ :محدودية توسيع الوعاء الجبائي و استمرار العمل بالنصوص القانونية السابقة:
رغم الحرص المبدئي من قبل المشرع للوصول الى المادة الجبائية المحلية في األغلب فإن أوجه
المظاهر األولية لضيق الوعاء الجبائي تبتدأ من خالل التوزيع الكمي الغير المتكافئ للمادة الجبائية
بين المجالين الحضري و القروي ،وهو توزيع كرس من الناحية القانونية ما يعرف بالتمييز
الجبائي ،8بين الوسط الحضري و القروي ،خاصة بالنسبة للجبايات ذات الطابع العقاري.
وهكذا فإذا كانت الرسوم المحلية ذات طابع عقاري تشكل موردا ماليا أساسيا بالنسبة للجماعات
الحضرية ،فإن عددا كبيرا من الجماعات الواقعة في المجال القروي تفتقر الى وجود أوعية لمثل
هذا الصنف من الرسوم.
إن القانون 47.06أثبت محدوديته على مستوى معالجة إشكالية الوعاء الجبائي ،فإذا كان هذا
القانون عمل على محاولة توسيع الوعاء المحلي و إصالح شكله ،9فإنه مع ذلك سجل قصورا
قانونيا لهذا النص في إحجامه عن تضريب مجموعة من القطاعات والتي كان بمقدورها الرفع من
المردودية.
من العيوب التي يمكن أيضا مالحظتها على مستوى القانون رقم 47.06تلك المتعلقة بالجانب
التشريعي ،خاصة فيما يتعلق باستمرارية العمل بالقانون 30.89رغم دخول القانون رقم 47.06
المتعلق بالجبايات المحلية حيز التنفيذ من جانب ،ومن جانب آخر مسألة تعدد النصوص المنظمة
للجبايات المحلية ،حيث يعد التجميع و التركيب هو هدف اإلصالح.
إن المؤاخذات التي سجلت على النصوص المنظمة لجبايات الجماعات الترابية ،والتي أدت في
الوقت ذاته الى نوع من الغموض لذى اإلدارة الجبائية و الملزم الى استمرار تطبيق مقتضيات
القانون 30.89فينا يتعلق ببعض الرسوم رغم دخول القانون رقم 47.06حيز التنفيذ ،على
اعتبار أن هذه الرسوم ال تتسم بالطابع الجبائي ،وبالتالي فهي تعتبر إتاوات وليس جبايات مع العلم
أن هذه رسوما محلية.
7محمد شكيري" إصالح منظومة الجبايات المحلية بين أهداف اإلصالح و إكراهات الواقع"المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية ،العدد 136مطبعة النجاح الجديدة ،الدار
البيضاء سنة 2011ص 181
8عبد السالم أديب ،السياسة الضريبية و استراتيجيات التنمية ،دراسة تحليلية للنظام الجبائي المغربي أفريقيا الشرق 2000 ،ص 69
9أحمد حضراني"النظام الجبائي المحلي على ضوء التشريع المغربي و المقارن"منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية العدد 22سنة 2001ص 245
8
ولعل اإلشكالية هنا تكمن في التعريف الذي جاء أثناء تقديم المذكرة العامة حول مشروع اإلصالح
الجبائي أمام البرلمان للمناقشة ،حينما ميز وزير المالية بين كل من الضريبة و اإلتاوة ،إذ عرف
الضريبة حسب القانون الضريبي و قواعد المالية العامة بكونها تستخلص من طرف الدولة أو
الجماعات الترابية بدون ربطها بخدمة معينة ،أما اإلتاوة فهي تستخلص مقابل خدمة تنجزها الدولة
أو الجماعات الترابية لفائدة الملزم.
ثﺎﻟثﺎ :تعدد القوانين المنظمة لجباية الجماعات الترابية و قصور التضريب لبعض القطاعات
كرس القانون المتعلق بالجبايات المحلية نفس الوضعية من حيث تعددية النصوص القانونية
المنظمة للجباية المحلية ،و معه من جهة أخرى تعدد عدد الجبايات المحلية حيث ستنتقل من 17
الى 30رسم ،و هو في ذلك ضرب لمقاصد اإلصالح ،سواء من حيث التجميع أو التبسيط ،ففي
الوقت الذي أكد فيه اإلصالح على تجميع كافة الرسوم الخاصة بالجماعات الترابية في نص
قانوني واحد ،طبقا ألحكام الفقرة الرابعة من المادة 176من القانون رقم 47.06نجده في المقابل
يحتفظ بتعددية النصوص القانونية المنظمة للجباية المحلية.
إذا كان القانون أمام ثالث نصوص قانونية ،ويتعلق األمر بكل من القانون 30.89المتعلق بنظام
الضرائب المستحقة للجماعات المحلية و هيئاتها ،تميز بضيق الوعاء فإن القانون رقم 47.06جاء
بعدة مستجدات ،ورغم ذلك فإنه لم يتجاوز تلك الحدود ،حيث تميز بقصور تضريب لبعض
القطاعات ،إذ يالحظ غياب سلطة جبائية تدخلية في مجال العقار ،قصد محاربة ظاهرة المضاربة
العقارية.
و تجميد األراضي خصوصا بمراكز المدن التي تتحول فيها هذه األراضي الى عبء ،فالضريبة
العقارية أداة تدخلية للحد من ظاهرة تجميد العقارات ،وبالتالي محاربة المضاربة التي تهم العقار
المبني على المستوى القروي ،نالحظ أن القانون رقم 47.06حصر تطبيق الرسم على األراضي
الغير المبنية بالنسبة للمراكز المحددة بالنطاق الترابي للجماعات القروية على تلك تتوفر على
وثائق التعمير10.
10عبد االاله الفتاحي ":تحصيل الديون العمومية المحلية وإشكالية ال باقي استخالصه بالمغرب " ،رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام ،كلية متعددة التخصصات الناضور
, 2021/2022 ،ص 80 ،79
9
كما رأينا سابقا من خالل الالتوازن على مستوى توزيع الرسون الترابية بينها و بين الجماعات
الحضرية ،حيث تعاني من العجز التمويلي الذاتي خاصة أمام اإلكراهات التنموية التي تعرفها هذه
الجماعات.
ولم تكن العماالت و األقاليم أحسن حاال من الجماعات القروية ،على ضوء اإلصالح الجبائي
المحلي ،حيث أن ماليتها ال تتعدى بعض الرسوم القليلة و ذات المردودية الضعيفة .مما يطرح
سؤال حول كيف يمكن لمجالس العماالت و األقاليم أن يكون لها دور في التنمية.
تعاني الجهات بدورها من نفس الضعف على مستوى جباياتها ،فمن أصل ستة رسوم ،كانت
تحظى بمستحقاتها خالل القانون السابق ،منحها المشرع بمقتضى القانون رقم 47.06ثالث رسوم
فقط ،كما أن مردوديتها باستثناء الرسم المفروض على الخدمات المقدمة بالموانئ تتميز بضعف
11
أوعيتها و مردوديتها.
من األسباب التنظيمية ما هو مرتبط بعمل األجهزة الفاعلة في ميدان تحصيل المداخيل الجبائية،
وتعد من أهم األسباب والعوامل التي لها تأثير على توجيه اإلدارة المكلفة باالستخالص ،فرغم أن
المشرع عمل على الفصل بين اختصاصات المحاسب العمومي و اآلمر بالصرف ،إال أن األمر ال
زال يشكل عائق أمام المحاسب العمومي الذي يعمل تنفيذ المداخيل ،حيث أن اآلمر بالصرف
بحكم أنه نتاج لجانب سياسي يجعله محط ضغوطات من طرف القاعدة االنتخابية ،وهذا للحفاظ
على األصوات مع كسب الشعبية ،كون أن عملية اإلحصاء تتم من طرف اإلدارة الجبائية ،مما
12
ينعكس بشكل سلبي على العدالة الجبائية و كذا تفاقم الثقة في اإلدارة الضريبية.
ويبرز تقصير المصالح الجبائية من خالل انعدام الدقة و الجدية في العمليات التي تقوم بها هذه
المصالح ،وهو ما ينعكس على عدد كبير من اإلشعارات الجبائية التي يتم ارسالها الى الملزمين،
ويتم ارجاعها الى مصالح التحصيل ،بحيث أن بعض اإلشعارات الجبائية ال تحمل المعلومات
13
الكافية و الدقيقة ،األمر الذي يجعل الملزم يرفض األداء.
11عبد االاله الفتاحي ":تحصيل الديون العمومية المحلية وإشكالية الباقي استخالصه بالمغرب " مرجع سابق ،ص 81
12ابراهيم صبري"القباضة الجماعية و مسألة التدبير المالي الجماعي" رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقةفي القانون العام ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و
االجتماعية ،الحسن الثاني ،عين الشق الدار البيضاء 1998/1999ص 61
13لكبير مركوش "التحصيل الجبائي المحلي بالمغرب ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقةفي القانون العام ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية ،جامعة الحسن
األول ،سطات 2000/2001 ،ص 109
10
باإلضافة الى كون اآلمر بالصرف يفتقد في بعض الحاالت الى الحماية القانونية من مستشاري
المجلس الجماعي ،مما يجعله في حالة جذب بين القابض الجماعي الذي يعمل بآليات تقنية و
قانونية وكذا بين المستشارين الذين يعملون بالجانب السياسي والمصلحي ،مما يؤدي باآلمر
بالصرف الى التنازل و تلبية الرغبات.
تعاني األجهزة المكلفة بالتحصيل المحلي في كثير من األحيان من نقص الموارد المالية المتمثلة
في األدوات و التجهيزات ووسائل النقل و النظام المعلوماتي .و هذه الوضعية ،تؤثر بشكل سلبي
في عمل هذه المصالح ،وكذا في تحجيم دورها في تفعيل التحصيل الجبائي ،وتحسين مردوديته،
غير أن هذه العوائق تختلف من مصلحة إلى أخرى بحكم اختالف انتمائها .إذ تنتمي القباضة الى
وزارة المالية ،في حين تنتمي وكالة المداخيل الى اإلدارة الجماعية المحلية ،ومع ذلك فإنهما
تشتركان في أغلب المعيقات وتعرفان من العيوب ما يحول دون ضبطهما للواقعة الجبائية بصفة
عامة14.
إن أجهزة التحصيل الجبائي المحلي ال يمكن أن تؤدي مهمتها بشكل مرضي مهما بلغ شكل
تنظيمها ،إذا لم تتوفر على الوسائل الالزمة والطرق المثلى لحسن عملها و تسييرها ،وال زالت
هذه المصالح تعاني الكثير من المشاكل التي تتعلق بوسائل عملها ،مما ينعكس سلبا على وظيفتها
و مردوديتها ،وخاصة فيما يتعلق بعملية تحصيل الضرائب والرسوم المحلية.
من شأن توفير األدوات والتجهيزات الكافية التأثير بشكل مباشر على عمل و نفسية موظفي و
أعوان التحصيل ،وعلى راحة الملزمين ،وتمكين الجماعات الترابية في نهاية المطاف من الرفع
من مردودية التحصيل ،أال أنه مع األسف ،يالحظ أن أغلب مصالح التحصيل تفتقر الى أبسط
ظروف العمل ،وخاصة وكاالت المداخيل ،.أما بخصوص القباضات فتجدر اإلشارة الى عدم
توفر بعضها على مقرات خاصة بها ،حيث أن الجماعات هي التي توفر لهاته اإلدارة مقراتها15.
إن وكاالت المداخيل الجماعية تعاني هي األخرى من قلة وسائل النقل من سيارات و دراجات
لتسهيل عملية تنقل أعوان التحصيل على صعيد الرقعة الترابية للجماعة ،األمر الذي من شأنه أن
يربك عملية التحصيل ،ويفوت على الجماعة مداخل مهمة و يتسبب في إهدار المال العام
16
المحلي.
14نعيمة أمويتي" :القابض و اشكالية الرقابة على تنفيذ الميزانية الجماعية بالمغرب" " ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و
االجتماعية ،جامعة الحسن الثاني 2003/2004ص 224
15نعيمة أمويتي ،م .س ص 224
16كريم لحرش" النظام الجبائي المغربي المحلي على ضوء الممارسة العملية و االجتهاد القضائي ،م .س ص 184
11
أذا كانت اإلدارة الجبائية من الناحية القانونية قد أثبتت أهميتها و الجدوى من إنشائها ،فنجدها من
الناحية العملية و التنظيمية الزالت في حاجة الى الشيء الكثير ،وخاصة و أن الوسائل المادية و
اإلمكانات البشرية بل و حتى القانونية الموضوعة رهن إشارتها ال تزال قاصرة وضعيفة ،وال
تالئم ثقل عملها ،وال توازي اآلمال المعقودة عليها ،وال تشجع على تعزيز وتدعيم المكاسب
المحققة ،ذلك أن تطبيق القانون الجبائي المحلي سيعرف المحالة قصورا و حدودا تضاف الى
محدودية تعاون هذه اإلدارة مع محيطها اإلداري لغياب التنسيق بينهما و بين باقي الفاعلين
اآلخرين المتدخلين لي تدبير الجباية المحلية.
وما ساهم في تدهور هذه الوضعية قصور السلطات الوصية عن مساعدة الجماعات لتجاوز
الوضعية ،وذلك لعدم توفير تكوين كافي للموظفين الساهرين على اإلدارة الجبائية المحلية ،وعدم
مدهم بالمعطيات و المعلومات في الوقت المناسب بل إن ضعف التعاون على هذا المستوى يمتد
الى اإلدارات األخرى التي قد تكون على مرمى حجر من مقر الجماعة كالمحافظة العقارية و
نيابات التعليم التي تمتنع عن مد اإلدارة الجبائية المحلية بالمعلومات و المعطيات الضرورية التي
17
تحتاجها لفرض الضرائب و الرسوم المحلية.
إذا كان المشرع قد جعل من نظام اإلقرار المعتمد في أغلب الرسوم المحلية في إطار توثيق
العالقة بين اإلدارة الجبائية و الملزم ،إال أن اإلقرار كإجراء يتوقف باألساس على السلوك و
األخالق للملزم الذي ال يمكن إحكامه بواسطة النص القانوني ،و هذا ال يمكن الركون إليه دائما،
ألنه يخشى اال يقدر الحقيقة نظرا لمصلحته الظاهرة في تقليل قيمة المادة الخاضعة للتضريب.
لذا فأي جانب من جوانب النظام الجبائي يجب األخذ بعين االعتبار البعدين النفسي والسيكولوجي،
حيث أن غياب هذه المعطيات التي دخلت ميدان علم اإلدارة يمكن اعتبار النص القانوني ناقص و
غامض ،ويمكن مقاربة شرعية العالقة الجبائية المحلية من عدمها من خالل العالقة السلوكية بين
الملزم و اآلثار التي تخلف الجباية المحلية في نفسيته ،و بسبب تغليب األفراد لمصالحهم الخاصة،
يقيمون نظريتهم للنظام الجبائي المحلي بناءا على اعتبارات مصلحية و أنانية تجعل كل جباية
مهما كانت درجة اإلتقان و اإلنسجام جباية غير مرغوب فيها مادامت تمسهم في أموالهم
وحريتهم ،فالعديد من الملزمين ال يتوفرون على الوعي بأنهم يقومون بخطأ أخالقي.
18خالد بنموسى "اشكالية الغش الضريبي و انعكاساته على عالقة اإلدارة بالمكلف" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقةفي القانون العام ،جامعة عبد المالك السعدي طنجة
2008/2009ص 59
13
المطلب الثاني :انعكاسات ظاهرة الباقي استخالصه
ساهمت مدونة تحصيل الديون العمومية في تجميع النصوص القانونية المتعلقة بمجال
التحصيل و توحيدها كعملية مادية و فنية اال ان الجماعات الترابية تعترضها صعوبات
كبيرة بمناسبة القيام بتحصيل الجبايات المستحقة لها ويتجلى ذلك من خالل تحليل
مضامين الحسابات المالية السنوية للجماعات الترابية ،بحيث يبقى قسط كبير منها مجرد
ارقام مدرجة بسجل المداخيل المقررة دون ان يتم تحصيلها .هذه اإلشكاالت أدت الى
تراكم الباقي استخالصه الذي انتج تحصيالت مالية غير متكاملة و غير قادرة على
مواجهة الرفع من المردودية المالية للجبايات المحلية قصد تغطية النفقات المتزايدة في
ظل ضعف الموارد غير الجبائية الموازية ،األمر الذي أدى الى ضياع أموال مهمة عن
الخزينة المحلية ،و بالتالي للجوء الى االداءات الخارجية و المساعادات التي تقدمها
الدولة .
ومن هذا المنطلق سنعالج هذا المطلب من خالل الوقوف عند تضخم الباقي استخالصة
('الفقرة األولى ) و لدراسة اثار الباقي استخالصه (الفقرة الثانية).
19كريم لحرش النظام الجبائي المحلي الغربي بين النص و القانون و الممارسة م س ص .182
14
ويعتبر الباقي استخالصه ظاهرة مرضية ف يمالية الجماعات الترابية و هو مشكل سائد
بجميع الجماعات ،سواء الجماعات التي يقع ترابها داخل المجال الحضري او الجماعات
20
التي يقع مجالها في العالم القروي سواء كانت الجماعات غنية او فقيرة.
وقد سجل الباقي استخالصه خالل الفترة الممتدة ما بين 2009و 2013ارتفاعا من 13
مليار درهم الى 16.8مليار الدرهم أي بزيادة بلغت 29في المئة و بارتفاع سنوي بلغ
في المتوسط . 7.3في ال مئة مما يدل على وجود عجز بنيوي على مستوى التحصيل .
تطور الباقي استخالصهم برسم 2013-2009
2012 2011 2010 2009 الرسوم
20كريم لحرش النظام الجبائي المحلي الغربي بين النص و القانون و الممارسة م س ص .71
15
لذا من خالل الجدول أعاله يتضح ان نسب الباقي استخالصه ترتفع سنة بعد أخرى و
ذلك بنسب متفاوتة.
اذا كانت اإلصالحات المالية التي شهدها المغرب تسعى الى تنمية الموارد المالية
للجماعة و تدعيم استقاللها المالي ,فانه مع ذلك يبقى قاصرا و محدودا نظرا لعدم هيكلة
بعض القطاعات التي تعد بمثابة الوعاء الجبائي األكثر مردودية ،منها القطاع العقاري
حيث يعد هذا الجانب المالذ الخصب للتهرب الضريبي ،و الذي يحكم النظام التقليدي
للملكية العقارية مما يعقد االمر خاصة في الجماعات القروية و كذا الحضرية ،مما
21
يساهم في ضعف المردودية و غياب التوازن الجبائي على مستوى المحلي .
مما يؤدي بهذه الوضعية للتاثير على مجال الضغط الجبائي ما يؤثر على الوعاء الجبائي
و يجعله اكثر ضعفا في دول العالم الثالث منها المغرب ،اذ ان البعد الوظيفي للضريبة
في المالية الحديثة ان ضعف المردودية الجبائية الذي يرتبط بشكل وثيق بالتدخالت
االقتصادية للجماعات الترابية ,و ذلك في ظل التدبير الجماعي الحديث في ظل الجماعة
المقاولة ,مما يتطلب توفير الجانب المالي لمسايرة جميع التحوالت في ظل هذه الوضعية
المالية يتم الغاء او تأجيل مجموعة من المشاريع المالية الخاصة فيما يتعلق بالتهيئة
الحضرية و كذا مواكبة المشاريع الكبرى في اطار البرمجة المتعددة السنوات .
فجل الرسوم المحددة بنص القانون 07.20للجماعات الحضرية و القروية ,و خاصة
الرسم المهني ,رسم السكن ,رسم الخدمات تعرف نسبة كبيرة من ضرائب غير
مستخلصة .فمن خالل هذه المادة و نظرا لعدم التوازن االقتصادي بين مختلف الجماعات
الترابية بالمغرب سواء على المستوى االقتصادي و كذا على المستوى االجتماعي تسيطر
نسبة قليلة من الجماعات الترابية على جل األنشطة االقتصادية ,مما يرفع من مداخيل
هذه األخيرة ,و يضع أخرى تبعية للدولة و لصندوق التجهيز الجماعي ,مما يجعله
ينعكس سلبا ,وما يستنتج انه في ظل هذ ا الوضع ال ينسجم النظام الجبائي مع بعض
خصوصيات الجماعات الحضرية و القروية خاصة الفقيرة منها تعيش جل الجماعات
الترابية بالمغرب ضعف في الموارد المالية ,الشيء الذي يدفعها الى االقتراض ,اذ نجد
ان هذه الجماعات لها عجز في الموارد المالية تقدر بماليير الدرهم ,و التي هي عبارة
عن عائدات الضرائب الم حلية ,أي عن الزبائن الملزمين باالداء ,و هذا الوضع ال تعيشه
جماعة احدة ,بل عدة جماعات سواء بالمدن الكبرى او الجماعات القروية ,و هذا
الوضع كان مسار انتقال من طرف وزارة الداخلية باعتبارها السلطة الوصية على
الجماعات الترابية ,حيث سبق لها ان أصدرت دوريات للجماعات الترابية و طلبتها
االلتزام ببدل جهد إضافي فيما يخص التحصيل الضريبي و العمل على تحصيل الباقي
استخالصه ,الذي يقدر بماليير السنتيمات.
و تعتبر جماعة الدار البيضاء اكبر جماعة في المغرب و اليوم عليها ديون ,كذلك لها
مستحقات ال تستفيد منها ,وكل سنة تتخلى عن مبالغ كبيرة وصلت سنة 2020على لسان
المعارضة حوالي تسعة مليار الدرهم ,.و هذا المبلغ يمكن ان يجزى لتأسيس و تجهيز
ثالث مستشفيات اقليمية ,حيث قيمة بناء مستشفى حوالي 320مليون درهم فقط.
22موقع alaoula.tvشوهد بتاريخ 2021/7/22على الساعة 23:15في برنامج 45دقيقة حول موضوع مالية الجماعات المحلية .
17
الفقرة الثانية :اثار الباقي استخالصه
باإلضافة الى االنعكاسات السلبية الظاهرة لباقي استخالصه على مردودية المواد الجبائية
الجماعة الترابية ,هذه الظاهرة لها انعكاسات سلبية أيضا بعد المصادقة على تقرير التدقيق ,
حيث الفائض التقديري تتم برمجته اثناء وضع الميزانية على ما تبقى من إمكانية تحقيق
المن جزات المقررة في اطار الفائض التقديري رهينة بمدى تحقيق التقديرات المتعلقة بالمداخيل
خالل السنة المالية المعنية ,فعملية برمجة الفائض التقديري تاخد بعين االعتبار حجم الباقي
استخالصه ,علما ان هذا األخير ال يمكن تحصيله بشكل كامل ,و ذلك بفعل التراكم الذي عرفه
لعدة سنوات و بالتالي هذه اآللية بدون جدوى ,و ال يمكن االستفادة من فعاليتها اال بالقضاء على
ظاهرة الباقي استخالصه.23
من خالل استقراء مقتضيات القانون 07.20المتعلق بالجبايات المحلية ,تبين ان هذا األخير
يالمس الى حد ما تحقيق بعض الجوانب العدالة الجبائية ,فعلى المستوى المالي فان الهاجس
المالي –المردودية –ال ينفي العدالة بل ان التشريعات العادلة هي اكثر مردودية و إنتاجية ,و
هذه األخيرة يمكن ان تتحقق من خالل توسيع نطاق سريان الرسوم ,او من خالل عمليات
التصفية ,فعلى مستوى التصفية جاء القانون بمجموعة من اإلجراءات القانونية بعقلنة سلطة
المجال التداولي المعني في إقرار أسعار دنيا غير معقولة ,كما ان الهدف المالي يمكن ان يتحقق
من خالل الرفع من نسب المعدالت و األسعار في بعض الرسوم ,كذلك التي طالت الرسم على
الخدمات الجماعية ,و األراضي غير المبنية على الزيادة في أصناف القوة الجنائية.24
ان تنامي الباقي استخالصه يؤثر بشكل كبير في مالية الجماعات الترابية ,ألنها تعتبر موجهة
باألساس الى التنمية المحلية ,و خسارة هذه الموارد المهمة يفوت على الجماعات مالية هي في
امس الحاجة اليها ,كما يؤدي الى عدم استقرار الموارد الجبائية على الصعيد المحلي ,مما
يجعلها تخضع للتقلبات ,تزداد تارة و تنخفض تارة أخرى ,و تختلف اختالفا كبيرا من سنة الى
أخرى ,الشيء الذي يجعل الهيئة المكلفة بوضع الميزانية الجماعية غير متحكمة في مؤشرات و
25
توقعات السنة المالية .
23المختار لشهب "اصالح نظام الجبايات المحلية على ضوء القانون 47.06و رهان تحقيق الحكامة المالية "رسالة الدراسات العليا المعمقة كلية العلوم القانونية و االقتصادية و
االجتماعية جامعة علد المالك السعدي طنجة السنة الجامعية 2009/2008ص . 51
24احمد حضراني قانون الجبايات المحلية الجديدة و ضمانات العدالة الجبائية ,م قال منشور المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية عدد مزدوج –ابريل 2012ص .151
25كريم لحرش النظام الجبائي المحلي المغربي ,مطبعة طوب بريس الرباط سنة 2008ص . 182
18
لقد أصبحت ظاهرة الباقي استخالصه تتخذ ابعادا خطيرة في النسق الجبائي المحلي ,فاتساع
مجاالتها يعد خسارة كبيرة المالية الجماعات الترابية .خاصة امام تعدد األسباب المختلفة التي
تؤدي الى تنامي هذه الظاهرة ,و امام تزايد االختصاصات المخولة لها و توسعها يمكن ان
يص يب الميزانيات الجماعية عجز بسبب عدم التحصيل .مما يدفعها الى عدم تحقيق العديد من
المشاريع المقررة برسم أي سنة مالية معينة ,الشيء الذي يستغرب له المواطن ,و ان المنتخب
يبادر دائما الى اخباره بالمنجزات التي سيحققها في دائرته االنتخابية ,ثم ان الباقي استخالصه
غالبا ما يؤدي الى اخباره بالمنجزات التي سيحققها في دائرته االنتخابية ,ثم ان الباقي
استخالصه غالبا ما يؤدي الى توقف عن القيام ببعض النفقات الجبائية كأجور الموظفين و نفقات
التسيير العمومي لدواليب اإلدارة ,كتسديد نفقات استهالك الماء و الكهرباء و الهاتف ....
19
المبحث الثاني :افاق إصالح منظومة لتحصيل الجبائي المحلي
المطلب األول :تقوية اإلدارة الجبائية المحلية
إن التفكير في إصالح وتطوير عمل المتدخلين في تحصيل الديون العمومية
المحلية،أصبح يفرض نفسه بقوة ،على أساس أن النجاح أي قانون في تحقيق غاياته
يتوقف على قدرة وفعالية األجهزة القائمة والمشرفي على تنفيذه ،ومن هذا المنطلق فقد
بات من الالزم طرح بعض البدائل التي يمكن أن تساهم في تجويد عمل المصالح اإلدارية
المكلفة بتحصيل الديون العمومية المحلية ،فالمطالبة بالرفع من نجاعة عمل مصالح
التحصيل على المستوى المحلي ،يقتضي العناية الكاملة بظروف المتدخلين من وسائل
بشرية ومادية ،والعناية بهم بشكل خاص ،مع وضع برامج تكوينية خاصة للعنصر
البشري تواكب التطور الرقمي للمصالح اإلدارية (الفقرة األولى).
إن تحسين المردودية المالية في ميدان استخالص الجبايات المحلية ،ال يتوقف على
إصالح المنظومة القانونية والمحاسبية ،وكذا تأهيل الموارد البشرية والمادية لألجهزة
المكلفة باالستخالص فحسب ،بل األمر يستدعي الوقوف على إمكانيات تحقيق تواصل
داخلي للقضاء على بعض الظواهر السلبية التي ظلت تعيق المردودية الجبائية .وغير
بعيد عن هذا المعطى يجب استحضار تحسين العالقة بين اإلدارة المكلفة بالتحصيل
والملزمين باألداء عبر تواصل جيد بينهما (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :تأهيل العنصر البشري والمادي
إن التأهيل يجب أن ينطلق من اإلدارة الجبائية المحلية ذاتها ،حيث يستدعي األمر
تدعيمها بعناصر بشرية كفئة ،وتوفير لها الوسائل المادية الكافية لتحقيق أهدافها
وأدائها المهام الموكولة إليها 26بموجب القانون 07.20المعدل للقانون .47.06لذلك
سنحاول التطرق إلى تأهيل الموارد البشرية (أوال) ،ثم إلى دعم الموارد المالية
لمصالح التحصيل (ثانيا).
أوال :تأهيل الموارد البشرية
إن نجاح أو فشل أي مشروع (إداريا ،اقتصاديا ،اجتماعيا ،سياسيا )...يرتبط ارتباطا
دقيقا بالعنصر البشري ،فهذا األخير إذن هو المحرك الجوهري لدواليب اإلدارة.
إن المتصفح لجواهر الوظائف العمومية ،سيجد بأنها تهتم بالعنصر البشري وتدور
27
حوله ،وبعبارة أخرى فإن عناصر اإلنتاج المختلفة ال قيمة لها إال باإلنسان
26محمد بعير ":التحصيل الجبائي على ضوء القانون "47.06رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،جامعة الحسن األول ،
سطات ،2007/2008 ،ص206
27أشرف بنكيران" تدبير مالية الجماعات الترابية والتنمية المستدامة" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العالم ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة عبد
المالك السعدي ،طنجة ،السنة الجامعية 2017 2018ص.87 ،
20
حيث أن اإلصالح في مفهومه العام والشامل يحتاج إلى التوفر على مقاربات تعتمد
التخطيط القائم على مواجهة التحديات والفاعل مع القاعدة المتعامل معها بشكل عام،
والقدرة على تحريك أداء األجهزة وتطوير رأسمالها البشري والمالي.
ان الوعي بأهمية العنصر البشري سواء على المستوى العملي أو النظري ،وارتفاع
حدة القضايا والمشاكل التي يتركب من عمل اإلدارة ،ظال يشكالن موجة اإلصالح
الحالية ،إن فعالية اإلدارة بصفة عامة تقضى من جانب العنصر البشري والتطبيق
السليم وا لفعلي للقوانين واألنظمة ،وإحكام الرقابة على تنفيذها كما يستدعي األمر
28
القيام بالتكوين المستمر للموظفين.
وبذلك فإن تدبير الموارد البشرية يتوقف على:
_ مستوى التكوين المستمر للعاملين باإلدارة الجبائية:
تعد مسألة التكوين المستمر العنصر البشري من القضايا الضرورية في اإلدارة
الحديثة ،فكل الباحثين والممارسين والمهنيين يجتمعون على أن التكوين هو الوسيلة
الكفيلة إليجاد الحلول لمجموعة من االشكاالت المرتبطة بتنظيم وتحديث وتنمية
القدرات المهنية للموظفين ،فالغاية
األساسية من التكوين المستمر تتمثل في تشكيل طريق األداء لدى الموظفين واألعوان،
في أفق الرفع من مستوى األداء اإلداري من خالل عملية التكوين المستمر التي يمارسها
الموظف في مراكز التدريب.29
_ تكوين وتأطير الموظفين:
إن االستعداد الشخصي للموظف الجماعي وكفاءته الذاتية ال تضمن بمفردها إتقان
تصرفاته المالية ،فالتكوين يعمل على تنمية الفرد في مجموع معلوماته وأفكاره
ومهاراته،
واكتسابه االتجاهات المالئمة لعمله ،وتطوير سلوكه ،كما أن مسألة التكوين المستمر
الموظفين الجماعيين قد أصبحت تحتل مكانة متميزة ،حيث الكل يتفق أنه الوسيلة
األمثل إليجاد الحلول للعديد من االشكاليات المرتبطة بتنظيم القدرات المهنية
للموظفين ،وتحديثها وتنميتها ،قصد
30
التكيف مع التحوالت التي يعرفها مجال التدبير اإلداري.
28جميلة ديلي ":الموارد البشرية للجماعات المحلية بالمغرب " رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة الحسن الثاني عين
الشق الدار البيضاء السنة الجامعية ،2000/2001ص.144 ،
29مصطفى دليل ":المجالس الجماعية في المغرب على ضوء الميثاق الجماعي الجديد " ،منشورات المجلة المغربية المحلية و التنمية ،سلسلة مواضيع الساعة ،الطبعة الثالثة،
العدد ، 2003 ،40ص58
30امين كلمة ":مالية الجماعات المحلية بين دواعي التجديد وافق التطوير" ,مجلة مسالك الجماعات الترابية الجهوية و الحكامة الجيدة ،عدد ،29/30مطبعة النجاح الجديدة،
الدار البيضاء ،سنة ،2005ص .315
21
إن الطابع التقني والمحاسبي للجباية المحلية ،أصبح يفرض تكوين خاص لموظفي
وأعوان المصالح الجبائية ،وإذا كان التكوين في اإلدارة الجماعية يكاد يكون منعدما
لوال بعض المراكز التابعة لوزارة الداخلية ،31فإن وضع إطار قانوني ينظم تكوين
المنتخب والموظف الجماعي أصبح أمرا ضروريا.
وفي إطار تكوين أطر وأعوان المصالح الجبائية عملت وزارة الداخلية ،على تنظيم
دورات للتكوين المحلي لفائدة األطر واألعوان العاملين بالمصالح الجبائية ،وذلك
حسب التخصصات المتعلقة بتأسيس الرسم والمنازعات الجبائية ،وبالتحصيل
والتفتيش والمراقبة والجبائية ،وتضمن برامج التكوين ما يلي:
+تكوين المكونين :سعيا وراء توفير الطاقات البشرية الكفؤة التي سوف تسند لها مهام
التكوين على المستوى المحلي ،قامت وزارة الداخلية بتنظيم دورات تكوينية لفائدة
وكالء المداخيل للجماعات الترابية بالمغرب؛
+تكوين األطر واألعوان على ا لمستوى المحلي ،قام الموظفون المستفيدون من
التكوين السابق باإلشراف على تنظيم دورات تكوينية ،ويتضمن التكوين على المحاور
التالية:
• تحليل الرسوم المستخلصة من طرف المصالح الجبائية التابعة للجماعة؛
• تحليل الرسوم المستخلص من طرف مديرية الضرائب.
_على مستوى تحفيز العاملين باإلدارة الجبائية:
إن عملية التحفيز تظل عمال يدخل في إطار استراتيجية ليست بالهيئة ،والتي تتطلب
دراسة متكاملة عبر بناء خطة تهدف إلى تحقيق أهداف مضبوطة ،ومن خالل نهج
أدوات
تحفيزية محددة ،وهذا ما يتم بالفعل داخل منظمات األعمال المقاولة -كوسيلة للوصول
إلى األهداف المسطرة ،وبما أن تطلعات المشرع هي أن تصبح الجماعة بمثابة مقاولة،
32
فإن ما يجب توفره هو خلق نظام خاص للتحفيز بحيث يتفق بدوافع للعاملين باإلدارة.
31عبد االاله الفتاحي ":تحصيل الديون العمومية المحلية وإشكالية الباقي استخالصه بالمغرب " ،رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام ،كلية متعددة التخصصات الناضور
, 2021/2022 ،ص .104
9محمد بعيري ":تحصيل الجبائي على ضوء القانون "47.06المرجع سابق ،ص .210
22
لقد كان االهتمام األكبر في السابق ينصب حول المردودية والفعالية ،بغض النظر عن
ظروف العمل وشرو ط ممارسته ،فقد كان الهاجس الجوهري لإلدارة هو احترام
الواجبات اإلدارية وفق شروط يفرضها القانون.33
وإذا كان قصور أو ضعف في مردودية المصالح الجبائية ،فإنما يرتبط ذلك بنوعية
التحفيز المقدمة للساهرين عليها ،والتي تتميز بالضعف ،ولهذا وجب أن تعطى أهمية
لهؤالء
الم وظفين ،وذلك بتحفيزهم ماديا ومعنويا وإشباع حاجياتهم الذاتية واالجتماعية من
خالل :
• الحوافز المادية :تشمل هذه الحوافز على ما يلي:
✓ يجب أن يكون األجر عادال ويتوافق مع ما بذله الموظف؛
✓ الترقية :فهي الدعامة األساسية التي تقوم عليها أنظمة التوظيف بحيث تخول
للموظف تسلق درجات السلم اإلداري ؛
✓ العناية الطبية :بتوفير األدوية والخدمات الصحية الالزمة؛
✓ السكن :بناء دور سكنية مقابل اقتطاع رمزي للموظفين واألعوان بالجماعات
الترابية؛
✓ اإلجازات السنوية :حتى يبتعد الموظف عن الجهد اليومي ويكسر روتين العمل
ويتمتع بالراحة.
• الحوافز المعنوية :وهي حوافز تهدف إلى إشباع حاجات الموظف بإثبات ذاته وتحقيق
أهدافه وطموحاته النفسية ،كالحاجة إلى االحترام والتقدير.
واالعتراف بالكرامة وبالجهد والعمل المبذول من طرفه ،وإعطائه األهمية التي
يستحقها ،وفسح المجال له من أجل تمكينه من تحقيق إبداعاته ومهاراته.
33محمد بنزغيدية" :القانون 06.47نحو حكامة جبائية محلية" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة
الحسن األول ،سطات ،السنة الجامعية ,2009/2010ص 183
23
ومن خالل هذه المعطيات ،أصبح من الضروري تطوير الوظائف داخل اإلدارة
وخارجها ،واالنتقال إلى مفهوم تدبير الموارد البشرية ،والذي يقتضي في الواقع
التركيز على:
_ مكانة اإلنسان داخل التنظيم؛
_ ضرورة تنمية الموارد البشرية ومالء متها بطريقة دائمة للتحكم في العمل ،والحفاظ
على الكفاءات وتطويرها.34
_الحاجة إلى نظرة ديناميكية واستراتيجية ،من خالل تدبير واقعي وتوقعي؛
_االهتمام بحاجيات الموظف أو اإلطار ،وكذلك لتحفيزه على المردودية واإلنتاج.35
34بوشعيب بوشارب":مقاربة الجودة في تدبير الموارد البشرية في اإلدارة العامة والمغربي" ،دبلوم الدراسات العليا المعمقة ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،
جامعة الحسن الثاني ،عين الشق ،الدار البيضاء ،السنة الجامعية ،1999/2000 :ص.2 :
35عبد االاله الفتاحي ":تحصيل الديون العمومية المحلية وإشكالية الباقي استخالصه بالمغرب " ،مرجع سابق ،ص 107
24
خالل تمكينها من البنايات الكافية للعمل بكل ارتباح وفعالية.
واعتبار للتصورات التي أصبحت تعرفها اإلدارة المغربية ،فإن الحاجة تدعوا إلى
ضر ورة مد وكالة المداخيل بأساليب التسيير الحديثة ،ونخص بالذكر النظام
المعلوماتي من خالل استعمال تقنيات الحاسوب في عمل الوكالة ،خاصة على مستوى
التحصيل لما فيها من نجاعة وفعالية ،حيث تمكن من ضبط وتجميع مختلف
المعلومات المتعلقة بالرسوم والضرائب ،وكذلك معالجة مختلف التصاريح
واإلقرارات المقدمة من طرف الملزمين ،كما تظهر أهمية اإلعالميات أيضاء في
كونها وسيلة فعالة في تحسين العالقة بين اإلدارة الجبائية (وكالة المداخيل) والملزم،
وذلك من خالل تقديم الخدمات بشكل أسرع وبكل دقة ووضوح ،مما ال يدع مجاال
للشك في عمل الوكالة ،خاصة وأن هذه الوضعية تتطلب بذل جهد كبير من أجل رد
االعتبار لعالقة الملزم الجبائي باإلدارة ،خاصة أنه عنصر أساسي يتم االعتماد عليه
في الرفع من المالية 36المحلية والمساهمة في مالية الجماعات الترابية ،وهذا الهدف لن
37
يتحقق إال باتباع الحكامة الجبائية في التحصيل الجبائي المحلي.
الفقرة الثانية :أهمية تفعيل التواصل بين الملزم واإلدارة في ميدان التحصيل
من أجل تحسين المردودية المالية في ميدان استخالص العبايات المحلية ال يتوقف
على إصالح المنظومة القانونية والمحاسبية ،كذا تأجير الموارد البشرية والمادية
لألجهزة المكلفة باالستخالص فحسب ،بل األمر يستدعي الوقوف على إمكانيات
تحقيق تواصل داخلي للقضاء على بعض الظواهر السلبية التي ظلت تعيق المردودية
الجبانية ،ومن أجل تلطيف العالقة بين االدارة الجبائية والملزم وجعلها أكثر توازنا
ومرونة ،لكي يتم تحضير الرسوم بأقل تكلفة مادية ومعنوية وفي وقتها المحدد دون
تماطل أو تعقيد ،بين هذين الطرفين ،يجب بناء عالقة مبنية على التواصل والتفاهم .
36عبد اإلله الفتاحي ":تحصيل الديون العمومية المحلية وإشكالية الباقي استخالصه بالمغرب" ،المرجع سابق ،ص108
37جواد الكبيري " :وكالة مداخيل الجماعة وتحصيل الجبايات المحلية _نمودج الجماعة الحضرية لزاكورة " ،رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام ،كلية العلوم القلوبية
واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة الحسن األول ،سطات ،2008/2009 ،ص120
25
وإذا كانت هذه العالقة قد اتسمت بالكثير من الغموض والتقصير والتفاخر ،فإن ذلك
يرجع إلى العديد من األسباب منها نجد:
-اختالف الوضعية المادية واالجتماعية للملزم.
-تباين طبيعة الملزمين وتركيبتهم النفسية ،تؤدي الى اختالف في المعاملة مع الجباية.
-افتقار االدارة الجبائية لنظام التواصل سواء داخل االدارة أو مع محيطها الخارجي :
إن غياب االنفتاح التواصلي لإلدارة الجبائية على مرتفقيها وتعثر مخطط التسليط في
المنظومة الجبائية والنقص الكبير للتوعية ،تشكل مصدر االختالالت التي تعاني منها
العالقة بين ا لملزمين وهذه االدارة ،والتي كان لها تأثير سلبي على تحصيل ديون
الجماعات الترابية وعليه يجب على االدارة الجبائية االنفتاح على محيطها الخارجي
كما أن كيفية بناء التواصل فعال بين االدارة الجبائية والملزم ،يجب أن يستمد مقوماته
من التشريع الجمالي المحلي.38
يتبين ضعف التواصل بين االدارة كهيكل تنظيمي وبين الملزمين المحليين كمصادر
للتمويل من خالل ندرة الحمالت االعالمية والتواصلية التي تقوم بها االدارة المعنية
بغية تعريف الملزمين بأهمية أدائهم لواجباتهم الجبائية المحلية وتبسيط وشرح طرق
األداء المتاحة أمامهم وذلك أنه مهما تكن قيمة النص القانوني ال يمكن أن يكون له آية
فعالية مادام الموجه إليهم ال يتوفرون على الوسائل والشروط والقدرة على فهمه و
استعماله وعلى جعله حيا , 39وكذلك من خالل غياب أدنى شروط االستقبال الجيد
للملزمين من طرف مصالح هذه االدارة مما يبحث على الشعور بانعدام الجدية
والمسؤولية وبالتالي يساهم في توتر العالقة بينهما .
إن وجود ظاهرة التملص الجبائي بأشكاله المتعددة (التهرب الجبائي ،الغش الضريبي)
تدل على وجود خلل على مستوى عالقة الملزم باإلدارة الجبائية ،وهذا االمر يعود إلى
أسباب متشابكة ،ترتبط أساسا بالوضع االجتماعي واالقتصادي المردي للخاضع للجبايات
المحلية والمتمثلة أساسافي ارتفاع نسبة األمية وضعف مدخوله وكثرة مصاريفه
المرتبطة بالعالج واالكل والمالبس وكذا بظروفه النفسية التي تجعله يبدي رد فعل سلبي
مقابل ما يعتبره انتقاص من ملكيته الخاصة.40
38نسرين سعد الدين ":اإلدارة العمومية وإشكالية التواصل" ،الطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العلم ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد الخامس،
أكدال ،الرباط السنة الجامعية ،2006/2007ص .65
: 39عبد االاله الفتاحي ":تحصيل الديون العمومية المحلية وإشكالية الباقي استخالصه بالمغرب" المرجع سابق ،ص110
40تمازي موالي الحسن ":مصير ثقافة المواطنة في ظل عالقة الخاضع للضربية باإلدارة الجبائية" ،مقال منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد ،44/45ماي
غشت ،2002ص.76 :
26
تتميز العالقة بين الملزم واالدارة الجبائية بكونها عالقة ضرورية وحتمية بموجب
القوانين والتنظيمات الجبائية ،التي ترتبط بمهام االدارة الجبائية من ضرورة تأسيس
الجباية وتحصيلها من الملزمين ،إضافة الى كونها عالقة يغيب فيها عنصر التكافؤ
والتوازن ،فاإلدارة تتمنع بسلطات و حقوق واسعة بموجب القانون تستخدمها إزاء
الملزم بااللتزامات وهو ما جعل مجموعة من المشاكل تبرز بين أطراف العالقة،
ناتجة باألساس عن الشعور النفسي غير المناسب بالنسبة للملزم المحلي اتجاه االدارة
الجبائية المحلية واتجاه الضريبة بشكل عام ،كما تنتج عن البحث عن العدالة والمساواة
والتوازن بين حقوق االدارة والتزاماتها.41
إن واقع التواصل بين االدارة الجبائية والملزم باألداء يحيل على أزمة تواصلية
حقيقية تتنوع وتتعدد أسبابها ومرجعيتها ،فهي ثقافية وإيديولوجية واقتصادية
واجتماعية ،كما أن لها جذور تاريخية كذلك لذا بات من الضروري اتخاد المبادرات
في مجال تمتين التواصل بين االدارة الجبائية المحلية والملزمين في سبيل إزالة
الحواجز وخلق جو من الثقة بين هذه االدارة وجمهورها ويمكن إجمال هذه المبادرات
في خمسة عناصر أساسية:
أ_نشر المعرفة القانونية
أول التزام يقع على عاتق االدارة الجبائية المحلية هو إعطاء الملزم معلومات واضحة
حول حقوقه وواجباته حتى يمكنه من االحترام للنظام الضريبي ،فالمكلفون عادة ما
يواجهون
الملزمين بالمبدأ ال أحد يعذر بجهله للقانون ،والنصوص القانونية المنظمة للجبايات
المحلية ،من مرحلة التأسيس الى مرحلة التحصيل متعددة ومبهمة ،ومن الصعب
الوصول واالطالع عليها ،فالملزمون عموما ال يستوعبون معظم فاصيل النظام
الضريبي الدقيق أو يجهلونها تماما ،فااللتزام باإلعالم الذي يطبق على األدارة،
يتأسس على عكس المبدأ السالف الذكر ،ال أحد يعذر بجهله للقانون بل ال أحد يعتبر
عالما بالقانون ،والمجهود الذي قد تبذله االدارة في االعالم والتواصل يكون له نتائج
42
جد إيجابية على االدارة ،حيث أن قانون مفهوم جيد يكون أكثر احتراما.
وبناء على هذا التأسيس ،فاالستقبال اإلداري مدرسة للحياة االجتماعية ومصلحة حيوية
وضرورية للمواطنين.44
43عبد الصادق النصاري " :أزمة التواصل بين الملزم واإلدارة الجبائية ،محاولة نقدية لفهم وتطور عالقة الملزم باإلدارة الجبائية في المغرب" ،اطروحة لنيل دكتوراه في القانون
العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة الحسن الثاني ،عن الشق الدار البيضاء ،2003/2001 ،ص.196 :
44موالي ادريس الحالبي الكتاني" :أسس تحديث اإلدارة العمومية ،استقبال المواطنين في قطاع الوظيفة العمومية " ،مقال منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية،
العدد ،34 :تكتبر ـ اکثرير ،2000ص92 :
28
وإن جهاز االستقبال اإلداري ينبغي أن يشكل مؤسسة وسيطة لخلق شراكة إدارية مع
المواطنين ليشعروا بأن المرافق العمومية منهم ووسائل اإلعالم متاحة ،ألن االستقبال
يضع شكل التهيئة المادية ،وتنظيم االستقبال األولى ،إذ ال يجب انتقال الملزم لإلدارة
وبالتالي االنتظار لمدة طويلة من أجل معلومة تكاد تكون بسيطة .أو أن يسقط ضحية
للتردد بين المكاتب بحثا عن حل لمشكلة بدون جدوى.45
د -تعزيز الوعي الجبائي لدى الملزم
تقوم اإلدارة الجبائية دور مهم من أجل تهيئ الملزم وجعله قادرا على التواصل معها،
هو توعيته بأهمية الجباية المحلية ،بحيث يعتبر الوعي الجبائي من أهم الوسائل
المساعدة ألي جهاز جبائي من أجل تحقيق أهدافه المتمثلة في زيادة مردودية
الضرائب وتحقيق األهداف االقتصادية واالجتماعية.46
ففي غياب هذا الوعي سيكون الشرح واسع بين طرفي العالقة الجبائية ،أي بين
اإلدارة الجبائية المحلية والملزم ،حيث أثبتت سنوات التجربة السابقة المتعلقة بتطبيق
القانون ، 30.89أن ضعف انعدام التوعية في مجال الجبايات المحلية ،يعتبر من
العوامل المؤثرة وبشكل واضح على مردودية مختلف الضرائب والرسوم المحلية،
حيث عمدت جل الجماعات ،إن لم نقل كلها ،إلى تطبيق القانون المذكور ،دونما
االهتمام بالتوعية المسبقة للملزمين ،وذلك لتهيئ الظروف النفسية والمعنوية
الستخالص هذه الضرائب والرسوم ،وخاصة تلك التي تم إحداثها للمرة األولى لفائدة
ميزانيتها الجماعات المحلية ،لهذا فقد تم التنبيه إلى ضرورة تقريب أهم التقنيات التي
جاء بها هذا القانون إلى علم الخاضعين لمختلف الضرائب والرسوم ،مع إخطارهم
بأهمية المقتضيات التي جاء بها القانون لحمايتهم من كل تجاوز في استعمال السلطة
من طرف المصالح المختصة في الميدان الجبائي.47
يشكل الوعي الجبائي لدى الملزم ،أحد األدوات الضرورية لتأدية الواجب ،المتمثل
في الضرائب والرسوم ،حيث أن الوعي كسلوك وممارسة تتداخل فيه مجموعة من
العوامل كالجانب المعرفي ،فمعرفة الكتابة والقراءة تعني تسليح المواطن /الملزم
باألدوات المعرفية خصوصا ما يتعلق بحقوقه وواجباته المنظمة بموجب القانون.
45عبد الرحيم حزيكر" :إشكالية تحصيل الضرائب بالمغرب ،محاولة في التاصيل والبحث سبل تحقيق التوازن بين امتيازات إدارة التحمل وصالت الملزم" ،ألطروحة لنيل
الدكتوراه في الحقوق ،وحدة المالية العامة ،كلية القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة الحسن اللي عن الشق ،الدار البيضاء ،السنة الجامعية ،2003/2004ص 261
46محمد بعيري ،مرجع سابق ،ص33 ،
47عبد هللا بولرباح والمزيد الوزاني" ،عالقة الملزم باإلدارة الجنائية المحلية" ،تقرر نهائي التدريب اإلداري ،بسلك الكتاب العامين للجماعات الترابية مركز التكوين اإلداري ،
الرباط سنة ،1994ص.36 :
29
من المؤكد أن القدوم على تطبيق هذه اإلجراءات تصب في نهاية المطاف في
المساعدة على معالجة التهرب من أداء الجباية ،وبت الوعي لدى الملزمين باألداء،
ونعتقد أن المقاربة القانونية ظلت عاجزة في معالجتها لهاته الظاهرة ،األمر الذي
ينبغي تحفيز الملزمين عن األداء ،وكذا تحسين العالقة بين الملزم واإلدارة غبر سياسة
تواصلية واضحة ،إلى جانب بت الوعي بأهمية الجباية لتحقيق التنمية المحلية.48
ه -الرقمنة الجبائية وتبسيط المساطر
إن تحسين طرق تسيير وتدبير اإلدارة الجبائية والنهوض بعالقتها مع الملزم يقتضي
بالضرورة إصالح عدد من األوضاع وتجاوزها بغية خلق الجو المالئم لعالقات
أصلح بينها وبين الملزمين ،وإقرار عالقات تواصلية جديدة مبنية على االشتراك
والحوار وتقريب اإلدارة من المواطن ،ومن دون شك فإن إمكانيات تفتح اإلدارة
الجبائية ونهوضها بدورها التواصلي واإلعالمي ،مقرون بتدابير عاجلة ،وعمل
يتطلب مبادرات متكاملة في إطار إصالح شمولي يهدف إلى التدبير الناجح للجباية
التشاركية ،وتوفير الشفافية ،باعتبارها شرط من شروط تحسين عالقة اإلدارة مع
مختلف الملزمين ،والتي ال يمكن أن تنبني إال على قواعد واضحة للتعامل معهم من
خالل ضمان الوضوح في المعاملة بين طرفي العالقة الجبائية ،بغاية التعرف على
الحقوق والواجبات .لكي تحسن اإلدارة الجبائية عالقتها مع الملزم وتتصالح معه،
يجب عليها معائفة اآلفاق الرحبة لتكنولوجيا اإلعالم واالتصال ،ألنها غدت صناعة
المستقبل االقتصادي واالستثماري في دول أوروبا وأمريكا واليابان .وعلى هذا
األساس ،فالتصور المقترح يتجلى في بلورة استراتيجية وطنية منشودة في مجال
االعالم وا لتواصل الجبائيين ،مجسدة في أهداف وتوجهات يبتغي تحقيقها في مراحل
تدريجية ،مع اتخاذ إجراءات عملية وتدابير قانونية مصاحبة لتنمية وتطوير هذا
القطاع ،وبناء عالقة ثقة بين اإلدارة الجبائية والملزم باعتباره مواطنا مشاركا ،ليس
ملزما وزبونا ينظر فقط إلى جيبه قبل أن ينظر إليه كمصدر للدخل والربح فقط.
لذلك فإن أساس رضي الملزم وقبوله الجبائي هو طريقة التواصل وتعامل اإلدارة
الجبائية معه ،لذلك البد من النظر في السياسة التواصلية عن طريق التوجيه إلى
49
اإلدارة الخدماتية والمواطنة ،عن طريق تحديث هذه اإلدارة وعصرنتها.
48محمد مرزيق وعبد الرحيم أبيالل ،":الم نازعات الجبائية بالمغرب بين النظرية والتطبيق مع تقييم لتجربة المحاكم اإلدارية في المادة الجبائية" ,مطبعة األمنية ،الرباط ،سنة
،1993ص .112:
49عبد االاله الفتاحي ":تحصيل الديون العمومية المحلية وإشكالية الباقي استخالصه بالمغرب" ،المرجع سابق ص.116,
30
ومن ه نا يبرز دور اإلدارة في نشر الوعي الجبائي ،فالمالحظ أن العالقة السائدة بين
اإلدارة والملزمين تتسم بالتباعد والخوف وانعدام الثقة ،واستعمال السلطة ،بدال من
أساليب االتصال واالعالم المتمثلين في الحوار والتشاور واإلخبار ،مما يزيد الهوة
بين اإلدارة والمواطن الملزم.50
لذلك بات من الضروري إيجاد أساليب جديدة في تدبير العالقة ،تقوم على التوعية
واالعالم تدعيما لحوار يلطف من حدة الخالف ،ويقاص من هامش التباعد بين
الطرفين في اتجاه بناء الثقة وضمان العدالة الجبائية والتحكم في تدبير اإلمكانات
الجبائية المحلية بالكيفية التي تسمح بتنميتها وتطويرها حتى تصبح قادرة على
المساهمة في دعم االستقالل المالي للوحدات الترابية ،مما سبق ذكره يمكن القول أن
هذا المبتغى يبقى بعيدا عن التحقق في ظل ما تعانيه اإلدارة من وضع أصبح من
الضروري تجاوزه ،وأن هذا األخير لن يتأتى إال من خالل تأهيل اإلدارة.51
يمكن القول إن هذا التوجه تبناه المشرع المغربي من خالل المادة 168من القانون
،07.20والتي جاءت بعدة إصالحات ترمي إلى تسهيل عملية التواصل بين الملزم
واإلدارة الضريبية.
50زبير ماجي ":اإلدارة الصرمية والحق في اإلعالم ،مديرية الضرائب نموذجا" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في الصحافي ،المعهد العالي للصحافة ،الرباط السنة
الدراسية ،1994/1995 :ص.92 ،
51محمد بنزغيدة :المرجع سابق ص 179
31
المطلب الثاني :نظام اإلعفاءات وإشكالية العدالة في الجبايات المحلية:
52فزيبر محمد " :الضريبة على الشكات ب ين تشجيع االستثمار ومبدأ العدالة الضريبية" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانونالعام كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة الحسن الثاني ،الدار البيضاء ،السنة الجامعية ،1994/1995ص.211 ،
32
يشكل القانون رقم 07.20مرحلة أولية إلصالح النظام الجبائي المحلي ،فهو يأخذ
كتتويج لمسار عرف سلسلة من المشاورات مع ممثلي الجماعات الترابية ،وكذا
مختلف المتدخلين والجهات المعنية بالشأن الجبائي المحلي ،السيما للفاعلين
ا القتصاديين ،وقد شكلت المناظرة الثالثة للجبايات المنعقدة يومي 03و 04ماي
2019بالصخيرات مناسبة إلدراج إصالح الجبايات المحلية ضمن منظور شمولي
يروم إلى تحقيق العدالة الجبائية ببالدنا ،ويرتكز القانون 07.20على المحاور التالية:
-مالئمة منظومة الجبايات المحلية مع محيطها القانوني ،تضمن مشروع القانون
مجموعة من التعديالت التي تهدف إلى مالئمة األحكام الحالية المتعلقة بجبايات
الجماعات الترابية ،مع المضامين الواردة في دستور المملكة ،وكذا المستجدات التي
طرأت على المحيط القانوني لمنظومة الجبايات المحلية منذ االصالح الجبائي الذي
دخل حيز التاري فاتح يناير .2008
-مراجعة قواعد وعاء بعض الرسوم المحلية:
يبرز الوزير المنتدب لدى وزارة المالية إلى التفعيل التشريعي لتوصيات المناظرة
الوطنية المشار إليها سابقا ،والتي تنص واحدة منها على دمج مجموعة من الرسوم
ذات نفس الوعاء في إطار رسمين اثنين عوض 17رسما ،ويتعلق األمر بكل من
الرسم الترابي العقاري ،والرسم الترابي على األنشطة ،ومضيفا أنه في انتظار صدور
القانون اإلطار المتعلق بالجبايات فان القانون )07.20يتضمن تعديالت تهدف الى
مراجعة قواعد وعاء بعض الرسوم المحلية .
-الرفع من الموارد الذاتية للجماعات الترابية :
من بين التعديالت المفترحة للرفع من الموارد الذاتية للجماعات الترابية هناك على
الخصوص توسيع مجال تطبيق رسم السكن ،ورسم الخدمات الجماعية والرسم على
األراضي الحضرية غير المبنية ،والرسم على عمليات تجزئة األراضي ليشمل
المناطق المشمولة بتصميم التهيئة ،وكذا مراجعة توزيع عائد الرسم المهني من خالل
رفع الحصة المخصصة لفائدة ميزانيات الجماعات التي يفرض بها هذا الرسم داخل
مجالها الترابي من 90إلى 98في المئة ،وتسوية البنايات غير القانونية ،والهدم
وتوسيع وعاء الرسم على اإلقامة بالمؤسسات السياحية ليشمل الشقق التي يؤجرها
مالكوها إليواء السياح ،والسيما عبر المواقع االلكترونية لمنصات الحجز.
33
-تحسين عملية تحصيل بعض الرسوم المحلية:
من ضمن المحاور التي يرتكز عليها القانون 07.20بحسب الوزير المنتدب تلك
المتعلقة بتحسين تحصيل بعض الرسوم المحلية مبرزا أن المشروع يقترح في هذا
اإلطار الرفع من الحد األدني إلصدار وأداء الرسوم من 100إلى 200درهم بالنسبة
للرسم المهني ورسم الخدمات الجماعية ،والرسم على األراضي الحضرية غير
المبنية ،الفتا إلى أنه يقترح في اإلطار ذاته ،إلغاء الديون المترتبة عن هذه الرسوم
الموضوعة قيد التحصيل ،والتي يساوي او يقل مبلغها عن 200درهم ،وكذا الديون
المترتبة عن هذه الرسوم والتي يؤشر بشأنها تحصيل جزئي نتج عنه مبلغ مبتدئا غير
مؤدى بساوي أو يقل عن 200درهم.
-مراجعة التحفيزات الجبائية :
يتضمن القانون 07.20مقترحات بشان مراجعة اإلعفاءات الجبائية المتعلقة بالرسوم
المحلية ،ذلك من خالل مالئمة اإلعفاءات الخاصة بالرسوم المحلية التي تباشرها
المديرية العامة للضرائب على الشركات وتقليص وعقلنة االعفاءات الخاصة تثيرها
المصالح الجبائية للجماعات الترابية.
إلى جانب القانون ،07.20يشكل القانون اإلطار 69.19المتعلق باإلصالح
الجبائي 53مرجعا أساسيا يؤطر السياسة الجبائية للدولة عبر مختلف مراحل تنفيذ
اإلصالح بشكل يضمن اإللتقائية مع السياسات العمومية ،ويمكن من تعزيز حقوق
الخاضعين للضريبة وضمان األمن القانوني وإحداث نظام جبائي مبسط وشفاف.
مما ال شك فيه أنه توجد عالقه وطيدة بين النظام الجبائي والنمو االقتصادي و الوضع
االجتماعي ،حيث يمكن ان تعمل الجبائية على تشجيع اإلنتاج أو العكس ،فاختيار
المادة الجبائية ومستوى اإلعفاء أو عدم اإلعفاء ومستوى األسعار وتصاعدها وكل
هذه األثار لها تأثير كبير على القطاعات االقتصادية واالجتماعيةخصوصا تلك التي
تحظى باألولوية.54
53ظهر شريف رقم ،1.21.86الصادر بتاريخ 15ذي الحجة ،1442الموافق لـ 26يوليوز ،2021بتنفيذ القانون اإلطار رقم 69.19المتعلق باإلصالح الجبائي ،المنشور
بالجريدة الرسمية رقم ،7007الصادرة بتاريخ 15ذي الحجة ،1442الموافق ل 26يوليوز ،2021ص5684،
54احمد حضراني ":الجبايات المحلية وضمانات العدال ة الجبائية",مقال منشور المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية،عدد مزدوج ،يناير-أبريل ,2021ص.159،
34
ويمكن القول أن اإلعفاء الضريبي هو ذلك االمتياز الجبائي الذي يمكن من معاملة
تفضيلية لبعض القطاعات أو بعض أنواع النشاطات المعتبرة ذات أولوية بالنسبة
للدولة ،والتي قد تتماشى مع مخططات التنمية االقتصادية واالجتماعية.55
إن ظهور االمتياز الحيائي يرجع الى تطور األدوار التي تلعبها الجباية وانتقالها من
كونها محضر أداة الستخالص اقتطاعات من أجل تخصيصها لتغطية نفقات عمومية
إلى أداة مالية محفزة وموجهة لالقتصاد الوطني ،فضال عن مساهمتها في إعادة توزيع
الدخل القومي.
وعلى اثر التغيرات التي طرأت على المحيط القانوني للجبايات المحلية وال سيما
بعد صدور القوانين التنظيمية للجماعات الترابية في سنة ،2015والتي نصت على
أنه تظل سارية المفعول إلى حين تعويضها وفقا لألحكام هذه القوانين التنظيمية أحكام
القانون رقم 47.06المتعلق بجبايات الجماعات المحلية ،فقد كان لزاما القيام وفق
مقاربة تشاركية بإصالح جديد للنظام الجباني المحلي 56يمكن الجماعات الترابية من
عدة امتيازات بغية تشجيع االستثمارات والتقليص من الباقي استخالصه عن طريق
من مجموعة من التحفيزات واإلعفاءات وحوافز التحصيل للديون الصادرة أو التي لم
يتم تحصيلها.
من بين التعديالت التي أدرجها قانون رقم 07.20على منظومة جبايات الجماعات
الترابية ،ما يتعلق بنظام اإلعفاءات الجبائية المحلية ،حيث أقر مجموعة من اإلعفاءات
والتخفيضات منها ذات بعد اقتصادي تتعلق بتشجيع االستثمار واالنتاج ،ومنها ما هو
مرتبط بالوضع االجتماعي للطبقات ذات الدخول المحدودة خصوصا تلك التي تسببت
فيها جائحة كورونا (كوفيد .)19
55خالد العالي" :صناعة القرار السياسي الجباني في المغرب ،محاولة تقويم السياسة العامة ،نموذج االمتيازات الضريبة" ،الطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق ،وحدة علم
ا لسياسة والقانون الدستوري ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد الخامس ،أكدال الرباط ،السنة الجامعية ،2003/2004 ،ص 278
56محمد بنيحي":جبايات الجماعات الترابية " ،منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية ،مطبعة البيضاوي ،سال ،الطبعة األولى،سنة ،:2014ص.270 ،
35
ومن أجل مالئمة المنظومة الجبائية المحلية مع محيطها القانون تضمن قانون رقم
07،20رزمة من المستجدات تهدف باألساس إلى مالئمة األحكام الحالية المتعلق
بجبايات الجماعات الترابية مع المضامين التي جاء بها دستور 2011وكذا مع
المستجدات التي تطرا على المحيط القانوني للجبايات المحلية ،والتعديالت التي أدخلت
على قانون 47.06تروم باألساس المالئمة مع التعديالت التي طرأت أيضا على
المديرية العامة للضرائب ،وبمجموع
النصوص القانونية التي صدرت بعد سنة ،2008من بينها ما يتعلق بتحسين عمليات
التحصيل ،وذلك بإلغاء الديون المترتبة على الرسوم الموضوعة قيد التحصيل ،وكذا
الديون
المترتبة على الرسوم التي يصدر بشأنها إجراء عملية التحصيل الجزئي ،وكذا تقليص
57
وعقلنة اإلعفاءات الخاصة التي تديرها المصالح الجبائية المحلية للجماعات الترابية.
لقد تضمن قانون المالية رقم 65.20لسنة 2021بالنسبة للضرائب والرسوم العائدة
للدولة ،وكذلك القانون رقم 07.20فيما بين الرسوم العائدة لفائدة الجهات والعماالت
واالقاليم والجماعات إجراءات استثنائية تحفيزية العالمين الراغبين في أداء ديونهم
اتجاه الخزينة العامة ،تتمثل في إلغاء جميع الزيادات والغرامات والذعائر التي يمكن
استخالصها قبل فاتح يناير ،2020ومن أجل االستفادة من هذه اإللغاءات تمنح فرصة
تسديد ما بذمة الملزمين إما دفعة واحدة أو على شكل أقساط بشرط تسديد أصل الدين
58
في أجل اقصاه 30يونيو2021.
57احمد حجيرات" :القانون المتعلق بالسالت الترابية" ،مداخلة إثر ندوة راقمية اقيمت على موقع التواصل االجتماعي ،facebookبتاريخ 6ماي ،2021على الساعة 11:00
58دورية رقم ،653/2021الموضوع اداء ديون الضريبة مع االستفادة من الزيادات والغرامات إلى مدراء وكالت العرض الفالحي للمغرب ،بتاريخ 03/04/2021
36
خاتمــــــة:
يعتبر التحصيل الجبائي المحلي من المحطات األساسية للجباية المحلية ،حيث انه
يعكس واقع تجربة الالمركزية ،ويحاول اإلجابة على اشكالية االستقالل المالي
للجماعات الترابية ولعل تحسين المردودية المالية المحلية ،والتي تعتمد باألساس على
حجم الموارد الذاتية في دعم ماليتها ،ومن هذا المنطلق حاولنا خالل هذا العرض ان
ننفض الغبار عن موضوع االدارة الضريبية المحلية واشكالية الباقي استخالصه.
إذا كان القانون رقم 07.20اتى بمستجدات شكلت نقطة تحول في مجال دعم الموارد
المالية للجماعات الترابية من خالل توسيع وعاء بعض الرسوم واعتماد صيغة سهلة
يمكن من خاللها معرفة مجال تطبيق الرسوم وأساس فرضها وطريقة تحصيلها،
وإعادة توزيع المهام بين مكونات االدارة الجبائية ،فإن تطبيقه بالشكل الذي يضمن
نجاحه يقتضي تجاوز الثغرات والنواقص التي أفرزها النظام الجبائي المحلي السابق.
إن االهتمام بالعنصر البشري باعتباره محور العملية اإلصالحية يشكل إحدى أهم
التدابير التي يجب اتخاذها من خالل تكوينه ودعمه ماديا ومعنويا.
كما يجب على الجماعات الترابية ان تواكب التكنولوجيا الرقمية المتاحة بهدف
التواصل مع الملزم وتوعيته وإقناعه بضرورة مشاركته في تمويل التنمية المحلية
وتشجيع االستثمار باعتبارهما مسؤولية الجميع ،مع التنبيه إلى مخاطر تقاعسه عن
هذه المشاركة التي تشكل سببا في تنامي ظاهرة الباقي استخالصه.
37
الئحـــــــة المراجــــــــع
الكتـــــب
-سعيد جفري ،الجبايات المحلية ،مكتبة الرشاد ،سطات2015 ،
-محمد مرزيق وعبد الرحيم أبيالل ،المنازعات الجبائية بالمغرب بين النظرية والتطبيق مع تقييم لتجربة
المحاكم اإلدارية في المادة الجبائية ,مطبعة األمنية ،الرباط ،سنة 1993
حسن سهلي "آليات تحسين األداء المالي للجماعات الترابية و الجماعة الحضرية طنجة نموذجا" ،رسالة -
لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،ماستر تدبير الشأن العام المحلي ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية
و االجتماعية ،جامعة عبد المالك السعدي ،طنجة 2013/2014
عبد االاله الفتاحي ":تحصيل الديون العمومية المحلية وإشكالية الباقي استخالصه بالمغرب " ،رسالة -
لنيل شهادة الماستر في القانون العام ،كلية متعددة التخصصات الناضور 2021/2022 ،
ابراهيم صبري"القباضة الجماعية و مسألة التدبير المالي الجماعي" رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا -
المعمقة في القانون العام ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية ،الحسن الثاني ،عين الشق
الدار البيضاء 1998/1999
لكبير مركوش "التحصيل الجبائي المحلي بالمغرب ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في -
القانون العام ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية ،جامعة الحسن األول ،سطات/2001 ،
خالد بنموسى "اشكالية الغش الضريبي و انعكاساته على عالقة اإلدارة بالمكلف" ،رسالة لنيل دبلوم -
الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ،جامعة عبد المالك السعدي طنجة 2008/2009
المختار لشهب "اصالح نظام الجبايات المحلية على ضوء القانون 47.06و رهان تحقيق الحكامة -
المالية "رسالة الدراسات العليا المعمقة كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية جامعة علد
المالك السعدي طنجة السنة الجامعية 2009/2008
محمد بعير ":التحصيل الجبائي على ضوء القانون "47.06رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ، -
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،جامعة الحسن األول ،سطات 2007/2008 ،
جميلة ديلي ":الموارد البشرية للجماعات المحلية بالمغرب " رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا ،كلية -
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة الحسن الثاني عين الشق الدار البيضاء السنة
الجامعية 2000/2001
محمد بنزغيدية" :القانون 06.47نحو حكامة جبائية محلية" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون -
العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة الحسن األول ،سطات ،السنة الجامعية
2009/2010
بوشعيب بوشارب":مقاربة الجودة في تدبير الموارد البشرية في اإلدارة العامة والمغربي" ،دبلوم -
الدراسات العليا المعمقة ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة الحسن الثاني ،عين
الشق ،الدار البيضاء ،السنة الجامعية1999/2000 :
جواد الكبيري " :وكالة مداخيل الجماعة وتحصيل الجبايات المحلية _نمودج الجماعة الحضرية -
لزاكورة " ،رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام ،كلية العلوم القلوبية واالقتصادية واالجتماعية،
جامعة الحسن األول ،سطات2008/2009 ،
زبير ماجي ":اإلدارة الصرمية والحق في اإلعالم ،مديرية الضرائب نموذجا" ،رسالة لنيل دبلوم -
الدراسات العليا المعمقة في الصحافي ،المعهد العالي للصحافة ،الرباط السنة الدراسية1994/1995 :
فزيبر محمد " :الضريبة على الشكات بين تشجيع االستثمار ومبدأ العدالة الضريبية" ،رسالة لنيل -
دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانونالعام كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة
الحسن الثاني ،الدار البيضاء ،السنة الجامعية 1994/1995
39
المقـــــاالت العلميــــــة:
محمد شكيري" إصالح منظومة الجبايات المحلية بين أهداف اإلصالح و إكراهات الواقع"المجلة -
المغربية لإلدارة المحلية و التنمية ،العدد 136مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء سنة 2011
أحمد حضراني"النظام الجبائي المحلي على ضوء التشريع المغربي و المقارن"منشورات المجلة -
المغربية لإلدارة المحلية والتنمية العدد 22سنة 2001
احمد حضراني قانون الجبايات المحلية الجديدة و ضمانات العدالة الجبائية ,مقال منشور المجلة المغربية -
لإلدارة المحلية و التنمية عدد مزدوج –ابريل 2012
مصطفى دليل ":المجالس الجماعية في المغرب على ضوء الميثاق الجماعي الجديد " ،منشورات -
المجلة المغربية المحلية و التنمية ،سلسلة مواضيع الساعة ،الطبعة الثالثة ،العدد 2003 ،40
امين كلمة ":مالية الجماعات المحلية بين دواعي التجديد وافق التطوير" ,مجلة مسالك الجماعات الترابية -
الجهوية و الحكامة الجيدة ،عدد ،29/30مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،سنة 2005
تمازي موال ي الحسن ":مصير ثقافة المواطنة في ظل عالقة الخاضع للضربية باإلدارة الجبائية" ،مقال -
منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد ،44/45ماي غشت 2002
موالي ادريس الحالبي الكتاني" :أسس تحديث اإلدارة العمومية ،استقبال المواطنين في قطاع الوظيفة -
العمومية " ،مقال منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،العدد ،34 :تكتبر ـ اکثرير 2000
احمد حضراني ":الجبايات المحلية وضمانات العدالة الجبائية",مقال منشور المجلة المغربية لإلدارة -
المحلية و التنمية،عدد مزدوج ،يناير-أبريل 2021
محمد بنيحي":جبايات الجماعات الترابية " ،منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية ،مطبعة -
البيضاوي ،سال ،الطبعة األولى،سنة2014
النصــــوص القانونيــــــة:
-ظهر شريف رقم ،1.21.86الصادر بتاريخ 15ذي الحجة ،1442الموافق لـ 26يوليوز ،2021بتنفيذ
القانون اإلطار رقم 69.19المتعلق باإلصالح الجبائي ،المنشور بالجريدة الرسمية رقم ،7007
الصادرة بتاريخ 15ذي الحجة ،1442الموافق ل 26يوليوز 2021
المواقــــع اإللكترونيــــة:
-موقع alaoula.tvشوهد بتاريخ 2021/7/22على الساعة 23:15في برنامج 45دقيقة حول موضوع
مالية الجماعات المحلية .
-احمد حجيرات" :القانون المتعلق بالسالت الترابية" ،مداخلة إثر ندوة راقمية اقيمت على موقع التواصل
االجتماعي ،facebookبتاريخ 6ماي ،2021على الساعة 11:00
40
الفهــــــــــــــرس
المقدمــــة2....................................................................................................
المبحث االول :اإلكراهات المرتبطة بعملية التحصيل وانعكاساتها6................................
المطلب االول :اسباب تنامي ظاهرة الباقي استخالصه6.......................................... ...
الفقرة االولى :االكراهات القانونية المتعلقة بالباقي استخالصه6....................................
الفقرة الثانية :االكراهات التنظيمية والسيكولوجية الباقي استخالصه10...........................
المطلب الثاني :انعكاسات ظاهرة الباقي استخالصه12...............................................
الفقرة االولى :تضخم الباقي استخالصه14.............................................................
الفقرة الثانية :اثار الباقي استخالصه16.................................................................
المبحث الثاني :افاق اصالح منظومة التحصيل الجبائي ال محلي20................................
المطلب االول :تقوية االدراة الجبائية المحلية20......................................................
الفقرة االولى :تأهيل العنصر البشري والمادي20....................................................
الفقرة الثانية :أهمية تفعيل التواصل بين الملزم واالدارة في ميدان التحصيل25.................
المطلب الثاني :نظام إعفاءات وإشكالية العدالة في الجبايات المحلية32...........................
الفقرة االولى :ماهية العدالة في النظام الجبائي المحلي32...........................................
الفقرة الثانية :إعفاءات وتحسين عملية التحصيل في ظل القانون 35.................... 07.20
الخاتمــــــــة37............................................................................. ................
الئحــــة المراجــــع38....................................................................................
الفهــــــــــــــــــــرس41..................................................................................
41