You are on page 1of 154

‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫رسانح نُيم دتهوو انذراساخ انؼهيا انًؼًقح‬


‫في انقاَوٌ انؼاو‬
‫ذحد ػُواٌ‪:‬‬

‫قراءة في طرق تدبير الضريبة‬

‫إػذاد ‪ :‬عبد الرفيع بوداز‬

‫‪1‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫يحاونح نرحذيذ اإلطار انًفاهيًي‬


‫البد قبؿ التطرؽ لمكضكع الحكامة الجبائية – باعتباره – مكضكعا حديث نسبيا‪ ،‬أف‬
‫نعرض لمدلكؿ الحكامة في محاكلة لتحديد المفاىيـ ككذا مدلكؿ المصطمح‪ ،‬الذم يبدك بأف‬
‫كثرة استعمالو قد اضفت عميو عدة مضاميف قد ال تتطابؽ بالضركرة مع معناه العممي‬
‫االصطبلحم الدقيؽ‬
‫ظير مفيكـ "الحكامة" عندما أضحت التنمية مرتبطة بتحقيؽ التكامؿ بيف النشاط‬
‫االجتماعي كاالقتصادم كالسياسي كالثقافي‪ ،‬مستندة عمى مبدإ العدالة في تكزيع الخيرات‬
‫كمبدإ المشاركة‪ ،‬أم إنجاز التنمية المستدامة التي بدكنيا ال يمكف تحكيؿ النمك‬
‫االقتصادم إلى تنمية بشرية‪.‬‬
‫كبالرغـ مف ككف الحديث عف "الحكامة" لـ يبدأ إال في السنكات األخيرة‪ ،‬سيما بعد‬
‫‪1‬‬
‫عف "الحكـ الجيد ألجؿ التنمية في الشرؽ األكسط كشماؿ‬ ‫صدكر تقرير البنؾ الدكلي‬
‫–أساسا‪ -‬عمى مختمؼ اآلليات‬ ‫إفريقيا"‪ .‬إال أف مفيكـ الحكامة‪ ،‬مفيكـ قديـ‪ ،‬كىك يدؿ‬
‫كالمؤسسات التي تشترؾ في صناعة القرار‪ .‬كقد تطكر ىذا المفيكـ كأصبح يعني ممارسة‬
‫السمطة السياسية كادارتيا لشؤكف المجتمع كلكؿ مكارده‪ .‬أم الحكـ الذم تمارسو قيادات‬
‫سياسية منتخبة بشكؿ ديمقراطي إلى جانب الكفاءات اإلدارية لتحسيف نكعية حياة‬
‫المكاطنيف‪ ،‬كتحقيؽ رفاىيـ‪ ،‬كذلؾ عبر مشاركتيـ كدعميـ‪.‬‬
‫كقد اتخذ ىذا المفيكـ عدة أشكاؿ تعبيرية‪ ،‬كذلؾ حسب الباحثيف أك الدكؿ التي تبنت‬
‫الح ْك َك َمة"‪ ،‬في‬
‫ىذا المصطمح‪ .‬فقد أقر مجمع المغة العربية بالقاىرة ترجمة المصطمح بػ " َ‬
‫الكقت الذم تستعمؿ فيو العديد مف الدكؿ تعابير أخرل مثؿ‪ :‬الحكـ الرشيد‪ ،‬الحكـ الجيد‪،‬‬
‫اإلدارة الرشيدة‪ ،‬الحكامة الجيدة‪...‬الخ‪ ،‬إال أف الباحثيف المغاربة يستعممكف تعبير "الحكامة"‬
‫كترجمة أصبحت شائعة التداكؿ بدكف تبني رسمي ليا مف أم جية كانت‪ .‬أما الباحثكف‬

‫‪ -1‬قاـ برنامج األمـ المتحدة اإلنمائي بدكره بإصدار مجمكعة مف التقارير حكؿ "التنمية اإلنسانية‬
‫العربية" أثارت جدال كاسعا في األكساط السياسية كالفكرية في العالـ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫‪1‬‬
‫كالمحككمية‬ ‫في باقي الدكؿ العربية فقد استعممكا عدة تعابير منيا‪ :‬الحاكمية كالحكمائية‬
‫كالحكامة‪...‬إلخ كذلؾ كترجمة لمنص االنجميزم » ‪.« Governance‬‬
‫كبالرغـ مف ككف ىذا المصطمح قد ظير في البدء لمداللة عف طرؽ تدبير الشأف‬
‫العاـ‪ ،‬فإنو أخذ منعطفا آخر بعد شيكعو بكثرة لدرجة االبتذاؿ‪ ،‬حيث أخذ يطمؽ عمى‬
‫حسف تدبير بعض المجاالت المحددة كػ‪" :‬الحكامة االقتصادية"‪ ،‬ك"الحكامة المقاكالتية"‪،‬‬
‫ك"الحكامة المالية‪...‬الخ" إال أف المدلكؿ األقرب إلى الصكاب ‪ -‬بدكف محاكلة ترجمتو‬
‫حرفيا سكاء عف الفرنسية أك االنجميزية‪ -‬ىك الحكـ الصالح أك الجيد أك الرشيد‪ .‬كىك‬
‫ينسب إلى أجيزة البنؾ الدكلي كصندكؽ النقد الدكلي‪ .‬كقد تـ "كضعو" خصيصا لمدكؿ‬
‫–‬ ‫النامية ليككف مؤش ار لمنح القركض كالمساعدات المالية كاليبات‪ ،‬كتظؿ ىذه األجيزة‬
‫بطبيعة الحاؿ‪ -‬محتفظة بكامؿ الصبلحية لتحديد ما ىك الحكـ الصالح‪ ،‬كالحكـ غير‬
‫الصالح‪.‬‬
‫كاذا كاف مف الصعب إيجاد تعريؼ لماىية الحكـ الجيد‪ .‬فإف ىناؾ العديد مف‬
‫المؤشرات التي مف شأنيا تقريبنا مف مضمكف ىذا المصطمح‪ ،‬مثؿ ىامش الحرية‪،‬‬
‫التعددية الحزبية‪ ،‬حرية الصحافة كالنشر‪...‬الخ‪ ،‬إال أف غياب المعطيات‪ ،‬كتنكع األنظمة‬
‫– كذلؾ‬ ‫السياسية في الكطف العربي دفع الباحثيف إلى المغامرة بالقياـ بدراسة ميدانية‬
‫بالرغـ مف الصعكبات الكثيرة التي تعترض ذلؾ‪ -‬قصد االستناد إلى بعض الدالئؿ‬
‫– في بعض الدكؿ‪ -‬مع‬ ‫المكضكعية‪ .‬فقد تمت مبلحظة أف النمك االقتصادم لـ يترافؽ‬
‫تحسف مستكل المعيشة‪ ،‬كمف ىنا تمت بمكرة مفيكـ الحكـ الصالح ليعمؿ عمى تحكيؿ‬
‫النمك االقتصادم إلى تنمية بشرية مستدامة‪.‬‬
‫إف مؤشر الدخؿ الفردم – مثبل‪ -‬يجعؿ الدكؿ المعنية تحتؿ مراتب متأخرة مقارنة‬
‫مع دكؿ ذات كضع اقتصادم مماثؿ‪ ،‬كالتي تشكؿ منافس قكم ليا عمى مستكل االقتصاد‬
‫العالمي‪.‬‬

‫‪ -1‬مركز دراسات الكحدة العربية‪" :‬ندكة الفساد كالحكـ الصالح في الببلد العربية"‪ ،‬شتنبر ‪.2004‬‬

‫‪3‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫إف اليكة التي تفصؿ ىذه الدكؿ عف مفيكـ الحكـ الجيد – كبالتالي عف الحكامة كما‬
‫تـ تحديدىا سالفا‪ -‬ترتكز عمى مؤشراف ىاماف ىما‪:‬‬
‫نكع التدبير بالقطاع العمكمي‪ ،‬كمستكل المساءلة العامة في الدكلة‪ :‬يعكس المؤشر‬
‫–مثبل‪ ،-‬كما يقيس‬ ‫األكؿ مستكل الفعالية كالكفاءة في مياديف عدة‪ :‬اإلدارة‪ ،‬العدالة‬
‫باألساس مستكل أداء اإلدارة بالقطاع العاـ المعركؼ بسكء التدبير‪ ،‬الشيء الذم دفع‬
‫الحككمات إلى تبني سياسة الخكصصة‪ ،‬بشكؿ مبالغ فيو‪.‬‬
‫أما المؤشر الثاني فيك يقيس مدل انفتاح المؤسسات السياسية‪ ،‬كمستكل المشاركة‪،‬‬
‫–أيضا‪ -‬تعرؼ‬ ‫كاحتراـ الحريات العامة‪ ،‬ككذا حرية الصحافة كالنشر‪ .‬في ىذا المجاؿ‬
‫منطقة شماؿ ايفريقيا كالشرؽ األكسط تخمفا كبيرا‪ ،‬فبالرغـ مف ارتفاع الدخؿ القكمي بؿ‬
‫كالفردم لبعض الدكؿ‪ ،‬فإف المساءلة تظؿ ضعيفة‪ ،‬بعكس ما يحدث بدكؿ أخرل‪.‬‬
‫يتعيف عمى كؿ إدارة رشيدة‪ ،‬أف ترتكز عمى مقكمات اإلصبلح النابع مف الداخؿ‪،‬‬
‫كالذم يأخذ باالعتبار ظركؼ كؿ بمد كتاريخو كتراثو‪ ،‬كما يتعيف أف تشمؿ بنية المجتمع‬
‫ككؿ‪ ،‬مف المؤسسات المككنة لو‪ ،‬انطبلقا مف الفرد‪ ،‬كمرك ار بمؤسسة األسرة‪.‬‬
‫كؿ ذلؾ في إطار سيادة القانكف‪ ،‬كتعزيز الحريات‪ ،‬كاستقبلؿ القضاء كتكافؤ الفرص‬
‫كتعاظـ المشاركة عمى كافة المستكيات‪ ،‬كقياـ المؤسسات بدكرىا الرئيسي في تطكير‬
‫المجتمع‪ ،‬كتصحيح مسار التنمية ‪.1‬‬
‫كلكف أيف نحف مف الحكامة بالمغرب ؟‬
‫بالرغـ مف الحديث عف دكلة الحؽ كالقانكف‪ ،‬فإنو يبدك بأنو مف الضركرم العمؿ‬
‫عمى استكماؿ بناء دكلة القانكف‪ ،‬مع ضركرة مشاركة جميع الفاعميف ‪ ،‬مع خمؽ المركزية‬
‫حقيقية كالدفع إلى إحداث إدارة مكاطنة‪ ،‬مع تبسيط المساطر كالتقميؿ مف اإلجراءات‬
‫كتقريب فعمي لئلدارة مف المكاطنيف‪ ،‬كاقرار نزاىة فعمية لئلنتخابات كتكحيد التنسيؽ بيف‬
‫مختمؼ اإلدارات العمكمية لترشيد السياسات العمكمية كمحاربة الرشكة‪ ،‬كالعمؿ عمى ترشيد‬

‫‪( 2004‬نحك الحرية في الكطف العربي) برنامج لؤلمـ‬ ‫‪ -1‬تقرير التنمية اإلنسانية العربية لعاـ‬
‫المتحدة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫التدبير العمكمي (كالقياـ بافتحاصات دكرية‪ ،‬كالتقميص مف النفقات‪ ،‬كاإلبتعاد عف مظاىر‬


‫التدبير ‪...‬إلخ) كمحاربة الممارسات غير الشريفة‪ ،‬كاإلحتكار‪-‬مثبل‪ -‬كالغش‪ ،‬مع إقرار‬
‫شفافية في مجاؿ الصفقات العمكمية كجكدة المنافسة‪...‬إلخ‬
‫إف الحكامة الجيدة تتطكر كتتحسف بشكؿ مضطرد بتطكر مستكل البمد المعني عمى‬
‫مستكل اإلقتصادم كالسياسي‪ ،‬كالعكس بالعكس‪.‬‬
‫كلكف لمحكامة عدة عكائؽ تحكؿ دكف تطبيقيا بشكؿ سميـ كيجب التأكيد أف الحكامة‬
‫ليست مطمب الجميع‪ ،‬فالمكبيات المستفيدة مف الفسػاد تشكؿ "جيكب المقاكمة" ‪ 1‬مقاكمة كؿ‬
‫شكؿ مف أشكاؿ الرقابة كالمحاسبة‪ .‬فالحكامة أصبحت تمثؿ إحراجا لكؿ ىؤالء‪.‬‬
‫كاألكيد ‪-‬أيضا‪ -‬أف ىناؾ إرادة سياسية تدفع إلى إقرار حكامة جيدة‪ ،‬كالحث مثبل‬
‫عمى إنشاء الحككمة اإللكتركنية ‪ ،‬أك التشديد في مراقبة المرافؽ العمكمية‪.‬‬
‫كلعؿ نشر التقرير السنكم عف أشغاؿ المجمس األعمى لمحسابات يدخؿ في ىذا‬
‫السياؽ‪ ،‬بالرغـ مف تضمنو اتيامات كاضحة كصريحة لمعديد مف الكزراء بسكء تدبير‬
‫الماؿ العاـ‪ ،‬كىي سابقة أثارت جدال في األكساط السياسية كاإلقتصادية كالمالية ‪.2‬‬
‫فالحكامة ىي مجمكعة مف الضكابط كالمساطر التي يتعيف احتراميا بدقة‪ .‬فعدـ‬
‫احتراـ أحكاـ القضاء النافذة‪- ،‬مثبل‪ -‬يعتبر خركجا عف قكاعد الحكامة‪ .‬كلعؿ العديد مف‬
‫اإلدارات العمكمية ترفض تنفيذ أحكاـ القضاء‪ ،‬أك تتباطؤ في ذلؾ‪ ،‬ثـ إف بقاء منصب‬
‫ساـ في أجيزة الدكلة شاغ ار لمدة طكيمة بدكف تعييف خمؼ لممسؤكؿ المغادر‪ ،‬أك تممص‬
‫بعض المقاكالت مف أداء ضرائبيا‪ ،‬إضافة إلى ظاىرة النكاب الرحؿ التي يتميز بيا‬
‫المغرب دكف غيره مف الدكؿ ‪ ...‬إلخ‪ ،‬كؿ ىذا يعتبر خركجا عف قكاعد الحكامة الجيدة‪.‬‬

‫‪ -1‬حيث تشتكي –مثبل‪ -‬بعض الجماعات المحمية مف رقابة المجمس األعمى لمحسابات ( نمكذج‬
‫عمدة مدينة فاس)‪.‬‬
‫‪ -2‬صدر التقرير في ‪ 700‬صفحة ‪ ،‬كقد قاؿ السيد محمد الميداكم رئيس المجمس األعمى لمحسابات‬
‫في معرض تقديمو أماـ لجنة المالية بالبرلماف‪" :‬ال يمكف الحديث عف الحكامة بدكف محاسبة‪ ،‬كبدكف‬
‫شفافية‪ ،‬كبدكف عقاب"‪( .‬دجنبر ‪.)2008‬‬

‫‪5‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫لذا‪ ،‬فإنو مف الضركرم إرساء قكاعد منظكمة لمتقكيـ‪ ،‬التي تعد أساسية لتحقيؽ تقدـ‬
‫مممكس لمتطبيؽ السميـ لقكاعد الحكامة ككضع حد مثبل لسياسة البلعقاب كاقرار شفافية‬
‫في إسناد المناصب كيفما كانت مراتبيا‪ ،‬كاعتماد الكفاءة كمعيار كحيد‪ ،‬بعيدا عف القرابة‬
‫العائمية كالعبلقات الحزبية‪ ،‬مما ينعكس إيجابا عمى طرؽ تدبير المرفؽ العمكمي الحقا‬
‫‪...‬إلخ‪.‬‬
‫كما يتعيف إقرار منظكمة تربكية جيدة‪ ،‬فبدكف المعرفة ال يمكف الحديث عف الحكامة‬
‫الجيدة‪ ،‬فالدكؿ الحديثة أصبح ترتيبيا يتـ كفؽ جكدة منظكمتيا التربكية‪ ،‬كليس مف‬
‫الضركرم التأكيد – مجددا ‪ -‬بمضمكف التقرير الصادر عف البنؾ الدكلي حكؿ مستكل‬
‫كجكدة التعميـ بالمغرب‪ .‬فمجتمع المعرفة ىك المدخؿ األساسي لكؿ حكامة جيدة ‪.1‬‬

‫‪ 2008 . 12.25‬أف مبمغ ‪ 0.60‬درىـ ‪،‬‬ ‫‪ -1‬أكد تقرير لممندكبية السامية لمتخطيط الصادر بتاريخ‬
‫ىك متكسط ما ينفقو المغاربة يكميا لمثقافة بجميع مككناتيا كىي نسبة غنية عف كؿ تعميؽ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫ذـقـذيــى‪:‬‬
‫إذا كاف اليدؼ األساسي لكؿ حككمة ىك تحقيؽ التنمية االقتصادية‪ ،‬كالرفاه‬
‫‪1‬‬
‫قد رسمت خارطة الطريؽ‬ ‫االجتماعي لمكاطنييا‪ ،‬فإف المبادرة الكطنية لمتنمية البشرية‬
‫‪2‬‬
‫كالمتمثمة –أساسا‪-‬‬ ‫بالنسبة لمحككمة المغربية التي التزمت بالعمؿ عمى تنفيذ مضامينيا‬
‫في العمؿ عمى إيجاد السبؿ الكفيمة بمحاربة الفقر كالتيميش كاالقصاء عبر تعبئة كافة‬
‫المكارد كالطاقات لبمكرة مفيكـ جديد لمعمؿ الحككمي‪ ،‬أم اعتماد مقاربة جديدة تقكـ عمى‬
‫اإلصغاء كالتشاكر مع كؿ القكل الحية بالببلد‪ ،‬كاشتراؾ كاسع لممكاطنيف‪ ،‬كتحديد كعقمنة‬
‫تدخؿ المؤسسات كاألجيزة العمكمية‪ ،‬مع رصد االعتمادات الكافية مف الميزانية العامة‬
‫لمدكلة بشكؿ قار كدائـ بدكف المجكء إلى الزيادة في العبء الجبائي ‪ .3‬إف اإلشارة الممكية‬
‫إلى عدـ الرفع مف االقتطاعات الضريبية‪ ،‬كبالتالي عدـ الزيادة في الضرائب ليا داللة‬
‫ىامة باعتبار أف الضرائب تشكؿ أىـ مكرد مف مكارد خزينة الدكلة‪ ،‬مف جية‪ ،‬كلككف‬
‫الضريبة‪ ،‬مف جية أخرل‪ ،‬كانت منذ القدـ محكر الصراعات االجتماعية‪ ،‬كما أدت (أم‬
‫‪ .4‬كلعؿ تاريخ‬ ‫الضريبة) إلى اإلسياـ بشكؿ كبير في إرساء دعائـ النظـ الديمقراطية‬
‫المغرب الحديث كاف مطبكعا بالصراعات القكية التي كاف محكرىا "االحتجاج الضريبي"‬
‫انطبلقا مف أرض السيبة‪ ،‬مرك ار بسكؽ النجاريف بفاس‪ ،‬كصكال إلى ساحة مشكر مراكش‬
‫بمعية "عبلؿ بف احسف" قائد "تمرد الدباغييف" ضد الغمك الضريبي ‪ ،5‬إال أف ىذا األمر ال‬
‫يمنع مف التأكيد عمى حقيقة أساسية كىي أف إنجاز البرامج الحككمية‪ ،‬ككذا القياـ بػ‬
‫"المياـ التقميدية" المكككلة لمدكلة كالمتمثمة في تقديـ الخدمات األساسية (صحة‪ ،‬تعميـ‪،‬‬

‫‪ -1‬يتعمؽ األمر بالمبادرة الكطنية لمتنمية البشرية التي طرحيا جبللة الممؾ في شير مام ‪.2005‬‬
‫‪ -2‬اتضح أف الحككمة لـ يكف ليا برنامج محدد‪ ،‬حيث اعتمدت المبادرة الممكية كبرنامج عمميا‬
‫لمسنكات المقبمة‪.‬‬
‫‪ -3‬كرد ىذا االلتزاـ في الخطاب الممكي لعرض مضمكف المبادرة الكطنية لمتنمية البشرية‪.‬‬
‫‪ -4‬تعتبر السمطات المالية ىي االصؿ في جميع سمطات البرلماف البريطاني‪.‬‬
‫‪" -5‬الغش الضريبي" يحي الصافي ‪.1981‬‬

‫‪7‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫أمف‪...‬الخ) يظؿ مرتبطا – إلى حد كبير‪ -‬بالمكارد المتاحة لدييا‪ .‬إف تعاظـ ىذه الخدمات‬
‫أصبح يتطمب رصد اعتمادات ضخمة لتغطية نفقات الدكلة‪ .‬مف ىنا يتجمى الحيز الياـ‬
‫الذم تمثمو المداخيؿ الضريبية ضمف الميزانية العامة‪ ،‬ككذا دكر الضريبة كأداة في خدمة‬
‫سياسة كاستراتيجية اقتصادية محددة‪ ،‬كلعؿ ىذا يتطابؽ مع تعريؼ الضريبة ذاتيا بككنيا‬
‫"اقتطاع جبرم كنقدم يؤدل بدكف مقابؿ بيدؼ تمكيؿ األعباء العامة" ‪.1‬‬

‫إال أف سعي المشرع الضريبي إلى تحقيؽ عدة أىداؼ مرتبطة بالنشاط االقتصادم‬
‫كاالجتماعي في إطار الدكر التدخمي لمدكلة‪ ،‬جعؿ القانكف الضريبي يتميز بعدـ االستقرار‪،‬‬
‫كسرعة التحكؿ‪ ،‬ككثرة التعديبلت‪ ،‬مما يستدعي القياـ بتحييف العديد مف المعطيات‬
‫الضريبية كؿ سنة كذلؾ بمناسبة تقديـ مشركع القانكف المالي إلى البرلماف‪.‬‬

‫إال أف ىذه الخاصيات ليست ىي كؿ ما يتميز بو القانكف الضريبي المغربي‪ .‬ذلؾ‬


‫أنو بالرغـ مف ككنو يندرج ضمف فركع القانكف العاـ‪ ،‬إال أف لو خصكصيات لعؿ أىميا‬
‫أنو ينظـ العبلقة بيف المكاطف‪ /‬الممزـ كاإلدارة الضريبية‪ ،‬كىي عبلقة معقدة كشائكة تعرؼ‬
‫الكثير مف حركات المد كالجزر‪ ،‬سيما كأنيا تشمؿ العديد مف المستكيات مف تقديـ اإلقرار‬
‫كفحصو‪ ،‬إلى مساطر المراقبة‪ ،‬كالمنازعة‪ ،‬كالتضريب التمقائي‪...‬الخ‪ ،‬كيعتبر تدخؿ‬
‫القضاء اإلدارم لحؿ بعض المنازعات التي تميز العبلقة بيف الممزـ كاإلدارة الجبائية‪،‬‬
‫دليؿ عمى تطكر نكعي ضمف ىذه المكاجية‪ ،‬خاصة كأنو قد تكلد عف ىذا "التدخؿ" اجتياد‬
‫قضائي ىاـ – عمى الرغـ مف قمتو‪ ،‬كعدـ نشر معظمو‪ -‬أصبح يشكؿ إطا ار مرجعيا‬
‫إلضفاء مزيد مف التنظيـ كالعقبلنية عمى ىذه العبلقة‪ ،‬أم العمؿ عمى التكفيؽ الصعب‬
‫بيف ىدفيف أساسييف لكؿ نظاـ جبائي‪ ،‬العدالة كالمردكدية‪ .‬كذلؾ في إطار انفتاح اإلدارة‬

‫‪ -1‬السيد عبد المولى‪" :‬التشريع الضريبي المغربي"‪ ،‬مكتبة الطالب ‪.1979‬‬

‫‪8‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫عمى المحيط القانكني لممقاكالت‪ ،‬كاالستجابة النتظارات الممزميف مع تدعيـ الحقكؽ‬


‫كالضمانات التي خكليـ إياىا القانكف بدكف اإلضرار بمصالح الخزينة العامة لمدكلة‪.1‬‬

‫إضافة إلى تفرد القانكف الضريبي بمميزات قد ال نجدىا في باقي فركع القانكف العاـ‪،‬‬
‫كاالستقبللية كالخصكصية سكاء عمى مستكل المساطر المتبعة أك المنازاعات التي يثيرىا‪،‬‬
‫أك الضمانات التي يخكليا لمممزميف‪ .‬عبلكة عمى الدكر الياـ الذم تقكـ بو اإلدارة‬
‫الضريبية كالمتمثؿ في تحصيؿ اإليرادات التي تستخدىا الدكلة في تمكيؿ النفقات‬
‫العمكمية‪ .‬كلذلؾ فقد خكليا القانكف امتيازات غير مألكفة في القانكف العادم‪ ،‬كإمكانية‬
‫تكقيع الغرامات بدكف الحصكؿ عمى إذف مسبؽ مف أية جية قضائية‪ ،‬كالتحديد التمقائي‬
‫لمضريبة‪ ...‬الخ‪ ،‬كلضركرة محاربة الغش كالتيرب الضريبييف‪ ،‬مكنيا القانكف –أيضا‪ -‬مف‬
‫مساطر خاصة لمكشؼ كزجر مختمؼ المناكرات التدليسية التي يمجأ إلييا الممزـ سيء‬
‫النية سكاء باستغبللو ثغرات القانكف‪ ،‬أك القياـ بالتحايؿ كاخفاء المعمكمات كالكثائؽ التي‬
‫تعكس قدرتو التمكيمية الحقيقية‪.‬‬

‫إال أف النظاـ الجبائي المغربي ما فتىء يتعرض النتقادات شديدة‪ ،‬كالمطالبة بإدخاؿ‬
‫إصبلح شامؿ عميو‪ .‬فبالرغـ مف ككنو عرؼ أكؿ إصبلح ىاـ كفؽ قانكف اإلطار الصادر‬
‫سنة ‪ ،1984‬حيث تـ اعتماد ثبلث ضرائب تركيبية عصرية ىي ‪:2‬‬

‫‪ ‬الضريبة عمى القيمة المضافة في أبريؿ ‪.1984‬‬


‫‪ ‬الضريبة عمى الشركات سنة ‪.1986‬‬
‫‪ ‬الضريبة العامة عمى الدخؿ سنة ‪.1990‬‬

‫فقد رسـ اإلصبلح لنفسو أىدافا محددة يتكخى تحقيقيا‪ ،‬كالتي يمكف إجماليا في‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Assises nationales sur la fiscalité au Maroc, Rabat les 26-27 novembre‬‬
‫‪1999.‬‬
‫‪ -2‬في الكاقع كاف أكؿ إصبلح ضريبي سنة ‪ ،1961‬ككانت المحاكلة الثانية سنة ‪ ،1970‬إال أف‬
‫الحككمة فضمت سحب مشركعيا تحت ضغكط المكبي العقارم – الفبلحي أساسا‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫تحقيؽ التكزيع العادؿ كالمتكافئ لمعبء الضريبي‪ ،‬تشجيع االستثمار‪ ،‬محاربة الغش‬
‫كالتممص الضريبييف‪ ،‬تبسيط المسػاطر كاإلجراءات‪...‬الخ‪.‬‬

‫إال أف ىذه األىداؼ لـ تتحقؽ‪ ،‬كظمت األصكات التي تطالب بإصبلحو‪ ،‬تردد نفس‬
‫العيكب التي عانى منيا النظاـ السابؽ المتسـ بالنكعية‪ .‬صحيح أف اإلصبلح أدخؿ‬
‫تعديبلت ىامة عمى بنية النظاـ القديـ‪ ،‬كتكحيد المساطر‪ ،‬كاقرار التصاعدية في األسعار‪،‬‬
‫كتقميص عدد الضرائب‪...‬الخ‪ ،‬إال أف المشرع الجبائي لـ يتمكف –بعد‪ -‬مف كضع فمسفة‬
‫جبائية متكاممة تخدـ األىداؼ كالمبادئ التي يبشر بيا الخطاب السياسي كالمتمثمة في‬
‫محاربة الفقر‪ ،‬التقميص مف الفكارؽ الطبقية‪ ،‬إعادة تكزيع الدخكؿ‪ ،‬مساكاة جميع الممزميف‬
‫أماـ القانكف‪ ،‬إقرار سياسة القرب بالتكاصؿ مع الممزميف‪...‬الخ‪.‬‬

‫كيبدك بأف إصبلح النظاـ الجبائي مجددا أصبح أم ار حتميا‪ ،‬بعد مركر عقديف عف‬
‫اإلصبلح األكؿ‪ ،‬كذلؾ بالنظر إلى غياب إرادة سياسية حقيقية لبلستجابة لتطمعات‬
‫الفاعميف االقتصادييف‪ ،‬كالنتظارات الفرقاء االجتماعييف‪ ،‬كالخركج مف متاىة اإلصبلحات‬
‫التقنية‪ ،‬فالمشكؿ الجبائي بالمغرب – كما يقكؿ أحد الباحثيف ‪ -1‬ىك مشكؿ سياسي‪ ،‬كأف‬
‫الحؿ ىك حؿ سياسي أيضا‪.‬‬

‫كيمكف تمخيص أىـ االنتقادات التي تكجو إلى النظاـ الجبائي الحالي في النقط‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪ ‬ارتفاع الضغط الضريبي؛‬


‫‪ ‬كثرة التعديبلت‪ ،‬كعدـ استقرار التشريع الضريبي؛‬
‫‪ ‬تعقد النصكص الضريبية‪ ،‬عبلكة عمى ككنيا غير شانعة التداكؿ؛‬
‫‪ ‬كثرة اإلعفاءات؛‬

‫‪1‬‬
‫‪- B.A. Zemrani : « la fiscalité face au développement éco, et social au‬‬
‫‪Maroc ». ED. La porte, 1982.‬‬

‫‪10‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫‪ ‬تحرير المذكرات التفسيرية بالمغة الفرنسية فقط‪1‬؛‬


‫‪ ‬استمرار إعفاء القطاع الفبلحي؛‬
‫‪ ‬سيطرة الضرائب الغير المباشرة؛‬
‫‪ ‬استمرار التيرب الضريبي‪ ،‬كغياب إرادة حقيقية لمحاربتو؛‬
‫‪ ‬ضعؼ الضرائب المباشرة؛‬
‫‪ ‬سيادة المحسكبية كالرشكة؛‬
‫‪ ‬ضعؼ اإلدارة الضريبية؛‬
‫‪ ‬كثرة المنازاعات بسبب العديد مف األخطاء كاالغفاالت؛‬
‫‪ ‬عدـ تكفر الكثائؽ كالمطبكعات بالقدر الكافي؛‬
‫‪ ‬العشكائية في إقرار برامج التحقيقات؛‬
‫‪ ‬غياب التكاصؿ مع الممزميف؛‬
‫‪... ‬إلخ‪...‬‬

‫كؿ ذلؾ كغيره مف االنتقادات جعمت الجميع يتفؽ عمى أنو نظاـ غير عادؿ‪ ،‬كغير‬
‫عقبلني‪ ،‬حيث لـ تفمح الضريبة في تحقيؽ األىداؼ الكبرل المرسكمة ليا‪ .‬إال أف رسـ‬
‫استراتيجية جديدة لمدكلة تقتضي محاربة الفقر كاليشاشة‪ ،‬أصبح يستدعي تدخؿ الجبائية‬
‫لخدمة ىذه األىداؼ‪ ،‬كذلؾ بتعبئة المكارد‪ ،‬كتقكيـ االختبلالت‪ ،‬كتكخي العدالة‪ ،‬كتطكير‬
‫اإلدارة‪ .‬كمف المفيد أف نؤكد العبلقة الكطيدة بيف التدبير المالي الجيد‪ ،‬ككجكد استراتيجية‬
‫لمعمؿ تمكف مختمؼ األجيزة كالفاعميف مف معرفة األىداؼ التي يتكقع تحقيقيا بكؿ‬
‫كضكح‪.‬‬

‫‪ -1‬قاـ المدير الحالي لمضرائب بإلغاء العمؿ بانسخة العربية لممذكرات التفسيرية‪ ،‬معتمدا النسخة‬
‫الفرنسية فقط‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫كيمكف تعريؼ التدبير المالي الجيد بػ‪" :‬كؿ تعبئة شاممة تعتمد االستعماؿ األمثؿ‬
‫لممكارد المالية المتاحة كفؽ أىداؼ كخطط محددة‪ ،‬كتستيدؼ مف خبلؿ ذلؾ تحديد‬
‫المسؤكليات في حالة حدكث انحرافات عف األىداؼ المرسكمة‪ ،‬كضبط خركقات مالية‪،‬‬
‫كاختبلس أمكاؿ أك تمقي رشاكم‪." 1‬‬

‫يبدك بأف مفيكـ التدبير المالي الجيد ىك مفيكـ كاسع يتجاكز بكثير الكظيفة‬
‫المحاسبية أك المالية – بالمعنى الضيؽ‪ -‬بحكـ كظيفتو كمكانتو االستراتيجية في تحصيف‬
‫الماؿ‪ ،‬كتجكيد أداء الخدمة العمكمية بما يتجاكب مع أبعاد التنمية االقتصادية‬
‫كاالجتماعية كالثقافية كالبشرية بكؿ مقاييسيا‪.‬‬

‫– حاليا‪ -‬في مختمؼ األكساط الحقكقية كالفكرية‬ ‫إف النقاش العاـ الذم يجرم‬
‫كالسياسية بضركرة انخراط المغرب في مسمسؿ محاربة الفساد بجميع أشكالو كأنكاعو‪.‬‬
‫كبالرغـ مف عدـ تحديد مدلكؿ الفساد‪ ،‬كال كيفية محاربتو‪ ،‬إال أنو بالنسبة لممجاؿ الذم‬
‫ندرسو يتطمب تكفر إرادة سياسية حقيقية‪ ،‬ككذا بذؿ مجيكد يرمي إلى تسييؿ الكلكج الحر‬
‫لممعطيات كاألرقاـ الحقيقية المتعمقة بحجـ التكقعات برسـ المداخيؿ الجبائية‪ ،‬كتحديد‬
‫المبمغ اإلجمالي لممداخيؿ الفعمية‪ ،‬مع استبعاد النفقات الجبائية‪ ،‬ككذا االرجاعات برسـ‬
‫بعض أنكاع الضرائب (الضريبة عمى القيمة المضافة ‪ -‬مثبل‪ ،) -‬أك تنفيذا ألحكاـ‬
‫القضاء‪.‬‬

‫– إضافة إلى فعاليات المجتمع‬ ‫كلف يكتمؿ ىذا المجيكد دكف تمكيف المكاطنيف‬
‫المدني‪ -‬مف المشاركة في صناعة القرار الجبائي‪ ،‬كالعمؿ عمى تصحيح بعض‬
‫االختبلالت التي تشكب النصكص الضريبية‪ ،‬أك الثغرات التي يتسـ بيا –أحيانا‪ -‬التشريع‬
‫الضريبي‪.‬‬

‫‪.2005 ،6‬‬ ‫‪" -1‬الحكامة كالتدبير العمكمي الجيد بالمغرب"‪ ،‬المجمة المغربية لمتدقيؽ كالتنمية‪ ،‬عدد‬
‫ص‪.24 :‬‬

‫‪12‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫كأخيرا‪ ،‬تحمؿ صانعي القرار الضريبي كامؿ مسؤكليتيـ أماـ الممزميف‪ ،‬كأماـ‬
‫القضاء في إطار مف الشفافية كالكضكح‪ ،‬بشكؿ يؤكد خدمة الضريبة لمبدأ العدالة‬
‫الضريبية‪ ،‬باعتبارىا إحدل مرتكزات التنمية المستدامة‪.‬‬

‫فيؿ يتكفر النظاـ الجبائي المغربي لما يؤىمو لخدمة كؿ ىذه األىداؼ؟؟‬

‫ىؿ يستجيب لمؤشرات كشركط التدبير الجيد لممالية العمكمية‪ ،‬كفؽ منظكر الحكامة‬
‫المالية التي جاءت بيا مختمؼ التقارير الصادرة عف األمـ المتحدة؟؟‬

‫–‬ ‫ىؿ مف شأف النظاـ الضريبي أف يصبح أداة فعالة لتحقيؽ عدالة اجتماعية‬
‫أصبحت أكثر مف أم كقت مضى‪ -‬مطمبا ممحا لمعديد مف الفئات االجتماعية؟؟‬

‫لف ندعي القدرة عمى اإلجابة عف كافة ىذه التساؤالت‪ ،‬التي يبدك بأف طرحيا‬
‫يكتسي – بالنظر إلى خصكصيات النظاـ الضريبي المغربي‪ -‬أىمية أكبر مف اإلجابة‬
‫عنيا‪.‬‬

‫انطبلقا مف كؿ ما تقدـ‪ ،‬سكؼ أحاكؿ معالجة المكضكع كفؽ التصميـ التالي‪:‬‬

‫‪13‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫انـرـصـًـيـى‬
‫انقسى األول‪ :‬آنيات صناػة انقرار‬
‫انضريبي‬
‫المبحث األول‪ :‬تدبير التشريع الضريبي‬
‫الفقرة األولى‪ :‬اوو البرللما في اللماة الضريبية‬
‫الفقرة الثمنية‪ :‬اإلااوة الضريبية‪ :‬اللمرر اللقيقي‬
‫المبحث الثاني‪ :‬جودة النص الضريبي‪ ،‬وتعدد القراءات‬
‫الفقرة األولى‪ :‬إشملية اللببيي كلموذ‬
‫الفقرة الثمنية‪ :‬الكن الضريبي بيي تتويي اإلااوةة وتتويي القضمء‬
‫خاتمة القسـ األكؿ‬

‫انقسى انثاني‪ :‬تدبير اننظاو انجبائي‬


‫المبحث األول‪ :‬الضغط الضريبي واشكالية العدالة الضريبية‬
‫الفقرة األولى‪ :‬ممار الضضغ الضريبي‬
‫الفقرة الثمنية‪ :‬الضضغ الجبمئي‪ :‬يمو يم ي‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أداء الفاعمين في المجال الضريبي‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تجريي الضغ الضريبي وودوا اإلوااة الليم ية‬
‫الفقرة الثمنية‪ :‬اللففموو في اللجما الضريبي‬
‫خاتمة القسم الثاني‬
‫خاتمة عامة‬
‫الئحة المراجع‬
‫مالحق‬
‫الفيرس‬

‫‪14‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫انقسى األول‬
‫آنياخ صُاػح انقرار‬
‫انضريثي‬

‫‪15‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫انقسى األول‪:‬‬
‫آنياخ صُاػح انقرار انضريثي‬
‫لقد عرفت كؿ المجتمعات ظاىرة تدبير الشأف العاـ‪ ،‬ىذا التدبير الذم كاف يتطمب‬
‫تكفير مصادر متنكعة لتغطية النفقات التي يقتضييا ىذا التدبير‪.‬‬
‫– عمى بساطتو‪-‬‬ ‫صحيح أف المالية العامة قد عرفت تطك ار ممحكظا‪ .‬كلكف المبدأ‬
‫ظؿ ىك ىك أم البد مف البحث عف مكارد جديدة لتغطية النفقات المتجددة دكما‪.‬‬
‫كالمغرب ال يشذ عف باقي المجتمعات‪ ،‬كبالرغـ مف أنو عرؼ نظاـ الزكاة‪ ،‬التي‬
‫كانت تجد سندىا في القرآف الكريـ‪ ،‬كمساىمة نقدية كعينية لفائدة بيت ماؿ المسمميف‪ ،‬فإف‬
‫الضرائب الحديثة تجد سندىا في تدخؿ القكل األجنبية ‪ 1‬التي عممت عمى إدخاؿ تعديبلت‬
‫جكىرية عف الجبائية المطبقة آنذاؾ‪ ،‬كادخاؿ ضرائب جديدة‪ ،‬بؿ ككضع قكاعد قانكنية‬
‫حديثة لممالية العامة‪ ،‬كذلؾ إليجاد مخرج لؤلزمة المالية التي كاف يعيشيا المغرب أكائؿ‬
‫– دائما‪ -‬امتحاف قكة‬ ‫القرف العشريف ‪ .2‬لقد طبعت الضريبة تاريخ المغرب بقكة‪ ،‬ككانت‬
‫بيف سمطة المخزف كباقي القبائؿ‪ ،‬بؿ كانت مقياسا مف مقاييس الشرعية‪ ،‬شرعية أم نظاـ‬
‫قائـ‪ ،‬الشيء الذم جعؿ الحكـ المركزم قاص ار عمى بسط نفكذه‪ ،‬كسيطرتو عمى معظـ‬
‫أجزاء المممكة ‪ .3‬كقد عممت سمطات الحماية عمى التنظيـ التدريجي لممالية العمكمية‬
‫لممغرب انطبلقا مف سنة ‪ ،41912‬حيث يعكد إلييا أمر تنظيـ كتكحيد كمركزة اإلدارة‬
‫الجبائية الحديثة‪.‬‬
‫كقد كصؼ بعض الباحثيف ‪ ،5‬أصكؿ النظاـ الجبائي المغربي‪ ،‬بأنيا "تعكد إلى النظاـ‬
‫الجبائي الفرنسي لما قبؿ الحرب‪ ،‬بالرغـ مف تعرضو لمعديد مف التغيرات‪ ،‬فإنو قد احتفظ‬

‫‪ -1‬كاف تكقيع اتفاقية مدريد سنة ‪ 1880‬نياية العمؿ بالزكاة‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- M .Loze : « les finances de l’Etat ».‬‬
‫‪ -3‬مجمة أبحاث‪ :‬العدد‪ ،1019 :‬سنة ‪.1986‬‬
‫‪ -4‬كىي إنشاء "المديرية العامة لممالية"‪.‬‬
‫‪ -5‬بنصالح أنس الزمراني‪ :‬مرجع سابؽ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫بنفس الخطكط العريضة كاألساسية‪ ،‬كىك أمر شبيو باالقتباس الدستكرم (دستكر‬
‫الجميكرية الخامسة) بالرغـ مف اختبلؼ األكضاع السياسية كاالقتصادية كاالجتماعية‬
‫لمبمديف"‪.‬‬
‫إال أف الدستكر المغربي الذم يعد أسمى قانكف في الببلد قد أقر مشركعية الضريبة‪،‬‬
‫حيث نصت جميع الدساتير المتعاقبة عمى "الجميع أف يتحممكا كؿ عمى قدر استطاعتو‪،‬‬
‫التكاليؼ العمكمية التي لمقانكف كحده الصبلحية إلحداثيا كتكزيعيا حسب اإلجراءات‬
‫‪ 50‬بأف "البرلماف‬ ‫‪ .17‬كما جاء في الفصؿ‬ ‫المنصكص عمييا في الدستكر" الفصؿ‬
‫يصكت عمى قانكف المالية كفؽ الشركط المنصكص عمييا في القانكف التنظيمي"‪.‬‬
‫كيعتبر ىذا النص ذك أىمية خاصة حيث يحصر االختصاص في مجاؿ التشريع‬
‫الجبائي لمبرلماف باعتباره تجسيدا لمشرعية الضريبية‪ ،‬حيث ينظـ مناقشة كالتصكيت عمى‬
‫التشريع الضريبي مف طرؼ ممثمي األمة‪.‬‬
‫عبلكة عمى ككنو يشكؿ ضمانة أساسية لحقكؽ األفراد مف أم شطط أك تعسؼ في‬
‫تطبيؽ القانكف كذلؾ بعرضو عمى أنظار المجمس الدستكرم ‪.1‬‬
‫كقد اعتبرت دسترة القانكف الضريبي كشكؿ مف أشكاؿ ممارسة السيادة غداة‬
‫الحصكؿ عمى االستقبلؿ‪ ،‬كقد تكرست – فيما بعد‪ -‬ضركرة عرض قانكف المالية عمى‬
‫أنظار البرلماف‪ ،‬كبالرغـ مف ككف الفصؿ الخامس مف الدستكر ينص عمى مساكاة الجميع‬
‫أماـ القانكف‪ ،‬فإف القانكف الضريبي ينفرد بالتعامؿ التمييزم بيف الممزميف‪ ،‬فيؿ ىك خرؽ‬
‫لممبدأ الدستكرم؟ أـ أف "القدرة التمكيمية" لمممزـ تعد سندا ليذا التمييز؟‬

‫‪ -1‬القرار الصادر عف المجمس الدستكرم بإلغاء الرسـ المفركض عمى استعماؿ الصحكف المقعرة‪ .‬رقـ‬
‫‪ 94-37‬بتاريخ ‪ 16‬غشت ‪ 1994‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪ 4271‬بتاريخ ‪ 7‬شتنبر ‪ ،1994‬ص‪1505 :‬‬
‫ك‪.1506‬‬

‫‪17‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫انًثحث األول‪:‬‬
‫ذذتيـر انرشريغ انضريثي‬
‫يمتاز النص الضريبي‪ ،‬بالرغـ مف ككنو مكجو إلى عمكـ المكاطنيف‪ ،‬باختبلؼ‬
‫مستكياتيـ االجتماعية كالثقافية‪ ،‬بتعقيد بالغ‪ ...‬مع احتكائو عمى العديد مف المصطمحات‬
‫التقنية غير المتداكلة خارج المجاؿ الضريبي ناىيؾ عف صياغتو بالمغة الفرنسية أكال‪ ،‬ثـ‬
‫تتـ ترجتو إلى المغة العربية بعد ذلؾ‪ ،‬فالنص األصمي في النظاـ الضريبي المغربي‪ ،‬ىك‬
‫النص الفرنسي‪.1‬‬

‫يحدد الدستكر باعتباره القانكف األساسي في الدكلة‪ ،‬الخطكط العريضة كالمنطمقات‬


‫األساسية لمقانكف الضريبي‪،‬فقد نص الفصؿ ‪ 17‬مف دستكر ‪ 1996‬عمى ما يمي‪" :‬عمى‬
‫الجميع أف يتحمؿ كؿ عمى قدر استطاعتو‪ ،‬التكاليؼ العمكمية التي لمقانكف كحده‬
‫الصبلحية إلحداثيا كتكزيعيا حسب اإلجراءات المنصكص عمييا في ىذا الدستكر" ‪.2‬‬

‫كبالرغـ مف سمك الدستكر‪ ،‬فإف البرلماف ككذا المراسيـ التنظيمية تعتبراف مف مصادر‬
‫القانكف الضريبي‪ ،‬إضافة إلى االجتياد القضائي الذم كاف كاف ال يزاؿ متكاضعا‪ ،‬إال أنو‬
‫قد لعب دك ار ىاما في تحديد العبلقة بيف الممزـ كاإلدارة الضريبية‪ ،‬ىذا عمى المستكل‬
‫الداخمي‪ ،‬أما عمى المستكل الخارجي‪ ،‬فإنو البد لئلشارة إلى االتفاقات الجبائية الدكلية‬
‫لتفادم االزدكاج الضريبي بالرغـ مف تأثيرىا النسبي في ىذا المجاؿ‪.3‬‬

‫كمع ذلؾ‪ ،‬فإننا نعتبر أف الميمة البرلمانية ىي اختصاص حصرم في المادة‬


‫الضريبية‪ ،‬باالستناد إلى تعبير "لمقانكف كحده الصبلحية إلحداثيا كتكزيعيا"‪ ،‬مما يدؿ عمى‬

‫‪ -1‬عممت شخصيا في مجاؿ ترجمة النصكص الجبائية مف الفرنسية إلى العربية‪ ،‬ككذا ترجمة خطب‬
‫مدير الضرائب ككزير المالية التي يمقييا أماـ البرلماف‪.‬‬
‫‪ -2‬تـ تعديؿ دستكر ‪ 96‬بكاسطة االستفتاء بتاريخ ‪ 16‬يكنيك ‪.1996‬‬
‫‪" -3‬القانكف الضريبي المغربي"‪ ،‬محمد شكيرم‪ ،‬أطركحة لنيؿ شيادة دكتػكراه الدكلة في الػقانػكف العاـ‬
‫جامعة الحسف الثاني الدار البيضاء ‪.20004‬‬

‫‪18‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫أنو بالرغـ مف تعدد المتدخميف في صناعة التشريع الضريبي‪ ،‬يظؿ البرلماف ىي المؤسسة‬
‫التي أككؿ إلييا القانكف رسـ الخطكط العريضة لمقانكف الضريبي‪ ،‬كذلؾ كفقا لمضمكف‬
‫الفصؿ ‪ 50‬مف الدستكر السالؼ الذكر حيث ينص عمى‪" :‬يصدر قانكف المالية عف‬
‫البرلماف بالتصكيت طبؽ شركط ينص عمييا قانكف تنظيمي‪...‬الخ"‪.‬‬

‫نفس التاكيد نجده في القانكف التنظيمي لممالية‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 33‬عمى‪" :‬يكدع‬
‫مشركع قانكف المالية لمسنة بمكتب أحد مجمسي البرلماف نياية السنة المالية الجارية‬
‫بسبعيف يكما عمى أبعد تقدير"‪.‬‬

‫فيؿ ارتقى البرلماف المغربي إلى مستكل المياـ المنكطة بو دستكريا‪ ،‬انطبلقا مف‬
‫إحالة مشركع القانكف المالي عمى انظاره‪ ،‬إلى غاية المصادقة عميو؟؟‬

‫ىؿ استطاع البرلماف أف يستجيب النتظارات المكاطنيف‪ ،‬سيما فيما يتعمؽ بتخفيض‬
‫نسب‪ 1‬الضرائب كأسعارىا‪ ،‬كبالتالي تخفيؼ العبء الجبائي الذم يقض مضاجع سائر‬
‫الممزميف؟؟‬

‫انفقرج األونى‪ :‬دور انثرنًاٌ في انًادج انضريثيح‬


‫‪ ‬من ضعف األداء إلى المساندة‪:‬‬

‫مف نافمة القكؿ التذكير بأف السمطة المالية كانت أصؿ البرلماف‪ ،‬أم أف المسألة‬
‫الضريبية كانت كراء نشأة كارساء دعائـ األنظمة الديمقراطية‪ .‬ذلؾ أف مكافقة ممثمي األمة‬
‫عمى فرض ضرائب جديدة أك الزيادة في ضرائب قائمة تعد ضركرية كحاسمة‪ ،‬إال أف‬
‫"العقمنة البرلمانية" أجيزت – بالتدريج‪ -‬عمى سمطات البرلماف في المجاؿ المالي‪ ،‬كما في‬
‫غيره مف المجاالت األخرل‪ ،‬ليصبح مجرد أداة الضفاء المشركعية القانكنية النفراد‬
‫السمطة التنفيذية بصناعة القرار‪.‬‬

‫‪ -1‬عممت الحككمة عمى تخفيض الضريبة العامة عمى الدخؿ المفركضة عمى األجراء كالمكظفيف‬
‫تطبيقا لنتائج الحكار االجتماعي كذلؾ برسـ قانكف المالية ‪.2009‬‬

‫‪19‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫كبالرغـ مف ذلؾ‪ ،‬يظؿ البرلماف‪ ،‬كمؤسس ة دستكرية‪ ،‬مكككؿ إلييا مياـ الرقابة‬
‫أساسا‪ ،‬كىك دكر يفكؽ مف حيث األىمية السياسية‪ ،‬ميمة التشريع‪ ،‬فالحكامة ال تعني‬
‫تطكير النزعة الكظيفية أك التدبيرية‪ ،‬كالرفع مف جكدة الخدمات العمكمية‪ ،‬بؿ تعني أيضا‬
‫التأكيد عمى دكر المؤسسات في عقمنة مساطر اتخاذ القرار العمكمي‪ ،‬كنجاعة أدكات‬
‫‪1‬‬
‫مراقبة السياسات االقتصادية؟؟‬

‫فكيؼ يقكـ البرلماف بدكره الرقابي في المجاؿ المالي‪ ،‬بعيدا عف التكزنات المحاسبية‬
‫كالمالية؟؟‬

‫أ) رقابة البرلمان عمى قانون المالية‬

‫يمارس البرلماف رقابة عمى قانكف المالية باعتباره الكسيمة العممية لترجمة السياسة‬
‫الحككمية في مختمؼ المجاالت‪ ،‬فبدكف الماؿ العاـ ال يمكف إنجاز المشاريع الحككمية‪،‬‬
‫إال أنو يعتبر تحضير مشركع قانكف المالية مف اختصاص الجياز التنفيذم كحده‪ ،‬كذلؾ‬
‫كفقا ألحكاـ القانكف التنظيمي لممالية ‪ .2‬إال أف إصدار قانكف المالية يعكد لمبرلماف‪ ،‬كذلؾ‬
‫طبقا لمقتضيات الفصؿ ‪ 50‬مف الدستكر (الفقرة األكلى)‪.‬‬

‫كيندرج ىذا الفصؿ ضمف تدابير الرقابة اإلجرائية‪ ،‬كىي مجمكعة مف اإلجراءات‬
‫تجد سندىا في الدستكر انطبلقا مف الفصكؿ التالية‪:‬‬

‫‪ ‬الفصل ‪ :50‬الذم ينص عمى أنو‪" :‬يصدر قانكف المالية عف البرلماف طبؽ‬
‫شركط ينص عمييا قانكف تنظيمي"‪ ،‬كيكضح القانكف التنظيمي رقـ ‪ 7-98‬المتعمؽ بقانكف‬
‫المالية في الفصؿ األكؿ منو عمى أف قانكف المالية لكؿ سنة يحدد مجمكع مكارد كتكاليؼ‬
‫الدكلة‪ ،‬كيقيميا كيأذف فييا ضمف تكازف مالي يحدده القانكف المذككر‪ ،‬كال يمكف أف‬

‫‪ -‬المبلحظ أنو ال يمكف لممجمس الدستكرم أف يتدخؿ بصكرة تمقائية بالنظر في عدـ دستكرية نص‬ ‫‪1‬‬

‫جبائي ‪ ،‬كلك صدر مخالفا لمدستكر‪.‬‬


‫‪ -2‬تنص المادة ‪ 32‬مف القانكف التنظيمي لممالية عمى‪" :‬يتكلى الكزير المكمؼ بتحضير مشاريع قكانيف‬
‫المالية تحت سمطة الكزير األكؿ"‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫يتضمف قانكف المالية إال أحكاما تتعمؽ بالمكارد كالتكاليؼ‪ ،‬أك تيدؼ إلى تحسيف الشركط‬
‫المتعمقة بتحصيؿ المداخيؿ‪ ،‬ككذا مراقبة استعماؿ األمكاؿ العامة‪"...‬‬

‫‪ ‬الفصل ‪ :56‬الذم ينص عمى أنو تخصص باألسبقية جمسة كؿ أسبكع ألسئمة‬
‫أعضاء مجمسي البرلماف كألجكبة الحككمة (مسطرة األسئمة الكتابية كالشفكية)‪.‬‬

‫‪ ‬الفصل ‪ :42‬ينص ىذا الفصؿ عمى تشكيؿ لجاف لتقصي الحقائؽ لكي يتمكف‬
‫البرلماف مف التكفر عمى جميع البيانات المرتبطة بالكقائع التي يككف فييا الماؿ العاـ‬
‫مكضكع اختبلس أك تبديد‪ ،‬كاعداد تقرير في المكضكع يرفع إلى المجمس لينظر فيو ‪.1‬‬

‫كىناؾ الرقابة الجزائية‪ ،‬كتتمثؿ –أساسا‪ -‬في سحب الثقة مف الحككمة‪ ،‬حيث يجد‬
‫‪ 75‬مف الدستكر‪ ،‬ككذا في تقديـ ممتمس‬ ‫ىذا النكع مف الرقابة سنده في أحكاـ الفصؿ‬
‫الرقابة‪ ،‬كذلؾ طبقا لمقتضيات الفصؿ ‪ 76‬مف الدستكر في مكاجية الحككمة‪ ،‬كاخي ار ىناؾ‬
‫قانكف التصفية‪ ،‬كىي رقابة بعدية‪ ،‬يمارسيا البرلماف‪ ،‬كذلؾ بغية التأكد مف مدل التزاـ‬
‫الحككمة بالسياسة العامة لمدكلة‪ ،‬انطبلقا مف مضمكف القانكف المالي‪ ،‬كبعد مناقشة قانكف‬
‫التصفية‪ ،‬يصادؽ عميو البرلماف‪.‬‬

‫فيؿ يمارس البرلماف –فعبل‪ -‬الكظيفة التشريعية كالرقابية في المجاؿ المالي عمى‬
‫المستكل العممي؟‬

‫ب) حدود الرقابة الفعمية لمبرلمان‪:‬‬

‫مف خبلؿ ما تقدـ يتبادر إلى الذىف باف البرلماف يمتمؾ سمطات جبائية قكية تؤىمو‬
‫ألف يمعب دك ار ىاما في صناعة القرار الجبائي مف جية‪ ،‬كفي ممارسة رقابة فعالة لمجياز‬
‫الحككمي مف جية أخرل‪.‬‬

‫إال أف دراسة مشركع قانكف المالية تتميز عف غيره مف مشاريع القكانيف األخرل‪ :‬أكال‬
‫ألىميتو القصكل في تحديد مكارد الدكلة كنفقاتيا‪ ،‬كثانيا لككنو يطرح كؿ سنة بشكؿ‬

‫‪ -1‬ستأتي عمى تحميؿ مضمكف ىذه الفصكؿ الحقا‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫دكرم‪ ،‬كثالثا ٍألنو الكاجية التي تبرز مختمؼ الحساسيات كمراكز القكل كمصالح المكبيات‬
‫المتعارضة‪.‬‬

‫مف ىنا اكتسبت لجنة المالية كالتنمية االقتصادية بمجمس النكاب‪ ،‬كلجنة المالية‬
‫كالتجييزات كالتخطيط كالتنمية الجيكية بمجمس المستشاريف‪ ،‬شيرة كبيرة‪ .‬فاختصاصاتيا‬
‫كاسعة جدا ‪ ،1‬كىي تعد أىـ المجاف الفرعية الدائمة العاممة بالبرلماف‪ ،‬حيث تحاؿ عمييا‬
‫جميع المشاريع كاالقتراحات القانكنية ذات الطبيعة المالية أك الجبائية بالضركرة‪ ،‬ذلؾ أف‬
‫مختمؼ التعديبلت المقدمة مف لدف أعضاء البرلماف في المجاؿ الجبائي قد ترفض مف‬
‫‪ 57‬مف الدستكر)‪،‬‬ ‫قبؿ الحككمة‪ ،‬إذا لـ يتـ عرضيا عمى أنظار لجنتي المالية (الفصؿ‬
‫كبذلؾ تككف لجنة المالية ذات شأف كبير‪ ،‬بؿ ىناؾ مف اعتبرىا ممثمة لمسمطة الحقيقية‬
‫لمبرلماف في المجاؿ الجبائي‪.2‬‬

‫تستقطب ىذه المجنة اىتماـ كافة الفرؽ البرلمانية‪ ،‬كمختمؼ األحزاب السياسية‪ ،‬حيث‬
‫تحاكؿ جاىدة أف تككف ممثمة داخميا‪ ،‬ليس لئلسياـ في النقاش الدائر حكؿ التدابير المالية‬
‫كالجبائية التي تعتزـ الحككمة اتخاذىا‪ ،‬كدراسة مختمؼ انعكاساتيا عمى أكضاع ناخبييـ‪،‬‬
‫–بالتالي‪ -‬عمى‬ ‫بؿ لمتصدم لمختمؼ التدابير التي مف شأنيا تيديد مصالحيـ‪ ،‬كالعمؿ‬
‫إفراغيا مف محتكاىا‪ ،‬أك العمؿ عمى تعديؿ مضمكنيا بما يتماشى كىذه المصالح‪.‬‬

‫كبالرغـ مف الطابع التقني ألشغاؿ المجنة‪ ،‬فإف معظـ النكاب األعضاء فييا ال إلماـ‬
‫ليـ بالقضايا الجبائية‪ ،‬كال يتكفركف عمى أم تككيف في ىذا المجاؿ‪ ،‬مما يجعؿ عضكيتيـ‬
‫بالمجنة مف أجؿ عممية جس نبض أكثر منو المساىمة الفعمية كاإليجابية في إغناء النقاش‬
‫الدائر حكؿ أىـ مشركع يقدـ إلى البرلماف‪.‬‬

‫‪ -1‬كذلؾ طبقا لممادة ‪ 52‬مف النظاـ الداخمي لمجمس النكاب‪.‬‬


‫‪ -2‬محمد معتصم‪" :‬دكر المجاف البرلمانية في المراقبة مف خبلؿ الثبلث دكرات األكلى لمكالية‬
‫التشريعية الخامسة‪ ،‬المجمة المغربية لمتنمية المحمية‪ ،‬عدد ‪.11‬‬

‫‪22‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫كلذلؾ‪ ،‬فقد عمدت ك ازرة المالية إلى تقديـ العديد مف التقارير المكتكبة بالمغة العربية‬
‫لشرح كتبسيط مختمؼ اإلجراءات كالمعطيات التقنية المتضمنة في قانكف المالية‪ ،‬كما أف‬
‫كزير المالية يقكـ بإعداد مذكرة تقديمية لمقانكف تككف بمثابة أرضية لمنقاش مف طرؼ‬
‫النكاب‪.‬‬

‫كمع ذلؾ‪ ،‬فإف ىذا ال يعني إشراؾ النكاب في عممية تحضير القانكف‪ ،‬حيث يتـ‬
‫إعداده في دىاليز ك ازرة المالية (مديرية الميزانية‪ ،‬كمديرية الضرائب‪ ،‬باألساس)‪ ،‬كعند‬
‫عرضو عمى المجنة المختصة فإف ىامش المناكرة يككف قد حدد سمفا‪ .‬ذلؾ أف ميزانية‬
‫االستثمار تجد نفسيا مثقمة بفعؿ سكء خدمة الديف الخارجي‪ ،‬أك ميزانية التسيير الضخمة‪،‬‬
‫بحيث تظؿ مطالب النكاب االجتماعية رىينة بكؿ أعباء الميزانية العامة‪ ،‬مما يجعؿ‬
‫التضحية –في إطار التكافقات‪ -‬تككف غالبا بقطاعات حيكية (كالتعميـ كالصحة‪ ،‬كمحاربة‬
‫الفقر‪...‬الخ)‪.‬‬

‫ىذا إضافة إلى ككف "العقمنة البرلمانية"‪ ،‬تقكـ عائقا مكضكعيا أماـ ممارسة البرلماف‬
‫لدكره كامبل في مجاؿ المراقبة‪ .‬فتحديد مجاؿ القانكف طبقا لمقتضيات الفصؿ السادس‬
‫كاألربعكف مف الدستكر يقمص عمى سبيؿ الحصر مف مجاؿ االختصاص التشريعي‬
‫لمبرلماف‪ ،‬كما أف الفصؿ ‪ 47‬قد أضاؼ تحديدا أكثر دقة بنصو عمى أف "المكاد األخرل‬
‫التي ال يشمميا القانكف يختص بيا المجاؿ التنظيمي"‪ ،‬كبيذا الشكؿ يككف المجاؿ‬
‫التنظيـ م أكثر اتساعا كأكثر شمكال مف االختصاص التشريعي لمبرلماف‪ .‬إف البرلماف في‬
‫ظؿ ىذا التقييد الدستكرم يصبح ذك فعالية محدكدة ‪ ،1‬سيما في المجاؿ الجبائي‪ ،‬حيث‬
‫يقمص ىذا التقييد مف المشركعية الدستكرية لممارسة السمطة الجبائية‪.‬‬

‫كيمكف أف نبلمس‪ ،‬كلك بشكؿ سريع‪ ،‬مختمؼ المستكيات التي تمثؿ عائقا أماـ تطكر‬
‫كفعالية السمطة الجبائية لمبرلماف‪.‬‬

‫‪ -1‬لقد كصؼ البرلماف بككنو مجرد غرفة تسجيؿ مف طرؼ األستاذ المرحكـ عبد الرحمف القادرم‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫‪ ‬المستوى األول‪ :‬تحديد السقف الزمني لمتصويت ‪: 1‬‬

‫يتعيف عمى البرلماف أف يصكت عمى مشركع قانكف المالية في نياية السنة المالية‪،‬‬
‫أم في ‪ 31‬دجنبر عمى أبعد تقدير‪ .‬كيترتب عف اإلخبلؿ بيذا التاريخ ترخيص الدستكر‬
‫لمحككمة المجكء إلى مرسكـ لفتح االعتمادات البلزمة لسير المرافؽ العمكمية كتمكينيا مف‬
‫القياـ بالمياـ المنكطة بيا عمى أساس ما ىك مقترح بالميزانية المعركضة بقصد‬
‫المكافقة‪ ...2‬كىذا يعني –عمميا‪ -‬السماح لمجياز التنفيذم بالشركع في تنفيذ مشركع قانكف‬
‫المالية بكاسطة نص تنظيمي‪ ،‬متجاك از ترخيص البرلماف في ىذا الشأف ‪.3‬‬

‫كالجدير بالذكر أنو‪ ،‬كفقا لمقانكف التنظيمي لممالية السابؽ‪ ،‬كانت الفترة الزمنية‬
‫المخصصة لدراسة مشركع قانكف المالية مف طرؼ البرلماف تنحصر في ‪ 60‬يكما‪ ،‬كقد تـ‬
‫تمديد ىذه المدة لتصبح ‪ 70‬يكما‪ ،‬بحيث يتعيف عمى الحككمة تقديـ مشركع القانكف المالي‬
‫‪ 70‬يكما قبؿ نياية السنة‪ .‬كتتـ إحالة المشركع عمى‬ ‫في ‪ 20‬أكتكبر مف السنة‪ ،‬أم‬
‫المجمس الثاني بتاريخ ‪ 20‬نكنبر‪ ،‬أم خبلؿ ‪ 30‬يكما المكالية لتاريخ اإليداع‪.‬‬

‫كالمبلحظ أنو لـ تتـ اإلشارة إلى التأخير في عرض مشركع القانكف الذم يككف‬
‫راجعا لمحككمة‪ ،‬حيث كانت ىذه األخيرة تتعمد تأخير عرض مشركع القانكف عمى أنظار‬
‫البرلماف قبؿ تعديؿ سنة ‪ ،95‬مما يثير التساؤؿ عف مصداقية مضمكف الفصؿ ‪ 50‬مف‬
‫الدستكر‪ ،‬كما أف ىذا التأخير الذم كاف عرفا حككميا كاف يحد مف حرية النكاب في‬
‫ممارسة مناقشة مستفيضة كجدية ألىـ قانكف يربط الحياة االقتصادية كاالجتماعية كالمالية‬
‫لمببلد لمدة سنة‪.‬‬

‫‪ -1‬المادتيف ‪ 33‬ك‪ 34‬مف القانكف التنظيمي لممالية‪.‬‬


‫‪ -2‬طبقا لمضمكف الفصؿ ‪ 50‬مف دستكر ‪.96‬‬
‫‪ -3‬كلقد لجأت الحككمة عدة مرات إلى ىذا اإلجراء كخصكصا خبلؿ السنكات‬
‫(‪.)99،98،94،65،64‬‬

‫‪24‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫حيث تتـ المناقشة خبلؿ جمسات ماراطكنية‪ ،‬كبسرعة قياسية‪ ،‬مما يجعؿ النكاب‬
‫يصكتكف بدكف معرفة بالتحديد عمى ماذا يصكتكف ‪.1‬‬

‫إف مفيكـ الحكامة البرلمانية يقتضي كضع قكاعد مكضكعية كضكابط قانكنية لعبلقة‬
‫الحككمة مع البرلماف‪ .‬إف الترخيص لمحككمة بتجاكز مصادقة البرلماف بسبب تأخره في‬
‫دراسة النص المعركض عميو‪ ،‬يعتبر "عقابا" لو عمى ذلؾ‪ .‬أما في الحالة التي تتعمد فييا‬
‫الحككمة تأخير عرض النص عمى البرلماف‪ ،‬فإننا ال نجد أم تدبير لمكاجيتو كلعمنا نعثر‬
‫عمى سند قانكني كمعقكؿ في الدستكر الفرنسي الذم ال يبيح لمحككمة الشركع في تنفيذ‬
‫القانكف المالي إال بعد مركر مدة ‪ 70‬يكما كاممة عمى عرضو عمى أنظار البرلماف كما أف‬
‫الحككمة محركمة مف فتح االعتمادات في حاؿ رفض المشركع مف طرؼ البرلماف أم أنو‬
‫البد مف مصادقة البرلماف التي تبدك ضركرية كأكيدة‪.‬‬

‫كبالرجكع إلى أحكاـ القانكف التنظيمي لممالية‪ ،‬نجد إكراىات أخرل مفركضة عمى‬
‫البرلماف‪ ،‬مف ضمنيا ما تنص عميو أحكاـ المادة ‪ 36‬مف ضركرة التصكيت عمى الجزء‬
‫األكؿ مف مشركع قانكف المالية لمسنة‪ ،‬قبؿ عرض الجزء الثاني لممناقشة‪ .‬كماداـ التقسيـ‬
‫يراعي تحديد القسـ األكؿ لمتقديرات اإلجمالية لنفقات كمكارد الدكلة‪( ،‬كىي األىـ)‪ ،‬فإف‬
‫التصكيت عمى الجزء الثاني يبدك تابعا كاتكماتيكيا‪ ،‬بؿ غير ذم معنى‪ ،‬ماداـ ال يتضمف‬
‫سكل تقسيـ كتكزيع ىذه التقديرات بيف مختمؼ المصالح العمكمية‪ .‬بعبارة أخرل إف االلتزاـ‬
‫بالتصكيت عمى الجزء األكؿ أكال‪ ،‬يقكد بالضركرة إلى التصكيت عمى المشركع برمتو‪،‬‬
‫كىي طريقة ممتكية لمصادرة حؽ البرلماف في المناقشة الجدية لمقسـ الثاني‪.‬‬

‫كفي الكقت الذم تعتبر فيو الحككمة أف مدة ‪ 70‬يكما كافية لمناقشة مشركع القانكف‬
‫المالي‪ ،‬فيي (أم المدة) في نظر الفاعميف السياسييف غير كافة تماما‪ ،‬لمقياـ بدراسة جدية‬

‫‪ -1‬تحت الضغط كاإلرىاؽ كاف التصكيت يتـ أحيانا خبلؿ ساعة متأخرة مف الميؿ حيث ال يصمد في‬
‫اجتماع المجنة إال عدد قميؿ مف النكاب مما يجعؿ المناقشة كالتصكيت بغيرمعنى‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫كمتأنية لمختمؼ جكانب القانكف المالي‪ ،‬كالتي تعد انعكاسا لثنائية المجمسيف‪ ،‬ىذه الثنائية‬
‫التي أصبحت محط انتقادات شديدة مف طرؼ العديد مف األحزاب‪.‬‬

‫‪ ‬المستوى الثاني‪ :‬حدود ممارسة حق التعديل‪.‬‬

‫تتـ مناقشة قانكف المالية في إطار المجنة‪ ،‬تحت تأثير ىاجس أساسي‪ ،‬يتمثؿ في‬
‫الفصؿ ‪ 51‬مف الدستكر‪ ،‬ككذا المادة ‪ 40‬مف القانكف التنظيمي لممالية‪ .‬حيث يتـ رفض‬
‫كؿ المقترحات كالتعديبلت التي يتقدـ بيا أعضاء البرلماف إذا كاف قبكليا يؤدم إما إلى‬
‫تخفيض المكارد العمكمية‪ ،‬كاما إلى إحداث تكميؼ عمكمي‪ ،‬أك الزيارة في تكميؼ مكجكد‪.‬‬
‫إف كؿ التعديبلت التي تدخؿ في ىذا السياؽ تعتبر الغية بقكة القانكف كفقا ألحكاـ الفصؿ‬
‫‪ 51‬مف الدستكر‪.‬‬

‫إف استعماؿ ىذا الفيتك الحككمي ال تحكمو أية ضكابط‪ .‬ذلؾ أف الحككمة تمجأ بشكؿ‬
‫مكثؼ الستعماؿ ىذا الفصؿ لتفادم الدخكؿ في نقاشات سياسية قد تسبب ليا إحراجا‪ ،‬بؿ‬
‫لقد استعممت ىذا الفصؿ ضد أغمبيتيا أيضا‪ .‬فقد لجأ كزير المالية (حزب األحرار) في‬
‫حككمة عباس الفاسي إلى ىذا الفصؿ ضد الفريؽ االشتراكي المشارؾ في الحككمة أثناء‬
‫مناقشة قانكف المالية لسنة ‪ ،2008‬كذلؾ بعد رفض الفريؽ االشتراكي‪ ،‬الذم انفمت مف‬
‫االنضباط الحزبي مؤسسا ما أسماه بالمساندة النقدية‪ ،‬رفض الزيادة في سعر الضريبة‬
‫عمى القيمة المضافة بنسبة ‪ 100%‬المفركضة عمى قركض المينرينغ إال أنو بعد تمرير‬
‫ىذه الزيادة‪ ،‬أثار تطبيقيا اعتراضا قكيا مف طرؼ شركات القركض المعنية‪ ،‬التي طالبتيا‬
‫الحككمة بتحمؿ عبء ىذه الزيادة بدؿ زبنائيا الذيف أصركا عمى رفض تحمؿ تبعاتيا ‪.1‬‬

‫كقد أدل تطكر ىذا النزاع إلى اعتراؼ الكزير األكؿ بأف رفع سعر ىذه الضريبة‬
‫لمسنة الثانية عمى التكالي كاف "خطأ" تعيد كزير المالية بتصحيحو في السنة المقبمة أم‬
‫في إطار قانكف المالية لسنة ‪.2009‬‬

‫‪ -1‬كما استعممت نفس الفصؿ ضد أغمبيتيا في إطار قانكف المالية لسنة ‪.2000-1999‬‬

‫‪26‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫كقد قرر المتضرركف مف ىذا اإلجراء المجكء إلى القضاء لتحكيمو في سابقة مثيرة‪.‬‬
‫كيستدعي المكقؼ الحككمي إبداء بعض المبلحظات األساسية‪:‬‬

‫‪ ‬أوال‪ :‬لقد تـ تراجع الحككمة عف قرار اتخذ في إطار لجنة المالية‪ ،‬كتمت‬
‫المصادقة عميو‪ ،‬كصدر بالجريدة الرسمية باعتباره التعبير عف إرادة األمة‪ ،‬كىي سابقة ال‬
‫نظير ليا في تاريخ المالية العمكمية بالمغرب‪ .‬فبالرغـ مف صدكر القانكف كدخكلو حيز‬
‫التنفيذ‪ ،‬فقد قبمت الحككمة التفاكض مع ممثمي الشركات الذيف أكدكا بأف ىذه الزيارة‬
‫جاءت لنسؼ القطاع برمتو‪.‬‬

‫‪ ‬ثانيا‪ :‬إف تراجع الحككمة غداة صدكر القانكف‪ ،‬يدؿ عمى غياب أية إستراتيجية‬
‫حككمية في المجاؿ الجبائي فتبني أم إجراء أك تدبير ضريبي‪ ،‬يككف مسبكقا بعدة‬
‫دراسات‪ ،‬كالقياـ بسيناريكىا ت لمعرفة آثار تطبيقو عمى المقاكالت‪ ،‬أك شريحة الممزميف‬
‫المعنييف‪.‬‬

‫‪ ‬ثالثا‪ :‬إف آراء كمكاقؼ المعارضة التي كانت ضد ىذه الزيادة‪ ،‬كانت في محميا‪،‬‬
‫كقد أيدت الحككمة ىذه المكاقؼ بقبكليا التراجع عف الزيادة‪ ،‬لقد طالبت المعارضة بمراعاة‬
‫طبيعة بعض القطاعات التي بالرغـ مف حيكيتيا قد ال تصمد أماـ االرتفاع المتزايد لنسب‬
‫الضريبة‪ .‬فالضريبة تقتؿ الضريبة‪.‬‬

‫‪ ‬رابعا‪ :‬أف األغمبية المساندة لمحككمة لـ يكف ليا أم تصكر بخصكص‬


‫االنعكاسات السمبية لمضريبة عمى القيمة المضافة المفركضة عمى بعض القطاعات‪ ،‬فيذه‬
‫األغمبية تساند مف اجؿ المساندة ‪ .1‬كأف تراجع الحككمة ال يعني بأنيا قامت باستشارة أك‬
‫سكؼ تستشير مع أغمبيتيا‪.‬‬

‫‪ ‬خامسا‪ :‬تطرح ىذه المسألة إشكالية قانكنية كسياسية بالغة التعقيد‪ ،‬فيؿ يحؽ‬
‫لمحككمة التراجع عف قانكف تمت المصادقة عميو مف طرؼ البرلماف؟؟ اف تراجع الحككمة‬

‫‪ -1‬باستثناء الفريؽ االشتراكي الذم اختار مبدأ‪" :‬المساندة النقدية" كالمشركطة‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫عما كانت تدافع عنو أماـ البرلماف يعني أنيا غير مقتنعة بجدكل الخطاب الحككمي‪،‬‬
‫كبالتالي فميست ىناؾ مصداقية لمبرنامج الحككمي الذم يمكف تعديمو كمما تعرضت‬
‫الحككمة لضغكطات‪.‬‬

‫‪ ‬سادسا‪ :‬ما ىك مصير الفصؿ ‪ 51‬مف الدستكر الذم تمجأ إليو الحككمة لرفض‬
‫مقترحات المعارضة؟ أال يعني ىذا بأف استعمالو يشكبو بعض التعسؼ؟ أال يعني ىذا‬
‫التراجع رد االعتبار إلى المعارضة؟؟‬

‫‪ ‬سابعا‪ :‬إف تراجع الحككمة عف ىذا اإلجراء يعني إمكانية تراجعيا مستقببل عف‬
‫تطبيؽ أم إجراء يتضح بأنو غير سميـ كغير منطقي‪ ،‬كيسرم األمر عمى مختمؼ القكانيف‬
‫الصادرة عف البرلماف‪ ،‬بالرغـ مف أنيا ىي صاحبة المبادرة في طرحيا‪ ،‬مما يطرح مشكمة‬
‫"حصانة القانكف"‪ ،‬كمف لو صبلحية تعديمو أك تغييره ككفؽ أية شركط؟؟‬

‫كىذا األمر يقكدنا إلى االعتقاد بأف تأثير المكبيات مف شأنو أف يؤثر عمى صناعة‬
‫القرار الجبائي بالمغرب حتى كلك بعد صدكر األمر بتنفيذه‪.‬‬

‫‪ ‬ثامنا‪ :‬ىؿ ىي عكدة الكعي الجبائي لدل الممزميف؟ أـ ىي بداية تمردىـ عمى‬
‫القانكف الضريبي الذيف يركنو مجحفا كغير عادؿ؟ كالعكدة إلى زمف ثكرة "الدباغيف"‬
‫بفاس؟؟‬

‫إف تذرع الحككمة بضركرة الحفاظ عمى التكازنات المالية‪ ،‬ال يصمد كثي ار أماـ الكاقع‬
‫السياسي الذم تقتضي مجابيتو تقديـ بعض التنازالت‪.‬‬

‫‪– 1984‬مثبل‪ -‬قد سجؿ بعض الزيادة في‬ ‫فرغـ أف مشركع قانكف المالية لسنة‬
‫المداخيؿ الفبلحية‪ ،‬كرغـ أف البرلماف قد اقتنع بتصكرات الحككمة‪ ،‬فإف تدخؿ المؤسسة‬
‫الممكية‪ ،‬نتيجة الضغط الذم مارسو المكبي الفبلحي‪ ،‬قد أدل إلى أف تعيد الحككمة النظر‬
‫في "تكازناتيا المالية"‪ ،‬كتصكراتيا الجبائية‪.‬‬

‫‪ ‬المستوى الثالث‪ :‬أحكام الفصل ‪ 57‬من الدستور‬

‫‪28‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫بمقتضى ىذا الفصؿ يمكف لمحككمة أف تطمب مف المجمس المعركض عميو النص‬
‫أف يبث بتصكيت كاحد في النص المتناقش فيو كمو أك بعضو مع االقتصار عمى‬
‫‪1‬‬
‫كتؤدم‬ ‫التعديبلت المقترحة أك المقبكلة مف طرؼ الحككمة بدؿ التصكيت مادة‪ ،‬مادة‬
‫أحكاـ ىذا الفصؿ إلى عقمنة إجراءات التصكيت عمى النصكص الجبائية‪ ،‬كالحفاظ عمى‬
‫الصبغة األصمية ليا دكف أف يككف لمبرلماف إمكانية تغيير محتكاىا‪ ،‬ألنو يضطر إلى‬
‫البت في النص المعركض عميو كمو‪ .‬كىذه التقنية تعد كسيمة فعالة لممارسة الضغط‬
‫السياسي ليس فقط عمى المعارضة بؿ عمى األغمبية المساندة لمحككمة أيضا لتفادم‬
‫تمردىا كما حدث في مرات عديدة‪ .‬كفي ارتباط مع ذات المكضكع‪ ،‬ىناؾ أحكاـ الفصؿ‬
‫‪ 75‬مف الدستكر أيضا التي بمقتضاىا يسمح لمحككمة أف تدفع البرلماف إلى المكافقة عمى‬
‫مشركع قانكف المالية دكف إتباع المسطرة المعركفة‪ ،‬ذلؾ أنو بإمكاف الكزير األكؿ أف يتقدـ‬
‫إلى مجمس النكاب كيربط لديو مكاصمة الحككمة مسؤكلياتيا بتصكيت بمنح الثقة بشأف‬
‫تصريح ينص بو في مكضكع السياسة العامة‪ ،‬أك شأف نص يطمب المكافقة عميو‪.‬‬

‫كال يمكف سحب الثقة مف الحككمة أك رفض النص إال باألغمبية المطمقة لؤلعضاء‬
‫الذيف يتألؼ منيـ مجمس النكاب‪.‬‬

‫إف انضباط األغمبية ‪ ،2‬السيما عمى مستكل التصكيت‪ ،‬مف شأنو أف يمكف الحككمة‬
‫الحصكؿ عمى ما تريد‪ ،‬كال يتعمؽ األمر ىنا بالتصكيت عمى نص‪ ،‬فحسب بؿ بتمرير‬
‫قانكف بدكف مناقشة كال تصكيت‪.‬‬

‫‪ ‬المستوى الرابع‪ :‬مسطرة األسئمة‪ :‬الفصل ‪ 56‬من الدستور‬

‫ينص الفصؿ ‪ 56‬مف الدستكر في فقرتو الثانية عمى تخصيص جمسة كؿ أسبكع‬
‫ألسئمة أعضاء مجمسي البرلماف كأجكبة الحككمة‪ .‬كتعتبر مسطرة األسئمة سكاء الشفكية أك‬

‫‪ -1‬طبقا لممادة ‪ 37‬مف القانكف التنظيمي لممالية‪.‬‬


‫‪ -2‬حاكؿ رئيس لجنة المالية ذات يكـ تأخير عممية التصكيت إلى غاية حضكر أغمبية مريحة مساندة‬
‫لمحككمة‪ ،‬كذلؾ نظ ار لظاىرة غياب النكاب‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫الكتابية إحدل الكسائؿ اليامة لمراقبة العمؿ الحككمي‪ ،‬كتتجمى ىذه األىمية في األعداد‬
‫اليائمة ليذه األسئمة‪ .‬كالجدير بالمبلحظة أف الحككمة لـ تكف مقيدة بأجؿ محدد لتقديـ‬
‫أجكبتيا قبؿ تعديؿ سنة ‪ ،92‬الذم حدد ‪ 1‬المدة في ‪ 20‬يكما‪ .‬كيفسر بعض الباحثيف‬
‫التركيز عمى األسئمة الشفكية كبديؿ عف المجكء إلى كسائؿ الرقابة األخرل كممتمس الرقابة‬
‫مثبل أك سحب الثقة‪ ،‬بالنظر إلى المعكقات الكثيرة التي كضعيا دستكر ‪ 96‬أماـ تنفيذىا‪.2‬‬

‫كمع ذلؾ‪ ،‬فإف األسئمة المكجية إلى ك ازرة المالية ليست بنفس األىمية‪ ،‬فبالرغـ مف‬
‫تزايد األسئمة المقدمة إلى الحككمة سكاء الشفكية أك الكتابية‪ ،‬فإف األسئمة ذات الطابع‬
‫المالي أك الجبائي ال تمثؿ‪ ،‬مع ذلؾ‪ ،‬سكل نسبة متكاضعة حسب ما ىك مبيف في الجدكؿ‬
‫التالي‪:‬‬

‫الوالية البرلمانية السادسة‬ ‫الوالية البرلمانية الخامسة‬ ‫الوالية البرلمانية الرابعة‬ ‫الوالية البرلمانية‬
‫‪2002/1997‬‬ ‫‪1997/1983‬‬ ‫‪1992/1994‬‬ ‫الثالثة‬
‫‪1983/1977‬‬

‫‪ 173‬سؤاال مف مجمكع‬ ‫‪ 234‬سؤاال مف مجمكع‬ ‫‪ 127‬سؤاال مف مجمكع‬ ‫‪ 32‬سؤاال مف مجمكع‬


‫‪ 2450‬س أم بنسبة‪:‬‬ ‫‪ 3029‬س أم بنسبة‪:‬‬ ‫‪ 2.785‬س أم بنسبة‪:‬‬ ‫‪/269‬س أم نسبة‪:‬‬

‫‪%7,06‬‬ ‫‪%7,72‬‬ ‫‪%4,5‬‬ ‫‪%11,89‬‬

‫‪ ‬يتعمؽ ىذا الجدكؿ بصنؼ األسئمة الشفكية فقط‪.‬‬

‫لقد استغؿ النكاب ىذه اآللية بشكؿ فعاؿ‪ ،‬بعد تعديؿ دستكر ‪ 1992‬السالؼ الذكر‪،‬‬
‫كالذم يحدد أجؿ تقديـ الحككمة الجكاب‪ ،‬في الكقت الذم كانت فيو الحككمة تتجاىؿ‬

‫‪ -1‬ىذا الفصؿ يحمؿ رقـ ‪ 55‬في دستكر ‪ ،92‬كقد كأصبح يحمؿ رقـ ‪ 56‬في دستكر ‪.96‬‬
‫‪ 1963‬إلى ‪ 2005‬المجمة المغربية‬ ‫‪ -2‬وفاء الفياللي‪ :‬البرلماف في النظاـ السياسي المغربي مف‬
‫لمتدقيؽ كالتنمية عدد مزدكج‪.23/21/2007‬‬

‫‪30‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫أسئمة النكاب‪ ،‬أك كانت تتعمد التأخير في الرد عمييا مما يفقدىا أىميتيا كحيكيتيا‬
‫كراىنيتيا‪ ،‬مما شجع النكاب عمى االقباؿ عمى طرح أسئمة سكاء شفكية أك كتابية أك آنية ‪.1‬‬

‫كىكذا نبلحظ‪ ،‬مثبل‪ ،‬بأف األسئمة التي تقدـ بيا النكاب إلى ك ازرة المالية خبلؿ الكالية‬
‫‪ 127‬سؤاال خبلؿ‬ ‫البرلمانية الثالثة لـ تتجاكز ‪ 32‬سؤاال‪ ،‬في حيف ارتفع ىذا الرقـ إلى‬
‫‪ 234‬سؤاال‪ ،‬في الكقت الذم‬ ‫الكالية البرلمانية الرابعة‪ ،‬كخبلؿ الكالية الخامسة قفز إلى‬
‫انخفظ فيو ىذا الرقـ إلى ‪ 173‬سؤاال خبلؿ الكالية البرلمانية السادسة‪.‬‬

‫أما بخصكص األسئمة الكتابية‪ ،‬فإنيا قد عرفت ىي األخرل‪ ،‬عدة تغيرات حسب‬
‫الكاليات البرلمانية المختمفة‪ ،‬كذلؾ كفؽ الجدكؿ التالي‪:2‬‬

‫الوالية البرلمانية السادسة‪:‬‬ ‫الوالية البرلمانية الخامسة‪:‬‬ ‫الوالية البرلمانية الرابعة‪:‬‬

‫‪2002/1997‬‬ ‫‪1997/1993‬‬ ‫‪1992/1984‬‬

‫‪ 130‬سؤاال كتابيا مف مجمكع‪:‬‬ ‫‪ 188‬س‪ .‬كتابيا مف مجمكع‪:‬‬ ‫‪ 47‬سؤاال كتابيا مف مجمكع‪:‬‬


‫‪ .7.367‬أم بنسبة‪%1,7 :‬‬ ‫‪ .4.341‬أم بنسبة‪%4,3 :‬‬ ‫‪ 1.702‬س‪.‬ؾ‪ .‬أم بنسبة‪%2,7 :‬‬

‫‪ ‬يتعمؽ ىذا الجدكؿ بصنؼ األسئمة الكتابية‪.‬‬

‫كرغـ ىذه األىمية المتزايدة في نسب األسئمة الكتابية أك الشفكية ذات الطابع المالي‬
‫أك الجبائي‪ ،‬فإف المبلحظ أنو تطكر كمي يشمؿ العدد كليس النكع‪ ،‬ذلؾ أف مضمكف‬
‫معظـ األسئمة ال يخمك مف االستفسار عف بعض المقتضيات الغامضة أك المعقدة‪ ،‬كما‬

‫‪ -1‬تطبيقا المقتضيات الفصؿ ‪ 55‬مف الدستكر‪.‬‬


‫‪ -2‬تـ االقتصار عمى بعض الكاليات البرلمانية عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬لممزيد مف التفاصيؿ أنظر‬
‫المنشكرات الصادرة عف البرلماف كالك ازرة المكمفة بالعبلقات مع البرلماف حكؿ مكضكع اإلحصائيات‬
‫المرتبطة باألسئمة‪ .‬ككذا "مجمس النكاب" حصيمة أشغاؿ مجمس النكاب الكالية التشريعية‬
‫‪ 2002/97‬منشكرات مجمس النكاب مطابع ايفريقيا الشرؽ الدار البيضاء ‪.2002‬‬

‫‪31‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫أنو يعكس في ‪-‬بعض األحياف‪ -‬اىتمامات شخصية لمنكاب خكفا مف االنعكاسات السمبية‬
‫عمى نشاطاتيـ التجارية أك الصناعية‪.‬‬

‫كعبلكة عمى ذلؾ‪ ،‬فإف تحرير معظـ األجكبة كصياغتيا مف طرؼ أطر ك ازرة‬
‫المالية‪ ،‬حيث يكتفي كزير المالية بتبلكة الردكد بدكف حتى إمكانية التعميؽ عمييا‪ ،‬الشيء‬
‫الذم يفقد ىذه المسطرة الكثير مف حيكيتيا‪ ،‬إضافة إلى تحديد المدة الزمنية المخصصة‬
‫لمجكاب مما يمغي إمكانية التكسع في مناقشتيا‪ ،‬سيما كأف معظـ المقتضيات ذات طابع‬
‫تقني جد معقد‪.‬‬

‫‪ ‬المستوى الخامس‪ :‬لجان تقصي الحقائق‪.‬‬

‫يعتبر تعديؿ دستكر ‪ 92‬تحكال نكعيا ىاما في مجاؿ تدعيـ آليات المراقبة المتاحة‬
‫لمبرلماف‪ .‬فقد جاء الفصؿ ‪ 40‬تتكيجا لممبادرات كالجيكد كالمبادرات الرامية إلى ترسيخ‬
‫أسس النظاـ البرلماني‪ ،‬كيتجمى ذلؾ في العديد مف التعديبلت‪ ،‬كاف مف ضمنيا إمكانية‬
‫‪1‬‬
‫‪42‬‬ ‫‪( 40‬كىك الفصؿ الذم يأخذ رقـ‬ ‫تشكيؿ لجاف لتقصي الحقائؽ‪ ،‬استنادا لمفصؿ‬
‫ضمف تعديؿ الدستكر األخير لسنة ‪.)1996‬‬

‫يناط بيذه المجاف طبقا ألحكاـ الفصؿ ‪ 42‬مف دستكر ‪ ،96‬جمع مختمؼ البيانات‬
‫المتعمقة بالكقائع التي يككف فييا الماؿ العاـ مكضكع سرقة أك اختبلس أك تبديد‪ ،‬كاطبلع‬
‫المجمس الذم تنتمي إليو عمى النتائج التي انتيت إلييا تحقيقاتيا‪ ،‬كبالرغـ مف أف أكلى‬
‫‪ ،292‬إال أف الرأم العاـ لـ‬ ‫لجاف تقصي الحقائؽ قد شكمت بعد تعديؿ الدستكرم لسنة‬
‫‪ ،96‬حكؿ‬ ‫يكلييا أىمية كبرل‪ ،‬ذلؾ أف المجنة الثانية كالتي تشكمت في ظؿ دستكر‬

‫‪ -1‬مف ضمف ىذه التعديبلت مثبل‪ :‬حؽ اإلحالة عمى المجمس الدستكرم لربع أعضاء مجمس النكاب‪،‬‬
‫(ؼ ‪ ،)79‬التصكيت عمى البرنامج الحككمي (ؼ‪...)59 .‬الخ‬
‫‪ )97/93‬حكؿ مكضكع‬ ‫‪ -2‬تـ تشكيؿ أكؿ لجنة لتقصي الحقائؽ خبلؿ الكالية البرلمانية الخامسة (‬
‫المخدرات‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫االختبلالت التي عرفيا كؿ مف القرض العقارم كالسياحي‪ ،‬كصندكؽ الضماف االجتماعي‬


‫قد أخذت شيرة كبيرة لما لياتيف المؤسستيف مف أىمية بالغة مف جية‪ ،‬كنظ ار الرتباط‬
‫نشاطاتيا معا بجميكر كاسع مف المكاطنيف مف جية أخرل‪ .‬إال أنو كبالرغـ مف تقديـ‬
‫المجنتيف تقاريرىا إلى مجمس النكاب‪ ،‬كالمكاكبة اإلعبلمية اليامة التي حظي بيا‬
‫المكضكع‪ ،‬إال أف المبلحظ أف المتابعات القضائية لـ تكف في مستكل تطمعات الفاعميف‬
‫السياسييف‪ ،‬كال انتظارات المكاطنيف‪ .‬ذلؾ أف التصريح بأسماء المتكرطيف في الفساد‬
‫المالي كتبديد األمكاؿ العمكمية‪ ،‬كاالختبلس لـ يكف كافيا عمى ما يبدك لتحريؾ المتابعة‬
‫ضدىـ‪.1‬‬

‫إف مكقؼ القضاء ىذا يجعؿ المياـ الرقابية لمبرلماف غير ذات جدكل‪ .‬ففي الكقت‬
‫الذم رحبت فيو األحزاب الديمقراطية‪ ،‬كالمجتمع المدني بإمكانية تشكيؿ لجاف لتقصي‬
‫الحقائؽ حكؿ سكء تدبير المؤسسات المالية كاالقتصادية‪ ،‬نجد القضاء قد جعؿ منيا أداة‬
‫غير فاعمة‪ ،‬بدؿ تقكية الدكر الرقابي لمبرلماف في المجاؿ المالي كالجبائي ‪.2‬‬

‫إف إفراغ الجيكد الرامية إلى إقرار رقابة حقيقية عمى تدبير الماؿ العاـ‪ ،‬مف محتكاىا‬
‫االيجابي‪ ،‬يشكؿ عرقمة حقيقية لتشييد صرح دكلة القانكف‪ ،‬كما أنو يعد تراجعا عف‬
‫المضمكف السياسي لمتعديؿ الدستكرم لسنة ‪ ،92‬الذم كاف في حد ذاتو تتكيجا لنضاالت‬
‫القكل الديمقراطية ألجؿ كضع حد لحاالت الفكضى كالتسيب التي يعاني منيا الماؿ العاـ‪،‬‬

‫‪ -1‬صرح مكالم الزيف الزاىيدم المدير العاـ السابؽ لمقرض العقارم كالسياحي بأسماء كازنة مف‬
‫ضمنيا كزير أكؿ سابؽ‪ ،‬إال أف القضاء تجاىميا كاكتفى بإصدار حكـ غيابي بالسجف في حؽ‬
‫المدير العاـ السابؽ فقط‪.‬‬
‫‪ -2‬كما أف الفصؿ ‪ 42‬مف دستكر ‪ 92‬نفسو قد كضع حدكد لمنشاط ىذه المجاف حيث أنو لـ يسمح‬
‫بتككينيا حكؿ كقائع تككف مكضكع متابعات قضائية كحتى بعد تككينيا فإف مياميا تتكقؼ بمجرد‬
‫فتح تحقيؽ قضائي في الكقائع التي اقتضت تشكيميا‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫بعيدا عف المحاسبة كالرقابة ككذا عف المساءلة القضائية التي بدكنيا يظؿ تشكيؿ لجاف‬
‫تقصي الحقائؽ ىدفا بحد ذاتو‪.‬‬

‫‪ ‬الـمسـتـوى الـسـادس‪ :‬المادة " ‪ "3‬من القانون التنظيمي لممالية (إقحام مواد دخيمة‬
‫عن القانون المالي)‬

‫تنص المادة ‪ 3‬مف القانكف التنظيمي لممالية لسنة ‪ 1998‬عمى أنو‪" :‬ال يمكف أف‬
‫يتضمف قانكف المالية إال أحكاما تتعمؽ بالمكارد كالتكاليؼ أك تيدؼ إلى تحسيف الشركط‬
‫المتعمقة بتحصيؿ المداخيؿ ككذا مراقبة استعماؿ األمكاؿ العمكمية"‪.‬‬

‫كاذا كاف تبرير أحكاـ ىذه المادة يقضي بضركرتيا لكضع حد لمحشك الذم قد‬
‫يتعرض لو قانكف المالية‪ ،‬كذلؾ قصد تأميف االستعماؿ األمثؿ لمفترة الزمنية المحددة‬
‫لدراسة مشركع قانكف المالية مف طرؼ البرلماف مف جية‪ ،‬كتفاديا لتحكؿ االىتماـ إلى‬
‫مسائؿ جانبية ال ترتبط ارتباطا مباش ار بمقاصد الميزانية مف جية أخرل‪.‬‬

‫كمف البدييي أف ضركرة احتراـ السقؼ الزمني المحدد لدراسة القانكف المالي‪ ،‬قد‬
‫يدفع النكاب أك الحككمة إلى عدـ إدراج بعض المقتضيات التي يعتبركنيا ذات طابع‬
‫استعجالي لضماف دراستيا كاعتمادىا ضمف الميزانية العامة لمدكلة‪ ،‬أك أحكاـ القانكف‬
‫المالي‪.‬‬

‫كبالرغـ مف تماسؾ ىذا التبرير مف الكجية المبدئية عمى األقؿ‪ ،‬إال أننا نجد لو‬
‫‪1‬‬
‫الجبائية"‬ ‫بعض "الخركقات"‪ .‬فقد أصرت مديرية الضرائب عمى تمرير "كتاب المساطر‬
‫أثناء مناقشة مشركع قانكف المالية لسنة ‪ ،2004‬كلعؿ الشيء البدييي‪ ،‬أف األمر ال يتعمؽ‬
‫بمكضكع يتسـ باالستعجاؿ‪ ،‬كمف شأف إقحامو أف يشتت تركيز النكاب‪ ،‬ناىيؾ عف‬

‫‪ -1‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5278‬بتاريخ ‪ 17‬ذك القعدة ‪ 30( 1425‬ديسمبر ‪.)2004‬‬

‫‪34‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫استغبلؿ الحيز الزمني‪ ،‬الضيؽ أصبل‪ ،‬لمناقشة سريعة كغير جدية ألمر ىاـ ‪ .1‬كقد كاف‬
‫مف المفركض تخصيص جمسة خاصة لمناقشة المساطر الجبائية‪ ،‬سيما كانو يطرح ألكؿ‬
‫مرة تفاديا إلقرار بعض التراجعات عمى مستكل الضمانات المخكلة لمممزميف‪ .‬إف مضمكف‬
‫المساطر الجبائية كأىميتيا‪ ،‬كالمستكل القانكني البالغ التعقيد الذم تتميز بو يجعمنا نشؾ‬
‫في النكايا الحقيقية إلصرار ك ازرة المالية عمى إرفاؽ مشركع قانكف المالية بيذا القانكف‪.‬‬
‫كاف الرغبة الحقيقية‪ ،‬تكمف في استغبلؿ الكقت‪ ،‬غير المناسب‪ ،‬لتمرير قانكف كاف بالتأكيد‬
‫سيتعرض لمكثير مف التعديبلت‪ ،‬كيثير ببل شؾ نقاشا ىاما تعتبر اإلدارة الضريبية نفسيا‬
‫في غنى عنو‪.‬‬

‫‪ 3‬السالفة الذكر‪ ،‬في محاكلة الحككمة إدراج‬ ‫كيكمف المثاؿ الثاني لخرؽ المادة‬
‫تعديؿ قكانيف االستثمار ضمف مشركع قانكف المالية لسنة ‪ ،1988‬مما أثار حفيظة مجمس‬
‫النكاب‪ ،‬كاستمزـ األمر تحكيما ممكيا أدل في نياية األمر إلى حذفيا مف ىذا المشركع‪،‬‬
‫كتنظيـ دكرة استثنائية في منتصؼ شير يناير مف سنة ‪ 1988‬لدراسة التعديبلت المقترحة‬
‫بشكؿ مستقؿ عف قانكف المالية‪.‬‬

‫‪ ‬المستوى السابع‪ :‬مناقشة قانون التصفية ‪.‬‬

‫‪ ،2‬كىك يرمي‪ ،‬حسب الفقرة‬ ‫يعتبر قانكف التصفية جزء ال يتج أز مف قانكف المالية‬
‫األكلى مف المادة ‪ 47‬مف القانكف التنظيمي لممالية‪ ،‬إلى تتبيث المبمغ النيائي لممداخيؿ‬
‫المقبكضة كالنفقات المأمكر بصرفيا برسـ السنة المالية‪ ،‬كحصر حساب نتيجة السنة‪.‬‬
‫كىك بذلؾ يككف األداة التي تمكف مف تحديد الفرؽ بيف المداخيؿ برسـ التكقعات‪ ،‬كبيف‬
‫النتائج الفعمية لمقانكف المالي‪ .‬كما يتمكف نكاب األمة مف خبللو‪ ،‬مف التعرؼ عمى أكجو‬

‫‪ -1‬يتضمف كتاب المساطر الجبائية ‪ 23‬مادة تخص العديد مف التدابير التي تيـ تحديد سمطات‬
‫اإلدارة كحقكؽ الممزـ في مجاؿ المراقبة ككيفية التبميغ كتصحيح الضرائب‪ ....‬الخ‪.‬‬
‫‪ -2‬يعتبر كفقا ألحكاـ المادة الثانية مف القانكف التنظيمي لممالية بمثابة قانكف لممالية‪ ،‬كؿ مف قانكف‬
‫المالية لمسنة‪ ،‬كقكانيف المالية المعدلة ‪ ،‬كقكانيف التصفية‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫االستعماؿ الحقيقي لمتراخيص التي منحكىا لمحككمة‪ ،‬كمف اإلطبلع عمى الحسابات‬
‫النيائية لمخزينة‪.‬‬

‫كتنص الفقرة الثانية مف "المادة ‪ "47‬السالفة الذكر عمى أنو‪" :‬يجب أف يكدع مشركع‬
‫القانكف المذككر بمكتب أحد مجمسي البرلماف في نياية السنة الثانية المكالية لسنة تنفيذ‬
‫قانكف المالية عمى أبعد تقدير"‪.‬‬

‫إال أف الكاقع العممي ال يعكس ىذا التحديد الزمني عمى مستكل القانكف‪ ،‬ذلؾ أف‬
‫المبلحظ أف إيداع قكانيف التصفية كاف دكما يتصؼ بالتأخير الشديد‪ ،‬الذم قد يتجاكز‬
‫السبع سنكات أحيانا‪ .‬كما أف النشر كاف أيضا يتصؼ بنفس الظاىرة فمـ يشرع في النشر‬
‫المنتظـ ليذه القكانيف إال ابتداء مف سنة ‪ 1997‬فقط‪.1‬‬

‫كترجع الحككمة أسباب ىذا التأخير إلى الصعكبات اإلدارية التي تحكؿ دكف ضبط‬
‫جانب مف الحسابات المتعمقة باالعتمادات المرحمة عمى مستكل اآلمريف بالصرؼ‬
‫الثانكييف‪ ،‬ككذا إلى اآلجاؿ الطكيمة التي تتطمبيا عمميات تجميع الحسابات اإلدارية لكؿ‬
‫ك ازرة عمى الصعيد المركزم‪ ،‬كضركرة مراجعتيا مع مصالح ك ازرة االقتصاد كالمالية عمى‬
‫مستكل مراقبة االلتزاـ بالنفقات‪.‬‬

‫إف ىذا التأخير يفرغ المراقبة مف محتكاىا‪ ،‬كيجعميا مسألة شكمية ال غير‪ ،‬الشيء‬
‫الذم يؤكد عدـ اىتماـ كسائؿ اإلعبلـ أك الرأم العاـ بمناقشة قكانيف التصفية عمى غرار‬
‫قكانيف المالية‪ ،‬بؿ إف معظـ الناس يجيمكف كجكد "قانكف التصفية"‪ ،‬كحتى النكاب أنفسيـ‬
‫ال يكلكف أىمية تذكر ليذه المناقشات‪ .‬فما ىك جدكل رفض قانكف لمتصفية يخص قانكنا‬
‫‪2‬‬
‫إنو مجرد عمؿ عبثي‪ ،‬بدكف أم مدلكؿ‬ ‫لممالية مرت عمى تنفيذه مدة عشر سنكات مثبل؟‬

‫‪ -1‬لـ يتـ نشر قكانيف التصفية السابقة لسنة ‪ ،1984‬إال في سنة ‪ 1995‬مثبل‪.‬‬
‫‪ -2‬حسب ما ىك مبيف بالجدكؿ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫عممي مما يجعؿ الرقابة البعدية لمبرلماف في المجاؿ المالي نظرية‪ ،‬ىذا إف لـ تكف‬
‫منعدمة تماما‪.‬‬

‫مف خبلؿ ما تقدـ تتضح المضاميف العممية لمعقمنة البرلمانية في ظؿ التشريع‬


‫الدستكرم المغربي الذم جعؿ النظاـ السياسي المغربي يتسـ بييمنة الحككمة عمى‬
‫البرلماف عمى مستكيات متعددة‪ ،‬ال داعي لعرضيا مجددا‪ ،‬بشكؿ يؤكد ضعؼ البرلماف‪،‬‬
‫كانعداـ المبادرة البرلمانية في المجاؿ المالي بالتحديد حيث تخضع سمطات البرلماف إلى‬
‫عدة تقييدات تفقد عبارة "ممثمي األمة" كؿ مدلكؿ ديمقراطي‪.‬‬

‫‪،1‬‬ ‫كلعؿ ضعؼ النكاب‪ ،‬كعدـ اىتماميـ‪ ،‬كانضباط األغمبية البلمشركط لمحككمة‬
‫يعطي االنطباع بأف مياـ الرقابة قد تحكلت إلى عممية تعبئو الطاقات لحشد الدعـ‬
‫‪ ،2‬مما يفسح‬ ‫لمحككمة كمساندتيا حفاظا عمى التكازنات السياسية‪ ،‬كاالستقرار الحككمي‬
‫المجاؿ لتجاكزات الحككمة‪ ،‬كاستعماليا المفرط ألحكاـ الفصؿ ‪ 51‬مف الدستكر‪ .‬كيؤشر‬
‫اعتذار الكزير األكؿ (عباس الفاسي) ‪ ،3‬عف رفع سعر الضريبة عمى القيمة المضافة‬
‫المفركضة عمى شركات القركض (الميزينيغ)‪ ،‬عف التدىكر الخطير في عبلقة الحككمة‬
‫بالبرلماف‪ ،‬كتتكيج طبيعي لمسار طكيؿ اتسـ بسحب اختصاصات البرلماف بالتدريج‪،‬‬
‫كانتيى بانفراد الحككمة بالقرار‪.‬‬

‫فيؿ أعطت "العقمنة البرلمانية" أكميا؟ أم ىؿ استطاعت الحككمة أف تنعـ بانفرادىا‬


‫بالقرار أماـ برلماف عاجز؟؟‬

‫‪ -1‬تختمؼ مناقشة قانكف المالية‪ ،‬التي تتصؼ بالحدة أحيانا‪ ،‬عف عمميات التصكيت‪ .‬فاالعتراض‬
‫عمى مستكل المناقشة ال ينعكس عمى التصكيت بالضركرة كىي مفارقة تتميز بيا أحزاب األغمبية‪.‬‬
‫‪ -2‬يبدك باف المغرب ال يعرؼ ظاىرة "األزمات الحككمية"‪ ،‬كىي ظاىرة عادية في ظؿ األنظمة‬
‫الديمقراطية‪ ،‬ايطاليا خير نمكذج مثبل‪.‬‬
‫‪ -3‬انظر ما قمناه سابقا عف المكضكع بتفصيؿ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫إف "استقالة البرلماف"‪ ،‬كاقتصاره عمى لعب أدكار شكمية أدل‪ ،‬في نياية األمر‪ ،‬إلى‬
‫خمؽ قطيعة بيف المكاطف كالطبقة السياسية تجمت في النسبة الميكلة لبلمتناع عف‬
‫التصكيت كصمت إلى حدكد ‪ ،80%‬كىي رسالة قكية إلى مف يعنييـ األمر‪ ،‬خمقت زلزاال‬
‫حقيقيا في المشيد السياسي المغربي غداة االنتخابات التشريعية األخيرة لسابع شتنبر‬
‫‪.12007‬‬

‫إف القرار الجبائي‪ ،‬بالتأكيد‪ ،‬ال يمكف لكحده أف يؤثر في المجاليف االقتصادم‬
‫كالمالي‪ ،‬إال أف غياب بصمات ممثمي األمة عف القانكف المالي‪ ،‬يعني أف ىذا القانكف‬
‫أصبح مشركعا حككميا صرفا‪ ،‬كبعبارة أخرل فإنو أصبح صناعة إدارية بحتو‪ ،‬يتحكـ فييا‬
‫تقنيكا ك ازرة المالية مائة بالمائة‪ .‬فالتقنكقراط ال يتحكمكف بالمناصب الحساسة في الدكلة‬
‫فحسب‪ ،‬بؿ يتحكمكف أيضا بالبرلماف‪ ،‬كيتمثؿ ذلؾ أساسا في صياغة مجمؿ القكانيف التي‬
‫تعرض عمى البرلماف مف جية‪ ،‬ككذا تحرير األجكبة عف مختمؼ األسئمة التي يتقدـ بيا‬
‫النكاب مف جية أخرل‪ ،‬حيث يكتفي الكزراء بتبلكتيا بدكف إمكانية عمى التعقيب عمييا‪.‬‬

‫إف ىذا الكضع دفع الكثير مف المفكريف كرجاؿ السياسة كعمماء القانكف عمى طرح‬
‫سؤاؿ في غاية األىمية‪ :‬مف ىك المشرع الحقيقي؟ البرلماف أـ اإلدارة؟؟‬

‫قوانين المالية وتواريخ قوانين التصفية الموافقة لو‬


‫ا‬
‫مدة التأخير‬ ‫تاريخ قانكف التصفية المكافقة لو‬ ‫قانكف المالية‬
‫‪ 5‬سنكات‬ ‫‪1983‬‬ ‫‪1978‬‬
‫‪ 4‬سنكات‬ ‫‪1983‬‬ ‫‪1979‬‬
‫‪ 7‬سنكات‬ ‫‪1987‬‬ ‫‪1980‬‬
‫‪ 5‬سنكات‬ ‫‪1986‬‬ ‫‪1981‬‬
‫‪ 5‬سنكات‬ ‫‪1987‬‬ ‫‪1982‬‬

‫‪ 35‬حزبا تمثؿ مختمؼ االتجاىات‪ ،‬لـ تتجاكز نسبة‬ ‫‪ -1‬في الكقت الذم تجاكز فيو عدد األحزاب‬
‫المشاركة في االنتخابات التشريعية األخيرة نسبة ‪ 20%‬مف الناخبيف (‪ 7‬شتنبر ‪.)2007‬‬

‫‪38‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫سنكات‬ ‫‪7‬‬ ‫‪1990‬‬ ‫‪1983‬‬


‫سنكات‬ ‫‪9‬‬ ‫‪1993‬‬ ‫‪1984‬‬
‫سنكات‬ ‫‪8‬‬ ‫‪1993‬‬ ‫‪1985‬‬
‫سنكات‬ ‫‪7‬‬ ‫‪1993‬‬ ‫‪1986‬‬
‫سنكات‬ ‫‪6‬‬ ‫‪1993‬‬ ‫‪1987‬‬
‫سنكات‬ ‫‪9‬‬ ‫‪1997‬‬ ‫‪1988‬‬
‫سنكات‬ ‫‪8‬‬ ‫‪1997‬‬ ‫‪1989‬‬
‫سنكات‬ ‫‪7‬‬ ‫‪1997‬‬ ‫‪1990‬‬
‫سنكات‬ ‫‪8‬‬ ‫‪1999‬‬ ‫‪1991‬‬
‫سنكات‬ ‫‪8‬‬ ‫‪2000‬‬ ‫‪1992‬‬
‫سنكات‬ ‫‪8‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪1993‬‬
‫سنكات‬ ‫‪7‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪1994‬‬
‫سنكات‬ ‫‪6‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪1995‬‬
‫المصدر‪ :‬مديرية الضرائب‬

‫انفقرج انثاَيح ‪ :‬اإلدارج انضريثيح‪ :‬انًشرع انحقيقي‬


‫يجب التأكيد أكال بأف مياـ اإلدارة تنحصر في تطبيؽ النصكص التشريعية‪ ،‬كليس‬
‫إبداعيا تطبيقا لمبدأ فصؿ السمط كعدـ تداخؿ االختصاصات ‪.1‬‬

‫تعد إدارة الضرائب حجر الزاكية في طرؽ تدبير المالية العمكمية بالمغرب‪ ،‬باعتبارىا‬
‫تنظـ كتشرؼ عمى أىـ مكرد مف مكارد الميزانية العامة أال كىي الضرائب‪ .‬إال أنيا لـ‬
‫تستأثر باىتماـ الرأم العاـ‪ ،‬إال في السنكات األخيرة‪ ،‬بالرغـ مف أنيا تمثؿ إحدل‬
‫المعادالت األساسية في صناعة القرار الضريبي‪.‬‬

‫لقد كانت تشتغؿ في صمت‪ ،‬كبعيدا عف األضكاء‪ ،‬إال أف اإلصبلح الضريبي‬


‫أخرجيا مف عزلتيا كجعميا محط أنظار الباحثيف كالدارسيف‪ ،‬كالطبقة السياسية أيضا ‪.2‬‬

‫‪ -1‬قرار المجمس الدستكرم الفرنسي رقـ ‪ 162‬الصادر بتاريخ ‪.1983/07/19‬‬


‫‪ -2‬انظر عبد الرفيع بكداز‪" :‬اإلصبلح الضريبي كالحمقة المفقكدة‪ :‬اإلدارة الضريبية"‪ .‬كىي سمسمة‬
‫مقاالت نشرت بجريدة االتحاد االشتراكي خبلؿ شير مام ‪.1990‬‬

‫‪39‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫إف كضع اإلدارة الجبائية ال يشذ عف كضعية اإلدارة العمكمية بالمغرب‪ ،‬بشكؿ عاـ‪.‬‬
‫إال أنيا مع ذلؾ تتميز بعدة خاصيات‪ :‬فيي معنية أكثر مف غيرىا بتطكر تقنيات التكاصؿ‬
‫مع الجميكر‪ ،‬نظ ار الرتباط خدماتيا بجميكر الممزميف الكاسع‪ ،‬كارتباطيا أيضا كبشكؿ‬
‫كثيؽ ببنية النظاـ الجبائي الذم تعد مكمفة بكضعو حيز التطبيؽ ‪ ،1‬كما أف ىيكمتيا تككف‬
‫في الغالب انعكاس لييكمة النظاـ الجبائي نفسو‪ ،‬سكاء تعمؽ األمر بطرؽ تحديد الكعاء‬
‫الضريبي‪ ،‬أك كيفية البث في المنازعات الناشئة بسببيا‪ ،‬أك طرؽ استخبلصيا ‪.2‬‬

‫ذطور حصيهح انضرائة ( تًهيوٌ درهى)‬

‫نسبة اإلنجاز‬ ‫اإلنجاز برسم ‪2006‬‬ ‫اإلنجاز برسم ‪2005‬‬ ‫صنف الضريبة‬
‫‪%122.9‬‬ ‫‪50.416‬‬ ‫‪43.516‬‬ ‫الضرائب المباشرة‬
‫‪%133.6‬‬ ‫‪24.796‬‬ ‫‪19.371‬‬ ‫الضريبة عمى الشركات‬
‫‪%144.4‬‬ ‫‪23.927‬‬ ‫الضريبة العامة عمى الدخل ‪22.878‬‬
‫‪%110.7‬‬ ‫‪16.686‬‬ ‫‪12.767‬‬ ‫الضريبة عمى القيمة‬
‫المضافة في الداخل‬
‫‪% 119.6‬‬ ‫‪7.239‬‬ ‫‪6.364‬‬ ‫ضريبة النظافة‬
‫‪% 119.6‬‬ ‫‪74.342‬‬ ‫‪62.647‬‬ ‫المجموع‬

‫انًصذر ‪ :‬كراب األسرار يحًذ انصثيحي ‪précis de gestion budgétaire‬‬

‫كقد تمت إضافة عدة مصالح كأقساـ حسب األكضاع المستجدة في إطار ما سمي بػ‬
‫"إعادة الييكمة" التي ابتدأت سنة ‪ ،1991‬كىي عمميات تتعمؽ إما بدمج المصالح اإلدارية‬

‫" ‪" :Gabriel Ardant‬إف مصداقية أم نظاـ جبائي‪ ،‬رىينة باإلدارة‬ ‫‪ -1‬يقكؿ "كابرياف أردات‬
‫الجبائية التي تضعو حيز التطبيؽ" » ‪.fayard 1972 G. A « histoire de impôt‬‬
‫‪ -2‬أصبحت اإلدارة الجبائية حاليا تقكـ أيضا باستخبلص بعض الضرائب بدال مف الخزينة العامة‬
‫لممممكة‪ ،‬كذلؾ تيميدا الستخبلص كافة أنكاع الضرائب األخرل‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫‪1‬‬
‫مع ازدياد عدد المكظفيف العامميف‬ ‫أك خمؽ مصالح جديدة‪ ،‬كىي عممية تكاد ال تنتيي‬
‫بالمديرية‪.‬‬

‫كعمى كؿ‪ ،‬لسنا ىنا بصدد دراسة اليياكؿ اإلدارية الضريبية كاختصاصاتيا‪ ،‬حيث‬
‫تكجد دراسات عديدة قيمة عف مختمؼ أكجو نشاطات مديرية الضرائب ‪.2‬‬

‫إال أننا نريد مع ذلؾ‪ ،‬اإلشارة إلى قسـ تابع لممديرية المكمفة بالدراسات كالتشريع‪،‬‬
‫كىي المديرية التي تضـ قسميف‪ :‬القسـ المكمؼ بالدراسات كالعبلقات الخارجية‪ ،‬كالقسـ‬
‫المكمؼ بالتشريع كالمستندات الضريبية‪ ،‬كلعؿ القسـ الثاني المختص بالتشريع الضريبي‪،‬‬
‫ىك قسـ ىاـ بالنظر إلى دكره في إعداد الخطكط العريضة لمتشريع الضريبي‪ ،‬حيث يعتبر‬
‫الميندس األكؿ لؤلرضية األساسية التي ينطمؽ منيا مشركع القانكف المالي‪ ،‬في شقو‬
‫الجبائي‪.‬‬

‫كيتكمؼ ىذا القسـ بػ‪:‬‬

‫‪ ‬إعداد كصياغة مذكرة التقديـ المتعمقة بمشركع القانكف المالي التي يتمكىا كزير‬
‫المالية عمى أعضاء لجنتي المالية بالبرلماف؛‬

‫‪ ‬إعداد أجكبة عف مختمؼ تساؤالت السادة النكاب المتعمقة بالجانب الجبائي؛‬

‫‪ ‬دراسة التعديبلت المقترحة مف طرؼ النكاب‪ ،‬كابداء الرأم حكليا؛‬

‫‪ ‬إعداد الصياغة القانكنية السميمة لممقترحات أك التعديبلت المقبكلة مف طرؼ‬


‫الحككمة لدمجيا القانكني المالي؛‬

‫‪ -1‬يبمغ عدد مكظفي إدارة الضرائب حكالي ( ‪ )5‬خمسة آالؼ مكظؼ كمكظفة مكزعيف عمى صعيد‬
‫اإلدارة المركزية كالمديريات الجيكية (انظر الجدكؿ)‪.‬‬
‫‪ -2‬واعدي البشير‪" :‬مديرية الضرائب‪" :‬مف اإلصبلح الجبائي إلى اإلصبلح اإلدارم"‪ .‬انظر‬
‫أيضا‪ :‬نكر الديف بمقناش‪" :‬تحديث مديرية الضرائب بالمغرب"‪ .‬رسالة لنيؿ دبمكـ السمؾ العالي‬
‫لممدرسة الكطنية لئلدارة العمكمية‪ .1993 .‬الرباط‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫‪ ‬إعداد المذكرة التفسيرية الخاصة لتأكيؿ نصكص القانكف الضريبي‪ ،‬بعد‬


‫المصادقة النيائية عمى ىذه النصكص مف قبؿ البرلماف؛‬

‫‪ ‬المشاركة في مختمؼ الندكات كالمقاءات التي تعقدىا مديرية الضرائب مع‬


‫المينييف أك غرؼ التجارة كالصناعة لمناقشة الجكانب الجبائية مف تساؤالتيـ‬
‫كانتظاراتيـ؛‬

‫‪ ‬إعداد كصياغة خطب كمداخبلت مدير الضرائب في المقاءات كالمنتديات التي‬


‫يستدعى إلييا؛‬

‫‪ ‬إعداد جداكؿ اإلحصائيات‪ ،‬سكاء برسـ التكقعات أك المداخيؿ الضريبية‬


‫المختمفة؛‬

‫‪ ‬ترجمة النصكص الضريبية كاالتفاقيات الجبائية كغيرىا مف النصكص التي يتـ‬


‫إعدادىا بالمغة الفرنسية‪ ،‬كذلؾ بنقميا إلى المغة العربية كمما دعت الضركرة إلى ذلؾ‪.1‬‬

‫إف التحضير لمشركع القانكف المالي يمثؿ حي از ىاما مف نشاط ىذا القسـ‪ ،‬الذم‬
‫يبتدأ مف إعداد مذكرة التقديـ كينتيي إلى صياغة المذكرة الدكرية التفسيرية‪.‬‬

‫‪ 7‬شعباف ‪26 ( 1419‬‬ ‫كقد نصت المادة ‪ 33‬مف القانكف التنظيمي لممالية بتاريخ‬
‫نكنبر ‪ )1998‬في فقرتيا الثانية عمى‪..." :‬يشفع المشركع بتقرير تعرض فيو الخطكط‬
‫العريضة لمتكازف االقتصادم كالمالي كالنتائج المحصؿ عمييا كاآلفاؽ المستقبمية كالتغييرات‬
‫التي أدخمت عمى المداخيؿ كالنفقات‪ ،‬كتمحؽ بالتقرير المذككر كثائؽ تتعمؽ بالميزانية‬
‫العامة كبعمميات الحسابات الخصكصية لمخزينة كبمرافؽ الدكلة المسيرة بصكرة مستقمة‪،‬‬
‫كبالمؤسسات العمكمية"‪.‬‬
‫جدول الموارد البشرية بمديرية الضرائب‬

‫‪ -1‬إف األصؿ في إعداد النصكص كالدراسات بمديرية الضرائب ىي المغة الفرنسية كذلؾ بالرغـ مف‬
‫مركر أزيد مف نصؼ قرف عمى حصكؿ المغرب عمى االستقبلؿ السياسي‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫النسبة المائوية من مجموع العاممين‬ ‫مستوى االعمار‬ ‫عدد الموظفين العاممين بالمديرية‬
‫‪% 29‬‬ ‫‪ -‬أكثر من ‪ 50‬سنة‬
‫‪4.919‬‬
‫‪%34‬‬ ‫‪ -‬ما بين ‪ 40‬و‪ 50‬سنة‬
‫موظف وموظفة‬
‫‪%37‬‬ ‫‪ -‬أقل من ‪ 40‬سنة‬
‫المصدر‪ :‬مديرية الضرائب‬

‫توزيع الموظفين حسب السالليم‬


‫عدد الموظفين‬ ‫السالليم‬
‫‪2.454‬‬ ‫‪ -‬من ‪ 10‬إلى ‪12‬‬
‫‪1016‬‬ ‫‪ -‬من ‪ 8‬إلى ‪9‬‬
‫‪1.449‬‬ ‫‪ -‬من ‪ 1‬إلى ‪7‬‬
‫المصدر‪ :‬مديرية الضرائب‬

‫توزيع الموظفين حسب الشيادات‬


‫النسبة المائوية‬ ‫الشيادة‬
‫‪% 47‬‬ ‫‪ -‬اإلجـــازة والــدكـتـــوراه‬
‫‪% 15‬‬ ‫‪ -‬الباكموريا أو شيادة الدروس الجامعية‬
‫‪%38‬‬ ‫‪ -‬بـــاقي الـــمستويـــات‬
‫المصدر‪ :‬مديرية الضرائب‬
‫توزيع الموظفين حسب الجنس‬
‫نسبة المسؤوالت‬ ‫النسبة‬ ‫عدد العامالت‬
‫‪13,28‬‬ ‫‪34,76‬‬ ‫‪1710‬‬ ‫النساء‬

‫المصدر‪ :‬مديرية الضرائب‬

‫نسبة المسؤوالت‬ ‫النسبة‬ ‫عدد العامالت‬


‫‪87,72‬‬ ‫‪65,24‬‬ ‫‪3209‬‬ ‫الرجال‬

‫المصدر‪ :‬مديرية الضرائب‬

‫أ) التطور النوعي لموثائق المرفقة بالقانون المالي ‪:‬‬

‫ابتداء مف سنة ‪ ، 1995‬بدأت الكثائؽ المرفقة لمشركع قانكف المالية تعرؼ تطك ار‬
‫عمى مستكل الكـ كالكيؼ‪ ،‬حيث أخذت مذكرة التقديـ تتضمف أيضا تحميبل سياسيا‬
‫‪ ،1999‬تـ‬ ‫كاقتصاديا مع عرض لممتغيرات الدكلية في المجاؿ االقتصادم‪ .‬كفي سنة‬

‫‪43‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫تقديـ مذكرة مستقمة مرفقة بالقانكف المالي تتضمف تحميبل لمكضع االقتصادم كالمالي‬
‫كآفاؽ تطكره‪.1‬‬

‫إال أف سنة ‪ 2000‬كانت السنة التي شيدت تطك ار نكعيا كذلؾ كفقا لمقتضيات‬
‫القانكف التنظيمي لممالية‪ ،‬حيث أصبح لزاما عمى ك ازرة المالية تقديـ أربعة كثائؽ منفصمة‪،‬‬
‫كىي‪:‬‬

‫‪ ‬مذكرة التقديـ‪( :‬حكالي ‪ 140‬صفحة)‪ ،‬كتضـ عدة محاكر مثبل‪:‬‬

‫(حصيمة العمؿ الحككمي‪ ،‬المحاكر ذات األكلكية بالنسبة لمقانكف المالي‪ ،‬معطيات مرقمة‬
‫حكؿ مشركع القانكف المالي‪....‬الخ)‪.‬‬

‫‪ ‬التقرير المالي كاالقتصادم (حكالي ‪ 120‬صفحة)‪ ،‬كيضـ المحاكر التالية‪:‬‬

‫(المحيط الدكلي كالكطني‪ ،‬السياسة االقتصادية كاالجتماعية‪ ،‬المالية العمكمية‪ ،‬التكقعات‬


‫االقتصادية‪...‬الخ)‪.‬‬

‫‪ 100‬صفحة) كتضـ‬ ‫‪ ‬تقرير حكؿ المؤسسات كالمقاكالت العمكمية (حكالي‬


‫المحاكر التالية‪:‬‬

‫(إنجازات قطاع المؤسسات كالمقاكالت العمكمية‪ ،‬مساىمة المؤسسات كالمقاكالت العمكمية‬


‫في التنمية االقتصادية كاالجتماعية‪ ،‬عمميات إصبلح كاعادة الييكمة)‪.‬‬

‫‪ ‬تقرير حكؿ مرافؽ الدكلة المسيرة بصكرة مستقمة ( ‪ 20‬صفحة)‪ ،‬كيضـ المحاكر‬
‫التالية‪:‬‬

‫(معطيات حكؿ ميزانيات ىذه المرافؽ؛ مؤسسات التككيف الميني كتككيف األطر‬
‫العميا‪ ،‬قطاع العبلجات االستشفائية‪ ،‬قطاع البنيات التحتية‪ ،‬المركبات الرياضية‪...‬الخ) ‪.1‬‬

‫‪ -1‬قبؿ سنة ‪ 1995‬كاف مشركع قانكف المالية مرفقا فقط بمذكرة تقديـ جد مختصرة تتضمف التغييرات‬
‫الطارئة عمى المداخيؿ كالنفقات ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫إف تطكر ىذه الكثائؽ كاألىمية الكبرل التي أخذت تحظى بيا مف طرؼ النكاب‬
‫(سميا إذا عممنا بالمستكل المتكاضع كغير المتخصص ليـ)‪ ،‬ككذا لمطابع اإللزامي الذم‬
‫أصبحت تكتسيو‪ ،‬أخذت بعض المصالح التابعة لك ازرة المالية تحتؿ نفس األىمية كذلؾ‬
‫بالنظر إلى محتكل ىذه الكثائؽ التي تشكؿ مرجعا ىاما‪ ،‬كاف كاف‪ ،‬مع األسؼ‪ ،‬غير‬
‫منشكر كغير متداكؿ‪ ،‬كلعؿ المديريات المعنية ىي التي تتحكـ في المعطيات‬
‫كاإلحصائيات‪ ،‬كتكجو النكاب بشكؿ غير مباشر نحك تحميؿ معيف يأخذ بعيف االعتبار‬
‫المعطيات الرقمية التي ال تقبؿ الجدؿ‪ .‬كىي مديريات محددة في العدد‪ ،‬لكنيا قكية التأثير‬
‫كىي (مديرية الميزانية‪ ،‬كالخزينة العامة لممممكة‪ ،‬كالمراقبة العامة لبللتزاـ بالنفقات (فيما‬
‫يخص تنفيذ الميزانية)‪ ،‬كمديرية الضرائب‪ ،( ...‬كالسيما فيما يتعمؽ بالعمميات الرامية إلى‬
‫تضخيـ دكر "اإلكراىات" المالية‪ ،‬كأىمية التكازنات الحسابية (كمما كاف النقاش يدكر حكؿ‬
‫المطالب االجتماعية)‪.‬‬

‫كبالرغـ مف اتساع كظائؼ إدارة الضرائب‪ ،‬فإنيا عمى األقؿ مف الناحية القانكنية ال‬
‫تختص بكضع التشريع في المجاؿ الجبائي‪ ،‬ىذه الكظائؼ التي تتمثؿ‪ ،‬أساسا‪ ،‬في‬
‫تأسيس كعاء الضرائب‪ ،‬فحص اإلق اررات‪ ،‬تحصيؿ المداخيؿ (سيما بالنسبة لرسكـ‬
‫التسجيؿ كالتنبر) البث في المنازعات‪.‬‬

‫إال أنو ال يمكف تصكر ‪-‬عمى األقؿ مبدئيا‪ -‬إدارة ضريبية مدعكة لتطبيؽ قانكف‬
‫لـ تساىـ في كضعو‪ ،‬بؿ في صياغة مجمؿ خطكطو العريضة‪ .‬فكؿ أىؿ االختصاص‬
‫يعممكف جيدا أف اإلدارة الضريبية ىي التي تقكـ بإعداد النصكص التشريعية المتعمقة‬
‫بالقانكف الضريبي‪ ،‬قبؿ عرضيا عمى البرلماف‪ ،‬كما تقكـ بإعداد المراسيـ كالق اررات الك ازرية‬
‫المتخذة لتطبيقو‪.‬‬

‫‪ -1‬بالرغـ مف أىمية ىذه الكثائؽ‪ ،‬فإف معظـ النكاب ال يتكفركف عمى المؤىبلت الضركرية الستيعاب‬
‫مضمكنيا عبلكة عمى عدـ تكفر الكقت الكافي لقراءتيا بتمعف‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫ب) اإلدارة الضريبية صانعة النص الضريبي‪.‬‬

‫لقد كاف عمى اإلدارة الضريبية أف تكفؽ بيف العديد مف المتطمبات كاإلكراىات‬
‫كالمتمثمة أساسا في‪:‬‬

‫‪ ‬البحث عف مكارد مالية لفائدة الخزينة؛‬

‫‪ ‬ضماف التطبيؽ الجيد كالعادؿ لمنظاـ الجبائي؛‬

‫‪ ‬تكفير خدمات ذات جكدة عالية لممتعامميف معيا؛‬

‫‪ ‬التكفر عمى كفاءات عالية‪ ،‬كمكارد بشرية كمادية في مستكل المياـ المكككلة‬
‫إلييا؛‬

‫كؿ ذلؾ يؤىميا لبلنتقاؿ مف اإلدارة الضريبية ككجو لسمطة اإلكراه‪ ،‬إلى إدارة تقكـ‬
‫بأداء خدمة عمكمية‪ .‬إال أف ىذه األىداؼ تظؿ نظرية‪ .‬ذلؾ أف التكفر عمى العديد مف‬
‫األطر ذات المؤىبلت العالية في مجاؿ الماؿ كاألعماؿ‪ ،‬باإلضافة إلى كصاية ك ازرة‬
‫المالية التي تمارسيا عمى العديد مف القطاعات اليامة (كاألبناؾ‪ ،‬كالتأميف‪ ،‬كالسكؽ‬
‫المالي كبعض المؤسسات المالية األخرل‪ ،1 )...‬عبلكة عمى العبلقات التي تربطيا مع‬
‫العديد مف الييئات كالمنظمات المالية الدكلية كؿ ذلؾ يجعؿ منيا طرفا شريكا في عممية‬
‫صنع القرار المالي كالجبائي‪ ،‬كيدفع كؿ األطراؼ األخرل (الحككمة‪ ،‬البرلماف‪ ،‬األحزاب‬
‫السياسية‪ )...‬أف تتعامؿ باىتماـ بالغ مع كؿ المذكرات كالدراسات كالتكصيات كاالقتراحات‬
‫التي تصدر عف مختمؼ المصالح المعنية التابعة لك ازرة المالية‪.‬‬

‫‪ -1‬تمارس ك ازرة المالية كصاية مالية عمى العديد مف المؤسسات المالية العامة (كالقرض الفبلحي‪،‬‬
‫صندكؽ اإليداع كالتدبير ‪....‬الخ)‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫فبالرغـ مف الطابع التقني لتدخؿ اإلدارة في تدبير المالية العمكمية‪ ،‬كرغـ الطابع‬
‫السياسي لعمؿ الحككمة‪ ،‬فإف ىذه األخيرة تجد نفسيا رىينة تكجييات اإلدارة كذلؾ بغض‬
‫النظر عف البرنامج الحككمي السياسي الذم يككف في الغالب صعب اإلنجاز ‪.1‬‬

‫إف "الحكامة البرلمانية" تقتضي أف ‪ 2‬يمعب البرلماف دكره كامبل‪ ،‬كالمتمثؿ في التشريع‬
‫كالمراقبة‪ ،‬المذاف يجسداف المدلكؿ الحقيقي لمديمقراطية‪ ،‬كأال يككف أداة في يد الحككمة أك‬
‫رىينة في يد اإلدارة‪ ،‬كفي ىذا السياؽ يمكف لمبرلماف أف يمجأ إلى طمب الخبرة في‬
‫مجاالت معينة مف طرؼ الخكاص‪( ،‬مكاتب لمدراسات‪ ،‬مكاتب لتدقيؽ الحسابات‪...‬الخ)‬
‫كذلؾ لمتكفر عمى مصادر بديمة لممعمكمات‪ ،‬في ظؿ تعقد المساطر التي تتسػـ بيا‬
‫عمميات إعداد السياسات العمكمية‪ ،‬كيمكف بالتالي لمبرلماف أف يطكر أداءه‪ ،‬مف أداة‬
‫لمرقابة‪ ،‬إلى أداة لتقييـ السياسات العمكمية ‪ .3‬كىي إحدل المياـ التي قد ترقى بالمؤسسة‬
‫التشريعية إلى جياز منفتح عمى المجتمع المدني‪ ،‬كعالـ الخبراء المستقميف‪ ،‬كالييئات غير‬
‫الحككمية‪ ،‬في إطار مقاربة تشاركية‪.‬‬

‫فمف ضمف أسس النظـ الديمقراطية الحديثة‪ ،‬ضركرة تكفر مصادر معمكمات بديمة‬
‫كمستقمة‪ ،‬كمتعددة (صحؼ‪ ،‬مجبلت‪ ،‬خبراء‪ ،‬مراكز البحث‪...‬الخ)‪ ،‬كما يتعيف أف تككف‬

‫‪ -1‬تضمنت برامج األحزاب المشاركة في حككمة عباس الفاسي التزما بخمؼ مآت اآلالؼ مف‬
‫مناصب الشغؿ‪ ،‬إال أف الكاقع يؤكد صعكبة ‪ ،‬بؿ استحالة الكفاء بيذا االلتزاـ بالنظر إلى‬
‫الصعكبات المالية التي تعرفيا الببلد‪.‬‬
‫‪" -2‬الحكامة البرلمانية"‪ :‬أية تطبيقات في القرف الحادم كالعشريف‪ .‬أشغاؿ اليكـ الدراسي الذم نظمو‬
‫المركز الدكلي لمدراسات االستراتيجية كالحكامة الشاممة‪ ،‬المجمة المغربية لمتدقيؽ كالتنمية عدد‪:‬‬
‫‪.2007/24/23‬‬
‫‪ -3‬عبد اهلل الساعؼ‪" :‬تقييـ السياسات العمكمية" محاضرات ألقيت عمى طمبة السنة الثانية مف ددع‪.‬ـ‬
‫السنة الجامعية ‪ 2005/2004‬غير منشكر‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫ىذه المصادر غير خاضعة لمراقبة الحككمة أك أم جياز سياسي‪ ،‬لضماف استقبلليتيا‪،‬‬
‫عبلكة عمى تمتعيا بحماية ‪ 1‬القانكف‪.‬‬

‫إف االعتقاد بأف اإلدارة عمى صكاب‪ ،‬أكال‪ ،‬ألنيا تتكفر عمى معطيات مكضكعية‪،‬‬
‫كثانيا‪ ،‬ألنيا ليست طرفا في الصراع السياسي‪ ،‬ىك الذم رسخ االعتقاد بأنيا تمتمؾ‬
‫الحمكؿ المناسبة لكؿ المشكبلت االقتصادية كالمالية التي تكاجييا الببلد‪ .‬بعيدا عف‬
‫النزاعات اإليديكلكجية‪ ،‬كالخصكمات السياسية‪ ،‬كالتحالفات القبمية اليشة التي تؤثث‬
‫"الفضاء البرلماني" بدكف أف يككف لمنكاب أم تصكر شمكلي لؤلكضاع االقتصادية‪ ،‬كال‬
‫يمتمككف أية معطيات تؤىميـ لمعرفة االنعكاسات المالية الحقيقية ألية مبادرة في المجاؿ‬
‫‪2‬‬
‫المالي أك الجبائي‪ ،‬مما يحتـ "التدخؿ" الحككمي لمراقبة النقاش داخؿ لجنة المالية‬
‫كالتحكـ فيو‪ ،‬كتكجييو مع إيياـ النكاب بأنيـ أصحاب القرار كيبدك بأف كؿ األطراؼ‬
‫أصبحت تعبر بأشكاؿ مختمفة عف القبكؿ الضمني بقكاعد ىذه المعبة‪ ،‬كبعممية تكزيع‬
‫األدكار ىذه‪ .‬فالتفكؽ الحككمي لـ يأت نتيجة عجز البرلماف فحسب‪ ،‬بؿ كبتكاطؤ مع‬
‫النكاب أنفسيـ‪ ،‬الذم استقالكا عف طكاعية مف مياميـ كتنازلكا عف ممارسة اختصاصاتيـ‬
‫التي خكليـ إياىا الدستكر‪ ،‬عمى عبلتيا في إخبلؿ كاضح بتعيداتيـ كالتزاماتيـ التي‬
‫قطعكىا عمى أنفسيـ اتجاه ناخبييـ ‪.3‬‬

‫إف الحككمة‪ ،‬كاف كانت رسميا صاحبة المبادرة في طرح بعض المقتضيات‬
‫الضريبية‪ ،‬كادماجيا ضمف مشركع القانكف المالي‪ ،‬إال أنيا عمى الصعيد العممي ال تتحرؾ‬

‫‪ -1‬ركبرت داؿ‪" :‬المؤسسات السياسية التي تتطمبيا الديمقراطية المكسعة " مجمة كجية نظر العدد‬
‫‪ " .2008 .35‬الجيش الممكي كالسمطة"‪.‬‬
‫‪ -2‬يتكفر مدير الضرائب عمى فريؽ خاص مكمؼ بمياـ إعداد مشاريع النصكص الضريبية‪ ،‬كالتنسيؽ‬
‫مع لجنة المالية‪ ،‬كمع أحزاب األغمبية داخؿ البرلماف‪.‬‬
‫‪ -3‬لـ تكف نسبة االمتناع عف التصكيت‪" ،‬حادثا عاب ار" فقد قاربت نسبة ‪ 80%‬كىك رسالة قكية تضع‬
‫مشركعية التمثيمية السياسية مكضع تساؤؿ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫إال بعد تمقي الضكء األخضر مف قبؿ المصالح المختصة التابعة لك ازرة المالية‪ ،‬حيث‬
‫تقكـ ىذه المصالح بإنجاز عدة دراسات تيـ مختمؼ جكانب التدابير المقترحة (كالزيادة في‬
‫بعض الضرائب أك التخفيض منيا‪ ،‬أك منح امتياز جبائي لفئة معينة مف الممزميف الخ)‪.‬‬

‫كتقكـ نفس المصالح بالتعبير‪ ،‬إما عف تحفظيا أك عدـ مكافقتيا أك قبكليا‪ ،‬معممة‬
‫مكقفيا باالستناد إلى المعطيات اإلحصائية‪ ،‬كالنعكاساتيا عمى تكازف الميزانية‪ ،‬تاركة‬
‫لمحككمة صبلحية اتخاذ القرار‪ .‬إال أف التجربة العممية تؤكد بأف الحككمة تتبنى‪ ،‬في‬
‫الغالب األعـ‪ ،‬كجية نظر اإلدارة نظ ار لقكة األرقاـ في االقناع‪.‬‬

‫كليذا السبب فإف كزير المالية يصطحب معو دائما المدراء المعنيكف لحضكر‬
‫كالمشاركة في اجتماعات لجنة المالية‪ ،‬لمدفاع عف كجية نظرىـ‪ ،‬كتبرير اختيار ىذا‬
‫اإلجراء أك رفض ذاؾ‪ ،‬كفي الغالب ما يتكلى المدير المعني‪ ،‬شرح المقتضيات الجديدة‬
‫عمى المستكل التقني نيابة عف كزير المالية‪ ،‬كما يتكلى اإلجابة عف مختمؼ تساؤالت‬
‫النكاب‪.1‬‬

‫إف برلمانا بكؿ المكاصفات التي ذكرت‪ ،‬يجعؿ اإلدارة بكؿ ثقميا ككفرة المعمكمات‬
‫التي لدييا تمثؿ قكة ال يستياف بيا ضمف معادلة صناعة القرار المالي كالجبائي بالمغرب‪.‬‬

‫كلقد كاف حريا بالنكاب (كالسيما أعضاء لجنة المالية بالمجمسيف)‪ ،‬أف يتكفركا عمى‬
‫مصادر أخرل لممعمكمات غير اإلدارة‪ ،‬إال أنو كألسباب ذاتية تتعمؽ بمستكل تككيف‬
‫النكاب‪ ،‬كمكضكعية ترتبط بعدـ رغبتيـ في ممارسة رقابة فعمية عمى الحككمة‪ ،‬فإنيـ‬
‫يعتمدكف عمى اإلدارة كمصدر كحيد لممعمكمات‪ ،‬كىي كضعية غير مريحة‪ ،‬تؤكد تبعية‬

‫‪ -1‬أصبح مدراء كؿ مف الضرائب‪ ،‬الميزانية‪ ،‬كالخازف العاـ لممممكة‪ ،‬كالجمارؾ‪ ،‬أعضاء دائميف ضمف‬
‫الكفد المرافؽ لكزير المالية لحضكر أشغاؿ لجنة المالية‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫البرلماف لئلدارة‪ .‬فكيؼ يتمكف البرلماف مف ممارسة مراقبة فعمية كجادة لئلدارة مصدر‬
‫‪1‬‬
‫معمكماتو التي يستند عمييا لممارسة ىذه الرقابة؟‬

‫مف ىنا يبدك ضركريا القياـ بتنظيـ بعض الندكات التككينية لفائدة النكاب لتقريبيـ‬
‫مف مياميـ النيابية كلتحسيسيـ بطرؽ المناقشة كبآليات الرقابة كالتشريع التي تـ انتدابيـ‬
‫لمقياـ بيا‪.‬‬

‫كفي ىذا الصدد تقكـ جامعة نيكيكرؾ بتنظيـ دكرات تككينية لفائدة النكاب المغاربة‬
‫بيدؼ تحسيف قدرتيـ عمى التحميؿ‪ ،‬كدراسة مختمؼ المكاضيع المرتبطة بالمالية العمكمية‪،‬‬
‫كبتطكير كفاءاتيـ في قراءة مختمؼ أبكاب الميزانية‪ ،‬كالكثائؽ المحاسبية ‪.2‬‬

‫إف غياب المعطيات التقنية‪ ،‬كتنكعيا كتعقيداتيا‪ ،‬كسيادة المغة الفرنسية‪ ،‬يجعؿ‬
‫النكاب األكثر حماسا‪ ،‬عاجزيف عف تكجيو انتقاد مكضكعي لمحككمة أك اقتراح بديؿ عما‬
‫تعرضو مف تدابير ال تحظى بالمكافقة‪ ،‬مما جعؿ دكر النكاب يقتصر عمى رفض أك قبكؿ‬
‫مشركع الحككمة ال غير‪.‬‬

‫كما أف ىذا الكضع الشاذ يجعؿ اإلدارة الضريبية ىي الصانع الحقيقي لمنص‬
‫الضريبي بامتياز كالمتحكمة في صياغتو‪ ،‬بؿ كالمؤىمة الكحيدة لتأكيمو في مكاجية الغير ‪.3‬‬

‫مف خبلؿ كؿ ما تقدـ‪ ،‬يتضح أف عدـ استقبللية البرلماف عف اإلدارة ال يمحؽ ضر ار‬
‫بجكدة التشريع‪ ،‬كمستكاه فحسب‪ ،‬كانما بالعممية الديمقراطية ذاتيا‪ .‬ففي الكقت الذم يحدد‬

‫‪ -1‬لقد كاف األستاذ الراحؿ عبد الرحماف القادرم قد اقترح أف يكظؼ كؿ نائب مجمكعة مف األطر‬
‫المتخصصة لمده بالمعمكمات كالقياـ بإنجاز دراسات كتحميؿ المعطيات االقتصادية كالمالية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- The state university of new York (strengthening parliamentary processes‬‬
‫)‪in morocco‬‬
‫‪ -3‬بالرغـ مف استبعاد القضاء لممذكرة التفسيرية التي تصدرىا إدارة الضريبة لتفسير مقتضيات القانكف‬
‫المالي‪ ،‬فإف المحامكف كأساتذة المالية العامة ال يجدكف بديبل عنيا لمحاكلة فيـ العديد مف‬
‫المقتضيات الغامضة‪ ،‬كطرؽ تطبيقيا‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫فيو الدستكر مجاؿ التشريع مع سبيؿ الحصر‪ ،‬فإنو أكد عمى ضركرة استقبلؿ المؤسسة‬
‫التشريعية عف غيرىا مف السمط ضمانا لمبدأ التمثيمية البرلمانية التي تعد أساس النظـ‬
‫الديمقراطية‪ ،‬ألف احتكار الحككمة لمختمؼ كسائؿ كآليات العمؿ الضركرية يفقد العمؿ‬
‫التشريعي مصداقيتو مما يضر بمصداقية األحزاب أيضا كمكانتيا لدل ناخبييا‪ .‬إف‬
‫استقبللية المؤسسة التشريعية كارتقاؤىا إلى مستكل تطمعات الشعب‪ ،‬يقتضي أف يعمؿ‬
‫النكاب عمى إعادة االعتبار إلى مؤسستيـ‪ ،‬كذلؾ بالعمؿ عمى إعادة النظر في آليات‬
‫التشريع بتكسيع اختصاصات المجاف الدائمة حتى ال تصبح نشاطيا مكسميا‪ ،‬كالتنسيؽ مع‬
‫اإلدارات المختمفة أثناء عممية تحضير مقترحات القكانيف‪ ،‬كالمساىمة في صياغتيا‪ ،‬كابداء‬
‫الرأم حكؿ مضامينو ا قبؿ عرضيا عمى النقاش‪ ،‬كتكسيع دائرة االستشارات التشريعية‪،‬‬
‫كاالنفتاح عمى الفعاليات العاممة خارج البرلماف‪ ،‬كتنظيـ لقاءات دكرية مع الخبراء‬
‫كالمختصيف في المجاالت ذات العبلقة مع العمؿ التشريعي بشكؿ عاـ‪..‬‬

‫إف ىذه الجيكد كغيرىا كفيمة بتحديد االختصاصات‪ ،‬كاعداد سجؿ بالمنجزات مف‬
‫أجؿ تقييميا فبدكف التقييـ الدكرم لعمؿ البرلماف ال يمكف تحديد مكامف الخمؿ‪ ،‬كبالتالي ال‬
‫يمكف إنجاز أم تطكر عمى مستكل األداء كجكدة العمؿ التشريعي كالرقابي لمبرلماف‪.‬‬

‫كلعمنا ال نسقط في التكرار إذا أكدنا‪ ،‬مجددا‪ ،‬بأف عممية التقييـ ىاتو‪ ،‬تقع في صمب‬
‫الحكامة الجيدة‪ ،‬كىي األسمكب الكحيد الناجع الذم يمكننا مف تحديد المسؤكليات‪،‬‬
‫كمراكمة النتائج اإليجابية كمحاكلة تفادم اإلخفاقات المسجمة‪.‬‬

‫إف اإلدارة الضريبية ال تشذ عف ىذه القاعدة‪ ،‬حيث تظؿ أكثر مف غيرىا مدعكة‬
‫لمخضكع إلى عممية التقييـ ىاتو في كؿ أدكارىا‪ ،‬سيما بعد دخكؿ النصكص الضريبية‬

‫‪51‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫حيز التطبيؽ حيث يبدك البكف شاسعا بيف رغبة المشرع‪ ،‬كاكراىات التطبيؽ العممي لمنص‬
‫الضريبي‪.1‬‬

‫انًثحث انثاَي‪:‬‬
‫جودج انُص انضريثي وذؼذد انقراراخ‬
‫ىناؾ مقكلة شائعة‪ ،‬مفادىا أف النص الضريبي الغامض خطر عمى الضريبة‪،‬‬
‫كبالرغـ مف أف مضمكف ىذه المقكلة يعني ضركرة تبسيط المساطر‪ ،‬كمركنة العبلقة بيف‬
‫اإلدارة كالممزـ‪ ،‬فإف النصكص التي تتعامؿ بيا اإلدارة الضريبية‪ ،‬تتسـ بتعقيد مبالغ فيو‬
‫ليس عمى مستكل المغة فحسب بؿ أيضا عمى مستكل المضمكف‪ ،‬بحيث يصعب عمى‬
‫غير المتخصصيف فؾ طبلسيمو‪ .‬صحيح أف مضمكف النصكص الضريبية ىك مضمكف‬
‫تقني يعتمد بعض المصطمحات التي ال تستخدـ في مجاالت أخرل‪ ،‬إال أنو يبدك بأف‬
‫اإلدارة ال تبدؿ أم مجيكد في اتجاه تبسيط النص الضريبي كذلؾ راجع باألساس إلى أف‬
‫األطر المكمفة بصياغة النص الضريبي تمقت تككينيا بالمغة الفرنسية‪ ،‬كىي لغة ال يتقنيا‬
‫–القائمة أصبل –‬ ‫جؿ الممزميف‪ .‬فالتكاصؿ ال يتـ إال مع النخبة ‪ ،‬كىذا أمر يعمؽ اليكة‬
‫بيف اإلدارة الضريبية كالممزميف‪ ،‬كيشكؾ في مدلكؿ شعار تقريب اإلدارة مف المكاطنيف‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلؾ فإف معظـ القضايا المعركضة عمى أنظار القضاء تدكر حكؿ قراءة كؿ‬
‫طرؼ لمضمكف النص الضريبي مكضكع النزاع‪.‬‬

‫كترتكز دفكعات اإلدارة بأنيا المؤىمة – أكثر مف غيرىا‪ -‬لفيـ مضمكف النص‪،‬‬
‫– كبالتالي‪-‬‬ ‫إال أف لمقضاء كحده الصبلحية لمػفصؿ‪ ،‬باعتبار أف اإلدارة طرفا مف النزاع‬
‫غير مؤىمة لئلدعاء بأنيا الكحيدة التي تمتمؾ القدرة عمى فيـ مقاصد المشرع الجبائي‪.‬‬

‫‪ -1‬يمكف لممجمس األعمى لمحسابات أف يقكـ بتقييـ شمكلي لمسياسات العمكمية المطبقة في المجاؿ‬
‫الجبائي ‪ ،‬كتقكيـ جكدة القرار الجبائي ‪ ،‬كالنظر في مدل مبلءمتو مع االختيارات العامة لمسمطات‬
‫العمكمية‪ .‬إال أف السياسة الجبائية ال تتعرض لعمميات التقييـ ىاتو التي تعد في صمب الحكامة نفسيا‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫كمف المعركؼ أف مديرية الضرائب أصبحت تضـ عددا ىائبل مف األطر‬


‫المككنة بالمغة العربية ‪ ،‬كبدؿ إشراكيا في صياغة النصكص الضريبية بيدؼ تبسيطيا‪،‬‬
‫كتقريب مضمكنيا إلى عمكـ الممزميف‪ ،‬فإنو يتـ تيميشيـ كاقصاءىـ بالرغـ مف المداد‬
‫الكثير الذم ساؿ حكؿ مكضكع تعريب اإلدارة ‪.1‬‬

‫انفقرج األونى ‪ :‬إشكانيح انرثهيغ‬


‫كاذا كاف تعريؼ المنازعة الضريبية ال يثير خبلفات فقيية‪ ،‬فإف المنازعة الجبائية‪-‬‬
‫في حد ذاتيا‪ -‬تعني اختبلفا في تأكيؿ النصكص الضريبية بشكؿ عاـ‪ ،‬كذلؾ نظ ار لتعدد‬
‫القراءات‪ ،‬كىك الشيء الذم يتيحو غمكض النص أحيانا‪ ،‬كالتناقضات التي يحفؿ بيا‬
‫أحيانا أخرل كذلؾ بسبب كثرة التعديبلت التي يتـ إدخاليا بكاسطة قكانيف المالية‬
‫المتعاقبة‪ ،‬ناىيؾ عف المنازعات التي تنشأ نتيجة إخبلؿ أحد الطرفيف بالتزاماتو اتجاه‬
‫الطرؼ اآلخر فقد تخؿ اإلدارة بالضمانات القانكنية المخكلة لمممزـ في إطار المسطرة‬
‫التكاجيية‪ ،‬سكاء تطبيقا لمسطرة الفرض التمقائي أك لمسطرة تصحيح الكعاء الضريبي‪ .‬كقد‬
‫يتقاعس الممزـ عف تقديـ إق ارره داخؿ األجؿ القانكني‪ ،‬إال أف القانكف ألزـ اإلدارة أف‬
‫تستدعي الممزـ مطالبة إياه بتقديـ إق ارره بكاسطة رسالة مضمكنة مع اإلشعار بالتكصؿ‪،‬‬
‫أك أية طريقة تبميغية داخؿ أجؿ شير مف تاريخ التبميغ‪ ،‬في حالة عدـ االستجابة لتمؾ‬
‫الدعكة داخؿ أجؿ عشرة أياـ طبقا لممادة ‪ 10‬مف كتاب المساطر الجبائية‪ ،‬تخبره اإلدارة‬
‫باألسس التي سكؼ تعتمدىا في فرض الضريبة‪ .‬كيصدر األمر بالتحصيؿ الذم ال يمكف‬
‫أف ينازع فيو‪ ،‬إال كفؽ الشركط المنصكص عمييا بالفصؿ ‪ 114‬مف القانكف ‪ ،17-89‬أك‬
‫في ظؿ الفصؿ ‪ 26‬مف كتاب المساطر الجبائية السالؼ الذكر‪ .‬إف كؿ إخبلؿ مف طرؼ‬
‫اإلدارة بإجراءات كمساطر الفرض التمقائي‪ ،‬يرتب جزاء بطبلف مسطرة فرض الضريبة‪.‬‬

‫‪ -1‬اتخذ العديد مف الكزراء األكلكف ق ار ار يقضي بضركرة صياغة كتحرير الكثائؽ اإلدارية بالمغة‬
‫العربية‪ ،‬كبالرغـ مف االستجابة الجزئية ليذا الطمب‪ ،‬يظؿ النص األصمي لمكثائؽ اإلدارية ىك النص‬
‫الفرنسي‪ ،‬بؿ إف المسؤكليف أنفسيـ ىـ أكؿ مف يخرؽ ىذا المبدأ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫كقد صدرت عف القضاء عدة أحكاـ تؤكد أف إخبلؿ اإلدارة بأحكاـ القانكف ىك في الكاقع‬
‫مساس بحؽ الدفاع‪ ،‬كخرؽ إلجراءات جكىرية يترتب عنو بطبلف مسطرة فرض‬
‫الضريبة‪.1‬‬

‫كفي ىذا الصدد يجدر التذكير بما قمناه سابقا عف إقحاـ "كتاب المساطر الجبائية"‬
‫‪ 2005‬السالؼ الذكر ‪ .2‬كقد أكدنا سكء نية إدارة‬ ‫ضمف مشركع قانكف المالية لسنة‬
‫الضرائب بيذا اإلقحاـ كذلؾ بيدؼ تمرير تعديؿ ذك أىمية قصكل‪ ،‬كيتعمؽ األمر بأحكاـ‬
‫المادة ‪ 10‬مف ىذا الكتاب‪ ،‬كالتي كانت مكضكع نقد شديد مف طرؼ الغالبية العظمة مف‬
‫الحقكقييف كالفاعميف االقتصادييف كالباحثيف في مجاؿ العمكـ المالية‪ .‬فقد اعتبر األستاذ‬
‫النقيب عبد الرحيـ بركة ‪ 3‬أنيا تشكؿ مسا خطي ار بحؽ مف حقكؽ الدفاع مف جية‪ ،‬كما‬
‫تمثؿ خرقا لمبادئ الدستكر مف جية ثانية‪ ،‬عمما بأف القضاء قد أقر تكجيا مخالفا لما‬
‫جاءت بو ىذه المادة‪ ،‬ككاف مف المفركض أف يشكؿ االجتياد القضائي مصد ار مف‬
‫مصادر التشريع‪.‬‬

‫إال أننا مف خبلؿ استعراضنا لممشاكؿ كالصعكبات التي كانت تكاجو إدارة الضرائب‬
‫في مجاؿ التبميغ‪ ،‬كالسيما عندما يتدخؿ القضاء إللغاء العديد مف الضرائب المقررة بناء‬
‫عمى اإلخبلؿ بمسطرة التبميغ اتجاه الممزـ‪ ،‬يتضح لنا أف اإلدارة كانت تسعى لسد ثغرة‬
‫قانكنية بدكف إمكانية مناقشتيا مف طرؼ لجنة المالية‪ ،‬أم ممثمي الشعب‪.‬‬

‫فقد كانت كضعية التبميغ قبؿ التعديؿ الحالي‪ ،‬كالسيما قبؿ صدكر قانكف المالية‬
‫لسنة ‪ ،95‬تتمثؿ أساسا في استعماؿ البريد المضمكف مع إشعار بالتكصؿ‪ ،‬كقد كانت‬

‫‪ -1‬قرار الغرفة اإلدارية عدد ‪ 655‬في الممؼ اإلدارم عدد ‪ ،1140‬بتاريخ ‪ 1997/01/05‬قضية‬
‫إدريس ىردير ضد إدارة الضرائب‪.‬‬
‫‪-2‬‬
‫راجع القسـ األكؿ مف ىذا البحث في ىذا الشأف‪.‬‬
‫‪ -3‬جريدة االتحاد االشتراكي بتاريخ ‪ 13‬مارس ‪ ،2005‬عدد ‪"،7885‬أييا الخاضعكف لمضريبة احذركا"‬
‫عبد الرحيـ بركة‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫عبارة "غير مطمكب" ال تؤكد التكصؿ بشكؿ فعمي حسب مكقؼ القضاء‪ ،‬بخبلؼ األمر‬
‫بالنسبة لئلدارة‪ .‬ذلؾ "أف رجكع طي التبميغ المكجو بالبريد المضمكف بعبارة "غير‬
‫مطمكب"‪ ،‬ال يشكؿ تسمما كال رفضا‪ ،‬الشيء الذم ال يجعؿ منيما حالة تسمـ صحيح لطي‬
‫التبيمغ"‪ .1‬كبناء عميو‪ ،‬رغبة لعبلج مكامف القصكر في مسطرة التبميغ‪ ،‬فقد جاء تعديؿ‬
‫بكاسطة قانكف المالية لسنة ‪ ،1995‬الذم أقر االستعانة بطرؽ التبميغ األخرل‪ ،‬عند رجكع‬
‫رسالة التبميغ بعبارة "غير مطمكب"‪ ،‬كالسيما االستعانة بإعكاف كتابة الضبط‪ ،‬أك األعكاف‬
‫المحمفيف التابعيف لئلدارة أك األعكاف القضائييف‪ ،‬لكف شريطة أال يتـ المجكء إلى ىذه‬
‫الطرؽ إال بعد تعذر التبميغ بكاسطة البريد المضمكف‪ ،‬كعمى اإلدارة أف تتبث لجكءىا إلى‬
‫ىذه المسطرة‪ ،‬كتعذر التبميغ بيذه الطريقة حتى تتمكف مف المجكء إلى الطرؽ األخرل‪.‬‬
‫كالجدير بالذكر أف التبميغ يتعيف أف يكجو إلى عنكاف الممزـ المبيف في إق اررات ق أك عقكده‬
‫أك مراسبلتو مع اإلدارة الضريبية‪.‬‬

‫إال آف التطبيؽ العممي ليذه المسطرة أباف عف حدكده‪ ،‬ذلؾ أنو كاف مف المتعذر‬
‫عف اإلدارة القياـ بالتبميغ كفؽ القكاعد السالفة الذكر‪ ،‬كما تعذر عمييا إثبات المجكء إلى‬
‫البريد المضمكف أكال‪ ،‬مما أدل إلى بطبلف فرض الضريبة في النزاعات التي نشأت بيذا‬
‫الخصكص‪ ،‬الشيء الذم دفع المشرع لمتدخؿ مجددا لمعالجة ىذا الخمؿ‪ ،‬حيث جاء تعديؿ‬
‫بكاسطة قانكف المالية لسنة ‪ 2001‬يقضي بأف "يتـ التبميغ بالعنكاف الذم حدده الخاضع‬
‫لمضريبة في إق ارراتو أك في عقكده كمراسبلتو المدلى بيا إلى جية الضرائب التابع بو‬
‫مكاف فرض الضريبة‪ ،‬إما بكاسطة رسالة مضمكنة مع إشعار بالتكصؿ‪ ،‬أك بكاسطة‬
‫األعكاف المحمفيف أك أعكاف كتابة الضبط‪ ،‬أك بالطريقة اإلدارية" ‪ .2‬كبذلؾ اعتقدت اإلدارة‬
‫أنيا قد كضعت حبل نيائيا ليذا اإلشكاؿ‪ ،‬خاصة بعد إضافة إجراء ىاـ يقضي باعتبار‬

‫‪ -1‬قرار الغرفة اإلدارية عدد ‪ 705‬الصادر بتاريخ ‪.2004/10/13‬‬


‫‪ -2‬الفصؿ ‪ 50‬مكرر مف الظيير الشريؼ رقـ ‪ 112‬مف ؽ‪.‬ض‪.‬ع‪.‬د‪ .‬كالفصؿ ‪ 56‬مف ؽ‪.‬ض‪.‬ع‪.‬ـ‪،‬‬
‫كالفصؿ ‪ 12‬مكرر مف مدكنة التسجيؿ‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫رفض التبميغ‪ ،‬بمثابة تبميغ صحيح‪ ،‬كذلؾ بعد مركر مدة عشر أياـ مف تاريخ الرفض ‪ 1‬مع‬
‫ضركرة تحرير محضر عف طريؽ األعكاف المحمفيف‪.‬‬

‫كمع ذلؾ‪ ،‬فقد استمر مسمسؿ التعديبلت الجبائية المتكررة بكاسطة قكانيف المالية‬
‫المتعاقبة‪ ،‬كذلؾ بعد الطعف في سبلمة المحاضر المنجزة في ىذا الشأف‪ ،‬كمطالبة اإلدارة‬
‫بإثبات صعكبة التبميغ‪...‬الخ مما دفع المشرع إلى التدخؿ مف جديد بكاسطة قانكف المالية‬
‫برسـ سنة ‪ 2005‬مف خبلؿ كتاب المساطر الجبائية السالؼ الذكر‪ ،‬كالذم لـ يناقش في‬
‫الكاقع مف طرؼ لجنة المالية‪ ،‬كينص الفصؿ ‪ 10‬الشيير عمى أنو‪" :‬يتـ التبميغ بالعنكاف‬
‫المحدد مف قبؿ الخاضع لمضريبة في إق ارراتو أك عقكده أك مراسبلتو المدلى بيا إلى مفتش‬
‫الضرائب التابع لو مكاف فرض الضريبة عميو‪ ،‬إما بكاسطة رسالة مضمكنة الكصكؿ مع‬
‫إشعار بالتبميغ‪ ،‬أك بالتسميـ إليو بكاسطة المأمكريف المحمفيف التابعيف إلدارة الضرائب أك‬
‫أعكاف كتابة الضبط أك األعكاف القضائييف أك بالطريقة اإلدارية‪ ،‬كيجب أف يقكـ العكف‬
‫المبمغ بتقديـ الكثيقة المراد تبميغيا إلى المعني باألمر في ظرؼ مغمؽ كليثبت التسميـ‬
‫بشيادة تحرر في نسختيف لمطبكع تقدمو اإلدارة‪ ،‬كتسمـ نسخة مف ىذه الشيادة إلى‬
‫المعني باألمر‪ ،‬كيجب أف تتضمف بشيادة التسميـ البيانات التالية‪:‬‬

‫اسػـ العكف المبمغ كصفتو‪ ،‬كتاريخ التبميغ‪ ،‬الشخص المسممة إليو الكثيقة كتكقيعو‪،‬‬
‫كاذا لـ يستطع أك لـ يرد الشخص الذم تسمـ التبميغ تكقيع الشيادة‪ ،‬كجب عمى العكف‬
‫الذم قاـ بالتبميغ أف يشير فييا إلى ذلؾ‪.‬‬

‫كفي جميع الحاالت يكقع العكف المذككر الشيادة كيكجييا إلى مفتش الضرائب‬
‫المعني باألمر‪ .‬كاذا تعذر القياـ بالتبميغ المذككر نظ ار لعدـ العثكر عمى الخاضع لمضريبة‬

‫‪ -1‬كذلؾ في تكافؽ مع أحكاـ الفصؿ ‪ 39‬مف قانكف المسطرة المدنية‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫أك الشخص النائب عنو‪ ،‬كجبت اإلشارة إلى ذلؾ في الشيادة التي تكقع مف طرؼ العكف‪،‬‬
‫كترجع إلى المفتش المشار إليو في الفقرة السابقة"‪.1‬‬

‫إال أنو تجدر اإلشارة‪ ،‬أف الجديد التي جاءت بو ىذه المادة‪ ،‬ىك اعتبار الظرؼ‬
‫مسمما بعد انصراـ مدة عشرة أياـ التالية لتاريخ إثبات تعذر تبميغ الطرؼ المعني‪ .‬ككـ‬
‫كنت أكد أف يناقش الزميؿ األستاذ محمد شكيرم في أطركحو "القانكف الضريبي‬
‫المغربي"‪ 2‬ىذه المسألة بتفصيؿ‪ ،‬نظ ار لما تمثمو مف تراجع خطير عف الضمانات المخكلة‬
‫لمممزـ‪ ،‬كمخالفة صريحة لقكاعد المسطرة المدنية المنصكص عمييا في مجاؿ صحة‬
‫‪،15-97‬‬ ‫التبميغ‪ ،‬كحتى لقكاعد التبميغ المنصكص عمييا بمدكنة التحصيؿ الجديدة رقـ‬
‫صحيح أف ىذا التعديؿ جاء كرد فعؿ عمى ق اررات المحكمة اإلدارية‪ ،‬كالتي قضت ببطبلف‬
‫مسطرة فرض الضريبة أك تصحيح كعائيا لعدـ سبلمة التبميغ‪ ،‬ككذا لكضع حد نيائي‬
‫لسمسة التعديبلت التي أدخمت عمى طرؼ التبميغ في التشريع الضريبي المغربي‪.‬‬

‫إال أف ىذا اإلجراء ال يتماشى مع مضمكف الخطاب الرامي إلى تعزيز الضمانات‬
‫المخكلة لمممزـ‪ ،‬كال إلى تدعيـ أسس دكلة القانكف مف جية‪ ،‬كما أف المصادقة عميو مف‬
‫طرؼ لجنة المالية يطرح إشكاال بالغ الخطكرة عف دكر نكاب الشعب في تحصيف‬
‫المكتسبات‪ ،‬كتعزيز الضمانات التي يتكفر عمييا المكاطف‪ ،‬بدؿ التفريط فييا سكاء جاء‬
‫ذلؾ نتيجة حسابات سياسكية‪ ،‬أك نتيجة جيؿ بالمقتضيات الضريبية‪ ،‬أك سكء تقدير‬
‫لمنتائج المترتبة عف ذلؾ‪ ،‬الشيء الذم يثير مسألة تككيف النكاب كمستكاىـ الثقافي‪ ،‬كمدل‬
‫التزاميـ بمبادئيـ السياسية كما أسمفنا‪ ،‬كبالرغـ مف ذلؾ‪ ،‬فإف التدابير الجديدة لف تسمـ ىي‬

‫‪ -1‬إف ىذه التدابير تعكس العقمية البركقراطية التي تتعامؿ بيا إدارة الضرائب مع الممزميف‪ ،‬كىي‬
‫بالغة التعقيد‪ ،‬في الكقت الذم يتسـ فيو الكضع بقمة أعكاف اإلدارة‪ ،‬كضيؽ الكقت‪ ،‬ككثرة الممزميف‪،‬‬
‫كارتفاع نسبة األمية‪ ،‬بينيـ‪ /‬كما أنيا تعد عامبل رئيسيا في تفشي الرشكة‪ ،‬كالنزكع نحك التيرب‬
‫الضريبي‪ ،‬كضياع مصالح الخزينة كالممزميف معا‪.‬‬
‫‪ -2‬مرجع سابؽ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫األخرل مف إمكانية الطعف في صحتيا فقد يستطيع الممزـ إثبات أف العنكاف المدلى بو ىك‬
‫عنكاف صحيح‪ ،‬كأف اإلدارة مخطئة في الكاقع‪ ،‬كأف رجكع الطي بمبلحظة غير معركؼ‪،‬‬
‫أك أف المعني باألمر انتقؿ مف العنكاف المدلى بو ال أساس ليا مف الصحة‪ ،‬مما يكلد‬
‫نزاعات مع اإلدارة حكؿ سبلمة التبميغ‪ ،‬كنحف نعمـ أف اإلخبلؿ بقكاعد التبميغ سكاء في‬
‫ظؿ القكاعد القديمة‪ ،‬أك طبقا لكتاب المساطر الجبائية‪ ،‬يترتب عنو بطبلف مسطرة فرض‬
‫الضريبة سكاء في إطار فرض الضريبة تمقائيا‪ ،‬أك في إطار مسطرة تصحيح كعائيا‪ ،‬إال‬
‫أف المبلحظ أف بعض النزاعات الجبائية قد تحكلت إلى "نزاع فقيي" بيف اإلدارة‬
‫الضريبية‪ ،‬كالقضاء اإلدارم‪.‬‬

‫كفي ىذا اإلطار انتقد العديد مف األطر الضريبية بعض القضاة كاتيمكىـ بالتحامؿ‬
‫عمى اإلدارة باعتبارىا الطرؼ القكم في العبلقة‪ ،‬كبسكء تأكيؿ النصكص الضريبية‪ ،‬كما‬
‫اتيمكىـ بضعؼ التككيف الجبائي كفي أحسف األحكاؿ‪ ،‬بعدـ استيعاب مضمكف التشريع‬
‫الضريبي‪ ،‬كاالبتعاد عف مقاصده‪.‬‬

‫إف اإلحساس بالغبف ىك الذم خمؽ حاج از نفسيا بيف اإلدارة كالممزـ‪ ،‬يصعب‬
‫تحطيمو أك تجاكزه ‪ .‬إال أف غياب التكاصؿ ىك الذم أدل إلى تعزيز دكر القضاء كجياز‬
‫مستقؿ لمبت في النزاعات التي تقكـ بيف الطرفيف‪ ،‬كذلؾ بالرغـ مف أف القانكف الضريبي‬
‫لـ يمغ قاعدة التظمـ التمييدم سكاء أماـ اإلدارة ذاتيا أك أماـ لجاف خاصة‪ ،‬قبؿ طرؽ‬
‫باب القضاء‪ ،‬كقد أدل مفيكـ دكلة الحؽ كالقانكف إلى المجكء المكثؼ إلى القضاء كتدؿ‬
‫العديد مف األحكاـ الصادرة عف مختمؼ محاكـ المممكة ‪ ،‬عف بداية تكفر تراكـ ىاـ مف‬
‫شأنو أف يشكؿ مرجعا كاجتيادا سكاء بالنسبة لممشرع الجبائي ‪ ،‬أك لئلدارة الضريبية أك‬
‫الممزميف عمى حد سكاء‪.‬‬

‫فيؿ استطاع القضاء ‪ ،‬بالرغـ مف حداثة اختصاصو في المادة الجبائية أف يكفؽ‬


‫بيف المعادلة الصعبة‪ ،‬أم الدفاع عف حقكؽ الممزـ دكف اإلضرار بمصالح الخزينة؟ أـ أف‬

‫‪58‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫ضعؼ تككيف بعض القضاة في المجاؿ الجبائي قد أدل إلى تضارب في تأكيؿ النص‬
‫الضريبي بيف مكقؼ اإلدارة كمكقؼ القضاء؟‬

‫إف كجكد قضاء جبائي مستقؿ كمكضكعي مف شأنو أف يدعـ كجكد شريؾ آخر‬
‫يسيـ في تأكيؿ نص ضريبي الذم ظمت اإلدارة الضريبية لمدة طكيمة تنفرد برسـ أسباب‬
‫نزكلو ككيفيات تطبيقو‪ ،‬بؿ كالبت في النزاعات الناشئة بسبببو‪.‬‬

‫يجب أف نعترؼ‪ ،‬أكال‪ ،‬بأف ميمة القاضي اإلدارم في المادة الضريبية مف الصعكبة‬
‫بمكاف‪ ،‬ذلؾ أف عميو أف يجمع كيراعي عند قراءتو لمنصكص الضريبية‪ ،‬بيف المحافظة‬
‫عمى الماؿ العاـ‪ ،‬كحماية حقكؽ األفراد كحرياتيـ مف جية‪ ،‬كعمى استيعاب إرادة المشرع‬
‫الضريبي مف جية أخرل‪ ،‬مستعينا في ذلؾ بمجمكعة مف القكاعد كاآلليات كقاعدة التفسير‬
‫الضيؽ لمنصكص الجبائية‪ ،‬كأنو ال ضريبة كال إعفاء إال بنص‪ ،‬مع ميؿ كاضح لتفسير‬
‫النص الغامض لفائدة الممزـ كقاعدة عامة‪...‬الخ‪.‬‬

‫انفقرج انثاَيح‪ :‬انُص انضريثي تيٍ ذأويم اإلدارج و ذأويم‬


‫انقضاء‪:‬‬
‫تعد المرحمة القضائية في النزاع الضريبي‪ ،‬مرحمة ىامة كأساسية ‪ ،1‬كاذا كاف لمممزـ‬
‫الحؽ في المجكء إلى القضاء‪ ،‬بحثا عف إنصاؼ لـ تكفره اإلدارة الضريبية باعتبارىا طرفا‬
‫في النزاع‪ ،‬فقد خكؿ القانكف لئلدارة نفسيا حؽ المجكء إلى القضاء‪ .‬سيما بعد سنة ‪2003‬‬
‫حيث ألغى قانكف المالية ليذه السنة التقييد الذم كاف مفركضا عمى اإلدارة حيث لـ يكف‬
‫بإمكانيا الطعف في مقررات المجنة الكطنية لمنظر في الطعكف الضريبية إال إذا بتث ىذه‬
‫األخيرة في مسألة تتعمؽ بتأكيؿ القانكف‪.‬‬

‫‪ 1994‬كذلؾ بكاسطة القانكف رقـ‬ ‫‪ -1‬انطمقت المحاكـ اإلدارية في عمميا ابتداء مف شير مارس‬
‫‪.41/90‬‬

‫‪59‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫غير أف كضعية كؿ مف الممزـ كاإلدارة الضريبية تعد مختمفة تماما‪ ،‬ذلؾ أنو بالرغـ‬
‫مف صفة المدعي التي يحمميا الممزـ مقابؿ كضعية المدعى عميو التي غالبا ما تككف ىي‬
‫كضعية اإلدارة‪ ،‬فإف عبء اإلثبات يقع عمى عاتؽ ىذه األخيرة‪ ،‬ذلؾ أف تشبث الممزـ‬
‫بالتأكيد عمى سبلمة كثائقو يستمزـ مف اإلدارة إثبات عدـ سبلمتيا ما دامت ترفضيا‪ ،‬أم‬
‫أف عبء اإلثبات يقع عمييا‪ .‬إثبات عدـ مصداقية الكثائؽ كالمستندات ككذا المحاسبة‪.‬‬

‫ىذه الكضعية تؤكد تطكر التشريع في اتجاه حماية حقكؽ الممزـ‪ ،‬باعتبار أف اإلدارة‬
‫ىي التي تقكـ بإعداد القانكف كتطبيقو كما سبقت اإلشارة إلى ذلؾ‪ ،‬كىي بيذا االعتبار‬
‫تظؿ الطرؼ األقكل في العبلقة‪ ،‬في حيف يككف الممزـ‪ ،‬حتى كأف كاف ممما بخبايا‬
‫كتعقيدات القانكف الضريبي الطرؼ الضعيؼ‪.‬‬

‫كقد سار االجتياد القضائي صكب مطالبة اإلدارة بإثبات السند القانكني الذم‬
‫ارتكزت عميو في العديد مف اإلجراءات كالتدابير التي تتخذىا ‪ ،1‬فجؿ األحكاـ الصادرة في‬
‫مكاجية اإلدارة تتعمؽ ‪-‬في الغالب‪ -‬ببطبلف مسطرة فرض الضريبة بشكؿ تمقائي‪ ،‬أك‬
‫تصحيح األسس التي تعتمد في تحديد الكعاء‪ ،‬بالنظر إلى عدـ التبميغ القانكني‪ ،‬مما‬
‫يترتب عف اإلخبلؿ بو‪ ،‬بطبلف مسطرة فرض الضريبة برمتيا ‪.2‬‬

‫إال أنو قبؿ تحديد آليات اشتغاؿ "القضاء الجبائي"‪ ،‬يتعيف التعريؼ بطبيعة المنازعة‬
‫الضريبية‪ .‬فيي بالنسبة لبعض الباحثيف ‪" :3‬مجمكعة مف القكاعد الشكمية كالمكضكعية‬

‫‪ -1‬قرار المحكمة اإلدارية بأكادير الصادر بتاريخ ‪ 1995/08/02‬الذم اعتبر أف تقاعس الممزـ عف‬
‫الطعف في األسس الجديدة التي اعتمدتيا اإلدارة الضريبية ككعاء لمضريبة ال يعفي ىذه األخيرة‬
‫مف عبء اإلثبات‪.‬‬
‫‪ -2‬كقد أكد المجمس األعمى ىذا االتجاه في عدة ق اررات‪ :‬أنظر قرار الغرفة اإلدارية عدد ‪ 705‬بتاريخ‬
‫‪( 2004/10/13‬قضية الركيجؿ ضد كزير المالية)‪.‬‬
‫‪ -3‬محمد القصري‪" :‬المنازعات الجبائية المتعمقة بربط كتحصيؿ الضريبة أماـ القضاء اإلدارم"‪،‬‬
‫ـ‪.‬ـ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬ت سمسمة أعماؿ جامعية ص‪ .77 :‬ط أكلى ‪ .2005‬عدد ‪.62‬‬

‫‪60‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫تطبؽ عمى الخبلفات الناشئة عف عممية ربط كتحصيؿ الضريبة كالرسكـ التي في حكميا‬
‫بيف اإلدارة كالممزـ بمناسبة الطعف اإلدارم كالقضائي‪ "...‬كما ذىب البعض اآلخر إلى‬
‫تعريؼ المنازعة الضريبية بككنيا‪" :‬تعني الحالة القانكنية الناشئة عف كجكد خبلؼ بيف‬
‫المكمؼ كاإلدارة الجبائية بمناسبة قياـ ىذه األخيرة بتحديد كعاء الضريبة أك تصفيتيا أك‬
‫تحصيميا مف جية‪ ،‬كمف جية أخرل تعني المسطرة اإلدارية أك القضائية المقرر قانكنا‬
‫سمككيا لتسكية ىذا الخبلؼ‪."1...‬‬

‫كقد تجمت "ىذه المكاجية" بيف اإلدارة الجبائية كالقضاء‪ ،‬في عدة قضايا ككجدت‬
‫ترجمتيا في عدة ق اررات كأحكاـ‪ ،‬اعتبرتيا اإلدارة مجانبة لقصد المشرع الضريبي‪ ،‬ككاف‬
‫مكقؼ القضاء‪ ،‬أف اإلدارة مغالية في الشطط في تطبيؽ القانكف‪ ،‬كاف دكره يتجاكز تطبيؽ‬
‫القانكف إلى ضركرة حماية حقكؽ الممزـ‪ ،‬كحماية الضمانات المخكلة لو‪ ،‬إعماال لمبدأ‬
‫الشرعية الضريبية‪.‬‬

‫كيجدر بنا لمعرفة درجة كنكعية ىذه المكاجية‪ ،‬أف نعرض ألىـ القضايا التي ميزت‬
‫عبلقات الشذ كالجذب بيف القضاء كاإلدارة الضريبية‪ ،‬كىي قضايا شييرة‪ ،‬كقد تـ تداكليا‬
‫بكثرة مف طرؼ الباحثيف‪ ،‬لمداللة عمى أف "سكء التفاىـ" يعد ‪-‬أحيانا ‪-‬ضركريا لرفع‬
‫المبس عف بعض النصكص الضريبة مف جية‪ ،‬ككذا لخمؽ تراكـ في مجاؿ االجتياد‬
‫القضائي في المادة الضريبية‪ ،‬مف جية أخرل‪.‬‬

‫الحالة األولى‪ :‬في مجال الضريبة المفروضة عمى األرباح العقارية‪:‬‬

‫‪ -1‬عبد الرحمان أبميال ومحمد مرزاق‪" :‬النظاـ القانكني لممنازعات الجبائية بالمغرب" ط‪1996 1 .‬‬
‫مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬ص‪.5 :‬‬

‫‪61‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫إشكالية الخضكع لممساىمة الدنيا (البند ‪ II‬مف المادة ‪ 82‬مف القانكف رقـ ‪17-89‬‬
‫المتعمؽ بالضريبة العامة عمى الدخؿ‪ 1 ،‬ككذا أحكاـ المادتيف ‪( 83‬البند ‪ )II‬ك ‪( 84‬الفقرات‬
‫مف ‪ 2‬إلى ‪ )7‬مف نفس القانكف‪ ،‬التي تنص عمى العمميات المعفاة مف الضريبة عمى‬
‫األرباح العقارية‪ )...‬كىي اإلشكالية التي أثارت عدة خبلفات في تأكيؿ النص الضريبي‬
‫بيف القضاء كاإلدارة الضريبية‪.‬‬

‫فالمادة ‪ 94‬مف القانكف ‪ 17-89‬تنص عمى أف سعر الضريبة يحدد في ‪ % 20‬فيما‬


‫‪ 82‬البند ‪ ،II‬مف القانكف‬ ‫يتعمؽ باألرباح المحصؿ عمييا كالمنصكص عمييا في المادة‬
‫السالؼ الذكر‪ ،‬غير أف مبمغ الضريبة ال يمكف أف يقؿ عف ‪ % 3‬مف ثمف البيع كما ىك‬
‫محدد في المادة ‪.86‬‬
‫‪2‬‬
‫ييدؼ إلى إقرار مزيد مف‬ ‫تقكؿ اإلدارة الضريبة أف إقرار الحد األدنى لمضريبة‬
‫المساكاة بيف مختمؼ فئات الممزميف بإحداث مساىمة دنيا في التحمبلت العامة لمدكلة‬
‫بالنسبة لمخكاص الذيف يقكمكف بعمميات عرضية‪ ،‬كما يرمي إلى الحد مف أثار الغش‬
‫الضريبي‪ ،‬كالمتمثؿ أساسا في عدـ اإلفصاح ضمف عقكد البيع عف مجمكع الثمف الحقيقي‬
‫المتعاقد بو‪.‬‬

‫كاإلشكالية المطركحة تتمثؿ في منازعات الممزميف في مشركعية تطبيؽ الحد األدنى‬


‫في حالة حصكؿ ربح ضئيؿ أك خسارة‪ .‬كقد صدرت عدة ق اررات كأحكاـ تميزت بالتناقض‬
‫كالتبايف بيف مختمؼ المحاكـ بالرغـ مف كحدة المكضكع‪ ،‬ككحدة النص الخاضع لو‪.‬‬

‫‪ -1‬تـ إدماج الضريبة عمى األرباح العقارية في الضريبة العامة عمى الدخؿ كذلؾ بكاسطة المادة‬
‫‪ -I -10‬مف قانكف المالية رقـ ‪ 55-00‬لمسنة المالية ‪.2001‬‬
‫‪30‬‬ ‫‪ -2‬كذلؾ بمكجب المادة ‪ 12‬مف قانكف المالية االنتقالي عف الفترة الممتدة مف فاتح يناير إلى‬
‫يكنيك ‪.1996‬‬

‫‪62‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫ففي الكقت الذم يقكؿ فيو الممزمكف بضركرة تحقيؽ ربح فعمي مف عمميات التفكيت‬
‫كشرط أساسي لتطبيؽ الحد األدنى‪ ،‬نجد اإلدارة متشبثة بمبدأ تطبيؽ الحد األدنى بغض‬
‫النظر عف تحقيؽ ربح أـ ال‪.‬‬

‫إف أىـ طرؽ التفكيت ىي البيع الرضائي طبقا لمتعريؼ الكارد ضمف أحكاـ الفصؿ‬
‫‪ 478‬مف قانكف االلتزامات كالعقكد‪ ،‬كما يميو‪ ،‬كاذا كاف البيع الرضائي ال يثير إشكاال في‬
‫طبيعتو كصيغتو‪ ،‬كاآلثار المترتبة عنو‪ ،‬فإف البيع بالمزاد العمني عكس ذلؾ‪ ،‬فالبيع في‬
‫ىذه الحالة يعتبر غير رضائيا‪ ،‬أم دكف إرادة األطراؼ‪ ،‬التي تككف في كضعية ال تسمح‬
‫ليا بمناقشة شركط التعاقد‪ ،‬كما ىك الشأف بالنسبة لبيع المحجكز طبقا ألحكاـ المادة ‪207‬‬
‫كما بعدىا‪ ،‬ككذا المادة ‪ 469‬كما يمييا مف قانكف المسطرة المدنية‪.‬‬

‫كقد أثيرت حاالت نازع فييا الممزمكف في أحقية فرض الضريبة‪ ،‬أصبل‪ ،‬في ىذه‬
‫الحالة باعتبار أف البيع لـ يكف رضائيا‪ ،‬كال يمكف أف ينتج عنو ربح ماداـ البيع قد تـ‬
‫بناءا عمى طمب مف مؤسسة بنكية كفاء لديف‪ ،‬كبأمر قضائي‪ .‬كبالتالي‪ ،‬فإف البيع الذم‬
‫ينجز عف طريؽ المحكمة في شكؿ المزاد العمني يخرج مف مجاؿ تطبيؽ الضريبة‪ .‬كأف‬
‫البيع الذم يخضع لمضريبة ىك الذم يتـ طبقا إلرادة الطرفيف‪ :‬البائع كالمشترم‪ ،‬أم البيع‬
‫الرضائي‪.‬‬

‫كقد جاء في الحكـ الذم صدر في النازلة عف المحكمة اإلدارية بأكادير ما يمي‪:‬‬
‫"كحيث إنو إذا كاف المبدأ في المادة الضريبية أف ال ضريبة كال رسـ إال بنص القانكف‪،‬‬
‫‪ ،1978‬تفرض ضريبة عمى األرباح العقارية التي‬ ‫فإف المبدأ مف القانكف المالي لسنة‬
‫يحققيا األشخاص الذاتيكف بمناسبة بيع عقارات مكجكدة بالمغرب أك تفكيت حقكؽ عينية‬
‫عقارية متعمقة بيذه العقارات‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫ك"حيث يتبيف‪ ،‬إذف أف المشرع فرض ىذه الضريبة عمى عممية بيع العقار التي‬
‫يتحقؽ منيا ربح دكف استثناء البيع القضائي أك الجبرم مف الخضكع ليذه الضريبة" ‪.1‬‬

‫ككما جاء في تعميؿ الحكـ‪ ،‬فالمشرع لـ يميز بيف البيع الرضائي كالبيع الجبرم‪،‬‬
‫فكمتا العمميتيف تندرج ضمف عقد كاحد‪ ،‬كىك عقد البيع‪ ،‬كقد كاف مكقؼ المحكمة في ىذه‬
‫الحالة مكافقا لركح النص كما تقرأه اإلدارة الضريبية‪.‬‬

‫غير أنو حكما آخر صادر عف نفس المحكمة‪ ،‬جاء مخالفا ليذه القراءة‪ ،‬كأقر بأنو‬
‫ال مبرر لتطبيؽ المساىمة الدنيا لمضريبة لعدـ كجكد أية ضريبة أصبل‪ ،‬كذلؾ حسب‬
‫‪ 99/240‬بتاريخ‬ ‫القرار الصادر عف المحكمة اإلدارية بأكادير في الحكـ عدد‬
‫‪ 1999/10/21‬في الممؼ عدد ‪ 98/161‬ش‪ ،‬كتتمخص كقائعو في ككف الطاعف اقتنى‬
‫عقارات بمبمغ إجمالي قدره ( ‪ 55.000,000‬درىـ)‪ ،‬كثـ بيعيا بالمزاد العمني مف طرؼ‬
‫المحكمة بمبمغ إجمالي قدره ( ‪ 34.000,000‬درىـ)‪ ،‬كقد قامت إدارة الضرائب بفرض‬
‫ضريبة عمى األرباح العقارية بصكرة تمقائية استنادا إلى ثمف البيع مطبقة في حقو‬
‫المساىمة الدنيا المحددة آنذاؾ في ‪ % 2‬مف ثمف البيع‪.‬‬

‫غير أف الممزـ طعف في مشركعية ىذه الضريبة‪ ،‬باعتبارىا غير مستحقة أصبل‪،‬‬
‫بالنظر إلى عدـ حصكؿ ربح‪.‬‬

‫كقد صدر الحكـ بإلغاء الضريبة بناء عمى التعميؿ السابؽ‪ ،‬كقد تـ تأييد ىذا الحكـ‬
‫‪ 449‬المؤرخ في‬ ‫مف طرؼ الغرفة اإلدارية بالمجمس األعمى بكاسطة القرار عدد‬
‫‪ 2001/03/29‬في الممؼ اإلدارم عدد ‪.2000/04/517‬‬

‫‪ -1‬حكـ عدد ‪ 01 -654‬بتاريخ ‪ 2001-05/17‬ممؼ رقـ ‪ 2000/962‬ـ ع ض‪.‬ؼ‪.‬ح‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫كقد جاء تعميؿ المجمس األعمى كالتالي‪:‬‬

‫‪ 1978‬تنص في‬ ‫"‪...‬حيث أف مقتضيات الفصؿ الخامس مف قانكف المالية لسنة‬


‫بندىا األكؿ عمى أنو تفرض ضريبة عمى األرباح العقارية التي يحققيا أشخاص‪ ،‬كبالتالي‬
‫تككف المحكمة قد ركزت قضاءىا عمى أساس عندما ألغت الضريبة مكضكع النزاع‪ ،‬عمما‬
‫بأف مقتضيات ىذا البند مف الفصؿ المذككر ال تحتمؿ أم تأكيؿ أك تعييف آخر‪ ،‬باعتبار‬
‫أنيا لـ تنص عمى أم استثناء ألحكاميا‪ ،‬كأما ما اعتمده المستأنؼ فبل عبلقة لو بتاتا‬
‫بالبند المذككر‪ ،‬إذ األمر يككف منحص ار حكؿ مسألة شرط فرض ىذا النكع مف الضرائب‬
‫ال غير‪ ،‬كحيث يستخمص مما سبؽ‪ ،‬كجكب تأييد الحكـ المستأنؼ‪."...‬‬

‫يستنتج مف خبلؿ استعراض ىذاف الحكماف المتناقضاف‪ ،‬بالرغـ مف صدكرىما عف‬


‫نفس المحكمة أنو يمكف باالستناد إلى نص ضريبي كاحد أف نقكـ بقراءتيف مختمفتيف‪،‬‬
‫كتأكيميف مختمفيف‪ .‬فالنص إما كاضح كال يحتاج إلى تأكيؿ‪ ،‬كاما غامض يفتح المجاؿ‬
‫لتعدد التأكيبلت كالقراءات‪ :‬يقكؿ النص المعني‪ ،‬المتعمؽ بالمساىمة الدنيا في البند‬
‫‪..." 11978‬غير أف مبمغ الضريبة‬ ‫‪ 5‬مف قانكف المالية لسنة‬ ‫الخامس مف الفصؿ‬
‫المستحقة ال يمكف أف يقؿ عف ‪ % 3‬مف ثمف التفكيت كما ىك محدد في الفقرة األكلى مف‬
‫‪ .IV‬إف ىذا‬ ‫البند ‪ II‬أعبله" كذلؾ بعد تحديد األرباح المعفاة مف الضريبة في البند‬
‫الترتيب‪ ،‬كىذه الصياغة ال يمكف إال أف تبعث عمى االرتباؾ‪ .‬فماذا كاف يمنع المشرع مف‬
‫إضافة جممة قصيرة تقكؿ "سكاء تحقؽ ربح أـ ال"‪ .‬بالبند الخامس الكارد أعبله؟؟ إف‬
‫الصيغة المعتمدة في النص تكحي بأف مبمغ الضريبة المطبؽ عف الربح (أم في حالة‬
‫كجكد ربح) يجب أال تقؿ عف ‪ % 3‬مف ثمف البيع المصرح بو كما ىك حدد في المادة ‪86‬‬
‫مف القانكف ‪ 17-89‬المنظـ لمضريبة العامة عمى الدخؿ كبناءا عميو فإف الضريبة ال‬

‫‪ 1978‬رقـ ‪1-77‬‬ ‫‪ -1‬يتعمؽ األمر بالتعديؿ المدخؿ عمى ىذه الضريبة بكاسطة قانكف المالية لسنة‬
‫كالصادر لآلمر بتنفيذه بكاسطة الظيير الشريؼ رقـ ‪ 1-77-372‬بتاريخ ‪ 19‬محرـ ‪30 ( 1398‬‬
‫دجنبر ‪.)1977‬‬

‫‪65‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫تستحؽ في حالة كجكد خسارة‪ ،‬أم أف إدارة الضرائب ال يمكنيا المطالبة بتطبيؽ الحد‬
‫األدنى أك المساىمة الدنيا لمضريبة‪.‬‬

‫إف دفع اإلدارة في العديد مف القضايا المعركضة عمى المحاكـ بسبب ىذا النص‪،‬‬
‫بأنيا تقصد تطبيؽ الحد األدنى بغض النظر عف تحقيؽ الربح أـ ال‪ ،‬ينقصو الدقة‬
‫كالكضكح‪ ،‬كىي سمات أساسية في صياغة النصكص القانكنية‪ ،‬لذلؾ فقد قمنا سابقا بأف‬
‫انفراد اإلدارة الضريبية بمسألة صياغة النصكص‪ ،‬كتأكيميا‪ ،‬بالنظر إلى ضعؼ أعضاء‬
‫لجنة المالية ىك أحد مظاىر سكء تدبير الضريبة بالمغرب‪ ،‬كسكء تقدير عكاقب االنفراد‬
‫بالتشريع بدال عف نكاب األمة‪ ،‬كالمسألة ال تقتصر عمى مجاؿ األرباح العقارية فحسب‪،‬‬
‫بؿ تمتد لتشمؿ العديد مف أنكاع الضرائب األخرل التي يعكد السبب الرئيسي في‬
‫المنازعات الناشئة بشأنيا إلى غمكض المقتضيات القانكنية التي تنظميا كما ىك الشأف‬
‫بالنسبة إلى اإلعفاء بخصكص ما يسممو الشخص لنفسو مف سكف في مجاؿ الضريبة‬
‫عمى القيمة المضافة‪ ،‬حيث أدل غمكض ىذا النص إلى نقاشات فقيية كقانكنية طبعت‬
‫العديد مف المنازعات القضائية‪ ،‬حيث تميزت األحكاـ بالتناقض أيضا مما يستكجب إعادة‬
‫صياغة النص ليذه الضريبة مجددا تكخيا لمدقة‪ ،‬كابتغاءا لتخفيؼ العبء عف القضاء‬
‫الذم أخذ يضيع كقتا ثمينا في تأكيؿ النصكص كاعادة قراءتيا في الكقت الذم تتشبث فيو‬
‫اإلدارة بتأكيميا الخاص لمنص كالذم يرد في غالب األحياف‪ ،‬في إطار المذكرات التفسيرية‬
‫كالتي سبؽ التأكيد عف استبعاد القضاء ليا‪ ،‬نظ ار لككنيا مذكرات إدارية ذات طبيعة‬
‫داخمية‪ ،‬كال ترقى إلى مستكل النص التشريعي ‪.1‬‬

‫‪ -1‬تجدر اإلشارة في ىذا الصدد كبحكـ خبرتي كمفتش‪ -‬إقميمي رئيس لمضرائب‪ ،‬أف العديد مف‬
‫األطر العاممة بإدارة اإلدارة مضطركف لمدفاع عف كجية نظر اإلدارة بالرغـ مف عدـ اقتناعيـ‬
‫بيا‪ ،‬كذلؾ نظ ار لكضعيتيـ النظامية داخؿ اإلدارة‪ ،‬حيث ال يسمح ليـ بالتعبير أرائيـ الشخصية‬
‫قي القضايا المعركضة عمى أنظار القضاء‪ .‬حتى كلك كانت اإلدارة عمى خطأ‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫الطعون القضائية‬
‫عدد الطعون المرفوعة أمام المحاكم اإلدارية‪:‬‬

‫‪2003‬‬ ‫‪2002‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪2000‬‬ ‫‪1999‬‬ ‫‪1998‬‬


‫‪1063‬‬ ‫‪883‬‬ ‫‪771‬‬ ‫‪631‬‬ ‫‪661‬‬ ‫‪768‬‬
‫المصدر‪ :‬مديرية الضرائب‬
‫نسبة الطعون القضائية في مقررات المجنة الوطنية‪:‬‬

‫نسبة الطعون‬ ‫عدد الطعون‬ ‫عدد المقررات‬ ‫السنة‬


‫‪% 21,80‬‬ ‫‪81‬‬ ‫‪371‬‬ ‫‪1998‬‬
‫‪% 23‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪235‬‬ ‫‪1999‬‬
‫‪% 38,60‬‬ ‫‪88‬‬ ‫‪228‬‬ ‫‪2000‬‬
‫‪% 40,50‬‬ ‫‪47‬‬ ‫‪116‬‬ ‫‪2001‬‬
‫المصدر‪ :‬مديرية الضرائب‬

‫عدد القضايا المستأنفة عمى مستوى المجمس األعمى (الغرفة اإلدارية)‪:‬‬


‫نسبة القضايا المستأنفة من طرف اإلدارة‬ ‫العدد‬ ‫السنة‬
‫‪175‬‬ ‫‪2000‬‬
‫‪132‬‬ ‫‪2001‬‬
‫‪% 60‬‬
‫‪229‬‬ ‫‪2002‬‬
‫‪227‬‬ ‫‪2003‬‬

‫توزيع القضايا المستأنفة حسب نوع الضريبة‪:‬‬


‫‪% 40‬‬ ‫الضريبة عمى الشركات والضريبة العامة عمى الدخل‬
‫‪% 20‬‬ ‫الضريبة عمى القيمة المضافة‬
‫‪% 20‬‬ ‫رسوم تسجيل والتنبر‬
‫‪% 20‬‬ ‫باقي الضرائب‬
‫‪ % 65‬لصالح الممزـ‪ % 35‬لصالح اإلدارة‬ ‫طبيعة الق اررات الصادرة في سنة ‪2001‬‬

‫‪67‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫الحالة الثانية ‪ :‬اإلعفاء من الضريبة عمى القيمة المضافة بخصوص ما يسممو‬


‫الشخص لنفسو من سكن‪:‬‬

‫المادة الرابعة (كالسيما البنديف ‪ 6‬ك ‪ ) 7‬مف القانكف ‪ 30-85‬المنظـ لمضريبة عمى‬
‫القيمة المضافة‪ ،‬كما ىي معدلة بمكجب القانكف المالي لسنة ‪.1992‬‬

‫إذا كاف التشريع الضريبي في مجاؿ الضريبة عمى القيمة المضافة لـ يطرح أم‬
‫إشكاؿ بخصكص مجاالت اإلعفاء منذ إحداثو‪ ،‬فإف األمر يختمؼ بعد سنة ‪ 1992‬عندما‬
‫كقع تغيير أحكاـ الفترة ‪ 2‬مف المادة ‪ 7‬بمقتضى البند ‪ I‬بالمادة ‪ 8‬مف قانكف المالية لسنة‬
‫‪ 1992‬التي أصبحت تنص صراحة عمى أنو يعفى مف الضريبة عمى القيمة المضافة ما‬
‫يقكـ بو أم شخص طبيعي مف تسميمو لنفسو مف مبنى ال تزيد مساىمتو المغطاة عف‬
‫‪ 240‬متر مربع‪ ،‬شريطة أف يعد المبنى المذككر لسكف المعني باألمر الرئيسية طكاؿ‬
‫أربع سنكات تبتدئ مف تاريخ رخصة السكف‪ ،‬أك أية كثيقة أخرل تقكـ مقاميا‪.‬‬

‫كقد ثار نزاع بيف الممزميف كاإلدارة حكؿ طبيعة العممية العقارية الخاضعة لمضريبة‪:‬‬
‫ىؿ ىي مدنية أـ تجارية؟ كىؿ الضريبة المفركضة ضريبة شخصية أـ عينية؟ كىؿ‬
‫المعني باإلعفاء‪ :‬األشخاص أـ البناء؟ كقد تدخؿ القضاء‪ ،‬بطبيعة الحاؿ‪ ،‬في ىذا النزاع‬
‫مرة أخرل ليساىـ في تأكيؿ نص قانكني ضريبي اختمؼ الطرفاف (اإلدارة كالممزـ) في‬
‫قراءتو‪ ،‬كذلؾ لغمكضو‪ ،‬كعدـ دقة مقتضياتو‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫فبعد أف حددت المادة ‪ 4‬العمميات الخاضعة كجكبا لمضريبة عمى سبيؿ الحصر‬
‫كالتي جاء في البنديف السادس كالسابع منيا ما يمي‪:‬‬

‫‪ -6‬العمميات العقارية كعمميات التجزئة‪ ،‬كاالستثمار العقارم؛‬

‫‪ -7‬ما يسممو شخص لنفسو مف العمميات المشار إلييا في البند ‪ 6‬أعبله‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Opérations obligatoirement assujetties.‬‬

‫‪68‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫كىك ما يفيد بأف عمميات ما يسممو الشخص لنفسو مف مباف في مجاؿ األعماؿ‬
‫العقارية كما ىي محددة بالمادة ‪ ،5‬ىي غير معفاة مف الضريبة بنص صريح‪.‬‬

‫كحيث جاء في المادة ‪:5‬‬


‫يراد في المادة ‪ 4‬أعبله بػ‪:‬‬
‫‪........................................................................... -1‬‬
‫‪........................................................................... -2‬‬
‫‪ -3‬بالمجزئيف‪ :‬األشخاص الذيف ينجزكف أعماال تتعمؽ بتييئة أراض معدة لمبناء‪،‬‬
‫أك تجييزىا بالطرؽ؛‬
‫‪ -4‬بالمستثمريف العقارييف‪ :‬األشخاص الذيف يشيدكف‪ ،‬أك يعممكف عمى تشييد عقار‪،‬‬
‫أك أكثر مف العقارات المعدة لمبيع أك اإليجار‪ ،‬مف غير أف تككف ليـ صفة‬
‫مقاكليف في األعماؿ العقارية‪.‬‬
‫بعد ىذا التحديد‪ ،‬تأتي المادة السابعة مف الفرع الثالث‪ ،‬كالخاصة باإلعفاءات‪ ،‬لتقر‬
‫اإلعفاء في حؽ‪:‬‬
‫‪.......................................................................... -IV‬‬
‫‪........................................................................... -1‬‬
‫‪ -2‬ما يقكـ بو أم شخص طبيعي مف تسميمو لنفسو مف مبنى ال تزيد مساحتو‬
‫المغطاة ‪2 240‬ـ إلخ‪.‬‬

‫كفي الكقت الذم يتشبت فيو القضاء‪ ،‬مف خبلؿ األحكاـ الصادرة عنو‪ ،‬بككف عممية‬
‫بناء مسكف شخصي ىي عممية مدنية كليست تجارية باعتبارىا ال تستجيب لمكاصفات‬
‫العمميات العقارية الكارد تحديدىا بالبنديف الثالث كالرابع مف المادة الرابعة السالفة الذكر‪،‬‬
‫كأف العمميات الخاضعة لمضريبة ىي تمؾ المنصكص عمييا في البند ‪ 6‬مف المادة ‪ 4‬أم‬
‫العمميات العقارية كعمميات التجزئة كاالستثمار العقارم‪.‬‬

‫كحيث أف إدارة الضريبة نفسيا قد اعتبرت في المذكرة التفسيرية الصادرة عنيا سنة‬
‫‪( 1986‬ص‪ )3 :‬في محاكلة لتفسير العمميات الخاضعة لمضريبة كتمييزىا عف تمؾ غير‬

‫‪69‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫الخاضعة ليا‪" :‬أف األمر يتعمؽ بكؿ عممية ذات طبيعة صناعية أك تجارية أك حرفية أك‬
‫داخمة في نطاؽ مزاكلة مينة حرة‪ ،‬كأف الفبلحة كاألنشطة غير ذات الطابع التجارم‪،‬‬
‫كغير ذات الطابع الصناعي‪ ،‬كغير ذات الطابع الحرفي‪ ،‬كاألنشطة ذات الطابع المدني‬
‫غير خاضعة لمضريبة‪.‬‬

‫كقد سار القضاء عمى اعتبار عممية ما يسممو الشخص لنفسو مف سكف ىي عممية‬
‫مدنية صرفة متى تأكد أف الشخص المعني ليس مف الممارسيف لمعمميات العقارية‬
‫المنصكص عمييا في البند ‪ 6‬مف المادة ‪ 4‬مف القانكف رقـ ‪ ،30-85‬كال تاج ار بمفيكـ‬
‫القانكف التجارم الذم يعتبر أف التاجر كحده يخضع لحقكؽ كالتزامات التجار (كحؽ‬
‫الترشيح كاالقتراع لعضكية الغرفة التجارية‪ ،‬كالغرفة الصناعية‪ ،‬كالقيد في السجؿ التجارم‬
‫كالخضكع لنظاـ اإلفبلس‪...‬الخ )‪ ،‬ناىيؾ عف ككف التاجر ىك يمارس بصكرة اعتيادية أك‬
‫مينية األنشطة المنصكص عمييا في المكاد ‪ 6‬ك ‪ 7‬ك ‪ 8‬ك ‪ 9‬مف القانكف التجارم‪ ،‬كليس‬
‫أيضا مقاكال في األعماؿ العقارية كال مجزءا‪ ،‬كال مستثم ار عقاريا ‪.1‬‬

‫كباعتبار أف ىذه العممية مدنية‪ ،‬فبل مجاؿ لمحديث عف اإلعفاء الضريبي‪ ،‬كذلؾ‬
‫لككنيا تكجد خارج نطاؽ تطبيؽ الضريبة –أصبل‪ -‬كيستند البعض ‪ 2‬إلى المذكرة التفسيرية‬
‫الصادرة عف إدارة الضرائب بالرغـ مف استبعاد القضاء ليا كما سبقت اإلشارة إلى ذلؾ‪،‬‬
‫بؿ إف اإلعفاء كاف مقر ار قبؿ تاريخ ‪ 1992/1/1‬كػ "حؽ مكتسب"‪ ،‬كأف ما تـ بعد سنة‬
‫‪ 1992‬ىك تحديد لسقؼ ىذا اإلعفاء ال أكثر‪ .‬أما بخصكص المعني باإلعفاء‪ ،‬ىؿ ىك‬
‫البناء أـ الشخص‪ ،‬فقد ذىب القضاء في العديد مف األحكاـ إلى اعتبار المعني باإلعفاء‬

‫‪ -1‬شكري السباعي‪ :‬قانكف الشركات‪.‬‬


‫‪ -2‬األستاذاف‪ :‬عبد الرحمن مزوز ‪ ،‬وعبد اهلل العمج ‪ ،‬المستشاراف بالمحكمة اإلدارية بأكادير ضمف‬
‫مداخبلتيما خبلؿ ندكة‪" :‬العمؿ القضائي كالمنازعات الضريبية" أياـ دراسية مف تنظيـ المجمس‬
‫األعمى‪ ،‬كالمديرية العامة لمضرائب ‪ 28‬ك‪ 29‬مارس ‪ ،2005‬الرباط‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫‪ 97‬الصادر بتاريخ‬ ‫ىك الشخص ‪ 1‬كليس البناء‪ .‬كقد جاء في حيثيات القرار عدد‬
‫‪ 2004/01/26‬عف الغرفة اإلدارية (القسـ األكؿ) بالمجمس األعمى‪:‬‬

‫‪ 7‬مف القانكف رقـ ‪ 85-30‬المتعمؽ بالضريبة‬ ‫"‪...‬كحيث إنو بالرجكع إلى المادة‬
‫عمى القيمة المضافة البند ‪ 4‬رقـ ‪– 2‬أ‪ -‬مف المادة المذككرة يتبيف أنيا تنص عمى ما‬
‫يمي‪ :‬يعفى مف الضريبة عمى القيمة المضافة‪ ،‬ما يقكـ بو أم شخص طبيعي مف تسميمو‬
‫‪2 240‬ـ بشرط أف يعد المبنى المذككر‬ ‫لنفسو مف مبنى ال تزيد مساحتو المغطاة عف‬
‫لسكف المعني باألمر الرئيسية طكاؿ أربع سنكات مف تاريخ رخصة السكنى حسب النص‬
‫المذككر‪.‬‬

‫كحيث أف النصكص القانكنية الضريبية الغامضة تفسر لمصمحة الممزـ بالضريبة‬


‫كاف المادة ‪ 7‬المذككرة كىي تحدد األصناؼ المعفاة مف الضريبة‪ ،‬تنص عمى إعفاء‬
‫الشخص الطبيعي دكف تحديد ما إذا كانكا كاحدا أك متعددا في تممؾ المساحة التي يبنييا‬
‫لنفسو‪ ،‬كمراعاة لمقاعدة المشار إلييا‪ ،‬كألف الضريبة عمى القيمة المضافة ىي ضريبة عمى‬
‫االستيبلؾ كاإلعفاء منيا ذك طابع شخصي بالنسبة لمشخص الطبيعي فبل محؿ إللزاـ‬
‫المستيمؾ بيا إال بقدر ما يشتريو‪ ،‬كقد كاف مف حؽ المستأنفيف أف يتمسكا بأنيما يستفيداف‬
‫مف اإلعفاء عمى أساس حصة كؿ كاحد منيما في المساحة المبنية كليس عمى أساس‬
‫‪7‬‬ ‫مجمكع تمؾ المساحة‪ ،‬كاف الحكـ المستأنؼ عندما رفض طمبيما يككف قد أكؿ المادة‬
‫المشار إلييا أعبله تأكيبل غير صحيح‪.‬‬

‫كقد قضى المجمس األعمى بتأييد الحكـ المستأنؼ‪ ،‬كالتصريح بأف المستأنفاف ليما‬
‫الحؽ في استرداد مبمغ الضريبة عمى القيمة المضافة المؤدل بقباضة فاس المدنية‬
‫الجديدة‪.‬‬

‫‪ -1‬القرار عدد ‪ 97‬المؤرخ في ‪ 2004/1/28‬ممؼ إدارم عدد ‪ 2002/1/04/647‬السيد بنعدادة ضد‬


‫مديرية الضرائب‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫ىذا في الكقت الذم كانت إدارة الضرائب قد عبرت عف مكقفيا بأف األمر يتعمؽ‬
‫بقطعة أرضية كاحدة‪ ،‬كبرخصة بناء كاحدة كبالتالي‪ ،‬فأف الضريبة تيـ البناء المشيد برمتو‬
‫كال ييـ عدد مالكيو‪ ،‬كأف المشرع قصد باإلعفاء تشجيع السكف االجتماعي‪.‬‬

‫لكف حيث يؤخذ مما عرض كنكقش أنو مف شركط اإلعفاء مف الضريبة عمى القيمة‬
‫المضافة أف أال تتجاكز المساحة المغطاة ‪2 204‬ـ (الفصؿ ‪ 7‬ؼ قانكف ‪ ،)85-30‬كفي‬
‫النازلة أف المساحة تصؿ إلى ‪2 330‬ـ‪ ،‬كأف األمر يتعمؽ بصؾ عقارم كاحد يتمثؿ في‬
‫فيبل بحي ممعب النخيؿ كبرخصة البناء المشتركة رقـ ‪.97-187‬‬
‫‪1‬‬
‫نفس المكقؼ اتخذتو المحكمة كذلؾ بكاسطة القرار الصادر بتاريخ ‪2003/01/17‬‬
‫‪ 1‬مف قانكف المالية الذم‬ ‫إال أف المحكمة كخبلفا لمحكـ السابؽ‪ ،‬كتطبيقا ألحكاـ المادة‬
‫يمنع إصدار أك تحصيؿ ضريبة غير مستحقة قانكنا‪ ،‬كالتي ىي مف النظاـ العاـ لتعمقيا‬
‫بمبدأ المشركعية أثارت تمقائيا مسألة مشركعية ىذه الضريبة‪ ،‬كبعد مناقشة النصكص‬
‫المنظمة لمضريبة ككقائع الممؼ تبت لدييا عدـ مشركعية ىذه الضريبة لككف الكاقعة‬
‫–بالتالي‪ -‬بإبطاليا استنادا إلى نفس‬ ‫خارجة عف نطاؽ تطبيؽ ىذه الضريبة‪ ،‬كقامت‬
‫التعميبلت الكاردة في الحكـ األكؿ‪.‬‬

‫إال أف لئلدارة الضريبية رأيا مخالفا‪ ،‬ذلؾ أف النص القانكني بخصكص مفيكـ‬
‫المساحة الكاردة في المادة ‪ ،7‬يتعامؿ مع المبنى ككحدة غير قابمة لمتجزئ‪ ،‬كأف ما قصده‬
‫المشرع بالمساحة المغطاة المعفية مف الضريبة ىك المبنى ككحدة عقارية مستقمة‪ ،‬فمك أراد‬
‫المشرع نيج منطؽ التجزئ أك الجدكلة الذم ذىبت إليو بعض التأكيبلت لكاف قد نص‬
‫عمى ذلؾ صراحة أسكة بما ىك مطبؽ بخصكص ضرائب أخرل ‪.2‬‬

‫‪ -1‬تحت عدد ‪ 2003/84‬في الممؼ عدد ‪ .2001/153‬ش‪.‬‬


‫‪ -2‬إدارية مكناس حكـ رقـ ‪ 2002/4‬في الممؼ ‪ 5/2000/39‬ش‪ /‬بتاريخ ‪.2002/01/24‬‬

‫‪72‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫كبخصكص المعني باإلعفاء‪ ،‬فإف اإلدارة ترل أف فرض الضريبة عمى القيمة‬
‫المضافة ال يرتبط بطبيعة الشخص الذم يتكلى إنجاز العممية الخاضعة لمضريبة‪ ،‬كال‬
‫بمركزه القانكني‪.‬‬

‫فعبارة "ما يسممو الشخص لنفسو" تندرج في السياؽ العاـ لمنص القانكني‪ ،‬كال يقصد‬
‫بيا شيء آخر غير البناء‪ .‬كما يؤكد ذلؾ‪ ،‬ىك ما جاء بخصكص الشركط المخكلة‬
‫لبلستفادة مف اإلعفاء حيث جعميا المشرع تنصب أساسا حكؿ مكاصفات البناء كالغرض‬
‫المعدة لو‪ ،‬كلـ يربط بتاتا اإلعفاء بالكضعية االجتماعية أك المركز القانكني لمشخص الذم‬
‫ينجز عممية التسميـ‪.‬‬

‫لقد ذكرنا سابقا بأف القراءات المختمفة لمنص القانكني‪ ،‬أدت أحيانا إلى بعض‬
‫االستنتاجات بعيدة تماما عما قصده المشرع حيث نجد أف بعض االجتيادات قد أضافت‬
‫‪.1‬‬ ‫معطيات جديدة لنص كاضح كذلؾ خبلفا لمقاعدة العامة "ال اجتياد مع كجكد النص"‬
‫فإذا كاف المسمـ بو‪ ،‬أف حؽ اإلعفاء يبقى قائما في حالة تخصيص العقار مكضكع عممية‬
‫البناء‪ ،‬لمسكف الرئيسي لممالؾ‪ ،‬كال يثير أم إشكاؿ‪ ،‬فإنو يبلحظ أف ىناؾ اتجاه قضائي‬
‫يخكؿ نفس الحؽ لمعقار المعد لمسكف الشخصي ألفراد أسرة المالؾ‪ ،‬كفي ىذا المنحى‬
‫خركج صريح عف مضمكف المادة ‪ 7‬المذككرة‪ ،‬كالتي حددت بدقة كاضحة شركط االستفادة‬
‫مف اإلعفاء مركزة بصكر ة أساسية عمى شرط تخصيص العقار‪ ،‬مكضكع عممية البناء‪،‬‬
‫لمسكف الرئيسي لمالكو‪.‬‬

‫إف غمكض النصكص الضريبية‪ ،‬كما سبؽ الذكر‪ ،‬كعدـ دقتيا كصياغتيا بالمغة‬
‫الفرنسية أكال‪ ،‬ثـ ترجمتيا إلى العربية‪ ،‬كؿ ذلؾ أدل إلى ضياع مبالغ ىامة عمى خزينة‬

‫‪ -1‬جكاد العسرم‪" :‬مدل إمكانية خصـ مساحة ‪ 240‬ـ‪ 2‬مف كعاء الضريبة عمى القيمة المضافة‪ ،‬ج‪.‬ر‬
‫العمـ عدد‪ ،1911 :‬بتاريخ ‪ 12‬شتنبر ‪ ، 2002‬ص ‪. 7‬‬

‫‪73‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫الدكلة‪ ،1‬كقد حاؿ دكف منح القاضي اإلدارم كؿ الكسائؿ البلزمة إلعطاء النصكص‬
‫الضريبية ُبعدىا العممي‪ ،‬كتحقيقا غاية المشركع‪ ،‬كتفعيميا‪.‬‬

‫إف االتجاه الذم كرستو الغرفة اإلدارية في مجاؿ تفسيرىا لمنص الجبائي الغامض‬
‫‪ 7‬أك بعدىا‪ .‬فقد‬ ‫ىك نفس االتجاه الذم أقرتو المحاكـ اإلدارية سكاء قبؿ تعديؿ المادة‬
‫استقر عمؿ الغرفة اإلدارية عمى األخذ بالتفسير الضيؽ لمنصكص الجبائية مع تفسير‬
‫الغمكض‪ ،‬في كؿ نص‪ ،‬لفائدة الممزـ‪ ،‬كاضفاء الطابع الشخصي عمى الضريبية بدال مف‬
‫الطابع العيني‪ ،‬كقضت بإرجاع مبالغ ىامة برسـ الضريبة عمى القيمة المضافة المفركضة‬
‫"بغير كجو حؽ" لفائدة الخزينة عمى أساس اإلعفاء المقرر لفائدة الممزـ‪.‬‬

‫الحالة الثالثة‪ :‬اإلشكال المطروح بخصوص تضريب التعاونيات بالمغرب‪:‬‬

‫‪ ‬النظام الضريبي لمجمعيات والتعاونيات‪:‬‬

‫التعاكنية‪ ،‬ىي جماعة تتألؼ مف أشخاص طبيعييف اتفقكا أف ينضـ بعضيـ إلى‬
‫بعض إلنشاء مشركع يككف الغرض منو أف يتيح ليـ كحدىـ الحصكؿ عمى المنتجات‬
‫كالخدمات التي ىـ في حاجة إلييا‪ ،‬كالقياـ بتسييره كادارتو كفؽ المبادئ األساسية المحددة‬
‫في ىذا الظيير ‪ ،2‬بغية بمكغ األىداؼ المنصكص عمييا فيو‪ ،‬كيمكف لؤلشخاص المعنكية‬
‫الذيف تتكفر فييـ الشركط المقررة في ىذا القانكف أف يصبحكا أعضاء في تعاكنية‪.‬‬

‫‪ -1‬كنا قد اقترحنا إعادة صياغة المادة ‪ 7‬مع األخذ بعيف االعتبار األحكاـ الصادرة‪ ،‬ككذا الطعكف‬
‫المقدمة في مجاؿ اإلعفاء مف الضريبة‪ ،‬كذلؾ كحؿ لمختمؼ النزاعات المثارة بسبب غمكض‬
‫النص‪.‬‬
‫‪ -2‬الظيير الشريؼ رقـ ‪ 1-83-226‬الصادر في ‪ 9‬محرـ ‪ 1405‬مكافؽ ‪ 5‬أكتكبر ‪ 1984‬بتنفيذ‬
‫القانكف رقـ ‪ 24-83‬المتعمؽ بتحديد النظاـ األساسي العاـ لمتعاكنيات كمياـ مكتب تنمية التعاكف‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫‪ 15‬نكنبر ‪ ،1958‬الجمعية بككنيا‪" :‬اتفاؽ‬ ‫كما يعرؼ الفصؿ األكؿ مف ظيير‬


‫لتحقيؽ تعاكف مستمر بيف شخصيف أك عدة أشخاص الستخداـ معمكماتيـ أك نشاطيـ‬
‫لغاية غير تكزيع األرباح فيما بينيـ" ‪.1‬‬

‫بداية‪ ،‬البد مف إبداء مبلحظة أساسية‪ ،‬كىي أف المشرع المغربي كاف قبؿ سنة‬
‫‪ 2005‬يعفي التعاكنيات ككذا الجمعيات مف الضريبة مراعاة منو لمبدأ العمؿ التطكعي‪،‬‬
‫بدعـ استيداؼ الربح الذم تتسـ بو نشاطات ىذه الجمعيات كدعما ليا في ارتباطيا مع‬
‫فعاليات المجتمع المدني مف أجؿ خمؽ ديناميكية لتفعيؿ الحياة العامة في مناحييا‬
‫القطاعية المختمفة‪.‬‬

‫كمتى كانت التعاكنية مستكفية لشركط قياميا كفؽ أحكاـ الظيير السالؼ الذكر‪،‬‬
‫فإنيا تستفيد مف كافة اإلعفاءات المقررة بمقتضى ىذا الظيير كالنصكص التشريعية‬
‫األخرل‪.‬‬

‫كبالرغـ مف اإلعفاء المقرر لفائدة التعاكنيات‪ ،‬إال أنو يتعيف عمييا القياـ بكؿ‬
‫‪2‬‬
‫كما يتعيف عمييا أف تحترـ‬ ‫االلتزامات المتعمقة باإلدالء بإق ارراتيا‪ ،‬كمسؾ المحاسبة‬
‫االلتزامات المتعمقة بالمستخدميف غير الخاضعيف لمضريبة المينية (الباتنتا) الذيف تستعيف‬
‫بخدماتيـ‪.3‬‬

‫كما تستفيد الجمعيات أيضا مف اإلعفاءات الضريبية إذا كانت ال تستيدؼ الربح‪.‬‬
‫‪ ،)9‬كالضريبة عمى الشركات‬ ‫كذلؾ عمى مستكل الضريبة العامة عمى الدخؿ (المادة‬

‫‪ -1‬ظيير ‪ 15‬نكنبر ‪ 1958‬المتعمؽ بتأسيس الجمعيات كما تـ تعديمو كتتميمو بمقتضى القانكف رقـ‬
‫‪ 75-00‬الصادر بتنفيذه الظيير الشريؼ رقـ ‪ 1-02-200‬بتاريخ ‪ 23‬يكليكز ‪.2002‬‬
‫‪ -2‬كفقا ألحكاـ المكاد ‪ 26‬ك‪ 27‬ك‪ 30 ،28‬ك‪ 31‬مف قانكف الضريبة عمى الشركات‪.‬‬
‫‪ -3‬كذلؾ كما ىك منصكص عميو في القانكف المنظـ لمضريبة العامة عمى الدخؿ‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫(المادة ‪ ،)4‬كالضريبة عمى القيمة المضافة (المادة ‪ ،)7‬غير أنيا تظؿ خاضعة لبللتزامات‬
‫السالفة الذكر بخصكص اإلق اررات‪ ،‬ككذا مسؾ المحاسبة‪.‬‬

‫غير أنو كبالرغـ مف ىذه المكتسبات كىذا الكضع القانكني المتميز‪ ،‬فقد ارتأت‬
‫الدكلة أف تغيره كذلؾ بكاسطة المادتاف ‪ 12‬ك ‪ 15‬مف قانكف المالية لسنة ‪ ،2005‬حيث‬
‫‪ VIII‬ك ‪ VI‬عمى أف اإلعفاء المتعمؽ بالتعاكنيات كاتحاداتيا‬ ‫نصت في البنديف‬
‫المنصكص عمييا في نصكص تشريعية خاصة تنسخ ابتداء مف فاتح يناير ‪.2005‬‬

‫فما ىي خمفيات ىذا القرار؟ كما ىي المبلبسات التي أحاطت بظركؼ اتخاذه؟؟ لقد‬
‫أثار استياء العديد مف الفاعميف في المجاؿ التعاكني‪ ،‬سيما كأف ىذا القطاع الزاؿ غير‬
‫متطكر بشكؿ كاؼ بببلدنا‪.‬‬

‫لقد راج في ككاليس إدارة الضرائب‪ ،‬كك ازرة المالية معمكمات مفادىا أف بعض‬
‫التعاكنيات التي تقكـ ببيع الحميب كمشتقاتو كالتي ىي في ممكية شركة "أكنا" التي تقكـ‬
‫بعدة نشاطات في مياديف مختمفة (عقارية كمالية كبنكية‪...‬الخ)‪ ،‬كالتي تكجد في كضعية‬
‫خاصة ضمف المقاكالت المغربية األخرل‪ ،‬ىذه الشركة تعرضت لمنافسة قكية مف طرؼ‬
‫إحدل أكبر تعاكنيات الحميب بالجنكب‪ ،‬كالتي تقكـ ىي األخرل‪ ،‬بتسكيؽ الحميب‬
‫كمشتقاتو عمى الصعيد الكطني‪ ،‬كالتي اشتيرت بجكدة منتجاتيا‪ ،‬كاقباؿ الناس عمييا كقد‬
‫ارتأت "ىكلدينغ أكنا" بما ليا مف مكانة متميزة كنفكذ في أكساط صناعة القرار‪ ،‬أف تحد‬
‫‪1‬‬
‫كذلؾ بكاسطة تدابير جبائية تحت ذرائع كاىية تـ‬ ‫مف نشاط التعاكنيات المنافسة ليا‬
‫اكتشافيا فجأة مثؿ "أف بعض ىذه التعاكنيات أصبحت تعتبر مقاكالت تجارية صرفة"‬
‫ك"أنيا تتستر كراء قناع التعاكنيات‪ ،‬ك"تؤثر بشكؿ سمبي عمى قكاعد المنافسة بيف‬

‫‪ -1‬لقد تدخمت ك ازرة المالية في صراع سياسي كاضح تحت غطاء جبائي ككاف المفركض أف تظؿ‬
‫محايدة فيي بحكـ القانكف جياز تنفيذ كال يمكف أف تككف أداة لتصفية الحسابات السياسية‪ ،‬أك‬
‫االقتصادية‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫المقاكالت"‪ .‬ك"أنيا أصبحت تعرقؿ الجيكد التي تبذليا الدكلة مف أجؿ تأىيؿ مككنات‬
‫االقتصاد الكطني"‪ ....‬الخ ككميا تبريرات كاىية تتناقض مع ركح الخطاب الرسمي لمدكلة‬
‫الرامي إلى تشجيع القطاع التعاكني كالجمعكم‪ ،‬خاصة كأف الدكلة أبانت عف محدكدية‬
‫فاعميتيا في المجاالت االجتماعية‪ ،‬إف لـ نقؿ فشميا‪ ،‬كاستقالتيا مف العديد مف المياـ‬
‫ذات الطابع اإلنساني كالخدماتي‪ ،‬مما دفع إلى تنكع األنشطة التي تمارسيا التعاكنيات‬
‫كالجمعيات لتشمؿ كؿ القطاعات اإلنتاجية –تقريبا‪( -‬الفبلحة‪ ،‬العقار كالصناعة‪ ،‬التجارة‪،‬‬
‫الخدمات‪ ،‬النقؿ‪ ،‬كالصناعة التقميدية‪ ،‬كغيرىا) ‪ .1‬مما يؤسس لما اصطمح عمى تسميتو‬
‫باالقتصاد االجتماعي أك التنمية االجتماعية كىي قطاعات مييكمة بشكؿ جيد كتحقؽ‬
‫أرباحا مشركعة‪ ،‬ىي ‪-‬في نياية األمر‪ -‬نجاح لمعمؿ التعاكني بالمغرب كما نجح في‬
‫العديد مف األقطار األكربية األخرل ‪.2‬‬

‫كبالرغـ مف محاكلة إيجاد صيغة مقبكلة لتضريب التعاكنيات‪ ،‬فإف الدكلة دخمت في‬
‫تناقض صارخ مع القكانيف المنظمة لمعمؿ التعاكني‪ ،‬كما أنيا أضفت كثي ار مف المبس بيف‬
‫التعاكنية كالشركة‪ ،‬كذلؾ بالرغـ مف اختبلؼ المقاييس التي تحكـ تنظيـ كؿ منيما‪.‬‬
‫فالشركة يكظؼ فييا الشركاء أمكاليـ لتحقيؽ أعمى معدالت الربح الذم يكزع عمى‬
‫المساىميف حسب أسيميـ‪ .‬أما التعاكنيات فيي ال تستيدؼ تحقيؽ الربح‪ ،‬كال تقكـ بشراء‬
‫بضائع كمنتجات بيدؼ إعادة بيعيا‪ ،‬أم أنيا ال تقكـ بنشاط تجارم محض كؿ ذلؾ في‬
‫إطار التكفيؽ بيف متطمبات االقتصاد االجتماعي كالعمؿ الجمعكم التعاكني‪ ،‬كبيف عدـ‬
‫اإلخبلؿ بضكابط المنافسة بيف الفاعميف في المجاؿ اإلنتاجي‪.‬‬

‫‪ %63‬تمييا التعاكنيات السكنية ( ‪ ،)%19‬ثـ‬ ‫‪ -1‬تحتؿ التعاكنيات الفبلحية المرتبة األكلى بنسبة‬
‫تعاكنيات الصناعة التقميدية (‪ …)%12‬الخ‪.‬‬
‫‪ -2‬في مصر مثبل يكجد ‪ 12‬مميكف عضك متعاكف‪ ،‬كفي األرجنتيف ‪ 6‬مبلييف‪ ،‬أما في فنمندا‪ ،‬فإف أزيد‬
‫مف‪ 80%‬مف اإلنتاج الزراعي يأتي مف القطاع التعاكني‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫كالجدير بالمبلحظة أف اقتحاـ التعاكنيات لكؿ مجاالت اإلنتاج ىاتو‪ ،‬قد مكنيا مف‬
‫أف تمعب دك ار أساسيا في تعزيز المجتمع المدني كشريؾ في عممية التنمية بعد مصالحة‬
‫الدكلة مع المجتمع المدني‪ ،‬الشيء الذم ساىـ في تنشيط االقتصاد االجتماعي سيما‬
‫بالنسبة لمفئات االجتماعية التي تظؿ مفتقرة إلى مكارد مالية ذاتية كافية لتمكيؿ نشاطاتيا‪.‬‬

‫إف الحقيقة المؤكدة اليكـ‪ ،‬ىي أنو لـ يعد أم قطاع حككمي يستطيع تجاىؿ (في‬
‫إطار نشاطاتو) معطيات ترتبط بفعالية المجتمع المدني‪ ،‬إال أف ىذا الكعي لـ تتـ ترجمتو‬
‫بعد عمى مستكل كاسع‪ ،‬فاألمر بالنسبة لبعض القطاعات الحككمية‪ ،‬مازاؿ يقتصر فقط‬
‫عمى تبادؿ الرأم كالمشكرة حكؿ تنفيذ برنامج تـ إق ارره مف طرؼ الك ازرة المعنية بدكف‬
‫إشراؾ فعمي لمجمعيات‪ ،‬فمجكء ك ازرة الصحة مثبل إلى بعض الجمعيات العاممة في مجاؿ‬
‫محاربة داء السيدا أك مرض السكرم‪ ،‬أك الفشؿ الكمكم‪ ،‬إنما مرده عجز الك ازرة عف القياـ‬
‫بدكرىا كامبل تجاه ىذه الفئات مف المرضى‪.‬‬

‫كيمكف إبداء نفس المبلحظة بالنسبة لمتعاكنيات الفبلحية ذات األىمية القصكل في‬
‫تأىيؿ القطاع‪ ،‬كالسيما في إنتاج كتسكيؽ بعض المنتجات‪ ،‬التي أباف التدبير السيء‬
‫لمكزراة المعنية الحاجة األكيدة إلى دعـ التعاكنيات‪ ،‬كما ىك الشأف بالنسبة لشجرة األركاف‬
‫–مثبل‪ -‬حيث عرؼ منتكجيا نجاحا تجاريا باىرا‪ ،‬ليس عمى المستكل الكطني‪ ،‬بؿ كالدكلي‬
‫أيضا‪ ،‬كالسيما حيف بدأ استغبللو لصناعة بعض األدكية‪ ،‬فأخذ األكربييف يحجكف‬
‫بالعشرات إلى جنكب المغرب لمتعامؿ مباشرة مع التعاكنيات التي تعمؿ في مجاؿ جني‬
‫كتسكيؽ محصكالت شجرة األركاف‪ ،‬كليس مع الدكلة أك ازرة الفبلحة في إطار اتفاقية‬
‫شراكة‪ ،‬كىك كضع غني بالدالالت كالخبلصات‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫إف فرض الضريبة عمى ىذا النكع مف التعاكنيات‪ ،‬يعني معاقبتيا عمى نجاحيا‪،‬‬
‫كتكريس لمياجس المالي الذم يطبع نظرة المشرع الجبائي إلى بعض النشاطات المدرة‬
‫لمربح‪.1‬‬

‫إف إقرار معيار "النشاط المربح" الذم أقره التشريع الجبائي لفرض الضريبة عمى‬
‫القطاع التعاكني‪ ،‬يعتبر غير كاؼ‪ ،‬نظ ار لمنزاعات الفقيية كالقانكنية التي يثيرىا ىذا‬
‫المفيكـ‪ .‬فالتفسير القضائي لمنشاط المدر لمربح كذلؾ بالرغـ مف قمة األحكاـ الصادرة في‬
‫ىذا الشأف يرل أف العمؿ المؤدل عنو‪ ،‬إذا كاف شبييا باألعماؿ التي يقكـ بيا التجار فيك‬
‫غير كاؼ لتحديد الطبيعة التجارية لمعمؿ‪ ،‬بؿ البد مف الرجكع إلى القانكف األساسي‬
‫لمتعاكنية‪ ،‬كطرؽ التسيير كالمحاسبة ‪...‬الخ‪ ،‬إال أف قضاء مجمس الدكلة الفرنسي‪ ،‬بالنظر‬
‫إلى كفرة القضايا قد تكصؿ إلى استخبلص عدة معايير لتحديد طبيعة النشاط المربح مف‬
‫غيره‪.2‬‬

‫‪-‬عمى مستوى التسيير‪ :‬ىؿ في ىذا اإلطار يتـ التسيير بدكف الحصكؿ عمى‬
‫مقابؿ؟ ذلؾ أف شرط عدـ الحصكؿ عمى مقابؿ (ربح) يعد شرطا أساسيا لمتمتع باإلعفاء‬
‫الضريبي‪.‬‬

‫‪ -‬ىؿ يشكؿ نشاط الجمعية منافسة عمى المستكل التجارم مع مقاكلة ذات نشاط‬
‫بالتالي‪ -‬الجمعية‪/‬التعاكنية مف نطاؽ‬ ‫مماثؿ؟ أم أف غياب عنصر المنافسة يخرج ‪-‬‬
‫تطبيؽ الضريبة‪.‬‬

‫‪ -1‬تـ إحداث ‪ 334.000‬منصب شغؿ مف طرؼ التعاكنيات سنة ‪ ،2008‬مقابؿ ‪ 30.000‬أحددتو‬


‫المبادرة الكطنية لمتنمية البشرية‪ ،‬ج‪.‬ر المساء عدد ‪ 730‬بتاريخ ‪ ،2009/01/ 29‬ص ‪.1‬‬

‫‪ -2‬كقد صدرت صياغتيا في إطار مذكرة إدارية بتاريخ ‪ 15‬شتنبر‪.‬‬


‫‪- Grand Di Russi : fiscalité des associations 1998 Edition liaison- paris 4e édi.‬‬

‫‪79‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫‪-‬عمى مستوى المنتجات‪ :‬يتعيف أف تككف المنتجات الخاصة لجمعية أك التعاكنية‬


‫مختمفة تماما عف المنتجات التي تختص بيا المقاكالت المنافسة‪ ،‬كأف يستجيب لمكاصفات‬
‫ال تكفرىا المقاكلة‪.‬‬

‫‪ -‬عمى مستوى الزبائن‪( :‬أك الفئات المستيدفة)‬

‫ذلؾ أف النشاط الممارس يتعيف أف يتسـ بطابع اجتماعي‪ ،‬كأف تككف الخدمات‬
‫المؤدل عنيا منجزة لفائدة أشخاص في كضعية خاصة‪ ،‬أم أال يستيدؼ النشاط‬
‫الممارس نفس الجميكر الذم تكجو إليو خدمات المقاكالت‪.‬‬

‫‪-‬عمى مستوى الثمن‪ :‬يجب أف يككف الثمف رمزيا‪ ،‬أك يعادؿ ثمف الكمفة‪ ،‬كأال يككف‬
‫مماثبل بالنسبة لنفس الخدمات التي تقدميا المقاكالت ذات النشاط المماثؿ‪.‬‬

‫يتعيف التمييز بيف التكاصؿ كاإلشيار‪ ،‬فالحمبلت‬ ‫‪-‬عمى مستوى اإلشيار‪:‬‬


‫التحسيسية مقبكلة سيما إذا كانت لخدمة أىداؼ اجتماعية أك إنسانية‪ ،‬كأال تككف مماثمة‬
‫لعمميات اإلشيار التي تستعمميا المقاكالت ألجؿ جمب الزبائف‪.‬‬

‫كليذا‪ ،‬فإف استيداؼ الربح‪ ،‬أصبح مقياسا معتمدا إلقرار الخضكع لمضريبة مف‬
‫عدمو‪ .‬فقبؿ سنة ‪ ،2005‬كانت التعاكنيات تتمتع باإلعفاء بدكف تحديد سقؼ معامبلتيا‬
‫كبعد سنة ‪ ،2005‬أصبح اإلعفاء رىيف بحصر أنشطتيا في جمع المكاد األكلية مف لدف‬
‫المنخرطيف كتسكيقيا‪ ،‬شريطة أف يقؿ رقـ معامبلتيا عف مبمغ خمسة مبلييف درىـ ‪ ،1‬دكف‬
‫احتساب الضريبة عمى القيمة المضافة‪.‬‬

‫كبالرغـ مف كؿ ذلؾ‪ ،‬فقد عرضت عمى القضاء بعض القضايا التي تنازع في‬
‫مشركعية فرض الضريبة عمى بعض الجمعيات كقد كاف لمقضاء قراءة مختمفة لكجية‬
‫نظر إدارة الضرائب في المكضكع‪.‬‬

‫‪ -1‬كاف ىذا المبمغ في األصؿ ‪ 2‬مميكف درىـ‪ ،‬تـ رفعو بعد المفاكضات مع ممثمي التعاكنيات إلى‬
‫مبمغ ‪ 5‬مبلييف درىـ‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫فقد قضت إدارية مكناس في الحكـ الصادر بتاريخ ‪ ،2003/12/31‬بإلغاء الضريبة‬


‫‪ 90‬ك ‪،93‬‬ ‫عمى القيمة المضافة ككذا الضريبة المينية المتاف تـ فرضيما برسـ سنكات‬
‫بخصكص خدمات المقصؼ الذم يستغمو النادم المكناسي لمسباحة‪.‬‬

‫كقد عممت المحكمة قرارىا بككف االجتياد القضائي قد استقر عمى عدـ إخضاع‬
‫الجمعيات الرياضية لمضريبة المينية‪ ،‬كالضريبة عمى القيمة المضافة‪ ،‬عمى اعتبار أنيا‬
‫ال تيدؼ إلى تحقيؽ الربح‪.‬‬

‫‪ 4‬البند ‪ 8‬مف‬ ‫إال أف لئلدارة الضريبية كجية نظر مخالفة‪ ،‬فطبقا ألحكاـ المادة‬
‫القانكف ‪ 30-85‬كالتي تنص عمى أف "عمميات اإليكاء أك البيع أك كمييما‪ ،‬إذا كقع البيع‬
‫عمى مأككالت أك مشركبات تستيمؾ في مكاف البيع" تخضع لمضريبة عمى القيمة‬
‫المضافة‪ ،‬فيذا الصنؼ مف العمميات يعد غير معفى مف الضريبة حتى كلك قامت بيا‬
‫جمعية معترؼ ليا بصفة المنفعة العامة‪ ،‬كىك ما ال يتكفر في ىذا النادم بؿ إف الضريبة‬
‫عمى الشركات التي تنص في المادة الرابعة عمى إعفاء الجمعيات التي تستيدؼ الربح‬
‫مف الضريبة أقرت بأف اإلعفاء ال يطبؽ فيما يتعمؽ بمؤسسات البيع أك تقديـ الخدمات‬
‫المممككة لمييئات كالجمعيات اآلنفة الذكر‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ينص عمى أف "الجمعيات‬ ‫كاضافة إلى ذلؾ‪ ،‬فإف القرار المنظـ لمضريبة المينية‬
‫التي تقدـ ألعضائيا مشركبات بالمجاف أك بعكض تخضع لمضريبة المينية‪ ،‬كلمرسـ عمى‬
‫المشركبات‪."...‬‬

‫فخدمات المقيى كالمطعـ كالمقصؼ تخضع لمضريبة‪ ،‬كلك كانت الجمعية ال‬
‫‪2‬‬
‫الضريبة التي فرضت عمى جمعية‬ ‫تستيدؼ الربح‪ ،‬أما إدارية فاس‪ ،‬فقد قضت بإلغاء‬
‫النصر لمتككاندك‪ ،‬كقد عممت المحكمة قرارىا بككف الجمعية تمارس مينة التدريس لمتربية‬

‫‪ -1‬الصادر بالجريدة الرسمية تحت عدد ‪ 1349‬بتاريخ ‪.1938/09/2‬‬


‫‪ -2‬القرار الصادر بتاريخ ‪ 26‬أبريؿ ‪ ،2000‬حميد الخميفي ضد كزير المالية‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫البدنية كالفنكف الذكقية‪ ،‬كىي مينة مصنفة بالدرجة الخامسة مف الجدكؿ الممحؽ بالظيير‬
‫رقـ ‪ ،1-61-442‬المنظـ لمضريبة المينية‪ ،‬كقد أيدت الغرقة اإلدارية بالمجمس األعمى‬
‫‪ ،2002/01/17‬كقد جاء في تعميؿ المحكمة‪" .‬أنو‬ ‫ىذا القرار بحكميا الصادر في‬
‫بالرجكع إلى كثائؽ الممؼ التي ال نزاع فييا‪ ،‬كعمى الخصكص الشيادتيف المسممتيف مف‬
‫طرؼ ك ازرة الشبيبة كالرياضة‪ ،‬كالجامعة الممكية لرياضة التككاندك‪ ،‬يتبيف أف "جمعية‬
‫النصر لمتككاندك" تمارس نشاطا بدكف مقابؿ‪ ،‬كبدكف أم ىدؼ لمربح‪ ،‬كما أنيا تابعة‬
‫لمجامعة المذككرة‪ ،‬كتشارؾ في جميع التظاىرات الكطنية كالجيكية"‪.‬‬

‫تعيب اإلدارة الضريبية عمى المحكمة عدـ بذليا أم مجيكد لتعريؼ "استيداؼ‬
‫الربح"‪ ،‬كما فعؿ القضاء الفرنسي بؿ اكتفت بقراءة الكثائؽ المدلى بيا مف طرؼ الجمعية‬
‫(القانكف األساسي‪ ،‬الرخص‪...‬الخ) كالتي تعتبرىا اإلدارة غير كافية الستبعاد الربح بؿ‬
‫تعتبر القضاء قد تجاىؿ ككف الضريبة المينية (الباتنتا)‪ ،‬ىي ضريبة معاينة‪ ،‬أم ترتكز‬
‫عمى مبلحظة الكقائع في عيف المكاف‪.‬‬

‫كتعتقد اإلدارة أف المبس الذم كقعت فيو المحكمة يتجمى في عدـ استيعاب مضمكف‬
‫الفصؿ األكؿ مف الظيير الشريؼ المنظـ لمضريبة المينية ‪ .1‬فيذا الفصؿ ينص عمى أنو‪:‬‬
‫"يخضع لضريبة المينة (الباتنتا)‪ ،‬كؿ شخص أك شركة مف جنسية مغربية أك أجنبية‬
‫تزاكؿ مينة أك صناعة أك تجارة غير داخمة في المستثنيات المحددة بمقتضى ظيير‬
‫شريؼ"‪.‬‬

‫إف عدـ إخضاع الجمعيات كالتعاكنيات بنص صريح كدقيؽ‪ ،‬كاف ‪-‬كال يزاؿ‪ -‬كراء‬
‫العديد مف "حركب" التأكيبلت‪ ،‬كالتأكيبلت المضادة كالتي يبدك أنيا ستستمر طكيبل بيف‬
‫القضاء كاإلدارة الضريبية‪ .‬كسيساىـ التراكـ الذم سينتج عف ذلؾ في إغناء الفقو‬

‫‪ -1‬الظيير الشريؼ رقـ ‪ 1-04-442‬الصادر في ‪ 30‬دجنبر ‪.1961‬‬

‫‪82‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫الضريبي‪ ،‬كىك إغناء مف شأنو التخفيؼ مف حدة النزاعات القائمة بيف اإلدارة كالممزميف‬
‫مف جية‪ ،‬كبيف اإلدارة كالقضاء مف جية أخرل‪.‬‬

‫ىذه بعض النماذج مف القضايا الضريبية التي أثير نزاع قضائي حكليا‪ ،‬كىي‬
‫قضايا ذات خمفية قانكنية‪ ،‬يتمحكر النقاش الدائر بشأنيا حكؿ قصد المشرع انطبلقا مف‬
‫النص الحرفي لمكاد القانكف‪ ،‬ككذا في محاكلة الستقراء مضمكف كركح التشريع مما بات‬
‫معو ضركريا تكضيح مجمكعة مف المساطر الضريبية باعتبارىا قكاعد كشكميات تجسد‬
‫القانكف الجبائي‪ ،‬كالتي بكاسطتيا يتـ تحقيؽ االلتزاـ الضريبي الذم يستمد مشركعيتو مف‬
‫مضمكف الدستكر الذم يتحمؿ بمكجبو الجميع مساىمتيـ في األعباء العامة ‪.1‬‬

‫‪ -1‬كذلؾ ألحكاـ الفصؿ ‪ 17‬مف دستكر ‪ 13‬شتنبر ‪.1996‬‬

‫‪83‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫خاذًح انقسى األول‪:‬‬


‫بالرغـ مف تعدد اإلصبلحات الجبائية‪ ،‬فقد احتفظ النظاـ الجبائي المغربي بنفس‬
‫اليياكؿ كالبنيات‪ 1/3 ( ،‬الضرائب المباشرة مقابؿ ‪ 2/3‬غير المباشرة)‪ ،‬إف االحتفاظ بيذه‬
‫البنية يدؿ عمى غياب اإلرادة في إنجاز إصبلح حقيقي‪ ،‬ذلؾ أف التنمية ترتبط – في احد‬
‫أكجييا‪ -‬ببنية ضريبية معينة‪ ،‬تمثؿ فييا نسبة الضرائب المباشرة حصة أكبر مف‬
‫الضرائب غير المباشرة‪ ،‬كما ىك الشاف في بعض الدكؿ الصناعية الكبرل‪.‬‬

‫إف اختبلؿ التكازف ضمف بنية النظاـ الضريبي المغربي‪ ،‬يجعؿ الخاضعيف لمضرائب‬
‫غير المباشرة يتحممكف العبء األكبر لمجبائية‪ ،‬مما يقكم عناصر المقاكمة‪ ،‬كالنفكر مف‬
‫الضريبة‪ ،‬كيثير لدل الممزميف عدة أسئمة مشركعة‪.‬‬

‫كلعؿ أىـ ما يعترض السمطة الجبائية ىك التساؤؿ عف مدل مشركعيتيا‪ .‬إف عبلقة‬
‫الفرد بالدكلة تجد نفسيا في ىذا المجاؿ – كاف بشكؿ مغاير‪ -‬تتخذ عبلقة الممزـ باإلدارة‬
‫الضريبية كمكاطف أيضا‪ ،‬إنيا عبلقة تميزت عبر الزمف بالكثير مف المد كالجزر‪ ،‬كبكثير‬
‫مف الحركات االحتجاجية‪ ،‬فقد أخذت بعض األصكات تتعالى مطالبة بإلغاء اإلعفاءات‬
‫كاإلمتيازات الضريبية التي تتمتع بيا بعض القطاعات االقتصادية‪ ،‬أك بعض جيات‬
‫المممكة‪ .1‬لما تنطكم عميو ‪ -‬ىذه اإلمتيازات‪ -‬مف حيؼ مف جية‪ ،‬كمف محاباة لبعض‬
‫المكبيات ذات التأثير القكم في دكائر صنع القرار مف جية أخرل‪.‬‬

‫صحيح أف البرلماف بغرفتيو ىك الجياز "الكحيد" ‪ -‬عمى األقؿ مف الناحية الشكمية‪-‬‬


‫المكمؼ بتيييء القكانيف الضريبية‪ ،‬إال أف الكاقع العممي يفتح الباب عمى مصراعية أماـ‬

‫‪ -1‬تـ إلغاء االمتياز الضريبي التي كانت تتمتع بو مدينة طنجة سابقا‪ ،‬كذلؾ برسـ قانكف المالية لػ‬
‫‪ ،2008‬كقد لقي ىذا القرار معارضة قكية‪ .‬كما أف النفقات الجبائية ما فتأت تزداد سنة بعد أخرل‬
‫‪ ،‬حيث بمغت سنة ‪ 23.06 ، 2007‬مميار درىـ‪ ،‬بعد أف كانت سنة ‪ 21.6 . 2006‬مميار درىـ‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫العديد مف المتدخميف (الحككمة‪ ،‬اإلدارة‪ ،‬المكبيات‪...‬الخ) مما يؤثر عمى صناعة القرار‬
‫الضريبي‪ ،‬الشيء الذم يجعؿ مسألة االستقبلؿ كالخصكصية – التي أثيرت آنفا‪ -‬مسألة‬
‫نسبية‪ .‬كما يؤكد أف صناعة القرار الضريبي كغيره مف الق اررات تتداخؿ في صياغتو‬
‫عكامؿ كثيرة‪ ،‬ليس مف الضركرم أف تربط بينيا مصمحة كاحدة‪.‬‬

‫كييدك بأف تكتؿ المكبيات كأصحاب المصالح ضد الضريبة أصبح إحدل سمات‬
‫المجتمعات المعاصرة‪ ،‬كىكذا تصبح العممية الضريبية في قمب الصراع السياسي‪ ،‬الشيء‬
‫الذم أدل إلى تعدد مراكز القرار المختمفة كالتي تتخذ مف العممية الضريبية محكر‬
‫نشاطاتيا‪.‬‬

‫إال أف اإلشكاؿ الياـ يظؿ ىك ضركرة استمرار الدكلة باالنفراد بصناعة القرار‬
‫الضريبي مع ضركرة الحصكؿ عمى مكافقة الجميع‪ ،‬كاالمتثاؿ لو‪ .‬كىي ميمة ليست‬
‫باليسيرة‪ .‬ذلؾ أف مراعاة مصالح الخزينة‪ ،‬كانت تتطمب التضحية بمصالح األطراؼ التي‬
‫تتحمؿ كحدىا عبء تمكيؿ النفقات العمكمية‪.‬‬

‫إف االىتماـ بالحصيمة المالية‪ ،‬كاف عمى حساب اعتماد النظاـ الجبائي كاداة‬
‫لمتنمية‪ ،‬كمحاربة الفكارؽ االجتماعية‪ ،‬كلعؿ أىـ االنتقادات التي كجيت إلى ىذا النظاـ قد‬
‫تركزت عمى ىذا الجانب بالذات‪.‬‬

‫إف حياد الضريبة أصبح شعا ار بغير مدلكؿ‪ .‬ذلؾ أف استعراض حصيمة اإلصبلحات‬
‫الضريبية المتعاقبة يبيف فشؿ الضريبة في الحد مف المضاربات العقارية‪ ،‬كضبط القطاع‬
‫غير المييكؿ‪ ،‬كما فشمت – أيضا‪ -‬في العمؿ عمى إعادة تكزيع الدخكؿ التي تعاني مف‬
‫تفاكتات صارخة‪ ،‬ككذا في التخفيؼ مف العبء الجبائي‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫إف العدالة كمفيكـ مطمؽ صعبة التحقيؽ‪ .‬إال أف ىذا ليس مبر ار إلقرار حيؼ صارخ‬
‫كالتمادم فيو؛ ذلؾ الرتباط مفيكـ العدالة بخصائص النظاـ الجبائي برمتو‪ ،‬كليس بأحد‬
‫مقتضياتو فقط‪.‬‬

‫لذا‪ ،‬فقد أصبح لزاما تغيير بنية النظاـ الجبائي المغربي ككؿ‪ ،‬كليس مجرد إصبلحو‬
‫مجددا‪ .‬كلعؿ ىذه ىي إحدل المياـ التي يسعى إلى تحقيقيا مفيكـ الحكامة الجبائية‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫انقسى انثاَي‬
‫ذذتير انُظاو انجثائي‬

‫‪87‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫يعذ التذبيز المبلي‬ ‫«‬


‫وليذ البيئت التي تزعزع‬

‫فيهب‪ ،‬ويتفبعل معهب بصفته‬

‫صيزورة تبريخيت قببلت‬

‫للتطىر والتأثز واالحتىاء‪.‬‬

‫لذا‪ ،‬تلعب البيئت‬

‫المؤسسبتيت فلسفتهب‬

‫وأهذافهب‪ ،‬كمب تعتبز‬

‫المببدئ العبمت التي تسه‬

‫اليىم الحكبمت الجيذة‪،‬‬

‫الضمبوت الجىهزيت التي يمكه‬

‫‪.‬‬ ‫فعبليته »‬ ‫أن تؤمه‬

‫‪88‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫محمد حركات‪.‬‬
‫أسرار تجايؼح يحًذ انخايس‪ ،‬انرتاط‪-‬سويسي‪.‬‬
‫"كيفح ذسرطيغ انحكايح انًانيح انجيذج‬
‫إتطال يفؼول انفساد؟"‬
‫منشورات المجلة المغربية للتدقيق والتنمية‬
‫سلسلة التدبير االستراتيجي‬
‫عدد ‪2005/6‬‬

‫انقسى انثاَي‪:‬‬
‫ذذتير انُظاو انجثائي‬

‫سبقت اإلشارة إلى الفصؿ الخامس مف الدستكر‪ ،‬كلعبارة "القانكف" الكاردة فيو مدلكؿ‬
‫كاسع كشامؿ‪ ،‬باعتباره أسمى تعبير عف إرادة األمة‪ ،‬لذلؾ فإف الفصؿ الرابع مف الدستكر‬
‫ينص عمى ضركرة امتثاؿ الجميع لو كبدكف استثناء‪.‬‬

‫إال أف لمقانكف الضريبي خصكصياتو (كالتي أثيرت سابقا)‪ ،‬خصكصيات تؤسس‬


‫لعبلقات غير متكافئة بيف الممزـ كاإلدارة الضريبية‪ .‬كقد اعتبر بعض الباحثيف أف فرض‬
‫الضرائب عمؿ مف أعماؿ السيادة ‪ ،1‬أم أف الدكلة تنفرد بكضع القكاعد المنظمة لمضريبة‬
‫(مف تحديد لمكعاء‪ ،‬كطرؽ لبلستخبلص‪ ،‬كقكاعد المنازعة‪...‬الخ)‪ ،‬إال أف ىذه السمطة‬
‫ترتكز في الكقت الحاضر عمى ضركرة تدبير المرافؽ العمكمية‪ ،‬سيما بعد التطكر النكعي‬
‫الحاصؿ في حجـ كطبيعة النفقات العمكمية‪ ،‬كبالتالي تحكؿ دكر الضريبة مف أداة لتعبئة‬

‫‪ -1‬السيد عبد المولى‪" :‬التشريع الضريبي المغربي" مكتبة الطالب ‪( .1979‬مرجع سابؽ)‬

‫‪89‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫المكارد‪ ،‬إلى كسيمة لمتأثير في التكجيات الكبرل لبلقتصاد الكطني‪ .‬كاستنادا إلى فكرة‬
‫التضامف اإلجتماعي‪ ،‬يتـ فرض الضريبة عمى كافة المكاطنيف بدكف استثناء‪ ،‬انطبلقا مف‬
‫قدرتيـ التمكيمية‪ ،‬كذلؾ بغض النظر عف النفع المباشر الذم يعكد عمييـ مف خدمات‬
‫المرافؽ العمكمية‪.‬‬

‫إف القانكف الضريبي بيذه الصفة ىك "التطبيؽ العممي لمصادرة األمكاؿ نظمو‬
‫التشريع الضريبي ككسيمة لتكزيع األعباء بيف األفراد" ‪ .1‬إال أف ىذا ال يعني بأف الممزـ ال‬
‫يتكفر عمى حقكؽ كضمانات أساسية أقرىا المشرع في مكاجية تعسؼ اإلدارة كتجاكزاتيا‪.‬‬

‫كبالرغـ مف ذلؾ‪ ،‬فإف بعض فئات الممزميف يجدكف أنفسيـ "مضطريف" لتحمؿ عبء‬
‫ضريبي أكبر مف فئات أخرل‪ ،‬الشيء الذم يطرح سؤاال عف الخمفيات المتحكمة في‬
‫عممية تكزيع العبء الحبائي بيف مختمؼ شرائح الممزميف؟‬

‫فيؿ تخضع ىذه المسألة الستراتيػجػية محددة ؟ أـ ىي انعكاس مكضكعي لممكاقع‬


‫االقتصادية كاإلجتماعية التي تحتميا كؿ فئة مف الممزميف عمى حدة؟‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- J.M. cottret et l. trotabao : « droit fiscal », Dalloz 1992.‬‬

‫‪90‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫انًثحث األول‪:‬‬
‫انضغظ انجثائي‪ ،‬وإشكانيح انؼذانح انضريثيح‬

‫تمثؿ الضريبة أداة فعالة لتحقيؽ التكازف االقتصادم‪ ،‬كالتأثير عمى حجـ اإلدخار‬
‫كاالستثمار‪ ،‬إال أف ىذا الدكر ال يتعمؽ بتحقيؽ التكازنات الحسابية فقط‪ ،‬بؿ يتعداه إلى‬
‫تحقيؽ االنسجاـ بيف مختمؼ القطاعات االقتصادية‪ ،‬أم التأثير عمى التنمية‪ ،‬كذلؾ كفؽ‬
‫التكجيات الكبرل لمسياسة العامة لمدكلة‪.‬‬

‫إف حجـ االقتطاعات الضريبية اإلجمالية (أم الضغط الضريبي)‪ ،‬ليا ارتباط مباشر‬
‫بحجـ مختمؼ التعامبلت التي تميز االقتصاد الكطني‪ ،‬ككذا تأثيرىا عمى مختمؼ شرائح‬
‫الممزميف‪ .‬لذلؾ‪ ،‬فإنو لفيـ أسباب الضغط الجبائي‪ ،‬يتعيف فيـ بنية االقتصاد الكطني‪،‬‬
‫كطبيعة النظاـ المالي‪.‬‬

‫انفقرج األونى‪ :‬يظاهر انضغظ انضريثي‬


‫يمكف تعريؼ الضغط الجبائي بشكؿ مبسط‪ ،‬بككنو نسبة االقتطاع الجبائي عمى‬
‫الناتج الداخمي الخاـ‪ ،‬كىك ما ينتج عنو ما يمكف االصطبلح عمى تسميتو بػ "الضغط‬
‫الجبائي الكطني"‪ ،‬لتمييزه عف "الضغط الجبائي الفردم" كالمتمثؿ أساسا في نسبة االقتطاع‬
‫الضريبي الذم يخضع لو الممزـ إلى دخمو اإلجمالي السنكم (أم مقدرتو التمكيمية)‪.‬‬

‫كتمثؿ نسبة الضغط الضريبي الكطني حكالي ‪ %23‬مف الناتج الداخمي الخاـ‪ .‬في‬
‫حيف يتجاكز معدؿ الضغط الجبائي الفردم نسبة ‪ ،%50‬كىك مف أعمى المعدالت عمى‬
‫اإلطبلؽ‪ .1‬بالرغـ مف تكاضع مستكل النشاطات االقتصادية بالمقارنة مع الدكؿ‬

‫‪ -1‬المغرب ىك البمد الذم تتزايد فيو المقدرة الجبائية بمتكالية حسابية‪ ،‬كتتزايد فيو النفقات العمكمية‬
‫بمتكالية ىندسية‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫الصناعية‪ ،‬ذات المعدالت االقتصادية المتطكرة‪ ،‬كىي مفارقة كال شؾ‪ ،‬ذلؾ أف المبلحظ –‬
‫كقاعدة عامة‪ -‬ارتفاع الضغط الضريبي في البمداف الصناعية المتقدمة‪ ،‬كانخفاضو في‬
‫الدكؿ النامية‪ ،‬إال أف المغرب يشذ عف ىذه القاعدة‪ ،‬حيث تتساكل نسبة الضغط الضريبي‬
‫الكطني مع نظيره في العديد مف الدكؿ المتقدمة – بؿ يتجاكزه بكثير‪ -‬في بعض األحياف‪،‬‬
‫فما ىك مرد ذلؾ؟؟‬
‫جدول يتضمن مقارنة عمى مستوى الضغط الجبائي‬

‫نسبة الضغـط‬ ‫الدول النامية‬ ‫نسبة الضغط الجبائي‬ ‫الدول المتقدمة‬


‫‪25,8‬‬ ‫تونس‬ ‫‪46,6‬‬ ‫بمجيكا‬

‫‪19,8‬‬ ‫األردن‬ ‫‪45,7‬‬ ‫فرنسا‬


‫‪19,0‬‬ ‫الشيمي‬ ‫‪33,7‬‬ ‫إسبانيا‬

‫‪21,0‬‬ ‫تركيا‬ ‫‪27,9‬‬ ‫الواليات المتحدة‬


‫‪12,9‬‬ ‫األرجنتين‬
‫جدول يبين مستوى الضغط الجبائي بالمغرب مقارنة مع الدخل الوطني الخام‬

‫‪2001-96‬‬ ‫‪95-90‬‬ ‫‪89-80‬‬ ‫نوع الضريبة‬


‫‪7,0‬‬ ‫‪6,0‬‬ ‫‪4,7‬‬ ‫الضرائب المباشرة‬
‫‪3,6‬‬ ‫‪4,7‬‬ ‫‪4,1‬‬ ‫الرسوم الجمركية‬
‫‪10,2‬‬ ‫‪8,8‬‬ ‫‪7,5‬‬ ‫الضرائب غير المباشرة‬
‫‪1,3‬‬ ‫‪2,6‬‬ ‫‪3,1‬‬ ‫مداخيل استثنائية‬
‫‪22,1‬‬ ‫‪22,1‬‬ ‫‪19,4‬‬ ‫المداخيل الجنائية اإلجمالية‬

‫‪ ‬أسباب ارتفاع الضغط الضريبي‪:‬‬

‫الرتفاع الضغط الضريبي عبلقة أكيدة مع تزايد نسبة النفقات العمكمية ضمف بنية‬
‫الميزانية العامة لمدكلة‪ ،‬كما دامت الضرائب تعد أىـ كسيمة لتمكيؿ الخزينة‪ ،‬فإف ارتفاع‬

‫‪92‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫– كحده‪ -‬ىذه الظاىرة‪ ،‬فيناؾ‬ ‫الضغط الضريبي يبدك أم ار حتميا‪ ،‬إال أف ىذا ال يفسر‬
‫عدة أسباب‪ ،‬منيا عمى الخصكص‪:‬‬

‫‪ ‬اإلزدواجية عمى المستوى االقتصادي‪:‬‬

‫يتعايش داخؿ االقتصاد الكطني قطاعاف‪ ،‬كاحد تقميدم كالثاني عصرم‪ .‬مع اىتماـ‬
‫الدكلة – طبعا‪ -‬بالقطاع العصرم‪ ،‬كاىماليا لمقطاع التقميدم الذم اخذ يتبلشى بسبب‬
‫التنافس غير المتكافئ‪ ،‬كعدـ قدرتو عمى مكاكبة التطكرات التي تعرفيا السكؽ الحديثة‪.‬‬
‫سيما كأف المغرب قرر االنفتاح عمى األسكاؽ العالمية‪ .‬إف ىذا االختبلؿ يعتبر عائقا أماـ‬
‫التنمية‪ ،‬خصكصا عمى الصعيد الفبلحي‪ ،‬ففي الكقت الذم تقؿ فيو التساقطات المطرية‪،‬‬
‫فإف نسبة النمك تتراجع كبالتالي يككف المجيكد الجبائي بالعالـ القركم جد ضعيؼ‪ ،‬كبدؿ‬
‫كضع استراتيجية لمنيكض بالقطاع الفبلحي باعتباره قطاعا حيكيا‪ ،‬فقد تـ االستغناء عف‬
‫المردكدية الضريبية ليذا القطاع تمييدا إلعفائو تماما‪ ،‬كبالتالي العمؿ عمى نقؿ العبء‬
‫الجبائي مف القرية إلى المدينة‪ ،‬التي تئف تحت كطأة ضغط ضريبي ال يحتمؿ‪.‬‬

‫‪ ‬تعدد اإلعفاءات الضريبية‪:‬‬

‫ككنتيجة لمعامؿ األكؿ‪ ،‬ىناؾ تكجو يقضي بإقرار عدة إعفاءات ضريبية ذات أىداؼ‬
‫سياسية‪ ،‬فإعفاء القطاع الفبلحي لـ يكف بسبب ضعؼ إنتاجيتو‪ ،‬بؿ بسبب قكة المكبي‬
‫الذم يمثمو‪ ،‬كالذم استطاع إجياض مشركعي ‪ 1970‬ك ‪ 1977‬المذاف تبنيا نظاما أكثر‬
‫تعقيدا الحتساب الضريبة‪ ،‬كجدكال تصاعديا أكثر حدة‪ .‬كقد تكج "نضاؿ" ىذا المكبي‬
‫بالحصكؿ عمى إعفاء ضريبي‪ .‬صحيح أف حصيمة الضريبة الفبلحية كانت ضئيمة‪ ،‬حيث‬
‫كادت تتساكل مع نفقات ‪ 1‬استخبلصيا‪ ،‬بؿ كانت مكافأة لمبرجكازية العقارية التي شكمت‬

‫‪ -1‬بمغت حصيمة الضريبة الفبلحية‪ 60 :‬مميكف درىـ سنة ‪.1983‬‬

‫‪93‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫دعما أساسيا لمكاجية المد الحضرم‪ ،‬كخزانا لبناء مشركعية الناظـ السياسي‪ ،‬كذلؾ غداة‬
‫حصكؿ المغرب عمى االستقبلؿ‪.1‬‬

‫‪ ‬إقرار تخفيضات وخصوم ضريبية‪:‬‬

‫كذلؾ تنفيذا لتكصيات صندكؽ النقد الدكلي الذم طالب بتخكيؿ القطاع الخاص‬
‫امتيازات ضريبية بيدؼ تشجيعو عمى اإلسياـ في التنمية‪ .‬كقد تـ سف سياسة ضريبية‬
‫لخدمة ىذا التكجو تميزت بإقرار قكانيف خاصة لبلستثمارات كانت عبارة عف تخفيضات‬
‫كاسقاطات ضريبية‪ ،‬كالسيما لفائدة قطاع االستثمار العقارم‪ ،‬الذم بالرغـ مف مراكمتو‬
‫ثركات ضخمة‪ ،‬فإف شرائح مف المجتمع كانت تتحمؿ العبء الجبائي بدال منو‪ ،‬مما أدل‬
‫إلى اختبلالت كاضحة في تكزيع العبء الضريبي‪.‬‬

‫‪ ‬التيرب الضريبي‪:2‬‬

‫إف طغياف ىاجس التكازنات المالية لدل السمطات المالية‪ ،‬أدل إلى غياب‬
‫استراتيجية كاضحة لتكزيع العبء الجبائي بشكؿ عادؿ‪ .‬فعمى مستكل الضريبة العامة‬
‫عمى الدخؿ – مثبل‪ -‬نجد أف األجكر كالمرتبات كالدخكؿ المعتبرة في حكميا تساىـ بما‬
‫يناىز ‪ %90‬مف حصيمة ىذه الضريبة‪ ،‬في حيف ال تساىـ الدخكؿ المتأتية مف الميف‬
‫سكل بنسبة ‪ %10‬المتبقية‪.‬‬

‫ذلؾ أف اعتماد تقنية تقديـ اإلقرار الضريبي مف طرؼ الممزـ‪ ،‬كاعتباره كثيقة تعكس‬
‫القدرة التمكيمية الحقيقية – إال أف يتبث العكس‪ -‬قد فتح الباب كاسعا أماـ ممارسة مختمؼ‬
‫أشكاؿ الغش كالتممص الضريبييف‪ ،‬سكاء عف طريؽ اإلدالء بمعمكمات غير صحيحة أك‬

‫‪" -1‬الفبلح المغربي مدافعا عف العرش"‪ :‬ريمي لكفك‬


‫‪ -2‬سكؼ نتعرض لمكضكع التيرب الضريبي الحقا‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫افتعاؿ اإلعسار لمتيرب مف أداء الضريبة ‪ ،1‬الشيء الذم نتج عنو تحمؿ الفئات غير‬
‫القادرة عف ممارسة التيرب الضريبي لمزيد مف العبء‪ ،‬مما يقكم إحساسيا بالغبف‬
‫كالحيؼ‪.‬‬

‫‪ ‬تزايد النفقات العمومية‪:‬‬

‫تعتبر ظاىرة تزايد النفقات العمكمية إحدل السمات التي تميز المالية العمكمية‬
‫بالمغرب‪ ،‬كذلؾ لمكاجية أعباء الدكلة المتزايدة باستمرار‪ ،‬كعمى سبيؿ المثاؿ ارتفعت كتمة‬
‫األجكر مف ‪ 48‬مميار درىـ سنة ‪ 2002‬إلى أزيد مف ‪ 60‬مميار درىـ سنة ‪ .22006‬كما‬
‫‪ 20‬مميار درىـ سنة ‪ 2002‬إلى أكثر مف ‪40‬‬ ‫ارتفعت نفقات المعدات كالخدمات مف‬
‫مميار درىـ سنة ‪ ،2002‬ىذا في الكقت الذم لـ ترتفع فيو الضرائب المباشرة إال بنسبة‬
‫‪ ،%18‬كالضرائب غير المباشرة بنسبة ‪.% 8‬‬

‫كىكذا‪ ،‬أدل تزايد النفقات العمكمية‪ ،‬كتراجع حصيمة بعض الضرائب بسبب التيرب‬
‫الضريبي‪ ،‬إلى تكريس قكة الضغط الضريبي عمى أصناؼ معينة مف الدخكؿ‪.‬‬

‫– في نياية األمر‪ -‬استراتيجية‬ ‫إف ارتفاع الضغط الضريبي بالمغرب ال يخدـ‬


‫التكازنات المالية‪ ،‬ذلؾ أنو يؤدم إلى نتائج عكسية‪ ،‬حيث لكحظ تراجع المردكدية اإلجمالية‬
‫لبعض الضرائب‪ ،‬فالضغط الجبائي يقتؿ الضريبة كما يقاؿ‪.‬‬

‫– مثبل‪ -‬مف ‪ 18,2‬مميار درىـ سنة ‪ 2005‬إلى‬ ‫‪ -1‬فقد تراجعت مداخيؿ الضريبة عمى الشركات‬
‫‪ 12,2‬مميار درىـ فقط سنة ‪.2006‬‬
‫‪ -2‬بالرغـ مف إنجاز مبادرة المغادرة الطكعية‪ ،‬فإف الحجـ اإلجمالي ليذه األجكر لـ يعرؼ أم تغيير‬
‫مممكس‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫كتطرح النسبة العالية لمضغط الضريبي الكطني تساؤال حكؿ كجكد حد أقصى‬
‫لمضغط الضريبي‪ ،‬كالتي ينبغي لمدكلة عدـ تجاكزىا‪ ،‬ككذا حكؿ إمكانية تحديد المعدؿ‬
‫األمثؿ لبلقتطاع الضريبي‪.1‬‬

‫كىؿ تكجد معايير تسمح لنا بالحكـ عمى صبلحيات كنجاعة معدالت الضغط‬
‫الجبائي كمؤشرات لطرؽ تدبير الضريبة؟؟‬

‫انفقرج انثاَيح‪ :‬انضغظ انجثائي‪ :‬خيار سياسي‬


‫‪ 1984‬ييدؼ تحقيؽ جممة مف المبادئ‬ ‫كاف اإلصبلح الضريبي الشامؿ لسنة‬
‫كاألىداؼ تتمثؿ – إجماال‪ -‬في‪ :‬البساطة كالكضكح كالحياد كالعدالة‪ .‬كبعد مركر أزيد مف‬
‫عقديف مف التطبيؽ الفعمي لمضمكف ىذا اإلصبلح‪ ،‬الزالت أصكات المعارضيف تطالب‬
‫بتطبيؽ نفس األىداؼ‪ ،‬كتتمثؿ أىـ ىذه المطالب في العمؿ عمى تخفيض العبء‬
‫الجبائي‪ ،‬صحيح أف التخفيض ليس عممية تقنية محضة‪ ،‬بؿ نتيجة تصكر شامؿ‬
‫لممنظكمة الجبائية‪ ،‬كبالرغـ مف إصرار الخطاب السياسي الرسمي عمى تحقيؽ أعمى‬
‫معدالت التنمية‪ ،‬كالتحفيز عمى االستثمار‪ ،‬كانجاز اإلقبلع االقتصادم المنشكد‪ ،‬فإف تبني‬
‫أحد أعمى معدالت الضغط الضريبي في العالـ يعد تناقضا صارخا مع تصريح النكايا‬
‫الحسنة مف جية‪ ،‬كنسفا لكؿ الجيكد المبذكلة لتحقيؽ التنمية االقتصادية الشاممة مف جية‬
‫أخرل‪.‬‬

‫فحسب مذكرة صادرة عف البنؾ الدكلي‪ ،‬فإف ىناؾ عدة عراقيؿ تعيؽ النيضة‬
‫االقتصادية بالمغرب كىي‪ :‬المنظكمة الجبائية‪ ،‬السياسة الجبائية الجمركية‪ ،‬عدـ مركنة‬
‫سكؽ الشغؿ‪ ،‬منظكمة الصرؼ‪ ،‬ثـ أخي ار الضغط الجبائي ‪.2‬‬

‫‪ -1‬كىك ما يسمى منحنى الفر (اقتصادم أمريكي) يكضح أف الضغط الجبائي يؤثر سمبا عمى‬
‫المردكدية المالية لمضرائب‪.‬‬
‫‪ -2‬أضاؼ األستاذ محمد حركات الضغط الجبائي‪ ،‬في معرض تعميقو عمى مذكرة البنؾ الدكلي‪،‬‬
‫المجمة المغربية لمتدقيؽ كالتنمية عدد ‪.)2007( 24‬‬

‫‪96‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫إف مسألة الضغط الجبائي بالمغرب‪ ،‬مسألة مرتبطة بتطبيؽ الحكامة الشاممة‪ ،‬كال‬

‫ينبغي اختزاليا في بعد إدارم‪/‬تقني‪ ،‬إنما ترتبط بمدل كضكح المشركع برمتو‪ .‬كلعؿ ىذا‬

‫الكضكح ىك الذم ينقص صانعي القرار الجبائي بالمغرب‪ ،‬ذلؾ أف ارتفاع أك انخفاض‬

‫– في حد ذاتو‪ -‬عف نقص أك عدـ ثقؿ الضغط‬ ‫نسبة االقتطاع الضريبي‪ ،‬ال يعبر‬

‫الضريبي في مجتمع معيف‪ ،‬فعمى الرغـ مف الزيادة الكبيرة في حجـ االقتطاع الضريبي‬

‫في الكاليات المتحدة األمريكية – مثبل‪ -‬فإنو ال يشكؿ عبئا ثقيبل بالنسبة لممكمفيف الذيف‬

‫يرتفع مستكل دخميـ ارتفاعا كبي ار إلى الحد الذم ال يتأثر بنسبة االقتطاع الضريبي‪ ،‬كالذم‬

‫ال تككف لو أية انعكاسات ال عمى مستكل عيشيـ أك مقدرتيـ عمى االنتاج كاالدخار‪.‬‬

‫كباستعراض تاريخ "الضغط الجبائي بالمغرب"‪ ،‬أك دراسة المنحى التصاعدم‬

‫لمضغط‪ ،‬يبلحظ بأنو لـ يكف يتجاكز ‪ % 10‬غداة حصكؿ المغرب عمى االستقبلؿ‪ ،‬كذلؾ‬

‫بالرغـ مف الزيادة الميمة في النفقات العمكمية التي كانت تتطمبيا المرحمة‪ ،‬فقد فضمت‬

‫الحككمة ضغط النفقات العمكمية بدال مف الزيادة في الضغط الجبائي‪ ،‬كقد عالجت‬

‫السمطات العمكمية األزمة االقتصادية التي عرفيا المغرب بالزيادة في معدالت الضرائب‪،‬‬

‫‪%16‬‬ ‫الشيء الذم انعكس عمى نسبة الضغط الجبائي الذم أخذ يتزايد سنة بعد أخرل‪:‬‬

‫سنة ‪% 18,2 ،1972‬سنة ‪ % 19,71 ،1974‬سنة ‪ % 19,7 ،1976‬سنة ‪،1977‬‬

‫‪ % 19,8‬سنة ‪ % 21,1 ،1979‬سنة ‪ % 19,3 ،1992‬سنة ‪ ،1995‬ثـ ‪ % 23‬سنة‬

‫‪.2006‬‬

‫كالجدير بالذكر أف فترة السبعينات قد عرفت عدة أزمات سياسية كاضطرابات‬

‫اجتماعية مما انعكس عمى الكضع المالي لمببلد‪ ،‬حيث كاف يتـ المجكء إلى الزيادة في‬

‫حصيمة الضرائب كخيار سياسي‪ ،‬في محاكلة إليجاد حؿ لؤلزمة االقتصادية بشكؿ غير‬

‫‪97‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫متكافئ بيف الناتج الداخمي الخاـ‪ ،‬كنسبة الحصيمة اإلجمالية لمضرائب‪ ،‬فخبلؿ المخطط‬

‫الثبلثي ‪ ،1980-1978‬ازدادت اإليرادات العامة بنسبة ‪ % 20‬سنكيا‪ ،‬في حيف لـ يزدد‬

‫الناتج الداخمي الخاـ إال بنسبة ‪ %1 3‬فقط‪.‬‬

‫إال أنو مع ذلؾ يظؿ مفيكـ الضغط الجبائي نسبيا‪ ،‬كمتأث ار – إلى حد بعيد‪ -‬بعكامؿ‬
‫عدة‪:‬‬

‫فالدخؿ الكطني اإلجمالي‪ ،‬مصطمح فضفاض‪ ،‬كغير دقيؽ‪ ،‬يصعب تحديده‪ ،‬كيمكف‬
‫‪2‬‬
‫اعتماد – بدال منو‪ -‬معدؿ الدخؿ الفردم السنكم ‪ -‬حسب اقتراح بعض الكتاب‪-‬‬
‫كمؤشر ذك فعالية‪.‬‬

‫كما أف لمضغط الضريبي تأثير نفسي أكثر منو مادم‪ ،‬ككذا مستكل تطكر‬
‫االقتصاد‪ ،‬كمستكل معيشة السكاف‪ .‬إف ضعؼ القدرة الشرائية لعمكـ المكاطنيف يجعؿ‬
‫اإلحساس بالعبء الجبائي كبيرا‪ ،‬كبالتالي يككف التعامؿ مع الضريبة باعتبارىا عامبل مف‬
‫عكامؿ تدىكر المعيشة‪ .‬مما يؤكد بأف حدكد االقتطاعات الضريبية ليست دائما حدكدا‬
‫كاقعية‪ ،‬بؿ ىي حدكد نفسية‪ ،‬إال أف ىذا ال يعني بأف تككف االقتطاعات عشكائية‪ ،‬إذ‬
‫يتعيف أف تككف ليا أىدافا معينة‪ .‬فالتقنيات الضريبية األكثر تطك ار تصبح غير ذات‬
‫جدكل إذا لـ تكف في خدمة استراتيجية محددة ككاضحة‪ .‬فالقرار – كما سبؽ القكؿ‪ -‬قرار‬
‫سياسي‪ ،‬ذلؾ أف االقتطاعات الضريبية ىي الكجو اآلخر لسمطة اإلكراه التي تحتكرىا‬
‫الدكلة‪ .‬ثـ إف أم نظاـ جبائي ىك – في نياية األمر‪ -‬خبلصة صراعات تميزت بالحدة‪،‬‬
‫كبالعنؼ أحيانا‪ .‬إف نكع الضرائب كأسعارىا ككعاؤىا‪ ،‬ككذا اإلدارة التي يعيد إلييا‬
‫بتطبيقيا‪ ،‬تككف – في غالب األحياف‪ -‬نتيجة عبلقات القكة‪.‬‬

‫‪ -1‬مصطفى الكثيري‪ :‬جريدة االتحاد االشتراكي بتاريخ ‪.1985/06/14‬‬


‫‪ -2‬الدكتور محمد عبد المطيف ‪" :‬الضمانات الدستكرية في المجاؿ الضريبي"‪ ،‬دار النيضة العربية‬
‫مصر ‪.2000‬‬

‫‪98‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫إف الخطاب السياسي االقتصادم المتمحكر حكؿ الميبرالية‪ ،‬كاقتصاد السكؽ كخيار‪،‬‬
‫يجد نفسو في تناقض صارخ مع الكاقع الجبائي المتسـ بضغط جبائي ال يتماشى مع‬
‫متطمبات الكاقع االقتصادم‪ .‬ذلؾ أف تخفيض ىذا العبء – خاصة بالنسبة لمضرائب غير‬
‫المباشرة‪ -‬كاف مف شانو تنشيط الدكرة االقتصادية‪ ،‬كتحسيف مستكل العيش‪.‬‬

‫كعبلكة عمى ذلؾ‪ ،‬فإنو تجدر اإلشارة إلى بعض المفارقات التي تطبع نظامنا‬

‫الجبائي‪ ،‬فباإلضافة إلى المفارقة األكلى – كالتي عرضنا ليا آنفا‪ -‬كالمتمثمة في غياب أية‬

‫عبلقة بيف الناتح الداخمي الخاـ كالمردكدية الضريبية‪ ،‬بمعنى أنو عندما يككف ىناؾ‬

‫انكماش اقتصادم تظؿ المردكدية الضريبة مرتفعة بشكؿ يؤكد أف المحصكالت الجبائية –‬

‫في حد ذاتيا‪ -‬ال تعكس حقيقة الكضع االقتصادم في البمد ‪.1‬‬

‫المفارقة الثانية تتمثؿ في ارتفاع نسبة المداخيؿ الضريبية ضمف المداخيؿ اإلجمالية‬

‫العادية المدرجة بالميزانية العامة لمدكلة‪ .‬صحيح أف نسبة المداخيؿ المتأثية مف الضرائب‬

‫تمثؿ نسبة ىامة ضمف المداخيؿ العامة – كقاعدة عامة‪ -‬إال أف ىذه النسبة ال تتجاكز‬

‫‪% 90‬‬ ‫‪ %50‬في أسكأ األحكاؿ‪ .‬كيشكؿ المغرب االستثناء‪ ،‬حيث تصؿ ىذه النسبة إلى‬

‫ضمف المداخيؿ العامة‪.2‬‬

‫فالجبائية المغربية – بيذا االعتبار‪ -‬تعتبر مجرد أداة لتمكيؿ الخزينة العامة دكف أف‬

‫يككف ليا أم تأثير اقتصادم أك اجتماعي‪ ،‬أم أنيا أداة جيدة لتغطية النفقات العمكمية ال‬

‫أكثر‪.‬‬

‫‪ -1‬ففي الكقت الذم ارتفعت فيو المردكدية الضريبية بنسبة ‪ % 14,8‬خبلؿ الفترة ‪ ،90-80‬لـ ترتفع‬
‫فيو نسبة النمك إال بنسبة ‪ % 4,5‬فقط‪.‬‬
‫‪ -2‬تبمغ ىذه النسبة ‪ % 38‬في بمجيكا‪ ،‬ك‪ % 50‬في كؿ مف فرنسا كاسبانيا‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫– حتما‪ -‬إلى‬ ‫إف احتفاظ المغرب بأعمى معدالت الضغط الجبائي في العالـ‪ ،‬يقكد‬

‫إحداث عدة اختبلالت في الكظائؼ التي تقكـ بيا أسكاؽ السمع كالماؿ كالخدمات ‪ ،1‬ىذه‬

‫اإلختبلالت التي تتعمؽ بالنظر إلى تحمؿ دخكؿ األشخاص الطبيعييف لنسبة ىامة مف‬

‫ىذا العبء‪ ،‬كذلؾ لفائدة الجبائية المفركضة عمى الدخكؿ المتأتية مف رأس الماؿ‪.‬‬

‫كاذا أضفنا مجمؿ االقتطاعات التي تتـ عمى مستكل الضرائب غير المباشرة‪ ،‬فإننا‬

‫– سمبا‪-‬‬ ‫نفيـ دكاعي التدىكر المنيجي لمطاقة الشرائية لؤلسر المغربية‪ ،‬كتأثير كؿ ذلؾ‬

‫عمى اإلدخار‪ ،‬كعمى تطكير األسكاؽ الداخمية‪.‬‬

‫إف نظاما غير عقبلني كيذا‪ ،‬ال يمكنو اإلسياـ بشكؿ فعاؿ في خمؽ شركط تنمية‬

‫متكازنة كمستدامة‪ ،‬كذلؾ باعتباره ذك فعالية ضعيفة في إعادة تكزيع الدخكؿ‪ ،‬ككذا في‬

‫تكزيع العبء الجبائي‪ ،‬بعيدا عف احتراـ مبدأ المقدرة التمكيمية لمممزـ‪ ،‬ىذا المبدأ كحده‬

‫القادر عمى تقريبنا مف مبدأ العدالة الضريبية المفتقدة‪.‬‬

‫لذا‪ ،‬فإنو يتعيف التكفر عمى شجاعة سياسية كافية لخمؽ شركط تعبئة جماعية‬

‫حقيقية مف شأنيا العمؿ عمى انخراط الجميع في المجيكد الجبائي‪.‬‬

‫انًثحث انثاَي‪:‬‬
‫أداء انفاػهيٍ في انًجال انضريثي‬

‫‪ -1‬سيما كأف اقتصاد السكؽ يعد اختيا ار استراتيجيا بالنسبة لممغرب ال رجعة فيو‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫لقد ظمت الطبقة السياسية في المغرب ترفع كتردد شعارات كثيرة مف قبيؿ تخميؽ‬
‫الحياة العامة‪،‬ترشيد النفقات‪ ،‬محا ربة الرشكة‪ ،‬مقاكمة مظاىر التبذير كالفساد‪ ،‬إرساء‬
‫دعائـ دكلة القانكف‪ ،‬كقد جاء دكر مفيكـ الحكامة الذم أخذ يتكرر بمناسبة كأحيانا كثيرة‬
‫بدكف مناسبة‪.‬‬

‫إال أف الحقيقة اليكمية تؤكد‪ ،‬مما ال يدع مجاؿ لمشؾ‪ ،‬أنو ال تكجد إرادة سياسية‬
‫حقيقية إلنجاز ىذه الشعارات كتطبيقيا عمى أرض الكاقع‪ .‬كلعؿ المفارقة الكبرل تكمف في‬
‫أف ممثمي األمة بالبرلماف ىـ الذيف يعرقمكف –أحيانا‪ -‬إنجاز ىذه الشعارات‪ ،‬بؿ يمارسكف‬
‫ضغكطا قكية في إطار لكبيات معركفة‪ ،‬إلفشاؿ أم مخطط حككمي يرمي إلى تيديد‬
‫مصالحيا‪ ،‬أك المس بامتيازاتيا‪.‬‬

‫كؿ ذلؾ بشكؿ يسيء إلى الديمقراطية‪ ،‬كمبادئ كقيـ ترتكز أساسا عمى مفاىيـ‬
‫العدالة‪ ،‬كالمساكاة كسمك القانكف‪ ،‬كما يمحؽ بالغ الضرر بالمؤسسة التشريعية كيذىب بما‬
‫تبقى لدييا مف مصداقية كاحتراـ لدل الرأم العاـ‪.1‬‬

‫لقد سبؽ لمكزير األكؿ األسبؽ‪ ،‬السيد إدريس جطك التأكيد أف الفساد في المجاؿ‬
‫الجبائي‪ ،‬مف رشكة كتيرب ضريبي‪ ،‬إنما مرده تعقد المساطر‪ ،‬كغمكض النصكص ‪.2‬ككثرة‬
‫الثغرات القانكنية التي تحفؿ بيا النصكص الجبائية كذلؾ بالنظر إلى كثرة التعديبلت‬
‫كغياب اإلنسجاـ مما يحتـ تطبيع العبلقة بيف النص الضريبي كالممزـ‪ ،‬باعتباره المعني‬
‫األكؿ كالمباشر بمقتضيات كمضمكف ىذا النص كاعتباره شريكا ال غنى عنو في إعداد‬
‫كصياغة نصكص ضريبية ذات جكدة عالية‪ ،‬مع تبسيط في األسمكب كتكضيح لممقاصد‪.‬‬

‫انفقرج األونى‪ :‬ذجريى انغش انضريثي وحذود اإلرادج انسياسيح‬

‫‪ -1‬قاـ أعضاء مجمس النكاب بالتدخؿ لمنع بث تحقيؽ تمفزيكني عف أحداث العنؼ التي عرفتيا مدينة‬
‫سيدم ايفني‪ ،‬كذلؾ بالرغـ مف تشكيؿ لجنة لقصي الحقائؽ حكؿ األحداث المذككرة‪.‬‬
‫‪ -2‬فالنص التشريعي الغامض خطر عمى الضريبة‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫إذا كانت األمثمة ال تعكزنا في ىذا المجاؿ‪ ،‬فإف مبدأ تجريـ الغش الضريبي كاف‬
‫حدثا تاريخيا‪ .‬ذلؾ أف الحككمة كانت سباقة إلى عرضو عمى أنظار البرلماف كالدفاع عنو‬
‫في كقت مبكر‪ ،‬كقد كاف امتحانا فشؿ فيو النكاب في التعبير عف كطنيتيـ كعف صدؽ‬
‫شعاراتيـ‪ .‬غير أنو يتعيف أف نعرؼ مفيكـ الغش الضريبي كطبيعتو‪.‬‬

‫أ) مفيوم الغش الضريبي‪:‬‬

‫يستند النظاـ الجبائي المغربي إلى خاصية لئلدالء باإلقرار (أك التصريح الجبائي) ‪،1‬‬
‫‪ ،21984‬إال أف ىذه‬ ‫كقاعدة أساسية تـ تكريسيا بكاسطة اإلصبلح الضريبي لسنة‬
‫الخاصية تفرض عمى الطرفيف‪ ،‬اإلدارة كالممزـ‪ ،‬عدة التزامات‪ ،‬منيا‪:‬‬

‫‪ ‬عمى مستوى الممزم‪:‬‬

‫‪ ‬تقديـ الممزـ إلق ارره الضريبي طبقا لمشركط المنصكص عمييا في القانكف؛‬

‫‪ ‬التعامؿ مع مضمكف التصريح بحسف نية؛‬

‫‪ ‬االقتناع بأف الممزـ أصبح شريكا لئلدارة في تأسيس الضريبة‪.‬‬

‫‪ ‬عمى مستوى اإلدارة‪:‬‬

‫‪ ‬أف تفترض اإلدارة بأف القرار سميـ‪ ،‬كاف البيانات المتضمنة بو تعد صحيحة؛‬

‫‪ ‬أف تحتفظ لنفسيا بحؽ المراقبة كالفحص؛‬

‫‪ ‬أف تطالب باإلدالء بالمزيد مف الكثائؽ كالمعطيات كالبيانات‪.‬‬

‫‪ -1‬الظيير الشريؼ رقـ ‪ 1-96-77‬الصادر الصادر في ‪ 12‬صفر ‪ 21( 1417‬يكنيك ‪ )1996‬بتنفيذ‬


‫القانكف المالي رقـ ‪ 8-96‬لمسنة المالية ‪( 1997-1996‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 4391‬بتاريخ فاتح‬
‫يكليكز ‪.)1996‬‬
‫‪ -2‬راجع مقدمة ىذا البحث‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫ىذه المراقبة‪ ،‬جعميا المشرع مقترنة بالعديد مف الجزاءات كالعقكبات في حالة ثبكت‬
‫مخالفات أك خركقات في حؽ الممزميف الذيف يمجأكف إلى أساليب احتيالي ة أك تدليسية‬
‫لمتيرب مف أداء الضريبة‪ ،‬أك اإلنقاص مف مبالغيا‪.‬‬

‫إال أنو يجدر بنا‪ ،‬قبؿ التطرؽ إلى ظاىرة الغش الضريبي‪ ،‬أف نميز بينو كبيف‬
‫التممص أك التيرب الضريبي‪ .‬فالغش الضريبي ىك إخفاء جزء أك كؿ المادة الخاضعة‬
‫لمضريبة في محاكلة لعدـ خضكعيا لمضريبة‪ ،‬كىك عمؿ غير قانكني كغير مشركع‬
‫يستعمؿ أساليب احتيالية كتدليسية مختمفة ‪.1‬‬

‫أما التممص فيك استعماؿ كسائؿ قانكنية لئلفبلت مف الخضكع لمضريبة‪ ،‬كتقسيـ‬
‫ممكية عقار مثبل بيف أفراد األسرة الكاحدة عف طريؽ بيع صكرم (كىك عمؿ قانكني)‪،‬‬
‫كذلؾ لتفادم الخضكع لمضريبة الحضرية‪ ،‬كال تممؾ اإلدارة إزاء ىذا النكع مف الممارسات‬
‫أم شيء ما داـ األمر يتمثؿ في استغبلؿ الثغرات القانكنية‪ ،‬أك مكامف الخمؿ في النص‬
‫الضريبي لعدـ الخضكع لمضريبة‪.2‬‬

‫ب) مبدأ تجريم الغش الضريبي‪:‬‬

‫‪ ،1984‬ثكرة‬ ‫شكؿ الفصؿ ‪ 27‬مف مشركع قانكف اإلطار لئلصبلح الضريبي سنة‬
‫في حد ذاتو‪ ،‬كىك الفصؿ الذم طرحتو الحككمة في جرأة نادرة‪ ،‬كمبادرة غير مسبكقة‪،‬‬
‫حيث نص عمى‪" :‬سيجعؿ مف الغش في ميداف الضرائب جنحة يعاقب عمييا القانكف‬
‫الجنائي‪."...‬‬

‫إال أف مكقؼ البرلماف إزاء ىذا الفصؿ كاف مفاجئا‪ ،‬حيث تـ سحبو مف طرؼ‬
‫الحككمة تحت ضغط الجميع ‪ ،3‬ذلؾ انو رفض باإلجماع‪ ،‬بما فييا فرؽ المعارضة التي‬

‫‪ -1‬كافتعاؿ العسر الذم نص عميو المشرع في المادة ‪ 84‬مدكنة تحصيؿ الديكف العمكمية‪.‬‬
‫‪ "-2‬الغش الضريبي" يحي الصافي كآخركف (مرجع سابؽ)‪.‬‬
‫‪ -3‬خاطب أحد نكاب األغمبية كزير المالية قائبل‪ :‬سكؼ تضطر إلى سحب مشركعؾ ككذلؾ كاف ‪...‬‬

‫‪103‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫كاف مكقفيا ىذا يناقض خطابيا السياسي الرامي في جزء منو‪ ،‬إلى المطالبة بتفعيؿ آليات‬
‫المراقبة‪ ،‬كترشيد النفقات العمكمية‪ ،‬كضركرة معاقبة مختمسي الماؿ العاـ‪.‬‬

‫كقد انتظرت الحككمة مركر أزيد مف ‪ 13‬سنة عف ىذا "الحادث"‪ ،‬لتعكد إلى طرح‬
‫نفس المقتضيات مع تعديبلت ىامة حيث تـ اعتبار‪ ،‬كألكؿ مرة‪ ،‬الغش الضريبي "مخالفة"‬
‫يعاقب عمييا القانكف بغرامات مالية كعقكبات حبسية‪.‬‬

‫كقد تـ تحديد طبيعة المخالفة الضريبية بكاسطة نص قانكني تـ دمجو ضمف القكانيف‬
‫المنظمة لمضرائب الرئيسية الثبلث‪( :‬المادة ‪ 49‬المكررة مف القانكف رقـ ‪ 24-86‬المحدث‬
‫لمضريبة عمى الشركات‪ ،‬كالمادة ‪ 49‬المكررة مف القانكف رقـ ‪ 30-85‬المنظـ لمضريبة‬
‫‪ 17-89‬المنظـ لمضريبة‬ ‫عمى القيمة المضافة‪ ،‬كالمادة ‪ 111‬المكررة مف القانكف رقـ‬
‫العامة عمى الدخؿ)‪.‬‬

‫كقد اقتصر المشرع عمى ىذه الضرائب مستثنيا باقي أنكاع الضرائب األخرل بدكف‬
‫تقديـ أم تبرير أك تعميؿ كاضح لذلؾ ‪.1‬‬

‫كقد أكرد المشرع الئحة المخالفات المعنية عمى سبيؿ الحصر كىي‪:‬‬

‫‪ ‬البيع بدكف فاتكرات بصفة متكررة؛‬

‫‪ ‬تقديـ أك تسميـ فاتكرات صكرية؛‬

‫‪ ‬تقديـ تقييدات محاسبية مزيفة أك صكرية؛‬

‫‪ ‬اختبلس مجمكع أك بعض أصكؿ الشركة أك المنشأة‪ ،‬آك الزيادة بصكرة تدليسية‬
‫في خصكميا قصد افتعاؿ عسرىا؛‬

‫‪ ‬إخفاء أك إتبلؼ كثائؽ الحسابات المطمكبة قانكنا؛‬

‫‪ -1‬كيبدك بأف األمر يتعمؽ بالضرائب التي يتـ تقديـ إقرار في شأنيا مف قبؿ الممزـ دكف غيرىا‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫كقد ربط المشرع أيضا المقاصد التي يمكف أف تدفع الممزـ الرتكاب ىذه المخالفات‪،‬‬
‫كذلؾ في محاكلة إلثبات القصد الجنائي لدل الممزـ كىي‪:‬‬

‫‪ ‬اإلفبلت مف الخضكع لمضريبة؛‬

‫‪ ‬أك الحصكؿ عمى خصـ منيا؛‬

‫‪ ‬أك التممص مف دفعيا‪.‬‬

‫كما يتعيف أف تعرض الشكاية التي ترمي إلى تطبيؽ العقكبة مف طرؼ السيد كزير‬
‫المالية أك مف ينكب عنو‪ ،‬عمى لجنة تسمى "لجنة المخالفات الضريبة" كىي لجنة يرأسيا‬
‫قاضي‪ ،‬كتضـ ممثميف اثنيف عف إدارة الضرائب‪ ،‬كممثميف اثنيف عف الممزميف‪.‬‬

‫كلعؿ إحدل ابداعات السادة النكاب ىك أال يتـ ضبط ىذه المخالفات إال في إطار‬
‫مسطرة المراقبة أك الفحص الضريبي ‪ ،1‬كشرط أساسي لصحة مسطرة المتابعة‪ ،‬عمما بأف‬
‫ىناؾ العديد مف الضمانات قد خكليا القانكف لمممزـ في إطار كتاب المساطر الجبائية ‪.2‬‬
‫كىي عديدة مثؿ‪:‬‬

‫‪ ‬ضماف حؽ االعتراض‪ .‬حيث تـ تجاكز مساطر الربط التمقائي لمضريبة التي‬


‫كانت تنيجيا اإلدارة سابقا بدكف تكجيو إنذار مسبؽ‪.‬‬

‫حيث يظؿ الممزـ محتفظا بحقو في الطعف في األسس التي اعتمدتيا اإلدارة‪ ،‬كاثبات‬
‫قدرتو التكميفية بجميع الكسائؿ‪.‬‬

‫‪ -1‬يمكف تعريؼ الفحص الضريبي‪" :‬أنو مجمكعة مف العمميات التي تقكـ بيا اإلدارة الضريبية مف‬
‫أجؿ التحقؽ في عيف المكاف (اك داخؿ المقاكلة) مف المحاسبة كالكثائؽ المؤيدة ليا التي تمسكيا‬
‫المقاكلة كمقارنتيا مع التصريحات المكدعة لدل اإلدارة‪ ،‬أك المعمكمات أك المعطيات المادية التي‬
‫قاـ بيا المفتش‪ /‬المحقؽ‪.‬‬
‫‪ -2‬ىك كتاب "المساطر الجبائية" الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 17-5.278‬ذك القعدة ‪30( 1425‬‬
‫ديسمبر ‪).2004‬‬

‫‪105‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫‪ ‬حؽ المجكء إلى القضاء‬

‫كىك ناتج عف حؽ االعتراض‪ ،‬كىك مسطرة يتـ تفعمييا بعد رفض اإلدارة الرد أك‬
‫رفض االقتراحات التي أدلى بيا الممزـ داخؿ أجؿ ‪ 6‬أشير‪ ،‬كيؤكد التراكـ في األحكاـ‬
‫الصادرة عف القضاء في المادة الضريبية مدل كعي الممزـ بحقكقو‪ ،‬كاالستماتة في الدفاع‬
‫عنيا‪.‬‬

‫‪ ‬ضماف استرداد ما دفع بغير كجو حؽ‪ .‬كيعني إرجاع المبالغ التي تـ تحصيميا‬
‫لفائدة الخزينة بطريؽ الخطأ (سكاء أداء مزدكج‪ ،‬أك الزيادة في مبمغ الضريبة‬
‫المقرر‪...‬الخ)‪.1‬‬

‫ىذا إضافة إلى الضمانات الخاصة بمسطرة المراقبة كالفحص التي نحف بصددىا‪،‬‬
‫ذلؾ أف اإلدارة تتكفر عمى الحؽ في ممارسة الرقابة عمى اإلق اررات التي يقدميا الممزـ‪،‬‬
‫كذلؾ لمتأكد مف سبلمتيا كما سبقت اإلشارة إلى ذلؾ‪ ،‬كقد حدد المشرع آجاال لتطبيؽ ىذه‬
‫المسطرة بصرامة كدقة متناىية في جميع مرحميا‪ ،‬أم مرحمة ما قبؿ الفحص كأثناءه‪،‬‬
‫كبعد إنجازه أيضا‪.‬‬

‫‪ )1‬مرحمة ما قبل الفحص‪:‬‬

‫‪ 33‬مف الضريبة عمى‬ ‫(المادة ‪ 42‬مف الضريبة عمى القيمة المضافة‪ ،‬المادة‬
‫الشركات المادة ‪ 105‬مف الضريبة عمى الدخؿ)‪.‬‬

‫يتعيف إشعار الممزـ بالمراقبة تحت طائمة بطبلف المسطرة برمتيا بكاسطة رسائؿ‬
‫مضمكنة مع إشعار بالتسمـ مع اإلشارة إلى البيانات المتعمقة بعممية المراقبة (الضرائب‬
‫‪15‬‬ ‫المشمكلة بالفحص‪ ،‬الفترة غير المتقادمة‪ ،‬اسـ المفتش‪ /‬المحقؽ‪...‬الخ)‪ ،‬كذلؾ مدة‬

‫‪ -1‬ىذا باإلضافة إلى العديد مف الضمانات األخرل‪ :‬الحماية القانكنية لمممزـ‪ ،‬الحؽ في االستعبلـ‬
‫الضريبي‪ ،‬الحؽ في المساعدة الضريبية الخ‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫يكما‪ ،‬قبؿ بدء عممية الفحص‪ .‬فعنصر المباغتة لـ يعد معمكال بو‪ ،‬مما يدفع إلى التساؤؿ‬
‫عف جدكل القياـ بعممية الفحص أصبل‪.‬‬

‫‪ )2‬خالل عممية الفحص‪:‬‬

‫يتعيف أف تتـ عممية الفحص داخؿ مقر الشركة أك المقاكلة مع ضماف السر الميني‪،‬‬
‫ككذا عدـ إمكانية التصرؼ بأية كثيقة أك مستند خارج مقر الشركة بدكف إذف مسبؽ مف‬
‫القائميف عمييا‪.1‬‬

‫‪ )3‬بعد نياية فترة الفحص‪:‬‬

‫بعد نياية عممية الفحص كالمراقبة التي يتػعػيف أال تتجاكز مدة سنة كفؽ مقتضيات‬
‫قانكف المالية لسنة ‪ ،22004‬يتكجب أف يخبر المفتش الخاضع لمضريبة بانتياء عمميات‬
‫الفحص‪ ،‬مع نتائج التحقيؽ معممة كمفصمة مع اإلشارة إلى المراجع القانكنية التي اعتمدىا‬
‫المفتش كمنح أجؿ ‪ 30‬يكما لمممزـ لتقديـ جكابو‪ ،‬إلى غير ذلؾ مف الضمانات األخرل‬
‫(كعدـ إقداـ اإلدارة عمى فحص نفس المقاكلة بالنسبة لنفس الفترة أك نفس الضرائب‬
‫مثبل)‪.‬‬

‫إف كؿ ىذه الضمانات كغيرىا تؤكد بما ال يدع مجاال لمشؾ بأف المشرع الجبائي قد‬
‫أخذ كؿ االحتياطات الضركرية لحماية الممزـ مف شطط اإلدارة‪ ،‬كقد بالغ في ىذه‬
‫االحتياطات لدرجة أصبحت معيا اإلدارة مقيدة في القياـ بممارسة مياميا‪ ،‬كىي حقكؽ‬
‫أقرىا القانكف لفائدة اإلدارة‪ .‬كىنا تتجمى مفارقة ذات أىمية بالغة‪ ،‬فضعؼ البرلماف عمى‬
‫مستكل المراقبة‪ ،‬ال يقابمو سكل "قكة" النكاب في حماية مصالح المكبيات‪ ،‬كافراغ جميع‬
‫القكانيف التي تيدؼ المساس بأكضاعيـ المالية مف محتكاىا‪.‬‬

‫‪ -1‬ال نرغب في التكسع في الجكانب التقنية لعمميات المراقبة كالفحص‪ ،‬لككف المجاؿ ال يسمح بذلؾ‪،‬‬
‫نظ ار لكثرتيا كتشعبيا‪.‬‬
‫‪ -2‬كالمادة ‪ – I -3‬مف كتاب المساطر الجبائية السالؼ الذكر‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫فأثناء مناقشة مشركع تجريـ الغش الضريبي‪ ،‬ارثأت لجنة المالية بالبرلماف‪ ،‬أف‬
‫تخضع العقكبة المقررة لممبادئ األساسية التالية‪:‬‬

‫‪ ‬التدرج في العقكبة؛‬

‫‪ ‬مبدأ العكد؛‬

‫‪ ‬تحديد نكعية المخالفات مكضكع المتابعة؛‬

‫‪ ‬إرجاع المسؤكلية لممرتكب الفعمي؛‬

‫‪ ‬مراجعة المساطر المتبعة‪.‬‬

‫كفعبل‪ ،‬فقد تمت المصادقة عمى المشركع بعد االستجابة لرغبات النكاب‪ ،‬كتـ تعديمو‬
‫بالشكؿ الذم أصبح معو "منسجما مع محيط المقاكلة"‪ ،‬ككفقا لممبادئ المذككرة‪.‬‬
‫كبخصكص العقكبة المقررة‪ ،‬فإنيا تشمؿ الغرامة كالحبس‪ ،‬فبالنسبة لمغرامة فيي تتراكح ما‬
‫بيف ‪ 5.000,00‬درىـ إلى ‪ 50.000,00‬درىـ‪.‬‬

‫أما بالنسبة لمعقكبة الحبسية‪ ،‬فقد اشترط المشرع أربعة شركط مجتمعة لتحقيقيا كىي‪:‬‬

‫‪ ‬أف يككف مرتكب المخالفة‪ 1‬قد حكـ عميو بالغرامة؛‬

‫‪ ‬أف يككف قد مضى عمى ىذا الحكـ مدة ‪ 5‬سنكات؛‬

‫‪ ‬أف يعكد بعد انصراـ ىذه المدة‪ ،‬الطكيمة نسبيا‪ ،‬إلى ارتكاب نفس المخالفة (حالة‬
‫العكد)؛‬

‫‪ ‬أف يككف الحكـ نيائيا كمكتسبا لقكة الشيء المقضى بو‪.‬‬

‫‪ -1‬تفادل المشرع كصؼ الغش الضريبي بالجريمة أك الجنحة‪ ،‬كاكتفى بكصفو بػ "المخالفة" مما يعكس‬
‫قصده في إقرار عقكبات خفيفة‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫بعد ذلؾ فقط‪ ،‬يمكف معاقبة مرتكب المخالفة بالحبس مف شير إلى ثبلثة أشير‪ ،‬ال‬
‫غير‪ .‬كيتكلى إثبات المخالفة مأمكراف بإدارة الضرائب ال تقؿ درجتيما عف درجة مفتش‬
‫محمفيف كمنتدبيف خصيصا بيذا الغرض كذلؾ بكاسطة محضر يحرر ليذه الغاية‪.‬‬

‫ج) حدود اآلليات القانونية لتجريم الغش الضريبي‪:‬‬

‫يبدك مف خبلؿ ما سبؽ‪ ،‬أف المشرع الضريبي قد تعامؿ ببساطة كبيرة مع ظاىرة‬
‫الغش الضريبي ككضع شركطا تعجيزية لتطبيؽ المقتضيات القانكنية التي تبناىا كمؤسسة‬
‫تشريعية‪.‬‬

‫إف الحيمكلة دكف زجر المخالفات في المجاؿ الجبائي يعكس غياب إرادة سياسية‬
‫حقيقية ليس لتطبيؽ القانكف ‪-‬عمى عبلتو‪ -‬فحسب‪ ،‬بؿ كالتصدم بحزـ ليذه الظاىرة‪ ،‬كما‬
‫ىك الشأف بالنسبة لمعديد مف الدكؿ‪ 1 ،‬كالدليؿ عمى ذلؾ أنو بعد مركر ما يزيد عف عشر‬
‫سنكات عف تبني قانكف تجريـ الغش الضريبي بالمغرب لـ يتـ تفعيمو لحد اآلف‪ ،‬بعد أف‬
‫حالت كؿ التعقيدات المسطرية كالتقنية دكف تنفيذه‪.‬‬

‫كلعمو مف المفيد إجراء مقارنة بيف المشركع األصمي الذم تقدمت بو الحككمة‪،‬‬
‫‪( .1996‬أنظر‬ ‫كالصيغة النيائية التي اعتمدت مف طرؼ البرلماف خبلؿ دكرة أبريؿ‬
‫الجدكؿ)‪.‬‬

‫‪ -1‬كمصر كتكنس كالجزائر –مثبل‪.-‬‬

‫‪109‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫الصيغة المعتمدة ‪ /‬النص النيائي‬ ‫النص األصمي ‪ /‬المشروع‬

‫أ‪ -‬العقوبة الحبسية‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬العقوبة الحبسية‪:‬‬

‫مف شير إلى ثبلثة أشير ‪.‬‬ ‫مف شير إلى ستة أشير‪.‬‬

‫ب‪ -‬الغرامة المالية‪:‬‬ ‫ب‪ -‬الغرامة المالية‪:‬‬

‫مف ‪ 5.000,00‬إلى ‪ 50.000 ,00‬درىـ‪.‬‬ ‫مف ‪ 3.000,00‬درىـ إلى ‪ 50.000,00‬درىـ‪.‬‬

‫ج‪ -‬تـ إلغاء ىذا التدبير‪.‬‬ ‫ج‪ -‬النص عمى عقكبات جنائية عمى عدـ االدالء‬
‫باإلق اررات برسـ الضريبة عمى الشركات‪ ،‬كالضريبة‬
‫العامة عمى الدخؿ كالضريبة عمى القيمة المضافة‪.‬‬

‫د‪ -‬من حيث اإلثبات‪:‬‬ ‫د‪ -‬من حيث اإلثبات‪:‬‬

‫تـ إقرار ىذا الشرط‪ ،‬كاعتبر أساسا‪.‬‬ ‫ال يكجد نص عمى ضركرة ضبط المخالؼ في إطار‬
‫فحص ضريبي‪.‬‬

‫ىـ‪ -‬في حالة ارتكاب المخالفة من طرف شخص معنوي‪ :‬ىـ‪ -‬في حالة ارتكاب المخالفة من طرف شخص معنوي‪:‬‬

‫تمت إضافة مساءلة المسؤكؿ عف الشركة‪ ،‬إذا ما‬ ‫تحميؿ المسؤكلية لمشخص الطبيعي الذم ارتكب‬
‫ارتكبت المخالفة بمكافقتو‪ ،‬أك تنفيذا لتعميماتو‪.‬‬ ‫المخالفة‪.‬‬

‫و‪ -‬من حيث المشاركة أو المساىمة‪:‬‬


‫و‪ -‬من حيث المشاركة أو المساىمة‪:‬‬
‫تـ إقرار عقكبة حبسية في حؽ كؿ شخص تبثت‬
‫ال كجكد ليذا النص‪.‬‬
‫مشاركتو في األفعاؿ المجرمة‪.‬‬

‫ز‪ -‬عمى مستوى تحريك الدعوى‪:‬‬


‫ز‪ -‬عمى مستوى تحريك الدعوى‪:‬‬
‫يجب أف تعرض الشكاية التي ترمي إلى تطبيؽ العقكبة‬
‫يكجو كزير المالية أك الشخص المفكض إليو مف لدنو‬
‫مف طرؼ السيد كزير المالية أك مف ينكب عنو ليذا‬
‫ليذا الغرض الشككل إلى ككيؿ الممؾ المختص بحكـ‬
‫الغرض عمى لجنة تسمى "لجنة المخالفات الضريبية"‪،‬‬
‫المكاف المرتكبة فيو المخالفة‪.‬‬
‫كتصدر رأيا استشاريا‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫صحيح أنو كاف ىناؾ تخكؼ مف شطط اإلدارة في تطبيؽ القانكف‪ ،‬إال أف المبالغة‬
‫في ىذا "التخكؼ"‪ ،‬جعمت القانكف غير ذم معنى‪ ،‬فقد تبنى المشرع عدة تدابير ‪-‬مع‬
‫العمـ‪ -‬أنيا سكؼ تعيؽ التطبيؽ السميـ لمنص‪ ،‬كتؤكد االنطباع السائد بتساىؿ المؤسسة‬
‫التشريعية عندما يتعمؽ األمر بحماية الماؿ العاـ‪ ،‬كمف ضمف ىذه التدابير‪:‬‬

‫‪- 1‬لقد تـ "إقصاء" العديد مف الضرائب مف مجاؿ التجريـ‪ ،‬كتـ االقتصار عمى‬
‫الضرائب الرئيسية الثبلث الكبرل كما أسمفنا‪ .‬فيؿ ىذا يعني بأف أنكاع الضرائب األخرل ال‬
‫–مثبل‪ -‬ال يتـ التصريح‬ ‫تعرؼ مخالفات تستكجب الزجر؟ فعمى مستكل رسكـ التسجيؿ‬
‫بالثمف اإلجمالي الحقيقي القتناء عقار في عقد البيع‪ ،‬كذلؾ نظ ار لمطالبة المستثمريف‬
‫‪ 15‬ك ‪ % 30‬لمتممص مف أداء‬ ‫العقارييف بإخفاء نسبة معينة مف ثمف البيع تتراكح ما بيف‬
‫الضريبة‪ .‬كبغض النظر عف ككف ىذا السمكؾ ىؿ يعد تيربا أك غشا‪ ،‬فقد اتضح ‪-‬بالنظر‬
‫إلى ازدىار ىذا القطاع‪ -‬أنو يضيع عمى خزينة الدكلة مبالغ مالية طائمة‪ .‬كقد اعترؼ كزير‬
‫المالية بكجكد ىذه الظاىرة‪ ،‬كأكد مدير الضرائب عجز اإلدارة لمتصدم ليا‪ .‬كبالنظر إلى‬
‫استحالة تطبيؽ قانكف تجريـ الغش الضريبي‪ ،‬فقد كعد كزير المالية بضركرة تبني إجراءات‬
‫جبائية خاصة ضمف قانكف المالية (‪ )2009‬لمحد مف ىذه الظاىرة‪.‬‬

‫قصد اإلفبلت‬ ‫ىذا‪ ،‬إضافة إلى لجكء العديد مف الممزميف إلى التحايؿ عمى القانكف‬
‫مف الضريبة‪ ،‬تفكيت عقار بيف األصكؿ كالفركع بكاسطة عقد ىبة بدؿ عقد البيع‪ ،‬كذلؾ‬
‫‪ ،%1‬بدؿ‬ ‫لبلستفادة مف التعريفة المخفضة المقررة لميبات بيف األصكؿ كالمحددة في‬
‫الخضكع لمتعريفة العادية المحددة في ‪ % 5‬المقررة لفائدة عمميات بيكع العقارات‪.1‬‬

‫‪ -2‬لقد قاـ المشرع بتحديد الئحة المخالفات عمى سبيؿ الحصر‪ ،‬كىك أمر ال يستقيـ‬
‫مع الكاقع المعقد كالمتشابؾ‪ ،‬لمعمميات التي تعرفيا الممارسات التجارية كالمينية‬

‫‪ -1‬يحي الصافي‪ :‬الكجيز في نظرية كتطبيؽ ضريبة التسجيؿ بالمغرب اليبلؿ العربية‪ ،‬الرباط‬
‫‪.1991‬‬

‫‪111‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫كالصناعية‪ ،‬بؿ لقد تـ إقصاء بعض المخالفات الكاردة ضمف المشركع األصمي (كما ىك‬
‫مبيف في الجدكؿ)‪ ،‬كعدـ تقديـ اإلقرار الجبائي‪ ،‬كاخفاء المادة الخاضعة لمضريبة‪ ،‬كعدـ‬
‫مسؾ محاسبة منتظمة‪ ،‬إخفاء الطبيعة الحقيقية لمتصرفات القانكنية‪ ،‬افتعاؿ كضعيات‬
‫غير قانكنية كغير حقيقية ‪ ،1‬كىي ممارسات شائعة لدل الممزميف‪ ،‬ككاف األجدر أخذىا‬
‫بعيف االعتبار‪.‬‬

‫‪ -3‬ربط المشرع تجريـ المخالفات المحددة بثبكت قصد الغش الضريبي لدل الممزـ‪.‬‬
‫كىك أمر غاية في الصعكبة‪ ،‬بؿ مستحيؿ التحقيؽ‪ ،‬سيما مع غياب اجتياد قضائي في‬
‫المكضكع‪ .‬حيث كاف ممكنا إثارة نقاش فقيي حكؿ مفيكـ الغش أك التممص الضريبي‪.‬‬
‫فيؿ يتمثؿ الغش الضريبي في كؿ تممص باعتبار انعكاساتو عمى خزينة الدكلة؟ كىؿ‬
‫يشترط لتكفر الغش الضريبي اقتراف التممص مف الضريبة بمخالفة نص جبائي؟ مف شأف‬
‫ىذا النقاش أف يغني الحقؿ الداللي لممفيكـ كيساعد –بالتالي‪ -‬عمى كضع إطار قانكني‬
‫دقيؽ ككاضح‪.‬‬

‫‪ -4‬الطابع الرمزم لمعقكبات المقررة‪ :‬إف تحديد مبمغ الغرامة في ‪ 50.000,00‬درىـ‬


‫كحد أقصى ال معنى لو‪ ،‬كقد كاف أفيد االستناد إلى تقارير اإلدارة الضريبية بشأف المبالغ‬
‫التي تضيع عمى خزينة الدكلة‪- ،‬ألخذ فكرة كلك تقريبية‪ -‬عف األرباح التي يجنييا‬
‫المتممصكف مف أداء الضريبة‪ .‬كلعؿ المفارقة الكبرل تكمف في أف مدكنة التحصيؿ‬
‫الجديدة قد أقرت عدة جزاءات لمجرد تأخير الممزـ المديف بالضريبة‪ ،‬عف األداء‪ ،‬كتتراكح‬
‫بيف فرض غرامات مالية عمى التأخير ‪ ،2‬كالمجكء إلى حجز ممتمكات الممزـ كبيعيا‪ ،‬أك‬
‫حبسو في إطار اإلكراه البدني‪...‬الخ‪.‬‬

‫‪ -1‬كافتعاؿ العسر مثبل الذم نصت عميو المادة ‪ 48‬مف مدكنة تحصيؿ الديكف العمكمية‪ ،‬لممزيد مف‬
‫كعبد الرحيـ الطكر‪ :‬تحصيؿ الضرائب كالديكف عمى ضكء‬ ‫التفاصيؿ راجع عبد الرحماف أبيبل‬
‫المدكنة الجديدة‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،2000 ،‬الرباط‪.‬‬
‫‪ %5 -2‬عف الشير األكؿ‪ ،‬ك ‪ 0,50‬عف كؿ شير تأخير أك جزء مف الشير‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫كما أف القانكف الضريبي يتضمف العديد مف الجزاءات المالية تطبؽ عمى مستكل‬
‫جميع المساطر الضريبية‪ ،‬كفرض الضريبة بصفة تمقائية عقابا لمممزـ الذم يتعمد عدـ‬
‫‪ ،% 25‬كيمكف أف تصؿ إلى نسبة‬ ‫اإلدالء بإق ارره الضريبي‪ ،‬كقد تطبؽ غرامة بنسبة‬
‫‪ %100‬إذ تبث سكء نية الممزـ (المادة ‪ 28‬مف الضريبة عمى القيمة المضافة) مثبل‪.‬‬

‫أما بخصكص العقكبة الحبسية‪ ،‬كالتي تتراكح مدتيا ما بيف شير كاحد كستة أشير‪،‬‬
‫فيي أيضا ال تمثؿ إجراءا زجريا حقيقيا اتجاه ممارسي الغش الضريبي‪ .‬خاصة كأف بعض‬
‫الدكؿ تصؿ فييا العقكبة الحبسية إلى عشر سنكات‪.1‬‬

‫كيستدعي ىذا المكقؼ عدة مبلحظات أساسية منيا‪:‬‬

‫‪ ‬أوال‪ :‬أف ربط تطبيقيا لحالة العكد‪ ،‬يعتبر حالة فريدة في القانكف‪ ،‬ذلؾ أف حالة‬
‫العكد تككف مناسبة لتشديد العقكبة‪ ،‬كليس شرطا لتطبيقيا‪ ،‬باإلضافة إلى اشتراط أف يتـ‬
‫العكد قبؿ انقضاء فترة خمس سنكات‪- ،‬يعني عمميا‪ -‬استحالة تطبيؽ العقكبة‪ ،‬الستحالة‬
‫تجميع ىذه الشركط‪ ،‬كافة‪ .‬كما داـ المشرع قد اشترط إثبات المخالفة في إطار عممية‬
‫الفحص‪ ،‬فإف ىذا يعني –ضمنيا‪ -‬خضكع الممزـ لعمميتيف لمفحص داخؿ أجؿ خمس‬
‫سنكات‪ ،‬كىك األمر المستحيؿ حدكثو عمى مستكل الكاقع العممي‪ .‬كذلؾ بالنظر إلى عدة‬
‫إكراىات منيا قمة عدد المفتشيف‪ /‬المحققيف ‪ ،2‬ككثرة المقاكالت المرشحة لمفحص كضعؼ‬
‫اآلليات كاإلمكانيات المادية كالبشرية التي تتكفر عمييا اإلدارة الضريبية‪...‬الخ‪.‬‬

‫‪ -1‬كما ىك الشأف بالنسبة لمقانكف الفرنسي الذم أضاؼ عقكبات تكميمية أكثر تشددا كالتشطيب مف‬
‫المينة‪ ،‬الحرماف مف المشاركة في الصفقات العمكمية‪ ،‬إشيار العقكبة الخ‪...‬‬
‫‪ 300‬مفتشا‪ ،‬في الكقت الذم يتجاكز فيو عدد المقاكالت‬ ‫‪ -2‬ال يتجاكز عدد المفتشيف المحققيف‬
‫المرشحة لمفحص أكثر مف ‪ 70‬ألؼ‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫باإلضافة إلى أف العقكبة تعتبر مكحدة بالنسبة لكؿ المخالفات بدكف مراعاة مبدأ‬
‫التدرج في العقكبة تبعا لخطكرة المخالفة‪ ،‬حيث لـ يربط المشرع بيف فداحة عممية الغش‬
‫كمبمغ الغرامة المالية المقررة‪.‬‬

‫‪ ‬ثانيا‪ :‬كلعؿ إحدل طرائؼ ىذا القانكف‪ ،‬في مجاؿ العقكبات‪ ،‬أنو أقر عقكبات أكثر‬
‫تشددا في حؽ كؿ شخص تبث أنو ساىـ أك شارؾ في ارتكاب األفعاؿ المشار إلييا‬
‫أعبله‪ ،‬أك ساعد أك أرشد األطراؼ في ارتكابيا‪ .‬فبعد أف أخضعو لنفس العقكبات المطبقة‬
‫عمى الفاعؿ األصمي‪ ،‬فإنو أضاؼ عقكبة خاصة لممشارؾ كالمساىـ‪ .‬عبلكة عمى ككنيا‬
‫تطبؽ مباشرة بدكف أية مسطرة لممتابعة كىكذا‪ ،‬فقد نص عمى‪" :‬يعاقب بغرامة ال تقؿ عف‬
‫‪ 1000‬درىـ‪ ،‬كال يتجاكز ‪ %100‬مف مبمغ الضريبة المتممص مف دفعيا‪ ،‬كؿ شخص‬
‫تبث أنو مشارؾ في أعماؿ تحايؿ ترمي إلى التممص مف دفع الضريبة‪ ،‬أك ساعد أك أرشد‬
‫شركة (أك شخصا طبيعيا) في القياـ بأعماؿ مف قبيؿ ذلؾ"‪.‬‬

‫(المادة ‪ 50‬مف القانكف السالؼ الذكر) كما قاـ بتكسع مجاؿ اإلثبات‪ ،‬حيث أكد أنو‬
‫يمكف إثبات المخالفات بجميع كسائؿ اإلثبا ت القانكنية العادية‪.‬‬

‫‪ ‬ثالثا‪ :‬لـ يتـ تشكيؿ المجنة الخاصة بالمخالفات الضريبية التي نص عمييا قانكف‬
‫تجريـ الغش الضريبي إال بعد انقضاء مدة خمس سنكات‪ ،‬كىك ما يعكس غياب الجدية‬
‫في التعامؿ مع قضية شائكة ظمة تراكح مكانيا طيمة عقكد‪ .‬كبالرغـ مف ذلؾ‪ ،‬فإنو لـ يتـ‬
‫تحديد مسطرة عمؿ ىذه المجنة‪ ،‬كال كيفية إحالة الشكايات عمييا‪.‬‬

‫‪ ‬رابعا‪ :‬بتاريخ فاتح يكنيك سنة ‪ 2000‬يصدر القانكف رقـ ‪ 15-97‬بمثابة مدكنة‬
‫لتحصيؿ الديكف العمكمية (السالؼ الذكر)‪ ،‬كمف بيف المقتضيات التي تضمنيا‪ ،‬اعتبار‬
‫تنظيـ العسر كافتعالو مخالفة تشدد المشرع في معاقبتيا‪ ،‬في الكقت الذم يعامؿ فيو‬
‫المشرع مع نفس المخالفة في إطار تجريـ الغش الضريبي بتساىؿ كبير (غرامة مف‬

‫‪114‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫‪ 5000‬درىـ إلى ‪ 50.000‬درىـ‪ ،‬كعقكبة حبسية مف شير إلى ‪ 6‬أشير‪ ،‬مع تكفر شركط‬
‫مستحيمة التحقيؽ)‪ ،‬نجده أقر في إطار المدكنة عقكبة أكثر تشددا‪.‬‬

‫‪ ‬غرامة مالية مف ‪ 5000‬إلى ‪ 100.000,00‬درىـ؛‬

‫‪ ‬عقكبة حبسية مف سنة إلى سنتيف؛‬

‫‪ ‬مضاعفة العقكبة في حالة العكد‪.‬‬

‫مع تبسيط إجراءات تحريؾ الدعكل العمكمية حيث خكؿ ىذا االختصاص مباشرة‬
‫إلى المحاسب المكمؼ بالتحصيؿ‪.1‬‬

‫بالرغـ مف الحمكلة األخبلقية لمخطاب السياسي سكاء لدل األحزاب السياسية‪ ،‬أك‬
‫الحككمات المتعاقبة‪ ،‬فإنو ال يتـ التصدم بحزـ كفعالية لمظاىر الفساد كاختبلؿ الماؿ‬
‫العاـ‪ ،‬كالرشكة كالغش الضريبي‪ ،‬كاستغبلؿ النفكذ‪ ،‬كالمحسكبية‪ ،‬مما جعؿ ىذه المظاىر‬
‫تتفاحش‪ ،‬كتعرؼ نمكا مضطردا بدؿ تقميصيا بيدؼ القضاء عمييا‪ .‬ذلؾ أف محاربة الغش‬
‫الضريبي ليس مسألة أخبلقية‪ ،‬كانما متطمبات أساسية يفرضيا مقتضيات تأىيؿ االقتصاد‬
‫الكطني‪ ،‬كالرفع مف قدرتو التنافسية‪ ،‬كما أف لمغش الضريبي انعكاسات سمبية عدة عمى‬
‫مستكيات مختمفة‪ ،‬فيك يؤدم –مثبل‪:-‬‬

‫‪ ‬إلى إنقاص المكارد العمكمية‪ ،‬مما يدفع إلى تخفيؼ حجـ االستثمارات العمكمية‪،‬‬
‫كالنفقات العمكمية؛‬

‫‪ ‬المجكء إلى القركض الخارجية كالداخمية‪ ،‬مما يرفع حجـ المديكنية‪ ،‬كيضر‬
‫بالتنمية بالنظر إلى امتصاص خدمة الديف لجزء أساسي مف الميزانية العامة‬
‫لمدكلة؛‬

‫‪ -1‬كلـ يقيده إال بالحصكؿ عمى إذف رئيسو المباشر‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫‪ ‬إلى الرفع مف العبء الجبائي نتيجة الرفع المتزايد ألسعار الضرائب حفاظا عمى‬
‫التكازنات المالية‪.1‬‬

‫صحيح أف اإلحساس بالظمـ الجبائي لدل فئات كاسعة مف الممزميف (خاصة‬


‫الصغار منيـ)‪ ،‬ىك الذم يدفع إلى اعتبار الغش الجبائي "سمككا طبيعيا" لمقاكمة القير‬
‫الضريبي‪ .‬ذلؾ أف منح امتيازات جبائية دائمة لفئات اجتماعية معينة‪ ،‬كتخكيميا العديد مف‬
‫الكسائؿ لمدفاع عف مصالحيا‪ ،‬ينعكس سمبا عمى نفسية الممزميف الصغار الذيف ال يعكس‬
‫التشريع الجبائي انتظاراتيـ كمطالبيـ‪ .‬لذا فإنيـ يمجئكف إلى التممص كالغش كاستغبلؿ‬
‫الثغرات القانكنية لبلنتقاـ ألنفسيـ مف حيؼ اجتماعي ال سبيؿ إلى مقاكمتو‪ .‬إف نفكر‬
‫الممزـ‪ ،‬كاشمئ اززه مف التقنيات الضريبية كمف اإلدارة الجبائية‪ ،‬يشجعو عمى التممص مف‬
‫الضرائب دفاعا عف نفسو في مكاجية جياز ضريبي يتصرؼ بعشكائية مع مصالحو‪،‬‬
‫كغير عادؿ ‪ 2‬بشكؿ يجعؿ ممارسة التيرب مف الضريبة ال تثير لدل الممزـ أم إحساس‬
‫بانتياؾ القانكف‪ ،‬بؿ تصحيح لكضعية تداخمت عدة عكامؿ في اختبلليا‪.‬‬

‫مما يقكم ىذا التكجو لدل الممزميف ىك ضعؼ المساءلة‪ ،‬كتكريس سياسة اإلفبلت‬
‫مف العقاب‪ ،‬كضعؼ آليات المراقبة‪ .‬كؿ ذلؾ كغيره أدل إلى خمؽ قطيعة بيف المكاطف‬
‫ت الضريبية‬ ‫كالدكلة‪ ،‬بؿ بيف المكاطف كالمنظكمة األخبلقية التي تعتبر الكفاء بااللتزاما‬
‫اتجاه خزينة الدكلة أحد المؤشرات القكية‪ ،‬عمى كجكد ركح المكاطف‪ ،‬كشكؿ مف أشكاؿ‬
‫المساىمة في تحمؿ األعباء العامة‪.3‬‬

‫كاف عجز الدكلة عف مكاجية ظاىرة الغش الضريبي‪ ،‬ىي التي أدت إلى تفاقمو كما‬
‫ما لجكء الدكلة إلى إقرار سمسمة مف عمميات العفك الضريبي (أكثر مف ‪ 3‬مرات في ظرؼ‬

‫‪ -1‬راجع ما كتب عف العبء الجبائي بالقسـ األكؿ‪.‬‬


‫‪ -2‬عبد السالم أديب‪ " ،‬السياسية الضريبية‪ ،‬كاستراتيجية التنمية"‪ ،‬دراسة تحميمية لمنظاـ الجبائي‬
‫المغربي ‪ 2000-1999‬إفريقيا الشرؽ‪ ،1998 .‬ط ‪.1‬‬
‫‪ -3‬صباح نعوش‪" ،‬المالية العامة‪ ،‬كمالية الدكؿ النامية"‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫‪ 15‬سنة) إال دليؿ عمى بمكغ ىذه الظاىرة درجة مف االستفحاؿ ال يمكف لئلدارة الضريبية‬
‫‪-‬ميما كانت النكايا حسنة‪ -‬لمحد منيا‪ ،‬بغض النظر عف اآلليات المكضكعة رىف إشارتيا‬
‫(تشريعية‪ ،‬تقنية إدارية‪...‬الخ)‪.‬‬

‫كقد بات مف الضركرم اليكـ العمؿ عمى رفع الكعي الجبائي لدل الممزـ‪ ،‬كاشراكو‬
‫في عممية صناعة القرار الجبائي الذم يعنيو‪ ،‬كتبسيط المساطر كاإلجراءات الخاصة‬
‫بالمنازعات الجبائية‪ ،‬كتعزيز الضمانات القانكنية المخكلة قانكنا لمممزـ في مكاجية اإلدارة‪،‬‬
‫كتخفيؼ العبء النفسي كالجبائي الذم يعاني منو كالعمؿ أيضا عمى إشراؾ فعاليات‬
‫المجتمع المدني ككسائؿ اإلعبلـ المختمفة‪ ،‬لتقريب صكرة اإلدارة الضريبية كجياز في‬
‫خدمة الممزـ‪ ،‬كليس أداة لترىيبو أك ابت اززه‪ ،‬كخمؽ تكاصؿ بيف مفتش الضرائب كالممزـ مف‬
‫أجؿ إرساء دعائـ ثقة متبادلة‪ ،‬بدؿ الحذر كالشؾ المبالغ فييما القائـ بيف الطرفيف ‪.1‬‬

‫إال أف خصكصيات القانكف الضريبي جعمتو يتميز بمستكيات مختمفة في التعامؿ مع‬
‫الممزميف‪ ،‬فبالرغـ مف الطابع الشمكلي لمقاعدة الضريبية‪ ،‬إال أف تطبيقاتيا تككف شديدة‬
‫الخصكصية‪ ،‬كذلؾ بالنظر إلى جممة مف الشركط المتداخمة (تقنية‪ ،‬إدارية‪ ،‬مالية‪،‬‬
‫اقتصادية‪...‬الخ) كالتي تجعؿ مف الممزميف أنكاعا كفئات مختمفة‪ ،‬مما يحتـ تعامبل ضرييا‬
‫ممي از ‪.2‬‬

‫فيناؾ ‪ -‬مثبل‪ -‬فئات الممزميف الصغار كالمتكسطيف الذيف ال ينازعكف – غالبا‪ -‬في‬
‫مبالغ الضريبة‪ ،‬بؿ ال يفيمكف مضمكنيا التقني البالغ التعقيد‪ .‬أما الممزمكف الكبار فمدييـ‬
‫مف اإلمكانيات كالخبرة ما يجعميـ يتابعكف عف كتب مناقشة نص ضريبي‪ ،‬بؿ بإمكانيـ‬

‫‪ -1‬إف مقكلة "ال يعذر أحد بجيمو القانكف" تفقد مدلكليا بالنسبة لمقانكف الضريبي بالنظر لتعقيد‬
‫نصكصو ككثرتيا ناىيؾ عف ارتفاع نسب األمية السيما كسط الممزميف الصغار‪.‬‬
‫‪ -2‬لقد تـ اسثتاء بعض الميف مف ضمنيا المحاماة‪ ،‬مثبل ‪ ،‬مف المراقبة الجبائية بحجة الحفاظ عمى‬
‫السر الميني (انظر الفصؿ ‪ 39‬مف ظيير ‪ 20‬دجنبر ‪ 1985‬المتعمؽ بالضريبة عمى القيمة‬
‫المضافة)‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫التأثير في تكجياتو بما يتبلءـ كمصالحيـ االقتصادية كالمالية‪ .‬كيتكفركف عمى عدة كسائؿ‬
‫لمضغط في ىذا االتجاه أك ذاؾ ‪ .1‬مما يضيؼ خاصية أخرل لمقانكف الضريبي‪ ،‬كىك أنو‬
‫قانكف "متفاكض بشأنو" ‪ .2‬فالتفاكض في المجاؿ الضريبي أصبح ممارسة عادية‪ ،‬سيما‬
‫كأف السمطات المالية تخشى إثارة ردكد فعؿ سمبية نتيجة اتخاذ تدابير جبائية جديدة‪ ،‬قد ال‬
‫تمقى ترحيبا مف لدف فئة الممزميف الذيف تستيدفيـ في الكقت الذم أصبحت فيو العديد مف‬
‫المنظمات المينية تتكفر عمى قنكات لمحكار كالتشاكر مع صانعي القرار الضريبي‪ ،‬كذلؾ‬
‫استباقا التخاذ إجراءات قد تمثؿ تيديدا لمصالحيـ‪ ،‬أك تمس بامتيازاتيـ‪.‬‬

‫انفقرج انثاَيح‪ :‬انرفاوض في انًجال انضريثي‬


‫يندرج مفيكـ التفاكض الضريبي في إطار عبلقات القكة التي تجمع إدارة الضرائب‬
‫كبعض فئات الممزميف‪ .‬ىذه العبلقات التي تعد سببا رئيسيا في اختبلؿ النظاـ الجبائي‬
‫المغربي‪ ،‬كالتي تنعكس سمبا عمى مستكل العدالة الضريبية كالمساكاة الجبائية‪ ،‬كما تؤثر –‬
‫أيضا‪ -‬عمى مستكل المردكدية المالية لمضرائب‪.‬‬

‫تعتبر الضريبة مؤش ار عمى ميزاف القكة السائد بيف مختمؼ الفاعميف كاإلدارة‬
‫الضريبية‪ ،‬ليس كممزميف خاضعيف لمضريبة‪ ،‬بؿ كشركاء في صناعة القرار الضريبي‪.‬‬

‫إف سيطرة الضرائب غير المباشرة – مثبل‪ -‬ضمف بنية نظامنا الجبائي‪ ،‬كضعؼ‬
‫تضريب القطاعيف الفبلحي كالعقارم بشكؿ ال يتناسب مع أكضاعيا داخؿ نسيج االقتصاد‬
‫الكطني‪ ،‬إنما يعكس – في الكاقع‪ -‬طبيعة كمستكل عبلقات القكة ىاتو‪.‬‬

‫إال أنو بجدر بنا – أكال‪ -‬تكضيح مفيكـ التفاكض في محاكلة لرفع المبس الذم قد‬
‫يحيط بو‪ .‬كبالتالي معرفة أنكاعو كمستكياتو‪ ،‬ككذا الفاعميف المعنييف بالتفاكض الجبائي‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد شكيري‪" :‬القانكف الضريبي المغربي" منشكرات المجمة المغربية لئلدارة المحمية كالتنمية‪،‬‬
‫‪.2005‬‬
‫‪ -2‬محمد شكيري‪ :‬نفس المرجع السابؽ‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫‪- 1‬أشكال التفاوض‪:‬‬

‫قد يبدك ىذا المصطمح الشائع االستعماؿ‪ ،‬كاضحا كمفيكما‪ ،‬إال أف شيكع استعمالو‬
‫– خاصة مف طرؼ كسائؿ اإلعبلـ المختمفة‪ -‬أدل إلى تمييعو‪ ،‬كاضفاء بعض الغمكض‬
‫عميو‪ .‬ذلؾ أنو أصبح يستعمؿ في غير محمو‪ ،‬فاالستعماؿ العشكائي ليذا التعبير يختمؼ‬
‫–غالبا‪ -‬مع غيره مف‬ ‫عف مدلكلو التقني كمصطمح حيث يختمط مصطمح "التفاكض"‬
‫المصطمحات التي قد تدؿ عمى نفس المعنى كمنيا‪ :‬الحكار‪ ،‬المشاكرة‪،‬‬
‫كالمفاكضة‪...1‬الخ‪...‬‬

‫كما أف طرؽ ممارستو عديدة‪ ،‬فقد يتـ في إطار "أياـ دراسية" أك "مكائد مستديرة" أك‬
‫"عشاء‪/‬مناقشة"‪ ،‬أك ندكات مشتركة‪ ،‬ككميا صيغ حديثة لتبادؿ الرأم‪ ،‬كجس النبض‪،‬‬
‫كاالستعداد لمكاجية كافة االحتماالت المتكلدة عف ردكد الفعؿ المحتممة لمختمؼ الفاعميف‬
‫في الحقكؿ السياسية كاالقتصادية كاالجتماعية كالمالية‪.‬‬

‫أ) المشاورة أو التشاور‪:‬‬

‫كىك لقاء يتـ بقصد تبادؿ اآلراء كاألفكار‪ ،‬كىك يسمح بانتقاؿ المعمكمات‬
‫كالمعطيات‪ ،‬كتكضيح الرؤل‪ ،‬عبر تقديـ البيانات‪ ،‬كىك بيذه الصفة يظؿ اختياريا‪ ،‬إنو‬
‫مكاجية بيف الشركاء‪ ،‬حيث يرغب كؿ منيـ في احتبلؿ مكقع قكة‪ .‬كفي المجاؿ الجبائي‬
‫تممؾ إدارة الضرائب كامؿ الصبلحية في استدعاء الممزميف المعنييف لعقد ىذا النكع مف‬
‫المقاءات‪ ،‬كذلؾ مف أجؿ إبداء الرأم حكؿ مقتضيات ضريبية جديدة تعتزـ اإلدارة‬

‫‪ -1‬تحيؿ ىذه المصطمحات عمى مجاؿ القانكف الدكلي كالعبلقات الدكلية‪ ،‬حيث نجد معنى محددا‬
‫لكممصطمح عمى حدة‪ :‬التفاكض‪ ،‬الحكار‪ ،‬التحكيـ‪ ،‬الكساطة‪...‬الخ‪ ،‬راجع في ىذا الشأف‪:‬‬
‫محمد خمف‪" :‬حؽ الدفاع الشرعي في القانكف الدكلي الجنائي"‪.1973 .‬‬

‫‪119‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫اتخاذىا‪ .‬كما أنيا تظؿ غير ممزمة باآلراء كالمكاقؼ كاالقتراحات التي قد يبدييا الممزميف‬
‫أك مف يمثمكنيـ‪.‬‬

‫ب) الـحـوار‪:‬‬

‫يقتضي الحكار تقابؿ إرادة المعنييف باألمر مف اجؿ عقد لقاء بقصد تبادؿ األفكار‬
‫حكؿ مكضكع معيف‪ ،‬كاجراء محادثات مف أجؿ التكصؿ إلى صيغة لمتكافؽ أك التراضي‪.‬‬
‫كالمبلحظ أنو في إطار الحكار – يتـ غالبا‪ -‬البحث عف الحقيقة‪ ،‬كعف العدالة‪ .‬في ىذا‬
‫اإلطار يتنازؿ كؿ طرؼ بمحض إرادتو عف استعماؿ كسائؿ الضغط أك اإلكراه أك العنؼ‬
‫اتجاه اآلخر‪ ،‬أك حتى التيديد بالمجكء إلييا‪.‬‬

‫إنو لقاء الشركاء الذيف يكجدكف في كضعية المساكاة كالتقارب في الرؤل كفي‬
‫التكجيات‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- JACQUES LEURAT : « Dialogue et démocratie » REV. AL ASAS. N°‬‬
‫‪107, 1991.‬‬

‫‪120‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫ج) المفاوضة أو التفاوض‪:1‬‬

‫تتميز المفاكضة بككنيا تتمكقع داخؿ إطار صراع القكل كالمصالح المتضاربة‪ ،‬مع‬
‫إمكانية المجكء إلى العنؼ الكبلمي أك نشكب المبلسنات‪ ،‬كاستغبلؿ نقاط ضعؼ الخصـ‬
‫مع استعماؿ كافة أساليب المناكرة كالخداع كالتمكيو كالمبالغة‪.‬‬

‫كتسمح المفاكضة بالمجكء إلى المساكمات‪ ،‬كالتيديد‪ ،‬أك التمميح باستعماؿ كافة‬
‫أشكاؿ الضغط كالقكة‪ .‬كيبحث المفاكضكف – غالبا‪ -‬عف الحمكؿ كاالتفاقيات األكثر امتيا از‬
‫كالتي تجمب أكبر المكاسب‪ ،‬كتقدـ أكثر الضمانات الممكنة‪.‬‬

‫إف نجاح المفاكضة رىيف بالحصكؿ عمى ىذه المكاسب‪ ،‬أك عمى األقؿ عف حمكؿ‬
‫كسط تككف عبارة عف تراضي‪ .‬إف انتياء المفاكضة بدكف تحقيؽ مكاسب يعني بقاء‬
‫الصراع مفتكحا‪ ،‬كىك أمر تسعى األطراؼ المتفاكضة – غالبا‪ -‬عدـ الكقكع فيو‪.2‬‬

‫إف التفاكض أصبح –عمميا‪ -‬أنجع أسمكب لحؿ الصراعات بيف مختمؼ الفاعميف في‬
‫المجاالت السياسية كاالقتصادية كاالجتماعية (حككمات‪ ،‬نقابات‪ ،‬أحزاب‪ ،‬جمعيات‬
‫المجتمع المدني) إف انفتاح الدكلة عمى شركائيا أدل إلى خمؽ ثقافة جديدة يتبكأ فييا‬
‫التفاكض مكانة ىامة لتفادم االحتقانات‪ ،‬كمحاكلة إليجاد مختمؼ التسكيات كالتكافقات‬
‫الممكنة‪.3‬‬

‫إذا كاف ىذا العرض السريع قد تضمف مجمكعة مف المفاىيـ‪ ،‬فإنو يكضح – إلى حد‬
‫ما‪ -‬الحقؿ الداللي لمكممة‪ ،‬إال أف تطبيقاتو تشمؿ العديد مف المياديف مثؿ الدبمكماسية‪،‬‬
‫كالتجارة الدكلية‪ ،‬كفض النزاعات المسمحة‪ ،‬كتصفية تركات االستعمار‪...‬الخ‪ ..‬إال أنيا‬

‫‪ -1‬يعني تعبير‪ « négociant » :‬تاجر في المغة الفرنسية‪ ،‬كما تعني البائع أك المشترم معا‪ ،‬كىي‬
‫عممية ترمي إلى تحقيؽ أكبر المنافع الممكنة‪.‬‬
‫‪ « Dialogue et démocratie » -2‬مرجع سابؽ‪.‬‬
‫‪ -3‬لقد شاع استعماؿ تعبير "التكافؽ" ‪ ،‬منذ تعييف حككمة التناكب ‪ ،‬كقد استعمؿ لمداللة عف التنازالت‬
‫المتبادلة التي قدمتيا مختمؼ التشكيبلت السياسية إلنجاح تجربة "التناكب التكافقي"‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫(أم التطبيقات) تتـ عبر مؤسسات مختمفة تتكفر – في الغالب‪ -‬عف الصفة‪ ،‬ككذا عف‬
‫المشركعية التي تؤىميا لمقياـ بذلؾ‪.‬‬
‫جدول يتضمن اإلجراءات الجبائية االستثنائية‬

‫النسبة المائوية ‪%‬‬ ‫العدد‬ ‫نوع اإلجراء‬


‫‪58,5‬‬ ‫‪197‬‬ ‫إعفاءات كمية‬
‫‪15,7‬‬ ‫‪53‬‬ ‫إعفاءات جزئية‬
‫‪0,6‬‬ ‫‪2‬‬ ‫إعفاءات مؤقتة‬
‫‪10,1‬‬ ‫‪34‬‬ ‫تخفيضات‬
‫‪6,8‬‬ ‫‪23‬‬ ‫خصوم‬
‫‪3,3‬‬ ‫‪11‬‬ ‫إسقاطات‬
‫‪1,8‬‬ ‫‪6‬‬ ‫احتياطيات‬
‫‪1,2‬‬ ‫‪4‬‬ ‫تضريب جزافي‬
‫‪2,1‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪100%‬‬ ‫‪377‬‬ ‫المجموع‬
‫انًصذر ‪ :‬كراب األسرار يحًذ انصثيحي ‪précis de gestion budgétaire‬‬

‫‪ -2‬ىيئات التفاوض‪:‬‬

‫إذا كانت المفاكضة قد نشأت في المجاؿ الدبمكماسي‪ ،‬فقد انتقمت إلى عالـ التجارة‬
‫ثـ إلى عالـ السياسة‪ ،‬كىي إحدل الكسائؿ المعتمدة في صناعة القرار الضريبي‪ ،‬حيث‬
‫يتـ المجكء إلييا كمما دعت الحاجة إلى ذلؾ‪ ،‬كبذلؾ يتـ االنتقاؿ مف عيد الدكلة القكية‬
‫التي تسمك عمى األفراد‪ ،‬كتنفرد بصناعة القانكف‪ ،‬إلى الدكلة الشريؾ‪ ،‬التي تجد نفسيا‬
‫مضطرة إلى االستماع إلى آراء شركائيا‪ ،‬كالعمؿ عمى أخذ طمباتيـ بعيف االعتبار‪.‬‬

‫إف تنامي مصالح بعض المجمكعات المينية كتضاربيا‪ ،‬جعؿ ممثمييا يساىمكف‬
‫بشكؿ مباشر في كضع النظاـ الجبائي الخاص بيـ‪ ،‬كىي المجمكعات المينية األكثر‬
‫ىيكمة كاألكثر تنظيما‪ ،‬كاألكثر قكة‪ ،‬كىي التي استطاعت أف تفرض نفسيا كمخاطب‬
‫مؤىؿ لمتفاكض مع إدارة الضرائب‪.1‬‬

‫‪ -1‬سكؼ نتعرض إلى دكر مجمكعات الضغط الحقا‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫غير أف ىذا الكضع – كاف كاف يبدك ديمقراطيا مف الكجية الشكمية‪ -‬إال أنو سكؼ‬
‫يتكلد عنو نظاما جبائيا يستجيب – في مجممو‪ -‬لتطمعات المجمكعات التي تييمف عمى‬
‫النشاط االقتصادم‪ ،‬مع تيميش لمفئات التي ال تستطيع التعبير عف انتظاراتيا‪ ،‬كبيذا‬
‫االعتبار‪ ،‬يككف التفاكض قد ألحؽ ضر ار بالغا بمبدئي العدالة‪ ،‬كالمساكاة الضريبية‪.‬‬

‫‪ -3‬شركاء التفاوض الجبائي‬

‫يتـ التفاكض بيف فاعميف كفرقاء سياسييف كاجتماعييف كادارييف مف أجؿ صياغة‬
‫مقبكلة أك عمى األقؿ مف شأنيا أف تثير أقؿ االعتراضات الممكنة‪ ،‬إال أنو إذا كاف بعض‬
‫الباحثيف قد ركز عمى بعض المؤسسات كإطار طبيعي لمتفاكض الجبائي (كالبرلماف‬
‫– بامتياز‪ -‬ىك اإلدارة‬ ‫مثبل)‪ ،1‬إال أننا نرل باف مركز المفاكضات الجبائية يظؿ‬
‫الضريبية‪.‬‬

‫أ) اإلدارة الجبائية‪:‬‬

‫تعد اإلدارة الجبائية القناة المثالية إلجراء مثؿ ىذا النكع مف المفاكضات‪ ،‬فبالرغـ مف‬
‫ككف دكرىا ينحصر في تطبيؽ القانكف –مبدئيا‪ -‬إال أف الكاقع العممي قد أثبت أنيا أداة‬
‫ىامة في صياغة مجمؿ النصكص الضريبية ‪.2‬‬

‫لقد أصبحت "قابمية" اإلدارة الجبائية لمتفاكض أم ار حتميا‪ ،‬كذلؾ بالنظر إلى تعقد‬
‫المادة الضريبة‪ ،‬ككثرة كتنكع الممزميف‪ ،‬ككفرة األنظمة الجبائية الخاصة‪ .‬حيث أصبح‬
‫يتطمب كضع نص جبائي دراسة مختمؼ جكانبو مف ضبط شركط الخضكع لمقتضياتو‬
‫إلى تحديد أسعار الضريبة مع مراعاة مقتضيات اإلعفاء كالتي غالبا ما تثير العديد مف‬

‫‪ -1‬محمد شكيري‪" :‬القانكف الضريبي المغربي"‪ ،‬أطركحة لنيؿ شيادة دكتكراه الدكلة‪ ،‬جامعة الحسف‬
‫الدار البيضاء‪.‬‬ ‫الثاني لكمية الحقكؽ‪،‬‬
‫‪ -2‬انظر‪ :‬عبد الرفيع بوداز ‪" :‬اإلدارة الجبائية بالمغرب" رسالة لنيؿ دبمكـ السمؾ العالي لئلدارة‬
‫العمكمية ‪.1988‬‬

‫‪123‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫النقاشات‪ .‬كقد دفعت الرغبة في تفادم الصعكبات الناجمة عف تطبيؽ النصكص‬


‫الضريبية – كالتي غالبا ما ال تبدك أثناء صياغة النص‪ -‬إلى إشراؾ الممزميف أك مف‬
‫يمثميـ لبلستئناس بآرائيـ‪ ،‬كأخذ بعض اقتراحاتيـ بعيف االعتبار‪ ،‬مع الحرص عمى احتراـ‬
‫تكجييات الحككمة‪ ،‬فالنص في نياية المطاؼ ىك نص حككمي ‪.1‬‬

‫لقد أدت الممارسة العممية لؤلطر العميا إلدارة الضرائب مف اكتساب خبرة كبيرة في‬
‫مجاؿ تدبير الممفات الكبرل‪ ،‬كالتي تتعمؽ بالمقاكالت الكبرل‪ ،‬أك تفرض تدابير جبائية تيـ‬
‫بعض أصناؼ الميف الحرة كالمنظمة بشكؿ محكـ (كنقابات األطباء‪ ،‬كالصيادلة‪،‬‬
‫كالمحامكف‪ ،‬كالمكثقكف‪ ،‬كالميندسكف المعماريكف‪...‬الخ) ىذه المجمكعات المينية التي‬
‫أصبحت تشكؿ لكبيات تتمتع بقكة حقيقية تمكنيا مف فرض كجية نظرىا أثناء إعداد‬
‫النصكص الضريبية المتعمقة بيا‪ ،‬بؿ كفرض إدخاؿ تعديبلت عمييا حتى قبؿ عرضيا‬
‫عمى لجنة المالية بالبرلماف‪.2‬‬

‫كىكذا‪ ،‬أخذت تترسخ بعض األعراؼ داخؿ مديرية الضرائب‪ ،‬حيث يتـ استدعاء‬
‫بعض المجمكعات المينية أثناء إعداد النص الضريبي الذم سكؼ تخضع لو‪ ،‬كذلؾ‬
‫بقصد التشاكر حكؿ أىـ مقتضياتو‪ ،‬كأحيانا يتـ عقد ىذا النكع مف االجتماعات بعد‬
‫المصادقة عمى النص المعني‪ ،‬ذلؾ أف تأثير المجمكعات المينية ال ينحصر في‬
‫– أحيانا‪ -‬إلى المشاركة في تحرير‬ ‫المساىمة في صياغة النص الضريبي‪ ،‬بؿ يتعداه‬
‫المذكرة التفسيرية التي تصدرىا إدارة الضرائب كالتي تتضمف كجية نظر اإلدارة بخصكص‬

‫‪ -1‬اعترؼ نور الدين بنسودة ‪ ،‬مدير الضرائب بأف اإلدارة الضريبية تقكـ بإجراء مشاكرات‪ ،‬بيف‬
‫مختمؼ الشركاء أثناء تحضير القانكف المالي‪ ،‬كما يحدث نفس الشيء أثناء صياغة المذكرات‬
‫التفسيرية‪:‬‬
‫‪ -‬راجع‪Assises fiscales sur la fiscalité, Rabat, 26 Nov.1999. :‬‬
‫‪ -2‬كانت جؿ التعديبلت المقبكلة في إطار النقاشات حكؿ مشركع قانكف المالية لسنة ‪ ، 99/98‬تعبر‬
‫عف مطالب رجاؿ األعماؿ الذيف سبؽ أف تقدمكا بمذكرة بشأف مطالبيـ الجبائية إلى الحككمة‪ ،‬قبؿ‬
‫تحضير مشركع قانكف المالية المعني‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫التدابير الجبائية الكاردة في قانكف المالية‪ ،‬كبياف طريقة التطبيؽ مع سرد اإلجراءات‬
‫المكاكبة‪ ،‬ككذا المساطر الكاجبة التطبيؽ‪.1‬‬

‫كبالرغـ مف ذلؾ‪ ،‬فإف ىذه المكبيات أصبحت تجد صعكبات كبيرة في التفاكض بشأف‬
‫حماية مصالحيا كالحفاظ عمى امتيازاتيا‪ ،‬كذلؾ بالنظر إلى كجكد مجمكعة مف التقنييف‬
‫كالخبراء في المادة الضريبة داخؿ اإلدارة‪ ،‬أصبحكا يمارسكف تأثي ار قكيا في صياغة النص‬
‫النيائي‪ ،‬لدرجة أف تأشيرة السمطات المالية ال تعدك ككنيا إجراءا شكميا‪ ،‬بؿ إف مناقشة‬
‫– في الغالب‪ -‬مف مجمؿ النص األصمي‪،‬‬ ‫النص أماـ لجنة المالية بالبرلماف ال يغير‬
‫الذم تمت صياغتو داخؿ أركقة إدارة الضرائب‪.‬‬

‫إف التفاكض أصبح البديؿ المكضكعي لتفادم االعتراض عمى الضريبة‪ .‬صحيح أنو‬
‫– األكثر تنك ار‪-‬‬ ‫لـ يعد ممكنا قياـ تمرد أك ثكرة ضد الضريبة‪ ،‬إال أف استغبلؿ الممزميف‬
‫لمثغرات القانكنية لممارسة التممص الضريبي‪ ،‬ككذا المجكء إلى أساليب تدليسية لممارسة‬
‫الغش الجبائي‪ ،‬أصبح التعبير الشائع عف مقاكمة الممزـ لمضريبة ‪.2‬‬

‫إال أف الحقيقة األساسية الكامنة كراء أخذ اإلدارة المبادرة لمتفاكض‪ ،‬تتمثؿ في ككف‬
‫اإلدارة ال تتكفر عمى اإلمكانيات التقنية كالبشرية الكفيمة بإنجاز العمميات المطمكبة‬
‫(فحص اإلق اررات‪ ،‬إعداد الجداكؿ‪ ،‬دراسة الكثائؽ‪ ،‬القياـ بالمراقبة‪...‬الخ ناىيؾ عف دراسة‬
‫ممفات المنازعة‪.3)...‬‬

‫‪ -1‬تعد المذكرات التفسيرية ذات أىمية قصكل باعتبارىا قراءة ثانية لمنص الضريبي‪ ،‬كمحاكلة لمتأكيؿ‪،‬‬
‫بالرغـ مف استبعاد القضاء اإلدارم ليا أثناء البث في النزاعات الضريبية‪.‬‬
‫‪ -2‬أرجع السيد الكزير األكؿ إدريس جطك‪ ،‬ظاىرة الغش الضريبي إلى كثرة الثغرات القانكنية التي‬
‫تحتكييا النصكص الضريبية كطالب بصياغة "نصكص أكثر جكدة‪ ،‬كأكثر مناعة"‪.‬‬
‫‪ -3‬لقد ازداد كضع التأطير بإدارة الضرائب سكاءا كذلؾ بعد عممية المغادرة الطكعية حيث غادر‬
‫اإلدارة عدد ىاـ مف األطر العميا المستاءة مف سكء التدبير اإلدارم عبلكة عمى األعداد اليائمة مف‬
‫المحاليف عمى التقاعد بحكـ بمكغ السف القانكني‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫كيجدر التذكير‪ ،‬أف الجبائية التي تشكؿ إحدل المحاكر األساسية لمحمبلت‬
‫اإلنتخابية في الدكؿ الديمقراطية‪ ،‬تعتبر في دكؿ العالـ الثالث كسيمة لترضية المكبيات‬
‫القكية (كبار المزارعيف‪ ،‬كبار المبلؾ العقاريييف)‪ ،‬المذيف يفصمكف النظاـ الجبائي عمى‬
‫مقاس مصالحيـ‪ ،‬كفؽ ما يفرضو طمكحيـ الطبقي ‪.1‬‬

‫كاذا كانت اإلدارة الجبائية الجياز األكثر مبلءمة لممارسة التفاكض الجبائي‪ ،‬فإنيا‬
‫ليست الكحيدة – عمى كؿ حاؿ‪ -‬إذ تتقاسـ ىذا "االمتياز" مع مؤسسة أخرل أكثر أىمية‬
‫ىي البرلماف‪ ،‬حيث يعد ىذا األخير مؤسسة لمنقاش السياسي العمني‪ ،‬إال أنو في بعض‬
‫األحياف يتحكؿ إلى مكاف لممارسة الضغكط‪ ،‬كتقديـ التنازالت‪ ،‬كانجاز التكافقات الممكنة‪،‬‬
‫كىكذا‪ ،‬تصبح التعديبلت خبلصة المفاكضات التي تمت في الككاليس‪ ،‬ذلؾ أف بعض‬
‫التعديبلت ال يتـ طرحيا داخؿ المجنة المعنية إال بعد عمميات جس نبض الحككمة‬
‫– في إطار مشاكرتيا مع أغمبيتيا‪-‬‬ ‫حياليا‪ ،‬أما إذا اعترضت الحككمة عمى تعديؿ ما‬
‫فإنو – غالبا‪ -‬ما يتـ سحبو مف الئحة التعديبلت المقترحة نظ ار لتضاؤؿ فرص قبكلو‪.‬‬

‫فيؿ يعكس البرلماف تفكؽ المكبيات أثناء مناقشة القانكف المالي؟؟ أـ أف قكتيا‬
‫اإلفتراضية تصطدـ بمنطؽ الفصؿ ‪ 51‬الشيير مف الدستكر؟؟‪.2‬‬

‫ب) الـبرلـمان‪:‬‬

‫يعد البرلماف ‪ 3‬بغرفتيو الجياز المكمؼ بدراسة كالمصادقة عمى القكانيف‪ ،‬كما يعتبر‬
‫المكاف األكثر مبلءمة إلجراء مختمؼ أنكاع المقاءات كالمشاكرات‪ ،‬ككذا المفاكضات‪،‬‬

‫‪ -1‬عبد الرفيع بوداز‪" :‬اإلدارة الجبائية بالمغرب" مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.65 :‬‬
‫‪ -2‬لقد أثار الفصؿ ‪ 51‬مف الدستكر نقاشا فقييا كبي ار حيث يمكف الحككمة مف رفض أم نص تعديؿ‬
‫بدكف تقديـ أم تبرير سيما كأف المجكء المكثؼ لو ليس لو ما يبرره‪. ،‬راجع المبحث األكؿ مف‬
‫القسـ األكؿ‪.‬‬
‫‪ -3‬سكؼ نتعرض لمػبرلماف كجياز لمتفاكض بإيجاز‪ ،‬ذلؾ أننا خصصنا حي از بالقسـ األكؿ لدكر‬
‫البرلماف في صناعة القرار الضريبي‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫– أحيانا‪ -‬نقاشات أىـ بكثير مف تمؾ التي‬ ‫حيث يتـ كؿ ذلؾ في ككاليسو التي تعرؼ‬
‫تدكر في لجانو أك حتى في الجمسات العمكمية‪.‬‬

‫كبالرغـ مف ككف الحككمة تتميز بالتفكؽ عمى البرلماف في كضع القكانيف ‪ .1‬إال أف‬
‫البرلماف الذم يتككف مف منتخبيف‪ ،‬يمتمؾ حؽ إدخاؿ تعديبلت قبؿ التصكيت الذم يعكػس‬
‫– بشكؿ عاـ‪-‬‬ ‫‪ -‬في غالب األحياف‪ -‬التكافقات بيف كؿ الفرقاء‪ .‬صحيح أف ميزاف القكة‬
‫ليس في صالحو‪ .‬إال أف ما ييمنا في ىذا الصدد ىك أف كؿ الشركاء كالفرقاء السياسييف‬
‫كاالقتصادييف كاالجتماعييف يعتبركنو اإلطار المؤىؿ لمتنسيؽ كالتشاكر كالتفاكض‪.‬‬

‫إف الحديث عف البرلماف (بغرفتيو) إنما نعني بو – أساسا‪" -‬لجنة المالية كالتخطيط‬
‫كالتنمية الجيكية"‪ .‬كىي المجنة التي تضـ ما يناىز ‪ 60‬نائبا‪ ،‬كىي تستقطب اىتماـ كؿ‬
‫النكاب كممثمي األحزاب السياسية‪ ،‬كالصحافة الكطنية أيضا‪ ،‬كذلؾ بالنظر لما يدكر في‬
‫–أيضا‪-‬‬ ‫جمساتيا مف نقاشات ىامة بمناسبة تقديـ مشركع قانكف المالية كؿ سنة‪ .‬كنظ ار‬
‫إلى الصراعات الخفية التي تثكر بيف مختمؼ المكبيات التي تتصارع عمى أف تككف ممثمة‬
‫داخؿ المجنة (أطباء‪ ،‬محامكف‪ ،‬صيادلة‪ ،‬رجاؿ أعماؿ‪...‬الخ)‪.‬‬

‫كقد اكرد السيد الطاىر المصمكدم ‪ ،2‬الذم كاف يرأس ىذه المجنة في الفترة الممتدة‬
‫ما بيف ‪ 84‬ك ‪ 92‬رأيا يؤكد ىذه الممارسة حيث يقكؿ‪" :‬نظ ار لمتمثيمية الضعيفة لفئة‬
‫األطباء داخؿ المجنة‪ ،‬فإف ىؤالء لـ يتمكنكا مف االحتفاظ باالعفاء الذم كاف مقر ار‬
‫‪%7‬‬ ‫لفائدتيـ برسـ الضريبة عمى القيمة المضافة‪ ،‬حيث تـ فرض الضريبة عمييـ بسعر‬

‫‪ -1‬طبقا لمفصؿ ‪ 56‬مف الدستكر‪.‬‬


‫راجع أيضا مضمكف الفصؿ ‪ 53‬مف الدستكر‪.‬‬
‫‪ -2‬الطاىر المصمودي‪" :‬ممارسة السمطة المالية لمبرلماف (‪ ،")1992-1962‬مقاؿ غير منشكر‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫– نظ ار لتعبئتيـ‪ ،‬ككثرتيـ العددية‪ -‬مف‬ ‫في الكقت الذم استطاعت فيو فئة المحامكف‬
‫الحصكؿ عمى تخفيض برسـ نفس الضريبة مف ‪ %14‬إلى‪. %7 1‬‬

‫إف تمثيمية النكاب لمختمؼ الحساسيات السياسية كالنقابية‪ ،‬يجعميـ محط تأثيرات‬
‫كضغكط تمارسيا مختمؼ األكساط كالجيات لمتأثير في اتجاه اتخاذ قرار معيف‪ ،‬أك إلغاء‬
‫تدبير ال يحظى برضى جماعات الضغط‪ ،‬أك العمؿ عمى التقميص مف أحد األسعار‬
‫الضريبية ألسباب انتخابية محضة ‪.2‬‬

‫كبالرغـ مف كجكد عدة جمعيات لمدفاع عف المستيمكيف‪ ،‬سيما بعد صدكر قانكف ييـ‬
‫المستيمؾ‪ ،‬فإننا نستغرب لعدـ كجكد جمعية لمدفاع عف الممزميف الصغار‪ ،‬خاصة كأف‬
‫جمعيات المجتمع المدني المغربي قد عرفت تطك ار نكعيا سكاء بالنسبة لنشاطاتيا أك‬
‫بالنسبة لتاثيرىا عمى صناعة القرار بالمغرب‪ ،‬ربما يعكد غياب ىذا النكع مف الجمعيات‬
‫إلى صعكبة انتظاـ صغار الممزميف كذلؾ بالنظر إلى كثرة عددىـ كالتنكع الشديد الذم‬
‫يطبع نشاطاتيـ‪ .‬إال أف كجكد شرائح معينة مف ىؤالء الممزميف قد يساعد عمى خمؽ ىذا‬
‫النكع مف التنظيمات كقنكات لممارسة التأثير الذم لـ يكفؽ النكاب البرلمانييف في‬
‫ممارستو‪.3‬‬

‫كتجدر اإلشارة إلى مبادرة في غاية األىمية‪ ،‬أقدـ عمييا البرلماف المغربي منذ الكالية‬
‫البرلمانية السادسة‪ ،‬كتتمثؿ في تنظيـ بعض الفرؽ البرلمانية ألياـ دراسية‪ ،‬كندكات‬

‫‪ -1‬كاف ذلؾ بمناسبة مناقشة مشركع قانكف المالية لسنة ‪.1992‬‬


‫‪ -2‬اقتراح الرفع مف الحد المعفى مف الضريبة العامة عمى الدخؿ برسـ قانكف المالية لسنة ‪ 2007‬مف‬
‫‪ 20.000‬إلى ‪ 24.000‬درىـ‪ ،‬بعد تكالي االحتجاجات إثر ارتفاع كمفة المعنية‪ ،‬كتدىكر القدرة‬
‫‪ 2007‬سنة االنتخابات‬ ‫الشرائية لفئات كاسعة مف المكاطنيف‪ ،‬كقد صادؼ ذلؾ ككف سنة‬
‫التشريعية‪.‬‬
‫– مثبل‪ -‬عف استيائيا مف خضكع راتب المعاش لنفس أسعار‬ ‫‪ -3‬لقد عبرت رابطة المتقاعديف‬
‫الضريبة العامة عمى الدخؿ‪ ،‬كتطالب بالتمييز بيف راتب المعاش كأجكر المكظفيف عمى مستكل‬
‫ىذه الضريبة‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫كلقاءات حكؿ مكاضيع معينة‪ ،‬مع استدعاء مجمكعة مف الفعاليات المختصة بمجاؿ‬
‫معيف لمناقشة النكاب داخؿ المجمس‪ ،‬كلعميا المناسبة الكحيدة التي انفتح فييا البرلماف‬
‫المغربي عمى كفاءات عممية كخبرات مالية كتقنية مف خارج البرلماف‪ ،‬كقد كانت ىذه‬
‫المقاءات مناسبة لتبادؿ الرأم مع أىؿ الخبرة كاالختصاص لمعرفة مختمؼ التكجيات‬
‫الكبرل التي تطبع مجاال مف المجاالت‪ ،‬كذلؾ لؤلخذ بيا عند مناقشة التدابير المزمع‬
‫اتخاذىا في المجاؿ المعني ‪ ،1‬ككـ نكد أف يستمر ىذا النكع مف المبادرات‪ ،‬كأف يشكؿ سنة‬
‫محمكدة تقتدم بيا كؿ األحزاب الممثمة بالبرلماف‪ ،‬كذلؾ لككنيا صيغة تتصؼ بالكثير مف‬
‫المركنة كالبساطة بعيدا عف األجكاء الرسمية التي غالبا ما تفرض لغة خشبية‪ ،‬ىذا عبلكة‬
‫عمى ككف ىذا النكع مف المقاءات يعد غير ممزـ ألم طرؼ بالنظر إلى النتائج‬
‫كالخبلصات التي مف شأنيا أف تتمخض عنيا ‪.2‬‬

‫ج) الـحـكومة‪:‬‬
‫أما عمى المستكل الحككمي‪ ،‬فإنو ال يمكف القكؿ بكجكد قنكات لمحكار كالتشاكر‬
‫بالمعنى المشار إليو سالفا‪ .‬فبالرغـ مف أف الحككمة تتككف – بطبيعة الحاؿ‪ -‬مف الكزير‬
‫األكؿ كالكزراء‪ ،‬كأف الخطكط العريضة لمسياسة االقتصادية كالمالية لمببلد يتـ التدارس‬

‫‪ -1‬قاـ حزب االتحاد االشتراكي بتنظيـ لقاء حكؿ قانكف االنتخابات بحضكر فاعميف كخبراء‬
‫كجامعييف‪ ،‬كما قاـ حزب االستقبلؿ بتنظيـ أياـ دراسية حكؿ التدبير الجبائية لقانكف المالية‬
‫‪.2006‬‬
‫‪ -2‬تجدر اإلشارة – في نفس اإلطار‪ -‬إلى األياـ الدراسية التي نظمتيا مديرية الضرائب بتاريخ ‪26‬‬
‫ك‪ 27‬نكنبر ‪ 1999‬بالرباط‪ .‬إال أف المبلحظ أنيا المرة االكلى كاالخيرة‪ ،‬حيث لـ تنظـ أية مبادرة‬
‫مف ىذا النكع منذ ذلؾ التاريخ‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫‪1‬‬
‫ككزير المالية ىما المذاف يعتبراف‬ ‫بشأنيا في مجمس الكزراء‪ ،‬إال أف الكزير األكؿ‬
‫"مستيدفاف" مف طرؼ جماعات الضغط‪ ،‬فكزير المالية ىك الذم يقكـ بكضع الميزانية‬
‫العامة لمدكلة‪ ،‬كما يقكـ بإعداد مشاريع قكانيف المالية كعرضيا عمى غرفتي البرلماف‪،‬‬
‫كيتكلى اإلجابة عمى مختمؼ أسئمة كتدخبلت النكاب في إطار لجنة المالية‪ ،‬كما يعيد إليو‬
‫بتنفيذ قكانيف المالية بعد المصادقة عمييا‪.‬‬
‫أما الكزير األكؿ فيقكـ بدكر التنسيؽ بيف مختمؼ المصالح الحككمية‪ ،‬كما يقكـ‬
‫بتدبير الحكار االجتماعي مع مختمؼ الفرقاء االجتماعييف‪ ،‬كباعتبار األىمية القصكل‬
‫ليذا الحكار كبالنظر لككنو أخذ يشكؿ أكلكية ضمف البرامج الحككمية فإنو أصبح يمثؿ‬
‫مؤسسة قائمة بذاتيا ليا قكاعدىا الخاصة بيا‪ ،‬عبلكة عمى استدعاء الكزير األكؿ ليترأس‬
‫‪" :2‬ندكة حكؿ‬ ‫العديد مف المقاءات ذات الطابع التشاكرم‪ ،‬كىي متنكعة المضاميف‬
‫االستثمارات"‪" ،‬أياـ اقتصادية"‪" ،‬إصبلح مدكنة الشغؿ"‪...‬الخ‪.‬‬
‫كمف خبلؿ ىذه المقاءات‪ ،‬يستطيع كؿ طرؼ أف يعبر عف رأيو بطريقة غير رسمية‪،‬‬
‫بؿ إف البعض يقكـ باستغبلؿ ىذا النكع مف المقاءات بتقديـ تظممات أك شكاكم‪ ،‬أك‬
‫عرائض أك كثائؽ مكتكبة‪ ،‬تتضمف مكاقؼ محددة‪ ،‬كاقتراحات عممية ‪.3‬‬
‫إف عالـ األعماؿ أصبح كاعيا بأىمية ىذه المقاءات‪ ،‬لذلؾ فإف ممثمي المقاكالت‬
‫أصبحكا يترددكف كثي ار عمى ىذه التظاىرات‪ ،‬بؿ كيقكمكف بتنظيميا‪ ،‬كدعكة كبارالمسؤكليف‬
‫– بالرغـ مف أىميتيا‪ -‬تظؿ دكرية‪ ،‬كمحككمة بالطابع‬ ‫إلييا‪ ،‬إال أف ىذه التظاىرات‬

‫‪ -1‬تعرض الكزير األكؿ إدريس جطك أثناء لقائو برجاؿ أعماؿ فرنسييف بباريس إلى ضغكط مف أجؿ‬
‫تخفيض بعض الضرائب المفركضة عمى المستثمريف األجانب‪ ،‬كقد كعدىـ بالعمؿ عمى ذلؾ‪،‬‬
‫(جريدة المساء ‪ 13‬نكنبر ‪ ،2006‬الطبعة االكلى)‪.‬‬
‫‪ -2‬تجدر المبلحظة بأف النقابات ىي المنظمات التي تتقدـ بأكبر عدد ممكف مف المطالب إلى‬
‫الحككمة ككزير المالية بالتحديد إال أف مطالبيا ناد ار ما تمقى االستجابة‪ ،‬كذلؾ بالرغـ مف الطابع‬
‫االجتماعي ليذه المطالب‪.‬‬
‫‪ -3‬كما ىك الشأف بالنسبة لغرؼ التجارة كالصناعة‪ ،‬أك اتحاد المقاكليف المغاربة مثبل‪.‬‬

‫‪130‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫المناسباتي‪ ،‬لذلؾ فإف التركيز يتـ – كما ذكر سالفا‪ -‬عمى إدارة الضرائب‪ ،‬ككزير المالية‬
‫– أحيانا‪ -‬أكثر فاعمية مف الحكار‬ ‫ككذا البرلماف‪ ،‬ىذا إضافة إلى أساليب أخرل تككف‬
‫كالتشاكر‪.1‬‬
‫إف إحدل أىـ النتائج التي تتكلد عف ىذا الكضع الشاذ‪ ،‬ىك تفادم الخضكع إلى‬
‫القانكف‪ ،‬باعتبار أف قكاعده إنما كضعت لتطبؽ عمى الجميع بدكف محاباة أك استثناء‪،‬‬
‫كبالتالي التممص مف تحمؿ العبء الجبائي الذم يقره مبدأ مساىمة الجميع في تحمؿ‬
‫األعباء العامة طبقا لمقتضيات الدستكر‪.2‬‬
‫إف ىذا األمر يفتح النقاش كاسعا عمى مبدأ العدالة الضريبية‪ ،‬كالذم يعد تكزيع‬
‫العبء الجبائي‪ ،‬ككيفية تدبيره ضمف بنية النظاـ الضريبي أحد أبرز صكره‪.‬‬

‫‪ -1‬تعمؿ بعض مجمكعات الضغط عمى تقديـ عدة "ىدايا" إلى كبار المكظفيف بك ازرة المالية‬
‫كالخكصصة كال سيما مديرية الضرائب‪ ،‬كما أف مدير الضرائب يتمقى رسائؿ تينئة كثيرة جدا في‬
‫مناسبات مختمفة (كاألعياد‪ -‬مثبل) مف طرؼ رجاؿ أعماؿ كرؤساء أحزاب كشخصيات أخرل‬
‫لدرجة أنو خصص خمية بكامميا ضمف مصمحة التكاصؿ لمرد عمى ىذه الرسائؿ‪.‬‬
‫‪ -2‬كذلؾ طبقا لمقتضيات الفصؿ ‪ 17‬مف الدستكر‬

‫‪131‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫خاذًح انقسى انثاَي‪:‬‬


‫مف خبلؿ ما تقدـ‪ ،‬يتضح أف الخبلفات الجكىرية التي تطبع العبلقات القائمة بيف‬
‫اإلدارة الضريبية كالممزـ‪ ،‬ىي خبلفات ‪-‬تعكد باألساس ‪ -‬إلى مظاىر القصكر في المنيج‬
‫–مبدئيا‪ -‬إلى فاعميف أساسييف‬ ‫المعتمد في تدبير الضريبة‪ ،‬ىذا التدبير الذم يعد مكككال‬
‫عمى األقؿ؛ كىما المشرع الجبائي‪ ،‬كاإلدارة الضريبية‪ .‬كقد حاكلت أف أعرض بشكؿ‬
‫مكضكعي‪ ،‬دكر كؿ جياز عمى حدة‪ ،‬ككذا اختصاصاتو‪ ،‬مكاطف القكة كالضعؼ فيو‪.‬‬
‫كلعمو في الكقت الذم كاف مف المفركض فيو أف يقكـ البرلماف ‪-‬كمؤسسة دستكرية‪ -‬بمياـ‬
‫التشريع في المادة الجبائية‪ ،‬باعتبارىا سند النظاـ البرلماني نفسو‪ ،‬ككذا االستجابة إلى‬
‫انتظارات الناخبيف المتمثمة في تفادم الزيادة في العبء الجبائي‪ ،‬كاقرار عدالة في تكزيع‬
‫ىذا العبء عمى سائر الممزميف‪ ،‬في ىذا الكقت تتجمى استقالة البرلماف‪ ،‬كضعؼ أدائو‪،‬‬
‫بؿ كاألدىى مف كؿ ذلؾ‪ ،‬مساندتو لمحككمة ألسباب سياسية سبؽ التعرض إلييا بتفصيؿ‬
‫في ىذا البحث‪ ،‬كقد كانت خيبة أمؿ المكاطنيف‪/‬الناخبيف كبيرة مف جراء خذالنيـ مف‬
‫طرؼ مف انتخبكىـ لمدفاع ليس عف حقكقيـ فحسب‪ ،‬كانما أيضا عف "مكتسباتيـ" في‬
‫المجاؿ الجبائي ‪-‬عمى تكاضعيا‪ -‬في ىذا المجاؿ‪ ،‬الذم أصبح يمثؿ مسألة ذات‬
‫حساسية‪ ،‬خاصة بالنظر الرتباط االقتطاع الضريبي بقدرتيـ الشرائية‪ ،‬كبالتالي بمستكل‬
‫عيشيـ‪ .‬كلعؿ عزكؼ الناخبيف عف التصكيت خبلؿ االنتخابات التشريعية لسابع شتنبر‬
‫‪ ،2007‬ىي إحدل أىـ ردكد الفعؿ اتجاه تخاذؿ النكاب عف القياـ بالمياـ المنكطة بيـ‪،‬‬
‫كالكفاء بااللتزامات التي قطعكىا عمى أنفسيـ‪ .‬كقد أدل ىذا الكضع إلى انتقاؿ مركز‬
‫صناعة القرار الضريبي إلى اإلدارة الضريبية التي أككؿ إلييا القانكف ‪-‬مبدئيا عمى األقؿ‬
‫‪ -‬ميمة تنفيذ التشريع الضريبي أساسا‪ ،‬حيث انقمبت األدكار بشكؿ أساء إلى تدبير‬
‫الضريبة‪ ،‬كما أضر بمبدأ تكازف العبلقات بيف مختمؼ األجيزة كالمؤسسات المتدخمة في‬
‫صياغة القانكف الضريبي‪ .‬كفي الكقت الذم تطمح فيو اإلدارة الضريبية أف تستحكذ عمى‬

‫‪132‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫كؿ مككنات المسألة الضريبية ‪( 1‬أم مف إعداد الجداكؿ إلى االستخبلص مرك ار بالبث في‬
‫المنازعات‪...‬الخ)‪ ،‬فإننا ‪-‬كىذه مفارقة‪ -‬نجدىا تعاني مف خصاص ميكؿ في األطر‬
‫الكفأة‪ ،‬كقمة في التجييزات األساسية‪ ،‬كعدـ االستغبلؿ بشكؿ جيد األداة المعمكماتية‪ ،‬كعدـ‬
‫التمكف مف ضبط المادة الخاضعة لمضريبة‪ ،‬مع ضعؼ كاضح‪ ،‬إف لـ يكف عجز حقيقي‬
‫في محاربة ظاىرة التيرب كالغش الضريبييف‪ ،‬بؿ األدىى مف كؿ ذلؾ ىك غياب أية‬
‫استراتيجية في مجاؿ تدبير الضريبة‪ .‬فما ىي أىداؼ الضريبة بالمغرب؟ ىؿ ىي تحقيؽ‬
‫أعمى المعدالت عمى مستكل المداخيؿ أـ ىي إعادة تكزيع الدخؿ الكطني؟ أـ تطبيؽ مبدأ‬
‫المساكاة في تحمؿ األعباء العامة؟ أـ العمؿ عمى تمكيؿ الميزانية العامة لمدكلة بغض‬
‫النظر عف كؿ االعتبارات األخرل؟‬

‫كبعيدا عف الشعارات التي يرددىا الخطاب السياسي‪ ،‬يبدك بأنو مف المستحيؿ الجمع‬
‫بيف كؿ ىذه األىداؼ في إطار إستراتيجية محددة تتسـ بالكضكح كاالنسجاـ كالكاقعية‪،‬‬
‫ذلؾ أف إكراىات الكاقع االقتصادم لمدكلة‪ ،‬ككذا تأثير المحيط الدكلي‪ ،‬كغمبة النظرة‬
‫الماكرك‪-‬اقتصادية‪ ،‬تجعؿ االعتقاد يميؿ إلى أف العدالة الجبائية كالمساكاة أماـ الضريبة‬
‫مجرد شعارات استيبلكية تتجدد مع كؿ مكسـ انتخابي ال أكثر‪.‬‬

‫كلعؿ إحداث القضاء اإلدارم قد أعطى مدلكال إيجابيا لدكلة القانكف‪ ،‬ككاف لو األثر‬
‫الفعاؿ في إضفاء نكع مف التكازف كالمساكاة في العبلقة بيف اإلدارة الضريبية كالممزـ‪ .‬ىذه‬
‫العبلقة التي تميزت دكما بالكثير مف الشذ كالجذب‪ ،‬كبالشؾ كاالتيامات المتبادلة‪ ،‬إال أف‬
‫صدكر عدة أحكاـ كق اررات تقضي بإلغاء الضرائب المفركضة‪ ،‬جعمت اإلدارة ال تنظر‬
‫بعيف الرضي إلى ىذا الفاعؿ الجديد‪ ،‬بالرغـ مف ككنو يتميز باالستقبللية كالحياد‬
‫كالمكضكعية كمف بيف أقؿ االتيامات قسكة في حؽ القضاء‪ ،‬ىي أنو ال يستكعب جيدا‬

‫‪ -1‬كىذا ما حدث بالفعؿ مؤخرا‪ ،‬حيث أصبح استخبلص بعض الضرائب مف اختصاص اإلدارة‬
‫الضريبية بدال مف الخزينة العامة كما كاف الشأف سابقا‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫مقاصد المشرع الجبائي‪ ،‬كأنو يجانب الصكاب في قراءتو المتسرعة لمنصكص الضريبية‪.‬‬
‫كرغبة في تقريب كجيات النظر بيف القضاء كاإلدارة الضريبية‪ ،‬تـ تنظيـ ندكة مشتركة‬
‫حكؿ العمؿ القضائي كالمنازعات الضريبية‪ ،‬دافع خبلليا كؿ طرؼ عف مكاقفو ككجيات‬
‫نظره‪ ،‬كبالرغـ مف مركر ثبلثة أياـ مف المناقشات‪ ،‬يبدك بأف جكىر الخبلؼ الزاؿ قائما‬
‫نظ ار لككف المسألة الضريبية بالغة التعقيد‪ ،‬كنظ ار الستمرار انفراد اإلدارة الضريبية‬
‫بصياغة القانكف الضريبي‪ .‬كبيذا االعتبار فإنيا ال يمكف أف تككف خصما كحكما في نفس‬
‫الكقت‪ ،‬سيما كأنيا أبانت عف سكء نيتيا بمناسبة تقديـ كتاب المساطر الجبائية إلى‬
‫البرلماف في كقت غير مبلئـ تماما‪ ،‬بؿ كتمريرىا لمفصؿ العاشر منو الذم ينص عمى‬
‫شركط سبلمة التبميغ كىك الفصؿ الذم يشكؿ تراجعا عف الضمانات التي خكليا القانكف‬
‫إلى الممزـ‪ ،‬الشيء الذم أثار حفيظة ىيئات المحاميف‪ ،‬التي اعتبرت ىذا الفصؿ بمثابة‬
‫مس بحقكؽ الدفاع‪ ،‬كاخبلؿ الدكلة بالتزاماتيا بتدعيـ حقكؽ الممزميف‪ ،‬كصيانة مكتسباتيـ‪.‬‬
‫كاجماال يمكف القكؿ‪ ،‬بأف المكاجية بيف إدارة الضرائب كالغير‪ ،‬تتجمى أساسا في تعدد‬
‫القراءات لمنصكص الضريبية‪ ،‬التي تتيح صياغتيا الممتبسة كالبعيدة عف الدقة القانكنية‪،‬‬
‫القياـ بتأكيبلت متضاربة‪ ،‬مما جعؿ المنازعة الضريبية تنتقؿ مف المطالبة بإعادة النظر‬
‫في مبالغ الضريبة المستحقة‪ ،‬إلى الطعف في مشركعية الضريبة أصبل‪ ،‬كيتحكؿ النقاش‬
‫مف مستكل تقني إلى البحث عف مقاصد المشرع الجبائي كأىدافو كىك األمر الذم ال تعد‬
‫اإلدارة مؤىمة لمقياـ بو مما جعميا تخسر العديد مف القضايا أماـ القضاء‪ ،‬الذم راكـ‬
‫‪ ،1‬كذلؾ بالرغـ مف حداثة‬ ‫رصيدا مف االجتيادات النكعية عمى قدر كبير مف األىمية‬
‫عيده بالنظر في القضايا الضريبية‪.‬‬

‫كقد كنا نأمؿ أف يتدخؿ القضاء –أيضا‪ -‬لمحاربة ظاىرة الغش الضريبي‪ ،‬إال أف‬
‫عدـ تفعيؿ المقتضيات القانكنية المتعمقة بتجريـ الغش الضريبي جعمت جياز القضاء‬

‫‪ -1‬يفضؿ بعض الباحثيف‪ ،‬كمف بينيـ األستاذ "شكيرم" استعماؿ مصطمح "العمؿ القضائي" بدؿ‬
‫"االجتياد القضائي" نظ ار لحداثة عيد المحاكـ اإلدارية‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫بعيدا عف المساىمة في فرض احتراـ القانكف‪ ،‬ىذا بالرغـ مف كؿ االنتقادات التي تكجو‬
‫إلى القضاء كالمتعمقة بقصكره في معالجة كزجر كؿ مظاىر كأنكاع الغش‪ .‬كاف كنا نعتقد‬
‫بأف القضاء ليس معنيا كحده بيذه القضية‪ ،‬فالمجتمع المدني‪ ،‬كاإلدارة‪ ،‬كالفاعمكف‬
‫االقتصاديكف يتحممكف قسطا مف المسؤكلية في تفشي ظاىرة الفساد (سكاء كانت رشكة أك‬
‫تيرب ضريبي أك غيرىا‪ )...‬يساعد في ذلؾ غياب المراجع العممية‪ ،‬كالمطبكعات الخاصة‬
‫بالضرائب‪ ،‬مع تبسيط في المغة‪ ،‬كشرح المصطمحات‪ ،‬كتكفير المذكرات التفسيرية بالمغة‬
‫العربية‪ ،‬كشيكع تداكليا كخمؽ سبؿ التكاصؿ بيف الباحثيف في المجاؿ الجبائي كاإلدارة‬
‫كالقضاء بيدؼ تأسيس لعبلقة جديدة ترمي إلى رفع الغمكض عف النصكص الضريبية‪،‬‬
‫كجعميا في متناكؿ الجميع ما داـ الجميع معنيا بيا في أفؽ خمؽ التدبير الجيد لمضريبة‬
‫بالمغرب‪.‬‬

‫خــــاذًح ػايح‪:‬‬

‫‪135‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫إذا كانت عممية إيجاد تعريؼ دقيؽ لممعطيات العممية كالتقنية عممية معقدة‪ ،‬فإف‬
‫كضع خاتمة لمكضكع "الحكامة الجبائية بالمغرب"‪ ،‬ال يبدك مسألة متيسرة‪ ،‬سيما كأف‬
‫المكضكع ىك حديث نسبيا‪ ،‬مع غياب المعطيات اإلحصائية‪ ،‬كارادة سياسية في إقرار‬
‫شفافية حقيقية تمكف مف تداكؿ المعمكمات كنشر تقارير الييئات المكمفة بممارسة الرقابة‬
‫المالية‪ ،‬كاالمتثاؿ لممعايير الدكلية في مجاؿ الشفافية كالتنافسية‪ .‬كمف أىـ ىذه األجيزة‪:‬‬
‫المفتشية العامة لممالية‪ ،‬كالمجمس األعمى لمحسابات‪ ،‬الذم بالرغـ مف إصداره لتقارير‬
‫سنكية تتعمؽ بتنفيذ قكانيف المالية كالتصريح العاـ بالمطابقة‪ ،‬ككذا تقارير عف أنشطة‬
‫المجالس الجيكية لمحسابات ‪ .1‬فإنيا ال تحظى باألىمية البلزمة مف طرؼ الفاعميف‬
‫االقتصادييف أك مف طرؼ الرأم العاـ‪ ،‬شانيا في ذلؾ شأف التقارير الصادرة عف البنؾ‬
‫الدكلي حكؿ الحكـ الجيد ألجؿ التنمية في الشرؽ األكسط كشماؿ إيفريقيا‪ ،‬ىذه التقارير‬
‫التي ركزت ‪-‬في مجمميا‪ -‬عمى عدة عناصر مثؿ‪ :‬المشاركة السياسية‪ ،‬نسبة الكعي‪،‬‬
‫كتطكر األكضاع المعيشية‪ ،‬بعيدا عف الصراعات اإليديكلكجية‪ ،‬باعتبار أف التنمية ىي‬
‫اليدؼ‪ ،‬كأف محكرىا ىك اإلنساف‪ ،‬كمحاكلة النيكض بعدة قطاعات أساسية كالتعميـ‬
‫كالصحة كالشغؿ‪.‬‬

‫ىذه التقارير التي خمصت إلى أف الحكامة الجيدة‪ ،‬ىي التي تمثؿ الخبلص ليذه‬
‫الشعكب مما تعانيو‪ ،‬كنعني بالحكامة الجيدة‪ ،‬تدعيـ المشاركة السياسية لمشعكب‪ ،‬كتقكية‬
‫البرلمانات‪ ،‬كاقرار تناكب حقيقي عف السمطة‪ ،‬كمحاربة الفساد بكؿ أشكالو‪ ،‬كتكفير الحماية‬
‫االجتماعية كالرفع مف مستكل التعميـ كمحاربة الفقر كالتيميش عف طريؽ خمؽ األنشطة‬

‫‪ -1‬بالرغـ مف أف ىذه التقارير تتضمف العديد مف الخركقات‪ ،‬فإف المتابعات القضائية ال تعكس‬
‫مستكل ىذه الخركقات ىذا إف كجدت متابعات –أصبل‪ -‬فبعد أف كانت ىذه التقارير ال تقبؿ النشر‬
‫‪ ،‬فقد تدارؾ قانكف رقـ‪ 62 . 99 :‬ىذا الخمؿ بنصو عمى ضركرة نشر تقارير المجمس األعمى‬
‫لمحسابات كال سيما المادتيف ‪ 100‬ك ‪ 157‬بالجريدة الرسمية حتى يتمكف الجميع مف اإلطبلع‬
‫عمييا كدراسة فحكاىا‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫المنتجة لمدخؿ القار‪ ،‬كخمؽ فرص الشغؿ مع اعتماد تكجو حازـ يتكخى ابتكار حمكؿ‬
‫ناجعة لمقطاع غير المنظـ‪.‬‬

‫كؿ ذلؾ مع إقرار فصؿ حقيقي لمسمط‪ ،‬كتدعيـ سمطة القضاء‪ ،‬كتكفير كؿ آليات‬
‫اشتغاليا بمكضكعية كنزاىة كاستقبللية‪.‬‬

‫مف ىنا‪ ،‬يمكف القكؿ‪ ،‬بأف المبادرة الكطنية لمتنمية البشرية التي طرحت بالمغرب‪،‬‬
‫تندرج في ىذا السياؽ‪ ،‬باعتبارىا تستند عمى المعطيات المكضكعية لئلشكالية االجتماعية‬
‫بالمغرب‪ ،‬كالتي تتجمى في ككف فئات عريضة مف الشعب تعيش في ظركؼ صعبة‪،‬‬
‫كتعاني مف حاالت الفقر كالتيميش كاإلقصاء‪.‬‬

‫فيؿ استطاع النظاـ الجبائي المغربي‪ ،‬باعتباره أداة لمسياسة المالية لمدكلة‪ ،‬أف‬
‫ينخرط في ىذا المجيكد الجماعي لتحقيؽ التنمية؟‬

‫فبعد منح المجمكعة األكركبية لممغرب ما يسمى بػ "الكضعية المتقدمة"‪ ،‬كىك ما‬
‫كصفو بعض الكتاب بأكثر مف الشراكة كأقؿ مف العضكية ‪ ،1‬بعد ىذا الحدث أصبح لزاما‬
‫عمى المغرب احتراـ بعض المعايير الدكلية في تدبير الشأف العاـ‪ .‬كالتي كاف اإلخبلؿ بيا‬
‫يعيؽ انضماـ المغرب إلى االتحاد األكركبي‪ .‬كمف ضمنيا إقرار شفافية حقيقية في طرؽ‬
‫صرؼ الماؿ العاـ‪ ،‬كالقياـ بعمميات افتحاص دكرية لممؤسسات المالية التي تقكـ بتدبير‬
‫الماؿ العاـ‪ ،‬مع نشر تقارير عف ىذه العمميات‪ ،‬كتطبيع العبلقة بيف الدكلة كالمكاطنيف‪،‬‬
‫كتدعيـ العمؿ الحزبي مف أجؿ رفع نسبة المشاركة السياسية التي عرفت تدىك ار ممحكظا‬
‫كاعطاء مصداقية لعمميات االقتراع‪ ،‬كالدفع بالبرلماف لكي يسترجع ثػقة الناخبيف‪ ،‬كذلؾ‬
‫بحث األحزاب عمى إعطاء التزكية لمترشيحات لؤلطر العميا ذات المؤىبلت العالية لتطكير‬
‫التشريع بالمغرب‪ ،‬ككذا العمؿ عمى االنفتاح عمى فعاليات المجتمع المدني‪ ،‬كاقرار سياسة‬

‫‪ 23 ،349‬أكتكبر‬ ‫‪ -1‬أحمد الخمسي ‪" ،‬إمتحاف الحظكة عند االتحاد األكركبي"‪ ،‬جريدة األياـ عدد‬
‫‪ ،2008‬ص‪.19 :‬‬

‫‪137‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫تشاركية حقيقية معو بالنظر لمصداقيتو كجدية الفاعميف في ىذا المجاؿ‪ ،‬كالسيما فيما‬
‫يتعمؽ بحقكؽ اإلنساف كحماية المرأة كالطفؿ مف كؿ أشكاؿ االعتداء كاالستغبلؿ كتقديـ‬
‫الخدمات االجتماعية المختمفة خاصة بعد استقالة الدكلة في ىذا المجاؿ‪.‬‬

‫إف مفيكـ الحكامة الجيدة‪ ،‬الشائع االستعماؿ لدل مختمؼ المسؤكليف بالمغرب‬
‫تستدعي العمؿ بأف يتطابؽ الكاقع المعيش مع المدلكؿ الحقيقي ليذا المصطمح‪ ،‬حتى ال‬
‫يفقد معناه عمى غرار الكثير مف الشعارات‪ .‬كالمقصكد ىنا ىك تكسيع مجاؿ الحريات‬
‫خاصة حرية التعبير عف الرأم‪ ،‬كحرية الصحافة‪ ،‬سيما الصحافة المستقمة‪ ،‬كانفتاح‬
‫المؤسسات السياسية‪ ،‬كاقرار مصالحة حقيقية مع فعاليات المجتمع المدني األكثر‬
‫– عماد االستقرار السياسي كاالجتماعي‬ ‫مصداقية‪ ،‬كالعمؿ عمى دعـ الطبقة الكسطى‬
‫لمببلد‪ -‬بتحكيؿ النمك االقتصادم إلى تنمية بشرية مستدامة‪.‬‬

‫كلعؿ األىـ مف كؿ ذلؾ‪ ،‬يتمثؿ في محاربة الفساد بكؿ أشكالو كأنكاعو‪ ،‬كدعـ‬
‫الفاعميف المنخرطيف في ىذا المجيكد دعما فعميا بمشاركة الفاعميف السياسييف‬
‫كاالقتصادييف الذيف يعممكف قبؿ غيرىـ بأف لمفساد تأثير سمبي عمى االستثمار كالتنافسية‬
‫كمبدأ تكافؤ الفرص‪.‬‬

‫كؿ ذلؾ‪ ،‬في إطار سيادة القانكف كتعزيز الحريات كاستقبلؿ القضاء كنبذ سياسة‬
‫البلعقاب‪ ،‬كتطكير التشريع الجنائي بما يساير مكاقؼ المغرب في المنظمات كالييئات‬
‫الدكلية‪.‬‬

‫إف االتحاد األكركبي‪ ،‬بانفتاحو عف المغرب‪ ،‬يعمـ جيدا ‪-‬مف خبلؿ التقارير العديدة‬
‫ذات الطبيعة العممية‪ -‬كضعية المغرب ضمف العالـ العربي كدكؿ الشرؽ األكسط‪ ،‬سكاء‬
‫تعمؽ األمر بنسبة األمية‪ ،‬كنسبة البطالة أك الحالة السياسية‪ ،‬أك تجارة المخدرات‪ ،‬أك‬
‫اليجرة السرية التي تتخذ المغرب كمحطة عبكر نحك أكركبا‪ ،‬أك نسبة تفشي ظاىرة‬

‫‪138‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫الرشكة‪ 1‬في مختمؼ دكاليب الدكلة كالمرافؽ العامة‪ ،‬أك ظاىرة التيرب كالغش الضريبي‪،‬‬
‫كالحجـ المقمؽ لمقطاع الغير المنظـ‪ ،‬ككذا طبيعة الحكار االجتماعي مع كافة الييئات‬
‫النقابية كالسياسية كآفاقو‪...‬الخ‪.‬‬

‫كبالتالي‪ ،‬فإف عمى المغرب أف يفي بتعيداتو كالتزاماتو الدكلية في كؿ ىذه‬


‫المجاالت‪ ،‬فمـ يعد كافيا ترديد شعارات مف قبيؿ "تخميؽ الحياة العامة" أك "محاربة‬
‫الفساد"‪...‬الخ‪ .‬بؿ يتعيف اتخاذ تدابير عممية كعاجمة إلعطاء مدلكؿ حقيقي كايجابي لكؿ‬
‫ىذه الشعارات استجابة لممعايير الدكلية لدكلة القانكف‪.‬‬

‫يجب التأكيد –مجددا‪ -‬أف الحكامة تقتضي إعادة النظر في اليياكؿ القائمة‪ ،‬كليس‬
‫إصبلحيا‪ .‬فقد تـ استيبلؾ كؿ شعارات اإلصبلح كبات مف الضركرم تغيير اآلليات كفؽ‬
‫استراتيجية جديدة‪ ،‬كقد سبؽ أف أكدنا غياب أية إستراتيجية لدل التصكر الحككمي في‬
‫المجاؿ الجبائي‪.‬‬

‫فمحاربة الفقر لف تتأثر بالنكام ا الحسنة كحدىا‪ ،‬كما أكد جبللة الممؾ في إطار‬
‫المبادرة الكطنية لمتنمية البشرية‪ ،‬ذلؾ أف إعادة التأىيؿ االجتماعي‪ ،‬ىي عممية معقدة ال‬
‫يمكف اختزاليا في مجرد تقديـ إعانات ظرفية أك مساعدات مكسمية‪.‬‬

‫فالضريبة بإمكانيا التأثير في مستكل عيش المكاطف‪ ،‬ككذا تطكير قدرات المقاكلة‪،‬‬
‫إال أف سكء استخداـ ىذه األداة أدل إلى نتائج تعاكس الطرح الحككمي بضركرة محاربة‬
‫الفقر كاإلقصاء االجتماعي‪ .‬ذلؾ أف ىاجس الحفاظ عمى التكازنا ت المالية‪ ،‬كعدـ المساس‬
‫بالمداخيؿ اإلجمالية لمضرائب‪ ،‬دفع اإلدارة الضريبية أف تشكؿ عرقمة حقيقية لمتنمية‬
‫‪ 2008‬برفع الضريبة المفركضة عمى األرباح‬ ‫االقتصادية‪ .‬فقد قاـ قانكف المالية لسنة‬

‫‪ -1‬قاـ المغرب بتأسيس الييئة الكطنية لمكقاية مف الرشكة‪ .‬كىي ىيئة ذات طبيعة استشارية تابعة‬
‫لمكزير األكؿ‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫بالبكرصة مف ‪ 10‬إلى ‪( %20‬أم بنسبة ‪ ،1)%100‬كىي ضربة قكية لبكرصة الدار‬


‫البيضاء الفتية‪ ،‬كالتي تعاني كثي ار الستقطاب المغاربة قصد كلكج ىذه السكؽ‪ .‬كلعؿ‬
‫المفارقة أنو في الكقت الذم تعجز فيو الدكلة عف محاربة التيرب الضريبي‪ ،‬تتخذ إجراءا‬
‫عقابيا ضد مف اختاركا التعامؿ الشفاؼ مع اإلدارة‪ .‬فالمقاكالت التي اختارت ‪-‬عف‬
‫طكاعية‪ -‬إدراج أسيميا في البكرصة‪ ،‬تعمـ مسبقا بأف ىذا اإلجراء يقتضي منيا اإلعبلف‬
‫بشكؿ دكرم عف النتائج التي حققتيا خبلؿ النصؼ األكؿ مف كؿ سنة‪ ،‬ثـ خبلؿ السنة‬
‫بكامميا‪ ،‬بما في ذلؾ رقـ المعامبلت كالحصيمة السنكية كغيرىا مف المعطيات التي تسمح‬
‫بالتعرؼ عف حجـ النشاط الحقيقي لمشركة‪.‬‬

‫كفي ىذا اإلطار‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى إنشاء "مجمس القيـ المنقكلة" الذم قاـ بإصدار‬
‫ما سمي بػ "مدكنة المعامبلت الجيدة لحكامة المقاكلة" كىي عبارة عف مجمكعة مف‬
‫المبادئ الصارمة التي يتعيف عمى المقاكالت المدرجة أسيميا بالبكرصة التقييد بيا‪ .‬كىي‬
‫مبادرة ترمي إلى الرفع مف مستكل نمك الشركات‪ ،‬كتعزيز تكاصميا مع المساىميف بيا‪،‬‬
‫حماية لممساىميف خاصة الصغار منيـ‪ ،‬ككذا تحسيف فعالية كتنافسية المقاكالت‪ ،‬كالعمؿ‬
‫عمى الرفع مف قيمتيا عمى األمد الطكيؿ‪ ،‬إضافة إلى تقكية ثقة المستثمريف كمؤجرم‬
‫األمكاؿ الكطنيف كالدكلييف‪ ،‬عبر تحسيف شفافية كجكدة اإلعبلـ المالي‪ ،‬كذلؾ بفضؿ جكدة‬
‫ىيئات الحكامة داخؿ المقاكالت (مجمس اإلدارة‪ ،‬مجمس الرقابة‪ ،‬اإلدارة الجماعية‪،‬‬
‫المجمس العائمي‪ ،‬مجمس المديرية‪....‬الخ) ‪.2‬‬

‫كما أف كنفدرالية المقاكليف المغاربة‪ ،‬قامت ىي األخرل بإحداث لجنة سميت بػ‪:‬‬
‫–باألساس‪ -‬عمى احتراـ معايير الجكدة‪،‬‬ ‫"المجنة األخبلقية لمحكامة الجيدة"‪ ،‬كتسير‬

‫‪ -1‬تـ تخفيض ىذه النسبة إلى ‪ % 15‬برسـ قانكف المالية لسنة ‪. 2009‬‬
‫‪ -2‬يعتبر "مجمس القيـ المنقكلة" دركي البكرصة‪ ،‬كذلؾ لحرصو عمى سمكؾ ممارسات تحترـ قكاعد‬
‫العمؿ بالبكرصة‪ ،‬كذلؾ بعد ضبطو لمعديد مف المخالفات ارتكبت مف قبؿ شركات مدرجة‬
‫بالبكرصة‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫ككضع قكانيف جيدة كفعالة‪ ،‬تبسيط اإلجراءات‪ ،‬القياـ بإصبلح إدارم‪ ،‬لئلسياـ في إصبلح‬
‫القضاء‪ ،‬كالعمؿ عمى إقرار إصبلح جبائي‪ ،‬كالرفع مف تنافسية المقاكلة‪ ،‬كالعمؿ عمى‬
‫جمب االستثمار األجنبي‪....‬الخ ‪.1‬‬

‫كما تتمثؿ المفارقة الثانية في استمرار ضغكط أرباب المقاالت التي تطالب‬
‫بالتقميص التدريجي لسعر الضريبة المفركضة عمى الشركات‪ ،‬كبيف استمرار نسبة كبيرة‬
‫مف المقاكليف سمكؾ سياسة االبتزاز اتجاه الدكلة‪ .‬فيـ يطالبكف دكما بالمزيد مف الدعـ‬
‫كاإلعفاءات لتحقيؽ "التأىيؿ االقتصادم كلخكض غمار التنافسية الدكلية مف مكقع قكم"‪،‬‬
‫كفي نفس الكقت يدلكف بإق اررات ضريبية تصرح بعجز أك "خسارة"‪ ،‬كاذا أضيفت إلى ىذه‬
‫الشريحة‪ ،‬مجمكعة المقاكالت التي تستفيد مف إعفاءات ضريبية جزئية أك كمية‪ ،‬بحكـ‬
‫القانكف‪ ،‬كما ىك الشأف بالنسبة لمقطاع الفبلحي‪ ،‬أك المقاكالت العاممة في بعض أقاليـ‬
‫المممكة‪ ،‬فإف نسبة المقاكالت التي تصرح بتحقيؽ أرباح كتؤدم بالتالي ما بذمتيا اتجاه‬
‫خزينة الدكلة تعد ضئيمة جدا‪ .‬كالجدير بالذكر أف المقاكالت المدرجة أسيميا بالبكرصة‬
‫ىي التي تتحمؿ العبء األكبر مف مجمكع المكارد المحصمة في إطار الضريبة عمى‬
‫الشركات‪.‬‬

‫فيؿ الرفع مف نسبة الضريبة المفركضة عمى أرباحيا بالبكرصة يعد تدبي ار جيدا‪،‬‬
‫كتصرفا سميما؟ الضربة الثانية التي حمميا قانكف المالية لسنة ‪ ،2008‬تمثمت في الزيادة‬
‫في سعر الضريبة عمى القيمة المضافة المفركضة عمى القرض اإليجارم مف ‪ %10‬إلى‬
‫‪ %20‬أم بنسبة ‪ ،%100‬كذلؾ بعد مركر سنة كاحدة عف الزيادة األكلى‪ ،‬كقد تعرضنا‬
‫ليذه المسألة بتفصيؿ خبلؿ القسـ الثاني مف ىذا البحث‪ ،‬كنتساءؿ كنحف بصدد تقييـ‬
‫الحكامة في المجاؿ الجبائي‪ ،‬عف الحكمة مف ىذا اإلجراء ‪2‬؟‬

‫‪ -1‬لممزيد مف التفاصيؿ راجع األحداث المغربية عدد‪ 3281 .:‬بتاريخ ‪ 1‬فبراير ‪ ،2008‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -2‬بمغ عدد المقاكالت التي تصرح بعجز أك خسارة ‪ %64‬مف مجمكع المقاكالت‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫إنو يعني بكؿ بساطة تكسير كثيرة االستثمار‪ ،‬كالقضاء عمى فرص التشغيؿ الضئيمة‬
‫أصبل كالعشكائية في اتخاذ الق اررات‪.‬‬

‫إف استئثار الفريؽ التقني بك ازرة المالية بصناعة القرار الضريبي‪ ،‬مع غياب أم أفؽ‬
‫سياسي‪ ،‬أك اقتصادم‪ ،‬كالرككف إلى المعطيات الرقمية قد أدل إلى القضاء التدريجي عمى‬
‫الطبقة المتكسطة التي تعمؿ اقتصاديات الدكؿ النامية عمى دعميا كالحفاظ عمييا‪ ،‬بؿ‬
‫تعمد إلى خمقيا في حالة عدـ كجكدىا‪ ،‬ألنيا الكفيمة بالحفاظ عمى التكازنات السكسيك‪-‬‬
‫اقتصادية‪ ،‬كالتخفيؼ مف حدة التفاكتات االجتماعية‪ ،‬التي كمما تكسعت‪ ،‬شكمت تيديدا‬
‫حقيقيا لبلستقرار السياسي بالبمد‪.‬‬

‫إف كؿ ذلؾ يعكس المناخ االقتصادم العاـ المتميز بالنزكع نحك القطاعات غير‬
‫المييكمة‪ ،‬مما يخمؽ عدة اختبلالت في النسيج االقتصادم يصعب‪ ،‬إف لـ يكف يستحيؿ‪،‬‬
‫التغمب عمييا باالعتماد فقط عمى مساطر زجرية‪ .‬ذلؾ أنو كمما تحقؽ تقدـ في تثبت‬
‫اآلليات الجديدة لمرقابة‪ ،‬كمما صار باإلمكاف ضبط المزيد مف حاالت الغش كالتدليس‪،‬‬
‫كخاصة منيا تمؾ التي تتميز بمفارقة كبرل تتمثؿ في تصريح بعض الشركات طيمة عدة‬
‫سنكات بخسارة‪ ،‬كمع ذلؾ فإنيا تستمر في مزاكلة نشاطيا بشكؿ اعتيادم‪.‬‬

‫لقد اتضح بأف العديد مف االمتيازات كاإلعفاءات الضريبة ليس ليا أم تأثير‬
‫اقتصادم أك اجتماعي‪ ،‬في الكقت الذم تمس فيو بمبادئ الحياد كالمساكاة كالعدالة‬
‫الضريبية‪ ،‬بشكؿ بات معو مف الضركرم إعادة النظر في الفمسفة العامة التي تحكـ‬
‫‪1‬‬
‫التي بشر بيا‬ ‫النظاـ الضريبي حتى يستجيب ليذه المبادئ‪ .‬كما أف الحككمة االلكتركنية‬
‫المسئكلكف كالتي ال نرل ليا أم تأثيرات‪ ،‬بؿ ليس ليا أم كجكد‪ ،‬الشيء الذم يعني‬
‫ببساطة شديدة عدـ الرغبة في المجكء إلى تقنيات المعمكميات كأسمكب حديث لمرقابة‬

‫‪ -1‬يتعمؽ األمر بمشركع حككمي ضخـ يقضي بتزكيد مختمؼ اإلدارات العمكمية بنظاـ المعمكميات لتطكير الخدمات‬
‫اإلدارية كالرفع مف جكدتيا‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫كالتدقيؽ كضبط المادة الخاضعة لمضريبة‪ ،‬كلمختمؼ شرائح الممزميف ضبطا دقيقا كمحكما‬
‫مما يسيؿ عمميات تأسيس الضريبة كربطيا بشكؿ فعاؿ كعادؿ‪.‬‬

‫إف سمطة البرلماف تظؿ جد محدكدة عندما يتعمؽ األمر بالسعي نحك تحقيؽ عدالة‬
‫جبائية حقيقية‪ ،‬كاألمر ال يتعمؽ بمقتضيات الفصؿ ‪ 51‬مف الدستكر الذم يقكـ حائبل دكف‬
‫مقترحات النكاب كتبنييا مف طرؼ الحككمة‪ ،‬كلكف أيضا إلى تقاعس النكاب عف القياـ‬
‫بالدكر المنكط بيـ‪.‬‬

‫إف عرض مشركع قانكف المالية‪ ،‬يعتبر فرصة سانحة لتقييـ كمراقبة كاستشراؼ‬
‫األداء الحككمي مف خبلؿ استقراء السياسة العمكمية في المجاليف االقتصادم‬
‫كاالجتماعي‪ ،‬انطبلقا مف االعتمادات المرصكدة لكؿ قطاع عمى حدة‪ ،‬غير أنو بالرغـ مف‬
‫ذلؾ‪ ،‬ال تبدك الرقابة البرلمانية آلية حقيقية كذات فعالية‪ .‬فعدـ إخبار البرلماف مسبقا‬
‫بالتكجيات التي تتحكـ في تحضير الميزانية‪ ،‬كانعداـ المتابعة‪ ،‬كتأخير قكانيف التصفية‪،‬‬
‫كميا عكامؿ تجعؿ المراقبة عممية شكمية‪ ،‬كما أف عدـ استجابة الحككمة لمعديد مف‬
‫االقتراحات كالتعديبلت حتى كلك كانت معقكلة كناجعة‪ ،‬يجعؿ قانكف المالية قاص ار في‬
‫تكقعاتو‪ ،‬ىزيبل في محتكاه‪ ،‬كضعيفا في تركيبتو‪ ،‬حيث أنو أصبح مجرد أداة إدارية‬
‫تحكميا حسابات األغمبية كالمعارضة‪ ،‬كمنطؽ التكازنات الحسابية‪ ،‬بعيدا عف الحقائؽ‬
‫المكضكعية لبلقتصاد الكطني‪ ،‬كانتظارات المكاطنيف‪.‬‬

‫إف غياب ركح االبتكار لدل النكاب‪ ،‬ككذا قمة اإلصبلحات البنيكية‪ ،‬جعمت البرلماف‬
‫يفقد –بالتدريج‪ -‬مصداقيتو‪ ،‬انعكس في شكؿ نفكر سياسي‪ ،‬كعزكؼ غير مسبكؽ عف‬
‫المشاركة في االستحقاقات االنتخابية ‪.‬‬

‫كاذا كاف البرلماف ال يحظى بشعبية كبيرة كسط الممزميف‪ ،‬فإف القضاء‪ ،‬بخبلؼ ذلؾ‪،‬‬
‫أصبح يمثؿ ممجأىـ الكحيد‪ ،‬مف شطط اإلدارة‪ ،‬كالحماية مف االنعكاسات السمبية لغمكض‬
‫النصكص الضريبية كتعقيداتيا‪ ،‬كقد أدل الكعي بمستمزمات دكلة القانكف‪ ،‬إلى المجكء‬

‫‪143‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫المكثؼ إلى القضاء اإلدارم‪ ،‬بالرغـ مف حداثة عيده‪ ،‬لمفصؿ في المنازعات الضريبية‬
‫الناشئة بيف الممزـ كاإلدارة‪.‬‬

‫إف المنازعة الجبائية تيدؼ إلى إضفاء صفة الشرعية عمى أعماؿ السمطات‬
‫اإلدارية‪ ،‬فيي تتعدل اإللغاء إلى تعديؿ القرار الجبائي‪ ،‬كتغييره أك تكجيو األمر لئلدارة‬
‫الضريبية أك الحمكؿ مكانيا في إقرار تصحيح الكضع الضريبي‪ ،‬أك المراكز القانكنية‬
‫لؤلطراؼ كىي بذلؾ تندرج ضمف القضاء الشامؿ‪ ،‬كليس قضاء اإللغاء‪ ،‬كاف كاف ىذا‬
‫يعني عدـ كجكد دعكل اإللغاء‪ ،‬عمى سبيؿ االستثناء في إطار المنازعات الضريبية‪،‬‬
‫كذلؾ عندما يتعمؽ األمر بق اررات إدارية منفصمة عف عممية تأسيس الضريبة أك ربطيا أك‬
‫تفسير بعض المقتضيات التنظيمية‪.‬‬

‫كقد حاكلنا عرض حاالت مختمفة لكؿ صنؼ مف أصناؼ الضرائب الرئيسية‬
‫الكبرل‪ ،‬كابراز مكاقؼ القضاء في كؿ حالة عمى حدة‪ ،‬كىي الحاالت التي تبرز تنكع‬
‫كغنى ىذه المكاقؼ كالتي مف شأنيا أف تشكؿ منطمقا كأرضية الجتياد قضائي متميز‪.‬‬

‫إف تركيزنا عمى دكر القضاء‪ ،‬ينبع أساسا مف ككنو يمثؿ الحجر األساسي في دكلة‬
‫الحؽ كالقانكف‪ ،‬فالحكامة تستكجب نظاما متكامبل مف مبادئ المحاسبة كالمساءلة‬
‫السياسية كاإلدارية كالقانكنية لممسؤكليف عمى اختبلؼ مراتبيـ أثناء ممارستيـ لكظائفيـ‪،‬‬
‫كعف طرؽ تدبيرىـ لممكارد العمكمية‪.‬‬

‫كبالرغـ مف شيكع الخطاب األخبلقي الذم يحمؿ العديد مف الرسائؿ التي تقضي‬
‫بمحاربة الفساد‪ ،‬كاعتبار المرجعية الدينية كاألخبلقية أساسا لمقاكمتو إال أف المفارقة أف‬

‫‪144‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫المتكرطيف في الفساد يظمكف بعيديف عف أم اتياـ أك مساءلة‪ .‬كىذا يسيء لسمعة المغرب‬
‫لدل المؤسسات كالييئات الدكلية بعكس ما يعتقده البعض ‪.1‬‬

‫فمعيار الحكامة لدل منظمة التعاكف االقتصادم لمتنمية مثبل تتمخص إجماال في‪:‬‬

‫دكلة القانكف‪ ،‬شكؿ إدارة القطاع العاـ‪ ،‬السيطرة عمى الفساد‪ ،‬خفض النفقات‬
‫العسكرية‪ ،‬تنظيـ االقتصاد‪ ،‬حكـ القانكف‪ ،‬المعاممة بالمساكاة‪ ،‬المشاركة السياسية‪ ،‬تأميف‬
‫فرص متساكية لبلستفادة مف الخدمات التي تكفرىا الدكلة‪ ،‬محاربة الفساد‪.‬‬

‫كما يتمثؿ ىذا المعيار لدل برنامج األمـ المتحدة اإلنمائي في‪:‬‬

‫المشاركة‪ ،‬حكـ القانكف‪ ،‬الشفافية‪ ،‬حسف االستجابة (أم التحكـ بيف المصالح‬
‫المتضاربة)‪ ،‬التكافؽ‪ ،‬المحاسبة‪ ،‬الرؤية االستراتيجية‪...‬الخ‪.‬‬

‫كىكذا‪ ،‬يتضح بأف ىناؾ ضكابط عمى المغرب االلتزاـ بيا كاحتراميا‪ ،‬ما داـ قد‬
‫اختار االنفتاح عف األسكاؽ الدكلية‪ ،‬كتكييؼ ق ارراتو لتدبير الشأف العاـ كفؽ متطمبات ىذه‬
‫األسكاؽ كػ‪:‬‬

‫‪ ‬مراقبة النفقات العمكمية عمى المستكييف االقتصادم كاالجتماعي؛‬

‫‪ ‬تدعيـ الرقابة البرلمانية لتنفيذ قكانيف المالية؛‬

‫‪ ‬إقرار تنسيؽ كتشاكر مع فعاليات المجتمع المدني؛‬

‫‪ ‬إقرار إنصاؼ ضريبي حقيقي؛‬

‫‪ ‬تخفيض الضغط الضريبي؛‬

‫‪ ‬تبسيط النظاـ الجبائي؛‬

‫‪ -1‬نبلحظ ظاىرة تقديـ الزعماء السياسييف كرؤساء الحككمات في الدكؿ الغربية‪ ،‬ككذا رؤساء الدكؿ‬
‫الستقالتيـ جراء تكرطيـ في فضائح مالية أك أخبلقية‪ ،‬أك إثر تكجيو تيمة الفساد إلييـ‪ .‬إال أف ىذا‬
‫ال يحدث إطبلقا في الدكؿ العربية‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫‪ ‬استقبللية القضاء؛‬

‫‪ ‬كضكح القكانيف كشفافيتيا كانسجاميا عمى مستكل التطبيؽ‪...‬الخ‪.‬‬

‫إف الحديث عف الحكامة الجبائية‪ ،‬يجب أف ينصب عمى المؤشرات التي تطبع‬
‫النظاـ الضريبي المغربي في شمكليتو‪ ،‬أم عمى مدل تكفره عمى مؤشرات مكضكعية‬
‫تصمح أف تككف معيارية لمحكـ عمى مدل استجابتو لمفيكـ الحكامة‪ ،‬أم حسف التدبير‪،‬‬
‫العقبلنية‪ ،‬العدالة‪ ،‬كالمركنة‪...‬الخ‪ ،‬لذلؾ فإنو يبدك مف الضركرم االبتعاد عف السرد‬
‫التقني‪ ،‬كاالنفبلت مف أسر البيانات الرقمية كاإلحصائية‪ ،‬لمتمكف مف استعراض بعض ىذه‬
‫المؤشرات‪ ،‬كمف ضمنيا‪:‬‬

‫‪ ‬مدل تكفر النصكص القانكنية‪ ،‬ككضكحيا‪ ،‬كال سيما التحكـ في المغة المستعممة‬
‫في تحريرىا كصياغتيا؛‬

‫‪ ‬سيكلة الكصكؿ إلى المعطيات الرقمية كاإلحصائية‪ ،‬كالتأكد مف صحتيا‬


‫كمصداقيتيا؛‬

‫‪ ‬كجكد قنكات لمتكاصؿ مع المسؤكليف؛‬


‫‪ ‬مدل مركنة النظاـ الضريبي‪ ،‬كمدل قدرتو عمى االستجابة لممتغيرات االقتصادية‬
‫كالمالية؛‬
‫‪ ‬كجكد آليات كامكانيات الطعف في الق اررات الضريبية‪ ،‬ليس فقط أماـ المجاف‬
‫فحسب بؿ أماـ القضاء أيضا؛‬
‫‪ ‬نسبة القضايا الجبائية المعركضة عمى المحاكـ‪ ،‬ككذا نكعية األحكاـ الصادرة‬
‫في شأنيا؛‬
‫‪ ‬كجكد اجتياد قضائي جبائي‪ ،‬كدراسة اتجاىاتو‪ ،‬كالعمؿ عمى األخذ بيا؛‬
‫‪ ‬المساطر الجبائية‪ ،‬كمدل فعاليتيا لضماف حقكؽ الممزـ‪ ،‬كصيانتيا لمبدأ‬
‫االنصاؼ؛‬

‫‪146‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫‪ ‬كجكد بنية االستقباؿ كحسف إرشاد الممزـ‪ ،‬كتنكيره بالمعمكمات كالمطبكعات‬


‫الضركرية؛‬
‫‪ ‬تكفر نظاـ معمكماتي‪ ،‬كاستجابتو لمكاصفات العصرنة كالتحديث‪ ،‬كمدل مكاكبتو‬
‫لمتطكر الحاصؿ في المجاؿ االقتصادم كالمالي كالخدماتي؛‬
‫‪ ‬اآلليات المكضكعة لمحاربة الرشكة داخؿ اإلدارة‪ ،‬كمدل نجاعة المساطر المعدة‬
‫لذلؾ؛‬
‫‪ ‬القكانيف الخاصة لمحاربة الغش كالتممص الضريبي‪ ،‬كمدل فعاليتيا؛‬
‫‪ ‬إلى غير ذلؾ مف المؤشرات الكثيرة كالمتنكعة‪.‬‬
‫إف كؿ ذلؾ يقربنا مف مضمكف الحكامة الجبائية في ارتباطيا بحسف التدبير في‬
‫المجاالت االقتصادية كالمالية كالسياسية‪ ،‬ىذا االرتباط الذم يشكؿ صمب الحكامة‬
‫باعتبارىا أسمكبا حديثا كعقبلنيا في التسيير يستجيب لمبادئ العدالة كاالنصاؼ‪ ،‬في‬
‫احتراـ تاـ لقيـ الديمقراطية كحقكؽ اإلنساف كما ىي متعارؼ عمييا في المكاثيؽ الدكلية‪،‬‬
‫كخيار ال بديؿ عنو لتحقيؽ النيضة االقتصادية‪ ،‬كالنمك االجتماعي‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫الئحــح انًـــراجغ انًؼرًذج‬

‫‪ ‬انكتب وانًؤنفات بانهغة‬


‫انؼربية‪:‬‬

‫‪" ‬ندكة الفساد كالحكـ الصالح في الببلد العربية"‪ ،‬مركز دراسات الكحدة العربية‪ ،‬شتنبر‬
‫‪.2004‬‬

‫‪ " ،2004‬نحك الحرية في الكطف العربي"‪،‬‬ ‫‪ ‬تقرير التنمية اإلنسانية العربية لعاـ‬
‫برنامج األمـ المتحدة اإلنمائي‪.‬‬

‫‪ ‬الغش الضريبي‪ ،‬يحي الصافي كآخركف ‪.1981‬‬

‫‪" ‬التشريع الضريبي المغربي"‪ ،‬السيد عبد المكلى‪ ،‬مكتبة الطالب ‪1979‬‬

‫‪"" ‬حؽ الدفاع الشرعي في القانكف الدكلي الجنائي"‪ ،‬محمد خمؼ ‪.1973‬‬

‫‪ ‬دستكر المممكة المغربية‪ ،‬لسنة ‪.1996‬‬

‫‪" ‬الفبلح المغرب –مدافعا عف العرش" ريمي لكفك‪.‬‬

‫‪" ‬الضمانات الدستكرية في المجاؿ الضريبي" الدكتكر محمد عبد المطيؼ‪.‬‬

‫‪ ‬دار النيضة العربية‪ ،‬مصر‪.2000 ،‬‬

‫‪ ‬تقييـ السياسات العمكمية" محاضرات‪ ،‬عبد اهلل الساعؼ‪،2005-2004 ،‬‬

‫‪ ‬غير منشكر‪.‬‬

‫‪ ‬تحصيؿ الضرائب كالديكف عمى ضكء المدكنة الجديدة"‪ ،‬عبد الرحماف أبميبل كعبد‬
‫الرحيـ الطكر‪ ،‬مطبعة األمنية ‪ 2000‬الرباط‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫‪ ‬المالية العامة كمالية الدكؿ النامية ‪ ،‬صباح نعكش‪.‬‬

‫‪ ‬السياسة الضريبية كاستراتيجية الدكؿ النامية" عبد السبلـ أديب‪ ،‬دراسة تحميمية لمنظاـ‬
‫الجبائي المغربي‪ ،‬إفريقيا –الشرؽ‪ ،‬ط ‪.1998 ،1‬‬

‫‪" ‬الكجيز في نظرية كتطبيؽ ضريبة التسجيؿ بالمغرب"‪ ،‬يحي الصافي‪.‬‬

‫‪ ‬اليبلؿ العربية‪ ،‬الرباط‪.1991 ،‬‬

‫‪" ‬المنازعات الجبائية المتعمقة بربط كتحصيؿ الضريبة أماـ القضاء اإلدارم"‪ ،‬القصرم‬
‫محمد ـ‪.‬ـ‪.‬ـ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬ت سمسمة أعماؿ جامعية‪ ،‬ط ‪ .‬أكلى ‪.2005‬‬

‫"النظاـ القانكني لممنازعات الجبائية بالمغرب"‪ ،‬عبد الرحماف أبميبل كمحمد مرزاؽ‪ ،‬ط‬ ‫‪‬‬

‫‪ .1996 – 1‬مطبعة األمنية الرباط‪.‬‬

‫‪ ‬األطروحات وانرسائم انجايؼية‪:‬‬


‫‪ " ‬القانكف الضريبي المغربي"‪ ،‬محمد شكيرم‪ ،‬أطركحة لنيؿ شيادة دكتكراه الدكلة في‬
‫القانكف العاـ‪ ،‬جامعة الحسف الثاني‪ ،‬كمية العمكـ القانكنية كاالقتصادية كاالجتماعية‪،‬‬
‫الدار البيضاء ‪.2004‬‬

‫‪ ‬اإلدارة الجبائية بالمغرب" عبد الرفيع بكداز‪ ،‬رسالة لنيؿ دبمكـ السمؾ العالي لممدرسة‬
‫الكطنية لئلدارة العمكمية‪ ،‬الرباط ‪.1988‬‬

‫‪ 1963‬إلى ‪ ،2005‬كفاء الفيبللي‪،‬‬ ‫‪" ‬البرلماف في النظاـ السياسي المغربي" مف‬


‫المجمة المغربية لمتدقيؽ كالتنمية‪ ،‬عدد مزدكج ‪ ، 23/21‬الرباط‪.‬‬

‫‪ ‬مجمس النكاب‪ ،‬حصيمة أشغاؿ مجمس النكاب‪ ،‬الكالية التشريعية ‪.2002/97‬‬

‫‪ ‬منشكرات مجمس النكاب‪ ،‬مطابع إفريقيا‪ -‬الشرؽ – الدار البيضاء ‪.2002‬‬

‫‪149‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫‪ ‬مديرية الضرائب" مف اإلصبلح الجبائي إلى اإلصبلح اإلدارم" كاعدم البشير رسالة‬
‫لنيؿ دبمكـ السمؾ العالي لممدرسة الكطنية لئلدارة العمكمية‪ ،‬الرباط ‪.1995‬‬

‫‪" ‬تحديث مديرية الضرائب‪ ،‬نكر الديف بمقناش‪ ،‬رسالة لنيؿ دبمكـ السمؾ العالي‬
‫لممدرسة الكطنية لئلدارة العمكمية‪ ،‬الرباط ‪.1993‬‬

‫‪ ‬انًجالت وانًقاالت‪:‬‬
‫‪،6‬‬ ‫‪" ‬الحكامة كالتدبير العمكمي الجيد بالمغرب" المجمة المغربية لمتدقيؽ كالتنمية‪ ،‬ع‬
‫‪.2005‬‬

‫‪ ‬مجمة أبحاث‪ ،‬العدد ‪ 1019‬سنة ‪.1986‬‬

‫‪ ‬ممارسة السمطة المالية لمبرلماف ( ‪ )1992-1962‬الطاىر المصمكدم ‪ ،‬مقاؿ غير‬


‫منشكر‪.‬‬

‫‪ ‬المجمة المغربية لمتدقيؽ كالتنمية" عدد ‪.2007 ، 24‬‬

‫‪ ‬جريدة االتحاد االشتراكي بتاريخ ‪.1985/06/14‬‬

‫‪ ‬قانكف المالية لسنة ‪.2008‬‬

‫‪" ‬دكر المجاف البرلمانية في المراقبة مف خبلؿ الثبلث دكرات األكلى لمكالية التشريعية‬
‫الخامسة" المجمة المغربية لمتنمية المجمة ‪ ،‬عدد ‪.11‬‬

‫‪ ‬قانكف المالية لسنة ‪.1999‬‬

‫‪ ‬الجريدة الرسمية عدد‪ 5278 :‬بتاريخ ‪ 17‬ذك القعدة ‪ 30( 1425‬ديسمبر ‪)2004‬‬

‫‪" ‬اإلصبلح الضريبي" كالحمقة المفقكدة‪ :‬اإلدارة الضريبية" عبد الرفيع بكداز جريدة‬
‫االتحاد االشتراكي ‪ ،‬سمسمة مقاالت‪ ،‬شير مام ‪.1990‬‬

‫‪150‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫‪" ‬تقييـ السياسات العمكمية" محاضرات القيت عمى طمبة السنة الثانية مف د‪.‬ع‪.‬ـ‬
‫السنة الجامعية ‪ 2005-2004‬غير منشكر‪.‬‬

‫‪ ‬مجمة كجية نظر ‪ ،‬العدد ‪" 2008-35‬الجيش الممكي كالسمطة"‪.‬‬

‫‪" ‬الحكامة البرلمانية أية تطبيقات في "القرف الحادم كالعشريف"‪ ،‬أشغاؿ اليكـ الدراسي‬
‫الذم نظمو المركز الدكلي لمدراسات كالحكامة الشاممة‪ ،‬المجمة المغربية لمتدقيؽ‬
‫كالتنمية‪ ،‬عدد ‪.2007/24/23‬‬

‫‪ ‬أشغاؿ ندكة العمؿ القضائي كالمنازعات الضريبية‪ 29-28 ،‬مارس ‪2005‬‬

‫‪ ‬جريدة األحداث المغربية‪ ،‬عدد ‪ 1 – 3281‬فبراير ‪،2008‬‬

‫‪" ‬أييا الخاضعكف لمضريبة‪ ،‬احذركا"‪ ،‬عبد الرحيـ بركة‪ ،‬جريدة االتحاد االشتراكي‪ ،‬ع‬
‫‪.2005 -7885‬‬

‫‪ ‬الفساد اإلدارم‪ :‬المجمة المغربية لمتدقيؽ كالتنمية‪ ،‬عدد ‪ 11‬يكنيك ‪.2000‬‬

‫‪ ‬بانهغة انفرنسية‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Assises nationales sur la fiscalité au maroc. Rabat les 26-27 novembre.‬‬

‫‪1999.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪A.B. Zemrani : « la fiscalité face au develeppement economique et social‬‬

‫‪au Maroc », ED. laporte.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪M. loze : « les finances de l’Etat ».‬‬

‫‪‬‬ ‫‪J.M. Cottret. et L. trotabas : « droit fiscal », Dalloz. 1992.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪Jacques Lurat : « dialogue et démocratie ». AL. ASAS. N. 107. 1991.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪G. Ardant : « histoire de l’impôt », ED. fayard. 1972.‬‬

‫‪151‬‬
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

 Mohamed Sbihi : précis de gestion budgétaire.

:‫ يراجغ تى اإلطالع ػهيها‬


.‫ كعاء كمنازعات الضرائب عمى القيمة المضافة كالشركات كالدخؿ‬:‫ محمد القرقكرم‬
.1 .‫ ط‬2002 .‫ الرباط‬،‫مطبعة االمنية‬

.1 .‫ ط‬.‫ بيركت‬،‫ المركز الثقافي العربي‬،‫ الضرائب في الدكؿ العربية‬:‫ صباح نعكش‬

،‫ شركة النشر كالتكزيع‬،‫ لماذا اإلصبلح؟‬،‫ الضرائب المباشرة في المغرب‬:‫ صباح نعكش‬
.1 .‫ ط‬.‫ الدار البيضاء‬،‫المدارس‬

« Al maliya » ‫ الممحؽ العربي لمجمة‬،2007 ‫ شتنبر‬،‫ العدد السابع‬:‫ مجمة المالية‬


.‫لك ازرة االقتصاد كالمالية‬

 Pierre Lalumiére : « les finances publiques », Armard colin, collection

u-8e édition. 1986. paris.

 Ngaosyvathn. Ph : « le role de l’impôt dans les pays en voie de

développement ». * édition. 1978. paris.

 Mustapha EL Ktiri : « stuctures fiscales et structures économiques, le cas

de l’économie marocaine ». les éditions maghrébines, casa blanca.

 N. Akesbi : l’impôt, l’Etat et l’ajustement. Actes éditions. 1993.

 A .Ben Saleh Zemrani : les finances de l’Etat au Maroc. Tom I. E D

l’harmattan. Paris. 1998.

152
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

 La Reforme fiscale au Maroc : actes du colloque national de la reforme

fiscale, Rabat. 6-7 mai 1983. E. maghrébines, casablanca. 1985.

 AL Maliya, N : 26 avril 2001, « la mission de contrôle de département

de l’économie et des finances ».

153
‫قراءة يف طرق تدبري التشريع الضرييب املغريب‬

‫انـــًــالحق‬

‫‪154‬‬

You might also like