Professional Documents
Culture Documents
1
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
-1قاـ برنامج األمـ المتحدة اإلنمائي بدكره بإصدار مجمكعة مف التقارير حكؿ "التنمية اإلنسانية
العربية" أثارت جدال كاسعا في األكساط السياسية كالفكرية في العالـ.
2
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
1
كالمحككمية في باقي الدكؿ العربية فقد استعممكا عدة تعابير منيا :الحاكمية كالحكمائية
كالحكامة...إلخ كذلؾ كترجمة لمنص االنجميزم » .« Governance
كبالرغـ مف ككف ىذا المصطمح قد ظير في البدء لمداللة عف طرؽ تدبير الشأف
العاـ ،فإنو أخذ منعطفا آخر بعد شيكعو بكثرة لدرجة االبتذاؿ ،حيث أخذ يطمؽ عمى
حسف تدبير بعض المجاالت المحددة كػ" :الحكامة االقتصادية" ،ك"الحكامة المقاكالتية"،
ك"الحكامة المالية...الخ" إال أف المدلكؿ األقرب إلى الصكاب -بدكف محاكلة ترجمتو
حرفيا سكاء عف الفرنسية أك االنجميزية -ىك الحكـ الصالح أك الجيد أك الرشيد .كىك
ينسب إلى أجيزة البنؾ الدكلي كصندكؽ النقد الدكلي .كقد تـ "كضعو" خصيصا لمدكؿ
– النامية ليككف مؤش ار لمنح القركض كالمساعدات المالية كاليبات ،كتظؿ ىذه األجيزة
بطبيعة الحاؿ -محتفظة بكامؿ الصبلحية لتحديد ما ىك الحكـ الصالح ،كالحكـ غير
الصالح.
كاذا كاف مف الصعب إيجاد تعريؼ لماىية الحكـ الجيد .فإف ىناؾ العديد مف
المؤشرات التي مف شأنيا تقريبنا مف مضمكف ىذا المصطمح ،مثؿ ىامش الحرية،
التعددية الحزبية ،حرية الصحافة كالنشر...الخ ،إال أف غياب المعطيات ،كتنكع األنظمة
– كذلؾ السياسية في الكطف العربي دفع الباحثيف إلى المغامرة بالقياـ بدراسة ميدانية
بالرغـ مف الصعكبات الكثيرة التي تعترض ذلؾ -قصد االستناد إلى بعض الدالئؿ
– في بعض الدكؿ -مع المكضكعية .فقد تمت مبلحظة أف النمك االقتصادم لـ يترافؽ
تحسف مستكل المعيشة ،كمف ىنا تمت بمكرة مفيكـ الحكـ الصالح ليعمؿ عمى تحكيؿ
النمك االقتصادم إلى تنمية بشرية مستدامة.
إف مؤشر الدخؿ الفردم – مثبل -يجعؿ الدكؿ المعنية تحتؿ مراتب متأخرة مقارنة
مع دكؿ ذات كضع اقتصادم مماثؿ ،كالتي تشكؿ منافس قكم ليا عمى مستكل االقتصاد
العالمي.
-1مركز دراسات الكحدة العربية" :ندكة الفساد كالحكـ الصالح في الببلد العربية" ،شتنبر .2004
3
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
إف اليكة التي تفصؿ ىذه الدكؿ عف مفيكـ الحكـ الجيد – كبالتالي عف الحكامة كما
تـ تحديدىا سالفا -ترتكز عمى مؤشراف ىاماف ىما:
نكع التدبير بالقطاع العمكمي ،كمستكل المساءلة العامة في الدكلة :يعكس المؤشر
–مثبل ،-كما يقيس األكؿ مستكل الفعالية كالكفاءة في مياديف عدة :اإلدارة ،العدالة
باألساس مستكل أداء اإلدارة بالقطاع العاـ المعركؼ بسكء التدبير ،الشيء الذم دفع
الحككمات إلى تبني سياسة الخكصصة ،بشكؿ مبالغ فيو.
أما المؤشر الثاني فيك يقيس مدل انفتاح المؤسسات السياسية ،كمستكل المشاركة،
–أيضا -تعرؼ كاحتراـ الحريات العامة ،ككذا حرية الصحافة كالنشر .في ىذا المجاؿ
منطقة شماؿ ايفريقيا كالشرؽ األكسط تخمفا كبيرا ،فبالرغـ مف ارتفاع الدخؿ القكمي بؿ
كالفردم لبعض الدكؿ ،فإف المساءلة تظؿ ضعيفة ،بعكس ما يحدث بدكؿ أخرل.
يتعيف عمى كؿ إدارة رشيدة ،أف ترتكز عمى مقكمات اإلصبلح النابع مف الداخؿ،
كالذم يأخذ باالعتبار ظركؼ كؿ بمد كتاريخو كتراثو ،كما يتعيف أف تشمؿ بنية المجتمع
ككؿ ،مف المؤسسات المككنة لو ،انطبلقا مف الفرد ،كمرك ار بمؤسسة األسرة.
كؿ ذلؾ في إطار سيادة القانكف ،كتعزيز الحريات ،كاستقبلؿ القضاء كتكافؤ الفرص
كتعاظـ المشاركة عمى كافة المستكيات ،كقياـ المؤسسات بدكرىا الرئيسي في تطكير
المجتمع ،كتصحيح مسار التنمية .1
كلكف أيف نحف مف الحكامة بالمغرب ؟
بالرغـ مف الحديث عف دكلة الحؽ كالقانكف ،فإنو يبدك بأنو مف الضركرم العمؿ
عمى استكماؿ بناء دكلة القانكف ،مع ضركرة مشاركة جميع الفاعميف ،مع خمؽ المركزية
حقيقية كالدفع إلى إحداث إدارة مكاطنة ،مع تبسيط المساطر كالتقميؿ مف اإلجراءات
كتقريب فعمي لئلدارة مف المكاطنيف ،كاقرار نزاىة فعمية لئلنتخابات كتكحيد التنسيؽ بيف
مختمؼ اإلدارات العمكمية لترشيد السياسات العمكمية كمحاربة الرشكة ،كالعمؿ عمى ترشيد
( 2004نحك الحرية في الكطف العربي) برنامج لؤلمـ -1تقرير التنمية اإلنسانية العربية لعاـ
المتحدة.
4
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
-1حيث تشتكي –مثبل -بعض الجماعات المحمية مف رقابة المجمس األعمى لمحسابات ( نمكذج
عمدة مدينة فاس).
-2صدر التقرير في 700صفحة ،كقد قاؿ السيد محمد الميداكم رئيس المجمس األعمى لمحسابات
في معرض تقديمو أماـ لجنة المالية بالبرلماف" :ال يمكف الحديث عف الحكامة بدكف محاسبة ،كبدكف
شفافية ،كبدكف عقاب"( .دجنبر .)2008
5
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
لذا ،فإنو مف الضركرم إرساء قكاعد منظكمة لمتقكيـ ،التي تعد أساسية لتحقيؽ تقدـ
مممكس لمتطبيؽ السميـ لقكاعد الحكامة ككضع حد مثبل لسياسة البلعقاب كاقرار شفافية
في إسناد المناصب كيفما كانت مراتبيا ،كاعتماد الكفاءة كمعيار كحيد ،بعيدا عف القرابة
العائمية كالعبلقات الحزبية ،مما ينعكس إيجابا عمى طرؽ تدبير المرفؽ العمكمي الحقا
...إلخ.
كما يتعيف إقرار منظكمة تربكية جيدة ،فبدكف المعرفة ال يمكف الحديث عف الحكامة
الجيدة ،فالدكؿ الحديثة أصبح ترتيبيا يتـ كفؽ جكدة منظكمتيا التربكية ،كليس مف
الضركرم التأكيد – مجددا -بمضمكف التقرير الصادر عف البنؾ الدكلي حكؿ مستكل
كجكدة التعميـ بالمغرب .فمجتمع المعرفة ىك المدخؿ األساسي لكؿ حكامة جيدة .1
2008 . 12.25أف مبمغ 0.60درىـ ، -1أكد تقرير لممندكبية السامية لمتخطيط الصادر بتاريخ
ىك متكسط ما ينفقو المغاربة يكميا لمثقافة بجميع مككناتيا كىي نسبة غنية عف كؿ تعميؽ.
6
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
ذـقـذيــى:
إذا كاف اليدؼ األساسي لكؿ حككمة ىك تحقيؽ التنمية االقتصادية ،كالرفاه
1
قد رسمت خارطة الطريؽ االجتماعي لمكاطنييا ،فإف المبادرة الكطنية لمتنمية البشرية
2
كالمتمثمة –أساسا- بالنسبة لمحككمة المغربية التي التزمت بالعمؿ عمى تنفيذ مضامينيا
في العمؿ عمى إيجاد السبؿ الكفيمة بمحاربة الفقر كالتيميش كاالقصاء عبر تعبئة كافة
المكارد كالطاقات لبمكرة مفيكـ جديد لمعمؿ الحككمي ،أم اعتماد مقاربة جديدة تقكـ عمى
اإلصغاء كالتشاكر مع كؿ القكل الحية بالببلد ،كاشتراؾ كاسع لممكاطنيف ،كتحديد كعقمنة
تدخؿ المؤسسات كاألجيزة العمكمية ،مع رصد االعتمادات الكافية مف الميزانية العامة
لمدكلة بشكؿ قار كدائـ بدكف المجكء إلى الزيادة في العبء الجبائي .3إف اإلشارة الممكية
إلى عدـ الرفع مف االقتطاعات الضريبية ،كبالتالي عدـ الزيادة في الضرائب ليا داللة
ىامة باعتبار أف الضرائب تشكؿ أىـ مكرد مف مكارد خزينة الدكلة ،مف جية ،كلككف
الضريبة ،مف جية أخرل ،كانت منذ القدـ محكر الصراعات االجتماعية ،كما أدت (أم
.4كلعؿ تاريخ الضريبة) إلى اإلسياـ بشكؿ كبير في إرساء دعائـ النظـ الديمقراطية
المغرب الحديث كاف مطبكعا بالصراعات القكية التي كاف محكرىا "االحتجاج الضريبي"
انطبلقا مف أرض السيبة ،مرك ار بسكؽ النجاريف بفاس ،كصكال إلى ساحة مشكر مراكش
بمعية "عبلؿ بف احسف" قائد "تمرد الدباغييف" ضد الغمك الضريبي ،5إال أف ىذا األمر ال
يمنع مف التأكيد عمى حقيقة أساسية كىي أف إنجاز البرامج الحككمية ،ككذا القياـ بػ
"المياـ التقميدية" المكككلة لمدكلة كالمتمثمة في تقديـ الخدمات األساسية (صحة ،تعميـ،
-1يتعمؽ األمر بالمبادرة الكطنية لمتنمية البشرية التي طرحيا جبللة الممؾ في شير مام .2005
-2اتضح أف الحككمة لـ يكف ليا برنامج محدد ،حيث اعتمدت المبادرة الممكية كبرنامج عمميا
لمسنكات المقبمة.
-3كرد ىذا االلتزاـ في الخطاب الممكي لعرض مضمكف المبادرة الكطنية لمتنمية البشرية.
-4تعتبر السمطات المالية ىي االصؿ في جميع سمطات البرلماف البريطاني.
" -5الغش الضريبي" يحي الصافي .1981
7
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
أمف...الخ) يظؿ مرتبطا – إلى حد كبير -بالمكارد المتاحة لدييا .إف تعاظـ ىذه الخدمات
أصبح يتطمب رصد اعتمادات ضخمة لتغطية نفقات الدكلة .مف ىنا يتجمى الحيز الياـ
الذم تمثمو المداخيؿ الضريبية ضمف الميزانية العامة ،ككذا دكر الضريبة كأداة في خدمة
سياسة كاستراتيجية اقتصادية محددة ،كلعؿ ىذا يتطابؽ مع تعريؼ الضريبة ذاتيا بككنيا
"اقتطاع جبرم كنقدم يؤدل بدكف مقابؿ بيدؼ تمكيؿ األعباء العامة" .1
إال أف سعي المشرع الضريبي إلى تحقيؽ عدة أىداؼ مرتبطة بالنشاط االقتصادم
كاالجتماعي في إطار الدكر التدخمي لمدكلة ،جعؿ القانكف الضريبي يتميز بعدـ االستقرار،
كسرعة التحكؿ ،ككثرة التعديبلت ،مما يستدعي القياـ بتحييف العديد مف المعطيات
الضريبية كؿ سنة كذلؾ بمناسبة تقديـ مشركع القانكف المالي إلى البرلماف.
8
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
إضافة إلى تفرد القانكف الضريبي بمميزات قد ال نجدىا في باقي فركع القانكف العاـ،
كاالستقبللية كالخصكصية سكاء عمى مستكل المساطر المتبعة أك المنازاعات التي يثيرىا،
أك الضمانات التي يخكليا لمممزميف .عبلكة عمى الدكر الياـ الذم تقكـ بو اإلدارة
الضريبية كالمتمثؿ في تحصيؿ اإليرادات التي تستخدىا الدكلة في تمكيؿ النفقات
العمكمية .كلذلؾ فقد خكليا القانكف امتيازات غير مألكفة في القانكف العادم ،كإمكانية
تكقيع الغرامات بدكف الحصكؿ عمى إذف مسبؽ مف أية جية قضائية ،كالتحديد التمقائي
لمضريبة ...الخ ،كلضركرة محاربة الغش كالتيرب الضريبييف ،مكنيا القانكف –أيضا -مف
مساطر خاصة لمكشؼ كزجر مختمؼ المناكرات التدليسية التي يمجأ إلييا الممزـ سيء
النية سكاء باستغبللو ثغرات القانكف ،أك القياـ بالتحايؿ كاخفاء المعمكمات كالكثائؽ التي
تعكس قدرتو التمكيمية الحقيقية.
إال أف النظاـ الجبائي المغربي ما فتىء يتعرض النتقادات شديدة ،كالمطالبة بإدخاؿ
إصبلح شامؿ عميو .فبالرغـ مف ككنو عرؼ أكؿ إصبلح ىاـ كفؽ قانكف اإلطار الصادر
سنة ،1984حيث تـ اعتماد ثبلث ضرائب تركيبية عصرية ىي :2
فقد رسـ اإلصبلح لنفسو أىدافا محددة يتكخى تحقيقيا ،كالتي يمكف إجماليا في:
1
- Assises nationales sur la fiscalité au Maroc, Rabat les 26-27 novembre
1999.
-2في الكاقع كاف أكؿ إصبلح ضريبي سنة ،1961ككانت المحاكلة الثانية سنة ،1970إال أف
الحككمة فضمت سحب مشركعيا تحت ضغكط المكبي العقارم – الفبلحي أساسا.
9
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
تحقيؽ التكزيع العادؿ كالمتكافئ لمعبء الضريبي ،تشجيع االستثمار ،محاربة الغش
كالتممص الضريبييف ،تبسيط المسػاطر كاإلجراءات...الخ.
إال أف ىذه األىداؼ لـ تتحقؽ ،كظمت األصكات التي تطالب بإصبلحو ،تردد نفس
العيكب التي عانى منيا النظاـ السابؽ المتسـ بالنكعية .صحيح أف اإلصبلح أدخؿ
تعديبلت ىامة عمى بنية النظاـ القديـ ،كتكحيد المساطر ،كاقرار التصاعدية في األسعار،
كتقميص عدد الضرائب...الخ ،إال أف المشرع الجبائي لـ يتمكف –بعد -مف كضع فمسفة
جبائية متكاممة تخدـ األىداؼ كالمبادئ التي يبشر بيا الخطاب السياسي كالمتمثمة في
محاربة الفقر ،التقميص مف الفكارؽ الطبقية ،إعادة تكزيع الدخكؿ ،مساكاة جميع الممزميف
أماـ القانكف ،إقرار سياسة القرب بالتكاصؿ مع الممزميف...الخ.
كيبدك بأف إصبلح النظاـ الجبائي مجددا أصبح أم ار حتميا ،بعد مركر عقديف عف
اإلصبلح األكؿ ،كذلؾ بالنظر إلى غياب إرادة سياسية حقيقية لبلستجابة لتطمعات
الفاعميف االقتصادييف ،كالنتظارات الفرقاء االجتماعييف ،كالخركج مف متاىة اإلصبلحات
التقنية ،فالمشكؿ الجبائي بالمغرب – كما يقكؿ أحد الباحثيف -1ىك مشكؿ سياسي ،كأف
الحؿ ىك حؿ سياسي أيضا.
كيمكف تمخيص أىـ االنتقادات التي تكجو إلى النظاـ الجبائي الحالي في النقط
التالية:
1
- B.A. Zemrani : « la fiscalité face au développement éco, et social au
Maroc ». ED. La porte, 1982.
10
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
كؿ ذلؾ كغيره مف االنتقادات جعمت الجميع يتفؽ عمى أنو نظاـ غير عادؿ ،كغير
عقبلني ،حيث لـ تفمح الضريبة في تحقيؽ األىداؼ الكبرل المرسكمة ليا .إال أف رسـ
استراتيجية جديدة لمدكلة تقتضي محاربة الفقر كاليشاشة ،أصبح يستدعي تدخؿ الجبائية
لخدمة ىذه األىداؼ ،كذلؾ بتعبئة المكارد ،كتقكيـ االختبلالت ،كتكخي العدالة ،كتطكير
اإلدارة .كمف المفيد أف نؤكد العبلقة الكطيدة بيف التدبير المالي الجيد ،ككجكد استراتيجية
لمعمؿ تمكف مختمؼ األجيزة كالفاعميف مف معرفة األىداؼ التي يتكقع تحقيقيا بكؿ
كضكح.
-1قاـ المدير الحالي لمضرائب بإلغاء العمؿ بانسخة العربية لممذكرات التفسيرية ،معتمدا النسخة
الفرنسية فقط.
11
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
كيمكف تعريؼ التدبير المالي الجيد بػ" :كؿ تعبئة شاممة تعتمد االستعماؿ األمثؿ
لممكارد المالية المتاحة كفؽ أىداؼ كخطط محددة ،كتستيدؼ مف خبلؿ ذلؾ تحديد
المسؤكليات في حالة حدكث انحرافات عف األىداؼ المرسكمة ،كضبط خركقات مالية،
كاختبلس أمكاؿ أك تمقي رشاكم." 1
يبدك بأف مفيكـ التدبير المالي الجيد ىك مفيكـ كاسع يتجاكز بكثير الكظيفة
المحاسبية أك المالية – بالمعنى الضيؽ -بحكـ كظيفتو كمكانتو االستراتيجية في تحصيف
الماؿ ،كتجكيد أداء الخدمة العمكمية بما يتجاكب مع أبعاد التنمية االقتصادية
كاالجتماعية كالثقافية كالبشرية بكؿ مقاييسيا.
– حاليا -في مختمؼ األكساط الحقكقية كالفكرية إف النقاش العاـ الذم يجرم
كالسياسية بضركرة انخراط المغرب في مسمسؿ محاربة الفساد بجميع أشكالو كأنكاعو.
كبالرغـ مف عدـ تحديد مدلكؿ الفساد ،كال كيفية محاربتو ،إال أنو بالنسبة لممجاؿ الذم
ندرسو يتطمب تكفر إرادة سياسية حقيقية ،ككذا بذؿ مجيكد يرمي إلى تسييؿ الكلكج الحر
لممعطيات كاألرقاـ الحقيقية المتعمقة بحجـ التكقعات برسـ المداخيؿ الجبائية ،كتحديد
المبمغ اإلجمالي لممداخيؿ الفعمية ،مع استبعاد النفقات الجبائية ،ككذا االرجاعات برسـ
بعض أنكاع الضرائب (الضريبة عمى القيمة المضافة -مثبل ،) -أك تنفيذا ألحكاـ
القضاء.
– إضافة إلى فعاليات المجتمع كلف يكتمؿ ىذا المجيكد دكف تمكيف المكاطنيف
المدني -مف المشاركة في صناعة القرار الجبائي ،كالعمؿ عمى تصحيح بعض
االختبلالت التي تشكب النصكص الضريبية ،أك الثغرات التي يتسـ بيا –أحيانا -التشريع
الضريبي.
.2005 ،6 " -1الحكامة كالتدبير العمكمي الجيد بالمغرب" ،المجمة المغربية لمتدقيؽ كالتنمية ،عدد
ص.24 :
12
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
كأخيرا ،تحمؿ صانعي القرار الضريبي كامؿ مسؤكليتيـ أماـ الممزميف ،كأماـ
القضاء في إطار مف الشفافية كالكضكح ،بشكؿ يؤكد خدمة الضريبة لمبدأ العدالة
الضريبية ،باعتبارىا إحدل مرتكزات التنمية المستدامة.
فيؿ يتكفر النظاـ الجبائي المغربي لما يؤىمو لخدمة كؿ ىذه األىداؼ؟؟
ىؿ يستجيب لمؤشرات كشركط التدبير الجيد لممالية العمكمية ،كفؽ منظكر الحكامة
المالية التي جاءت بيا مختمؼ التقارير الصادرة عف األمـ المتحدة؟؟
– ىؿ مف شأف النظاـ الضريبي أف يصبح أداة فعالة لتحقيؽ عدالة اجتماعية
أصبحت أكثر مف أم كقت مضى -مطمبا ممحا لمعديد مف الفئات االجتماعية؟؟
لف ندعي القدرة عمى اإلجابة عف كافة ىذه التساؤالت ،التي يبدك بأف طرحيا
يكتسي – بالنظر إلى خصكصيات النظاـ الضريبي المغربي -أىمية أكبر مف اإلجابة
عنيا.
13
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
انـرـصـًـيـى
انقسى األول :آنيات صناػة انقرار
انضريبي
المبحث األول :تدبير التشريع الضريبي
الفقرة األولى :اوو البرللما في اللماة الضريبية
الفقرة الثمنية :اإلااوة الضريبية :اللمرر اللقيقي
المبحث الثاني :جودة النص الضريبي ،وتعدد القراءات
الفقرة األولى :إشملية اللببيي كلموذ
الفقرة الثمنية :الكن الضريبي بيي تتويي اإلااوةة وتتويي القضمء
خاتمة القسـ األكؿ
14
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
انقسى األول
آنياخ صُاػح انقرار
انضريثي
15
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
انقسى األول:
آنياخ صُاػح انقرار انضريثي
لقد عرفت كؿ المجتمعات ظاىرة تدبير الشأف العاـ ،ىذا التدبير الذم كاف يتطمب
تكفير مصادر متنكعة لتغطية النفقات التي يقتضييا ىذا التدبير.
– عمى بساطتو- صحيح أف المالية العامة قد عرفت تطك ار ممحكظا .كلكف المبدأ
ظؿ ىك ىك أم البد مف البحث عف مكارد جديدة لتغطية النفقات المتجددة دكما.
كالمغرب ال يشذ عف باقي المجتمعات ،كبالرغـ مف أنو عرؼ نظاـ الزكاة ،التي
كانت تجد سندىا في القرآف الكريـ ،كمساىمة نقدية كعينية لفائدة بيت ماؿ المسمميف ،فإف
الضرائب الحديثة تجد سندىا في تدخؿ القكل األجنبية 1التي عممت عمى إدخاؿ تعديبلت
جكىرية عف الجبائية المطبقة آنذاؾ ،كادخاؿ ضرائب جديدة ،بؿ ككضع قكاعد قانكنية
حديثة لممالية العامة ،كذلؾ إليجاد مخرج لؤلزمة المالية التي كاف يعيشيا المغرب أكائؿ
– دائما -امتحاف قكة القرف العشريف .2لقد طبعت الضريبة تاريخ المغرب بقكة ،ككانت
بيف سمطة المخزف كباقي القبائؿ ،بؿ كانت مقياسا مف مقاييس الشرعية ،شرعية أم نظاـ
قائـ ،الشيء الذم جعؿ الحكـ المركزم قاص ار عمى بسط نفكذه ،كسيطرتو عمى معظـ
أجزاء المممكة .3كقد عممت سمطات الحماية عمى التنظيـ التدريجي لممالية العمكمية
لممغرب انطبلقا مف سنة ،41912حيث يعكد إلييا أمر تنظيـ كتكحيد كمركزة اإلدارة
الجبائية الحديثة.
كقد كصؼ بعض الباحثيف ،5أصكؿ النظاـ الجبائي المغربي ،بأنيا "تعكد إلى النظاـ
الجبائي الفرنسي لما قبؿ الحرب ،بالرغـ مف تعرضو لمعديد مف التغيرات ،فإنو قد احتفظ
16
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
بنفس الخطكط العريضة كاألساسية ،كىك أمر شبيو باالقتباس الدستكرم (دستكر
الجميكرية الخامسة) بالرغـ مف اختبلؼ األكضاع السياسية كاالقتصادية كاالجتماعية
لمبمديف".
إال أف الدستكر المغربي الذم يعد أسمى قانكف في الببلد قد أقر مشركعية الضريبة،
حيث نصت جميع الدساتير المتعاقبة عمى "الجميع أف يتحممكا كؿ عمى قدر استطاعتو،
التكاليؼ العمكمية التي لمقانكف كحده الصبلحية إلحداثيا كتكزيعيا حسب اإلجراءات
50بأف "البرلماف .17كما جاء في الفصؿ المنصكص عمييا في الدستكر" الفصؿ
يصكت عمى قانكف المالية كفؽ الشركط المنصكص عمييا في القانكف التنظيمي".
كيعتبر ىذا النص ذك أىمية خاصة حيث يحصر االختصاص في مجاؿ التشريع
الجبائي لمبرلماف باعتباره تجسيدا لمشرعية الضريبية ،حيث ينظـ مناقشة كالتصكيت عمى
التشريع الضريبي مف طرؼ ممثمي األمة.
عبلكة عمى ككنو يشكؿ ضمانة أساسية لحقكؽ األفراد مف أم شطط أك تعسؼ في
تطبيؽ القانكف كذلؾ بعرضو عمى أنظار المجمس الدستكرم .1
كقد اعتبرت دسترة القانكف الضريبي كشكؿ مف أشكاؿ ممارسة السيادة غداة
الحصكؿ عمى االستقبلؿ ،كقد تكرست – فيما بعد -ضركرة عرض قانكف المالية عمى
أنظار البرلماف ،كبالرغـ مف ككف الفصؿ الخامس مف الدستكر ينص عمى مساكاة الجميع
أماـ القانكف ،فإف القانكف الضريبي ينفرد بالتعامؿ التمييزم بيف الممزميف ،فيؿ ىك خرؽ
لممبدأ الدستكرم؟ أـ أف "القدرة التمكيمية" لمممزـ تعد سندا ليذا التمييز؟
-1القرار الصادر عف المجمس الدستكرم بإلغاء الرسـ المفركض عمى استعماؿ الصحكف المقعرة .رقـ
94-37بتاريخ 16غشت 1994ج.ر .عدد 4271بتاريخ 7شتنبر ،1994ص1505 :
ك.1506
17
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
انًثحث األول:
ذذتيـر انرشريغ انضريثي
يمتاز النص الضريبي ،بالرغـ مف ككنو مكجو إلى عمكـ المكاطنيف ،باختبلؼ
مستكياتيـ االجتماعية كالثقافية ،بتعقيد بالغ ...مع احتكائو عمى العديد مف المصطمحات
التقنية غير المتداكلة خارج المجاؿ الضريبي ناىيؾ عف صياغتو بالمغة الفرنسية أكال ،ثـ
تتـ ترجتو إلى المغة العربية بعد ذلؾ ،فالنص األصمي في النظاـ الضريبي المغربي ،ىك
النص الفرنسي.1
كبالرغـ مف سمك الدستكر ،فإف البرلماف ككذا المراسيـ التنظيمية تعتبراف مف مصادر
القانكف الضريبي ،إضافة إلى االجتياد القضائي الذم كاف كاف ال يزاؿ متكاضعا ،إال أنو
قد لعب دك ار ىاما في تحديد العبلقة بيف الممزـ كاإلدارة الضريبية ،ىذا عمى المستكل
الداخمي ،أما عمى المستكل الخارجي ،فإنو البد لئلشارة إلى االتفاقات الجبائية الدكلية
لتفادم االزدكاج الضريبي بالرغـ مف تأثيرىا النسبي في ىذا المجاؿ.3
-1عممت شخصيا في مجاؿ ترجمة النصكص الجبائية مف الفرنسية إلى العربية ،ككذا ترجمة خطب
مدير الضرائب ككزير المالية التي يمقييا أماـ البرلماف.
-2تـ تعديؿ دستكر 96بكاسطة االستفتاء بتاريخ 16يكنيك .1996
" -3القانكف الضريبي المغربي" ،محمد شكيرم ،أطركحة لنيؿ شيادة دكتػكراه الدكلة في الػقانػكف العاـ
جامعة الحسف الثاني الدار البيضاء .20004
18
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
أنو بالرغـ مف تعدد المتدخميف في صناعة التشريع الضريبي ،يظؿ البرلماف ىي المؤسسة
التي أككؿ إلييا القانكف رسـ الخطكط العريضة لمقانكف الضريبي ،كذلؾ كفقا لمضمكف
الفصؿ 50مف الدستكر السالؼ الذكر حيث ينص عمى" :يصدر قانكف المالية عف
البرلماف بالتصكيت طبؽ شركط ينص عمييا قانكف تنظيمي...الخ".
نفس التاكيد نجده في القانكف التنظيمي لممالية ،حيث تنص المادة 33عمى" :يكدع
مشركع قانكف المالية لمسنة بمكتب أحد مجمسي البرلماف نياية السنة المالية الجارية
بسبعيف يكما عمى أبعد تقدير".
فيؿ ارتقى البرلماف المغربي إلى مستكل المياـ المنكطة بو دستكريا ،انطبلقا مف
إحالة مشركع القانكف المالي عمى انظاره ،إلى غاية المصادقة عميو؟؟
ىؿ استطاع البرلماف أف يستجيب النتظارات المكاطنيف ،سيما فيما يتعمؽ بتخفيض
نسب 1الضرائب كأسعارىا ،كبالتالي تخفيؼ العبء الجبائي الذم يقض مضاجع سائر
الممزميف؟؟
مف نافمة القكؿ التذكير بأف السمطة المالية كانت أصؿ البرلماف ،أم أف المسألة
الضريبية كانت كراء نشأة كارساء دعائـ األنظمة الديمقراطية .ذلؾ أف مكافقة ممثمي األمة
عمى فرض ضرائب جديدة أك الزيادة في ضرائب قائمة تعد ضركرية كحاسمة ،إال أف
"العقمنة البرلمانية" أجيزت – بالتدريج -عمى سمطات البرلماف في المجاؿ المالي ،كما في
غيره مف المجاالت األخرل ،ليصبح مجرد أداة الضفاء المشركعية القانكنية النفراد
السمطة التنفيذية بصناعة القرار.
-1عممت الحككمة عمى تخفيض الضريبة العامة عمى الدخؿ المفركضة عمى األجراء كالمكظفيف
تطبيقا لنتائج الحكار االجتماعي كذلؾ برسـ قانكف المالية .2009
19
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
كبالرغـ مف ذلؾ ،يظؿ البرلماف ،كمؤسس ة دستكرية ،مكككؿ إلييا مياـ الرقابة
أساسا ،كىك دكر يفكؽ مف حيث األىمية السياسية ،ميمة التشريع ،فالحكامة ال تعني
تطكير النزعة الكظيفية أك التدبيرية ،كالرفع مف جكدة الخدمات العمكمية ،بؿ تعني أيضا
التأكيد عمى دكر المؤسسات في عقمنة مساطر اتخاذ القرار العمكمي ،كنجاعة أدكات
1
مراقبة السياسات االقتصادية؟؟
فكيؼ يقكـ البرلماف بدكره الرقابي في المجاؿ المالي ،بعيدا عف التكزنات المحاسبية
كالمالية؟؟
يمارس البرلماف رقابة عمى قانكف المالية باعتباره الكسيمة العممية لترجمة السياسة
الحككمية في مختمؼ المجاالت ،فبدكف الماؿ العاـ ال يمكف إنجاز المشاريع الحككمية،
إال أنو يعتبر تحضير مشركع قانكف المالية مف اختصاص الجياز التنفيذم كحده ،كذلؾ
كفقا ألحكاـ القانكف التنظيمي لممالية .2إال أف إصدار قانكف المالية يعكد لمبرلماف ،كذلؾ
طبقا لمقتضيات الفصؿ 50مف الدستكر (الفقرة األكلى).
كيندرج ىذا الفصؿ ضمف تدابير الرقابة اإلجرائية ،كىي مجمكعة مف اإلجراءات
تجد سندىا في الدستكر انطبلقا مف الفصكؿ التالية:
الفصل :50الذم ينص عمى أنو" :يصدر قانكف المالية عف البرلماف طبؽ
شركط ينص عمييا قانكف تنظيمي" ،كيكضح القانكف التنظيمي رقـ 7-98المتعمؽ بقانكف
المالية في الفصؿ األكؿ منو عمى أف قانكف المالية لكؿ سنة يحدد مجمكع مكارد كتكاليؼ
الدكلة ،كيقيميا كيأذف فييا ضمف تكازف مالي يحدده القانكف المذككر ،كال يمكف أف
-المبلحظ أنو ال يمكف لممجمس الدستكرم أف يتدخؿ بصكرة تمقائية بالنظر في عدـ دستكرية نص 1
20
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
يتضمف قانكف المالية إال أحكاما تتعمؽ بالمكارد كالتكاليؼ ،أك تيدؼ إلى تحسيف الشركط
المتعمقة بتحصيؿ المداخيؿ ،ككذا مراقبة استعماؿ األمكاؿ العامة"...
الفصل :56الذم ينص عمى أنو تخصص باألسبقية جمسة كؿ أسبكع ألسئمة
أعضاء مجمسي البرلماف كألجكبة الحككمة (مسطرة األسئمة الكتابية كالشفكية).
الفصل :42ينص ىذا الفصؿ عمى تشكيؿ لجاف لتقصي الحقائؽ لكي يتمكف
البرلماف مف التكفر عمى جميع البيانات المرتبطة بالكقائع التي يككف فييا الماؿ العاـ
مكضكع اختبلس أك تبديد ،كاعداد تقرير في المكضكع يرفع إلى المجمس لينظر فيو .1
كىناؾ الرقابة الجزائية ،كتتمثؿ –أساسا -في سحب الثقة مف الحككمة ،حيث يجد
75مف الدستكر ،ككذا في تقديـ ممتمس ىذا النكع مف الرقابة سنده في أحكاـ الفصؿ
الرقابة ،كذلؾ طبقا لمقتضيات الفصؿ 76مف الدستكر في مكاجية الحككمة ،كاخي ار ىناؾ
قانكف التصفية ،كىي رقابة بعدية ،يمارسيا البرلماف ،كذلؾ بغية التأكد مف مدل التزاـ
الحككمة بالسياسة العامة لمدكلة ،انطبلقا مف مضمكف القانكف المالي ،كبعد مناقشة قانكف
التصفية ،يصادؽ عميو البرلماف.
فيؿ يمارس البرلماف –فعبل -الكظيفة التشريعية كالرقابية في المجاؿ المالي عمى
المستكل العممي؟
مف خبلؿ ما تقدـ يتبادر إلى الذىف باف البرلماف يمتمؾ سمطات جبائية قكية تؤىمو
ألف يمعب دك ار ىاما في صناعة القرار الجبائي مف جية ،كفي ممارسة رقابة فعالة لمجياز
الحككمي مف جية أخرل.
إال أف دراسة مشركع قانكف المالية تتميز عف غيره مف مشاريع القكانيف األخرل :أكال
ألىميتو القصكل في تحديد مكارد الدكلة كنفقاتيا ،كثانيا لككنو يطرح كؿ سنة بشكؿ
21
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
دكرم ،كثالثا ٍألنو الكاجية التي تبرز مختمؼ الحساسيات كمراكز القكل كمصالح المكبيات
المتعارضة.
مف ىنا اكتسبت لجنة المالية كالتنمية االقتصادية بمجمس النكاب ،كلجنة المالية
كالتجييزات كالتخطيط كالتنمية الجيكية بمجمس المستشاريف ،شيرة كبيرة .فاختصاصاتيا
كاسعة جدا ،1كىي تعد أىـ المجاف الفرعية الدائمة العاممة بالبرلماف ،حيث تحاؿ عمييا
جميع المشاريع كاالقتراحات القانكنية ذات الطبيعة المالية أك الجبائية بالضركرة ،ذلؾ أف
مختمؼ التعديبلت المقدمة مف لدف أعضاء البرلماف في المجاؿ الجبائي قد ترفض مف
57مف الدستكر)، قبؿ الحككمة ،إذا لـ يتـ عرضيا عمى أنظار لجنتي المالية (الفصؿ
كبذلؾ تككف لجنة المالية ذات شأف كبير ،بؿ ىناؾ مف اعتبرىا ممثمة لمسمطة الحقيقية
لمبرلماف في المجاؿ الجبائي.2
تستقطب ىذه المجنة اىتماـ كافة الفرؽ البرلمانية ،كمختمؼ األحزاب السياسية ،حيث
تحاكؿ جاىدة أف تككف ممثمة داخميا ،ليس لئلسياـ في النقاش الدائر حكؿ التدابير المالية
كالجبائية التي تعتزـ الحككمة اتخاذىا ،كدراسة مختمؼ انعكاساتيا عمى أكضاع ناخبييـ،
–بالتالي -عمى بؿ لمتصدم لمختمؼ التدابير التي مف شأنيا تيديد مصالحيـ ،كالعمؿ
إفراغيا مف محتكاىا ،أك العمؿ عمى تعديؿ مضمكنيا بما يتماشى كىذه المصالح.
كبالرغـ مف الطابع التقني ألشغاؿ المجنة ،فإف معظـ النكاب األعضاء فييا ال إلماـ
ليـ بالقضايا الجبائية ،كال يتكفركف عمى أم تككيف في ىذا المجاؿ ،مما يجعؿ عضكيتيـ
بالمجنة مف أجؿ عممية جس نبض أكثر منو المساىمة الفعمية كاإليجابية في إغناء النقاش
الدائر حكؿ أىـ مشركع يقدـ إلى البرلماف.
22
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
كلذلؾ ،فقد عمدت ك ازرة المالية إلى تقديـ العديد مف التقارير المكتكبة بالمغة العربية
لشرح كتبسيط مختمؼ اإلجراءات كالمعطيات التقنية المتضمنة في قانكف المالية ،كما أف
كزير المالية يقكـ بإعداد مذكرة تقديمية لمقانكف تككف بمثابة أرضية لمنقاش مف طرؼ
النكاب.
كمع ذلؾ ،فإف ىذا ال يعني إشراؾ النكاب في عممية تحضير القانكف ،حيث يتـ
إعداده في دىاليز ك ازرة المالية (مديرية الميزانية ،كمديرية الضرائب ،باألساس) ،كعند
عرضو عمى المجنة المختصة فإف ىامش المناكرة يككف قد حدد سمفا .ذلؾ أف ميزانية
االستثمار تجد نفسيا مثقمة بفعؿ سكء خدمة الديف الخارجي ،أك ميزانية التسيير الضخمة،
بحيث تظؿ مطالب النكاب االجتماعية رىينة بكؿ أعباء الميزانية العامة ،مما يجعؿ
التضحية –في إطار التكافقات -تككف غالبا بقطاعات حيكية (كالتعميـ كالصحة ،كمحاربة
الفقر...الخ).
ىذا إضافة إلى ككف "العقمنة البرلمانية" ،تقكـ عائقا مكضكعيا أماـ ممارسة البرلماف
لدكره كامبل في مجاؿ المراقبة .فتحديد مجاؿ القانكف طبقا لمقتضيات الفصؿ السادس
كاألربعكف مف الدستكر يقمص عمى سبيؿ الحصر مف مجاؿ االختصاص التشريعي
لمبرلماف ،كما أف الفصؿ 47قد أضاؼ تحديدا أكثر دقة بنصو عمى أف "المكاد األخرل
التي ال يشمميا القانكف يختص بيا المجاؿ التنظيمي" ،كبيذا الشكؿ يككف المجاؿ
التنظيـ م أكثر اتساعا كأكثر شمكال مف االختصاص التشريعي لمبرلماف .إف البرلماف في
ظؿ ىذا التقييد الدستكرم يصبح ذك فعالية محدكدة ،1سيما في المجاؿ الجبائي ،حيث
يقمص ىذا التقييد مف المشركعية الدستكرية لممارسة السمطة الجبائية.
كيمكف أف نبلمس ،كلك بشكؿ سريع ،مختمؼ المستكيات التي تمثؿ عائقا أماـ تطكر
كفعالية السمطة الجبائية لمبرلماف.
-1لقد كصؼ البرلماف بككنو مجرد غرفة تسجيؿ مف طرؼ األستاذ المرحكـ عبد الرحمف القادرم.
23
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
يتعيف عمى البرلماف أف يصكت عمى مشركع قانكف المالية في نياية السنة المالية،
أم في 31دجنبر عمى أبعد تقدير .كيترتب عف اإلخبلؿ بيذا التاريخ ترخيص الدستكر
لمحككمة المجكء إلى مرسكـ لفتح االعتمادات البلزمة لسير المرافؽ العمكمية كتمكينيا مف
القياـ بالمياـ المنكطة بيا عمى أساس ما ىك مقترح بالميزانية المعركضة بقصد
المكافقة ...2كىذا يعني –عمميا -السماح لمجياز التنفيذم بالشركع في تنفيذ مشركع قانكف
المالية بكاسطة نص تنظيمي ،متجاك از ترخيص البرلماف في ىذا الشأف .3
كالجدير بالذكر أنو ،كفقا لمقانكف التنظيمي لممالية السابؽ ،كانت الفترة الزمنية
المخصصة لدراسة مشركع قانكف المالية مف طرؼ البرلماف تنحصر في 60يكما ،كقد تـ
تمديد ىذه المدة لتصبح 70يكما ،بحيث يتعيف عمى الحككمة تقديـ مشركع القانكف المالي
70يكما قبؿ نياية السنة .كتتـ إحالة المشركع عمى في 20أكتكبر مف السنة ،أم
المجمس الثاني بتاريخ 20نكنبر ،أم خبلؿ 30يكما المكالية لتاريخ اإليداع.
كالمبلحظ أنو لـ تتـ اإلشارة إلى التأخير في عرض مشركع القانكف الذم يككف
راجعا لمحككمة ،حيث كانت ىذه األخيرة تتعمد تأخير عرض مشركع القانكف عمى أنظار
البرلماف قبؿ تعديؿ سنة ،95مما يثير التساؤؿ عف مصداقية مضمكف الفصؿ 50مف
الدستكر ،كما أف ىذا التأخير الذم كاف عرفا حككميا كاف يحد مف حرية النكاب في
ممارسة مناقشة مستفيضة كجدية ألىـ قانكف يربط الحياة االقتصادية كاالجتماعية كالمالية
لمببلد لمدة سنة.
24
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
حيث تتـ المناقشة خبلؿ جمسات ماراطكنية ،كبسرعة قياسية ،مما يجعؿ النكاب
يصكتكف بدكف معرفة بالتحديد عمى ماذا يصكتكف .1
إف مفيكـ الحكامة البرلمانية يقتضي كضع قكاعد مكضكعية كضكابط قانكنية لعبلقة
الحككمة مع البرلماف .إف الترخيص لمحككمة بتجاكز مصادقة البرلماف بسبب تأخره في
دراسة النص المعركض عميو ،يعتبر "عقابا" لو عمى ذلؾ .أما في الحالة التي تتعمد فييا
الحككمة تأخير عرض النص عمى البرلماف ،فإننا ال نجد أم تدبير لمكاجيتو كلعمنا نعثر
عمى سند قانكني كمعقكؿ في الدستكر الفرنسي الذم ال يبيح لمحككمة الشركع في تنفيذ
القانكف المالي إال بعد مركر مدة 70يكما كاممة عمى عرضو عمى أنظار البرلماف كما أف
الحككمة محركمة مف فتح االعتمادات في حاؿ رفض المشركع مف طرؼ البرلماف أم أنو
البد مف مصادقة البرلماف التي تبدك ضركرية كأكيدة.
كبالرجكع إلى أحكاـ القانكف التنظيمي لممالية ،نجد إكراىات أخرل مفركضة عمى
البرلماف ،مف ضمنيا ما تنص عميو أحكاـ المادة 36مف ضركرة التصكيت عمى الجزء
األكؿ مف مشركع قانكف المالية لمسنة ،قبؿ عرض الجزء الثاني لممناقشة .كماداـ التقسيـ
يراعي تحديد القسـ األكؿ لمتقديرات اإلجمالية لنفقات كمكارد الدكلة( ،كىي األىـ) ،فإف
التصكيت عمى الجزء الثاني يبدك تابعا كاتكماتيكيا ،بؿ غير ذم معنى ،ماداـ ال يتضمف
سكل تقسيـ كتكزيع ىذه التقديرات بيف مختمؼ المصالح العمكمية .بعبارة أخرل إف االلتزاـ
بالتصكيت عمى الجزء األكؿ أكال ،يقكد بالضركرة إلى التصكيت عمى المشركع برمتو،
كىي طريقة ممتكية لمصادرة حؽ البرلماف في المناقشة الجدية لمقسـ الثاني.
كفي الكقت الذم تعتبر فيو الحككمة أف مدة 70يكما كافية لمناقشة مشركع القانكف
المالي ،فيي (أم المدة) في نظر الفاعميف السياسييف غير كافة تماما ،لمقياـ بدراسة جدية
-1تحت الضغط كاإلرىاؽ كاف التصكيت يتـ أحيانا خبلؿ ساعة متأخرة مف الميؿ حيث ال يصمد في
اجتماع المجنة إال عدد قميؿ مف النكاب مما يجعؿ المناقشة كالتصكيت بغيرمعنى.
25
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
كمتأنية لمختمؼ جكانب القانكف المالي ،كالتي تعد انعكاسا لثنائية المجمسيف ،ىذه الثنائية
التي أصبحت محط انتقادات شديدة مف طرؼ العديد مف األحزاب.
تتـ مناقشة قانكف المالية في إطار المجنة ،تحت تأثير ىاجس أساسي ،يتمثؿ في
الفصؿ 51مف الدستكر ،ككذا المادة 40مف القانكف التنظيمي لممالية .حيث يتـ رفض
كؿ المقترحات كالتعديبلت التي يتقدـ بيا أعضاء البرلماف إذا كاف قبكليا يؤدم إما إلى
تخفيض المكارد العمكمية ،كاما إلى إحداث تكميؼ عمكمي ،أك الزيارة في تكميؼ مكجكد.
إف كؿ التعديبلت التي تدخؿ في ىذا السياؽ تعتبر الغية بقكة القانكف كفقا ألحكاـ الفصؿ
51مف الدستكر.
إف استعماؿ ىذا الفيتك الحككمي ال تحكمو أية ضكابط .ذلؾ أف الحككمة تمجأ بشكؿ
مكثؼ الستعماؿ ىذا الفصؿ لتفادم الدخكؿ في نقاشات سياسية قد تسبب ليا إحراجا ،بؿ
لقد استعممت ىذا الفصؿ ضد أغمبيتيا أيضا .فقد لجأ كزير المالية (حزب األحرار) في
حككمة عباس الفاسي إلى ىذا الفصؿ ضد الفريؽ االشتراكي المشارؾ في الحككمة أثناء
مناقشة قانكف المالية لسنة ،2008كذلؾ بعد رفض الفريؽ االشتراكي ،الذم انفمت مف
االنضباط الحزبي مؤسسا ما أسماه بالمساندة النقدية ،رفض الزيادة في سعر الضريبة
عمى القيمة المضافة بنسبة 100%المفركضة عمى قركض المينرينغ إال أنو بعد تمرير
ىذه الزيادة ،أثار تطبيقيا اعتراضا قكيا مف طرؼ شركات القركض المعنية ،التي طالبتيا
الحككمة بتحمؿ عبء ىذه الزيادة بدؿ زبنائيا الذيف أصركا عمى رفض تحمؿ تبعاتيا .1
كقد أدل تطكر ىذا النزاع إلى اعتراؼ الكزير األكؿ بأف رفع سعر ىذه الضريبة
لمسنة الثانية عمى التكالي كاف "خطأ" تعيد كزير المالية بتصحيحو في السنة المقبمة أم
في إطار قانكف المالية لسنة .2009
-1كما استعممت نفس الفصؿ ضد أغمبيتيا في إطار قانكف المالية لسنة .2000-1999
26
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
كقد قرر المتضرركف مف ىذا اإلجراء المجكء إلى القضاء لتحكيمو في سابقة مثيرة.
كيستدعي المكقؼ الحككمي إبداء بعض المبلحظات األساسية:
أوال :لقد تـ تراجع الحككمة عف قرار اتخذ في إطار لجنة المالية ،كتمت
المصادقة عميو ،كصدر بالجريدة الرسمية باعتباره التعبير عف إرادة األمة ،كىي سابقة ال
نظير ليا في تاريخ المالية العمكمية بالمغرب .فبالرغـ مف صدكر القانكف كدخكلو حيز
التنفيذ ،فقد قبمت الحككمة التفاكض مع ممثمي الشركات الذيف أكدكا بأف ىذه الزيارة
جاءت لنسؼ القطاع برمتو.
ثانيا :إف تراجع الحككمة غداة صدكر القانكف ،يدؿ عمى غياب أية إستراتيجية
حككمية في المجاؿ الجبائي فتبني أم إجراء أك تدبير ضريبي ،يككف مسبكقا بعدة
دراسات ،كالقياـ بسيناريكىا ت لمعرفة آثار تطبيقو عمى المقاكالت ،أك شريحة الممزميف
المعنييف.
ثالثا :إف آراء كمكاقؼ المعارضة التي كانت ضد ىذه الزيادة ،كانت في محميا،
كقد أيدت الحككمة ىذه المكاقؼ بقبكليا التراجع عف الزيادة ،لقد طالبت المعارضة بمراعاة
طبيعة بعض القطاعات التي بالرغـ مف حيكيتيا قد ال تصمد أماـ االرتفاع المتزايد لنسب
الضريبة .فالضريبة تقتؿ الضريبة.
خامسا :تطرح ىذه المسألة إشكالية قانكنية كسياسية بالغة التعقيد ،فيؿ يحؽ
لمحككمة التراجع عف قانكف تمت المصادقة عميو مف طرؼ البرلماف؟؟ اف تراجع الحككمة
27
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
عما كانت تدافع عنو أماـ البرلماف يعني أنيا غير مقتنعة بجدكل الخطاب الحككمي،
كبالتالي فميست ىناؾ مصداقية لمبرنامج الحككمي الذم يمكف تعديمو كمما تعرضت
الحككمة لضغكطات.
سادسا :ما ىك مصير الفصؿ 51مف الدستكر الذم تمجأ إليو الحككمة لرفض
مقترحات المعارضة؟ أال يعني ىذا بأف استعمالو يشكبو بعض التعسؼ؟ أال يعني ىذا
التراجع رد االعتبار إلى المعارضة؟؟
سابعا :إف تراجع الحككمة عف ىذا اإلجراء يعني إمكانية تراجعيا مستقببل عف
تطبيؽ أم إجراء يتضح بأنو غير سميـ كغير منطقي ،كيسرم األمر عمى مختمؼ القكانيف
الصادرة عف البرلماف ،بالرغـ مف أنيا ىي صاحبة المبادرة في طرحيا ،مما يطرح مشكمة
"حصانة القانكف" ،كمف لو صبلحية تعديمو أك تغييره ككفؽ أية شركط؟؟
كىذا األمر يقكدنا إلى االعتقاد بأف تأثير المكبيات مف شأنو أف يؤثر عمى صناعة
القرار الجبائي بالمغرب حتى كلك بعد صدكر األمر بتنفيذه.
ثامنا :ىؿ ىي عكدة الكعي الجبائي لدل الممزميف؟ أـ ىي بداية تمردىـ عمى
القانكف الضريبي الذيف يركنو مجحفا كغير عادؿ؟ كالعكدة إلى زمف ثكرة "الدباغيف"
بفاس؟؟
إف تذرع الحككمة بضركرة الحفاظ عمى التكازنات المالية ،ال يصمد كثي ار أماـ الكاقع
السياسي الذم تقتضي مجابيتو تقديـ بعض التنازالت.
– 1984مثبل -قد سجؿ بعض الزيادة في فرغـ أف مشركع قانكف المالية لسنة
المداخيؿ الفبلحية ،كرغـ أف البرلماف قد اقتنع بتصكرات الحككمة ،فإف تدخؿ المؤسسة
الممكية ،نتيجة الضغط الذم مارسو المكبي الفبلحي ،قد أدل إلى أف تعيد الحككمة النظر
في "تكازناتيا المالية" ،كتصكراتيا الجبائية.
28
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
بمقتضى ىذا الفصؿ يمكف لمحككمة أف تطمب مف المجمس المعركض عميو النص
أف يبث بتصكيت كاحد في النص المتناقش فيو كمو أك بعضو مع االقتصار عمى
1
كتؤدم التعديبلت المقترحة أك المقبكلة مف طرؼ الحككمة بدؿ التصكيت مادة ،مادة
أحكاـ ىذا الفصؿ إلى عقمنة إجراءات التصكيت عمى النصكص الجبائية ،كالحفاظ عمى
الصبغة األصمية ليا دكف أف يككف لمبرلماف إمكانية تغيير محتكاىا ،ألنو يضطر إلى
البت في النص المعركض عميو كمو .كىذه التقنية تعد كسيمة فعالة لممارسة الضغط
السياسي ليس فقط عمى المعارضة بؿ عمى األغمبية المساندة لمحككمة أيضا لتفادم
تمردىا كما حدث في مرات عديدة .كفي ارتباط مع ذات المكضكع ،ىناؾ أحكاـ الفصؿ
75مف الدستكر أيضا التي بمقتضاىا يسمح لمحككمة أف تدفع البرلماف إلى المكافقة عمى
مشركع قانكف المالية دكف إتباع المسطرة المعركفة ،ذلؾ أنو بإمكاف الكزير األكؿ أف يتقدـ
إلى مجمس النكاب كيربط لديو مكاصمة الحككمة مسؤكلياتيا بتصكيت بمنح الثقة بشأف
تصريح ينص بو في مكضكع السياسة العامة ،أك شأف نص يطمب المكافقة عميو.
كال يمكف سحب الثقة مف الحككمة أك رفض النص إال باألغمبية المطمقة لؤلعضاء
الذيف يتألؼ منيـ مجمس النكاب.
إف انضباط األغمبية ،2السيما عمى مستكل التصكيت ،مف شأنو أف يمكف الحككمة
الحصكؿ عمى ما تريد ،كال يتعمؽ األمر ىنا بالتصكيت عمى نص ،فحسب بؿ بتمرير
قانكف بدكف مناقشة كال تصكيت.
ينص الفصؿ 56مف الدستكر في فقرتو الثانية عمى تخصيص جمسة كؿ أسبكع
ألسئمة أعضاء مجمسي البرلماف كأجكبة الحككمة .كتعتبر مسطرة األسئمة سكاء الشفكية أك
29
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
الكتابية إحدل الكسائؿ اليامة لمراقبة العمؿ الحككمي ،كتتجمى ىذه األىمية في األعداد
اليائمة ليذه األسئمة .كالجدير بالمبلحظة أف الحككمة لـ تكف مقيدة بأجؿ محدد لتقديـ
أجكبتيا قبؿ تعديؿ سنة ،92الذم حدد 1المدة في 20يكما .كيفسر بعض الباحثيف
التركيز عمى األسئمة الشفكية كبديؿ عف المجكء إلى كسائؿ الرقابة األخرل كممتمس الرقابة
مثبل أك سحب الثقة ،بالنظر إلى المعكقات الكثيرة التي كضعيا دستكر 96أماـ تنفيذىا.2
كمع ذلؾ ،فإف األسئمة المكجية إلى ك ازرة المالية ليست بنفس األىمية ،فبالرغـ مف
تزايد األسئمة المقدمة إلى الحككمة سكاء الشفكية أك الكتابية ،فإف األسئمة ذات الطابع
المالي أك الجبائي ال تمثؿ ،مع ذلؾ ،سكل نسبة متكاضعة حسب ما ىك مبيف في الجدكؿ
التالي:
الوالية البرلمانية السادسة الوالية البرلمانية الخامسة الوالية البرلمانية الرابعة الوالية البرلمانية
2002/1997 1997/1983 1992/1994 الثالثة
1983/1977
لقد استغؿ النكاب ىذه اآللية بشكؿ فعاؿ ،بعد تعديؿ دستكر 1992السالؼ الذكر،
كالذم يحدد أجؿ تقديـ الحككمة الجكاب ،في الكقت الذم كانت فيو الحككمة تتجاىؿ
-1ىذا الفصؿ يحمؿ رقـ 55في دستكر ،92كقد كأصبح يحمؿ رقـ 56في دستكر .96
1963إلى 2005المجمة المغربية -2وفاء الفياللي :البرلماف في النظاـ السياسي المغربي مف
لمتدقيؽ كالتنمية عدد مزدكج.23/21/2007
30
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
أسئمة النكاب ،أك كانت تتعمد التأخير في الرد عمييا مما يفقدىا أىميتيا كحيكيتيا
كراىنيتيا ،مما شجع النكاب عمى االقباؿ عمى طرح أسئمة سكاء شفكية أك كتابية أك آنية .1
كىكذا نبلحظ ،مثبل ،بأف األسئمة التي تقدـ بيا النكاب إلى ك ازرة المالية خبلؿ الكالية
127سؤاال خبلؿ البرلمانية الثالثة لـ تتجاكز 32سؤاال ،في حيف ارتفع ىذا الرقـ إلى
234سؤاال ،في الكقت الذم الكالية البرلمانية الرابعة ،كخبلؿ الكالية الخامسة قفز إلى
انخفظ فيو ىذا الرقـ إلى 173سؤاال خبلؿ الكالية البرلمانية السادسة.
أما بخصكص األسئمة الكتابية ،فإنيا قد عرفت ىي األخرل ،عدة تغيرات حسب
الكاليات البرلمانية المختمفة ،كذلؾ كفؽ الجدكؿ التالي:2
كرغـ ىذه األىمية المتزايدة في نسب األسئمة الكتابية أك الشفكية ذات الطابع المالي
أك الجبائي ،فإف المبلحظ أنو تطكر كمي يشمؿ العدد كليس النكع ،ذلؾ أف مضمكف
معظـ األسئمة ال يخمك مف االستفسار عف بعض المقتضيات الغامضة أك المعقدة ،كما
31
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
أنو يعكس في -بعض األحياف -اىتمامات شخصية لمنكاب خكفا مف االنعكاسات السمبية
عمى نشاطاتيـ التجارية أك الصناعية.
كعبلكة عمى ذلؾ ،فإف تحرير معظـ األجكبة كصياغتيا مف طرؼ أطر ك ازرة
المالية ،حيث يكتفي كزير المالية بتبلكة الردكد بدكف حتى إمكانية التعميؽ عمييا ،الشيء
الذم يفقد ىذه المسطرة الكثير مف حيكيتيا ،إضافة إلى تحديد المدة الزمنية المخصصة
لمجكاب مما يمغي إمكانية التكسع في مناقشتيا ،سيما كأف معظـ المقتضيات ذات طابع
تقني جد معقد.
يعتبر تعديؿ دستكر 92تحكال نكعيا ىاما في مجاؿ تدعيـ آليات المراقبة المتاحة
لمبرلماف .فقد جاء الفصؿ 40تتكيجا لممبادرات كالجيكد كالمبادرات الرامية إلى ترسيخ
أسس النظاـ البرلماني ،كيتجمى ذلؾ في العديد مف التعديبلت ،كاف مف ضمنيا إمكانية
1
42 ( 40كىك الفصؿ الذم يأخذ رقـ تشكيؿ لجاف لتقصي الحقائؽ ،استنادا لمفصؿ
ضمف تعديؿ الدستكر األخير لسنة .)1996
يناط بيذه المجاف طبقا ألحكاـ الفصؿ 42مف دستكر ،96جمع مختمؼ البيانات
المتعمقة بالكقائع التي يككف فييا الماؿ العاـ مكضكع سرقة أك اختبلس أك تبديد ،كاطبلع
المجمس الذم تنتمي إليو عمى النتائج التي انتيت إلييا تحقيقاتيا ،كبالرغـ مف أف أكلى
،292إال أف الرأم العاـ لـ لجاف تقصي الحقائؽ قد شكمت بعد تعديؿ الدستكرم لسنة
،96حكؿ يكلييا أىمية كبرل ،ذلؾ أف المجنة الثانية كالتي تشكمت في ظؿ دستكر
-1مف ضمف ىذه التعديبلت مثبل :حؽ اإلحالة عمى المجمس الدستكرم لربع أعضاء مجمس النكاب،
(ؼ ،)79التصكيت عمى البرنامج الحككمي (ؼ...)59 .الخ
)97/93حكؿ مكضكع -2تـ تشكيؿ أكؿ لجنة لتقصي الحقائؽ خبلؿ الكالية البرلمانية الخامسة (
المخدرات.
32
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
إف مكقؼ القضاء ىذا يجعؿ المياـ الرقابية لمبرلماف غير ذات جدكل .ففي الكقت
الذم رحبت فيو األحزاب الديمقراطية ،كالمجتمع المدني بإمكانية تشكيؿ لجاف لتقصي
الحقائؽ حكؿ سكء تدبير المؤسسات المالية كاالقتصادية ،نجد القضاء قد جعؿ منيا أداة
غير فاعمة ،بدؿ تقكية الدكر الرقابي لمبرلماف في المجاؿ المالي كالجبائي .2
إف إفراغ الجيكد الرامية إلى إقرار رقابة حقيقية عمى تدبير الماؿ العاـ ،مف محتكاىا
االيجابي ،يشكؿ عرقمة حقيقية لتشييد صرح دكلة القانكف ،كما أنو يعد تراجعا عف
المضمكف السياسي لمتعديؿ الدستكرم لسنة ،92الذم كاف في حد ذاتو تتكيجا لنضاالت
القكل الديمقراطية ألجؿ كضع حد لحاالت الفكضى كالتسيب التي يعاني منيا الماؿ العاـ،
-1صرح مكالم الزيف الزاىيدم المدير العاـ السابؽ لمقرض العقارم كالسياحي بأسماء كازنة مف
ضمنيا كزير أكؿ سابؽ ،إال أف القضاء تجاىميا كاكتفى بإصدار حكـ غيابي بالسجف في حؽ
المدير العاـ السابؽ فقط.
-2كما أف الفصؿ 42مف دستكر 92نفسو قد كضع حدكد لمنشاط ىذه المجاف حيث أنو لـ يسمح
بتككينيا حكؿ كقائع تككف مكضكع متابعات قضائية كحتى بعد تككينيا فإف مياميا تتكقؼ بمجرد
فتح تحقيؽ قضائي في الكقائع التي اقتضت تشكيميا.
33
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
بعيدا عف المحاسبة كالرقابة ككذا عف المساءلة القضائية التي بدكنيا يظؿ تشكيؿ لجاف
تقصي الحقائؽ ىدفا بحد ذاتو.
الـمسـتـوى الـسـادس :المادة " "3من القانون التنظيمي لممالية (إقحام مواد دخيمة
عن القانون المالي)
تنص المادة 3مف القانكف التنظيمي لممالية لسنة 1998عمى أنو" :ال يمكف أف
يتضمف قانكف المالية إال أحكاما تتعمؽ بالمكارد كالتكاليؼ أك تيدؼ إلى تحسيف الشركط
المتعمقة بتحصيؿ المداخيؿ ككذا مراقبة استعماؿ األمكاؿ العمكمية".
كاذا كاف تبرير أحكاـ ىذه المادة يقضي بضركرتيا لكضع حد لمحشك الذم قد
يتعرض لو قانكف المالية ،كذلؾ قصد تأميف االستعماؿ األمثؿ لمفترة الزمنية المحددة
لدراسة مشركع قانكف المالية مف طرؼ البرلماف مف جية ،كتفاديا لتحكؿ االىتماـ إلى
مسائؿ جانبية ال ترتبط ارتباطا مباش ار بمقاصد الميزانية مف جية أخرل.
كمف البدييي أف ضركرة احتراـ السقؼ الزمني المحدد لدراسة القانكف المالي ،قد
يدفع النكاب أك الحككمة إلى عدـ إدراج بعض المقتضيات التي يعتبركنيا ذات طابع
استعجالي لضماف دراستيا كاعتمادىا ضمف الميزانية العامة لمدكلة ،أك أحكاـ القانكف
المالي.
كبالرغـ مف تماسؾ ىذا التبرير مف الكجية المبدئية عمى األقؿ ،إال أننا نجد لو
1
الجبائية" بعض "الخركقات" .فقد أصرت مديرية الضرائب عمى تمرير "كتاب المساطر
أثناء مناقشة مشركع قانكف المالية لسنة ،2004كلعؿ الشيء البدييي ،أف األمر ال يتعمؽ
بمكضكع يتسـ باالستعجاؿ ،كمف شأف إقحامو أف يشتت تركيز النكاب ،ناىيؾ عف
-1الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5278بتاريخ 17ذك القعدة 30( 1425ديسمبر .)2004
34
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
استغبلؿ الحيز الزمني ،الضيؽ أصبل ،لمناقشة سريعة كغير جدية ألمر ىاـ .1كقد كاف
مف المفركض تخصيص جمسة خاصة لمناقشة المساطر الجبائية ،سيما كانو يطرح ألكؿ
مرة تفاديا إلقرار بعض التراجعات عمى مستكل الضمانات المخكلة لمممزميف .إف مضمكف
المساطر الجبائية كأىميتيا ،كالمستكل القانكني البالغ التعقيد الذم تتميز بو يجعمنا نشؾ
في النكايا الحقيقية إلصرار ك ازرة المالية عمى إرفاؽ مشركع قانكف المالية بيذا القانكف.
كاف الرغبة الحقيقية ،تكمف في استغبلؿ الكقت ،غير المناسب ،لتمرير قانكف كاف بالتأكيد
سيتعرض لمكثير مف التعديبلت ،كيثير ببل شؾ نقاشا ىاما تعتبر اإلدارة الضريبية نفسيا
في غنى عنو.
3السالفة الذكر ،في محاكلة الحككمة إدراج كيكمف المثاؿ الثاني لخرؽ المادة
تعديؿ قكانيف االستثمار ضمف مشركع قانكف المالية لسنة ،1988مما أثار حفيظة مجمس
النكاب ،كاستمزـ األمر تحكيما ممكيا أدل في نياية األمر إلى حذفيا مف ىذا المشركع،
كتنظيـ دكرة استثنائية في منتصؼ شير يناير مف سنة 1988لدراسة التعديبلت المقترحة
بشكؿ مستقؿ عف قانكف المالية.
،2كىك يرمي ،حسب الفقرة يعتبر قانكف التصفية جزء ال يتج أز مف قانكف المالية
األكلى مف المادة 47مف القانكف التنظيمي لممالية ،إلى تتبيث المبمغ النيائي لممداخيؿ
المقبكضة كالنفقات المأمكر بصرفيا برسـ السنة المالية ،كحصر حساب نتيجة السنة.
كىك بذلؾ يككف األداة التي تمكف مف تحديد الفرؽ بيف المداخيؿ برسـ التكقعات ،كبيف
النتائج الفعمية لمقانكف المالي .كما يتمكف نكاب األمة مف خبللو ،مف التعرؼ عمى أكجو
-1يتضمف كتاب المساطر الجبائية 23مادة تخص العديد مف التدابير التي تيـ تحديد سمطات
اإلدارة كحقكؽ الممزـ في مجاؿ المراقبة ككيفية التبميغ كتصحيح الضرائب ....الخ.
-2يعتبر كفقا ألحكاـ المادة الثانية مف القانكف التنظيمي لممالية بمثابة قانكف لممالية ،كؿ مف قانكف
المالية لمسنة ،كقكانيف المالية المعدلة ،كقكانيف التصفية.
35
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
االستعماؿ الحقيقي لمتراخيص التي منحكىا لمحككمة ،كمف اإلطبلع عمى الحسابات
النيائية لمخزينة.
كتنص الفقرة الثانية مف "المادة "47السالفة الذكر عمى أنو" :يجب أف يكدع مشركع
القانكف المذككر بمكتب أحد مجمسي البرلماف في نياية السنة الثانية المكالية لسنة تنفيذ
قانكف المالية عمى أبعد تقدير".
إال أف الكاقع العممي ال يعكس ىذا التحديد الزمني عمى مستكل القانكف ،ذلؾ أف
المبلحظ أف إيداع قكانيف التصفية كاف دكما يتصؼ بالتأخير الشديد ،الذم قد يتجاكز
السبع سنكات أحيانا .كما أف النشر كاف أيضا يتصؼ بنفس الظاىرة فمـ يشرع في النشر
المنتظـ ليذه القكانيف إال ابتداء مف سنة 1997فقط.1
كترجع الحككمة أسباب ىذا التأخير إلى الصعكبات اإلدارية التي تحكؿ دكف ضبط
جانب مف الحسابات المتعمقة باالعتمادات المرحمة عمى مستكل اآلمريف بالصرؼ
الثانكييف ،ككذا إلى اآلجاؿ الطكيمة التي تتطمبيا عمميات تجميع الحسابات اإلدارية لكؿ
ك ازرة عمى الصعيد المركزم ،كضركرة مراجعتيا مع مصالح ك ازرة االقتصاد كالمالية عمى
مستكل مراقبة االلتزاـ بالنفقات.
إف ىذا التأخير يفرغ المراقبة مف محتكاىا ،كيجعميا مسألة شكمية ال غير ،الشيء
الذم يؤكد عدـ اىتماـ كسائؿ اإلعبلـ أك الرأم العاـ بمناقشة قكانيف التصفية عمى غرار
قكانيف المالية ،بؿ إف معظـ الناس يجيمكف كجكد "قانكف التصفية" ،كحتى النكاب أنفسيـ
ال يكلكف أىمية تذكر ليذه المناقشات .فما ىك جدكل رفض قانكف لمتصفية يخص قانكنا
2
إنو مجرد عمؿ عبثي ،بدكف أم مدلكؿ لممالية مرت عمى تنفيذه مدة عشر سنكات مثبل؟
-1لـ يتـ نشر قكانيف التصفية السابقة لسنة ،1984إال في سنة 1995مثبل.
-2حسب ما ىك مبيف بالجدكؿ.
36
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
عممي مما يجعؿ الرقابة البعدية لمبرلماف في المجاؿ المالي نظرية ،ىذا إف لـ تكف
منعدمة تماما.
،1 كلعؿ ضعؼ النكاب ،كعدـ اىتماميـ ،كانضباط األغمبية البلمشركط لمحككمة
يعطي االنطباع بأف مياـ الرقابة قد تحكلت إلى عممية تعبئو الطاقات لحشد الدعـ
،2مما يفسح لمحككمة كمساندتيا حفاظا عمى التكازنات السياسية ،كاالستقرار الحككمي
المجاؿ لتجاكزات الحككمة ،كاستعماليا المفرط ألحكاـ الفصؿ 51مف الدستكر .كيؤشر
اعتذار الكزير األكؿ (عباس الفاسي) ،3عف رفع سعر الضريبة عمى القيمة المضافة
المفركضة عمى شركات القركض (الميزينيغ) ،عف التدىكر الخطير في عبلقة الحككمة
بالبرلماف ،كتتكيج طبيعي لمسار طكيؿ اتسـ بسحب اختصاصات البرلماف بالتدريج،
كانتيى بانفراد الحككمة بالقرار.
-1تختمؼ مناقشة قانكف المالية ،التي تتصؼ بالحدة أحيانا ،عف عمميات التصكيت .فاالعتراض
عمى مستكل المناقشة ال ينعكس عمى التصكيت بالضركرة كىي مفارقة تتميز بيا أحزاب األغمبية.
-2يبدك باف المغرب ال يعرؼ ظاىرة "األزمات الحككمية" ،كىي ظاىرة عادية في ظؿ األنظمة
الديمقراطية ،ايطاليا خير نمكذج مثبل.
-3انظر ما قمناه سابقا عف المكضكع بتفصيؿ.
37
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
إف "استقالة البرلماف" ،كاقتصاره عمى لعب أدكار شكمية أدل ،في نياية األمر ،إلى
خمؽ قطيعة بيف المكاطف كالطبقة السياسية تجمت في النسبة الميكلة لبلمتناع عف
التصكيت كصمت إلى حدكد ،80%كىي رسالة قكية إلى مف يعنييـ األمر ،خمقت زلزاال
حقيقيا في المشيد السياسي المغربي غداة االنتخابات التشريعية األخيرة لسابع شتنبر
.12007
إف القرار الجبائي ،بالتأكيد ،ال يمكف لكحده أف يؤثر في المجاليف االقتصادم
كالمالي ،إال أف غياب بصمات ممثمي األمة عف القانكف المالي ،يعني أف ىذا القانكف
أصبح مشركعا حككميا صرفا ،كبعبارة أخرل فإنو أصبح صناعة إدارية بحتو ،يتحكـ فييا
تقنيكا ك ازرة المالية مائة بالمائة .فالتقنكقراط ال يتحكمكف بالمناصب الحساسة في الدكلة
فحسب ،بؿ يتحكمكف أيضا بالبرلماف ،كيتمثؿ ذلؾ أساسا في صياغة مجمؿ القكانيف التي
تعرض عمى البرلماف مف جية ،ككذا تحرير األجكبة عف مختمؼ األسئمة التي يتقدـ بيا
النكاب مف جية أخرل ،حيث يكتفي الكزراء بتبلكتيا بدكف إمكانية عمى التعقيب عمييا.
إف ىذا الكضع دفع الكثير مف المفكريف كرجاؿ السياسة كعمماء القانكف عمى طرح
سؤاؿ في غاية األىمية :مف ىك المشرع الحقيقي؟ البرلماف أـ اإلدارة؟؟
35حزبا تمثؿ مختمؼ االتجاىات ،لـ تتجاكز نسبة -1في الكقت الذم تجاكز فيو عدد األحزاب
المشاركة في االنتخابات التشريعية األخيرة نسبة 20%مف الناخبيف ( 7شتنبر .)2007
38
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
تعد إدارة الضرائب حجر الزاكية في طرؽ تدبير المالية العمكمية بالمغرب ،باعتبارىا
تنظـ كتشرؼ عمى أىـ مكرد مف مكارد الميزانية العامة أال كىي الضرائب .إال أنيا لـ
تستأثر باىتماـ الرأم العاـ ،إال في السنكات األخيرة ،بالرغـ مف أنيا تمثؿ إحدل
المعادالت األساسية في صناعة القرار الضريبي.
39
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
إف كضع اإلدارة الجبائية ال يشذ عف كضعية اإلدارة العمكمية بالمغرب ،بشكؿ عاـ.
إال أنيا مع ذلؾ تتميز بعدة خاصيات :فيي معنية أكثر مف غيرىا بتطكر تقنيات التكاصؿ
مع الجميكر ،نظ ار الرتباط خدماتيا بجميكر الممزميف الكاسع ،كارتباطيا أيضا كبشكؿ
كثيؽ ببنية النظاـ الجبائي الذم تعد مكمفة بكضعو حيز التطبيؽ ،1كما أف ىيكمتيا تككف
في الغالب انعكاس لييكمة النظاـ الجبائي نفسو ،سكاء تعمؽ األمر بطرؽ تحديد الكعاء
الضريبي ،أك كيفية البث في المنازعات الناشئة بسببيا ،أك طرؽ استخبلصيا .2
نسبة اإلنجاز اإلنجاز برسم 2006 اإلنجاز برسم 2005 صنف الضريبة
%122.9 50.416 43.516 الضرائب المباشرة
%133.6 24.796 19.371 الضريبة عمى الشركات
%144.4 23.927 الضريبة العامة عمى الدخل 22.878
%110.7 16.686 12.767 الضريبة عمى القيمة
المضافة في الداخل
% 119.6 7.239 6.364 ضريبة النظافة
% 119.6 74.342 62.647 المجموع
كقد تمت إضافة عدة مصالح كأقساـ حسب األكضاع المستجدة في إطار ما سمي بػ
"إعادة الييكمة" التي ابتدأت سنة ،1991كىي عمميات تتعمؽ إما بدمج المصالح اإلدارية
" " :Gabriel Ardantإف مصداقية أم نظاـ جبائي ،رىينة باإلدارة -1يقكؿ "كابرياف أردات
الجبائية التي تضعو حيز التطبيؽ" » .fayard 1972 G. A « histoire de impôt
-2أصبحت اإلدارة الجبائية حاليا تقكـ أيضا باستخبلص بعض الضرائب بدال مف الخزينة العامة
لممممكة ،كذلؾ تيميدا الستخبلص كافة أنكاع الضرائب األخرل.
40
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
1
مع ازدياد عدد المكظفيف العامميف أك خمؽ مصالح جديدة ،كىي عممية تكاد ال تنتيي
بالمديرية.
كعمى كؿ ،لسنا ىنا بصدد دراسة اليياكؿ اإلدارية الضريبية كاختصاصاتيا ،حيث
تكجد دراسات عديدة قيمة عف مختمؼ أكجو نشاطات مديرية الضرائب .2
إال أننا نريد مع ذلؾ ،اإلشارة إلى قسـ تابع لممديرية المكمفة بالدراسات كالتشريع،
كىي المديرية التي تضـ قسميف :القسـ المكمؼ بالدراسات كالعبلقات الخارجية ،كالقسـ
المكمؼ بالتشريع كالمستندات الضريبية ،كلعؿ القسـ الثاني المختص بالتشريع الضريبي،
ىك قسـ ىاـ بالنظر إلى دكره في إعداد الخطكط العريضة لمتشريع الضريبي ،حيث يعتبر
الميندس األكؿ لؤلرضية األساسية التي ينطمؽ منيا مشركع القانكف المالي ،في شقو
الجبائي.
إعداد كصياغة مذكرة التقديـ المتعمقة بمشركع القانكف المالي التي يتمكىا كزير
المالية عمى أعضاء لجنتي المالية بالبرلماف؛
-1يبمغ عدد مكظفي إدارة الضرائب حكالي ( )5خمسة آالؼ مكظؼ كمكظفة مكزعيف عمى صعيد
اإلدارة المركزية كالمديريات الجيكية (انظر الجدكؿ).
-2واعدي البشير" :مديرية الضرائب" :مف اإلصبلح الجبائي إلى اإلصبلح اإلدارم" .انظر
أيضا :نكر الديف بمقناش" :تحديث مديرية الضرائب بالمغرب" .رسالة لنيؿ دبمكـ السمؾ العالي
لممدرسة الكطنية لئلدارة العمكمية .1993 .الرباط.
41
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
إف التحضير لمشركع القانكف المالي يمثؿ حي از ىاما مف نشاط ىذا القسـ ،الذم
يبتدأ مف إعداد مذكرة التقديـ كينتيي إلى صياغة المذكرة الدكرية التفسيرية.
7شعباف 26 ( 1419 كقد نصت المادة 33مف القانكف التنظيمي لممالية بتاريخ
نكنبر )1998في فقرتيا الثانية عمى..." :يشفع المشركع بتقرير تعرض فيو الخطكط
العريضة لمتكازف االقتصادم كالمالي كالنتائج المحصؿ عمييا كاآلفاؽ المستقبمية كالتغييرات
التي أدخمت عمى المداخيؿ كالنفقات ،كتمحؽ بالتقرير المذككر كثائؽ تتعمؽ بالميزانية
العامة كبعمميات الحسابات الخصكصية لمخزينة كبمرافؽ الدكلة المسيرة بصكرة مستقمة،
كبالمؤسسات العمكمية".
جدول الموارد البشرية بمديرية الضرائب
-1إف األصؿ في إعداد النصكص كالدراسات بمديرية الضرائب ىي المغة الفرنسية كذلؾ بالرغـ مف
مركر أزيد مف نصؼ قرف عمى حصكؿ المغرب عمى االستقبلؿ السياسي.
42
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
النسبة المائوية من مجموع العاممين مستوى االعمار عدد الموظفين العاممين بالمديرية
% 29 -أكثر من 50سنة
4.919
%34 -ما بين 40و 50سنة
موظف وموظفة
%37 -أقل من 40سنة
المصدر :مديرية الضرائب
ابتداء مف سنة ، 1995بدأت الكثائؽ المرفقة لمشركع قانكف المالية تعرؼ تطك ار
عمى مستكل الكـ كالكيؼ ،حيث أخذت مذكرة التقديـ تتضمف أيضا تحميبل سياسيا
،1999تـ كاقتصاديا مع عرض لممتغيرات الدكلية في المجاؿ االقتصادم .كفي سنة
43
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
تقديـ مذكرة مستقمة مرفقة بالقانكف المالي تتضمف تحميبل لمكضع االقتصادم كالمالي
كآفاؽ تطكره.1
إال أف سنة 2000كانت السنة التي شيدت تطك ار نكعيا كذلؾ كفقا لمقتضيات
القانكف التنظيمي لممالية ،حيث أصبح لزاما عمى ك ازرة المالية تقديـ أربعة كثائؽ منفصمة،
كىي:
(حصيمة العمؿ الحككمي ،المحاكر ذات األكلكية بالنسبة لمقانكف المالي ،معطيات مرقمة
حكؿ مشركع القانكف المالي....الخ).
تقرير حكؿ مرافؽ الدكلة المسيرة بصكرة مستقمة ( 20صفحة) ،كيضـ المحاكر
التالية:
(معطيات حكؿ ميزانيات ىذه المرافؽ؛ مؤسسات التككيف الميني كتككيف األطر
العميا ،قطاع العبلجات االستشفائية ،قطاع البنيات التحتية ،المركبات الرياضية...الخ) .1
-1قبؿ سنة 1995كاف مشركع قانكف المالية مرفقا فقط بمذكرة تقديـ جد مختصرة تتضمف التغييرات
الطارئة عمى المداخيؿ كالنفقات .
44
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
إف تطكر ىذه الكثائؽ كاألىمية الكبرل التي أخذت تحظى بيا مف طرؼ النكاب
(سميا إذا عممنا بالمستكل المتكاضع كغير المتخصص ليـ) ،ككذا لمطابع اإللزامي الذم
أصبحت تكتسيو ،أخذت بعض المصالح التابعة لك ازرة المالية تحتؿ نفس األىمية كذلؾ
بالنظر إلى محتكل ىذه الكثائؽ التي تشكؿ مرجعا ىاما ،كاف كاف ،مع األسؼ ،غير
منشكر كغير متداكؿ ،كلعؿ المديريات المعنية ىي التي تتحكـ في المعطيات
كاإلحصائيات ،كتكجو النكاب بشكؿ غير مباشر نحك تحميؿ معيف يأخذ بعيف االعتبار
المعطيات الرقمية التي ال تقبؿ الجدؿ .كىي مديريات محددة في العدد ،لكنيا قكية التأثير
كىي (مديرية الميزانية ،كالخزينة العامة لممممكة ،كالمراقبة العامة لبللتزاـ بالنفقات (فيما
يخص تنفيذ الميزانية) ،كمديرية الضرائب ،( ...كالسيما فيما يتعمؽ بالعمميات الرامية إلى
تضخيـ دكر "اإلكراىات" المالية ،كأىمية التكازنات الحسابية (كمما كاف النقاش يدكر حكؿ
المطالب االجتماعية).
كبالرغـ مف اتساع كظائؼ إدارة الضرائب ،فإنيا عمى األقؿ مف الناحية القانكنية ال
تختص بكضع التشريع في المجاؿ الجبائي ،ىذه الكظائؼ التي تتمثؿ ،أساسا ،في
تأسيس كعاء الضرائب ،فحص اإلق اررات ،تحصيؿ المداخيؿ (سيما بالنسبة لرسكـ
التسجيؿ كالتنبر) البث في المنازعات.
إال أنو ال يمكف تصكر -عمى األقؿ مبدئيا -إدارة ضريبية مدعكة لتطبيؽ قانكف
لـ تساىـ في كضعو ،بؿ في صياغة مجمؿ خطكطو العريضة .فكؿ أىؿ االختصاص
يعممكف جيدا أف اإلدارة الضريبية ىي التي تقكـ بإعداد النصكص التشريعية المتعمقة
بالقانكف الضريبي ،قبؿ عرضيا عمى البرلماف ،كما تقكـ بإعداد المراسيـ كالق اررات الك ازرية
المتخذة لتطبيقو.
-1بالرغـ مف أىمية ىذه الكثائؽ ،فإف معظـ النكاب ال يتكفركف عمى المؤىبلت الضركرية الستيعاب
مضمكنيا عبلكة عمى عدـ تكفر الكقت الكافي لقراءتيا بتمعف.
45
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
لقد كاف عمى اإلدارة الضريبية أف تكفؽ بيف العديد مف المتطمبات كاإلكراىات
كالمتمثمة أساسا في:
التكفر عمى كفاءات عالية ،كمكارد بشرية كمادية في مستكل المياـ المكككلة
إلييا؛
كؿ ذلؾ يؤىميا لبلنتقاؿ مف اإلدارة الضريبية ككجو لسمطة اإلكراه ،إلى إدارة تقكـ
بأداء خدمة عمكمية .إال أف ىذه األىداؼ تظؿ نظرية .ذلؾ أف التكفر عمى العديد مف
األطر ذات المؤىبلت العالية في مجاؿ الماؿ كاألعماؿ ،باإلضافة إلى كصاية ك ازرة
المالية التي تمارسيا عمى العديد مف القطاعات اليامة (كاألبناؾ ،كالتأميف ،كالسكؽ
المالي كبعض المؤسسات المالية األخرل ،1 )...عبلكة عمى العبلقات التي تربطيا مع
العديد مف الييئات كالمنظمات المالية الدكلية كؿ ذلؾ يجعؿ منيا طرفا شريكا في عممية
صنع القرار المالي كالجبائي ،كيدفع كؿ األطراؼ األخرل (الحككمة ،البرلماف ،األحزاب
السياسية )...أف تتعامؿ باىتماـ بالغ مع كؿ المذكرات كالدراسات كالتكصيات كاالقتراحات
التي تصدر عف مختمؼ المصالح المعنية التابعة لك ازرة المالية.
-1تمارس ك ازرة المالية كصاية مالية عمى العديد مف المؤسسات المالية العامة (كالقرض الفبلحي،
صندكؽ اإليداع كالتدبير ....الخ).
46
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
فبالرغـ مف الطابع التقني لتدخؿ اإلدارة في تدبير المالية العمكمية ،كرغـ الطابع
السياسي لعمؿ الحككمة ،فإف ىذه األخيرة تجد نفسيا رىينة تكجييات اإلدارة كذلؾ بغض
النظر عف البرنامج الحككمي السياسي الذم يككف في الغالب صعب اإلنجاز .1
إف "الحكامة البرلمانية" تقتضي أف 2يمعب البرلماف دكره كامبل ،كالمتمثؿ في التشريع
كالمراقبة ،المذاف يجسداف المدلكؿ الحقيقي لمديمقراطية ،كأال يككف أداة في يد الحككمة أك
رىينة في يد اإلدارة ،كفي ىذا السياؽ يمكف لمبرلماف أف يمجأ إلى طمب الخبرة في
مجاالت معينة مف طرؼ الخكاص( ،مكاتب لمدراسات ،مكاتب لتدقيؽ الحسابات...الخ)
كذلؾ لمتكفر عمى مصادر بديمة لممعمكمات ،في ظؿ تعقد المساطر التي تتسػـ بيا
عمميات إعداد السياسات العمكمية ،كيمكف بالتالي لمبرلماف أف يطكر أداءه ،مف أداة
لمرقابة ،إلى أداة لتقييـ السياسات العمكمية .3كىي إحدل المياـ التي قد ترقى بالمؤسسة
التشريعية إلى جياز منفتح عمى المجتمع المدني ،كعالـ الخبراء المستقميف ،كالييئات غير
الحككمية ،في إطار مقاربة تشاركية.
فمف ضمف أسس النظـ الديمقراطية الحديثة ،ضركرة تكفر مصادر معمكمات بديمة
كمستقمة ،كمتعددة (صحؼ ،مجبلت ،خبراء ،مراكز البحث...الخ) ،كما يتعيف أف تككف
-1تضمنت برامج األحزاب المشاركة في حككمة عباس الفاسي التزما بخمؼ مآت اآلالؼ مف
مناصب الشغؿ ،إال أف الكاقع يؤكد صعكبة ،بؿ استحالة الكفاء بيذا االلتزاـ بالنظر إلى
الصعكبات المالية التي تعرفيا الببلد.
" -2الحكامة البرلمانية" :أية تطبيقات في القرف الحادم كالعشريف .أشغاؿ اليكـ الدراسي الذم نظمو
المركز الدكلي لمدراسات االستراتيجية كالحكامة الشاممة ،المجمة المغربية لمتدقيؽ كالتنمية عدد:
.2007/24/23
-3عبد اهلل الساعؼ" :تقييـ السياسات العمكمية" محاضرات ألقيت عمى طمبة السنة الثانية مف ددع.ـ
السنة الجامعية 2005/2004غير منشكر.
47
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
ىذه المصادر غير خاضعة لمراقبة الحككمة أك أم جياز سياسي ،لضماف استقبلليتيا،
عبلكة عمى تمتعيا بحماية 1القانكف.
إف االعتقاد بأف اإلدارة عمى صكاب ،أكال ،ألنيا تتكفر عمى معطيات مكضكعية،
كثانيا ،ألنيا ليست طرفا في الصراع السياسي ،ىك الذم رسخ االعتقاد بأنيا تمتمؾ
الحمكؿ المناسبة لكؿ المشكبلت االقتصادية كالمالية التي تكاجييا الببلد .بعيدا عف
النزاعات اإليديكلكجية ،كالخصكمات السياسية ،كالتحالفات القبمية اليشة التي تؤثث
"الفضاء البرلماني" بدكف أف يككف لمنكاب أم تصكر شمكلي لؤلكضاع االقتصادية ،كال
يمتمككف أية معطيات تؤىميـ لمعرفة االنعكاسات المالية الحقيقية ألية مبادرة في المجاؿ
2
المالي أك الجبائي ،مما يحتـ "التدخؿ" الحككمي لمراقبة النقاش داخؿ لجنة المالية
كالتحكـ فيو ،كتكجييو مع إيياـ النكاب بأنيـ أصحاب القرار كيبدك بأف كؿ األطراؼ
أصبحت تعبر بأشكاؿ مختمفة عف القبكؿ الضمني بقكاعد ىذه المعبة ،كبعممية تكزيع
األدكار ىذه .فالتفكؽ الحككمي لـ يأت نتيجة عجز البرلماف فحسب ،بؿ كبتكاطؤ مع
النكاب أنفسيـ ،الذم استقالكا عف طكاعية مف مياميـ كتنازلكا عف ممارسة اختصاصاتيـ
التي خكليـ إياىا الدستكر ،عمى عبلتيا في إخبلؿ كاضح بتعيداتيـ كالتزاماتيـ التي
قطعكىا عمى أنفسيـ اتجاه ناخبييـ .3
إف الحككمة ،كاف كانت رسميا صاحبة المبادرة في طرح بعض المقتضيات
الضريبية ،كادماجيا ضمف مشركع القانكف المالي ،إال أنيا عمى الصعيد العممي ال تتحرؾ
-1ركبرت داؿ" :المؤسسات السياسية التي تتطمبيا الديمقراطية المكسعة " مجمة كجية نظر العدد
" .2008 .35الجيش الممكي كالسمطة".
-2يتكفر مدير الضرائب عمى فريؽ خاص مكمؼ بمياـ إعداد مشاريع النصكص الضريبية ،كالتنسيؽ
مع لجنة المالية ،كمع أحزاب األغمبية داخؿ البرلماف.
-3لـ تكف نسبة االمتناع عف التصكيت" ،حادثا عاب ار" فقد قاربت نسبة 80%كىك رسالة قكية تضع
مشركعية التمثيمية السياسية مكضع تساؤؿ.
48
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
إال بعد تمقي الضكء األخضر مف قبؿ المصالح المختصة التابعة لك ازرة المالية ،حيث
تقكـ ىذه المصالح بإنجاز عدة دراسات تيـ مختمؼ جكانب التدابير المقترحة (كالزيادة في
بعض الضرائب أك التخفيض منيا ،أك منح امتياز جبائي لفئة معينة مف الممزميف الخ).
كتقكـ نفس المصالح بالتعبير ،إما عف تحفظيا أك عدـ مكافقتيا أك قبكليا ،معممة
مكقفيا باالستناد إلى المعطيات اإلحصائية ،كالنعكاساتيا عمى تكازف الميزانية ،تاركة
لمحككمة صبلحية اتخاذ القرار .إال أف التجربة العممية تؤكد بأف الحككمة تتبنى ،في
الغالب األعـ ،كجية نظر اإلدارة نظ ار لقكة األرقاـ في االقناع.
كليذا السبب فإف كزير المالية يصطحب معو دائما المدراء المعنيكف لحضكر
كالمشاركة في اجتماعات لجنة المالية ،لمدفاع عف كجية نظرىـ ،كتبرير اختيار ىذا
اإلجراء أك رفض ذاؾ ،كفي الغالب ما يتكلى المدير المعني ،شرح المقتضيات الجديدة
عمى المستكل التقني نيابة عف كزير المالية ،كما يتكلى اإلجابة عف مختمؼ تساؤالت
النكاب.1
إف برلمانا بكؿ المكاصفات التي ذكرت ،يجعؿ اإلدارة بكؿ ثقميا ككفرة المعمكمات
التي لدييا تمثؿ قكة ال يستياف بيا ضمف معادلة صناعة القرار المالي كالجبائي بالمغرب.
كلقد كاف حريا بالنكاب (كالسيما أعضاء لجنة المالية بالمجمسيف) ،أف يتكفركا عمى
مصادر أخرل لممعمكمات غير اإلدارة ،إال أنو كألسباب ذاتية تتعمؽ بمستكل تككيف
النكاب ،كمكضكعية ترتبط بعدـ رغبتيـ في ممارسة رقابة فعمية عمى الحككمة ،فإنيـ
يعتمدكف عمى اإلدارة كمصدر كحيد لممعمكمات ،كىي كضعية غير مريحة ،تؤكد تبعية
-1أصبح مدراء كؿ مف الضرائب ،الميزانية ،كالخازف العاـ لممممكة ،كالجمارؾ ،أعضاء دائميف ضمف
الكفد المرافؽ لكزير المالية لحضكر أشغاؿ لجنة المالية.
49
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
البرلماف لئلدارة .فكيؼ يتمكف البرلماف مف ممارسة مراقبة فعمية كجادة لئلدارة مصدر
1
معمكماتو التي يستند عمييا لممارسة ىذه الرقابة؟
مف ىنا يبدك ضركريا القياـ بتنظيـ بعض الندكات التككينية لفائدة النكاب لتقريبيـ
مف مياميـ النيابية كلتحسيسيـ بطرؽ المناقشة كبآليات الرقابة كالتشريع التي تـ انتدابيـ
لمقياـ بيا.
كفي ىذا الصدد تقكـ جامعة نيكيكرؾ بتنظيـ دكرات تككينية لفائدة النكاب المغاربة
بيدؼ تحسيف قدرتيـ عمى التحميؿ ،كدراسة مختمؼ المكاضيع المرتبطة بالمالية العمكمية،
كبتطكير كفاءاتيـ في قراءة مختمؼ أبكاب الميزانية ،كالكثائؽ المحاسبية .2
إف غياب المعطيات التقنية ،كتنكعيا كتعقيداتيا ،كسيادة المغة الفرنسية ،يجعؿ
النكاب األكثر حماسا ،عاجزيف عف تكجيو انتقاد مكضكعي لمحككمة أك اقتراح بديؿ عما
تعرضو مف تدابير ال تحظى بالمكافقة ،مما جعؿ دكر النكاب يقتصر عمى رفض أك قبكؿ
مشركع الحككمة ال غير.
كما أف ىذا الكضع الشاذ يجعؿ اإلدارة الضريبية ىي الصانع الحقيقي لمنص
الضريبي بامتياز كالمتحكمة في صياغتو ،بؿ كالمؤىمة الكحيدة لتأكيمو في مكاجية الغير .3
مف خبلؿ كؿ ما تقدـ ،يتضح أف عدـ استقبللية البرلماف عف اإلدارة ال يمحؽ ضر ار
بجكدة التشريع ،كمستكاه فحسب ،كانما بالعممية الديمقراطية ذاتيا .ففي الكقت الذم يحدد
-1لقد كاف األستاذ الراحؿ عبد الرحماف القادرم قد اقترح أف يكظؼ كؿ نائب مجمكعة مف األطر
المتخصصة لمده بالمعمكمات كالقياـ بإنجاز دراسات كتحميؿ المعطيات االقتصادية كالمالية.
2
- The state university of new York (strengthening parliamentary processes
)in morocco
-3بالرغـ مف استبعاد القضاء لممذكرة التفسيرية التي تصدرىا إدارة الضريبة لتفسير مقتضيات القانكف
المالي ،فإف المحامكف كأساتذة المالية العامة ال يجدكف بديبل عنيا لمحاكلة فيـ العديد مف
المقتضيات الغامضة ،كطرؽ تطبيقيا.
50
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
فيو الدستكر مجاؿ التشريع مع سبيؿ الحصر ،فإنو أكد عمى ضركرة استقبلؿ المؤسسة
التشريعية عف غيرىا مف السمط ضمانا لمبدأ التمثيمية البرلمانية التي تعد أساس النظـ
الديمقراطية ،ألف احتكار الحككمة لمختمؼ كسائؿ كآليات العمؿ الضركرية يفقد العمؿ
التشريعي مصداقيتو مما يضر بمصداقية األحزاب أيضا كمكانتيا لدل ناخبييا .إف
استقبللية المؤسسة التشريعية كارتقاؤىا إلى مستكل تطمعات الشعب ،يقتضي أف يعمؿ
النكاب عمى إعادة االعتبار إلى مؤسستيـ ،كذلؾ بالعمؿ عمى إعادة النظر في آليات
التشريع بتكسيع اختصاصات المجاف الدائمة حتى ال تصبح نشاطيا مكسميا ،كالتنسيؽ مع
اإلدارات المختمفة أثناء عممية تحضير مقترحات القكانيف ،كالمساىمة في صياغتيا ،كابداء
الرأم حكؿ مضامينو ا قبؿ عرضيا عمى النقاش ،كتكسيع دائرة االستشارات التشريعية،
كاالنفتاح عمى الفعاليات العاممة خارج البرلماف ،كتنظيـ لقاءات دكرية مع الخبراء
كالمختصيف في المجاالت ذات العبلقة مع العمؿ التشريعي بشكؿ عاـ..
إف ىذه الجيكد كغيرىا كفيمة بتحديد االختصاصات ،كاعداد سجؿ بالمنجزات مف
أجؿ تقييميا فبدكف التقييـ الدكرم لعمؿ البرلماف ال يمكف تحديد مكامف الخمؿ ،كبالتالي ال
يمكف إنجاز أم تطكر عمى مستكل األداء كجكدة العمؿ التشريعي كالرقابي لمبرلماف.
كلعمنا ال نسقط في التكرار إذا أكدنا ،مجددا ،بأف عممية التقييـ ىاتو ،تقع في صمب
الحكامة الجيدة ،كىي األسمكب الكحيد الناجع الذم يمكننا مف تحديد المسؤكليات،
كمراكمة النتائج اإليجابية كمحاكلة تفادم اإلخفاقات المسجمة.
إف اإلدارة الضريبية ال تشذ عف ىذه القاعدة ،حيث تظؿ أكثر مف غيرىا مدعكة
لمخضكع إلى عممية التقييـ ىاتو في كؿ أدكارىا ،سيما بعد دخكؿ النصكص الضريبية
51
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
حيز التطبيؽ حيث يبدك البكف شاسعا بيف رغبة المشرع ،كاكراىات التطبيؽ العممي لمنص
الضريبي.1
انًثحث انثاَي:
جودج انُص انضريثي وذؼذد انقراراخ
ىناؾ مقكلة شائعة ،مفادىا أف النص الضريبي الغامض خطر عمى الضريبة،
كبالرغـ مف أف مضمكف ىذه المقكلة يعني ضركرة تبسيط المساطر ،كمركنة العبلقة بيف
اإلدارة كالممزـ ،فإف النصكص التي تتعامؿ بيا اإلدارة الضريبية ،تتسـ بتعقيد مبالغ فيو
ليس عمى مستكل المغة فحسب بؿ أيضا عمى مستكل المضمكف ،بحيث يصعب عمى
غير المتخصصيف فؾ طبلسيمو .صحيح أف مضمكف النصكص الضريبية ىك مضمكف
تقني يعتمد بعض المصطمحات التي ال تستخدـ في مجاالت أخرل ،إال أنو يبدك بأف
اإلدارة ال تبدؿ أم مجيكد في اتجاه تبسيط النص الضريبي كذلؾ راجع باألساس إلى أف
األطر المكمفة بصياغة النص الضريبي تمقت تككينيا بالمغة الفرنسية ،كىي لغة ال يتقنيا
–القائمة أصبل – جؿ الممزميف .فالتكاصؿ ال يتـ إال مع النخبة ،كىذا أمر يعمؽ اليكة
بيف اإلدارة الضريبية كالممزميف ،كيشكؾ في مدلكؿ شعار تقريب اإلدارة مف المكاطنيف.
إضافة إلى ذلؾ فإف معظـ القضايا المعركضة عمى أنظار القضاء تدكر حكؿ قراءة كؿ
طرؼ لمضمكف النص الضريبي مكضكع النزاع.
كترتكز دفكعات اإلدارة بأنيا المؤىمة – أكثر مف غيرىا -لفيـ مضمكف النص،
– كبالتالي- إال أف لمقضاء كحده الصبلحية لمػفصؿ ،باعتبار أف اإلدارة طرفا مف النزاع
غير مؤىمة لئلدعاء بأنيا الكحيدة التي تمتمؾ القدرة عمى فيـ مقاصد المشرع الجبائي.
-1يمكف لممجمس األعمى لمحسابات أف يقكـ بتقييـ شمكلي لمسياسات العمكمية المطبقة في المجاؿ
الجبائي ،كتقكيـ جكدة القرار الجبائي ،كالنظر في مدل مبلءمتو مع االختيارات العامة لمسمطات
العمكمية .إال أف السياسة الجبائية ال تتعرض لعمميات التقييـ ىاتو التي تعد في صمب الحكامة نفسيا.
52
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
-1اتخذ العديد مف الكزراء األكلكف ق ار ار يقضي بضركرة صياغة كتحرير الكثائؽ اإلدارية بالمغة
العربية ،كبالرغـ مف االستجابة الجزئية ليذا الطمب ،يظؿ النص األصمي لمكثائؽ اإلدارية ىك النص
الفرنسي ،بؿ إف المسؤكليف أنفسيـ ىـ أكؿ مف يخرؽ ىذا المبدأ.
53
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
كقد صدرت عف القضاء عدة أحكاـ تؤكد أف إخبلؿ اإلدارة بأحكاـ القانكف ىك في الكاقع
مساس بحؽ الدفاع ،كخرؽ إلجراءات جكىرية يترتب عنو بطبلف مسطرة فرض
الضريبة.1
كفي ىذا الصدد يجدر التذكير بما قمناه سابقا عف إقحاـ "كتاب المساطر الجبائية"
2005السالؼ الذكر .2كقد أكدنا سكء نية إدارة ضمف مشركع قانكف المالية لسنة
الضرائب بيذا اإلقحاـ كذلؾ بيدؼ تمرير تعديؿ ذك أىمية قصكل ،كيتعمؽ األمر بأحكاـ
المادة 10مف ىذا الكتاب ،كالتي كانت مكضكع نقد شديد مف طرؼ الغالبية العظمة مف
الحقكقييف كالفاعميف االقتصادييف كالباحثيف في مجاؿ العمكـ المالية .فقد اعتبر األستاذ
النقيب عبد الرحيـ بركة 3أنيا تشكؿ مسا خطي ار بحؽ مف حقكؽ الدفاع مف جية ،كما
تمثؿ خرقا لمبادئ الدستكر مف جية ثانية ،عمما بأف القضاء قد أقر تكجيا مخالفا لما
جاءت بو ىذه المادة ،ككاف مف المفركض أف يشكؿ االجتياد القضائي مصد ار مف
مصادر التشريع.
إال أننا مف خبلؿ استعراضنا لممشاكؿ كالصعكبات التي كانت تكاجو إدارة الضرائب
في مجاؿ التبميغ ،كالسيما عندما يتدخؿ القضاء إللغاء العديد مف الضرائب المقررة بناء
عمى اإلخبلؿ بمسطرة التبميغ اتجاه الممزـ ،يتضح لنا أف اإلدارة كانت تسعى لسد ثغرة
قانكنية بدكف إمكانية مناقشتيا مف طرؼ لجنة المالية ،أم ممثمي الشعب.
فقد كانت كضعية التبميغ قبؿ التعديؿ الحالي ،كالسيما قبؿ صدكر قانكف المالية
لسنة ،95تتمثؿ أساسا في استعماؿ البريد المضمكف مع إشعار بالتكصؿ ،كقد كانت
-1قرار الغرفة اإلدارية عدد 655في الممؼ اإلدارم عدد ،1140بتاريخ 1997/01/05قضية
إدريس ىردير ضد إدارة الضرائب.
-2
راجع القسـ األكؿ مف ىذا البحث في ىذا الشأف.
-3جريدة االتحاد االشتراكي بتاريخ 13مارس ،2005عدد "،7885أييا الخاضعكف لمضريبة احذركا"
عبد الرحيـ بركة.
54
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
عبارة "غير مطمكب" ال تؤكد التكصؿ بشكؿ فعمي حسب مكقؼ القضاء ،بخبلؼ األمر
بالنسبة لئلدارة .ذلؾ "أف رجكع طي التبميغ المكجو بالبريد المضمكف بعبارة "غير
مطمكب" ،ال يشكؿ تسمما كال رفضا ،الشيء الذم ال يجعؿ منيما حالة تسمـ صحيح لطي
التبيمغ" .1كبناء عميو ،رغبة لعبلج مكامف القصكر في مسطرة التبميغ ،فقد جاء تعديؿ
بكاسطة قانكف المالية لسنة ،1995الذم أقر االستعانة بطرؽ التبميغ األخرل ،عند رجكع
رسالة التبميغ بعبارة "غير مطمكب" ،كالسيما االستعانة بإعكاف كتابة الضبط ،أك األعكاف
المحمفيف التابعيف لئلدارة أك األعكاف القضائييف ،لكف شريطة أال يتـ المجكء إلى ىذه
الطرؽ إال بعد تعذر التبميغ بكاسطة البريد المضمكف ،كعمى اإلدارة أف تتبث لجكءىا إلى
ىذه المسطرة ،كتعذر التبميغ بيذه الطريقة حتى تتمكف مف المجكء إلى الطرؽ األخرل.
كالجدير بالذكر أف التبميغ يتعيف أف يكجو إلى عنكاف الممزـ المبيف في إق اررات ق أك عقكده
أك مراسبلتو مع اإلدارة الضريبية.
إال آف التطبيؽ العممي ليذه المسطرة أباف عف حدكده ،ذلؾ أنو كاف مف المتعذر
عف اإلدارة القياـ بالتبميغ كفؽ القكاعد السالفة الذكر ،كما تعذر عمييا إثبات المجكء إلى
البريد المضمكف أكال ،مما أدل إلى بطبلف فرض الضريبة في النزاعات التي نشأت بيذا
الخصكص ،الشيء الذم دفع المشرع لمتدخؿ مجددا لمعالجة ىذا الخمؿ ،حيث جاء تعديؿ
بكاسطة قانكف المالية لسنة 2001يقضي بأف "يتـ التبميغ بالعنكاف الذم حدده الخاضع
لمضريبة في إق ارراتو أك في عقكده كمراسبلتو المدلى بيا إلى جية الضرائب التابع بو
مكاف فرض الضريبة ،إما بكاسطة رسالة مضمكنة مع إشعار بالتكصؿ ،أك بكاسطة
األعكاف المحمفيف أك أعكاف كتابة الضبط ،أك بالطريقة اإلدارية" .2كبذلؾ اعتقدت اإلدارة
أنيا قد كضعت حبل نيائيا ليذا اإلشكاؿ ،خاصة بعد إضافة إجراء ىاـ يقضي باعتبار
55
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
رفض التبميغ ،بمثابة تبميغ صحيح ،كذلؾ بعد مركر مدة عشر أياـ مف تاريخ الرفض 1مع
ضركرة تحرير محضر عف طريؽ األعكاف المحمفيف.
كمع ذلؾ ،فقد استمر مسمسؿ التعديبلت الجبائية المتكررة بكاسطة قكانيف المالية
المتعاقبة ،كذلؾ بعد الطعف في سبلمة المحاضر المنجزة في ىذا الشأف ،كمطالبة اإلدارة
بإثبات صعكبة التبميغ...الخ مما دفع المشرع إلى التدخؿ مف جديد بكاسطة قانكف المالية
برسـ سنة 2005مف خبلؿ كتاب المساطر الجبائية السالؼ الذكر ،كالذم لـ يناقش في
الكاقع مف طرؼ لجنة المالية ،كينص الفصؿ 10الشيير عمى أنو" :يتـ التبميغ بالعنكاف
المحدد مف قبؿ الخاضع لمضريبة في إق ارراتو أك عقكده أك مراسبلتو المدلى بيا إلى مفتش
الضرائب التابع لو مكاف فرض الضريبة عميو ،إما بكاسطة رسالة مضمكنة الكصكؿ مع
إشعار بالتبميغ ،أك بالتسميـ إليو بكاسطة المأمكريف المحمفيف التابعيف إلدارة الضرائب أك
أعكاف كتابة الضبط أك األعكاف القضائييف أك بالطريقة اإلدارية ،كيجب أف يقكـ العكف
المبمغ بتقديـ الكثيقة المراد تبميغيا إلى المعني باألمر في ظرؼ مغمؽ كليثبت التسميـ
بشيادة تحرر في نسختيف لمطبكع تقدمو اإلدارة ،كتسمـ نسخة مف ىذه الشيادة إلى
المعني باألمر ،كيجب أف تتضمف بشيادة التسميـ البيانات التالية:
اسػـ العكف المبمغ كصفتو ،كتاريخ التبميغ ،الشخص المسممة إليو الكثيقة كتكقيعو،
كاذا لـ يستطع أك لـ يرد الشخص الذم تسمـ التبميغ تكقيع الشيادة ،كجب عمى العكف
الذم قاـ بالتبميغ أف يشير فييا إلى ذلؾ.
كفي جميع الحاالت يكقع العكف المذككر الشيادة كيكجييا إلى مفتش الضرائب
المعني باألمر .كاذا تعذر القياـ بالتبميغ المذككر نظ ار لعدـ العثكر عمى الخاضع لمضريبة
56
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
أك الشخص النائب عنو ،كجبت اإلشارة إلى ذلؾ في الشيادة التي تكقع مف طرؼ العكف،
كترجع إلى المفتش المشار إليو في الفقرة السابقة".1
إال أنو تجدر اإلشارة ،أف الجديد التي جاءت بو ىذه المادة ،ىك اعتبار الظرؼ
مسمما بعد انصراـ مدة عشرة أياـ التالية لتاريخ إثبات تعذر تبميغ الطرؼ المعني .ككـ
كنت أكد أف يناقش الزميؿ األستاذ محمد شكيرم في أطركحو "القانكف الضريبي
المغربي" 2ىذه المسألة بتفصيؿ ،نظ ار لما تمثمو مف تراجع خطير عف الضمانات المخكلة
لمممزـ ،كمخالفة صريحة لقكاعد المسطرة المدنية المنصكص عمييا في مجاؿ صحة
،15-97 التبميغ ،كحتى لقكاعد التبميغ المنصكص عمييا بمدكنة التحصيؿ الجديدة رقـ
صحيح أف ىذا التعديؿ جاء كرد فعؿ عمى ق اررات المحكمة اإلدارية ،كالتي قضت ببطبلف
مسطرة فرض الضريبة أك تصحيح كعائيا لعدـ سبلمة التبميغ ،ككذا لكضع حد نيائي
لسمسة التعديبلت التي أدخمت عمى طرؼ التبميغ في التشريع الضريبي المغربي.
إال أف ىذا اإلجراء ال يتماشى مع مضمكف الخطاب الرامي إلى تعزيز الضمانات
المخكلة لمممزـ ،كال إلى تدعيـ أسس دكلة القانكف مف جية ،كما أف المصادقة عميو مف
طرؼ لجنة المالية يطرح إشكاال بالغ الخطكرة عف دكر نكاب الشعب في تحصيف
المكتسبات ،كتعزيز الضمانات التي يتكفر عمييا المكاطف ،بدؿ التفريط فييا سكاء جاء
ذلؾ نتيجة حسابات سياسكية ،أك نتيجة جيؿ بالمقتضيات الضريبية ،أك سكء تقدير
لمنتائج المترتبة عف ذلؾ ،الشيء الذم يثير مسألة تككيف النكاب كمستكاىـ الثقافي ،كمدل
التزاميـ بمبادئيـ السياسية كما أسمفنا ،كبالرغـ مف ذلؾ ،فإف التدابير الجديدة لف تسمـ ىي
-1إف ىذه التدابير تعكس العقمية البركقراطية التي تتعامؿ بيا إدارة الضرائب مع الممزميف ،كىي
بالغة التعقيد ،في الكقت الذم يتسـ فيو الكضع بقمة أعكاف اإلدارة ،كضيؽ الكقت ،ككثرة الممزميف،
كارتفاع نسبة األمية ،بينيـ /كما أنيا تعد عامبل رئيسيا في تفشي الرشكة ،كالنزكع نحك التيرب
الضريبي ،كضياع مصالح الخزينة كالممزميف معا.
-2مرجع سابؽ.
57
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
األخرل مف إمكانية الطعف في صحتيا فقد يستطيع الممزـ إثبات أف العنكاف المدلى بو ىك
عنكاف صحيح ،كأف اإلدارة مخطئة في الكاقع ،كأف رجكع الطي بمبلحظة غير معركؼ،
أك أف المعني باألمر انتقؿ مف العنكاف المدلى بو ال أساس ليا مف الصحة ،مما يكلد
نزاعات مع اإلدارة حكؿ سبلمة التبميغ ،كنحف نعمـ أف اإلخبلؿ بقكاعد التبميغ سكاء في
ظؿ القكاعد القديمة ،أك طبقا لكتاب المساطر الجبائية ،يترتب عنو بطبلف مسطرة فرض
الضريبة سكاء في إطار فرض الضريبة تمقائيا ،أك في إطار مسطرة تصحيح كعائيا ،إال
أف المبلحظ أف بعض النزاعات الجبائية قد تحكلت إلى "نزاع فقيي" بيف اإلدارة
الضريبية ،كالقضاء اإلدارم.
كفي ىذا اإلطار انتقد العديد مف األطر الضريبية بعض القضاة كاتيمكىـ بالتحامؿ
عمى اإلدارة باعتبارىا الطرؼ القكم في العبلقة ،كبسكء تأكيؿ النصكص الضريبية ،كما
اتيمكىـ بضعؼ التككيف الجبائي كفي أحسف األحكاؿ ،بعدـ استيعاب مضمكف التشريع
الضريبي ،كاالبتعاد عف مقاصده.
إف اإلحساس بالغبف ىك الذم خمؽ حاج از نفسيا بيف اإلدارة كالممزـ ،يصعب
تحطيمو أك تجاكزه .إال أف غياب التكاصؿ ىك الذم أدل إلى تعزيز دكر القضاء كجياز
مستقؿ لمبت في النزاعات التي تقكـ بيف الطرفيف ،كذلؾ بالرغـ مف أف القانكف الضريبي
لـ يمغ قاعدة التظمـ التمييدم سكاء أماـ اإلدارة ذاتيا أك أماـ لجاف خاصة ،قبؿ طرؽ
باب القضاء ،كقد أدل مفيكـ دكلة الحؽ كالقانكف إلى المجكء المكثؼ إلى القضاء كتدؿ
العديد مف األحكاـ الصادرة عف مختمؼ محاكـ المممكة ،عف بداية تكفر تراكـ ىاـ مف
شأنو أف يشكؿ مرجعا كاجتيادا سكاء بالنسبة لممشرع الجبائي ،أك لئلدارة الضريبية أك
الممزميف عمى حد سكاء.
58
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
ضعؼ تككيف بعض القضاة في المجاؿ الجبائي قد أدل إلى تضارب في تأكيؿ النص
الضريبي بيف مكقؼ اإلدارة كمكقؼ القضاء؟
إف كجكد قضاء جبائي مستقؿ كمكضكعي مف شأنو أف يدعـ كجكد شريؾ آخر
يسيـ في تأكيؿ نص ضريبي الذم ظمت اإلدارة الضريبية لمدة طكيمة تنفرد برسـ أسباب
نزكلو ككيفيات تطبيقو ،بؿ كالبت في النزاعات الناشئة بسبببو.
يجب أف نعترؼ ،أكال ،بأف ميمة القاضي اإلدارم في المادة الضريبية مف الصعكبة
بمكاف ،ذلؾ أف عميو أف يجمع كيراعي عند قراءتو لمنصكص الضريبية ،بيف المحافظة
عمى الماؿ العاـ ،كحماية حقكؽ األفراد كحرياتيـ مف جية ،كعمى استيعاب إرادة المشرع
الضريبي مف جية أخرل ،مستعينا في ذلؾ بمجمكعة مف القكاعد كاآلليات كقاعدة التفسير
الضيؽ لمنصكص الجبائية ،كأنو ال ضريبة كال إعفاء إال بنص ،مع ميؿ كاضح لتفسير
النص الغامض لفائدة الممزـ كقاعدة عامة...الخ.
1994كذلؾ بكاسطة القانكف رقـ -1انطمقت المحاكـ اإلدارية في عمميا ابتداء مف شير مارس
.41/90
59
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
غير أف كضعية كؿ مف الممزـ كاإلدارة الضريبية تعد مختمفة تماما ،ذلؾ أنو بالرغـ
مف صفة المدعي التي يحمميا الممزـ مقابؿ كضعية المدعى عميو التي غالبا ما تككف ىي
كضعية اإلدارة ،فإف عبء اإلثبات يقع عمى عاتؽ ىذه األخيرة ،ذلؾ أف تشبث الممزـ
بالتأكيد عمى سبلمة كثائقو يستمزـ مف اإلدارة إثبات عدـ سبلمتيا ما دامت ترفضيا ،أم
أف عبء اإلثبات يقع عمييا .إثبات عدـ مصداقية الكثائؽ كالمستندات ككذا المحاسبة.
ىذه الكضعية تؤكد تطكر التشريع في اتجاه حماية حقكؽ الممزـ ،باعتبار أف اإلدارة
ىي التي تقكـ بإعداد القانكف كتطبيقو كما سبقت اإلشارة إلى ذلؾ ،كىي بيذا االعتبار
تظؿ الطرؼ األقكل في العبلقة ،في حيف يككف الممزـ ،حتى كأف كاف ممما بخبايا
كتعقيدات القانكف الضريبي الطرؼ الضعيؼ.
كقد سار االجتياد القضائي صكب مطالبة اإلدارة بإثبات السند القانكني الذم
ارتكزت عميو في العديد مف اإلجراءات كالتدابير التي تتخذىا ،1فجؿ األحكاـ الصادرة في
مكاجية اإلدارة تتعمؽ -في الغالب -ببطبلف مسطرة فرض الضريبة بشكؿ تمقائي ،أك
تصحيح األسس التي تعتمد في تحديد الكعاء ،بالنظر إلى عدـ التبميغ القانكني ،مما
يترتب عف اإلخبلؿ بو ،بطبلف مسطرة فرض الضريبة برمتيا .2
إال أنو قبؿ تحديد آليات اشتغاؿ "القضاء الجبائي" ،يتعيف التعريؼ بطبيعة المنازعة
الضريبية .فيي بالنسبة لبعض الباحثيف " :3مجمكعة مف القكاعد الشكمية كالمكضكعية
-1قرار المحكمة اإلدارية بأكادير الصادر بتاريخ 1995/08/02الذم اعتبر أف تقاعس الممزـ عف
الطعف في األسس الجديدة التي اعتمدتيا اإلدارة الضريبية ككعاء لمضريبة ال يعفي ىذه األخيرة
مف عبء اإلثبات.
-2كقد أكد المجمس األعمى ىذا االتجاه في عدة ق اررات :أنظر قرار الغرفة اإلدارية عدد 705بتاريخ
( 2004/10/13قضية الركيجؿ ضد كزير المالية).
-3محمد القصري" :المنازعات الجبائية المتعمقة بربط كتحصيؿ الضريبة أماـ القضاء اإلدارم"،
ـ.ـ.ـ.إ.ـ.ت سمسمة أعماؿ جامعية ص .77 :ط أكلى .2005عدد .62
60
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
تطبؽ عمى الخبلفات الناشئة عف عممية ربط كتحصيؿ الضريبة كالرسكـ التي في حكميا
بيف اإلدارة كالممزـ بمناسبة الطعف اإلدارم كالقضائي "...كما ذىب البعض اآلخر إلى
تعريؼ المنازعة الضريبية بككنيا" :تعني الحالة القانكنية الناشئة عف كجكد خبلؼ بيف
المكمؼ كاإلدارة الجبائية بمناسبة قياـ ىذه األخيرة بتحديد كعاء الضريبة أك تصفيتيا أك
تحصيميا مف جية ،كمف جية أخرل تعني المسطرة اإلدارية أك القضائية المقرر قانكنا
سمككيا لتسكية ىذا الخبلؼ."1...
كقد تجمت "ىذه المكاجية" بيف اإلدارة الجبائية كالقضاء ،في عدة قضايا ككجدت
ترجمتيا في عدة ق اررات كأحكاـ ،اعتبرتيا اإلدارة مجانبة لقصد المشرع الضريبي ،ككاف
مكقؼ القضاء ،أف اإلدارة مغالية في الشطط في تطبيؽ القانكف ،كاف دكره يتجاكز تطبيؽ
القانكف إلى ضركرة حماية حقكؽ الممزـ ،كحماية الضمانات المخكلة لو ،إعماال لمبدأ
الشرعية الضريبية.
كيجدر بنا لمعرفة درجة كنكعية ىذه المكاجية ،أف نعرض ألىـ القضايا التي ميزت
عبلقات الشذ كالجذب بيف القضاء كاإلدارة الضريبية ،كىي قضايا شييرة ،كقد تـ تداكليا
بكثرة مف طرؼ الباحثيف ،لمداللة عمى أف "سكء التفاىـ" يعد -أحيانا -ضركريا لرفع
المبس عف بعض النصكص الضريبة مف جية ،ككذا لخمؽ تراكـ في مجاؿ االجتياد
القضائي في المادة الضريبية ،مف جية أخرل.
-1عبد الرحمان أبميال ومحمد مرزاق" :النظاـ القانكني لممنازعات الجبائية بالمغرب" ط1996 1 .
مطبعة األمنية ،الرباط ،ص.5 :
61
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
إشكالية الخضكع لممساىمة الدنيا (البند IIمف المادة 82مف القانكف رقـ 17-89
المتعمؽ بالضريبة العامة عمى الدخؿ 1 ،ككذا أحكاـ المادتيف ( 83البند )IIك ( 84الفقرات
مف 2إلى )7مف نفس القانكف ،التي تنص عمى العمميات المعفاة مف الضريبة عمى
األرباح العقارية )...كىي اإلشكالية التي أثارت عدة خبلفات في تأكيؿ النص الضريبي
بيف القضاء كاإلدارة الضريبية.
-1تـ إدماج الضريبة عمى األرباح العقارية في الضريبة العامة عمى الدخؿ كذلؾ بكاسطة المادة
-I -10مف قانكف المالية رقـ 55-00لمسنة المالية .2001
30 -2كذلؾ بمكجب المادة 12مف قانكف المالية االنتقالي عف الفترة الممتدة مف فاتح يناير إلى
يكنيك .1996
62
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
ففي الكقت الذم يقكؿ فيو الممزمكف بضركرة تحقيؽ ربح فعمي مف عمميات التفكيت
كشرط أساسي لتطبيؽ الحد األدنى ،نجد اإلدارة متشبثة بمبدأ تطبيؽ الحد األدنى بغض
النظر عف تحقيؽ ربح أـ ال.
إف أىـ طرؽ التفكيت ىي البيع الرضائي طبقا لمتعريؼ الكارد ضمف أحكاـ الفصؿ
478مف قانكف االلتزامات كالعقكد ،كما يميو ،كاذا كاف البيع الرضائي ال يثير إشكاال في
طبيعتو كصيغتو ،كاآلثار المترتبة عنو ،فإف البيع بالمزاد العمني عكس ذلؾ ،فالبيع في
ىذه الحالة يعتبر غير رضائيا ،أم دكف إرادة األطراؼ ،التي تككف في كضعية ال تسمح
ليا بمناقشة شركط التعاقد ،كما ىك الشأف بالنسبة لبيع المحجكز طبقا ألحكاـ المادة 207
كما بعدىا ،ككذا المادة 469كما يمييا مف قانكف المسطرة المدنية.
كقد أثيرت حاالت نازع فييا الممزمكف في أحقية فرض الضريبة ،أصبل ،في ىذه
الحالة باعتبار أف البيع لـ يكف رضائيا ،كال يمكف أف ينتج عنو ربح ماداـ البيع قد تـ
بناءا عمى طمب مف مؤسسة بنكية كفاء لديف ،كبأمر قضائي .كبالتالي ،فإف البيع الذم
ينجز عف طريؽ المحكمة في شكؿ المزاد العمني يخرج مف مجاؿ تطبيؽ الضريبة .كأف
البيع الذم يخضع لمضريبة ىك الذم يتـ طبقا إلرادة الطرفيف :البائع كالمشترم ،أم البيع
الرضائي.
كقد جاء في الحكـ الذم صدر في النازلة عف المحكمة اإلدارية بأكادير ما يمي:
"كحيث إنو إذا كاف المبدأ في المادة الضريبية أف ال ضريبة كال رسـ إال بنص القانكف،
،1978تفرض ضريبة عمى األرباح العقارية التي فإف المبدأ مف القانكف المالي لسنة
يحققيا األشخاص الذاتيكف بمناسبة بيع عقارات مكجكدة بالمغرب أك تفكيت حقكؽ عينية
عقارية متعمقة بيذه العقارات.
63
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
ك"حيث يتبيف ،إذف أف المشرع فرض ىذه الضريبة عمى عممية بيع العقار التي
يتحقؽ منيا ربح دكف استثناء البيع القضائي أك الجبرم مف الخضكع ليذه الضريبة" .1
ككما جاء في تعميؿ الحكـ ،فالمشرع لـ يميز بيف البيع الرضائي كالبيع الجبرم،
فكمتا العمميتيف تندرج ضمف عقد كاحد ،كىك عقد البيع ،كقد كاف مكقؼ المحكمة في ىذه
الحالة مكافقا لركح النص كما تقرأه اإلدارة الضريبية.
غير أنو حكما آخر صادر عف نفس المحكمة ،جاء مخالفا ليذه القراءة ،كأقر بأنو
ال مبرر لتطبيؽ المساىمة الدنيا لمضريبة لعدـ كجكد أية ضريبة أصبل ،كذلؾ حسب
99/240بتاريخ القرار الصادر عف المحكمة اإلدارية بأكادير في الحكـ عدد
1999/10/21في الممؼ عدد 98/161ش ،كتتمخص كقائعو في ككف الطاعف اقتنى
عقارات بمبمغ إجمالي قدره ( 55.000,000درىـ) ،كثـ بيعيا بالمزاد العمني مف طرؼ
المحكمة بمبمغ إجمالي قدره ( 34.000,000درىـ) ،كقد قامت إدارة الضرائب بفرض
ضريبة عمى األرباح العقارية بصكرة تمقائية استنادا إلى ثمف البيع مطبقة في حقو
المساىمة الدنيا المحددة آنذاؾ في % 2مف ثمف البيع.
غير أف الممزـ طعف في مشركعية ىذه الضريبة ،باعتبارىا غير مستحقة أصبل،
بالنظر إلى عدـ حصكؿ ربح.
كقد صدر الحكـ بإلغاء الضريبة بناء عمى التعميؿ السابؽ ،كقد تـ تأييد ىذا الحكـ
449المؤرخ في مف طرؼ الغرفة اإلدارية بالمجمس األعمى بكاسطة القرار عدد
2001/03/29في الممؼ اإلدارم عدد .2000/04/517
64
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
1978رقـ 1-77 -1يتعمؽ األمر بالتعديؿ المدخؿ عمى ىذه الضريبة بكاسطة قانكف المالية لسنة
كالصادر لآلمر بتنفيذه بكاسطة الظيير الشريؼ رقـ 1-77-372بتاريخ 19محرـ 30 ( 1398
دجنبر .)1977
65
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
تستحؽ في حالة كجكد خسارة ،أم أف إدارة الضرائب ال يمكنيا المطالبة بتطبيؽ الحد
األدنى أك المساىمة الدنيا لمضريبة.
إف دفع اإلدارة في العديد مف القضايا المعركضة عمى المحاكـ بسبب ىذا النص،
بأنيا تقصد تطبيؽ الحد األدنى بغض النظر عف تحقيؽ الربح أـ ال ،ينقصو الدقة
كالكضكح ،كىي سمات أساسية في صياغة النصكص القانكنية ،لذلؾ فقد قمنا سابقا بأف
انفراد اإلدارة الضريبية بمسألة صياغة النصكص ،كتأكيميا ،بالنظر إلى ضعؼ أعضاء
لجنة المالية ىك أحد مظاىر سكء تدبير الضريبة بالمغرب ،كسكء تقدير عكاقب االنفراد
بالتشريع بدال عف نكاب األمة ،كالمسألة ال تقتصر عمى مجاؿ األرباح العقارية فحسب،
بؿ تمتد لتشمؿ العديد مف أنكاع الضرائب األخرل التي يعكد السبب الرئيسي في
المنازعات الناشئة بشأنيا إلى غمكض المقتضيات القانكنية التي تنظميا كما ىك الشأف
بالنسبة إلى اإلعفاء بخصكص ما يسممو الشخص لنفسو مف سكف في مجاؿ الضريبة
عمى القيمة المضافة ،حيث أدل غمكض ىذا النص إلى نقاشات فقيية كقانكنية طبعت
العديد مف المنازعات القضائية ،حيث تميزت األحكاـ بالتناقض أيضا مما يستكجب إعادة
صياغة النص ليذه الضريبة مجددا تكخيا لمدقة ،كابتغاءا لتخفيؼ العبء عف القضاء
الذم أخذ يضيع كقتا ثمينا في تأكيؿ النصكص كاعادة قراءتيا في الكقت الذم تتشبث فيو
اإلدارة بتأكيميا الخاص لمنص كالذم يرد في غالب األحياف ،في إطار المذكرات التفسيرية
كالتي سبؽ التأكيد عف استبعاد القضاء ليا ،نظ ار لككنيا مذكرات إدارية ذات طبيعة
داخمية ،كال ترقى إلى مستكل النص التشريعي .1
-1تجدر اإلشارة في ىذا الصدد كبحكـ خبرتي كمفتش -إقميمي رئيس لمضرائب ،أف العديد مف
األطر العاممة بإدارة اإلدارة مضطركف لمدفاع عف كجية نظر اإلدارة بالرغـ مف عدـ اقتناعيـ
بيا ،كذلؾ نظ ار لكضعيتيـ النظامية داخؿ اإلدارة ،حيث ال يسمح ليـ بالتعبير أرائيـ الشخصية
قي القضايا المعركضة عمى أنظار القضاء .حتى كلك كانت اإلدارة عمى خطأ.
66
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
الطعون القضائية
عدد الطعون المرفوعة أمام المحاكم اإلدارية:
67
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
المادة الرابعة (كالسيما البنديف 6ك ) 7مف القانكف 30-85المنظـ لمضريبة عمى
القيمة المضافة ،كما ىي معدلة بمكجب القانكف المالي لسنة .1992
إذا كاف التشريع الضريبي في مجاؿ الضريبة عمى القيمة المضافة لـ يطرح أم
إشكاؿ بخصكص مجاالت اإلعفاء منذ إحداثو ،فإف األمر يختمؼ بعد سنة 1992عندما
كقع تغيير أحكاـ الفترة 2مف المادة 7بمقتضى البند Iبالمادة 8مف قانكف المالية لسنة
1992التي أصبحت تنص صراحة عمى أنو يعفى مف الضريبة عمى القيمة المضافة ما
يقكـ بو أم شخص طبيعي مف تسميمو لنفسو مف مبنى ال تزيد مساىمتو المغطاة عف
240متر مربع ،شريطة أف يعد المبنى المذككر لسكف المعني باألمر الرئيسية طكاؿ
أربع سنكات تبتدئ مف تاريخ رخصة السكف ،أك أية كثيقة أخرل تقكـ مقاميا.
كقد ثار نزاع بيف الممزميف كاإلدارة حكؿ طبيعة العممية العقارية الخاضعة لمضريبة:
ىؿ ىي مدنية أـ تجارية؟ كىؿ الضريبة المفركضة ضريبة شخصية أـ عينية؟ كىؿ
المعني باإلعفاء :األشخاص أـ البناء؟ كقد تدخؿ القضاء ،بطبيعة الحاؿ ،في ىذا النزاع
مرة أخرل ليساىـ في تأكيؿ نص قانكني ضريبي اختمؼ الطرفاف (اإلدارة كالممزـ) في
قراءتو ،كذلؾ لغمكضو ،كعدـ دقة مقتضياتو.
1
فبعد أف حددت المادة 4العمميات الخاضعة كجكبا لمضريبة عمى سبيؿ الحصر
كالتي جاء في البنديف السادس كالسابع منيا ما يمي:
1
- Opérations obligatoirement assujetties.
68
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
كىك ما يفيد بأف عمميات ما يسممو الشخص لنفسو مف مباف في مجاؿ األعماؿ
العقارية كما ىي محددة بالمادة ،5ىي غير معفاة مف الضريبة بنص صريح.
كفي الكقت الذم يتشبت فيو القضاء ،مف خبلؿ األحكاـ الصادرة عنو ،بككف عممية
بناء مسكف شخصي ىي عممية مدنية كليست تجارية باعتبارىا ال تستجيب لمكاصفات
العمميات العقارية الكارد تحديدىا بالبنديف الثالث كالرابع مف المادة الرابعة السالفة الذكر،
كأف العمميات الخاضعة لمضريبة ىي تمؾ المنصكص عمييا في البند 6مف المادة 4أم
العمميات العقارية كعمميات التجزئة كاالستثمار العقارم.
كحيث أف إدارة الضريبة نفسيا قد اعتبرت في المذكرة التفسيرية الصادرة عنيا سنة
( 1986ص )3 :في محاكلة لتفسير العمميات الخاضعة لمضريبة كتمييزىا عف تمؾ غير
69
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
الخاضعة ليا" :أف األمر يتعمؽ بكؿ عممية ذات طبيعة صناعية أك تجارية أك حرفية أك
داخمة في نطاؽ مزاكلة مينة حرة ،كأف الفبلحة كاألنشطة غير ذات الطابع التجارم،
كغير ذات الطابع الصناعي ،كغير ذات الطابع الحرفي ،كاألنشطة ذات الطابع المدني
غير خاضعة لمضريبة.
كقد سار القضاء عمى اعتبار عممية ما يسممو الشخص لنفسو مف سكف ىي عممية
مدنية صرفة متى تأكد أف الشخص المعني ليس مف الممارسيف لمعمميات العقارية
المنصكص عمييا في البند 6مف المادة 4مف القانكف رقـ ،30-85كال تاج ار بمفيكـ
القانكف التجارم الذم يعتبر أف التاجر كحده يخضع لحقكؽ كالتزامات التجار (كحؽ
الترشيح كاالقتراع لعضكية الغرفة التجارية ،كالغرفة الصناعية ،كالقيد في السجؿ التجارم
كالخضكع لنظاـ اإلفبلس...الخ ) ،ناىيؾ عف ككف التاجر ىك يمارس بصكرة اعتيادية أك
مينية األنشطة المنصكص عمييا في المكاد 6ك 7ك 8ك 9مف القانكف التجارم ،كليس
أيضا مقاكال في األعماؿ العقارية كال مجزءا ،كال مستثم ار عقاريا .1
كباعتبار أف ىذه العممية مدنية ،فبل مجاؿ لمحديث عف اإلعفاء الضريبي ،كذلؾ
لككنيا تكجد خارج نطاؽ تطبيؽ الضريبة –أصبل -كيستند البعض 2إلى المذكرة التفسيرية
الصادرة عف إدارة الضرائب بالرغـ مف استبعاد القضاء ليا كما سبقت اإلشارة إلى ذلؾ،
بؿ إف اإلعفاء كاف مقر ار قبؿ تاريخ 1992/1/1كػ "حؽ مكتسب" ،كأف ما تـ بعد سنة
1992ىك تحديد لسقؼ ىذا اإلعفاء ال أكثر .أما بخصكص المعني باإلعفاء ،ىؿ ىك
البناء أـ الشخص ،فقد ذىب القضاء في العديد مف األحكاـ إلى اعتبار المعني باإلعفاء
70
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
97الصادر بتاريخ ىك الشخص 1كليس البناء .كقد جاء في حيثيات القرار عدد
2004/01/26عف الغرفة اإلدارية (القسـ األكؿ) بالمجمس األعمى:
7مف القانكف رقـ 85-30المتعمؽ بالضريبة "...كحيث إنو بالرجكع إلى المادة
عمى القيمة المضافة البند 4رقـ – 2أ -مف المادة المذككرة يتبيف أنيا تنص عمى ما
يمي :يعفى مف الضريبة عمى القيمة المضافة ،ما يقكـ بو أم شخص طبيعي مف تسميمو
2 240ـ بشرط أف يعد المبنى المذككر لنفسو مف مبنى ال تزيد مساحتو المغطاة عف
لسكف المعني باألمر الرئيسية طكاؿ أربع سنكات مف تاريخ رخصة السكنى حسب النص
المذككر.
كقد قضى المجمس األعمى بتأييد الحكـ المستأنؼ ،كالتصريح بأف المستأنفاف ليما
الحؽ في استرداد مبمغ الضريبة عمى القيمة المضافة المؤدل بقباضة فاس المدنية
الجديدة.
71
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
ىذا في الكقت الذم كانت إدارة الضرائب قد عبرت عف مكقفيا بأف األمر يتعمؽ
بقطعة أرضية كاحدة ،كبرخصة بناء كاحدة كبالتالي ،فأف الضريبة تيـ البناء المشيد برمتو
كال ييـ عدد مالكيو ،كأف المشرع قصد باإلعفاء تشجيع السكف االجتماعي.
لكف حيث يؤخذ مما عرض كنكقش أنو مف شركط اإلعفاء مف الضريبة عمى القيمة
المضافة أف أال تتجاكز المساحة المغطاة 2 204ـ (الفصؿ 7ؼ قانكف ،)85-30كفي
النازلة أف المساحة تصؿ إلى 2 330ـ ،كأف األمر يتعمؽ بصؾ عقارم كاحد يتمثؿ في
فيبل بحي ممعب النخيؿ كبرخصة البناء المشتركة رقـ .97-187
1
نفس المكقؼ اتخذتو المحكمة كذلؾ بكاسطة القرار الصادر بتاريخ 2003/01/17
1مف قانكف المالية الذم إال أف المحكمة كخبلفا لمحكـ السابؽ ،كتطبيقا ألحكاـ المادة
يمنع إصدار أك تحصيؿ ضريبة غير مستحقة قانكنا ،كالتي ىي مف النظاـ العاـ لتعمقيا
بمبدأ المشركعية أثارت تمقائيا مسألة مشركعية ىذه الضريبة ،كبعد مناقشة النصكص
المنظمة لمضريبة ككقائع الممؼ تبت لدييا عدـ مشركعية ىذه الضريبة لككف الكاقعة
–بالتالي -بإبطاليا استنادا إلى نفس خارجة عف نطاؽ تطبيؽ ىذه الضريبة ،كقامت
التعميبلت الكاردة في الحكـ األكؿ.
إال أف لئلدارة الضريبية رأيا مخالفا ،ذلؾ أف النص القانكني بخصكص مفيكـ
المساحة الكاردة في المادة ،7يتعامؿ مع المبنى ككحدة غير قابمة لمتجزئ ،كأف ما قصده
المشرع بالمساحة المغطاة المعفية مف الضريبة ىك المبنى ككحدة عقارية مستقمة ،فمك أراد
المشرع نيج منطؽ التجزئ أك الجدكلة الذم ذىبت إليو بعض التأكيبلت لكاف قد نص
عمى ذلؾ صراحة أسكة بما ىك مطبؽ بخصكص ضرائب أخرل .2
72
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
كبخصكص المعني باإلعفاء ،فإف اإلدارة ترل أف فرض الضريبة عمى القيمة
المضافة ال يرتبط بطبيعة الشخص الذم يتكلى إنجاز العممية الخاضعة لمضريبة ،كال
بمركزه القانكني.
فعبارة "ما يسممو الشخص لنفسو" تندرج في السياؽ العاـ لمنص القانكني ،كال يقصد
بيا شيء آخر غير البناء .كما يؤكد ذلؾ ،ىك ما جاء بخصكص الشركط المخكلة
لبلستفادة مف اإلعفاء حيث جعميا المشرع تنصب أساسا حكؿ مكاصفات البناء كالغرض
المعدة لو ،كلـ يربط بتاتا اإلعفاء بالكضعية االجتماعية أك المركز القانكني لمشخص الذم
ينجز عممية التسميـ.
لقد ذكرنا سابقا بأف القراءات المختمفة لمنص القانكني ،أدت أحيانا إلى بعض
االستنتاجات بعيدة تماما عما قصده المشرع حيث نجد أف بعض االجتيادات قد أضافت
.1 معطيات جديدة لنص كاضح كذلؾ خبلفا لمقاعدة العامة "ال اجتياد مع كجكد النص"
فإذا كاف المسمـ بو ،أف حؽ اإلعفاء يبقى قائما في حالة تخصيص العقار مكضكع عممية
البناء ،لمسكف الرئيسي لممالؾ ،كال يثير أم إشكاؿ ،فإنو يبلحظ أف ىناؾ اتجاه قضائي
يخكؿ نفس الحؽ لمعقار المعد لمسكف الشخصي ألفراد أسرة المالؾ ،كفي ىذا المنحى
خركج صريح عف مضمكف المادة 7المذككرة ،كالتي حددت بدقة كاضحة شركط االستفادة
مف اإلعفاء مركزة بصكر ة أساسية عمى شرط تخصيص العقار ،مكضكع عممية البناء،
لمسكف الرئيسي لمالكو.
إف غمكض النصكص الضريبية ،كما سبؽ الذكر ،كعدـ دقتيا كصياغتيا بالمغة
الفرنسية أكال ،ثـ ترجمتيا إلى العربية ،كؿ ذلؾ أدل إلى ضياع مبالغ ىامة عمى خزينة
-1جكاد العسرم" :مدل إمكانية خصـ مساحة 240ـ 2مف كعاء الضريبة عمى القيمة المضافة ،ج.ر
العمـ عدد ،1911 :بتاريخ 12شتنبر ، 2002ص . 7
73
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
الدكلة ،1كقد حاؿ دكف منح القاضي اإلدارم كؿ الكسائؿ البلزمة إلعطاء النصكص
الضريبية ُبعدىا العممي ،كتحقيقا غاية المشركع ،كتفعيميا.
إف االتجاه الذم كرستو الغرفة اإلدارية في مجاؿ تفسيرىا لمنص الجبائي الغامض
7أك بعدىا .فقد ىك نفس االتجاه الذم أقرتو المحاكـ اإلدارية سكاء قبؿ تعديؿ المادة
استقر عمؿ الغرفة اإلدارية عمى األخذ بالتفسير الضيؽ لمنصكص الجبائية مع تفسير
الغمكض ،في كؿ نص ،لفائدة الممزـ ،كاضفاء الطابع الشخصي عمى الضريبية بدال مف
الطابع العيني ،كقضت بإرجاع مبالغ ىامة برسـ الضريبة عمى القيمة المضافة المفركضة
"بغير كجو حؽ" لفائدة الخزينة عمى أساس اإلعفاء المقرر لفائدة الممزـ.
التعاكنية ،ىي جماعة تتألؼ مف أشخاص طبيعييف اتفقكا أف ينضـ بعضيـ إلى
بعض إلنشاء مشركع يككف الغرض منو أف يتيح ليـ كحدىـ الحصكؿ عمى المنتجات
كالخدمات التي ىـ في حاجة إلييا ،كالقياـ بتسييره كادارتو كفؽ المبادئ األساسية المحددة
في ىذا الظيير ،2بغية بمكغ األىداؼ المنصكص عمييا فيو ،كيمكف لؤلشخاص المعنكية
الذيف تتكفر فييـ الشركط المقررة في ىذا القانكف أف يصبحكا أعضاء في تعاكنية.
-1كنا قد اقترحنا إعادة صياغة المادة 7مع األخذ بعيف االعتبار األحكاـ الصادرة ،ككذا الطعكف
المقدمة في مجاؿ اإلعفاء مف الضريبة ،كذلؾ كحؿ لمختمؼ النزاعات المثارة بسبب غمكض
النص.
-2الظيير الشريؼ رقـ 1-83-226الصادر في 9محرـ 1405مكافؽ 5أكتكبر 1984بتنفيذ
القانكف رقـ 24-83المتعمؽ بتحديد النظاـ األساسي العاـ لمتعاكنيات كمياـ مكتب تنمية التعاكف.
74
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
بداية ،البد مف إبداء مبلحظة أساسية ،كىي أف المشرع المغربي كاف قبؿ سنة
2005يعفي التعاكنيات ككذا الجمعيات مف الضريبة مراعاة منو لمبدأ العمؿ التطكعي،
بدعـ استيداؼ الربح الذم تتسـ بو نشاطات ىذه الجمعيات كدعما ليا في ارتباطيا مع
فعاليات المجتمع المدني مف أجؿ خمؽ ديناميكية لتفعيؿ الحياة العامة في مناحييا
القطاعية المختمفة.
كمتى كانت التعاكنية مستكفية لشركط قياميا كفؽ أحكاـ الظيير السالؼ الذكر،
فإنيا تستفيد مف كافة اإلعفاءات المقررة بمقتضى ىذا الظيير كالنصكص التشريعية
األخرل.
كبالرغـ مف اإلعفاء المقرر لفائدة التعاكنيات ،إال أنو يتعيف عمييا القياـ بكؿ
2
كما يتعيف عمييا أف تحترـ االلتزامات المتعمقة باإلدالء بإق ارراتيا ،كمسؾ المحاسبة
االلتزامات المتعمقة بالمستخدميف غير الخاضعيف لمضريبة المينية (الباتنتا) الذيف تستعيف
بخدماتيـ.3
كما تستفيد الجمعيات أيضا مف اإلعفاءات الضريبية إذا كانت ال تستيدؼ الربح.
،)9كالضريبة عمى الشركات كذلؾ عمى مستكل الضريبة العامة عمى الدخؿ (المادة
-1ظيير 15نكنبر 1958المتعمؽ بتأسيس الجمعيات كما تـ تعديمو كتتميمو بمقتضى القانكف رقـ
75-00الصادر بتنفيذه الظيير الشريؼ رقـ 1-02-200بتاريخ 23يكليكز .2002
-2كفقا ألحكاـ المكاد 26ك 27ك 30 ،28ك 31مف قانكف الضريبة عمى الشركات.
-3كذلؾ كما ىك منصكص عميو في القانكف المنظـ لمضريبة العامة عمى الدخؿ.
75
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
(المادة ،)4كالضريبة عمى القيمة المضافة (المادة ،)7غير أنيا تظؿ خاضعة لبللتزامات
السالفة الذكر بخصكص اإلق اررات ،ككذا مسؾ المحاسبة.
غير أنو كبالرغـ مف ىذه المكتسبات كىذا الكضع القانكني المتميز ،فقد ارتأت
الدكلة أف تغيره كذلؾ بكاسطة المادتاف 12ك 15مف قانكف المالية لسنة ،2005حيث
VIIIك VIعمى أف اإلعفاء المتعمؽ بالتعاكنيات كاتحاداتيا نصت في البنديف
المنصكص عمييا في نصكص تشريعية خاصة تنسخ ابتداء مف فاتح يناير .2005
فما ىي خمفيات ىذا القرار؟ كما ىي المبلبسات التي أحاطت بظركؼ اتخاذه؟؟ لقد
أثار استياء العديد مف الفاعميف في المجاؿ التعاكني ،سيما كأف ىذا القطاع الزاؿ غير
متطكر بشكؿ كاؼ بببلدنا.
لقد راج في ككاليس إدارة الضرائب ،كك ازرة المالية معمكمات مفادىا أف بعض
التعاكنيات التي تقكـ ببيع الحميب كمشتقاتو كالتي ىي في ممكية شركة "أكنا" التي تقكـ
بعدة نشاطات في مياديف مختمفة (عقارية كمالية كبنكية...الخ) ،كالتي تكجد في كضعية
خاصة ضمف المقاكالت المغربية األخرل ،ىذه الشركة تعرضت لمنافسة قكية مف طرؼ
إحدل أكبر تعاكنيات الحميب بالجنكب ،كالتي تقكـ ىي األخرل ،بتسكيؽ الحميب
كمشتقاتو عمى الصعيد الكطني ،كالتي اشتيرت بجكدة منتجاتيا ،كاقباؿ الناس عمييا كقد
ارتأت "ىكلدينغ أكنا" بما ليا مف مكانة متميزة كنفكذ في أكساط صناعة القرار ،أف تحد
1
كذلؾ بكاسطة تدابير جبائية تحت ذرائع كاىية تـ مف نشاط التعاكنيات المنافسة ليا
اكتشافيا فجأة مثؿ "أف بعض ىذه التعاكنيات أصبحت تعتبر مقاكالت تجارية صرفة"
ك"أنيا تتستر كراء قناع التعاكنيات ،ك"تؤثر بشكؿ سمبي عمى قكاعد المنافسة بيف
-1لقد تدخمت ك ازرة المالية في صراع سياسي كاضح تحت غطاء جبائي ككاف المفركض أف تظؿ
محايدة فيي بحكـ القانكف جياز تنفيذ كال يمكف أف تككف أداة لتصفية الحسابات السياسية ،أك
االقتصادية.
76
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
المقاكالت" .ك"أنيا أصبحت تعرقؿ الجيكد التي تبذليا الدكلة مف أجؿ تأىيؿ مككنات
االقتصاد الكطني" ....الخ ككميا تبريرات كاىية تتناقض مع ركح الخطاب الرسمي لمدكلة
الرامي إلى تشجيع القطاع التعاكني كالجمعكم ،خاصة كأف الدكلة أبانت عف محدكدية
فاعميتيا في المجاالت االجتماعية ،إف لـ نقؿ فشميا ،كاستقالتيا مف العديد مف المياـ
ذات الطابع اإلنساني كالخدماتي ،مما دفع إلى تنكع األنشطة التي تمارسيا التعاكنيات
كالجمعيات لتشمؿ كؿ القطاعات اإلنتاجية –تقريبا( -الفبلحة ،العقار كالصناعة ،التجارة،
الخدمات ،النقؿ ،كالصناعة التقميدية ،كغيرىا) .1مما يؤسس لما اصطمح عمى تسميتو
باالقتصاد االجتماعي أك التنمية االجتماعية كىي قطاعات مييكمة بشكؿ جيد كتحقؽ
أرباحا مشركعة ،ىي -في نياية األمر -نجاح لمعمؿ التعاكني بالمغرب كما نجح في
العديد مف األقطار األكربية األخرل .2
كبالرغـ مف محاكلة إيجاد صيغة مقبكلة لتضريب التعاكنيات ،فإف الدكلة دخمت في
تناقض صارخ مع القكانيف المنظمة لمعمؿ التعاكني ،كما أنيا أضفت كثي ار مف المبس بيف
التعاكنية كالشركة ،كذلؾ بالرغـ مف اختبلؼ المقاييس التي تحكـ تنظيـ كؿ منيما.
فالشركة يكظؼ فييا الشركاء أمكاليـ لتحقيؽ أعمى معدالت الربح الذم يكزع عمى
المساىميف حسب أسيميـ .أما التعاكنيات فيي ال تستيدؼ تحقيؽ الربح ،كال تقكـ بشراء
بضائع كمنتجات بيدؼ إعادة بيعيا ،أم أنيا ال تقكـ بنشاط تجارم محض كؿ ذلؾ في
إطار التكفيؽ بيف متطمبات االقتصاد االجتماعي كالعمؿ الجمعكم التعاكني ،كبيف عدـ
اإلخبلؿ بضكابط المنافسة بيف الفاعميف في المجاؿ اإلنتاجي.
%63تمييا التعاكنيات السكنية ( ،)%19ثـ -1تحتؿ التعاكنيات الفبلحية المرتبة األكلى بنسبة
تعاكنيات الصناعة التقميدية ( …)%12الخ.
-2في مصر مثبل يكجد 12مميكف عضك متعاكف ،كفي األرجنتيف 6مبلييف ،أما في فنمندا ،فإف أزيد
مف 80%مف اإلنتاج الزراعي يأتي مف القطاع التعاكني.
77
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
كالجدير بالمبلحظة أف اقتحاـ التعاكنيات لكؿ مجاالت اإلنتاج ىاتو ،قد مكنيا مف
أف تمعب دك ار أساسيا في تعزيز المجتمع المدني كشريؾ في عممية التنمية بعد مصالحة
الدكلة مع المجتمع المدني ،الشيء الذم ساىـ في تنشيط االقتصاد االجتماعي سيما
بالنسبة لمفئات االجتماعية التي تظؿ مفتقرة إلى مكارد مالية ذاتية كافية لتمكيؿ نشاطاتيا.
إف الحقيقة المؤكدة اليكـ ،ىي أنو لـ يعد أم قطاع حككمي يستطيع تجاىؿ (في
إطار نشاطاتو) معطيات ترتبط بفعالية المجتمع المدني ،إال أف ىذا الكعي لـ تتـ ترجمتو
بعد عمى مستكل كاسع ،فاألمر بالنسبة لبعض القطاعات الحككمية ،مازاؿ يقتصر فقط
عمى تبادؿ الرأم كالمشكرة حكؿ تنفيذ برنامج تـ إق ارره مف طرؼ الك ازرة المعنية بدكف
إشراؾ فعمي لمجمعيات ،فمجكء ك ازرة الصحة مثبل إلى بعض الجمعيات العاممة في مجاؿ
محاربة داء السيدا أك مرض السكرم ،أك الفشؿ الكمكم ،إنما مرده عجز الك ازرة عف القياـ
بدكرىا كامبل تجاه ىذه الفئات مف المرضى.
كيمكف إبداء نفس المبلحظة بالنسبة لمتعاكنيات الفبلحية ذات األىمية القصكل في
تأىيؿ القطاع ،كالسيما في إنتاج كتسكيؽ بعض المنتجات ،التي أباف التدبير السيء
لمكزراة المعنية الحاجة األكيدة إلى دعـ التعاكنيات ،كما ىك الشأف بالنسبة لشجرة األركاف
–مثبل -حيث عرؼ منتكجيا نجاحا تجاريا باىرا ،ليس عمى المستكل الكطني ،بؿ كالدكلي
أيضا ،كالسيما حيف بدأ استغبللو لصناعة بعض األدكية ،فأخذ األكربييف يحجكف
بالعشرات إلى جنكب المغرب لمتعامؿ مباشرة مع التعاكنيات التي تعمؿ في مجاؿ جني
كتسكيؽ محصكالت شجرة األركاف ،كليس مع الدكلة أك ازرة الفبلحة في إطار اتفاقية
شراكة ،كىك كضع غني بالدالالت كالخبلصات.
78
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
إف فرض الضريبة عمى ىذا النكع مف التعاكنيات ،يعني معاقبتيا عمى نجاحيا،
كتكريس لمياجس المالي الذم يطبع نظرة المشرع الجبائي إلى بعض النشاطات المدرة
لمربح.1
إف إقرار معيار "النشاط المربح" الذم أقره التشريع الجبائي لفرض الضريبة عمى
القطاع التعاكني ،يعتبر غير كاؼ ،نظ ار لمنزاعات الفقيية كالقانكنية التي يثيرىا ىذا
المفيكـ .فالتفسير القضائي لمنشاط المدر لمربح كذلؾ بالرغـ مف قمة األحكاـ الصادرة في
ىذا الشأف يرل أف العمؿ المؤدل عنو ،إذا كاف شبييا باألعماؿ التي يقكـ بيا التجار فيك
غير كاؼ لتحديد الطبيعة التجارية لمعمؿ ،بؿ البد مف الرجكع إلى القانكف األساسي
لمتعاكنية ،كطرؽ التسيير كالمحاسبة ...الخ ،إال أف قضاء مجمس الدكلة الفرنسي ،بالنظر
إلى كفرة القضايا قد تكصؿ إلى استخبلص عدة معايير لتحديد طبيعة النشاط المربح مف
غيره.2
-عمى مستوى التسيير :ىؿ في ىذا اإلطار يتـ التسيير بدكف الحصكؿ عمى
مقابؿ؟ ذلؾ أف شرط عدـ الحصكؿ عمى مقابؿ (ربح) يعد شرطا أساسيا لمتمتع باإلعفاء
الضريبي.
-ىؿ يشكؿ نشاط الجمعية منافسة عمى المستكل التجارم مع مقاكلة ذات نشاط
بالتالي -الجمعية/التعاكنية مف نطاؽ مماثؿ؟ أم أف غياب عنصر المنافسة يخرج -
تطبيؽ الضريبة.
79
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
ذلؾ أف النشاط الممارس يتعيف أف يتسـ بطابع اجتماعي ،كأف تككف الخدمات
المؤدل عنيا منجزة لفائدة أشخاص في كضعية خاصة ،أم أال يستيدؼ النشاط
الممارس نفس الجميكر الذم تكجو إليو خدمات المقاكالت.
-عمى مستوى الثمن :يجب أف يككف الثمف رمزيا ،أك يعادؿ ثمف الكمفة ،كأال يككف
مماثبل بالنسبة لنفس الخدمات التي تقدميا المقاكالت ذات النشاط المماثؿ.
كليذا ،فإف استيداؼ الربح ،أصبح مقياسا معتمدا إلقرار الخضكع لمضريبة مف
عدمو .فقبؿ سنة ،2005كانت التعاكنيات تتمتع باإلعفاء بدكف تحديد سقؼ معامبلتيا
كبعد سنة ،2005أصبح اإلعفاء رىيف بحصر أنشطتيا في جمع المكاد األكلية مف لدف
المنخرطيف كتسكيقيا ،شريطة أف يقؿ رقـ معامبلتيا عف مبمغ خمسة مبلييف درىـ ،1دكف
احتساب الضريبة عمى القيمة المضافة.
كبالرغـ مف كؿ ذلؾ ،فقد عرضت عمى القضاء بعض القضايا التي تنازع في
مشركعية فرض الضريبة عمى بعض الجمعيات كقد كاف لمقضاء قراءة مختمفة لكجية
نظر إدارة الضرائب في المكضكع.
-1كاف ىذا المبمغ في األصؿ 2مميكف درىـ ،تـ رفعو بعد المفاكضات مع ممثمي التعاكنيات إلى
مبمغ 5مبلييف درىـ.
80
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
كقد عممت المحكمة قرارىا بككف االجتياد القضائي قد استقر عمى عدـ إخضاع
الجمعيات الرياضية لمضريبة المينية ،كالضريبة عمى القيمة المضافة ،عمى اعتبار أنيا
ال تيدؼ إلى تحقيؽ الربح.
4البند 8مف إال أف لئلدارة الضريبية كجية نظر مخالفة ،فطبقا ألحكاـ المادة
القانكف 30-85كالتي تنص عمى أف "عمميات اإليكاء أك البيع أك كمييما ،إذا كقع البيع
عمى مأككالت أك مشركبات تستيمؾ في مكاف البيع" تخضع لمضريبة عمى القيمة
المضافة ،فيذا الصنؼ مف العمميات يعد غير معفى مف الضريبة حتى كلك قامت بيا
جمعية معترؼ ليا بصفة المنفعة العامة ،كىك ما ال يتكفر في ىذا النادم بؿ إف الضريبة
عمى الشركات التي تنص في المادة الرابعة عمى إعفاء الجمعيات التي تستيدؼ الربح
مف الضريبة أقرت بأف اإلعفاء ال يطبؽ فيما يتعمؽ بمؤسسات البيع أك تقديـ الخدمات
المممككة لمييئات كالجمعيات اآلنفة الذكر.
1
ينص عمى أف "الجمعيات كاضافة إلى ذلؾ ،فإف القرار المنظـ لمضريبة المينية
التي تقدـ ألعضائيا مشركبات بالمجاف أك بعكض تخضع لمضريبة المينية ،كلمرسـ عمى
المشركبات."...
فخدمات المقيى كالمطعـ كالمقصؼ تخضع لمضريبة ،كلك كانت الجمعية ال
2
الضريبة التي فرضت عمى جمعية تستيدؼ الربح ،أما إدارية فاس ،فقد قضت بإلغاء
النصر لمتككاندك ،كقد عممت المحكمة قرارىا بككف الجمعية تمارس مينة التدريس لمتربية
81
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
البدنية كالفنكف الذكقية ،كىي مينة مصنفة بالدرجة الخامسة مف الجدكؿ الممحؽ بالظيير
رقـ ،1-61-442المنظـ لمضريبة المينية ،كقد أيدت الغرقة اإلدارية بالمجمس األعمى
،2002/01/17كقد جاء في تعميؿ المحكمة" .أنو ىذا القرار بحكميا الصادر في
بالرجكع إلى كثائؽ الممؼ التي ال نزاع فييا ،كعمى الخصكص الشيادتيف المسممتيف مف
طرؼ ك ازرة الشبيبة كالرياضة ،كالجامعة الممكية لرياضة التككاندك ،يتبيف أف "جمعية
النصر لمتككاندك" تمارس نشاطا بدكف مقابؿ ،كبدكف أم ىدؼ لمربح ،كما أنيا تابعة
لمجامعة المذككرة ،كتشارؾ في جميع التظاىرات الكطنية كالجيكية".
تعيب اإلدارة الضريبية عمى المحكمة عدـ بذليا أم مجيكد لتعريؼ "استيداؼ
الربح" ،كما فعؿ القضاء الفرنسي بؿ اكتفت بقراءة الكثائؽ المدلى بيا مف طرؼ الجمعية
(القانكف األساسي ،الرخص...الخ) كالتي تعتبرىا اإلدارة غير كافية الستبعاد الربح بؿ
تعتبر القضاء قد تجاىؿ ككف الضريبة المينية (الباتنتا) ،ىي ضريبة معاينة ،أم ترتكز
عمى مبلحظة الكقائع في عيف المكاف.
كتعتقد اإلدارة أف المبس الذم كقعت فيو المحكمة يتجمى في عدـ استيعاب مضمكف
الفصؿ األكؿ مف الظيير الشريؼ المنظـ لمضريبة المينية .1فيذا الفصؿ ينص عمى أنو:
"يخضع لضريبة المينة (الباتنتا) ،كؿ شخص أك شركة مف جنسية مغربية أك أجنبية
تزاكؿ مينة أك صناعة أك تجارة غير داخمة في المستثنيات المحددة بمقتضى ظيير
شريؼ".
إف عدـ إخضاع الجمعيات كالتعاكنيات بنص صريح كدقيؽ ،كاف -كال يزاؿ -كراء
العديد مف "حركب" التأكيبلت ،كالتأكيبلت المضادة كالتي يبدك أنيا ستستمر طكيبل بيف
القضاء كاإلدارة الضريبية .كسيساىـ التراكـ الذم سينتج عف ذلؾ في إغناء الفقو
82
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
الضريبي ،كىك إغناء مف شأنو التخفيؼ مف حدة النزاعات القائمة بيف اإلدارة كالممزميف
مف جية ،كبيف اإلدارة كالقضاء مف جية أخرل.
ىذه بعض النماذج مف القضايا الضريبية التي أثير نزاع قضائي حكليا ،كىي
قضايا ذات خمفية قانكنية ،يتمحكر النقاش الدائر بشأنيا حكؿ قصد المشرع انطبلقا مف
النص الحرفي لمكاد القانكف ،ككذا في محاكلة الستقراء مضمكف كركح التشريع مما بات
معو ضركريا تكضيح مجمكعة مف المساطر الضريبية باعتبارىا قكاعد كشكميات تجسد
القانكف الجبائي ،كالتي بكاسطتيا يتـ تحقيؽ االلتزاـ الضريبي الذم يستمد مشركعيتو مف
مضمكف الدستكر الذم يتحمؿ بمكجبو الجميع مساىمتيـ في األعباء العامة .1
83
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
إف اختبلؿ التكازف ضمف بنية النظاـ الضريبي المغربي ،يجعؿ الخاضعيف لمضرائب
غير المباشرة يتحممكف العبء األكبر لمجبائية ،مما يقكم عناصر المقاكمة ،كالنفكر مف
الضريبة ،كيثير لدل الممزميف عدة أسئمة مشركعة.
كلعؿ أىـ ما يعترض السمطة الجبائية ىك التساؤؿ عف مدل مشركعيتيا .إف عبلقة
الفرد بالدكلة تجد نفسيا في ىذا المجاؿ – كاف بشكؿ مغاير -تتخذ عبلقة الممزـ باإلدارة
الضريبية كمكاطف أيضا ،إنيا عبلقة تميزت عبر الزمف بالكثير مف المد كالجزر ،كبكثير
مف الحركات االحتجاجية ،فقد أخذت بعض األصكات تتعالى مطالبة بإلغاء اإلعفاءات
كاإلمتيازات الضريبية التي تتمتع بيا بعض القطاعات االقتصادية ،أك بعض جيات
المممكة .1لما تنطكم عميو -ىذه اإلمتيازات -مف حيؼ مف جية ،كمف محاباة لبعض
المكبيات ذات التأثير القكم في دكائر صنع القرار مف جية أخرل.
-1تـ إلغاء االمتياز الضريبي التي كانت تتمتع بو مدينة طنجة سابقا ،كذلؾ برسـ قانكف المالية لػ
،2008كقد لقي ىذا القرار معارضة قكية .كما أف النفقات الجبائية ما فتأت تزداد سنة بعد أخرل
،حيث بمغت سنة 23.06 ، 2007مميار درىـ ،بعد أف كانت سنة 21.6 . 2006مميار درىـ.
84
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
العديد مف المتدخميف (الحككمة ،اإلدارة ،المكبيات...الخ) مما يؤثر عمى صناعة القرار
الضريبي ،الشيء الذم يجعؿ مسألة االستقبلؿ كالخصكصية – التي أثيرت آنفا -مسألة
نسبية .كما يؤكد أف صناعة القرار الضريبي كغيره مف الق اررات تتداخؿ في صياغتو
عكامؿ كثيرة ،ليس مف الضركرم أف تربط بينيا مصمحة كاحدة.
كييدك بأف تكتؿ المكبيات كأصحاب المصالح ضد الضريبة أصبح إحدل سمات
المجتمعات المعاصرة ،كىكذا تصبح العممية الضريبية في قمب الصراع السياسي ،الشيء
الذم أدل إلى تعدد مراكز القرار المختمفة كالتي تتخذ مف العممية الضريبية محكر
نشاطاتيا.
إال أف اإلشكاؿ الياـ يظؿ ىك ضركرة استمرار الدكلة باالنفراد بصناعة القرار
الضريبي مع ضركرة الحصكؿ عمى مكافقة الجميع ،كاالمتثاؿ لو .كىي ميمة ليست
باليسيرة .ذلؾ أف مراعاة مصالح الخزينة ،كانت تتطمب التضحية بمصالح األطراؼ التي
تتحمؿ كحدىا عبء تمكيؿ النفقات العمكمية.
إف االىتماـ بالحصيمة المالية ،كاف عمى حساب اعتماد النظاـ الجبائي كاداة
لمتنمية ،كمحاربة الفكارؽ االجتماعية ،كلعؿ أىـ االنتقادات التي كجيت إلى ىذا النظاـ قد
تركزت عمى ىذا الجانب بالذات.
إف حياد الضريبة أصبح شعا ار بغير مدلكؿ .ذلؾ أف استعراض حصيمة اإلصبلحات
الضريبية المتعاقبة يبيف فشؿ الضريبة في الحد مف المضاربات العقارية ،كضبط القطاع
غير المييكؿ ،كما فشمت – أيضا -في العمؿ عمى إعادة تكزيع الدخكؿ التي تعاني مف
تفاكتات صارخة ،ككذا في التخفيؼ مف العبء الجبائي.
85
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
إف العدالة كمفيكـ مطمؽ صعبة التحقيؽ .إال أف ىذا ليس مبر ار إلقرار حيؼ صارخ
كالتمادم فيو؛ ذلؾ الرتباط مفيكـ العدالة بخصائص النظاـ الجبائي برمتو ،كليس بأحد
مقتضياتو فقط.
لذا ،فقد أصبح لزاما تغيير بنية النظاـ الجبائي المغربي ككؿ ،كليس مجرد إصبلحو
مجددا .كلعؿ ىذه ىي إحدل المياـ التي يسعى إلى تحقيقيا مفيكـ الحكامة الجبائية.
86
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
انقسى انثاَي
ذذتير انُظاو انجثائي
87
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
المؤسسبتيت فلسفتهب
88
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
محمد حركات.
أسرار تجايؼح يحًذ انخايس ،انرتاط-سويسي.
"كيفح ذسرطيغ انحكايح انًانيح انجيذج
إتطال يفؼول انفساد؟"
منشورات المجلة المغربية للتدقيق والتنمية
سلسلة التدبير االستراتيجي
عدد 2005/6
انقسى انثاَي:
ذذتير انُظاو انجثائي
سبقت اإلشارة إلى الفصؿ الخامس مف الدستكر ،كلعبارة "القانكف" الكاردة فيو مدلكؿ
كاسع كشامؿ ،باعتباره أسمى تعبير عف إرادة األمة ،لذلؾ فإف الفصؿ الرابع مف الدستكر
ينص عمى ضركرة امتثاؿ الجميع لو كبدكف استثناء.
-1السيد عبد المولى" :التشريع الضريبي المغربي" مكتبة الطالب ( .1979مرجع سابؽ)
89
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
المكارد ،إلى كسيمة لمتأثير في التكجيات الكبرل لبلقتصاد الكطني .كاستنادا إلى فكرة
التضامف اإلجتماعي ،يتـ فرض الضريبة عمى كافة المكاطنيف بدكف استثناء ،انطبلقا مف
قدرتيـ التمكيمية ،كذلؾ بغض النظر عف النفع المباشر الذم يعكد عمييـ مف خدمات
المرافؽ العمكمية.
إف القانكف الضريبي بيذه الصفة ىك "التطبيؽ العممي لمصادرة األمكاؿ نظمو
التشريع الضريبي ككسيمة لتكزيع األعباء بيف األفراد" .1إال أف ىذا ال يعني بأف الممزـ ال
يتكفر عمى حقكؽ كضمانات أساسية أقرىا المشرع في مكاجية تعسؼ اإلدارة كتجاكزاتيا.
كبالرغـ مف ذلؾ ،فإف بعض فئات الممزميف يجدكف أنفسيـ "مضطريف" لتحمؿ عبء
ضريبي أكبر مف فئات أخرل ،الشيء الذم يطرح سؤاال عف الخمفيات المتحكمة في
عممية تكزيع العبء الحبائي بيف مختمؼ شرائح الممزميف؟
1
- J.M. cottret et l. trotabao : « droit fiscal », Dalloz 1992.
90
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
انًثحث األول:
انضغظ انجثائي ،وإشكانيح انؼذانح انضريثيح
تمثؿ الضريبة أداة فعالة لتحقيؽ التكازف االقتصادم ،كالتأثير عمى حجـ اإلدخار
كاالستثمار ،إال أف ىذا الدكر ال يتعمؽ بتحقيؽ التكازنات الحسابية فقط ،بؿ يتعداه إلى
تحقيؽ االنسجاـ بيف مختمؼ القطاعات االقتصادية ،أم التأثير عمى التنمية ،كذلؾ كفؽ
التكجيات الكبرل لمسياسة العامة لمدكلة.
إف حجـ االقتطاعات الضريبية اإلجمالية (أم الضغط الضريبي) ،ليا ارتباط مباشر
بحجـ مختمؼ التعامبلت التي تميز االقتصاد الكطني ،ككذا تأثيرىا عمى مختمؼ شرائح
الممزميف .لذلؾ ،فإنو لفيـ أسباب الضغط الجبائي ،يتعيف فيـ بنية االقتصاد الكطني،
كطبيعة النظاـ المالي.
كتمثؿ نسبة الضغط الضريبي الكطني حكالي %23مف الناتج الداخمي الخاـ .في
حيف يتجاكز معدؿ الضغط الجبائي الفردم نسبة ،%50كىك مف أعمى المعدالت عمى
اإلطبلؽ .1بالرغـ مف تكاضع مستكل النشاطات االقتصادية بالمقارنة مع الدكؿ
-1المغرب ىك البمد الذم تتزايد فيو المقدرة الجبائية بمتكالية حسابية ،كتتزايد فيو النفقات العمكمية
بمتكالية ىندسية.
91
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
الصناعية ،ذات المعدالت االقتصادية المتطكرة ،كىي مفارقة كال شؾ ،ذلؾ أف المبلحظ –
كقاعدة عامة -ارتفاع الضغط الضريبي في البمداف الصناعية المتقدمة ،كانخفاضو في
الدكؿ النامية ،إال أف المغرب يشذ عف ىذه القاعدة ،حيث تتساكل نسبة الضغط الضريبي
الكطني مع نظيره في العديد مف الدكؿ المتقدمة – بؿ يتجاكزه بكثير -في بعض األحياف،
فما ىك مرد ذلؾ؟؟
جدول يتضمن مقارنة عمى مستوى الضغط الجبائي
الرتفاع الضغط الضريبي عبلقة أكيدة مع تزايد نسبة النفقات العمكمية ضمف بنية
الميزانية العامة لمدكلة ،كما دامت الضرائب تعد أىـ كسيمة لتمكيؿ الخزينة ،فإف ارتفاع
92
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
– كحده -ىذه الظاىرة ،فيناؾ الضغط الضريبي يبدك أم ار حتميا ،إال أف ىذا ال يفسر
عدة أسباب ،منيا عمى الخصكص:
يتعايش داخؿ االقتصاد الكطني قطاعاف ،كاحد تقميدم كالثاني عصرم .مع اىتماـ
الدكلة – طبعا -بالقطاع العصرم ،كاىماليا لمقطاع التقميدم الذم اخذ يتبلشى بسبب
التنافس غير المتكافئ ،كعدـ قدرتو عمى مكاكبة التطكرات التي تعرفيا السكؽ الحديثة.
سيما كأف المغرب قرر االنفتاح عمى األسكاؽ العالمية .إف ىذا االختبلؿ يعتبر عائقا أماـ
التنمية ،خصكصا عمى الصعيد الفبلحي ،ففي الكقت الذم تقؿ فيو التساقطات المطرية،
فإف نسبة النمك تتراجع كبالتالي يككف المجيكد الجبائي بالعالـ القركم جد ضعيؼ ،كبدؿ
كضع استراتيجية لمنيكض بالقطاع الفبلحي باعتباره قطاعا حيكيا ،فقد تـ االستغناء عف
المردكدية الضريبية ليذا القطاع تمييدا إلعفائو تماما ،كبالتالي العمؿ عمى نقؿ العبء
الجبائي مف القرية إلى المدينة ،التي تئف تحت كطأة ضغط ضريبي ال يحتمؿ.
ككنتيجة لمعامؿ األكؿ ،ىناؾ تكجو يقضي بإقرار عدة إعفاءات ضريبية ذات أىداؼ
سياسية ،فإعفاء القطاع الفبلحي لـ يكف بسبب ضعؼ إنتاجيتو ،بؿ بسبب قكة المكبي
الذم يمثمو ،كالذم استطاع إجياض مشركعي 1970ك 1977المذاف تبنيا نظاما أكثر
تعقيدا الحتساب الضريبة ،كجدكال تصاعديا أكثر حدة .كقد تكج "نضاؿ" ىذا المكبي
بالحصكؿ عمى إعفاء ضريبي .صحيح أف حصيمة الضريبة الفبلحية كانت ضئيمة ،حيث
كادت تتساكل مع نفقات 1استخبلصيا ،بؿ كانت مكافأة لمبرجكازية العقارية التي شكمت
93
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
دعما أساسيا لمكاجية المد الحضرم ،كخزانا لبناء مشركعية الناظـ السياسي ،كذلؾ غداة
حصكؿ المغرب عمى االستقبلؿ.1
كذلؾ تنفيذا لتكصيات صندكؽ النقد الدكلي الذم طالب بتخكيؿ القطاع الخاص
امتيازات ضريبية بيدؼ تشجيعو عمى اإلسياـ في التنمية .كقد تـ سف سياسة ضريبية
لخدمة ىذا التكجو تميزت بإقرار قكانيف خاصة لبلستثمارات كانت عبارة عف تخفيضات
كاسقاطات ضريبية ،كالسيما لفائدة قطاع االستثمار العقارم ،الذم بالرغـ مف مراكمتو
ثركات ضخمة ،فإف شرائح مف المجتمع كانت تتحمؿ العبء الجبائي بدال منو ،مما أدل
إلى اختبلالت كاضحة في تكزيع العبء الضريبي.
التيرب الضريبي:2
إف طغياف ىاجس التكازنات المالية لدل السمطات المالية ،أدل إلى غياب
استراتيجية كاضحة لتكزيع العبء الجبائي بشكؿ عادؿ .فعمى مستكل الضريبة العامة
عمى الدخؿ – مثبل -نجد أف األجكر كالمرتبات كالدخكؿ المعتبرة في حكميا تساىـ بما
يناىز %90مف حصيمة ىذه الضريبة ،في حيف ال تساىـ الدخكؿ المتأتية مف الميف
سكل بنسبة %10المتبقية.
ذلؾ أف اعتماد تقنية تقديـ اإلقرار الضريبي مف طرؼ الممزـ ،كاعتباره كثيقة تعكس
القدرة التمكيمية الحقيقية – إال أف يتبث العكس -قد فتح الباب كاسعا أماـ ممارسة مختمؼ
أشكاؿ الغش كالتممص الضريبييف ،سكاء عف طريؽ اإلدالء بمعمكمات غير صحيحة أك
94
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
افتعاؿ اإلعسار لمتيرب مف أداء الضريبة ،1الشيء الذم نتج عنو تحمؿ الفئات غير
القادرة عف ممارسة التيرب الضريبي لمزيد مف العبء ،مما يقكم إحساسيا بالغبف
كالحيؼ.
تعتبر ظاىرة تزايد النفقات العمكمية إحدل السمات التي تميز المالية العمكمية
بالمغرب ،كذلؾ لمكاجية أعباء الدكلة المتزايدة باستمرار ،كعمى سبيؿ المثاؿ ارتفعت كتمة
األجكر مف 48مميار درىـ سنة 2002إلى أزيد مف 60مميار درىـ سنة .22006كما
20مميار درىـ سنة 2002إلى أكثر مف 40 ارتفعت نفقات المعدات كالخدمات مف
مميار درىـ سنة ،2002ىذا في الكقت الذم لـ ترتفع فيو الضرائب المباشرة إال بنسبة
،%18كالضرائب غير المباشرة بنسبة .% 8
كىكذا ،أدل تزايد النفقات العمكمية ،كتراجع حصيمة بعض الضرائب بسبب التيرب
الضريبي ،إلى تكريس قكة الضغط الضريبي عمى أصناؼ معينة مف الدخكؿ.
– مثبل -مف 18,2مميار درىـ سنة 2005إلى -1فقد تراجعت مداخيؿ الضريبة عمى الشركات
12,2مميار درىـ فقط سنة .2006
-2بالرغـ مف إنجاز مبادرة المغادرة الطكعية ،فإف الحجـ اإلجمالي ليذه األجكر لـ يعرؼ أم تغيير
مممكس.
95
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
كتطرح النسبة العالية لمضغط الضريبي الكطني تساؤال حكؿ كجكد حد أقصى
لمضغط الضريبي ،كالتي ينبغي لمدكلة عدـ تجاكزىا ،ككذا حكؿ إمكانية تحديد المعدؿ
األمثؿ لبلقتطاع الضريبي.1
كىؿ تكجد معايير تسمح لنا بالحكـ عمى صبلحيات كنجاعة معدالت الضغط
الجبائي كمؤشرات لطرؽ تدبير الضريبة؟؟
فحسب مذكرة صادرة عف البنؾ الدكلي ،فإف ىناؾ عدة عراقيؿ تعيؽ النيضة
االقتصادية بالمغرب كىي :المنظكمة الجبائية ،السياسة الجبائية الجمركية ،عدـ مركنة
سكؽ الشغؿ ،منظكمة الصرؼ ،ثـ أخي ار الضغط الجبائي .2
-1كىك ما يسمى منحنى الفر (اقتصادم أمريكي) يكضح أف الضغط الجبائي يؤثر سمبا عمى
المردكدية المالية لمضرائب.
-2أضاؼ األستاذ محمد حركات الضغط الجبائي ،في معرض تعميقو عمى مذكرة البنؾ الدكلي،
المجمة المغربية لمتدقيؽ كالتنمية عدد .)2007( 24
96
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
إف مسألة الضغط الجبائي بالمغرب ،مسألة مرتبطة بتطبيؽ الحكامة الشاممة ،كال
ينبغي اختزاليا في بعد إدارم/تقني ،إنما ترتبط بمدل كضكح المشركع برمتو .كلعؿ ىذا
الكضكح ىك الذم ينقص صانعي القرار الجبائي بالمغرب ،ذلؾ أف ارتفاع أك انخفاض
– في حد ذاتو -عف نقص أك عدـ ثقؿ الضغط نسبة االقتطاع الضريبي ،ال يعبر
الضريبي في مجتمع معيف ،فعمى الرغـ مف الزيادة الكبيرة في حجـ االقتطاع الضريبي
في الكاليات المتحدة األمريكية – مثبل -فإنو ال يشكؿ عبئا ثقيبل بالنسبة لممكمفيف الذيف
يرتفع مستكل دخميـ ارتفاعا كبي ار إلى الحد الذم ال يتأثر بنسبة االقتطاع الضريبي ،كالذم
ال تككف لو أية انعكاسات ال عمى مستكل عيشيـ أك مقدرتيـ عمى االنتاج كاالدخار.
لمضغط ،يبلحظ بأنو لـ يكف يتجاكز % 10غداة حصكؿ المغرب عمى االستقبلؿ ،كذلؾ
بالرغـ مف الزيادة الميمة في النفقات العمكمية التي كانت تتطمبيا المرحمة ،فقد فضمت
الحككمة ضغط النفقات العمكمية بدال مف الزيادة في الضغط الجبائي ،كقد عالجت
السمطات العمكمية األزمة االقتصادية التي عرفيا المغرب بالزيادة في معدالت الضرائب،
%16 الشيء الذم انعكس عمى نسبة الضغط الجبائي الذم أخذ يتزايد سنة بعد أخرل:
.2006
اجتماعية مما انعكس عمى الكضع المالي لمببلد ،حيث كاف يتـ المجكء إلى الزيادة في
حصيمة الضرائب كخيار سياسي ،في محاكلة إليجاد حؿ لؤلزمة االقتصادية بشكؿ غير
97
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
متكافئ بيف الناتج الداخمي الخاـ ،كنسبة الحصيمة اإلجمالية لمضرائب ،فخبلؿ المخطط
إال أنو مع ذلؾ يظؿ مفيكـ الضغط الجبائي نسبيا ،كمتأث ار – إلى حد بعيد -بعكامؿ
عدة:
فالدخؿ الكطني اإلجمالي ،مصطمح فضفاض ،كغير دقيؽ ،يصعب تحديده ،كيمكف
2
اعتماد – بدال منو -معدؿ الدخؿ الفردم السنكم -حسب اقتراح بعض الكتاب-
كمؤشر ذك فعالية.
كما أف لمضغط الضريبي تأثير نفسي أكثر منو مادم ،ككذا مستكل تطكر
االقتصاد ،كمستكل معيشة السكاف .إف ضعؼ القدرة الشرائية لعمكـ المكاطنيف يجعؿ
اإلحساس بالعبء الجبائي كبيرا ،كبالتالي يككف التعامؿ مع الضريبة باعتبارىا عامبل مف
عكامؿ تدىكر المعيشة .مما يؤكد بأف حدكد االقتطاعات الضريبية ليست دائما حدكدا
كاقعية ،بؿ ىي حدكد نفسية ،إال أف ىذا ال يعني بأف تككف االقتطاعات عشكائية ،إذ
يتعيف أف تككف ليا أىدافا معينة .فالتقنيات الضريبية األكثر تطك ار تصبح غير ذات
جدكل إذا لـ تكف في خدمة استراتيجية محددة ككاضحة .فالقرار – كما سبؽ القكؿ -قرار
سياسي ،ذلؾ أف االقتطاعات الضريبية ىي الكجو اآلخر لسمطة اإلكراه التي تحتكرىا
الدكلة .ثـ إف أم نظاـ جبائي ىك – في نياية األمر -خبلصة صراعات تميزت بالحدة،
كبالعنؼ أحيانا .إف نكع الضرائب كأسعارىا ككعاؤىا ،ككذا اإلدارة التي يعيد إلييا
بتطبيقيا ،تككف – في غالب األحياف -نتيجة عبلقات القكة.
98
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
إف الخطاب السياسي االقتصادم المتمحكر حكؿ الميبرالية ،كاقتصاد السكؽ كخيار،
يجد نفسو في تناقض صارخ مع الكاقع الجبائي المتسـ بضغط جبائي ال يتماشى مع
متطمبات الكاقع االقتصادم .ذلؾ أف تخفيض ىذا العبء – خاصة بالنسبة لمضرائب غير
المباشرة -كاف مف شانو تنشيط الدكرة االقتصادية ،كتحسيف مستكل العيش.
كعبلكة عمى ذلؾ ،فإنو تجدر اإلشارة إلى بعض المفارقات التي تطبع نظامنا
الجبائي ،فباإلضافة إلى المفارقة األكلى – كالتي عرضنا ليا آنفا -كالمتمثمة في غياب أية
عبلقة بيف الناتح الداخمي الخاـ كالمردكدية الضريبية ،بمعنى أنو عندما يككف ىناؾ
انكماش اقتصادم تظؿ المردكدية الضريبة مرتفعة بشكؿ يؤكد أف المحصكالت الجبائية –
المفارقة الثانية تتمثؿ في ارتفاع نسبة المداخيؿ الضريبية ضمف المداخيؿ اإلجمالية
العادية المدرجة بالميزانية العامة لمدكلة .صحيح أف نسبة المداخيؿ المتأثية مف الضرائب
تمثؿ نسبة ىامة ضمف المداخيؿ العامة – كقاعدة عامة -إال أف ىذه النسبة ال تتجاكز
% 90 %50في أسكأ األحكاؿ .كيشكؿ المغرب االستثناء ،حيث تصؿ ىذه النسبة إلى
فالجبائية المغربية – بيذا االعتبار -تعتبر مجرد أداة لتمكيؿ الخزينة العامة دكف أف
يككف ليا أم تأثير اقتصادم أك اجتماعي ،أم أنيا أداة جيدة لتغطية النفقات العمكمية ال
أكثر.
-1ففي الكقت الذم ارتفعت فيو المردكدية الضريبية بنسبة % 14,8خبلؿ الفترة ،90-80لـ ترتفع
فيو نسبة النمك إال بنسبة % 4,5فقط.
-2تبمغ ىذه النسبة % 38في بمجيكا ،ك % 50في كؿ مف فرنسا كاسبانيا.
99
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
– حتما -إلى إف احتفاظ المغرب بأعمى معدالت الضغط الجبائي في العالـ ،يقكد
إحداث عدة اختبلالت في الكظائؼ التي تقكـ بيا أسكاؽ السمع كالماؿ كالخدمات ،1ىذه
اإلختبلالت التي تتعمؽ بالنظر إلى تحمؿ دخكؿ األشخاص الطبيعييف لنسبة ىامة مف
ىذا العبء ،كذلؾ لفائدة الجبائية المفركضة عمى الدخكؿ المتأتية مف رأس الماؿ.
كاذا أضفنا مجمؿ االقتطاعات التي تتـ عمى مستكل الضرائب غير المباشرة ،فإننا
– سمبا- نفيـ دكاعي التدىكر المنيجي لمطاقة الشرائية لؤلسر المغربية ،كتأثير كؿ ذلؾ
إف نظاما غير عقبلني كيذا ،ال يمكنو اإلسياـ بشكؿ فعاؿ في خمؽ شركط تنمية
متكازنة كمستدامة ،كذلؾ باعتباره ذك فعالية ضعيفة في إعادة تكزيع الدخكؿ ،ككذا في
تكزيع العبء الجبائي ،بعيدا عف احتراـ مبدأ المقدرة التمكيمية لمممزـ ،ىذا المبدأ كحده
لذا ،فإنو يتعيف التكفر عمى شجاعة سياسية كافية لخمؽ شركط تعبئة جماعية
انًثحث انثاَي:
أداء انفاػهيٍ في انًجال انضريثي
-1سيما كأف اقتصاد السكؽ يعد اختيا ار استراتيجيا بالنسبة لممغرب ال رجعة فيو.
100
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
لقد ظمت الطبقة السياسية في المغرب ترفع كتردد شعارات كثيرة مف قبيؿ تخميؽ
الحياة العامة،ترشيد النفقات ،محا ربة الرشكة ،مقاكمة مظاىر التبذير كالفساد ،إرساء
دعائـ دكلة القانكف ،كقد جاء دكر مفيكـ الحكامة الذم أخذ يتكرر بمناسبة كأحيانا كثيرة
بدكف مناسبة.
إال أف الحقيقة اليكمية تؤكد ،مما ال يدع مجاؿ لمشؾ ،أنو ال تكجد إرادة سياسية
حقيقية إلنجاز ىذه الشعارات كتطبيقيا عمى أرض الكاقع .كلعؿ المفارقة الكبرل تكمف في
أف ممثمي األمة بالبرلماف ىـ الذيف يعرقمكف –أحيانا -إنجاز ىذه الشعارات ،بؿ يمارسكف
ضغكطا قكية في إطار لكبيات معركفة ،إلفشاؿ أم مخطط حككمي يرمي إلى تيديد
مصالحيا ،أك المس بامتيازاتيا.
كؿ ذلؾ بشكؿ يسيء إلى الديمقراطية ،كمبادئ كقيـ ترتكز أساسا عمى مفاىيـ
العدالة ،كالمساكاة كسمك القانكف ،كما يمحؽ بالغ الضرر بالمؤسسة التشريعية كيذىب بما
تبقى لدييا مف مصداقية كاحتراـ لدل الرأم العاـ.1
لقد سبؽ لمكزير األكؿ األسبؽ ،السيد إدريس جطك التأكيد أف الفساد في المجاؿ
الجبائي ،مف رشكة كتيرب ضريبي ،إنما مرده تعقد المساطر ،كغمكض النصكص .2ككثرة
الثغرات القانكنية التي تحفؿ بيا النصكص الجبائية كذلؾ بالنظر إلى كثرة التعديبلت
كغياب اإلنسجاـ مما يحتـ تطبيع العبلقة بيف النص الضريبي كالممزـ ،باعتباره المعني
األكؿ كالمباشر بمقتضيات كمضمكف ىذا النص كاعتباره شريكا ال غنى عنو في إعداد
كصياغة نصكص ضريبية ذات جكدة عالية ،مع تبسيط في األسمكب كتكضيح لممقاصد.
-1قاـ أعضاء مجمس النكاب بالتدخؿ لمنع بث تحقيؽ تمفزيكني عف أحداث العنؼ التي عرفتيا مدينة
سيدم ايفني ،كذلؾ بالرغـ مف تشكيؿ لجنة لقصي الحقائؽ حكؿ األحداث المذككرة.
-2فالنص التشريعي الغامض خطر عمى الضريبة.
101
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
إذا كانت األمثمة ال تعكزنا في ىذا المجاؿ ،فإف مبدأ تجريـ الغش الضريبي كاف
حدثا تاريخيا .ذلؾ أف الحككمة كانت سباقة إلى عرضو عمى أنظار البرلماف كالدفاع عنو
في كقت مبكر ،كقد كاف امتحانا فشؿ فيو النكاب في التعبير عف كطنيتيـ كعف صدؽ
شعاراتيـ .غير أنو يتعيف أف نعرؼ مفيكـ الغش الضريبي كطبيعتو.
يستند النظاـ الجبائي المغربي إلى خاصية لئلدالء باإلقرار (أك التصريح الجبائي) ،1
،21984إال أف ىذه كقاعدة أساسية تـ تكريسيا بكاسطة اإلصبلح الضريبي لسنة
الخاصية تفرض عمى الطرفيف ،اإلدارة كالممزـ ،عدة التزامات ،منيا:
تقديـ الممزـ إلق ارره الضريبي طبقا لمشركط المنصكص عمييا في القانكف؛
أف تفترض اإلدارة بأف القرار سميـ ،كاف البيانات المتضمنة بو تعد صحيحة؛
102
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
ىذه المراقبة ،جعميا المشرع مقترنة بالعديد مف الجزاءات كالعقكبات في حالة ثبكت
مخالفات أك خركقات في حؽ الممزميف الذيف يمجأكف إلى أساليب احتيالي ة أك تدليسية
لمتيرب مف أداء الضريبة ،أك اإلنقاص مف مبالغيا.
إال أنو يجدر بنا ،قبؿ التطرؽ إلى ظاىرة الغش الضريبي ،أف نميز بينو كبيف
التممص أك التيرب الضريبي .فالغش الضريبي ىك إخفاء جزء أك كؿ المادة الخاضعة
لمضريبة في محاكلة لعدـ خضكعيا لمضريبة ،كىك عمؿ غير قانكني كغير مشركع
يستعمؿ أساليب احتيالية كتدليسية مختمفة .1
أما التممص فيك استعماؿ كسائؿ قانكنية لئلفبلت مف الخضكع لمضريبة ،كتقسيـ
ممكية عقار مثبل بيف أفراد األسرة الكاحدة عف طريؽ بيع صكرم (كىك عمؿ قانكني)،
كذلؾ لتفادم الخضكع لمضريبة الحضرية ،كال تممؾ اإلدارة إزاء ىذا النكع مف الممارسات
أم شيء ما داـ األمر يتمثؿ في استغبلؿ الثغرات القانكنية ،أك مكامف الخمؿ في النص
الضريبي لعدـ الخضكع لمضريبة.2
،1984ثكرة شكؿ الفصؿ 27مف مشركع قانكف اإلطار لئلصبلح الضريبي سنة
في حد ذاتو ،كىك الفصؿ الذم طرحتو الحككمة في جرأة نادرة ،كمبادرة غير مسبكقة،
حيث نص عمى" :سيجعؿ مف الغش في ميداف الضرائب جنحة يعاقب عمييا القانكف
الجنائي."...
إال أف مكقؼ البرلماف إزاء ىذا الفصؿ كاف مفاجئا ،حيث تـ سحبو مف طرؼ
الحككمة تحت ضغط الجميع ،3ذلؾ انو رفض باإلجماع ،بما فييا فرؽ المعارضة التي
-1كافتعاؿ العسر الذم نص عميو المشرع في المادة 84مدكنة تحصيؿ الديكف العمكمية.
"-2الغش الضريبي" يحي الصافي كآخركف (مرجع سابؽ).
-3خاطب أحد نكاب األغمبية كزير المالية قائبل :سكؼ تضطر إلى سحب مشركعؾ ككذلؾ كاف ...
103
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
كاف مكقفيا ىذا يناقض خطابيا السياسي الرامي في جزء منو ،إلى المطالبة بتفعيؿ آليات
المراقبة ،كترشيد النفقات العمكمية ،كضركرة معاقبة مختمسي الماؿ العاـ.
كقد انتظرت الحككمة مركر أزيد مف 13سنة عف ىذا "الحادث" ،لتعكد إلى طرح
نفس المقتضيات مع تعديبلت ىامة حيث تـ اعتبار ،كألكؿ مرة ،الغش الضريبي "مخالفة"
يعاقب عمييا القانكف بغرامات مالية كعقكبات حبسية.
كقد تـ تحديد طبيعة المخالفة الضريبية بكاسطة نص قانكني تـ دمجو ضمف القكانيف
المنظمة لمضرائب الرئيسية الثبلث( :المادة 49المكررة مف القانكف رقـ 24-86المحدث
لمضريبة عمى الشركات ،كالمادة 49المكررة مف القانكف رقـ 30-85المنظـ لمضريبة
17-89المنظـ لمضريبة عمى القيمة المضافة ،كالمادة 111المكررة مف القانكف رقـ
العامة عمى الدخؿ).
كقد اقتصر المشرع عمى ىذه الضرائب مستثنيا باقي أنكاع الضرائب األخرل بدكف
تقديـ أم تبرير أك تعميؿ كاضح لذلؾ .1
كقد أكرد المشرع الئحة المخالفات المعنية عمى سبيؿ الحصر كىي:
اختبلس مجمكع أك بعض أصكؿ الشركة أك المنشأة ،آك الزيادة بصكرة تدليسية
في خصكميا قصد افتعاؿ عسرىا؛
-1كيبدك بأف األمر يتعمؽ بالضرائب التي يتـ تقديـ إقرار في شأنيا مف قبؿ الممزـ دكف غيرىا.
104
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
كقد ربط المشرع أيضا المقاصد التي يمكف أف تدفع الممزـ الرتكاب ىذه المخالفات،
كذلؾ في محاكلة إلثبات القصد الجنائي لدل الممزـ كىي:
كما يتعيف أف تعرض الشكاية التي ترمي إلى تطبيؽ العقكبة مف طرؼ السيد كزير
المالية أك مف ينكب عنو ،عمى لجنة تسمى "لجنة المخالفات الضريبة" كىي لجنة يرأسيا
قاضي ،كتضـ ممثميف اثنيف عف إدارة الضرائب ،كممثميف اثنيف عف الممزميف.
كلعؿ إحدل ابداعات السادة النكاب ىك أال يتـ ضبط ىذه المخالفات إال في إطار
مسطرة المراقبة أك الفحص الضريبي ،1كشرط أساسي لصحة مسطرة المتابعة ،عمما بأف
ىناؾ العديد مف الضمانات قد خكليا القانكف لمممزـ في إطار كتاب المساطر الجبائية .2
كىي عديدة مثؿ:
حيث يظؿ الممزـ محتفظا بحقو في الطعف في األسس التي اعتمدتيا اإلدارة ،كاثبات
قدرتو التكميفية بجميع الكسائؿ.
-1يمكف تعريؼ الفحص الضريبي" :أنو مجمكعة مف العمميات التي تقكـ بيا اإلدارة الضريبية مف
أجؿ التحقؽ في عيف المكاف (اك داخؿ المقاكلة) مف المحاسبة كالكثائؽ المؤيدة ليا التي تمسكيا
المقاكلة كمقارنتيا مع التصريحات المكدعة لدل اإلدارة ،أك المعمكمات أك المعطيات المادية التي
قاـ بيا المفتش /المحقؽ.
-2ىك كتاب "المساطر الجبائية" الصادر بالجريدة الرسمية عدد 17-5.278ذك القعدة 30( 1425
ديسمبر ).2004
105
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
كىك ناتج عف حؽ االعتراض ،كىك مسطرة يتـ تفعمييا بعد رفض اإلدارة الرد أك
رفض االقتراحات التي أدلى بيا الممزـ داخؿ أجؿ 6أشير ،كيؤكد التراكـ في األحكاـ
الصادرة عف القضاء في المادة الضريبية مدل كعي الممزـ بحقكقو ،كاالستماتة في الدفاع
عنيا.
ضماف استرداد ما دفع بغير كجو حؽ .كيعني إرجاع المبالغ التي تـ تحصيميا
لفائدة الخزينة بطريؽ الخطأ (سكاء أداء مزدكج ،أك الزيادة في مبمغ الضريبة
المقرر...الخ).1
ىذا إضافة إلى الضمانات الخاصة بمسطرة المراقبة كالفحص التي نحف بصددىا،
ذلؾ أف اإلدارة تتكفر عمى الحؽ في ممارسة الرقابة عمى اإلق اررات التي يقدميا الممزـ،
كذلؾ لمتأكد مف سبلمتيا كما سبقت اإلشارة إلى ذلؾ ،كقد حدد المشرع آجاال لتطبيؽ ىذه
المسطرة بصرامة كدقة متناىية في جميع مرحميا ،أم مرحمة ما قبؿ الفحص كأثناءه،
كبعد إنجازه أيضا.
33مف الضريبة عمى (المادة 42مف الضريبة عمى القيمة المضافة ،المادة
الشركات المادة 105مف الضريبة عمى الدخؿ).
يتعيف إشعار الممزـ بالمراقبة تحت طائمة بطبلف المسطرة برمتيا بكاسطة رسائؿ
مضمكنة مع إشعار بالتسمـ مع اإلشارة إلى البيانات المتعمقة بعممية المراقبة (الضرائب
15 المشمكلة بالفحص ،الفترة غير المتقادمة ،اسـ المفتش /المحقؽ...الخ) ،كذلؾ مدة
-1ىذا باإلضافة إلى العديد مف الضمانات األخرل :الحماية القانكنية لمممزـ ،الحؽ في االستعبلـ
الضريبي ،الحؽ في المساعدة الضريبية الخ.
106
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
يكما ،قبؿ بدء عممية الفحص .فعنصر المباغتة لـ يعد معمكال بو ،مما يدفع إلى التساؤؿ
عف جدكل القياـ بعممية الفحص أصبل.
يتعيف أف تتـ عممية الفحص داخؿ مقر الشركة أك المقاكلة مع ضماف السر الميني،
ككذا عدـ إمكانية التصرؼ بأية كثيقة أك مستند خارج مقر الشركة بدكف إذف مسبؽ مف
القائميف عمييا.1
بعد نياية عممية الفحص كالمراقبة التي يتػعػيف أال تتجاكز مدة سنة كفؽ مقتضيات
قانكف المالية لسنة ،22004يتكجب أف يخبر المفتش الخاضع لمضريبة بانتياء عمميات
الفحص ،مع نتائج التحقيؽ معممة كمفصمة مع اإلشارة إلى المراجع القانكنية التي اعتمدىا
المفتش كمنح أجؿ 30يكما لمممزـ لتقديـ جكابو ،إلى غير ذلؾ مف الضمانات األخرل
(كعدـ إقداـ اإلدارة عمى فحص نفس المقاكلة بالنسبة لنفس الفترة أك نفس الضرائب
مثبل).
إف كؿ ىذه الضمانات كغيرىا تؤكد بما ال يدع مجاال لمشؾ بأف المشرع الجبائي قد
أخذ كؿ االحتياطات الضركرية لحماية الممزـ مف شطط اإلدارة ،كقد بالغ في ىذه
االحتياطات لدرجة أصبحت معيا اإلدارة مقيدة في القياـ بممارسة مياميا ،كىي حقكؽ
أقرىا القانكف لفائدة اإلدارة .كىنا تتجمى مفارقة ذات أىمية بالغة ،فضعؼ البرلماف عمى
مستكل المراقبة ،ال يقابمو سكل "قكة" النكاب في حماية مصالح المكبيات ،كافراغ جميع
القكانيف التي تيدؼ المساس بأكضاعيـ المالية مف محتكاىا.
-1ال نرغب في التكسع في الجكانب التقنية لعمميات المراقبة كالفحص ،لككف المجاؿ ال يسمح بذلؾ،
نظ ار لكثرتيا كتشعبيا.
-2كالمادة – I -3مف كتاب المساطر الجبائية السالؼ الذكر.
107
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
فأثناء مناقشة مشركع تجريـ الغش الضريبي ،ارثأت لجنة المالية بالبرلماف ،أف
تخضع العقكبة المقررة لممبادئ األساسية التالية:
التدرج في العقكبة؛
مبدأ العكد؛
كفعبل ،فقد تمت المصادقة عمى المشركع بعد االستجابة لرغبات النكاب ،كتـ تعديمو
بالشكؿ الذم أصبح معو "منسجما مع محيط المقاكلة" ،ككفقا لممبادئ المذككرة.
كبخصكص العقكبة المقررة ،فإنيا تشمؿ الغرامة كالحبس ،فبالنسبة لمغرامة فيي تتراكح ما
بيف 5.000,00درىـ إلى 50.000,00درىـ.
أما بالنسبة لمعقكبة الحبسية ،فقد اشترط المشرع أربعة شركط مجتمعة لتحقيقيا كىي:
أف يعكد بعد انصراـ ىذه المدة ،الطكيمة نسبيا ،إلى ارتكاب نفس المخالفة (حالة
العكد)؛
-1تفادل المشرع كصؼ الغش الضريبي بالجريمة أك الجنحة ،كاكتفى بكصفو بػ "المخالفة" مما يعكس
قصده في إقرار عقكبات خفيفة.
108
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
بعد ذلؾ فقط ،يمكف معاقبة مرتكب المخالفة بالحبس مف شير إلى ثبلثة أشير ،ال
غير .كيتكلى إثبات المخالفة مأمكراف بإدارة الضرائب ال تقؿ درجتيما عف درجة مفتش
محمفيف كمنتدبيف خصيصا بيذا الغرض كذلؾ بكاسطة محضر يحرر ليذه الغاية.
يبدك مف خبلؿ ما سبؽ ،أف المشرع الضريبي قد تعامؿ ببساطة كبيرة مع ظاىرة
الغش الضريبي ككضع شركطا تعجيزية لتطبيؽ المقتضيات القانكنية التي تبناىا كمؤسسة
تشريعية.
إف الحيمكلة دكف زجر المخالفات في المجاؿ الجبائي يعكس غياب إرادة سياسية
حقيقية ليس لتطبيؽ القانكف -عمى عبلتو -فحسب ،بؿ كالتصدم بحزـ ليذه الظاىرة ،كما
ىك الشأف بالنسبة لمعديد مف الدكؿ 1 ،كالدليؿ عمى ذلؾ أنو بعد مركر ما يزيد عف عشر
سنكات عف تبني قانكف تجريـ الغش الضريبي بالمغرب لـ يتـ تفعيمو لحد اآلف ،بعد أف
حالت كؿ التعقيدات المسطرية كالتقنية دكف تنفيذه.
كلعمو مف المفيد إجراء مقارنة بيف المشركع األصمي الذم تقدمت بو الحككمة،
( .1996أنظر كالصيغة النيائية التي اعتمدت مف طرؼ البرلماف خبلؿ دكرة أبريؿ
الجدكؿ).
109
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
مف شير إلى ثبلثة أشير . مف شير إلى ستة أشير.
ج -تـ إلغاء ىذا التدبير. ج -النص عمى عقكبات جنائية عمى عدـ االدالء
باإلق اررات برسـ الضريبة عمى الشركات ،كالضريبة
العامة عمى الدخؿ كالضريبة عمى القيمة المضافة.
تـ إقرار ىذا الشرط ،كاعتبر أساسا. ال يكجد نص عمى ضركرة ضبط المخالؼ في إطار
فحص ضريبي.
ىـ -في حالة ارتكاب المخالفة من طرف شخص معنوي :ىـ -في حالة ارتكاب المخالفة من طرف شخص معنوي:
تمت إضافة مساءلة المسؤكؿ عف الشركة ،إذا ما تحميؿ المسؤكلية لمشخص الطبيعي الذم ارتكب
ارتكبت المخالفة بمكافقتو ،أك تنفيذا لتعميماتو. المخالفة.
110
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
صحيح أنو كاف ىناؾ تخكؼ مف شطط اإلدارة في تطبيؽ القانكف ،إال أف المبالغة
في ىذا "التخكؼ" ،جعمت القانكف غير ذم معنى ،فقد تبنى المشرع عدة تدابير -مع
العمـ -أنيا سكؼ تعيؽ التطبيؽ السميـ لمنص ،كتؤكد االنطباع السائد بتساىؿ المؤسسة
التشريعية عندما يتعمؽ األمر بحماية الماؿ العاـ ،كمف ضمف ىذه التدابير:
- 1لقد تـ "إقصاء" العديد مف الضرائب مف مجاؿ التجريـ ،كتـ االقتصار عمى
الضرائب الرئيسية الثبلث الكبرل كما أسمفنا .فيؿ ىذا يعني بأف أنكاع الضرائب األخرل ال
–مثبل -ال يتـ التصريح تعرؼ مخالفات تستكجب الزجر؟ فعمى مستكل رسكـ التسجيؿ
بالثمف اإلجمالي الحقيقي القتناء عقار في عقد البيع ،كذلؾ نظ ار لمطالبة المستثمريف
15ك % 30لمتممص مف أداء العقارييف بإخفاء نسبة معينة مف ثمف البيع تتراكح ما بيف
الضريبة .كبغض النظر عف ككف ىذا السمكؾ ىؿ يعد تيربا أك غشا ،فقد اتضح -بالنظر
إلى ازدىار ىذا القطاع -أنو يضيع عمى خزينة الدكلة مبالغ مالية طائمة .كقد اعترؼ كزير
المالية بكجكد ىذه الظاىرة ،كأكد مدير الضرائب عجز اإلدارة لمتصدم ليا .كبالنظر إلى
استحالة تطبيؽ قانكف تجريـ الغش الضريبي ،فقد كعد كزير المالية بضركرة تبني إجراءات
جبائية خاصة ضمف قانكف المالية ( )2009لمحد مف ىذه الظاىرة.
قصد اإلفبلت ىذا ،إضافة إلى لجكء العديد مف الممزميف إلى التحايؿ عمى القانكف
مف الضريبة ،تفكيت عقار بيف األصكؿ كالفركع بكاسطة عقد ىبة بدؿ عقد البيع ،كذلؾ
،%1بدؿ لبلستفادة مف التعريفة المخفضة المقررة لميبات بيف األصكؿ كالمحددة في
الخضكع لمتعريفة العادية المحددة في % 5المقررة لفائدة عمميات بيكع العقارات.1
-2لقد قاـ المشرع بتحديد الئحة المخالفات عمى سبيؿ الحصر ،كىك أمر ال يستقيـ
مع الكاقع المعقد كالمتشابؾ ،لمعمميات التي تعرفيا الممارسات التجارية كالمينية
-1يحي الصافي :الكجيز في نظرية كتطبيؽ ضريبة التسجيؿ بالمغرب اليبلؿ العربية ،الرباط
.1991
111
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
كالصناعية ،بؿ لقد تـ إقصاء بعض المخالفات الكاردة ضمف المشركع األصمي (كما ىك
مبيف في الجدكؿ) ،كعدـ تقديـ اإلقرار الجبائي ،كاخفاء المادة الخاضعة لمضريبة ،كعدـ
مسؾ محاسبة منتظمة ،إخفاء الطبيعة الحقيقية لمتصرفات القانكنية ،افتعاؿ كضعيات
غير قانكنية كغير حقيقية ،1كىي ممارسات شائعة لدل الممزميف ،ككاف األجدر أخذىا
بعيف االعتبار.
-3ربط المشرع تجريـ المخالفات المحددة بثبكت قصد الغش الضريبي لدل الممزـ.
كىك أمر غاية في الصعكبة ،بؿ مستحيؿ التحقيؽ ،سيما مع غياب اجتياد قضائي في
المكضكع .حيث كاف ممكنا إثارة نقاش فقيي حكؿ مفيكـ الغش أك التممص الضريبي.
فيؿ يتمثؿ الغش الضريبي في كؿ تممص باعتبار انعكاساتو عمى خزينة الدكلة؟ كىؿ
يشترط لتكفر الغش الضريبي اقتراف التممص مف الضريبة بمخالفة نص جبائي؟ مف شأف
ىذا النقاش أف يغني الحقؿ الداللي لممفيكـ كيساعد –بالتالي -عمى كضع إطار قانكني
دقيؽ ككاضح.
-1كافتعاؿ العسر مثبل الذم نصت عميو المادة 48مف مدكنة تحصيؿ الديكف العمكمية ،لممزيد مف
كعبد الرحيـ الطكر :تحصيؿ الضرائب كالديكف عمى ضكء التفاصيؿ راجع عبد الرحماف أبيبل
المدكنة الجديدة ،مطبعة األمنية ،2000 ،الرباط.
%5 -2عف الشير األكؿ ،ك 0,50عف كؿ شير تأخير أك جزء مف الشير.
112
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
كما أف القانكف الضريبي يتضمف العديد مف الجزاءات المالية تطبؽ عمى مستكل
جميع المساطر الضريبية ،كفرض الضريبة بصفة تمقائية عقابا لمممزـ الذم يتعمد عدـ
،% 25كيمكف أف تصؿ إلى نسبة اإلدالء بإق ارره الضريبي ،كقد تطبؽ غرامة بنسبة
%100إذ تبث سكء نية الممزـ (المادة 28مف الضريبة عمى القيمة المضافة) مثبل.
أما بخصكص العقكبة الحبسية ،كالتي تتراكح مدتيا ما بيف شير كاحد كستة أشير،
فيي أيضا ال تمثؿ إجراءا زجريا حقيقيا اتجاه ممارسي الغش الضريبي .خاصة كأف بعض
الدكؿ تصؿ فييا العقكبة الحبسية إلى عشر سنكات.1
أوال :أف ربط تطبيقيا لحالة العكد ،يعتبر حالة فريدة في القانكف ،ذلؾ أف حالة
العكد تككف مناسبة لتشديد العقكبة ،كليس شرطا لتطبيقيا ،باإلضافة إلى اشتراط أف يتـ
العكد قبؿ انقضاء فترة خمس سنكات- ،يعني عمميا -استحالة تطبيؽ العقكبة ،الستحالة
تجميع ىذه الشركط ،كافة .كما داـ المشرع قد اشترط إثبات المخالفة في إطار عممية
الفحص ،فإف ىذا يعني –ضمنيا -خضكع الممزـ لعمميتيف لمفحص داخؿ أجؿ خمس
سنكات ،كىك األمر المستحيؿ حدكثو عمى مستكل الكاقع العممي .كذلؾ بالنظر إلى عدة
إكراىات منيا قمة عدد المفتشيف /المحققيف ،2ككثرة المقاكالت المرشحة لمفحص كضعؼ
اآلليات كاإلمكانيات المادية كالبشرية التي تتكفر عمييا اإلدارة الضريبية...الخ.
-1كما ىك الشأف بالنسبة لمقانكف الفرنسي الذم أضاؼ عقكبات تكميمية أكثر تشددا كالتشطيب مف
المينة ،الحرماف مف المشاركة في الصفقات العمكمية ،إشيار العقكبة الخ...
300مفتشا ،في الكقت الذم يتجاكز فيو عدد المقاكالت -2ال يتجاكز عدد المفتشيف المحققيف
المرشحة لمفحص أكثر مف 70ألؼ.
113
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
باإلضافة إلى أف العقكبة تعتبر مكحدة بالنسبة لكؿ المخالفات بدكف مراعاة مبدأ
التدرج في العقكبة تبعا لخطكرة المخالفة ،حيث لـ يربط المشرع بيف فداحة عممية الغش
كمبمغ الغرامة المالية المقررة.
ثانيا :كلعؿ إحدل طرائؼ ىذا القانكف ،في مجاؿ العقكبات ،أنو أقر عقكبات أكثر
تشددا في حؽ كؿ شخص تبث أنو ساىـ أك شارؾ في ارتكاب األفعاؿ المشار إلييا
أعبله ،أك ساعد أك أرشد األطراؼ في ارتكابيا .فبعد أف أخضعو لنفس العقكبات المطبقة
عمى الفاعؿ األصمي ،فإنو أضاؼ عقكبة خاصة لممشارؾ كالمساىـ .عبلكة عمى ككنيا
تطبؽ مباشرة بدكف أية مسطرة لممتابعة كىكذا ،فقد نص عمى" :يعاقب بغرامة ال تقؿ عف
1000درىـ ،كال يتجاكز %100مف مبمغ الضريبة المتممص مف دفعيا ،كؿ شخص
تبث أنو مشارؾ في أعماؿ تحايؿ ترمي إلى التممص مف دفع الضريبة ،أك ساعد أك أرشد
شركة (أك شخصا طبيعيا) في القياـ بأعماؿ مف قبيؿ ذلؾ".
(المادة 50مف القانكف السالؼ الذكر) كما قاـ بتكسع مجاؿ اإلثبات ،حيث أكد أنو
يمكف إثبات المخالفات بجميع كسائؿ اإلثبا ت القانكنية العادية.
ثالثا :لـ يتـ تشكيؿ المجنة الخاصة بالمخالفات الضريبية التي نص عمييا قانكف
تجريـ الغش الضريبي إال بعد انقضاء مدة خمس سنكات ،كىك ما يعكس غياب الجدية
في التعامؿ مع قضية شائكة ظمة تراكح مكانيا طيمة عقكد .كبالرغـ مف ذلؾ ،فإنو لـ يتـ
تحديد مسطرة عمؿ ىذه المجنة ،كال كيفية إحالة الشكايات عمييا.
رابعا :بتاريخ فاتح يكنيك سنة 2000يصدر القانكف رقـ 15-97بمثابة مدكنة
لتحصيؿ الديكف العمكمية (السالؼ الذكر) ،كمف بيف المقتضيات التي تضمنيا ،اعتبار
تنظيـ العسر كافتعالو مخالفة تشدد المشرع في معاقبتيا ،في الكقت الذم يعامؿ فيو
المشرع مع نفس المخالفة في إطار تجريـ الغش الضريبي بتساىؿ كبير (غرامة مف
114
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
5000درىـ إلى 50.000درىـ ،كعقكبة حبسية مف شير إلى 6أشير ،مع تكفر شركط
مستحيمة التحقيؽ) ،نجده أقر في إطار المدكنة عقكبة أكثر تشددا.
مع تبسيط إجراءات تحريؾ الدعكل العمكمية حيث خكؿ ىذا االختصاص مباشرة
إلى المحاسب المكمؼ بالتحصيؿ.1
بالرغـ مف الحمكلة األخبلقية لمخطاب السياسي سكاء لدل األحزاب السياسية ،أك
الحككمات المتعاقبة ،فإنو ال يتـ التصدم بحزـ كفعالية لمظاىر الفساد كاختبلؿ الماؿ
العاـ ،كالرشكة كالغش الضريبي ،كاستغبلؿ النفكذ ،كالمحسكبية ،مما جعؿ ىذه المظاىر
تتفاحش ،كتعرؼ نمكا مضطردا بدؿ تقميصيا بيدؼ القضاء عمييا .ذلؾ أف محاربة الغش
الضريبي ليس مسألة أخبلقية ،كانما متطمبات أساسية يفرضيا مقتضيات تأىيؿ االقتصاد
الكطني ،كالرفع مف قدرتو التنافسية ،كما أف لمغش الضريبي انعكاسات سمبية عدة عمى
مستكيات مختمفة ،فيك يؤدم –مثبل:-
إلى إنقاص المكارد العمكمية ،مما يدفع إلى تخفيؼ حجـ االستثمارات العمكمية،
كالنفقات العمكمية؛
المجكء إلى القركض الخارجية كالداخمية ،مما يرفع حجـ المديكنية ،كيضر
بالتنمية بالنظر إلى امتصاص خدمة الديف لجزء أساسي مف الميزانية العامة
لمدكلة؛
115
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
إلى الرفع مف العبء الجبائي نتيجة الرفع المتزايد ألسعار الضرائب حفاظا عمى
التكازنات المالية.1
مما يقكم ىذا التكجو لدل الممزميف ىك ضعؼ المساءلة ،كتكريس سياسة اإلفبلت
مف العقاب ،كضعؼ آليات المراقبة .كؿ ذلؾ كغيره أدل إلى خمؽ قطيعة بيف المكاطف
ت الضريبية كالدكلة ،بؿ بيف المكاطف كالمنظكمة األخبلقية التي تعتبر الكفاء بااللتزاما
اتجاه خزينة الدكلة أحد المؤشرات القكية ،عمى كجكد ركح المكاطف ،كشكؿ مف أشكاؿ
المساىمة في تحمؿ األعباء العامة.3
كاف عجز الدكلة عف مكاجية ظاىرة الغش الضريبي ،ىي التي أدت إلى تفاقمو كما
ما لجكء الدكلة إلى إقرار سمسمة مف عمميات العفك الضريبي (أكثر مف 3مرات في ظرؼ
116
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
15سنة) إال دليؿ عمى بمكغ ىذه الظاىرة درجة مف االستفحاؿ ال يمكف لئلدارة الضريبية
-ميما كانت النكايا حسنة -لمحد منيا ،بغض النظر عف اآلليات المكضكعة رىف إشارتيا
(تشريعية ،تقنية إدارية...الخ).
كقد بات مف الضركرم اليكـ العمؿ عمى رفع الكعي الجبائي لدل الممزـ ،كاشراكو
في عممية صناعة القرار الجبائي الذم يعنيو ،كتبسيط المساطر كاإلجراءات الخاصة
بالمنازعات الجبائية ،كتعزيز الضمانات القانكنية المخكلة قانكنا لمممزـ في مكاجية اإلدارة،
كتخفيؼ العبء النفسي كالجبائي الذم يعاني منو كالعمؿ أيضا عمى إشراؾ فعاليات
المجتمع المدني ككسائؿ اإلعبلـ المختمفة ،لتقريب صكرة اإلدارة الضريبية كجياز في
خدمة الممزـ ،كليس أداة لترىيبو أك ابت اززه ،كخمؽ تكاصؿ بيف مفتش الضرائب كالممزـ مف
أجؿ إرساء دعائـ ثقة متبادلة ،بدؿ الحذر كالشؾ المبالغ فييما القائـ بيف الطرفيف .1
إال أف خصكصيات القانكف الضريبي جعمتو يتميز بمستكيات مختمفة في التعامؿ مع
الممزميف ،فبالرغـ مف الطابع الشمكلي لمقاعدة الضريبية ،إال أف تطبيقاتيا تككف شديدة
الخصكصية ،كذلؾ بالنظر إلى جممة مف الشركط المتداخمة (تقنية ،إدارية ،مالية،
اقتصادية...الخ) كالتي تجعؿ مف الممزميف أنكاعا كفئات مختمفة ،مما يحتـ تعامبل ضرييا
ممي از .2
فيناؾ -مثبل -فئات الممزميف الصغار كالمتكسطيف الذيف ال ينازعكف – غالبا -في
مبالغ الضريبة ،بؿ ال يفيمكف مضمكنيا التقني البالغ التعقيد .أما الممزمكف الكبار فمدييـ
مف اإلمكانيات كالخبرة ما يجعميـ يتابعكف عف كتب مناقشة نص ضريبي ،بؿ بإمكانيـ
-1إف مقكلة "ال يعذر أحد بجيمو القانكف" تفقد مدلكليا بالنسبة لمقانكف الضريبي بالنظر لتعقيد
نصكصو ككثرتيا ناىيؾ عف ارتفاع نسب األمية السيما كسط الممزميف الصغار.
-2لقد تـ اسثتاء بعض الميف مف ضمنيا المحاماة ،مثبل ،مف المراقبة الجبائية بحجة الحفاظ عمى
السر الميني (انظر الفصؿ 39مف ظيير 20دجنبر 1985المتعمؽ بالضريبة عمى القيمة
المضافة).
117
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
التأثير في تكجياتو بما يتبلءـ كمصالحيـ االقتصادية كالمالية .كيتكفركف عمى عدة كسائؿ
لمضغط في ىذا االتجاه أك ذاؾ .1مما يضيؼ خاصية أخرل لمقانكف الضريبي ،كىك أنو
قانكف "متفاكض بشأنو" .2فالتفاكض في المجاؿ الضريبي أصبح ممارسة عادية ،سيما
كأف السمطات المالية تخشى إثارة ردكد فعؿ سمبية نتيجة اتخاذ تدابير جبائية جديدة ،قد ال
تمقى ترحيبا مف لدف فئة الممزميف الذيف تستيدفيـ في الكقت الذم أصبحت فيو العديد مف
المنظمات المينية تتكفر عمى قنكات لمحكار كالتشاكر مع صانعي القرار الضريبي ،كذلؾ
استباقا التخاذ إجراءات قد تمثؿ تيديدا لمصالحيـ ،أك تمس بامتيازاتيـ.
تعتبر الضريبة مؤش ار عمى ميزاف القكة السائد بيف مختمؼ الفاعميف كاإلدارة
الضريبية ،ليس كممزميف خاضعيف لمضريبة ،بؿ كشركاء في صناعة القرار الضريبي.
إف سيطرة الضرائب غير المباشرة – مثبل -ضمف بنية نظامنا الجبائي ،كضعؼ
تضريب القطاعيف الفبلحي كالعقارم بشكؿ ال يتناسب مع أكضاعيا داخؿ نسيج االقتصاد
الكطني ،إنما يعكس – في الكاقع -طبيعة كمستكل عبلقات القكة ىاتو.
إال أنو بجدر بنا – أكال -تكضيح مفيكـ التفاكض في محاكلة لرفع المبس الذم قد
يحيط بو .كبالتالي معرفة أنكاعو كمستكياتو ،ككذا الفاعميف المعنييف بالتفاكض الجبائي.
-1محمد شكيري" :القانكف الضريبي المغربي" منشكرات المجمة المغربية لئلدارة المحمية كالتنمية،
.2005
-2محمد شكيري :نفس المرجع السابؽ.
118
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
قد يبدك ىذا المصطمح الشائع االستعماؿ ،كاضحا كمفيكما ،إال أف شيكع استعمالو
– خاصة مف طرؼ كسائؿ اإلعبلـ المختمفة -أدل إلى تمييعو ،كاضفاء بعض الغمكض
عميو .ذلؾ أنو أصبح يستعمؿ في غير محمو ،فاالستعماؿ العشكائي ليذا التعبير يختمؼ
–غالبا -مع غيره مف عف مدلكلو التقني كمصطمح حيث يختمط مصطمح "التفاكض"
المصطمحات التي قد تدؿ عمى نفس المعنى كمنيا :الحكار ،المشاكرة،
كالمفاكضة...1الخ...
كما أف طرؽ ممارستو عديدة ،فقد يتـ في إطار "أياـ دراسية" أك "مكائد مستديرة" أك
"عشاء/مناقشة" ،أك ندكات مشتركة ،ككميا صيغ حديثة لتبادؿ الرأم ،كجس النبض،
كاالستعداد لمكاجية كافة االحتماالت المتكلدة عف ردكد الفعؿ المحتممة لمختمؼ الفاعميف
في الحقكؿ السياسية كاالقتصادية كاالجتماعية كالمالية.
كىك لقاء يتـ بقصد تبادؿ اآلراء كاألفكار ،كىك يسمح بانتقاؿ المعمكمات
كالمعطيات ،كتكضيح الرؤل ،عبر تقديـ البيانات ،كىك بيذه الصفة يظؿ اختياريا ،إنو
مكاجية بيف الشركاء ،حيث يرغب كؿ منيـ في احتبلؿ مكقع قكة .كفي المجاؿ الجبائي
تممؾ إدارة الضرائب كامؿ الصبلحية في استدعاء الممزميف المعنييف لعقد ىذا النكع مف
المقاءات ،كذلؾ مف أجؿ إبداء الرأم حكؿ مقتضيات ضريبية جديدة تعتزـ اإلدارة
-1تحيؿ ىذه المصطمحات عمى مجاؿ القانكف الدكلي كالعبلقات الدكلية ،حيث نجد معنى محددا
لكممصطمح عمى حدة :التفاكض ،الحكار ،التحكيـ ،الكساطة...الخ ،راجع في ىذا الشأف:
محمد خمف" :حؽ الدفاع الشرعي في القانكف الدكلي الجنائي".1973 .
119
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
اتخاذىا .كما أنيا تظؿ غير ممزمة باآلراء كالمكاقؼ كاالقتراحات التي قد يبدييا الممزميف
أك مف يمثمكنيـ.
ب) الـحـوار:
يقتضي الحكار تقابؿ إرادة المعنييف باألمر مف اجؿ عقد لقاء بقصد تبادؿ األفكار
حكؿ مكضكع معيف ،كاجراء محادثات مف أجؿ التكصؿ إلى صيغة لمتكافؽ أك التراضي.
كالمبلحظ أنو في إطار الحكار – يتـ غالبا -البحث عف الحقيقة ،كعف العدالة .في ىذا
اإلطار يتنازؿ كؿ طرؼ بمحض إرادتو عف استعماؿ كسائؿ الضغط أك اإلكراه أك العنؼ
اتجاه اآلخر ،أك حتى التيديد بالمجكء إلييا.
إنو لقاء الشركاء الذيف يكجدكف في كضعية المساكاة كالتقارب في الرؤل كفي
التكجيات.1
1
- JACQUES LEURAT : « Dialogue et démocratie » REV. AL ASAS. N°
107, 1991.
120
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
تتميز المفاكضة بككنيا تتمكقع داخؿ إطار صراع القكل كالمصالح المتضاربة ،مع
إمكانية المجكء إلى العنؼ الكبلمي أك نشكب المبلسنات ،كاستغبلؿ نقاط ضعؼ الخصـ
مع استعماؿ كافة أساليب المناكرة كالخداع كالتمكيو كالمبالغة.
كتسمح المفاكضة بالمجكء إلى المساكمات ،كالتيديد ،أك التمميح باستعماؿ كافة
أشكاؿ الضغط كالقكة .كيبحث المفاكضكف – غالبا -عف الحمكؿ كاالتفاقيات األكثر امتيا از
كالتي تجمب أكبر المكاسب ،كتقدـ أكثر الضمانات الممكنة.
إف نجاح المفاكضة رىيف بالحصكؿ عمى ىذه المكاسب ،أك عمى األقؿ عف حمكؿ
كسط تككف عبارة عف تراضي .إف انتياء المفاكضة بدكف تحقيؽ مكاسب يعني بقاء
الصراع مفتكحا ،كىك أمر تسعى األطراؼ المتفاكضة – غالبا -عدـ الكقكع فيو.2
إف التفاكض أصبح –عمميا -أنجع أسمكب لحؿ الصراعات بيف مختمؼ الفاعميف في
المجاالت السياسية كاالقتصادية كاالجتماعية (حككمات ،نقابات ،أحزاب ،جمعيات
المجتمع المدني) إف انفتاح الدكلة عمى شركائيا أدل إلى خمؽ ثقافة جديدة يتبكأ فييا
التفاكض مكانة ىامة لتفادم االحتقانات ،كمحاكلة إليجاد مختمؼ التسكيات كالتكافقات
الممكنة.3
إذا كاف ىذا العرض السريع قد تضمف مجمكعة مف المفاىيـ ،فإنو يكضح – إلى حد
ما -الحقؿ الداللي لمكممة ،إال أف تطبيقاتو تشمؿ العديد مف المياديف مثؿ الدبمكماسية،
كالتجارة الدكلية ،كفض النزاعات المسمحة ،كتصفية تركات االستعمار...الخ ..إال أنيا
-1يعني تعبير « négociant » :تاجر في المغة الفرنسية ،كما تعني البائع أك المشترم معا ،كىي
عممية ترمي إلى تحقيؽ أكبر المنافع الممكنة.
« Dialogue et démocratie » -2مرجع سابؽ.
-3لقد شاع استعماؿ تعبير "التكافؽ" ،منذ تعييف حككمة التناكب ،كقد استعمؿ لمداللة عف التنازالت
المتبادلة التي قدمتيا مختمؼ التشكيبلت السياسية إلنجاح تجربة "التناكب التكافقي".
121
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
(أم التطبيقات) تتـ عبر مؤسسات مختمفة تتكفر – في الغالب -عف الصفة ،ككذا عف
المشركعية التي تؤىميا لمقياـ بذلؾ.
جدول يتضمن اإلجراءات الجبائية االستثنائية
-2ىيئات التفاوض:
إذا كانت المفاكضة قد نشأت في المجاؿ الدبمكماسي ،فقد انتقمت إلى عالـ التجارة
ثـ إلى عالـ السياسة ،كىي إحدل الكسائؿ المعتمدة في صناعة القرار الضريبي ،حيث
يتـ المجكء إلييا كمما دعت الحاجة إلى ذلؾ ،كبذلؾ يتـ االنتقاؿ مف عيد الدكلة القكية
التي تسمك عمى األفراد ،كتنفرد بصناعة القانكف ،إلى الدكلة الشريؾ ،التي تجد نفسيا
مضطرة إلى االستماع إلى آراء شركائيا ،كالعمؿ عمى أخذ طمباتيـ بعيف االعتبار.
إف تنامي مصالح بعض المجمكعات المينية كتضاربيا ،جعؿ ممثمييا يساىمكف
بشكؿ مباشر في كضع النظاـ الجبائي الخاص بيـ ،كىي المجمكعات المينية األكثر
ىيكمة كاألكثر تنظيما ،كاألكثر قكة ،كىي التي استطاعت أف تفرض نفسيا كمخاطب
مؤىؿ لمتفاكض مع إدارة الضرائب.1
122
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
غير أف ىذا الكضع – كاف كاف يبدك ديمقراطيا مف الكجية الشكمية -إال أنو سكؼ
يتكلد عنو نظاما جبائيا يستجيب – في مجممو -لتطمعات المجمكعات التي تييمف عمى
النشاط االقتصادم ،مع تيميش لمفئات التي ال تستطيع التعبير عف انتظاراتيا ،كبيذا
االعتبار ،يككف التفاكض قد ألحؽ ضر ار بالغا بمبدئي العدالة ،كالمساكاة الضريبية.
يتـ التفاكض بيف فاعميف كفرقاء سياسييف كاجتماعييف كادارييف مف أجؿ صياغة
مقبكلة أك عمى األقؿ مف شأنيا أف تثير أقؿ االعتراضات الممكنة ،إال أنو إذا كاف بعض
الباحثيف قد ركز عمى بعض المؤسسات كإطار طبيعي لمتفاكض الجبائي (كالبرلماف
– بامتياز -ىك اإلدارة مثبل) ،1إال أننا نرل باف مركز المفاكضات الجبائية يظؿ
الضريبية.
تعد اإلدارة الجبائية القناة المثالية إلجراء مثؿ ىذا النكع مف المفاكضات ،فبالرغـ مف
ككف دكرىا ينحصر في تطبيؽ القانكف –مبدئيا -إال أف الكاقع العممي قد أثبت أنيا أداة
ىامة في صياغة مجمؿ النصكص الضريبية .2
لقد أصبحت "قابمية" اإلدارة الجبائية لمتفاكض أم ار حتميا ،كذلؾ بالنظر إلى تعقد
المادة الضريبة ،ككثرة كتنكع الممزميف ،ككفرة األنظمة الجبائية الخاصة .حيث أصبح
يتطمب كضع نص جبائي دراسة مختمؼ جكانبو مف ضبط شركط الخضكع لمقتضياتو
إلى تحديد أسعار الضريبة مع مراعاة مقتضيات اإلعفاء كالتي غالبا ما تثير العديد مف
-1محمد شكيري" :القانكف الضريبي المغربي" ،أطركحة لنيؿ شيادة دكتكراه الدكلة ،جامعة الحسف
الدار البيضاء. الثاني لكمية الحقكؽ،
-2انظر :عبد الرفيع بوداز " :اإلدارة الجبائية بالمغرب" رسالة لنيؿ دبمكـ السمؾ العالي لئلدارة
العمكمية .1988
123
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
لقد أدت الممارسة العممية لؤلطر العميا إلدارة الضرائب مف اكتساب خبرة كبيرة في
مجاؿ تدبير الممفات الكبرل ،كالتي تتعمؽ بالمقاكالت الكبرل ،أك تفرض تدابير جبائية تيـ
بعض أصناؼ الميف الحرة كالمنظمة بشكؿ محكـ (كنقابات األطباء ،كالصيادلة،
كالمحامكف ،كالمكثقكف ،كالميندسكف المعماريكف...الخ) ىذه المجمكعات المينية التي
أصبحت تشكؿ لكبيات تتمتع بقكة حقيقية تمكنيا مف فرض كجية نظرىا أثناء إعداد
النصكص الضريبية المتعمقة بيا ،بؿ كفرض إدخاؿ تعديبلت عمييا حتى قبؿ عرضيا
عمى لجنة المالية بالبرلماف.2
كىكذا ،أخذت تترسخ بعض األعراؼ داخؿ مديرية الضرائب ،حيث يتـ استدعاء
بعض المجمكعات المينية أثناء إعداد النص الضريبي الذم سكؼ تخضع لو ،كذلؾ
بقصد التشاكر حكؿ أىـ مقتضياتو ،كأحيانا يتـ عقد ىذا النكع مف االجتماعات بعد
المصادقة عمى النص المعني ،ذلؾ أف تأثير المجمكعات المينية ال ينحصر في
– أحيانا -إلى المشاركة في تحرير المساىمة في صياغة النص الضريبي ،بؿ يتعداه
المذكرة التفسيرية التي تصدرىا إدارة الضرائب كالتي تتضمف كجية نظر اإلدارة بخصكص
-1اعترؼ نور الدين بنسودة ،مدير الضرائب بأف اإلدارة الضريبية تقكـ بإجراء مشاكرات ،بيف
مختمؼ الشركاء أثناء تحضير القانكف المالي ،كما يحدث نفس الشيء أثناء صياغة المذكرات
التفسيرية:
-راجعAssises fiscales sur la fiscalité, Rabat, 26 Nov.1999. :
-2كانت جؿ التعديبلت المقبكلة في إطار النقاشات حكؿ مشركع قانكف المالية لسنة ، 99/98تعبر
عف مطالب رجاؿ األعماؿ الذيف سبؽ أف تقدمكا بمذكرة بشأف مطالبيـ الجبائية إلى الحككمة ،قبؿ
تحضير مشركع قانكف المالية المعني.
124
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
التدابير الجبائية الكاردة في قانكف المالية ،كبياف طريقة التطبيؽ مع سرد اإلجراءات
المكاكبة ،ككذا المساطر الكاجبة التطبيؽ.1
كبالرغـ مف ذلؾ ،فإف ىذه المكبيات أصبحت تجد صعكبات كبيرة في التفاكض بشأف
حماية مصالحيا كالحفاظ عمى امتيازاتيا ،كذلؾ بالنظر إلى كجكد مجمكعة مف التقنييف
كالخبراء في المادة الضريبة داخؿ اإلدارة ،أصبحكا يمارسكف تأثي ار قكيا في صياغة النص
النيائي ،لدرجة أف تأشيرة السمطات المالية ال تعدك ككنيا إجراءا شكميا ،بؿ إف مناقشة
– في الغالب -مف مجمؿ النص األصمي، النص أماـ لجنة المالية بالبرلماف ال يغير
الذم تمت صياغتو داخؿ أركقة إدارة الضرائب.
إف التفاكض أصبح البديؿ المكضكعي لتفادم االعتراض عمى الضريبة .صحيح أنو
– األكثر تنك ار- لـ يعد ممكنا قياـ تمرد أك ثكرة ضد الضريبة ،إال أف استغبلؿ الممزميف
لمثغرات القانكنية لممارسة التممص الضريبي ،ككذا المجكء إلى أساليب تدليسية لممارسة
الغش الجبائي ،أصبح التعبير الشائع عف مقاكمة الممزـ لمضريبة .2
إال أف الحقيقة األساسية الكامنة كراء أخذ اإلدارة المبادرة لمتفاكض ،تتمثؿ في ككف
اإلدارة ال تتكفر عمى اإلمكانيات التقنية كالبشرية الكفيمة بإنجاز العمميات المطمكبة
(فحص اإلق اررات ،إعداد الجداكؿ ،دراسة الكثائؽ ،القياـ بالمراقبة...الخ ناىيؾ عف دراسة
ممفات المنازعة.3)...
-1تعد المذكرات التفسيرية ذات أىمية قصكل باعتبارىا قراءة ثانية لمنص الضريبي ،كمحاكلة لمتأكيؿ،
بالرغـ مف استبعاد القضاء اإلدارم ليا أثناء البث في النزاعات الضريبية.
-2أرجع السيد الكزير األكؿ إدريس جطك ،ظاىرة الغش الضريبي إلى كثرة الثغرات القانكنية التي
تحتكييا النصكص الضريبية كطالب بصياغة "نصكص أكثر جكدة ،كأكثر مناعة".
-3لقد ازداد كضع التأطير بإدارة الضرائب سكاءا كذلؾ بعد عممية المغادرة الطكعية حيث غادر
اإلدارة عدد ىاـ مف األطر العميا المستاءة مف سكء التدبير اإلدارم عبلكة عمى األعداد اليائمة مف
المحاليف عمى التقاعد بحكـ بمكغ السف القانكني.
125
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
كيجدر التذكير ،أف الجبائية التي تشكؿ إحدل المحاكر األساسية لمحمبلت
اإلنتخابية في الدكؿ الديمقراطية ،تعتبر في دكؿ العالـ الثالث كسيمة لترضية المكبيات
القكية (كبار المزارعيف ،كبار المبلؾ العقاريييف) ،المذيف يفصمكف النظاـ الجبائي عمى
مقاس مصالحيـ ،كفؽ ما يفرضو طمكحيـ الطبقي .1
كاذا كانت اإلدارة الجبائية الجياز األكثر مبلءمة لممارسة التفاكض الجبائي ،فإنيا
ليست الكحيدة – عمى كؿ حاؿ -إذ تتقاسـ ىذا "االمتياز" مع مؤسسة أخرل أكثر أىمية
ىي البرلماف ،حيث يعد ىذا األخير مؤسسة لمنقاش السياسي العمني ،إال أنو في بعض
األحياف يتحكؿ إلى مكاف لممارسة الضغكط ،كتقديـ التنازالت ،كانجاز التكافقات الممكنة،
كىكذا ،تصبح التعديبلت خبلصة المفاكضات التي تمت في الككاليس ،ذلؾ أف بعض
التعديبلت ال يتـ طرحيا داخؿ المجنة المعنية إال بعد عمميات جس نبض الحككمة
– في إطار مشاكرتيا مع أغمبيتيا- حياليا ،أما إذا اعترضت الحككمة عمى تعديؿ ما
فإنو – غالبا -ما يتـ سحبو مف الئحة التعديبلت المقترحة نظ ار لتضاؤؿ فرص قبكلو.
فيؿ يعكس البرلماف تفكؽ المكبيات أثناء مناقشة القانكف المالي؟؟ أـ أف قكتيا
اإلفتراضية تصطدـ بمنطؽ الفصؿ 51الشيير مف الدستكر؟؟.2
ب) الـبرلـمان:
يعد البرلماف 3بغرفتيو الجياز المكمؼ بدراسة كالمصادقة عمى القكانيف ،كما يعتبر
المكاف األكثر مبلءمة إلجراء مختمؼ أنكاع المقاءات كالمشاكرات ،ككذا المفاكضات،
-1عبد الرفيع بوداز" :اإلدارة الجبائية بالمغرب" مرجع سابؽ ،ص.65 :
-2لقد أثار الفصؿ 51مف الدستكر نقاشا فقييا كبي ار حيث يمكف الحككمة مف رفض أم نص تعديؿ
بدكف تقديـ أم تبرير سيما كأف المجكء المكثؼ لو ليس لو ما يبرره. ،راجع المبحث األكؿ مف
القسـ األكؿ.
-3سكؼ نتعرض لمػبرلماف كجياز لمتفاكض بإيجاز ،ذلؾ أننا خصصنا حي از بالقسـ األكؿ لدكر
البرلماف في صناعة القرار الضريبي.
126
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
– أحيانا -نقاشات أىـ بكثير مف تمؾ التي حيث يتـ كؿ ذلؾ في ككاليسو التي تعرؼ
تدكر في لجانو أك حتى في الجمسات العمكمية.
كبالرغـ مف ككف الحككمة تتميز بالتفكؽ عمى البرلماف في كضع القكانيف .1إال أف
البرلماف الذم يتككف مف منتخبيف ،يمتمؾ حؽ إدخاؿ تعديبلت قبؿ التصكيت الذم يعكػس
– بشكؿ عاـ- -في غالب األحياف -التكافقات بيف كؿ الفرقاء .صحيح أف ميزاف القكة
ليس في صالحو .إال أف ما ييمنا في ىذا الصدد ىك أف كؿ الشركاء كالفرقاء السياسييف
كاالقتصادييف كاالجتماعييف يعتبركنو اإلطار المؤىؿ لمتنسيؽ كالتشاكر كالتفاكض.
إف الحديث عف البرلماف (بغرفتيو) إنما نعني بو – أساسا" -لجنة المالية كالتخطيط
كالتنمية الجيكية" .كىي المجنة التي تضـ ما يناىز 60نائبا ،كىي تستقطب اىتماـ كؿ
النكاب كممثمي األحزاب السياسية ،كالصحافة الكطنية أيضا ،كذلؾ بالنظر لما يدكر في
–أيضا- جمساتيا مف نقاشات ىامة بمناسبة تقديـ مشركع قانكف المالية كؿ سنة .كنظ ار
إلى الصراعات الخفية التي تثكر بيف مختمؼ المكبيات التي تتصارع عمى أف تككف ممثمة
داخؿ المجنة (أطباء ،محامكف ،صيادلة ،رجاؿ أعماؿ...الخ).
كقد اكرد السيد الطاىر المصمكدم ،2الذم كاف يرأس ىذه المجنة في الفترة الممتدة
ما بيف 84ك 92رأيا يؤكد ىذه الممارسة حيث يقكؿ" :نظ ار لمتمثيمية الضعيفة لفئة
األطباء داخؿ المجنة ،فإف ىؤالء لـ يتمكنكا مف االحتفاظ باالعفاء الذم كاف مقر ار
%7 لفائدتيـ برسـ الضريبة عمى القيمة المضافة ،حيث تـ فرض الضريبة عمييـ بسعر
127
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
– نظ ار لتعبئتيـ ،ككثرتيـ العددية -مف في الكقت الذم استطاعت فيو فئة المحامكف
الحصكؿ عمى تخفيض برسـ نفس الضريبة مف %14إلى. %7 1
إف تمثيمية النكاب لمختمؼ الحساسيات السياسية كالنقابية ،يجعميـ محط تأثيرات
كضغكط تمارسيا مختمؼ األكساط كالجيات لمتأثير في اتجاه اتخاذ قرار معيف ،أك إلغاء
تدبير ال يحظى برضى جماعات الضغط ،أك العمؿ عمى التقميص مف أحد األسعار
الضريبية ألسباب انتخابية محضة .2
كبالرغـ مف كجكد عدة جمعيات لمدفاع عف المستيمكيف ،سيما بعد صدكر قانكف ييـ
المستيمؾ ،فإننا نستغرب لعدـ كجكد جمعية لمدفاع عف الممزميف الصغار ،خاصة كأف
جمعيات المجتمع المدني المغربي قد عرفت تطك ار نكعيا سكاء بالنسبة لنشاطاتيا أك
بالنسبة لتاثيرىا عمى صناعة القرار بالمغرب ،ربما يعكد غياب ىذا النكع مف الجمعيات
إلى صعكبة انتظاـ صغار الممزميف كذلؾ بالنظر إلى كثرة عددىـ كالتنكع الشديد الذم
يطبع نشاطاتيـ .إال أف كجكد شرائح معينة مف ىؤالء الممزميف قد يساعد عمى خمؽ ىذا
النكع مف التنظيمات كقنكات لممارسة التأثير الذم لـ يكفؽ النكاب البرلمانييف في
ممارستو.3
كتجدر اإلشارة إلى مبادرة في غاية األىمية ،أقدـ عمييا البرلماف المغربي منذ الكالية
البرلمانية السادسة ،كتتمثؿ في تنظيـ بعض الفرؽ البرلمانية ألياـ دراسية ،كندكات
128
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
كلقاءات حكؿ مكاضيع معينة ،مع استدعاء مجمكعة مف الفعاليات المختصة بمجاؿ
معيف لمناقشة النكاب داخؿ المجمس ،كلعميا المناسبة الكحيدة التي انفتح فييا البرلماف
المغربي عمى كفاءات عممية كخبرات مالية كتقنية مف خارج البرلماف ،كقد كانت ىذه
المقاءات مناسبة لتبادؿ الرأم مع أىؿ الخبرة كاالختصاص لمعرفة مختمؼ التكجيات
الكبرل التي تطبع مجاال مف المجاالت ،كذلؾ لؤلخذ بيا عند مناقشة التدابير المزمع
اتخاذىا في المجاؿ المعني ،1ككـ نكد أف يستمر ىذا النكع مف المبادرات ،كأف يشكؿ سنة
محمكدة تقتدم بيا كؿ األحزاب الممثمة بالبرلماف ،كذلؾ لككنيا صيغة تتصؼ بالكثير مف
المركنة كالبساطة بعيدا عف األجكاء الرسمية التي غالبا ما تفرض لغة خشبية ،ىذا عبلكة
عمى ككف ىذا النكع مف المقاءات يعد غير ممزـ ألم طرؼ بالنظر إلى النتائج
كالخبلصات التي مف شأنيا أف تتمخض عنيا .2
ج) الـحـكومة:
أما عمى المستكل الحككمي ،فإنو ال يمكف القكؿ بكجكد قنكات لمحكار كالتشاكر
بالمعنى المشار إليو سالفا .فبالرغـ مف أف الحككمة تتككف – بطبيعة الحاؿ -مف الكزير
األكؿ كالكزراء ،كأف الخطكط العريضة لمسياسة االقتصادية كالمالية لمببلد يتـ التدارس
-1قاـ حزب االتحاد االشتراكي بتنظيـ لقاء حكؿ قانكف االنتخابات بحضكر فاعميف كخبراء
كجامعييف ،كما قاـ حزب االستقبلؿ بتنظيـ أياـ دراسية حكؿ التدبير الجبائية لقانكف المالية
.2006
-2تجدر اإلشارة – في نفس اإلطار -إلى األياـ الدراسية التي نظمتيا مديرية الضرائب بتاريخ 26
ك 27نكنبر 1999بالرباط .إال أف المبلحظ أنيا المرة االكلى كاالخيرة ،حيث لـ تنظـ أية مبادرة
مف ىذا النكع منذ ذلؾ التاريخ.
129
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
1
ككزير المالية ىما المذاف يعتبراف بشأنيا في مجمس الكزراء ،إال أف الكزير األكؿ
"مستيدفاف" مف طرؼ جماعات الضغط ،فكزير المالية ىك الذم يقكـ بكضع الميزانية
العامة لمدكلة ،كما يقكـ بإعداد مشاريع قكانيف المالية كعرضيا عمى غرفتي البرلماف،
كيتكلى اإلجابة عمى مختمؼ أسئمة كتدخبلت النكاب في إطار لجنة المالية ،كما يعيد إليو
بتنفيذ قكانيف المالية بعد المصادقة عمييا.
أما الكزير األكؿ فيقكـ بدكر التنسيؽ بيف مختمؼ المصالح الحككمية ،كما يقكـ
بتدبير الحكار االجتماعي مع مختمؼ الفرقاء االجتماعييف ،كباعتبار األىمية القصكل
ليذا الحكار كبالنظر لككنو أخذ يشكؿ أكلكية ضمف البرامج الحككمية فإنو أصبح يمثؿ
مؤسسة قائمة بذاتيا ليا قكاعدىا الخاصة بيا ،عبلكة عمى استدعاء الكزير األكؿ ليترأس
" :2ندكة حكؿ العديد مف المقاءات ذات الطابع التشاكرم ،كىي متنكعة المضاميف
االستثمارات"" ،أياـ اقتصادية"" ،إصبلح مدكنة الشغؿ"...الخ.
كمف خبلؿ ىذه المقاءات ،يستطيع كؿ طرؼ أف يعبر عف رأيو بطريقة غير رسمية،
بؿ إف البعض يقكـ باستغبلؿ ىذا النكع مف المقاءات بتقديـ تظممات أك شكاكم ،أك
عرائض أك كثائؽ مكتكبة ،تتضمف مكاقؼ محددة ،كاقتراحات عممية .3
إف عالـ األعماؿ أصبح كاعيا بأىمية ىذه المقاءات ،لذلؾ فإف ممثمي المقاكالت
أصبحكا يترددكف كثي ار عمى ىذه التظاىرات ،بؿ كيقكمكف بتنظيميا ،كدعكة كبارالمسؤكليف
– بالرغـ مف أىميتيا -تظؿ دكرية ،كمحككمة بالطابع إلييا ،إال أف ىذه التظاىرات
-1تعرض الكزير األكؿ إدريس جطك أثناء لقائو برجاؿ أعماؿ فرنسييف بباريس إلى ضغكط مف أجؿ
تخفيض بعض الضرائب المفركضة عمى المستثمريف األجانب ،كقد كعدىـ بالعمؿ عمى ذلؾ،
(جريدة المساء 13نكنبر ،2006الطبعة االكلى).
-2تجدر المبلحظة بأف النقابات ىي المنظمات التي تتقدـ بأكبر عدد ممكف مف المطالب إلى
الحككمة ككزير المالية بالتحديد إال أف مطالبيا ناد ار ما تمقى االستجابة ،كذلؾ بالرغـ مف الطابع
االجتماعي ليذه المطالب.
-3كما ىك الشأف بالنسبة لغرؼ التجارة كالصناعة ،أك اتحاد المقاكليف المغاربة مثبل.
130
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
المناسباتي ،لذلؾ فإف التركيز يتـ – كما ذكر سالفا -عمى إدارة الضرائب ،ككزير المالية
– أحيانا -أكثر فاعمية مف الحكار ككذا البرلماف ،ىذا إضافة إلى أساليب أخرل تككف
كالتشاكر.1
إف إحدل أىـ النتائج التي تتكلد عف ىذا الكضع الشاذ ،ىك تفادم الخضكع إلى
القانكف ،باعتبار أف قكاعده إنما كضعت لتطبؽ عمى الجميع بدكف محاباة أك استثناء،
كبالتالي التممص مف تحمؿ العبء الجبائي الذم يقره مبدأ مساىمة الجميع في تحمؿ
األعباء العامة طبقا لمقتضيات الدستكر.2
إف ىذا األمر يفتح النقاش كاسعا عمى مبدأ العدالة الضريبية ،كالذم يعد تكزيع
العبء الجبائي ،ككيفية تدبيره ضمف بنية النظاـ الضريبي أحد أبرز صكره.
-1تعمؿ بعض مجمكعات الضغط عمى تقديـ عدة "ىدايا" إلى كبار المكظفيف بك ازرة المالية
كالخكصصة كال سيما مديرية الضرائب ،كما أف مدير الضرائب يتمقى رسائؿ تينئة كثيرة جدا في
مناسبات مختمفة (كاألعياد -مثبل) مف طرؼ رجاؿ أعماؿ كرؤساء أحزاب كشخصيات أخرل
لدرجة أنو خصص خمية بكامميا ضمف مصمحة التكاصؿ لمرد عمى ىذه الرسائؿ.
-2كذلؾ طبقا لمقتضيات الفصؿ 17مف الدستكر
131
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
132
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
كؿ مككنات المسألة الضريبية ( 1أم مف إعداد الجداكؿ إلى االستخبلص مرك ار بالبث في
المنازعات...الخ) ،فإننا -كىذه مفارقة -نجدىا تعاني مف خصاص ميكؿ في األطر
الكفأة ،كقمة في التجييزات األساسية ،كعدـ االستغبلؿ بشكؿ جيد األداة المعمكماتية ،كعدـ
التمكف مف ضبط المادة الخاضعة لمضريبة ،مع ضعؼ كاضح ،إف لـ يكف عجز حقيقي
في محاربة ظاىرة التيرب كالغش الضريبييف ،بؿ األدىى مف كؿ ذلؾ ىك غياب أية
استراتيجية في مجاؿ تدبير الضريبة .فما ىي أىداؼ الضريبة بالمغرب؟ ىؿ ىي تحقيؽ
أعمى المعدالت عمى مستكل المداخيؿ أـ ىي إعادة تكزيع الدخؿ الكطني؟ أـ تطبيؽ مبدأ
المساكاة في تحمؿ األعباء العامة؟ أـ العمؿ عمى تمكيؿ الميزانية العامة لمدكلة بغض
النظر عف كؿ االعتبارات األخرل؟
كبعيدا عف الشعارات التي يرددىا الخطاب السياسي ،يبدك بأنو مف المستحيؿ الجمع
بيف كؿ ىذه األىداؼ في إطار إستراتيجية محددة تتسـ بالكضكح كاالنسجاـ كالكاقعية،
ذلؾ أف إكراىات الكاقع االقتصادم لمدكلة ،ككذا تأثير المحيط الدكلي ،كغمبة النظرة
الماكرك-اقتصادية ،تجعؿ االعتقاد يميؿ إلى أف العدالة الجبائية كالمساكاة أماـ الضريبة
مجرد شعارات استيبلكية تتجدد مع كؿ مكسـ انتخابي ال أكثر.
كلعؿ إحداث القضاء اإلدارم قد أعطى مدلكال إيجابيا لدكلة القانكف ،ككاف لو األثر
الفعاؿ في إضفاء نكع مف التكازف كالمساكاة في العبلقة بيف اإلدارة الضريبية كالممزـ .ىذه
العبلقة التي تميزت دكما بالكثير مف الشذ كالجذب ،كبالشؾ كاالتيامات المتبادلة ،إال أف
صدكر عدة أحكاـ كق اررات تقضي بإلغاء الضرائب المفركضة ،جعمت اإلدارة ال تنظر
بعيف الرضي إلى ىذا الفاعؿ الجديد ،بالرغـ مف ككنو يتميز باالستقبللية كالحياد
كالمكضكعية كمف بيف أقؿ االتيامات قسكة في حؽ القضاء ،ىي أنو ال يستكعب جيدا
-1كىذا ما حدث بالفعؿ مؤخرا ،حيث أصبح استخبلص بعض الضرائب مف اختصاص اإلدارة
الضريبية بدال مف الخزينة العامة كما كاف الشأف سابقا.
133
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
مقاصد المشرع الجبائي ،كأنو يجانب الصكاب في قراءتو المتسرعة لمنصكص الضريبية.
كرغبة في تقريب كجيات النظر بيف القضاء كاإلدارة الضريبية ،تـ تنظيـ ندكة مشتركة
حكؿ العمؿ القضائي كالمنازعات الضريبية ،دافع خبلليا كؿ طرؼ عف مكاقفو ككجيات
نظره ،كبالرغـ مف مركر ثبلثة أياـ مف المناقشات ،يبدك بأف جكىر الخبلؼ الزاؿ قائما
نظ ار لككف المسألة الضريبية بالغة التعقيد ،كنظ ار الستمرار انفراد اإلدارة الضريبية
بصياغة القانكف الضريبي .كبيذا االعتبار فإنيا ال يمكف أف تككف خصما كحكما في نفس
الكقت ،سيما كأنيا أبانت عف سكء نيتيا بمناسبة تقديـ كتاب المساطر الجبائية إلى
البرلماف في كقت غير مبلئـ تماما ،بؿ كتمريرىا لمفصؿ العاشر منو الذم ينص عمى
شركط سبلمة التبميغ كىك الفصؿ الذم يشكؿ تراجعا عف الضمانات التي خكليا القانكف
إلى الممزـ ،الشيء الذم أثار حفيظة ىيئات المحاميف ،التي اعتبرت ىذا الفصؿ بمثابة
مس بحقكؽ الدفاع ،كاخبلؿ الدكلة بالتزاماتيا بتدعيـ حقكؽ الممزميف ،كصيانة مكتسباتيـ.
كاجماال يمكف القكؿ ،بأف المكاجية بيف إدارة الضرائب كالغير ،تتجمى أساسا في تعدد
القراءات لمنصكص الضريبية ،التي تتيح صياغتيا الممتبسة كالبعيدة عف الدقة القانكنية،
القياـ بتأكيبلت متضاربة ،مما جعؿ المنازعة الضريبية تنتقؿ مف المطالبة بإعادة النظر
في مبالغ الضريبة المستحقة ،إلى الطعف في مشركعية الضريبة أصبل ،كيتحكؿ النقاش
مف مستكل تقني إلى البحث عف مقاصد المشرع الجبائي كأىدافو كىك األمر الذم ال تعد
اإلدارة مؤىمة لمقياـ بو مما جعميا تخسر العديد مف القضايا أماـ القضاء ،الذم راكـ
،1كذلؾ بالرغـ مف حداثة رصيدا مف االجتيادات النكعية عمى قدر كبير مف األىمية
عيده بالنظر في القضايا الضريبية.
كقد كنا نأمؿ أف يتدخؿ القضاء –أيضا -لمحاربة ظاىرة الغش الضريبي ،إال أف
عدـ تفعيؿ المقتضيات القانكنية المتعمقة بتجريـ الغش الضريبي جعمت جياز القضاء
-1يفضؿ بعض الباحثيف ،كمف بينيـ األستاذ "شكيرم" استعماؿ مصطمح "العمؿ القضائي" بدؿ
"االجتياد القضائي" نظ ار لحداثة عيد المحاكـ اإلدارية.
134
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
بعيدا عف المساىمة في فرض احتراـ القانكف ،ىذا بالرغـ مف كؿ االنتقادات التي تكجو
إلى القضاء كالمتعمقة بقصكره في معالجة كزجر كؿ مظاىر كأنكاع الغش .كاف كنا نعتقد
بأف القضاء ليس معنيا كحده بيذه القضية ،فالمجتمع المدني ،كاإلدارة ،كالفاعمكف
االقتصاديكف يتحممكف قسطا مف المسؤكلية في تفشي ظاىرة الفساد (سكاء كانت رشكة أك
تيرب ضريبي أك غيرىا )...يساعد في ذلؾ غياب المراجع العممية ،كالمطبكعات الخاصة
بالضرائب ،مع تبسيط في المغة ،كشرح المصطمحات ،كتكفير المذكرات التفسيرية بالمغة
العربية ،كشيكع تداكليا كخمؽ سبؿ التكاصؿ بيف الباحثيف في المجاؿ الجبائي كاإلدارة
كالقضاء بيدؼ تأسيس لعبلقة جديدة ترمي إلى رفع الغمكض عف النصكص الضريبية،
كجعميا في متناكؿ الجميع ما داـ الجميع معنيا بيا في أفؽ خمؽ التدبير الجيد لمضريبة
بالمغرب.
خــــاذًح ػايح:
135
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
إذا كانت عممية إيجاد تعريؼ دقيؽ لممعطيات العممية كالتقنية عممية معقدة ،فإف
كضع خاتمة لمكضكع "الحكامة الجبائية بالمغرب" ،ال يبدك مسألة متيسرة ،سيما كأف
المكضكع ىك حديث نسبيا ،مع غياب المعطيات اإلحصائية ،كارادة سياسية في إقرار
شفافية حقيقية تمكف مف تداكؿ المعمكمات كنشر تقارير الييئات المكمفة بممارسة الرقابة
المالية ،كاالمتثاؿ لممعايير الدكلية في مجاؿ الشفافية كالتنافسية .كمف أىـ ىذه األجيزة:
المفتشية العامة لممالية ،كالمجمس األعمى لمحسابات ،الذم بالرغـ مف إصداره لتقارير
سنكية تتعمؽ بتنفيذ قكانيف المالية كالتصريح العاـ بالمطابقة ،ككذا تقارير عف أنشطة
المجالس الجيكية لمحسابات .1فإنيا ال تحظى باألىمية البلزمة مف طرؼ الفاعميف
االقتصادييف أك مف طرؼ الرأم العاـ ،شانيا في ذلؾ شأف التقارير الصادرة عف البنؾ
الدكلي حكؿ الحكـ الجيد ألجؿ التنمية في الشرؽ األكسط كشماؿ إيفريقيا ،ىذه التقارير
التي ركزت -في مجمميا -عمى عدة عناصر مثؿ :المشاركة السياسية ،نسبة الكعي،
كتطكر األكضاع المعيشية ،بعيدا عف الصراعات اإليديكلكجية ،باعتبار أف التنمية ىي
اليدؼ ،كأف محكرىا ىك اإلنساف ،كمحاكلة النيكض بعدة قطاعات أساسية كالتعميـ
كالصحة كالشغؿ.
ىذه التقارير التي خمصت إلى أف الحكامة الجيدة ،ىي التي تمثؿ الخبلص ليذه
الشعكب مما تعانيو ،كنعني بالحكامة الجيدة ،تدعيـ المشاركة السياسية لمشعكب ،كتقكية
البرلمانات ،كاقرار تناكب حقيقي عف السمطة ،كمحاربة الفساد بكؿ أشكالو ،كتكفير الحماية
االجتماعية كالرفع مف مستكل التعميـ كمحاربة الفقر كالتيميش عف طريؽ خمؽ األنشطة
-1بالرغـ مف أف ىذه التقارير تتضمف العديد مف الخركقات ،فإف المتابعات القضائية ال تعكس
مستكل ىذه الخركقات ىذا إف كجدت متابعات –أصبل -فبعد أف كانت ىذه التقارير ال تقبؿ النشر
،فقد تدارؾ قانكف رقـ 62 . 99 :ىذا الخمؿ بنصو عمى ضركرة نشر تقارير المجمس األعمى
لمحسابات كال سيما المادتيف 100ك 157بالجريدة الرسمية حتى يتمكف الجميع مف اإلطبلع
عمييا كدراسة فحكاىا.
136
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
المنتجة لمدخؿ القار ،كخمؽ فرص الشغؿ مع اعتماد تكجو حازـ يتكخى ابتكار حمكؿ
ناجعة لمقطاع غير المنظـ.
كؿ ذلؾ مع إقرار فصؿ حقيقي لمسمط ،كتدعيـ سمطة القضاء ،كتكفير كؿ آليات
اشتغاليا بمكضكعية كنزاىة كاستقبللية.
مف ىنا ،يمكف القكؿ ،بأف المبادرة الكطنية لمتنمية البشرية التي طرحت بالمغرب،
تندرج في ىذا السياؽ ،باعتبارىا تستند عمى المعطيات المكضكعية لئلشكالية االجتماعية
بالمغرب ،كالتي تتجمى في ككف فئات عريضة مف الشعب تعيش في ظركؼ صعبة،
كتعاني مف حاالت الفقر كالتيميش كاإلقصاء.
فيؿ استطاع النظاـ الجبائي المغربي ،باعتباره أداة لمسياسة المالية لمدكلة ،أف
ينخرط في ىذا المجيكد الجماعي لتحقيؽ التنمية؟
فبعد منح المجمكعة األكركبية لممغرب ما يسمى بػ "الكضعية المتقدمة" ،كىك ما
كصفو بعض الكتاب بأكثر مف الشراكة كأقؿ مف العضكية ،1بعد ىذا الحدث أصبح لزاما
عمى المغرب احتراـ بعض المعايير الدكلية في تدبير الشأف العاـ .كالتي كاف اإلخبلؿ بيا
يعيؽ انضماـ المغرب إلى االتحاد األكركبي .كمف ضمنيا إقرار شفافية حقيقية في طرؽ
صرؼ الماؿ العاـ ،كالقياـ بعمميات افتحاص دكرية لممؤسسات المالية التي تقكـ بتدبير
الماؿ العاـ ،مع نشر تقارير عف ىذه العمميات ،كتطبيع العبلقة بيف الدكلة كالمكاطنيف،
كتدعيـ العمؿ الحزبي مف أجؿ رفع نسبة المشاركة السياسية التي عرفت تدىك ار ممحكظا
كاعطاء مصداقية لعمميات االقتراع ،كالدفع بالبرلماف لكي يسترجع ثػقة الناخبيف ،كذلؾ
بحث األحزاب عمى إعطاء التزكية لمترشيحات لؤلطر العميا ذات المؤىبلت العالية لتطكير
التشريع بالمغرب ،ككذا العمؿ عمى االنفتاح عمى فعاليات المجتمع المدني ،كاقرار سياسة
23 ،349أكتكبر -1أحمد الخمسي " ،إمتحاف الحظكة عند االتحاد األكركبي" ،جريدة األياـ عدد
،2008ص.19 :
137
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
تشاركية حقيقية معو بالنظر لمصداقيتو كجدية الفاعميف في ىذا المجاؿ ،كالسيما فيما
يتعمؽ بحقكؽ اإلنساف كحماية المرأة كالطفؿ مف كؿ أشكاؿ االعتداء كاالستغبلؿ كتقديـ
الخدمات االجتماعية المختمفة خاصة بعد استقالة الدكلة في ىذا المجاؿ.
إف مفيكـ الحكامة الجيدة ،الشائع االستعماؿ لدل مختمؼ المسؤكليف بالمغرب
تستدعي العمؿ بأف يتطابؽ الكاقع المعيش مع المدلكؿ الحقيقي ليذا المصطمح ،حتى ال
يفقد معناه عمى غرار الكثير مف الشعارات .كالمقصكد ىنا ىك تكسيع مجاؿ الحريات
خاصة حرية التعبير عف الرأم ،كحرية الصحافة ،سيما الصحافة المستقمة ،كانفتاح
المؤسسات السياسية ،كاقرار مصالحة حقيقية مع فعاليات المجتمع المدني األكثر
– عماد االستقرار السياسي كاالجتماعي مصداقية ،كالعمؿ عمى دعـ الطبقة الكسطى
لمببلد -بتحكيؿ النمك االقتصادم إلى تنمية بشرية مستدامة.
كلعؿ األىـ مف كؿ ذلؾ ،يتمثؿ في محاربة الفساد بكؿ أشكالو كأنكاعو ،كدعـ
الفاعميف المنخرطيف في ىذا المجيكد دعما فعميا بمشاركة الفاعميف السياسييف
كاالقتصادييف الذيف يعممكف قبؿ غيرىـ بأف لمفساد تأثير سمبي عمى االستثمار كالتنافسية
كمبدأ تكافؤ الفرص.
كؿ ذلؾ ،في إطار سيادة القانكف كتعزيز الحريات كاستقبلؿ القضاء كنبذ سياسة
البلعقاب ،كتطكير التشريع الجنائي بما يساير مكاقؼ المغرب في المنظمات كالييئات
الدكلية.
إف االتحاد األكركبي ،بانفتاحو عف المغرب ،يعمـ جيدا -مف خبلؿ التقارير العديدة
ذات الطبيعة العممية -كضعية المغرب ضمف العالـ العربي كدكؿ الشرؽ األكسط ،سكاء
تعمؽ األمر بنسبة األمية ،كنسبة البطالة أك الحالة السياسية ،أك تجارة المخدرات ،أك
اليجرة السرية التي تتخذ المغرب كمحطة عبكر نحك أكركبا ،أك نسبة تفشي ظاىرة
138
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
الرشكة 1في مختمؼ دكاليب الدكلة كالمرافؽ العامة ،أك ظاىرة التيرب كالغش الضريبي،
كالحجـ المقمؽ لمقطاع الغير المنظـ ،ككذا طبيعة الحكار االجتماعي مع كافة الييئات
النقابية كالسياسية كآفاقو...الخ.
يجب التأكيد –مجددا -أف الحكامة تقتضي إعادة النظر في اليياكؿ القائمة ،كليس
إصبلحيا .فقد تـ استيبلؾ كؿ شعارات اإلصبلح كبات مف الضركرم تغيير اآلليات كفؽ
استراتيجية جديدة ،كقد سبؽ أف أكدنا غياب أية إستراتيجية لدل التصكر الحككمي في
المجاؿ الجبائي.
فمحاربة الفقر لف تتأثر بالنكام ا الحسنة كحدىا ،كما أكد جبللة الممؾ في إطار
المبادرة الكطنية لمتنمية البشرية ،ذلؾ أف إعادة التأىيؿ االجتماعي ،ىي عممية معقدة ال
يمكف اختزاليا في مجرد تقديـ إعانات ظرفية أك مساعدات مكسمية.
فالضريبة بإمكانيا التأثير في مستكل عيش المكاطف ،ككذا تطكير قدرات المقاكلة،
إال أف سكء استخداـ ىذه األداة أدل إلى نتائج تعاكس الطرح الحككمي بضركرة محاربة
الفقر كاإلقصاء االجتماعي .ذلؾ أف ىاجس الحفاظ عمى التكازنا ت المالية ،كعدـ المساس
بالمداخيؿ اإلجمالية لمضرائب ،دفع اإلدارة الضريبية أف تشكؿ عرقمة حقيقية لمتنمية
2008برفع الضريبة المفركضة عمى األرباح االقتصادية .فقد قاـ قانكف المالية لسنة
-1قاـ المغرب بتأسيس الييئة الكطنية لمكقاية مف الرشكة .كىي ىيئة ذات طبيعة استشارية تابعة
لمكزير األكؿ.
139
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
كفي ىذا اإلطار ،تجدر اإلشارة إلى إنشاء "مجمس القيـ المنقكلة" الذم قاـ بإصدار
ما سمي بػ "مدكنة المعامبلت الجيدة لحكامة المقاكلة" كىي عبارة عف مجمكعة مف
المبادئ الصارمة التي يتعيف عمى المقاكالت المدرجة أسيميا بالبكرصة التقييد بيا .كىي
مبادرة ترمي إلى الرفع مف مستكل نمك الشركات ،كتعزيز تكاصميا مع المساىميف بيا،
حماية لممساىميف خاصة الصغار منيـ ،ككذا تحسيف فعالية كتنافسية المقاكالت ،كالعمؿ
عمى الرفع مف قيمتيا عمى األمد الطكيؿ ،إضافة إلى تقكية ثقة المستثمريف كمؤجرم
األمكاؿ الكطنيف كالدكلييف ،عبر تحسيف شفافية كجكدة اإلعبلـ المالي ،كذلؾ بفضؿ جكدة
ىيئات الحكامة داخؿ المقاكالت (مجمس اإلدارة ،مجمس الرقابة ،اإلدارة الجماعية،
المجمس العائمي ،مجمس المديرية....الخ) .2
كما أف كنفدرالية المقاكليف المغاربة ،قامت ىي األخرل بإحداث لجنة سميت بػ:
–باألساس -عمى احتراـ معايير الجكدة، "المجنة األخبلقية لمحكامة الجيدة" ،كتسير
-1تـ تخفيض ىذه النسبة إلى % 15برسـ قانكف المالية لسنة . 2009
-2يعتبر "مجمس القيـ المنقكلة" دركي البكرصة ،كذلؾ لحرصو عمى سمكؾ ممارسات تحترـ قكاعد
العمؿ بالبكرصة ،كذلؾ بعد ضبطو لمعديد مف المخالفات ارتكبت مف قبؿ شركات مدرجة
بالبكرصة.
140
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
ككضع قكانيف جيدة كفعالة ،تبسيط اإلجراءات ،القياـ بإصبلح إدارم ،لئلسياـ في إصبلح
القضاء ،كالعمؿ عمى إقرار إصبلح جبائي ،كالرفع مف تنافسية المقاكلة ،كالعمؿ عمى
جمب االستثمار األجنبي....الخ .1
كما تتمثؿ المفارقة الثانية في استمرار ضغكط أرباب المقاالت التي تطالب
بالتقميص التدريجي لسعر الضريبة المفركضة عمى الشركات ،كبيف استمرار نسبة كبيرة
مف المقاكليف سمكؾ سياسة االبتزاز اتجاه الدكلة .فيـ يطالبكف دكما بالمزيد مف الدعـ
كاإلعفاءات لتحقيؽ "التأىيؿ االقتصادم كلخكض غمار التنافسية الدكلية مف مكقع قكم"،
كفي نفس الكقت يدلكف بإق اررات ضريبية تصرح بعجز أك "خسارة" ،كاذا أضيفت إلى ىذه
الشريحة ،مجمكعة المقاكالت التي تستفيد مف إعفاءات ضريبية جزئية أك كمية ،بحكـ
القانكف ،كما ىك الشأف بالنسبة لمقطاع الفبلحي ،أك المقاكالت العاممة في بعض أقاليـ
المممكة ،فإف نسبة المقاكالت التي تصرح بتحقيؽ أرباح كتؤدم بالتالي ما بذمتيا اتجاه
خزينة الدكلة تعد ضئيمة جدا .كالجدير بالذكر أف المقاكالت المدرجة أسيميا بالبكرصة
ىي التي تتحمؿ العبء األكبر مف مجمكع المكارد المحصمة في إطار الضريبة عمى
الشركات.
فيؿ الرفع مف نسبة الضريبة المفركضة عمى أرباحيا بالبكرصة يعد تدبي ار جيدا،
كتصرفا سميما؟ الضربة الثانية التي حمميا قانكف المالية لسنة ،2008تمثمت في الزيادة
في سعر الضريبة عمى القيمة المضافة المفركضة عمى القرض اإليجارم مف %10إلى
%20أم بنسبة ،%100كذلؾ بعد مركر سنة كاحدة عف الزيادة األكلى ،كقد تعرضنا
ليذه المسألة بتفصيؿ خبلؿ القسـ الثاني مف ىذا البحث ،كنتساءؿ كنحف بصدد تقييـ
الحكامة في المجاؿ الجبائي ،عف الحكمة مف ىذا اإلجراء 2؟
-1لممزيد مف التفاصيؿ راجع األحداث المغربية عدد 3281 .:بتاريخ 1فبراير ،2008ص .11
-2بمغ عدد المقاكالت التي تصرح بعجز أك خسارة %64مف مجمكع المقاكالت.
141
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
إنو يعني بكؿ بساطة تكسير كثيرة االستثمار ،كالقضاء عمى فرص التشغيؿ الضئيمة
أصبل كالعشكائية في اتخاذ الق اررات.
إف استئثار الفريؽ التقني بك ازرة المالية بصناعة القرار الضريبي ،مع غياب أم أفؽ
سياسي ،أك اقتصادم ،كالرككف إلى المعطيات الرقمية قد أدل إلى القضاء التدريجي عمى
الطبقة المتكسطة التي تعمؿ اقتصاديات الدكؿ النامية عمى دعميا كالحفاظ عمييا ،بؿ
تعمد إلى خمقيا في حالة عدـ كجكدىا ،ألنيا الكفيمة بالحفاظ عمى التكازنات السكسيك-
اقتصادية ،كالتخفيؼ مف حدة التفاكتات االجتماعية ،التي كمما تكسعت ،شكمت تيديدا
حقيقيا لبلستقرار السياسي بالبمد.
إف كؿ ذلؾ يعكس المناخ االقتصادم العاـ المتميز بالنزكع نحك القطاعات غير
المييكمة ،مما يخمؽ عدة اختبلالت في النسيج االقتصادم يصعب ،إف لـ يكف يستحيؿ،
التغمب عمييا باالعتماد فقط عمى مساطر زجرية .ذلؾ أنو كمما تحقؽ تقدـ في تثبت
اآلليات الجديدة لمرقابة ،كمما صار باإلمكاف ضبط المزيد مف حاالت الغش كالتدليس،
كخاصة منيا تمؾ التي تتميز بمفارقة كبرل تتمثؿ في تصريح بعض الشركات طيمة عدة
سنكات بخسارة ،كمع ذلؾ فإنيا تستمر في مزاكلة نشاطيا بشكؿ اعتيادم.
لقد اتضح بأف العديد مف االمتيازات كاإلعفاءات الضريبة ليس ليا أم تأثير
اقتصادم أك اجتماعي ،في الكقت الذم تمس فيو بمبادئ الحياد كالمساكاة كالعدالة
الضريبية ،بشكؿ بات معو مف الضركرم إعادة النظر في الفمسفة العامة التي تحكـ
1
التي بشر بيا النظاـ الضريبي حتى يستجيب ليذه المبادئ .كما أف الحككمة االلكتركنية
المسئكلكف كالتي ال نرل ليا أم تأثيرات ،بؿ ليس ليا أم كجكد ،الشيء الذم يعني
ببساطة شديدة عدـ الرغبة في المجكء إلى تقنيات المعمكميات كأسمكب حديث لمرقابة
-1يتعمؽ األمر بمشركع حككمي ضخـ يقضي بتزكيد مختمؼ اإلدارات العمكمية بنظاـ المعمكميات لتطكير الخدمات
اإلدارية كالرفع مف جكدتيا.
142
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
كالتدقيؽ كضبط المادة الخاضعة لمضريبة ،كلمختمؼ شرائح الممزميف ضبطا دقيقا كمحكما
مما يسيؿ عمميات تأسيس الضريبة كربطيا بشكؿ فعاؿ كعادؿ.
إف سمطة البرلماف تظؿ جد محدكدة عندما يتعمؽ األمر بالسعي نحك تحقيؽ عدالة
جبائية حقيقية ،كاألمر ال يتعمؽ بمقتضيات الفصؿ 51مف الدستكر الذم يقكـ حائبل دكف
مقترحات النكاب كتبنييا مف طرؼ الحككمة ،كلكف أيضا إلى تقاعس النكاب عف القياـ
بالدكر المنكط بيـ.
إف عرض مشركع قانكف المالية ،يعتبر فرصة سانحة لتقييـ كمراقبة كاستشراؼ
األداء الحككمي مف خبلؿ استقراء السياسة العمكمية في المجاليف االقتصادم
كاالجتماعي ،انطبلقا مف االعتمادات المرصكدة لكؿ قطاع عمى حدة ،غير أنو بالرغـ مف
ذلؾ ،ال تبدك الرقابة البرلمانية آلية حقيقية كذات فعالية .فعدـ إخبار البرلماف مسبقا
بالتكجيات التي تتحكـ في تحضير الميزانية ،كانعداـ المتابعة ،كتأخير قكانيف التصفية،
كميا عكامؿ تجعؿ المراقبة عممية شكمية ،كما أف عدـ استجابة الحككمة لمعديد مف
االقتراحات كالتعديبلت حتى كلك كانت معقكلة كناجعة ،يجعؿ قانكف المالية قاص ار في
تكقعاتو ،ىزيبل في محتكاه ،كضعيفا في تركيبتو ،حيث أنو أصبح مجرد أداة إدارية
تحكميا حسابات األغمبية كالمعارضة ،كمنطؽ التكازنات الحسابية ،بعيدا عف الحقائؽ
المكضكعية لبلقتصاد الكطني ،كانتظارات المكاطنيف.
إف غياب ركح االبتكار لدل النكاب ،ككذا قمة اإلصبلحات البنيكية ،جعمت البرلماف
يفقد –بالتدريج -مصداقيتو ،انعكس في شكؿ نفكر سياسي ،كعزكؼ غير مسبكؽ عف
المشاركة في االستحقاقات االنتخابية .
كاذا كاف البرلماف ال يحظى بشعبية كبيرة كسط الممزميف ،فإف القضاء ،بخبلؼ ذلؾ،
أصبح يمثؿ ممجأىـ الكحيد ،مف شطط اإلدارة ،كالحماية مف االنعكاسات السمبية لغمكض
النصكص الضريبية كتعقيداتيا ،كقد أدل الكعي بمستمزمات دكلة القانكف ،إلى المجكء
143
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
المكثؼ إلى القضاء اإلدارم ،بالرغـ مف حداثة عيده ،لمفصؿ في المنازعات الضريبية
الناشئة بيف الممزـ كاإلدارة.
إف المنازعة الجبائية تيدؼ إلى إضفاء صفة الشرعية عمى أعماؿ السمطات
اإلدارية ،فيي تتعدل اإللغاء إلى تعديؿ القرار الجبائي ،كتغييره أك تكجيو األمر لئلدارة
الضريبية أك الحمكؿ مكانيا في إقرار تصحيح الكضع الضريبي ،أك المراكز القانكنية
لؤلطراؼ كىي بذلؾ تندرج ضمف القضاء الشامؿ ،كليس قضاء اإللغاء ،كاف كاف ىذا
يعني عدـ كجكد دعكل اإللغاء ،عمى سبيؿ االستثناء في إطار المنازعات الضريبية،
كذلؾ عندما يتعمؽ األمر بق اررات إدارية منفصمة عف عممية تأسيس الضريبة أك ربطيا أك
تفسير بعض المقتضيات التنظيمية.
كقد حاكلنا عرض حاالت مختمفة لكؿ صنؼ مف أصناؼ الضرائب الرئيسية
الكبرل ،كابراز مكاقؼ القضاء في كؿ حالة عمى حدة ،كىي الحاالت التي تبرز تنكع
كغنى ىذه المكاقؼ كالتي مف شأنيا أف تشكؿ منطمقا كأرضية الجتياد قضائي متميز.
إف تركيزنا عمى دكر القضاء ،ينبع أساسا مف ككنو يمثؿ الحجر األساسي في دكلة
الحؽ كالقانكف ،فالحكامة تستكجب نظاما متكامبل مف مبادئ المحاسبة كالمساءلة
السياسية كاإلدارية كالقانكنية لممسؤكليف عمى اختبلؼ مراتبيـ أثناء ممارستيـ لكظائفيـ،
كعف طرؽ تدبيرىـ لممكارد العمكمية.
كبالرغـ مف شيكع الخطاب األخبلقي الذم يحمؿ العديد مف الرسائؿ التي تقضي
بمحاربة الفساد ،كاعتبار المرجعية الدينية كاألخبلقية أساسا لمقاكمتو إال أف المفارقة أف
144
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
المتكرطيف في الفساد يظمكف بعيديف عف أم اتياـ أك مساءلة .كىذا يسيء لسمعة المغرب
لدل المؤسسات كالييئات الدكلية بعكس ما يعتقده البعض .1
فمعيار الحكامة لدل منظمة التعاكف االقتصادم لمتنمية مثبل تتمخص إجماال في:
دكلة القانكف ،شكؿ إدارة القطاع العاـ ،السيطرة عمى الفساد ،خفض النفقات
العسكرية ،تنظيـ االقتصاد ،حكـ القانكف ،المعاممة بالمساكاة ،المشاركة السياسية ،تأميف
فرص متساكية لبلستفادة مف الخدمات التي تكفرىا الدكلة ،محاربة الفساد.
كما يتمثؿ ىذا المعيار لدل برنامج األمـ المتحدة اإلنمائي في:
المشاركة ،حكـ القانكف ،الشفافية ،حسف االستجابة (أم التحكـ بيف المصالح
المتضاربة) ،التكافؽ ،المحاسبة ،الرؤية االستراتيجية...الخ.
كىكذا ،يتضح بأف ىناؾ ضكابط عمى المغرب االلتزاـ بيا كاحتراميا ،ما داـ قد
اختار االنفتاح عف األسكاؽ الدكلية ،كتكييؼ ق ارراتو لتدبير الشأف العاـ كفؽ متطمبات ىذه
األسكاؽ كػ:
-1نبلحظ ظاىرة تقديـ الزعماء السياسييف كرؤساء الحككمات في الدكؿ الغربية ،ككذا رؤساء الدكؿ
الستقالتيـ جراء تكرطيـ في فضائح مالية أك أخبلقية ،أك إثر تكجيو تيمة الفساد إلييـ .إال أف ىذا
ال يحدث إطبلقا في الدكؿ العربية.
145
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
استقبللية القضاء؛
إف الحديث عف الحكامة الجبائية ،يجب أف ينصب عمى المؤشرات التي تطبع
النظاـ الضريبي المغربي في شمكليتو ،أم عمى مدل تكفره عمى مؤشرات مكضكعية
تصمح أف تككف معيارية لمحكـ عمى مدل استجابتو لمفيكـ الحكامة ،أم حسف التدبير،
العقبلنية ،العدالة ،كالمركنة...الخ ،لذلؾ فإنو يبدك مف الضركرم االبتعاد عف السرد
التقني ،كاالنفبلت مف أسر البيانات الرقمية كاإلحصائية ،لمتمكف مف استعراض بعض ىذه
المؤشرات ،كمف ضمنيا:
مدل تكفر النصكص القانكنية ،ككضكحيا ،كال سيما التحكـ في المغة المستعممة
في تحريرىا كصياغتيا؛
146
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
147
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
" ندكة الفساد كالحكـ الصالح في الببلد العربية" ،مركز دراسات الكحدة العربية ،شتنبر
.2004
" ،2004نحك الحرية في الكطف العربي"، تقرير التنمية اإلنسانية العربية لعاـ
برنامج األمـ المتحدة اإلنمائي.
" التشريع الضريبي المغربي" ،السيد عبد المكلى ،مكتبة الطالب 1979
"" حؽ الدفاع الشرعي في القانكف الدكلي الجنائي" ،محمد خمؼ .1973
غير منشكر.
تحصيؿ الضرائب كالديكف عمى ضكء المدكنة الجديدة" ،عبد الرحماف أبميبل كعبد
الرحيـ الطكر ،مطبعة األمنية 2000الرباط.
148
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
السياسة الضريبية كاستراتيجية الدكؿ النامية" عبد السبلـ أديب ،دراسة تحميمية لمنظاـ
الجبائي المغربي ،إفريقيا –الشرؽ ،ط .1998 ،1
" المنازعات الجبائية المتعمقة بربط كتحصيؿ الضريبة أماـ القضاء اإلدارم" ،القصرم
محمد ـ.ـ.ـ.إ.ـ.ت سمسمة أعماؿ جامعية ،ط .أكلى .2005
"النظاـ القانكني لممنازعات الجبائية بالمغرب" ،عبد الرحماف أبميبل كمحمد مرزاؽ ،ط
اإلدارة الجبائية بالمغرب" عبد الرفيع بكداز ،رسالة لنيؿ دبمكـ السمؾ العالي لممدرسة
الكطنية لئلدارة العمكمية ،الرباط .1988
149
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
مديرية الضرائب" مف اإلصبلح الجبائي إلى اإلصبلح اإلدارم" كاعدم البشير رسالة
لنيؿ دبمكـ السمؾ العالي لممدرسة الكطنية لئلدارة العمكمية ،الرباط .1995
" تحديث مديرية الضرائب ،نكر الديف بمقناش ،رسالة لنيؿ دبمكـ السمؾ العالي
لممدرسة الكطنية لئلدارة العمكمية ،الرباط .1993
انًجالت وانًقاالت:
،6 " الحكامة كالتدبير العمكمي الجيد بالمغرب" المجمة المغربية لمتدقيؽ كالتنمية ،ع
.2005
" دكر المجاف البرلمانية في المراقبة مف خبلؿ الثبلث دكرات األكلى لمكالية التشريعية
الخامسة" المجمة المغربية لمتنمية المجمة ،عدد .11
الجريدة الرسمية عدد 5278 :بتاريخ 17ذك القعدة 30( 1425ديسمبر )2004
" اإلصبلح الضريبي" كالحمقة المفقكدة :اإلدارة الضريبية" عبد الرفيع بكداز جريدة
االتحاد االشتراكي ،سمسمة مقاالت ،شير مام .1990
150
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
" تقييـ السياسات العمكمية" محاضرات القيت عمى طمبة السنة الثانية مف د.ع.ـ
السنة الجامعية 2005-2004غير منشكر.
" الحكامة البرلمانية أية تطبيقات في "القرف الحادم كالعشريف" ،أشغاؿ اليكـ الدراسي
الذم نظمو المركز الدكلي لمدراسات كالحكامة الشاممة ،المجمة المغربية لمتدقيؽ
كالتنمية ،عدد .2007/24/23
" أييا الخاضعكف لمضريبة ،احذركا" ،عبد الرحيـ بركة ،جريدة االتحاد االشتراكي ،ع
.2005 -7885
بانهغة انفرنسية:
Assises nationales sur la fiscalité au maroc. Rabat les 26-27 novembre.
1999.
151
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
.1 . ط. بيركت، المركز الثقافي العربي، الضرائب في الدكؿ العربية: صباح نعكش
، شركة النشر كالتكزيع، لماذا اإلصبلح؟، الضرائب المباشرة في المغرب: صباح نعكش
.1 . ط. الدار البيضاء،المدارس
152
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
153
قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب
انـــًــالحق
154