You are on page 1of 28

‫تقديم‪:‬‬

‫تعد المؤسسات العمومية أحد أهم الفاعلين في مجال تنفيذ السياسات العمومية في مختلف‬
‫اإلستراتيجية المسطرة من طرف الجهاز التنفيذي من القطاعات فهي تتوخى تحقيق األهداف‬
‫خالل إنجاز المشاريع الكبرى حيث أصبحت تلعب دورا متميزا في خلق الثروات وفرص‬
‫الشغل إلى جانب تقديم خدمات اجتماعية وثقافية‪.1‬‬
‫كما أنه يجب التمييز اصطالحيا بين المؤسسة العمومية ‪Etablissement public‬‬
‫والمقاولة العمومية ‪ ،Entreprise publique‬حيث تعددت المواقف الفقهية واختلفت اآلراء‬
‫في تحديد مفهومها‪ .‬فالمؤسسة العمومية تعتبر شخصا عاما ينشأ أساسا من أجل تسيير مرفق‬
‫عام ‪ ،‬وقد يكتسي طابعا صناعيا أو تجاريا أو إداريا‪ ،‬أما المقاولة فتعتبر عمومية ابتداء من‬
‫وصول المساهمة العمومية إلى نسبة معينة في رأسمالها على األقل ‪ % 33‬مما يسمح‬
‫للشخص العام بالتحكم في مراقبة األجهزة المسيرة للمقاولة‪.2‬‬
‫يالحظ أن التعريف الذي استقر عليه االجتهاد القضائي للمؤسسة العمومية تمثل في‬
‫كونها "كل شخص عمومي غير الدولة والجماعات الترابية"‪ ،3‬حيث يستشف من هذا‬
‫التعريف أنه بجانب األشخاص المعنوية اإلقليمية‪ ،‬التي تقوم على فكرة الالمركزية الترابية‪،‬‬
‫هناك أشخاص معنوية أخرى تقوم على فكرة الالمركزية المرفقية والتي تتمتع بالشخصية‬
‫القانونية التي تمنحها االستقالل المالي واإلداري وهو ما يتمثل من خالل المؤسسات‬
‫العمومية‪.4‬‬
‫وهنا وجب تحديد مفهوم االستقالل المالي للمؤسسة العامة والذي يتمثل في أن يكون‬
‫لهذه المؤسسة ميزانية مستقلة خاصة بها‪ ،‬ومنفصلة عن ميزانية الشخص العام الذي ترتبط‬

‫به ويكون لها ذمة م الية مستقلة‪ ،‬وتتحمل وحدها المسؤولية عن أعمالها الضارة‪ ،‬كما‬
‫أنها هي التي تتقاضى وتتعاقد‪ ،‬وترفع الدعاوى وترفع عليها‪.5‬إال أن هذا االستقالل‪ ،‬ال يعد‬

‫‪ -1‬عبد الواحد العسلي‪ ،‬دور الخازن المكلف باألداء في مراقبة المؤسسات العمومية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬شعبة القانون العام‪،‬‬
‫جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬فاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2014/2013‬‬
‫‪ -2‬أحمد بوعشيق‪ ،‬المرافق العامة الكبرى‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،2000 ،‬ص ‪.138‬‬
‫‪- x vedel. G. Droit administratif, p 729.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -4‬محمد كرامي‪ ،‬القانون اإلداري ‪ -‬التنظيم اإلداري – النشاط اإلداري‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2000‬ص ‪.119‬‬
‫‪ -5‬محمد األعرج‪ ،‬طرق تدبير المرافق العامة بالمغرب‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬ص‪.66 .‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬
‫مطلقا وإنما مقيد بقيدين‪ :‬قيد التخصص‪ ،‬وقيد الرقابة أو الوصاية اإلدارية‪ ،‬وذلك للتأكد من‬
‫عدم خروجها عن القواعد المقررة لها بقانون أو بقرار إنشائها‪.6‬‬
‫وبخصوص اإلطار التاريخي لتطور ظهور المؤسسات العمومية بالمغرب فقد عرفت عدة‬
‫مراحل متباينة‪ .‬تميزت بظهور أولى المقاوالت العمومية بالمغرب حيث عملت سلطات‬
‫الحماية على بسط نفوذها وهيمنتها فقد تم إحداث أول مؤسسة عمومية في ‪ 7‬غشت ‪1920‬‬
‫تحمل اسم المكتب الشريف للفوسفاط و غيرها‪.‬أما بعد أن استعاد المغرب استقالله السياسي‬
‫كان على الدولة أن تأخذ على عاتقها بناء أهم مرتكزات االقتصاد الوطني‪،‬مما ترتب عنها‬
‫ظهور عدة مؤسسات عمومية)فترة التوسع( عرفت هذه المرحلة التدخل المهم للدولة بغية‬
‫تنمية القطاع الخاص وذلك عن طريق قانون المغربة‪ ،‬إال أن هذه العملية اتسمت بتمركز‬
‫أكبر للسلطات االقتصادية التابعة للدولة‪ ،‬وقد أدى ذلك إلى اتساع القطاع العام وزحفه في‬
‫جميع االتجاهات‪.‬‬
‫✓ فجاء تقرير جواهري لسنة ‪ ،1979‬الذي وقف على أول عملية تعداد للمؤسسات‬
‫القطاع العام‪ ،‬والتي رتبها وفقا لمستوى مشاركة الدولة حيث تبين أن هناك ‪ 64‬مؤسسة‬
‫عمومية و ‪ 396‬مقاولة عمومية تساهم الدول في رأسمالها بنسب مختلفة‪.‬‬
‫وبعد ذلك كان اإلحصاء الذي قامت به مديرية المؤسسات والمساهمات العمومية في‬ ‫✓‬

‫دجنبر ‪ 1986‬أكثر وضوحا حيث ركز على وجود ‪ 687‬مقاولة عمومية‪.‬‬


‫بعد ذلك كان للخطاب الملكي الموجه بمناسبة افتتاح الدورة الربيعية لمجلس النواب‬ ‫✓‬

‫بتاريخ ‪ 8‬أبريل ‪ 1988‬دورا كبيرا في خطوات توسع القطاع العام بإنشاء مؤسسات عامة‬
‫جديدة أو السماح لمؤسسات عامة قائمة بإحداث فروع تابعة لها‪.‬‬

‫وفي سنة ‪ 2011‬عرفت تحوال مهما يتعلق بإصدار دستور المملكة المغربية الذي يحمل‬
‫في طياته مبادئ الحكامة الجيدة والحكامة المالية‪ ،‬أما سنة ‪ 2015‬فستعرف ظهور القانون‬
‫التنظيمي للمالية ‪ ،130.13‬بعده سيتم إصدار تقرير المجلس األعلى للحسابات الخاص‬
‫بالمؤسسات العمومية وذلك سنة ‪.2016‬‬
‫يستشف مما سبق‪ ،‬أنه لدراسة موضوع الرقابة المالية على المؤسسات العمومية أهمية‬
‫بالغة نظرا للدور الذي أصبحت تحتله هذه الهيئات في تطوير الدولة المغربية وكذا انعكاسات‬
‫المساعدات واإلعانات المالية الموجهة لها على الميزانية العامة للدولة‪.‬ومن خالل ما سبق‬
‫قوله أنفا يمكن طرح اإلشكال التالي ‪:‬‬

‫‪ -6‬مليكة الصروخ‪ ،‬القانون اإلداري دراسة مقارنة‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة السابعة ‪،2010‬ص‪.345 .‬‬

‫‪3‬‬

‫‪2‬‬
‫إلى أي حد ساهم القانون ‪ 69.00‬والمتعلق بالرقابة المالية على المنشآت العامة في‬
‫الرفع من فعالية ونجاعة عملية الرقابة على هذه المؤسسات؟‬
‫وتتفرع عن هذه اإلشكالية مجموعة من األسئلة الفرعية تتمثل في‪:‬‬
‫ما هي الهيئات المختصة بالرقابة المالية؟‬
‫ما هي أنواع الرقابة المالية المطبقة على المؤسسات العمومية ؟‬
‫ما آفاق تحسين الشفافية المالية بالمؤسسات العمومية؟‬
‫تالمس هذه األسئلة الفرعية مختلف الجوانب المتعلقة باإلشكالية الرئيسية و الموضوع‬
‫المراد معالجته بالدراسة و التحليل لإلجابة عليه سيتم اعتماد األسلوب الوصفي التحليلي‬
‫والقانوني ‪.‬‬
‫وفق المحورين التاليين ‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ال مرتكزات المالية للدولة على المؤسسات العمومية في ظل القانون‬
‫‪69.00‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬معيقات الرقابة المالية للدولة وآفاق تحسين الشفافية المالية‬
‫بالمؤسسات العمومية‬

‫‪4‬‬

‫‪3‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المرتكزات المالية للدولة على المؤسسات العمومية‬

‫في ظل القانون ‪69.00‬‬

‫تمارس الدولة على المؤسسات العمومية بموجب القانون ‪ 69.00‬المنظم لرقابة الدولة‬
‫على مالية المنشآت العامة بواسطة عدة هيئات مختصة بالرقابة المالية (المطلب األول) وذلك‬
‫عبر عدة أنواع من الرقابة المالية (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الهيئات المختصة بالرقابة المالية‬

‫إن الحديث عن الحكامة الجيدة للمؤسسات والمقاوالت العمومية البد أن يجرنا إلى‬
‫التطرق إلى الرقابة التي تمارسها الدولة على هذه المؤسسات المقاوالت وهكذا فقد حدد‬
‫القانون ‪ 69.00‬هاته الهيئات على سبيل الحصر في الماد ‪ 7‬و ‪ 9‬و ‪ 10‬منه وهي كاآلتي‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬رقابة الوزارة المكلفة بالمالية‬

‫يعتبر وزير المالية على رأس الجهاز الحكومي الذي يخضع له كل من المراقبين‬
‫الماليين والمحاسبين العموميين وهو يقوم باإلضافة إلى اختصاصاته التقليدية بالمصادقة على‬
‫الميزانية والحسابات الختامية والسنوية وكذلك تمديد وتقليص المساهمات المالية‪ ،‬ويتدخل في‬
‫مساعدته للقيام بهذه المهام مراقبو الدولة و الخزنة المكلفين باألداء‪ ،‬حيث طبقا لمقتضيات‬
‫القانون ‪ ، 69.00‬تتحدد مهمة الرقابة المالية للوزير المكلف بالمالية على المقاوالت العمومية‬
‫طبقا ألحكام القانون‪ 7‬في قيام ال سيد الوزير بتحديد كيفيات تطبيق هذا القانون بالنسبة إلى كل‬
‫مؤسسة أو الميزانيات والبيانات التوقعية لمدة متعددة السنوات وإقرارها والتأشير عليها‬
‫وطريقة مسك محاسبة اآلمر بالصرف والمساعي الواجب مسكها من لدن الخازن المكلف‬
‫باألداء‪ ،‬كما يقوم بمراقبة الوثائق التي يتم بمقتضاها توقيع وتقييم وترخيص عمليات‬
‫االستغالل والتمويل الخزينة وعمليات االستثمار برسم السنة المحاسبية المالية‪.‬‬

‫‪ -7‬المادة ‪ 7‬من القانون رقم ‪ 69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى‪ .‬الصادر بتنفيذ الظهير الشرف رقم‬
‫‪ 1.03.195‬الصادر في ‪ 16‬رمضان ‪ 11( 1424‬نوفمبر ‪.)2003‬‬

‫‪5‬‬

‫‪4‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مراقب الدولة‬

‫يتمتع مراقب الدولة‪ ،‬ضمن الحدود التي يعينها الوزير المكلف بالمالية بسلطة تأشير‬
‫على االقتناءات العقارية أو االتفاقية المتعلقة باألشغال والتوريدات والخدمات وكذا منح‬
‫اإلعانات المالية والهبات‪ ،‬ويمارس كذلك حق تأشير مسبق على قرارت تسيير المستخدمين‬
‫بالمؤسسات العمومية التي ال تتوفر على نظام أساسي للمستخدمين وتبين الحدود المحددة من‬
‫طرف وزير المالية على أساس أهمية الهيئة وعدد العمليات المعنية ومبالغها‪.‬‬
‫وفي حالة رفض التأشيرة‪ ،‬يبث الوزير المكلف بالمالية في األمر‪ ،‬كما يجوز لمراقب‬
‫الدولة أن يبدي رأيه في كل عملية تتعلق بتسيير الهيئة أثناء مزاولته لمهامه وأن يبلغه كتابة‬
‫إلى الوزير المكلف بالمالية أو رئيس مجلسي اإلدارة أو الجهاز التداولي أو إدارة الهيئة‬
‫بحسب الحالة‪ ،‬ويحرر في هذا الشأن تقريرا سنويا يوجهه إلى الوزير المكلف بالمالية‬
‫ويعرضه على المجلس اإلدارة أو الجهاز التداولي‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬الخازن المكلف باألداء‬

‫يعين الخازن المكلف باألداء وفق المادة الثانية من المرسوم الصادر في ‪ 16‬دجنبر‬
‫‪ 2003‬بمقرر للوزير المكلف بالمالية من بين الموظفين العاملين بقطاع المالية والمنتمين‬
‫على األقل إلى إطار مرتب في سلم األجور رقم ‪ 10‬أو إطار معتبر في حكمه ويزاول مهامه‬
‫لدى نفس الهيئة لمدة أقصاها ست سنوات‪.‬‬
‫ويعتبر الخازن المكلف باألداء كمحاسب عمومي مسؤوال عن عمليات النفقات وهو‬
‫يقوم بعمله وفقا لمقتضيات قانون المحاسبة العمومية إضافة إلى ظهير ‪ 11‬نونبر ‪2003‬‬
‫ويتعين على المديرية المعين لها هذا العون أن تضع رهن إشارته الوسائل المتعلقة بالمعدات‬
‫والموظفين التي يراها وزير المالية ضرورية للقيام بمهمته‪.‬‬
‫ويجب على الخازن التأكد من أن األداءات التي تتم لفائدة الدائن الحقيقي وتوفر‬
‫االعتمادات وبناء على وثائق صحيحة تثبت صحة حقوق الدائن والعمل المنجز في حالة عدم‬
‫توفر إحدى هذه العناصر فيمكن أن يرفض إنجاز أي أداء ال يحترم العناصر السابقة‪ ،‬وفي‬
‫هذه الحالة يتحتم على العون المحاسب أن يمثل لهذا الطلب الذي يضيفه إلى سند األداء‬
‫ويخبر بذلك فورا المراقب المالي قبل أن يقوم باألداء‪ ،‬وتنتفي مسؤولية الخازن المكلف‬

‫‪6‬‬

‫‪5‬‬
‫باألداء عندما يوجه رفضا معال إلى مدير الهيئة المعنية ويوجه له بذلك المدير أمرا بالتسخير قصد التأشير على وسيلة‬
‫األداء‪ ،‬ويجب عليه التقيد بهذا األمر بالتسخير ويخبر وزير المالية بذلك فورا كما يوقع الخازن المكلف باألداء مع مدير‬
‫الهيئة المعنية على وسائل األداء كاألوراق التجارية والوسائل والعمليات البنكية األخرى ‪ .‬وهناك بعض المؤسسات التي ال‬
‫يمارس اآلمر بالصرف اختصاصاته بها إال بقرار من وزير المالية‪.‬‬

‫وإضافة إلى هذه الهيئات األساسية فيما يخص المراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة‪ ،1‬هناك هيئات ثانوية أخرى‬
‫تقوم بنفس المهمة تتمثل في مفوض أو مندوب الحكومة والذي يمارس عدة اختصاصات حسب المواد (‪ )1,2,3,6,9‬من‬
‫القانون ‪ ،69.00‬كما يعد تقريرا سنويا عن حالة تنفيذ اإلتفاقية المشار إليها في المادة ‪ 15‬ويوجهه إلى الوزير المكلف‬
‫بالمالية ويعرضه على مجلس اإلدارة أو الجهاز التداولي‪ .‬إضافة إلى مراقبة المفتشية العامة للدولة التي تضطلع بسلطة‬
‫التأكد والمراقبة على مجموع األداءات ومجموع النفقات العمومية إضافة إلى إجراء أبحاث لتقييم عمليات التسيير بوجه‬
‫عام إال أن هذه العمليات تبقى ثانوية بحيث ال تقوم هذه المفتشية بعملها من تلقاء نفسها وإنما بناء على طلب من وزير‬
‫المالية أو السلطة الحكومية أو بناء على طلب المقاولة العمومية نفسها‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬كهيأة عليا للرقابة المالية‬

‫يعتبر المجلس األعلى للحسابات الجهاز األعلى للرقابة على المالية العامة ببالدنا‪ ،‬طبقا للفصل ‪ 147‬من دستور‬
‫المملكة‪ ،2‬حيث يتحقق من سالمة العمليات المتعلقة بمداخيل ومصاريف األجهزة الخاضعة لمراقبته بمقتضى القانون‪،‬‬
‫ويقيم كيفية تدبيرها لشؤونها‪ ،‬ويتخذ عند االقتضاء‪ ،‬عقوبات عن كل إخالل بالقواعد السارية على العمليات المذكورة‪ .‬كما‬
‫تناط به إختصاصات أخرى تتعلق بمراقبة وتتبع التصريح بالممتلكات وتدقيق حسابات األحزاب السياسية وفحص النفقات‬
‫المتعلقة بالعمليات اإلنتخابية‪ .‬وفضال عن ذلك‪ ،‬وطبقا للفصل ‪ 148‬من الدستور‪ ،‬يبذل المجلس مساعدته للبرلمان‬
‫والحكومة وللهيئات القضائية‪.‬‬

‫وعلى غرار األجهزة العليا للرقابة على المالية العامة في الدول التي تعتمد النموذج القضائي‪ ،‬يتولى المجلس من‬
‫أجل القيام بهذه المهام ممارسة نوعين من االختصاصات التي ينظمهما القانون رقم ‪ 99.62‬المتعلق بمدونة المحاكم‬
‫المالية‪ ،3‬وهي‪ :‬إختصاصات قضائية تتجلى في التدقيق والبت في حسابات األجهزة العمومية المدلى بها من طرف‬
‫المحاسبين العموميين أو المحاسبين بحكم الواقع‪ ،‬وفي التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬وإختصاصات غير‬
‫قضائية‪ ،‬تتمثل في مراقبة تدبير مرافق الدولة والمؤسسات واألجهزة العمومية األخرى ألجل تقديره من حيث الكيف‬

‫‪- 1‬المادة ‪ 16‬من القانون رقم ‪ 00.69‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى‪.‬‬
‫‪ - 2‬نص الفص ‪ 147‬دستور المملكة لسنة ‪ ، 2011‬على أن‪" :‬المجلس األعلى للحسابات هو الهيأة العليا لمراقبة المالية العمومية بالمملكة‪ ،‬ويضمن الدستور إستقالله‪"...‬‬
‫مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ - 3‬القانون رقم ‪ 62.99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.02.124‬بتاريخ فاتح ربيع اآلخر ‪ 13( 1423‬يونيو ‪ ،)2002‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد‬
‫‪ ،5030‬كما تم تعديله بالقانون رقم ‪ 55.16‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.16.153‬بتاريخ ‪ 21‬من ذي القعدة ‪ 25( 1437‬غشت ‪ ،)2016‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪.6501‬‬

‫‪6‬‬
‫وإقتراح الوسائل الكفيلة بتحسين طرقه والزيادة في فعاليته ومردوديته ومستوى أدائه‪ ،‬وكذا مراقبة استخدام األموال‬
‫العمومية التي تتلقاها المقاوالت أو الجمعيات‪.4‬‬

‫ويمارس المجلس األعلى للحسابات األعمال الرقابية بواسطة هيأة قضائية إنطالقا من الوثائق المدلى بها إليه أو‬
‫باإلنتقال إلى عين المكان تبعا لبرنامج عمل سنوي يعده الرئيس األول‪ ،‬يكلل بتقارير عن العمليات واألنشطة التي يقوم‬
‫بها‪ ،‬كما ينشر معها مجموعة من القرارات التي يصدرها بحق من ثبث لديهم إختالالت مالية‪.‬‬

‫ويأتي الحديث عن هذه التجربة الهامة والمتميزة خصوصا بعد مرور ما يقرب عن ثمانية عشرة سنة على صدور‬
‫مدونة المحاكم المالية سنة ‪ ، 2002‬وبعد تركيزاإلنتباه‪ ،‬من طرف المجلس على القطاعات ذات الطابع اإلجتماعي‬
‫كالصحة والتعليم‪ 5.‬ولعل ما يبرر المهمات الرقابية التي قام بها المجلس هو حجم األموال التي تتلقاها األكاديميات‬
‫الجهوية للتربية والتكوين وخاصة المخطط اإلستعجالي ‪ 2012 -2009‬والذي أصدر بشأنه تقريرا خاصا‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫تقارير حول تسيير بعض األكاديميات وقرارات تأديبية بحق موظفي بعض المصالح التابعة لألكاديميات الجهوية وهو ما‬
‫سنعرض له من خالل إبراز هذه الرقابة في شقيها القضائي وغير القضائي وهي محدودة من حيث العدد‪.‬‬

‫‪ -‬المراقبة القضائية المطبقة على التدبير المالي والمحاسباتي لألكاديميات‬


‫‪ -‬المراقبة على التسيير وتقييم برامج التربية والتكوين في صلب إهتمامات المجلس األعلى للحسابات‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع الرقابة المالية في ضوء القانون ‪00.69‬‬

‫الرقابة المالية يقصد بها تلك الرقابة التي تمارسها الدولة على المقاوالت العامة بموجب القانون رقم ‪ 00.69‬المنظم‬
‫لرقابة الدولة المالية على المنشآت العامة باختالف أنشطتها وطبيعتها وكذا المساطر القانونية المؤطرة لها‪ ،‬كل هذا جعل‬
‫الدولة تجد صعوبة في مراقبتها ماليا وإداريا‪ ،‬ولهذا انجد ان المشرع وضع عن طريق القانون ‪ 00.69‬عدة أنواع من‬
‫المراقبة‪ ،‬إللحاطة بالعمليات المالية والتنظيم المالي لكل نوع من هذه المنشآت العامة‪ ،‬بحيث تحدد وتراجع بصفة دورية‬
‫بمرسوم قائمة المنشآت العامة الخاضعة لكل نوع من المراقبة وترفق هذه القائمة بالتقرير الملحق بمشروع قانون مالية‬
‫السنة‪.‬‬

‫‪ - 4‬المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬قرارات صادرة عن غرفة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬أبريل ‪ ،2019‬منشور في موقع المجلس‪،‬‬
‫‪http://www.courdescomptes.ma/‬‬
‫‪ - 5‬ادريس طاهري‪ ،‬تجربة المجلس األعلى في مراقبة تسيير الجامعات‪ ،‬المجلة المغربية للمالية العمومية العدد ‪ ،2014/4‬كلية العوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪،‬‬
‫فاس‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫وتخضع هذه المؤسسات للمراقبة إما بكيفية قبلية (الفقرة األولى)‪ ،‬أو بكيفية مواكبة‬
‫(الفقرة الثانية)‪ ،‬أو بكيفية اتفاقية (الفقرة الثالثة)‪ ،‬لنختتم هذا المطلب بالحديث عن مراقبة‬
‫المقاوالت ذات االمتياز (الفقرة الرابعة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الرقابة القبلية‬

‫إن المراقبة المالية القبلية على المؤسسات والمقاوالت العمومية تعتبر رقابة مشروعية‪،‬‬
‫ينظمها الظهير الشريف رقم ‪ 1.03.195‬الصادر في ‪ 16‬رمضان ‪ 11( 1424‬نونبر ‪)2003‬‬
‫بتنفيذ القانون رقم ‪ 69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات‬
‫أخرى‪.9‬‬
‫فيقصد بالرقابة القبلية طبقا ألحكام المواد ‪ ،10 ،9 ،8 ،7‬من القانون ‪ 69.00‬تلك‬
‫الرقابة التي يقوم بها كل من وزير المالية ومراقب الدولة والخازن المكلف باألداء كل حسب‬
‫اختصاصه‪ ،10‬بحيث تخضع للرقابة القبلية المبنية على المشروعية عمليات‪ ،‬المؤسسات‬
‫العمومية التي ال تملك أنظمة معلوماتية‪ ،‬ذات مصداقية يمكن أن تقدم للمؤسسات تحصينات‬
‫بخصوص ضبط وتوقع المخاطر االقتصادية والمالية‪ ،11‬وترتكز هذه المراقبة على التأكد من‬
‫مشروعية المداخيل على النفقات ‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بمراقب الدولة وإضافة إلى االختصاصات التي أشرنا إليها سابقا في‬
‫إطار الحديث عن الهيئات المختصة بالرقابة المالية‪ ،‬فإن دوره بخصوص المراقبة القبلية‬
‫يتجلى في كونه يتمتع بحق االطالع الدائم على جميع المعلومات والوثائق سواء لدى الهيئة أو‬
‫الشركات التابعة لها ومساهماتها وله أن يقوم بجميع أعمال التحقق والمراقبة التي يراها‬
‫مالئمة اعتمادا على المستندات ‪...‬الخ‪.‬‬
‫أما دور الخازن المكلف باألداء فيتمثل بكونه مسؤوال عن صحة عمليات النفقات سواء‬
‫بالنظر إلى أحكام األنظمة األساسية والمالية للهيئة‪ ،‬كما يجب عليه التأكد من أن األداءات تتم‬
‫لفائدة الدائن الحقيقي‪ ،‬وكذلك في توفر االعتمادات‪ ،12‬ويلعب دورا محوريا ويمارس مهامه‬

‫‪ -9‬عبد الواحد العسالي‪ ،‬دور الخازن المكلف باألداء في مراقبة لمؤسسات العمومية‪ ،‬ملخص أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬بكلية‬
‫الحقوق بفاس‪ ،‬المجلة المغربية للمالية العمومية‪ ،‬مطبعة البالبل البطحاء‪ ،‬فاس‪ ،‬سنة ‪ ،2014‬ص ‪.109‬‬
‫‪ -10‬المادة ‪ 3‬من القانون رقم ‪ 69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى‪.‬‬
‫‪ -11‬إدريس ألطاهري‪ ،‬التدبير المالي للجامعات بالمغرب‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‪ ،‬فاس‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪ ،2014/2013‬ص‪.273 .‬‬
‫‪ -12‬المادة ‪ 9‬من القانون رقم ‪ .69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫‪8‬‬
‫بصفته محاسبا عموميا معتمدا على المواد البشرية والمادية لهذه األخيرة‪ ،‬وتتميز‬
‫اختصاصاته بالتعدد والتنوع‪،‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن الخازن المكلف باألداء ليس له أي دور في المراقبة المواكبة‪،‬‬
‫وتخضع للمراقبة المالية ال قبلية التي يتكلف بها الخازن المكلف باألداء والوزير المكلف‬
‫بالمالية‪ ،‬ومراقب الدولة‪ ،‬كل في مجال اختصاصه ‪ 2226‬منشأة عامة حسب تقرير حول‬
‫المؤسسات والمنشآت العامة الملحق بمشروع قانون المالية لسنة ‪ 132013‬نذكر منها‪:‬‬
‫وكالة تهيئة بحيرة مارشيكا ‪.AASLM‬‬ ‫‪‬‬

‫وكالة تهيئة ضفتي أبر رقراق ‪. AAVBR‬‬ ‫‪‬‬

‫الوكالة الوطنية للتأمين الصحي ‪.ANAM‬‬ ‫‪‬‬

‫الوكالة الوطنية إلنعاش الشغل والكفاءات ‪.ANAPEC‬‬ ‫‪‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الرقابة المواكبة‬

‫يقوم مراقب الدولة والوزير المكلف بالمالية بمراقبة مواكبة على شركات الدولة التي‬
‫تملك فيها الدولة أو جماعة محلية مساهمة مباشرة‪ ،14‬وعلى المؤسسات العامة المرتبطة مع‬
‫الدولة بعقود برامج‪ ، ،15‬حيث ترتكز هذه المراقبة على عمليات تقييم النتائج وجودة‬
‫التدبير‪ ،16‬وتتسم هذه المراقبة بكونها تتم بالموازاة مع قيام المقاولة العمومية بأنشطتها‬
‫وعملياتها‪.17‬‬
‫كما تخضع للمراقبة المواكبة المؤسسات العامة التي تثبت اعتمادها الفعلي لمنظومة‬
‫اإلعالم والتسيير والمراقبة الداخلية المصادق عليها بصفة صحيحة من لدن مجلس اإلدارة أو‬
‫الجهاز التداولي‪:‬‬
‫مخطط تنظيمي تحدد فيه البنيات التنظيمية للتسيير والتدقيق الداخلي بالمؤسسة‬ ‫‪‬‬

‫ومهامها واختصاصاتها‪.‬‬
‫محاسبة تمكن من إعداد قوائم تركيبية صحيحة وصادقة ومشهود بصحتها‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -13‬عبد الواحد العسالي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.109 .‬‬


‫‪ -14‬المادة ‪ 4‬من القانون رقم ‪ .69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى‪.‬‬
‫‪ -15‬الفقرة األولى من المادة ‪ 18‬من القانون رقم ‪ .69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى‪.‬‬
‫‪ -16‬اتربدي محمد‪ ،‬باحث بكلية الحقوق‪ ،‬أكدال – الرباط‪ ،‬الرقابة المالية لوزارة المالية على المقاوالت العمومية‪ ،‬دراسة في القانون رقم ‪،69.00‬‬
‫‪.2012‬‬
‫‪ -17‬كوثر شوقي‪ ،‬باحثة في قانون األعمال‪ ،‬كلية الحقوق أكادير‪ ،‬قراءة في القانون ‪ 69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المقاوالت العامة‪،‬‬
‫‪.2011‬‬

‫‪9‬‬

‫‪9‬‬
‫مخطط لمدة متعددة السنوات يشمل فترة ال تقل عن ثالث سنوات يتم تحيينها‬ ‫‪‬‬

‫كل سنة‪.‬‬
‫تقرير سنوي عن التسيير يعده مدير المؤسسة‪..‬‬ ‫‪‬‬

‫ويمارس الوزير المكلف بالمالية في إطار المراقبة المواكبة على شركات الدولة ذات‬
‫المساهمة المباشرة المو افقة المسبقة على مقررات مجلس اإلدارة أو الجهاز التداولي المتعلق‬
‫بعمليات معينة‪ ،‬حيث ال تصبح نهائية إال بعد موافقته‬
‫تخضع للمراقبة المواكبة المؤسسات العامة المرتبطة مع الدولة بعقود برامج‪ ،‬كما تعفي‬
‫هذه المؤسسات من الموافقة المسبقة على الوثائق المنصوص عليها في المادتين ‪ 7‬و ‪ 11‬من‬
‫القانون ‪.69.00‬‬
‫كما تحدد في عقود البرامج لمدة متعددة السنوات وعلى الخصوص التزامات الدولة‬
‫والهيئة المتعاقدة واألهداف التقنية واالقتصادية والمالية المحددة للهيئة‪ ،‬ويوقع عقود البرامج‬
‫باسم الدولة كل من الوزير المكلف بالوصاية والوزير المكلف بالمالية وعن الهيئة رئيسي‬
‫مجلس اإلدارة أو الجهاز التداولي أو المدير إذا فوض إليه ذلك من طرف رئيسي مجلسي‬
‫اإلدارة أو الجهاز التداولي السالف الذكر‪.18‬‬
‫ويجب على الهيئات الخاضعة للمراقبة المواكبة‪ ،‬تبعا لمقتضيات المادة ‪ 14‬من القانون‬
‫‪ 69.00‬إحداث لجنة للتدقيق والتي تتألف باإلضافة إلى مراقب الدولة‪ ،‬من عضوين إلى أربعة‬
‫أعضاء غير مسيرين أو من ينوب عنهم شخصيا لهذا الغرض‪ ،‬حيث تهدف هذه اللجنة إلى‬
‫تقييم العمليات وجودة التنظيم‪ ،‬ودقة وحسن تطبيق منظومة اإلعالم وإنجازات الهيئة‪ ،‬وتوجه‬
‫لجنة التدقيق مباشرة إلى مدير الهيئة تقريرا يتضمن نتائج تدخالتها‪ ،‬وكذا التوصيات التي‬
‫تراها مفيدة لتحسين التسيير والتحكم في المخاطر االقتصادية والمالية للهيئة‪ ،‬ويعرض هذا‬
‫التقرير على مجلس اإلدارة أو الجهاز التداولي‪.19‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬الرقابة االتفاقية‬

‫تخضع للمراقبة بمقتضى اتفاقية شركات الدولة التي ال تملك فيها الدولة أو جماعة‬
‫محلية مساهمة مباشر‪ ،‬وكذا الشركات التابعة العامة التي تملك فيها مباشرة الدولة أو جماعة‬

‫‪ -18‬المادة ‪ 18‬من القانون رقم ‪ ، 69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى‬
‫‪ -19‬المادة ‪ 14‬من القانون رقم ‪ ، 69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى‬

‫‪10‬‬

‫‪10‬‬
‫محلية أغلبية رأس المال‪ ،‬ويسهر على تنفيذ المراقبة بمقتضى اتفاقية مندوب الحكومة‪ ،‬إما‬
‫عن طريق اتفاقية مراقبة مبرمة مع الدولة أو اتفاقية مبرمة مع المقاولة األم وفقا لمقتضيات‬
‫الباب الخامس من القانون ‪ ،2069.00‬ويتم تعيينه وفق ما تنص عليه المادة األولى من مرسوم‬
‫‪ 19‬دجنبر ‪ 212003‬بقرار لوزير المالية من بين الموظفين العاملين بقطاع المالية‪ ،‬حيث يعد‬
‫تقريرا سنويا عن حالة تنفيذ االتفاقية‪ ،‬يوجهه إلى الوزير المكلف بالمالية ويعرضه على‬
‫مجلس اإلدارة أو الجهاز التداولي‪.22‬‬
‫كما تنص اتفاقية المراقبة على التزامات شركة الدولة أو الشركة التابعة العامة‬
‫المتعاقدة‪ ،‬خاصة المقررات الواجب الحصول في شأنها على الترخيص المسبق من مجلس‬
‫إدارتها‪.‬‬
‫وتحدد وتراجع بصفة دورية بمرسوم قائمة شركات الدولة الخاضعة للمراقبة االتفاقية‪،‬‬
‫وترفق بالوثائق الملحقة بمشروع قانون المالية عند عرضه على البرلمان‪ ،‬وبالرجوع إلى‬
‫التقرير المرفق بقانون مالية ‪ 2011‬والمتعلق بالمنشآت والمقاوالت العمومية‪ ،‬نجد أن‬
‫شركات الدولة الخاضعة للمراقبة االتفاقية نذكر منها‪:‬‬
‫شركات الدولة ذات المساهمة غير المباشر‪:‬‬
‫شركات الدار البيضاء للنقل ‪.100%ADER‬‬ ‫✓‬
‫شركة ترامواي الرباط – سال ‪.100%TRANSPORTS‬‬ ‫✓‬
‫‪ SAO‬شركة العمران لتهيئة أكاد ير ‪. 100%STRS‬‬ ‫✓‬

‫ومن خالل تقرير المنشآت العامة المرفق بالقانون المالي لسنة ‪ ،2011‬تم التوصل إلى‬
‫أن عدد الشركات الخاضعة للرقابة االتفاقية ‪ 17‬شركة وتمثل ‪.16%‬‬

‫‪ -20‬المادة ‪ 20‬من القانون رقم ‪ ، .69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى‬
‫‪ -21‬مرسوم رقم ‪ 2.02.121‬الصادر في ‪ 19‬دجنبر ‪ ، 2003‬المتعلق بمراقبي الدولة ومندوبي الحكومة والخزينة المكلفين باألداء لدى المنشآت‬
‫العامة وهيئات أخرى‪ ،‬الجريدة الرسمية ‪،‬عدد ‪، 5174،‬بتاريخ ‪ 1‬يناير ‪ ،2004‬ص‪.112 .‬‬
‫‪ -22‬الفقرة الثانية من المادة ‪ 16‬من القانون رقم ‪ ، 69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫‪11‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬رقابة التسيير على األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ( تقرير‬
‫المجلس حول مراقبة المخطط اإلستعجالي ‪)2012/2009‬‬

‫لقد صدر عن المجلس األعلى للحسابات ‪ ،‬تقرير حول تقييم المخطط اإلستعجالي لوزارة التربية الوطنية في ماي‬
‫‪ ، 2018‬فبال رغم من مرور ست سنوات على المخطط فإن مرحلة تقييمه و دراسة األثر على الفرد والمجتمع تبقى‬
‫واردة‪ ،‬وهو عمل يندرج ضمن المهام المنوطة بالمجلس في مجال المراقبة على التسيير ‪« contrôle de la‬‬
‫»‪ getion‬المنصوص عليها المنصوص عليها في المادتين ‪َ 75‬و ‪ 76‬من القانون ‪ 62.99‬بمثابة مدونة المحاكم‬
‫المالية والذي تم تغييره وتتميمه كما أسلفنا بالذكر‪.‬‬

‫وللقيام بهذه المهمة على أكمل وجه‪ ،‬وضع المجلس أهداف ونطاق إشتغاله كما حدد منهجية عمل بشكل مسبق‪.‬‬

‫فيما يخص األهداف ونطاق المهمة فقد إنصبت على مراقبة المخطط اإلستعجالي وتقييمه في مختلف مراحل‬
‫إنجازه‪ ،‬بد ًء بمرحلة اإلعداد والتخطيط و التنفيذ الميزانياتي ومنظومة القيادة والتتبع وصوال إلى قياس النتائج وتقييمها‬
‫من خالل األهداف المسطرة‪ .‬وألجل تحقيق أهداف التقرير والخروج بخالصاصات‪ ،‬إتبع المجلس مختلف الطرق من‬
‫قبيل دراسة جميع الوث ائق ذات الصلة بالمخطط األستعجالي بما فيها نتائج التقييم الداخلي وفحصها‪ ،‬وإجراء المقابالت‬
‫مع المسؤولين المركزين بقطاع التربية الوطنية‪ ،‬سعيا لمقارنة هذه المنجزات باألهداف المسطرة سلفا‪.1‬‬

‫‪ ‬نتائج المراقبة في مرحلة اإلعداد‪:‬‬


‫من أجل وضع المخطط اإلستعجالي‪ ،‬فإن الوزارة لجأت إلى اإلستعانة بالخبرة األجنبية في إطار صفقة بلغت ‪18‬‬
‫مليون درهما‪ ،‬حيث تم تصميمه تبعا لمنطق التدبير بالمشاريع الشيئ الذي يسترعي تحديد األهداف التي يراد تحقيقها‬
‫في كل مشروع وما يتطلب من تنفيذ لتدابير مصاحبة وتحديد المدة الزمنية والجهة المكلفة بالتنفيذ‪ ،‬وحيث تمت‬
‫الموافقة عليه من طرف لجنة التتبع التي أحدثتها الوزارة من أجل هذه الغاية‪ .‬إال أن هذا التصميم سرعان ما تم إعادة‬
‫هيكلته في سنة ‪ 2009‬وذلك بعد أن شرعت في تنفيذ بعض تدابيره‪ ،‬مما أدى بالوزارة إلى تغيير األهداف والميزانية‬
‫‪2‬‬
‫المخصصة لها‪.‬‬

‫في شكل‬ ‫خالل هذه المرحلة إستطاع المجلس أن يضع يده على مجموعة من اإلختالالت وتم صياغتها‬
‫مالحظات حول مرحلة األعداد‪.3‬‬

‫‪ -‬اإلنتظار حتى سنة ‪ 2009‬لتنزيل اإلصالحات الواردة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي‬
‫إنطلق منذ سنة ‪ 2000‬وهي مدة طويلة مقارنة مع حجم اإلنتظارات التي جاء بها الميثاق؛‬

‫‪ - 1‬المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬تقرير حول تقييم المخطط اإلستعجالي لوزارة التربية الوطنية‪ ،‬مايو ‪.2018‬‬
‫‪ - 2‬نفس المرجع‪.‬‬
‫‪ - 3‬نفس المرجع‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ -‬عدم فعالية اللجوء إلى الخبرة األجنبية من أجل إعداد مخطط إستعجالي حيث تم عقد صفقة ‪ 18‬مليون‬
‫مع مكتب دراسات إصطدمت دراساته بصعوبات التنزيل مما جعل الوزارة تعيد هيكلة المخطط؛‬
‫‪ -‬عدم توفر الوزارة على اآلليات والميكانيزمات التي تمكنها من ضبط الحاجيات الحقيقية مما جعل‬
‫التخطيط اليتماشى و إعادة هيكلة المخطط يسقط في إخفاق اإلستجابة لمتطلبات اإلصالح؛‬
‫‪ -‬عدم نهج المقاربة التشاركية خالل مرحلة إعادة تأطير المخطط بالرغم من أن المخطط األولي تم‬
‫اإللتزام به أمام جاللة الملك وتوقيع ‪ 9‬إتفاقيات شراكة‪.‬‬

‫‪ ‬تعبئة الموارد المالية وتدبيرها‬


‫في الجانب المالي إنصبت مراقبة المجلس على الموارد المالية المتحصل عليها من طرف وزارة التربية الوطنية‪،‬‬
‫وذلك باإلعتماد على قوانين مالية السنة والحسابات اإلدارية للوزارة و البيانات المحاسبية لألكاديميات وكذا تقديرات‬
‫مكتب الدراسات وجذاذات المشاريع المكونة للمخطط اإلستعجالي بعد هيكلتها من طرف الوزارة‪ ،‬حيث وجد المجلس‬
‫أن قدرالمبالغ مختلفة بإختالف المصدر المص َدر لها‪ ،‬ومن الصعب تحديد الكلفة الحقيقية للمخطط اإلستعجالي وأعزى‬
‫ذلك لغياب الرؤية الواضحة والحكامة المالية‪.‬‬

‫وللتحقق من الكلفة الحقيقية للمخطط‪ ،‬في غياب معطيات مالية بكل مشروع‪ ،‬إسترشد المجلس إلى فحص نفقات‬
‫المخطط اإلستعجالي للفقرة الممتدة مابين ‪ 2012-2009‬بالرجوع إلى اإلعتمادات النهائية التي تضمنتها الحسابات‬
‫اإلدارية للوزارة والميزانيات النهائية لألكاديميات وهي تقنية المراقبة والفحص من خالل وضعية اإلستهالك وبذلك‬
‫إستطاع المجلس األعلى للحسابات التوصل إلى معطيات رقمية مكنته من رسم صورة عن حجم المبالغ المالية المعبأة‪،‬‬
‫وقد لخصها في الجدول التالي‪:‬‬

‫جدول رقم‪ :‬وضعيات إستهالك اإلعتمادات المرصودة لوزارة التربية الوطنية خالل الفترة ‪2012-2009‬‬

‫اإلعتمادات الملتزم‬
‫المبالغ المؤداة‬ ‫اإلعتمادات النهائية‬ ‫الفصل‬
‫بها‬
‫‪13.791.296.177‬‬ ‫‪15.553.987.590‬‬ ‫‪19.157.634.223‬‬ ‫المعدات والنفقات‬
‫اإلستثمار(إعتمادات‬
‫‪11.373.786.164‬‬ ‫‪19.502.954.882‬‬ ‫‪23.966.725.044‬‬
‫األداء)‬
‫‪25.165.082.341‬‬ ‫‪35.056.942.472‬‬ ‫‪43.124.359.267‬‬ ‫المجموع‬
‫المصدر‪ :‬تقرير المجلس األعلى من خالل معطيات وزارة التربية الوطنية‬

‫بعدددددما تددددم حصددددرالمبلغ اإلجمددددالي للمخطددددط اإلسددددتعجالي كمددددا هددددو مبددددين فددددي الجدددددول أعدددداله‬
‫‪ 43.124.359.267‬مليار درهم‪ ،‬إستطاع المجلس األعلى للحسابات الوقوف على مجموعة من المؤشرات التدي مدن‬

‫‪13‬‬
‫شأنها أن تشكل صورة عن الوضعية الحقيقية عن للتدبير المالي للمخطط األستعجالي وتسداعده علدى قيداس مددى فعاليدة‬
‫األجهزة المالية وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪ -‬مجموع نسب اإلعتمادات الملتزم بها مقارنة باإلعتمادات النهائية هي‪%81‬‬


‫‪ -‬مجموع نسب المبالغ المؤداة من اإلعتمادات الملتزم بها هي ‪%72‬‬
‫وباإلعتماد على الوثائق المحاسبية التي إطلع عليها المجلس وخاصة معطيات مديرية الشؤون العامة والممتلكات‬
‫بالوزارة‪ ،‬فقد تبين له أن هذه اإلعتمادات تم صرف جزء منها مر كزيا والجزء اآلخر جهويا في شكل تحويالت أو‬
‫أداءات لنفقات تم إستهالكها على مستوى األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين‪.‬‬

‫جدول رقم‪ :‬مقارنة نسبة تنفيذ ميزانية قطاع التربية الوطنية مع مستوى تنفيذ الميزانية العامة خالل الفترة ‪2012-2009‬‬

‫معدل تنفيذ إعتمادات األداء المرصودة‬


‫اإلستثمار‬ ‫المعدات والنفقات المختلفة‬ ‫مستويات التنفيذ‬
‫‪% 10,2‬‬ ‫‪% 75,9‬‬ ‫على مستوى وزارة التربية الوطنية‬
‫‪% 61,2‬‬ ‫‪% 70‬‬ ‫على مستوى األكاديميات الجهوية‬
‫‪% 66,5‬‬ ‫‪% 96.75‬‬ ‫على مستوى الميزانية العامة للدولة‬
‫المصدر‪ :‬تقرير المجلس األعلى للحسابات‬

‫وعموما بعد تحليل أرقام المبالغ ونسب تسوية هذه النفقات خلص المجلس إلى المالحظات الجوهرية التالية فيما‬
‫يخص تدبير ميزانية المخطط اإلستعجالي‪:‬‬

‫‪ -‬األداء العام لتدبير الميزانية خالل فترة تنفيذ المخطط اإلستعجالي يبقى ضعيفا‪ ،‬ويعكس ضعف التعبئة‬
‫التي كان ينبغي توفيرها ل تنزيل المخطط اإلستعجالي كبرنامج إستراتيجي ذو بعد وطني؛‬
‫‪ -‬تدبير اإلعتمادات المرخص بها في فصل المعدات والنفقات المختلفة لم يخضع لمقاربة التدبير‬
‫بالمشاريع كما هو مبين في الوثائق المؤطرة للمخطط اإلستعجالي؛‬
‫‪ -‬عمليات تحويل اإلعتمادات من المادة " ‪ 3000‬اإلدارة الخارجية " إلى المواد من " ‪ 3001‬إلى‬
‫‪ 3016‬الخاصة باألكاديميات الجهوية " كنفقات تم تصفيتها وأداؤها على المستوى المركزي‪ ،‬في حين أن‬
‫اإلستهالك الفعلي لهذه اإلعانات تم على مستوى األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين؛‬
‫‪ -‬عدم إعداد ميزانيية منففصلة تخص المخطط اإلستعجالي‪ ،‬حيث لم تعمل الوزارة على وضع نظام‬
‫يمكن من تمييز الموارد المالية المخصصة للبنامج اإلستعجالي عن باقي النفقات األخرى وبالتالي‪ ،‬تم دمج‬
‫الغالف المالي المخصص للبرنامج ضمن بنود الميزانية؛‬
‫‪ -‬ضعف القدرات التدبيرية في مجال المحاسبة والتدبير المالي للمشاريع‪ ،‬كما يتضح ذلك من خالل‬
‫غياب تأطير ميزانياتي واضح للمخطط االستعجالي‪ ،‬وغياب نظام للقيادة يمكن من التحكم في مختلف مكونات‬

‫‪14‬‬
‫المخطط‪ ،‬وعدم إرساء نظام معلوماتي مندمج يمكن من تجميع المعلومات ويساعد على اتخاذ القرارات‬
‫المناسب؛‬
‫‪ -‬إزدواجية النفقات من خالل تواجدها ضمن محاسبة األكاديميات والمصالح المركزية‪ ،‬مما يفتح الباب‬
‫أمام سوء الترشيد وغياب الحكامة‪.‬‬
‫وعموما فإن المجلس األعلى للحسابات صرح بأن التكلفة المالية الحقيقية للمخطط االستعجالي تقريبية حيث تم‬
‫تقييمها من خالل اعتمادات األداء المفتوحة في القوانين المالية وفي الميزانيات الخاصة باألكاديميات الجهوية للتربية‬
‫والتكوين عن السنوات الممتدة من ‪ 2009‬إلى ‪ 4.2012‬كما وقف على مجموعة من اإلختاللت التدبيرية التي ردت‬
‫عليها الوزارة بتبريرات وقد أوردها التقرير في ثناياه بالخط األزرق‪.5‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اختااللت الرقابة المالية للدولة على المؤسسات العمومية وآفاق‬
‫تحسينها‬

‫يلعب قطاع المؤسسات والمقاوالت العمومية دورا مهما في التنمية االقتصادية واالجتماعية ببالدنا اعتبارا لوزنه‬
‫في اإل قتصاد الوطني ومكانته في إعداد وتنفيذ السياسات العمومية‪ ،‬إال أن هذا القطاع يعاني من مجموعة من المعيقات‬
‫واإلختاالت التي تتمثل في ضعف المراقبة المالية للمؤسسات العمومية على ضوء قانون ‪00.69‬‬

‫المطلب األ ول‪ :‬تجليات ضعف المراقبة المالية للمؤسسات العمومية على ضوء قانون‬
‫‪00.69‬‬

‫من المالحظ أن القانون رقم ‪ 00.69‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى‪ ،‬ال يميز‬
‫بين األ شكال القانونية للمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري وشركات الدولة والشركات العامة التابعة‬
‫والمقاوالت ذات اإل متياز‪ ،‬وذلك على مستوى ميزانية ومحاسبة هذه المؤسسات وقوائمها التركيبية وكذلك بيان توزيع‬
‫رأسمالها حيث ترك المجال لمقررات الوزارة المكلفة بالمالية لتحديد التنظيم المالي‪ 6‬والمحاسبي الخاص بكل صنف من‬
‫أصنافها ‪ .‬حيث أن هذه المقررات تحدد لكل هيئة تنظيمها المالي والمحاسبي والذي ينص على أن تعتمد قواعد المحاسبة‬
‫العمومية بالمقاوالت العمومية‪.‬‬

‫‪ - 4‬المستنتجات العامة الواردة في تقرير المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص‪.90.‬‬
‫‪ - 5‬تقرير المجلس األعلى للحسابات حول تقييم البرنامج اإلستعجالي‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫نوال المرابطي‪ ،‬أهمية المحاسبة التحليلية كأداة في مراقبة التسيير‪ ،‬رسالة ماجيستر‪ ،‬جامعة الجزائر‪2006/2005 ،‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪15‬‬
‫حيث نالحظ أن السلطات المغربية أصبحت تميل إلحداث وكاالت بتنفيذ برامج أو‬
‫سياسات قطاعية كبرى أو حتى اإلشراف أو تدبير سياسات حكومية استراتيجية مما يجعل‬
‫هذه الوكاالت والمؤسسات خارج آلية رقابة حقيقية على تدبيرها المالي وعلى استثماراتها‬
‫التنموية‪ ،‬مما يعتبر بمثابة تهريب لهذه االستثمارات من الحكومة المسؤولة سياسيا أما الملك‬
‫والبرلمان وحتى أمام الرأي العام‪ ،‬إلى هيئات ال تخضع ألية رقابة واضحة‪.‬‬
‫وفي إطار تفعيل المبادئ الدستورية المتعلقة بالحكامة الرشيدة والشفافية في تدبير الشأن‬
‫العام‪ ،‬وربط المسؤولية بالمحاسبة‪ ،‬والتي نص عليها دستور ‪ 2011‬وخصوصا الفصل ‪27‬‬
‫منه الذي ينص على الحق في الولوج إلى المعلومة فقد أنجزت مديرية المنشآت العامة و‬
‫الخوصصة‪ ،‬مرسوما يخص تحديد أشكال نشر الحسابات السنوية للمؤسسات العمومية‪،26‬‬
‫حيث مرت صياغته طبقا للقانون ‪ 69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية‪ ،‬فنصت المادة ‪ 20‬منه‬
‫على ما يلي "الحسابات السنوية للمؤسسات العمومية تنشر في الجريدة الرسمية وفق األشكال‬
‫التي تحدد واسطة مرسوم"‪.‬إال أن المالحظات العامة بخصوص عملية النشر فإن أغلبية هذه‬
‫المؤسسات ال تقوم بها‪ ،‬مما يصعب من إمكانية تتبع ومراقبة هذه المنشأة‪.‬‬
‫كما أن القانون رقم ‪ 69.00‬ال يفرض أية سلطة رقابية حقيقة على هذه المؤسسات حيث‬
‫تتجلى قوتها في الرقابة المحاسبية الشكلية التي يجريها أعوان وزارة المالية على الوثائق وال‬
‫يمكن مناقشة مشاريعها وكذا استعمالها لمحافظها المالية‪ ،‬وخصوصا عندما يتعلق األمر‬
‫بالمؤسسات العمومية االستراتيجية‪.27‬‬
‫‪ -‬غياب تدبير ومراقبة القطاعات االستراتيجية‪:‬‬

‫حيث أن مخطط المغرب األخضر مثال أصبح تنفيذه مخوال لوكالة التنمية الفالحية‬
‫بقيمة استثمارات تصل إلى ‪ 194‬مليار درهم (مدته ‪ 10‬سنوات) عوض أن تقدم الوزارة على‬
‫الفالحة بذلك مباشرة بمعنى أن تفويت تدبير هذه االستثمارات التنموية للوكاالت تفرغ العمل‬
‫الحكومي من أي مضمون حقيقي‪.28‬‬

‫‪ -26‬مرسوم رقم ‪ 2.13.882‬صادر في ‪ 12‬من صفر ‪ 16( 1435‬دجنبر ‪، )2013‬بتحديد أشكال تمييز الحسابات السنوية للمؤسسات‬
‫العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية ‪،‬عدد ‪ ،6218‬الصادر بتاريخ ‪ 29‬صفر ‪ 2( ، 1435‬يناير ‪.)2014‬‬
‫‪ -27‬الفصل ‪ 49‬من الدستور المغربي‪ ،‬الذي ينص على أنه سيتم تحديد الئحة المؤسسات العمومية االستراتيجية بقانون تنظيمي مثل‪ :‬مكتب تنمية‬
‫الصناعة ‪ ONARIP.CDG‬مكتب األبحاث والمساهمات المعدنية‪.‬‬
‫‪ -28‬عبد اللطيف برحو‪ ،‬من يراقب أموال المؤسسات العمومية‪ ،‬الموقع اإللكتروني ‪ www.medi1tv.com‬تاريخ الزيارة‬
‫‪2017/12/26‬الساعة‪. 22H40MIN.‬‬

‫‪13‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ -‬االنتقال من الرقابة القبلية إلى الرقابة البعدية‪:‬‬

‫هذا االنتقال الذي نصت عليه مقتضيات القانون ‪ 69.00‬يعرف صعوبات متعدد تتمثل‬
‫في الضمانات المتعلقة بمدى التزام مديري المقاوالت العمومية بمعايير الجودة‪ ،‬والفعالية في‬
‫التدبير المبني على النتائج خاصة على مستوى مراقبة المشروعية أو الرقابة القبلية‪ ،‬فإن‬
‫الواقع يظهر أنه ال تزال هناك العديد من االختالالت على مستوى التسيير والتدبير‪ ،‬ولذلك‬
‫فإن االنتقال إلى الرقابة المواكبة قد يؤدي إلى تفاقم هذه الظواهر لكونها تعتبر رقابة بعدية‬
‫تقوم على الفعالية و النجاعة في األداء‪.‬‬
‫‪ -‬المؤسسات العمومية والدين الخارجي‪:‬‬

‫بالنظر إلى القانون رقم ‪ 69.00‬فإنه لم يضم سقفا للديون الموجهة من الدولة إلى‬
‫المؤسسات العمومية حيث تعد هذه األخيرة بمثابة عبء يثقل كاهل ميزانية الدولة ويقف‬
‫وراء توسيع المديونية الخارجية داخل المالية العامة‪ ،‬حيث أصبحت هذه المؤسسات بمثابة‬
‫حكومة موازية لتلك التي تتشكل نظريا بناءا على نتائج االنتخابات التشريعية واألغلبية‬
‫البرلمانية داخل مجلس النواب‪ ،‬حيث تتدخل في مجاالت استراتيجية موزعة على القطاعات‬
‫االجتماعية والصناعية والخدمات والفالحة‪.29‬‬
‫في حين دق المجلس األعلى للحسابات ناقوس الخطر في تقريره الخاص بالمؤسسات‬
‫العمومية‪ ،‬محذرا من الخطر الذي باتت تشكله على مالية الدولة‪ ،‬مشددا على أن هذه الهيئات‬
‫تجعل ميزانية الدولة في عجز دائم‪ ،‬يقدر بحوالي ‪ 25‬مليار درهم سنويا‪ ،‬وبالتالي لجوء‬
‫المؤسسات العمومية إلى االقتراض في الخارج بضمانة الدولة‪ ،‬إذ باتت تمثل القسم األكبر‬
‫من الديون الخارجية للمغرب وذلك بغية إنجاز برامجها لالستثمارات‪.‬‬
‫حيث أن ديون التمويل قد سجلت خالل سنة ‪ 2016‬ارتفاعا بنسبة ‪ 7.6%‬مقارنة مع‬
‫سنة ‪ 2015‬ليصل بذلك المجموع إلى ‪ 261‬مليار درهم ‪ 80%‬منها توجد في ذمة المؤسسات‬
‫العمومية وهي‪:‬‬
‫المكتب الشريف للفوسفاط ‪.OCP‬‬ ‫‪‬‬

‫المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب ‪.ONEEP‬‬ ‫‪‬‬

‫شركة الطرق السيارة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -29‬خالصات تقرير الموازي لمشروع القانون المالي لسنة ‪ 2018‬الخاص بوضعية المؤسسات والمقاوالت العمومية‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫‪17‬‬
‫وكالة طنجة البحر المتوسط‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫علما أن المؤسسات والمقاوالت العمومية ذات الطابع التجاري تستأثر لوحدها ب ‪91%‬‬
‫من الديون الخارجية لما يفوق ‪ 236‬مليار درهم‪ ،‬كما أن مشروع قانون المالية لسنة ‪2018‬‬
‫يتوقع أن ترتفع اإلمدادات المالية الموجهة للمؤسسات العمومية إلى ‪ 30‬مليار درهم حيث‬
‫كانت سنة ‪ 2016‬حولي ‪ 26‬مليار درهم بنسبة تقدر بحوالي ‪ 12.3%‬من نفقات الميزانية‬
‫العامة للدولة‪.‬‬
‫‪ -‬مراقبة الدولة‪:‬‬

‫حسب مقتضيات القانون ‪ 69.00‬فإنه لم يتم التنصيص على ضرورة تفرع مراقب‬
‫الدولة لممارسة مهامه الرقابية الموكول له على أكمل وجه‪ ،‬حيث غالبا ما تجده مكلفا بمهام‬
‫أخرى د اخل وزارة االقتصاد والمالية وهذا ما يؤدي إلى التأثير على جودة ونجاعة دوره‬
‫الرقابي‪ ،‬فضال على أن الطبيعة القانونية لوظيفة المراقبة تحتم عليه أن يتوفر على تكوين‬
‫جيد خصوصا في المسائل المتعلقة بالجانب المالي نظرا لترجيح الجانب التقني في هذا‬
‫الميدان‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مرتكزات تدعيم الحكامة الجيدة لتسيير المؤسسات‬


‫العمومية أساس لإلصالح البناء‬
‫يأتي ميثاق الممارسات الجيدة لحكامة المنشآت والمؤسسات العامة في ظرفية تتميز‬
‫باعتماد المغرب لدستور جديد يهدف إلى تعزيز دولة الحق والقانون وتكريس مبادئ فصل‬
‫السلط وتعزيز الحكامة الجيدة وتوطيد العالقة بين المسؤولية العمومية والمحاسبة‪.30‬‬
‫فقد جعل الدستور الجديد من الحكامة الجيدة مبدأ أساسيا في مسلسل تعزيز وتدعيم‬
‫مؤسسات الدولة‪ ،‬حيث ترتبط الحكامة الجيدة بمبادئ الشفافية والمسؤولية والمحاسبة‪ ،‬بهدف‬
‫تدعيم الحكامة لتسيير المؤسسات العمومية (الفقرة األولى)‪ ،‬باعتبارها أساس إصالح المالية‬
‫العمومية‪(.‬الفقرة الثانية)‬

‫‪.www.droitetentreprise.com -30‬تاريخ االطالع ‪،5‬يناير ‪،2017‬على ساعة‪.21H07.‬‬


‫‪15‬‬

‫‪18‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تدعيم الحكامة لتسيير المؤسسات العمومية على مستوى الرقابة‬

‫في إطار المقتضيات الدستورية لدستور ‪ 29‬يوليوز ‪ 2011‬جاءت التوجهات‬


‫الحكومية‪ ،‬لبلورة وإنجاز إصالحات بارزة تهدف إلى تعزيز دور المؤسسات العمومية في‬
‫الدينامية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬من خالل تدعيم الممارسات الجيدة لحكامة المؤسسات‬
‫والمقاوالت العمومية بفضل برمجة أفضل وارتفاع وثيرة اجتماعات هيئات حكامتها وتدعيم‬
‫دينامية اللجان المتخصصة‪ ،31‬وكذا ترسيخ قواعد السير الجيد لهذه الهيئة‪.32‬‬
‫وفي هذا الصدد انعقد يوم الخميس ‪ 28‬محرم ‪ 1439‬الموافق ل ‪ 19‬أكتوبر ‪،2017‬‬
‫االجتماع األسبوعي لمجلس الحكومة تحت رئاسة السيد رئيس الحكومة للتداول في مشروع‬
‫قانون رقم ‪ 3361.17‬يتعلق بحكامة المؤسسات والمقاوالت العمومية وبالمراقبة المالية للدولة‬
‫المطبقة على المؤسسات والمقاوالت العمومية واألشخاص االعتبارية األخرى الخاضعة‬
‫للقانون العام‪ ،‬تقدم به السيد وزير االقتصاد والمالية ‪ ،‬ويهدف هذا مشروع إلى تحديث‬
‫وتحسين حكامة الهيئات السالفة الذكر‪ ،‬من خالل تقوية القواعد والمبادئ التي تروم تحسين‬
‫أداء أجهزتها التداولية ووسائل تدبيرها بوضع قواعد التسيير الجيد لألجهزة التداولية وقواعد‬
‫التعارض وتنازع المصالح وكذا عبر تأسيس لطريقة واضحة وقانونية لتنزيل التوجه‬
‫االستراتيجي للمؤسسات والمقاوالت العمومية إلى أهداف واضحة وقابلة للقياس عن طريق‬
‫تطبيق آلية التعاقد‪.34‬‬
‫كما يهدف مشروع هذا القانون إلى تعميم المراقبة المالية من خالل توسيع مجال‬
‫تطبيقها على الهيئات التي لم تكن خاضعة لهذه المراقبة وإعادة توجيه المراقبة نحو تقييم‬
‫نجاعة األداء والوقاية من المخاطر والتحقق من احترام القوانين الجاري بها العمل‪ ،‬وكذا منح‬
‫المؤسسات والمقاوالت العمومية وهيئات حكامتها ومراقبتها إطارا قانونيا موحدا‬
‫وواضحا‪.35‬ويطمح مشروع اإلصالح على الخصوص إلى ما يلي‪:‬‬

‫‪ -31‬تقرير المجلس األعلى للحسابات حول قطاع المؤسسات والمقاوالت العمومية بالمغرب‪ ،‬مشروع قانون المالية لسنة ‪ ،2018‬ص ‪.133.‬‬
‫‪ -32‬قواعد التسيير الجيد لهيئة الحكامة ‪،‬حسب الميثاق المغربي للممارسات الجيدة لحكامة المنشآت والمؤسسات العمومية‪.‬‬
‫‪ -33‬ياسين ابن خلدون‪ ،‬المجلس الحكومي‪ -‬مشروع قانون رقم ‪ 61.17‬المتعلق بحكامة المؤسسات والمقاوالت العمومية ‪ 22 ،‬أكتوبر ‪.2017‬‬
‫‪،www.medi1tv.ma -34‬اطلع عليه ‪،6/01/2018‬على الساعة‪.21H40MIN‬‬
‫‪ -35‬الميثاق المغربي للممارسات الجيدة لحكامة المؤسسات والمنشآت العامة لسنة ‪.2012‬‬

‫‪16‬‬

‫‪19‬‬
‫توضيح أهداف المراقبة (الجدوى‪ ،‬صحة ودقة العمليات وتقييم األداء)‬ ‫‪‬‬

‫ومسؤوليات الفاعلين المعنيين وإدراج تصنيف جديد للمراقبة (قبلية ومواكبة إلى جانب‬
‫المراقبة التعاقدية)‪.‬‬
‫ويهدف تعزيز الترسانة القانونية المنظمة للمؤسسات والمقاوالت العمومية‬ ‫‪‬‬

‫وتدعيم حكامتها إلى تنزيل أفضل السياس ات واالستراتيجيات العمومية وذلك تماشيا وانسجاما‬
‫مع الممارسات الدولية الجيدة فيما يخص الشفافية والحكامة‪ ،‬من خالل إعداد مخططات‬
‫والسهر على حسن تطبيق الميثاق‪.36‬‬
‫ويهدف هذا الميثاق الذي يشمل المبادئ العامة والتوصيات ومناهج السلوك في‬ ‫‪‬‬

‫مجال الحكامة الجيدة إلى إرساء تسيير مسؤول وشفاف يضمن مصداقية وفعالية ونجاعة‬
‫األداء العمومي وكذا تأكيد إلزامية اإلجبار باإلنجازات وشفافية اتخاذ القرارات وتشجيع‬
‫التفاعل والشفافية من أجل االستجابة النتظارات األطراف المعنية ‪.‬‬

‫وطبقا للمقتضيات المنصوص عليها في القانون رقم ‪ 69.00‬تتجلى أهم مستجدات‬


‫مشروع هذا القانون في سعيه إلى تكريس مسؤولية وتقييم األجهزة التداولية من خالل إرساء‬
‫آليات التقييم ووضع قواعد التسيير الجيد للمؤسسات والمقاوالت العمومية وذلك من خالل‪:‬‬
‫وضع وتصن يف جديد ديناميكي يمكن من تحديد صنف المراقبة المطبقة على‬ ‫✓‬

‫كل فئة من المؤسسات والمقاوالت العمومية وذلك باالعتماد على معايير وجيهة ومالئمة‪.‬‬
‫تعزيز وتوثيق دور الدولة كموجه استراتيجي‪.‬‬ ‫✓‬

‫إضفاء الفعالية والمسؤولية على األجهزة التداولية عن طريق تحديد عدد‬ ‫✓‬

‫أعضائها في مستوى مالئم وتأسيس إجراءات تعيينهم وكذا إدماج األعضاء المستقلين‬
‫وإحداث اللجان المتخصصة لمعالجة القضايا المتعلقة على الخصوص بالتوجهات‬
‫االستراتيجية وبالتدقيق‪.37‬‬

‫‪ -36‬تقرير حول المؤسسات والمقاوالت العمومية المرافقة لمشروع قانون المالية لسنة ‪ ،2017‬ص‪.135 .‬‬
‫‪ -37‬تقرير حول المؤسسات والمقاوالت العمومية المرافقة لمشروع قانون المالية لسنة ‪ ،2018‬ص‪.125 .‬‬

‫‪17‬‬

‫‪20‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المؤسسات العمومية أساس إلصالح المالية العمومية‬

‫إن الوعي بأهمية اإلصالح أصبح قائما لدى المهتمين به خصوصا بعد التقرير األخير‬
‫للمجلس األعلى‪ ،‬حيث أصبح الكل مقتنعا ومتفقا على ضرورة إصالح وتحديث المؤسسات‬
‫العمومية‪ ،‬فقد نظمت الحكومة يوم األربعاء ‪ 6‬يونيو ‪ 2017‬جلسة عمل بالتعاون مع الوكالة‬
‫الفرنسية للتنمية لتقديم نتائج أعمال فرق العمل المكلفة بالتدقيق في المخطط التنفيذي‬
‫الستراتيجية تطوير حكامة المؤسسات والمنشآت العمومية تضمنت ‪ 4‬محاور تقوم على‬
‫إعادة النظر في الحكامة العامة للمؤسسات العمومية باإلضافة إلى تحديث الحوار االجتماعي‬
‫داخل المؤسسات بالنسبة للموظفين وإيجاد آليات جديدة داخل المؤسسات العمومية مع إعادة‬
‫الهيكلة المالية لهذه المؤسسات‪.38‬‬
‫هذا وقدصرح وزير االقتصاد والمالية ‪ ،‬في إطار مشروع قانون الحكامة الجيدة‬
‫والمراقبة المالية للمؤسسات العمومية‪ ،‬بفصل طرق وأشكال االفتحاصات التي يفترض أن‬
‫تخضع لها المؤسسات المالية والمؤسسات ذات الرأسمال المختلط‪ ،‬هذا المشروع الذي ينظم‬
‫أجهزة الحكامة للمؤسسات العمومية‪ ،‬الذي وضع لدى األمانة العامة للحكومة‪ ،‬يأتي كي يدعم‬
‫نصا قانونيا آخر بلورته حكومة الوزيراالول السابق السيد عبد الرحمان اليوسفي واعتمد في‬
‫عهد حكومة السيد إدريس جطو‪ ،‬والذي يفصل اختصاصات اآلمرين بالصرف والمراقبين‬
‫والمحاسبين العموميين‪ .‬ويهدف القانون ‪ 69.00‬إلى بلورة نظام مراقبة حديث ومتطور ‪ ،‬فقد‬
‫سعى إلى إصالح وانتقال أغلب المقاوالت العمومية من المراقبة القبلية المنصبة أساسا على‬
‫شرعية العمليات نحو مراقبة مواكبة تتمحور حول النتائج والفعالية‪.39‬‬
‫ومن جهة ثانية في إطار المساهمة في تحسين مناخ األعمال في بالدنا سوف يتم حالل‬
‫سنة ‪ 2018‬متابعة تطبيق اإلجراءات الرامية للرفع من جودة تسيير المؤسسات والمقاوالت‬
‫العمومية وتعزيز شفافيتها‪ ،‬وذلك من خالل مواصلة الجهود من أجل التطوير المستمر‬
‫والتحيين الدائم ألدوات تسيير المؤسسات والمقاوالت العمومية‪.‬‬
‫وبغية تبسيط وتوحيد المساطر المتعلقة بالمراقبة المالية للدولة على المؤسسات‬
‫العمومية والمقاوالت العمومية‪ ،‬فقد أعدت وزارة االقتصاد والمالية قائمتان للوثائق المثبتة‬

‫‪ -38‬توفيق الراجحي‪ ،‬نحو صياغة مخطط أعمال إلنجاز استراتيجية إصالح المؤسسات العمومية‪ ،‬مقال منشور على الموقع االلكتروني التالي‪:‬‬
‫‪ ،www.radioexpressfm.com‬اطلع عليه ‪،6/01/2018‬على الساعة‪..01H40MIN‬‬
‫‪ -39‬تقرير حول قطاع المؤسسات العمومية والمقاوالت العمومية بالمغرب‪ /‬العمق االستراتيجي والحكامة‪ ،‬لسنة ‪ ،2016‬ص ‪.33.‬‬

‫‪18‬‬

‫‪21‬‬
‫لمساطر األداء وعمليات االلتزام بنفقات المؤسسات العمومية الخاضعة للمراقبة القبلية‪،‬‬
‫وتشكل القائمتان أداتين رهن إشارة مراقبي الدولة والخزنة المكلفين باألداء والوكالء‬
‫والم حاسبين لتمكينهم من التوفر العمومية على مرجع موحد للمراقبة غايته تبسيط اإلجراءات‬
‫الرقابية وتقليص آجال معالجة الملفات وضمان فعالية أكبر إنجاز النفقات العمومية‬
‫والمساهمة بالتالي في تحسين تدبير المؤسسات والمقاوالت العمومية وتعزيز أدائها‪.40‬‬

‫خاتمة‬

‫وفي الختام يتضح أن الدولة المغربية بدلت مجهودات كبيرة على المستوى التشريعي‬
‫منذ مرحلة االستقالل في إصالح الرقابة المالية للدولة على المؤسسات والمقاوالت العمومية‪،‬‬
‫وذلك منذ صدور ظهير ‪ 14‬أبريل ‪ ،1960‬متبوعا بالقانون ‪ 69.00‬ووصوال إلعداد مشروع‬
‫القانون المتعلق بالحكامة والمراقبة المالية‪ ،‬لكن رغم ذلك يالحظ أن القانون رقم ‪ 69.00‬قد‬
‫شهد قصورا كبيرا‪ ،‬خصوصا فيما يتعلق بالمهام الرقابية التي يقوم بها وزير المالية‪ ،‬أو‬
‫مراقب الدولة‪ ،‬أو الخازن المكلف باألداء‪ ،‬حيث تبقى فقط مجرد رقابة إدارية‪ ،‬ووعيا من‬
‫وزارة المالية بالنقائص التي يشهدها النظام الحالي‪ ،‬فإنها تعكف حاليا على إعداد إصالح‬
‫يتوخى جعل هذه الرقابة أكثر فاعلية وأقل تكلفة‪ ،‬وذلك عبر توجيه المراقبة القبلية نحو منطق‬
‫النتائج‪ ،‬وتقويم أداء المؤسسات مع دعم تدريجي لمسؤوليات المسيرين‪ ،‬وتخفيض كلفة نظام‬
‫التسيير والرقابة‪ ،‬بأن تصبح رقابة المشروعية من مهامه مصالح الرقابة الذاتية لآلمر‬
‫بالصرف‪ ،‬وأن تتولى وزارة المالية الرقابة المواكبة وتقويم أداء المؤسسات‪.41‬حيث أن كل‬
‫انحراف للمؤسسة العمومية‪ ،‬يسمح للمشرع أو السلطة التنظيمية كذلك بإسناد مهام جديدة‬
‫وبعيدة عن كل البعد من مجل تخصصها‪ ،‬وكمثال على ذلك إسناد إدارة بعض الفنادق إلى‬
‫المكتب الوطني للسكك الحديدية واستخراج الحاالت الخاصة بها وتقديم المشروبات‬
‫والمأكوالت للمنتفعين من خدماته‪.42‬‬
‫فالواقع العملي يؤكد أنه ليس هناك إرادة سياسية حقيقية لمراقبة هذه المنشآت العامة‪،‬‬
‫بشكل دقيق وصارم‪ ،‬حيث تتسم فقط برتابة شكلياتها‪ ،‬وثقل مساطرها كما أنها تقتصر على‬

‫‪ -40‬تقرير حول قطاع المؤسسات والمقاوالت العمومية‪،‬مشروع قانون مالية سنة ‪ ،2018‬ص‪.125 .‬‬
‫‪-41‬د‪-‬إدريس طاهري‪ ،‬التدبير المالي لجامعة بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -42‬محمد مرغني‪ ،‬القانون اإلداري بالمغرب‪ ،‬الطبعة األولى‪،1993، ،‬ص‪.196 .‬‬

‫‪19‬‬

‫‪22‬‬
‫رقابة المشروعية دون االهتمام بمضمون العمليات‪ ،‬ومنه فهي تحرص على احترام المساطر‬
‫الشكلية دون االهتمام بالبرامج أو النتائج أو األهداف‪ ،43‬حيث أن المردودية داخل قطاع‬
‫المنشآت العامة تبقى بعدا غائبا في المنهجية التقليدية لتدبير مالية هذه المؤسسات‪. 44‬‬

‫‪ -43‬عبد الواحد العسالي‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ -44‬محمد حنين‪،‬تدبير المالية العمومية‪ ،‬الرهانات واإلكراهات‪ ،‬دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الرباط ‪ ،2005‬ص‪.321 .‬‬

‫‪20‬‬

‫‪23‬‬
‫الئحة المراجع‬

‫❖ القوانين‪:‬‬
‫• دستور المملكة المغربية لسنة ‪ 2011‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف ‪1.11.91‬‬
‫بتاريخ ‪ 29‬يوليوز ‪ ،2011‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5964‬مكرر‪.2011/07/30 ،‬‬
‫• الظهير الشريف رقم ‪ 1.03.195‬الصادر في ‪ 11‬نونبر ‪ 2003‬بتنفيذ القانون‬
‫‪ 69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيآت أخرى‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 5170‬بتاريخ ‪ 18‬دجنبر ‪.2003‬‬
‫• مرسوم رقم ‪ 2.02.121‬الصادر في ‪ 19‬دجنبر ‪ ،2003‬المتعلق بمراقبي الدولة‬
‫ومندوبي الحكومة والخزينة المكلفين باألداء لدى المنشآت العامة وهيئات أخرى‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 5174‬بتاريخ ‪ 1‬يناير ‪.2004‬‬
‫• مرسوم رقم ‪ 2.13.882‬صادر في ‪ 12‬من صفر ‪ 16( 1435‬دجنبر ‪ )2013‬بتحديد‬
‫أشكال تمييز الحسابات السنوية للمؤسسات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6218‬الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 29‬صفر ‪ 2( 1435‬يناير ‪.)2014‬‬
‫• تقرير المجلس األعلى للحسابات حول قطاع المؤسسات والمقاوالت العمومية‬
‫بالمغرب‪. 2016 ،‬‬
‫• تقرير المنشآت العامة المرفق بقانون المالية لسنة ‪.2011‬‬
‫• تقرير حول قطاع المؤسسات العمومية والمقاوالت العمومية بالمغرب‪ /‬العمق‬
‫االستراتيجي والحكامة‪ ،‬لسنة ‪.2016‬‬
‫• تقرير حول المؤسسات والمقاوالت العمومية المرافقة لمشروع قانون المالية لسنة‬
‫‪.2017‬‬
‫• خالصات تقرير الموازي لمشروع القانون المالي لسنة ‪ 2018‬رقم ‪ 68.17‬الخاص‬
‫بوضعية المؤسسات والمقاوالت العمومية‪.‬‬
‫• الميثاق المغربي للممارسات الجيدة لحكامة المنشآت والمؤسسات العامة‪.‬‬

‫‪21‬‬

‫‪24‬‬
‫❖ الكتب‪:‬‬
‫• د‪.‬أحمد بوعشيق‪ ،‬المرافق العامة الكبرى‪ ،‬الطبعة الخامسة‪.2000 ،‬‬
‫• د ‪.‬محمد مرغني‪ ،‬القانون اإلداري بالمغرب‪ ،‬الطبعة األولى‪.1993،‬‬
‫• د‪.‬محمد كرامي‪ ،‬القانون اإلداري ‪ -‬التنظيم اإلداري – النشاط اإلداري‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪.2000‬‬
‫• د‪ .‬مليكة الصروخ‪ ،‬القانون اإلداري دراسة مقارنة‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة‬
‫السابعة ‪ ،2010‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫• د‪ .‬محمد حنين‪،‬تدبير المالية العمومية‪ ،‬الرهانات واإلكراهات‪ ،‬دار القلم للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الرباط ‪2005‬‬
‫❖ األطروحات والرسائل‪:‬‬
‫‪ ‬األطروحات‪:‬‬
‫• د‪ .‬إدريس الطاهري‪ ،‬التدبير المالي للجامعات بالمغرب‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫القانون العام‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‪ ،‬فاس‪ ،‬لسنة ‪.2014/2013‬‬
‫• د‪ .‬عبد الواحد العسلي‪ ،‬دور الخازن المكلف باألداء في مراقبة المؤسسات العمومية‪،‬‬
‫أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬شعبة القانون العام‪،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬فاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2014/2013‬‬

‫‪ ‬الرسائل‪:‬‬
‫• نوال المرابطي‪ ،‬أهمية المحاسبة التحليلية كأداة في مراقبة التسيير‪ ،‬رسالة ماجيستر‪،‬‬
‫جامعة الجزائر‪.2006/2005 ،‬‬
‫• اتريدي محمد‪ ،‬باحث بكلية الحقوق‪ ،‬أكدال – الرباط‪ ،‬الرقابة المالية لوزارة المالية‬
‫على المقاوالت العمومية‪ ،‬دراسة في القانون رقم ‪.2012 ،69.00‬‬
‫• كوثر شوقي‪ ،‬باحثة في قانون األعمال‪ ،‬كلية الحقوق أكادير‪ ،‬قراءة في القانون‬
‫‪.69.00‬‬
‫❖ المقاالت‪:‬‬

‫‪22‬‬

‫‪25‬‬
‫• د‪ .‬ادريس طاهري‪ ،‬محاضرات افتتاحية لمادة "التدبير المالي للمؤسسات العمومية"‬
‫ألقيت في حضرة طلبة ماستر الدستور والحكامة المالية ‪.2017/12/21‬‬
‫• محمد األعرج‪ ،‬طرق تدبير المرافق العامة بالمغرب‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة‬
‫المحلية والتنمية‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫• جمال الدين زهير‪ ،‬القاضي ومفهوم المقاولة العامة في المغرب‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ،19‬أبريل – يونيو ‪.1997‬‬
‫• ياسين ابن خلدون‪ ،‬المجلس الحكومي‪ -‬مشروع قانون رقم ‪ 61.17‬المتعلق بحكامة‬
‫المؤسسات والمقاوالت العمومية‪ 22 ،‬أكتوبر ‪.2017‬‬

‫❖ المواقع اإللكترونية‪:‬‬
‫•‬ ‫‪www.radioexpressfm.com.‬‬
‫•‬ ‫‪www.droitetentreprise.com.‬‬

‫‪23‬‬

‫‪26‬‬
‫الفهرس‬
‫تقديم‪1......................................................................................................................‬‬
‫المبحث األول ‪:‬مرتكزات المالية للدولةعلى المؤسسات العمومية في ظل القانون ‪4................ 69.00‬‬
‫المطلباألول ‪:‬الهيئات المختصة بالرقابة المالية ‪4....................................................................‬‬
‫الفقرةاألولى ‪ :‬رقابة الوزارة المكلفة بالمالية‪4.......................................................................‬‬
‫الفقرةالثانية ‪:‬مراقب الدولة‪5.......................................................................... ............ ....‬‬
‫الفقرةالثالثة ‪:‬الخازن المكلف باألداء‪5................................................................. ............ .‬‬
‫الفقرة الرابعة ‪:‬المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬كهيأة عليا للرقابة المالية ‪6...................................................‬‬
‫المطلب الثاني ‪:‬أنواع الرقابة المالية في ضوء القانون‪7................................................. 69.00‬‬
‫الفقرةاألولى ‪:‬الرقابة القبلية‪8 ................................................... .......................................‬‬
‫الفقرةالثانية ‪:‬الرقابة المواكبة‪9 ........................................................................................‬‬
‫الفقرةالثالثة ‪:‬الرقابة االتفاقية‪10.........................................................................................‬‬
‫الفقرةالرابعة ‪ :‬رقابة التسيير على األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ) تقريرالمجلس حول مراقبة المخطط‬
‫اإلستعجالي ‪12................................................................... ........................... ) 2009 / 2012‬‬
‫المبحث الثاني ‪:‬اختالالت الرقابة المالية للدولة على المؤسسات العمومية وآفاق تحسينها‪15.................‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬تجليات ضعف المراقبة المالية للمؤسسات العموميةعلى ضوءا قانون ‪15........ 69.00‬‬

‫المطلب الثاني ‪:‬مرتكزات تدعيم الحكامة الجيدة لتسييرالمؤسسات العمومية أساس لإلصالح البناء‪18....‬‬
‫الفقرةاألولى ‪:‬تدعيم الحكامة لتسييرالمؤسسات العموميةعلى مستوى الرقابة‪19..............................‬‬
‫الفقرةالثانية ‪:‬المؤسسات العمومية أساس إلصالح المالية العمومية‪21..........................................‬‬
‫خاتمة‪23 ..................................................................................................................‬‬
‫الئحةالمراجع‪24................................................................... .......................................‬‬
‫الفهرس‪26 ................................................................................................................‬‬

You might also like