You are on page 1of 286

‫جامعة محمد الخامس بالرباط‬

‫‪Université Mohamed V Rabat‬‬


‫مركز دراسات الدكتوراه‬
‫القانون المقارن‪ ،‬االقتصاد التطبيقي والتنمية المستدامة‬

‫رقم األطروحة‪7102/49:‬‬

‫أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‬


‫والعلوم السياسية‬
‫حتت عنوان‪:‬‬

‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات‬


‫الواقع ومتطلبات الحكامة‬
‫تحت إشراف الدكتور‪:‬‬ ‫من إعداد الطالبة الباحثة‪:‬‬
‫ذ‪ .‬عبد النبي أضريف‬ ‫سناء حمرالراس‬
‫لجنة المناقشة‪:‬‬

‫الدكتور محمد شادي‪ :‬أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية عين السبع‪........‬رئيسا‪.‬‬
‫الدكتور عبد النبي أضريف‪ :‬أستاذ مؤهل بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية عين السبع‪...‬مؤط ار وعضوا‪.‬‬
‫الدكتور محمد حيمود‪ :‬أستاذ مؤهل بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بسال‪.........‬مقرر وعضوا‪.‬‬
‫الدكتور الشريف الغيوبي‪ :‬أستاذ مؤهل بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بسال‪.....‬مقر ار وعضوا‪.‬‬
‫الدكتورة نجاة العماري‪ :‬أستاذة مؤهلة بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بمراكش‪.....‬مقر ار وعضوا‪.‬‬

‫السنة الجامعية‪6102/ 6102 :‬‬


‫‪6102-‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫مقدمة عامة‪:‬‬

‫اختار المغرب منذ بداية االستقالل العمل بنظام الالمركزية‪ ،‬كنظام لتوزيع‬
‫اإلختصاصات والموارد بين الدولة والجماعات الترابية‪ .1‬وقد عرف هذا النظام مراحل‬
‫متوالية من اإلصالحات والتحدي‪ ،‬إلى حدود صدور دستور ‪ ،1122‬الذي كرس‬
‫الجهوية المتقدمة في فصله األول‪ ،‬مؤكدا أن" التنظيم الترابي للمملكة تنظيم المركزي‪،‬‬
‫يقوم على الجهوية المتقدمة"‪ ،‬مسجال بذلك نقطة تحول في تاريخ الالمركزية بالمغرب‪.‬‬

‫وتحتل مالية الجماعات الترابية‪ ،‬مكانة مهمة ومحورية في التنظيم الالمركزي‪،‬‬


‫باعتبارها الوسيلة األساسية لتنفيذ السياسات االقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية‬
‫على المستوى الترابي‪.‬‬

‫غير أن التدبير المالي للجماعات الترابية‪ ،‬تعترضه العديد من اإلكراهات‬


‫واالختالالت‪ ،‬حاول المشرع المغربي تجاوزها من خالل إعالنه عن مجموعة من‬
‫اإلصالحات والقوانين التنظيمية الجديدة‪ ،‬واالنفتاح على آليات الحكامة المالية‪.‬‬

‫ومن أهم الدول التي انخرطت في هذا االتجاه‪ ،‬نجد فرنسا‪ ،‬التي عرفت عدة‬
‫إصالحات لنظامها المحلي ولماليتها الترابية‪ ،‬بداية من المراجعة الدستورية في ‪12‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 531‬من الدستور‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،5.55..5‬الصادر في ‪ 82‬يوليوز‪ ،8155‬بتنفيذ نص‬ ‫‪1‬‬

‫الدستور‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 1.95‬مكرر‪ ،‬بتاريخ ‪ 31‬يوليوز‪ ،8155‬ص‪.3911 .‬‬

‫‪1‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫مارس ‪ ،1112‬ومرو ار بإصدار القانون المنظم لالستقالل المالي للجماعات الترابية في‬
‫‪ 12‬يوليوز‪.21112‬‬

‫إن التدبير المالي للجماعات الترابية‪ ،‬هو إفراز للتطور العام للنظام الالمركزي‬
‫بالمغرب‪ .‬ذلك أن هذا التدبير مر بمحطات تاريخية‪ ،‬ساهمت في وضع اللبنات األولى‬
‫لمالية الجماعات الترابية ‪ ،‬بدءا من الفترة التي سبقت نظام الحماية‪ ،‬حيث تم االهتمام‬
‫بمؤسسة األمناء‪ ،‬كجهاز مكلف بتدبير المال العام في العهد المخزني‪ ،3‬والتي عرفت‬
‫نقاشا فقهيا حول مدى وجود جبايات محلية من عدمها‪ ،‬إذ هناك من نفى إمكانية وجود‬
‫موارد جبائية خالل فترة ما قبل الحماية‪ ،‬بحيث لم توجد ضريبة ذات صبغة محلية بل‬
‫كانت عبارة عن واجبات تدفع عند أبواب المدن‪ ،‬تعرف بواجب الحافر‪ ،‬إلى جانب‬
‫الرسوم التي تدفع بمناسبة تبادل السلع في األسواق المحلية برسوم المكوس‪ .4‬بينما‬
‫هناك طرح آخر مغايرا‪ ،‬أقر بوجود جبايات‪ ،‬كان المستفيد األول منها المدينة أو القرية‬
‫في بعض منشآتها‪ ،‬وكانت تسمى هذه الجبايات بالمستفادات أو المستفاد‪.5‬‬

‫‪2‬‬
‫‪-Loi organique N° 2004-758 du 29 juillet 2004 prise en application de l’article 72-2de la‬‬
‫‪constitution ralative à l’autonomie financiére des colectivités territoriale, publiée au J.O n°175‬‬
‫‪du 30 juillet 2004, page 13561 .‬‬
‫‪ -‬نعيمة هراج التوزاني‪ ،‬األمناء في المغرب في ظل حكم السلطان المولى الحسن ‪ ،52.5-5283‬مطبعة فضالة‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫المحمدية ‪ ،5.21‬ص‪.518 .‬‬


‫‪4‬‬
‫‪- Mohammed Sbihi, la gestion des finances communales, Edition Babel, Rabat, 1992, p. 9.‬‬
‫للمزيد من التفصيل أنظر‪:‬‬
‫‪- Jilali Chabih, les finances des collectivités locales au Maroc, L’Harmattan, Paris, France,‬‬
‫‪2005.‬‬
‫‪ -‬عبد المجيد أسعد‪ ،‬مالية الجماعات المحلية بالمغرب‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،5..5 ،‬ص‪.539 .‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪2‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫أما فترة الحماية‪ ،‬فقد عرفت ظهور البوادر األولى لوضع نظام جبائي كفيل‬
‫بتسديد حاجيات الدولة‪ ،‬وكانت إدارة الحماية تنوي تنظيم ماليتها وهياكلها اإلقتصادية‪،‬‬
‫إال أن عملية وضع نظام جبائي للمدن‪ ،‬اعترضتها عدة صعوبات‪ ،‬تجلت في وضعية‬
‫المغرب الخاصة على الصعيد الدولي‪ ،‬لذا عدلت سلطات الحماية آنذاك عن فكرة‬
‫فرض ضريبة ذات مردودية وافرة لفائدة المدن‪ ،‬وبالمقابل قامت بعدة محاوالت لتحسين‬
‫الوضعية‪ ،‬فأنشأت بعض الضرائب‪ ،‬كالضريبة على الملك العام‪ ،‬لكن سرعان ما تبين‬
‫أن دخلها كان ضعيفا‪ ،‬وغير كفيل بتوفير موارد كافية للمدن‪.6‬‬

‫وأمام ضعف الموارد المحلية‪ ،‬وازدياد حاجيات المدن‪ ،‬ظهرت بعض الميزانيات‬
‫البلدية منذ سنة ‪2222‬م‪ ،‬واعتمدت في أغلب مواردها على إمدادات الدولة والقروض‪.‬‬

‫كما ظهرت عدة نصوص تشريعية‪ ،‬تهدف إلى إعطاء نفس جديد للنظام المالي‬
‫والمحاسبي للبلديات‪ ،‬كظهير فاتح أبريل ‪2222‬م‪ ،‬الذي يتعلق بالمحاسبة البلدية‪،‬‬
‫وظهير ‪ 11‬يوليوز ‪2221‬م‪ ،‬الذي حدد الرسوم والحقوق البلدية‪ ،‬كالرسم المفروض‬
‫على الحفالت‪ ،‬والرسوم المفروضة على توزيع المياه‪ ،‬وظهير ‪ 12‬مارس ‪2221‬م‪،‬‬
‫الذي جاء برسوم بلدية أخرى كالرسم المفروض على الكالب‪ ،‬والرسم المفروض على‬
‫الذبح‪...7‬‬

‫‪ -6‬المهدي بنمير‪ ،‬الجماعات المحلية والممارسة المالية بالمغرب‪ ،‬مطبعة الوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪ ،5..5 ،‬ص‪.58 .‬‬

‫‪7‬‬
‫‪- Mohammed Sbihi, la gestion des finances communales, société Babel pour l’imprimer,‬‬
‫‪Rabat, 1992, p.1.‬‬

‫‪3‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫إن الهدف من خلق هذه الضرائب والرسوم‪ ،‬هو محاولة تقليص العجز الذي‬
‫كانت تعرفه ميزانيات البلديات‪ ،‬غير أن هذه الجبايات لم تكن كافية لتغطية النفقات‬
‫المتزايدة للمدن‪ .‬ومن تم ظلت ميزانيات البلديات تعتمد على إمدادات الدولة إلى حدود‬
‫سنة ‪2222‬م‪.8‬‬

‫ومع تطور األوضاع بالمدن‪ ،‬التي أخذت تعرف نشاطات صناعية متنوعة‪ ،‬بدأت‬
‫تطرح مشاكل الحركة المجالية‪ ،‬خاصة أمام تزايد اليد العاملة النازحة من األرياف‪.9‬‬
‫ولمسايرة هذه األوضاع‪ ،‬أصبح األمر يتطلب من الدولة البحث عن إيجاد موارد جديدة‬
‫لصالح البلديات لمواجهة نفقاتها المتزايدة‪ ،‬وهو ما دفعها إلى التنازل عن الجزء‬
‫األصلي من الضريبة الحضرية لفائدة البلديات‪ ،‬وذلك بمقتضى الظهير الشريف المؤرخ‬
‫في ‪ 11‬أبريل ‪2221‬م‪ ،‬كما تنازلت عن القسط القار من ضريبة السكنى سنة‬
‫‪2221‬م‪ .‬وفي سنة ‪2222‬م أضيف إلى موارد البلديات الجزء األصلي من الضريبة‬
‫المهنية‪.10‬‬

‫إن النظام الجبائي المحلي خالل فترة الحماية‪ ،‬لم يعرف تطو ار في اتجاه المركزية‬
‫مالية‪ ،‬تمكن البلديات من تدبير شؤونها‪ ،‬حيث يظهر ذلك من خالل توزيع الرسوم‬
‫والضرائب بين الدولة والبلديات‪ ،‬إذ كان نصيب البلديات ضعيفا جدا بالمقارنة مع ما‬
‫استحوذت عليه الدولة‪.‬‬

‫‪ -‬عبد اللطيف امشمش‪ ،‬نور الدين نصير‪ ،‬تقرير حول تطور الجبايات المحلية بالمغرب‪ ،‬نموذج المجموعة الحضرية‬ ‫‪8‬‬

‫للدارالبيضاء‪ ،‬بحث نهاية التدريب‪ ،‬مركز التكوين اإلداري‪ -‬الدراالبيضاء‪ ،‬السنة الدراسية ‪ ،5..2-5..8‬ص‪.. .‬‬

‫‪ -‬المهدي بنمير‪ ،‬الجماعات المحلية والممارسة المالية بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.51 .‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪ -10‬عبد اللطيف أمشمش‪ ،‬نور الدين نصير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.. .‬‬

‫‪4‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫ومع فترة االستقالل‪ ،‬خضع التنظيم المالي للجماعات الترابية‪ ،‬إلصالح قانوني‬
‫مهم في ظل ظهير ‪ 12‬يونيو ‪ ،112211‬الذي كان يأخذ بمبدأ ثنائية الميزانية‪،‬‬
‫المتمثلة في‪ :‬الميزانية األصلية‪ ،‬التي تهم مختلف عمليات التسيير‪ ،‬والميزانية اإلضافية‬
‫التي تخصص لتغطية عملية التجهيز‪ .‬غير أنه في ظل محدودية هذه التجربة‪ ،‬فإن‬
‫القوانين الصادرة في ‪ 21‬شتنبر‪ ،2211‬منها الظهير المتعلق بالتنظيم المالي‬
‫للجماعات المحلية وهيآتها‪ ،‬والمرسوم الخاص بسن نظام لمحاسبة الجماعات المحلية‬
‫وهيآتها‪ ،‬ستعمل على إدخال مجموعة من اإل صالحات على التدبير المالي للجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬وخاصة على مستوى الميزانية‪ ،‬حيث انتقلت من ميزانيتين أصلية تخص‬
‫التسيير‪ ،‬واضافية تخص التجهيز‪ ،‬إلى ميزانية واحدة‪ ،‬تضم التسيير في جزئها األول‪،‬‬
‫والتجهيز في جزئها الثاني‪.‬‬

‫وموازاة مع التغييرات التي لحقت ميزانية الجماعات الترابية‪ ،‬أصدر المشرع على‬
‫مستوى التنظيم المالي الترابي‪ ،‬مجموعة من النصوص التشريعية والتنظيمية‪ .12‬والتي‬
‫ساعدت على تحسين وتطوير العمليات المالية‪ ،‬التي تشرف على ممارستها الجماعات‬
‫الحضرية والقروية‪.‬‬

‫‪ -11‬ظهير شريف رقم ‪ 5.1..351‬بتاريخ ذي الحجة ‪ 83(538.‬يونيو‪ ،)5.91‬المتعلق بالتنظيم الجماعي‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫العدد ‪ ،8528‬بتاريخ ‪ 85‬يونيو ‪.5.91‬‬
‫‪ -12‬ظهير شريف رقم ‪ 5.89.125‬بتاريخ ‪ 31‬شتنير‪ 5.89‬بمثابة قانون‪ ،‬المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية‬
‫وهيئاتها‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 3331‬مكرر‪ ،‬بتاريخ ‪ 5‬أكتوبر ‪ ،5.89‬ص‪.3135 .‬‬
‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ 8.89.181‬بتار يخ ‪ 31‬شتنبر ‪ 5.89‬يتعلق بتطبيق الظهير السالف ذكره الخاص بالتنظيم المالي‪ ،‬جريدة‬
‫رسمية عدد ‪ ،3331‬بتاريخ ‪ 5‬أكتوبر ‪ ،5.89‬ص‪.313. .‬‬
‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ 8.89.189‬يتعلق بسن نظام لمحاسبة الجماعات المحلية وهيئاتها‪ ،‬بتاريخ ‪ 31‬شتنبر‪ ،5.89‬جريدة رسمية‬
‫عدد ‪ ،3331‬بتاريخ ‪ 5‬أكتوبر ‪ ،5.89‬ص‪.313. .‬‬
‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ 8.89.188‬بتاريخ ‪ 31‬شتنبر ‪ 5.89‬الخاص بمراقبة صحة االلتزام بالنفقات المتعلقة بالجماعات المحلية‬
‫وهيئاتها‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ ،3331‬بتاريخ ‪ 5‬أكتوبر ‪ ،5.89‬ص‪.3118.‬‬

‫‪5‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫لكن في المقابل‪ ،‬لم تساهم هاته التعديالت إال بشكل محدود في تعزيز المنظومة‬
‫الضريبية الترابية‪ ،‬بحيث ظلت هذه التعديالت جزئية ومعزولة‪ .‬وبقي ظهير ‪ 12‬مارس‬
‫‪ 2211‬هو المرجع القانوني في تنظيم رسوم وجبايات الجماعات الترابية‪.‬‬

‫ثم جاء القانون اإلطار لسنة ‪ 2222‬المتعلق باإلصالح الضريبي‪ ،‬إذ عمل على‬
‫ضمان تحويل مدخول الضريبة على األرباح المهنية كليا إلى الجماعة الترابية‪ ،‬كما‬
‫نص على تخصيص ‪ 21‬في المائة على األقل من موارد الضريبة على القيمة‬
‫المضافة لهاته الجماعات‪.13‬‬

‫غير أن هذه التعديالت بالرغم من أهميتها‪ ،‬لم تكن كافية من أجل مواكبة‬
‫الحاجات المتزايدة للجماعات الترابية في تدبير شؤونها اليومية‪ .‬لذا‪ ،‬ووعيا بضرورة‬
‫تمكين هذه الجماعات من نظام جبائي منتج‪ ،‬يعتمد على تقنيات وأساليب حديثة‪ ،‬في‬
‫إقرار وتحصيل الضرائب والرسوم‪ ،‬ويتجاوز في الوقت ذاته سلبيات األنظمة الجبائية‬
‫السالفة‪ ،‬عمد المشرع المغربي إلى صياغة قانون جديد للجبايات المحلية‪ ،‬بتاريخ ‪12‬‬
‫نوفمبر‪ ،142222‬للمساهمة في تطوير المردودية الضريبية للمجالس الجماعية‪ ،‬ويعزز‬
‫بالتالي اإلستقالل المالي للجماعات الترابية‪.‬‬

‫‪ -‬ظهير رقم ‪ ،5-23-32‬بتاريخ ‪ 85‬رجب ‪/5515‬موافق ل ‪ 83‬أبريل ‪ ،5.25‬المتعلق باإلصالح الجبائي للدولة‪،‬‬ ‫‪13‬‬

‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 81 ،3835‬ماي ‪.5.25‬‬

‫‪ -‬الظهير الشريف رقم ‪ 5.2..528‬بتاريخ ‪ 85‬ربيع الثاني ‪ ،5551‬الموافق ل‪ 85‬نوفمبر ‪ ،5.2.‬الصادر بتنفيذ القانون‬ ‫‪14‬‬

‫رقم ‪ ،31.2.‬والمتعلق بنظام الضرائب المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ ،5138‬بتاريخ ‪ 9‬دجنبر‬
‫‪ ،5.2.‬ص‪.5183 .‬‬

‫‪6‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫ومن أجل تجاوز مختلف اإلشكاالت التي خلفتها الممارسة المالية الترابية‪ ،‬ألزيد‬
‫من ثالثة عقود‪ ،‬وفي سياق التحوالت التي يشهدها تدبير الشأن العام الترابي‪ ،‬خاصة‬
‫على مستوى تحديث الترسانة القانونية على المستوى الجبائي‪ ،‬بدخول القانون رقم‬
‫‪ 21.11‬المتعلق بجبايات الجماعات المحلية حيز التطبيق في سنة ‪ ،15 1112‬وعلى‬
‫المستوى اإلداري خاصة‪ ،‬بدخول القانون رقم ‪ 21.12‬حيز التنفيذ‪ ،‬المعدل والمتمم‬
‫لقانون رقم ‪ 12.11‬المتعلق بالميثاق الجماعي في سنة ‪ ،161112‬جاء القانون رقم‬
‫‪ 20.12‬المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها‪ ،‬بغية تحديد طبيعة‬
‫اإلصالحات التي يتعين القيام بها لتحديث النظام المالي‪ ،‬وجعله أكثر مالءمة‬
‫تفعيل‬ ‫لمتطلبات الحكامة الجيدة للجماعات الترابية‪ .‬كما تم بموجب هذا القانون‬
‫المرسوم المتعلق بسن نظام للمحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها بتاريخ‬
‫‪ 12‬يناير ‪ ،2010‬حيث أقر عدة مستجدات من قبيل المخطط المحاسبي‪ ،‬والمحاسبة‬
‫التحليلية للميزانية‪.‬‬

‫‪ -15‬ظهير شريف رقم ‪ 5.18.5.1‬يتعلق بجبايات الجماعات المحلية ومجموعاتها‪ ،‬صادر في ‪ 5.‬من ذي القعدة‬

‫‪ 31(5582‬نوفمبر‪ ،)8118‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،1123‬بتاريخ ‪ 88‬ذو القعدة ‪ 3( 5582‬ديسمبر‪.)8118‬‬

‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 5.12.513‬الصادر في ‪ 88‬صفر ‪ 52 (5.31‬فبراير ‪ )811.‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 58.12‬القاضي‬ ‫‪16‬‬

‫بتغيير وتتميم القانون رقم ‪ 82/11‬المتعلق بالميثاق الجماعي‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،1855‬بتاريخ ‪ 83‬فبراير ‪.811.‬‬

‫‪7‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫ومع بروز النقاش حول الجهوية المتقدمة والتعديل الدستوري لسنة ‪،1122‬‬
‫عملت الدولة على إعادة النظر في وحداتها الترابية‪ ،‬ليس فقط على مستوى التوزيع‬
‫العمودي واألفقي لالختصاصات‪ ،‬أو التقسيم الترابي لهذه الوحدات‪ ،‬وما يرتبط به من‬
‫أدوار جديدة ستلعبها الجماعات الترابية مستقبال‪ ،‬بل أيضا على مستوى المقاربات‬
‫المعتمدة في التدبير‪ ،‬وذلك بتجاوز المقاربات التقليدية في تدبير ميزانيات الجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬وايجاد بدائل لتمويل وتنمية قدراتها المالية‪ ،‬مع التفكير في النتائج واألهداف‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬تم من خالل القوانين التنظيمية الجديدة للجماعات الترابية‪ ،‬تبني‬
‫آليات الحكامة المالية لتجاوز اإلكراهات واالختالالت‪ ،‬التي تعاني منها مالية‬
‫الجماعات الترابية‪.‬‬

‫من هذا المنطلق‪ ،‬تبرز أهمية الموضوع وراهنيته‪ ،‬من خالل مجموعة من النقط‬
‫نذكر منها ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬التوجه الدولي نحو تقوية الجماعات الترابية‪ ،‬وتطوير إمكانياتها المالية‪.‬‬

‫‪ -‬تقعيد دستور ‪ 1122‬لقواعد حديثة في التدبير الترابي( التدبير الحر)‪ ،17‬وذلك‬


‫انسجاما مع أدبيات التوجه اإلصالحي الجديد‪ ،‬المتمثل في تبني المغرب لخيار‬
‫الجهوية المتقدمة‪ ،‬كما أعلن عنها الملك محمد السادس وأكد عليها في خطابه بمناسبة‬
‫ذكرى مرور ‪ 22‬سنة على المسيرة الخضراء‪.18‬‬

‫‪ -17‬الفصل ‪ 539‬من دستور ‪.8155‬‬


‫‪ -18‬الخطاب الملكي بتاريخ ‪ 19‬نونبر ‪ ،8112‬بمراكش‪ ،‬بمناسبة ذكرى مرور ‪ 33‬سنة على المسيرة الخضراء‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬المستجدات والتغييرات التي جاءت بها القوانين التنظيمية فيما يخص الجماعات‬
‫(القانون رقم ‪ ،19)222.22‬والعماالت واألقاليم ( القانون رقم ‪ ،20)221.22‬والجهات‬
‫(القانون رقم ‪.21)222.22‬‬

‫‪ -‬تزايد اإلختالالت على مستوى الجماعات الترابية‪ ،‬مما انعكس سلبا على ماليتها‪،‬‬
‫وبالتالي على مالية الدولة‪ ،‬نظ ار لروابط التأثير والتأثر بين الماليتين‪.‬‬

‫إن اختيار موضوع موضوع التدبير المالي للجماعات الترابية‪ ،‬له مبرراته الذاتية‬
‫والموضوعية‪.‬‬

‫فاألسباب الذاتية‪ ،‬تتمثل في االهتمام الشخصي بموضوعات المالية الترابية‪ ،‬منذ‬


‫الدراسة بسلك الماستر‪ ،‬والرغبة في التخصص أكثر في مالية الجماعات الترابية‬
‫والبحث في مظاهر االختالالت والمعيقات التي تعرفها‪ .‬من هنا‪ ،‬خلق هذا الموضوع‬
‫الحساس اهتماما خاصا‪ ،‬دفعنا إلى تعميق البحث فيه‪ ،‬ورصد مستجداته‪.‬‬

‫إن موضوع التدبير المالي للجماعات الترابية‪ ،‬يستفز الباحث‪ ،‬في مجال مركب‪،‬‬
‫مليء بالصعوبات على مستوى النصوص القانونية‪ ،‬والممارسة العملية‪.‬‬

‫زد على ذلك‪ ،‬أنه رغم وجود دراسات وبحوث في هذا الموضوع‪ ،‬إال أنه تبقى‬
‫لكل باحث مقاربته للموضوع‪ ،‬السيما وأن الساحة الوطنية والترابية‪ ،‬تعيش اليوم على‬

‫‪ - 19‬ظهير شريف رقم ‪ 5.51.21‬صادر في ‪ 8‬يوليوز ‪ ،8151‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 553.55‬المتعلق بالجماعات‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 83( 9321‬يوليوز ‪ ،)8151‬ص‪.9991.‬‬
‫‪ - 20‬ظهير شريف رقم ‪ 5.51.25‬صادر في ‪ 8‬يوليوز ‪ ،8151‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 558.55‬المتعلق بالعماالت واألقاليم‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 83( 9321‬يوليوز ‪ ،)8151‬ص‪.9911.‬‬

‫‪ -21‬ظهير شريف رقم ‪ 5.51.23‬صادر في ‪ 8‬يوليوز ‪ ،8151‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 555.55‬المتعلق بالجهات‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 83( 9321‬يوليوز ‪ ،)8151‬ص‪.9955 .‬‬

‫‪9‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وقع إصالحات مهمة‪ ،‬تجذب الباحث إلى مقاربة الموضوع على ضوء المستجدات‬
‫الراهنة‪.‬‬

‫كما دفعت عدة أسباب موضوعية‪ ،‬الختيار موضوع التدبير المالي للجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬منها االنعكاس الذي تحدثه مالية الجماعات الترابية على مالية الدولة‪ ،‬نظ ار‬
‫لروابط التأثير والتـأثر‪ ،‬كما أن معالجة الموضوع تعد مساهمة في رصد االختالالت‬
‫القانونية والتنظيمية‪ ،‬لتدبير مالية الجماعات الترابية‪ ،‬والبحث عن حلول وبدائل‬
‫لتجاوزها‪.‬‬

‫إن موضوع التدبير المالي للجماعات الترابية‪ ،‬يكتسي أهمية خاصة لكونه‪ ،‬يأتي‬
‫في سياق مواكبة اإلصالحات الكبرى التي يعرفها المغرب‪ ،‬خصوصا مع صدور‬
‫دستور ‪ ،1122‬والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬والتي تهدف إلى اعتماد مبادئ‬
‫الحكامة الجيدة‪ ،‬كرافعة أساسية لتخليق مجال تدبير الشأن العام على المستوى الوطني‬
‫والترابي‪.‬‬

‫كما يعد‪ ،‬موضوع التدبير المالي للجماعات الترابية‪ ،‬موضوعا شائكا ومتشعبا‪ ،‬ال‬
‫يمكن دراسته فقط باالقتصار على الجانب القانوني أو المؤسساتي‪ ،‬وانما يظل مفتوحا‬
‫على جوانب أخرى‪.‬‬

‫إن معالجة هذا الموضوع‪ ،‬تقتضي تحديد المفاهيم الرئيسية له‪ ،‬والتي بدونها‬
‫سيستعصي فهم مضمونه وحل إشكاالته‪ ،‬وعلى رأسها مفهومي التدبير والحكامة‪.‬‬

‫ففيما يخص مفهوم التدبير‪ ،‬نجد أن القرآن الكريم حث في آيات عديدة على‬
‫حسن استعمال األموال كقوله تعالى ﴿وال تجعل يدك مغلولة إلى عنقك وال تبسطها كل‬
‫البسط ﴾‪.22‬‬

‫‪ -‬اآلية ‪ ،8.‬من سورة اإلسراء‪.‬‬ ‫‪22‬‬

‫‪10‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫فالتدبير هنا‪ ،‬ضد اإلسراف‪ ،‬ويعرف "عبد الحق عقلة" التدبير كنشاط أو فن أو‬
‫طريقة لقيادة منظمة وتسييرها وتخطيط تطورها ورقابتها‪ ،23‬إنه فن وعلم يهدف إلى‬
‫قيادة المنظمة نحو أهداف محددة‪.‬‬

‫فإن التدبير هو النشاط الذي يهدف إلى قيادة‬ ‫‪24‬‬


‫وحسب "أمان عبد المجيد"‬
‫المنظمة نحو بلوغ األهداف التي وجدت من أجلها‪ ،‬وذلك من خالل االستعمال األمثل‬
‫للموارد المالية والمادية والبشرية‪.‬‬

‫وقد أصبح مصطلح تدبير‪ ،25‬مفهوما مفتاحا في الواليات المتحدة األمريكية مع‬
‫نهاية الستينيات‪ .‬وعرف في بداية القرن‪ ،‬كفن للتعامل‪ ،‬أو بكل بساطة فن الممكن‪،26‬‬
‫وحاليا يطبق التدبير كفن أو طريقة لقيادة مؤسسة ما‪ ،‬من حيث إدارتها والتخطيط‬
‫لتنميتها وم ارقبتها‪ ،‬بغية تحقيق أهدافها‪ ،‬سواء تعلق األمر بمؤسسة في القطاع الخاص‬
‫أو العام‪.27‬‬

‫وهي‪ :‬التدبير اإلستراتيجي‪ ،‬التدبير‬ ‫‪28‬‬


‫ويصنف التدبير إلى ثالث مستويات‬
‫اإلداري‪ ،‬التدبير العملياتي‪.‬‬

‫‪ -‬عبد الحق عقلة‪" ،‬دراسات في علم التدبير"‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،8118 -8119 ،‬ص‪95 .‬‬ ‫‪23‬‬

‫وبعدها‪.‬‬
‫‪- Aman Abdelmajid, la formation intégrée, méthode de gestion des compétences,‬‬
‫‪24‬‬

‫‪expérimentation dans les administrations publiques marocaines, thèse de doctorat, Univesité‬‬


‫‪Lyon, 2001, p 113.‬‬
‫‪ - 25‬بخصوص أهم نظريات التدبير‪ ،‬أنظر‪:‬‬
‫‪- Kennedy Carol, «Toutes les théories du management : les idées essentielles des auteurs les‬‬
‫‪plus souvent cités », Maxima, Paris, 3ème édition, 2003.‬‬
‫‪ -‬امحمد اإلدريسي‪" ،‬األركان األساسية للتدبير"‪ ،‬مطبعة فيدبرانت‪ ،‬أكتوبر ‪ ،8115‬ص‪ ،55 .‬ص‪ 5..‬وبعدها‪.‬‬ ‫‪26‬‬

‫‪ -‬محمد بنطلحة الدكالي‪ ،‬محاولة لتشخيص ومعالجة الجوانب المالية والجبائية في التنظيم المالي الجماعي‪ ،‬منشورات‬ ‫‪27‬‬

‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة "مواضيع الساعة"‪ ،‬العدد ‪ ،8113 ،55‬ص‪.588 .‬‬
‫‪ -‬التدبير اإلستراتيجي‪ :‬والذي يعتبر كمجموعة من المهام المرتبطة باإلدارة‪ ،‬التي تهدف إلى تحديد مسارات التطور‬ ‫‪28‬‬

‫المستقبلي للمقاولة‪ ،‬وتخول لها اإلمكانيات التنظيمية الالزمة‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫ويعتبر كل من"ألسيان" و "فوجير" أن التدبير العملياتي‪ ،‬عمليا هو تدبير عالئقي‪،‬‬


‫يقوم على تنشيط الفرق وقيادة المقابالت واالجتماعات والتفاوض والتواصل‪ ،‬بشكل‬
‫يومي‪ ،‬باإلضافة إلى تدبير الوقت ‪.29‬‬

‫وال يعبر التمييز بين المستويات الثالث للتدبير‪ ،‬عن أهمية مستوى ما مقارنة مع‬
‫اآلخر ‪ ،‬إال أن ذلك يساهم في تحديد مجال المسؤولية والمعرفة الجيدة للمؤهالت‬
‫الالزمة بالنسبة لكل مستوى‪.‬‬

‫فحسب "شوفالييه"‪ ،30‬هناك ثالث تيارات فكرية تجسد تطور مفهوم التدبير‪،‬‬
‫ويتعلق األمر بالتوجه القانوني‪ ،‬الذي يهتم أساسا بالظاهرة اإلدارية انطالقا من دراسة‬
‫البنيات اإلدارية والنصوص المنظمة لإلدارة العمومية‪ ،31‬أما التوجه التدبيري‪ ،32‬فيسعى‬
‫إلى عقلنة عوامل اإلنتاج‪ ،‬بهدف رفع المردودية للوحدة ككل‪ ،‬واإلنتاجية بالنسبة لكل‬
‫فرد‪ ،‬ثم التوجه السوسيولوجي‪ ،‬الذي يعتمد أساسا على مفاهيم ومناهج علم االجتماع‬
‫في معالجته للظاهرة اإلدارية‪.‬‬

‫واذا كان التدبير يهدف بشكل عام‪ ،‬إلى التوظيف الفعال لإلمكانات والموارد‬
‫ألجل تحقيق األهداف المخططة للمنظمة‪ ،‬فإن مضمونه يختلف بين التوجهين‬

‫التدبير اإلداري‪ :‬يهتم بتدبير موارد المنظمة‪ ،‬بغية تحقيق أفضل النتائج الممكنة‪ ،‬ويقوم التدبير اإلداري‪ ،‬من جهة‪ ،‬على‬
‫تنظيم بنيات المنظمة‪ ،‬ومن جهة أخرى على ضمان تخصيص وتطوير مواردها‪.‬‬
‫التدبير العملياتي‪ :‬يرتبط بالمسارات الفعلية للعمل والالزمة لتحقيق المهام‪ ،‬ويهدف إلى وضع االختيارات اإلستراتيجية‬
‫للمنظمة واستغالل مؤهالتها بشكل أمثل والحرص على جعل مسارات تحولها أكثر فعالية‪ .‬ويشمل كل عمليات التسيير‬
‫االعتيادية التي تتكرر كل يوم‪ ،‬والتي تفرض مستوى من الكفاءة في تنفيذها‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫‪- Aman Abdelmajid, la formation intégrée, méthode de gestion des compétences,‬‬
‫‪expérimentation dans les administrations publiques marocaines, thèse de doctorat, Univesité‬‬
‫‪Lyon, 2001, p. 113.‬‬
‫‪30‬‬
‫‪Chevalier Gilles : « Eléments de management public : le management public par la qualité »,‬‬
‫‪Afnor éditions, France, 2009.‬‬
‫‪ - 31‬عبد الحق عقلة‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬المبادئ األساسية لدراسة القانون والعلم اإلداريين‪ ،‬طبعة‪،8118 ،‬‬
‫ص‪.98.‬‬
‫‪ -‬نوال الهناوي‪ ،‬التدبير العمومي الجديد‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراة في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬ ‫‪32‬‬

‫واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪ -‬أكدال السنة الجامعية‪ ،811.-8112 :‬ص‪.52 .‬‬

‫‪12‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫األنجلوساكسوني والفرنسي‪ ،33‬فالتدبير في ظل التوجه األنكلوساكسوني‪ ،‬يتميز بمفهوم‬


‫واسع‪ ،‬يأخذ بعين االعتبار تأثير المحيط الداخلي والخارجي على المنظمة‪ ،‬وله ثالث‬
‫مدلوالت عامة ومتكاملة‪ ،‬فهو يفيد مجموع المعارف التي تهتم بتنظيم وتدبير المقاولة‪،‬‬
‫ويفيد كذلك تطبيق هذه المعارف على عملية تجارية أو مقاوالتية‪ ،‬ويفيد في مرحلة ثالثة‬
‫قيادة إدارة عملية التدبير نفسها‪ .34‬بينما يرى أنصار المنهج الفرنكفوني‪ ،‬أن مفهوم‬
‫التدبير هو مفهوم انجلو أمريكي‪ ،‬ترجم الى الفرنسية من قبل اإلداريين‪ ،‬وهو مصطلح‬
‫أوسع وأشمل‪ ،‬ويتضمن في طياته مفهوم التسيير‪ ،‬وتعرف المانجمنت بأنها الممارسة‬
‫التي تتجه نحو تطبيق المكتسبات الفنية والمعرفية المرتبطة بالتوازي مع العالقات‬
‫اإلنسانية والجماعية والبيئة المحيطة‪ ،35‬فالتدبير حسب التوجه الفرنسي‪ ،‬يحيل على‬
‫مجموع الوسائل المعتمدة والقواعد واإلجراءات القانونية الواجب االلتزام بها عند مزاولة‬
‫مهمة التدبير‪ ،‬وهو بهذا المعنى له بعد أحادي هو المطابقة‪ ،‬عكس مفهوم التدبير لدى‬

‫‪ -‬احتضنت منظومة التدبير مجموعة من المدارس العلمية بتصورات وأفكار متباينة لروادها‪ ،‬فأساسه التداخلية العلمية لعدة‬ ‫‪33‬‬

‫مدارس ومناهج علمية‪ ،‬ويعتبر بعض الفقه أن كلمة التدبير هي كلمة التينية قديمة‪ ،‬بعد إهمال توظيفها من قبل الفرنسيين‪،‬‬
‫سيتم اعتمادها بطريقة رسمية من قبل األكاديمية الفرنسية سنة ‪ ،5.83‬للمزيد من التفاصيل حول الموضوع‪ ،‬انظر‪:‬‬

‫‪- Bartoli Annie : « Management dans les organisations publiques », Dunod, Paris, 3éme édition,‬‬
‫‪2009, p. 24 et 25.‬‬
‫‪ -‬ونجد أيضا أن الدول العربية تختلف في استخدامها لمفهومي اإلدارة والتدبير‪ ،‬حسب تأثرها بالتوجهين السالفي الذكر‪،‬‬
‫وبحسب اجتهادها وفقا لما تمتلكه من موروث شعبي وتأصيل لغوي‪ ،‬فبعض الدول تستخدم اإلدارة‪ ،‬وأخرى تستخدم التدبير‬
‫وأيضا التسيير بخلط واضح في مفاهيمها‪ ،‬بل إن توظيف مفهومي التدبير والتسيير مقصوران على الدول العربية المتبعة‬
‫للمنهج الفرنكوفوني‪ ،‬بينما الدول العربية األخرى تستخدم مفهوم اإلدارة فقط‪ .‬وعموما فإن المتتبع للموروث العربي‪ ،‬يجد أن‬
‫مفهوم التدبير هو في األصل مصطلح عربي‪ ،‬وليس غربيا كما يتصوره البعض من الكتاب ومنظري اإلدارة‪ ،‬ويأتي بعده مفهوم‬
‫اإلدارة من حيث العمومية والشمول‪ ،‬الذي يستخدم عربيا في إدارة األعمال اليومية المتمثلة في اإلشراف والرقابة على تنفيذ‬
‫الق اررات وتحقيق األهداف اليومية لإلدارة‪ ،‬للمزيد من التفاصيل‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪ -‬عبد المالك أحمد العصري‪" ،‬التأصيل النظري لمفهومي اإلدارة والتدبير"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد‬
‫مزدوج ‪ ،519 - 511‬يوليوز‪-‬أكتوبر ‪ ،8158‬ص‪.528 .‬‬
‫‪ -‬عبد المالك أحمد العصري‪" ،‬التأصيل النظري لمفهومي اإلدارة والتدبير"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.5.9 .‬‬
‫‪ - 34‬سعيد جفري‪" ،‬الحكامة وأخواتها (مقاربة في المفهوم ورهان الطموح المغربي)"‪ ،‬الشركة المغربية لتوزيع الكتاب‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،8151 ،‬ص‪.52 .‬‬
‫‪ -‬عبد المالك أحمد العصري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.5.5 .‬‬ ‫‪35‬‬

‫‪13‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المدرسة االنجلوساكسونية‪ ،‬فهو رباعي األبعاد‪ ،‬يشمل المطابقة واالقتصاد والفعالية‬


‫والنجاعة‪ .36‬عموما يمكن القول إن التدبير‪ ،‬هو مرحلة متقدمة في مجال التسيير‪ ،‬على‬
‫اعتبار أن مدلوله ال يتوقف عند مجرد االهتمام بمجال التسيير‪ ،‬بل يشمل مجموع‬
‫تقنيات التنظيم والتسيير والقيادة داخل المنظمة‪.37‬‬

‫والتدبير المطلوب هنا‪ ،‬يتوقف على درجة استيعاب أهمية مقومات التدبير‬
‫الحديث‪ ،‬الذي ينطلق من فكرة محورية مفادها‪ ،‬أن مناهج التدبير المعتمدة بالقطاع‬
‫الخاص‪ ،‬يمكن نقلها وتطبيقها بالقطاع العام‪ ،‬هذا األخير الذي أضحى غير فعال‬
‫وأكثر بيروقراطية وصالبة‪ ،‬مكلف وغير مجدد ومطبوع بتسلسلية جد مركزية‪ .38‬كما أن‬
‫األمر ال يتوقف على التنصيص على بعض المقومات الحديثة للتدبير‪ ،‬بل إن الواقع‬
‫يفرض ضرورة التكريس الفعلي والعملي لهذه المقومات واآلليات‪ ،‬أي االنتقال من‬
‫موقف الشعار والخطاب إلى مرحلة العمل الممنهج‪ ،‬الذي يعكس ثقافة التدبير الحديث‪،‬‬
‫لدى كل متدخل في العمل التنموي‪.39‬‬

‫وبناء على ما تقدم‪ ،‬فإن اعتماد آليات التدبير الحديثة‪ ،‬داخل الوحدات الترابية‪،‬‬
‫يعني بالضرورة التفاعل الجدلي لستة عناصر وهي‪ :‬اإلدارة والتخطيط والتنظيم والمراقبة‬
‫واإلنجاز والمسار التدبيري‪.‬‬

‫‪ -‬بهيجة هسكر‪" ،‬الجماعة المقاولة بالمغرب (األسس‪ ،‬المقومات والرهانات)"‪ ،‬طوب بريس‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬ ‫‪36‬‬

‫‪ ،8151‬ص‪.8.‬‬
‫‪- Chevalier Gilles: « Eléments de management public : le management public par la qualité »,‬‬
‫‪37‬‬

‫‪Afnor éditions, France, 2009, p. 6 et 7.‬‬

‫‪ -38‬نوال الهناوي‪" ،‬التدبير العمومي الجديد"‪ ،‬م ‪ .‬س‪ ،‬ص‪.8 .‬‬


‫‪ -‬آمال بلشقر‪ ،‬تدبير الجماعات الترابية للمشاريع التنموية بين إكراهات الواقع ومتطلبات التنمية المندمجة‪ ،‬أطروحة لنيل‬ ‫‪39‬‬

‫شهادة الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،8151-8155 :‬ص‪3 .‬‬
‫وبعدها‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫أما فيما يخص مفهوم الحكامة‪ ،‬فقد شاع استخدام هذا المصطلح في أدبيات‬
‫اإلدارة العامة والسياسات العامة والحكومات المقارنة‪ ،‬منذ العقد األخير من القرن‬
‫الماضي‪ ،‬وجاء في سياق عالمي‪ ،‬يتسم بهيمنة صيغ التعامل الدولي بمفاهيم‬
‫الخوصصة والعولمة‪ ،‬التي تسير في اتجاه تنميط حياة الدول والمجموعات واألفراد‪،‬‬
‫خاصة بعد فشل سياسات اإلصالح بالدول النامية‪.40‬‬

‫وبالمغرب‪ ،‬برز مصطلح الحكامة الجيدة في ظل بروز مجموعة من التغيرات‪،‬‬


‫التي عرفتها بنيات الدولة كامتداد للتغيرات الدولية‪ ،‬والتي تتجسد في تراجع دور الدولة‪،‬‬
‫في مقابل فسح المجال أكثر لفاعلين جدد من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬جاء المفهوم‬
‫في سياق يتميز فيه التدبير العمومي بالمحدودية والرداءة‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس‪ ،‬فقد كانت الحكامة الجيدة نتاجا للعديد من الظروف‬
‫واإلكراهات ذات الطبيعة الدولية والوطنية‪ ،‬التي فرضت على الدول النامية تبني‬
‫الحكامة الجيدة كآلية لتحقيق التنمية بها‪.‬‬

‫وكغيره من المفاهيم‪ ،‬التي يتم ترجمتها من اللغة اإلنجليزية أو الفرنسية إلى اللغة‬
‫العربية‪ ،‬تعترض الحكامة الجيدة ‪ la bonne gouvernance‬عدة إشكاالت‪ ،‬فيما‬
‫يخص تحديد واضح وجامع‪ ،‬وأبرزها عدم وجود ترجمة واحدة متفق عليها‪ ،41‬باإلضافة‬
‫إلى تعدد التعاريف التي تختلف باختالف المؤسسات الدولية‪ .‬حيث لوحظ وجود عدة‬

‫‪ -‬رشيد السعيد‪ ،‬كريم لحرش‪ "،‬الحكامة الجيدة بالمغرب ومتطلبات التنمية البشرية"‪ ،‬مكتبة الرشاد‪ ،‬الدا رالبيضاء‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪40‬‬

‫األولى‪ ،‬أبريل ‪ ،811.‬ص‪.89 .‬‬

‫‪ - 41‬محمد زين الدين‪ ،‬الحكامة‪ :‬مقاربة إبستمولوجية في المفهوم والسياق‪ ،‬مجلة مسالك في الفكر واالقتصاد‪ ،‬عدد‪، 2008،2‬‬
‫ص‪.8 .‬‬

‫‪15‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫ترجمات لهذا المفهوم من قبيل الحكم‪ ،‬والحكم الصالح‪ ،‬والحكم الراشد‪ ،‬وادارة الحكم‪،‬‬
‫واإلدارة المجتمعية والحكمانية والحوكمة والحكامة والحكامة الجيدة‪.42...‬‬

‫فهناك من يرى أن مصطلح الحكامة في اللغة العربية مشتق من كلمة حكم‪،‬‬


‫بمعنى الفصل في أمر أو نزاع بين طرفين‪ ،‬ومصدره الحكم‪ ،‬وهو المنطوق الصادر‬
‫عن شخص أو هيئة حاكمة‪ .43‬في حين يذهب البعض اآلخر‪ ،‬إلى أن مصطلح‬
‫الحكامة مشتق من كلمة الحكمة‪ ،‬مما يتيح المجال إلعتبارها مبادئ سامية (الرحمة‬
‫فوق العدل)‪ ،‬أو المصلحة العامة في القضاء‪ ،‬والعدل هو أحد معاني الحكمة‪.44‬‬

‫ويطرح مفهوم الحكامة‪ ،45‬في تعريفه إشكالية تعدد العناصر واألبعاد المكونة‬
‫لمختلف التعاريف التي أعطيت له‪ ،‬سواء من لدن المنظمات الدولية أو من خالل‬
‫بعض األدبيات الفقهية‪ ،‬وذلك بالنظر إلى نوعية المقاربة المعتمدة في تعريفه‪.‬‬

‫فالمقاربة السياسية للمفهوم‪ ،46‬يتزعمها كل من االتحاد األوروبي‪ ،‬والواليات المتحدة‬


‫األمريكية وكندا‪ ،‬وذلك نظ ار للترابط القوي بين الحكامة والديمقراطية‪ .47‬وترى هذه‬

‫‪ -42‬عبد الرحمان الماضي‪"،‬حكامة المجتمع المدني‪ -‬العمل الجمعوي نموذجا"‪ ،‬مجلة مسالك في الفـكر والسياسة واإلقتصاد‪،‬‬
‫عـدد‪ ،9119 ،01-9‬ص‪.10 .‬‬

‫‪ -43‬عبد العزيز أشرقي‪ " ،‬الحكامة الجيدة‪ ،‬الدولية –الوطنية‪ ،‬الجماعية ومتطلبات اإلدارة المواطنة"‪ ،‬مكتبة دار السالم للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ، 9119 ،‬ص‪.00 .‬‬
‫‪ -‬عبد الكريم زهير الكايد ‪ ،‬الحكمانية‪ -‬قضايا وتطبيقات‪ ،‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬عمان‪ ،8113 ،‬ص‪.. .‬‬ ‫‪44‬‬

‫‪ - 45‬كما توجد ترجمات أخرى لهذا المصطلح‪ ،‬وذلك بالرجوع إلى الترجمات المختلفة‪ ،‬والتي من بينها كتاب الماوردي"األحكام‬
‫السلطانية والواليات الدينية"‪ ،‬الذي يشير إلى ربط حكم السلطة بالسلطات والسلطانية‪ ،‬والى المعجم العربي األساسي للناطقين‬
‫باللغة العربية ومتعلميها الصادرعن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم‪ ،‬الذي ورد فيه لفظ الحكمة‪ ،‬وتعني معرفة أفضل‬
‫األشياء بأفضل العلوم أو معرفة الحق لذاته‪ ،‬ومعرفة الخير ألجل العمل به‪ ،‬مثلما تعني العلم والتفقه كما رود في سورة لقمان‪،‬‬
‫وأيضا ورد في لسان العرب ألبي الفضل جمال الدين المصري بأن الحكمة تعني العدل‪ ،‬أما قاموس المورد الكبير لمنير‬
‫البعلبكي فترجمها إلى كلمة الحاكمة‪.‬‬
‫‪ 46‬للمزيد من التفصيل راجع‪:‬‬
‫‪- Thomas.Wiss, "Gouvernance, good governance and global governance : conceptal a‬‬
‫‪conceptual Challenger, Third world quarter", vol. 21, N° 05, 2000. p .797.‬‬
‫‪- Bernard Cassen, le piége de la gouvernance, le monde diplomatique, 2001, p.28.‬‬

‫‪16‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المقاربة‪ ،‬أن الحكامة قائمة على الديمقراطية الليبرالية‪ ،‬وبالتالي فال بد من إقامة نظام‬
‫ديموقراطي من أجل اإلستفادة من المساعدات التنموية‪ .‬فحسب هذا اإلتجاه‪ ،‬تعتبر‬
‫الحكامة وسيلة لتحقيق الفعالية والتسيير النزيه للشؤون العامة إلقامة الدولة الحقوقية‪،‬‬
‫التي تحترم فيها حقوق اإلنسان والمبادئ الديمقراطية‪ ،‬وهو ما صرح به الرئيس الفرنسي‬
‫جاك شيراك في قمة فرنسا‪ -‬إفريقيا المنعقدة بواجادوجو البوركينابية سنة ‪ ،0991‬على‬
‫أن المبادئ األساسية للحكامة‪ 48‬هي قبل كل شيء التسيير الجيد والرشيد للشؤون العامة‬
‫الذي يحترم من خاللها حقوق المواطنين‪ ،‬ويأخذ بعين اإلعتبار العدالة اإلجتماعية‪،‬‬
‫ويضمن بصورة جيدة الوظائف الرئيسية للدولة‪ ،‬كما يعطي لجميع األفراد حظهم في‬
‫تسيير البالد‪.‬‬

‫في حين‪ ،‬تربط المقاربة االقتصادية – التنموية مفهوم الحكامة‪ ،‬بالتنمية‬


‫االقتصادية وتسييرها‪ .‬وتتزعمها المؤسسات الدولية والوكاالت التعاونية والمتعددة‬
‫األطراف‪ ،‬وعلى أرسها البنك العالمي وصندوق النقد الدولي‪ ،‬وتعتبر هذه المقاربة‬
‫مصطلح الحكامة مجرد تقنية إدارية لتسيير عملية التنمية‪ .‬فالبنك الدولي‪ ،‬يعرف‬
‫الحكامة باالعتماد على هذه المقاربة‪ ،‬على أنها " الحالة التي من خاللها تتم إدارة‬
‫الموارد اإلقتصادية واإلجتماعية للمجتمع بهدف التنمية"‪.49‬‬

‫‪- Jacques Carré, Sophie Body, gouvernance locale, pauvreté et exclusion dans les villes anglo-‬‬
‫‪sasconnes, Presses de L’Université de Paris- Sorbonne, Paris, 1997.‬‬
‫‪ -47‬إيمنصوران سهيلة‪" ،‬الفساد اإلقتصادي واشكالية الحكم الراشد وعالقتهما بالنمو اإلقتصادي"‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة‬
‫الماجستير في العلوم اإلقتصادية‪ ،‬قسم التحليل اإلقتصادي‪ ،‬كلية العلوم اإلقتصادية والتسيير‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية‪ ،9111 - 9112:‬ص‪ ،91 .‬ص‪.011.‬‬
‫‪48‬‬
‫‪-Fares Wafaa, du gouvernement à la gouvernance, étude d’un concept ambigu, Revue‬‬
‫‪Massalik, N° 8, 2008, p.4.‬‬
‫‪49‬‬
‫‪- The Word Bank , Governance and Depelopment , the Word Bank Publication, Washington ,‬‬
‫‪DC. 1992, p.1.‬‬

‫‪17‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫فتعريف البنك الدولي‪ ،‬يؤكد على أن جودة ونوعية إدارة الدولة والمجتمع هي‬
‫محدد مركزي للتنمية المستدامة‪ ،‬وهي أيضا مكون رئيسي لكل السياسات اإلقتصادية‬
‫الناجحة‪.50‬‬

‫أما المقاربة الفقهية‪ ،‬فترى أنه من الصعب ضبط مصطلح الحكامة وتعريفه‪،‬‬
‫الرتباطه بمجاالت متنوعة ولتعدد صيغ تداوله‪ .‬وعموما‪ ،‬فقد حاول العديد من الباحثين‬
‫تعريفها‪ ،‬مثل محمد سيد أحمد‪ ،‬الذي عرفها على أنها " تعبير عن أن شيئا ما يتقرر‬
‫كنظام حكم دون تخطيط مسبق ودون رسم أو تحديد لنظام معين‪ ،‬فهي نظام ينبع‬
‫من الضرورة‪ ،‬وليس نظاما يتقرر وفق تصور سابق"‪.51‬‬

‫في حين يرى ماركو( ‪ )Marcou‬أن الحكامة هي"األشكال الجديدة والفعالة بين‬
‫القطاعات الحكومية‪ ،‬والتي من خاللها يكون األعوان الخواص‪ ،‬وكذا المنظمات‬
‫العمومية والجماعات أو التجمعات الخاصة بالموظفين أو أشكال أخرى من األعوان‪،‬‬
‫يأخذون بعين االعتبار المساهمة في تشكيل السياسة"‪.52‬‬

‫بينما يذهب ‪ François Xavier‬في تعريفه للحكامة على أنها "تتعلق بشكل‬
‫جديد من التسيير الفعال‪ ،‬بحيث أن األعوان من كل طبيعة كانت وكذلك المؤسسات‬
‫العمومية‪ ،‬تشارك بعضها البعض‪ ،‬وتجعل مواردها وبصفة مشتركة وكل خبراتها‬
‫وقدراتها وكذلك مشاريعها تخلق تحالفا جديدا للفعل القائم على تقاسم‬
‫المسؤوليات"‪.53‬‬

‫‪ -‬خليل حسين‪ ،‬السياسات العامة في الدول النامية‪ ،‬دار المنهل اللبناني‪ ،‬بيروت‪ ،8118 ،‬ص‪.5. .‬‬ ‫‪50‬‬

‫‪ -‬زهير عبد الكريم الكايد‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.55 .‬‬ ‫‪51‬‬

‫‪ -‬ملتقى الحكم الراشد في اإلدارة العمومية‪ ،‬المدرسة الوطنية لإلدارة‪ ،‬و ازرة الداخلية والجماعات المحلية‪ ،‬الجزائر‪،8119 ،‬‬ ‫‪52‬‬

‫ص‪.53 .‬‬
‫‪ -‬وفاء معاوي‪ ،‬الحكم المحلي الرشيد كآلية للتنمية المحلية في الجزائر‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية‪،‬‬ ‫‪53‬‬

‫وحدة البحث‪ :‬سياسات عامة وحكومات مقارنة‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ -‬كلية الحقوق ‪ -‬باتنة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية‪:‬‬
‫‪ ،8151-811.‬ص‪.82 .‬‬

‫‪18‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وعليه‪ ،‬يمكن تعريف الحكامة على أنها "مقاربة عصرية في صنع القرار والتدبير‬
‫الجيد للشأن العام‪ ،‬تعتد بتطوير المفاهيم التقليدية المستعملة في مجال التدبير‪ ،‬وهي‬
‫تعبر عن ممارسة السلطة السياسية وادارتها لشؤون المجتمع بمستوياته الترابية‪ ،‬الوطنية‬
‫والعالمية‪ ،‬والموارد المختلفة عن طريق منهجية للعمل المتعدد األطراف (سلطات‬
‫عمومية‪ ،‬قطاع خاص ومجتمع مدني)‪ ،‬وعن طريق آليات للفعل تعتمد معايير حكماتية‬
‫من قبيل المشاركة والمشروعية والشفافية والمسؤولية‪ ،‬وذلك لهدف عام هو تحقيق شرط‬
‫التنمية‪ ،‬بأبعادها السياسية واإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية والبيئية‪ ،‬وهي بذلك عبارة‬
‫عن آلية‪ ،‬تتطلب تعدد األطراف المتدخلة‪ ،‬والتنوع في األسس والمرجعيات المعتمدة‪،‬‬
‫التي تقوم من جانب على وضع مبادئ للحكامة الجيدة ‪ ،54‬تجد أصولها وعناصرها‬
‫المرجعية في عمل وتوجهات المنظمات والهيئات الدولية‪ ،‬ومن جانب آخر‪ ،‬تقوم على‬
‫تحديد الشروط التي ستجعل منها مقومات مرجعية وعامة في أكثر من مستوى‪.55‬‬

‫فالجماعات الترابية‪ ،‬أصبحت اليوم مطالبة أكثر من أي وقت مضى‪ ،‬باستحضار‬


‫مبادئ وشروط الحكامة الجيدة‪ ،‬من أجل تحقيق التنمية الترابية وبتدعيم االقتصاد‬
‫الوطني لمواجهة اإلكراهات الداخلية‪ ،‬كما أنها لم تعد مطالبة باالنفتاح الداخلي فحسب‪،‬‬
‫بل على المستوى الدولي أيضا‪ ،‬وما تفرضه متطلبات العولمة من خالل الدخول في‬
‫تنافسية إقليمية ودولية‪.‬‬

‫لكل ما سبق‪ ،‬تطرح إشكالية مدى تبني المغرب آلليات الحكامة المالية‪ ،‬لتجاوز‬
‫االختالالت التي يشهدها التدبير المالي للجماعات الترابية‪.‬‬

‫هذا اإلشكال يفرض اإلجابة عن مجموعة من األسئلة الفرعية التالية‪:‬‬

‫‪ -‬المهدي بنمير‪ " ،‬الحكامة المحلية بالمغرب وسؤال التنمية البشرية"‪ ،‬مطبعة وليلي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مراكش‪،8151 ،‬‬ ‫‪54‬‬

‫ص‪.53 .‬‬
‫‪ -55‬سعيد الجفري‪ ،‬الحكامة وأخواتها (مقاربة في المفهوم ورهان الطموح المغربي)‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪ ،9101‬ص‪.19.‬‬

‫‪19‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬ما هو واقع التدبير المالي الترابي؟ وماهي اإلكراهات والحدود التي يعرفها؟‬
‫‪ -‬ما هي مختلف تأثيرات محدودية التدبير المالي الترابي على واقع الجماعات‬
‫الترابية؟ وكيف تنعكس على مالية الدولة؟‬
‫‪ -‬وكيف ساهم الدستور والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية في تقوية تدبيرها؟‬
‫‪ -‬وما هي مختلف أسس الحكامة المالية الترابية؟‬
‫‪ -‬ثم كيف يمكن تجويد تدبير مالية الجماعات الترابية؟‬

‫هذا اإلشكال الرئيسي‪ ،‬فرض معالجته على ضوء فرضيتين أساسيتين هما‪:‬‬

‫الفرضية األولى‪ :‬إن اعتماد آليات الحكامة المالية هي السبيل الوحيد لتجويد‬
‫التدبير المالي الترابي‪.‬‬

‫الفرضية الثانية‪ :‬إذا كانت الحكامة تقوم على عدة أسس‪ ،‬كالمساواة والمشاركة‬
‫والنجاعة وسيادة القانون والمسؤولية والمحاسبة‪ ،‬فإن تقوية وتجويد التدبير المالي‬
‫الترابي يستلزم آليات أخرى غير الحكامة المالية‪ ،‬مرتبطة أساسا بالمحيط القانوني‬
‫والبشري والتدبيري‪.‬‬

‫ولمعالجة الموضوع‪ ،‬تم توظيف بعض مناهج البحث لتحليل اإلشكالية‬


‫المطروحة‪ ،‬فقد تم توظيف المنهج التاريخي‪ ،‬من خالل تتبع التطور التاريخي لمالية‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬والسياق التاريخي لظهور مفاهيم التدبير والحكامة في القطاع‬
‫الخاص‪ ،‬وانتقالها إلى القطاع العام‪ ،‬خصوصا الجماعات الترابية‪.‬‬

‫ومن أجل فهم‪ ،‬وظيفة كل نسق داخل منظومة التدبير‪ ،‬تم توظيف المنهج‬
‫النسقي‪ ،‬وهو منهج يعتمد على تتب ع العناصر الثابتة في التدبير المالي للجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬وكذا العناصر المتغيرة منذ تبني خيار الالمركزية اإلدارية والمالية بالمغرب‪.‬‬

‫إضافة إلى المنهج الوظيفي‪ ،‬الذي يقوم على معرفة وظائف وأدوار مختلف‬
‫الفاعلين على الصعيد الترابي‪ ،‬ومدى تأثيرهم في صناعة القرار المالي الترابي‪ .‬حيث‬

‫‪20‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫اليمكن الوقوف عند األسباب الجزئية في تعثر مسار إصالح مالية الجماعات الترابية‪،‬‬
‫بل يستدعي هذا األمر تفسير الظواهر في إطارها الشامل‪ ،‬على اعتبار وجود عالقة‬
‫جدلية بين أسباب إخفاق السياسات العمومية الترابية‪ ،‬وأزمة المالية الترابية‪.‬‬

‫ولمعرفة مستوى تطور مالية الجماعات الترابية‪ ،‬وأدائها وحصيلتها وبحث سبل‬
‫دعمها‪ ،‬تمت اإلستعانة بالمنهج المقارن‪ ،‬من خالل المقارنة مع بعض التجارب‬
‫المتقدمة في مجال الالمركزية اإلدارية والمالية‪ ،‬خصوصا التجربة الفرنسية‪.‬‬

‫وتبعا لذلك‪ ،‬فقد تم معالجة الموضوع من خالل اعتماد التصميم التالي‪:‬‬

‫القسم األول‪ :‬واقع التدبير المالي للجماعات الترابية‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬ضعف تدبير الموارد المالية للجماعات الترابية‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬إشكالية تدبير اإلنفاق الترابي‪.‬‬

‫القسم الثاني‪ :‬آفاق تقوية وتجويد التدبير المالي الترابي‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬ومالءمتها لمبادئ الحكامة‬


‫المالية‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬آفاق التدبير المالي الترابي‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫القسم األول‬
‫واقع التدبير المالي للجماعات الترابية‬

‫‪22‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫أصبحت مهام الجماعات الترابية على المستوى االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬تطرح‬


‫عدة أسئلة بخصوص الموارد المالية‪ ،‬كوسيلة لتغطية النفقات السوسيو اقتصادية‪ ،‬إذ‬
‫يوجد ارتباط كبير بين المالية والواقع االقتصادي واالجتماعي والسياسي‪ ،‬فالعمليات‬
‫المالية تستجيب لحاجات‪ ،‬وتخضع لقواعد وتستعمل لتحقيق األهداف‪ ،‬ومن هذا‬
‫المنطلق‪ ،‬ال تختلف عن العمليات األخرى‪ ،‬فنشاط مرفق أو جهاز عمومي يتوقف‬
‫وجوده أو استم ارره على الجانب المالي‪ ،‬إذ بدون الوسائل المالية ال يمكن للجماعات‬
‫الترابية القيام بمهامها‪.‬‬

‫لهذه األسباب‪ ،‬فإن نجاح أي جماعة ترابية رهين بصياغة واعداد وتنفيذ‬
‫اإلستراتيجيات المالية‪ ،‬التي تعتمد عليها المجالس المنتخبة‪ ،‬في بلورة تصوراتها‬
‫المستقبلية للتنمية الترابية‪ ،‬من خالل التدبير الجيد لميزانياتها( إيرادا وانفاقا)‪ ،‬وهو ما‬
‫يجعل التدبير المالي للجماعات الترابية ضرورة أساسية لكل جماعة على حدة‬
‫(الجماعات‪ ،‬والعماالت واألقاليم والجهات) من أجل تحقيق أهدافها المسطرة سلفا‪،‬‬
‫استنادا إلى تخطيط مسبق‪ ،‬وتنظيم محكم وانجاز دقيق ومراقبة هادفة‪.‬‬

‫إن التدبير المالي للجماعات الترابية وعقلنة الموارد‪ ،‬عرف ضعفا واختالالت‬
‫ناتجة عن محدودية موارد الجماعات الترابية‪ ،‬نظ ار لالرتباط الوثيق بالدولة‪ ،‬واشكالية‬
‫الباقي استخالصه‪ ،‬وثقل الوصاية‪ ،‬وضعف الرقابة‪ ،‬كما أن تدبير نفقات الجماعات‬
‫الترابية‪،‬‬

‫تعترضه عدة صعوبات سيتم توضيحها من خالل هذا القسم‪ .‬لهذا تم تخصيص‬
‫الفصل األول لمعالجة ضعف تمويل الجماعات الترابية‪ ،‬وعجز الوحدات الترابية عن‬
‫تدبير مواردها‪ ،‬على أن يتم التطرق في الفصل الثاني إلشكالية تدبير اإلنفاق الترابي‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الفصل األول‪ :‬ضعف تدبير الموارد المالية للجماعات الترابية‬

‫إن درجة قوة الحكم في الدول‪ ،‬تقاس بالنسبة التي تشكلها المالية الترابية إلى‬
‫المالية العامة في مجموعها‪ ،‬فالجماعات الترابية القوية‪ ،‬هي تلك التي تبلغ ماليتها ثلث‬
‫المالية العامة على األقل‪ ،‬وذلك ألن الموارد المالية المحدودة‪ ،‬تكبل يد الهيئات الترابية‬
‫وتجعلها عاجزة عن التصرف بحرية‪ ،‬وتكون مضطرة للجوء إلى السلطة المركزية‪،‬‬
‫للحصول على إعانات مالية‪ ،‬كما تعجز هذه الهيئات الترابية عن تحقيق التنمية‪ ،‬بسبب‬
‫عدم كفاية اإلمكانيات المالية المتاحة لتمويل ميزانياتها‪ ،‬بينما بالمقابل يسهل تحقيق‬
‫ذلك في الجماعات الترابية الغنية‪ ،‬بسبب توفرها على اإلمكانيات المالية الكافية‪.56‬‬

‫فإذا كان تنازل الدولة عن مجموعة من الموارد المالية‪ ،‬مقابل تخويل الجماعات‬
‫الترابية اختصاصات ومهام تتعلق بتدبير شؤونها‪ ،‬فإن اإلستقالل المالي للهيئات‬
‫الالمركزية‪ ،‬يرتبط باألساس القانوني لهذه الموارد‪ ،‬وبمدى مساهمتها في تمويل‬
‫ميزانيات الجماعات الترابية‪.‬‬

‫‪ -‬عبد القادر الطالبي‪ ،‬مساعدات الدولة للجماعات المحلية بالمغرب‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬وحدة‬ ‫‪56‬‬

‫البحث والتكوين‪ :‬إدارة عامة‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪-‬وجدة‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،8118-8115 :‬ص‪.‬‬
‫‪.888‬‬

‫‪24‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وتتلخص موارد الجماعات الترابية الذاتية‪ ،57‬عموما في عائدات الرسوم الترابية‬


‫من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬في مداخيل األمالك الجماعية‪ ،‬غير أن هذه الموارد في‬
‫مجموعها تبقى ضعيفة‪ ،‬في تمويل ميزانيات الجماعات الترابية‪ ،‬مما يفرض اللجوء‬
‫لإلمدادات والمساعدات التي تمثل تمويال مركزيا‪ ،‬لم تستطع الهيئات الترابية تفاديه أو‬
‫تقليل اإلعتماد عليه‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬فإن بعض الجماعات الزالت تعيش أزمة مالية‬
‫خانقة‪ ،‬مما ساهم في ازدياد رقعة تبعيتها للدولة‪ ،‬وهو ما أعطى لهذه األخيرة مبر ار‬
‫لتدخلها في الشؤون الترابية‪ ،‬الشيء الذي أدى إلى إفراغ اإلستقالل المالي للجماعات‬
‫الترابية من مضمونه‪.58‬‬

‫المبحث األول‪ :‬حدود وإكراهات التدبير المالي للجماعات الترابية‬

‫تستند الجماعات الترابية‪ ،‬في تدبير شؤونها على مقومات وعناصر بشرية‬
‫وقانونية ومالية‪ ،‬تشكل اإلطار العام لتدخل هذه الهيئات في الميادين االقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬فالجانب المالي يشكل حجر الزاوية‪ ،‬في كل تنظيم ترابي‪ ،‬فمهما تعددت‬
‫االختصاصات التي تعطى لجماعة ترابية معينة‪ ،‬ومهما كانت صالحيتها في مجاالت‬
‫تدخلها‪ ،‬فهي تحتاج للوسائل المالية الالزمة لبلورة إرادتها وق اررتها‪ ،‬في شكل مشاريع‬
‫وبرامج وخدمات‪.‬‬

‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 5.51.23‬صادر في ‪ 8‬يوليوز ‪ ،8151‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 555.55‬المتعلق بالجهات‪ ،‬الجريدة‬ ‫‪57‬‬

‫الرسمية عدد ‪ 83( 9321‬يوليوز ‪ ،)8151‬ص‪.9955 .‬‬

‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 5.51.25‬صادر في ‪ 8‬يوليوز ‪ ،8151‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 558.55‬المتعلق بالعماالت واألقاليم‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 83( 9321‬يوليوز ‪ ،)8151‬ص‪.9911.‬‬

‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 5.51.21‬صادر في ‪ 8‬يوليوز ‪ ،8151‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 553.55‬المتعلق بالجماعات‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 83( 9321‬يوليوز ‪ ،)8151‬ص‪.9991.‬‬

‫‪ -‬عبد القادر طالبي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.990 .‬‬ ‫‪58‬‬

‫‪25‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وتحصل الجماعات الترابية على مواردها المالية‪ ،‬من مصادر متعددة‪ ،‬منها ماهو‬
‫خارجي‪ ،‬كالقروض‪ ،‬والهبات واإلعانات‪ ،‬ومنها ماهو ذاتي‪ ،‬كالرسوم والضرائب‬
‫الترابية‪ ،‬وموارد الممتلكات‪ ،‬إلى جانب الموارد المرتبطة بالتدخالت االقتصادية‬
‫للجماعات الترابية إن وجدت‪ ،‬عن طريق المساهمة في شركات التنمية المحلية‪ ،‬من‬
‫أجل تمويل التنمية الترابية‪.‬‬
‫ويعد التمويل الذاتي‪ ،‬إطا ار يمكن من إبراز مدى كفاءة المنتخبين‪ ،‬في نهج أحسن‬
‫الطرق للزيادة في المداخيل‪ ،‬وتحسين الوضعية المالية للجماعة‪ ،‬والبحث عن مصادر‬
‫جديدة للتمويل‪ ،‬من أجل تغطية احتياجات الساكنة الترابية‪ ،‬ومواجهة متطلبات سير‬
‫المرافق الجماعية‪ ،‬لذا يطرح السؤال حول مساهمة نظام التمويل الترابي في تغطية‬
‫متطلبات الجماعات الترابية؟‬
‫المطلب األول‪ :‬تعداد موارد الجماعات الترابية‬
‫تشمل موارد الجماعات الترابية‪ ،‬طبقا ألحكام المادة ‪ 040‬من دستور ‪،9100‬‬
‫على موارد مالية ذاتية‪ ،‬وموارد مالية مرصودة من قبل الدولة‪ ،‬بحيث يتم رصد موارد‬
‫تكون مالزمة لالختصاصات المنقولة للجماعات الترابية‪.‬‬
‫وكل اختصاص تنقله الدولة إلى الجهات والجماعات التربية األخرى‪ ،‬يكون مقترنا‬
‫بتحويل الموارد المطابقة له‪.‬‬
‫وقد نصت القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬على موارد الجماعات الترابية‪،‬‬
‫والمكونة من حصيلة الضرائب أو حصص ضرائب الدولة المخصصة للجهة‪ ،‬بمقتضى‬
‫قوانين المالية‪ ،‬والسيما فيما يتعلق بالضريبة على الشركات والضريبة على الدخل‪،‬‬
‫والرسم على عقود التأمين طبقا ألحكام المادة ‪ 011‬من القانون التنظيمي للجهات‪،59‬‬
‫باإلضافة إلى الضرائب والرسوم‪ ،‬المأذون بها للجماعات الترابية في تحصيلها‪ ،‬طبقا‬
‫للقوانين الجاري بها العمل‪ ،‬واألتاوى واألجور عن الخدمات المقدمة‪ ،‬والموارد الناتجة‬
‫عن تحويل جزء من ضرائب ورسوم الدولة‪ ،‬المخصصة لفائدة الجماعات الترابية‪،‬‬
‫واإلمدادات الممنوحة من طرف الدولة أو أشخاص معنوية يجري عليها القانون العام‪،‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 52.‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 555.55‬المتعلق بالجهات‪.‬‬ ‫‪59‬‬

‫‪26‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫باإلضافة إلى حصيلة االقتراضات المرخص بها‪ ،‬ودخول األمالك والمساهمات‪ ،‬وأموال‬
‫المساعدات‪ ،‬والهبات والوصايا ومداخيل وموارد أخرى مقررة في القوانين واألنظمة‪.60‬‬
‫وتعد الضرائب والرسوم المستحقة لفائدة الجماعات الترابية‪ ،‬من الموارد الرئيسية‬
‫لتغذية ميزانيات الجماعات الترابية‪ ،‬وأداة أساسية لتمويل التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬عبر تأثيرها على المجالين االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬وعلى التوجهات‬
‫السياسية للساكنة الترابية‪ ،‬حيث عرف موضوع الجبايات المحلية خالل السنوات‬
‫األخيرة‪ ،‬اهتماما كبي ار نظ ار للدور الذي تلعبه للرفع من ميزانية الجماعات الترابية‪ .‬واذا‬
‫المتعلق بنظام الضرائب المستحقة للجماعات المحلية‬ ‫‪61‬‬
‫كان القانون رقم ‪11.19‬‬
‫إطار قانونيا مهما ساعد على تنمية مداخيل‬
‫ا‬ ‫وهيئاتها‪ ،‬شكل خالل التسعينات‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬فإن التطور الحاصل على مستوى الالمركزية‪ ،‬تطلب إعادة النظر‬
‫فيه وادخال تعديالت جوهرية عليه‪ ،‬تسمح بالتوفر على إطار قانوني يواكب التحوالت‬
‫والمتغيرات االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫المتعلق بالجبايات المحلية‪ ،‬سنة ‪،9110‬‬ ‫‪62‬‬
‫لذا تم إصدار القانون رقم ‪40.11‬‬
‫لتجاوز اإلكراهات والصعوبات التي عرفتها المنظومة السابقة‪ ،63‬ولتقوية مالية‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬وتفعيل دورها في التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬حيث تم إدخال‬
‫تعديالت جوهرية تمكن من تحقيق نظام يساير التوجهات العامة لالمركزية‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل محاولة تبني بعض مواصفات األنظمة الجبائية الحديثة‪.64‬‬

‫‪ -‬وتجدر اإلشارة ان القوانين التنظيمية للجماعات الترابية تنص على نفس المواد‪ ،‬باستثناء المقتضبات الخاصة بالجهات‪.‬‬ ‫‪60‬‬

‫للمزيد من التوضيح راجع‪:‬‬


‫‪ -‬المادة ‪ 010‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 009.04‬المتعلق بالعماالت واألقاليم‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 585‬من القانون اللتنظيمي رقم ‪ 553.55‬المتعلق بالجماعات‪.‬‬
‫‪ -‬ظهير الشريف رقم ‪ 528.2..5‬بتاريخ ‪ 85‬نونبر ‪ ،5.2.‬الصادر بتنفيذه القانون رقم ‪ 31/2.‬المتعلق بنظام الضرائب‬ ‫‪61‬‬

‫المستحقة للجماعات المحلية وهيآتها‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5183‬بتاريخ ‪ 9‬دجنبر‪ ،5.2. ،‬ص‪.5183 .‬‬
‫‪ -‬ظهير الشريف رقم ‪ 5.18.5.1‬الصادر في ‪ 31‬نونبر ‪ 8118‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 58/19‬المتعلق بالجبايات المحلية‪،‬‬ ‫‪62‬‬

‫الجريدة الرسمية عدد ‪ ،1123‬بتاريخ ‪ 3‬دجنبر ‪ ،8118‬ص‪3835 .‬‬


‫‪ -‬مدني احميدوش‪ ،‬دليل الجبايات المحلية على ضوء آخر التعديالت‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الرباط‪ ،8112 ،‬ص‪.9 .‬‬ ‫‪63‬‬

‫سعيد جفري‪" ،‬الجبايات المحلية على ضوء اإلصالح الجبائي الجديد"بمناسبة اليوم الدراسي الذي نظمته كلية الحقوق‬ ‫‪64‬‬

‫سطات بتاريخ ‪ 51‬مارس‪ -8118‬غير منشورة‪.-‬‬

‫‪27‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الفرع األول‪ :‬الموارد المالية الذاتية المتاحة للجماعات الترابية‬

‫تتمثل الموارد الذاتية‪ ،‬في حصيلة الضرائب والرسوم المأذون بها للجهات أو‬
‫العماالت واألقاليم أوالجماعات في تحصيلها‪ ،‬وحصيلة األتاوى المحدثة طبقا للتشريع‬
‫الجاري به العمل‪ ،‬وحصيلة األجور عن الخدمات المقدمة‪ ،‬وحصيلة الغرامات‪،‬‬
‫ومدخول األمالك والمساهمات‪ ،‬وحصيلة االستغالالت واألتاوى وحصص األرباح‪،‬‬
‫وكذلك الموارد وحصيلة المساهمات المتأتية من المؤسسات والمقاوالت التابعة للجماعة‪،‬‬
‫وحصيلة بيع المنقوالت والعقارات‪ ،‬ثم أموال المساعدات والهبات والوصايا‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الموارد المالية ذات الطبيعة الجبائية‬

‫تعتبر الموارد ذات الطبيعة الجبائية من أهم ركائز المالية الترابية‪ ،‬والتي تتمثل‬
‫في مجموع الرسوم التي تستفيد منها الجماعات الترابية‪ ،‬من مجالها الترابي أو اإلقليمي‬
‫أو الجهوي‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬على مستوى الجماعات‬

‫تنص المادة ‪ 212‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 222.22‬المتعلق بالجماعات‪،‬‬


‫على ما يلي‪ " :‬تشمل موارد الجماعة على‪ [..] :‬حصيلة الضرائب والرسوم المأذون‬
‫للجماعة في تحصيلها طبقا للتشريع الجاري به العمل‪."...‬‬

‫ومن خالل المادة الثانية القانون رقم ‪ 21.11‬المتعلق بالجبايات المحلية‪ ،‬تستفيد‬
‫الجماعات الحضرية والقروية من‪ 22‬رسم‪ ،‬محددة في الرسم المهني‪ ،‬ورسم السكن‪،‬‬
‫ورسم الخدمات الجماعية‪ ،‬والرسم على األراضي الحضرية غير المبنية‪ ،‬والرسم على‬
‫عمليات البناء‪ ،‬والرسم على عمليات تجزئة األراضي‪ ،‬والرسم على محال بيع‬
‫المشروبات‪ ،‬والرسم على اإلقامة بالمؤسسات السياحية‪ ،‬والرسم على المياه المعدنية‬
‫ومياه المائدة‪ ،‬والرسم على النقل العمومي للمسافرين والرسم على استخراج مواد المقالع‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫فبمقتضى القانون المذكور أعاله‪ ،‬وضع المشرع المغربي األسس التي يتم على‬
‫ضوئها تحديد مختلف مكونات الموارد المالية للجماعات الحضرية والقروية‪ ،‬فوضع‬
‫تميي از بين الجهات المدبرة للرسوم الجماعية‪ ،‬فميز بين تلك التي يتم تدبيرها بواسطة‬
‫المصالح التابعة للمديرية العامة للضرائب‪ ،‬وبين الرسوم التي يتم تدبيرها من طرف‬
‫المصالح الجبائية التابعة للجماعات الترابية‪ ،‬وهو تحديد فصلته المادة ‪ ،211‬من‬
‫القانون رقم ‪ 21.11‬المتعلق بالجبايات المحلية‪ ،‬من خالل التصنيف التالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الرسوم المدبرة من طرف مصالح المديرية العامة للضرائب‬

‫لقد اعتبر المشرع الجبائي‪ ،‬المصالح الجبائية التابعة للمديرية العامة للضرائب‪،‬‬
‫نظر لدورها البارز في تمويل‬
‫هي المسؤول الرئيسي عن تدبير أهم الرسوم الجماعية‪ ،‬ا‬
‫الميزانية الجماعية‪ ،65‬وهو ما يمكن أن نستشفه من خالل فحوى الفقرة األولى من‬
‫المادة‪ 211‬من القانون رقم ‪ ،21.11‬التي حددت طبيعة هذه الرسوم فيما يلي‪ :‬الرسم‬
‫المهني‪ ،‬رسم السكن‪ ،‬رسم الخدمات الجماعية‪.‬‬

‫‪ - 65‬سعيد جفري‪ ،‬جبايات الجماعات المحلية بالمغرب على ضوء القانون رقم ‪ ،58.19‬مطبعة طوب بريس‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫الرباط‪ ،811. ،‬ص‪.28 .‬‬

‫‪29‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫ثانيا‪ :‬الرسوم المدبرة من طرف المصالح الجبائية‬

‫يرتبط تحديد المصالح الجبائية التابعة للجماعات الترابية المكلفة بتدبير باقي‬
‫الرسوم المحلية‪ ،‬غير الرسوم الثالثة المذكورة أعاله في نص المادة ‪ 1‬من القانون رقم‬
‫‪ 21.11‬المتعلق بالجبايات المحلية‪ ،‬وباقي الرسوم المسطرة بموجب القانون رقم‬
‫‪ 22.11‬بسن أحكام انتقالية فيما يتعلق ببعض الرسوم والحقوق والمساهمات واألتاوى‬
‫المستحقة لفائدة الجماعات المحلية‪ ،‬والذي نص بمقتضى مادة فريدة على مايلي‪ :‬تظل‬
‫سارية المفعول بصفة انتقالية أحكام األبواب ‪ 2‬و‪ 0‬و‪ 2‬و‪ 2‬و‪ 21‬و‪ 22‬و‪ 21‬و‪22‬‬
‫و‪ 22‬و‪ 20‬و‪ 21‬و‪ 22‬و‪ 22‬من الكتاب الثاني من القانون رقم ‪ ،21.22‬المحدد‬
‫بموجبه نظام للضرائب المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير‬
‫الشريف رقم ‪ ،22.2.221‬بتاريخ ‪ 12‬من ربيع اآلخر ‪ 12( 2221‬نوفمبر‬
‫‪.66)9191‬‬

‫ويمكن أن نوزع هذه الرسوم‪ ،‬التي تساهم في تمويل الميزانية الجماعية من خالل‬
‫ما يلي‪:‬‬

‫‪ .2‬الرسوم المستحقة بموجب القانون رقم ‪ ،60.74‬المتعلق بالجبايات المحلية‬

‫استنادا ألحكام المادة ‪ 1‬من القانون رقم ‪ ،21.11‬المتعلق بالجبايات المحلية‪،‬‬


‫تستفيد ميزانية الجماعات الحضرية والقروية‪ ،‬من ‪ 22‬رسوم تقوم المصالح الجبائية‬
‫التابعة لهذه الجماعات بتدبيرها‪ .‬ويتعلق األمر بالرسوم التالية‪:‬‬

‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ ،5.18.81.‬صادر في ‪ 88‬ديسمبر ‪ ،8118‬بتنفيذ القانون رقم ‪ ،3..18‬بسن أحكام انتقالية فيما‬ ‫‪66‬‬

‫يتعلق بالرسوم والحقوق والمساهمات واألتاوى المستحقة لفائدة الجماعات المحلية‪ ،‬جريدة رسمية عدد‪ ،11.5‬بتاريخ ‪35‬‬
‫ديسمبر ‪ ،8118‬ص‪.5922 .‬‬

‫‪30‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬الرسم المهني ؛‬

‫‪ -‬رسم السكن ؛‬

‫‪ -‬رسم الخدمات الجماعية ؛‬

‫‪ -‬الرسم على األراضي الحضرية غير المبنية ؛‬

‫‪ -‬الرسم على عمليات البناء ؛‬

‫‪ -‬الرسم على عمليات تجزئة األراضي ؛‬

‫‪ -‬الرسم على محال بيع المشروبات ؛‬

‫‪ -‬الرسم على اإلقامة بالمؤسسات السياحية ؛‬

‫‪ -‬الرسم على المياه المعدنية ومياه المائدة ؛‬

‫‪ -‬الرسم على النقل العمومي للمسافرين ؛‬

‫‪ -‬الرسم على استخراج مواد المقالع‪.‬‬

‫غير أنه فيما يتعلق بالجماعات القروية واستثناء من أحكام الفقرة السابقة‪،‬‬
‫اليفرض رسم السكن‪ ،‬ورسم الخدمات الجماعية‪ ،‬والرسم على عمليات تجزئة األراضي‬
‫إال بالمراكز المحددة والمناطق المحيطة بالجماعات الحضرية وكذلك بالمحطات‬
‫الصيفية والشتوية ومحطات االستشفاء بالمياه المعدنية والتي تحدد بنص تنظيمي‬
‫الدوائر التي تفرض داخلها الرسوم المذكورة‪ .‬وال يفرض الرسم على األراضي الحضرية‬
‫غير المبنية إال بالمراكز المحددة المتوفرة على وثيقة للتعمير‪.‬‬

‫ويمكن أن نصنفها إلى جبايات عقارية وجبايات غير عقارية‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ 1-1‬الجبايات المستحقة للجماعات الحضرية والقروية ذات الطابع العقاري‬

‫عرف قطاع العقار في المغرب في السنوات األخيرة قفزة نوعية على اعتبار أن‬
‫عددا كبي ار من االستثمارات قد اتجهت إلى هذا القطاع‪ ،‬فكان ال بد للمشرع أن يساير‬
‫هذا التطور‪ ،‬وأن يمنح في تشريعه الجبائي الجديد للجماعات الترابية هامشا من أجل‬
‫االستفادة من هذا القطاع‪ ،‬كغيره من التشريعات المقارنة‪ ،‬كالتشريع الكندي الذي يخول‬
‫للجماعات الترابية تضريب العقار بمناسبة التقسيمات التي تخضع لها األ ارضي المعدة‬
‫للبناء‪.67‬‬

‫فالرسوم العقارية‪ ،‬تشكل إحدى أهم الموارد الجبائية للجماعات الحضرية‪ ،‬والمراكز‬
‫المحددة‪ ،‬باعتبار أن العقار يعتبر مادة ضريبية حضرية‪ ،‬غير أن مقتضياته القانونية‬
‫شابها بعض الغموض مما أدى إلى انعكاسات سلبية على مردوديتها‪.68‬‬

‫ويتعلق األمر بالرسم على األراضي الحضرية غير المبنية‪ ،‬والرسم على عمليات‬
‫البناء‪ ،‬والرسم المفروض على شغل األمالك الجماعية العامة مؤقتا بمنقوالت أو‬
‫عقارات ترتبط بممارسة أعمال تجارية وصناعية أو مهنية‪.‬‬

‫‪ 2-1‬الجبايات المستحقة للجماعات الحضرية والقروية ذات الطابع غير‬


‫العقاري‬

‫ينظم القانون رقم ‪ 21.11‬المتعلق بالجبايات المحلية‪ ،‬بعض الرسوم بشكل كلي‪،‬‬
‫بمعنى ينظمها في مختلف مراحل العملية الجبائية بدءا بتحديد المادة الجبائية‪ ،‬وتحديد‬
‫األساس المعتمد في فرض الرسوم‪ ،‬ثم مرحلة التصفية من خالل تحديد األسعار‪،‬‬

‫‪ - 67‬عبد الجليل هويدي‪ ،‬المالية العامة للحكم المحلي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة ‪ ،5.23‬ص‪.55.‬‬
‫‪ -‬حميد أبوالس‪ ،‬قراءة عملية للجباية المحلية على ضوء مشروع القانون الجديد‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪،‬‬ ‫‪68‬‬

‫‪ ،8112‬عدد مزدوج ‪ ،8. -82‬ص‪.595 .‬‬

‫‪32‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وأخي ار مرحلة التحصيل‪ ،‬والمنازعات‪ ،69‬ومن بين هذه الرسوم‪ ،‬نجد على سبيل المثال‪،‬‬
‫والرسوم المقبوضة في األسواق وأماكن البيع العامة‪ ،‬وأيضا الرسم على محال بيع‬
‫المشروبات‪ ،‬الرسم على مؤسسات التعليم الخاصة‪ ،‬والرسم على اإلقامة في المؤسسات‬
‫السياحية‪ ،‬والرسم على رخص السياقة‪.70‬‬

‫‪ -2‬الرسوم المستحقة بموجب القانون رقم‪39.07‬‬

‫نظ ار لتعدد جبابات الجماعات الترابية‪ ،‬واستمرار المشاكل القانونية والتنظيمية‬


‫المرتبطة بالقانون رقم ‪ ،21.22‬كلها عوامل أدت بالمشرع المغربي إلى إعادة هيكلة‬
‫المنظومة القانونية للنظام الجبائي المحلي‪ ،‬من خالل االستغناء عن الحقوق واإلتاوات‬
‫والمساهمات التي ال تكتسي طابعا جبائيا من نص القانون رقم ‪ 21.11‬المتعلق‬
‫بالجبايات المحلية‪ ،‬واحتفظ بموجب القانون رقم ‪ 22.11‬والقاضي بممارسة تطبيق‬
‫أحكام القانون ‪ 21.22‬فيما يخص المقتضيات المتعلقة ب ‪ 22‬رسم‪ ،‬ولهذا الغرض‬
‫يتعين على الجماعات الترابية‪ ،‬مواصلة استخالص هذه الحقوق والمساهمات واألتاوى‬
‫طبقا ألحكام القانون رقم ‪ ،21.22‬إلى حين صدور القانون المنظم لهذه الحقوق‬
‫والمساهمات واألتاوى‪.‬‬

‫‪ -‬حسن بريح‪ ،‬المصطفى الحطاب‪ ،‬مسلسل اإلصالح الجبائي المحلي واشكالية اإلستقالل المالي للجماعات الترابية ( في‬ ‫‪69‬‬

‫ضوء القانونين الجبائي رقم ‪ 31.2.‬ورقم ‪ ،)58.19‬سلسلة أريد أن أعرف ‪ ،55‬نشر ‪ ،SOMADI‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،8155‬ص‪.33 .‬‬
‫‪ - 70‬للمزيد من التفصيل‪:‬‬
‫‪ -‬راجع إبراهيم بنزيت‪ ،‬الجباية المحلية من الجماعة إلى الجهة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الدارالبيضاء‪ ،‬السنة الجامعية‪.5..2-5..8 :‬‬
‫‪ -‬عالل بوركبة‪ ،‬الموارد الجبائية المستخلصة مباشرة من طرف الجماعات الحضرية والقروية بالمغرب‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا المعمقة في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬الدارالبيضاء‪ ،‬السنة الجامعية‪:‬‬
‫‪.8115-8111‬‬

‫‪33‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫ويتعلق األمر بالرسوم واألتاوى والحقوق التالية‪:‬‬

‫؛‬ ‫‪71‬‬
‫‪ -‬الرسم المترتب على إتالف الطرق‬
‫؛‬ ‫‪72‬‬
‫‪ -‬رسم تصديق اإلمضاء واالشهاد بالتطابق‬
‫‪ -‬الرسم المفروض على الدبح في المجازر‪73‬؛‬
‫‪ -‬الرسم اإلضافي المفروض على الدبح في المجازر لفائدة المشاريع الخيرية‪74‬؛‬
‫؛‬ ‫‪75‬‬
‫‪ -‬الرسوم المقبوضة في األسواق وأماكن البيع العامة‬
‫؛‬ ‫‪76‬‬
‫‪ -‬رسم المحجز‬
‫؛‬ ‫‪77‬‬
‫‪ -‬الرسم المفروض على وقوف العربات المعدة للنقل العام للمسافرين‬
‫؛‬ ‫‪78‬‬
‫‪ -‬رسوم الحالة المدنية‬
‫‪ -‬مساهمة أرباب العقارات المجاورة للطرق العامة في نفقات تجهيزها‬
‫؛‬ ‫‪79‬‬
‫وتهيئتها‬
‫؛‬ ‫‪80‬‬
‫‪ -‬الرسم المفروض على البيع في أسواق البيع بالجملة وأسواق السمك‬
‫‪ -‬الرسم المفروض على شغل األمالك الجماعية العامة مؤقتا ألغراض‬
‫؛‬ ‫‪81‬‬
‫البناء‬
‫‪ -‬الرسم المفروض على شغل األمالك الجماعية العامة مؤقتا ألغراض تجارية‬
‫أو صناعية أو مهنية‪82‬؛‬

‫‪ - 71‬المادة ‪ 41‬من قانون رقم ‪.31.2.‬‬


‫‪ - 72‬المادة ‪ 58‬من قانون رقم ‪.31.2.‬‬
‫‪ - 73‬المواد ‪ 11‬و‪ 19‬و‪ 18‬و‪ 12‬من قانون رقم ‪.31.2.‬‬
‫‪ - 74‬المواد ‪ 1.‬و‪ 91‬من قانون رقم ‪.31.2.‬‬
‫‪ - 75‬المواد ‪ 98‬و‪ 93‬و‪ 95‬من قانون ‪.31.2.‬‬
‫‪ -‬المواد ‪ 91‬و‪ 99‬و‪ 98‬من قانون ‪.31.2.‬‬ ‫‪76‬‬

‫‪ -‬المواد ‪ 92‬و ‪ 9.‬و‪ 81‬و‪ 85‬و ‪ 88‬من قانون ‪.31.2.‬‬ ‫‪77‬‬

‫‪ -‬المواد ‪ 83‬و‪ 85‬و‪ 81‬من قانون ‪.31.2.‬‬ ‫‪78‬‬

‫‪ -‬المواد ‪ 89‬و‪ 88‬و‪ 82‬و‪ 8.‬و‪ 21‬و‪ 25‬من قانون ‪.31.2.‬‬ ‫‪79‬‬

‫‪ -‬المواد ‪ 28‬و‪ 23‬و‪ 25‬و‪ 21‬من قانون ‪.31.2.‬‬ ‫‪80‬‬

‫‪ -‬المواد ‪ 521‬و‪ 525‬و‪ 528‬و‪ 523‬و‪ 525‬من قانون ‪.31.2.‬‬ ‫‪81‬‬

‫‪ -‬المواد ‪ 521‬و‪ 529‬و ‪ 528‬و‪ 522‬من قانون ‪.31.2.‬‬ ‫‪82‬‬

‫‪34‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬الرسم المفروض على شغل األمالك الجماعية العامة مؤقتا بمنقوالت وعقارات‬
‫ترتبط بممارسة أعمال تجارية أو صناعية أو مهنية‪.83‬‬
‫‪84‬‬
‫ثانيا‪ :‬على مستوى العماالت واألقاليم‬
‫تستفيد العماالت واألقاليم‪ ،‬بموجب أحكام المادة ‪ 2‬من قانون الجبايات المحلية رقم‬
‫‪ ،21-11‬من ثالث رسوم‪ ،‬وهي كالتالي‪:‬‬
‫‪ -‬الرسم على رخص السياقة ؛‬
‫‪ -‬الرسم على السيارات الخاضعة للفحص التقني؛‬
‫‪ -‬الرسم على بيع الحاصالت الغابوية‪ ،‬وتستفيد منه العماالت واألقاليم‬
‫التي تتوفر على مساحات غابوية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬على مستوى الجهات‬

‫تستفيد الجهات‪ ،‬بموجب أحكام المادة ‪ 2‬من قانون جبايات المحلية‬

‫رقم ‪ ،21-11‬من ثالث رسوم وهي كالتالي‪: 85‬‬

‫‪ -‬الرسم على رخص الصيد ؛‬


‫‪ -‬الرسم على استغالل المناجم ؛‬
‫‪ -‬الرسم على الخدمات المقدمة بالموانئ‪.‬‬

‫‪ -‬المواد ‪ 52.‬و‪ 5.1‬و‪ 5.5‬و‪ 5.8‬و‪ 5.3‬من قانون ‪.31.2.‬‬ ‫‪83‬‬

‫‪ - 84‬القانون التنظيمي رقم ‪ 558.55‬المتعلق بالعماالت واألقاليم‪.‬‬


‫‪ - 85‬القانون التنظيمي رقم ‪ 555.55‬المتعلق بالجهات‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الموارد المالية ذات الطبيعة غير الجبائية‬

‫تحتل موارد األمالك المخصصة للجماعات الترابية‪ ،‬أهمية قصوى داخل الميزانية‬
‫الترابية‪ ،‬والسيما على صعيد القسم الخاص بالموارد‪ ،‬فإذا كانت موارد الضرائب والرسوم‬
‫تشكل العمود الفقري لنظام التمويل الذاتي للجماعات الترابية‪ ،‬فإن موارد األمالك تحتل‬
‫نفس الصدارة‪ ،‬وذلك العتبارات عديدة أهمها‪ ،‬أنها تعد موارد صرفة ناتجة عن أمالك‬
‫تعود إلى ملكية الجماعة الترابية‪ ،‬التي تتمتع بحرية التصرف فيها‪ ،‬عكس الضرائب‬
‫والرسوم‪ ،‬وضرائب الدولة‪ ،‬لهذا تظهر أهمية موارد األمالك الجماعية بالنسبة لتمويل‬
‫ميزانية الجماعات الترابية‪ ،‬السيما إذا أحسنت تدبيرها وتسييرها بعقالنية‪.‬‬

‫نظ ار ألهميتها ضمن الموارد العامة للجماعات الترابية‪ ،‬فقد أولى المشرع أهمية‬
‫كبيرة لتدبير شؤون األمالك الجماعية والمحافظة عليها‪ ،‬ولهذا الغرض‪ ،‬صدرت عدة‬
‫نصوص تشريعية وتنظيمية منذ عهد الحماية‪ ،‬تعتبر اإلطار القانوني المنظم لهذه‬
‫األمالك‪.‬‬

‫وبما أن النظام االتشريعي األمالك الجماعات الترابية‪ ،‬هو اإلطار المحدد لمساطر‬
‫تدبيرها واستغاللها وحمايتها‪ ،‬فقد نصت المادة ‪ 112‬من القانون التنظيمي رقم‬
‫‪ 222.22‬المتعلق بالجماعات على أنه ‪ ":‬تتكون األمالك العقارية للجماعة من أمالك‬
‫تابعة لملكها العام ولملكها الخاص‪.‬‬

‫يمكن للدولة أن تفوت للجماعة أو تضع رهن إشارتها أمالكا عقارية لتمكينها من‬
‫ممارسة االختصاصات المخولة لها بموجب أحكام هذ القانون التنظيمي‪.‬‬

‫يحدد نظام األمالك العقارية للجماعة والقواعد المطبقة عليها بموجب قانون طبقا‬
‫ألحكام الفصل ‪ 12‬من الدستور"‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وهو نفس ما أكدته المادة ‪ 811‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 558.55‬المتعلق باألقاليم‬
‫والعماالت‪ ،‬وأيضا المادة ‪ 888‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 555.55‬المتعلق بالجهات‪،‬‬
‫كمادة فريدة ضمن باب خاص باالمالك العقرية للجهة‪.‬‬

‫‪ ‬بالنسبة للجماعات الحضرية والقروية‪:‬‬

‫لها‪ ،‬في إطار السلطات‬ ‫‪86‬‬


‫تتصرف الجماعة في أمالكها بصفتها المالك القانوني‬
‫واالختصاصات المخولة لها بموجب القانون‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار نصت المادة ‪ 92‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 222.22‬المتعلق‬
‫بالجماعات على ما يلي‪" :‬يفصل المجلس الجماعي بمداوالته في القضايا التي تدخل‬
‫في اختصاصات الجماعة‪ ،‬ويمارس الصالحيات الموكولة إليه‪ ،‬بموجب أحكام هذا‬
‫القانون التنظيمي"‪.‬‬

‫وطبقا للمادة ‪ 22‬من نفس القانون‪ ،‬يقوم الرئيس‪ ،‬تنفيذا لمقررات المجلس‪ ،‬بما‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪ -‬يسهر على مسك وتحيين سجل محتويات أمالكها وتسوية وضعيتها القانونية‪،‬‬
‫ويقوم بجميع األفعال التحفظية المتعلقة بحقوق الجماعة؛‬

‫‪ -‬يقوم بإبرام أو مراجعة األكرية وعقود إيجار األشياء؛‬

‫‪ -‬يدبر أمالك الجماعة ويحافظ عليها ‪...‬؛‬

‫‪ -‬دليل أمالك الجماعات المحلية‪ ،‬المملكة المغربية‪ ،‬و ازرة الداخلية‪ ،‬المديرية العامة للجماعات المحلية‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪86‬‬

‫األولى‪ ،811. ،‬ص‪.8 .‬‬

‫‪37‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬يباشر أعمال الكراء والبيع واإلقتناء والمبادلة وكل معاملة تهم الملك الخاص‬
‫الجماعي؛‬

‫‪ -‬يتخذ اإلجراءات لتدبير الملك العمومي للجماعة‪ ،‬ويمنح رخص االحتالل المؤقت‬
‫للملك العمومي الجماعي بإقامة بناء طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها‬
‫العمل‪.‬‬

‫‪ ‬بالنسبة للعماالت واألقاليم‪:‬‬

‫تتوفر العماالت واألقاليم‪ ،87‬كما هو الشأن بالنسبة للجماعات الحضرية والقروية‬


‫على أمالك عقارية خاصة وعامة‪ ،‬وتتداول مجالسها‪ ،‬في العمليات العقارية المراد إنجازه‬
‫) اإلقتناء والتفويت والمبادل)‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 22‬من القانون التنظيمي رقم ‪221.22‬‬
‫المتعلق بالعماالت واألقاليم‪ ،‬وذلك كما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬يحافظ على أمالك العمالة أو اإلقليم ويدبرها؛‬

‫‪ -‬ينجز أعمال الكراء والبيع واالقتناء والمبادلة وكل معاملة تهم الملك الخاص‬
‫للعمالة أو اإلقليم؛‬

‫‪ -‬يقوم بتدبير الملك العمومي للعمالة أو اإلقليم‪.‬‬

‫‪ ‬بالنسبة للجهات‪:‬‬

‫تتوفر الجهات كذلك على أمالك عقارية‪ ،‬على غرار باقي الوحدات الترابية‬
‫يتولى مجلسها البت بمداوالته في قضايا الجهة‪ ،‬خاصة فيما يرجع‬ ‫األخرى‪ ،‬كما‬
‫للمسائل المرتبطة بمجال األمالك‪ ،‬ومن ضمنها اإلختصاصات الواردة في المادة ‪22‬‬
‫من القانون رقم ‪ 222.22‬المتعلق بتنظيم الجهات‪ ،‬كما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬تدبير أمالك الجهة والمحافظة عليها وصيانتها‪.‬‬

‫‪ -87‬المادة ‪ 598‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 558.55‬المتعلق بالعماالت واألقاليم‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬اقتناء العقارات الالزمة الضطالع الجهة بالمهام الموكولة إليها أومبادلتها أو‬
‫تخصيصها أو تغيير تخصيصها طبقا للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪.‬‬

‫وبما أن الموارد الذاتية للجماعات الترابية‪ ،‬تبقى ضعيفة‪ ،88‬ودون مستوى‬


‫تحقيق شروط التنمية الترابية‪ ،‬وتشكل إحدى مظاهر أزمتها المالية على مستوى الموارد‬
‫الذاتية‪ ،‬فإن هذه الجماعات تلجأ بشكل كبير لوسائل تمويلية استثنائية‪ ،‬من أجل‬
‫النهوض بوضعيتها المالية‪ ،‬وتتمثل الموارد اإلستثنائية أو الخارجية في موارد القروض‬
‫واإلمدادات‪ ،‬وهي موارد اليتعارض إقرارها من حيث المبدأ مع ضرورة دعم الموارد‬
‫الذاتية‪ ،‬غير أن اللجوء إليها عادة ما تعتريه عراقيل وصعوبات‪ ،‬فضال إلى كونها‬
‫وسيلة تفتح المجال للسلطة المركزية للتدخل في النشاط الترابي‪ ،89‬وهو ما يشكل‬
‫ضربا لمبدإ اإلستقالل المالي للجماعات الترابية‪.90‬‬

‫فالعديد من الدراسات واألبحاث في المجال المالي الترابي‪ ،‬تؤكد أنه بات من‬
‫الالزم إعادة النظر في السياسة اإلقتراضية المعمول بها حاليا‪ ،‬بشكل يتناسب‬
‫والتحديات التي تفرضها األوضاع اإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬وما يتطلبه ذلك من تعزيز‬
‫الموارد المالية للجماعات الترابية‪ ،‬لمواجهة المتطلبات المحلية على جميع المستويات‪.‬‬

‫فالقروض التي تلجأ إليها الجماعات الترابية‪ ،‬هي إحدى الموارد اإلستثنائية‬
‫لتمويل مشاريعها التنموية‪ ،91‬وهي بذلك مصدر من مصادر التمويل‪ ،‬يتميز عن باقي‬

‫‪ - 88‬مونعيم لحريري‪ ،‬التدبير المالي المحلي ورهان التنمية"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬تخصص‪ :‬تدبير‬
‫الشأن العام المحلي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ -‬السويسي‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪،8112-8118:‬‬
‫ص‪.13 .‬‬
‫‪ -89‬فاطمة مزروع السعيدي‪ ،‬اإلدارة المحلية الالمركزية بالمغرب‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،8113 ،‬ص‪.‬‬
‫‪.888‬‬
‫‪90‬‬
‫‪-Driss Basri , « la décentralisation au Maroc : de la commune à la région », édition Natahan,‬‬
‫‪France, 1994, p.184.‬‬
‫‪ -91‬سعيد بوفريوي‪ " ،‬التنظيم المالي للجهة"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‪ ،‬وحدة التكوين والبحث‪-‬المالية العامة‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية الدارالبيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،8115 -8118‬ص‪..8.‬‬

‫‪39‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الموارد المالية للجماعات الترابية‪ ،92‬سواء الذاتية أو المحولة من قبل الدولة‪ ،‬بكونه‬
‫موردا مؤقتا يخصص لنفقة استثمارية معينة في إطار الميزانية‪ ،‬وال يدرج في الجزء‬
‫المخصص للتسيير‪ ،‬وال يسدد دينا سابقا‪ ،‬عكس الموارد األخرى‪ ،‬والتدابير المتعلقة به‬
‫ال تخص المنتخبين وحدهم‪ ،‬بل الولوج الفعلي لهذا المورد‪ ،‬يتطلب اتفاقا تعاقديا يبرم‬
‫مع مانح القرض‪ ،‬والمتمثل في صندوق تجهيز الجماعات الترابية‪ ،93‬الذي يبقى في‬
‫ظل غياب أجهزة ومؤسسات مالية تختص بميدان اإلقتراض الجماعي هو المؤسسة‬
‫الوحيدة التي تتولى تقديم القروض للجماعات الترابية وهيئاتها‪ ،‬قصد دعم نشاطها في‬
‫مجال تمويل مشاريع التجهيز األساسية‪.94‬‬

‫وعموما‪ ،‬قبل االنتقال للحديث عن الموارد المحولة أو المرصودة للجماعات‬


‫الترابية من طرف الدولة‪ ،‬البد من االشارة إلى تنصيص المشرع على موارد أخرى‬
‫للجهات‪ ،95‬كموارد صندوق التأهيل االجتماعي‪ ،96‬وصندوق التضامن بين الجهات‪.97‬‬

‫‪ -2‬صندوق التأهيل االجتماعي‪ :‬يعد هذا الصندوق مصدر تمويلي مؤقت‪،‬‬


‫يهدف إلى سد العجز في مجاالت التنمية البشرية والبنيات التحتية األساسية‬
‫والتجهيزات‪ ،‬السيما في مجال الماء الصالح للشرب والكهرباء‪ ،‬والسكن غير الالئق‪،‬‬

‫‪92‬‬
‫‪- Structure et Fonctionnement de la Démocratie locale et régionale, Editions du conseil de‬‬
‫‪l’Europe, avril, 1998, p. 22.‬‬
‫‪ -93‬يعتبر صندوق التجهيز الجماعي ‪ :‬مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية واإلستقالل المالي‪ ،‬وهي مخصصة‬
‫لتمويل اإلستثمار العمومي المحلية‪ ،‬وقد أنشئ الصندوق سنة ‪ ،5.1.‬وتمت إعادة هيكلته بظهير‪ 1‬غشت ‪ ،5..8‬ثم بظهير‬
‫آخر بتاريخ ‪ 9‬يوليوز ‪ 5..3‬المتعلق بممارسة نشاط مؤسسات القروض والرقابة عليها‪ ،‬ثم ظهير ‪ 8‬غشت ‪ 5..9‬المنفذ‬
‫لقانون ‪ 55..9‬الخاص بإعادة هيكلة الصندوق‪.‬‬
‫‪ -‬محمد فاضل الرزمة‪ ،‬التمويل الجماعي بين محدودية الموارد ورهانات التنمية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في‬ ‫‪94‬‬

‫القانون العام المعمق‪ ،‬وحدة ‪ :‬تدبير اإلدارة المحلية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية سطات‪ ،‬السنة الجامعية‪:‬‬
‫‪ ، 811.-8112‬ص‪.13 .‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪ 558‬من الدستور‪.8155‬‬ ‫‪95‬‬

‫‪ -‬المواد من ‪ 88.‬إلى‪ 835‬من القانون التنظيمي رقم ‪ ،555.55‬المتعلق بالجهات‪.‬‬ ‫‪96‬‬

‫‪ - 97‬المواد من ‪ 885‬إلى‪ 839‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 555.55‬المتعلق بالجهات‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫والصحة‪ ،‬والتربية وشبكة الطرق والمواصالت‪ .‬ويعتبر رئيس الحكومة آم ار بقبض‬


‫مداخيل وصرف نفقات هذا الصندوق‪.‬‬
‫‪ -1‬صندوق التضامن بين الجهات‪ :‬يهدف إلى ضمان التوزيع المتكافئ للموارد‬
‫قصد التقليص من التفاوتات بين الجهات‪ ،‬ويعتبر وزير الداخلية آم ار بقبض مداخيل‬
‫وصرف نفقات هذا الصندوق‪ .‬إضافة لما جاء في قانون مالية ‪ ،1121‬فيما يخص‬
‫إحداث الحساب الخصوصي المرصد ألمور خصوصية المسمى بصندوق التأهيل‬
‫االجتماعي‪ ،98‬والحساب الخصوصي المرصد ألمور خصوصية المسمى بصندوق‬
‫التضامن بين الجهات‪.99‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الموارد المالية المحولة من الدولة‬

‫تغطي الموارد المحولة لفائدة الجماعات الترابية‪ ،100‬في التجارب المقارنة نسبة‬
‫عالية في بنية تمويل ميزانيتها‪ ،‬غير أن طبيعة هذا التحويل‪ ،‬تختلف من دولة إلى‬
‫أخرى‪ .‬فالنموذج األلماني على سبيل المثال‪ ،‬يقتسم مع الواليات أغلب الموارد ذات‬
‫المردودية المرتفعة بموجب الدستور‪ ،‬ونفس األمر بالنسبة للمجموعات المستقلة‬
‫بإسبانيا‪ ،‬حيث نجد توزيعا دستوريا للموارد المالية بينها وبين اإلدارة المركزية‪ ،‬بخالف‬
‫التجربة المغربية‪ ،‬حيث التستفيد الجماعات الترابية‪ ،‬سوى من نسبة معينة من حصيلة‬
‫الضرائب العامة‪.101‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 5.‬من قانون مالية ‪ ،8159‬ظهير شريف ‪ ،5.51.511‬صادر في ‪ 8‬ربيع األول ‪ 5.( ،5538‬ديسمبر‬ ‫‪98‬‬

‫‪ ،)8151‬بتنفيذ قانون المالية رقم ‪ 81.51‬للسنة المالية ‪.8159‬‬


‫‪ - 99‬المادة ‪ 81‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪ - 100‬الفقرة الثانية من الفصل ‪ 555‬من دستور ‪.8155‬‬
‫‪- Mohammed Brahimi, le financement des collectiités locales au Maroc, in REMALD, Serie‬‬
‫‪101‬‬

‫‪« Thémes actuels », N°2, 1995, p .15.‬‬

‫‪41‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ .2‬الضريبة على القيمة المضافة‪:‬‬

‫وقد أحدثت الضريبة على القيمة المضافة‪ ،‬بمقتضى اإلصالح الجبائي العام‪،‬‬
‫وذلك لتحل محل ضريبتين سابقتين‪ ،‬وهما‪ :‬الضريبة على رقم المعامالت والضريبة‬
‫األشخاص واألنشطة التي تفرض عليها‬ ‫‪102‬‬
‫على اإلنتاج‪ .‬وقد حدد القانون رقم ‪21.20‬‬
‫‪%‬‬ ‫هذه الضريبة‪ ،‬في حين نصت المادة الخامسة والستون على تخصيص نسبة‬
‫‪ 30‬من هذه الضريبة على األقل لفائدة الجماعات الترابية‪.‬‬

‫وقصد توضيح كيفية توزيع ناتج الضريبة على القيمة المضافة‪ ،‬صدر منشور‬
‫وزير الداخلية بتاريخ ‪ 11‬يناير ‪ 2221‬لوضع معايير عامة‪ ،‬وذلك اعتمادا على‬
‫مقاييس تأخذ بعين اإلعتبار عدد السكان والمساحة والمجهود الجبائي‪.103‬‬

‫ويوضح الجدول اآلتي تطور حصة الجماعات الترابية من الضريبة على القيمة‬
‫المضافة بماليين الدرهم‪.‬‬
‫الدرهم‪104‬‬ ‫جدول رقم‪ :1‬تطور حصة الجماعات الترابية من حصة الضريبة على القيمة المضافة بماليين‬

‫‪8022‬‬ ‫‪8002‬‬ ‫‪8002‬‬ ‫السنوات‬


‫‪2211‬‬ ‫‪4291‬‬ ‫‪1442‬‬ ‫الجماعات الحضرية‬
‫‪4119‬‬ ‫‪1100‬‬ ‫‪9991‬‬ ‫الجماعات القروية‬
‫‪1110‬‬ ‫‪9121‬‬ ‫‪9410‬‬ ‫العماالت واألقاليم‬
‫‪-----‬‬ ‫‪-----‬‬ ‫‪-----‬‬ ‫الجهات‬
‫‪01041‬‬ ‫‪00122‬‬ ‫‪1104‬‬ ‫المجموع‬

‫المصدر‪ :‬إحصاءات الخزينة العامة للمملكة‪ ،‬لسنوات ‪ 8112‬و ‪ 811.‬و‪8155‬‬

‫‪ - 102‬ظهير شريف رقم ‪ 21.328‬صادر في ‪ 81‬دجنبر ‪ ،5.21‬بتنفيذ قانون رقم ‪ ،31.21‬القاضي بفرض الضريبة على‬
‫القيمة المضافة‪ .‬جريدة رسمية عدد ‪ 3252‬صادر بتاريخ فاتح يناير ‪ .5.29‬وقد تم إدماج هذا القانون في المدونة العامة‬
‫للضرائب بمقتضى قانون مالية ‪.8118‬‬
‫‪ - 103‬رسالة الجماعات المحلية العدد ‪ ،3‬يوليوز ‪-‬غشت‪ ،8115 ،‬ص‪.9.‬‬
‫‪ - 104‬تركيب شخصي‪ ،‬أنظر إحصاءات الخزينة العامة للمملكة‪ ،‬لسنوات ‪ 8112‬و ‪ 811.‬و‪ ،8155‬ص‪.9 .‬‬

‫‪42‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫فمن خالل هذا الجدول‪ ،‬يالحظ عدم توازن في توزيع حصة الضريبة على القيمة‬
‫المضافة‪ ،‬بين وحدات الجماعات الترابية‪ ،‬كما يالحظ أيضا تطور تدريجي في نسبة‬
‫استفادة بعض الجماعات الت اربية من هذه الضريبة‪ ،‬حيث استفادت الجماعات الحضرية‬
‫بنسبة ‪ % 22‬منها سنة ‪ ،1122‬والجماعات القروية بنسبة ‪ ،%21‬أما العماالت‬
‫واألقاليم فاستفادت من هذه الضريبة بنسبة ‪ ،%12‬وفي المقابل لم تستفد الجهات‬
‫عمليا‪ ،‬كما يوضح الجدول أعاله من تحويالت هذه الضريبة على مستوى ميزانياتها‪،‬‬
‫رغم التنصيص القانوني لها‪ ،‬وذلك على خالف باقي الوحدات الترابية األخرى التي‬
‫تستفيد منها‪ ،‬وتبقى هذه النسبة مع ذلك غير كافية لقيام الجهات بكل األعباء الملقاة‬
‫عليها‪ ،‬الشيء الذي يطرح استفهاما حول أسباب حرمان الجهات من نسبة هذه‬
‫الضريبة‪ ،‬لذا يفترض مراجعة هذه النسبة‪ ،‬في محاولة للرفع منها‪ ،‬والسهر على تحويلها‬
‫عمليا للجهات‪ ،‬كما يجب أيضا اعتماد معايير جديدة موضوعية‪ ،‬في توزيع هذه‬
‫الضريبة على الجماعات الترابية‪ ،‬بمختلف أصنافها‪ ،‬كنوع من تحقيق العدالة التوزيعية‪،‬‬
‫وذلك أخذا بعين اإلعتبار الموقع الجغرافي والوضع المالي‪ ،‬وكذا مستوى برامج‬
‫الجماعة‪ ،‬ومدى تأهيلها لإلندماج اإلقتصادي‪ ،‬وحل المشاكل اإلجتماعية‪.105‬‬

‫لكن يالحظ مقابل عدم استفادة الجهات من حصة الضريبة على القيمة المضافة‪،‬‬
‫أن المشرع خصص جزء من بعض الضرائب الوطنية لفائدة الجهات‪ ،‬مثل الضريبة‬
‫على الشركات (‪ )%0‬والضريبة العامة على الدخل(‪ ،)%0‬والرسم على عقود‬
‫التأمين(‪.)%11‬‬

‫‪ -0‬الضريبة على الشركات‪ :‬تستفيد الجهات بنسبة ‪ %0‬من الضريبة على‬


‫الشركات‪ ،‬وهي ضريبة ثم إحداثها بتاريخ ‪ 11‬يونيو ‪ ،2221‬وذلك بمقتضى الظهير‬

‫‪ -‬سعيد الميري‪ ،‬التدبير اإلقتصادي للجماعات المحلية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬وحدة‪ :‬القانون العام‬ ‫‪105‬‬

‫الداخلي‪ ،‬تخصص تسيير السلطات العمومية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ -‬السويسي‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية‪ ، 8118-8119 :‬ص‪.185 .‬‬

‫‪43‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المتعلق بالضريبة على الشركات‬ ‫‪106‬‬


‫الشريف رقم ‪2.21.122‬المنفذ لقانون رقم‪12.21‬‬
‫سابقا‪ ،‬لتحل محل الضريبة على األرباح المهنية‪.‬‬

‫وتفرض هذه الضريبة‪ ،‬على الشركات سواء كان مقرها بالمغرب أو خارجه‪،‬‬
‫بالنسبة لجميع األرباح والدخول المتعلقة بالسلع التي تملكها‪ ،‬والنشاط الذي تقوم به‪،‬‬
‫والعمليات الهادفة إلى الحصول على ربح التي تنجزها بالمغرب ولو بصورة عرضية‪.107‬‬

‫الضريبة على الشركات غير المتوفرة على مقر بالمغرب‪،‬‬ ‫كما تفرض هذه‬
‫المسماة " الشركات غير المقيمة"‪ ، 108‬وذلك بالنسبة للمبالغ اإلجمالية الوارد بيانها في‬
‫المادة الخامسة عشرة أدناه‪ ،‬التي تحصل عليها لقاء أشغال تنجزها أو خدمات تقدمها‪،‬‬
‫إما لحساب فروع خاصة بها‪ ،‬واما لحساب أشخاص طبيعيين أو معنويين مستقلين‪ ،‬إذا‬
‫كان للفروع واألشخاص اآلنفة الذكر موطن بالمغرب أو كانت تزاول فيه نشاطا ما‪.‬‬

‫‪ -9‬الضريبة على الدخل‪ :‬كانت تسمى من قبل بالضريبة العامة على الدخل‪،‬‬
‫وهي ضريبة تم إحداثها بمقتضى الفصل ‪ 1‬من قانون اإلطار لسنة ‪ ،2222‬وقد‬
‫نظمتها أحكام الظهير الشريف رقم ‪ 2.22.221‬بتنفيذ القانون رقم ‪.17.89‬‬

‫وتفرض الضريبة على الدخل على مجموع دخل األشخاص الطبيعيين‪ ،‬وتخضع‬
‫لهذه الضريبة أصناف الدخول واألرباح التالية‪:‬‬

‫‪ -‬الدخول المهنية ؛‬

‫‪ -‬قانون رقم ‪ 85.29‬المتعلق بالضريبة على الشركات‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،5.29.83.‬بتاريخ ‪35‬‬ ‫‪106‬‬

‫ديسمبر‪ ،5.29‬جريدة رسمية عدد‪ ،3283‬بتاريخ ‪ 85‬يناير‪ ،5.28‬ص‪ ،98 .‬مع مراعاة مستجدات المادة ‪ 1‬من قانون‬
‫المالية رقم ‪ 19-53‬للسنة المالية ‪ 8118‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪5.19.838‬بتاريخ ‪ 35‬دجنبر ‪ ،8119‬الذي‬
‫قام بإدماجهذا القانون في المدونة العامة للضرائب‪.‬‬
‫‪ - 107‬الضريبة على الشركات وفق قانون المالية لسنة ‪ ،8151‬سلسلة المعرفة القانونية للجميع‪ ،‬العدد ‪ ،81‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫دار اإلنماء الثقافي‪ ،8151 ،‬ص‪.51 .‬‬
‫‪ - 108‬كانت تعرف من قبل بالشركات األجنبية‪ ،‬غير أنه وفق قانون مالية ‪ 8151‬أصبح يطلق عليها إسم الشركات غير‬
‫المقيمة‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬الدخول الناتجة عن المستغالت الزراعية ؛‬


‫‪ -‬األجور والدخول التي في حكمها ؛‬
‫‪ -‬الدخول واألرباح العقارية ؛‬
‫‪ -‬الدخول واألرباح الناتجة عن رؤوس األموال المنقولة‪.‬‬

‫وتفرض هذه الضريبة كل سنة على مجموع أنواع الدخل التي حصل عليها‬
‫الخاضع للضريبة خالل السنة السابقة‪.‬‬

‫وتتحدد حصة الجهة من هذه الضريبة بحسب قوانين المالية‪ ،‬مما يجعلها ترتبط‬
‫بوضعية المالية العامة للدولة‪ ،‬غير أنه بمقتضى قانون مالية ‪ ،1112‬تم تحديد نسبة‬
‫‪ % 2‬من حصة هذه الضريبة لفائدة الجهات‪.‬‬

‫جدول رقم ‪ :2‬حصة الجهات من الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل‬

‫‪109‬‬
‫بمليون درهم‬

‫النسبة‬ ‫السنة‬

‫‪491‬‬ ‫‪9110‬‬

‫‪201‬‬ ‫‪9111‬‬

‫‪111‬‬ ‫‪9119‬‬

‫‪211‬‬ ‫‪9100‬‬

‫فمن خالل الجدول‪ ،‬يالحظ تطور نسبي على مستوى استفادة الجهات من كل‬
‫الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل‪ ،‬مع تراجع طفيف خالل سنة ‪،1122‬‬
‫نسبا ضعيفة مقارنة مع حصة الدولة من هذه‬ ‫غير أنها مع ذلك تبقى عموما‬

‫‪ - 109‬أنظر‪ ،‬التقارير السنوية الخاصة بالمالية المحلية‪ ،‬الخزينة العامة للمملكة‪ ،‬و ازرة المالية‪ 9110 ،‬و‪ 9111‬و‪9119‬‬
‫و‪.9100‬‬

‫‪45‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الضرائب‪ ،‬كما أن مجال تحديد هذه الحصص يبقى مرتبطا بقوانين المالية‪ ،‬بمعنى أن‬
‫التحديد سيكون سنويا‪ ،‬وصلته وثيقة بوضعية الميزانية العامة للدولة‪ ،‬وبالتالي فالتقلبات‬
‫التي يمكن أن تؤثر على ميزانية الدولة‪ ،‬ستؤثر بالضرورة على حصة الجهة من‬
‫الضرائب التي ستخصص حصة منها للجهات‪ ،110‬إذ عليها اإلنتظار حتى تتم الموافقة‬
‫على القانون المالي لمعرفة الحصة التي ستستفيد منها من ضريبة ما‪ ،‬األمر الذي‬
‫سيؤثر سلبا على البرامج اإلقتصادية خاصة المتوسطة والطويلة األمد‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬معيقات تدبير الموارد المالية الترابية‬

‫سعى المشرع‪ ،‬من خالل اإلصالحات التي أتى بها‪ ،‬إلى تعزيز القدرات المالية‬
‫للجماعات الترابية‪ ،‬والرفع من مواردها الجبائية‪ ،‬لالضطالع باألدوار الموكولة لها‪،‬‬
‫والعمل على التنصيص على موارد إضافية بحجم االختصاصات المنوطة بها‪.‬‬

‫لكن‪ ،‬بالرغم من التنوع في هاته الموارد‪ ،‬فإنها تعرف مجموعة من االختالالت‪،‬‬


‫التي سيتم معالجتها وفق ما يلي‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإل كراهات القانونية‬

‫من العيوب التي يمكن أيضا مالحظتها‪ ،‬على مستوى القانون رقم ‪21.11‬‬
‫المتعلق بالجبايات المحلية‪ ،‬تلك المتعلقة بالجانب التشريعي‪ ،‬خاصة فيما يتعلق‬
‫باستم اررية العمل بالقانون رقم ‪ ،21.22‬رغم دخول رقم ‪ 21.11‬المتعلق بالجبايات‬
‫المحلية‪ ،‬حيز التنفيذ من جانب‪ ،‬ومن جانب آخر مسألة تعدد النصوص القانونية‬
‫المنظمة للجبائية المحلية‪ ،‬والذي يعد ضربا لمبدأ التجميع والتركيب الذي يهدف إليه‬
‫اإلصالح‪.‬‬

‫‪ - 110‬علي أمجد‪ ،‬الموارد المالية والبشرية ‪ :‬مقومات أساسية لالمركزية الجهوية ووسيلة لتطويرها‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة‬
‫المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،85‬ماي‪ -‬يونيو‪ ،8118‬ص‪.558 .‬‬

‫‪46‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫أوال ‪ :‬استمرارية العمل بالقانون الجبائي ‪98.03‬‬

‫من المؤاخذات التي سجلت على النصوص المنظمة لجبايات الجماعات الترابية‪،‬‬
‫لدى كل من اإلدارة‬ ‫‪111‬‬
‫والتي أدت في الوقت ذاته‪ ،‬إلى نوع من الغموض واإللتباس‬
‫الجبائية والملزم‪ ،‬هي استمرار تطبيق مقتضيات رقم ‪ 21.22‬فيما يتعلق ببعض‬
‫الرسوم‪ ،‬رغم دخول القانون الجديد حيز التنفيذ‪ ،‬بمقتضى الظهير الشريف رقم ‪-220‬‬
‫‪ 2-11‬الصادر في ‪ 22‬من ذي القعدة ‪ 2212‬الموافق ‪ 21‬نونبر ‪ ،1111‬على‬
‫اعتبار أن هذه الرسوم ال تتسم بالطابع الجبائي‪ ،‬وبالتالي فهي تعتبر أتاوات وليس‬
‫جبايات‪ ،‬مع العلم أن هذه األتاوات‪ ،‬كما وصفها المشرع الجبائي تعتبر في ظل‬
‫القانون رقم ‪ 21.22‬رسوما محلية‪ .‬ولعل اإلشكالية هنا تكمن في التعريف الذي جاء‬
‫أثناء تقديم المذكرة العامة حول مشروع اإلصالح الجبائي أمام البرلمان للمناقشة‪ ،‬حينما‬
‫ميز وزير المالية بين كل من الضريبة واإلتاوة‪ ،‬إذ عرف الضريبة حسب القانون‬
‫الضريبي وقواعد المالية العامة‪ ،‬بكونها تستخلص من طرف الدولة أو الجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬بدون ربطها بخدمة معينة‪ ،‬أما اإلتاوة‪ ،‬فهي تستخلص مقابل خدمة تنجزها‬
‫الدولة والجماعات الترابية لفائدة الملزم‪ ،‬مضيفا أنها غالبا ما تهم عمليات محددة‪ ،‬وال‬
‫تتصف بطابع اإلستمرار في استخالصها‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة للضريبة‪.‬‬

‫فالمشرع هنا نجده أوال ال يفرق بين مفهوم الضريبة والرسم‪ ،‬خالفا للبحث‬
‫األكاديم ي الذي يميز بينهما‪ ،‬وهو بذلك يغيب مفهوم الضريبة على المستوى المحلي‪،‬‬
‫بينما يظل هذا المفهوم قائما على المستوى الوطني‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬غموض معيار التمييز الذي اعتمده المشرع في إخراجه ل ‪ 22‬رسم من‬
‫القانون الجديد‪ ،‬على اعتبار أن هذه الرسوم ال تحمل طابعا جبائيا‪ ،‬وبالتالي فهي لن‬
‫تنظم بموجب قانون ‪ ،21.11‬بالرغم من كون هذا األخير في مادته ‪ 211‬القفرة‬

‫‪ -‬حميجو إبراهيم‪ ،‬قراءة أولية في مشروع اإلصالح الجبائي المحلي‪ ،‬رسالة الجماعات المحلية‪ ،‬دورية تصدرها و ازرة‬ ‫‪111‬‬

‫الداخلية‪ ،‬المديرية العامة للجماعات المحلية‪ ،‬العدد ‪ ،53‬أبريل‪ -‬يونيو‪ ،8111‬ص‪.8 .‬‬

‫‪47‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫األولى‪ ،‬نص على أنه تنسخ ابتداءا من تاريخ دخول هذا القانون حيز التطبيق‬
‫أحكام"‪...‬القانون رقم ‪ 21.22‬المتعلق بجبايات الجماعات المحلية وهيئاتها"‪ ،‬ولم يشر‬
‫في مادته هذه إلى أي استثناء يذكر فيما يتعلق بالرسوم ‪ 22‬التي ستنظم بواسطة قانون‬
‫آخر‪ ،‬ومن ثم نجد أن هذه المادة تتعارض والنص القانوني رقم ‪ 22.11‬الذي ينص‬
‫في مادته الفريدة‪ ،‬على أنه تظل سارية المفعول بصفة انتقالية أحكام األبواب ‪ 2‬و ‪ 0‬و‬
‫‪ 2‬و ‪ 2‬و ‪ 21‬و ‪ 22‬و ‪ 21‬و ‪ 22‬و ‪ 22‬و ‪ 20‬و ‪ 21‬و ‪ 22‬و‪ 22‬من الكتاب‬
‫الثاني من القانون رقم ‪ .21.22‬فاعتماد مقتضيات هذه المادة الفريدة سيربك اإلطار‬
‫المفاهيمي للجباية المحلية‪ ،‬خاصة وأنه تعتبر جباية محلية كل األحكام المنصوص‬
‫عليها بموجب قانون ‪ ،21.11‬وكل ما يخرج عن إطار هذا النص تنتزع عنه صفة‬
‫الجباية المحلية‪ ،‬وذلك طبقا للفقرة الرابعة من المادة ‪ 211‬التي تنص على أن" كل‬
‫مقتضى يتعلق بجبايات الجماعات المحلية يجب التنصيص عليه في هذا القانون" أي‬
‫القانون رقم ‪.21.11‬‬

‫فالمشرع الجبائي‪ ،‬أثناء مناقشة مضامين النص القانوني‪ ،‬خالل تقديمه للبرلمان‬
‫من أجل المصادقة‪ ،‬نجده قد اعتمد المعيار الجبائي‪ ،‬للتمييز بين الرسوم التي لها طابع‬
‫جبائي محض‪ ،‬وهي التي نص عليها قانون ‪ ،21.11‬والرسوم التي ليس لها طابع‬
‫جبائي محض‪ ،‬وهي التي كان مقر ار صدورها بموجب مرسوم‪ ،‬قبل أن يتراجع المشرع‬
‫ويصدرها بموجب القانون ‪ ،22.11‬مع العلم أن هذا المعيار يتم اعتماده فقط للتمييز‬
‫بين اإلختصاص في المادة الجبائية بين البرلمان والحكومة‪ ،‬حيث نجد أن المستحقات‬
‫التي لها طابع جبائي محض يختص القانون حصريا بإحداثها وتوزيعها (الفصل ‪22‬‬

‫‪48‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫من الدستور)‪ ،112‬أما المستحقات التي ليس لها طابع جبائي محض فللحكومة إمكانية‬
‫أن تصدر مراسيم لتدبيرها‪ ،‬وذلك حسب اجتهاد القضاء الفرنسي‪.113‬‬

‫غير أن إقدام المشرع على إصدار تلك الرسوم بواسطة قانون رقم ‪ ،22.11‬الذي‬
‫أقر صراحة في مادته الفريدة باستم اررية العمل بالقانون ‪ ،21.22‬يجعلنا نتساءل مرة‬
‫أخرى عن طبيعة تلك الرسوم‪ ،‬ونستحضر مرة أخرى المعيار الجبائي‪ ،‬حيث لم يعط‬
‫المشرع إجابة واضحة وصريحة عن أسباب اعتماده لهذا المعيار‪ ،‬الذي من خالله ميز‬
‫بين الرسوم ذات الطابع الجبائي‪ ،‬وتلك ذات الطابع غير الجبائي‪ ،‬والذي من خالله‬
‫أسقط الرسوم الثالثة عشرة األخرى من القانون رقم ‪ ،21.11‬ليعود بعد ذلك وينظمها‬
‫في إطار القانون رقم ‪.22.11‬‬

‫فالسؤال المطروح‪ ،‬لماذا أعطى المشرع صفة الجباية المحلية لمستحقات‬


‫الجماعات الترابية المدرجة بنص القانون رقم ‪ ،21.11‬بينما انتزع هذه الصفة عن كل‬
‫مستحق للجماعات الترابية المنظمة خارج إطار هذا النص؟‪.‬‬

‫ولماذا أيضا بادر بإصدار القانون رقم ‪ 22.11‬الذي قام حسب مادته الفريدة‬
‫بسن أحكام انتقالية فيما يتعلق بالرسوم ‪ 22‬المنظمة بموجب القانون رقم ‪ ،21.22‬رغم‬
‫تعارضها مع الفقرتين األولى والرابعة من المادة ‪ 211‬من القانون رقم ‪ 21.11‬؟‬

‫ثانيا ‪ :‬تعدد القوانين المنظمة لجباية الجماعات الترابية‬

‫أشاد الجميع باإلصالح الجبائي الترابي‪ ،‬فهو بمثابة مدونة عصرية ستحتوي على‬
‫مجموع المقتضيات المنظمة للجبايات المحلية‪ ،‬التي رخص للجماعات الترابية اإلستفادة‬

‫‪ -‬على الجميع أن يتحمل‪ ،‬كل على قدر استطاعته‪ ،‬التكاليف العمومية‪ ،‬التي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها‪ ،‬وفق‬ ‫‪112‬‬

‫اإلجراءات المنصوص عليها في هذا الدستور‪.‬‬


‫‪ -113‬جميلة دليمي‪ ،‬مداخلة حول موضوع قراءة في مشروع قانون الجبايات المحلية رقم ‪ ،58.19‬يوم دراسي بتاريخ ‪8.‬‬
‫مارس ‪ ،8118‬مقاطعة سيدي البرنوصي‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫منها‪ ،‬وهو ما سيسهل إمكانية الرجوع إليها‪ ،‬على عكس ما كان عليه األمر قبل‬
‫اإلصالح‪ ،‬حيث كانت الجماعات الترابية مضطرة إلى الرجوع لجميع النصوص‬
‫القانونية المشتتة‪ ،‬نجد أن القانون المتعلق بالجبايات المحلية‪ ،‬بعد دخوله حيز التنفيذ‪،‬‬
‫سيكرس نفس الوضعية‪ ،‬حيث سيحتفظ من جهة بسمة تعددية النصوص القانونية‬
‫المنظمة للجبائية المحلية‪ ،‬ومعه من جهة أخرى‪ ،‬تعدد بنيات الجبايات المحلية‪ ،‬حيث‬
‫سننتقل من ‪ 21‬إلى ‪ 21‬رسم‪ ،‬وهو في ذلك ضرب لمقاصد اإلصالح سواء من حيث‬
‫التجميع أو التبسيط‪.‬‬

‫ففي الوقت الذي أكد فيه اإلصالح على تجميع كافة الرسوم الخاصة بالجماعات‬
‫الترابية في نص قانوني واحد‪ ،‬طبقا ألحكام الفقرة الرابعة من المادة ‪ 211‬من القانون‬
‫رقم ‪ ، 21.11‬نجده في المقابل يحتفظ بتعددية النصوص القانونية المنظمة للجبائية‬
‫المحلية‪ ،‬حيث أصبحنا أمام ثالثة نصوص قانونية‪ ،‬ويتعلق األمر بكل من القانون رقم‬
‫‪ 21.11‬المتعلق بجبايات الجماعات الترابية‪ ،‬وأحكام األبواب ‪ 2‬و‪ 0‬و‪ 2‬و‪2‬‬
‫و‪21‬و‪22‬و‪21‬و‪22‬و‪20‬و‪ 21‬و‪ 22‬و‪ 22‬من القانون رقم ‪ 21.22‬المحدد بموجبه‬
‫نظام للضرائب المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها‪ ،‬والتي ستظل سارية المفعول‬
‫بصفة انتقالية بمقتضى المادة الفريدة من القانون رقم ‪.22.11‬‬

‫أما فيما يتعلق بمبدأ التبسيط الذي اعتمده اإلصالح‪ ،‬عبر تقليص عدد الرسوم‬
‫المحلية‪ ،‬قصد تجاوز كثرة الضرائب والرسوم التي تطبع المنظومة الجبائية‪ ،‬نجده قد‬
‫أبقى على ‪ 21‬رسم منظم في إطار القانون رقم ‪ ،21.11‬بينما أدرج حوالي ‪ 22‬رسم‬
‫تحت حجة كونها رسوما ليست لها صبغة جبائية‪ ،‬وبالتالي حسب المشرع فهي عبارة‬
‫عن آتاواى تم إدراجها في القانون رقم‪ ،22.11‬مع اإلشارة إلى كونها كانت ستنظم في‬
‫إطار مرسوم مصاحب للنص القانوني رقم ‪ ،21.11‬غير أن المشرع عدل في النهاية‬
‫عن ذلك‪ ،‬بعد ردود األفعال التي أثيرت أثناء مناقشة مشروع القانون أمام البرلمان‪،‬‬
‫ليقرر بعد ذلك للخروج من هذا المأزق الذي سقط فيه إلى اإلسراع بإصدارها بواسطة‬

‫‪50‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫قانون جديد يقر باستم اررية العمل بالقانون رقم ‪ ،21.22‬وهنا نجد أن المشرع الجبائي‪،‬‬
‫قد أغفل من جهة مسألة ازدواجية النصوص القانونية‪ ،‬حيث أصبحنا أمام قانونين‪،‬‬
‫األول ينظم الرسوم المحلية‪ ،‬والثاني ينظم بعض الرسوم والحقوق والمساهمات واألتاوى‬
‫المستحقة لفائدة الجماعات الترابية‪ ،‬وهو ما سيشكل خرقا لمبدأ التجميع الذي نص عليه‬
‫اإلصالح‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫ثالثا‪ :‬قصور التضريب لبعض القطاعات‬

‫إذا كان القانون رقم ‪ 22-21‬المتعلق بنظام الضرائب المستحقة للجماعات‬


‫المحلية وهيئاتها‪ ،‬تميز بضيق الوعاء‪ ،‬فإن القانون رقم ‪ ،21-11‬جاء بعدة مستجدات‪،‬‬
‫ورغم ذلك فإنه لم يتجاوز تلك الحدود‪ ،‬حيث تميز بقصور تضريبه لبعض القطاعات‪.‬‬

‫إذ يالحظ غياب جبائية تدخلية في مجال العقار‪ ،‬قصد محاربة ظاهرة المضاربة‬
‫العقارية‪ ،‬وتجميد األراضي خصوصا بمراكز المدن التي تتحول فيها هذه األراضي إلى‬
‫عبء‪ ،‬فالضريبة العقارية أداة تدخلية للحد من ظاهرة تجميد العقارات‪ ،‬وبالتالي محاربة‬
‫المضاربة التي تهم العقار المبني وغير المبني‪.‬‬

‫وعلى المستوى القروي‪ ،‬يالحظ أن القانون رقم ‪ ،21-11‬حصر تطبيق الرسم‬


‫على األراضي الحضرية غير المبنية بالنسبة للمراكز المحددة بالنطاق الترابي‬
‫للجماعات القروية‪ ،‬على تلك الجماعات التي تتوفر على وثائق التعمير‪ ،‬إضافة إلى‬
‫عدم تضريبه للمنشآت السياحية واالستثمارات بالجماعات القروية‪ ،‬وكذلك األنشطة‬
‫الفالحية المتطورة‪.‬‬

‫إضافة لما سبق‪ ،‬يسجل غياب جبائية بيئية تدخلية للحد من الصناعات الملوثة‪،‬‬
‫وذلك تماشيا مع االختصاصات البيئية المسندة للجماعات الترابية بمقتضى القانون‬

‫‪ -114‬المحجوب الدربالي‪ ،‬السياسة الجبائية للجماعات المحلية ‪ :‬قراءة تحليلية للقانون الجبائي المحلي الجديد‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫القانونية‪ ،‬العدد األول‪ ،8153 ،‬ص‪.2 .‬‬

‫‪51‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫التنظيمي رقم ‪ 222.22‬المتعلق بالجماعات‪ ،‬كغياب جبائية بيئية تتجه نحو تضريب‬
‫بعض السيارات والشاحنات القديمة‪ ،‬وكذلك محطات توزيع الوقود ومحطات التكرير‬
‫وبعض الصناعات‪ ،‬كما هو الحال في األنظمة الجبائية المحلية المقارنة‪ ،‬مادامت‬
‫الجباية تعتبر أداة للحد من بعض الظواهر‪.115‬‬

‫كما يالحظ أيضا إق ارر القانون ‪ 21-11‬إلعفاءات سخية وغير مبررة محاباة‬
‫لبعض الملزمين‪ ،116‬إذ تم إعفاء المنعشين العقاريين في مادة السكن االجتماعي من‬
‫كل الرسوم المحلية‪ ،‬كما تم إعفاء المساكن التي تملكها الدولة والجماعات الترابية على‬
‫الرغم من استغاللها من طرف أشخاص آخرين‪ .‬إضافة إلى إعفاء قطاعات استثمارية‬
‫مهمة كجامعة األخوين مثال‪ ،‬من الرسم المهني والرسم على األراضي الحضرية غير‬
‫المبنية‪ ،‬والرسم على عمليات البناء‪ ،‬وكذلك إعفاء مؤسسات التعليم الخصوصي‪.‬‬

‫وموازاة مع هذه اإلعفاءات‪ ،‬يالحظ تخلي المشرع على رسوم كانت موضوع‬
‫القانون ‪ ،21.22‬بالرغم من أهمية مردودها بالنسبة لبعض الجماعات‪ ،‬وبالتالي كان‬
‫باألحرى على المشرع أن يبقى تلك الرسوم المحذوفة في صيغة رسوم اختيارية‪ ،‬ويترك‬
‫للجماعة الحرية في تطبيقه‪ ،‬مدعما بذلك الديمقراطية المحلية‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى ما سلف‪ ،‬يمكن تسجيل غياب الجدول المنظم لرسم السكن‪ ،‬على‬
‫غرار الجدول المتعلق بتصنيف المهن بالنسبة للرسم المهني‪ ،‬عالوة على غياب‬
‫تصنيف للمقاهي بخصوص الرسم على محال بيع المشروبات‪.‬‬

‫وبالنسبة ألداء الرسوم المحلية‪ ،‬فلم يتم التنصيص على إمكانية األداء االلكتروني‬
‫وذلك طبقا لما هو معمول به في ضرائب الدولة‪ ،‬فالبرغم من اعتماد هذه التقنية في‬

‫‪ -‬محمد شكيري‪ ،‬تحديد الوعاء الضريبي ومراقبته في إطار الجبايات المحلية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪،‬‬ ‫‪115‬‬

‫عدد ‪ ،8119 ،98 -99‬ص‪.12 .‬‬


‫‪ -116‬سميرة جيادي‪" ،‬اإلصالح الجبائي المحلي على ضوء القانون رقم ‪ ،" 58.19‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في الحكامة‬
‫المحلية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،8112-8118 :‬ص‪.551 .‬‬

‫‪52‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫عملية استخالص الرسوم التي تدبرها مديرية الضرائب لصالح الجماعات الترابية‪ ،‬فإن‬
‫األمر يتطلب تعميمها لتشمل أيضا الرسوم التي تستخلصها المصالح الجبائية التابعة‬
‫للجماعات الترابية‪.‬‬

‫كما يسجل غياب موظفي المصالح الجبائية الجماعية من قائمة األشخاص‬


‫القانونيين الذي يتعين على الملزم اإلدالء لهم بالوثائق المثبتة لتسجيله في جدول‬
‫الرسم‪ ،‬كما لم يتم التنصيص على ضرورة تحرير محضر‪ ،‬تدون فيه عمليات المراقبة‪،‬‬
‫التي يقوم بها مفتشو الضرائب لحماية حقوق اإلدارة والملزم معا‪ .‬إضافة إلى عدم‬
‫التنصيص على تمثيلية الجماعة المعنية بالرسم على اللجنة المحلية لتقدير الض ارئب‪،‬‬
‫فهذه التمثيلية عامة وغامضة‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬سوء توزيع الموارد الجبائية بين الوحدات الترابية‬

‫من المظاهر السلبية التي كرسها اإلصالح الجبائي المحلي‪ ،‬التفاوت الجبائي بين‬
‫الجماعات الترابية‪ .‬فإذا كان الهدف من وراء هذا اإلصالح الرفع من مردودية الموارد‬
‫الجبائية للجماعات الترابية‪ ،‬فإن األمر يختلف بالنسبة للجماعات القروية‪ ،‬كما رأينا‬
‫سابقا‪ ،‬من خالل الالتوازن على مستوى توزيع الرسوم الترابية بينها وبين الجماعات‬
‫الحضرية‪ ،‬حيث تعاني من العجز التمويلي الذاتي‪ ،‬خاصة أمام اإلكراهات التنموية‬
‫التي تعرفها هذه الجماعات‪.‬‬

‫ولم تكن العماالت واألقاليم أحسن حاال من الجماعات القروية‪ ،‬على ضوء‬
‫اإلصالح الجبائي المحلي‪ ،‬حيث إن ماليتها ال تتعدى بعض الرسوم القليلة وذات‬
‫المردودية الضعيفة‪ ،‬وهي نفس الرسوم التي كان معموال بها في ظل القانون السابق‪،‬‬
‫من أشار إلى أن تخويل العماالت واألقاليم استخالص تلك‬ ‫‪117‬‬
‫وهناك من الباحثين‬
‫الرسوم‪ ،‬لم يكن الهدف منه إعطاء هذه المجالس موارد مالية ذاتية تساعدها على القيام‬

‫‪ -‬عبد الحق مرجاني‪ ،‬الجبائية المحلية بالمغرب‪ ،‬مجلة الماليىة المحلية واالقتصاد الجهوي‪ ،‬العدد‪ ،5..1 ،5‬ص‪.52.‬‬ ‫‪117‬‬

‫‪53‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫بمهامها‪ ،‬وتحقق استقاللها اإلداري والمالي‪ ،‬وانما صعوبة تحصيل هذه الرسوم على‬
‫صعيد الجماعات الحضرية والقروية‪ ،‬وهو الشيء الذي يطرح سؤاال حول كيف يمكن‬
‫لمجالس العماالت واألقاليم أن يكون لها دور في المجال التنموي يتناسب‬
‫واإلختصاصات المخولة لها بمقتضى القانون التنظيمي رقم ‪ ،221.22‬في ظل ضعف‬
‫مواردها الجبائية؟‬

‫وتعاني الجهات بدورها من نفس الضعف على مستوى جبايتها‪ ،‬فمن أصل ستة‬
‫رسوم‪ ،‬كانت تحظى بمستحقاتها خالل القانون السابق‪ ،‬منحها المشرع بمقتضى القانون‬
‫رقم ‪ 21.11‬ثالثة رسوم فقط‪ ،‬كما أن مردودية هذه الرسوم الممنوحة للجهات‪ ،‬باستثناء‬
‫الرسم المفروض على الخدمات المقدمة بالموانئ تتميز بضعف أوعيتها ومردودها‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن هناك من الرسوم بحكم طبيعة أوعيتها‪ ،‬ال يمكن فرضها‬
‫بجميع جهات المملكة‪ ،‬وبالتالي لن تستفيد منها ثالث جهات وهي كل من جهة فاس‪-‬‬
‫مكناس‪ ،‬وجهة درعة ‪ -‬تافياللت‪ ،‬وجهة بني مالل‪ -‬خنيفرة‪ ،‬وذلك بسبب عدم توفرها‬
‫على واجهات بحرية‪ ،‬بل هناك من الجهات التي تتوفر على واجهات بحرية دون أن‬
‫تتوفر فيها موانئ‪ ،‬أو تكون هذه الموانئ صغيرة وبسيطة‪ ،‬ال ترقى إلى مستوى فرض‬
‫الرسوم‪ .‬نفس الشيء ينطبق على الجهات التي ال تتوفر على مناجم كجهة طنجة –‬
‫تطوان‪ ،‬وبالتالي سوف لن تستفيد من الرسوم المفروض عليها‪.118‬‬

‫كما أن بعض الضرائب الممنوحة للجهات‪ ،‬كالضريبة على الشركات والضريبة‬


‫على الدخل‪ ،‬ترتبط بالحصة التي تمنحها الدولة‪ ،‬وبالتالي تكون تابعة لميزانية الدولة‬
‫ارتفاعا وانخفاضا مما يؤثر على ميزانية ب ارمجها اإلقتصادية خاصة المتوسطة والطويلة‬
‫األمد‪.‬‬

‫‪ -118‬سعيد الميري‪ ،‬التدبير اإلقتصادي للجماعات المحلية بالمغرب‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬وحدة القانون العام‬
‫الداخلي‪ ،‬تخصص تسيير السلطات العمومية‪ ،‬كلية العلوم القانونية‪ ،‬اإلقتصادية واإلجتماعية‪ -‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪:‬‬
‫‪ ،8118-8119‬ص‪.155 .‬‬

‫‪54‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫واألكيد أن اإلصالح الجبائي المحلي لم يأخذ بعين اإلعتبار معطيات الظرفية‬


‫الراهنة‪ ،‬وما يصاحبها من نقاش حول مقترح الحكم الذاتي والجهوية المتقدمة‪ ،‬وكذا‬
‫الحديث عن فضاء التنمية المجالية في إطار ترابي واسع هو الجهة‪ ،‬حيث كان يفترض‬
‫به النهوض بالجهة من خالل دعمها بالموارد المالية الالزمة خاصة منها الجبائية‪.‬‬

‫ويوضح الجدول اآلتي تطور حصة الجماعات الترابية من الضريبة على القيمة‬
‫المضافة بماليين الدرهم‪.‬‬
‫جدول رقم ‪ :9‬توزيع الحصة من منتوج الضريبة على القيمة المضافة بحسب أصناف الجماعات الترابية‬
‫‪119‬‬
‫‪2819-2883‬‬

‫متوسط الفترة‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫صنف الجماعات‬


‫الترابية‬
‫‪39.3‬‬ ‫‪39.2‬‬ ‫‪39.4‬‬ ‫‪40.7‬‬ ‫‪39.0‬‬ ‫‪38.2‬‬ ‫الجماعات‬
‫الحضرية‬
‫‪27.4‬‬ ‫‪30.4‬‬ ‫‪28.9‬‬ ‫‪26.0‬‬ ‫‪25.2‬‬ ‫‪76.7‬‬ ‫الجماعات‬
‫القروية‬
‫‪32.5‬‬ ‫‪29.4‬‬ ‫‪31.0‬‬ ‫‪33.0‬‬ ‫‪35.1‬‬ ‫‪34.1‬‬ ‫العماالت و‬
‫االقاليم‬
‫‪0.7‬‬ ‫‪1.0‬‬ ‫‪0.6‬‬ ‫‪0.4‬‬ ‫‪0.6‬‬ ‫‪1.0‬‬ ‫الجهات‬

‫ويالحظ هنا استفادة الجماعات الترابية من نسب مهمة من هذه الضريبة‪ ،‬والتي‬
‫أخذت تتطور مع السنوات‪ ،‬غير أن النسبة اإلجمالية لهذه الضريبة‪ ،‬والمحددة في ‪٪21‬‬
‫تبقى مع ذلك غير كافية لقيام الجماعات الترابية‪ ،‬بكل األعباء الملقاة على عاتقها‪ ،‬خاصة‬
‫بعد اإلصالح األخير‪ ،‬الذي أضاف اختصاصات جديدة ومهمة تحتاج إلى أموال باهضة‬
‫وكبيرة التستطيع معها النسبة الحالية للضريبة على القيمة المضافة المخصصة للجماعات‬
‫الترابية تمويلها‪.‬‬

‫لذلك ينبغي مراجعة هذه النسبة في محاولة للرفع منها‪ ،‬كما يجب اعتماد معايير‬
‫على الجماعات الترابية‬ ‫‪120‬‬
‫جديدة موضوعية في توزيع الضريبة على القيمة المضافة‬

‫‪ -119‬تقرير المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬عن جبايات الجماعات الترابية‪ ،‬سنة ‪ ،8151‬ص‪.88 .‬‬
‫‪ -120‬المناظرة الوطنية السابعة للجماعات المحلية بالدارالبيضاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.35. .‬‬

‫‪55‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫بأصنافها من جهة أخرى‪ ،‬وذلك أخذا بعين اإلعتبار الموقع الجغرافي والوضع المالي‪ ،‬وكذا‬
‫مستوى برامج الجماعة‪ ،‬ومدى تأهيلها لإلندماج اإلقتصادي وحل المشاكل اإلجتماعية‪.121‬‬

‫وانطالقا مما سبق‪ ،‬يتضح أن الجماعات الترابية ال زالت تعاني من خصاص مالي‬
‫كبير يحد من إمكانياتها في تحقيق أهدافها التنموية‪ ،‬األمر الذي يجعلها تعتمد على‬
‫تحويالت الدولة من الضرائب الوطنية‪ ،‬وخصوصا ناتج الضريبة على القيمة المضافة‪،122‬‬
‫إلى جانب باقي اإلمدادات األخرى‪ ،‬إضافة إلى لجوئها إلى سياسة اإلقتراض‪ ،‬وهو ما‬
‫يطرح السؤال حول مدى جدية اإلصالح في تحسين المردودية الجبائية للجماعات الترابية؟‬

‫وبالنظر لكيفية تدبير الممتلكات الجماعية بنوعيها‪ ،‬يتضح أن الواقع يسفر عن‬
‫مجموعة من األسباب التي تعرقل نمو اإلمكانيات التمويلية لألمالك المحلية‪ ،‬وعدم‬
‫مسايرتها للمتطلبات التنموية بحيث تتراوح نسبة العائدات من المممتلكات الجماعية ما بين‬
‫‪ 2.0‬و‪ 12‬بالمائة‪ ،‬ويرجع هذا باألساس‪ ،‬إلى عدة أسباب‪ ،‬يمكن أن نجملها في أسباب‬
‫وأخرى تقنية‪.‬‬ ‫‪123‬‬
‫قانونية تنظيمية‬

‫فيما يلي‪:‬‬ ‫‪124‬‬


‫ويمكن تلخيص األسباب القانونية‬

‫‪ -‬تعدد النصوص القانونية والتنظيمية التي تحكم وتنظم األمالك الجماعية في‬
‫مقابل وجود نصوص عامة وموحدة‪،‬‬

‫‪ -‬عدم صدور المرسوم المنظم ألمالك الجماعات الترابية‪،‬‬

‫‪ -121‬سعيد الميري‪ ،‬التدبيراإلقتصادي للجماعات المحلية بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.185 .‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.155 .‬‬ ‫‪122‬‬

‫‪ -‬قصور النظام القانوني التنظيمي ألمالك الجماعات الترابية واشكالية التمويل الغير جبائي للتنمية المحلية بالمغرب‪،‬‬ ‫‪123‬‬

‫منشورات مجلة الحقوق المغربية للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬السنة األولى ‪ ،8158‬ص‪..3.‬‬
‫‪ -‬محمد بوجيدة وميلود بوخال‪ ،‬أمالك الجماعات المحلية وهيئاتها‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة‬ ‫‪124‬‬

‫"دالئل التسيير"‪ ،‬العدد الخامس‪ ،5..2 ،‬ص‪.8..‬‬

‫‪56‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬تقادم النصوص القانونية المتعلقة بها‪.‬‬

‫أما األسباب التقنية فنجملها وفق ما يلي‪:‬‬

‫‪ :‬تعرف الممتلكات‬ ‫‪125‬‬


‫‪ -‬النقص الحاصل في الممتلكات من الناحية الكمية‬
‫الجماعية نقصا ملحوظا‪ ،‬ليس فقط على مستوى األمالك الخصوصية‪ ،‬بل أيضا‬
‫وبالدرجة األولى على مستوى األمالك العمومية‪ ،‬وعلى مستوى التجهيزات والمرافق‬
‫الجماعية على وجه الخصوص‪ ،‬والسيما القروية التي ال تتوفر إال على بعض‬
‫الممتلكات التقليدية‪ ،‬مثل ‪ :‬األسواق وملحقاتها‪.‬‬

‫‪ -‬عدم تحديد قيمة األمالك الجماعية بدقة‪ :126‬ال يمكن لألمالك الجماعية أن‬
‫تحقق موارد مهمة‪ ،‬دون أن تحدد قيمتها بناءا على معايير عملية دقيقة‪ ،‬يكون الهدف‬
‫األول واألخير منها هو الموازنة بين حقوق الجماعة المالكة من جهة‪ ،‬وحقوق‬
‫المتعاملين معها من الخواص من جهة ثانية‪.‬‬

‫‪ -‬التقصير والتأخير في تحصيل مداخيل األمالك المحلية‪ :‬تعرف الجماعات‬


‫الترابية إهماال فيما يخص تحصيل مداخيل أمالكها‪ ،‬ويظهر هذا الخلل في معظم‬
‫الجماعات‪ ،‬وقد يصل في بعضها إلى درجة اإلهمال‪ ،‬حيث ال تعمل الجماعات على‬
‫استخالص المداخيل المستحقة على أمالكها‪.‬‬

‫‪ -‬التدبير الغير معقلن للملك الخاص الجماعي‪ :‬إن جميع العمليات المرتبطة‬
‫بها‪ ،‬من تفويت أو شراء أو كراء طويل األمد أو مقايضة إلى غير ذلك‪ ،‬تخضع‬
‫للمسطرة التالية‪:‬‬

‫‪ -‬منية بنلمليح‪ ،‬واقع تدبير الملك العموعي المحلي ورهانات الجكامة المحلية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪،‬‬ ‫‪125‬‬

‫عدد‪ ،551‬مارس‪ -‬أبريل ‪ ،8155‬ص‪.581 .‬‬


‫‪ -126‬لكميلي كمال‪ " ،‬التمويل غير الجبائي‪ :‬الجماعة المقاولة رهان القرن ‪ ،"85‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في‬
‫القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بالدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،8115-8111 :‬ص‪.85 .‬‬

‫‪57‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬مصادقة المجلس‪.‬‬

‫‪ -‬مصادقة سلطة الوصاية‪ ،‬والمتمثلة في وزير الداخلية بالنسبة للجماعات‬


‫الحضرية والقروية أو العامل بالنسبة للجماعات القروية‪.‬‬

‫غير أن تدبير الممتلكات الجماعية‪ ،‬يغلب عليه الطابع التجريبي‪ ،‬حيث يتجلى‬
‫ذلك في غياب أوعدم ضبط سجالت الممتلكات‪ ،‬وعدم تصفية بعض األوضاع‬
‫القانونية‪ ،‬والبطء الحاصل في المساطر المتعلقة بالمبادالت العقارية وعمليات البيع‬
‫والشراء الخاص بهذا النوع من العقار‪.127‬‬

‫أما عن الموارد التي تنتج عن هذه العمليات‪ ،‬فإن جل الجماعات الترابية ال‬
‫تراعي في تحديدها القيمة الحقيقية للملك‪ ،‬كما أن بعض المستفيدين ال يؤدون‬
‫للجماعات ما بذمتهم من حقوق ج ارء استغاللهم لألمالك الجماعية‪ ،‬وذلك راجع‬
‫باألساس لعدم ضبط العالقة التعاقدية بين المستغلين والجماعة‪.‬‬

‫كما توجد عدة صعوبات مسطرية‪ ،‬متمثلة في أن القوانين المعمول بها‪ ،‬خاصة‬
‫الفصل الثاني من ظهير ‪ 12‬أكتوبر‪ 2212‬المتعلق باألمالك البلدية‪ ،‬والمغير بظهير‬
‫‪ 21‬ماي ‪ ،2221‬وكذا الفصل ‪ 2‬من ظهير ‪ 12‬يونيو ‪ 2202‬المتعلق بأمالك‬
‫الجماعات القروية ال توضح بصفة دقيقة األمالك العامة للجماعات‪ .‬كما أن مردود‬
‫هذا النوع من األمالك‪ ،‬يختلف حسب طريقة التدبير‪ ،‬فضال عن المسطرة اإلدارية‬
‫المتبعة في ذلك‪ ،‬والمتمثلة أساسا في مصادقة المجلس‪ ،‬ثم مصادقة الو ازرة الوصية‬
‫على مقرر المجلس‪.‬‬

‫وعموما‪ ،‬فإن الممتلكات الجماعية المحلية ال تعتبر وسيلة لتطوير الموارد‬


‫الجماعية فحسب‪ ،‬بل تعد كذلك ركيزة أساسية لقيام الجماعات بالدور المنوط بها في‬

‫‪ -‬لكميلي كمال‪" ،‬التمويل غير الجبائي‪ ،‬الجماعة المقاولة رهان ‪ ،"85‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.89.‬‬ ‫‪127‬‬

‫‪58‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المجال االجتماعي‪ ،‬وذلك بتوفير العقارات الالزمة بأثمنة تفضيلية لبناء المؤسسات‬
‫التعليمية والصحية والثقافية وغيرها‪....‬‬

‫غير أن هذا الدور ال يلمس بصفة فعلية في الواقع المعاش للجماعات الترابية‪،‬‬
‫إما لعدم االهتمام بهذا الجانب‪ ،‬أو لعدم توفر اإلمكانيات الالزمة لدى الجماعة‪.‬‬

‫وبهذا‪ ،‬يمكن القول إن هذه األسباب كفيلة بإبراز الضعف المالحظ في الموارد‬
‫المالية الخاصة بالممتلكات الجماعية‪.‬‬

‫إن إصالح تدبير أمالك الجماعات الترابية بالمغرب‪ ،‬ينبغي أن يشمل أساليب‬
‫تعزيز الممتلكات الجماعية واإلقليمية والجهوية‪ ،‬وكذا قواعد حمايتها‪ ،‬وذلك ضمن‬
‫التصور التالي‪:128‬‬

‫‪ -‬ضرورة إيجاد ممتلكات كافية لصالح الجماعات الترابية‪.‬‬


‫‪ -‬تمكين الجماعات من المشاركة في عملية التجهيز االجتماعي واالقتصادي‪.‬‬

‫ولقد اتجهت " لجنة الشؤون العقارية"‪ ،‬في إطار المناظرة األولى التي عقدت في‬
‫مراكش حول الجماعات الترابية‪ ،‬حيث اقترحت تغيير التشريع الخاص بالعقارات‬
‫الجماعية واصالحه‪ ،‬ومن هنا انطلقت نفس اللجنة في المناظرة األخيرة التي عقدت‬
‫بالدار البيضاء لتسطر ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬العمل على القيام بحملة لتحفيظ الممتلكات العقارية للجماعات الترابية‪،‬‬


‫وتطبيق مقتضيات التشريعات فيما يتعلق بتسيير األمالك العقارية‪ ،‬وذلك بوضعها‬
‫داخل سجل الممتلكات‪ ،‬وكذا العمل على إخضاع الهيئات العقارية لنفس المسطرة‪،‬‬
‫حتى تخرج الجماعات الترابية من مرحلة الحيازة واالستغالل إلى مرحلة التملك‪.‬‬

‫‪ -128‬قصور النظام القانوني التنظيمي ألمالك الجماعات الترابية واشكالية التمويل الغير جبائي للتنمية المحلية بالمغرب‪،‬‬
‫منشورات مجلة الحقوق المغربية للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬السنة األولى‪ ،8158 ،‬ص‪. .3.‬‬

‫‪59‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬أما على صعيد تسيير الممتلكات العقارية‪ ،‬فقد أوصت اللجنة بتعميم نظام‬
‫موحد لهذه الممتلكات‪ ،‬سواء كانت ملكا للجماعات الحضرية أو الجماعات القروية‪،‬‬
‫وذلك تماشيا مع متطلباتها وحاجياتها وكذا لجعل حد لتعدد وتنوع التشريعات الجاري‬
‫بها العمل‪.‬‬

‫‪ -‬وفيما يتعلق بتوفر الجماعات على إمكانيات عقارية كافية‪ ،‬أوصت اللجنة بأن‬
‫اقتناء األمالك العقارية ينبغي أن يتم بثمن رمزي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬ضعف مردودية موارد الجماعات الترابية‪:‬‬

‫من خالل إجراء قراءة بسيطة للقوانين المنظمة للرسوم المحلية‪ ،‬يتضح عدم عدالة‬
‫هذه القوانين بالنسبة لبعض الجماعات الترابية‪ ،‬التي ضيعت عليها مبالغ مهمة‪ ،‬كانت‬
‫تستفيد منها من خالل الرسوم المحذوفة‪.‬‬

‫ومن هنا كان يفترض من المشرع الجبائي‪ ،‬ترك حرية حذف هذه الرسوم أو‬
‫تركها للجماعات الترابية المعنية ‪ ،‬بدل حرمانها نهائيا من مداخيل هذه الرسوم‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بمجال اإلعفاءات‪ ،‬فيمكن استحضار قائمة اإلعفاءات المتعلقة‬
‫على سبيل المثال‪ ،‬حيث تصنف إلى إعفاءات دائمة‪ ،‬من خالل‬ ‫‪129‬‬
‫بالرسم المهني‬
‫التخفيضات الدائمة التي يستفيد منها الملزمون الذين لهم موطن ضريبي أو مقر‬
‫اجتماعي بطنجة والذين يزاولون نشاطا رئيسيا بدائرة نفوذ اإلقليم المذكور من تخفيض‬
‫نسبته ‪ ٪01‬من الرسم بالنسبة لهذا النشاط‪ ،‬وأخرى مؤقتة كالوكالة الخاصة طنجة –‬
‫البحر األبيض المتوسط‪ ،‬والمقاوالت المرخص لها بمزاولة نشاطها في المناطق الحرة‬
‫للتصدير‪ ،‬حيث تستفيدان من اإلعفاء من الرسم المهني طيلة ‪ 20‬سنة األولى‬
‫إلستغاللها‪.‬‬

‫‪ -129‬المادة ‪ 9‬من القانون رقم ‪ 58.19‬المتعلق بالجبايات المحلية‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وعموما يالحظ بخصوص اإلعفاءات ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬إدراج المشرع لجميع اإلعفاءات المنصوص عليها سابقا بنصوص خاصة في‬
‫نص واحد‪.‬‬

‫‪ -‬مالءمة إعفاء التعاونيات واتحاداتها مع اإلعفاء المنصوص عليه في الضريبة‬


‫على الشركات والضريبة على القيمة المضافة‪ ،‬مع تحديد سقف اإلعفاء في مليون‬
‫درهم‪.‬‬

‫‪ -‬حصر إعفاء بنك المغرب على األراضي والبنيات والمعدات واألدوات‬


‫المخصصة لصنع األوراق النقدية‪.‬‬

‫‪ -‬إعفاء المحالت المخصصة لمصالح الجمارك والشرطة والصحة وكل محل‬


‫مخصص لمرفق عام‪.‬‬

‫‪ -‬توضيح وتحديد اإلعفاء الكلي المؤقت لكل نشاط مهني تم إحداثه طيلة مدة ‪0‬‬
‫سنوات ابتداءا من سنة الشروع في مزاولة هذا النشاط ‪.‬‬

‫‪ -‬إعفاء وسطاء التأمين‪.‬‬

‫ولعل هذه اإلعفاءات من شأنها تفويت مبالغ هامة على ميزانية الجماعات الترابية‪،‬‬
‫هذا إلى جانب صدمة بعض الجماعات الترابية عند علمها بحذف بعض الضرائب والرسوم‬
‫التي كانت تغذي ميزانياتها‪ ،‬بدعوى ضعف مردوديتها أو صعوبة استخالصها‪ ،‬خاصة وأن‬
‫بعض الجماعات الترابية تعرف عج از ماليا مستديما‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬يبقى السؤال مطروحا حول مدى مساهمة اإلصالح الجبائي‬
‫المحلي في دعم اإلستقالل المالي لهذه الجماعات‪ ،‬من خالل حذف ضرائب ورسوم كانت‬
‫تساهم في تمويل ميزانياتها؟‬

‫وما حدود مساهمة الجبايات المحلية كمورد من موارد الجماعة في دعم هذا‬
‫اإلستقالل‪ ،‬خصوصا إذا ما علمنا أن الجبايات المحلية ال تشكل سوى ‪ ،%21‬بشقيها‬
‫المحولة والذاتية‪ ،‬من مجموع المداخيل اإلجمالية للجماعات الترابية‪ ،130‬األمر الذي يساهم‬
‫في تكريس التبعية للمركز‪.‬‬

‫واذا كان األمر كذلك‪ ،‬فال بد من اإلقرار بعجز الموارد الجبائية للجماعات الترابية‬
‫عن تغطية المهام الموكولة لها‪ ،‬األمر الذي يدفعها إلى ترقب عطف الدولة عليها‪،‬‬
‫وبالتالي يصبح اإلستقالل المالي لهذه الجماعات مبدءا مفرغا من محتواه القانوني‪.‬‬

‫واذا كانت الجماعات الترابية تعاني من هذا الحذف للرسوم والضرائب‪ ،‬فإن معاناتها‬
‫ال تقل أهمية عن معاناتها من توسيع دائرة اإلعفاءات‪ ،‬وهو ما سينعكس سلبا على الوعاء‬
‫الجبائي‪.‬‬

‫فتوسيع الوعاء الجبائي‪ ،‬يعتبر أحد أهم اآلليات لتحسين المردودية الجبائية‪ ،‬وتترجم‬
‫هذه اآللية‪ ،‬إما بتضريب القطاعات غير المضربة‪ ،‬مما يفيد إحداث ضرائب جديدة تفرض‬
‫على ملزمين جدد‪ ،‬واما بتقليص وحذف االمتيازات الجبائية المجانية الممنوحة لبعض‬
‫القطاعات والمؤسسات‪ ،‬والتي تأتي في صيغة إعفاءات جبائية‪ ،‬وباستقراء لمقتضيات‬
‫القانون رقم ‪ 21-11‬المتعلق بالجبابات المحلية‪ ،‬يتضح أن هذه المقتضيات‪ ،‬لم تعمل‬
‫على إقرار توسيع حقيقي للوعاء الجبائي المحلي‪ ،131‬باستثناء المقتضيات المستحدثة‬

‫‪ -‬مذكرة تقديم عامة لمشروع القانون رقم ‪ 58.19‬المتعلق بجبايات الجماعات المحلية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.82 .‬‬ ‫‪130‬‬

‫‪ -131‬جميلة دليمي‪ ،‬الوعاء الجبائي المحلي بين حدود اإلصالح ورهانات الحكامة الجيدة‪ ،‬اللقاء المغاربي التاسع لشبكة‬
‫القانونيين لمغاربيين‪ ،‬المنظم بمراكش بتاريخ ‪ 59-51‬أبريل ‪ 8155‬حول " الجماعات المحلية بدول المغرب العربي" مطبعة‬
‫المعارف الجديدة ‪ ،‬الرباط ‪ ،8155‬ص‪ 33.‬وبعدها‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫والمتعلقة باعتماد وثائق التعمير في تحديد بعض الرسوم‪ ،‬ويتعلق األمر برسم السكن‪،132‬‬
‫ورسم الخدمات الجماعية‪ .133‬كما أن المشرع عمل على سن إعفاءات كثيرة لعدد من‬
‫القطاعات والمؤسسات‪ ،‬حيث تشكل هذه اإلعفاءات تضحية بأموال عمومية كان من‬
‫المفروض أن تستخلص لفائدة خزائن الجماعات الترابية‪.‬‬

‫إن المستجدات التي حملها القانون رقم ‪ ،21.11‬والتي من شأنها أن تعمل على‬
‫تحسين مردودية موارد الجماعات الترابية‪ ،‬لم تعمل على تضريب القطاعات غير‬
‫المضربة‪ ،‬كما أنها لم تأتي بمقتضيات تفيد تقليص حجم االمتيازات الجبائية القائمة‪ .‬مما‬
‫نسجل مفارقة بين الخطاب والممارسة‪ ،‬الشيء الذي يؤشر على ضعف ترجمة الشفافية في‬
‫صناعة القرار الجبائي الترابي‪.‬‬

‫هذا فيما يخص‪ ،‬معيقات تدبير موارد الجماعات الترابية‪ ،‬فماذا عن األحهزة المكلفة‬
‫بالتحصيل؟ وعن واقع الرقابة على موارد الجماعات الترابية؟‬

‫المبحث الثاني‪ :‬واقع التحصيل والرقابة على موارد الجماعات الترابية‬

‫تشتمل الديون المستحقة للجماعات المحلية ومجموعاتها الخاضعة ألحكام هذا الباب‬
‫على‪:134‬‬

‫الرسوم واألتاوى المحدثة لفائدتها بالقانون والتنظيم المعمول به ؛‬ ‫‪-‬‬


‫حاصالت ومداخيل األمالك المخزنية ؛‬ ‫‪-‬‬
‫األجور عن الخدمات المقدمة ؛‬ ‫‪-‬‬
‫محصول االستغالالت والمساهمات المالية ؛‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 85‬من القانون رقم ‪ 58.19‬المتعلق بالجبايات المحلية‪.‬‬ ‫‪132‬‬

‫‪ - 133‬المادة ‪ 33‬من القانون رقم ‪ 58.19‬المتعلق بالجبايات المحلية‪.‬‬


‫‪ - 134‬المادة ‪ 90‬من مرسوم محاسبة الجماعات الترابية لسنة ‪.9101‬‬

‫‪63‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫كل الديون األخرى المحدثة لفائدتها بموجب القوانين واألنظمة المعمول‬ ‫‪-‬‬
‫بها أو الناتجة عن أحكام قضائية أو اتفاقات‪.‬‬

‫من خالل مضامين هذه المادة‪ ،‬يتضح أن الباقي استخالصه يعبر عن مجموع‬
‫المبالغ المستحقة للجماعات الترابية وهيئاتها والتي لم يتم استيفاؤها في وقتها المحدد‬
‫لسبب من األسباب‪ ،‬كديون عالقة في ذمة الملزم‪ .‬وتمثل هذه اإلشكالية إحدى مظاهر‬
‫محدودية النظام المالي الترابي‪ .‬فاستخالص الجبايات المحلية من قبل المصالح‬
‫الجبائية‪ ،‬يتسم بطول المسطرة وتعقد اإلجراءات المرتبطة بذلك‪ ،‬حيث تباشر شساعة‬
‫المداخيل كل التدابير القانونية من أجل متابعة الملزمين بالضريبة‪ .‬غير أن المهمة ال‬
‫تتجاوز في أغلب األحيان إعداد أساليب إخبارية بضرورة التسديد‪ ،‬مع القيام في آخر‬
‫المطاف بوضع أمر المداخيل من قبل اآلمر بالصرف‪ ،‬وعنده تنتهي مهمة الجماعة‬
‫الترابية بهذا الخصوص‪.‬‬

‫زد على ذلك‪ ،‬ضعف اآلليات الرقابية فيما يخص استخالص موارد الجماعات‬
‫الترابية‪ .‬وهذا ما سنعمل على معالجته من خالل ما يلي‪:‬‬

‫‪64‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المطلب األول ‪ :‬ضعف المجهود التحصيلي للجماعات الترابية‬

‫إن معالجة إشكالية تحصيل الجبايات المحلية‪ ،‬يقتضي التعرف على القوانين‬
‫المنظمة لها (الفرع األول) من جهة‪ ،‬والتطرق إلكراهات التحصيل من جهة ثانية (الفرع‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التنظيم القانوني والتقني لتحصيل الجبايات المحلية‬

‫إن تحصيل جبايات الجماعات الترابية‪ ،‬يتم وفق قوانين (الفقرة األولى)‪ ،‬وبأساليب‬
‫تقنية سيتم التطرق لها من خالل (الفقرة الثانية) من هذا الفرع‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬التأطير القانوني لتحصيل الجبايات المحلية‬

‫لقد عرف التنظيم القانوني‪ ،‬لتحصيل الجبايات المحلية‪ ،‬مجموعة من التعديالت‬


‫واإلصالحات بهدف تحسين وتطوير تدبير الجبايات المحلية‪ ،‬خصوصا تلك المدبرة‬
‫من طرف المصالح الجبائية للجماعات الت اربية‪ ،‬حيث تم العمل على تبسيطها‬
‫ومالءمتها مع اإلجراءات والمساطر المعمول بها على المستوى الوطني‪ ،‬ويتعلق األمر‬
‫بالقانون رقم ‪ 21.11‬المتعلق بالجبايات المحلية‪ ،‬ومرسوم محاسبة الجماعات المحلية‬
‫وهيئاتها‪ ،135‬والقانون رقم ‪ 20.12‬المتعلق بتحصيل الديون العمومية‪.136‬‬

‫وتشكل هذه القوانين‪ ،‬السند القانوني للتحصيل‪ ،‬سواء من حيث األجهزة المكلفة‪،‬‬
‫أو الوسائل المعتمدة‪.‬‬

‫‪ - 135‬مرسوم المحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها رقم ‪ 8.1..555‬صادر في ‪ 58‬من محرم ‪ 5535‬الموافق ‪3‬‬
‫يناير ‪.8151‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ ،51-.8‬المتعلق بمدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬والصادر بمقتضى ظهير شريف رقم ‪5.11.581‬‬ ‫‪136‬‬

‫الصادر في ‪ 82‬محرم ‪ 5585‬الموافق ل ‪ 3‬ماي ‪.8111‬‬

‫‪65‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التنظيم التقني لتحصيل الجبايات المحلية‬

‫يقصد بالتحصيل‪ ،‬تلك العملية التنفيذية لتوريد الديون العمومية إلى صندوق‬
‫الجماعة أو الخزينة‪ ،‬ويعبر عنه بعبارت أخرى كاالستيفاء‪ ،‬واالستخالص‪ ،‬واألداء‬
‫واالستحقاق‪ .‬ويعني بصورة مبسطة عملية نقل االموال إلى صندوق االدارة الجبائية‪،‬‬
‫وحسب تعبير البعض فالتحصيل يعني طريقة إخراج األموال الضريبية من جيب الملزم‬
‫( المكلف) إلى صندوق اإلدارة المالية‪.137‬‬

‫ويتم تحصيل الجبايات المحلية‪ ،‬اعتمادا على أساليب إعدادية قائمة على أوامر‬
‫المداخيل‪ ،‬وأخرى فورية إلى جانب مسك سجالت المحاسبة‪.‬‬

‫‪ -1‬التحصيل المعتمد على أساليب أو أوامر المداخيل‪:‬‬


‫تعد أوامر المداخيل من بين األساليب اإلعدادية للتحصيل‪ ،‬أو أثناء المتابعات‬
‫وتصحيح اإلق اررات‪ ،‬هذه األوامر‪ ،‬هي عبارة عن ق اررات إدارية صادرة عن اآلمرين‬
‫بالصرف إلى المحاسبين العموميين‪ ،‬قصد القيام بعملية االستخالص‪ ،‬وتتضمن بيانات‬
‫تعرف بالملزم ومعلومات تقنية عن نوع الضريبة أو الرسم والمبلغ المستحق‪ ،‬ورقم فصل‬
‫الميزاني‪ ،‬وكل ما من شأنه أن يساعد على الـتأكيد على شرعية أوامر المداخيل‪ .‬وتعتمد‬
‫األوامر بالمداخيل للتمييز بين الضرائب المباشرة وغير المباشرة‪ ،‬وهذا ما أكدته المادة‬
‫‪ 212‬من القانون رقم ‪ 21.11‬التي أضفت على جبائية الجماعات الترابية وهيآتها‬
‫طابع الضرائب المباشرة‪ ،‬إذا كانت مبنية على أوامر المداخيل الناتجة عن عمليتين‪:‬‬
‫اإلحصاء أو اإلقرار القابل للتصحيح‪:‬‬
‫أ‪ -‬اإلحصاء‪ :‬هو تلك العملية الميدانية التي تقتضي تنقل األعوان المختصين‬
‫إلى عين المكان‪ ،‬الستيفاء المعلومات الكافية‪ ،‬ويتم اإلحصاء وفقا لتقسيم جغرافي أو‬
‫موضوعي‪ .‬فاألول يهم توزيع أعوان اإلحصاء حسب مناطق أو أحياء أو شوارع كبرى‬
‫أما الثاني فنجد األعوان يقومون باإلحصاء حسب الضرائب والرسوم‪.‬‬

‫‪ -‬أحمد حضراني‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.518 .‬‬ ‫‪137‬‬

‫‪66‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫ب‪ -‬اإلقرار‪ :‬يقوم على عدة معلومات وبيانات يصرح بها الملزم عند الطلب‪،‬‬
‫فاإلقرار عبارة عن اعتراف شخص بحق عليه آلخر‪ ،‬ويكون اإلقرار شفويا أو مكتوبا‪،‬‬
‫صريحا أو ضمنيا‪.‬‬
‫‪ -1‬األساليب الفورية في عملية التحصيل‪:‬‬
‫ترتكز المادة الجبائية‪ ،‬على أساليب فورية في التحصيل‪ ،‬تشكل سندات لإلدارة‬
‫الجبائية‪ ،‬وأداة إلثبات اإلبراء بالنسبة للملزم‪ ،‬ويمكن االحتجاج بها عند الضرورة‪،‬‬
‫وتتمثل أهم هذه الطرق في ‪:‬‬
‫‪ -‬المقتطعات‪ :‬وهي من أهم أساليب التحصيل الفوري‪ ،‬تكون مؤرخة وموقع عليها‪،‬‬
‫تقتطع من سجل يوميات ذي أرومات‪ ،‬مرقمة ومؤشر عليها من طرف القابض البلدي‪،‬‬
‫وتضم بيانات عن الملزم ونوع الجباية‪ ،‬ورقم تنزيلها بالميزانية‪ ،‬وكذا المبلغ المستحق‬
‫باألرقام والحروف‪.‬‬
‫‪ -‬التذاكر‪ :‬وهي عبارة عن أوراق تضم بيانات عن إسم الجماعة‪ ،‬ونوع الرسم‬
‫وقيمته المادية‪ ،‬وتحمل أرقاما‪ ،‬وهي محررة بحروف أبجدية ولها ألوان مختلقة‪ ،‬حيث‬
‫تستعمل كوصول ألداء الرسوم التجارية‪ ،‬وحقوق األسواق وغيرها‪.‬‬
‫‪ -‬التصويرات‪ :‬عبارة عن مطبوعات تكون موضوع استخالص الرسوم اإلدارية‬
‫كطلبات شواهد الميالد‪ ،‬وتصحيح اإلمضاءات‪ ،‬والمصادقة على الوثائق‪.‬‬

‫وضمانا للسير العادي والتوثيقي بالمصالح الجبائية‪ ،‬فإنه يتم مسك محاسبة‬
‫وسجالت بحركة القيم واألموال‪ ،‬يتم بموجبها تسجيل المبالغ المقبوضة المساوية‬
‫للسندات المسجلة في قوائم معدة لذلك‪ ،‬من شأنها ضبط عمليات االستخالص‪ ،‬وتسهيل‬
‫المراقبات‪ ،‬وهذه السجالت عديدة نذكر منها‪:‬‬

‫‪ -‬سجل حركات دفاتر المقتطعات‪ :‬وينقسم إلى قسمين‪ :‬األول خاص بالدخول‪،‬‬
‫وتدون فيه المقتطعات القادمة من القباضة‪ ،‬والثاني تدون فيه المقتطعات الموجهة‬
‫للقباضة‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬سجل حركات التذاكر‪ :‬وينقسم إلى شطرين‪ :‬األول يتم فيه تسجيل التذاكر‬
‫المودعة بالقباضة حسب األصناف واألنواع التي يطلبها الوكيل من القباضة في بداية‬
‫السنة‪ ،‬أما الثاني فتقيد فيه طلبات التزود من التذاكر لتغطية حاجيات الجماعة‪.‬‬

‫‪ -‬سجل الحساب الجاري للقابض‪ :‬وهو كناش هدفه تسهيل المحاسبة ما بين‬
‫الوكيل والقابض‪ ،‬وهو شهري خاص بالتذاكر والمقتطعات‪ ،‬نجد فيه تأشيرة ترقيم‬
‫القابض‪.‬‬

‫‪ -‬سجل الصندوق‪ :‬يمسكه شسيع المداخيل بشكل إلزامي‪ ،‬مرقم ومؤشر عليه من‬
‫قبل القابض‪ ،‬وتنقسم صفحاته إلى جزأين‪ :‬جزء خاص بالمداخيل وآخر خاص بمختلف‬
‫وسائل التحصيل‪.‬‬

‫‪ -‬السجل اليومي‪ :‬يحمل ترقيم وتأشيرة القابض في أول صفحة‪ ،‬وكل صفحة‬
‫تضم بيانات عن التذاكر والمقتطعات‪ ،‬ورقم الفصل والمبالغ المقبوضة‪ ،‬ومجموع‬
‫المداخيل في آخر يوم من الشهر‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬األجهزة المتدخلة في تحصيل الجبايات المحلية المدبرة من طرف‬


‫الجماعات الترابية‬

‫أوكل المشرع المغربي‪ ،‬مسؤولية تحصيل بعض الجبايات المنظمة بالقانون رقم‬
‫‪ ، 21.11‬والمدبرة من طرف المصالح الجبائية الجماعية‪ ،‬ألجهزة جبائية غير تابعة‬
‫لهاته المصالح (أوال)‪ ،‬في حين أسندت مهمة تحصيل باقي الجبايات المحلية‪ ،‬لمصالح‬
‫جبائية محلية تابعة لآلمر بالصرف‪ ،‬من أجل تنفيذ جميع مراحل العملية الجبائية‬
‫(ثانيا)‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫أوال‪ :‬األجهزة غير المحلية المتدخلة في تدبير الجبايات المحلية‬

‫إن الجبايات المحلية المنظمة بالقانون رقم ‪ ،21-11‬تخضع للتحصيل المباشر‬


‫من طرف المصالح المحلية‪ ،‬ونقصد بهذا التحصيل‪ ،‬الذي تتكلف به المصالح التابعة‬
‫للجماعة الترابية‪ ،‬من أجل تنفيذ جميع مراحل العملية الجبائية‪ ،‬ويرجع تحصيل الموارد‬
‫المتأتية من هذه الجبايات‪ ،‬إلى القابض أي المحاسب العمومي المكلف بالتنفيذ‬
‫المحاسبي لميزانية الجماعات الترابية‪.‬‬

‫‪ -2‬المحاسبون المحليون الرئيسيون ‪:‬‬

‫يتم تعيينهم بموجب مقرر للوزير المكلف بالمالية‪ ،‬أو الشخص المفوض من لدنه‬
‫لهذا الغرض‪ ،‬وهم الذين يتعين عليهم بمقتضى القوانين واألنظمة المعمول بها‪ ،‬أو‬
‫بموجب مقرر للوزير المكلف بالمالية‪ ،‬أن يدلوا سنويا للمجلس الجهوي للحسابات‬
‫المختص‪ ،‬بحسابات الجماعات الترابية أو مجموعاتها‪ ،‬بصفتهم المحاسبين المكلفين‬
‫بها‪ .‬وتشمل الحسابات المذكورة على العمليات التي قاموا بتنفيذها شخصيا‪ ،‬وكذا‬
‫العمليات التي قاموا بمركزة مستنداتها المثبتة‪ ،‬أو التي منحوها تنزيال نهائيا‪ .‬ويدخل في‬
‫هذا الصنف من المحاسبين الرئيسيين‪ ،‬الخزنة الجهويون والخزنة اإلقليميون وخزنة‬
‫الجماعيون‪.139‬‬ ‫العماالت‪ ،‬والخزنة الجماعيون‪ ،138‬المكلفون باألداء‪ ،‬والقباض‬

‫‪ -‬الخزنة الجهويون والخزنة اإلقليميون وخزنة العماالت‪ :‬حيث يعملون تحت‬


‫المسؤولية والمراقبة المباشرة للخازن العام‪ .‬وتعتمد لديهم عمليات الموازنة المتعلقة‬
‫باآلمرين بالصرف الثانويين‪ .‬كما أنهم بصفتهم محاسبين رئيسيين‪ ،‬فهم مكلفون بتقديم‬
‫حساب التسيير المتعلق بعملياتهم إلى المجلس األعلى للحسابات في كل سنة‪.‬‬

‫‪ -‬عمر العسري‪ ،‬النظام الجديد للمحاسبة العمومية للجماعات المحلية بالمغرب‪ ،‬اللقاء المغاربي التاسع لشبكة القانونيين‬ ‫‪138‬‬

‫المغاربيين‪ ،‬المنظم بمراكش بتاريخ ‪ 59-51‬أبريل ‪ 8155‬حول "الجماعات المحلية بدول المغرب العربي"‪ ،‬مطبعة المعارف‬
‫الجديدة ‪ ،‬الرباط ‪ ،8155‬ص‪.93 .‬‬
‫‪ - 139‬المادة ‪ 55‬من المرسوم المتعلق بسن نظام المحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬الخزنة الجماعيون المكلفون باألداء‪ :‬يتولى الخزنة المكلفون باألداء تنفيذ‬


‫ومراقبة نفقات الجماعات المحلية أو المجموعات المذكورة‪ .‬يحدد مجال صالحيات‬
‫واختصاصات الخزنة الجماعيين المكلفين باألداء بقرار للوزير المكلف بالمالية‪.‬‬
‫‪ -‬القباض الجماعيون‪ :140‬تقوم هذه المصلحة المالية بالتنفيذ المالي والمحاسبي‬
‫للميزانيات الجماعية الرئيسية‪ ،‬والميزانيات الملحقة‪ ،‬وكذا الحسابات الخصوصية‪.‬‬

‫ويرأس هذه المصلحة القابض الجماعي‪ ،‬الذي هو موظف جماعي معين من‬
‫طرف وزير المالية تحت إمرة المدبر الخازن العام للمملكة‪ ،‬وتقع عليه نفس المسؤوليات‬
‫الخاصة بالمحاسبين العموميين كما تطبق عليه قوانين متعددة من بينها نذكر‪:‬‬

‫‪ -‬الظهير المؤرخ في ‪ 2‬شعبان ‪ 2212‬الموافق ل ‪ 1‬أبريل ‪ 2200‬ودورية وزير‬


‫المالية المؤرخة في ‪ 21‬نونبر ‪ 2200‬الخاصة بمسؤولية القابض الجماعي‪.‬‬

‫‪ -‬المرسوم رقم ‪ 1.12.222‬صادر في ‪ 21‬محرم ‪ 2(2222‬يناير‪)1121‬‬


‫الخاص بسن نظام المحاسبة العمومية للجماعات المحلية وهياتها‪.‬‬

‫ويراقب القابض الجماعي األوامر بالمداخيل واألوامر بالصرف‪ ،‬بعد التأكد من‬
‫صحتها وصالحيتها‪ ،‬إذ يضع صيغة قابلة فيما يخص المداخيل أو صيغة "صالح‬
‫لألداء" بالنسبة للمصاريف‪ ،‬ويتوفر في هذا الصدد على ‪ 0‬أيام للقيام بهذه العملية‪،141‬‬
‫كما يؤشر على الحواالت للتأكد من صحة الدين‪ ،‬إذ يرجع الحواالت إلى اآلمر‬
‫بالصرف داخل أجل أقصاه ‪ 1‬أيام بالنسبة لنفقات الموظفين و‪ 20‬عشر يوما بالنسبة‬
‫للنفقات المختلفة‪ ،‬لهذا يجب على القابض الجماعي‪ ،‬أن يرجع الحواالت داخل األجل‬
‫المحدد‪ ،‬سواء أكانت مؤشرة أو مرفوضة‪ ،‬كما ينبغي إثبات أسباب الرفض إثباتا‬

‫‪ - 140‬إبراهيم صبيري‪ ،‬القباضة الجماعية ومسألة التدبير المالي الجماعي‪ :‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في‬
‫القانون العام كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الدار البيضاء السنة الجامعية‪ ،5... - 5..2:‬ص‪.59 .‬‬
‫‪ - 141‬عمر العسري‪ ،‬النظام الجديد للمحاسبة العمومية للجماعات المحلية بالمغرب م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.95.‬‬

‫‪70‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫مفصال‪ ،‬وبهذه الوظيفة يراقب القابض الجماعي مشروعية ق اررات اآلمر بالصرف‪ ،‬إذ‬
‫يعتبر القابض بمثابة المستشار أو المساعد التقني ألجل تدبير عقالني وفعلي‬
‫للميزانيات الجماعية‪ ،‬إضافة إلى مراقبة اختصاصات صحة االلتزام بالنفقات‪ ،‬كما أنه‬
‫مطالب بمسك محاسبة يومية وسنوية‪ ،‬مع إنجازه لحساب التدبير في آخر السنة‬
‫المالية‪.‬‬

‫لكن رغم الجهود التي يبدلها القابض الجماعي بمعية موظفي وأعوان المتابعات‪،‬‬
‫ورغم قيامها بحمالت دورية سنويا بالتعاون مع الخزينة اإلقليمية والسلطات المحلية‬
‫المعنية للرفع من وثيرة ونسبة التحصيل الجبائي‪ .‬فإن القباضة الجماعية تجد بعض‬
‫اإلكراهات‪ ،‬متمثلة في تعقد المسطرة القانونية‪ ،‬بحيث يوجد نظام قانوني متباين يحكم‬
‫مسطرة المتابعات واالستخالصات‪ ،‬يؤثر سلبا على مردودية الموارد‪ ،‬كما أن وجود بنية‬
‫ضريبية مشتتة‪ ،‬يجعل من الملزم الواحد ينتقل باستمرار إلى القباضة الجماعية‪ ،‬ألداء‬
‫الضرائب والرسوم‪ .‬إضافة إلى ثقل التحمالت الملقاة على عاتق القابض الجماعي‪،‬‬
‫فرغم جهوده قصد استخالص جميع الضرائب والرسوم‪ ،‬التي يتحمل مسؤولية‬
‫تحصيلها‪ ،‬فإن المبالغ المستخلصة تبقى ضعيفة‪ ،‬مما ينعكس على الباقي استخالصه‬
‫الذي يشهد ارتفاعا متزايدا‪.‬‬

‫كما يسجل غياب التنسيق بين السلطات المحلية المساعدة مما يؤدي إلى‬
‫ممارسات سلبية‪.‬‬

‫‪ -1‬المحاسبون الثانويون‪:‬‬

‫هم الذين تكون العمليات التي قاموا بتنفيذها ممركزة من طرف محاسب رئيسي‬
‫يتولى القيام بالتنزيل النهائي لها بعد االطالع على مستنداتها المثبتة المدلى بها‪.‬‬

‫ويدخل في هذا الصنف المحصلون الجماعيون‪ ،‬ونواب المحاسبين‪ ،‬والشسيعون‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫أ‪ -‬المحصلون الجماعيون‪ :‬هم عبارة عن صنف جديد من المحاسبين المحليين‪،‬‬


‫تم إحداثهم بموجب المرسوم الجديد لمحاسبة الجماعات المحلية‪ .‬ويتولون باعتبارهم‬
‫محاسبين ملحقين محاسباتيا بالخزنة الجماعيين‪ ،‬تحصيل الواجبات والرسوم واألتاوى‬
‫التي تكون الجماعات الترابية ومجموعاتها مؤهلة الستيفائها طبقا للقوانين واألنظمة‬
‫المعمول بها‪ .‬ويحدد مجال صالحيات واختصاصات المحصلين الجماعيين بقرار‬
‫مشترك للوزير المكلف بالمالية ووزير الداخلية‪.‬‬

‫ب‪ -‬نواب المحاسبين‪ :‬نصت المادة ‪ 21‬من مرسوم محاسبة الجماعات المحلية‬
‫على أن يقوم المحاسبون العموميون للجماعات الترابية ومجموعاتها القيام بتسييرالمراكز‬
‫المحاسبية المعهودة إليهم‪ .‬ويمكن أن يساعدهم في ذلك نائب أو عدة نواب يتوفرون‬
‫على الصفة التي تمكنهم من التصرف باسمهم وتحت مراقبتهم ومسؤوليتهم‪ .‬ويتعين‬
‫على المحاسب العمومي أن يكون معتمدا هو ونوابه لدى الهيئات الماسكة لحسابات‬
‫خارجية لألموال المتوفرة التي يأمرون بها أو يراقبون حركاتها‪ .‬وعلى كل مركز‬
‫محاسبي أن يتوفر على صندوق واحد‪ ،‬وعند الحاجة‪ ،‬على حساب بريدي جار حساب‬
‫لإليداع بالخزينة‪ .‬وال يمكن في أي حال من األحوال‪ ،‬أن يحمل حساب المركز‬
‫المحاسبي اإلسم الشخصي للمحاسب العمومي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬شساعة المداخيل ودورها في تدبير عملية تحصيل الجبايات المحلية‬


‫عرفت شساعة المداخيل‪ ،‬قبل صدور المرسوم الجديد المنظم لمحاسبة الجماعات‬
‫المحلية ومجموعاتها‪ ،‬بوكالة المداخيل‪ ،‬وهي جهاز تابع للجماعات الترابية‪ ،‬مهمته‬
‫تحصيل مواردها‪ ،‬ويتم إحداثها بمقرر يصدره وزير الداخلية باقتراح من اآلمر‬
‫بالصرف‪.‬‬

‫أما من حيث التنظيم الهيكلي لشساعة المداخيل‪ ،‬فإنه يختلف من جماعة ألخرى‬
‫حسب االمكانيات المتاحة‪ ،‬والكفاءة التنظيميـة لوكيل المداخيل‪ ،‬وحجم نشـاط الوكالة‬

‫‪72‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الذي يتوقف بدوره على حجم المداخيل المستخلصة‪ ،‬والمستوى الكمي والكيفي للتأطير‬
‫البشري‪.‬‬

‫وتكمن المهمة الرئيسية لشسيع المداخيل‪ -‬الذي يمكنه أن يستعين بشسيعين‬


‫مساعدين‪ -‬في استيفاء الواجبات نقدا والرسوم المصرح بها‪ ،‬أو عندما تكون هناك فائدة‬
‫في التنفيذ الجيد للخدمة أو من أجل التقليص إلى أقصى حد من إجراءات تنقالت‬
‫المدينين‪ .‬ويقوم بالدفع الفوري للمداخيل المحصل عليها عن طريق الدفع التلقائي‪ ،‬برسم‬
‫الواجبات المستحقة نقدا أو الرسوم المصرح بها من لدن المحاسبين الذين قاموا‬
‫باستيفائها إلى الخازن المكلف باألداء‪ ،‬الذي يتعين عليه تنزيل المبلغ‪ ،‬بمجرد تسلمه‪،‬‬
‫بميزانية الجماعة أو المجموعة المعنية‪.‬‬

‫ويعين الشسيع على رأس شساعات المداخيل التي تحدث بمقرر لوزير الداخلية‬
‫أو الشخص المفوض من لدنه لهذا الغرض‪ ،‬ويتخذ باقتراح من اآلمر بالصرف طبقا‬
‫للمادة ‪ 22‬من مرسوم محاسبة الجماعات المحلية‪ .‬ويتم طبق نفس اإلجراءات اتخاذ‬
‫مقررات لتعيين شسيع المداخيل أو عدة شسيعين وكذا نوابهم‪ ،‬وبتحديد اختصاصاتهم‬
‫ومجاالت تدخلهم مع اإلشارة إلى طبيعة المداخيل التي يتم الترخيص بتحصيلها من‬
‫طرف الشسيع أو الشسيعين‪ ،‬وفقا لمقررات إحداث شساعات المداخيل‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬حدود واكراهات تحصيل موارد الجماعات الترابية‬

‫تعترض تحصيل موارد الجماعات الترابية‪ ،‬العديد من اإلكراهات‪ ،‬نجملها في‬


‫إكراهات قانونية وتنظيمية (الفقرة األولى)‪ ،‬واكراهات نفسية واجتماعية (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إكراهات قانونية وتنظيمية‬

‫عندما نتحدث عن مسألة تحصيل موارد الجماعات الترابية‪ ،‬نتجه مباشرة نحو‬
‫اإلدارة الجبائية‪ ،‬والتي تعتبر من األدوات الرئيسية لنجاح أي نظام جبائي‪ ،‬ألنها تعمل‬

‫‪73‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫على تطبيق القانون المتعلق بالجبايات المحلية‪ ،‬من خالل وسائلها المادية والبشرية‪،‬‬
‫كما تتعامل مع الملزمين بطريقة مباشرة‪ ،142‬ولتحسين أداء اإلدارة الجبائية‪ ،‬ال بد من‬
‫تعزيزها باألدوات القانونية والمادية وللوجيستيكية‪ .‬فإلى أي حد استطاع القانون رقم‬
‫‪ ،21-11‬تمكين اإلدارة الجبائية بهذه اآلليات؟‬

‫لقد صاحب تطبيق القانون رقم ‪ 21-11‬إعادة هيكلة إدارة الجبايات المحلية‪،‬‬
‫حيث تم توزيع المهام بين مختلف المصالح التابعة لهذه اإلدارة‪ ،‬واعتمدت هذه الهيكلة‬
‫على ثالث مصالح أساسية هي‪ :‬مصلحة الوعاء‪ ،‬ومصلحة المراقبة والمنازعات‬
‫ومصلحة التحصيل‪ .‬وقامت و ازرة الداخلية بتنظيم دورات تكوينية لفائدة األطر واألعوان‬
‫العاملين بالمصالح الجبائية‪.‬‬

‫ورغم هذه التعديالت القانونية‪ ،‬كان من األجدر على السلطات الحكومية القيام‬
‫بإقرار نظام تحفيزي للموارد البشرية المكونة لإلدارة الجبائية المحلية‪ ،‬يالئم نظيره‬
‫المعتمد لفائدة أطر مديرية الضرائب والخزينة العامة‪ ،‬ألن العنصر البشري داخل‬
‫اإلدارة الجبائية يقوم بدور مهم في تحسين المردودية المالية لجباية الجماعات الترابية‪.‬‬

‫غير أن القانون رقم ‪ 21-11‬لم يستجب لتطلعات اإلدارة الجبائية‪ ،‬حيث إن هذه‬
‫األخيرة‪ ،‬ما زالت تواجه إكراهات منها ما هو تنظيمي‪ ،‬مرتبط بالمنتخب وبهيكلة اإلدارة‬
‫الجبائية‪ ،‬ومنها ما هو مرتبط بوسائل العمل‪ ،‬داخل اإلدارة الجبائية‪ ،‬دون أن ننسى‬
‫تأثير الملزم ودوره الفعال في تحسين جودة العمل داخل اإلدارة الجبائية‪.143‬‬

‫فعملية التحصيل يقصد بها‪ ،‬مجموع العمليات التي تهدف إلى نقل مبلغ الجباية‬
‫من ذمة الممول إلى صندوق الجماعة أو خزينة الدولة‪ ،‬ويتم تحصيل الجباية المحلية‬

‫‪ - 142‬عبد السالم أديب‪ ،‬السياسة الضريبية واستراتيجية التنمية‪ ،‬دراسة تحليلية للنظام الجبائي المغربي‪،5.19-8111 ،‬‬
‫إفريقيا الشرق‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،5..2 ،‬ص‪.25 .‬‬
‫‪ - 143‬جميلة دليمي‪ ،‬الوعاء الجبائي المحلي بين حدود اإلصالح ورهانات الحكامة الجيدة‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.31-35.‬‬

‫‪74‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫بناء على أساليب إعدادية قائمة على أوامر المداخيل وأخرى فورية‪ ،‬إلى جانب مسك‬
‫سجالت للمحاسبة‪ ،‬ويشرف على التحصيل المذكورة‪ ،‬اآلمر بالصرف‪ ،‬بمعية وكيل‬
‫داخل األجل القانوني للتحصيل أو خارجه عن طريق التحصيل‬ ‫‪144‬‬
‫المداخيل‬
‫‪145‬‬
‫الجبري‪.‬‬

‫فالمشرع حاول من خالل مقتضيات القانون رقم ‪ ،21.11‬أن يالئم عملية‬


‫التحصيل على الصعيد الترابي مع ما هو معمول به على المستوى الوطني‪ ،‬غير أن‬
‫تحصيل موارد الجماعات الترابية‪ ،‬ال زالت تعتريه مجموعة من المشاكل‪ ،‬ويتجلى أهمها‬
‫في استفحال ظاهرة الباقي استخالصه‪.‬‬

‫فاستخالص الجبايات المحلية من قبل المصالح الجبائية‪ ،‬يتسم بطول المسطرة‬


‫وتعقد اإلجراءات المرتبطة بذلك‪ ،‬حيث تباشر شساعة المداخيل كل التدابير القانونية‬
‫من أجل متابعة الملزمين بالضريبة‪ .‬غير أن المهمة ال تتجاوز في أغلب األحيان‬
‫إعداد أساليب إخبارية بضرورة التسديد مع القيام في آخر المطاف بوضع أمر‬
‫المداخيل من قبل اآلمر بالصرف‪ ،‬وعنده تنتهي مهمة الجماعة الترابية بهذا‬
‫الخصوص‪.‬‬

‫وتتطلب هذه المسطرة‪ ،‬شهو ار معدودة قبل أن تصل هذه األوامر إلى القابض‬
‫‪146‬‬
‫الجماعي‪ ،‬الذي يسهر على متابعة المتملصين‪ ،‬وفق القوانين الجاري بها العمل‪.‬‬

‫‪ - 144‬أحمد حضراني‪ ،‬قانون الجبايات المحلية الجديد وضمانات مبدأ العدالة الجبائية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية‬
‫والتنمية‪ ،‬السلسلة العادية‪ ،‬العدد ‪ ،82-8.‬السنة ‪ ،8112‬ص‪.81 .‬‬
‫‪ - 145‬محمد علي أدبيا‪ ،‬إشكالية االستقالل المالي للجماعات المحلية بالمغرب‪ ،‬نحو مقاربة أكثر واقعية‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪ ،‬العدد ‪ ،8.‬لسنة ‪ ،8115‬ص‪.853 .‬‬
‫‪ -146‬جمال اللمطي الخمسي‪ "،‬وضعية الموارد الذاتية بالجماعات المحلية‪-‬نموذج بلدية وادي لو‪ ،"-‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات‬
‫العليا المعمقة في المالية العامة‪ ،‬كلية العلوم القانونية‪ ،‬اإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬السويسي‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪-8115 :‬‬
‫‪ ،8118‬ص‪.85 .‬‬

‫‪75‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫ويمثل طول مدة مسطرة التحصيل‪ ،‬وطابعها المرحلي عائقا في حد ذاته أمام‬
‫الجماعات في استيفاء مستحقاتها الضريبية‪ .‬والمالحظ أن تعقد إجراءات المتابعة من‬
‫قبل القباضة تجعل الجماعة غير مستفيدة من تلك الجبايات‪ ،‬والتي تم تسطير تقديراتها‬
‫ضمن الميزانية السنوية‪ ،‬بمعنى أن مبالغ مهمة تظل في عداد الباقي استخالصها‪ ،‬إلى‬
‫حين انتهاء إجراءات التحصيل من قبل القابض‪.‬‬

‫والى جانب طول مسطرة التحصيل وتعقدها‪ ،‬تتداخل أيضا أسباب عدة‪ ،‬تساهم‬
‫بدورها في تنامي ظاهرة الباقي استخالصه‪ ،‬وذلك من مثل ظاهرة التهرب الضريبي‬
‫وطبيعة الجهاز اإلداري المشرف على الجبائية المحلية‪ ،‬والمتميز بوجود إدارة تعاني‬
‫من نقص كمي ونوعي ألعوان الجباية‪ ،‬إلى جانب ضعف الوسائل المعتمدة (وسائل‬
‫النقل‪ ،‬المكاتب‪ ،)...،‬يؤدي إلى تأخير إصدار قوائم األداءات للوائح الملزمين‪.‬‬

‫ويعرف حجم الباقي استخالصه تطو ار سنة بعد أخرى‪ ،‬وقد قدرت الحكومة أثناء‬
‫إعداد مشروع قانون الجبايات المحلية رقم ‪ 21.11‬حجم الباقي استخالصه بما يناهز‬
‫‪ 1‬مليار درهم‪ ،147‬وهو مبلغ ليس بالهين على اإلطالق‪ ،‬حيث يهم بالخصوص‬
‫الضرائب المحولة (الرسم المهني‪ ،‬الرسم على السكن‪ ،‬الرسم على الخدمات الجماعية)‪،‬‬
‫والسيما الرسم على الخدمات الجماعية باعتبارها لم تستفد من التقادم اإلبرائي الذي‬
‫جاء به قانون مالية سنة ‪ ،2222‬إلى جانب ضرائب ورسوم محلية أخرى‪ ،‬األمر الذي‬
‫يدعو إلى تكثيف الجهود من طرف األشخاص القيمين على الجباية المحلية‪ ،‬بالنظر‬
‫إلى اإلنعاكاسات المالية التي تخلفها ظاهرة الباقي استخالصه‪.148‬‬

‫ولعل اعتماد المشرع آلية العفو الضريبي سنة ‪ 1122‬الرامية إلى إلغاء الغرامات‬
‫والزيادات وتكاليف التحصيل الصادر بشأنها أمر بالتحصيل‪ ،‬قبل فاتح يناير لسنة‬

‫‪ -147‬جبايات الجماعات المحلية‪ -‬القانون الجديد رقم ‪ 58.19‬ومناقشته أمام البرلمان‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية‬
‫والتنمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.551.‬‬
‫‪ -148‬محمد فاضل الرزمة‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪... .‬‬

‫‪76‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ ،1121‬ويتضمن المبلغ األصلي للضرائب والواجبات والرسوم‪ ،‬إضافة إلى تلك الرسوم‬
‫التي تقرر حذفها أو إدماجها في المدونة وظلت غير مستخلصة إلى غاية نهاية دجنبر‬
‫من نفس السنة‪ .‬ويشترط من أجل االستفادة من هذا العفو أن يسدد الخاضعون‬
‫للضريبة المعنيون بالقرار أصل هذه الضرائب والواجبات والرسوم قبل نهاية يونيو لسنة‬
‫‪ .1122‬ولعل مثل هذا اإلجراء سيفوت على الجماعات الترابية مبالغ مهمة من شأنها‬
‫تغذية ميزانياتها‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد‪ ،‬نجد أنه مقابل احتكار القابض المحلي لتحصيل الجبايات‬
‫المحلية‪ ،‬نجد هامشية دور شسيع المداخيل في عملية التحصيل‪ ،‬فهذا الجهاز يعطي‬
‫االنطباع بوجود سلطة جبائية جماعية على األقل في جانب التحصيل‪ ،‬لكن جوهر‬
‫األشياء هو غير ذلك‪ ،‬إذ يعهد إليه بوظيفة تحصيل بعض الرسوم المحلية التي‬
‫يصطلح عليها بالرسوم الطلبية‪ ،‬أي تلك الواجب دفعها نقدا كأداءات األسواق‪ ،‬ورسوم‬
‫الذبح من أجل التخفيف من عبء التنقل التي قد يتحملها الملزمون باألداء‪ ،‬وذلك في‬
‫إطار عضوي وهو الوكالة‪ ،149‬وهذا ما لم يستطع المرسوم الجديد لمحاسبة الجماعات‬
‫المحلية ومجموعاتها‪ ،‬تجاوزه‪.‬‬

‫كذلك‪ ،‬فإن وجود شسيع المداخيل تحت السلطة الرئاسية لآلمر بالصرف‪ ،‬وتحت‬
‫إشراف وفي عالقة مع القابض البلدي‪ ،‬يجعله في منزلة تتأرجح بين المنزلتين‪ ،‬منزلة‬
‫الخضوع لآلمر بالصرف والقابض من الناحية القانونية‪ ،‬ومنزلة التجاوز من الناحية‬
‫العملية‪ ،‬وأي اختالل في عالقة القابض باآلمر بالصرف‪ ،‬تجعله في وضعية‬
‫حرجة‪ ،150‬وهو األمر الذي مازال قائما في ظل المرسوم الجديد لمحاسبة الجماعات‬

‫‪ -149‬رشيد بودي‪ ،‬االستقالل المالي للجماعات المحلية على ضوء الفصل ما بين اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين‪،‬‬
‫رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الدارالبيضاء‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية‪ ،8118-8113 :‬ص‪.881.‬‬
‫‪ -‬مرضي حورية‪ ،‬موارد الجماعات المحلية ودورها في التنمية ‪" ،‬الجماعات المحلية بالجهة الشرقية كنموذج"‪ ،‬أطروحة‬ ‫‪150‬‬

‫لنيل الدكتوراة في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬فاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪،8115 -8113‬‬
‫ص‪.88.‬‬

‫‪77‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المحلية وهيئاتها‪ .‬مع أن هذا األخير نص على ضرورة الحضور اإلجباري لشسيع‬
‫المداخيل‪ ،‬الجتماعات لجنة المالية والميزانية‪ ،‬حيث كان حضوره في السابق غير‬
‫إجباري‪ ،‬ورهين قرار اختياري لرئيس المجلس الجماعي‪.151‬‬

‫إضافة‪ ،‬إلى أن بعض التقنيات اإلدارية المستعملة في عمليات استخالص الديون‬


‫المحلية‪ ،‬أصبحت متجاوزة‪ ،‬ومن هذه الوسائل نجد التذاكر‪ ،‬التي باإلضافة إلى افتقار‬
‫مسطرة طلبها للتبسيط والمرونة‪ ،‬فإنها سهلة لالختالس والتزوير‪.‬‬

‫صعوبة تفعيل مسطرة المراقبة‪ :‬قام المشرع في القانون رقم ‪ ،21-11‬بتحديد‬


‫الرسوم موضوع حق االطالع‪ ،‬والتي هي رسوم إق اررية‪ ،‬حيث ألزمت مقتضيات القانون‬
‫الجديد الملزمين بتقديم جمي ع الوثائق المحاسبية إلى المأمورين المحلفين التابعين لإلدارة‬
‫المنتدبين للقيام بالمراقبة الجبائية‪ ،‬فالوثائق المحاسبية تعتبر أهم وسيلة لمباشرة عملية‬
‫المراقبة والفحص‪ ،‬إذ ألزم المشرع الملزمين بالرسوم المحلية بضرورة مسك السجالت‬
‫المحاسبية‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة للرسم على محال بيع المشروبات مثال‪ ،‬إال أن هذا‬
‫اإلجراء بالرغم من أهميته‪ ،‬التي تكمن في التحقق من مدى صحة مضمون اإلق اررات‬
‫المدلى بها‪ ،‬يبقى عديم الجدوى في غياب التزام الملزمين بمسك السجالت المحاسبية‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫فالرسم على محال بيع المشروبات مثال‪ ،‬يطرح إشكالية فحص اإلق اررات‬
‫المدلى بها من طرف أصحاب المقاهي‪ ،‬فمعظم هؤالء الملزمين ال يتوفرون على‬
‫محاسبة منتظمة‪ ،‬وتزداد الصعوبة عندما يتعلق األمر بفرض الرسم على المحلبات‬
‫مثال‪ ،‬التي تستهلك فيها المشروبات في عين المكان‪ ،‬إذ كيف يمكن للعون المكلف‬
‫بفحص هذه اإل ق اررات تمييز المداخيل الجبائية السنوية‪ ،‬هذه المداخيل المتعلقة‬
‫بالمشروبات المستهلكة في عين المكان‪ ،‬عن باقي المداخيل األخرى المتعلقة بالمواد‬

‫‪ -‬خادم أحمد‪ ،‬وكالة المداخيل‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم السلك العالي‪ ،‬المدرسة الوطنية لإلدارة العمومية الرباط‪ ،‬دجنبر ‪،5..8‬‬ ‫‪151‬‬

‫ص‪.598 .‬‬
‫‪ -‬جميلة دليمي‪ ،‬الوعاء الجبائي المحلي بين حدود اإلصالح ورهانات الحكامة الجيدة‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.39.‬‬ ‫‪152‬‬

‫‪78‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الغذائية ؟ فكيف يمكن للم ارقب أن يفحص هذه اإلق اررات؟ وما هي القرائن الممكن‬
‫االعتماد ع ليها العتبار محلبة ما أنها تستهلك المشروبات بعين المكان أم ال؟ كلها‬
‫صعوبات تطرح أمام العون المكلف بفحص اإلق اررات‪ ،‬وتزيد من تعقيد العالقة بين‬
‫اإلدارة الجبائية والملزمين‪ .‬وكذلك األمر‪ ،‬بالنسبة للرسم المفروض على استخراج مواد‬
‫المقالع‪.153‬‬

‫محدودية اللجوء إلى مسطرة المنازعات القضائية ‪ :‬للملزم واإلدارة الحق في‬
‫التنازع عن طريق المحاكم‪ ،‬إذا ما توفرت الشروط القانونية المنصوص عليها بموجب‬
‫المادة ‪ 014‬من القانون رقم ‪ .40-11‬واذا كانت المصالح التابعة لمديرية الضرائب‬
‫تمارس هذا الحق فيما يخص الرسم المهني‪ ،‬ورسم السكن ورسم الخدمات الجماعية‪،‬‬
‫فإن المصالح الجبائية للجماعات الترابية‪ ،‬يكاد ينعدم لجوءها للقضاء للمطالبة بحقوقها‪.‬‬
‫ويمكن إيعاز محدودية لجوء هذه المصاح للمسطرة القضائية لعدة أسباب‪ ،‬أهمها‪،‬‬
‫تفادي اآلمر بالصرف المنتخب التنازع مع الملزم‪ ،154‬خصوصا أن هذا األخير‪ ،‬يشكل‬
‫ورقة رابحة في الجسم اإلنتخابي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إكراهات اجتماعية ونفسية‬

‫إن هاجس أي إصالح جبائي هو إستكمال شبكة األمان اإلجتماعي‪ ،‬وذلك‬


‫بهدف إرجاع الثقة أو تثبيت ثقة المجتمع‪ ،‬بمن يتولى تدبير دواليب حياته اإلقتصادية‬
‫والسياسية واإلجتماعية من خالل تبني مبدأ المساواة في الفرض الضريبي‪ ،‬وأيضا من‬
‫خالل العمل على توعية الملزم باألداء بأهمية الضريبة‪.‬‬

‫‪-‬أحمد قيلش‪ ،‬المنظومة الجبائية المحلية بين إشكالية التنازع وحركية التقاضي‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون‬ ‫‪153‬‬

‫الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،8111-8115 :‬ص‪.21 .‬‬
‫‪ - 154‬أحمد حضراني‪ ،‬قانون الجبايات المحلية الجديد وضمانات مبدأ العدالة الجبائية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪،‬‬
‫يناير‪ -‬أبريل ‪ ،8112‬ص‪.513 .‬‬

‫‪79‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وهذا‪ ،‬ما ستتم معالجته من خالل التطرق لمسألة العدالة الجبائية من جهة‪،‬‬
‫وغياب توعية جبائية من جهة أخرى‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬مسألة العدالة الجبائية على المستوى الترابي‬

‫إن عدم عدالة القانون الجبائي المحلي‪ ،‬تجعل الكثير من الملزمين يشعرون‬
‫بعبء جبائي ثقيل‪ ،‬خاصة إذا كانت األداة اإلنفاقية على المستوى المحلي‪ ،‬ال تلعب‬
‫أي دور في إقامة هذه العدالة‪.‬‬

‫فمهمة القانون هي حماية الفرد والجماعة‪ ،‬في إطار جامع بين الحقوق الفردية‬
‫والمصالح اإلجتماعية‪ ،‬على سبيل التوفيق واإلنسجام‪ ،‬إلى حد يحقق درجة من العدل‬
‫والتوازن‪.‬‬

‫وفي هذا اإلتجاه‪ ،‬وجب إخضاع الملزمين لمبادئ القانون الضريبي‪ ،‬وفق‬
‫المعايير الشرعية في العدل‪ ،‬والمصلحة المعتبرة‪ ،‬على نحو يجعل منها أسسا‪ ،‬تقوم‬
‫عليها فلسفة مشروعية الضريبة‪.‬‬

‫فإذا كانت عدالة النظام الجبائي لها األثر األكبر على مدى قبول الملزم للضريبة‪،‬‬
‫حيث تريح هذا األخير نفسيا وعقليا‪ ،‬وبالتالي يؤدي ما عليه راضيا مرتاحا‪ ،‬فإن انتفاء‬
‫العدالة الضريبية‪ ،‬من شأنها أن تنفر الملزمين من الضريبة‪ ،‬حيث سيشعرون بأنها فوق‬
‫ما يطيقون‪.‬‬

‫ولتقييم أي نظام جبائي محلي‪ ،‬يمكن طرح التساؤل التالي‪ :‬من يدفع الرسوم؟ واذا‬
‫كانت الغاية من هذه الرسوم بالدرجة األولى تحقيق أهداف مالية‪ ،‬حيث تحقق موارد‬
‫للجماعات الترابية‪ ،‬تساعدها على القيام بأعبائها‪ ،‬كما لها أيضا غايات اقتصادية‬
‫واجتماعية‪ ،‬فإن مبدأ العدالة الجبائية يظل من المبادئ األساسية في أي نظام جبائي‬
‫سليم‪ ،‬حيث يصبح لزاما في إطار تحقيق هذه العدالة توفر شرط أساسي‪ ،‬وهو تحقيق‬

‫‪80‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫مبدأ المساواة الضريبية بين جميع القادرين على الدفع‪ ،‬دون استثناء إال ما فرضه‬
‫التشريع الضريبي على المستوى الترابي‪.‬‬

‫غير أن المالحظ هنا عجز المنظومة القانونية في التدخل من أجل تضريب‬


‫قطاعات مهمة‪ ،‬يمكن أن تساهم في الرفع من موارد الجماعات المحلية‪ ،‬ولعل ذلك‬
‫مؤش ار ينم عن عجز السياسة العامة للدولة عن تحقيق توزيع عادل للثروة واألعباء‬
‫الجبائية بين الملزمين‪ ،‬ويظهر ذلك من خالل الالئحة الطويلة لإلعفاءات‪ ،‬سواء‬
‫الدائمة أو المؤقتة التي تضمنها اإلصالح الجبائي‪ ،‬فمن جانب‪ ،‬نجد أن أغلب متتبعي‬
‫الشأن المالي الترابي يتفقون مع تطبيق جباية مالئمة ومناسبة لتشجيع اإلستثمار‪،‬‬
‫شريطة استحضار ديمقراطيتها‪ ،‬بمعنى أن ال تخدم مصالح فئات معينة من أجل‬
‫إرضائها‪ ،‬حيث غالبا ما تلجأ هذه الفئات إلى بلورة النظام الجبائي‪ ،‬بالشكل الذي‬
‫يجعلها تتحمل أقل قدر ممكن من العبء الضريبي‪.‬‬

‫غير أن الواقع‪ ،‬من خالل النص الجبائي الجديد‪ ،‬يثبت بوضوح مرة أخرى أوجه‬
‫الحيف اإلجتماعي في التعامل مع فرض الجباية‪ ،‬حيث تستفيد طبقات معينة في‬
‫المجتمع من اإلعفاءات واإلمتيازات المختلفة التي تمنحها القوانين‪ .155‬وهذا التمييز في‬
‫التعامل مع الفرض الجبائي‪ ،‬من شأنه أن يعمق الالمساواة الضريبية‪ ،‬خاصة عندما‬
‫يعجز المشرع عن إخضاع جميع أفراد المجتمع للقانون بالتساوي‪ ،‬كمبدأ دستوري‪،‬‬
‫واجب التحقق‪ ،‬وهو ما يؤدي غالبا إلى استياء ضريبي لدى الملزمين في األداء‬
‫الضريبي‪ ،‬والذي يترجم من خالل التهاون عن أداء الضريبة أو التهرب منها‪.‬‬

‫عموما يتضح أنه من أجل عدالة جبائية‪ ،‬يجب مراعاة ضمان حياد ومعاملة كل‬
‫الملزمين على قدم المساواة أمام تطبيق القانون‪ ،‬وذلك وفق ما تقتضيه حكامة التدبير‬

‫‪ -‬جواب وزير المالية أثناء مناقشة مشروع القانون رقم ‪ 58.19‬المتعلق بالجبايات المحلية أمام البرلمان حول الالئحة‬ ‫‪155‬‬

‫الطويلة لإلعفاءات التي تضمنها اإلصالح الجبائي المحلي‪ ،‬أقر بأنها كانت موجودة في عدة نصوص قانونية ‪ ،‬وأنه تم‬
‫تجميعها في إطار النص القانوني الجديد‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الترابي‪ ،‬حيث يجب استحضار مبدأ المساواة والشفافية كأحد أهم ضمانات المواطنة‬
‫الجبائية‪ ،‬بعيدا عن منطق المحاباة التي تنتهجها الدولة‪ ،‬في تضريبها لبعض‬
‫القطاعات‪ ،‬والذي يعتبر مسا بمطلب العدالة اإلجتماعية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬غياب توعية جبائية‬

‫يعبر الوعي الجبائي‪ ،‬عن موقف جزء أو كل الملزمين‪ ،‬حيال الحدث الضريبي‬
‫المحلي‪ ،‬فهو يعكس مدى تقبل الواجب الضريبي واإلعتراف بالسلطة الجبائية لإلدارة‬
‫الجبائية المحلية‪.‬‬

‫فالوعي الجبائي لدى الملزم‪ ،‬يشكل ال محالة أحد األدوات الضرورية لتأدية‬
‫الواجب‪ ،‬المتمثل في الضرائب الرسوم‪ ،156‬فهو كسلوك وممارسة‪ ،‬تتداخل فيه مجموعة‬
‫من العوامل‪ ،‬كالجانب المعرفي‪ ،‬حيث إن إجادة الكتابة أو القراءة تعني تسليح المواطن‬
‫بصفة عامة‪ ،‬والملزم بصفة خاصة‪ ،‬باألدوات المعرفية فيما يتعلق بحقوقه وواجباته‬
‫المنظمة بنص القانون‪ ،‬ومن هنا يبرز دور اإلدارة الجبائية في نشر الوعي الجبائي‪.157‬‬

‫واذا كان تحقيق ذلك سهال من الناحية النظرية‪ ،‬فإن تطبيقه على أرض الواقع‬
‫يصطدم بعدة صعوبات‪ ،‬حيث يظل الوعي الجبائي ضعيفا لدى عامة الملزمين‪ ،‬ويعزى‬
‫ذلك إلى عدة أسباب‪ ،‬أهمها تغييب الملزم عن المسرح الجبائي‪ ،‬في الوقت الذي يعتبر‬
‫فيه هذا األخير محور العملية الجبائية‪ ،‬وهو ما يولد لديه نوعا من النفور والشعور بعدم‬
‫الثقة اتجاه اإلدارة الجبائية‪.‬‬

‫‪ -‬أحمد حليبة‪" ،‬التهرب الضريبي وانعكاساته على التنمية المحلية بالمغرب"‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون‬ ‫‪156‬‬

‫العام‪ ،‬وحدة علم اإلدارة والقانون اإلداري‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪-‬أكدال‪-‬الرباط‪،8115-8111 ،‬‬
‫ص‪.523.‬‬
‫‪ -‬عرض حول المواطنة الجبائية والتواصل الجبائي المحلي على ضوء قانون رقم ‪ ، 58.19‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1 .‬‬ ‫‪157‬‬

‫‪82‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وفي ظل غياب هذا الوعي‪ ،‬سيكون الشرخ واسعا بين طرفي العالقة الجبائية‪ ،‬أي‬
‫بين اإلدارة الجبائية والملزم‪ .‬ويعتبر ذلك من بين العوامل المؤثرة وبشكل واضح على‬
‫مردودية مختلف الضرائب والرسوم‪ ،‬حيث تتشكل أزمة التواصل‪ ،‬التي تعتبر العنوان‬
‫البارز لعالقة الملزم باإلدارة الضريبية‪ ،‬والتي قد تأخذ أشكاال واقعية‪ ،‬كظاهرتي الرشوة‬
‫والتهرب الضريبي‪ ،‬وما يترتب عن هاتين المعضلتين من آثار سلبية على مالية‬
‫الجماعات الترابية‪.‬‬

‫فلقد أثبتت التجربة في ظل القانون السابق رقم ‪ 11.19‬على ضعف وانعدام‬


‫التوعية في مجال الجبايات المحلية‪ ،‬حيث عمدت جل الجماعات آنذاك إلى تطبيق‬
‫القانون المذكور‪ ،‬دونما اإلهتمام بالتوعية المسبقة للملزمين باألداء‪ ،‬األمر الذي ولد‬
‫نوعا من النفور وانعدام الثقة‪ ،‬واستعمال السلطة واإلكراه‪ ،‬بدال من التواصل والتشاور‬
‫واإلخبار‪ ،‬وهو ما عمق الهوة بين اإلدارة الجبائية والملزم‪.‬‬

‫والمالحظ أن اإلصالح الجبائي المحلي لسنة ‪ ،9110‬بدوره لم تواكبه توعية‬


‫للملزم‪ ،‬من طرف اإلدارة الجبائية‪ ،‬تعمل على شرح وتوضيح مقتضيات القانون رقم‬
‫‪ 40.11‬مع إخباره بأهمية المقتضيات التي جاء بها القانون‪ ،‬لحمايته من كل تجاوز‬
‫في استعمال السلطة من طرف المصالح المختصة في الميدان الجبائي‪ .‬وتوعية الملزم‬
‫ال تعني فقط جعله يلم بحقوقه وواجباته في ظل اإلصالح الجبائي الجديد‪ ،‬بل أيضا‬
‫تحسيسه بأهمية ودور المداخيل بصفة عامة‪ ،‬في مساعدة جماعاته على القيام‬
‫بمهامها‪ ،‬وبصفة خاصة‪ ،‬الموارد الذاتية في تحقيق اإلستقالل المالي وتدعيمه‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬كان من المفترض أن يصاحب تطبيق اإلصالح الجبائي المحلي إنجاز‬


‫مطبوعات خاصة باإلخبار والتوعية‪ ،‬تتضمن التفسير المفصل لمضمون القانون‬
‫‪158‬‬
‫الجديد‪ ،‬مع شرح أهم المستجدات التي جاء بها‪ ،‬إلى جانب إحداث وحدات استقبال‬

‫‪158‬‬
‫‪-Dernour Saida, Baraoui Taha, Evaluation de la reforme fiscale locale : situation actuelle et‬‬
‫‪perspective : Rapport de fin de stage : centre de formation administrative, Casa, 1995, p.60.‬‬

‫‪83‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫على صعيد كافة فروع اإلدارة الجبائية‪ ،‬تعمل على تقديم المنشورات والنصائح للملزم‬
‫الجبائي‪ ،‬دون أن نغفل أيضا تقصير وسائل اإلعالم‪ ،‬وعدم إسهامها في ربط التواصل‬
‫بين اإلدارة الجبائية والملزمين‪ ،‬إذ كان يفترض‪ ،‬أن يواكب اإلصالح الجبائي الجبائي‬
‫المحلي حمالت دعائية قصد نشر المعلومات الجبائية‪ ،‬والتعريف بالقانون رقم ‪40.11‬‬
‫عن طريق التلفاز والمذياع‪ ،‬اللذان يعدان من الوسائل الهامة التي يجب استغاللها في‬
‫إيصال المعلومات واألخبار للمواطنين‪ ،‬وآليات التواصل االلكتروني‪ ،‬وأيضا عن طريق‬
‫الجرائد المحلية‪ ،‬التي تتسم بضعف اهتمامها بالمجال الجبائي‪ ،‬في الوقت الذي كان‬
‫يجب فيه أن تكون قناة ناجعة لنشر الوعي الجبائي بين أوساط الملزمين‪.159‬‬

‫فتوظيف هذه الوسائل اإلعالمية من قبل اإلدارة الجبائية‪ ،‬من شأنه تمكين الملزم‬
‫بالضريبة من اإلطالع على المعلومات‪ ،‬والتوضيحات اإلضافية التي تتطلبها‬
‫النصوص القانونية‪ ،‬وهو ما سيساعد على تالفي الكثير من المشاكل والصعوبات التي‬
‫قد تثار من جراء عدم معرفة الملزمين مالهم وما عليهم‪.‬‬

‫وخالصة القول‪ ،‬فجميع هذه العوائق التي تقدم ذكرها‪ ،‬ال تساعد الجماعات‬
‫الترابية على وضع إستراتيجية تنموية حقيقية‪ ،‬نتيجة ضعف مردودية جباياتها‪ ،‬ويتجلى‬
‫ذلك من خالل المكانة التي تمثلها داخل مجموع الموارد المخصصة للجزء األول من‬
‫الميزانية‪ ،‬حيث إنها ال تكفي لسد نفقات التسيير‪ ،‬وهو ما يؤدي حتما إلى اختالل‬
‫التوازن بين النفقات والمداخيل‪ ،‬الشيء الذي يؤثر بشكل سلبي على التدبير المالي‬
‫واإلداري للجماعات الترابية‪ ،‬وبالتالي على النمو اإلقتصادي الترابي‪.‬‬

‫‪ -‬محمد شكيري‪ ،‬أهمية التواصل في تدبير الضريبة‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،41‬مارس‪-‬أبريل‪،‬‬ ‫‪159‬‬

‫‪ ،9119‬ص ‪.99.‬‬

‫‪84‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬إكراهات الرقابة على موارد الجماعات الترابية‬

‫يعتبر العمل الرقابي بأصنافه وآلياته القانونية والمادية والعملية‪ ،‬ومجاالت تدخله‬
‫المتعددة والمتنوعة‪ ،‬وكذا بمراحله المختلفة‪ ،‬أحد أهم أوجه التأثير في النشاط المالي‬
‫الترابي‪ ،‬هذا التأثير الذي تختلف مجاالته ومضامينه‪ ،‬بل وحتى درجة تأثيره على‬
‫االستقالل المالي للجماعات الترابية‪.‬‬

‫فالرقابة على تنفيذ موارد الجماعات الترابية‪ ،‬تمس بشكل مباشر التدبير المالي‬
‫الترابي‪ ،‬وبشكل غير مباشر باقي أوجه تسيير الشؤون الترابية‪ ،‬وهو ما يؤكد أهميتها‬
‫كمجال للتدخل المركزي في سير ونشاط هذه الهيئات الالمركزية‪ ،‬مقابل تمتع‬
‫الجماعات الترابية بدرجة مالئمة من االستقالل المالي‪ ،‬الذي تتطلبه ممارسة المهام‬
‫واالختصاصات الموكولة للهيئات الالمركزية بمختلف أصنافها‪.‬‬

‫فخضوع الهيئات الالمركزية للوصاية أو الرقابة‪ ،‬تعد بمثابة استثناء أمام قاعدة‬
‫االستقالل اإلداري والمالي‪ ،‬والتمتع بالشخصية المعنوية‪ .160‬غير أن اإلشكاالت‬
‫المرتبطة بهذا التقابل بين االستقاللية وحرية التصرف في المجال المالي‪ ،‬والخضوع‬
‫للرقابة المركزية‪ ،‬إنما تعبر عن واقع يتميز بتناقض واضح بين غاية تطبيق النظام‬
‫الالمركزي وحرية التدبير الترابي للتنمية‪ ،‬وبين إكراهات وثقل اآلليات واألصناف‬
‫الرقابية‪ ،‬ومدى تأثيرها على النشاط المالي الترابي‪.‬‬

‫وعموما‪ ،‬فالرقابة على مالية الجماعات الترابية‪ ،‬واالختالالت التي تعتريها‪،‬‬


‫تقتضي معالجتها‪ ،‬من خالل التطرق ألنواع الرقابة (الفرع األول)‪ ،‬وحدود واكراهات‬
‫الرقابة (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫‪ -160‬عبد اللطيف بروحو‪ ،‬مالية الجماعات المحلية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية‪ :‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة‬
‫المحلية والتنمية‪" ،‬سلسلة مواضيع الساعة"‪ ،‬العدد ‪ ،81‬لسنة ‪ ،8155‬ص‪.5. .‬‬

‫‪85‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الفرع األول‪ :‬أنواع الرقابة على موارد الجماعات الترابية‬

‫إن ممارسة الجماعات الترابية إلختصاصاتها التدبيرية والتنموية‪ ،‬ومدى قدرتها‬


‫على برمجة الميزانية‪ ،‬إنما يخضع في واقع األمر لتدخل رقابي يكتسي أهمية بالغة‪،‬‬
‫بالنظر لمدى تأثيره على التدبير المالي الترابي (وخاصة على مستوى الميزانية)‪ ،‬وكذا‬
‫لتنوع وتعدد آ لياته وأشكال ممارسته‪ ،‬من رقابة إدارية إلى أخرى سياسية فثالثة قضائية‪،‬‬
‫وهذا التصنيف ال يعتمد درجة األهمية‪ ،‬بقدر ما يأتي في سياق مدى احترام االستقالل‬
‫المالي للجماعات الترابية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الرقابة اإلدارية‬

‫من أقدم اآلليات الرقابية وأشدها تأثي ار على النشاط المالي الترابي‪ ،‬تتقاسمها كل‬
‫من و ازرة الداخلية‪ ،‬باعتبارها السلطة الوصية قانونا على الشأن الترابي‪ ،‬إلى جانب و ازرة‬
‫المالية‪.‬‬

‫وتعبر عن مجموع السلطات التي يمنحها المشرع للسلطة المركزية‪ ،‬لتمكينها من‬
‫الرقابة على النشاط المالي للجماعات الترابية‪ ،‬بهدف حماية الصالح العام‪ ،‬حيث يخول‬
‫هذا االختصاص عادة إلى األجهزة اإلدارية والمالية التابعتين لو ازرة الداخلية وو ازرة‬
‫المالية‪.‬‬

‫وتنقسم إلى‪:‬‬

‫رقابة قبلية‪ ،‬تجريها و ازرة الداخلية عبر الدوريات والتوجيهات العامة‪ ،‬والتي تهدف‬
‫من خالله إلى وضع قواعد ذات إطار تنظيمي محدد للسياق العام الذي يحيط بهذه‬
‫الجماعات‪ ،‬وللوضع االقتصادي واالجتماعي للبالد ككل‪ ،‬لضمان نوع من االنسجام‪،‬‬
‫وضبط عملية التقدير‪ ،‬عالوة على تأشيرة و ازرة المالية‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫حيث تهدف إلى ضبط عملية البرمجة‪ ،‬والتحكم في اتخاذ القرار المالي‪ .‬فالتدخل‬
‫المسبق لسلطات الوصاية يطال مختلف جوانب النشاط المالي الترابي‪ ،‬فهو يبدأ قبل‬
‫إعداد الميزانية المحلية‪ ،‬ويسري على مختلف مراحل هذا اإلعداد‪ ،‬ويراقب تطبيق‬
‫المقتضيات القانونية ومختلف التوجيهات التي تضعها والقواعد التي تقررها‪.‬‬

‫ورقابة مواكبة‪ ،‬تمارسها أيضا و ازرتا الداخلية والمالية‪ ،‬وتختلف آليات إجرائها‬
‫وممارستها‪ ،‬وتتفرع مجاالت االختصاص والتدخل المرتبط بها‪ ،‬حسب مراحل تنفيذ‬
‫العمليات المالية المرتبطة بالميزانية‪.‬‬

‫وهي عبارة عن منظومة من اإلجراءات والوسائل القانونية والتنظيمية‪ ،‬والمعايير‬


‫والضوابط الموضوعة‪ ،‬والتي تهدف لضمان تحقيق األهداف المسطرة‪ ،‬واحترام هذه‬
‫القواعد والضوابط‪ ،‬وكذا التأكد من سالمة وصحة تنفيذ العمليات المالية أثناء اتخاذ‬
‫هذه اإلجراءات التنفيذية‪ ،‬وتنزيلها عمليا‪ ،‬كما تهدف إلى تفادي الخطأ أو مخالفة‬
‫القواعد القانونية والمحاسبية‪.‬‬

‫كما تمثل أكثر األشكال الرقابية إثارة للجدل وأشدها تأثي ار وتوجيها للفعل الترابي‬
‫ولبرمجة المشاريع الترابية‪ .161‬وتشمل رقابة القابض الجماعي على اآلمر بالصرف‪،‬‬
‫ورقابة سلطة الوصاية على إجراءات تنفيذ الميزانيات الجماعية‪ .‬فالبنسبة لرقابة القابض‬
‫الجماعي على اآلمر بالصرف‪ ،‬فتتمثل في تتبع المشروعية المالية للنفقة الترابية‬
‫وللتصرفات المالية لآلمر بالصرف‪ ،‬بحيث هناك من جهة‪ ،‬المراقبة المالية في مرحلة‬
‫مراقبة صحة االستخالص ثم مرحلة رقابة صحة االلتزام بالنفقات وصرفها وتقتضي‬
‫هذه الرقابة التي يجب أن تفرض على تنفيذ الميزانيات الجماعية من هذا الجانب أن‬

‫‪ -161‬عبد اللطيف بروحو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.89 .‬‬

‫‪87‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫يتم الفصل العضوي والوظيفي بين اآلمر بالصرف والمحاسب الجماعي‪ ،‬وهو ما أكدت‬
‫عليه النصوص التنظيمية‪.162‬‬

‫‪ -1‬رقابة صحة االستخالص أو صحة عمليات المداخيل‪:‬‬

‫يختص المحاسب الجماعي بالتنفيذ التقني أو المحاسبي لميزانية الجماعات‬


‫الترابية‪.‬‬

‫ويتعين عليه بحكم القانون‪ ،‬أن يحرص على مراقبة صحة المداخيل‪ ،‬وسالمتها‬
‫وعلى احترامها للنظم والقواعد المحددة‪ ،‬وهذا ما تؤكده أيضا الدوريات التوجيهية التي‬
‫تحث المحاسبين على احترام المقتضيات القانونية والتنظيمية‪ ،‬قبل الشروع في تقييد‬
‫وتحمل أوامر المداخيل وتحصيلها‪ ،‬وبالتالي يتعين عليهم التأكد من صحة وسالمة‬
‫عمليات المداخيل‪ ،‬ويتعلق األمر أساسا بضرورة إجراء رقابة على مشروعية المداخيل‬
‫المقررة‪ ،‬وعلى تنزيلها وتبويبها بالميزانية ثم التأكد من تعزيزها بالوثائق المثبتة‪.‬‬

‫وتتم هذه الرقابة التي يجريها المحاسب الجماعي على األمر بالتحصيل‪ ،‬وفق‬
‫شكليات ومراحل معينة‪:‬‬

‫*رقابة عامة على المداخيل‪ :‬وتتعلق باألساس‪ ،‬بضرورة التأكد من قانونية‬


‫المداخيل ومن مطابقتها للمقتضيات المنظمة لجبايات الجماعات الترابية‪ ،‬وكذا الطابع‬
‫السنوي لهذه المداخيل‪ ،‬كما تطال أيضا‪ ،‬التأكد من إصدار أمر بالتحصيل‪ ،‬وفق‬
‫القواعد والشكليات المحددة تنظيميا‪ ،‬سواء فيما يتعلق بسند التحصيل في حد ذاته‪ ،‬أو‬
‫فيما يخص مضامينه وقواعد إعداده‪.‬‬
‫*رقابة قانونية للمداخيل‪ :‬ال يجوز إصدار سند للمداخيل أو اعتماده أو تحمله أو‬
‫الشروع في تحصيله‪ ،‬إال إذا كان قانونيا‪ ،‬محددا في القرار الجبائي للجماعة الترابية‬

‫‪ -162‬المادة ‪ 5‬من مرسوم رقم ‪ 8.1..555‬صادر في ‪ 58‬محرم ‪ 3( 5535‬يناير ‪ )8151‬بسن نظام المحاسبة العمومية‬
‫للجماعات المحلية ومجموعاتها‪ ،‬الجريدة الرسمية ‪ 2( 1255‬فبراير‪ ،)8151‬ص ‪.511.‬‬

‫‪88‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المعنية‪ ،‬مقيدا في الميزانية‪ ،‬ومتضمنا للبيانات والمعطيات التي تقرها القواعد التنظيمية‬
‫ذات الطابع الشكلي أو التقني‪ .‬وبالتالي فإن المحاسب الجماعي‪ ،‬يتعين عليه أن يتأكد‬
‫من هذه العناصر الضرورية ويحرص على احترامها وتطبيقها قبل الشروع في التنفيذ‬
‫المالي والمحاسبي لهذه المداخيل‪.‬‬
‫*الرقابة على شكل ومضمون سند التحصيل‪ :‬تعتبر هذه العملية ذات طابع تقني‬
‫ومحاسبي‪ ،‬فالمحاسب الجماعي يتأكد من مدى صحة قواعد تصفية المداخيل وطرق‬
‫احتساب مبالغها‪ ،‬كما يقوم بمراقبة إصدار سندات المداخيل‪ ،‬وفق الشكليات‬
‫المنصوص عليها تنظيميا‪ ،‬وكذا إرفاقها بالوثائق المثبتة قبل تقييدها والشروع في‬
‫تحصيلها‪.‬‬
‫إن الرقابة المواكبة التي يجريها المحاسب الجماعي على عمليات المداخيل‪،‬‬
‫تهدف باألساس إلى احترام القوانين والقواعد والنماذج المنظمة لهذه الموارد‪ .‬واذا كانت‬
‫الموارد ال تحظى بمثل االهمية التي تحتلها نفقات الجماعات الترابية‪ ،‬فإن ذلك ال يعني‬
‫عدم إيالء أهمية إلصدار وتنفيذ عمليات المداخيل‪ ،‬وهذه الرقابة تقوم باألساس على‬
‫التحقق من سالمة وصحة اإلجراءات المتعلقة بهذه العمليات‪ ،‬لكن بالمقابل نجد أن‬
‫النفقات تخضع آلليات رقابية متعددة األوجه والمراحل تبدأ من رقابة سالمة العمليات‬
‫المالية قانونيا وتطال رقابة صحة األداء‪.‬‬
‫‪ -2‬رقابة صحة االلتزام بالنفقات وصحة أداء النفقات‪:‬‬
‫تخضع نفقات الجماعات الترابية (باستثناء الجماعات القروية) لمراقبة االلتزام‬
‫بالنفقات‪ ،‬وهذه الرقابة ذات طبيعة خاصة وتتدخل قبل قيام الجماعة الترابية بتنفيذ‬
‫إجراءات تنفيذ الميزانية في جانب النفقات‪ ،‬وااللت ازم بالنفقة من قبل الجماعة الترابية‪.‬‬
‫وتخضع بالتالي العمليات المالية المتعلقة بتنفيذ نفقات الجماعات الترابية‪ ،‬لرقابة‬
‫مواكبة لتنفيذ الميزانية وسابقة لتنفيذها الفعلي‪ ،‬وتتعلق هذه الرقابة بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬التأكد من توفر االعتمادات بالميزانية‪ :‬فااللتزام بالنفقة يجب أن يتم لزوما في‬
‫حدود الترخيصات المفتوحة في ميزانية الجماعة الترابية‪ ،‬ويجب أن يتم على‬
‫أساس المبلغ اإلجمالي للنفقة‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬احترام تبويب الميزانية‪ :‬وتتعلق باألساس بالتأكد من مطابقة النفقات المقترح‬


‫االلتزام بها بالمجال واإلطار المحدد لها بالميزانية وال يمكن بالتالي االلتزام بنفقة‬
‫ضمن فصل ال يتعلق بموضوعها ومجال تنفيذها العضوي والوظيفي سواء تعلق‬
‫األمر بنفقات التسيير أو بتكاليف التجهيز واالستثمار‪.‬‬
‫‪ -‬أن تكون النفقة الملتزم بها مشروعة من الناحية القانونية والتنظيمية‪ :‬وهذا‬
‫الشرط في واقع األمر يطبعه الغموض والعمومية مما يجعل هذه الرقابة قابلة‬
‫للتدخل في كل المجاالت والعناصر بدون حدود وال ضوابط ‪ ،‬ولم يتم في هذا‬
‫السياق على األقل تحديد هذه النصوص القانونية والتنظيمية في المجال المالي‬
‫وانما ترك األمر على عموميته مما قد يتناقض مع مبدأ التدخل الرقابي وطابعه‬
‫االستثنائي‪.‬‬
‫إن الرقابة على االلتزام بالنفقات وان كانت ذات طابع وقائي ويحدد مجال تدخلها‬
‫عقب التعاقد وقبل تنفيذ االلتزام‪ ،‬إال أنها عرفت بدورها نقاشا واسعا حول جدواها‬
‫وضرورة بقائها على شكلها الحالي خاصة وأن رقابة االلتزام المطبقة على نفقات الدولة‬
‫عرفت خالل السنين األخيرة عدة إصالحات أدت إلى تبسيط مساطرها وتسريع وتيرة‬
‫اإلنجاز في المشاريع العمومية‪ ،‬وهو ما غاب عن مجال نفقات الجماعات المحلية التي‬
‫بقيت خاضعة لهذه الرقابة بنظامها المطبق منذ سنة ‪ 0901‬بسلبياته ونواقصه‪.‬‬

‫‪ -9‬رقابة صحة أداء النفقات‪:‬‬


‫يقصد بأداء النفقة "العمل الذي تبرئ به الجماعة ذمتها من الديون"‪ ،‬ويتم األداء‬
‫وفق مساطر واجراءات محددة‪ ،‬واحتراما لمجموعة من المقتضيات القانونية والتنظيمية‪.‬‬
‫وتنصب هذه الرقابة على العناصر التالية‪:‬‬
‫‪ -‬التأكد من صحة حسابات التصفية‪ :‬يقصد بالتصفية التأكد من حقيقة الدين‬
‫وحصر مبلغ النفقة‪ ،‬وال يمكن تصفية نفقة ووضع حوالة بها إال بعد إثبات حقوق‬
‫الدائنين‪ .‬وفي هذا اإلطار يتأكد المحاسب الجماعي من صحة حسابات التصفية وفق‬
‫الخدمات المنجزة ومن مطابقة هذه الحسابات للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬مراقبة الطابع اإلبرائي للتسديد‪ :‬يعتبر هذا الشرط أساسيا في مباشرة المحاسب‬
‫الجماعي إلجراء األداء الفعلي للنفقة موضوع األمر بالصرف‪ ،‬لذا فأي أداء للنفقة ال‬
‫يجب أن يتم إال لفائدة الدائن الحقيقي أو من يمثله قانونا‪.‬‬

‫واضافة لهذين العنصرين األساسيين في مراقبة صحة األداء يتعين على‬


‫المحاسب الجماعي مراقبة مجموعة من العناصر األخرى اإلضافية قبل األداء‬
‫المحاسبي للنفقات‪:‬‬

‫‪ -‬مراقبة صفة اآلمر بالصرف‪ :‬ويتعلق األمر بالجهاز التنفيذي للجماعة الترابية‬
‫المعنية والمؤهل قانونا لتنفيذ العمليات المتعلقة بالميزانية من األمر بتحصيل الموارد‬
‫وبصرف النفقات‪ ،‬وتختلف صفة اآلمر بالصرف حسب نوع الجماعة الترابية‪.‬‬

‫‪ -‬التأكد من توفر االعتمادات‪ :‬ال يمكن أداء النفقة من الناحية المحاسبية من‬
‫طرف القابض الجماعي إال إذا توفرت االعتمادات الالزمة والكافية بالميزانية‪ ،‬وال يتم‬
‫االستمرار بالصرف إال في حدود االعتمادات المفتوحة‪.‬‬

‫‪ -‬التأكد من توفر األموال‪ :‬خالفا لما هو معمول به بالنسبة لنفقات الدولة‪ ،‬يجري‬
‫المحاسب أيضا رقابة على توفر األموال أو السيولة الالزمة‪.‬‬

‫‪ -‬التأكد من تقديم الوثائق المثبتة للنفقات‪:‬‬

‫إن األمر بأداء كل نفقة يجب أن يكون مرفوقا بالوثائق المثبتة لهذه النفقات‪،‬‬
‫وتحدد النصوص التنظيمية هذه الوثائق والمستندات المثبتة للنفقات بحسب طبيعتها‬
‫ومجالها‪.‬‬

‫واذا كانت هذه الرقابة لم تسلم بدورها من انتقادات بالنظر لطابعها المسطري‬
‫وصفتها التقنية‪ ،‬وبالرغم من األهمية التي تحتلها رقابة المحاسب الجماعي على اآلمر‬

‫‪91‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫بالصرف‪ ،‬فإن سلطات الوصاية ال ينحصر تدخلها في المصادقة على الميزانية الترابية‬
‫وانما يتعداها لمتابعة النشاط المالي الترابي وتتبع المشاريع الترابية‪.‬‬

‫ورقابة الحقة أو بعدية‪ ،‬يغلب عليها الطابع التحليلي‪ ،‬وهي رقابة إدارية ومالية‬
‫الحقة‪ ،‬تقوم بها و ازرة الداخلية عبر كل من المفتشية العامة لإلدارة الترابية والمفتشية‬
‫في‬ ‫‪163‬‬
‫العامة للمالية‪ ،‬حيث ينص القانون المتعلق بالمفتشين العامين لإلدارة الترابية‬
‫مادته الثانية من الفصل األول على أنه‪ " :‬تناط بالمفتشية العامة لإلدارة الترابية مهمة‬
‫المراقبة والتحقق من التسيير اإلداري والتقني والمحاسبي للمصالح التابعة لو ازرة الداخلية‬
‫والجماعات المحلية وهيآتها على أن تراعي في ذلك االختصاصات المخولة للمفتشيات‬
‫التابعة للو ازرات األخرى"‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد تنص القوانين التنظيمية الجديدة المتعلقة بالجماعات الترابية‬
‫على أن الجماعات الترابية تخضع لتدقيق سنوي‪ ،‬تنجزه إما المفتشية العامة للمالية‪ ،‬أو‬
‫المفتشية العامة لإلدارة الترابية‪ ،‬أو بشكل مشترك بينهما‪ .‬وذلك‪ ،‬طبقا لما ورد في المادة‬
‫‪ 904‬من القانون رقم ‪ 001.04‬المتعلق بالجماعات‪ ،‬والمادة ‪ 912‬من القانون رقم‬
‫‪ 009.04‬المتعلق بالعماالت واألقاليم‪ ،‬وهو نفس ما تشير إليه كذلك المادة ‪ 941‬من‬
‫القانون رقم ‪ 000.04‬المتعلق بالجهات‪ ،‬إلى أنه‪" :‬دون اإلخالل بالمقتضيات التشريعية‬
‫والتنظيمية الجاري بها العمل في ميدان المراقبة‪ ،‬يمكن للمجلس أو رئيسه بعد إخبار‬
‫والي الجهة أو بمبادرة من هذا األخير إخضاع تدبير الجهة والهيئات التابعة لها أو‬
‫التي تساهم فيها لعمليات التدقيق‪ ،‬بما في ذلك عمليات التدقيق المالي‪ .‬تتولى مهمة‬
‫القيام بهذا التدقيق الهيئات المؤهلة قانونا لذلك‪ ،‬وتوجه وجوبا تقري ار إلى والي الجهة‬
‫]…[ يجب على رئيس المجلس عرض تقارير التدقيق على المجلس بمناسبة انعقاد‬
‫الدورة الموالية لتاريخ التوصل بتقرير التدقيق‪ ،‬في حالة وجود اختالالت‪ ،‬وبعد تمكين‬

‫‪ -‬المرسوم رقم ‪ ،8..5.511‬صادر في ‪ 9‬محرم ‪ 59(5551‬يونيو ‪ ،)5..5‬في شأن النظام األساسي الخاص بالمفتشين‬ ‫‪163‬‬

‫العامين لإلدارة الترابية‪ ،‬بو ازرة الداخلية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،5895‬بتاريخ ‪ 81‬يوليوز ‪ ،5..5‬ص‪.5585 .‬‬

‫‪92‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المعني باألمر من الحق في الجواب‪ ،‬يحيل والي الجهة التقرير إلى المحكمة‬
‫المختصة‪".‬‬

‫والى جانب المفتشية العامة للمالية يمارس هذه الرقابة أيضا‪ ،‬الخازن العام عبر‬
‫الفروع الجهوية التابعة للخزينة العامة للمملكة‪ ،‬وذلك اتجاه محصلي المالية الجهويين‬
‫واإلقليميين‪ ،‬وكذا اتجاه القباض البلديين‪.‬‬

‫علما أنه قبل إحداث المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬كان الخازن العام يمارس رقابة‬
‫واسعة‪ ،‬حيث كان يختص بتفويض قانوني بالتدقيق والبت في حسابات الجماعات‬
‫القروية‪ ،‬فيما كانت باقي الحسابات تحال مباشرة على المجلس األعلى للحسابات‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الرقابة السياسية‬

‫كانت الرقابة السياسية‪ ،‬على تنفيذ ميزانية الجماعات الترابية‪ ،‬تتمثل في‬
‫االختصا ص الرقابي الذي يعود للمجالس التداولية بشأن الحساب اإلداري للموارد‬
‫والنفقات‪ ،‬الذي يضعه اآلمر بالصرف عند اختتام السنة المالية‪ ،‬والذي يبين باألرقام‬
‫كيفية تدبير الميزانية السنوية للجماعة‪ .‬فالحساب اإلداري سابقا‪ ،‬كان بمثابة الوثيقة‬
‫اإلدارية التي تبين النتيجة النهائية والعامة للميزانية ‪ ،164‬إذ يتم إعداده في آخر كل‬
‫سنة مالية‪ ،‬لتوضيح كل تغيير ط أر على الميزانية أثناء تنفيذها‪ ،‬سواء بالنسبة لتقديرات‬
‫المداخيل أو بالنسبة العتمادات المصاريف‪ ،‬فقد كان يمثل المراة العاكسة لمدى نجاعة‬
‫التدبير المالي للميزانية الجماعية‪.‬‬

‫غير أن المستجدات التي تضمنتها القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬تتحدث‬


‫على مسالة التدقيق السنوي الذي تنجزه إما المفتشية العامة للمالية‪ ،‬أو المفتشية العامة‬
‫لإلدارة الترابية‪ ،‬أو بشكل مشترك بينهما‪ ،‬بالنسبة للجماعات القروية والحضرية‬

‫‪ -164‬محمد السنوسي معنى‪ ،‬مالية الجماعات المحلية بالمغرب‪ ،‬دار النشر المغربية‪ ،‬الدارالبيضاء‪ ،5..3 ،‬ص‪.589 .‬‬

‫‪93‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫والعماالت واالقاليم‪ ،‬أما بالنسبة للجهات فالتدقيق السنوي‪ ،‬تقوم به بشكل إلزامي‬
‫ومشترك‪ ،‬كل من المفتشية العامة للمالية والمفتشية العامة لإلدارة الترابية‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬الرقابة القضائية‬

‫تعتبر المحاكم المالية هيئات للرقابة على المال العام‪ ،‬تناط بها مهام مراقبة تنفيذ‬
‫الميزانية العامة ومي ازنيات الجماعات الترابية بمراحلها المختلفة وأجهزتها المتعددة‪،‬‬
‫وتمثل بالنظر للمقتضيات الواردة في القانون المنظم لها "محاكم مالية"‪ ،‬تناط بها‬
‫ممارسة اختصاصات رقابية‪ ،‬قضائية وادارية حسب مجال تدخلها‪.‬‬

‫وتسري رقابة القضاء المالي المركزي‪ ،‬في مجال التسيير على مرافق الدولة‬
‫والمؤسسات العمومية وشركات االمتياز والشركات والمقاوالت التي تملك فيها الدولة أو‬
‫المؤسسات العمومية‪ ،‬على انفراد أو مشاركة مع الجماعات الترابية غالبية األسهم في‬
‫الرأسمال أو سلطة راجحة في اتخاذ القرار‪.‬‬

‫أما رقابة القضاء المالي والجهوي فتهم تسيير الجماعات االترابية أو الهيئات‬
‫االمتيازلمحلية والمقاوالت والشركات التي تملك فيها الجماعات الترابية‬
‫ا‬ ‫وشركات‬
‫وهيئاتها‪ ،165‬والمؤسسات العمومية الجهوية أو المحلية‪ ،‬بشكل منفرد أو مشترك‪ ،‬غالبية‬
‫األسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار‪.‬‬

‫ولكي تقوم هذه المنظومة الرقابية بدورها الفعال‪ ،‬ونظ ار لمكانتها المهمة في‬
‫ممارسة الرقابة على أعمال الجماعات الترابية‪ ،‬وخصوصا الجانب المالي منها‪ ،‬تم‬
‫إدراجها في الدستور المغربي‪ ،‬إذ شكلت منطلقا لالرتقاء بالمجلس األعلى للحسابات‬
‫إلى هيئة دستورية‪ ،‬مع ما لهذا اإلرتقاء من تبعات على مستوى تدعيم اختصاصات‬

‫‪ -165‬محمد حمزة‪ ،‬بولحسن الحكامة من خالل القضاء المالي‪ ،‬مجلة دراسات ووقائع دستورية‪ ،‬العدد ‪ ،51‬سنة ‪ ،8151‬ص‪.‬‬
‫‪.552‬‬

‫‪94‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫عهد إليها‬ ‫‪166‬‬


‫هذا الجهاز الرقابي‪ ،‬والتنصيص على إحداث مجالس جهوية للحسابات‬
‫بمراقبة حسابات‪ ،‬وتسيير الجماعات الترابية وهيئاتها‪.‬‬

‫أما بخصوص إحداث المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬فقد تأثر المشرع المغربي‬
‫بالنموذج الفرنسي‪ ،‬والمتمثل في إنشاء غرف جهوية للحسابات سنة ‪ 0919‬في ‪94‬‬
‫جهة ‪ ،167‬وهكذا خصت مدونة المحاكم المالية في كتابها الثاني‪ ،‬المجالس الجهوية‬
‫للحسابات بمهمة مراقبة التصرفات الصادرة عن الجماعات الترابية‪ ،‬لتتولى بذلك المهام‬
‫التي كانت من نصيب المجلس األعلى للحسابات‪.‬‬

‫فحسب مقتضيات المادة ‪ 091‬من مدونة المحاكم المالية‪ ،‬يقوم المجلس الجهوي‬
‫للحسابات في حدود دائرة اختصاصه‪ ،‬بالتدقيق والبت في حسابات الجماعات الترابية‬
‫وهيئاتها‪ ،‬وكذا حسابات المؤسسات العمومية والمقاوالت التي تملك رأسمالها كليا‬
‫جماعات ترابية وهيئاتها‪ ،‬ومؤسسات عمومية تخضع لوصاية الجماعات الترابية‬
‫وهيئاتها‪ ،‬والتي تتوفر على محاسب عمومي‪.‬‬

‫حيث يلزم المحاسبون العموميون بالجماعات الترابية ومجموعاتها بتقديم حسابات‬


‫هذه األجهزة سنويا إلى المجلس الجهوي‪ ،‬وذلك وفقا للكيفيات المقررة في النصوص‬
‫التنظيمية الجاري بها العمل‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 021‬من القانون المتعلق بسن نظام عام لمحاسبة الجماعات‬
‫المحلية ومجموعاتها‪ ،‬فإنه يتم تقديم الحساب في ‪ 10‬مارس على أبعد تقدير‪ ،‬من السنة‬
‫الموالية للسنة التي تم إعداده بشأنها من طرف الخازن المكلف باألداء‪ ،‬إلى رئيسه‬

‫‪ - 166‬سميرة بوزردة ‪" ،‬دور الجالس الجهوية للحسابات في مراقبة المالية المحلية"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪،‬‬
‫كلية الحقوق الدار البيضاء‪ ،5...-5..2 ،‬ص‪.93.‬‬
‫‪ -‬محمد حركات‪ ،‬دور المجالس الجهوية للحسابات في تفعيل التدبير الجيد للشأن العام المحلي‪ ،‬إستراتيجية تنظيم‬ ‫‪167‬‬

‫الجماعات المحلية بالمغرب‪ ،‬ط‪ ،8118 ،5.‬ص‪.1 .‬‬

‫‪95‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫التسلسلي الذي يحيله إلى المجلس الجهوي للحسابات المختص‪ ،‬في ‪ 10‬يوليوز من‬
‫نفس السنة على أبعد تقدير‪.‬‬

‫كما يلزم محاسبي األجهزة األخرى الخاضعة لرقابة المجلس الجهوي‪ ،‬بأن يقدموا‬
‫سنويا إلى المجلس الجهوي بيانا محاسبيا عن عمليات المداخيل والنفقات‪ ،‬وكذا‬
‫عمليات الصندوق التي يتولون تنفيذها‪ ،‬وذلك وفق الكيفيات المقررة في النصوص‬
‫التنظيمية الجاري بها العمل‪.‬‬

‫وتمر مسطرة التدقيق والبت في الحسابات‪ ،168‬بثالث مراحل أساسية‪ ،‬حيث‬


‫تبتدئ بمرحلة التدقيق في الحساب‪ ،‬وهي المرحلة التي تفتح فيها المسطرة تلقائيا‪،‬‬
‫بوصول الحسابات أو البيانات للمجلس الجهوي للحسابات‪ ،169‬ويبدأ عمل المقرر‬
‫بتدقيق الحساب من حيث الشكل ومن حيث المضمون‪ .170‬ومباشرة بعد عملية التدقيق‪،‬‬
‫ومراجعة الحساب والوثائق والمستندات المرفقة تبدأ عملية التحقيق‪ ،‬التي يعد فيها‬
‫المستشار المقرر مذكرة‪ ،‬تتضمن جميع المالحظات التي توصل إليها أثناء علية‬
‫التدقيق‪ ،‬وتبلغ إلى كل من اآلمر بالصرف أو المراقب أو المحاسب العمومي أو أي‬
‫مسؤول آخر‪ ،‬وذلك احتراما لمبدأ مشاركة األطراف المعنية في التحقيق‪ ،‬وانسجاما مع‬
‫طبيعة مسطرة التحقيق التي تكون وجوبا كتابية ويتعين على هؤالء اإلجابة على هذه‬
‫المالحظات داخل أجل شهرين‪ ،‬ماعدا في حالة تمديد استثنائي يأذن به رئيس المجلس‬
‫الجهوي للحسابات‪.‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 39‬و‪ 38‬من القانون رقم ‪ 98...‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم‬ ‫‪168‬‬

‫‪ ،5.18.585‬الصادر في ‪ 53‬يونيو‪ ،8118‬جريدة رسمية عدد ‪ ،1131‬بتاريخ ‪ 51‬غشت ‪ ،8118‬ص‪.88.5 .‬‬


‫‪ -‬المادة ‪ 31‬من القانون رقم ‪ 98...‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪.‬‬ ‫‪169‬‬

‫‪ -‬محمد براو‪" ،‬الوجيز في شرح قانون المحاكم المالية‪ :‬مساهمة في التأصيل الفقهي للرقابة القضائية على المال العام"‪،‬‬ ‫‪170‬‬

‫مطبعة طوب بريس‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،8115 ،‬ص‪.55. .‬‬

‫‪96‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫أما المرحلة األخيرة من مسطرة التدقيق‪ ،‬فهي مرحلة البت في الحساب‪ ،‬التي‬
‫تنعقد فيها جلسات المجلس الجهوي (وهي جلسات سرية)‪ ،‬ويتم البت في الحساب على‬
‫مرحلتين ‪:‬‬

‫مرحلة النقاش‪ :‬ويتم خاللها االستماع على التوالي للمالحظات واالقتراحات التي‬
‫يتضمنها التقرير‪ ،‬الذي أعده المستشار المقرر خالل مرحلة التحقيق‪ ،‬واالستماع أيضا‬
‫آلراء المستشار المراجع حول كل اقتراح من اقتراحات المستشار المقرر‪ .‬وبعد المناقشة‬
‫وانسحاب كل من ممثل النيابة العامة إن كان حاض ار وكاتب الضبط‪ ،‬يتم اإلنتقال إلى‬
‫مرحلة التداول‪.‬‬

‫مرحلة التداول‪ :‬يفضي تداول الهيئة إلى إحدى النتيجتين إما ‪:‬‬

‫‪ -‬أن الهيئة تؤجل اتخاذ قرارها‪ ،‬وتأمر بإجراء تحقيق تكميلي (أي تعميق‬
‫البحث)‪ ،‬إذا تبين لها من خالل نتائج المناقشة أن التحقيق لم يفي بالمطلوب‪.‬‬

‫‪ -‬واال فإن الهيئة تتداول وتتخذ في شأن كل اقتراح وارد في التقرير إجراءا يتم‬
‫تسجيله من طرف رئيس الهيئة‪.‬‬

‫ويعتبر تقديم الحساب من الخصائص الفريدة التي يتميز بها القضاء المالي‪ ،‬دونا‬
‫عن غيره من األجهزة األخرى‪ ،‬ويشكل جزءا من النظام العام‪ ،‬بحيث يتم تقديمه إلى‬
‫المحكمة المالية سنويا بشكل تلقائي‪ .‬ويتمكن المستشار المقرر بالمحكمة المالية من‬
‫خالله من القيام بتدقيق وفحص شامل لجميع العمليات التي تتعلق بتنفيذ النفقات‬
‫والمداخيل‪ ،‬ومن خالله تتمكن المجالس الجهوية من بسط رقابتها على كل الجوانب‬
‫المتعلقة بتسيير األجهزة المراقبة‪ ،‬باإلضافة إلى اكتشاف المخالفات والتجاوزات التي‬
‫تؤدي إلى تحريك المتابعة التأديبية المالية‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫ويعمل القضاء المالي‪ ،‬بكل اإلمكانات القانونية المتاحة له على مواجهة هذا‬
‫اإلشكال‪ ،‬وجعل قواعد المساءلة والمحاسبة قيما عادية‪ ،‬ولو باستعمال وسائل زجرية‬
‫وردعية‪.‬‬

‫وهذا ما تشير إليه المادة ‪ 99‬من القانون ‪ 19.99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪،‬‬
‫والتي تؤكد أنه إذا لم يقدم الحساب أو البيانات المحاسبية أو المستندات المثبتة في‬
‫اآلجال المقررة‪ ،‬جاز للرئيس األول‪ ،‬بالتماس من الوكيل العام للملك‪ ،‬أن يوجه إلى‬
‫المحاسب العمومي‪ ،‬أوامر بتقديم هذه الوثائق‪ .‬واما يحكم عليه في حالة عدم تقديمها‬
‫بغرامة قد تصل كحد أقصى إلى ألف (‪ )0111‬درهم‪ ،‬وقد يحكم عليه كذلك بغرامة‬
‫تهديدية أقصاها خمسمائة (‪ )211‬درهم عن كل شهر من التأخير‪.‬‬

‫وكل إتالف تعسفي لمستندات مثبتة ولحسابات‪ ،‬يعرض مرتكبه لتطبيق العقوبات‬
‫المنصوص عليها في القانون الجنائي‪ ،‬حيث يخبر وكيل الملك بذلك الوكيل العام‬
‫للملك‪ ،‬الذي يرفع األمر إلى وزير العدل‪ ،‬قصد اتخاذ ما يراه مالئما‪ ،‬بصرف النظر‬
‫عن العقوبات التأديبية التي يمكن أن يتعرض لها المعني باألمر‪ .‬ويخبر المجلس من‬
‫طرف كل من وزير العدل والسلطة التي لها حق التأديب بالنسبة للمعني بالتدابير التي‬
‫تم اتخذاها‪.171‬‬

‫هذا‪ ،‬ويتضمن حساب الجماعة الترابية أو المجموعة (الذي يعده الخازن المكلف‬
‫باألدا ء) في شكل تفصيل للميزان النهائي‪ ،‬تنفيذ ميزانية الجماعة أو المجموعة‪ ،‬كما‬
‫يشتمل على عمليات مداخيل ونفقات الميزانيات الملحقة والحسابات الخصوصية وعلى‬
‫حسابات الخزينة‪ .‬ويبرز هذا الحساب الوضعية المالية للجماعة أو المجموعة في نهاية‬
‫السنة المقدم بشأنها‪.‬‬

‫‪ - 171‬المادة ‪ 593‬من القانون ‪ 98...‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫ويتكون الحساب من المستندات المثبتة والوثائق العامة التالية‪:172‬‬

‫* نسخة من الميزانية والنسخ المشهود بمطابقتها ألصل المقررات المأذون‬


‫بموجبها في تحويل االعتمادات؛‬

‫* الترخيصات الخصوصية المأذون بموجبها في تقييد اعتمادات إضافية والملحقة‬


‫ببيان تلخيصي للترخيصات المذكورة؛‬

‫* نسخ ة موجزة من محضر الجلسة التي أبدى من خاللها المجلس التداولي رأيه‬
‫في الحساب اإلداري؛‬

‫* نسخة مشهود بمطابقتها ألصل الحساب اإلداري لآلمر بالصرف؛‬

‫* قائمة أصول الجماعة المحلية أو المجموعة التي يتعين على اآلمر بالصرف‬
‫تقديمها للخازن المكلف باألداء؛‬

‫* ملحق بقائمة األصول المتضمن شرح أسباب الفرق بين سنة وأخرى فيما‬
‫يخص كل فصل من فصول المداخيل المبينة في قائمة األصول؛‬

‫* قائمة خصوم الجماعة المحلية أو المجموعة ؛‬

‫* الحساب المحصور في ‪ 10‬ديسمبر الستعمال التذاكر أو الصويرات المستعملة‬


‫الستخالص المحصوالت عن طريق الشساعة؛‬

‫‪ -‬المادة ‪ 55.‬من المرسوم رقم ‪ 8.1..555‬صادر بتاريخ ‪ 58‬محرم ‪ 3 ( 5531‬يناير‪ ) 8151‬بسن نظام للمحاسبة‬ ‫‪172‬‬

‫العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،1255‬بتاريخ ‪ 38‬صفر ‪ 2( 5535‬فبراير‪ ،)8151‬ص‪.‬‬
‫‪.511‬‬

‫‪99‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫* قرار تعيين الخازن المكلف باألداء أو اإلحالة إلى حساب الجماعة المحلية أو‬
‫المجموعةالملحق به هذا القرار؛‬

‫وتوجه المستندات المثبتة للمداخيل كل ثالثة أشهر إلى المجلس الجهوي بالنسبة‬
‫لعمليات الجماعات الترابية ومجموعاتها‪ .‬أما بالنسبة لألجهزة األخرى‪ ،‬فيمكن التدقيق‬
‫في هذه المستندات في عين المكان‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬حدود واكراهات الرقابة على موارد الجماعات الترابية‬

‫يتوفر المغرب‪ ،‬في ميدان الرقابة على مالية الجماعات الترابية‪ ،‬على صرح رقابي‬
‫تختلف مؤسساته فيما بينها‪ ،‬على عدة مستويات‪ ،‬سواء تعلق األمر بالوقت الذي‬
‫تمارس فيه الرقابة‪ ،‬أو من حيث طبيعتها واجراء تدخلها‪ ،‬أو من حيث النطاق الذي‬
‫ترسمه لنفسها‪.‬‬

‫لكن على مستوى الممارسة‪ ،‬تتميز هذه البنيات بهشاشة وضعف أدائه وفعاليته أو‬
‫شلله‪ ،‬بفعل نفور المسيرين من الرقابة والمساءلة المالية وانعزال هذه األخيرة (الرقابة)‪،‬‬
‫أوال عن الرأي العام وسوء تنظيمها وتخطيطها‪ ،‬وغياب التنسيق بين مختلف أجهزتها‪،‬‬
‫باإلضافة لعدم إشراكها في صيرورة التنمية االقتصادية واالجتماعية الشاملة‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى عدم ترسخها في عادات وتقاليد المجتمع ومؤسساته اإلدارية والسياسية والدستورية‪.‬‬

‫وتختلف أسباب ضعف فعالية األداء الرقابي بين عوامل خاصة (الفقرة األولى)‪،‬‬
‫وأخرى عامة (الفقرة الثانية)‪ ،‬زيادة على تأثير هذا الضعف على السير العادي‬
‫للجماعات الترابية‪ ،‬وبالتالي على ماليتها(الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ضعف فعالية آلية الرقابة على وجه خاص‬

‫من بين أسباب ضعف فعالية الرقابة‪ ،‬على مالية الجماعات الترابية نجد‪:‬‬

‫‪ -1‬الوظيفة المزدوجة للقابض الجماعي‪:‬‬

‫إن اإلزدواج في وظيفة القابض كمحاسب ومراقب مالي‪ ،‬تجعله ال يرقى إلى‬
‫مستوى مؤسسة رقابية‪ ،‬مؤه لة للحفاظ على المال العام الترابي‪ ،‬وتوظيفه لخدمة التنمية‬
‫الترابية‪ ،‬فرقابته تبقى محصورة على مراقبة المالءمة‪ ،‬وليس على مراقبة المشروعية‪،‬‬
‫بمعنى أن الرقابة الشكلية للقابض‪ ،‬تبدو كأنها الهدف خاصة على مستوى االلتزام‬
‫بالنفقات الترابية‪ ،‬وهكذا يتم إغفال الدور األصلي لرقابة القابض‪ ،‬والذي يتجلى في‬
‫كونه محاسبا عموميا‪ ،‬ثم إن عملية تنفيذ الميزانية الترابية التي يقوم بها كل من اآلمر‬
‫بالصرف والقابض‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بالتنفيذ اإلداري الذي يقوم به األول والتنفيذ‬
‫المالي والمحاسباتي‪ ،‬الذي يقوم به الثاني‪ ،‬تعطي بعض االمتيازات لآلمر بالصرف‬
‫على حساب القابض‪.173‬‬

‫باإلضافة إلى هذا‪ ،‬يمكن القول بأن مسألة مالءمة النفقة الترابية‪ ،‬توجد في مركز‬
‫إشكالية الحفاظ على المال العام الترابي‪ ،‬ذلك أنه يمكن للنفقة العمومية‪ ،‬أن تحترم كل‬
‫المقتضيات القانونية والتنظيمية‪ ،‬لكنها تبقى نفقة عشوائية تدخل في استنزاف األموال‬
‫العامة‪ ،174‬هذا باإلضافة إلى أن رقابة االلتزام بالنفقة‪ ،‬تتسم بمسطرتها المعقدة‪ ،‬فإذا‬
‫كان من السهل التحقق من توفر عنصر االعتمادات وصحة التنزيل‪ ،‬باالستناد إلى‬
‫السجالت والدفاتر المحاسبية التي يمسكها القابض الجماعي‪ ،‬فإن األمر يبدو سهال‬
‫فيما يتعلق بمطابقة النفقة للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪ ،‬ألن من شأن ذلك‪ ،‬أن‬

‫‪ - 173‬المادة ‪ 04‬من مرسوم محاسبة الجماعات الترابية لسنة ‪ ...":9101‬يعهد إلى القباض الجماعيين تحصيل الواجبات‬
‫والرسوم واألتاوى‪ ،‬التي تكون الجماعات المحلية ومجموعاتها مؤهلة القتطاعها عمال بالقوانين واألنظمة المعمول بها وكذا تنفيذ‬
‫ومراقبة نفقات الجماعات أو المجموعات المذكورة‪."...‬‬
‫‪ - 174‬إدريس خدري‪ ،‬اإلسالم واختصاص المال العام‪ ،‬دار النشر المغربية‪ ،‬الدارالبيضاء‪ ،8118 ،‬ص‪.555-553.‬‬

‫‪101‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫يلزم القابض بالرجوع الدائم إلى المصادر القانونية والتنظيمية التي تأذن بالنفقة أو تحدد‬
‫قواعدها وشروطها‪ ،‬وهي مهمة شاقة نظ ار لتنوع النفقات العمومية‪ ،‬وبالتالي كثرة‬
‫النصوص المنظمة لها‪ ،‬هذه الصعوبة ترجع أساسا إلى غياب مدونة جامعة وشاملة‬
‫لكافة النفقات العمومية الجماعية‪.‬‬

‫‪ -9‬قصور الرقابة السياسية للمجلس الجماعية‪:‬‬

‫إن دور المجالس المنتخبة يبقى محدودا ومحصو ار في مجاالت هامشية‪ ،‬ال يمكن‬
‫أن تؤثر بشكل واضح في تنفيذ الميزانية‪ ،‬وال أن تمثل رقابة سياسية حقيقية على‬
‫التصرفات المالية للجهاز التنفيذي للجماعة الترابية‪ ،‬وهذا الوضع راجع إلى االهتمام‬
‫بدور األغلبية الجماعية‪ ،‬والذي ال يتطابق مع خصوصيات واقع الممارسة الجماعية‪،‬‬
‫الذي يعرف احتكار هذه الفئة للتدبير بإقصائها لألقلية الجماعية‪ ،‬ومنعها من حق‬
‫المساهمة في توجيه الشأن الترابي‪ ،‬وهذا راجع لعامل االعتبارات الحزبية التي تفقد‬
‫الرقابة السياسية جانبا من فعاليتها‪ ،‬عالوة على إفراغ الرقابة السياسية من مضمونها‬
‫الحقيقي‪ ،‬والذي يهدف إلى االتجاه نحو إرساء منظومة حقيقية لتأطير النشاط المالي‬
‫الترابي‪ ،‬وتفعيل دور المنتخبين في مجال المراقبة السياسية التي تعطي مدلوال حقيقيا‬
‫للنظام الالمركز بنفسه‪.‬‬

‫يتضح من خالل ما سبق‪ ،‬أن مراقبة وتتبع تنفيذ الميزانية الترابية من طرف‬
‫المجالس المنتخبة‪ ،‬سواء منها الحضرية أو القروية‪ ،‬يبقى في صميم اختصاص و ازرتي‬
‫الداخلية والمالية أو ممثليها المحليين‪ ،175‬وبالتالي يبقى دور المجالس المنتخبة محدودا‬
‫بشكل كبير‪ ،‬وال يمثل رقابة سياسية حقيقية على التصرفات المالية للجهاز التنفيذي‬
‫للجماعة الترابية‪.‬‬

‫‪ -‬المهدي بنمير‪ ،‬الجماعات المحلية والممارسة المالية بالمغرب‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪ ،5..5 ،‬ص‪.591 .‬‬ ‫‪175‬‬

‫‪102‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -9‬إشكالية التنسيق بين األجهزة الرقابية على اآلمر بالصرف‪:‬‬

‫تهدف الرقابة في ميدان المالية الجماعية‪ ،‬وذلك بمختلف أشكالها ومراحلها‪ ،‬إلى‬
‫ضمان احترام مبدأ الشرعية وتحسين مردودية التسيير المالي الترابي‪ ،‬وهي بذلك تخدم‬
‫االستقالل المالي للجماعات الترابية‪ ،‬حيث أنها تحث على االستعمال األمثل للموارد‬
‫وعدم تبديرها‪.‬‬

‫فعلى المستوى اإلداري والمالي‪ ،‬تمارس كل من و ازرة الداخلية وو ازرة المالية عدة‬
‫رقابات بواسطة أجهزة مركزية ‪ ،‬وأخرى ترابية‪.‬‬

‫وتتولى القيام بهذه المهمة عدة أجهزة أولها المفتشية العامة للمالية‪.176‬‬

‫ثاني جهاز تاب ع لو ازرة الداخلية مختص في الرقابة على الجماعات الترابية‪ ،‬وهو‬
‫المفتشية العامة لإلدارة الترابية‪ ،‬التي خولها نظامها األساسي مهمة المراقبة والتحقق من‬
‫التسيير اإلداري والتقني والمحاسبي للمصالح الداخلية أو في إطار أعمال تفتيش‬
‫استثنائية‪.‬‬

‫كذلك تجري المفتشية العامة للمالية التابعة مباشرة للوزير المكلف بالمالية‪،‬‬
‫سلطات تفتيش واسعة‪ ،‬تشمل م ارقبة مصالح الصندوق والمحاسبة‪ ،‬وهي ذات طابع‬
‫مفاجئ‪.‬‬

‫ثاني جهاز تابع لو ازرة المالية هو الخزينة العامة للمملكة‪ ،‬التي تتولى الرقابة على‬
‫تنفيذ الميزانية الجماعية‪ ،‬انطالقا من السلطة التي يمارسها الخازن العام للمملكة على‬
‫محصلي المالية الجهويين واإلقليميين‪ ،‬وكذلك على قباض الجماعات‪.‬‬

‫‪ -‬الظهير الشريف رقم ‪ 89..1..5‬بشأن التفتيش العام للمالية‪ ،‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ ،8582‬بتاريخ ‪ 88‬أبريل‬ ‫‪176‬‬

‫‪ ،5.91‬ص‪.5359 .‬‬

‫‪103‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وعلى مستوى غياب التنسيق وتداخل االختصاصات بين المجالس الجهوية‬


‫للحسابات وو ازرة المالية‪ ،‬فحسب مقتضيات الفقرة ‪ ،0‬المادة ‪ 1‬من القاـنون رقم ‪10-99‬‬
‫المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين الماليين‪ ،‬والمحاسبين العموميين‪،‬‬
‫يالحظ أن المشرع‪ ،‬أناط بوزير المالية‪ ،‬بصفته رئيسا تسلسليا للمحاسبين العموميين‪،‬‬
‫بناء على نتائج أعمال المراقبة التي تقوم بها األجهزة التابعة له‪ ،‬إمكانية إثارة مسؤولية‬
‫هؤالء‪ ،‬والحكم عليهم بأداء المبالغ التي تسببوا في ضياعها‪ ،‬بمعنى أن وزير المالية‪،‬‬
‫يؤدي نفس الوظيفة المنوطة بالمجالس الجهوية للحسابات في مواجهة محاسبي‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬أي أن لهما نفس االختصاص في مجال التدقيق والبت في‬
‫الحسابات‪.177‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬ضعف األداء الرقابي على المستوى العام‬

‫سنركز في هذا الجانب‪ ،‬على محدودية السلطة الزجرية من جهة‪ ،‬وغياب التنسيق‬
‫وتدخل االختصاص من جهة ثانية‪.‬‬

‫‪ -1‬محدودية السلطة الزجرية‪ :‬اعتبر المشرع الجنائي المغربي تبديد أو اختالس‬


‫أو احتجاز المال العام جناية يعاقب عليها بالسجن‪ ،‬تصل عقوبته إلى ‪ 91‬سنة‬
‫مالية‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى غرامة‬

‫أما في مدونة المحاكم المالية‪ ،‬فإن المشرع يستعمل فقط مصطلح مخالفة‪ ،‬وفي‬
‫هذه الحالة‪ ،‬فإن استعمال مصطلح "مخالفة" يحتمل معنيين‪:‬‬

‫‪ -177‬الفقرة ‪ 8‬من المادة ‪ 2‬من القانون رقم ‪ 95-..‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين‬
‫العموميين‪ ،‬بتاريخ ‪ 53‬أبريل ‪ ،8118‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 5...‬بتاريخ ‪ 8.‬أبريل ‪.8118‬‬

‫‪104‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المعنى األول‪ :‬أن المشرع يقصد بمصطلح مخالفة‪ ،178‬التأكيد على أنه حتى لو‬
‫تعلق األمر بمجرد مخالفة‪ ،‬فإن ذلك يحرك ويجر إلى المسؤولية المالية‪ ،‬وفي هذه‬
‫الحالة ال إشكال وينبغي فقط مراعاة المزيد من الوضوح في الصياغة‪ ،‬حتى ال يثير‬
‫ذلك أي لبس أو غموض‪.‬‬

‫والمعنى الثاني‪ :‬وهنا التخوف أن يكون المقصود باستعمال مصطلح مخالفة‬


‫الداللة على بساطة الفعل المرتكب‪ ،‬وفي هذا تبخيس للمسؤولية المالية واستهانة بحرمة‬
‫وقدسية المال العام‪ ،‬وانتقاص من مجهودات القاضي المالي‪.‬‬

‫حتى لو افترضنا أنها مجرد مخالفات بسيطة ال ترقى إلى مستوى الجريمة‬
‫المجتمع‪.‬‬ ‫بمفهومها الجنائي‪ ،‬فإن آثارها سلبية وعميقة على‬

‫فالمساس بالمال العام ال يتعلق فقط بجرائم الموظفين‪ ،‬وانما يتجاوز ذلك إلى‬
‫المساس بحقوق المواطنين جمعاء‪.‬‬

‫عموما‪ ،‬كان من باب أولى على المشرع المغربي على األقل استعمال لفظ‬
‫األفعال الماسة بحرمة المال العام‪ ،179‬حيث أن من شأن ذلك أن يحدث رهبة وردعا‬
‫في نفسية كل من تسول له نفسه المساس بحرمة المال العام‪ ،‬وأيضا للداللة بوضوح‬
‫على خطورة وشناعة الفعل المرتكب‪.‬‬

‫‪ -178‬ال يفوت في هذا الصدد‪ ،‬التنويه بالمشرع المغربي‪ ،‬حيث بغض النظر عن اللفظ المستعمل‪ ،‬فقد حدد بوضوح على سبيل‬
‫الحصر‪ ،‬وبشكل دقيق االنتهاكات‪ ،‬مما ال يترك أي مجال للتداخل في المسؤوليات أو أي غموض‪.‬‬
‫‪ -‬حنان القادري‪ ،‬دور المجالس الجهوية للحسابات في مراقبة مالية الجماعات الترابية – دراسة مقارنة‪ ،-‬أطروحة لنيل‬ ‫‪179‬‬

‫الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،8159-8151‬ص‪.595 .‬‬

‫‪105‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -2‬غياب التنسيق وتداخل االختصاص‪:‬‬

‫وزرة الداخلية في مجال المصادقة‬


‫يظهر تداخل االختصاص‪ ،‬على مستوى رقابة ا‬
‫والتأشير‪ ،‬على عدد هام من أعمال وق اررات الجماعات الترابية‪ ،‬حيث تبرز إشكالية‬
‫مسؤوليتها‪ ،‬بمعنى هل خضوع هذه المقررات واألعمال لمصادقة سلطة الوصاية‬
‫يجعلها مشاركة في اتخاذها بكل استقاللية‪ ،‬خاصة أن هذه الوصاية ال تقتصر على‬
‫جانب المشروعية‪ ،‬بل تتعدى ذلك إلى مراقبة المالءمة وخاصة جانب السعي إلى‬
‫حماية المال العام‪.‬‬

‫أما بخصوص تأثير سلطة الوصاية‪ ،‬في ممارسة المجالس الجهوية للحسابات‪،‬‬
‫لبعض اختصاصاتها‪ ،‬فإنها تلعب دو ار كبي ار في تحديد برنامج هذه المجالس‪ ،‬فيما‬
‫يخص مختلف أوجه المراقبة‪ ،‬خاصة بالنسبة لالختصاصات ذات الطابع اإلداري‪ ،‬ذلك‬
‫أن التقارير التي تحررها المجالس الجهوية للحسابات يتم توجيهها لسلطة الوصاية و‬
‫بالتالي يتوقف األخذ بهذه التوصيات واالقتراحات على السلطة التقديرية لهذه السلطات‪،‬‬
‫وهنا يبرز عدم التكامل والتنسيق بشكل واضح بين هذين الجهازين‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬آثار الرقابة على مالية الجماعات الترابية‬

‫سنعمل في هذا الشق‪ ،‬على التطرق ألهم آثار الرقابة اإلدارية على تنفيذ الميزانية‬
‫الترابية‪ ،‬ثم اآلثار الناجمة عن رقابة القضاء المالي‪.‬‬

‫فالبنسبة آلثار الرقابة اإلدارية فيمكن تحديديها في الـتأثير على مسلسل التنمية‬
‫الترابية ودور االعتبارات الحزبية في تحجيم األداء السياسي للمجلس الجماعي‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -1‬التأثير على مسلسل التنمية الترابية‪:‬‬

‫لقد أبانت الممارسة الترابية‪ ،‬العديد من المشاكل والعوائق‪ ،‬حالت دون تطور‬
‫العمل الجماعي ومسايرته للواقع الذي يطبعه التطور السريع‪ ،‬وما يفرضه الدخول في‬
‫عصر العولمة‪.‬‬

‫وقد كان لضعف الرقابة المالية‪ ،‬األثر البالغ في استفحال ظاهرة سوء التسيير‬
‫المالي‪ ،‬بفسح المجال لبعض المسؤؤولين الترابيين‪ ،‬المفتقدين للوعي بالمصلحة العامة‪،‬‬
‫للتالعب بأموال الجماعة‪ ،‬واغفال تحصيل بعض المداخيل المستحقة لها‪ ،‬إما بسبب‬
‫جهل التقنيات المالية‪ ،‬واما ألسباب سياسية أو شخصية‪ ،‬الشيء الذي أدى إلى ضعف‬
‫الموارد المالية الذاتية‪ ،‬وحرم الجماعات من إحدى الوسائل التدخلية األساسية للنهوض‬
‫بالتنمية الذاتية الترابية‪.‬‬

‫لذلك تعتبر أزمة الموارد المالية أهم إشكالية‪ ،‬تعترض سبيل التنمية‪ ،‬بسبب‬
‫بتركم الباقي‬
‫اإلنفاق العشوائي غير التنموي‪ ،‬وضعف التحصيل المؤدي إلى ما يسمى ا‬
‫استخالصه‪ ،‬الذي أصبح له األثر الكبير في عملية التنمية‪ ،‬وجعل الجماعات دائمة‬
‫الصلة والتبعية للو ازرة الوصية‪ ،‬مما يمس بالمبدأ األساسي الذي تقوم عليه أي جماعة‬
‫ترابية‪ ،‬واالستقالل المالي الذي يبقى بعيد المنال لمجمل الجماعات‪.‬‬

‫ولتجاوز ذلك‪ ،‬تلعب المجالس الجهوية للحسابات دو ار كبي ار في عقلنة تدبير‬


‫المالية الترابية‪ ،‬من خالل تتبع وتقييم الجوانب المادية والكفاءة في التسيير المالي‬
‫الجماعي‪ ،‬شريطة توفير ظروف العمل المالئمة‪ ،‬للتغلب على بعض العراقيل التي قد‬
‫تحد من أدائها (قلة الموارد البشرية‪ ،‬مشكل التنسيق مع األجهزة الرقابية األخرى‪،)...‬‬
‫ألن بعض اإلختصاصات المنوطة بها كالتدقيق ومراقبة التسيير‪ ،‬تؤهلها لجعل‬
‫الجماعات الترابية مواكبة لعملية تدبير الشأن العام المحلي‪ ،‬على ضوء الحلول والبدائل‬

‫‪107‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫التي تخولها ألصحاب القرار الترابيين حيث تعود لهم سلطة التقويم‪ ،‬من خالل تنفيذ‬
‫اإلجراءات التصحيحية المقترحة‪.‬‬

‫‪ -9‬دور االعتبارات الحزبية في تحجيم األداء السياسي للمجالس الجماعية‪:‬‬

‫الواقع أن الرقابة السياسية المنوطة أساسا بالمجلس الجماعي‪ ،‬تبقى غير مستوفية‬
‫لشروط الممارسة على المستويين القانوني والموضوعي‪ ،‬فاالعتبارات الحزبية تشكل أهم‬
‫األسباب في تحجيم الدور السياسي للمجلس الجماعي‪ ،‬خاصة من خالل اعتبارين‬
‫أساسيين‪:‬‬

‫‪ -‬السلطة القانونية لألغلبية الجماعية‪.‬‬

‫‪ -‬اإلقصاء الفعلي لألقلية الجماعية‪.‬‬

‫فالبنسبة لالعتبار األول‪ ،‬تبتدئ األهمية التي تحوز عليها األغلبية الجماعية على‬
‫المستوى الترابي‪ ،‬في االهتمام القانوني الذي أواله القانون التنظيمي للجماعات الترابية‬
‫رقم ‪ 001.04‬المتعلق بالجماعات‪ ،‬لدورها في آليات التسيير الجماعي‪ .‬إال أن هذا‬
‫االعتراف المبدئي بدور األغلبية الجماعية‪ ،‬على المستوى القانوني لم يتطابق مع‬
‫خصوصيات واقع الممارسة الجماعية نتيجة‪ ،‬لتأثير عامل االنتماءات الحزبية‪ ،‬وارتباط‬
‫ذلك بالمستوى السياسي العام الذي يحتاج إلى درجة كبيرة من الوعي الديمقراطي‬
‫واالعتراف بوجود المعارضة‪.180‬‬

‫وعلى العموم‪ ،‬فإن الرقابة السياسية للمجلس الجماعي‪ ،‬والتي تعتمد كأصل‬
‫قانوني على دور األغلبية‪ ،‬تبقى محدودة جدا في إقرار التوجهات الجماعية‪.‬‬

‫‪ -‬المصطفى دليل‪" ،‬المجالس الجماعية وعالقاتها العامة"‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة‬ ‫‪180‬‬

‫مواضيع الساعة‪ ،‬عدد‪ ،5..3 ،3‬ص‪.5..‬‬

‫‪108‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫أما بالنسبة لإلعتبار الثاني‪ ،‬فإنه رغم األهمية القانونية التي التي تحوزها‬
‫األغلبية‪ ،‬في تسيير دواليب الشأن الترابي‪ ،‬فإن األقلية يلزم أن تتوفر مع ذلك على‬
‫حقوق المسائلة والمساهمة البناءة في توجيه الشؤون العامة للجماعات الترابية‪.‬‬

‫فاألغلبية واألقلية داخل المجلس الجماعي‪ ،‬هما في الحقيقة وجهان لعملة واحدة‪،‬‬
‫أي أن عملها يحقق التكامل المفروض أن يثري العمل الجماعي‪ ،‬ويوفر له األرضية‬
‫الصلبة للتطور والترسيخ‪ ،‬لذلك فإن حضور األغلبية بالمجلس الجماعي في غياب‬
‫أقلية قادرة على معارضتها‪ ،‬ومسلحة باإلمكانيات الضرورية للقيام بهذه المهمة من‬
‫قدرات فكرية‪ ،‬ومن حرية في العمل السياسي‪ ،‬يفقدها في حقيقة األمر موجها مهما‬
‫ومنذ ار بعواقب سلبيات احتكار القرار الترابي‪.‬‬

‫‪ -1‬رقابة القضاء المالي‪:‬‬

‫تعتبر الرقابة‪ ،‬أداة ووسيلة مهمة لترشيد وعقلنة تدبير الموارد وحمايتها‪ ،‬من‬
‫التالعبات واالختالالت‪ ،‬عن طريق التركيز على المحاسبة والمساءلة‪ ،‬وكذا على تقييم‬
‫وتقدير أداء اإلدارات العمومية‪.‬‬

‫وألجل ذلك‪ ،‬عمل المغرب على إحداث القضاء المالي الجهوي من أجل تدعيم‬
‫مراقبة القرب‪ ،‬وتعزيز لمسلسل الالمركزية مع عدم التمركز‪ ،‬فضال عن تجاوز سلبيات‬
‫ونواقص االتجاه التقليدي الكالسيكي للرقابة على األموال العمومية‪ ،‬واعتماد تقنيات‬
‫وأسليب معاصرة‪.‬‬

‫في أثرين متالزمين في اآلن نفسه‪:‬‬ ‫‪181‬‬


‫ويمكن إجمال أهم اآلثار‬

‫‪ -‬يتمثل األول في انحصار الرقابة عمليا في الحساب اإلداري المرفوض‪.182‬‬

‫‪ -‬هشام الحسكة‪ ،‬القضاء المالي الجهوي وحكامة الجماعات الترابية‪ ،‬دراسة في اختصاص افتحاص مراقبة تسيير‬ ‫‪181‬‬

‫الجماعات الترابية‪ ،‬المجلة المغربية للسياسات العمومية ‪ ، REMAPP‬العدد ‪ ،8151 ،55‬ص‪.8..‬‬


‫‪ -‬تم حذف الحساب اإلداري وتعويضه بتقرير التدقيق‪ ،‬على ضوء المستجدات التي أتت بها القوانين التنظيمية للجماعات‬ ‫‪182‬‬

‫الترابية‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬أما الثاني فيتمحور حول إضعاف سلطة المجلس الجهوي للحسابات‪ ،‬في مجال‬
‫الرقابة‪ ،‬على إجراءات تنفيذ الميزانية الجماعية‪.‬‬

‫فيما يخص النقطة األولى‪ ،‬فالبرغم من أهمية الرقابة على إجراءات تنفيذ المي ازنية‬
‫الجماعية‪ ،‬من الناحية النظرية‪ ،‬إال أنه على المستوى الميداني‪ ،‬يظهر أن حضور‬
‫المجلس الجهوي للحسابات فيما يخص هذه الرقابة يبقى متواضعا‪.‬‬

‫فالبرجوع إلى تقارير المجلس األعلى للحسابات لسنوات ‪،9110 ،9111 ،9112‬‬
‫وكذا تقرير ‪ ،9119‬يتبين أن المجلس الجهوي للحسابات لم يراقب من إجراءات تنفيذ‬
‫الميزانية‪ ،‬سوى اإلجراء المتعلق بالحساب اإلداري المرفوض‪ ،‬كما كنا معمول به سابقا‪.‬‬

‫في حين أن الغرف الجهوية للحسابات بفرنسا‪ ،‬في مجال الرقابة على الق اررات‬
‫المتعلقة بالميزانية‪ ،‬تتلقى طلبات متنوعة في هذا الصدد‪ ،‬مما مكنها من إبداء آرائها‬
‫بشأن جميع الحاالت التي ينص عليها التشريع الفرنسي‪.‬‬

‫لكن في المغرب‪ ،‬لماذا هناك انحسار في رقابة المجالس الجهوية للحسابات على‬
‫إجراءات تنفيذ الميزانية؟‬

‫ما يمكن القول هو أن سلطة الوصاية تؤشر على عدد هام من مداوالت المجالس‬
‫الترابية‪ ،‬كما تملك أيضا سلطة إحالة هذه القضايا على المجلس الجهوي للحسابات‪،‬‬
‫لذلك فسلطة الوصاية‪ ،‬تتكفل تلقائيا بمعالجة ما قد يعترض إجراءات تنفيذ الميزانية من‬
‫إشكاالت‪ ،‬إال أنها بالنسبة للحساب اإلداري وخاصة الجماعات القروية والحضرية‪ ،‬لم‬
‫تستطع السيطرة على هذه الظاهرة التي تعتبر أحد اإلشكاالت الرئيسية التي تعرفها‬
‫الممارسة المالية الترابية‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬فإنه بعد أن كانت سلطة الوصاية تنفرد بتقرير مدى موضوعية أو عدم‬
‫موضوعية قرار رفض الحساب اإلداري‪ ،‬بناء على معايير تخصها‪ ،‬نص المشرع في‬

‫‪110‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المادة ‪ 041‬من القانون رقم ‪ 19.99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪ ،‬على إحالة‬
‫الحساب اإلداري غير المصادق عليه على المجلس الجهوي للحسابات‪.‬‬

‫ويبدو أن األمر يتعلق برغبة المشرع في إضفاء صبغة شرعية على مواقف‬
‫سلطات الوصاية‪ ،‬من إشكالية رفض المصادقة على الحسابات اإلدارية‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل جعل هذه المواقف تستند إلى آراء أجهزة مستقلة متمثلة في المجالس الجهوية‬
‫للحسابات‪.‬‬

‫فمشكل رفض الحساب اإلداري‪ ،‬يفوق مسألة مخالفة قواعد قانونية‪ ،‬بحيث توجد‬
‫اعتبارات بسوء التدبير‪ ،‬كما توجد أيضا اعتبارات أخرى قد تكون شخصية أو سياسية‪،‬‬
‫أو حتى مادية‪.‬‬

‫فكما يذهب إلى ذلك بعض الباحثين‪ ،‬تشكل لحظة التصويت على الحساب‬
‫اإلداري‪ ،‬كآلية لمراقبة حصيلة التدبير المالي لرئيس المجلس الجماعي‪ ،‬من طرف‬
‫أعضاء هذا المجلس‪ ،‬وسيلة البتزاز الرئيس‪ ،‬والحصول على بعض االمتيازات بغض‬
‫النظر عن تسييره الجيد لشؤون جماعته أم ال‪. 183‬‬

‫فما يجب على القاضي المالي‪ ،‬مراقبته هو المضمون المالي للق اررات المتعلقة‬
‫بتنفيذ الميزانية‪ ،‬وليس فقط المطابقة القانونية‪ ،‬وهذا يتطلب منه أن يركز في ممارسة‬
‫الرقابة على الجوانب المتعلقة بالنتائج‪ ،‬وذلك في إطار تجاوز المفهوم التقليدي للرقابة‪،‬‬
‫وأيضا حتى يتسنى له أن يقوم بدوره التحكيمي في مد الجماعات الترابية وهيئاتها‬
‫باإلرشادات والتوجيهات التي من شأنها أن تعود بالنفع على التدبير الترابي‪.‬‬

‫‪-Mohamed Brahimi, « de l’efficacité des controles exercées sur les collectivités locales »,‬‬
‫‪183‬‬

‫‪REMALD, avril- juin: 1998 , p.41-42.‬‬

‫‪111‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وعلى ضوء تقلص مجال تدخل المجلس الجهوي للحسابات في الرقابة على‬
‫إجراءات تنفيذ ميزانيات الجماعات الترابية وهيئاتها‪ ،‬تبرز حقيقة أخرى تتمثل في‬
‫إضعاف دور أو سلطة المجلس في هذا المجال‪.‬‬

‫وهذا ما سيتم التطرق له‪ ،‬كنقطة ثانية في مجال رقابة القضاء المالي؟‬

‫ال مجال للشك في أن المجلس الجهوي للحسابات بحكم تواجده على المستوى‬
‫الترابي من خالل مختلف االختصاصات المسندة إليه‪ ،‬قد أصبح شريكا أساسيا في‬
‫التنمية الترابية‪.‬‬

‫إال أنه‪ -‬على المستوى العملي‪ -‬ال زال غير قادر على بلورة هذا الدور إلى واقع‬
‫ملموس في مجال المساهمة في تحسين شروط تنفيذ ميزانيات الجماعات الترابية‬
‫وهيئاتها‪ ،‬ومرد ذلك راجع إلى وجود عدة حدود وعوائق‪ ،‬ويبقى العائق األساسي واألكثر‬
‫تأثي ار على مردودية المجلس الجهوي للحسابات‪ ،‬في مجال رقابته على تنفيذ ميزانيات‬
‫الجماعات الترابية وهيئاتها‪ ،‬يرجع باألساس إلى محورية وثقل تواجد سلطة الوصاية‬
‫على المستوى الترابي‪ ،‬والذي تترجم من خالل ما يمكن تسميته " باالمتيازات" التي‬
‫منحها المشرع لسلطة الوصاية والتي أضعفت سلطة المجلس الجهوي للحسابات‪ ،‬حيث‬
‫ال يمكن لهذا األخير أن يحرك ساكنا إال إذا أرادت سلطة الوصاية ذلك‪ ،‬وفي الملفات‬
‫التي تقرر إحالتها عليه مع احتمال عدم تنفيذ آرائه بخصوص هذه القضايا‪.‬‬

‫ومن أجل فهم هذا التأثير‪ ،‬وجب استحضار مسألتين هامتين‪:‬‬

‫المسألة األولى تتعلق بمحدودية مبدأ فصل السلط‪ ،‬وامكانية التداخل بين السلطة‬
‫التشريعية والتنفيذية والقضائية‪.‬‬

‫أما المسألة الثانية فتتعلق بطبيعة العالقة المركزية ‪ -‬الترابية‪ ،‬نظ ار للتواجد القوي‬
‫لبعض األجهزة المركزية على المستوى الترابي‪ ،‬من ضمنها و ازرة الداخلية‪ ،‬التي‬

‫‪112‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫باإلضافة إلى مهامها الكالسيكية والمرتبطة أساسا باألمن والحفاظ على النظام العام‪،‬‬
‫تضطلع بمهام أخرى مرتبطة بجمع المعلومات‪ ،‬ومراقبة الجماعات الترابية والساكنة‬
‫بشكل عام‪.184‬‬

‫وعموما‪ ،‬فالرقابة المفروضة على مالية وميزانية الجماعات الترابية‪ ،‬بتعدد آلياتها‬
‫ووسائل تدخلها‪ ،‬وتأثيرها على ممارستها الختصاصاتها‪ ،‬بقدر ما تعتبر أساسية‪ ،‬ومن‬
‫أهم مبادئ النظام الالمركزي‪ ،‬تعتبر بمثابة محدد للنشاط المالي الترابي‪ ،‬ومقلص‬
‫لالستقالل المالي للهيئات الالمركزية‪.‬‬

‫فالتقابل بين االستقالل المالي للجماعات الترابية والرقابة المفروضة عليها‪ ،‬يجد‬
‫أساسه في قياس درجة الرقابة‪ ،‬وتدخل السلطات المركزية في م ارقبة النشاط المالي‬
‫الترابي أو التأثير عليه أو حتى توجيهه‪ ،‬فكلما ازدادت إكراهات الرقابة‪ ،‬وثقل تدخلها‬
‫وتأثيرها في التدبير المالي للجماعات الترابية‪ ،‬كلما تقلصت درجة استقاللها المالي‬
‫الفعلي والواقعي‪ ،‬وبقيت رهينة التوجهات المركزية اإلدارية والمالية‪.‬‬

‫فثقل الرقابة‪ ،‬واألهمية التي يكتسيها التدخل الرقابي للسلطات المركزية‪ ،‬على‬
‫التدبير المالي الترابي ‪ ،‬يقابل االستقالل المالي للجماعات الترابية ويعد بمثابة المقابل‬
‫الموضوعي والواقعي لتخويل الجماعات الترابية حق ممارستها الختصاصاتها‪،‬‬
‫وممارستها لمهامها بالحرية الالزمة وبالقدرة المالئمة والمناسبة على اتخاذ القرار المالي‬
‫وتنفيذه‪.‬‬

‫وهذا التقابل يعتبر من أهم اإلشكاالت المتعلقة بمناقشة االستقالل المالي للهيئات‬
‫الالمركزية بالمغرب‪ ،‬وال تقتصر هذه االشكاالت على التدخل الرقابي المباشر وحدود‬
‫ممارسة الجماعات الترابية الختصاصاتها التنموية‪ ،‬إنما يطال بشكل أساسي مجال‬

‫‪- Michel Rousset, « le rôle du ministère de l’intérieur et sa place au sein de l’administration‬‬


‫‪184‬‬

‫‪Marocaine », Ed C.N.R.S, Paris, 1975, p.1.‬‬

‫‪113‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫التمويل الذي يعد من أهم العناصر المؤثرة في القدرات التدبيرية للجماعات الترابية‪،‬‬
‫مما يعتبر بدوره تمظهرات تدخل السلطات المركزية في التدبير المالي الترابي أو‬
‫توجيهه‪ ،‬وهو ما يطرح بدوره إشكاالت عدة تتعلق من جهة بحدود االستقالل المالي‬
‫للجماعات الترابية‪ ،‬ومن جهة بالضمانات القانونية والمالية لتعزيز هذا االستقالل‪،‬‬
‫وجعله واقعا قانونيا وفعليا‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫خاتمة الفصل األول‬

‫يتضح مما سبق‪ ،‬أن تدبير موارد الجماعات الترابية‪ ،‬بالمغرب جاء نتيجة‬
‫لتطور البناء المؤسساتي على المستوى الترابي‪ ،‬وللمتغيرات االقتصادية واالجتماعية‬
‫والسياسية‪ ،‬هذا زيادة على ظهور مجموعة من الصعوبات واإلختالالت‪ ،‬ساهمت‬
‫مجتمعة في التأثير على طبيعة تدبير الموارد المالية للجماعات الترابية‪ ،‬الشيء الذي‬
‫فرض تجاوز القانون رقم ‪ 74-60‬المتعلق بالجبايات المحلية‪ ،‬على ضوء التفكير في‬
‫إعادة ترتيب مكونات المنظومة الجبائية المحلية‪ ،‬بين مختلف الوحدات الترابية‪،‬‬
‫وباستحضار مقترحات تقرير اللجنة االستشارية للجهوية‪.‬‬

‫إن تطوير وتجويد تدبير الموارد المالية للجماعات الترابية‪ ،‬يستوجب إعداد‬
‫سياس ية عمومية في مجال المالية الترابية‪ ،‬من خالل تبني سياسة إستراتيجية‪ ،‬بأهداف‬
‫متوسطة األمد‪ ،‬تجمع كل مكونات وعناصر الموارد الترابية سواء الموارد الجبائية وغير‬
‫الجبائية‪ .‬وفق إرادة قوية الستخالص الموارد خاصة بكل جماعة وخلق أنشطة مدرة‬
‫بالدخل لفائدة الجماعات الترابية‪.‬‬

‫فأمام رهان الجهوية المتقدمة‪ ،‬سيطالب صناع القرار ببالدنا‪ ،‬بفتح أوراش متعددة‬
‫من اإلصالحات البنيوية‪ ،‬من خالل تعديل الترسانة القانونية والتنظيمية للجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬وذلك بهدف توفير الشروط األساسية‪ ،‬لنجاح رهان الجهوية المتقدمة‪ ،‬واسناد‬
‫اختصاصات جديدة للجهات‪ ،‬في مجال التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬وتمويل هذه‬
‫اإلختصاصات الجديدة‪ ،‬يحتاج إلى تنمية الموارد الذاتية للجهات‪ ،‬ولن تتأتى تنمية هذه‬
‫الموارد إال بتقوية األداة الجبائية‪ .‬وذلك بهدف الوصول إلى جهوية تمشي بسرعة‬
‫واحدة‪ ،‬حسب ما جاء في الخطاب الملكي التاريخي ل ‪ 60‬مارس ‪ " 1622‬جهوية‬
‫قائمة على حكامة جيدة تكفل توزيعا منصفا وجديدا‪ ،‬ليس فقط على مستوى‬
‫االختصاصات‪ ،‬وانما أيضا لإلمكاناتبين المركز والجهات‪ .‬ذلك أننا‪ ،‬ال نريد جهوية‬

‫‪115‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫بسرعتين ‪ :‬جهات محظوظة‪ ،‬تتوفرعلى الموارد الكافية لتقدمها‪ ،‬وجهات محتاجة‪ ،‬تفتقر‬
‫لشروط التنمية"‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الفصل الثاني‪ :‬طبيعة تدبير اإلنفاق الترابي‬

‫تتأطر مختلف األدوار التي تقوم بها المجالس التداولية‪ ،‬في ميدان التنمية‬
‫الترابية في مجمل االختصاصات التي يمنحها القانون للجماعات الترابية من أجل‬
‫تدعيم مسلسل الالمركزية‪ ،‬بتوفير الموارد الضرورية – ذات الكفاءة والمردودية العالية–‬
‫في مختلف المجاالت اإلدارية والبشرية والمالية‪ ،‬التي تساهم بشكل كبير في ترجمة‬
‫المخططات والبرامج التنموية على أرض الواقع‪ ،‬األمر الذي يسمح لهذه الوحدات‪،‬‬
‫برسم سياسة عمومية ترابية واضحة المعالم‪ ،‬تستخدم في بلوغ األهداف التنموية‬
‫المحددة سلفا‪.‬‬

‫إن اإلختصاصات المخولة للجماعات الترابية بالمغرب‪ ،‬بحكم النصوص القانونية‬


‫المنظمة‪ ،‬لها تتطلب إنفاقا ماليا يرتبط بحجم بنود وفصول الجزء المتعلق بميزانية‬
‫التسيير‪ ،‬ألن عملية اإلنفاق في حد ذاتها‪ ،‬تعتبر التنفيذ الفعلي للميزانية الترابية‪،‬‬
‫وتقتضي تدبي ار محكما‪ ،‬واإلستغناء عن بعض الممارسات الالتنموية في التسيير المالي‬
‫الترابي‪ .‬فشرعية الجماعة الترابية‪ ،‬لها عالقة بضبط تدبيرها الداخلي‪ ،‬وفعالية تصرفاتها‬
‫والنجاعة في إنفاقها بشكل يقوي قدرتها على التاثير في محيطها‪ ،‬وذلك بإعطاء أكبر‬
‫فعالية لتدبير الفعل العمومي‪ ،‬باستعمال أقل ما يمكن من الموارد الترابية‪ ،‬وتوظيفها في‬
‫التنمية السليمة‪.‬‬

‫ويتطلب تنفيذ هذه السياسة‪ ،‬إنفاق أموال باهظة تتناسب وحجم االختصاصات‬
‫المعهود بها إلى هذه المجالس الترابية المنتخبة‪ ،‬وهو أمر جعل المشرع المغربي يعمل‬
‫من خالل القوانين التنظيمية للحماعات الترابية‪ ،‬على إقرار النفقات التسييرية‪ ،‬التي تهم‬
‫الميادين الحيوية المتعلقة بكينونة الجماعة وبقائها‪ ،‬أوالنفقات التجهيزية التي تهدف إلى‬
‫تنمية الجماعة الترابية وتوفير الخدمات األساسية للساكنة الترابية‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫غير أن مسألة تدبير اإلنفاق المالي الترابي‪ ،‬ما زالت تطرح وبحدة على صعيد‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬وهذا ما ستتم معالجته من خالل التطرق لمجاالت ومراحل اإلنفاق‬
‫المالي الترابي (المبحث األول)‪ ،‬وكذا إكراهات اإلنفاق المالي الترابي (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مجاالت ومراحل اإلنفاق المالي الترابي‬

‫يعرف الفقه المالي النفقة الترابية بأنها "مبلغ من المال تقتطعه إحدى الجماعات‬
‫الترابية من أموالها قصد إشباع حاجة عامة ترابية"‪ ،‬يالحظ من خالل هذا التعريف‪ ،‬أن‬
‫اشتراط صدور النفقة الترابية‪ ،‬عن جهاز عام ترابي‪ ،‬يعد ركنا أساسيا لوجودها‪ ،‬وأن‬
‫تكون هذه المبالغ داخلة في الذمة المالية للجماعات الترابية‪ .‬كذلك تكمن الغاية من‬
‫النفقات الترابية‪ ،‬في إشباع حاجات عامة ترابية وتحقيق النفع العام‪ ،‬وليس تحقيق نفع‬
‫خاص أو مصلحة خاصة لفئة معينة‪ ،‬وبالتالي ال تعتبر من قبيل النفقات الترابية‪ ،‬تلك‬
‫النفقات التي تهدف إلى إشباع حاجة خاصة أي تحقيق نفع خاص‪ .‬وتبرير هذا الشرط‬
‫في سببين أساسيين‪:‬‬

‫‪ -0‬أن المبرر الوحيد للنفقات الترابية‪ ،‬هو وجود حاجة عامة ترابية تتولى‬
‫الجماعة إشباعها يهدف إلى تحقيق المنفعة العامة الترابية‪.‬‬

‫‪ -9‬إذا كان اإلنفاق يهدف إلى نفع خاص‪ ،‬فإنه يخرج عن إطار النفقات الترابية‪،‬‬
‫ألنه يتعارض مع مبدأ المساواة والعدالة بين أفراد المجتمع الترابي في تحمل األعباء‪،‬‬
‫حيث إن جميع األفراد متساوون في تحمل األعباء العامة‪ ،‬ومن ثم فهم متساوون كذلك‬
‫في االنتفاع بنفقات الجماعات الترابية‪.‬‬

‫وعنصر إشباع الحاجات العامة الترابية يعني أن تهدف إلى تحقيق نفع عام‪،‬‬
‫يعود على السكان المحليين‪ ،‬بمعنى تغطية مجاالت متعددة ومتنوعة‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المطلب األول‪ :‬تعدد مجاالت االنفاق الترابي‬

‫إن مجاالت اإلنفاق المالي الترابي‪ ،‬هي شكل مصغر لمجاالت اإلنفاق‪185‬على‬
‫مستوى الدولة‪ ،‬وهذا التشابه راجع باألساس إلى ت ارجع دور الدولة لفائدة الجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬في إطار مقاربة ترتكز على العالقة التكاملية بين المركز والمحيط‪ ،‬وهكذا‬
‫أصبح ينظر للجماعات الترابية كشريك أساسي في العملية التنموية لبالدنا على جميع‬
‫األصعدة االجتماعية االقتصادية واإلدارية ‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مجال الشؤون االجتماعية‬

‫المقصود هنا النفقات االجتماعية التي تستهدف تحسين ظروف عيش الساكنة‪،‬‬
‫عبر تحسين مستوى واطار العيش‪ ،‬والمساهمة في توفير السكن الالئق‪ ،‬وتوسيع الولوج‬
‫للخدمات الصحية والرياضية والثقافية والترفيهية‪ ،‬والمساهمة في التشغيل ومحاربة‬
‫البطالة واألمية والفقر‪ ،...‬وعموما كل ما يندرج ضمن التنمية االجتماعية للجماعة‬
‫‪.186‬‬

‫وقد استعرض القانون التنظيمي للجماعات‪ ،187‬عددا من االختصاصات سوسيو‪-‬‬


‫اقتصادية يقتضي التنفيذ الفعلي لها توفير مداخيل لتغطيتها‪ ،‬وتظهر هذه‬
‫االختصاصات فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬مكاوي نصير‪ ،‬تدبير مالية الحماعات المحلية‪ :‬دار ابي رقراق للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،‬الرباط‪ ،8155 ،‬ص‪.‬‬ ‫‪185‬‬

‫‪.88‬‬
‫‪186‬‬
‫‪- Larbi Jiadi, la gestion des finances public locales : déparages et disciplines, in reforme de la‬‬
‫‪fiscalité locale, CNC, N° 37, juin 9110, vol. 1, p. 65.‬‬
‫‪ - 187‬ظهير شريف ‪ ،5.51.21‬صادر في ‪ 81‬رمضان ‪ 8(5539‬يوليوز ‪ ،)8151‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم‪553.55 ،‬‬
‫المتعلق بالجماعات‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المادة ‪" :99‬يفصل مجلس الجماعة بمدوالته في القضايا التي تدخل في‬
‫اختصاصات الجماعة ويمارس الصالحيات الموكولة إليه بموجب أحكام هذا القانون‬
‫التنظيمي‪.‬‬

‫يتداول مجلس الجماعة في القضايا التالية‪:‬‬

‫]‪ [….‬التنمية االقتصادية واالجتماعية‪."...‬‬

‫المادة‪" :01‬تضع الجماعة‪ ،‬تحت إشراف رئيس مجلسها‪ ،‬برنامج عمل الجماعة‬
‫وتعمل على تتبعه وتحيينه وتقييمه‪.‬‬

‫ويحدد هذا البرنامج األعمال التنموية المقرر إنجازها أو المساهمة فيها بتراب‬
‫الجماعة خالل مدة ست (‪ )1‬سنوات‪.‬‬

‫يتم إعداد برنامج عمل الجماعة في السنة االولى من مدة انتداب المجلس على‬
‫أبعد تقدير بانسجام مع توجهات برنامج التنمية الجهوية ووفق منهج تشاركي‪ ،‬وبتنسيق‬
‫مع عامل العمالة أو االقليم‪ ،‬أو من ينوب عنه‪ ،‬بصفته مكلفا بتنسيق أنشطة المصالح‬
‫الالممركزة لإلدارة المركزية‪.‬‬

‫يجب أن يتضمن برنامج عمل الجماعة تشخيصا لحاجيات وامكانيات الجماعة‪،‬‬


‫وتحديدا ألولوياتها وتقييما لمواردها ونفقاتها التقديرية‪ ،‬الخاصة بالسنوات الثالث‬
‫األولى‪ ،‬وأن يأخذ بعين اإلعتبار مقاربة النوع"‪.‬‬

‫كذلك األمر بالنسبة للعماالت واألقاليم‪ ،‬ينص المشرع في الفصل‪ 01‬من القانون‬
‫رقم ‪ ،009.04‬المتعلق بالعماالت واألقاليم على ما يلي‪ :‬تناط بالعمالة أو اإلقليم داخل‬
‫دا ئرتها الترابية مهام النهوض بالتنمية االجتماعية خاصة في الوسط القروي وكذا في‬

‫‪120‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المجاالت الحضرية‪ .‬كما تتمثل هذه المهام في تعزيز النجاعة والتعاضد والتعاون بين‬
‫الجماعات المتواجدة بترابها‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار يضع المجلس برنامج التنمية للعمال أو لإلقليم‪ ،‬ويعمل على‬
‫تتبعه وتحيينه وتقييمه‪.188‬‬

‫أما الجهات فينص المشرع‪ ،‬على اختصاصت الجهة في التنمية االقتصادية من‬
‫خالل المادة ‪ 19‬من القانون التنظيمي رقم ‪ ،000.04‬وذلك وفق برنامج التنمية‬
‫الجهوية‪ ،‬الذي يضعه مجلس الجهة تحت إشراف رئيسه‪ ،‬خالل السنة األولى من مدة‬
‫االنتداب‪ ،‬والذي يحدد فيه‪ ،‬األعمال التنموية المقرر برمجتها أو إنجازها بتراب الجهة‪،‬‬
‫لمدة ست سنوات‪.189‬‬

‫ويوضح الجدول اآلتي‪ ،‬مجاالت اإلنفاق الترابي‪ ،‬على المستوى السوسيو‬


‫اقتصادي لسنة ‪ ،9111‬بالنسبة لكل صنف من أصناف الجماعات الترابية‪.‬‬

‫‪ -188‬القانون التنظيمي رقم ‪ 558.55‬المتعلق بالجهات‪ ،‬ظهير شريف رقم‪ ،5.51.25‬الصادر في ‪ 81‬من رمضان ‪5539‬‬
‫(‪ 8‬يوليوز‪ ،)8151‬المادة ‪.21‬‬
‫‪ - 189‬القانون التنظيمي رقم ‪ 555.55‬المتعلق بالجهات‪ ،‬ظهير شريف رقم ‪ ،5.51.23‬صادر في‪ 81‬رمضان ‪8( 5539‬‬
‫يوليوز‪ ،)8151‬المادة ‪.23‬‬

‫‪121‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫جدول رقم ‪ :4‬يوضح توزيع المصاريف االقتصادية واالجتماعية حسب مختلف أصناف‬
‫‪190‬‬
‫الجماعات الترابية لسنة ‪2882‬‬

‫المجموع‬ ‫الجماعات‬ ‫الجماعات‬ ‫العماالت‬ ‫الجهات‬ ‫العناوين‬


‫القروية‬ ‫الحضرية‬ ‫واألقاليم‬
‫‪323769163‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪239590563‬‬ ‫‪33824100‬‬ ‫‪50354500‬‬
‫مجال الشؤون االجتماعية‬

‫‪106114008‬‬ ‫‪69338008‬‬ ‫‪18831500‬‬ ‫‪17944500‬‬


‫المساعدات االجتماعية‬
‫‪69239900‬‬ ‫‪52273900‬‬ ‫‪6706000‬‬ ‫‪10260000‬‬
‫مساعدات للرياضة واالستجمام‬
‫‪58325493‬‬ ‫‪55709493‬‬ ‫‪1486000‬‬ ‫‪1130000‬‬ ‫العالجات والمحافظة على الصحة‬
‫‪3772100‬‬ ‫‪2672100‬‬ ‫‪1100000‬‬
‫المحافظة على المراكز االستشفائية‬
‫والمستوصفات‬
‫‪11740478‬‬ ‫‪7891978‬‬ ‫‪1263500‬‬ ‫‪2585000‬‬ ‫التعليم االبتدائي‬

‫‪6331100‬‬ ‫‪4350600‬‬ ‫‪340500‬‬ ‫‪1640000‬‬ ‫التعليم الثانوي‬

‫‪10371900‬‬ ‫‪7404300‬‬ ‫‪1622600‬‬ ‫‪1345000‬‬ ‫التكوين المهني‬

‫‪44190707‬‬ ‫‪26618707‬‬ ‫‪3262000‬‬ ‫‪14310000‬‬ ‫الثقافة وفنون جميلة‬


‫‪13683477‬‬ ‫‪13331477‬‬ ‫‪312000‬‬ ‫‪40000‬‬
‫أنشطة ثقافية‬
‫‪957200‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪237000‬‬ ‫‪200‬‬ ‫‪416666‬‬
‫مجال الشؤون االقتصادية‬
‫‪44200‬‬ ‫‪24000‬‬ ‫‪200‬‬ ‫‪16666‬‬ ‫األنشطة الفالحية‬
‫‪913000‬‬ ‫‪213000‬‬ ‫‪466666‬‬ ‫األنشطة التجارية‬

‫يظهر من خالل القراءة األولية للجدول ما يلي ‪:‬‬

‫‪ - 190‬المصدر‪ ،‬مقتطف من الجماعات المحلية باألرقام‪ ،‬منشورات و ازرة الداخلية‪ ،‬المديرية العامة للجماعات المحلية‪ ،‬طبعة‬
‫‪ ،8155‬ص‪..8 .‬‬

‫‪122‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬انعدام مساهمة الجماعات القروية‪ ،‬في مجال الشؤون اإلقتصادية واإلجتماعية‪،‬‬


‫زيادة على أن هذه الجماعات تعاني من فقر على مستوى المؤشرات االقتصادية‬
‫واالجتماعية‪.‬‬

‫‪ -‬هيمنة مجال الشؤون االجتماعية‪ ،‬على مجال الشؤون االقتصادية‪ ،‬سواء على‬
‫مستوى نفقات التسيير أو نفقات التجهيز‪.‬‬

‫وعلى سبيل المقارنة‪ ،‬أفردت التجربة الفرنسية طبقا لقانون ‪ 9‬مارس ‪،0919‬‬
‫إمكانية تقديم مساعدات لتمويل التنمية االقتصادية‪ ،‬وذلك على شكل نفقات مباشرة‬
‫أوغير مباشرة ‪.191‬‬

‫على المستوى االجتماعي‪ ،‬أقر قانون ‪ 99‬يوليوز‪ 0911‬للجماعات الترابية‪،‬‬


‫اختصاص في المجال االجتماعي‪ ،‬وذلك بواسطة مساعدة اجتماعية للطفولة واألسرة‪،‬‬
‫واألشخاص المسنين والمعاقين‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مجال الشؤون اإلدارية والتقنية‬

‫إن ما تعرفه نفقات التسيير من تزايد مطرد على المستوى الترابي‪ ،‬يؤثر سلبا على‬
‫الميزانيات الترابية‪ ،‬حيث يمتص الموارد العادية‪ ،‬ويجعلها في وضعية عجز مالي‪،‬‬
‫يوازن عن طريق إمدادات التسيير‪ ،‬الشيء الذي ال يخدم تدعيم االستقالل المالي‬
‫للجماعات الترابية‪ ،‬فوتيرة التزايد التي عرفتها نفقات التسيير‪ ،‬تضاعفت أكثر مقارنة مع‬
‫نفقات االستثمار‪.192‬‬

‫‪191‬‬
‫‪Raymond Muzellec, finances locales , Dalloz, 4éme édition, France, 2002 , p.195 et 196.‬‬
‫‪ -‬عبد المجيد أسعد‪ :‬مالية الجماعات المحلية بالمغرب‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬البيضاء‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،5..1 ،‬ص‪.‬‬ ‫‪192‬‬

‫‪.1-5‬‬

‫‪123‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫ويتم تصنيفها إلى نفقات خاصة بالمجلس وبالموظفين‪ ،‬وأخرى مرتبطة أساسا‬
‫بتسيير اإلدارة والمصالح المرتبطة بها‪.‬‬

‫فنفقات التسيير المتعلقة بالمجلس الجماعي‪ ،‬ترتبط أساسا بتعويضات األعضاء‬


‫ومصاريف األعياد واالحتفاالت الرسمية‪ ،‬ومصاريف تنظيم الندوات‪...‬والمالحظ أن‬
‫حجم هذه النفقات يبقى مرتفعا‪ ،‬ليطرح السؤال حول الخصاص الذي تعاني منه‬
‫قطاعات أخرى مهمة كمصاريف تكوين الموظفين والمكتبات‪ ،....‬على حساب‬
‫مصاريف رئيس المجلس الجماعي داخل وخارج الوطن‪ ،‬وهذا ما نصت عليه المادة‬
‫‪ 009‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 001.04‬المتعلق بالجماعات‪.‬‬

‫أما بالنسبة للعماالت واألقاليم‪ ،‬فتنص المادة ‪ 009‬من القانون التنظيمي رقم‬
‫‪ 009.04‬المتعلق بالعماالت واألقاليم‪ ،‬على ما يلي‪:‬‬

‫تشتمل نفقات التسيير على‪:‬‬

‫‪ -‬نفقات الموظفين واألعوان والمعدات المرتبطة بتسيير المرافق التابعة للعمالـة أو‬
‫اإلقليم؛‬

‫‪ -‬المصــاريف المتعلقــة بإرجــاع الــدين واإلمــدادات الممنوحــة مــن لــدن العمال ــة أو‬
‫اإلقليم؛‬

‫‪ -‬النفقــات المتعلقــة بتنفيــذ الق ـ اررات واألحكــام القضــائية الصــادرة ضــد العمال ــة أو‬
‫اإلقليم؛‬

‫‪ -‬النفقات المتعلقة بالتسديدات والتخفيضات واإلرجاعات الضريبية؛‬

‫‪ -‬النفقات الطارئة والمخصصات االحتياطية؛‬

‫‪124‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬النفقات المتعلقة بااللتزامات المالية الناتجـة عـن اإلتفاقيـات والعقـود المبرمـة مـن‬
‫لدن العمالة أو اإلقليم؛‬

‫‪ -‬النفقات المختلفة المتعلقة بتدخل العمالة أو اإلقليم‪.‬‬

‫وكذلك األمر بالنسبة للجهات‪ ،‬وهذا ما تنص عليه المادة ‪ 004‬من القانون‬
‫التنظيمي رقم ‪ 000.04‬المتعلق بالجهات‪.‬‬

‫وعموما‪ ،‬فالبنسبة لنفقات المتعلقة بأجور الموظفين‪ ،‬فتحتل المرتبة األولى على‬
‫مستوى نفقات التسيير‪ ،‬حيث يتراوح المعدل في هذا الشأن من ‪ %22‬إلى ‪ %11‬في‬
‫بعض الجماعات علما أن العديد من الجماعات ال تغطي مواردها الذاتية‪ ،‬ولو جزء‬
‫بسيط من نفقات التسيير‪.193‬‬

‫وتتمثل هذه النفقات باألساس‪ ،‬في مرتبات وتعويضات وأقساط التأمين الخاصة‬
‫بحوادث الشغل والمعاشات‪ ،‬ومساهمة الجماعة في منظمات االحتياط أو تقاعد‬
‫الموظفين العاملين بالجماعة‪ ،‬والمساهمة في نفقات لباس أعوان الجماعة الذين‬
‫يتمتعون بهذا الحق قانونا‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬فتضخيم الوظيفة الجماعية باألطر العليا لم يثقل كاهل الجماعة‬
‫فحسب‪ ،‬بل ساهم كذلك في خلق وظائف غير مجدية وغير منسجمة من حيث‬
‫التخصص‪ ،‬مع طبيعة هذه الوظيفة المحلية‪ ،‬مثل ما حصل مع حاملي شواهد‬
‫البيولوجيا‪ ،‬والفيزياء والكيمياء‪...‬الخ‪.‬‬

‫فضال على أن األطر العليا توجهت في الغالب إلى الميدان اإلداري‪ ،‬مع العلم أن‬
‫طبيعة العمل الجماعي في حاجة ماسة إلى األطر التقنية‪ ،‬كما أن هذا التوظيف كان‬

‫‪ -193‬صالح الدين اكريالن‪ ،‬الميثاق الجماعي‪ :‬قراءة تحليلية‪ ،‬مطبعة‪ ، SAVOIR PRINT‬الطبعة األولى‪ ،811. ،‬ص‪.‬‬
‫‪.93-98‬‬

‫‪125‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫له انعكاس سلبي على مستقبل طاقات الجماعات‪ ،‬حيث أصبحت هذه األخيرة تحتاج‬
‫إلى التخصصات الحديثة‪ ،‬كما هو الشأن بخصوص اإلعالميات‪ ،‬التدبير الحضري‬
‫والمحاسبة‪ ،‬وغيره من التخصصات‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬فقد عرض المشرع في القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬وبنوع من‬
‫التفصيل نفقات الجماعات الترابية اإلجبارية‪ ،194‬والمتمثلة في‪:‬‬

‫‪ -‬الرواتب والتعويضات الممنوحة للموارد البشرية وكذا أقساط التأمين؛‬

‫‪ -‬مساهمة الجماعة الترابية‪ ،‬في هيئات االحتياط وصناديق تقاعد الموارد البشرية‬
‫والمساهمة في نفقات التعاضديات؛‬

‫‪ -‬المصاريف المتعلقة باستهالك الماء والكهرباء والمواصالت؛‬

‫‪ -‬الديون المستحقة؛‬

‫‪ -‬المساهمات الواجب تحويلها لفائدة مجموعات الجهات ومجموعات الجماعات‬


‫الترابية؛‬

‫‪ -‬اإللتزامات المالية الناتجة عن االتفاقيات والعقود المبرمة من لدن الجماعة‬


‫الترابية؛‬

‫‪ -‬النفقات المتعلقة بتنفيذ الق اررات واألحكام القضائية الصادرة ضد الجماعة‬


‫الترابية‪.‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 525‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 553.55‬المتعلق المتعلق بالجماعات‪.‬‬ ‫‪194‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 585‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 558.55‬المتعلق بالعماالت واألقاليم‪.‬‬


‫‪ -‬المادة ‪ 5.9‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 555.55‬المتعلق بالجهات‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫فلماذا أعاد المشرع التأكيد على إجباريتها؟ أال تؤدي هذه اإلجبارية إلى الزيادة‬
‫من تقليص استقاللية الجماعات الترابية على المستوى المالي؟‬

‫نعتقد على أن اإلجابة على السؤالين المذكورين‪ ،‬ترتبط ارتباطا وثيقا بمدى‬
‫ضرورة هذه النفقات لحياة الجماعة الترابية‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ ،‬أن عالقة إجبارية النفقة‬
‫بتقليص حيز االستقالل المالي تكمن في طبيعة النفقة‪ ،‬ومدى إمكانية تجاوزها أو‬
‫تأجيلها‪.‬‬

‫فالنفقات التسييرية المنصوص عليها سابقا‪ ،‬تعتبر نفقات أولية ترتبط بالسير‬
‫العادي والطبيعي ألية جماعة ترابية وبمهامها‪ ،‬وما تقوم به هذه األخيرة من خدمات‬
‫تلبية للحاجات العامة للسكان‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬نفقات تسيير اإلدارة والمصالح المرتبطة بها‬

‫يمكن تصنيف هذه النفقات إلى‪:‬‬

‫‪ -‬نفقات لتسيير اإلدارة والمصالح المرتبطة بها‪.‬‬


‫‪ -‬نفقات التسيير المختلفة‪.‬‬
‫‪ -1‬نفقات تسيير اإلدارة والمصالح المرتبطة بها‪:‬‬
‫يدخل ضمن هذه النفقات‪ ،‬جميع المصاريف المنفقة لضمان حسن سير المصالح‬
‫اإلدارية‪ ،‬والمصالح المرتبطة بها التابعة للجماعة‪.‬‬
‫وتشمل هذه النفقات مصاريف األدوات والتجهيزات التي تعتمد عليها الجماعة‪،‬‬
‫من شراء لوازم المكاتب والمطبوعات ونفقات االشتراك في الجريدة الرسمية‪ ،‬وصوائر‬
‫المراسالت‪ ،‬العقود والتنبر وصيانة األدوات واألثاث ومصاريف االستقباالت واألعياد‬
‫والحفالت والنفقات المتعلقة بتسيير العربات كشراء الوقود‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -2‬نفقات التسيير المختلفة‪:‬‬


‫تشمل هذه النفقات كل من‪:‬‬
‫‪ -‬اإلمدادات واإلعانات الممنوحة للجمعيات والهيئات الترابية‪.‬‬
‫‪ -‬مصاريف طارئة‪.‬‬
‫‪ -‬أداء الحصص السنوية لالقتراض‪.‬‬
‫‪ -‬مساهمة لكراء القابض‪.‬‬
‫‪ -‬صوائر التأمين عن المسؤولية المدنية للجماعة‪.‬‬
‫‪ -‬مدفوع الفائض التقديري للجزء الثاني من المي ازنية‪.‬‬
‫ونعني بالفائض التقديري للجزء األول أن المداخيل التقديرية الناتجة عن الموارد‬
‫الخاصة بالجماعة تتجاوز النفقات المسجلة بنفس الجزء‪.‬‬
‫عموما‪ ،‬يمكن القول أن مجاالت اإلنفاق المالي الترابي‪ ،‬متعددة بتعدد الحاجيات‬
‫العمومية الترابية‪ ،‬سواء الحاجيات الفردية أو الجماعية لساكنة الجماعة الترابية‪،195‬‬
‫وبذلك فتلبية هذه الحاجيات‪ ،‬تقتضي تخصيص نفقات توصف حسب المجال التي‬
‫تنتمي إليه‪ ،‬سواء االقتصادي أو االجتماعي أو اإلداري‪ ،‬لكن هذا اليعني أنه ال توجد‬
‫مجاالت أخرى للتدخل الترابي بواسطة النفقات‪ ،‬إذ هناك نفقات أخرى مرتبطة أساسا‬
‫بالدعم والثقافة لم يتم التطرق لها‪ ،‬نظ ار ألهمية وأولوية النفقات االقتصادية واالجتماعية‬
‫واإلدارية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مراحل صرف النفقة الترابية‬
‫يخضع التصرف المالي والمحاسبي للجماعات الترابية إلى العديد من النصوص‬
‫المتعلق‬ ‫‪196‬‬
‫القانونية أهمها المرسوم رقم ‪ 9.19.440‬الصادر في ‪ 1‬يناير ‪9101‬‬
‫بمحاسبة الجماعات الترابية‪ ،‬والذي جاء كتتويج لمجموعة من اإلصالحات همت‬
‫القوانين المنظمة لتدبير الشأن العام الترابي والتنظيم المالي‪ ،‬وذلك من أجل مسايرة‬

‫‪195‬‬
‫‪- Boubker Ayatallah , éléments de finances publique , Dar Nachr El Maarif, 2005 , p. 19-20.‬‬

‫‪ -196‬المرسوم رقم ‪ ،9.19.440‬صادر في ‪00‬من محرم ‪ 1 ( 0410‬يناير ‪ ،)9102‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 91 ،2100‬صفر‬
‫‪ 1 ( 0410‬فبراير ‪ ،)9101‬ص‪.411.‬‬

‫‪128‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫التطور الحاصل على مستوى المهام الموكولة بهذه الهيئات ومحاولة الرقي بها من‬
‫وحدات إدارية إلى مؤسسات فاعلة تتوخى المردودية وحسن األداء‪ ،‬بحس يستحضر‬
‫فيه مبدأي المسؤولية والمحاسبة‪.‬‬
‫ويراد بالمحاسبة العمومية المطبقة على الجماعات الترابية ومجموعاتها‪ ،‬مجموع‬
‫القواعد المنظمة لتنفيذ ومراقبة عملياتها المالية والمحاسبية‪ ،‬وكذا مسك محاسبتها‪،‬‬
‫باإلضافة إلى تحديدها إللتزامات ومسؤوليات األعوان المكلفين بتطبيقها‪.‬‬
‫وتشمل العمليات المالية والمحاسبية للجماعات الترابية ومجموعاتها على العمليات‬
‫المتعلقة بالميزانية‪ ،‬الخزينة والممتلكات‪.197‬‬
‫فعلى مستوى القسمين األول والثاني‪ ،‬تبقى أهم المستجدات التي جاء مرسوم‬
‫المحاسبة العمومية للجماعات المحلية وهيئاتها‪ ،‬مبدأ الفصل بين مهام اآلمرين‬
‫بالصرف والمحاسبين العموميين‪ ،‬لفهم مهامهم‪ ،‬ألن الغاية من هذا الفصل هو توضيح‬
‫العالقة بين مهمتين أساسيتين لتنفيذ الميزانية المحلية‪ ،‬األولى ذات طبيعة إدارية‪ ،‬يقوم‬
‫بها اآلمر بالصرف‪ ،‬والثانية ذات طبيعة محاسبية‪ ،‬يقوم بها المحاسب العمومي‪ ،‬من‬
‫أجل ضمان رقابة مستمرة من طرف السلطات المختصة‪ ،‬تفاديا إلستخدام األموال‬
‫العامة في غير الوجه المحدد لها قانونا‪ ،‬أو جباية األموال من المواطنين بغير وجه‬
‫حق‪.‬‬
‫وعموما فمعالجة مراحل صرف النفقة الترابية‪ ،‬تقتضي التطرق للمتدخلين في‬
‫تدبيرها‪ ،‬وهنا سيتم التطرق إلى كل من اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬اآلمر بالصرف‬
‫لم يعرف المرسوم المتعلق بسن نظام المحاسبة العمومية للجماعات المحلية لسنة‬
‫‪ 0901‬اآلمر بالصرف‪ ،‬بقدر ماقدم وظائف هذا األخير‪ ،‬واستعرض أصناف اآلمرين‬
‫بالصرف حسب الجماعات الترابية‪.198‬‬

‫‪ -197‬المادة‪ 0‬من مرسوم المحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها‪.‬‬


‫‪ -198‬نصير مكاوي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.11 .‬‬

‫‪129‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وخالفا لمرسوم المحاسبة العمومية الجماعية للجماعات المحلية ومجموعاتها لسنة‬


‫‪ ،0901‬فقد حدد القانون الجديد اآلمر بالصرف‪ ،‬في كل شخص له الصفة‪ ،‬ألجل‬
‫إثبات أو اإللتزام بالديون المستحقة للجماعات المحلية أو مجموعاتها وتصفيتها واألمر‬
‫بدفعها‪.199‬‬
‫هذا التعريف يجمع بين المعيار الشكلي (كل شخص له الصفة)‪ ،‬والمعيار‬
‫الوظيفي (اإللتزام بديون الجماعة أو المجموعة وتصفيتها واألمر بدفعها)‪.‬‬
‫وتتركز مهمة اآلمر بالصرف حصريا بين الهيئات المحددة في المادة الثانية‪،‬‬
‫الذين تبقى لهم صالحية تفويض جزء من صالحياتهم لفائدة نوابهم أو بعض المصالح‬
‫اإلدارية‪ ،‬على أن يبقوا تحت مسؤولية ومراقبة اآلمرين بالصرف الذين عينوهم‪ .‬ويجب‬
‫أن يعمل اآلمر بالصرف والمنتدبون من لدنه‪ ،‬وكذا اآلمرون المساعدون بالصرف في‬
‫الحصول على اعتماد إمضائهم لدى المحاسبين المكلفين بالمداخيل والنفقات التي‬
‫يأمرون بتنفيذها أو يدلوا لهم بنماذج إمضاءاتهم‪.‬‬
‫ويتحمل اآلمرون بالصرف‪ ،‬حسب منطوق المادة الثامنة من مرسوم المحاسبة‬
‫العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها‪ ،‬أثناء مزاولة مهامهم‪ ،‬المسؤوليات‬
‫المنصوص عليها في النصوص التشريعية الجاري بها العمل‪ ،‬بحيث اليجوز لآلمر‬
‫بالصرف ‪ -‬بهذه الصفة ‪ -‬أن يفتح حسابا جاريا أو لإليداع لتلقي أموال في ملكية‬
‫الجماعة الترابية أو المجموعة أو معهود بها إليهما‪ ،‬كما اليجوز له أن يتصرف في‬
‫أموال مدرجة في اعتماد حساب مفتوح باسم المحاسب العمومي لجماعة ترابية أو‬
‫مجموعة إال بموجب أوامر توجه لهذا المحاسب مدعمة بالمستندات المثبتة‪.‬‬
‫مرحلة اإل لتزام‪ :‬هو العمل اإلداري الذي تحدث أو تثبت بموجبه الجماعة الترابية‬
‫أو المجموعة التزاما من شأنه أن يترتب عنه تحمل‪.200‬‬
‫وهناك بعض النفقات تعتبر ملتزما بها منذ بداية السنة‪ ،‬كالنفقات الدائمة‪ ،‬مثل‬
‫نفقات الموظفين واألكرية واإلشتراكات واألقساط السنوية لإلقتراضات‪ ،‬فهي نفقات‬

‫‪ -‬المادة ‪ 5‬من مرسوم المحاسبة العمومية للجماعات المحلية‪.‬‬ ‫‪199‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 18‬من مرسوم المحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها‪.‬‬ ‫‪200‬‬

‫‪130‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫تعتبر ملتزما بها في بداية السنة‪ ،201‬غير أنه بالمقابل توجد النفقات غير المستمرة‪،‬‬
‫التي يقع اإللتزام بوسائل مختلفة حسب نوع النفقة ومبلغها‪.‬‬
‫ويمكن أن يخص اإللتزام نفقة أصلية ويسمى التزام أصلي كما يمكن أن يخص‬
‫نفقة سبق اإللتزام بها‪ ،‬ويسمى التزام تكميلي‪.‬‬
‫مرحلة التصفية‪ :‬تهدف التصفية إلى التأكد من حقيقة الدين‪ ،‬وحصر مبلغ‬
‫النفقة‪ ،202‬ويباشر التصفية رئيس المصلحة المختص تحت مسؤوليته‪ ،‬وبعد اإلطالع‬
‫على السندات التي تثبت الحقوق المكتسبة للدائنين‪ ،203‬ويراد برئيس المصلحة‬
‫المختص‪ ،‬الشخص المؤهل من طرف اآلمر بالصرف المعني‪ ،‬لتسلم األشغال أو‬
‫الخدمات أو التوريدات‪ ،‬وليشهد على تنفيذ الخدمة قبل اإلشهاد من طرف اآلمر‬
‫بالصرف‪ ،‬وعند عدم وجود رئيس مصلحة مختص‪ ،‬يتولى األمر بالصرف المختص‬
‫مباشرة وتحت مسؤوليته القيام بالتصفية‪ ،‬واإلشهاد على تنفيذ الخدمة‪ .‬وهنا يقوم اآلمر‬
‫بالصرف من التأكد من إنجاز الخدمة عبر التأكد من الوثائق المثبتة‪ ،‬حيث ال يجوز‬
‫تصفية أي نفقة إال بعد إثبات حقوق الدائن‪ ،‬ويكون اإلثبات إما بشهادة تثبت إنجاز‬
‫الخدمة أو بكشف تفصيلي يتضمن الكمية والمبلغ النقدي للتوريدات المسلمة أو‬
‫الخدمات المقدمة أو األشغال المنجزة‪.204‬‬
‫األمارة بالصرف‪ :‬كان يطلق عليها سابقا وضع الحوالة‪ ،‬وهو العمل اإلداري الذي‬
‫يحتوي طبقا لنتائج التصفية على األمر بأداء الدين‪ ،‬وهي من اختصاص اآلمر‬
‫بالصرف‪ ،205‬ويكون موجها للمحاسب العمومي الذي يؤدي إلى األمر باألداء‪ ،‬وهو‬
‫عبارة عن وثيقة في شكل حوالة األداء ينبغي أن ترافقها الوثائق المثبتة‪.‬‬

‫‪ -201‬أنظر المواد ‪ ،1. ،12 ،18‬من نفس المرسوم‪.‬‬


‫‪ -‬المادة ‪ 13‬من نفس المرسوم‪.‬‬ ‫‪202‬‬

‫‪ -203‬نصير مكاوي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.93 .‬‬


‫‪ -204‬المادة ‪ 98‬من نفس المرسوم‪.‬‬
‫‪ -205‬المادة ‪ 15‬من نفس المرسوم‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫ويقوم اآلمر بالصرف‪ ،‬تحت مسؤوليته بتسليم حواالت األداء إلى المستفيدين‬
‫مقابل إبراء بعد التعرف على هويتهم‪ ،‬واليمكن األمر بالصرف إال بعد إثبات حقوق‬
‫الدائن‪ ،‬وبالمقابل يوجه اآلمر بالصرف إلى قابض الحواالت واألوراق المثبتة لها‪.‬‬
‫وهنا تجب اإلشارة‪ ،‬أن هناك طرق استثنائية لتنفيذ النفقات الترابية‪ ،‬حيث يتم‬
‫اإلستغناء عن المسطرة العادية‪ ،‬وهو ما أكدته المادة الرابعة والخمسين في فقرتها الثالثة‬
‫من مرسوم المحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها " غير أنه يمكن القيام‬
‫بأداء بعض النفقات دون أمر سابق بالصرف"‪.‬‬
‫ويتم تحديد قائمة النفقات المذكورة بقرار لوزير الداخلية‪ ،‬وينشر هذا القرار‬
‫بالجريدة الرسمية للجماعات المحلية أو المجموعة المعنية"‪.‬‬
‫والنفقات المؤداة دون أمر سابق بالصرف هي مسطرة استثنائية‪.206‬‬
‫فهي استثناء لمبدأ الفصل بين اإلداريين والمحاسبين‪ ،‬ففي هذه الحالة يقوم‬
‫القابض بالتصفية التي هي أصال من اختصاص اإلداري‪ .‬وكانت سابقا استثناءا واردا‬
‫على مراقبة صحة اإللتزام بالنفقات الخاصة بالجماعات الترابية‪ ،‬كما كانت واردة‬
‫بالفصل الثالث من مرسوم صحة اإللتزام بالنفقات الخاصة بالجماعات المحلية‬
‫وهيئاتها"‪ ،‬غير أنه التتوقف على تأشيرة النفقات المؤداة دون سابق وضع حوالة‪ ،‬وهي‬
‫مسطرة تخرج عن المألوف‪ ،‬ومن أهم النفقات المؤداة دون سابق وضع حوالة‪ ،‬هناك‬
‫النفقات المتعلقة باألكرية والتحمالت األخرى المتعلقة بالبنيات التي تشغلها الجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬صوائر التحويالت البريدية والبنكية‪ ،‬ثم صوائر اإلشتراك في الجريدة الرسمية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المحاسب العمومي‬
‫يعرف المحاسب العمومي لجماعة ترابية أو مجموعة‪ ،‬كل موظف أو عون مؤهل‬
‫لتنفيذ عمليات المداخيل أو النفقات لحساب هذه الهيئات‪ ،‬أو التصرف في السندات‪،‬‬
‫إما بواسطة أموال وقيم يتولى حراستها‪ ،‬واما بتحويل داخلي لحسابات واما بواسطة‬
‫محاسبين عموميين آخرين‪ ،‬أو حسابات خارجية لألموال المتوفرة‪ ،‬والتي يأمر بها أو‬
‫يراقب حركاتها‪.‬‬

‫‪ -206‬نصير مكاوي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.14.‬‬

‫‪132‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وصنف مرسوم المحاسبة العمومية للجماعات المحلية وهيئاتها‪ ،‬المحاسبون‬


‫العموميون إلى ثالثة فئات‪:207‬‬
‫‪ -‬المحاسبون الرئيسيون‪ :‬وهم الذين يتعين عليهم بمقتضى القوانين واألنظمة‬
‫المعمول بها‪ ،‬أو بموجب مقرر للوزير المكلف بالمالية‪ ،‬أن يدلوا سنويا للمجلس الجهوي‬
‫للحسابات المختصة‪ ،‬بحسابات الجماعات الترابية أو مجموعاتها‪ ،‬بصفتهم المحاسبين‬
‫المكلفين بها‪.‬‬
‫‪ -‬المحاسبون الثانويين‪ :‬هم الذين تكون العمليات التي قاموا بتنفيذها ممركزة‬
‫من طرف محاسب رئيسي‪ ،‬يتولى القيام بالتنزيل النهائي لها بعد اإلطالع على‬
‫مستنداتها المثبتة المدلى بها‪ .‬غير أن مسؤوليتهم برسم العمليات المذكورة تبقى قائمة‪،‬‬
‫وفق الشروط المحددة في النصوص التشريعية الجاري بها العمل‪.‬‬
‫‪ -‬المحاسبون بحكم الواقع‪ :‬هو كل شخص يقوم من غير أن يكون مؤهال من‬
‫طرف السلطة المختصة بعمليات المداخيل والنفقات‪ ،‬ومسك التصرف في األموال أو‬
‫القيم التي تملكها جماعة ترابية أو مجموعة‪ ،‬وهم يخضعون لنفس اإللتزامات والمراقبة‬
‫التي يخضع لها المحاسب العمومي‪.‬‬

‫وقد تم تحديد المحاسبين العموميين للجماعات المحلية ومجموعاتها في‪:‬‬

‫‪ -‬الخزنة الجماعيون المكلفون باألداء‪ :‬يتولون تنفيذ نفقات الجماعات الترابية‬


‫ومجموعاتها‪.‬‬

‫‪ -‬القباض الجماعيون‪ :‬يعهد إليهم تحصيل الواجبات والرسوم واألتاوى‪ ،‬التي‬


‫تكون الجماعات الترابية مؤهلة إلقتطاعها‪ ،‬وفقا للقوانين واألنظمة المعمول بها‪.‬‬

‫‪ - 207‬عمر العسري‪ ،‬النظام الجديد للمحاسبة العمومية للجماعات المحلية بالمغرب‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.93.‬‬

‫‪133‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬المحصلون الجماعيون‪ :‬يتولون تحصيل الواجبات والرسوم واألتاوى التي‬


‫تكون الجماعات المحلية ومجموعاتها مؤهلة إلستيفائها طبقا للقوانين واألنظمة الجاري‬
‫بها العمل‪.‬‬

‫‪ -‬الشسيعون‪ :‬وهو منصب جديد تم إدراجه في المرسوم الجديد‪ ،‬حيث تحدث‬


‫شساعة المداخيل بمقرر لوزير الداخلية أو الشخص المفوض من لدنه لهذا الغرض‪،‬‬
‫يتخذ باقتراح من اآلمر بالصرف‪ ،‬وهي نفس اإلجراءات التي تتخذ في تعيين شسيع أو‬
‫عدة شسيعين‪ ،‬وكذا نوابهم وبتحديد اختصاصاتهم ومجاالت تدخلهم‪ ،‬مع اإلشارة إلى‬
‫طبيعة المداخيل التي يتم الترخيص بتحصيلها من طرف الشسيع أو الشسيعين‪ ،‬وفقا‬
‫لمقررات إحداث شساعة المداخيل‪.‬‬

‫فوظيفة المحاسب‪ ،‬فيما يخص النفقات الترابية‪ ،‬تتجلى في أداء هذه األخيرة‪ ،‬إما‬
‫بأمر صادر عن اآلمرين بالصرف المعتمدين‪ ،‬واما بعد اإلطالع على السندات التي‬
‫يقدمها الدائنون‪ ،‬واما من تلقاء أنفسهم‪ ،‬وكذا اإلجراء الواجب اتخاذه بشأن التعرضات‬
‫وكل موانع األداء األخرى‪.208‬‬

‫ويقوم المحاسب الترابي بدور مزدوج على مستوى النفقات‪ ،‬فهو مراقب لصحة‬
‫اإللتزام ومراقب لصحة النفقة‪:‬‬

‫مراقبة المالية في مرحلة اإللتزام‪ :‬تمارس قبل أن يصبح التزام نهائيا‪ ،‬حيث يقوم‬
‫الخازن الجماعي المكلف باألداء‪ ،‬بالمراقبة المذكورة التي تنصب على توفر اإلعتمادات‬
‫والمناصب المالية‪ ،‬واإلدراج المالي للنفقة‪ ،‬صحة العمليات الحسابية لمبلغ اإللتزام‪،‬‬
‫وأخي ار مجموع النفقة التي تلتزم بها الجماعة الترابية أو المجموعة طيلة السنة التي‬
‫أدرجت خاللها‪.‬‬

‫‪ -‬نصير مكاوي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.98.‬‬ ‫‪208‬‬

‫‪134‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وتجري هذه المراقبة قبل أي التزام‪ ،‬وتتم باإلشهاد على مقترح اإللتزام أو بتعليق‬
‫اإلشهاد مع تضمين المالحظات التي يثيرها مقترح اإللتزام عند تعليق اإلشهاد‪.‬‬

‫وتندرج هذه الرقابة ضمن رقابة المشروعية المالية للنفقة‪ ،‬وتجري في ظرف ‪1‬‬
‫أيام عمل كاملة بالنسبة للصفقات‪ ،‬و‪ 2‬أيام عمل كاملة بالنسبة للنفقات األخرين‪ ،‬وهي‬
‫مدة التسمح للخازن المكلف باألداء إجراء مراقبة تامة نظ ار للكمية الهائلة لإللتزامات‬
‫التي ترد عليه‪ ،‬وتخص أكثر من جماعة ترابية يجب مراقبتها‪.‬‬

‫مراقبة صحة النفقة‪ :‬وكانت تسمى سابقا مراقبة صحة الدين‪ ،‬وكانت تتمحور‬
‫حول التأشيرة األخيرة التي يضعها القابض قبل األداء‪ ،‬فالحواالت ال تؤدى إال إذا كان‬
‫مؤش ار عليها من طرف القابض‪ ،‬وتوضع هذه التأشيرة بعد أن يكون القابض قد راقب‬
‫صحة الدين‪.209‬‬

‫‪ -‬أصبحت مراقبة صحة الدين يطلق عليها مراقبة صحة النفقة‪ ،‬حيث يتعين على‬
‫الخزنة الجماعيين والقباض الجماعيين قبل الـتأشير من أجل األداء‪ ،‬أن يراقبوا صحة‬
‫النفقة التي تشمل ‪:‬‬

‫‪ -‬صحة حسابات التصفية‪ ،‬والطابع ابرائي للتسديد‪ ،‬ويكلفون فضال عن ذلك بالتحقق‬
‫من صفة اآلمر بالصرف أو مفوضه‪ ،‬توفر اإلعتمادات وتوفر األموال‪.‬‬

‫وقد أضاف مرسوم المحاسبة العمومية للجماعات المحلية العناصر المكونة‬


‫لمراقبة صحة النفقة‪ ،‬عناصر أخرى‪ ،‬مثل وجود اإلشهاد المسبق على اإللتزام المالي‪،‬‬
‫وتقديم المستندات المثبة المنصوص عليها في األنظمة المعمول بها‪ ،‬بما فيها‬
‫المستندات المتضمنة لإلشهاد على الخدمة المنجزة من طرف اآلمر بالصرف‬

‫‪ -209‬نصير مكاوي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.92 .‬‬

‫‪135‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المؤهل‪ .210‬وهذا يؤكد الرجوع إلى عنصر إنجاز الخدمة‪ ،‬في حين لم يتم الرجوع على‬
‫عنصري التقادم وسقوط الحق‪.‬‬

‫وتكمن أهمية التأكد من إثبات العمل المنجز من طرف المحاسب في كونه من‬
‫جهة‪ ،‬يرتبط باألداء‪ ،‬وهذا األخير اليمكن أن يتم قبل تنفيذ الخدمة‪ ،‬باإلضافة إلى أنه‬
‫يشكل ضمانة فعالة للنفقات الترابية لكونه يتعلق بقاعدة جوهرية في المحاسبة العمومية‬
‫المحلية‪ ،‬تقتضي عدم أداء نفقة‪ ،‬إال بعد التأكد من الوثائق المثبتة للعمل المنجز‪،‬‬
‫وتحديد القيمة الحقيقة للدين موضوع النفقة في إطار تصفيتها‪ ،‬كما أن عنصري التقادم‬
‫وسقوط الحق‪ ،‬يعتبران مبدأين أساسين يهدفان ضمان استقرار المعامالت‪ ،‬وتفادي‬
‫تراكم الديون أو نقلها من سنة ألخرى كاعتمادات دون إمكانية توظيفها في مشاريع‬
‫تنموية‪.211‬‬

‫ولإلشارة‪ ،‬فقد تضمن المرسوم المنظم لمحاسبة الجماعات الترابية ومجموعاتها‬


‫عدة مستجدات على مستوى القسم الثالث‪ ،‬ذلك أنه أكد على أربعة أنواع من المحاسبة‪،‬‬
‫وهي‪:‬‬

‫‪ -‬المحاسبة العامة‪ :‬ويمسكها كل من اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي‪ ،‬كل‬


‫فيما يخصه‪ ،‬حيث يقوم كل منهم بإثبات كل العمليات المنجزة لحساب هذه الجماعات‬
‫أو المجموعات‪212‬؛‬

‫‪ -‬محاسبة المواد والقيم والسندات‪ :‬يمسكها كذلك اآلمر بالصرف والمحاسبين‬


‫العموميين الجماعيين‪ ،‬وتهدف إلى جرد المخزونات الموجودة والحركات المتعلقة‬
‫بها‪213‬؛‬

‫‪ -210‬أنظر المادة ‪ 85‬من المرسوم السالف ذكره‪.‬‬


‫‪ -211‬نصير مكاوي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.85 .‬‬
‫‪ -‬أنظر المواد ‪ 551 ،51. ،512 ،518 ،519‬من المرسوم السالف ذكره‪.‬‬ ‫‪212‬‬

‫‪ -‬أنظر المواد ‪ 553 ،558 ،555‬من المرسوم السالف ذكره‪.‬‬ ‫‪213‬‬

‫‪136‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬المحاسبة اإلدارية‪ :‬يمسكها اآلمر بالصرف‪ ،‬وترتبط بتنفيذ الترخيصات‬


‫المتعلقة بالميزانية‪214‬؛‬

‫‪ -‬محاسبة الميزانية‪ :‬ويمسكها الخازن المكلف باألداء‪ ،215‬وتنقسم إلى قسمين‪،‬‬


‫وهما‪:‬‬

‫‪ -‬محاسبة اإللتزامات الممسوكة من طرف الخازن المكلف باألداء‪ ،‬وذلك فيما‬


‫يخص مجموع اإلعتمادات المفتوحة عن كل باب من من أبواب الميزانية‪ ،‬وعند‬
‫اإلقتضاء عن كل برنامج اإلستعمال بالنسبة للحسابات الخصوصية‪.‬‬

‫‪ -‬محاسبة األموال‪ :‬وهي محاسبة ثانوية تتضمن النفقات الممتدة على عدة‬
‫سنوات‪ ،‬النفقات باسم برنامج‪ ،‬والنفقات الدائمة‪ ،‬واإلعتمادات الموقوفة لفائدة شساعة‬
‫النفقات‪ ،‬وأخي ار اإلعتمادات المرحلة من السنة المنصرمة‪.216‬‬

‫كما أقر المرسوم المخطط المحاسبي للجماعات الترابية‪ ،‬والذي يخضع لمبادئ‬
‫المدونة العامة للتنميط المحاسبي‪ ،‬ويقسم إلى تسعة أقسام حددتها المادة ‪ 011‬من‬
‫المرسوم السالف ذكره‪ ،‬وهنا سيتم الوقوف عند القسم التاسع‪ ،‬الذي شمل المحاسبة‬
‫التحليلية للميزانية‪ ،‬وتستهدف تقييم مختلف عناصر الحصيلة‪ ،‬باإلضافة إلى تحليل‬
‫النتائج التي تساعد على معرفة وتحليل المخاطر ومكامن الضعف‪ ،‬كما تساعد على‬
‫الوصول إلى األهداف المرسومة‪.217‬‬

‫‪ -‬أنظر من المادة ‪ 555‬إلى المادة ‪ .588‬من المرسوم السالف ذكره‪.‬‬ ‫‪214‬‬

‫‪ -215‬أنظر المادة ‪ 582‬من المرسوم السالف ذكره‪.‬‬


‫‪ -‬المادة ‪ 58.‬من المرسوم السالف ذكره‪.‬‬ ‫‪216‬‬

‫‪ -217‬نصير مكاوي ‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.598 .‬‬

‫‪137‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬إكراهات تدبير اإلنفاق المالي الترابي‬

‫إن التدخل االقتصادي للجماعات الترابية‪ ،‬فرض عليها زيادة نفقاتها‪ ،‬لما في ذلك‬
‫من فائدة إلنعاش االقتصاد الترابي‪.‬‬

‫ويعتبر التدبير المالي الجيد أحد ركائز التنمية الترابية‪ ،‬التي أناط المشرع‬
‫للجماعات الترابية القيام بها‪ ،‬لكن تعترضها العديد من العوائق القانونية والموضوعية‬
‫التي تحول دون ذلك‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬اإلكراهات القانونية لتدبير اإلنفاق الترابي‬

‫تختلف الصعوبات التي تطرح على المستوى القانوني‪ ،‬سواء فيما يتعلق‬
‫باالختصاصات في حد ذاتها‪ ،‬أو فيما يخص تعدد مستويات الجماعات الترابية‬
‫والتقسيمات اإلدارية‪ ،‬الشيء الذي يعيق التدبير الترابي‪ ،‬ناهيك عن الضغوطات التي‬
‫تفرضها سلطات الوصاية على الوحدات الترابية‪ ،‬واآلثار السلبية التي تترتب عليها رغم‬
‫محاولة التخفيف منها في التعديالت األخيرة المذكورة سابقا‪.‬‬

‫وتتجلى هذه اإلكراهات فيما يلي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الوصاية كآلية للتحكم في حركية الممارسة المالية الترابية‬

‫إذا كانت الوصاية آلية لصيقة بالنظام الالمركزي‪ ،‬فهي تشكل في حقيقة األمر‬
‫المقياس الذي يكشف استقاللية المجالس الجماعية في تدبير الشأن الترابي‪،‬‬
‫فاالختصاصات المتنوعة والصالحيات الواسعة التي أتت بها القوانين التنظيمية‬
‫للجماعات الترابية‪ ،‬في مختلف المجاالت‪ ،‬حيث لم يتم إغفال أية نقطة تعد إيجابية‬
‫بالنسبة إلصالح الشأن الترابي‪ ،‬لكن في المقابل فإن خضوع الجماعات لوصاية قوية‬
‫يفرغ هاته االختصاصات من محتواها‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫فالجماعة الترابية‪ ،‬ال يمكنها أن تتخذ ق اررات بشأن طلب القروض‪ ،‬أو إحداث‬
‫ضرائب محلية واستخالصها دون مصادقة سلطة الوصاية‪ ،‬وحتى بالنسبة للبحث على‬
‫مشاريعها لتمويلها‪ ،‬وتمتد هذه الوصاية إلى اإلمدادات واإلعانات‪ ،‬وهي أكبر وسيلة‬
‫لتقليص دور الجماعة‪ ،‬بحيث تكرس هذه اإلعانات االتجاه المركزي في تدبير الشؤون‬
‫الترابية‪ ،‬وبالتالي يمكن القول أن لهذه اإلعانات‪ ،‬وجه سلبي يتجلى خصوصا في القيود‬
‫التي تصاحبها‪ ،‬ومن بينها المراقبة المفرطة‪ ،‬وهو ما يضر بالجماعة في غالب‬
‫األحيان‪ ،‬إذ كثي ار ما تعطى متأخرة وبعد أن تحتاج الجماعة إليها‪ ،‬وهو ما يتطلب وقتا‬
‫طويال بين منحها من قبل الو ازرة المختصة وبين اإلفصاح عن حاجيات الجماعة‪.‬‬

‫ويمكن القول‪ ،‬على أن فترة تطبيق الميثاق الجماعي‪ ،‬التي دامت زهاء ربع قرن‬
‫تميزت بضعف أعمال الوصاية على المنتخبين‪ ،‬حيث لم تسجل سوى ‪ 91‬حالة منها‪،‬‬
‫عزل عشرون رئيسا وتم توقيف رئيس وأربعة مساعدين لمدة شهر‪.‬‬

‫فسياسة الالعقاب‪ ،‬هي التي سادت مختلف الخروقات‪ ،‬التي عرفتها الممارسة‬
‫الجماعية‪ ،‬والتي ساهمت في تردي تسيير الشأن الترابي‪ ،‬عوض أن تكون دعامة من‬
‫دعائم رفع مستوى مردوديته‪.‬‬

‫إن المراقبة التي تقوم بها سلطة الوصاية‪ ،‬تفتصر حسب القوانين التنظيمية‬
‫المتعلقة بالجماعات الترابية‪ ،‬على التأكد من‪:‬‬

‫احترام القوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪.‬‬

‫التوازن الحقيقي بين التقديرات واالنظمة الجاري بها العمل‪.‬‬

‫تسجيل النفقات اإلجبارية‪( ،‬كرواتب وتعويضات الموظفين‪ ،‬وااللتزامات المالية‬


‫الناتجة عن االتفاقيات والعقود المبرمة من طرف الجماعات الترابية‪ ،‬وغيرها من‬
‫النفقات اإلجبارية المنصوص عليها في القوانين التنظيمية للجماعات الترابية)‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وبالتالي‪ ،‬فإن مراقبة سلطات الوصاية ال تمتد إلى رقابة المالئمة‪ ،‬بقدر ما‬
‫تقتصر على رقابة الشرعية‪ ،‬كما يمكن القول بأن تمسك المجلس برأيه في إطار قراءة‬
‫ثانية ورفض سلطة الوصاية المصادقة على الميزانية بعد القراءة الثانية‪ ،‬فإن المشرع‬
‫رغبة منه في تكريس االستقالل المالي للجماعات الترابية‪ ،‬عمل على إعطاء حل لهذا‬
‫اإلشكال ال ينتقص من استقالليتها‪ ،‬بل يكرس هذا االستقالل في مواجهة الدولة‪ ،‬وذلك‬
‫عن طريق إعطاء أمر في هذا الخالف للقضاء اإلداري بالنسبة للجهات‪ ،‬أما‬
‫الجماعات الترابية االخرى فإن السلطة المركزية ال زال بيدها أمر الفصل في أي‬
‫خالف في هذا الشأن‪ ،‬بحيث يتم حسم األمر بمرسوم معلل من قبل الوزير األول‪،‬‬
‫باقتراح من وزير الداخلية بالنسبة للعماالت واألقاليم‪ ،‬وبنفس اآللية كذلك‪ ،‬أي بمرسوم‬
‫معلل باقتراح وزير الداخلية بالنسبة للجماعات الحضرية والقروية‪.‬‬

‫ونظ ار لكون سلطة الوصاية لها تأثير مباشر على نجاعة اتخاذ القرار المالي‬
‫الترابي‪ ،‬خاصة مراقبة المالئمة حيث تحد من حرية اآلمرين بالصرف وحق المبادرة في‬
‫اتخاذ الق ارر‪ ،‬فبات من الضروري تخفيف سلطة الوصاية على الجماعات الترابية‪،‬‬
‫وتعزيز صالحياتها وتمكينها من المرونة الالزمة في تنفيذ مقرراتها في افضل‬
‫الظروف‪ ،‬وكذا التقليص من قائمة المواد الخاضعة للرقابة القبلية على الئحة محددة‬
‫من المواد ذات الصبغة المالية‪ ،‬ثم التقليص من قائمة مقررات الجماعات الترابية‬
‫الخاضعة لمصادقة سلطة الوصاية والتقليص من آجال المصادقة‪.‬‬

‫فالبرغم من التطور الذي عرفه آجال المصادقة‪ ،218‬الخاص بمقررات المجلس‬


‫الجماعي‪ ،‬والمتمثل في آجال عشرين (‪ )91‬يوما‪ ،‬فإنها تبقى مدة ال يستهان بها‬
‫وبتأثيرها على جودة اتخاذ القرار الترابي‪.‬‬

‫‪ - 218‬المادة ‪ ،001‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 001.04‬المتعلق بالجماعات‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الفرع الثاني‪ :‬هيمنة نفقات التسيير على نفقات التجهيز‪:‬‬

‫تنص المادة ‪ 024‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 001.04‬المتعلق الجماعات‪ ،‬على‬


‫ما يلي‪ ":‬تشتمل الميزانية على جزئين‪:‬‬

‫‪ -‬الجزء األول تدرج فيه عمليات التسيير سواء فيما يخص المداخيل أو النفقات‪.‬‬

‫‪ -‬الجزء الثاني يتعلق بعمليات التجهيز ويشمل جميع الموارد المرصدة للتجهيز‬
‫واالستعمال الذي خصصت ألجله‪."...‬‬

‫بالرجوع إلى المادة من ‪ 010‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات‪ ،‬يالحظ‬


‫أن اغلب النفقات اإلجبارية تندرج ضمن نفقات التسيير‪ ،‬حيث تنص على مقابل تنامي‬
‫نفقات التسيير نجد تواضع نفقات التجهيز‪ ،‬فهذه األخيرة ترتبط بالفائض على مستوى‬
‫نفقات التسيير‪ ،219‬فكلما تمت عقلنة النفقات الترابية‪ ،‬إال وتمكنت الجماعة من تحقيق‬
‫فائض في نهاية السنة‪ ،‬وهذا الفائض هو الذي يبرمج ضمن استثمارات تؤدي إلى‬
‫نفقات التجهيز‪ ،‬أما في حالة تضخم نفقات التسيير فإن ذلك يؤدي إلى ضعف الفائض‬
‫أو انعدامه وبالتالي انعدام أو ضعف نفقات التجهيز‪ ،‬كما أن الجماعات الجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬ليست على نفس القدر من اإلمكانات‪ ،‬فهناك جماعات فقير وجماعات غنية‪،‬‬
‫الشيء الذي يجرنا للحديث كذلك عن إشكالية أو محدودية التقسيم الترابي وتأثيره على‬
‫اإلنفاق الترابي‪.220‬‬

‫‪ - 219‬الفقرة الثالثة من المادة ‪ ،515‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 553.55‬المتعلق بالجماعات‪.‬‬


‫‪ -220‬سعيد بلفالح‪ ،‬حكامة اإلنفاق المحلي ورهان التنمية" بلدية خريبكة نموذجا"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في‬
‫القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬سطات‪.8118-8119 ،‬‬

‫‪141‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫ويمكن أن نبين ذلك من خالل هذا المبيان الذي يوضح بشكل جلي هيمنة نفقة‬
‫التسيير مقابل تواضع نفقات التجهيز بالنسبة لجماعة سيدي موسى بلمحدوب التابعة‬
‫لمدينة المحمدية لسنة ‪.9111‬‬

‫المبيان رقم ‪ : 1‬نفقات التسيير‪ ،‬جماعة سيدي موسى بلمجدوب لسنة ‪2889‬‬

‫المصدر‪ :‬الحساب اإلدري لجماعة سيدي موسى بلمجدوب لسنة ‪9111‬‬

‫يالحظ من خالل هذا المبيان‪ ،‬أن نفقات التجهيز على المستوى الترابي‪ ،‬تبقى‬
‫بنفقات التسيير‪ ،‬فكلما تمت عقلنة النفقات الترابية وترشيدها إال‬ ‫ضعيفة مقارنة‬
‫وتمكنت الجماعة من تحقيق فائض في نهاية السنة‪ ،‬وهذا الفائض هو الذي يبرمج‬
‫ضمن استثمارات تؤدي إلى نفقات التجهيز‪ ،‬أما في حالة تضخم نفقات التسيير فإن‬
‫ذلك يؤدي إلى ضعف الفائض أو انعدامه وبالتالي انعدام وضعف نفقات التجهيز‪ ،‬كما‬
‫ان الجماعات الترابية‪ ،‬ليست على نفس القدر من اإلمكانات‪ ،‬فهناك جماعات كبيرة‬
‫وغنية تتمكن من تحقيق فائض يخصص للتجهيز وهناك جماعات فقيرة تعيش على‬
‫إعانات الدولة وبالتالي فهي ال تتوفر على إمكانيات تغطي بها نفقات تسييرها‬

‫‪142‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫فباالحرى نفقات التجهيز‪ ،‬وهذا يستوجب بالضرورة التحكم في نفقات التسيير ألجل‬
‫الحصول على الفائض‪ ،‬وبالتالي اإلرتقاء بنفقات التجهيز إلى مستوى يمكنها من تغطية‬
‫إمكانيات التجهيز‪ ،‬وتمكين الجماعات الترابية‪ ،‬من التدخل االقتصادي الفعال سواء‬
‫على المستوى المباشر أو غير المباشر‪.‬‬

‫إن نفقات التجهيز تنصرف إلى تلك النفقات الواردة بالجزء الثاني من الميزانية‬
‫المتعلق بالتجهيز‪.‬‬

‫وبشكل عام يظهر الواقع الفعلي أن الجماعات الترابية‪ ،‬يمكن تصنيفها إلى‬
‫صنفين‪ ،‬فيما يخص الفائض‪:‬‬

‫‪ -‬النوع األول‪ :‬جماعات تحقق فوائض مالية وبذلك توجد في وضعية مالية‬
‫عادية‪.‬‬

‫‪ -‬النوع الثاني‪ :‬جماعات تعاني صعوبات مالية‪.‬‬

‫فالنوع األول يوجد في وضعية مالية مرضية تمكنه من تغطية نفقات التسيير‬
‫وتحقيق اإلدخار اإلجمالي من المداخيل‪ ،‬كما يمكنها الوفاء بالتزاماتها اتجاه صندوق‬
‫التجهيز الجماعي و توفير موارد استثمارية إضافية لتحقيق مشاريعها التنموية‪.‬‬

‫أما بالنسبة للنوع الثاني من الجماعات المحلية فغالبا ما يحقق عج از‪ ،‬مما يجعلها‬
‫تعاني من ضعف اإلدخار االجمالي وعدم القدرة على مواجهة االقساط السنوية‬
‫للقروض‪ ،‬وهو ما يؤدي بها إلى االعتماد على إعانات الدولة واالستفادة من حصة‬
‫إضافية من منتوج الضريبة على القيمة المضافة المرصودة لفائدة الجماعات الترابية‬
‫إلعادة توازنها‪ ،‬وقد أبرمت هذه الجماعات بروتوكول اتفاق مع الو ازرة الوصية‪ ،‬وقد‬
‫أسفر هذا البروتوكول عن النتائج التالية‪:‬‬

‫‪143‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬تمكين مجموعة من الجماعات‪ ،‬من تحقيق ادخار إجمالي لكنه غير كاف‬
‫لمواجهة أقساط القروض‪،‬‬

‫‪ -‬عدم تمكين مجموعة أخرى‪ ،‬من تحقيق أي ادخار بسبب النسبة العالية لنفقات‬
‫الموظفين بميزانيتها‪.‬‬

‫إن تحقيق نسب جيدة من االدخار تمكن الجماعات الترابية من تعبئة اعتمادات‬
‫مهمة لفائدة التجهيز‪.‬‬

‫كما سبقت االشارة إلى أن تواضع نفقات االستثمار يرجع من جهة أخرى إلى‬
‫استهالك أغلب النفقات على مستوى نفقات التسيير‪ ،‬وذلك لوجود النفقات االجبارية‬
‫المدرجة بالميزانيات الترابية‪ ،‬وقد ورد التأكيد على إجبارية هذه النفقات‪ ،‬بالقوانين‬
‫التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية‪ ،‬تحت طائلة تدخل سلطة الوصاية‪.‬‬

‫عموما فنفقات التجهيز‪ ،‬تمكن من توفير التجهيزات والمشاريع العمومية الترابية‪،‬‬


‫وتشجيع الجماعات الترابية على االستثمار وانجاز البنيات التحتية‪ ،‬كالطرق‪ ،‬ومجاري‬
‫المياه والتجهيزات الرياضية والثقافية‪ ،...‬لكن وثيرة إنجاز التجهيزات والمشاريع‬
‫العمومية الترابية‪ ،‬ال تزال تتسم بالبطء الناتج عن التأخير في برمجة المبالغ المتوفرة‬
‫برسم فوائض ميزانيات التسيير‪ ،‬وكذلك تراكم االعتمادات المنقولة‪ ،‬حيث تظهر‬
‫المعطيات أن بعض الجماعات الترابية‪ ،‬تتوفر على مبالغ هامة مودعة بالخزينة العامة‬
‫ال توظفها‪ ،‬في حين أن هذه الجماعات تعرف خصاصا على مستوى التجهيزات‪.221‬‬

‫‪ -‬مكاوي نصير‪ ،‬قراءة تحليلية لمظاهر اختالل تدبير النفقات المحلية‪ ،‬مجلة المنارة‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬يونيو ‪ ،8158‬ص‪.‬‬ ‫‪221‬‬

‫‪.583‬‬

‫‪144‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اإلكراهات الموضوعية لتدبير اإلنفاق الترابي‬

‫إن التدبير الجيد للشأن الترابي‪ ،‬يقتضي المزاولة الفعلية والممارسة اليومية لكل‬
‫المهام واالختصاصات‪ .‬وتمكين كل جماعة ترابية على حدة من اإلشراف على مصالح‬
‫المواطنين‪ ،‬وتدبير شؤون ومرافق الجماعة بالشكل المطلوب‪.‬‬

‫وحتى ال تبقى اإلختصاصات المخولة للجماعات الترابية حب ار على ورق‪ ،‬يجب‬


‫المبادرة إلى تفعيل اإلصالحات لتدعيم الجماعات الترابية‪ ،‬على مستوى تنمية الموارد‬
‫المالية وحسن توزيعها بين مختلف الجماعات والتي تشكل عائقا في وجه تحقيق‬
‫التنمية الترابية‪ ،‬إضافة إلى تحقيق استقاللية الوحدات الترابية‪ ،‬وعصرنة وتأهيل الوظيفة‬
‫الترابية‪ ،‬وتكوين المنتخبين وتأهيلهم‪ ،‬للقيام بالمسؤوليات الملقاة على عاتقهم‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تواضع مردودية النفقات الترابية‬

‫بالرغم من تعدد مجاالت اإلنفاق الترابي‪ ،‬فإن هذه المجاالت تقتضي معرفة تأثيره‬
‫على مسألة التنمية الترابية وعلى مستوى التجهيزات الترابية‪.‬‬

‫فاإلشكال الذي يعاني منه تدبير الشأن الترابي ببالدنا‪ ،‬هو أن هناك جماعات‬
‫تتوفر على إمكانيات مالية مهمة‪ ،‬وجماعات قروية تفتقر إلى كل شيء‪.‬‬

‫وكما هو معلوم فالنفقات الترابية ترتبط ارتباطا وثيقا بحجم المداخيل الترابية هذه‬
‫األخيرة التي تعكس حجم االستقالل المالي الترابي خصوصا المداخيل الذاتية‬
‫للجماعات الترابية‪.‬‬

‫إن اإلصالحات التي عرفتها مالية الجماعات الترابية‪ ،‬تبنت عدة مقتضيات‬
‫متعلقة بالتنمية الترابية‪ ،‬لكنها بالمقابل أغفلت الجوانب المتعلقة بالمالية‪ ،‬فضعف‬
‫االستقالل المالي للجماعات الترابية سينعكس على قدرة هذه األخيرة على اتخاذ التدابير‬

‫‪145‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الالزمة لضمان النمو االقتصادي واإلجتماعي والثقافي‪ ،222‬خصوصا في ظل ازدياد‬


‫تحمالتها واتساع دائرة نشاطاتها وتعدد مسؤوليتها‪.‬‬

‫وأبرز مظهر إلغفال المالية هو عدم تحويل موارد مالية للجماعات الترابية‪ ،‬رغم‬
‫تحويل عدة اختصاصات كانت في السابق اختصاص أصيل للدولة‪ ،‬وهو ما افرز‬
‫ازدياد وتنامي حجم االختصاصات مقابل استقرار الموارد الترابية‪ ،‬وهذا يزكي الوصاية‬
‫المالية الممارسة على الجماعات الترابية من خالل اللجوء المتزايد لإلمدادات‬
‫واالقتراض‪.‬‬

‫وهو ما يستدعي توفير موارد مالية قارة تخصص للتجهيز لسد العجز الذي‬
‫يعرفه مجال التجهيز الترابي‪ ،‬فأغلب الجماعات القروية تعرف هشاشة التجهيزات‬
‫القروية نظ ار لضعف الموارد المخصصة للتجهيز‪.‬‬

‫واجماال يمكن القول أن القواعد المنظمة للنفقات الترابية‪ ،‬لم تتبنى آليات ناجعة‬
‫تتعلق بالمردودية المتعلقة بالنفقات‪ ،‬بل أكثر من ذلك فتعدد مجاالت اإلنفاق الترابي‪،‬‬
‫يقابله ضعف المداخيل‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تباين مستويات الرقابة على النفقات الترابية‬

‫إن تنامي النفقات الترابية واالستقرار النسبي للمداخيل‪ ،‬زيادة على تزايد مظاهر‬
‫تبذير المال العام الترابي‪ ،‬الناتج عن سوء تدبير النفقات الترابية‪ ،‬يفرض العمل بنظام‬
‫رقابة فعال وقوي وقادر على تجاوز االختالالت‪.‬‬

‫‪ - 222‬منير مغيث ونزهة العياشي‪ ،‬المالية المحلية واشكالية التنمية المستدامة‪ ،‬مجلة الخزينة‪ ،‬سنة ‪ ،8119‬عدد ‪ ،9‬ص‪.58 .‬‬

‫‪146‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وعموما يمكن القول أن هناك أشكال وصور متعددة للرقابة على النفقات الترابية‬
‫زيادة على المؤسسات المتدخلة في هذا الباب‪ ،‬باإلضافة إلى تباين مستويات الرقابة‬
‫بين الرقابة القبلية‪ ،‬والبعدية والالحقة‪.‬‬

‫ب النسبة للرقابة القبلية السابقة فهي كما سبق الذكر تكتسي طابعا وقائيا‪ ،‬حيث‬
‫تستهدف تفادي األخطاء وتتخذ عدة أشكال‪:‬‬

‫‪ -‬المراقبة الممارسة من طرف األجهزة المختصة‪ ،‬أثناء التاشير على الميزانية‬


‫الترابية‪ ،‬حيث تراقب احترام القوانين واألنظمة الجاري بها العمل باإلضافة إلى تسجيل‬
‫النفقات اإلجبارية‪.223‬‬

‫‪ -‬مراقبة مالية في مرحلة االلتزام‪ :‬تجري هذه الرقابة قبل أي التزام وتتم بوضع‬
‫تأشيرة على مقترح االلتزام أو برفض التأشيرة معللة بأسباب‪.‬‬

‫غير أن هذه الرقابة‪ ،‬تبقى سطحية وشكلية ال تعبر عن أي اهتمام لموضوع أو‬
‫جوهر النفقة وتقتصر فقط على الجوانب الشكلية للنفقة وعدم االهتمام بالتدبير الجيد‬
‫للنفقات الترابية‪.‬‬

‫أما المراقبة البعدية الالحقة‪ ،‬فتجري بعد تنفيذ النفقات‪ ،‬تتميز بسرعة إنجاز‬
‫المشاريع والبرامج وتالفي البطء والروتين والتعقيد الوارد على مستوى مساطر تنفيذ‬
‫النفقات الترابية‪.‬‬

‫وتتخذ هذه المراقبة عدة أشكال تتمثل في‪:‬‬

‫* المراقبة السياسية ويمارسها المجلس التداولي المنتخب عن طريق دراسة‬


‫الحساب اإلداري والتصويت عليه‪.‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 525‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 553.55‬المتعلق بالجماعات‪.‬‬ ‫‪223‬‬

‫‪147‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫* المراقبة المحاسبية ويمارسها المحاسب العمومي على العمليات المالية‬


‫للجماعات المحلية وتنتهي بوضع حساب التدبير‪ ،‬وكان يطلق على هذا االخير سابقا‬
‫حساب التسيير وأصبح يسمى حساب التدبير‪.‬‬

‫* المراقبة اإلدارية وتجري من طرف جهازين هما‪:‬‬

‫‪ -‬مراقبة المفتشية العامة لإلدارة الترابية‪.‬‬


‫‪ -‬مراقبة المفتشية العامة للماالية المحلية‪.‬‬

‫وأخي ار الرقابة القضائية وتمارسها المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬وقد سبق التطرق‬
‫لها في الجزء المخصص للرقابة من هذا البحث‪.‬‬

‫وعموما‪ ،‬رغم تعدد أشكال ومستويات الرقابة على النفقات الترابية‪ ،‬ورغم كثرة‬
‫المتدخلين في عمليات الرقابة‪ ،‬على تدبير النفقات الترابية‪ ،‬إال أن الواقع الفعلي لتدبير‬
‫النفقات ال زال يعرف عدة إكراهات ساهمت جلها في عدم التحكم فيها‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫خاتمة الفصل الثاني‬

‫يتضح مما سبق‪ ،‬أن إصالح تدبير النفقات الترابية بالمغرب‪ ،‬جاء نتيجة لتطور‬
‫البناء المؤسساتي‪ ،‬على المستوى الترابي‪ ،‬وللمتغيرات اإلقتصادية واإلجتماعية‬
‫والسياسية‪ ،‬هذا زيادة على ظهور مجموعة من الصعوبات واإلختالالت‪ ،‬ساهمت‬
‫مجتمعة في التأثير على طبيعة تدبير النفقات الترابية‪ ،‬مما فرض تجاوز التنظيم المالي‬
‫للجماعات الترابية لسنة ‪ ،1112‬نحو إصالح جديد‪ ،‬يكفل لها القيام بوظائفها‪ ،‬على‬
‫أكمل وجه‪ ،‬ومواكبة المستجدات الحاصلة في مجال التدبير الترابي عموما‪ ،‬وتدبير‬
‫النفقات الترابية بشكل خاص‪.‬‬

‫ال شك‪ ،‬أن اإلصالحات التي همت مالية الجماعات الترابية‪ ،‬كرست مجموعة‬
‫من القواعد والمستجدات‪ ،‬كالشفافية المالية وشمولية اإلعتمادات والتدقيق‪ ،‬إال أنها في‬
‫نفس الوقت‪ ،‬عرفت نوعا من المحدودية‪ ،‬كانت عائقا أمام التكامل بين مختلف القواعد‬
‫المنظمة والمؤطرة والمنظمة للنفقات الترابية‪ ،‬خصوصا وأن الحديث عن إصالح تدبير‬
‫النفقات الترابية‪ ،‬ال يرتبط فقط بالجانب القانوني‪ ،‬بل يتجاوزه إلى القواعد المؤطرة‬
‫للمساطر واإلجراءات المالية‪ ،‬الواردة بالنظام العام للمحاسبة المطبقة على الجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬والقواعد المنظمة للصفقات الترابية‪.‬‬

‫إن العمل على تجميع الوسائل واآلليات‪ ،‬ضمن نص قانوني موحد‪ ،‬وتكريس‬
‫قواعد الحكامة المالية الترابية‪ ،‬ستمكن من تحقيق جودة اإلنفاق الترابي‪ ،‬وتخفف من‬
‫كلفة النفقات الترابية‪ ،‬كما تساعد على تقييم تدبير النفقات الترابية‪ ،‬انطالقا من نتائج‬
‫هذا التدبير‪ .‬باإلضافة إلى تفعيل تقنيات حديثة‪ ،‬مثل تأهيل وتكوين وتحفيز الموارد‬
‫البشرية‪ ،‬المشرفة على تدبير نفقات الجماعات الترابية‪ ،‬وعقلنة اإلنفاق الترابي وربطه‬
‫باألهداف المتوسطة المدى‪ ،‬لتحقيق المردودية وتحسين واقع الجماعات الترابية‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫القسم الثاني‪:‬‬
‫آفاق تقوية وتجويد التدبير المالي‬
‫الترابي‬

‫‪150‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫نتيجة للمتغيرات اإلقتصادية واإلجتماعية والسياسية‪ ،‬التي تشهدها الجماعات‬


‫الترابية ببالدنا‪ ،‬والتحول من الدور اإلداري للجماعة الترابية‪ ،‬إلى الدور االقتصادي‪،‬‬
‫وما ترتب عن ذلك من دخول مجاالت المنافسة خصوصا في العقود األخيرة‪،‬‬
‫واالستثمار في عدة مجاالت إقتصادية‪ ،‬أصبحت تعجل في التفكير في أنماط حديثة‬
‫للتدبير‪ ،‬وخصوصا على المستوى المالي من هذا المنطلق‪ ،‬فالتنمية المستدامة‪ ،‬ال‬
‫يمكن تحقيقها‪ ،‬إال من خالل النهوض بالالمركزية‪ ،‬وتكريس الحكامة الترابية‪ ،‬وارساء‬
‫قواعد ومبادئ حسن التدبير‪.‬‬

‫فال يكاد يخلو أي خطاب ملكي‪ ،‬من التأكيد على ضرورة ترسيخ الالمركزية في‬
‫اتجاه إفراز مجالس محلية واقليمية وجهوية‪ ،‬تجمع بين ديمقراطية التكوين وعقالنية‬
‫التقطيع ونجاعة وشفافية وسالمة التدبير‪ ،‬والتوفر على أوسع درجات الحكم الذاتي‬
‫واإلداري والمالي‪.‬‬

‫زد عل ذلك‪ ،‬التنصيص الدستوري لسنة ‪ ،9100‬على قواعد وتقنيات التدبير‬


‫الحديثة‪ ،‬حيث نص الفصل ‪ ،011‬على ما يلي‪ " :‬يرتكز التنظيم الجهوي والترابي‬
‫على مبادئ التدبير الحر‪ ،‬وعلى التعاون والتضامن‪ ،‬ويؤمن مشاركة السكان المعنيين‬
‫في تدبير شؤونهم‪ ،‬والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المستدامة"‪.‬‬

‫وعموما‪ ،‬فالتطرق آلفاق تقويم تجويد التدبير المالي الترابي‪ ،‬ستتم من خالل‬
‫معالجتنا للقوانين التنظيمية ومالءمتها لمبادئ الحكامة المالية (الفصل األول)‪ ،‬وآلفاق‬
‫التدبير المالي الترابي على ضوء القواعد الحديثة (الفصل الثاني)‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الفصل األول‪ :‬القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬ومالءمتها‬


‫لمبادئ الحكامة المالية‬

‫جاءت القوانين التنظيمية الجماعات الترابية‪ ،‬كامتداد طبيعي لإلصالحات الكبرى‬


‫التي همت اإلدارة الالمركزية بالمغرب‪ ،‬وخصوصا اإلصالح الذي أتى به القانون رقم‬
‫‪ 01-11‬المتعلق بالميثاق الجماعي‪ ،‬والتغييرات التي شملته بموجب القانون رقم ‪-11‬‬
‫‪ ،00‬وكذا إصالح ومراجعة النظام الجبائي المحلي بموجب القانون رقم ‪،40-11‬‬
‫باإلضافة إلى التنظيم المالي للجماعات الترابية وهيئاتها‪ ،‬ومرسوم محاسبة الجماعات‬
‫الترابية وهيئاتها‪ ،‬والمراجعة الدستورية لسنة ‪.9100‬‬

‫والغاية الكبرى‪ ،‬من هاته اإلصالحات‪ ،‬التي شملت النظام اإلداري والمالي لإلدارة‬
‫الالمركزية‪ ،‬هو النهوض بدور الجماعات الترابية‪ ،‬وجعلها شريكا رئيسيا في التنمية‪،‬‬
‫وهي الفكرة العامة الموجهة لكل هاته اإلصالحات‪ ،‬والتي أعلنها الملك محمد السادس‬
‫في خطابه‪ ،‬إلى المشاركين في الملتقى الوطني حول الجماعات المحلية بأكادير بتاريخ‬
‫‪ 09‬دجنبر ‪ 9111‬في الصيغة التالية‪" :‬وان طموحنا لكبير في جعل المدن والجماعات‬
‫المحلية‪ ،‬تشكل إلى جانب الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني‪ ،‬شريكا حقيقيا‬
‫في مسلسل التنمية الشاملة ببالدنا وقوة اقتراحية لتفعيل مختلف اإلستراتيجيات"‪.‬‬

‫وهي شراكة تعتبر ضرورية وتفرضها تحديات األلفية الثالثة‪ ،‬التي فرضت العمل‬
‫بمبادئ تدبير جديدة‪ ،‬تساير السرعة في اإلنفتاح على المحيط الخارجي‪ ،‬وفي تحرير‬
‫المبادالت وشدة المنافسة في اإلنفتاح‪ ،‬وفي استقطاب اإلستثمارات الخارجية‪ ،‬إذ إنه من‬
‫غير الممكن للجماعة في ظل هذا الواقع‪ ،‬أن تكون شريكا أساسيا في التنمية‪ ،‬من غير‬
‫أن تتوفر لديها اإلمكانيات المادية والبشرية‪ ،‬واإلستقاللين اإلداري والمالي الالزمين‬
‫لمساعدتها على القيام بهذا األمر‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫فغاية اإلصالح‪ ،‬هي جعل اإلطار القانوني يواكب اإلطار المؤسساتي‪ ،‬في إطار‬
‫مقاربة مالية ترتكز على منطق الفعالية والجودة‪ ،‬وترفع من مردودية النفقة العمومية‪،‬‬
‫في اتجاه إقرار مرونة في المساطر واإلجراءات وتوسيع هامش الحرية‪ ،‬وجعل مسؤولية‬
‫اآلمرين بالصرف المحليين أوسع في تدبير شؤون جماعاتهم الترابية‪ ،‬وذلك عن طريق‬
‫عقلنة استعمال الزمن‪ ،‬وتدقيق اآلجال المعتمدة في إعداد الميزانيات‪ ،‬والمصادقة عليها‬
‫وتنفيذها‪ ،‬وتبسيط المساطر‪ ،‬والحد من كلفة الرقابة القبلية‪ ،‬وتعويضها بمراقبة تتوخى‬
‫دعم اإلنجازات والفعالية والمردودية‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مستجدات ومرتكزات القوانين التنظيمية‬


‫للجماعات الترابية‬
‫يرتكز إصالح مالية الجماعات الترابية‪ ،‬بالدرجة األولى‪ ،‬على مواءمة اإلطار‬
‫القانوني والمؤسساتي‪ ،‬الذي يحكم تدبير الشأن العام الترابي‪ ،‬والعمل على عصرنة‬
‫وتبسيط إجراءاته‪ ،‬والحد من كلفته عن طريق بلوغ غايات أساسية‪ ،‬ويتعلق األمر ب‪:‬‬

‫التخفيف من إجراءات الوصاية اإلدارية والمالية‪ ،‬وتبسيط طرق ممارستها‬


‫وعقلنتها‪ ،‬عن طريق إعادة النظر في المساطر المعتمدة في المصادقة‪ ،‬على الوثائق‬
‫المالية الترابية‪ ،‬والحد من المراقبات التي تعرقل عمل الجماعات وتحد من فعاليتها‪،‬‬
‫ودعم المراقبة الداخلية المرتكزة على المردودية والفعالية في استعمال اإلعتمادات‬
‫المالية‪ .‬باإلضافة إلى دعم الفعالية في مجال إعداد وتنفيذ القرار المالي‪ ،‬زيادة على‬
‫بلوغ الحكامة في تدبير الشأن الترابي‪.‬‬

‫وعلى أساس ذلك‪ ،‬خول الدستور المغربي الجماعات الترابية‪ ،‬وبناء على مبدأ‬
‫التفريع‪ ،‬اختصاصات ذاتية واختصاصات مشتركة مع الدولة واختصاصات منقولة إليها‬
‫من هذه األخيرة‪ ،‬أي أن كل مستوى إداري يتقيد بدائرة االختصاص الممنوحة له وال‬
‫يتعداها‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وعموما‪ ،‬تتضح لنا المستجدات أو المحاور الكبرى للقوانين التنظيمية‪ ،‬والتي سيتم‬
‫لها معالجتها وفق ما يلي‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اعتماد الميزانية والمصادقة عليها‬

‫كشفت الممارسة المالية‪ ،‬أن ميزانية الجماعات الترابية تحتل مكانة متميزة‪ ،‬في‬
‫التدبير المالي الترابي‪ ،‬نظ ار لطبيعة التدخالت التي أصبحت تحظى بها‪ ،‬على مختلف‬
‫المستويات‪ ،‬وكذا تأثيرها الكبير على الحياة العامة للجماعات الترابية‪.‬‬

‫من القانون التنظيمي رقم ‪ 222.22‬المتعلق‬ ‫‪224‬‬


‫وقد عرفت المادة‪201‬‬
‫بالجماعات‪ ،‬الميزانية‪ ،‬بكونها‪ ":‬الوثيقة التي يقرر ويؤذن بموجبها بالنسبة لكل سنة‬
‫مالية مجموع موارد وتكاليف الجماعة"‪.‬‬

‫إن وظيفة الميزانية هي إقامة توقع وتقدير قبلي‪ ،‬بشأن تحمالت وموارد الجماعة‬
‫خالل السنة المالية‪ ،‬وهي بمثابة إذن لآلمر بالصرف‪ ،‬بأن يقوم خالل نفس السنة‬
‫باتخاذ اإلجراءات والتدابير الالزمة‪ ،‬التي يقتضيها استخالص الموارد والوفاء بتحمالت‬
‫الجماعة‪ ،‬وذلك داخل حدود اإلطار الزمني لهذا التوقيع‪ ،‬وهو اثنا عشر شه ار‪ ،‬تبتدئ‬
‫من فاتح يناير وتنتهي في ‪ 22‬ديسمبر‪.‬‬

‫وتقدم ميزانية الجماعة بشكل صادق مجموع مواردها وتكاليفها‪ ،‬ويتم تقييم صدقية‬
‫هذه الموارد والتكاليف بناء على المعطيات المتوفرة أثناء إعدادها والتوقعات التي يمكن‬
‫أن تنتج عنه‪.‬‬

‫‪ - 224‬يقابلها وبنفس المضمون المواد التالية‪:‬‬


‫‪ -‬المادة ‪ 555‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 558.55‬المتعلق بالعماالت واألقاليم‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 591‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 555.55‬المتعلق بالجهات‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الفرع األول‪ :‬وضع الميزانية‬

‫نصت المادة ‪ 222‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 222.22‬المتعلق بالجماعات‪،‬‬


‫على ما يلي‪" :‬يتولى رئيس المجلس تحضير الميزانية‪.‬‬

‫يتعين إعداد الميزانية على أساس برمجة تمتد على ثالث سنوات‪ ،‬لمجموع موارد‬
‫وتكاليف الجماعة‪ ،‬طبقا لبرنامج عمل الجماعة‪ ،‬وتحين هذه البرمجة كل سنة‬
‫لمالءمتها مع تطور الموارد والتكاليف‪.‬‬

‫يتخذ بمرسوم باقتراح من السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية مسطرة وآجال إعداد‬
‫هذه البرمجة"‪.‬‬

‫إن منح اختصاص إعداد وثيقة الميزانية‪ ،‬للسلطة التنفيذية بالنسبة للجماعة يجد‬
‫مبرراته في ما يلي ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬في كون اآلمر بالصرف‪ ،‬هو المسؤول المباشر على تسيير المرافق‬
‫الجماعية‪ ،‬وهو المقرب لمعرفة حجم احتياجاتها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬هو السلطة‪ ،‬األكثر كفاءة وتأهيال للقيام بهذه المهمة‪ ،‬بحكم إشرافه المباشر‬
‫على المصالح اإلدارية والمالية الترابية‪ ،‬التي تتولى جمع المعطيات والمعلومات‬
‫الالزمة‪ ،‬واإلعداد التقني ألحكام الميزانية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬إن اآلمر بالصرف هو المسؤول‪ ،‬مسؤولية مالية وجنائية وتأديبية على‬
‫تنفيذ العمليات المالية‪.‬‬

‫وبعد عملية إعداد مشروع الميزانية‪ ،‬يتم عرض هذه األخيرة‪ ،‬مرفقة بالوثائق‬
‫الضرورية‪ ،‬لدراستها على لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة‪ ،‬داخل أجل عشرة‬

‫‪155‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫(‪ )01‬أيام‪ ،‬قبل افتتاح الدورة المتعلقة بالمصادقة على الميزانية من طرف المجلس‬
‫(المادة ‪ 012‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 001.04‬المتعلق بالجماعات‪ ،‬والمادة ‪ 044‬من‬
‫القانون التنظيمي المتعلق بالعماالت واألقاليم‪ ،‬والمادة ‪ 091‬من القانون التنظيمي رقم‬
‫‪ 000.01‬المتعلق بالجهات)‪ ،‬وتعتبر اإلحالة المسبقة على اللجنة المكلفة شيئا إيجابيا‪،‬‬
‫حيث إنها تمهد الطريق أمام المنتخبين‪ ،‬وتقدم لهم الشروحات والتفسيرات الالزمة التي‬
‫تساعدهم على دراسة مشروع الميزانية‪ ،‬وفهم توجهاته وأحكامه‪.‬‬

‫ويرتبط إعداد الميزانية بالبرمجة والتخطيط بالجماعات الترابية‪ ،‬ويتعلق األمر‪،‬‬


‫أوال‪ :‬ببرنامج عمل الجماعة (المادة ‪ ،)01‬وبرنامج تنمية العمالة أو اإلقليم (المادة‬
‫‪ ،)11‬وبرنامج التنمية الجهوية (المادة ‪.)10‬‬

‫هذه البرامج‪ ،‬البد أن تتضمن تشخيصا لحاجيات وامكانيات الجماعات الترابية‪،‬‬


‫وتحديدا ألولوياتها‪ ،‬وتقييما لمواردها ونفقاتها التقديرية‪ ،‬الخاصة بالسنوات الثالث‬
‫األولى‪ ،‬وأن تأخذ بعين االعتبار مقاربة النوع‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الوثائق الضرورية المرفقة بمشروع الميزانية‪ ،225‬ويتعلق األمر بالبيانات‬


‫المصاحبة لوثيقة الميزانية‪ ،‬أثناء عرضها على لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة‪،‬‬
‫وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ 8.59.355‬صادر في ‪ 83‬من رمضان ‪ 8.( 5538‬يونيو‪ )8159‬بتحديد قائمة الوثائق الواجب إرفاقها‬ ‫‪225‬‬

‫بميزانية الجهة‪ ،‬المعروضة على لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ ،9528‬بتاريخ ‪ 55‬يوليوز‬
‫‪ ،8159‬ص‪.1598 .‬‬
‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ 8.59.351‬صادر في ‪ 83‬من رمضان ‪ 8.(5538‬يونيو‪ )8159‬بتحديد قائمة الوثائق الواجب إرفاقها‬
‫بميزانية العمالة أواإلقليم‪ ،‬المعروضة على لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ ،9528‬بتاريخ ‪55‬‬
‫يوليوز ‪ ،8159‬ص‪.1598.‬‬
‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ 8.59.359‬صادر في ‪ 83‬من رمضان ‪ 8.(5538‬يونيو‪ )8159‬بتحديد قائمة الوثائق الواجب إرفاقها‬
‫بميزانية الجماعة‪ ،‬المعروضة على لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ ،9528‬بتاريخ ‪ 55‬يووليوز‬
‫‪ ،8159‬ص‪.1593 .‬‬

‫‪156‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬بيان عن البرمجة الممتدة على ثالث سنوات الخاصة بميزانية الجماعت‬


‫الترابية‪ ،‬سواء تعلق األمر بالجماعة‪ ،‬أوالجهة‪ ،‬العمالة أو اإلقليم‪.‬‬

‫‪ -‬مشروع نجاعة األداء برسم السنة المعنية‪.‬‬

‫‪ -‬بيان خاص عن اإللتزامات المالية الناتجة عن االتفاقيات والعقود‪.‬‬

‫‪ -‬بيان خاص عن األقساط السنوية المتعلقة بتسديد القروض برسم السنة المالية‬
‫المعنية‪.‬‬

‫‪ -‬بيان عن القرارت واألحكام القضائية الصادرة‪.‬‬

‫‪ -‬بيان خاص عن المداخيل المستخلصة‪ ،‬وتلك التي لم يتم استخالصها‪ ،‬بعد‬


‫خالل السنتين المنصرمين‪ ،‬وكذا المداخيل المستخلصة إلى غاية شهر سبتمبر من‬
‫السنة الجارية‪.‬‬

‫‪ -‬بيان خاص عن النفقات الملتزم بها والمؤداة برسم ميزانيتي التسيير والتجهيز‪،‬‬
‫خالل السنتين المنصرمتين‪ ،‬وكذا النفقات الملتزم بها والمؤداة إلى غاية شهر سبتمبر‬
‫من السنة الجارية‪.‬‬

‫‪ -‬مذكرة تقديم حول نفقات التسيير‪ ،‬تبرز تطور هذه النفقات وبنيتها وخصائصها‬
‫وتقديراتها‪ ،‬برسم السنة المالية المعنية والسنة الموالية‪ ،‬وكذا تطور عدد الموظفين‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬البرمجة المتعددة السنوات‪ :‬إن هدف هذا المقتضى‪ ،‬هو أن ال تبقى‬
‫الميزانية‪ ،‬مجرد أداة لتوقع وتقدير حجم المداخيل والنفقات‪ ،‬الالزمة لتأمين سير المرافق‬
‫الترابية‪ ،‬خالل سنة مالية واحدة‪ ،‬وانما يجب أن تكون إلى جانب ذلك‪ ،‬أداة للتدخل‬

‫‪157‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫االقتصادي واالجتماعي في األمد المتوسط والطويل‪ ،‬بحيث تكون الميزانية أداة‬


‫للتخطيط‪ ،‬وفي خدمة المشاريع واألهداف اإلقتصادية واإلجتماعية‪.‬‬

‫وتستهدف البرمجة الشاملة لمدة ‪ 1‬سنوات‪ ،‬لمجموع الموارد والتحمالت الترابية‪،‬‬


‫ربط توقعات الميزانية الترابية بتوقعات المخطط‪ ،‬وجعلها أداة يراعى بموجبها اتخاذ‬
‫اإلجراءات الالزمة لتحقيق أهدافه اإلستراتيجية‪ ،‬والعمل على أجرأة هذه البرامج‪ ،‬والعمل‬
‫على تنفيذها حسب األولويات التي أعطيت لها في المخطط الجماعي للتنمية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التصويت على الميزانية‬

‫يقتضي العمل بمبدأ سنوية الميزانية‪ ،‬بوجوب إعداد الميزانية و التأشير عليها‪،‬‬
‫قبل بداية السنة التي تتعلق بالسنة المالية‪ ،‬أي من فاتح يناير وتنتهي في ‪10‬‬
‫دجنبر‪ ،226‬وبدون هذه الوثيقة‪ ،‬فإن الجماعة ال تستطيع من حيث المبدأ الشروع في‬
‫تحصيل المداخيل وأداء النفقات‪.‬‬

‫واذا لم يتم التصويت والتأشير على الميزانية‪ ،‬قبل بداية السنة المالية‪ ،‬فإن ذلك‬
‫يؤدي إلى شل حركية اآلمرين‪ ،‬بمنعهم من حيث المبدأ من إصدار األوامر بتحصيل‬
‫المداخيل وأداء النفقات‪ ،‬طالما لم يؤذن بها وتقرر بموجب وثيقة الميزانية‪ .‬ذلك أن وقوع‬
‫مثل هذه الحاالت‪ ،‬كانت تساعد عليه أحكام القانون القديم‪ ،‬الذي ترك آجال إعداد‬
‫الميزانية والتصويت والمصادقة عليها مفتوحة‪ ،‬حيث لم يتم اإلشارة سوى إلى دورة‬
‫المجلس التي يجب أن تعرض فيها الميزانية للتصويت‪.‬‬

‫وألجل ذلك‪ ،‬أوصى جل المشاركين في الملتقيات الجهوية‪ ،‬حول تعديل قوانين‬


‫الجماعات الترابية بضرورة عقلنة آجال التصويت والتأشير‪ ،‬والعمل على إيجاد حلول‬

‫‪ - 226‬المادة ‪ 598‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 555.55‬المتعلق بالجهات‪.‬‬


‫‪ -‬المادة ‪ 555‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 558.55‬المتعلق بالعماالت واألقاليم‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 513‬من القانون التنظيمي رقم ‪553.55‬المتعلق بالجماعة‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫قانونية لهذا المشكل‪ .‬وفي هذا اإلطار جاءت التعديالت التي تضمنتها القوانين‬
‫التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬حيث تعتبر استجابة لهذا المطلب‪ ،‬إذ أصبحت مسطرة‬
‫إعداد الميزانيات والتصويت والتأشير عليها‪ ،‬خاضعة آلجال دقيقة‪ ،‬يؤدي عدم احترامها‬
‫إلى خرق مبدأ الشرعية‪.‬‬

‫ويمكن تصور سيناريوهين بالنسبة لكل مراحل مسطرة اعتماد الميزانية والتأشير‬
‫عليها‪:‬‬

‫السيناريو األول‪ :‬التصويت اإليجابي على الميزانية‬

‫بعد تحضير الميزانية‪ ،‬من قبل اآلمر بالصرف‪ ،‬بمساعدة المصلحة اإلدارية‬
‫التابعة لجماعته‪ ،227‬فإنه يتوجب عرضها مرفوقة بالوثائق الضرورية على لجنة‬
‫الميزانية والشؤون المالية والبرمجة‪ ،‬لدراستها قبل عشرة أيام‪ ،‬على األقل قبل تاريخ‬
‫افتتاح الدورة المتعلقة باعتماد الميزانية‪ ،‬من طرف المجلس‪ ،‬أي قبل ‪ 91‬سبتمبر على‬
‫أبعد تقدير‪.‬‬

‫بعد ذلك يتم عرض الميزانية على الجمع العام لدراستها والتصويت عليها‪ ،‬داخل‬
‫أجل أقصاه ‪ 02‬نونبر‪ ،‬ليتم عرض الميزانية للمصادقة من طرف سلطة الوصاية‪ ،‬في‬
‫تاريخ أقصاه ‪ 91‬نوفمبر‪ ،‬التي إذا ثبت لها أنها مطابقة للقوانين الجاري بها العمل‪،‬‬
‫أوجب آنذاك أن تصادق عليها داخل أجل ‪ 42‬يوما ابتداءا من تاريخ توصلها بها‪.‬‬

‫ويجب التصويت على الميزانية‪ ،‬مع مراعاة شروط منها‪ :‬أن يقع التصويت على‬
‫المداخيل قبل التصويت على النفقات‪ ،‬أن تحترم أحكام القانون التنظيمي المتعلق‬
‫بالجماعات والقوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪ ،‬وأن تكون في حالة توازن حقيقي‪،‬‬
‫على أساس صدقية تقديرات المداخيل والنفقات‪ ،‬كما تتحقق سلطة الوصاية‪ ،‬قبل‬

‫‪ - 227‬مصطفى معمر‪ ،‬إصالح التنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها‪ :‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،512‬يناير – فبراير‪ ،8153 ،‬ص‪.52 .‬‬

‫‪159‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المصادقة على الميزانية‪ ،‬من تسجيل كل النفقات اإلجبارية‪ ،‬المشار إليها في المادة‬
‫‪ 010‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 001.04‬المتعلق بالجماعات‪ ،‬إذ نص القانون على‬
‫إجبارية بعض النفقات‪ ،‬حيث يتعين على اآلمر بالصرف والمجلس‪ ،‬تسجيلها ضمن‬
‫نفقات السنة المقبلة‪ ،‬وعدم تسجيلها يسوغ لسلطة الوصاية رفض المصادقة على‬
‫الميزانية‪ ،‬وارجاعها إلى الجماعة أو العمالة واإلقليم أو الجهة‪ ،‬مع تعليل قرار رفضها‪،‬‬
‫وتوضيح األسباب التي استندت عليها في اتخاذه‪.‬‬

‫وترجع الميزانية إلى اآلمر بالصرف‪ ،‬داخل آجال ‪ 02‬يوم‪ ،‬تحتسب من تاريخ‬
‫توصله بها‪ ،‬حيث يتم عرضها على المجلس‪ ،‬من أجل إعادة قراءتها والتصويت عليها‪،‬‬
‫داخل أجل ‪ 02‬يوما في تاريخ أقصاه ‪ 91‬دجنبر‪ ،‬ثم تعرض بعد ذلك على سلطة‬
‫الوصاية للمصادقة عليها‪ ،‬في تاريخ ال يتعدى ‪ 02‬يناير‪ ،‬لتصادق عليها داخل اآلجال‬
‫المحددة وهو ‪ 42‬يوما‪.‬‬

‫أما في الحالة‪ ،‬التي ال يتم فيها مراعاة األسباب‪ ،‬التي كانت دافعا لرفض‬
‫المصادقة على الميزانية‪ ،‬من طرف سلطة الوصاية‪ ،‬وكانت الميزانية غير مطابقة‪ ،‬فإن‬
‫المادة ‪ ،092‬من القانون التنطيمي رقم ‪ 001.04‬المتعلق بالجماعات‪ ،‬أمكن للسلطة‬
‫الحكومية المكلفة بالداخلية‪ ،‬بعد طلب استفسارات من رئيس المجلس‪ ،‬أن تقوم قبل فاتح‬
‫يناير‪ ،‬بوضع ميزانية للتسيير‪ ،‬على أساس آخر ميزانية مؤشر عليها‪ ،‬مع األخذ بعين‬
‫اإلعتبار تطور تحمالت وموارد الجماعة الترابية أو المجموعة‪ ،‬ويمكن في هذه الحالة‬
‫للجماعة الترابية‪ ،‬أن تقوم بأداء األقساط السنوية لإلقتراضات‪.‬‬

‫وتبين الخطاطة الموالية‪ ،‬مراحل التصويت اإليجابي على الميزانية‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الخطاطة رقم ‪ :1‬التصويت اإليحابي عل الميزانية على ضوء القانون التنظيمي رقم ‪ 119.14‬المتعلق بالجماعات‬

‫عرض الميزانية على تصويت المجلس في‬


‫تاريخ أقصاه ‪ 21‬نونبر ( المادة‪)221‬‬

‫ميزانية معتمدة‬

‫عرض الميزانية على سلطة الوصاية‬


‫للمصادقة في تاريخ اقصاه ‪80‬‬
‫نوفمبر(المادة‪) 222‬‬

‫ميزانية غير مطابقة( إرجاعها إلى‬ ‫ميزانية مطابقة (المصادقة) في‬

‫اآلمر بالصرف) داخل أجل أقصاه‪21‬‬ ‫تاريخ أقصاه ‪ 51‬يوما‬

‫يوما ( المادة‪)222‬‬

‫إعادة الدراسة والتصويت داخل‬


‫أجل أقصاه ‪ 20‬أيام ( المادة‪)222‬‬

‫ميزانية غير مطابقة ( وضع‬ ‫ميزانية مطابقة ( المصادقة )‬


‫ميزانية التسيير من لدن سلطة‬ ‫في تاريخ أقصاه ‪ 51‬يوما‬
‫الوصاية (المادة ‪)221‬‬

‫المصدر‪ :‬تركيب شخصي بناء على القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫السيناريو الثاني‪ :‬في حالة عدم التصويت على الميزانية من طرف المجلس في‬
‫األجل المحدد‬

‫إذا لم يتم اعتماد الميزانية بالتصويت من طرف المجلس في تاريخ أقصاه ‪02‬‬
‫نونبر‪ ،‬فإن المادة ‪ ،090‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 001.04‬المتعلق بالجماعات‪،‬‬
‫تقضي دعوة المجلس داخل أجل ‪ 02‬يوما‪ ،‬تحتسب من تاريخ االجتماع الذي تم خالله‬
‫رفض الميزانية‪ ،‬يتولى في هذه الحالة دراسة مقترحات التعديل‪ ،‬التي من شأنها أن‬
‫تساعد على تجاوز األسباب التي أدت إلى رفضه خالل القراءة األولى‪ .‬فإعادة الدراسة‬
‫والتصويت عليها‪ ،‬يجب أن تتم في تاريخ أقصاه ‪ 11‬نونبر‪ ،‬وسواء تم قبول الميزانية أو‬
‫التمسك برفضها بعد إجراء القراءة الجديدة‪ ،‬فإنه يتعين على اآلمر بالصرف‪ ،‬أن يوجه‬
‫الميزانية إلى سلطة الوصاية في تاريخ أقصاه ‪ 02‬ديسمبر‪ ،‬مرفوقة بمحاضر مداوالت‬
‫المجلس‪.‬‬

‫إن القانون التنظيمي رقم ‪ 001.04‬المتعلق بالجماعات‪ ،‬بتحديده لآلجال التي‬


‫يجب احترامها في اإلعداد والتصويت والمصادقة‪ ،‬على الميزانيات الترابية‪ ،‬إنما يتوخى‬
‫عقلنة استعمال الوقت‪ ،‬وتحديد المسؤوليات بوضوح‪ ،‬واحترام مبدأ السنوية‪ ،‬الذي يستلزم‬
‫الشروع في تنفيذ أحكام الميزانية ابتداء من فاتح يناير‪ .‬وتجنب التأخير في تنفيذ هذه‬
‫األخيرة‪ ،‬الذي ينتج عنه عرقلة النشاط المالي واإلقتصادي واإلجتماعي للجماعة‪.‬‬

‫وتوضح الخطاطة الموالية‪ ،‬خطوات التصويت السلبي على الميزانية‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الخطاطة رقم ‪ :2‬التصويت السلبي على الميزانية‬

‫عرض الميزانية على تصويت المجلس في‬


‫تاريخ اقصاه ‪ 21‬نونبر ( المادة‪)221‬‬

‫ميزانية غير معتمدة‬

‫إعادة الدراسة و التصويت داخل أجل أيام‬


‫ابتداء من تاريخ التوصل بالميزانية المرفوضة‬
‫( المادة ‪)222‬‬

‫ميزانية غير معتمدة ( توجيهها إلى سلطة الوصاية)‬ ‫ميزانية معتمدة ( عرضها على المصادقة ) في‬
‫في تاريخ أقصاه ‪ 21‬دجنبر‬ ‫تاريخ أقصاه ‪ 21‬دجنبر ( المادة ‪)22‬‬

‫وضع ميزانية التسيير من لدن‬ ‫ميزانية غير مطابقة ( إرجاعها‬ ‫ميزانية مطابقة‬
‫سلطة الوصاية‬ ‫إلى اآلمر بالصرف )‬

‫إعادة الدراسة و التصويت في‬


‫تاريخ أقصاه ‪ 21‬يناير‬

‫ميزانية مطابقة ( المصادقة) في‬ ‫ميزانية غير مطابقة( وضع‬


‫تاريخ أقصاه ‪ 51‬يوما‬ ‫ميزانية التسيير من لدن سلطة‬
‫الوصاية )‬

‫المصدر‪ :‬تركيب شخصي بناء على القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات‬

‫‪163‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دعم االستقالل المالي للجماعات الترابية‬

‫يعد االستقالل المالي‪ ،‬وسيلة حاسمة لقياس درجة التنظيم الالمركزي‪،228‬‬


‫ومالمسة سقف التطلع‪ ،‬لدى المشرع‪ ،‬سواء من حيث إقرار خيار الالمركزية أو من‬
‫حيث أجرأته على أرض الواقع‪ ،229‬في إشارة للعالقة الجوهرية بين التنصيص القانوني‪،‬‬
‫والممارسة العملية‪.‬‬

‫ويكتسي الخيار الالمركزي بالمغرب‪ ،‬عمقا تاريخيا من خالل التجارب في هذا‬


‫المجال‪ ،‬فضال عن التحوالت التي تعرفها بالدنا‪ ،‬من خالل ما تم التنصيص عليه في‬
‫الوثيقة الدستورية‪ ،‬والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪.‬‬

‫ويتطلب األمر‪ ،‬التطرق لمظاهر اإلستقالل المالي‪ ،‬للجماعات الترابية أوال‪،‬‬


‫ومعالجتها من خالل الوثيقة الدستوية‪ ،‬ثم القيام في مرحلة ثانية‪ ،‬بمعالجة اإلستقالل‬
‫المالي على ضوء القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬االستقالل المالي للجماعات الترابية من خالل الوثيقة الدستورية‬


‫لسنة ‪2711‬‬

‫تضمن دستور ‪ ،1122‬بابا مستقال عن الجماعات الترابية (الجهات والجماعات‬


‫الترابية األخرى)‪ ،‬عملت فصوله المختلفة‪ ،‬على رسم مالمح اإلطار العام المرتبط‬
‫بتدبير الوحدات الترابية الالمركزية‪ .‬ولم تهتم فصول الباب التاسع‪ ،‬بمطلب االستقالل‬
‫المالي بشكل مباشر‪ ،‬بل نصت على مجموعة من المبادئ التي تحيل داللتها على هذا‬
‫االستقالل‪.‬‬

‫‪ -228‬لمزيد من التفصيل راجع‪:‬‬


‫‪Rachid El Moussaoui, Les Finances Locales, Imprimerie Spartel, Edition 2013.‬‬
‫‪ - 229‬محمد حيمود‪ ،‬االستقالل المالي للجماعات الترابية بين مضامين دستور ‪ 8155‬وانتظارات التنزيل التشريعي‪ ،‬أشغال‬
‫األيام المغاربية العاشرة للقانون المنظمة من طرف شبكة الحقوقيين المغاربيين‪ ،‬يومي ‪ 52 -58‬أبريل‪ ،‬مطبعة المعارف‬
‫الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،8151 ،‬ص‪.13.‬‬

‫‪164‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫ومن هذه المبادئ‪ ،‬مبدأ التدبير الحر الذي أشار إليه الفصل ‪ 221‬من الدستور‪،‬‬
‫والذي يشترط لتحقق معناه‪ ،‬على مستوى الجماعات الترابية‪ ،‬توفر ثالث مقومات‪ ،‬وهي‬
‫االستقالل المؤسساتي‪ ،‬واالستقالل التنظيمي ثم االستقالل المالي‪.‬‬

‫فال يمكن‪ ،‬تفعيل التدبير الحر للجماعات الترابية‪ ،‬دون تمكينها من الموارد‬
‫الالزمة‪ ،‬أي توفرها على حد أدنى من اإلستقالل المالي‪ ،‬عن طريق توفرها على موارد‬
‫مالية لممارسة اختصاصاتها‪ ،‬وعلى درجة من اإلستقالل في صرفها‪ ،‬حتى ال تبقى‬
‫مرتبطة بمساعدات واعانات الدولة‪.‬‬

‫فاالستقالل المالي للجماعات‪ ،‬وفقا للمجلس الدستوري الفرنسي‪ ،‬يشكل ضمانة‬


‫للتدبير الحر‪ ،230‬لكنها ضمانة ضعيفة تستدعي تدخال من طرف المشرع‬
‫الدستوري‪.231‬‬

‫وقد نص الفصل ‪ 222‬من دستور ‪ 1122‬على ما يلي‪ " :‬تتوفر الجهات‬


‫والجماعات الترابية األخرى‪ ،‬على موارد مالية ذاتية‪ ،‬وموارد مالية مرصودة من قبل‬
‫الدولة"‪ .‬وأضاف " كل اختصاص تنقله الدولة إلى الجهات والجماعات الترابية األخرى‪،‬‬
‫يكون مقترنا يتحويل الموارد المطابقة له"‪.‬‬

‫فالدستور أقر قاعدتين‪ ،‬تشكالن عماد اإلستقالل المالي للجماعات الترابية‪،‬‬


‫والترجمة المالية لمبدأ التدبير الحر‪ ،‬عملت القوانين التنظيمية على تبنيها‪.‬‬

‫‪ - 230‬للمزيد من التفصيل راجع‪:‬‬


‫‪Amal Mecharfi, Les collectivités territoiles dans la constitution marocaine, actes des Xéme‬‬
‫‪journées Maghrebines de droit (17 - 18Avril 2015), publié avec le concours de la fondation‬‬
‫‪Hanns Seidel, p. 95.‬‬
‫‪ - 231‬أحمد أجعون‪ ،‬مضمون ونطاق التدبير الحر للجماعات الترابية‪ ،‬أشغال األيام المغاربية العاشرة للقانون المنظمة من‬
‫طرف شبكة الحقوقيين المغاربيين‪ ،‬يومي ‪ 52 -58‬أبريل‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،8151 ،‬ص‪.53 .‬‬

‫‪165‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وبالرجوع إلى اجتهادت المجلس الدستوري الفرنسي‪ ،‬نجده يقر بأن القواعد‬
‫القانونية المتعلقة بالمقابل المالي لنقل االختصاصات‪ ،‬يجب أال تؤدي إلى تخفيض‬
‫موارد الجماعات الترابية‪ ،‬حتى ال يشكل ذلك مساسا بمبدأ التدبير الحر‪.‬‬
‫وبصفة عامة‪ ،‬يفترض االستقالل المالي‪ ،‬للجماعات الترابية‪ ،‬أن الدولة تقدم مقابال‬
‫ماليا لكل نقل أو إحداث أو توسيع إلختصاصاتها‪.‬‬

‫أما المبدأ الثاني‪ ،‬فهو مبدأ التفريع المنصوص عليه في الفصل ‪ 221‬من‬
‫الدستور‪ ،232‬فمن شأن العمل به‪ ،‬تعزيز مطلب االستقالل المالي‪ ،‬على اعتبار أنه‬
‫يعني في جوهره توزيع األعباء حسب قدرات األداء واإلنجاز‪ ،‬ومنها القدرات التمويلية‪،‬‬
‫بين تلك التي في وسع الجماعة الترابية‪ ،‬من خالل االختصاص الذاتي‪ ،‬وتلك التي‬
‫تحتاج إلى التعاضد‪ ،‬من خالل االختصاصات المشتركة مع الدولة‪ ،‬ثم األعباء‬
‫المحولة إليها‪ ،‬والتي تتطلب بالضرورة تحويل اإلمكانيات المالية الموازية‪.‬‬

‫ومن المرتكزات الداعمة لإلستقالل المالي‪ ،‬ما تضمنه الفصل ‪ 222‬من الدستور‪،‬‬
‫الذي أكد على أن رؤساء مجالس الجهات ورؤساء مجالس الجماعات الترابية األخرى‪،‬‬
‫يتولون تنفيذ مداوالت هذه المجالس ومقرراتها‪ ،‬وهو ما يعني وضع حد للبس الذي كان‬
‫يطبع التنظيم الالمركزي‪ ،‬عندما كان اآلمر بالصرف هو الوالي والعامل على مستوى‬
‫الجهات والعماالت واألقاليم‪.‬‬

‫واذا كان دستور ‪ ،1122‬اكتفى باإلشارة إلى بعض المبادئ التي توفر من‬
‫الناحية المبدئية‪ ،‬أرضية لإلستقالل المالي‪ ،‬مع االستعانة بآليات مساعدة‪ ،‬من قبيل‬
‫التضامن والتعاون والتعاضد‪ ،‬للحد من التفاوتات في القدرات التمويلية‪ ،‬فإن تحقيق ذلك‬
‫عمليا مرتبط بإصالحات أخرى‪ ،‬من قبيل اإلصالحات التي يتطلبها تنزيل دستور‬

‫‪ -‬للجماعات الترابية وبناء على مبدأ التفريع‪ ،‬اختصاصت ذاتية واختصاصات مشتركة مع الدولة واختصاصات منقولة‬ ‫‪232‬‬

‫إليها‪ .‬تتوفر الجهات والجماعات الترابية األخرى‪ ،‬في مجاالت اختصاصاتها‪ ،‬داخل دائرتها الترابية على سلطة تنظيمية‬
‫لممارسة صالحيتها‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ ،1122‬بشأن التنظيم الالمركزي‪ ،‬ومنها اإلصالحات المحاسبية‪ ،‬وتلك المتعلقة‬


‫بأمالك الجماعات الترابية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬االستقالل المالي الترابي على ضوء القوانين التنظيمية للجماعات‬
‫الترابية‬

‫تعتبر القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬خطوة حاسمة في مسار التجربة‬


‫الالمركزية‪ ،‬بالنظر للتراكم التاريخي لهذه التجربة‪ ،‬وكذا النقلة النوعية التي أسس لها‬
‫دستور ‪.1122‬‬

‫فمن خالل مؤشرات المفهوم الواسع لالستقالل المالي‪ ،233‬لم تقدم القوانين‬
‫التنظيمية للجماعات الترابية أي جديد‪ ،‬بخصوص المؤشر المرتبط بحجم الموارد الذاتية‬
‫للجماعات الترابية‪ .‬فقد نصت المادة ‪ 212‬من القانون التنظيمي للجماعات‪ ،‬على نفس‬
‫مضمون الفصل ‪ 222‬من الدستور‪ ،‬دون أي جديد في تحديد مكانة الموارد الذاتية‪،‬‬
‫مقارنة مع باقي أصناف مصادر التمويل األخرى‪ ،‬وهو نفس المضمون الذي جاء من‬
‫خالل المادة ‪ 210‬من القانون التنظيمي للعماالت واألقاليم‪ .‬واقتصرت محاولة تدقيق‬
‫حجم الموارد على الموارد المرصودة من الدولة‪ ،‬بأن تكون قارة وكافية بموجب قوانين‬
‫المالية‪ .‬كذلك األمر‪ ،‬بالنسبة للقانون التنظيمي للجهات من خالل المادتين ‪221‬‬
‫و‪.221‬‬

‫‪ -‬لمزيد من التفاصيل راجع‪:‬‬ ‫‪233‬‬

‫‪ -‬محمد حيمود‪ ،‬اإلستقالل المالي للجماعات الترابية بين مضامين دستور ‪ 8155‬وانتظارات التنزيل التشريعي ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.‬‬
‫‪.1‬‬
‫‪ -‬محمد علي أدبيا‪ ،‬إشكالية االستقالل المالي للجماعات المحلية بالمغرب‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية – الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،8115-8111 :‬ص‪.88-89-81 .‬‬

‫‪167‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫بخالف الدستور الفرنسي‪ ،‬الذي كان أكثر جرأة بشأن توفير المقومات الدستورية‬
‫لالستقالل المالي‪ ،‬وعملت القوانين التنظيمية للجماعات الترابية على تكريس ذلك‪ ،‬إذ‬
‫نجد بأن الدستور الفرنسي نص في المادة ‪ 11-1‬على‪:‬‬

‫‪ -‬كون الموارد الذاتية تشكل حصة حاسمة ضمن مجموع موارد كل صنف من‬
‫الجماعات الترابية‪.‬‬
‫‪ -‬أن يحدد قانون تنظيمي شروط تطبيق هذه القاعدة‪.‬‬
‫‪ -‬ليس فقط كل اختصاص منقول يصاحبها المورد الالزم‪ ،‬بل كل تنصيص على‬
‫اختصاص جديد أو توسيعه‪ ،‬من شأنه الزيادة في نفقات الجماعات الترابية‪،‬‬
‫يرافق بالموارد الالزمة‪.‬‬
‫كما صدر في هذا السياق‪ ،‬القانون التنظيمي ل ‪ 12‬يونيو ‪ ،1112‬المتعلق‬
‫باإلستقالل المالي للجماعات الترابية‪ ،234‬تطبيقا لمقتضايات المادة ‪.11-1‬‬
‫أما بخصوص الموارد الذاتية للجماعات الترابية‪ ،‬فقد عرفت مبدئيا‪ ،‬توسيعا‬
‫لمكوناتها سواء تعلق األمر بالجماعات (‪ ،)212‬والعماالت أواألقاليم (المادة‪،)211‬‬
‫والجهات (المادة ‪ ،)222‬والرفع التدريجي لنسب الضريبة على الشركات‪ ،‬والضريبة‬
‫على الدخل ‪ ،‬والرسم على عقود التأمين بالنسبة للجهات‪ ،‬فضال عن اعتمادات مالية‬
‫من الميزانية العامة للدولة في أفق بلوغ سقف ‪ 21‬ماليير درهم سنة ‪ 1112‬بالنسبة‬
‫للجهات‪ ،‬باإلضافة إلى أن قانون المالية حدد موارد كل من صندوق التأهيل‬
‫اإلجتماعي وصندوق التضامن بين الجهات‪.‬‬

‫‪234‬‬
‫‪- Loi organique n° 2004-758 du 29 juillet 2004 prise en application de l’article 72-2 de la‬‬
‫‪constitution relative à l’autonomie financière des collectivités territoriale, JORF n°175 du 30‬‬
‫‪juillet 2004, p. 13561.‬‬
‫نقال عن محمد حيمود‪ ،‬االستقالل المالي للجماعات الترابية بين مضامين دستور ‪ 8155‬وانتظارات التنزيل التشريعي‪ ،‬م‪..‬س‪،‬‬
‫ص‪ 92 .‬وبعدها‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫غير أن وضوح الرؤية بشأن طبيعة وحجم الموارد المالية للجماعات الترابية‪،‬‬
‫تتوقف على مجموعة من اإلصالحات التي تخص مصادر التمويل‪ ،‬واألمر يتعلق‬
‫بإصالح القانون الجبائي رقم ‪ 21.11‬المتعلق بالجبايات المحلية‪ ،‬مع استحضار‬
‫مقترحات اللجنة االستشارية للجهوية في هذا الباب‪.‬‬
‫كذلك‪ ،‬من مستجدات القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬بخصوص المنظومة‬
‫الرقابية في عالقتها بمطلب اإلستقالل المالي‪ ،‬وضع مقومات الرقابة الذاتية (المراقبة‬
‫الداخلية واالفتحاص والتقييم)‪ ،‬وامكانية تشكيل لجنة للتقصي حول مسألة تهم تدبير‬
‫شؤون الجماعة العامة أو العمالة واإلقليم أوالجهة‪ ،‬ومنها بطبيعة الحال شؤون التدبير‬
‫المالي‪ ،‬مع التنسيق بين اإلجهزة الرقابية‪ ،‬عبر التنصيص على إمكانية العمل‬
‫المشترك‪ ،‬بين المفتشية العامة للمالية والمفتشية العامة لإلدارة الترابية‪ ،‬وتكريس مسألة‬
‫اإلحالة على المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬سواء تعلق األمر بتقرير التدقيق السنوي‪ ،‬أو‬
‫تقرير لجنة تقصي الحقائق‪ ،‬بقرار من المجلس التداولي‪ ،‬فضال عن إحالة تقارير‬
‫التدقيق والتدقيق المالي‪ ،‬في حالة وجود اختالالت على المحكمة المختصة‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬حذف الحساب اإلداري وتعويضه بتقرير التدقيق‬
‫إذا كانت الميزانية الترابية بمثابة وثيقة التقدير والتوقع للمداخيل والترخيص‬
‫بالنفقات التي تعتزم تحقيقها خالل السنة المالية‪ ،‬فإن الحساب اإلداري‪ ،‬كان يعتبر‬
‫بمثابة أداة لقياس مدى تحقيق هذه العمليات المالية‪ ،‬وتنفيذها‪ ،‬وآلية حصر النسب‬
‫واألرقام المتعلقة بذلك‪.235‬‬
‫فهو يعتبر سابقا‪ ،‬المرآة العاكسة لمدى نجاعة التدبير المالي للميزانية الجماعية‪.‬‬
‫ونظ ار ألهمية التعديل الذي ط أر على الحساب اإلداري‪ ،‬ارتأينا التطرق له عبر‬
‫التعريف به وبمضامينه وتقنياته في (الفرع األول)‪ ،‬ثم التعديالت التي لحقت به في‬
‫(الفرع الثاني)‪.‬‬

‫‪ -‬تقرير لجنة الداخلية والجهات والجماعات المحلية بمجلس المستشارين حول مشروع قانون رقم ‪ 82.11‬المتعلق بالميثاق‬ ‫‪235‬‬

‫الجماعي‪ ،‬المناقشة العامة‪ ،‬السنة التشريعية‪ ،8118.8115‬دورة أبريل ‪ ،8118‬ص‪.59.‬‬

‫‪169‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الفرع األول‪ :‬مضمون الحساب اإلداري‬


‫لم تتضمن النصوص المتعلقة بالمالية الترابية‪ ،‬وكذا المتعلقة بالنظام المحاسبي‪،‬‬
‫المطبق على الجماعات الترابية‪ ،‬والتي كان يفترض أن تشمل تعريفا مدققا ومفصال مع‬
‫استعراض آلليات إعداد وترتيب‪ ،‬عناصر الحساب اإلداري‪ ،‬فقد اقتصرت على إيراد‬
‫معطيات متواضعة في هذا الصدد‪ ،‬ونصت بالتالي على لزوم إعداد الحساب اإلداري‪،‬‬
‫وحصره سنويا من قبل اآلمر بالصرف‪ ،‬قبل عرضه على المجلس التداولي والمصادقة‬
‫فيما بعد‪ ،‬فيما النجد أي تعريف للحساب اإلداري‪.‬‬
‫وبمقابل ذلك نجد االجتهاد الفقهي‪ ،‬يستفيض في تناول تعريف الحساب اإلداري‪،‬‬
‫وضبط عناصره وآلياته‪ ،‬فهو في نظر البعض عبارة عن وثيقة إدارية ومالية‪ ،‬تبين‬
‫النتيجة النهائية والعامة لميزانية الجماعة الترابية‪ ،‬وتبسط مختلف المعطيات المتعلقة‬
‫بالنتائج المالية والمحاسبية لتنفيذ الميزانية‪ ،236‬وبالتالي يمكن اعتباره بيان مفصل لنتائج‬
‫تنفيذ ميزانية الجماعة الترابية خالل سنة مالية منصرمة‪.‬‬
‫كما يعتبر البعض اآلخر الحساب اإلداري‪ ،‬بمثابة عملية تصفية للميزانية‪ ،‬تمكن من‬
‫تحديد مجموع المداخيل التي تم تحصيلها‪ ،‬والنفقات التي تمت تصفيتها وأداؤها‪ ،‬وهذا‬
‫ما يجعل هذه الوثيقة أداة أساسية‪ ،‬لضبط النتائج المالية والمحاسبية‪ ،‬النهائية والفعلية‬
‫المتعلقة بتنفيذ الميزانية الترابية‪.‬‬
‫فالحساب اإلداري‪ ،‬بمثابة وثيقة إلبراء ذمة اآلمر بالصرف‪ ،‬وتأكيد من جانبه‬
‫على احترام المقتضيات القانونية والشكليات التنظيمية‪ ،‬المتعلقة بتنفيذ الميزانية الترابية‪.‬‬
‫واذا كانت النصوص القانونية والتنظيمية‪ ،‬قد أغفلت مسألة التعريف وتحديد‬
‫المصطلح‪ ،‬ومدلوالته القانونية والعملية‪ ،‬فإنها أولت نوعا من اإلهتمام‪ ،‬بمسألة‬
‫المضمون والمحتوى‪ ،‬ونصت بالتالي على أن اآلمر بالصرف‪ ،‬يضع "الحساب اإلداري‬
‫للتسيير" على أن تتضمن هذه الوثيقة في أعمدة متباينة العناصر مقسمة بين المداخيل‬
‫والنفقات‪.‬‬

‫‪ -‬السنوسي معنى‪"،‬مالية الجماعات المحلية بالمغرب" التنظيم المالي المحلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.589 .‬‬ ‫‪236‬‬

‫‪170‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وعلى غرار التقسيم المعتمد بالنسبة للميزانية الترابية‪ ،‬يتكون الحساب اإلداري‬
‫من جزأي التسيير والتجهيز‪ ،‬ويتكون بالتالي كل جزء من شطري الموارد والنفقات‪.‬‬
‫وتختلف مساطر عرضه على المجالس الترابية عن الميزانية‪ ،‬بحيث يتم عرضه‬
‫والتداول فيه بشكل إجمالي وفق إجراءات خاصة‪.‬‬
‫أما عن تقنيات الحساب اإلداري‪ ،‬فتنص المقتضيات التشريعية والتنظيمية‪،‬‬
‫بوضوح على المسار العام‪ ،‬المتعلق بإعداد وتقديم الحسابات اإلدارية‪ ،‬والتصويت عليها‬
‫واعتمادها النهائي‪ ،‬فالنصوص القانونية‪ ،‬تفصل بشكل واضح هنا بين مجال تدخل‬
‫اآلمر بالصرف‪ ،‬ومجال اختصاص المجالس المنتخبة‪ ،‬التي يرتكز على دراسة‬
‫الحساب اإلداري والتصويت عليه‪.‬‬
‫فإعداد الحساب اإلداري‪ ،‬يخضع لمجموعة من اإلجرءات والمساطر التي تختص‬
‫بها الهيئات التنفيذية للجماعات الترابية‪ ،‬ويتعلق األمر باألساس بمرحلتين رئيسيتين‪،‬‬
‫تعرفهما هذه الوثيقة المالية والمحاسبية‪ ،‬والتي تمر من مرحلة اإلعداد العملي والفعلي‬
‫للحساب اإلداري‪ ،‬وتصل إلى مرحلة التصويت عليه‪ ،‬دون أن يشكل بالضرورة نهاية‬
‫المسطرة‪.‬‬
‫فاآلمر بالصرف يحصر" عند نهاية كل سنة مالية الحساب اإلداري للتحمالت‬
‫والموارد"‪ ،‬فبصفته الهيئة التنفيذية للجماعة الترابية‪ ،‬يقوم بموجب المقتضيات القانونية‪،‬‬
‫بتحضير هذه الوثيقة المالية والمحاسبية‪ ،‬باعتبار قاعدة المسؤولية المالية على‬
‫التصرفات المتعلقة بتنفيذ الميزانية‪.‬‬
‫وبعد اإلنتهاء من عملية حصر الحسابات‪ ،‬تحال على اللجنة الدائمة لدى‬
‫المجلس والمكلفة بالمالية والميزانية‪ ،‬قصد الدراسة التمهيدية قبل اإلحالة على المجلس‬
‫التداولي‪ ،‬ويتوجب أن يتم خالل هذه المرحلة‪ ،‬وضع كافة السجالت والبيانات‬
‫والمعطيات وملفات الصفقات‪ ،‬رهن إشارة هذه اللجنة‪ ،‬وهو ما يمثل في واقع األمر أهم‬
‫مرحلة في التدخل الرقابي للمنتخبين في تتبع وتنفيذ الميزانية‪ ،‬ولو بشكل بعدي‪ ،‬ويشكل‬
‫بالتالي أهم مجاالت الرقابة السياسية على الميزانية الترابية‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫غير أن الواقع العملي‪ ،‬عرف عدة مشاكل‪ ،‬تتعلق باألساس بمدى احترام اآلمر‬
‫بالصرف‪ ،‬للمقتضيات المتعلقة بإطالع األعضاء على الوثائق المثبتة لعمليات‬
‫المداخيل والنفقات‪ ،‬بل إن النص القانوني نفسه‪ ،‬يتضمن بعض الغموض يؤدي إلى‬
‫تعسف الهيئات التنفيذية للجماعات الترابية في هذه المسألة‪ ،‬ويحرمون أعضاء‬
‫المجالس المنتخبة من حق االطالع‪ ،‬بدعوى أن النص القانوني‪ ،‬يتحدث على وجوب‬
‫اطالع مقرر الميزانية على الوثائق المالية والمحاسبية‪ ،‬وليس كافة أعضاء اللجنة‪ ،‬وهو‬
‫ما يشكل نوعا من التقليص من مجال الرقابة السياسية المخولة للمجالس المنتخبة على‬
‫اآلمر بالصرف‪ ،‬بخصوص تنفيذه للميزانية الترابية‪.237‬‬
‫واذا كان اآلمر بالصرف‪ ،‬ينفرد بتنفيذ الميزانية الترابية‪ ،‬وبإعداد الحساب اإلداري‪،‬‬
‫فإن الدور األساسي الممنوح للمجالس الترابية المنتخبة‪ ،‬يكمن في مرحلة الدراسة‬
‫والتصويت على هذه الوثيقة التي تمثل خالصة العمليات المالية والمحاسبية‪.‬‬

‫فاآلمر بالصرف عند تحضيره للحساب اإلداري‪ ،‬يجب أن يعرضه على المجلس‬
‫التداولي للتصويت عليه‪ .‬وعلى هذا األساس يبقى المجلس المنتخب‪ ،‬هوالمختص‬
‫بتدارس محتويات ومضامين الحساب اإلداري‪ ،‬واعتماد أو رفض اعتماد حصيلة تنفيذ‬
‫الميزانية‪.‬‬

‫وعلى العموم‪ ،‬وبخصوص التقديم والدراسة‪ ،‬يتم أوال تقديم عرض مفصل لمقرر‬
‫الميزانية‪ ،‬يتلوه تقرير لرئيس أو مندوب لجنة المالية‪ ،‬بعدها يتم فتح النقاش وفسح‬
‫المجال للمنتخبين لتدارس مختلف البيانات والمعطيات الواردة في الحساب اإلداري‪ ،‬أو‬
‫المتعلقة بتنفيذ الميزانية الترابية‪ ،‬أو حتى بالتدبير اإلداري والمالي ككل‪.‬‬

‫وعند دراسة الحساب اإلداري‪ ،‬ال يحق لآلمر بالصرف‪ ،‬وال ألحد أعضاء المكتب‬
‫ترؤس االجتماع‪ ،‬بحيث يتم انتداب عضو خارج المكتب لرئاسة الجلسة المخصصة‬
‫لدراسته‪ ،‬وتعتبر هذه الجلسة أهم مرحلة تتعلق بالرقابة السياسية التي يجريها المنتخبون‬

‫‪ -237‬عبد اللطيف بروحو‪ ،‬مالية الجماعات المحلية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.55. .‬‬

‫‪172‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫على تصرفات وأعمال اآلمر بالصرف‪ ،‬باعتباره المسؤول عن تنفيذ الميزانية الترابية‪،‬‬
‫وبعد المناقشة يتم اللجوء إلى التصويت‪ ،‬وتعتبر هذه المرحلة بمثابة خالصة ممارسة‬
‫المجلس لرقابته السياسية على النشاط المالي الترابي‪ ،‬وخالصة هذه المرحلة مبنية على‬
‫نتيجتين وهما‪:‬‬

‫التصويت اإليجابي‪ :‬ويعني بأن المجلس يقر بسالمة وصحة تصرفات اآلمر‪،‬‬
‫ويعتبر بالتالي بأن التدبير المالي للجهاز التنفيذي كان قانونيا‪ ،‬وتم وفق التوجهات‬
‫العامة للمجلس الترابي‪ ،‬ويفترض أيضا أن يشكل إقرار بمطابقة التدبير للمخطط‬
‫التنموي للجماعة الترابية‪ .‬وهذا العنصر تفتقده جل الجماعات إن لم نقل كلها‪ ،‬لغياب‬
‫ثقافة التخطيط اإلستراتيجي‪.‬‬

‫التصويت السلبي‪ :‬ويعتبر بمقابل ذلك عدم قبول المجلس التداولي لنتائج‬
‫وحصيلة التدبير المالي الترابي‪ ،‬كما يعبر عن عدم الرضى المجلس المنتخب بطريقة‬
‫تدبير اآلمر بالصرف للمالية الترابية ومخالفة تنفيذه للميزانية وللتوجهات العامة للمجلس‬
‫أوعدم مطابقة تدبيره للقواعد القانونية والتنظيمية المتعلقة بالنشاط المالي الترابي‪،‬‬
‫والتصويت السلبي يعتبر في بعض األحيان من أكثر المواضيع إثارة لإلشكاالت‬
‫القانونية في عالقة المجلس برئيسه أو بالجهاز التنفيذي للجماعة الترابية‪.‬‬

‫غير أن مقررات المجالس المنتخبة الصادرة نتيجة دراسة الحساب اإلداري‬


‫والتصويت عليه‪ ،‬ال تكون نهائية إال بعد مصادقة سلطات الوصاية عليها‪.‬‬

‫غير أنه يالحظ في هذا الصدد‪ ،‬أن مقررات مجالس الجهات باعتماد الحساب‬
‫اإلداري ال تخضع لمصادقة سلطات الوصاية‪ ،‬خالفا لما جاري به العمل بالنسبة لباقي‬
‫يخضع مقرر المجلس للمراقبة فقط عند‬ ‫‪238‬‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬بل إن قانون الجهات‬
‫التصويت برفض الحساب اإلداري حيث ألزمت ‪ 40‬مجالس الجهات بتعليل رفضها‬

‫‪ -‬القانون رقم ‪ 58..9‬االمتعلق بالجهات سابقا‪.‬‬ ‫‪238‬‬

‫‪173‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫للحسابات اإلدارية تحت طائلة البطالن‪ ،‬وهذا يعني بأن مقرر مجلس الجهة المتضمن‬
‫للتصويت اإليجابي على الحساب اإلداري الذي يعده والي الجهة يعتبر نهائيا‪ ،‬وغير‬
‫خاضع لمصادقة السلطات الوصاية‪ ،‬خالفا للجماعات الترابية األخرى‪.‬‬

‫إن الجوانب التقنية والمسطرية المتعلقة بإعداد الحساب اإلداري‪ ،‬ودارسته‬


‫والتصويت عليه وكذا المصادقة عليها‪ ،‬ال تنتقص من األهمية العملية والواقعية التي‬
‫يكتسيها‪ ،‬كوسيلة للمراقبة السياسية التي تجريها المجالس المنتخبة على تصرفات‬
‫الجهاز التنفيذي بصفته اآلمر بتحصيل الموارد وبصرف النفقات‪ ،‬والمسؤول عن‬
‫التدبير اإلداري والمالي الترابي‪.‬‬

‫غير أن األهمية التي تكتسيها هذه الوسيلة الرقابية ال تلغي وجود إشكاالت‬
‫قانونية وعملية ترتبط باألساس بالتصويت السلبي أو برفض المجلس التداولي للحساب‬
‫اإلداري المقدم من طرف اآلمر بالصرف‪ ،‬وكذا برفض سلطات الوصاية المصادقة‬
‫على مقررات المجالس التداولية بهذا الخصوص‪ .‬وهذا ما أدى اليوم إلى حذفه‪،‬‬
‫وتعويضه بتقرير التدقيق‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تقرير التدقيق ونجاعة التدبير المالي الترابي‬

‫أمام الفرملة التي كان يقوم بها بعض المنتخبين‪ ،‬وأمام الصراعات التي كانت تقع‬
‫أثناء المناقشة والتصويت على الحساب اإلداري‪ ،‬تم حذف هذا األخير في القوانين‬
‫التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬وتعويضه بتقرير التدقيق‪ ،‬الذي عرفه عرض وزير‬
‫الداخلية‪ ،‬أثناء تقديمه لمشروع القانون التنظيمي للجماعات‪ ،‬أمام لجنة الداخلية‬
‫والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب وفق ما يلي‪( :‬تخضع‬
‫العمليات المالية والمحاسباتية للجماعة لتدقيق سنوي تنجزه المفتشية العامة المالية‪ ،‬أو‬
‫المفتشية العامة لإلدارة الترابية‪ ،‬أو بشكل مشترك بينهما‪ ،‬أو من قبل هيئة للتدقيق‪ ،‬يتم‬
‫وتحدد صالحيتها بقرار مشترك للسلطة الحكومية المكلفة‬ ‫انتداب أحد أعضائها‪،‬‬

‫‪174‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫بالمالية‪ ،‬وينجز لهذه الغاية تقرير تبلغ نسخ منه إلى رئيس مجلس الجماعة والى عامل‬
‫العمالة أو االقليم‪ ،‬وكذا إلى المجلس الجهوي للحسابات المعني‪ ،‬الذي يتخذ ما يراه‬
‫مناسبا في ضوء خالصات تقارير التدقيق‪ ،‬ويتعين على الرئيس تبليغ نسخ من التقرير‬
‫إلى مجلس الجماعة الذي يمكنه التداول في شأنه دون اتخاذ مقرر)‪.‬‬

‫وبالعودة إلى المقتضيات الجديدة التي أتى بها القانون التنظيمي رقم ‪22.327‬‬
‫المتعلق بالجماعات‪ ،‬نجد أن المادة ‪ 16.‬في الباب الخامس الخاص بحصر الميزانية‪،‬‬
‫تنص على أنه " تثبت في بيان تنفيذ الميزانية في أجل اقصاه ‪ .2‬يناير من السنة‬
‫الموالية‪ ،‬المبلغ النهائي للمداخيل المقبوضة والنفقات المأمور بصرفها والمتعلقة بنفس‬
‫السنة وتحصر فيه النتيجة العامة للميزانية"‪ ،‬فرغم أن بيان تنفيذ الميزانية يشبه من‬
‫حيث مضمونه الحساب اإلداري‪ ،‬باعتباره يعكس حقيقة تنفيذ المداخيل والنفقات‪ ،‬إال أنه‬
‫لم يعد آلية في يد المعارضة‪ ،‬لمحاسبة الرئيس‪ ،‬باعتباره لن يخضع ال للمناقشة‪ ،‬في‬
‫أي دورة من دورات المجلس وال للتصويت عليه‪.‬‬

‫غير أن التدقيق الفعلي لهذا المقتضى‪ ،‬سيواجه إكراهات عملية‪ ،‬خصوصا مع‬
‫العدد الهائل للجماعات الترابية بمختلف مستوياتها‪ ،‬والتي ستخضع للتدقيق سنويا‬
‫فهناك ‪ 206.‬جماعة و‪ 01‬إقليم و‪2.‬عمالة و‪ 21‬جهة‪ ،‬مقابل قلة الموارد البشرية في‬
‫الجهازين المكلفين بالتدقيق‪ ،‬وكثرة المهام واألجهزة الخاضعة لمراقبتهم‪ ،‬خصوصا‬
‫المفتشية العامة للمالية‪.‬‬

‫‪175‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬اإلصالح المالي الترابي‪ ،‬ومطلب الحكامة المالية‬

‫وجدت الجماعات الترابية‪ ،‬في ظل اإلصالحات القانونية والتنظيمية‪ ،‬التي‬


‫طبعت السيرورة التشريعية ببالدنا‪ ،‬أمام رهانات عديدة لتفعيل مقومات التنمية‬
‫االقتصادية واإلجتماعية والسياسية‪ ،‬لكن في مقابل حجم هذه الرهانات المطروحة على‬
‫المستوى الالمركزي‪ ،‬فإن حصيلة عمل الوحدات الترابية‪ ،‬وكما سبق التطرق لها من‬
‫خالل القسم األول‪ ،‬تكشف حجم اإلكراهات التي تعاني منها الجماعات الترابية‪ ،‬والتي‬
‫تحول دون القيام بمسؤولياتها في مجال التنمية بشتى أنواعها‪.‬‬

‫فهناك إكراهات تدبيرية ومالية‪ ،‬جعلت هاجس الحكامة في جانبها المالي‪ ،‬حاضر‬
‫بقوة مختلف اإلصالحات القانونية والمالية‪ ،‬التي انخرط فيها المغرب انطالقا من سنة‬
‫‪ ،9119‬من أجل توفير شروط تجاوز ضعف أداء هذه الجماعات‪ ،‬ومن تم فسح‬
‫المجال لكي تضطلع باألدوار الحيوية الموكولة إليها‪.‬‬

‫واذا كان التدبير المالي‪ ،‬يعد أحد تمظهرات مصطلح الحكامة‪ ،‬فإن مفهوم‬
‫الحكامة المالية‪ ،239‬عرف بدوره اهتماما من جانب الفقه اإلداري‪ ،‬الذي تنوعت‬
‫اتجاهاته بين التركيز على جوانب التشارك‪ ،‬والتنسيق والتفاوض‪ ،‬وبين من يعتبرها‬
‫صيرورة منطقية‪ ،‬تعتمد على المقاربة التشاركية‪ ،‬والتي تتميز بالشفافية‪ ،‬والمسؤولية‪،‬‬
‫والفعالية‪ ،‬والعدالة‪.‬‬

‫لكن على الرغم من اختالف التعاريف وتنوع المدلوالت الشكلية‪ ،‬فإن بعض‬
‫العناصر األساسية للحكامة‪ ،‬نجدها تتكرر بشكل أو بآخر في جل المحاوالت الفقهية‪،‬‬
‫لإللمام بمضامين المصطلح‪ ،‬وعلى هذا األساس تحتوي الحكامة المالية‪ ،‬كل هذه‬
‫العناصر وليس بعضها‪ ،‬وبالتالي يمكن اعتبارها منهجا أو صيرور منطقية تهدف إلى‬

‫‪ -‬أحمد مفيد‪ ،‬الحكامة الجيدة على ضوء دستور ‪ ،8155‬المجلة المغربية للسياسات العمومية‪ ،‬العدد‪ ،55‬شتاء ‪،8151‬‬ ‫‪239‬‬

‫ص‪.8.‬‬

‫‪176‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫تحقيق التنمية المستدامة‪ ،‬باستعمال أمثل للموارد واإلمكانات المتاحة والمحتملة‪ ،‬بهدف‬
‫ضمان أداء فعال وناجع وفق آليات التنسيق‪ ،‬والتشارك‪ ،‬والمسؤولية‪ ،‬والشفافية‪،‬‬
‫وباعتماد مناهج التخطيط المالي أو االستراتيجي‪.‬‬

‫وعلى ضوء هذه المبادئ التي تنبني عليها مقومات الحكامة المالية الترابية‪،240‬‬
‫سنحاول أن نبرزها على ضوء القوانين التنظيمية‪ .‬لكن قبل ذلك‪ ،‬ال بد أوال أن نتطرق‬
‫ألسس الحكامة المالية‪ ،‬على ضوء القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تفعيل مبادئ الحكامة الترابية على ضوء القوانين‬


‫التنظيمية للجماعات الترابية‬

‫سنحاول‪ ،‬الوقوف على مبادئ الحكامة المالية الترابية‪ ،‬وذلك على ضوء‬
‫المستجدات التي عرفها اإلصالح المالي الترابي‪ ،‬ومرسوم محاسبة الجماعات المحلية‬
‫ومجموعاتها‪.‬‬

‫إن جل التعاريف لمفهوم الحكامة المالية‪ ،‬لجأت لشرحها من خالل مبادئ هذه‬
‫األخيرة‪ ،‬والتي تتجلى في التخطيط اإلستراتيجي‪ ،‬والتدبير التشاركي‪ ،‬والشفافية‪،‬‬
‫والمحاسبة والمساءلة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التخطيط اإلستراتيجي‬

‫برزت الحاجة في سن سياسة التخطيط‪ ،‬كضرورة ملحة لتلبية متطلبات التنمية‬


‫السريعة والحاجيات المتوازنة‪ ،‬عن طريق اإلستجابة للخدمات الكبيرة والمتنوعة‪ ،‬التي‬
‫بدأ يفرضها الواقع المتطور‪ .‬كما أن السياسة اإلقتصادية‪ ،‬المبنية على الحرية‬
‫اإلقتصادية والمذهب الليبرالي الحر‪ ،‬أثبتت عدم قدرتها على تأمين ذلك‪ ،‬وأفرزت‬

‫‪ - 240‬محمد حيمود‪ ،‬الحكامة المالية المحلية على ضوء اإلصالحات القانونية والمالية‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.5.‬‬

‫‪177‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫عواقب وخيمة خاصة على مستوى التوازنات‪ .241‬كما أن المخططات الوطنية‪ ،‬ومهما‬
‫كانت فعاليتها في الدقة من حيث اإلعداد والدراسة‪ ،‬قد أصبحت التستطيع اإللمام‬
‫بجميع القضايا والشؤون الترابية‪ ،‬نظ ار لتعدد العناصر الفاعلة في التنمية‪ ،‬والصعوبات‬
‫التي يعرفها أثناء تطبيقه على المستويات الترابية‪ .‬لهذا أصبحت الجماعة باعتبارها‬
‫الخلية األساسية للتنمية الترابية‪ ،‬تتولى القيام بإعداد مخططات‪ ،‬تكون في الغالب‬
‫مكملة للمخطط الوطني ومحترمة لتوجهاته العامة‪ ،‬لذا يعد التخطيط الجماعي حلقة‬
‫أساسية في إنجاز المخططات الوطنية‪ ،‬لما تلعبه الجماعة من دور في جميع مراحل‬
‫إعداد المخططات الوطنية‪ ،‬فتوطيد دعائم الحكامة الجيدة‪ ،‬يستدعي وضع مخططات‬
‫ترابية‪ ،‬تنبني على رؤية استراتيجية متكاملة‪ ،‬وتفتح آفاقا للتدخل الترابي في ميدان‬
‫التنمية الترابية الشاملة للجماعات الترابية‪ ،‬سواء من خالل الجماعات الحضرية‬
‫والقروية أو العماالت واألقاليم أو الجهات‪.‬‬

‫فالتخطيط يمكن اعتباره منهجا‪ ،‬وأداة فعلية للترشيد وعقلنة االختيارات التنموية‪،‬‬
‫واحدى القنوات الرئيسية والهامة‪ ،‬التي من شأنها أن تؤهل الجماعات لتصبح قطبا‬
‫اقتصاديا وقاطرة للتنمية الشاملة‪ ،242‬كما يعتبر أيضا أسلوبا في التفكير والتدبير وتنظيم‬
‫التصرفات والتوفيق بين الموارد والحاجيات‪.243‬‬

‫فهو يعد آلية تساعد على تعزيز القدرات الترابية‪ ،‬في تدبير التنمية اإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية‪ ،‬وبذلك أضحى عنص ار رئيسيا لضمان عقلنة تدبير الشأن العام الترابي‪،‬‬
‫وتطوير القدرات التنموية للجماعات الترابية‪ ،‬باإلضافة إلى كونه أداة مناسبة لتعزيز‬

‫‪ -‬عزيز مفتاح‪" ،‬الالمركزية من التسيير اإلداري إلى تدبير التنمية"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم‬ ‫‪241‬‬

‫القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪-‬أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،8115- 8111 ،‬ص‪.31 .‬‬


‫‪ -‬الشريف الغيوبي‪ " ،‬األسس القانونية والمقومات المالية للتنمية الجهوية"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية‬ ‫‪242‬‬

‫العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪-‬أكدال‪ ،‬الرباط‪ ، 9119-9110 ،‬ص‪.14 .‬‬


‫‪ -‬حمدي باشا‪" ،‬أزمة التنمية والتخطيط في ظل التحوالت اإلقتصادية العالمية"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في العلوم‬ ‫‪243‬‬

‫اإلقتصادية‪ ،‬جامعة الجزائر العاصمة‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،8118 -8119 :‬ص‪.8..‬‬

‫‪178‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫مسار الديمقراطية الترابية‪ ،‬التي تقوم على قيم التشارك والتعاون في تحقيق تنمية ذات‬
‫طبيعة شمولية‪.244‬‬

‫من هنا‪ ،‬فالتخطيط الترابي‪ ،‬يمكن تعريفه على أنه "مجموع الق اررات والتدابير التي‬
‫تتخذها الوحدات الترابية الالمركزية‪ ،‬لبلوغ أهداف تنموية معينة ومحددة‪ ،‬في مدة زمنية‬
‫تبعا للمدة اإلنتخابية‪ ،‬والموضوعة في إطار القواعد القانونية والتنظيمية‪ ،‬التي تحددها‬
‫السلطة المركزية"‪ ،245‬وبالتالي فهو يعطي نظرة واضحة لسياسة التخطيط‪ ،‬ولما يجب‬
‫أن يتخذه من حيث مراعاة الخصوصيات التنموية الترابية‪ ،‬وانبثاقه من القاعدة الملمة‬
‫بمشاكل الساكنة الترابية وبتطلعاتهم‪.‬‬

‫وتأتي هذه األهمية للتخطيط الترابي‪ ،‬لتشكل مرحلة تحول جذري للجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬التي أصبحت تضع مخططاتها التنموية‪ ،‬طبقا لإلتجاهات واألهداف الواردة‬
‫في المخطط الوطني‪ ،246‬والذي من خالله ستتمكن من وضع رؤية استراتيجية للتدبير‪،‬‬
‫عن طريق التحكم في المؤهالت ونقاط الضعف والرهانات ذات األولوية‪ ،‬لتحسين‬
‫مستدام في مستوى عيش ساكنتها‪.‬‬

‫وقد تعزز ذلك من خالل المنظومة القانونية لالمركزية‪ ،‬حيث تنص المادة ‪01‬‬
‫من القانون التنظيمي رقم ‪ ،001.04‬المتعلق بالجماعات على ما يلي‪ ":‬تضع الجماعة‪،‬‬
‫تحت إشراف رئيس مجلسها‪ ،‬برنامج عمل الجماعة‪ ،‬وتعمل على تتبعه وتحيينه‬
‫وتقييمه‪.‬‬

‫يحدد هذا البرنامج األ عمال التنموية‪ ،‬المقرر إنجازها أو المساهمة فيها بتراب‬
‫الجماعة‪ ،‬خالل مدة ست سنوات‪.‬‬

‫‪ - 244‬دليل المخطط الجماعي للتنمية‪ ،‬و ازرة الداخلية‪ ،‬مديرية الجماعات المحلية‪ ،‬سلسلة دليل المنتخب‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪.9119‬‬
‫‪ - 245‬المهدي بنمير‪ ،‬الحكامة المحلية وسؤال التنمية‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.81.‬‬
‫‪ - 246‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.85 .‬‬

‫‪179‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫يتم إعدا برناج عمل الجماعة في السنة األولى من مدة انتداب المجلس على‬
‫أبعد تقدير‪ ،‬بانسجام مع توجهات برنامج التنمية الجهوية‪ ،‬ووفق منهج تشاركي‪،‬‬
‫وبتنسيق مع عامل العمالة أو اإلقليم‪ ،‬أو من ينوب عنه‪ ،‬بصفته مكلفا بتنسيق أنشطة‬
‫المصالح الالممركزة لإلدارة المركزية‪.‬‬

‫ويجب أن يتضمن برنامج عمل الجماعة تشخيصا لحاجيات وامكانيات الجماعة‬


‫وتحديدا ألولوياتها وتقييما لمواردها ونفقاتها التقديرية‪ ،‬الخاصة بالسنوات األولى‪ ،‬وأن‬
‫يأخذ بعين اإلعتبار مقاربة النوع‪.‬‬

‫فالتنصيص على هذه المادة‪ ،‬بموجب القانون السالف الذكر‪ ،‬جاء ليكرس ضرورة‬
‫اعتماد مخطط جماعي للتنمية‪ ،‬لمدة ست سنوات‪ ،‬يتم إعداده وفق منهجية تشاركية‪،‬‬
‫تأخذ بعين اإلعتبار على الخصوص مقاربة النوع‪ ،‬كما أصبح تحيينه ابتداءا من السنة‬
‫الثالثة من دخوله حيز التنفيذ ‪ ،‬ويتم العمل به إلى غاية السنة األولى من اإلنتداب‬
‫الموالي الذي يتم خالله إعداد مخطط جماعي للتنمية‪ ،‬المتعلق بالمدة اإلنتدابية الموالية‬
‫الجديدة‪ ،‬ومن شأن ذلك أن يدعم مبادئ الحكامة الجيدة‪ ،‬من حيث تحديد المسؤولية‬
‫والشفافية والمحاسبة‪.247‬‬

‫أما العماالت واألقاليم‪ ،‬فقد نصت المادة ‪ 11‬من القانون رقم ‪ 009.04‬المتعلق‬
‫بالعماالت واألقاليم‪ ،‬على ما يلي‪" :‬يضع مجلس العمالة أو اإلقليم‪ ،‬تحت إشراف رئيس‬
‫مجلسها خالل السنة األولى من انتداب المجلس‪ ،‬برنامج التنمية للعمالة أو اإلقليم‬
‫وتعمل على تتبعه وتحيينه وتقييمه‪.‬‬

‫‪ -‬رشيد البوني‪ ،‬الحكامة المحلية الجيدة واشكالية التنمية بالمغرب"‪ ،‬بحث لنيل شهادة الماستر‪ ،‬تخصص‪ :‬قانون‬ ‫‪247‬‬

‫المنازعات‪ ،‬جامعة المولى إسماعيل‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ‪ -‬مكناس‪ ،‬السنة الجامعية‪-9119 :‬‬
‫‪ ،9101‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.552 .‬‬

‫‪180‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫يحدد برنامج تنمية العمالة أو اإلقليم‪ ،‬لمدة ست سنوات األعمال التنموية المقرر‬
‫برمجتها أو إنجازها بتراب العمالة أو اإلقليم‪ ،‬اعتبا ار لنوعيتها وتوطينها وكلفتها‪ ،‬لتحقيق‬
‫تنمية مستدامة ووفق منهج تشاركي‪ ،‬وبتنسيق مع عامل العمالة أو اإلقليم‪ ،‬بصفته‬
‫مكلفا بتنسيق أنشطة المصالح الالممركزة لإلدارة المركزية‪".‬‬

‫في حين أسندت المادة ‪ 11‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 000.04‬المتعلق‬


‫بالجهات‪ ،‬مهمة إعداد برنامج التنمية الجهوية‪" ،‬مخطط التنمية االقتصادية واإلجتماعية‬
‫لمجلس‪ ،‬تحت إشراف رئيسها‪ ،‬خالل السنة األولى من مدة انتداب المجلس‪.‬‬ ‫‪248‬‬
‫سابقا"‬

‫يحدد برنامج التنمية الجهوية‪ ،‬لمدة ست سنوات األعمال التنموية المقرر برمجتها‬
‫أو إنجازها بتراب الجهة‪ ،‬اعتبا ار لنوعيتها وتوطينها وكلفتها‪ ،‬لتحقيق تنمية مستدامة‬
‫ووفق منهج تشاركي وبتنسيق مع والي الجهة‪ ،‬بصفته مكلفا بتنسيق أنشطة المصالح‬
‫الالممركزة لإلدارة المركزية‪.‬‬

‫يجب أن يتضمن برنامج التنمية الجهوية‪ ،‬تشخيصا لحاجيات وامكانيات الجهة‪،‬‬


‫وتحديدا ألولوياتها‪ ،‬وتقييما لمواردها ونفقاتها‪ ،‬التقديرية الخاصة بالسنوات الثالث‬
‫األولى‪ ،‬وأن يأخذ بعين االعتبار مقاربة النوع‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس‪ ،‬يتعين أن يواكب برنامج التنمية الجهوية التوجهات‬


‫االستراتيجية لسياسة الدولة‪ ،‬وأن يعمل على بلورتها على المستوى الجهوي‪ ،‬وأن يراعي‬
‫إدماج التوجهات الواردة في التصميم الجهوي إلعداد التراب‪ ،‬واإللتزامات المتفق بشأنها‬
‫بين الجهة والجماعات الترابية األخرى‪ ،‬وهيئاتها والمقاوالت العمومية‪ ،‬والقطاعات‬
‫اإلقتصادية واإلجتماعية بالجهة‪ .‬ويتم تفعيل برنامج التنمية الجهوية‪ ،‬عند اإلقتضاء‪،‬‬
‫في إطار تعاقدي بين الدولة و الجهة وباقي المتدخلين‪.‬‬

‫‪ - 248‬مليكة الصروخ‪ ،‬القانون اإلداري"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدارالبيضاء‪ ،‬الطبعة السادسة‪ ،8119 ،‬ص‪.355.‬‬

‫‪181‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وعلى هذا األساس‪ ،‬يعتبر التخطيط الترابي‪ ،‬بمثابة اآللية الفعالة لتدعيم التنمية‬
‫اإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬وترسيم األهداف الواضحة‪ ،‬المبنية على المعطيات الواقعية‪،‬‬
‫وعلى متطلبات تعزيز القدرات التدبيرية‪ ،‬وادارة المرافق والشؤون الترابية‪ ،‬وفق منظور‬
‫شمولي يتناسب وأهداف المخطط الوطني‪.249‬‬

‫فمخططات أو برامج الجماعات الترابية‪ ،‬يجب أن تتضمن‪:‬‬

‫تشخيص اإلمكانيات اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية للجماعة الترابية؛‬ ‫‪-‬‬

‫الحاجيات ذات األولوية المحددة بتشاور مع الساكنة واإلدارات والفاعليين‬ ‫‪-‬‬


‫المعنيين؛‬

‫الموارد والنفقات التقديرية المتعلقة بالسنوات الثالث األولى التي تم فيها العمل‬ ‫‪-‬‬
‫بالمخطط؛‬

‫فآلية التخطيط من شأنها أن تساهم في ترشيد عمل الجماعات ضمن استراتيجية‬ ‫‪-‬‬
‫اقتصادية واجتماعية وثقافية‪.250‬‬

‫وهكذا فالتنمية اإلقتصادية واإلجتماعية التي يمكن أن تحققها الجماعات الترابية‪،‬‬


‫ال بد أن تكون مبنية على تخطيط محكم ومدروس‪ ،‬ينبني على دراسة الحاجيات‬
‫الحقيقية المختلفة في المجاالت المتنوعة‪ ،‬ويراعي اختصاصات الفاعلين اآلخرين‪ ،‬وكذا‬
‫اإلمكانيات المتاحة‪.251‬‬

‫‪ - 249‬عبد اللطيف بروحو‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.3.5.‬‬


‫‪250‬‬
‫‪- Mohammed Mouadi : "Planification stratégique : un moyen efficace pour harmoniser‬‬
‫‪l’investissement public local", Master spécialisé :Management des services publics ,Institut‬‬
‫‪Supérieur de Commerce et d’ Administration des Entreprises, Année académique :2003-2004,‬‬
‫‪p.41.‬‬
‫‪ - 251‬رشيد البوني‪ ،‬الحكامة المحلية الجيدة واشكالية التنمية بالمغرب" م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.009 .‬‬

‫‪182‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وتجسيدا لما سبق‪ ،‬فقد تقرر إشراك كافة الفاعلين االقتصاديين واالجتماعيين‬
‫الوطنيين والترابيين من أجل إيجاد صيغة تكاملية لمحور التنمية‪ .‬حيث جاء في منشور‬
‫و ازرة الداخلية بتاريخ ‪ 0‬فبراير ‪ 0999‬أن "المخطط االقتصادي المرتقب يهدف إلى‬
‫إرساء ثقافة جديدة للشراكة وتكوين سياسة تطوعية للمشاركة والتشاور بين مختلف‬
‫الفاعلين االقتصاديين واالجتماعيين والسلطات المركزية وغير الممركزة والالمركزية‪.‬‬
‫ولهذا السبب‪ ،‬فإن هذا المخطط ينبغي أن يشكل أداة عمل لسياسة التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية للحكومة والذي يترجم خياراتها ويحدد أسبقيتها واألهداف المتوخاة سواء‬
‫على المستوى الوطني والجهوي واإلقليمي أو الجماعي"‪.‬‬

‫بيد أن تجربة التخطيط التي خاضتها الجماعات الترابية منذ ‪ 0999‬أبانت أن‬
‫النتائج لم تكن مرضية‪ ،‬رغم المجهودات التي بذلتها لكي تنجز مخططاتها داخل‬
‫اآلجال المحددة‪.‬‬

‫ولهذه اإلعتبارات‪ ،‬أعدت المديرية العامة للجماعات المحلية‪ ،‬دليل المخطط‬


‫الجماعي للتنمية سنة ‪ ،9119‬وهو عبارة عن مذكرة تقدم عناصر تأطيرية خاصة‬
‫بالمشروع التنظيمي المحدد لمسطرة إعداد المخطط الجماعي للتنمية‪ ،‬والتي تشكل‬
‫قاعدة مشتركة تمكن من مالءمة وتوحيد أدوات ومساطر إعداد المخطط الجماعي‬
‫للتنمية‪ ،‬كما تضمنت بنوع من التفصيل الرؤية الجديدة للتخطيط الترابي‪.‬‬

‫وتنبني التوجهات الجديدة في التخطيط الترابي على ثالثة مفاهيم رئيسية‪ ،‬وهي‬
‫مفهوم التشارك "المقاربة التشاركية"‪ ،‬ومفهوم النوع "مقاربة النوع"‪ ،‬وأخي ار مفهوم‬
‫اإلستراتيجية‪.‬‬

‫‪183‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫فالمقاربة التشاركية‪ 252‬تبرز في كونها منهجية لتجاوز سلبيات التدخالت التقليدية‬


‫والبيروقراطية‪ ،‬وتتحدد التشاركية في أربعة أنواع ‪ ،‬وهي كما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬المشاركة المعلوماتية‪ :‬حيث تقوم الجماعات الترابية باقتسام المعلومات‬


‫الرئيسية المتعلقة بمختلف قطاعات تدبير الشأن العام الترابي (قطاع تأهيل البنيات‬
‫التحتية‪ ،‬وقطاع السير والجوالن‪ ،‬والقطاع اإلجتماعي واإلقتصادي والرياضي‪ ،‬وقطاع‬
‫التجهيزات) مع عموم الساكنة‪.‬‬

‫‪ -‬المشاركة التشخيصية‪ :‬إدماج المجتمع المدني والفاعلين االقتصاديين‪،‬‬


‫واالجتماعيين‪ ،‬ضمن فريق العمل‪ ،‬المكلف بإعداد ورقة مرجعية حول الوضعية‬
‫اإلقتصادية واإلجتماعية للجماعة‪ ،‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يمكن توزيع األدوار وتقسيم المهام‬
‫حسب طبيعة المتدخلين‪.‬‬

‫‪ -‬المشاركة اإلقتراحية‪ :‬ويقصد بها العمل على جمع وتنظيم كافة اإلقتراحات‬
‫بدون استثناء‪ ،‬والتوزيع وفق تصنيفات معينة تتحكم فيها معايير مضبوطة‪.‬‬

‫‪ -‬المشاركة التقريرية‪ :‬وهي عملية حددها القانون التنظيمي للجماعات‪ ،‬حيث‬


‫إن الساكنة تشارك في المسلسل التقريري للمخطط بواسطة منتخبيها بالمجالس الترابية‪،‬‬
‫وأيضا من خالل التنصيص على أن رئيس المجلس يعد برنامج عمل الجماعة‪ ،‬لتتم‬
‫دراسته بعد ذلك أثناء انعقاد دورات المجلس من أجل المصادقة عليه‪.253‬‬

‫‪ - 252‬تعتمد هذه األخيرة لضمان نجاحها واستم اررية برامجها على حرية التعبير والديمقراطية في اتخاذ القرار‪ ،‬وكسب الثقة في‬
‫النفس‪ ،‬واإلحساس باإلنتماء‪ ،‬وتأهيل الكفاءات الترابية‪ ،‬وابراز القدرات الذاتية‪ ،‬واستعمال الموارد المتوفرة والممكن تعبئتها‬
‫بطريقة عقالنية‪ ،‬وتحديد الحاجيات األولوية للساكنة‪ ،‬ثم أخي ار اإلدماج والتنسيق بين جميع المتدخلين‪.‬‬
‫‪ - 253‬محمد حميد بخاري‪" ،‬دليل مكون اللجنة الجماعية للتخطيط اإلستراتيجي التشاركي"‪ ،‬و ازرة الداخلية‪ ،9112 ،‬ص‪.00 .‬‬

‫‪184‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وعلى العموم‪ ،‬تشكل المقاربة التشاركية‪ ،‬آلية قانونية وتقنية تمكن الجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬من التحديد الدقيق لحاجيات الساكنة‪ ،‬وبالتالي ضمان مالءمة مضمون‬
‫المخطط الجماعي للتنمية مع مجموع الرغبات والتفضيالت المحلية المعبر عنها‪.‬‬

‫أما مقاربة النوع اإلجتماعي فقد ظهرت في بداية التسعينات في الدول‬


‫األنجلوساكسونية استجابة لتطور المجتمع‪ ،‬مستهدفا إلغاء مختلف مظاهر التمييز بين‬
‫الجنسين‪ ،‬واشراكهما معا في اتخاذ مختلف الق اررات التي تنشد التغيير المجتمعي‪.254‬‬

‫وتسمح هذه المقاربة بإدماج انشغاالت وتجارب النساء والرجال والفتيان والفتيات‬
‫في بلورة وانجاز وتتبع وتقييم المخططات الجماعية للتنمية‪ ،‬حتى يستفيدوا منها‬
‫بالتساوي‪ .‬ويهدف التحليل المعتمد على النوع اإلجتماعي‪ ،‬إلى التأكد من أن المشاريع‬
‫والبرامج التنموية‪ ،‬تأخذ باإلعتبار كليا أدوار وحاجيات ومساهمات النساء والرجال‬
‫والفتيات والفتيان‪.255‬‬

‫أما اإلستراتيجية فيرجع أصلها إلى الكلمة اليونانية ستراتوس أقوس – ‪Stratos‬‬
‫‪ ،Agos‬والتي تعني فن الحرب وادارة المعارك‪ ،‬حيث كان القادة الموهوبون يمارسونها‬
‫عن حدس وعبقرية‪ ،‬ثم تطورت إلى علم له أسس وقواعد‪ ،‬حيث أصبح يعني علم وفن‬
‫وضع الخطط العامة المدروسة بعناية والمصممة بشكل متفاعل ومتالحق األدوار‬
‫ومنسق الستخدام مختلف أشكال الثروة والقوة لتحقيق األهداف الكبرى‪.‬‬

‫‪ - 254‬ورقة تقديمية لليوم الدراسي حول ارتقاء المسؤوليات اإلدارية والسياسية من منظور مقاربة النوع " أعمال األيام الدراسية‬
‫للجمعية المغربية للبحث اإلداري‪ ،‬العدد ‪ ،5‬دار القلم‪ ،‬أبريل ‪ ،8111‬ص‪..5 .‬‬
‫‪ - 255‬دليل المخطط الجماعي للتنمية‪ ،‬و ازرة الداخلية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.1 .‬‬

‫‪185‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وحسب ‪ Alfred Chandler‬فإن" اإلستراتيجية تمثل إعداد األهداف والغايات‬


‫األساسية طويلة األجل للمؤسسة‪ ،‬واختيار خطط العمل وتخصيص الموارد الضرورية‬
‫لبلوغ هذه الغايات"‪.256‬‬

‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬أصبحت مقاربة التدبير اإلستراتيجي لوضع مخططات التنمية‬
‫نظر لطبيعة‬
‫ا‬ ‫المحلية أم ار ال محيد عنه‪ ،‬حتى يتسم بمستوى عال من الدقة والتنظيم‬
‫التخطيط الترابي‪ ،‬وما يمثله من أهداف حيوية‪ ،‬تتجلى في وضع برامج تجهيز الجماعة‬
‫طبقا للمواصفات ومعايير الجودة‪ ،‬في حدود وسائلها الخاصة‪ ،‬والموضوعة رهن‬
‫إشارتها من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فالمجلس الجماعي يقترح كل األعمال الواجب‬
‫إنجازها بتعاون أو بشراكة مع الجماعات الترابية األخرى أو الهيئات العمومية أو‬
‫القطاع الخاص‪ ،‬وذلك في إطار التوجه الحديث للحكامة الجيدة‪ ،‬الذي يقوم على‬
‫أساس المشاركة والشراكة والتعاون‪ ،‬ما بين الجماعات الترابية‪ ،‬والدولة‪ ،‬والمجتمع‬
‫المدني والقطاع الخاص‪.‬‬

‫ومن ثمة أقدمت و ازرة الداخلية على وضع خارطة طريق للنهوض بالجماعات‬
‫الترابية من خالل بلورة المخطط اإلستراتيجي "الجماعة في أفق ‪ ،257 "9102‬الذي‬
‫بلور رؤية تصورية حول مستقبل الجماعات الترابية بالمغرب‪ ،‬يهدف من خاللها إلى‬
‫تعزيز ثقافة التخطيط‪ ،‬عبر تقوية قدرات الجماعات حتى تخرج مخططاتها التنموية‬
‫للوجود وتبرمج مشاريعها على المدى المتوسط‪ ،‬وتمكنها من استعمال أفضل للموارد‪.‬‬

‫كما يهدف أيضا‪ ،‬إلى تفعيل دور اإلدارة الترابية من خالل هيكلة اإلدارة التي‬
‫يجب أن تتوفر على تنظيم محكم ونظام معلوماتي وآليات تدبير حديثة‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫تأهيل الموارد البشرية‪ ،‬وذلك من خالل برمجة عدة أوراش‪ ،‬تهم آليات التوظيف لتمكين‬

‫‪- Alfred Chandler « strategy and structure, chapters in the history ok in Industrie, enterprise,‬‬
‫‪256‬‬

‫‪Cambridge,Mass, MIT. Press, 1962, p.35.‬‬


‫‪ - 257‬لإلطالع أكثر‪ ،‬أنظر الجماعة في أفق ‪ ،9102‬المديرية العامة للجماعات المحلية‪ ،‬و ازرة الداخلية‪ ،‬أبريل ‪.9119‬‬

‫‪186‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الجماعات من جلب أحسن الكفاءات‪ ،‬باإلضافة إلى اعتماد آليات التحفيز والتكوين‬
‫وكذا التأطير اإلداري المستمر للموارد البشرية‪ ،‬وذلك بإيالء عناية خاصة للطاقم‬
‫واألطر التي ستتولى المسؤولية في المناصب العليا في تدبير وادارة الجماعة‪.‬‬

‫فالدولة من خالل هذا المخطط‪ ،‬ستنتقل تدريجيا من ممارسة الوصاية إلى منطق‬
‫المواكبة والمصاحبة للجماعات الترابية‪ ،‬من أجل تمكينها من ممارسة كامل‬
‫اختصاصاتها‪ ،‬كفاعل رئيسي في مجال العمل العمومي‪ ،‬في إطار توفير كل شروط‬
‫النجاح الكفيلة بتحقيق تنمية محلية مستديمة‪.258‬‬

‫ومن المؤكد أن المخطط الجماعي يضطلع بدور أساسي ومميز‪ ،‬في تحفيز‬
‫وانعاش تنمية االقتصاد الترابي‪ ،‬والتشغيل‪ .‬فالمجلس الجماعي يتخذ كل التدابير للرفع‬
‫من القدرات االقتصادية للجماعة‪ ،‬خصوصا في مجاالت الفالحة والصناعة والسياحة‬
‫والتعليم والخدمات‪ ،‬كما يشجع االستثمارات الخاصة‪ ،‬ويبث شأن إحداث شركات التنمية‬
‫المحلية ذات الفائدة الجماعية أو ذات الفائدة المشتركة بين الجماعات والعماالت‬
‫واألقاليم والجهات أو المساهمة في رأسمالها‪ ،‬وغيرها من التدخالت الكفيلة بالنهوض‬
‫باإلقتصاد الترابي‪.‬‬

‫وحتى يتم تحقيق جودة العمل الجماعي‪ ،‬ال بد من بلورتها في إطار رؤية تعكس‬
‫الفكر اإلستراتيجي للمنتخب الترابي‪ ،‬كمحدد أساسي للبرامج والمشاريع المسطرة في‬
‫المخطط الجماعي‪ ،‬خصوصا أن ما ينقص الجماعات الترابية هو تحديد الرؤية‪ ،‬حيث‬
‫إن الرئيس يجب أن تكون لديه القدرة الكافية على البحث عن موارد لجماعته‪ ،‬أي‬
‫التوفر على ثقافة االستثمار والتدبير والخطط اإلستراتيجية‪.259‬‬

‫‪ - 258‬سميرة جيادي‪" :‬الحكامة الجيدة والتنمية المحلية"‪ ،‬مقال نشر بتاريخ ‪ 51‬أكتوبر ‪ 8151‬على الرابط اإللكتروني‪:‬‬
‫‪http://hadrani-gouvernancelocaledvp.blogspot.com‬‬
‫‪ -‬داوي الناجي‪ " ،‬نفقات الجماعات المحلية"‪ ،‬حالة بلدية كلميم ما بين ‪ ،0991/0991‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‬ ‫‪259‬‬

‫المعمقة‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬عين الشق الدرالبيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،9119-9110‬ص‪.21 .‬‬

‫‪187‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫واجماال‪ ،‬فالتخطيط الترابي هو التقييم المستمر للتغيير في الظروف البيئية‬


‫الداخلية والخارجية‪ ،‬وتحديد اإلمكانات المالئمة والبدائل في ضوء هذا التقييم‪ ،‬الذي‬
‫يقوم على التفاعل المستمر والتغذية الراجعة من الكل إلى الجزء‪ ،‬ثم إلى الكل مرة‬
‫ثانية‪ .‬كما أنه يساهم في تفعيل سياسة القرب‪ ،‬وذلك اعتبا ار لكون الدولة مهما بلغت‬
‫قوتها ومركزيتها‪ ،‬فإنها ال تستطيع أن تنجز مخططات دقيقة وعلمية وسليمة‪ ،‬ما لم‬
‫تشرك المجالس الترابية‪ ،‬ألنها األكثر معرفة بمشاكل السكان وطموحاتهم‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬التدبير التشاركي‬

‫بالموازاة مع التخطيط االستراتيجي‪ ،‬فالقوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪،‬‬


‫تنص على آلية لصيقة بالتخطيط اإلستراتيجي‪ ،‬ويتعلق األمر باآللية التشاركية للحوار‬
‫والتشاور‪ ،‬التي تتم عن طريق‪:‬‬

‫‪ -‬إحداث هيئة استشارية‪ ،‬بشراكة مع فعاليات المجتمع المدني‪ ،‬تختص بدراسة‬


‫القضايا المتعلقة‪ ،‬بتفعيل مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع‪.‬‬

‫‪ -‬هيئة استشارية‪ ،‬تختص بدراسة القضايا المتعلقة باهتمامات الشباب‪.‬‬

‫‪ -‬هيئة استشارية بشراكة مع الفاعلين االقتصاديين‪ ،‬تهتم بدراسة القضايا ذات‬


‫الطابع االقتصادي‪.‬‬

‫إن صياغة أي تصور مشترك للمستقبل‪ ،‬ال يمكن أن ينبثق إال من قبل الفاعلين‬
‫الترابيين‪ ،‬ويستوجب وضع مسلسل‪ ،‬يرتكزعلى التشاور والحوار‪ ،‬ويمنح لكل فاعل‬
‫مكانته في الهياكل الموجودة‪.‬‬

‫إن المنهجية التشاركية تساعد على تحقيق العديد من المزايا منها‪ ،‬إغناء التفكير‬
‫والتشخيص‪ ،‬من خالل المعلومات المتنوعة والملموسة‪ ،‬وتقديم تحاليل متنوعة‬

‫‪188‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫للوضعية‪ .‬وكذا تطوير طرق التدخل القريبة أكثر من حاجيات‪ ،‬وظروف عيش السكان‬
‫بصورة شاملة‪ .‬باإلضافة إلى بلورة تصور مشترك للفاعلين حول الوضع الحالي‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار نصت القوانين التنظيمية‪ ،‬على تقنية تقديم العرائض من قبل‬
‫المواطنين والمواطنات‪ ،‬والجمعيات‪.260‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الشفافية‬

‫إن الشفافية كمبدأ أساسي في الحكامة المالية الترابية‪ ،‬تعني توفير المعلومات‬
‫الكاملة عن األنشطة‪ ،‬التي تقوم بها الجماعات الترابية‪ ،‬لفهمها بوضوح‪ ،‬واستقرارها‬
‫وانسجامها مع المتغيرات‪ ،‬على جميع المستويات االقتصادية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬واإلدارية‪،‬‬
‫إضافة إلى تبسيط اإلجراءات ونشر المعلومات‪.‬‬

‫ونجد أن القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية‪ ،‬تعكس بعض الجهود‬


‫الرامية إلى تطبيق هذا المبدأ‪ ،‬حيث تنص على أن الميزانية تعرض مرفقة بالوثائق‬
‫الضرورية لدراستها على اللجنة المختصة في أجل عشرة أيام على األقل‪ ،‬قبل تاريخ‬
‫افتتاح الدورة المتعلقة بالمصادقة على الميزانية من طرف المجلس‪.‬‬

‫كما أن القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬ترهن مصادقة سلطة الوصاية‬


‫على الميزانية بوجوب إرفاقها ببيان عن البرمجة الممتدة على ثالث سنوات‪ ،‬وكذا قوائم‬
‫تركيبية للوضعية المالية للجماعات الترابية ومجموعاتها‪ .‬إضافة لتأكيدها على إيداع‬
‫الميزانية بمقر الجماعات الترابية أو مجموعاتها‪ ،‬خالل ‪ 02‬يوما الموالية للمصادقة‬
‫عليها‪ ،‬ووضعها رهن إشارة العموم بكل وسيلة من وسائل اإلعالم‪.‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 585‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 553.55‬المتعلق بالجماعات‪.‬‬ ‫‪260‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 558‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 558.55‬المتعلق بالعماالت واألقاليم‪.‬‬


‫‪ -‬المادة ‪ 552‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 555.55‬المتعلق بالجهات‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وعند اختتام التدبير المالي السنوي للجماعات الترابية‪ ،‬والذي يتوج بإعداد تقرير‬
‫التدقيق من قبل اآلمر بالصرف‪ ،‬بشأن كيفية تدبيره لعمليات المداخيل والنفقات‪ ،‬والذي‬
‫يتم عرض الحساب بقصد الدراسة على اللجنة الدائمة المختصة‪ ،‬عشرة أيام على‬
‫األقل‪ ،‬قبل عرضه على المجلس التداولي‪ ،‬بقصد التصويت عليه‪ ،‬وذلك أثناء الدورة‬
‫العادية األولى الموالية‪.‬‬

‫أما جانب صفقات الجماعات الترابية ومجموعاتها‪ ،‬فقد نصت القوانين التنظيمية‬
‫حرية الولوج إلى الطلبية العمومية‪،‬‬ ‫‪261‬‬
‫للجماعات الترابية‪ ،‬على وجوب احترام مبادئ‬
‫والمساواة في التعامل مع المتنافسين‪ ،‬وكذا الشفافية في اختيارات صاحب المشروع‪،‬‬
‫باإلضافة إلى قواعد الحكامة الجيدة‪.‬‬

‫وتكريسا لمبدأ الشفافية‪ ،‬تنص القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬على‬


‫خضوع العمليات المالية والمحاسباتية لتدقيق سنوي‪ .‬واذا تم التدقيق بطلب من المجلس‬
‫التداولي‪ ،‬تبلغ نسخة من تقرير التدقيق‪ ،‬لمجلس الجماعة الترابية‪ ،‬الذي يمكنه التداول‬
‫في شأنه دون اتخاذ أي مقرر‪.‬‬

‫وتحدد الكيفيات التي يتم وفقها التدقيق المالي بقرار لوزير الداخلية‪.‬‬

‫ويجب على اآلمر بالصرف عرض تقارير التدقيق على المجلس التداولي بمناسبة‬
‫الدورة األولى العادية الموالية و توجيه نسخة إلى وزير الداخلية"‪.‬‬

‫لكن في انتظار صدور قرار وزير الداخلية الذي يحدد الكيفيات التي يتم وفقها‬
‫التدقيق المالي‪ ،‬فال زالت عمليات التدقيق تتميز بنوع من الغموض خصوصا في‬
‫عالقتة‪ ،‬بالتدقيق الممارس على الصفقات الترابية‪ ،‬باإلضافة إلى عالقة التدقيق‬

‫‪ - 261‬المادة ‪ 883‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 555.55‬المتعلق بالجهات‪.‬‬


‫‪ -‬المادة ‪ 815‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 558.55‬المتعلق بالعماالت واألقاليم‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 851‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 553.55‬المتعلق بالجماعات‪.‬‬

‫‪190‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫بمنظومة الرقابة الممارسة على الجماعات الترابية‪ ،‬خصوصا على مستوى الرقابة‬
‫الالحقة‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬المحاسبة والمساءلة‬

‫ال تكتمل منظومة الحكامة الترابية‪ ،‬في شقها المالي‪ ،‬دون المرور عبر مرتكز‬
‫المحاسبة والمساءلة بشأن طرق التدبير ونتائجه‪ .‬فالمساءلة تعد أحد أهم أدوات الرقابة‬
‫على الشأن الترابي‪ ،‬فهي معيار ضابط ألداء الجماعات الت اربية‪ ،‬وأداة تقييمية‬
‫لألشخاص العاملين بها‪ ،‬عندما تتم محاسبتهم من قبل المخول لهم بذلك قانونيا‪.‬‬

‫وقد تمت إحاطة تدبير الوحدات الترابية الالمركزية‪ ،‬بمجموعة من األجهزة الرقابية‬
‫بالنظر لحجم الموارد المالية‪ ،‬التي تتولى هذه الوحدات تسييرها‪ ،‬وكذا حجم االنتظارات‬
‫االقتصادية واالجتماعية المرتبطة بها‪ .‬ونجد في هذا اإلطار‪ ،‬الرقابة بابعادها السياسية‬
‫التي تمارسها المجالس التداولية على اآلمرين بالصرف‪ ،‬أثناء التصويت على مشاريع‬
‫الميزانية الترابية‪ ،‬ثم الرقابة اإلدارية‪ ،‬التي يمارسها الخازن المكلف باألداء‪ ،‬في مرحلة‬
‫االلتزام بالنفقة الترابية أو في مرحلة أدائها‪ ،‬فضال عن مراقبة المحاسب المكلف‬
‫بالتحصيل لمشروعية عملية قبض المداخيل‪.262‬‬

‫وتعزي از لمبدأ المساءلة والمحاسبة‪ ،‬نجد أن القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪،‬‬


‫تفسح المجال للقيام بعمليات التدقيق واالفتحاص‪ ،‬من خالل تأكيدها عل خضوع‬
‫العمليات المالية والمحاسباتية للجماعات الترابية‪ ،‬لتدقيق سنوي تنجزه بشكل مشترك‬

‫‪ -‬محمد حيمود‪ ،‬الحكامة المالية المحلية بالمغرب على ضوء اإلصالحات القانونية والمالية‪ ،‬اللقاء المغاربي االتاسع لشبكة‬ ‫‪262‬‬

‫القانونيين لمغاربيين‪ ،‬المنظم بمراكش بتاريخ ‪ 59-51‬أبريل ‪ 8155‬حول " الجماعات المحلية بدول المغرب العربي"‪ ،‬مطبعة‬
‫المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،8155 ،‬ص‪.53.‬‬

‫‪191‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المفتشية العامة للمالية‪ ،‬والمفتشية العامة لإلدارة الترابية‪ ،‬ويتم إجراء هذا التدقيق في‬
‫عين المكان‪ ،‬وبناء على الوثائق المالية والمحاسباتية‪.263‬‬

‫ويتجه مرسوم ‪ 1‬يناير ‪ 9101‬بسن نظام للمحاسبة العمومية للجماعات المحلية‬


‫ومجموعاتها‪ ،‬نحو تجاوز سلبيات النظام السابق‪ ،‬أي مرسوم ‪ 11‬شتنبر ‪ ،0901‬والذي‬
‫اتسم بالحضور القوي لإلعتبارات القانونية‪ ،‬وضعف مؤشرات المردودية ‪.‬‬

‫فالمحاسبة الجماعية في ظل مرسوم ‪ ،0901‬ظلت بعيدة عن رصد مختلف‬


‫العمليات التي تشهدها الممارسة المالية‪ ،‬ومن تم يصعب تقييم القدرات المالية المتوفرة‪،‬‬
‫والمردودية المحتملة‪ ،‬لكون هاجس مراقبة المشروعية يحضر بقوة‪ ،‬دون إيالء أهمية‬
‫إلعتبارات توفير المعلومات لمالية والمحاسبية الكفيلة بتمكين المسيرين المحليين‪ ،‬من‬
‫اتخاذ القرار في مجال تدبير الشأن العام الترابي‪.‬‬

‫وعلى العكس من ذلك‪ ،‬يطبع الوضوح أهداف النظام المحاسبي للجماعات‬


‫المحلية ومجموعاتها في ظل مرسوم ‪ 1‬يناير ‪ ،9101‬ذلك أن المادة ‪ 014‬نصت على‬
‫مرامي هذا النظام‪ ،‬والمتمثلة في بيان ومراقبة عمليات هذه الوحدات الترابية الالمركزية‬
‫المتعلقة بالميزانية والمالية‪ ،‬وكذا إخبار و ازرة الداخلية وهيئات المراقبة والتدبير‪ ،‬كما‬
‫حددت الدور الشمولي من التنظيم المحاسبي الجديد الذي جاء ليساعد على‪:‬‬

‫‪ -‬معرفة العمليات المتعلقة بالميزانية والخزينة ومراقبتها‪.‬‬

‫‪ -‬تحديد نتائج التنفيذ السنوية‪.‬‬

‫‪ -‬معرفة التزامات الجماعات الترابية ومجموعاتها تجاه األغيار‪.‬‬

‫‪ - 263‬المادة ‪ 888‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 555.55‬المتعلق بالجهات‪.‬‬


‫‪ -‬المادة ‪ 811‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 558.55‬المتعلق بالعماالت واألقاليم‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 855‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 553.55‬المتعلق بالجماعات‪.‬‬

‫‪192‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬حساب ثمن تكلفة الخدمات وسعرها ومردوديتها‪ ،‬عند االقتضاء‪.‬‬

‫‪ -‬إدماج عمليات الجماعات الترابية ومجموعاتها في المحاسبة الوطنية‪.264‬‬

‫وعموما‪ ،‬فمرتكز المساءلة والمحاسبة في الشق المالي‪ ،‬شهد خالل الفترة‬


‫األخيرة‪ ،‬تجسيدا عمليا‪ ،‬من خالل تعدد التقارير التي انتهت إليها مختلف األجهزة‬
‫الرقابية‪ ،‬السيما المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬بشأن طرق التدبير المالي للجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬والتي فتحت في بعضها المتابعة القضائية‪ ،‬وهو مؤشر على بداية أجرأة هذا‬
‫المرتكز التدبيري‪ ،‬الذي ظل لسنوات خارج دائرة تتبع وتقييم‪ ،‬تدبير الشأن العام الترابي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أسس الحكامة المالية الترابية‪ ،‬ودورها في بلورة‬


‫اإلصالح المالي الترابي‬

‫بقدر ما تتعدد مضامين الحكامة المالية‪ ،‬بقدر ما تتنوع قواعدها وخصوصيتها‪،‬‬


‫واذا كانت العبارة قد أثارت نقاشا كبي ار‪ ،‬خالل السنوات األخيرة‪ ،‬فإن هذا االهتمام‪ ،‬يدل‬
‫على تطور مدلوالت الحكامة‪ ،‬ومحاولة تطبيق مبادئها وقواعدها‪ ،‬على التسيير اإلداري‬
‫والتدبير المالي‪ ،‬ووضع المشاريع والمخططات التنموية الترابية‪ .‬فعالقة التنمية‬
‫بالحكامة‪ ،‬تطال مختلف جوانب النشاط المالي الترابي‪ ،‬وتطور المفهوم‪ ،‬تم في سياق‬
‫تطوير األداء المالي‪ ،‬ورفع القدرات التدبيرية للجماعات الترابية‪.‬‬

‫وعموما‪ ،‬سنحاول التطرق ألسس الحكامة المالية الترابية‪ ،‬ومساهمتها في بلورة‬


‫اإلصالح المالي الترابي‪ ،‬من خالل معالجة األساس الالمركزي للحكامة المالية (الفرع‬
‫األول)‪ ،‬واألساس التنموي (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫‪ -‬محمد حيمود‪ ،‬الحكامة المالية المحلية بالمغرب على ضوء اإلصالحات القانونية والمالية‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.51.‬‬ ‫‪264‬‬

‫‪193‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الفرع األول ‪ :‬األساس الالمركزي للحكامة المالية‬

‫إن النظام اإلداري والمالي المطبق‪ ،‬يؤثر بشكل مباشر في تنزيل قواعد الحكامة‬
‫وتطبيقها‪ ،‬فتحقيق التنمية وفق مقاربة مندمجة‪ ،‬ال يتم إال عبر آليات التدبير المالي‪،‬‬
‫المنسجمة مع حاجيات المواطنين‪ ،‬وأكثر تطلعا لمتطلباتهم‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس‪ ،‬فتحقيق التنمية الترابية‪ ،‬يتأسس على منطق التدبير الجيد‪،‬‬
‫واعتماد سياسة القرب‪ ،‬في وضع واقرار وتنفيذ البرامج‪ ،‬والمشاريع التنموية‪ ،‬والمقاربات‬
‫الحديثة للتدبير التنموي‪ ،‬تعتمد باألساس على " التدبير متعدد األقطاب للنشاط المالي‪،‬‬
‫وللمرافق والمصالح العمومية عوض التدبير أحادي القطب"‪ ،‬ممثال في السلطة‬
‫المركزية‪ ،‬وهذا التدبير المتعدد‪ ،‬يقوم في واقع األمر على وجود وحدات ترابية‪ ،‬يناط بها‬
‫التدخل لتدبير الشؤون الترابية‪ ،‬بشكل منسجم ومتكامل مع التدخل المركزي‪ ،‬الذي يطال‬
‫المجاالت الترابية بشكل شمولي‪ ،‬أو التدخل الجهوي‪ ،‬الذي يرمي إلى تحقيق تنمية‪،‬‬
‫ذات أبعاد متقاربة ومتكاملة‪ ،‬بين مختلف الوحدات الترابية التابعة لها‪ ،‬ووفق مخططات‬
‫تنموية منسجمة ومتكاملة‪ ،‬وهذه المقاربة تعد أحد أهم أشكال تنزيل مبادئ الحكامة‬
‫على المستوى الترابي‪ ،‬وأحد أكثر اآلليات التدبيرية‪ ،‬تحقيقا لتنمية مندمجة على مستوى‬
‫الجماعات االترابية‪.‬‬

‫فاألساس الالمركزي للحكامة المالية‪ ،‬إنما يرتبط بالنظام المؤسساتي واإلطار‬


‫الديمقراطي للوحدات الترابية‪ ،‬وكذا بمجاالت التسيير وآليات تدبير الشؤون الترابية‬
‫ومستوياتها‪ ،‬فالجماعات الحضرية والقروية تعد الوحدات الترابية األساسية على مستوى‬
‫الديمقراطية الترابية‪ ،‬وقواعد الحكامة بمثابة "اإلطار الترابي للمهام التنموية"‪ ،‬في حين‬
‫تبقى العماالت واألقاليم وحدات المركزية‪ ،‬وسيطة لضمان التناسق واإلنسجام‪ ،‬بين‬
‫التدخالت التنموية للجماعات الحضرية والقروية‪ ،‬أما الجهات‪ ،‬فيفترض أن تمثل‬
‫اإلطار المتكامل‪ ،‬الحتضان المخططات التنموية المحلية واإلقليمية‪ ،‬وضمان انسجامها‬
‫مع البرامج والمشاريع المركزية‪ ،‬ومع اإلكراهات التنموية الشمولية ذات الطابع الجهوي‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬األساس التنموي للحكامة المالية‬

‫تعتبر التنمية الترابية‪ ،‬في صلب األهداف الوظيفية والغايات األساسية لنظام‬
‫الالمركزية‪ ،‬فتخويل الجماعات الترابية‪ ،‬مجموعة من المهام واالختصاصات‪ ،‬إنما‬
‫يهدف إلى تأهيل الوحدات الالمركزية‪ ،‬لتصبح قادرة على تدبير شؤونها الترابية‪ ،‬ذاتيا‬
‫وموضوعيا‪ .‬وعلى هذا األساس‪ ،‬يرتكز البعد التنموي للحكامة‪ ،‬على تمكين الهيئات‬
‫الالمركزية من اآلليات الضرورية‪ ،‬ومن القدرة على التخطيط وتدبير شؤونها‪ ،‬وعلى‬
‫تركيز الجهود على القطاعات االقتصادية التنموية‪ ،‬وعلى توجيه النشاط المالي نحو‬
‫إشباع حاجات السكان‪ ،‬وتحقيق تنمية مندمجة‪.‬‬

‫فهي تعد إجرائيا وواقعيا بمثابة " التنزيل العملي للحكامة الترابية "‪ ،‬والذي يقوم‬
‫على تعزيز دور المنتخبين‪ ،‬وترسيخ ثقافة المشاركة‪ ،‬والتفاعل مع الفاعلين الترابيين‬
‫والمجتمع المدني‪ ،‬وعلى التخطيط المندمج للبرامج المالية التنموية‪ ،‬وكذا على توضيح‬
‫مجاالت التدخل التنموي للجماعات الترابية‪ ،‬ودورها في التخطيط التنموي عبر آليات‬
‫التشارك‪ ،‬واالستعمال األمثل للموارد‪ ،‬واإلمكانات والوسائل‪.‬‬

‫فالتنمية الترابية‪ ،‬تعتبر رهان التدبير المالي الترابي‪ ،‬وممارسة الهيئات الالمركزية‬
‫الختصاصاتها‪ ،‬وبالتالي يعتبر التخطيط التنموي والبرمجة المالية‪ ،‬المتوسطة والطويلة‬
‫األمد‪ ،‬أحد أهم قواعد ومبادئ الحكامة المالية‪ ،‬على المستوى الترابي‪ ،‬فتخصيص‬
‫الموارد واستعمالها في القطاعات والب ارمج التنموية‪ ،‬يشمل في واقع األمر‪ ،‬مختلف‬
‫المجاالت والقطاعات المتعلقة بالتدبير المالي الترابي‪ ،‬ويطال البعد الزمني المالئم‬
‫لتنفيذها‪.‬‬

‫وال يقتصر بالتالي على األساس السنوي للميزانية الترابية‪ ،‬وهو ما يمثل جوهر‬
‫المعادلة بين الطابع الشمولي للتنمية‪ ،‬ومجالها الترابي وبعدها اإلستراتيجي‪.‬‬

‫‪195‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫فالتخطيط التنموي‪ ،‬يمكن هذه الوحدات الالمركزية‪ ،‬من برمجة مشاريعها‬


‫التنموية وخططها العملية‪ ،‬المرتبطة بنشاطها المالي حسب األهداف اإلستراتيجية‬
‫المحددة وفق الحاجيات الترابية الفعلية والمالءمة‪ ،‬وبناء على اإلمكانات المالية‬
‫والبشرية‪ ،‬والوسائل المادية المتاحة والمحتملة‪ ،‬مما يؤدي إلى تطوير أداء الوحدات‬
‫الترابية المنتخبة‪ ،‬ورفع مستوى تدبيرها لشؤونها الترابية‪ ،‬وتنزيل مبادئ الحكامة‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫خاتمة الفصل األول‬


‫تعتبر القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬محطة حاسمة في مسار التجربة‬
‫الالمركزية بالمغرب‪ ،‬بالنظر للتراكم التاريخي لهذه التجربة‪ ،‬وكذا النقلة النوعية التي‬
‫أسس لها دستور ‪.9100‬‬

‫وبالرغم‪ ،‬من المستجدات التي حملتها هاته القوانين‪ ،‬سواء فيما يتعلق بكيفية‬
‫انتخاب مجالس الجماعات الترابية‪ ،‬أو كيفية تدبير هذه األخيرة لشؤونها الترابية‪ ،‬وكذا‬
‫التمييز بين االختصاصات الذاتية‪ ،‬والمشتركة‪ ،‬والمنقولة‪ ،‬والمبادئ المعيارية التي على‬
‫أساسها نميز بين هاته االختصاصات‪ ،‬سواء على مستوى النظام المالي‪ ،‬ومصادر‬
‫مواردها المالية‪ ،‬أو على مستوى ممارسة آليات الديمقراطية التشاركية‪ ،‬أو على مستوى‬
‫قواعد الحكامة‪ ،‬المتعلقة بالتدبير والتتبع والمحاسبة‪ ،‬فإنها وجهت لها مجموعة من‬
‫اإلنتقادات‪ ،‬تمثلت فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬تشتيت وتكرار في اإلنتاج القانوني‪ :‬إن فكرة وضع هذه القوانين التنظيمية‬
‫تصور‬
‫ا‬ ‫الثالت للجماعات الترابية‪ ،‬منفصلة ومستقلة‪ ،‬عن بعضها البعض‪ ،‬ال يعطي‬
‫متكامال وواضحا عن تدبير الشؤون الترابية‪ ،‬وبالتالي ال يخدم فكرة وحدة التدبير‪،‬‬
‫والتعاون والتضامن‪ ،‬بين الجماعات الترابية من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬يالحظ أن هذه‬
‫القوانين‪ ،‬تتميز بالتكرار‪ ،‬في تصنيف أقسامها وتوزيع أبوابها‪ ،‬وتقسيم فصولها‪.‬‬

‫‪ -‬اختالل التوازن فيما يتعلق بتصنيف أقسام وأبواب القوانين التنظيمية‪ ،‬خاصة‬
‫الشق المتعلق بالنظام المالي للجماعات الترابية‪.‬‬

‫وعموما‪ ،‬يمكن القول إنه بالرغم من المستجدات اإليجابية‪ ،‬التي أتت بها القوانين‬
‫التنظيمية‪ ،‬بهدف عقلنة التدبير المالي الترابي‪ ،‬إال أن مضامينها لم تخرج كثيرا‪ ،‬عما‬
‫كان معموال به سابقا‪ ،‬الشيء الذي يجعلنا نطرح سؤاال حول القيمة المضافة التي‬
‫جاءت بها القوانين التنظيمية للجماعات الترابية؟ خصوصا‪ ،‬وأن بالدنا مقبلة على‬
‫مشروع الجهوية الموسعة لألقاليم الجنوبية‪ ،‬وباقي أقاليم المملكة‪.‬‬

‫‪197‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الفصل الثاني‪ :‬آفاق التدبير المالي الترابي‬

‫عرفت منظومة الالمركزية ببالدنا‪ ،‬كما سبق الذكر‪ ،‬مجموعة من التعديالت‬


‫والمصادقة على بعض القوانين‪ ،‬التي تستهدف عقلنة وتجويد أداء الجماعات الترابية‪،‬‬
‫لتحقيق التنمية المنشودة ترابيا ووطنيا‪.‬‬

‫ومن بين المستجدات نجد‪:‬‬

‫‪ -‬مرسوم التقسيم الجهوي الجديد‪ ،‬الذي صدر مؤخ ار‪ ،‬وبموجبه تم تقسيم المملكة‬
‫إلى ‪ .09‬وأسندت مهمة تنفيذه لوزير الداخلية‪ ،‬علما أن هذا المرسوم‪ ،‬دخل حيز التنفيذ‬
‫مباشرة بعد انتخابات ‪ 4‬شتنبر‪.9102‬‬

‫‪ -‬القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪.‬‬

‫فالمغرب اليوم‪ ،‬مقبل على مشروع الجهوية الموسعة‪ ،‬وإلنجاحه ال بد من التوفر‬


‫على إمكانيات مادية وبشرية كفيلة بتحقيق ذلك‪ ،‬واإلنفتاح على قواعد وآليات التدبير‬
‫الحديثة‪.‬‬

‫فالجهة‪ ،‬تشكل إطا ار مالئما لتبني استراتيجية كفيلة بتدبير مسار التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬وذلك من خالل تعبئتها للموارد والطاقات المحلية‪،‬‬
‫من أجل ترسيخ مبادئ الديمقراطية وتطوير البناء الجهوي‪.‬‬

‫واستم ار ار في دعم تكريس نمط الجهة‪ ،‬نسجل تأكيد اإلرادة السياسية العليا لملك‬
‫البالد على تطوير النموذج المغربي‪ ،‬حيث أشاد في خطاب ‪ 19‬مارس ‪،9100‬‬
‫بالمضامين الوجيهة لتقرير اللجنة االستشارية للجهوية‪ ،‬والتي كلفها بالتفكير في‬
‫الشروط الواجب توفرها‪ ،‬حتى يتسنى للجهات االضطالع بشكل فعال بدورها في مجال‬
‫صياغة وتنفيذ السياسات الترابية‪.‬‬

‫‪198‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫من هذا المنطلق‪ ،‬ارتأينا أن نتناول في هذا القسم‪ ،‬الجهوية المتقدمة‪ ،‬كمدخل‬
‫رئيسي لتدبير ماية الجماعات الترابية‪ ،‬حيث سيتم اإلطالع على تجارب الدول المتقدمة‬
‫في هذا الشأن من جهة‪ ،‬ومن جهة ثانية‪ ،‬وكنقطة أخيرة في هذا البحث‪ ،‬سنتعرف على‬
‫بعض آليات التدبير الحديثة‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الجهوية المتقدمة‪ ،‬كمدخل رئيسي إلصالح مالية‬


‫الجماعات الترابية‬

‫إن الحديث عن موضوع الجهوية الموسعة‪ ،‬في عالقتها بتحسين األداء المالي‬
‫للجماعات الترابية‪ ،‬يقتضي أوال تحديد معنى هذا المفهوم‪ ،‬وتمييزه عن باقي المفاهيم‬
‫األخرى المشابهة له‪ .‬فإذا كانت الجهة لغة‪ ،‬تعني ناحية من النواحي‪ ،‬أي جزء من‬
‫الكل‪ ،‬إال أن الناحية قد تعني بصفة خاصة‪ ،‬المحيط الذي يدور حول نقطة معينة‪،‬‬
‫فهي تعني الضاحية أو المجال أو المحيط بمركز معين‪.‬‬

‫فلجنة الشؤون الجهوية للمجلس األروبي‪ ،‬عرفت الجهات بأنها وحدات تتموقع‬
‫تحت مستوى الدولة المركزية‪ ،‬وتتمتع بتمثيلية سياسية مضمونة‪ ،‬بوجود مجلس جهوي‬
‫منتخب‪.‬‬

‫وفي ذات التوجه‪ ،‬يحيل مفهوم الجهة من الناحية الفقهية‪ ،‬على المجال الذي‬
‫تعيش داخله المجموعة‪ ،‬والتي يكون لها عليه شبكة من العالقات‪ ،‬وتحمل إليه قيمها‬
‫السيكولوجية‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫في حين يراها بعض الباحثين‪ ،‬أنها تشكل مجموعة منسجمة‪ ،‬تهدف إلى تكامل‬
‫اقتصادي إداري وتنموي‪ ،‬من أجل النهوض بمؤهالتها‪ ،‬وتسخير إمكانياتها البشرية‬
‫والطبيعية والمادية‪ ،‬في إطار متكامل ومتوازن‪.265‬‬

‫أما الجهوية فلها مدلوالن‪ :‬األول في مفهومها القديم‪ ،‬ذات مدلول سياسي محض‪،‬‬
‫في حين نجده محدود‪ ،‬في إطار المجال اإلداري واالقتصادي‪ ،‬بالرغم من كون‬
‫الجماعة الترابية‪ ،‬بشكل عام تساهم في تسييس المواطنين‪ ،‬فغالبا ما تفهم الجهوية‪،‬‬
‫على أنها نتيجة لتوزيع إداري ألنشطة الدولة على المستوى الجهوي‪.‬‬

‫وتعتبر الجهة من بين العناصر الجديدة األساسية‪ ،‬التي أتى بها دستور ‪،0999‬‬
‫فبعد تجربة الجهات االقتصادية في إطار ظهير‪ 01‬يونيو ‪ ،0900‬تم االرتقاء بها إلى‬
‫مستوى جماعة محلية تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي واإلداري‪ ،‬بمقتضى‬
‫دستور ‪ ،0999‬وتم تدعيم مركز الجهة أكثر في دستور ‪.0991‬‬

‫وامتدادا لهذه التجارب التي راكمها المغرب في إطار الالمركزية اإلدارية‪ ،‬جاء‬
‫ورش الجهوية المتقدمة‪ ،‬استكماال للبناء الديمقراطي الحديث لمسلسل التنمية الجهوية‪.‬‬
‫وهكذا أصدرت اللجنة االستشارية للجهوية المتقدمة‪ ،‬تقري ار تضمن عددا من التوصيات‬
‫والمقترحات المتعلقة بالشق المالي‪.‬‬

‫فإلى أي حد يمكن للتصور العام‪ ،‬الذي جاء به التقرير في جانبه المالي‪ ،‬أن‬
‫يساهم في تطوير الجهوية المعمول بها حاليا‪ ،‬و أن يفتح آفاقا جديدة لتطوير التدبير‬
‫المالي الترابي‪ ،‬مع العلم أن بعض الدول األروبية‪ ،‬عرفت تمي از كبي ار في هذا الباب‪.‬‬

‫‪ -265‬محمد زين الدين‪ ،‬الجهة بالمغرب المعاصر من الجهوية اإلدارية إلى الجهوية السياسية ‪ ،‬المجلة الدولية‪ ،‬العدد ‪،15‬‬
‫لسنة ‪ ،8112‬المطبعة والوراقة الوطنية ‪ ،‬مراكش‪ ،‬ص‪.531 .‬‬

‫‪200‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المطلب األول‪ :‬تمويل الجهوية الموسعة بين دستور ‪ 2811‬والقانون‬


‫التنظيمي للجهة رقم ‪111.14‬‬

‫إن دور الجهة في تعزيز الالمركزية‪ ،‬واتمام البناء المؤسساتي‪ ،‬يظهر بشكل‬
‫واضح من خالل هياكلها ووظائفها‪ ،‬وسبل العمل في التسيير اليومي للشؤون الجهوية‪،‬‬
‫خصوصا المهام المنوطة بالجهاز التداولي أي المجلس الجهوي‪.‬‬

‫وكلها اختصاصات تحتاج لموارد مالية‪ ،‬قادرة على اإلستجابة للحاجيات الترابية‬
‫والتنموية‪.‬‬

‫ولقد تمكن التقرير االستشاري للجهوية‪ ،266‬من إصدار مجموعة من التوصيات‪،‬‬


‫التي تعمل على تجاوز أزمة التدبير المالي الترابي‪ ،‬غير أنها تظل غير كافية لبلوغ‬
‫جهوية متقدمة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تمويل الجهوية الموسعة من خالل دستور‪2811‬‬

‫لقد حرص دستور ‪ ،9100‬من خالل الباب التاسع‪ ،‬على دسترة العديد من‬
‫مقتضيات التنظيم الالمركزي‪ ،‬خاصة الشق المرتبط بالتمويل‪ .‬حيث نص في الفصل‬
‫‪ ،040‬على أن الجهات والجماعات الترابية األخرى‪ ،‬تتوفر على موارد مالية ذاتية‪،‬‬
‫وموارد مالية مرصودة من قبل الدولة‪ ،‬كما أن كل اختصاص تنقله الدولة إلى الجهات‬
‫والجماعات الترابية األخرى يكون مقترنا بتحويل الموارد المطابقة له‪.‬‬

‫ونظ ار لإلختالالت التي طبعت مسار الجهوية ببالدنا‪ ،‬والمتمثلة أساسا في بروز‬
‫التفاوتات في المؤهالت والموارد‪ ،‬كان ال بد من البحث عن مصادر تمويل جديدة‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬نص الفصل ‪ 049‬من دستور ‪ ،9100‬على أنه سيحدث لفترة‬
‫معينة‪ ،‬لفائدة الجهات‪ ،‬صندوق للتأهيل اإلجتماعي‪ ،‬يهدف إلى سد العجز في مجاالت‬

‫‪ -266‬اللجنة االستشارية للجهوية‪ ،‬تفرير حول الجهوية المتقدمة‪ ،‬الكتاب االول‪ :‬التصور العام‪ ،‬ص‪.9 .‬‬

‫‪201‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫التنمية البشرية‪ ،‬والبنيات التحتية األساسية والتجهيزات‪ ،‬كما سيتم أيضا إحداث صندوق‬
‫للتضامن بين الجهات‪ ،‬يهدف إلى التوزيع المتكافئ للموارد‪.‬‬

‫وتعزي از لمنطق التضامن‪ ،‬الذي يعد أحد مرتكزات مشروع الجهوية المتقدمة‪ ،‬نص‬
‫الفصل ‪ 044‬على إمكانية تأسيس الجماعات الترابية‪ ،‬لمجموعات فيما بينها‪ ،‬من أجل‬
‫التعاضد‪ ،‬في البرامج والوسائل‪ ،‬وهي آلية ذات فائدة مهمة‪ ،‬من أجل تمويل المشاريع‬
‫ذات األهداف المشتركة‪.‬‬

‫وبذلك ستصبح النصوص المتعلقة بخيار الالمركزية مؤطرة بقوانين تنظيمية‪،‬‬


‫حسب الفصل ‪ 049‬من دستور ‪.9100‬‬

‫كما أشار الفصل ‪ 011‬من الدستور‪ ،‬بأن يقوم رؤساء مجالس الجهات‪ ،‬ورؤساء‬
‫مجالس الجماعات الترابية األخرى‪ ،‬بتنفيذ مداوالت هذه المجالس ومقرراتها‪ ،‬في حين‬
‫حصر الفصل ‪ ،042‬من الدستور في الفقرة الثانية والثالثة‪ ،‬دور الوالة والعمال في‬
‫المراقبة اإلدارية ومساعدة رؤساء الجماعات الترابية‪ ،‬خاصة رؤساء المجالس الجهوية‪،‬‬
‫على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية‪.‬‬

‫وفي إطار دستور ‪ ،9100‬نجد التنصيص على مبدأ التدبير الحر للجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬والذي تمت اإلشارة إليه‪ ،‬في مجموعة من فصول الدستور‪ ،‬بعضها يؤسس‬
‫للمبدأ بشكل مباشر‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة للفصل ‪ ،011‬الذي ينص على ما يلي‪:‬‬
‫"يرتكز التنظيم الجهوي والترابي‪ ،‬على مبادئ التدبير الحر وعلى التعاون‬
‫والتضامن‪ ،"....‬حيث يجعل هذا الفصل‪ ،‬مبدأ التدبير الحر أحد المرتكزات الجوهرية‬
‫التي يقوم عليها التنظيم الترابي‪.‬‬

‫‪202‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫كما أن الفصل‪ ،041‬ينص على مبدأ التدبير الحر‪ ،‬بشكل صريح‪ ،‬في الفقرة‬
‫األخيرة منه‪ ،‬حيث يحيل على قانون تنظيمي لتحديد مبادئ وقواعد وشروط تنظيم‬
‫وتدبير الجماعات الترابية‪ ،‬بما في ذلك قواعد الحكامة المتعلقة بحسن تطبيق مبدأ‬
‫التدبير الحر‪.‬‬

‫زد على ذلك‪ ،‬فإن فصوال أخرى من الدستور‪ ،‬ال تشير إلى المبدأ مباشرة‪ ،‬لكنها‬
‫تهم بعض تطبيقاته أواحدى مقوماته األساسية‪ ،267‬وهكذا فإن الفصل ‪ 040‬يتضمن‬
‫مقتضيات ترتبط بإحدى تطبيقات مبدأ التدبير الحر‪ ،‬ويتعلق األمر باالستقالل المالي‬
‫للجماعات الت اربية‪ ،‬حيث ينص الفصل المذكور على أنه ‪ ":‬تتوفر الجهات والجماعات‬
‫الترابية األخرى على موارد مالية ذاتية‪ ،‬وموارد مالية مرصودة من قبل الدولة‪ ،‬كل‬
‫اختصاص تنقله الدولة إلى الجهات والجماعات الترابية األخرى يكون مقترنا بتخويل‬
‫الموارد المطابقة له"‪.‬‬

‫كما أن الفصل ‪ ،012‬يهم في جزء من أحكامه‪ ،‬قواعد تكوين وتسيير الجماعات‬


‫الترابية‪ ،‬التي يحكمها االنتخاب والتسيير الديمقراطي‪ ،‬حيث نصت الفقرتان الثانية‬
‫والثالثة منه‪ ،‬على ما يلي‪ " :‬الجماعات الترابية أشخاص اعتبارية خاضعة للقانون العام‬
‫تسير شؤونها بكيفية ديمقراطية"‪.‬‬

‫وينص الفصل ‪ ،041‬على اختصاصات الجماعات الترابية وصالحياتها‪ ،‬وهو ما‬


‫يشكل تجسيدا لمبدأ التدبير الحر‪ ،‬حيث تنص الفقرة األولى‪ ،‬على أن الجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬تتوفر على اختصاصات ذاتية‪ ،‬واختصاصات مشتركة مع الدولة‪،‬‬
‫واختصاصات منقولة إليها‪ .‬في حين تنص الفقرة الثانية‪ ،‬بتوفر الجماعات الترابية على‬
‫سلطة تنظيمية لممارسة صالحياتها‪.‬‬

‫‪267‬‬
‫‪- Mohammed Boujida, quelues éléments d’analyse du principe constitutionnel de libre‬‬
‫‪adminstration des collectivités territoiales marocaines , Actes des Xémes journées Maghrébines‬‬
‫‪de droit ( 17- 18 avril 2015), organiséés par le réseau des juristes maghrébins ( REJMA), p.167.‬‬

‫‪203‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وكتطبيق آخر‪ ،‬من تطبيقات مبدأ التدبير الحر‪ ،‬ينص الفصل ‪ ،011‬على إسناد‬
‫صالحية تنفيذ مداوالت مجالس الجماعات الترابية إلى رؤساء هذه المجالس‪.‬‬

‫يبدو أن الدستور‪ ،‬قد وضع أسسا دستورية لمبدأ التدبير الحر‪ ،‬كما حدد بعض‬
‫تطبيقاته ومقوماته‪ ،‬غير أن ذلك ال يعني‪ ،‬تحديد مدى ونطاق هذا المبدأ إال في حدود‬
‫ضيقة‪.268‬‬

‫ويحيل هذا المبدأ‪ ،‬إلى مبدأ اإلدارة الحرة المنصوص عليه في المادة ‪ 09‬من‬
‫دستور الجمهورية الخامسة بفرنسا‪ " :‬الجماعات الترابية تدار بحرية من طرف مجالس‬
‫منتخبة في الشروط التي يحددها القانون"‪.‬‬

‫وتتجلى أهمية مبدأ التدبير الحر‪ ،‬في تدعيمه الستقاللية الجماعات الترابية‪،‬‬
‫ولسلطة اتخاذ ق ارراتها‪ ،‬في كونه مرجعا أساسيا لتنظيم العالقة بين الدولة‪ ،‬والجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬وفيما بين هذه األخيرة‪ .‬وكذا توسيع وتدقيق اختصاصات الجماعات الترابية‪ ،‬و‬
‫بخاصة توفرها على اختصاصات ذاتية وفعلية‪ ،‬والتخفيف من الوصاية الممارسة عليها‬
‫من قبل الدولة‪.269‬‬

‫ونجد الفصل ‪ 049‬من دستور ‪ ،9100‬ينص على أنه‪ " :‬يحدث لفترة معينة‬
‫ولفائدة الجهات صندوق التأهيل االجتماعي‪ ،‬يهدف إلى سد العجز في مجاالت التنمية‬
‫البشرية‪ ،‬والبنيات التحتية األساسية والتجهيزات"‪.‬‬

‫‪ -268‬عبد الخالق عالوي‪ ،‬مبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية واعداد التراب في ضوء دستور ‪ ،8155‬المجلة المغربية لإلدارة‬
‫المحلية والتنمية‪ ،‬العدد‪ ،551‬لسنة ‪ ،8155‬ص‪. 515 .‬‬
‫‪ -269‬أحمد بوسيدي‪ ،‬األسس الدستورية للجماعات الترابية‪ ،‬أشغاال الندوة الدولية‪ ،‬تحت عنوان الدستور المغربي‪، 8155‬‬
‫مستجدات وآفاق‪ ،‬بتاريخ ‪ ،85-81‬أبريل ‪ ،8158‬ص‪.815 .‬‬

‫‪204‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وألول مرة ينص الدستور المغربي‪ ،‬على مبدأ التفريع في الفصل ‪:041‬‬
‫"للجماعات الترابية‪ ،‬وبناءا على مبدأ التفريع‪ ،‬اختصاصات ذاتية واختصاصات مشتركة‬
‫مع الدولة واختصاصات منقولة إليها من هذه األخيرة"‪.‬‬

‫ويعد هذا المبدأ‪ ،‬من مبادئ القانون العام الدولي‪ ،‬استعمل ألول مرة‪ ،‬كمعيار‬
‫لتوزيع االختصاصات بين المجموعة األروبية‪ ،‬والدول األعضاء في معاهدة ماستريخت‬
‫سنة ‪.0999‬‬

‫وقد استعمل هذا المبدأ‪ ،‬كذلك في العالقات الدولية‪ ،‬فيما يخص دور األمم‬
‫المتحدة في تطبيق مبدأ حق التدخل‪ ،‬أو واجب التدخل‪ ،‬ليعني ضرورة توزيع‬
‫االختصاصات والسلطات بين الدول والمنظمات الدولية ‪.270‬‬

‫وقد تم التنصيص عليه في المادة ‪ (1‬ب)‪ ،‬من معاهدة ماستريخت‪ ،‬والتي تنص‬
‫على المبادئ التالية‪:‬‬

‫‪ -‬مبدأ التأويل الضيق الختصاصات المجموعة األروبية‪.‬‬

‫‪ -‬مبدأ التفريع بصريح العبارة‪.‬‬

‫‪ -‬مبدأ النسبية( منع التعسف)‪.‬‬

‫حكر على القانون العام الدولي‪ ،‬وانما انتقل إلى القانون‬


‫ا‬ ‫ولم يبقى مبدأ التفريع‪،‬‬
‫العام الداخلي‪ ،‬ولهذا ارتبط في فرنسا بمجال الالتركيز‪ ،‬حيث تتم معالجة الشؤون على‬
‫المستوى الترابي‪ ،‬ويبقى تدخل السلطة المركزية استثنائيا‪.‬‬

‫‪ -‬أحمد بوسيدي‪ ،‬األسس الدستورية للجماعات الترابية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.819 .‬‬ ‫‪270‬‬

‫‪205‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وقد أثار اعتماد المبدأ في فرنسا‪ ،‬نقاشا دستوريا بحجة ارتباطه بالدول الفيدرالية‪،‬‬
‫‪271‬‬
‫ويصعب تطبيقة في حالة فرنسا العتبارين‪:‬‬

‫‪ -‬فرنسا دولة موحدة‪ ،‬عرفت تاريخيا‪ ،‬مركزية إدارية وسياسية‪ ،‬لم تعط أهمية‬
‫لمبدأ التفريغ‪.‬‬

‫‪ -‬من جهة أخرى‪ ،‬عرفت نوعين من التنظيم اإلداري وتوزيع االختصاصات‪ ،‬وما‬
‫نتج عن ذلك من تنافس بينهما‪.‬‬

‫كما أن الدستور الفرنسي‪ ،‬ال ينص على المبدأ‪ ،‬وانما يؤكد على مبدأ عدم تجزيئ‬
‫الجمهورية‪.‬‬

‫أما في المغرب‪ ،‬وبعد اإلشارة إلى المبدأ‪ ،‬ضمن وثائق المناظرة األولى للجماعات‬
‫الترابية سنة ‪ ،0991‬أكدت المبادرة الوطنية للتفاوض بشأن الحكم الذاتي لجهة‬
‫الصحراء المغربية على توزيع االختصاصات وفقا لمبدأ التفريع‪.‬‬

‫وجاء تأكيد المبدأ‪ ،‬في تقرير اللجنة االستشارية حول الجهوية المتقدمة‪،272‬‬
‫وصوال إلى تضمينه في الدستور من خالل الفصل ‪ ،041‬والذي ورد فيه ما يلي‪:‬‬
‫"للجماعات الترابية‪ ،‬وبناءا على مبدأ التفريع‪ ،‬اختصاصات ذاتية‪ ،‬واختصاصات‬
‫مشتركة مع الدولة‪ ،‬واختصاصات منقولة إليها‪."...‬‬

‫فمبدأ التفريع‪ ،‬بحسب ما ورد في الفصل ‪ ،041‬يعترف للجماعات الترابية‪،‬‬


‫باختصاصات ذاتية إال أن ما يالحظ‪ ،‬من خالل مضمون هذا الفصل‪ ،‬هو أنه أشار‬

‫‪ -271‬إبراهيم أولتيت‪ ،‬بعض إشكاليات الجهوية المتقدمة في دستور ‪ ،8155‬أشغال األيام المغاربية التاسعة للقانون المنظمة‬
‫من طرف شبكة الحقوقيين المغاربيين‪ ( ،‬أيام ‪ 88-89‬أبريل ‪ ، )8118‬ص‪.55 .‬‬
‫‪ - 272‬اللجنة االستشارية للجهوية‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬التصور العام‪ ،‬ص‪.88 .‬‬

‫‪206‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫لالختصاصات الذاتية للجماعات الترابية‪ ،‬ولم يعطي تعريفا وال تحديدا لها‪ ،‬ولم يوضح‬
‫توزيع لإلختصاصات بين الدولة والجماعات الترابية‪ ،‬وال بين هذه األخيرة فيما بينها‪.‬‬

‫وقد يفسر هذا القصور‪ ،‬في كون الوظيفة األساسية للدستور في إطار الدولة‬
‫الموحدة‪ ،‬ال تكمن في إعطاء التعريفات والمفاهيم‪ ،‬بل يكتفي بوضع اإلطار العام لها‪،‬‬
‫على أن يتولى قانون تنظيمي أو تشريع عادي أو اجتهاد قضائي هذه المهمة‪.273‬‬

‫إضافة للمبادئ التي تم التطرق إليها‪ ،‬نجد مبدأي التضامن والتعاون‪ ،‬فقد أكد‬
‫دستور ‪ 9100‬في الفصل ‪ 049‬على أنه‪ ":‬يحدث لفترة معينة ولفائدة الجهات صندوق‬
‫للتأهيل االجتماعي‪ ،‬يهدف إلى سد العجز في مجاالت التنمية البشرية‪ ،‬والبنيات‬
‫التحتية األساسية والتجهيزات"‪.‬‬

‫يحدث أيضا صندوق للتضامن بين الجهات‪ ،‬بهدف التوزيع المتكافئ للموارد‪،‬‬
‫قصد التقليص من التفاوتات بينها‪ .‬وتحدد موارد وكيفيات تسيير الصندوقين بقانون‬
‫تنظيمي حسب الفصل ‪ 041‬من الدستور‪.‬‬

‫وقد جاء التنصيص الدستوري على هذين المبدأين في الفصل ‪ 011‬من دستور‬
‫‪ ،9100‬والذي أكد على أنه " يرتكز التنظيم الجهوي والترابي‪ ،‬على مبادئ التدبير‬
‫الحر‪ ،‬وعلى التعاون والتضامن‪ ،‬ويؤمن مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم‪،‬‬
‫والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة"‪.‬‬

‫‪ -273‬يشير الفصل ‪ 559‬من الدستور المغربي لسنة ‪ ،8155‬على أنه "سيتم وضع قانون تنظيمي تحدد من خالله‬
‫االختصاصات الذاتية لفائدة الجهات والجماعات الترابية األخرى‪ ،‬واالختصاصات المشتركة بينها وبين الدولة واالختصاصات‬
‫المنقولة إليها"‪.‬‬

‫‪207‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫فالتأكيد الدستوري على هذين المبدأين‪ ،‬يقتضي وضع اآلليات الكفيلة لتحقيقهما‬
‫على أرض الواقع‪ ،‬وبالتالي دعم الدور التنموي للجماعات الترابية‪ ،‬والحد من الفوارق‬
‫واإلختالالت المتباينة فيما بينها‪.274‬‬

‫وما ينبغي اإلشارة إليه‪ ،‬هو أن مبدأي التضامن والتعاون‪ ،‬يفرض احترام‬
‫االختصاصات المخولة لكل جماعة ترابية‪ ،‬وعدم وصاية أية واحدة منها على األخرى‪،‬‬
‫وبالتالي فتنصيص الدستور على هذه الضوابط‪ ،‬يتضمن ترسيخ فكرة استقاللية جماعة‬
‫ترابية عن أخرى‪.275‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬آليات تنمية الموارد المالية للجهات في إطار الجهوية المتقدمة‬

‫يتميز تدبير الشأن العام الترابي‪ ،‬بمستجدات غاية في األهمية‪ ،‬على رأسها‬
‫القوانين المنظمة للجماعات الترابية‪ .‬فعلى غرار التغييرات التي أدخلها المشرع‪ ،‬على‬
‫مختلف النصوص القانونية تعززت هذه الترسانة‪ ،‬بالقوانين التنظمية للجماعات الترابية‪.‬‬

‫واعتمادا على مبدأ التشاركية‪ ،‬فقد انطلقت مشاورات‪ ،‬حول الترسانة التشريعية‬
‫المنظمة لهذا الورش‪ .‬في هذا اإلطار طرحت الو ازرة الوصية قانون رقم ‪000.04‬‬

‫‪ -274‬الفصل ‪ 35‬من الدستور المغربي لسنة ‪ 8155‬ينص على ما يلي‪ ":‬تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬على تعبئة كل الوسائل المتاحة‪ ،‬لتيسير استفادة المواطنين والمواطنات‪ ،‬على قدم المساواة من الحق في‪:‬‬
‫‪ -‬العالج والعناية الصحية؛‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية والتغطية الصحية‪ ،‬والتضامن التعاضدي أو المنظم من طرف الدولة؛‬
‫‪ -‬الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج و ذي جودة؛‬
‫‪ -‬التنشئة على التشبت بالهوبة المغربية‪ ،‬والتوابث الوطنية الراسخة؛‬
‫‪ -‬السكن الالئق؛‬
‫‪ -‬الشغل والدعم من طرف السلطات المحلية في البحث عن منصب شغل‪ ،‬أو في التشغيل الذاتي؛‬
‫‪ -‬ولوج الوظائف العمومية حسب االستحقاق؛‬
‫‪ -‬الحصول على الماء والعيش الكريم في بيئة سليمة؛‬
‫‪ -‬التنمية المستدامة"‪.‬‬
‫‪ -‬أحمد بوسيدي‪ ،‬األسس الدستورية للجماعات الترابية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.812 .‬‬ ‫‪275‬‬

‫‪208‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المتعلق بالجهة‪ ،‬فإلى أي حد يستجيب هذه القانون للمقتضيات الدستورية‪ ،‬وللورش‬


‫الكبير الذي يعتزم المغرب تبنيه‪ ،‬أي ورش الجهوية المتقدمة؟‬

‫يتكون هذا القانون من ‪ 921‬مادة‪ ،‬تشمل طريقة انتخاب اعضاء مجلس الجهة‬
‫ورئيسها‪ ،‬وحاالت التنافي‪ ،‬والنظام األساسي للمنتخب‪ ،‬وطريقة التدبير المالي واإلداري‪،‬‬
‫ومختلف اختصاصات كل من مجلس الجهة ورئيسها‪ ،‬وعالقتهما بسلطة الوصاية‪،‬‬
‫وأهم مبادئ الحكامة‪ ،...‬وبعد قراءة محتوى القانون‪ ،‬البد من تسجيل مالحظة في غاية‬
‫األهمية‪ ،‬وهي وجود إشكالية دستورية تتمثل في تخصيص قانون تنظيمي للجهة دون‬
‫الجماعات الترابية األخرى (العماالت واألقاليم والجماعات الحضرية والقروية)‪ ،‬لكون‬
‫منطوق الفصل ‪ 041‬من الدستور ينص على قانون تنظيمي "واحد" يشمل كل‬
‫مستويات الجماعات الترابية بما فيها الجهات‪ ،‬وليس "قوانين تنظيمية" لكل مستوى من‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬وهو ما يمكن أن نستنتجه‪ ،‬من مقدمة الفصل السالف الذكر‪ ،‬الذي‬
‫ينص بصريح العبارة ‪ :‬تحدد " ]‪ [...‬بقانون تنظيمي بصفة خاصة ‪ :‬شروط تدبير‬
‫الجهات والجماعات الترابية األخرى"‪ .‬وقد خص المشرع الموارد المالية للجهة من خالل‬
‫القسم الخامس من القانون رقم ‪ 000.04‬تحت عنوان " النظام المالي للجهة ومصدر‬
‫مواردها المالية" ‪.276‬‬

‫كما ثمن العديد من المختصين والمتتبعين‪ ،‬ما تضمنته القوانين التنظيمية‬


‫للجماعات الت اربية‪ ،‬من تنوع في مصادر التمويل‪ ،‬والمنصوص عليها في القانون‬
‫التنظيمي للجهات‪ ،‬كصندوق التأهيل اإلجتماعي‪ ،‬وصندوق التضامن بين الجهات‪،‬‬
‫ووكالة تنفيذ المشاريع‪ ،‬تحت مراقبة المجلس الجهوي‪ ،‬ومجموعة الجهات‪ ،‬وغيرها من‬
‫اإلجراءات‪ ،‬التي تحاول إخراج مالية الجهة من األزمة التمويلية التي تعاني منها‪.‬‬

‫‪ -‬ظهير شريف رقم‪ 5.51.23‬صادر في ‪ 81‬من رمضان ‪8(5539‬يوليوز‪ )8151‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪555.55‬‬ ‫‪276‬‬

‫المتعلق بالجهات‪.‬‬

‫‪209‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫أوال‪ :‬صندوق التأهيل االجتماعي للجهات‬

‫يهدف هذا الصندوق‪ ،‬الذي تندرج فيه البرامج المعتمدة من قبل القطاعات‬
‫الو ازرية‪ ،‬إلى اإلسراع بتجاوز مظاهر العجز الكبرى‪ ،‬في الجوانب المرتبطة مباشرة‬
‫بالتنمية البشرية‪ ،‬والتي تتقاطع مباشرة بشكل واسع مع مجاالت اختصاص الجهات ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تبويب ميزانيات الدولة بحسب الجهات‬

‫تم تبويب قانون المالية‪ ،‬والبرامج المتعددة السنوات لمختلف الو ازرات بحسب‬
‫الجهات‪ ،‬إلبراز ما يرصد لكل جهة‪ ،‬من االعتمادات العمومية جملة وتفصيال‪ ،‬سواءا‬
‫في شكل حصص من العائدات الجبائية للجماعات الترابية‪ ،‬أو في شكل منح أو في‬
‫شكل تحمالت تتكفل بها إدارة الدولة في مجالي االستثمار والمرافق العمومية‪ .‬ويتم‬
‫تبويب ميزانيات‪ ،‬المؤسسات العمومية الوطنية والجهوية‪ ،‬على نفس الشاكلة‪ ،‬وتحاط‬
‫المجالس الجهوية علما بها‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬إحداث صندوق عمومي للتضامن بين الجهات‬

‫يستوجب مشروع الجهوية المتقدمة‪ ،‬ترسيخ مبدأ التضامن بين الجهات‪ ،‬للحد من‬
‫التفاوتات الناجمة عن تركيز الثروات‪ ،‬وعن النمو غير المتكافئ‪ ،‬لمجاالتها الترابية‪،‬‬
‫وعن الفوارق الجغرافية والديمغرافية بينها‪.‬‬

‫ولهذه الغاية‪ ،‬يحتفظ بالنظام الحالي لنقل موارد الدولة‪ ،‬للجماعات الجهوية‬
‫والترابية‪ ،‬مع تعزيز نظام التوزيع العادل بينها‪.‬‬

‫ألجل ذلك‪ ،‬يحدث صندوق للتضامن بين الجهات‪ ،‬تضخ فيه ‪ ،01%‬من الموارد‬
‫الجديدة المرصودة من طرف الدولة‪ ،‬وتوزع مداخيل هذا الصندوق‪ ،‬بالنظر إلى‬
‫حاجيات الجهات المحدودة اإلمكانات‪.‬‬

‫‪210‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫رابعا‪ :‬إحداث وكالة لتنفيذ المشاريع تحت مراقبة المجلس الجهوي‬

‫حسب المادة ‪ 011‬من القانون التنظيمي للجهة‪ ،‬فإنه يعهد إلى الوكالة الجهوية‬
‫لتنفيذ المشاريع‪ ،‬مهام اإلشراف على إعداد وتنفيذ المشاريع‪ ،‬التي يقررها مجلس الجهة‪،‬‬
‫واستغالل وتدبير المشاريع التي تكلفها بها الجهة‪.‬‬

‫ويطلب من رئيس المجلس‪ ،‬المساعدة التقنية‪ ،‬عند إعداد الدراسات والبرامج‪،‬‬


‫وكذا من لجنة اإلشراف والمراقبة‪ ،‬المشار إليها في المادة ‪ 019‬بعده‪ ،‬ومن خاللها‬
‫مجلس الجهة‪ ،‬بالمعلومات الالزمة لتنفيذ المشاريع التي تتكلف بإنجازها‪.‬‬

‫ويمكن للوكالة‪ ،‬بعد موافقة مجلس الجهة‪ ،‬إحداث شركات فرعية في ملك‬
‫‪277‬‬
‫أشخاص معنوية خاضعة للقانون العام تحدد مهامها بمداولة مجلس الجهة‪.‬‬

‫وقد نص نفس القانون‪ ،‬من المادة ‪ 041‬إلى المادة ‪ ،041‬عن اللجنة المكلفة‬
‫بمراقبة الوكالة‪ ،‬وعن تنظيمها ودوراتها‪ ،‬ولم يغفل القانون التنظيمي‪ ،‬التنصيص عل‬
‫ميزانية الوكالة وعن مواردها ونفقاتها في المادة ‪.040‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 53.‬من القانون التنظيمي للجهة‪ ":‬تدبر الوكالة لجنة اإلشراف والمراقبة يرأسها رئيس مجلس الجهة ـ وتضم‬ ‫‪277‬‬

‫األعضاء التاليين‪:‬‬
‫ثالثة أعضاء من مكتب مجلس الجهة‪ ،‬يعينهم الرئيس‪:‬‬
‫‪ -‬رئيس لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة‪،‬‬
‫‪ -‬رئيس لجنة التنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية‪،‬‬
‫‪ -‬رئيس لجنة إعداد التراب‪.‬‬
‫عند توقيف مجلس الجهة أو حله‪ ،‬يستمر أعضاء لجنة اإلشراف والمراقبة في مزاولة مهاههم إلى حين انتحاب من يخلفونهم‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫خامسا ‪ :‬شركات التنمية الجهوية‬

‫يمكن للجهة‪ ،‬إحداث شركات تسمى شركات التنمية الجهوية أو المساهمة‪ ،‬في‬
‫رأسمالها باشتراك‪ ،‬مع شخص أو عدة أشخاص معنوية خاضعة للقانون العام أو‬
‫الخاص‪.‬‬

‫وتحدث هذه الشركة‪ ،‬لممارسة األنشطة ذات الطبيعة اإلقتصادية‪.‬‬

‫تخضع شركات التنمية الجهوية‪ ،‬لمقتضيات القانون المتعلق بشركات المساهمة‪،‬‬


‫مع مراعاة الشروط التالية‪:‬‬

‫‪ -‬ال يجوز إحداث‪ ،‬أو حل شركة التنمية الجهوية‪ ،‬أو المساهمة في رأسمالها‪ ،‬أو‬
‫تغيير غرضها‪ ،‬أو الزيادة في رأسمالها‪ ،‬أو خفضه أو تفويته‪ ،‬إال بناءا على مداولة‬
‫مجلس الجهة المعنية‪.‬‬

‫‪ -‬ال يمكن أن تقل مساهمة الجهات‪ ،‬في رأسمال شركة التنمية‪ ،‬عن نسبة ‪14‬‬
‫بالمائة‪ ،‬وفي جميع األحوال‪ ،‬يجب أن يكون رأسمال الشركة في ملك أشخاص معنوية‬
‫خاضعة للقانون العام‪.‬‬

‫‪ -‬ال يجوز لشركة التنمية‪ ،‬أن تساهم في رأسمال شركات أخرى‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬مجموعة الجهات‬

‫نص القانون التنظيمي للجهة في المادة ‪ ،021‬على تأليف مجموعة الجهات‪،‬‬


‫التي تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي‪ ،‬وذلك قصد إنجاز عمل مشترك‪ ،‬أو‬
‫تدبير مرفق يعود بالفائدة العامة للمجموعة‪.‬‬

‫‪212‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وعموما‪ ،‬إلنجاح ذلك‪ ،‬ال بد من آليات للمواكبة‪ ،‬ويعد التعاقد من أفضل وسائل‬
‫تدبير العالقات بين الدولة والجهات‪ ،‬فهو يمكن من مساءلة الفاعلين‪ ،‬واستغالل‬
‫اإلمكانيات بشكل أمثل وتبسيط المساطر‪ .‬وهكذا‪ ،‬وفي إطار مبدأ التعاقد‪ ،‬ستشكل‬
‫الجهات حلقة وصل مع الدولة‪ ،‬من جهة‪ ،‬وباقي الجماعات الترابية‪ ،‬من جهة أخرى‪.‬‬

‫إن الغرض األساسي من اختيار الجهوية‪ ،‬يتمثل أساسا في عقلنة العملية‬


‫التخطيطية‪ ،‬إلخراج هذه االخيرة من البعد المركزي‪ ،‬الذي يخضع لق اررات وتوجيهات‪،‬‬
‫ذات طابع فوقي‪ ،‬وجعله يعتمد أكثر على دعم المشاركة أو التشارك بين كل األطراف‬
‫المعنية (التخطيط التشاركي)‪ ،‬من خالل إشراك كل الفعاليات المعنية والمسؤولة‪،‬‬
‫اعتمادا على األهداف واإلمكانيات والخصوصيات‪ ،‬بغرض بلورة تخطيط شمولي‪،‬‬
‫متكامل ومنجسم مع التوجهات الكبرى للمجتمع‪ ،‬وباستقراء مرتكزات ومضامين الخطاب‬
‫الملكي‪ ،278‬حول الجهوية المتقدمة‪ ،‬نستشف ضرورة بلورة اللجنة االستشارية لتصور‬
‫واقعي‪ ،‬إذ من المفروض‪ ،‬أن يكون أحد األهداف األساسية للجهوية‪ ،‬هو مسألة اتخاذ‬
‫القرار أو صنع القرار‪.‬‬

‫فجهوية متقدمة‪ ،‬بالمعنى اإليجابي تكون آلية تدبيرية للترشيد‪ ،‬وأداة لتسريع العمل‬
‫التنموي والتخطيط الجهوي‪ ،‬الذي يجب أن يكون في إطار التوجهات الكبرى للمجتمع‪،‬‬
‫ويرتكز على اقتصاد الجهد‪ ،‬لتالفي اإلغراق في الحلول والوصفات التعميمية وغير‬
‫الدقيقة‪ .‬ومن منطلق أن التنمية عملية إ اردية وذاتية‪ ،‬فإن تنمية الجهة‪ ،‬تكون باالستناد‬
‫إلى مقوماتها وشروطها الخاصة‪ ،‬وفي هذا الباب‪ ،‬تحضر مسألة اإلدارة وتدبير الموارد‬
‫المادية والبشرية‪ ،‬التي هي مسألة ترتبط بمناخ إجتماعي وسياسي واقتصادي‪ ،‬وهذا ما‬
‫أكد عليه الخطاب الملكي في الشق المرتبط بجهوية بخصوصية مغربية‪ .‬ألن مشروع‬
‫الجهوية المرجوة ال يمكن‪ ،‬بأي حال من األحوال‪ ،‬أن يخرج عن نطاق المشروع‬
‫المجتمعي‪ ،‬وعن تحقيق سياسة مندمجة للتنمية الشاملة‪ ،‬مما يستلزم التخلي عن‬

‫‪ - 278‬الخطاب الملكي بتاريخ ‪ 11‬يناير‪ ،9101‬بمناسبة تنصيب اللجنة االستشارية للجهوية‪.‬‬

‫‪213‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المنظور القطاعي‪ ،‬بمعنى ينبغي التخلي عن سياسة البرامج القطاعية للجهة‪ ،‬لفائدة‬
‫البرامج الجهوية للقطاعات‪ ،‬وهو ما يتطلب تصو ار جديدا لمركزية القرار االقتصادي‬
‫مبنيا على أساس نقل االعتمادات الموازية كما سلف الذكر‪ ،‬وتخويل الجهة صالحيات‬
‫جبائية و تمويلية‪.‬‬

‫وفي ذلك إحالة‪ ،‬على أهمية تخويل الجهات اإلمكانيات البشرية والتقنية‪ ،‬الكفيلة‬
‫بجعلها أداة فاعلة‪ ،‬في الحكامة الجيدة للشان العام‪ ،‬وكذلك تفعيل الوسائل‬
‫والميكانيزمات المالئمة‪ ،‬لتقويم األعمال‪ ،‬ومراقبة مدى فعالية برامجها‪ ،‬في ارتباط‬
‫باألهداف المسطرة‪ ،‬عن طريق تفعيل المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬ونشر تقاريرها‪،‬‬
‫دون االستغناء عن سن مساطر للمراقبة الداخلية‪ ،‬وتدقيق الحسابات‪ .‬وتبقى النقطة‬
‫الرئيسية في هذا المجال‪ ،‬هي استكمال العملية الديمقراطية‪ ،‬على مستوى الجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة إلى المجلس الجماعي‪ ،‬ومنح رئيس مجلس الجهة صفة‬
‫اآلمر بالصرف‪.‬‬

‫كما تم التخفيف من سلطة الوصاية‪ ،‬وتحويلها إلى المواكبة والتوجيه‪ ،‬وخصوصا‬


‫فيما يتعلق بالتوجهات الجهوية‪ ،‬ذات البعد السيادي والمرتبطة أساسا‪ ،‬بالتعاون أو‬
‫الشراكة‪ ،‬خصوصا التعاون الترابي على المستوى الدولي‪ .‬كما ينبغي ضرورة وضع‬
‫تقطيع ترابي يحقق عملية نقل الموارد في إطار تضامني‪.‬‬

‫ينضاف إلى ذلك‪ ،‬إقرار صالحيات للجهات‪ ،‬تمكنها من مالءمة األهداف المعلنة‬
‫والمتوخاة من نظام الجهوية‪ ،‬وتحديد االختصاصات‪ ،‬وكذا تفادي التقاطعات بين‬
‫االختصاصات على مستويات انتشار إدارة الدولة‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫لذلك فاللجنة االستشارية للجهوية‪ ،‬ينبغي أن تنتبه ليس فقط إلى الخصوصية‬
‫المغربية‪ ،‬بل إلى خصوصية كل منطقة بالمملكة‪.279‬‬

‫وتبقى الموارد المالية حجر الزاوية‪ ،‬في أية عملية تنموية‪ ،‬فمهما تعددت‬
‫اإلختصاصات‪ ،‬التي تعطى للجهوية الموسعة‪ ،‬ومهما كانت صالحياتها التقريرية على‬
‫مجاالت اختصاصاتها‪ ،‬فإن عدم توفرها على الوسائل المالية الالزمة‪ ،‬للنهوض بهذه‬
‫االختصاصات‪ ،‬يفرغ االستقالل المالي‪ ،‬من كل محتوى‪ ،‬ويبعدها عن كل دور مستقل‬
‫في مجال التنمية‪.‬‬

‫لذلك فمنح موارد مالية مهمة للجهوية الموسعة‪ ،‬شيء ضروري لتمكينها من‬
‫وسائل العمل‪ ،‬والقدرة على القيام باالختصاصات الممنوحة لها‪ ،‬في مجال التخطيط‬
‫والتنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬فانبثاق مجالس ديمقراطية‪ ،‬لها من‬
‫الصالحيات والموارد‪ ،‬ما يمكنها من النهوض بالتنمية الجهوية المندمجة‪ ،‬أمر أساسي‬
‫وجوهري‪.‬‬

‫إن حجم وطبيعة مشاريع اإلنماء االقتصادي‪ ،‬التي تقررها الجهة في إطار‬
‫مخططها التنموي يتوقف الى حد كبير على مدى قدرتها على ابتكار وسائل عقالنية‬
‫عادلة وديمقراطية‪ ،‬للزيادة في الموارد المالية وتحسين مردوديتها‪ ،‬دون المساس بالقدرة‬
‫الشرائية لعموم المواطنين‪ ،‬وكذلك الزيادة في حجم الموارد المالية المحولة لها من طرف‬
‫الدول‪.‬‬

‫‪ -‬عبد العزيز أشرقي‪ ،‬الجهوية الموسعة نمط جديد للحكامة الترابية والتنمية المندمجة‪ :‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة النجاح‬ ‫‪279‬‬

‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،8155 ،‬ص‪.523 .‬‬

‫‪215‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تمويل الجهوية المتقدمة على ضوء التجارب المقارنة‬

‫ظهر توجه قوي لتبني خيار الجهوية الموسعة‪ ،‬بعد الحرب العالمية الثانية من‬
‫طرف كثير من الدول‪ ،‬غير أن تبني هذا الطرح أو ذاك‪ ،‬يختلف من بلد آلخر‪،‬‬
‫انطالقا من خصوصيته ومعطياته‪ ،‬السياسية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والتاريخية‪،‬‬
‫والثقافية والديمقراطية‪ ،‬فمنها من تبنت جهوية إدارية شكلية‪ ،‬وأخرى سياسية موسعة‬
‫ومتقدمة‪ ،‬وثالثة جهوية فدرالية أو قريبة من الفدرالية‪ .‬وهكذا‪ ،‬تعددت التطبيقات‬
‫السياسية والدستورية للجهوية‪ ،‬خصوصا في القارة األوروبية‪ ،‬والتي تتسابق دولها إلى‬
‫األخذ بنظام الجهوية الموسعة‪ ،‬مع اختالف في مستويات ودرجات تطبيقها‪ ،‬حسب‬
‫نظامها السياسي وظروفها االقتصادية واالجتماعية والسكانية وغيرها‪.‬‬

‫وتوفر التجارب المقارنة للجهوية المتقدمة‪ ،‬وخاصة التمويل أو الشق المالي‪،‬‬


‫العديد من الخالصات التي يمكن استثمارها‪ ،‬إللقاء الضوء على بعض مداخل التمويل‬
‫الممكنة‪ ،‬بالنسبة لمشروع الجهوية المتقدمة بالمغرب‪ ،‬خاصة إذا ما تم استحضار‬
‫التنوع القائم بين الدولة الموحدة والدولة الفدرالية‪.‬‬

‫وسنتطرق في هذا الجانب لكل من التجربة الفرنسية واإليطالية واإلسبانية‬


‫واأللمانية‪.‬‬

‫‪216‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪280‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تمويل الجهة في فرنسا‬

‫تأخرت فرنسا في تطبيق نظام الجهوية عن جيرانها من الدول األروبية‪ ،‬فإذا كان‬
‫التنظيم اإلداري الذي انبثق عن الثورة الفرنسية منذ سنة ‪ ،0019‬لم يشر ولم يتبن‬
‫صراحة لنظام الجهوية‪ ،‬بحيث كان منشغال بتثبيت األمن والنظام‪ ،‬ثم بعد ذلك بالقضايا‬
‫االقتصادية واالجتماعية للمجتمع الفرنسي‪.‬‬

‫لهذا لم يتم تبني نظام الجهوية‪ ،‬إال أواخر النصف األول من القرن العشرين‪،‬‬
‫بمقتضى مرسوم ‪ 04‬يونيو‪ ،0911‬الذي حدد هدفا للجهوية‪ ،‬يتمثل في تنمية األنشطة‬
‫الصناعية والتجارية واالقتصادية بصفة عامة‪ ،‬وبتاريخ ‪ 09‬أبريل‪ ،0940‬صدر قانون‬
‫أحدث بمقتضاه منصب والي الجهة‪ ،‬وقد منحت له سلطات واختصاصات واسعة‪ ،‬في‬
‫المجالين االقتصادي واإلداري‪ ،‬باإلضافة إلى منحه سلطة اإلشراف على رؤساء‬
‫مختلف المصالح الو ازرية بالجهة‪ ،‬إال أن هذا القانون‪ ،‬ما لبت أن أدخل عليه تعديلين‪،‬‬
‫سنتي ‪ 0944‬و‪ ،0941‬وعوض منصب والي الجهة‪ ،‬بمفوض الجمهورية‪.‬‬

‫وفي سنة ‪ 0940‬ستبرز إلى الوجود خطة اقتصادية‪ ،‬تطلبت وجود هيئة تقوم‬
‫بدور التنسيق‪ ،‬بين مختلف الوحدات المحلية والسلطات المركزية‪ ،‬التي تعتبر مسؤولة‬
‫عن هيئة التخطيط‪ .‬وبقي الحال على ما عليه‪ ،‬إلى أن صدر قانون بتاريخ ‪ 2‬يونيو‬
‫‪ ،0909‬الذي أصبح ساري المفعول ابتداءا من فاتح أكتوبر ‪ ،0901‬حيث شكل‬
‫اإلطار القانوني للجهة‪ ،‬وبمقتضاه أصبحت الجهة مؤسسة قانونية تتمتع بالشخصية‬
‫المعنوية‪ ،‬واإلستقالل المالي‪ ،‬تتكلف بالتنمية االقتصادية واالجتماعية‪.281‬‬

‫‪280‬‬
‫‪- A.DELCAMP et J.M TULARD, France ; une décentralisation à la recherche d’un second‬‬
‫‪souffle ; in la décentralisation dans les états de l’Union Européenne ; la documentation‬‬
‫‪française, Paris 2002, p. 172-176.‬‬
‫نقال عن محمد حيمود‪ ،‬تمويل الجهوية المتقدمة بالمغرب المرتكزات المالية والتدبيرية‪ ،‬ص‪.538.‬‬
‫‪ -‬خالد الغازي‪ ،‬التنظيم الجهوي بفرنسا‪ ،‬المجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية‪ ،‬مطبعة الرسالة‪ ،‬الرباط‪ ،‬عدد‬ ‫‪281‬‬

‫خاص‪ ،‬يونيو ‪ ،8111‬ص‪.22.‬‬

‫‪217‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وبتاريخ ‪ 9‬ماي ‪ 0914‬صدر قانون يجعل من الجهة‪ ،‬جماعة ت اربية‪ ،‬يسيره‬


‫مجلس جهوي ينتخب باالقتراع المباشر‪ ،‬حيث أصبح بإمكانها‪ ،‬ممارسة اختصاصات‬
‫واسعة‪ ،‬تشمل ميادين التنمية االقتصادية‪ ،‬واالجتماعية والثقافية والعلمية‪ ،‬واعداد‬
‫التراب‪ ،‬وضمان المحافظة على الهوية‪ ،‬في إطار احترام وحدة استقالل المقاطعات‪،‬‬
‫والجماعات‪ ،‬بحيث ال تذوب شخصية الجهة‪.282‬‬

‫هذا فيما يخص الجانب اإلداري لنشأة الجهة بفرنسا‪ ،‬أما مصادر التمويل‪ ،‬فتتمثل‬
‫في كل من الضرائب ونظام التحويالت‪ ،‬باإلضافة إلى عملية االقتراض‪.283‬‬

‫فعلى المستوى الضريبي‪ ،‬يشكل كل من رسم السكن‪ ،‬والرسم المهني‪ ،‬والرسم على‬
‫العقارات المبنية‪ ،‬وكذا الرسم على العقارات غير المبينية‪ ،‬المورد المالي األساسي‬
‫لمجموع الجماعات الترابية‪ ،‬حيث يشكل حوالي ‪ %21‬على مستوى الجماعات‪،‬‬
‫و‪ %11‬على مستوى الجهة واإلقليم‪.‬‬

‫لكن التمويل الضريبي‪ ،‬في فرنسا عرف بعض التراجع‪ ،‬حيث كانت تحتل المرتبة‬
‫األولى على الصعيد األوربي‪ ،‬من حيث أهمية الضرائب ضمن الموارد المالية المحلية‬
‫بنسبة ‪ ،%02‬لتتراجع هذه المكانة بشكل تدريجي لتشكل سنة ‪ ،1111‬فقط ‪% 21‬‬
‫بالنسبة للجهات على سبيل المثال‪.‬‬

‫ولم يقف الوضع عند هذا الحد‪ ،‬بل هناك قرار بإلغاء الرسم المهني‪ ،‬والذي تم‬
‫اعتماده من خالل قانون مالية ‪ ،1121‬وهذا ما أثار نقاشا حادا بالنظر ألهمية هذا‬
‫المورد المالي‪ ،‬الذي يمثل نصف المداخيل العامة للجماعات الترابية‪ ،‬وستكون الجهة‬
‫أكبر متضرر من هذا اإللغاء‪ ،‬رغم تعويض ذلك ببعض الرسوم وباألخص تحويالت‬
‫الدولة‪ ،‬السيما المساهمة المقررة على القيمة المضافة للمقاوالت‪.‬‬
‫‪282‬‬
‫‪-M. Braniard, la décentralisation dans un pays centralisé, Lyon, col. L’essentiel, 1984, p.77.‬‬
‫‪ -283‬محمد حيمود‪ ،‬تمويل الجهوية المتقدمة بالمغرب المرتكزات المالية والتدبيرية‪ ،‬أشغال األيام المغاربية التاسعة للقانون‪،‬‬
‫المنظمة من طرف شبكة الحقوقيون (أيام ‪ 88-89‬أبريل ‪ ،)8153‬ص‪.532 .‬‬

‫‪218‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫واألكثر من ذلك‪ ،‬يرتقب أن ال تستمر الجهات‪ ،‬في اإلستفادة من منتوج الرسم‪،‬‬


‫على العقارات المبينة وغير المبينة‪ ،‬والتي سيتم تحويلها إلى األقاليم‪ ،‬والمجموعات‬
‫القائمة بين الجماعات‪.‬‬

‫يظهر جليا‪ ،‬أن فرنسا اتجهت خالل السنوات األخيرة‪ ،‬لحذف جانب من‬
‫الضرائب الترابية‪ ،‬عوض االنخراط في إصالحها‪ ،‬وتعويض الضرائب المحذوفة‪،‬‬
‫بمخصصات من الميزانية‪ ،‬مما أدى إلى انتقال حصة تعويضات الضرائب المحذوفة‬
‫ضمن مساهمات الدولة لفائدة الجماعات الترابية‪ ،‬بشكل جعل من الدولة المساهم‬
‫الترابي الفعلي األول‪ .‬وهذا يعد مصدر آخر لتمويل الجهة بفرنسا‪.‬‬

‫فالتجربة الفرنسية تمتاز بالعمل على إصالح نظام تحويالت الدولة‪ ،‬عبر تعويض‬
‫شبه كلي لإلعانات الخصوصية‪ ،‬بمخصصات عامة‪ ،‬تحظى بحرية على مستوى‬
‫االستعمال‪ .‬وهو ما من شأنه‪ ،‬تعزيز التدبير المستقل للوحدات الترابية الالمركزية‪،‬‬
‫ومنها الجهة‪ ،‬خاصة في ظل دسترة مبدأ المالءمة بين الموارد المالية للجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬والتحمالت المحولة إليها من قبل الدولة‪.‬‬

‫واالقتراض مصدر آخر للتمويل الجهوي بفرنسا‪ ،‬حيث لم تعد هناك وصاية بهذا‬
‫الشأن‪ ،‬بعد خوصصة المؤسسة‪ ،‬التي كانت متخصصة في منح القروض للجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬وبالتالي حرية اللجوء للخدمات البنكية‪ .‬وهكذا أصبح اإلقتراض‪ ،‬يساهم في‬
‫تمويل ‪ %11‬من استثمارات فرنسا‪.‬‬

‫إن نجاح التجربة الجهوية الفرنسية‪ ،‬في تحقيق األهداف التي أحدثت من أجلها‪،‬‬
‫ولو بشكل جزئي‪ ،‬وقدرتها على المحافظة على وحدة الدولة‪ ،‬في ظل نظام إداري ال‬
‫مركزي فريد‪ ،‬يعود باألساس إلى كونها نتيجة حتمية‪ ،‬لتطور طبيعي لنظامها السياسي‬
‫واإلداري‪ ،‬وقدرتها على احترام الخصوصيات الترابية‪ ،‬ومرونتها في التعامل مع‬

‫‪219‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫التحوالت التي تعرفها أدوار الدولة‪ ،‬أو تلك التي قد تعترض الجهات وباقي الجماعت‬
‫الترابية‪ ،‬في تدبير شؤونها الترابية‪.284‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تمويل الجهة بإسبانيا‬

‫تحكم البعد السياسي في بلورة نظام الجهوية الموسعة بإسبانيا‪ ،285‬تحت اسم‬
‫المجموعات المستقلة‪ ،‬بحيث وجدت إسبانيا نفسها‪ ،‬بعد اعتماد الجهوية الموسعة‪،‬‬
‫بموجب دستور ‪ 2212‬أمام خيارين‪ ،‬تمثل الخيار األول في الدعوة إلى تبني نظام‬
‫الفيدرالية‪ ،‬بحيث تتمتع كل منطقة باستقاللها التام‪ ،‬أما الخيار الثاني فيدعو إلى إحداث‬
‫ثالث أو أربع مناطق‪ ،‬تتمتع بحكم ذاتي‪ ،‬غير أن الخيارين تم رفضهما‪ ،‬خصوصا من‬
‫طرف أحزاب اليمين‪ ،‬خوفا من تفتيت الدولة اإلسبانية‪ ،‬كما أن المنظمات المطالبة‬
‫باإلستقالل‪ ،‬لم ترضى بالخيارين معا‪ ،‬لذلك بادرت السلطات السياسية‪ ،‬إلى خلق‬
‫مجموعات مستقلة في إطار الدولة الموحدة‪ ،‬تتمتع كل مجموعة بسلطات تشريعية‬
‫وتنفيذية وقضائية‪ ،‬وان كان بشكل متفاوت بين تلك المناطق‪ .‬وهكذا تتمتع منطقة‬
‫الباسك وكاطالونيا وجزر البليار‪ ،‬بصالحيات جد واسعة خالفا لباقي المناطق األخرى‪.‬‬
‫وقد قاد خيار المجموعات المستقلة‪ ،‬المتمتعة باالستقالل الذاتي‪ ،‬الملك خوان كارلوس‬
‫بمجرد اعتالئه العرش‪ ،‬إلى التنصيص الدستوري عليه سنة ‪ ،2212‬من أجل تدارك‬
‫التفاوت الحاصل في التنمية‪ ،‬بين المناطق الشمالية والجنوبية‪ ،‬من جهة‪ ،‬وتطويق‬
‫النزاعات العرقية والثقافية واإلثنية‪ ،‬الداعية إلى اإلنفصال من جهة ثانية‪.‬‬

‫هذه اإلصالحات جعلت إسبانيا‪ ،‬أكثر الدول أخذا بنظام الالمركزية المتقدمة في‬
‫أوروبا‪ ،‬وتطبيق الجهوية الموسعة الموسعة‪ ،‬حيث تم إحداث ‪ 00‬مجموعة مستقلة‪،‬‬
‫تتوفر كل منها على مجلس محلي منتخب انتخابا مباش ار‪ ،‬يتولى تدبير شؤون‬

‫‪ -‬هشام مليح‪ ،‬تجربة الجهوية الموسعة في فرنسا‪ ،‬الجهوية الموسعة بالمغرب (أي نموذج مغربي في ضوء التجارب‬ ‫‪284‬‬

‫المقارنة)‪ ،‬سلسلة الالمركزية واإلدارة المحلية‪ ،‬العدد ‪ ،9‬ص‪. .2.‬‬


‫‪ -285‬محمد حيمود‪ ،‬تمويل الجهوية المتقدمة بالمغرب المرتكزات المالية والتدبيرية‪ :‬أشغال األيام المغاربية التاسعة للقانون‬
‫المنظمة من طرف شبكة الحقوقيون (أيام ‪ 88-89‬أبريل ‪ ،)8153‬ص‪.551 .‬‬

‫‪220‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المجموعة‪ ،‬ويمارس كل من البرلمان الجهوي والحكومة الجهوية صالحياتهما‪،‬‬


‫وبجانبهما المجلس الجهوي للقضاء‪.‬‬

‫وتحصل المجموعات المستقلة اإلسبانية‪ ،‬على غالبية مواردها من تحويالت‬


‫الدولة‪ ،‬بالنظر لضعف النظام الجبائي لكل مجموعة مستقلة أي الجهة‪ .‬ومع أن هناك‬
‫بعض ضرائب الدولة‪ ،‬التي ترك تدبيرها وتحصيلها للجهات‪ ،‬إال أنها تظل محدودة‬
‫مقارنة مع احتياجات التمويل‪.‬‬

‫أما على مستوى الموارد المالية والجباية المحلية‪ ،286‬فقد منح الدستور اإلسباني‬
‫(الفصول ‪ ،)021-020-029‬للمجموعات المستقلة‪ ،‬استقالال كبيرا‪ ،‬وحدد مواردها‬
‫الضريبية ونظام اإلمدادات المركزية‪ ،‬بشكل دقيق‪ ،‬وبالتالي نص الفصل ‪ 020‬على‬
‫الموارد المالية اآلتية‪:‬‬

‫الض ارئب الذاتية‪ :‬وتتوفر فيها المجموعة المستقلة‪ ،‬على حرية كبيرة في خلقها‪،‬‬
‫شريطة أن يكون منصوص عليها‪ ،‬في النظام األساسي للمجموعة المستقلة‪ ،‬وأن تحترم‬
‫المبادئ األساسية‪ ،‬الهامة المنصوص عليها في قانون التنظيمي لسنة ‪ ،0911‬الذي‬
‫يحدد القواعد القانونية للنظام المالي للجماعات‪.‬‬

‫الضرائب اإلضافية‪ :‬على خالف الضرائب الذاتية‪ ،‬ال تتوفر المجموعات المستقلة‬
‫على حرية فرضها‪ ،‬وانما يخضع ذلك‪ ،‬لبعض القواعد والمبادئ الواجب احترامها‪ ،‬وقد‬
‫تفرض على الضرائب المركزية والمحلية‪.‬‬

‫الضرائب المحولة‪ :‬تقوم الدولة بتحويل بعض الضرائب والرسوم المركزية‪ ،‬لفائدة‬
‫المجموعات المستقلة‪ ،‬بهدف تسييرها وتحصيلها‪ ،‬ويكون هذا التحويل‪ ،‬بشكل تلقائي‬

‫‪ -‬المصطفى بلقزبور‪ ،‬تجربة الجهوبة الموسعة بإسبانبا( المجموعات المستقلة)‪ ،‬سلسلة الالمركزية واإلدارة المحلية‪ ،‬م‪.‬س‪،‬‬ ‫‪286‬‬

‫ص‪ 512.‬وبعدها‪.‬‬

‫‪221‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫بالنسبة للمجموعات ذات النظام الخاص ( نافار‪ ،‬واقليم الباسك)‪ ،‬في حين يتطلب‬
‫تحويلها‪ ،‬بالنسبة للمجموعات األخرى‪ ،‬ذات النظام العادي‪ ،‬نصا صريحا بذلك‪.‬‬

‫أما بخصوص‪ ،‬الموارد المالية االستثنائية‪ ،‬تلعب دو ار بار از وأساسيا‪ ،‬في تمويل‬
‫المجموعات المستقلة‪ ،‬خاصة فيما يرتبط بنفقات االستثمار‪ ،‬وتهدف هذه اإلمدادات‬
‫المركزية‪ ،‬إلى الحفاظ على التضامن الوطني‪ ،‬والى تصحيح اإلختالالت والفوارق‬
‫الجهوية‪ ،‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬نجد صندوق التعويض بين اإلدارات الترابية‪.‬‬

‫‪ -‬القروض ‪ :‬ال تتوفر المجموعات المستقلة‪ ،‬على حرية كاملة في مجال‬


‫القروض‪ ،‬حيث حدد القانون التنظيمي لسنة ‪ 0911‬بعض القيود‪ ،‬كتخصيصها لتمويل‬
‫اإل ستثمارات الجديدة‪ ،‬شريطة أال تتجاوز األقساط السنوية والفوائد ‪ %92‬من المداخيل‬
‫الجارية للمجموعة المقترضة‪ ،‬باإلضافة إلى المراقبة التي يمارسها المجلس الوطني‬
‫للسياسة المالية‪ ،‬على سياسة اإلقتراض‪ .‬وبالتالي تعد موافقته إجبارية فيما يخص‬
‫القروض األجنبية‪.‬‬

‫‪ -‬إمدادات أخرى‪ :‬وتشمل إعانات الدولة ومداخيل أخرى مختلفة‪ ،‬لتغطية بعض‬
‫النفقات الجهوية‪ ،‬قصد تقديم الخدمات العمومية‪ ،‬كما وكيفا في كافة المجموعات‬
‫المستقلة‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬تمويل الجهة بألمانيا‬

‫كانت الدولة األلمانية سباقة إلى إقرار نظام الجهوية‪ ،‬بمقتضى دستور فايمار‬
‫لسنة ‪ ،0941‬وتلتها دول أروبية أخرى‪ .‬فالنموذج األلماني للجهوية‪ ،‬يسمى" الالندر"‪،‬‬
‫وقد أصبح يضرب به المثل في مجال الجهوية في كثير من الدول‪ ،‬وتضم اليوم ألمانيا‬
‫اإلتحادية ‪ 01‬مقاطعة جهوية‪ ،‬بعدما انضمت خمس مقاطعات إلى الدول اإلتحادية‪،‬‬
‫إثر انهيار جدار برلين ‪ ،0919‬والتي كانت تشكل ما كان يعرف سابقا بألمانيا الشرقية‬

‫‪222‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الشيوعية‪ ،‬وتفاديا للنزعة اإلنفصالية‪ ،‬وتنازع االختصاصات‪ ،‬أقر الدستور األلماني في‬
‫المادة ‪ 01‬منه‪ ،‬على أن تعطى األولوية في التطبيق للقانون الفدرالي على قانون"‬
‫الالندر"‪.‬‬

‫أما صالحيات الالندر‪ ،‬فتبقى محدودة في المجاالت األساسية التالية‪ :‬القضاء‬


‫والشرطة والتعليم والصحة والبيئة‪.‬‬

‫وفيما يخص جانب التمويل‪ ،‬فتعرف ألمانيا إطا ار عاما لتوزيع المالية العمومية‬
‫بين مختلف المستويات الترابية‪ ،‬الفيدرالية‪ ،‬والجهة أي الالندر والجماعات الترابية‪.‬‬

‫فما يميز النظام الفيدرالي األلماني‪ ،‬هو توفر كل من االتحاد كمستوى مركزي‪،‬‬
‫والالندر كمستوى المركزي‪ ،‬على درجة معينة من اإلستقاللي المالي‪ ،‬ارتباطا بتوزيع‬
‫‪287‬‬
‫التكاليف واإليرادت‪ ،‬وسلطة التشريع الضريبي‪.‬‬

‫فالموارد الجبائية تشكل المصدراألساسي لإليرادات‪ ،‬حيث تحصل مختلف‬


‫الجماعات الترابية‪ ،‬مباشرة على بعض المداخيل عبر نظام توزيع مالي أولي وآخر‬
‫ثانوي‪.‬‬

‫‪ -‬جزء يسمى بنظام القسمة‪ ،‬بأن تتوفر كل جماعة محلية مباشرة على مداخيل‬
‫جراء ضرائب محددة من قبل الدستور ( ضريبة عقارية ورسم مهني والرسم على‬
‫المهرجانات والمشروبات والضريبة على السكن الثانوي‪.)...‬‬

‫‪ -‬عراش عبد الجبار‪ ،‬النظام الفيدرالي األلماني‪ ،‬بين الوحدة والتعددية‪ ،‬أشغال الندوة الدولية األولى المنعقدة تحت الرعاية‬ ‫‪287‬‬

‫الملكية السامية بسطات‪ ،‬حول موضوع ‪ :‬أي حكم ذاتي ألقاليمنا الجنوبية؟ للفترة الممتدة ما بين ‪ 35‬ماي و‪ 15‬يونيو ‪،8119‬‬
‫ص‪.531 .‬‬

‫‪223‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬جزء آخر يسمى بنظام المداخيل المشتركة‪ ،‬ذلك أن الضرائب الثالث‪ ،‬األكثر‬
‫أهمية (الضريبة على الدخل‪ ،‬الضريبة على الشركات‪ ،‬الضريبة على رقم المعامالت)‪،‬‬
‫توزع على مختلف المستويات الترابية‪.‬‬

‫‪ -‬أما بالنسبة لنظام التوزيع المالي الثانوي والتعويضي‪ ،‬فيهدف إلى الحد من‬
‫اختالالت التوزيع المترتب عن النظام األولي‪ ،‬وينجز هذا النظام التوزيعي الثانوي‬
‫بطريقة أفقية وعمودية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التوزيع األفقي الذي يتم بين الجهات‪ ،‬حيث تساعد تلك التي تتوفر على‬
‫موارد مالية مرتفعة الجهات الفقيرة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التوزيع العمودي الذي يتم بين الفيدرالية والجهات من جهة‪ ،‬وبين الجهات‬
‫والجماعات من جهة أخرى‪.‬‬

‫إضافة إلى موارد أخرى غير جبائية‪ ،‬كاإلمدادات والقروض‪.‬‬

‫إن ما يجعل النظام الفيدرالي األلماني متميزا‪ ،‬هو توفيره لكل من اإلتحاد‬
‫والالندر‪ ،‬على درجة معينة من اإلستقالل السياسي واإلداري والمالي‪ ،‬هذا األخير الذي‬
‫يعتبر ركيزة أساسية في إنجاح أي تجربة جهوية في العالم‪ ،‬سواء طبقت في دول مركبة‬
‫أو بسيطة‪.‬‬

‫إن محاولة معالجة التجاربة المقارنة المتقدمة‪ ،‬فيما يخص تجربة الالمركزية‬
‫بصفة عامة‪ ،‬والجهوية الموسعة بشكل خاص‪ ،‬هو الوقوف على الجوانب اإليجابية‪،‬‬
‫التي تبرز مدى استقاللية هاته الوحدات الترابية‪ ،‬في إدارة شؤونها‪ ،‬وهو ما يعني أنها‬
‫نماذج يمكن اإلستئناس واإلسترشاد ببعض جوانبها‪ ،‬في مسلسل بحث المغرب عن‬
‫تعميق وتوسيع جهوية تستجيب لمتطلبات التنمية الترابية‪.‬‬

‫‪224‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المطلب الثالث‪ :‬حدود تمويل الجهوية المتقدمة‬

‫يتضح من خالل التطرق للنماذج المقارنة‪ ،‬أن تمويل الجهوية‪ ،‬يبسط مجموعة‬
‫من الخالصات األولية‪ ،‬التي يمكن استحضارها أثناء إعداد تصور للجوانب المالية‬
‫للجهوية المتقدمة‪ ،‬وتتمثل فيما يلي‪:288‬‬

‫‪ -‬إن هناك تباين في نظام تمويل الجهة‪ ،‬ليس فقط بين الدولة الفيدرالية‪ ،‬بل‬
‫حتى داخل الدول الموحدة‪.‬‬

‫‪ -‬إشتراك غالبية الدول‪ ،‬في مسألة تعويض اإلعانات الخصوصية‪ ،‬التي تتوفر‬
‫على شروط لإلستعمال بمخصصات عامة‪ ،‬تمتلك الجهات حرية في استعمالها‪ ،‬حماية‬
‫لمبدأ االستقاللية ليس فقط على مستوى التسيير‪ ،‬بل على مستوى اتخاذ القرار‪.‬‬

‫‪ -‬وضوح توزيع المنظومة الضريبية بين مختلف المستويات الترابية من خالل‬


‫الدستور‪.‬‬

‫‪ -‬أن مختلف الدساتير‪ ،‬قامت بدسترة مقومات الالمركزية أي اإلستقاللية‪،‬‬


‫واإلكتفاء الذاتي من الناحية المالية‪.‬‬

‫فمن خالل استعراض نماذج الجهوية الموسعة في بعض الدول األروبية‪ ،‬يمكن‬
‫استخالص المالحظات واالستنتاجات اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬ال يمكن الجزم بنجاعة هاته التجربة أو تلك‪ ،‬ألن هاته التجارب لم يتح لها‬
‫الوقت الكافي‪ ،‬للتدليل على أنها نظام صالح للتطبيق على أي مجتمع‪ ،‬مهما اختلفت‬
‫ثقافته ولغته وعاداته وتقاليده وأعرافه ومعتقداته وتاريخه‪ ،‬األمر الذي يستدعي انتظار‬

‫‪ - 288‬محمد حيمود‪ ،‬تمويل الجهوية المتقدمة بالمغرب المرتكزات المالية والتدبيرية‪ ،‬أشغال األيام المغاربية التاسعة للقانون‪،‬‬
‫المنظمة من طرف شبكة الحقوقيون (أيام ‪ 88-89‬أبريل ‪ ،)8153‬ص ‪.515‬‬

‫‪225‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وقت كافي للقول إنها تجارب حققت نجاحا كبي ار‪ ،‬في مجال التنمية المندمجة‪ ،‬أو‬
‫أخمدت بصفة نهائية النزاعات اإلنفصالية‪ ،‬والمطالب اإلستقاللية‪.‬‬

‫‪ -‬تظهر التجارب المشار إليها‪ ،‬أنه ال يوجد نموذج مثالي لتمويل الجهوية‪،‬‬
‫صالح لكل زمان ومكان ولكل مجتمع‪ ،‬بل يتوقف األمر على خصوصية وظروف كل‬
‫بلد وتركيبته االجتماعية‪ ،‬وتطوره السياسي واالقتصادي واالجتماعي‪ ،‬فمسألة تمويل‬
‫الجهوية في الوقت الراهن‪ ،‬تبقى غير واضحة الداللة‪ ،‬ومحط تساؤل وتأويل‪ ،‬بين‬
‫مختلف الفاعلين السياسيين والحقوقيين والباحثين‪ ،‬مما يؤدي إلى تسجيل تفاوت في‬
‫تطبيق الجهوية بين الدول اآلخذة بها‪ ،‬بل وحتى داخل الدولة نفسها‪ ،‬لذلك فإن التفاوت‬
‫في التعامل مع مسألة الجهوية‪ ،‬حاضر بقوة نظ ار لعدة اعتبارات سبق التطرق لها‪.‬‬

‫‪ -‬فيما يخص تمويل الجهوية الموسعة‪ ،289‬البد من مراجعة مختلف الحسابات‬


‫بكل دقة‪ ،‬وتقييم الظروف السياسية واإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية واإلثنية‪ ،‬لمعرفة‬
‫مدى مالءمتها مع تطبيق الجهوية المتقدمة‪ ،‬لتفادي اإلنعكاسات غير المحمودة‪.‬‬

‫‪ -‬يجب التنصيص في الدستور‪ ،‬على أن قوانين الجهة‪ ،‬ال يمكن أن تخالف‬


‫أحكامه‪ ،‬وال أن تمس بالوحدة الترابية للدولة‪ ،‬وفي حالة العكس تعطى دائما األولوية‬
‫في التطبيق للقانون الوطني‪ ،‬على قانون الجهة‪ ،‬وكل تعارض بين القانونين يطبق‬
‫القانون الوطني‪.‬‬

‫‪ -‬أهمية تفعيل دسترة مقومات الالمركزية‪ ،‬أي اإلستقاللية واإلكتفاء الذاتي‪ ،‬من‬
‫الناحية المالية‪ ،‬ذلك أن دساتير العديد من الدول‪ ،‬نصت على شروط توفير ذلك‪ ،‬بل‬
‫قامت بدسترة حتى مبدأ التوازي بين الموارد المالية للجماعات الترابية ومنها الجهة‪،‬‬
‫وكذا التحمالت المحولة لفائدتها‪.‬‬

‫‪ - 289‬محمد بكشوا‪ ،‬الميزانية ورهانات الجهوية الموسعة‪ ،‬المنبر القانوني‪ ،‬العدد ‪ ،1‬أكتوبر ‪ ،8153‬ص ‪.858 .‬‬

‫‪226‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫إن التطرق للتجارب المقارنة‪ ،‬في عالقتها بتمويل الجهوية ببالدنا‪ ،‬واإلطالع على‬
‫آلياتها المالية والتدبيرية‪ ،‬يساعد على القول‪ ،‬إنه من الضروري معالجة ضعف القدرات‬
‫التدبيرية لتمويل الجهوية المتقدمة ببالدنا‪.‬‬

‫فمن بين مظاهر اإلكراهات التدبيرية نجد‪ ،‬ضعف استخدام اآلليات التي توفرها‬
‫النصوص القانونية والتقنيات المالية‪ ،‬التي تشكل استثناء على المستوى المالي المقارن‪،‬‬
‫كالحسابات الخصوصية‪ ،‬والترخيصات في البرامج‪ ،‬والتي بقيت بعيدة عن الممارسة‬
‫المالية المحلية‪ ،‬فهاته التقنيات لم تعرف التطبيق‪ ،‬نتيجة جهل الجماعات بها‬
‫بإجراءاتها‪ ،‬وقواعد تنظيمها‪.290‬‬

‫كذلك ضعف التعامل مع شركات االقتصاد المختلط ( شركات التنمية المحلية في‬
‫ظل اإلصالح األخير)‪ ،291‬إذ باإلضافة لمستوى تكوين المدبرين الترابيين‪ ،‬الذي يقف‬
‫عائقا أما استغالل مثل هذه اآلليات التدبيرية‪ ،‬نجد عدم وضوح النصوص القانونية‪،‬‬
‫الشيء الذي يزيد من ضعف التعامل معها‪ .‬لذا فإنه من الضروري تدعيم اإلطار‬
‫القانوني‪ ،‬بإصدار قانون خاص ينظم شركات االقتصاد المختلط‪ ،‬قصد توضيح نسبة‬
‫مساهمة الجماعات في رأسمالها‪ ،‬ونظام المنتخبين الممثلين للجماعات الترابية بالمجلس‬
‫اإلداري لهذه الشركات‪.‬‬

‫أما فيما يخص آلية التعاون بين الجماعات الترابية‪ ،‬فقد بينت الحصيلة محدودية‬
‫اللجوء لهذه اآللية القانونية‪ ،‬أي نظام المجموعات‪ ،‬رغم أهميته في تعبئة الطاقات‬
‫البشرية والمالية‪ ،‬حول مشاريع ذات فائدة مشتركة بين الوحدات الترابية الالمركزية‪.‬‬
‫وذلك نظ ار لضعف اإلطار القانوني المنظم لمجموعات الجماعات‪ ،‬وذلك بفعل عدم‬
‫دقة المقتضيات المنظمة‪ ،‬وخاصة تلك المتعلقة بمبادرة إحداث هذه المجموعات‪،‬‬

‫‪ -‬عبد المجيد أسعد‪ ،‬مالية الجماعات المحلية بالمغرب‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدارالبيضاء‪ ،5..5 ،‬ص‪.52 .‬‬ ‫‪290‬‬

‫‪ - 291‬المادة ‪ 531‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 553.55‬المتعلق بالجماعات‪.‬‬

‫‪227‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وتغيير موضوعها وحلها‪ ،‬وكذلك ممتلكاتها ومواردها المالية والبشرية‪ .‬باإلضافة إلى أن‬
‫ضرورة التعاون بين الجماعات‪ ،‬ال تبدو من األولويات‪.‬‬

‫إلى جانب العوامل السابقة‪ ،‬تعمل اإلكراهات ذات الطابع السياسي‪ ،‬على تكريس‬
‫حدة القيود التي تحول دون التفعيل األمثل للدور التدبيري للجماعات الترابية عموما‪،‬‬
‫والجهة بشكل خاص‪ ،‬ويظهر ذلك من خالل عدم إيالء األحزاب السياسية‪ ،‬األهمية‬
‫الالزمة لنوعية النخبة التي تمنحها التزكية‪ ،‬للتنافس على تدبير الشأن العام الترابي‪.‬‬

‫ويالحظ في هذا الشأن تأخر العديد من الجماعات في اعتماد المخطط الجماعي‬


‫للتنمية نتيجة الصراعات السياسية التي شهدها تدبير الشأن العام الترابي‪ .292‬إضافة‬
‫ضعف األطر التقنية الجماعية‪ ،‬إلى جانب محدودية مؤهالت المنتخبين‪.‬‬

‫وكذا‪ ،‬اختزال المقاربة التشاركية في إعداد المخطط الجماعي للتنمية في عقد‬


‫لقاءات دراسية يتم خاللها تجميع المعلومات بعيدا عن الساكنة المحلية وبعيدا عن‬
‫رصد تطلعاتها‪.‬‬

‫كم ا أن ضعف استعمال التقنيات المالية‪ ،‬المساعدة على برمجة تمويل المشاريع‪،‬‬
‫والتردد في البحث عن آليات تمويل موازية من قبيل شركات االتنمية المحلية‬
‫ومجموعات الجماعات‪ ،‬ينعكس بشكل سلبي على المجهود التمويلي للجماعات الترابية‬
‫عموما‪ ،‬وللجهات بشكل خاص‪ ،‬فتكون النتيجة محدودية القدرات التدبيرية‪ ،‬ومن ثم‬
‫محدودية طرق ومصادر التمويل المعتمدة‪.‬‬

‫‪ -292‬محمد حيمود‪ ،‬الحكامة المالية المحلية بالمغرب على ضوء اإلصالحات القانونية والمالية ‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص‪.‬‬
‫‪.551‬‬

‫‪228‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬مالية الجماعات الترابية وآليات التدبير الحديثة‪:‬‬

‫تؤكد أغلب الدوريات السنوية‪ ،‬إلعداد ميزانية الجماعات الترابية‪ ،‬على عدة قواعد‬
‫ألجل التدبير العقالني لماليتها‪ ،‬واعتماد تقنيات حديثة كالتخطيط والبرمجة‪ ،‬وحصر‬
‫نمو النفقات في حدود مماثلة لنمو المداخيل‪ ،‬زيادة على ضرورة إخضاع النفقات‬
‫لمبادئ الحكامة في مجال التدبير المالي التي ترتكز على العقالنية‪ ،‬والفعالية‪ ،‬والدقة‪،‬‬
‫والمسؤولية‪.293‬‬

‫إن عقلنة تدبير مالية الجماعات الترابية‪ ،‬وتفعيل آليات الرقابة‪ ،‬ستنعكس على‬
‫مالية الدولة من جهة نظ ار الرتباط الماليتين‪ ،294‬باإلضافة إلى التأثير المباشر‪ ،‬على‬
‫نفقات التجهيز الترابي‪ ،‬ورفع مستويات اإلستثمار‪ ،‬زيادة على توفير البنيات التحتية‬
‫واألساسية للجماعات الترابية‪ ،‬وهذا يخدم مقاربة الجماعة المقاولة‪ ،‬التي تنطلق من من‬
‫الجماعة المستثمرة‪ ،‬ألن االستثمار‪ ،‬يدر أمواال ومبالغ إضافية على مداخيل‬
‫الجماعات‪ ،‬مما ينعكس بالضرورة على النفقات الترابية بعد دورة الميزانية‪.‬‬

‫إن ترشيد نفقات ومداخيل الجماعات الترابية‪ ،‬يقتضي وجود نصوص قانونية‪،‬‬
‫مالئمة لمشروع الجهوية الموسعة‪ ،‬لتجاوز مختلف اإلختالالت على المستوى التدبيري‪،‬‬
‫وكذلك تفعيل آليات الرقابة الحديثة‪.‬‬

‫وهذا ما سنحاول التطرق له من خالل هذا المبحث‪.‬‬

‫‪ -‬دورية و ازرة الداخلية حول إعداد ميزانيات الجماعات المحلية برسم السنة المالية ‪ ،8119‬ص‪.5 .‬‬ ‫‪293‬‬

‫‪ -‬محمد حنين‪ ،‬تدبير المالية العمومية‪ :‬الرهانات واإلكراهات‪ ،‬دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪،8111 ،‬‬ ‫‪294‬‬

‫ص‪.518 .‬‬

‫‪229‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المطلب األول‪ :‬تطوير مالية الجماعات الترابية عن طريق تجاوز‬


‫االختالالت القانونية‬

‫تعتبر مختلف النصوص المنظمة لمالية الجماعات الترابية‪ ،‬القاعدة والركيزة التي‬
‫يستند عليها التدبير‪ ،‬إال أن هذه النصوص والقواعد تتصف بالتشتت وعدم االنسجام‪،‬‬
‫نظ ار لتعدد النصوص القانونية من جهة ومن كثرة النصوص التنظيمية من جهة ثانية‪.‬‬

‫هذا الوضع يشكل مصدر شتات للممارسين في مجال التدبير المالي الترابي‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪295‬‬
‫وصعوبة الفهم بالنسبة لألكاديميين‬

‫الفرع األول ‪ :‬العمل بمدونة الالمركزية‪:‬‬

‫إن مختلف اإلصالحات‪ ،‬التي مست الجانب المالي للجماعات الترابية‪ ،‬عرفت‬
‫عدة نواقص واختالالت على رأسها‪ ،‬عدم شمولها‪ ،‬سواء من زاوية المحاسبة الترابية أو‬
‫من جهة الصفقات المحلية والرقابة المالية‪ ،‬وثقل الوصاية وتعدد النصوص التنظيمية‪.‬‬
‫اختالالت تؤدي إلى تشتت النصوص القانونية‪ ،‬مما يعيق التكامل واإلنسجام على‬
‫مستوى النصوص القانونية‪ ،‬لذلك فإصدار مدونة الالمركزية والتعجيل بها‪ ،‬يعد ضرورة‬
‫إلضفاء نوع من التناغم واإلنسجام في النصوص‪ .‬إضافة إلى أنها تعد آلية للحد من‬
‫كثرة النصوص التنظيمية في مجال التدبير المالي للجماعات الترابية‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى المدونة العامة للجماعات الترابية بفرنسا‪ ،‬نجد أنها تنطوي على‬
‫مختلف األنشطة‪ ،‬وتفصل مختلف مجاالت تدخل الجماعات الترابية‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫أنها تحتوي على مختلف اآلليات لتحقيق تلك األنشطة‪ ،‬منها اآلليات المالية‪ ،‬فقد‬
‫كرست اإلستقالل المالي‪ ،‬باإلضافة إلى المقتضيات والتدابير المالية والحسابية‪،‬‬

‫‪ -295‬مكاوي نصير‪ ،‬تدبير مالية الجماعات المحلية‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.538 .‬‬

‫‪230‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المتعلقة بالجماعات الترابية‪ ،‬انطالقا من المبادئ العامة‪ ،296‬ومرو ار بتنفيذ الميزانيات‬


‫الترابية‪ ،‬زيادة على التدابير المتعلقة بمحاسبة الجماعات الترابية‪ ،‬وهي مقتضيات تتعلق‬
‫بكل أصناف الجماعات الترابية‪ ،‬ليتم بعد ذلك تقديم المقتضيات المالية والمحاسبية‪،‬‬
‫لكل صنف من أصناف الجماعات الترابية‪ ،‬على حدة‪ ،‬هذا بخالف المقتضيات‬
‫القانونية المنظمة للجماعات الترابية ببالدنا‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تفعيل نظام الميزانية التشاركية‬

‫يعد نظام "الميزانية التشاركية"‪ ،‬في التجربة الب ارزيلية المعمول به في مدينة‬
‫"بورطو اليغري"‪ ،297‬نموذجا فريدا من نوعه في العالم‪ ،‬حيث يقوم على مبدأ المشاركة‪،‬‬
‫لكل المواطنين في صنع السياسة العامة‪ ،‬التي يتحدد بموجبها النفقات العامة للمدينة‪.‬‬
‫ويقوم هذا النظام‪ ،‬على أساس التمييز اإليجابي للمناطق‪ ،‬األكثر فق ار وتهميشا من‬
‫سكان المدينة‪ ،‬وذلك من خالل العمل على إعادة توزيع‪ ،‬الموارد والخدمات العامة‬
‫لصالحهم‪.‬‬

‫فنظام الميزانية التشاركية‪ ،298‬يستند في عمله على تقسيم المدينة‪ ،‬إلى ستة عشرة‬
‫منطقة مختلفة‪ ،‬يراعى فيها المعايير الجغرافية واإلجتماعية‪ ،‬لألحياء الموجودة بهذه‬
‫المناطق‪ ،‬ويتم سير عمل هذا النظام‪ ،‬في عقد اجتماعات تحضيرية‪ ،‬في كل المناطق‬
‫الستة عشر المحددة‪ ،‬وذلك من خالل الشهور األولى من العام‪ .‬وتهدف هذه‬
‫اإلجتماعات إلى تمكين المواطنين‪ ،‬من التعبير عن آرائهم واهتماماتهم المتعلقة‬

‫‪296‬‬
‫‪- Art L 1611.1 à L1611-7 du CGDT.‬‬
‫‪,‬‬
‫نقال عن مكاوي نصير‪ ،‬تدبير مالية الجماعات المحلية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪532 .‬‬
‫‪ -297‬محمد أمين الحمدوني‪ ،‬تدبير المدن الكبرى في ضوء الميثاق الجماعي‪ ،‬ص‪.515 .‬‬
‫‪ -298‬هي تجربة تبنتها هيأة األمم المتحدة كنموذج رائد في إشراك السكان في تدبير شؤون مدنهم‪ .‬فقد تميزت هذه التجربة‬
‫بخلق "مجالس األحياء" وهي عبارة عن مجلس شعبي موازي للمجلس المنتخب‪ ،‬تنحصر مهمته في مراقبة وتتبع تنفيذ المشاريع‬
‫االجتماعية‪ ،‬واالقتصادية وعملية صرف المال الجماعي‪ ،‬أنظر محمد أمين الحمدوني‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.515 .‬‬

‫‪231‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫بمنطقتهم‪ ،‬بحيث يتمكن كل سكان المنطقة‪ ،‬من التعبير عن المشاكل الموجودة بها‪،‬‬
‫من حيث نقص الخدمات العامة‪ ،‬وعمل قائمة باألولويات‪ ،‬للحلول التي يجب توفيرها‬
‫لحل المشاكل‪ ،‬األكثر أهمية من وجهة نظرهم‪ .‬وتتم هذه اإلجتماعات التحضيرية‪،‬‬
‫دون تدخل من البلديات أو السلطات المحلية للمدينة‪.‬‬

‫وفي أعقاب تلك اإلجتماعات التحضيرية‪ ،‬والتي تنتهي بحلول شهر أبريل‪ ،‬من‬
‫كل عام‪ ،‬تبدأ المرحلة الثانية من نظام الميزانية التشاركية‪ ،‬وهي الخطوة التي تتمثل في‬
‫الجولة األولى من اجتماع المجالس اإلقليمية‪ ،‬ومثلها في ذلك مثل اإلجتماعات‬
‫التحضيرية‪ ،‬حيث تكون بدورها مفتوحة أمام المواطنين جميعا‪ ،‬غير أن حق التصويت‪،‬‬
‫في هذه اإلجتماعات تبقى فقط للمواطنين المسجلين في كل منطقة من المناطق الستة‬
‫عشرة‪ .‬وعلى العكس من الخطوة األولى‪ ،‬تتم هذه اإلجتماعات‪ ،‬بحضور ممثلين من‬
‫البلدية أو الحكومة المحلية‪ .‬وتهدف هذه المجالس اإلقليمية‪ ،‬إلى مراجعة ميزانية السنة‬
‫الماضية من ج انب‪ ،‬ومن جانب آخر إلى التخطيط‪ ،‬لكيفية تنفيذ العمل‪ ،‬وفقا للميزانية‬
‫التي تمت صياغتها‪ ،‬واقرارها من خالل نظام "الميزانية التشاركية"‪.‬‬

‫أما المرحلة الثالثة‪ ،‬التي تستمر في الفترة ما بين أبريل ويونيو من كل سنة‪،‬‬
‫فتكون مرحلة شديدة األهمية بالنسبة لسكان المدينة‪ .‬فخالل هذه الفترة‪ ،‬يعود سكان كل‬
‫من المناطق الستة عشرة لإلجتماع مرة أخرى‪ ،‬من أجل صياغة قائمة نهائية ألولويات‬
‫كل منطقة‪ ،‬ومن ثم التصويت عليها من جانب سكان هذه المنطقة‪ .‬وترجع أهمية هذه‬
‫الخطوة إلى أن ما يتخذه اجتماع المناطق من ق اررات‪ ،‬سيتم استخدامه الحقا‪ ،‬من جانب‬
‫سكان كل المناطق‪ ،‬لوضع الترتيب النهائي لقائمة المشروعات‪ ،‬أو األعمال التي سيتم‬
‫تمويلها من الميزانية العامة للعام القادم‪.‬‬

‫ويلي هذه المرحلة خطوة رابعة‪ ،‬في الفترة بين يونيو ويوليوز من كل عام‪ ،‬والتي‬
‫تجري فيها الجولة الثانية‪ ،‬من" المجالس اإلقليمية"‪ ،‬وتهدف هذه الجولة‪ ،‬في واقع األمر‬
‫إلى انتخاب ممثلين أساسيين‪ ،‬وممثلين آخرين بديلين‪ ،‬عن كل منطقة من المناطق‬

‫‪232‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الست عشرة للمدينة‪ ،‬وذلك من أجل المجلس المحلي للميزانية‪ ،‬كما يتم أيضا انتخاب‬
‫ممثلين من كل منطقة من أجل "منتدى األحياء للميزانية"‪ .‬وخالل األشهر التالية‪ ،‬تبدأ‬
‫الخطوة الخامسة من نظام "الميزانية التشاركية"‪ ،‬وهي اجتماع المجلس المحلي للميزانية‪".‬‬
‫ويقوم المجلس بإعطاء قيم محددة لما يطلق عليه "المعايير العامة"‪ ،‬وهذه المعايير هي‬
‫التي سيتم استخدامها الحقا في تحديد كيفية تخصيص الموارد العامة‪ .‬أو بعبارة أخرى‪،‬‬
‫تقع على عاتق هذا المجلس مسؤولية تحليل واقرار الميزانية العامة‪ ،‬قبل أن يرسلها عمدة‬
‫المدينة إلى السلطة التشريعية‪ ،‬من خالل توزيع الموارد العامة على المناطق المختلفة‪،‬‬
‫باإلضافة إلى تصميم واقرار خطة االستثمار‪ ،‬بناء على األولويات التي تمت صياغتها‬
‫خالل الخطوات السابقة‪ ،‬كما يراقب أيضا تنفيذ هذه الخطة‪.‬‬

‫وبعد ذلك‪ ،‬تنعقد اجتماعات" منتدى األحياء للميزانية"‪ ،‬وخاللها يتم مناقشة قوائم‬
‫األولويات‪ ،‬الموضوعة من األحياء والمناطق المختلفة‪ ،‬وترتيبها في قائمة نهائية رسمية‪،‬‬
‫يتم اعتمادها رسميا أثناء إعداد الموازنة العامة للمدينة‪ ،‬ويطلق عليها" معايير اإلحتياج"‪.‬‬
‫كما يتم أيضا وضع مكون آخر من مكونات الموازنة العامة‪ ،‬وهو" المعايير التقنية"‪،‬‬
‫وتتمثل هذه األخيرة في مجملها من بيانات كمية‪ ،‬مثل تعداد السكان في كل المناطق‪.299‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن مشاركة المواطنين‪ ،‬ال تنتهي بانتهاء تخصيص الموارد‪،‬‬
‫فخالل الستة أشهر المتبقية من العام‪ ،‬قبل بدء الدورة من جديد‪ ،‬يواصل المنتدى‬
‫والمجلس المحلي للميزانية اجتماعاتهما‪ ،‬كما يعمالن أيضا مع المجالس اإلقليمية‪ ،‬من‬
‫أجل إعالمها بسير عملية صياغة الموازنة‪ ،‬وللدعم تتم مشاركة المواطنين وحشدهم‪ ،‬من‬
‫أجل اإلستمرار فيها في العام القادم؛ وفي اإلطار ذاته يواصل سكان كل منطقة‬
‫اجتماعاتهم‪ ،‬من أجل تحسين مشاركتهم في النظام للعام القادم‪.‬‬

‫‪ -‬منير الحجاجي‪ ،‬التنمية المحلية التشاركية‪ -‬مقاربة لدور المشاركة في إحداث التنمية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‬ ‫‪299‬‬

‫في القانون العام‪ ،‬وحدة‪ :‬تدبير اإلدارة المحلية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪-‬سطات‪ ،‬السنة الجامعية‪:‬‬
‫‪ ،8118-8119‬ص ‪.82.‬‬

‫‪233‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫ويرى الكثير من المحللين أن نظام الميزانية التشاركية‪ ،‬خاضع في مجمله إلدارة‬


‫الشعب ومشاركته به‪ ،‬بإستثناء ما يدور في المجلس المحلي للميزانية‪ ،‬باعتبار أن هناك‬
‫ممثلين فقط عن كل منطقة‪ ،‬ولكن من المهم اإلشارة‪ ،‬أيضا إلى أن النظام به آلية فعالة‬
‫لمحاسبة هؤالء الممثلين‪ ،‬فقد مكن منتدى األحياء للميزانية ‪-‬الذي يتكون من عدد أكبر‬
‫من الممثلين المنتخبين‪ ،-‬من عزل أي من ممثلي المجلس المحلي للميزانية‪ ،‬من خالل‬
‫التصويت بأغلبية الثلثين على ذلك‪ ،‬مما يفسر ما سبق ذكره‪ ،‬عن كون نظام" الميزانية‬
‫التشاركية" تعمل بمزيج من آليات الديمقراطية المباشرة‪ ،‬والديمقراطية التمثيلية‪ .‬فهو نظام‬
‫خلق مناخا من التفاعالت الصحية بين الحكومة المحلية‪ ،‬والمواطنين في المدينة‪.‬‬
‫فمشاركة المواطنين في مثل هذه اآللية‪ ،‬تؤدي إلى ضمان توجيه الموارد العامة للمدينة‬
‫إلى المشروعات والقنوات التي يحتاجها المواطنون بالفعل‪ ،‬كما يعمل على أن يراقب‬
‫المواطنون أنفسهم التقدم في تنفيذ تلك المشروعات‪.‬‬

‫ومن بين المؤشرات التي تعكس النجاح الكبير الذي حققه هذا النظام ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬ازدياد نسبة المشاركة الشعبية في نظام الميزانية التشاركية؛‬

‫‪ -‬تمكين المواطن من خالل الميزانية التشاركية‪ ،‬من الحق في المعلومات وحرية‬


‫التعبير عن المطالب؛‬

‫‪ -‬قدرة المواطنين على محاسبة ممثليهم‪ ،‬من خالل الميزانية التشاركية‪ ،‬ضمانا‬
‫لصحة التقديرات التي تقوم عليها مختلف الخطط والبرامج؛‬

‫‪ -‬القطع مع ثقافة المحسوبية السياسية السائدة في أغلب الدول النامية‪ ،‬والتي‬


‫تجعل الموارد العامة للمدينة تتجه لخدمة مجموعة صغيرة من المجتمع‪ ،‬تاركة الشرائح‬
‫األوسع‪ ،‬والتي تمثل األغلبية‪ ،‬فريسة للحرمان أو للخدمات العامة المتدهورة‪.‬‬

‫‪234‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫إن اعتماد المقاربة التشاركية‪ ،‬في تدبير الشأن العام على المستوى الترابي‪،300‬‬
‫سيسهم في دعم المواطنة وتأكيد الديمقراطية الترابية‪ ،‬من خالل إعادة تثقيف المجتمع‪،‬‬
‫بكل مكوناته وفئاته‪ ،‬نحو التفكير الجماعي والرؤية المشتركة‪ ،‬في تحديد احتياجاتهم‬
‫وأهدافهم والتزاماتهم‪ ،‬على اعتبار أن نجاح تجربة الالمركزية تتوقف على إش ارك جميع‬
‫الفرقاء المحليين في الجهود اإلنمائية‪ ،‬والعمل على تشجيع الحوار الهادف والتفاعل‬
‫والتكامل بين مختلف هذه األطراف‪ ،‬في ظل وجود موارد مالية كافية‪ ،‬وأطر بشرية كفأة‬
‫ومؤهلة‪ ،‬وهو ما من شأنه تحقيق تنمية مستدامة بمختلف مستوياتها المحلية والوطنية‬
‫الشاملة‪.‬‬

‫‪301‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬إنشاء مراكز محلية للتنمية‬

‫إذا كانت بعض النظم المقارنة‪ ،‬قد اقتصرت على التأكيد على البعد الترابي أو‬
‫الجهوي للتنمية‪ ،‬كأساس وظيفي لالمركزية‪ ،‬فإن نظما أخرى‪ ،‬أولت عناية خاصة لهذا‬
‫األساس‪.‬‬

‫وبهذا الخصوص‪ ،‬أحدثت كندا‪ ،‬مراكز محلية للتنمية(‪ ،)CLD‬وهي هيئات‬


‫متخصصة مرتبطة بالجماعات الترابية أو مؤسسات تابعة لها‪ ،‬وتختص بالتنسيق بين‬
‫الجماعات الترابية ومختلف الهيئات والمؤسسات المتدخلة‪ ،‬في مجال التنمية الترابية أو‬
‫المعنية بها‪ .‬وهذه اآللية من شأنها أن تؤدي إلى تحديث الدور التنموي للجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬وتنظيم تدخلها‪ ،‬وعقلنة الموارد واإلمكانات المتاحة أو المستعملة‪.‬‬

‫‪ -‬بالمغرب‪ ،‬هناك مؤسسات الحي التي تمكن المواطنين من المشاركة الحقيقية في الق اررات‪ ،‬التي تهمهم على المستوى‬ ‫‪300‬‬

‫الترابي‪ ،‬حيث تعكس صورة الديمقراطية التشاركية‪ ،‬من خالل نقل رأي وآراء وأماني السكان إلى كل السلطات اإلدارية المعنية‬
‫أو المنتخبة‪ .‬وهذه اآللية تقتضي من المنتخبين الترابيين‪ ،‬األخذ بعين اإلعتبار أولويات واحتياجات الساكنة‪ ،‬والعمل على‬
‫تنفيذها في شكل مشاريع تنموية‪.‬‬
‫عبد اللطيف بروحو‪ ،‬مالية الجماعات المحلية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية‬ ‫‪301‬‬

‫والتنمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.355 .‬‬

‫‪235‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫فهذه الهيئات من شأنها المساعدة‪ ،‬على وضع اإلستراتيجية التنموية للجماعات‬


‫الترابية‪ ،‬لتجاوز اإلكراهات المالية والتدبيرية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تفعيل آليات الرقابة‬

‫إذا كان لكل نظام‪ ،‬أسس ومبادئ يقوم عليها‪ ،‬ولكل نسق غايات وأهداف كبرى‬
‫استراتيجية يتأسس عليها‪ ،‬واذا كانت كبرى مبادئ الالمركزية الترابية‪ ،‬تقوم على‬
‫اإلستقالل اإلداري والمالي‪ ،‬وحرية المبادرة التنموية للهيئات المنتخبة‪ ،‬فإن الغاية الكبرى‬
‫للرقابة المالية‪ ،‬ترتبط بشكل وثيق بتلك المبادئ‪ ،‬وتجعل الهدف األساسي منها‪ ،‬يكمن‬
‫في ضبط النشاط التنموي الترابي وحماية المال العام الترابي‪ ،‬ومن ثم‪ ،‬فحماية النظام‬
‫الالمركزي نفسه‪ ،‬وضبط آلياته وأسسه المنهجية‪ ،‬هو ما يجعل من آلية الرقابة‪ ،‬ضرورة‬
‫ال محيد عنها‪ ،‬بالنسبة لتطويرفعالية المجاالت اإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬وحماية المال‬
‫العام الترابي‪ ،‬من التبذير وسوء اإلستعمال‪ ،‬وتكريس التدبير الجيد الذي يمثل في‬
‫النهاية الغاية المنشودة في تحقيق تنمية شاملة ومستدامة للجماعات الترابية‪.302‬‬

‫وقد أولى المشرع المغربي منذ فجر اإلستقالل‪ ،‬أهمية خاصة لتقنية الرقابة على‬
‫المال العام‪ ،‬حيث بادر إلى تغيير وتكييف مجموعة من القوانين‪ ،‬التي تحكم المالية‬
‫العامة‪ ،‬منها قانون المحاسبة العمومية سنة ‪ ،2202‬وبعدها سنة ‪ ،2211‬كما عمل‬
‫بالموازاة على إحداث مجموعة من أجهزة الرقابة‪ ،‬أهمها اللجنة الوطنية للحسابات سنة‬
‫‪ ،2211‬والمفتشية العامة للمالية‪ ،‬والمراقبة المالية على المؤسسات العمومية‪ ،‬ومراقبة‬
‫اإللتزام بالنفقات سنة ‪ 2212‬ثم ‪ ،2211‬وألزم ممارسة الرقابة في كل المراحل‪ ،‬التي‬
‫يمر منها المال العام‪ ،‬والمحدد وفق ماتنص عليه المادة الثانية من النظام األساسي‬

‫‪ -302‬عبد العزيز الخبشي‪ " ،‬بعض مظاهر تقنية التدقيق والرقابة الممارسة على مالية الجماعات المحلية وهيئاتها على ضوء‬
‫المحاكم المالية"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،11‬ماي ‪ -‬يونيو ‪ ،8113‬ص‪.83 .‬‬

‫‪236‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫"لالنتوساي"‪ ،303‬والتي تعرف الرقابة العليا على المال العام بكونها" جهاز أيا كانت‬
‫تسميته وطريقة إنشائه وتنظيمه الذي يعهد إليه بمقتضى الدستور أو القانون ممارسة‬
‫الرقابة على المالية العامة‪ ،‬والذي يزود البرلمان أو الحكومة‪ ،‬بالمعلومات المتعلقة‬
‫بكيفية إدارة واستعمال تلك األموال‪ ،‬وكذا الكشف عن مخالفة المعايير المعمول بها‪ ،‬أو‬
‫المساس بمبادئ مشروعية اإلدارة المالية وكفاءتها‪ ،‬وذلك قصد اتخاذ اإلجراءات الكفيلة‬
‫للحد من اقتراف أعمال تدخل في ذلك السياق"‪.‬‬

‫وتتعدد أنواع وأشكال الرقابة الممارسة على مالية الجماعات الترابية وهيئاتها‪،‬‬
‫وهي جميعها تهدف إلى ضمان احترام الشرعية‪ ،‬وتحسين مردودية التسيير المالي‬
‫للجماعات الترابية‪ ،‬فهي التقتصر ف قط على ضبط المخالفات وتطبيق العقوبات‪ ،‬بل‬
‫أصبحت تسعى إلى حث المسؤولين‪ ،‬على اتخاذ ق اررات مالئمة للظروف المالية‪،‬‬
‫والمخططات اإلقتصادية وتحفزهم على تحسين تسييرهم وتدبيرهم‪ ،304‬إال أنه سيتم هنا‬
‫استعراض على سبيل المثال‪ ،‬ال الحصر أشكال الرقابة الحديثة‪ ،‬والتي يمكن حصرها‬
‫في كل من المراقبة الداخلية‪ ،‬ومراقبة التسيير‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تطوير أنظمة المراقبة الداخلية‬

‫إن من بين اإلجراءات‪ ،‬المصاحبة لتعزيز آليات الحكامة الجيدة في التدبير‬


‫المالي الترابي‪ ،‬تطوير آليات المراقبة الداخلية‪ ،‬من أجل تتبع وتقييم العمل الترابي‪،‬‬

‫‪ -‬هي األجهزة الرقابية في الدول المنتمية إلى منظمة األمم المتحدة أو إلى وكاالتها المتخصصة‪ ،‬وهي الهيئة الدولية‬ ‫‪303‬‬

‫المعترف لها بممارسة األجهزة الرقابية‪.‬‬

‫‪ -304‬فتيحة بلمانية‪ ،‬حكامة اإلنفاق المحلي ورهان التنمية المحلية بالمغرب‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪،‬‬
‫تخصص‪ :‬تدبير الشأن العام المحلي‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية السويسي‪ -‬الرباط‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪ ،811.-8112 :‬ص‪.21 .‬‬

‫‪237‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫والوقوف على مظاهر القوة‪ ،‬لتعزيزها وكذا مظاهر الضعف لتجاوزها‪ .305‬فبالنسبة‬
‫للجماعات الترابية وهيئاتها ومؤسساتها العمومية‪ ،‬يساعدها اعتماد أنظمة للمراقبة‬
‫الداخلية‪ ،‬من التحكم في محيط‪ ،‬أصبح أكثر تعقيدا‪ ،‬ومن استغالل الموارد المالية‪ ،‬التي‬
‫أصبحت أكثر ندرة الإلستقالل األمثل‪ ،‬كما يمكن شرح وتبرير السياسات العمومية‪،‬‬
‫المعتمدة لمواطنين أصبحوا أكثر متابعة للشأن العام الترابي واهتماما له‪.306‬‬

‫ويمكن تعريف المراقبة الداخلية‪ ،‬بأنها مجموع الوسائل الممكن اعتمادها من‬
‫طرف جهاز معين‪ ،‬من أجل التحكم في األخطار المالزمة لتسييره‪ .‬وتشمل هذه‬
‫الوسائل الجهاز والمساطر‪ ،‬التي يعتمدها في مختلف مجاالت نشاطه‪ .‬ويتم تقدير‬
‫المراقبة الداخلية من خالل تحديد نقاط القوة ونقاط الضعف في هذه المساطر بالقياس‬
‫إلى أهداف فعالية وأمان التسيير‪.307‬‬

‫وعرفت المراقبة الداخلية في الجماعات الترابية‪ ،‬بأنها مجموع الضمانات‪ ،‬التي‬


‫تساهم في التحكم في تسيير الجماعة‪ ،‬وتهدف من جهة‪ ،‬إلى الحفاظ وحماية الممتلكات‬
‫وقيمة المعلومات المقدمة‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬ضمان تطبيق توجيهات اإلدارة من أجل‬
‫تطوير مستويات األداء‪ .‬وتتمثل هذه المراقبة في التنظيم والمناهج والمساطر الخاصة‪،‬‬
‫بكل نشاط من أنشطة الجماعة‪.308‬‬

‫‪ -‬سعيد الميري‪ ،‬التدبير اإلقتصادي للجماعات المحلية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬وحدة‪ :‬القانون العام‬ ‫‪305‬‬

‫الداخلي‪ ،‬تخصص تسيير السلطات العمومية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ -‬السويسي‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية‪ ،8118-8119 :‬ص‪.111 .‬‬
‫‪306‬‬
‫‪- Serg Barichard, « contrôle interne et contrôle externe dans les collectivités territoriales »,‬‬
‫‪Une expérience concrète de mise en place d’un contrôle interne, étude et colloques des‬‬
‫‪juridictions financières, les éditions du journal officiel, Paris, 1997, p. 55.‬‬
‫‪ -307‬محمد مجيدي‪ ،‬الجهة بالمغرب‪ :‬البنية ووسائل العمل‪-‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬أكدال‪ -‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،5..2:‬ص‪.582 .‬‬
‫‪308‬‬
‫‪-Définition et objet de l’audit et du contrôle interne des collectivités locales, article publié le‬‬
‫‪10 -18-2009 : www.blog.saeeed.com.‬‬

‫‪238‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫ويجب التمييز بين المراقبة الداخلية‪ ،‬ومراقبة التسيير‪ ،‬ذلك أنه إذا كان‬
‫المفهومان معا يدالن على وظيفة أفقية‪ ،‬تمارس على مستوى جهاز ما‪ ،‬من أجل‬
‫التحكم في أنشطته‪ ،‬فإن الفرق بينهما يكمن في أن المراقبة الداخلية‪ ،‬تركز على‬
‫المساطر‪ ،‬في حين يبقى الهدف األساسي لمراقبة التسيير هو المعلومات‪.‬‬

‫وتهدف أنظمة المراقبة الداخلية‪ ،‬إلى تحليل األخطار المرتبطة بتسيير‬


‫الجماعات الترابية‪ ،‬وهذه األخطار‪ ،‬إما ذات طبيعة عامة‪ ،‬بحيث يمكن اعتبارها‬
‫مالزمة لكل تسيير ترابي‪ ،‬أو ذات طبيعة خاصة بكل جماعة‪ ،‬وتتمثل األخطار العامة‬
‫في‪:‬‬

‫‪ -‬الخطر الجنائي‪ ،‬الذي قد ينتج عن سوء نية أو تصرفات األعوان أو‬


‫المنتخبين؛‬

‫‪ -‬الخطر المالي‪ ،‬الذي قد يؤدي إلى اختالل مالي‪ ،‬من شأنه شل نشاط‬
‫الجماعة‪.‬‬

‫وتواجه إرساء أنظمة للمراقبة الداخلية‪ ،‬على مستوى الجماعات الترابية‪ ،‬العديد‬
‫من الصعوبات‪ ،‬منها ما هو ذو طبيعة سياسية واجتماعية‪ ،‬ومنها ما هو ذو طبيعة‬
‫تقنية‪.‬‬

‫فبالنسبة للصعوبات ذات الطبيعة السياسية واإلجتماعية‪ ،‬يالحظ أن القوانين‬


‫المنظمة لعمل الجماعات الترابية‪ ،‬وخاصة الجماعات‪ ،‬حيث تركز أغلب السلطات في‬
‫يد الرئيس وال يمكن لنوابه اتخاذ أي قرار إال بناء على تفويض منه‪ ،‬كما ال تشكل‬
‫دورات المجلس فرصة لمراقبة أعمال وق اررات الرئيس‪ ،‬بقدر ما تشكل مجاال للصراع‬
‫بين األغلبية المساندة له واألقلية المعارضة له‪ ،‬ذلك أنه في أغلب الجماعات الترابية‪،‬‬
‫يكون رئيس المجلس الجماعي هو رئيس الجهاز التنفيذي‪ ،‬وهو في نفس الوقت رئيس‬

‫‪239‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المجلس التداولي‪ ،‬ليس من شأنه المساعدة على قيام مراقبة حقيقية‪ ،‬من جانب الجهاز‬
‫التداولي على الجهاز التنفيذي‪.309‬‬

‫وقد حدد بعض الباحثين العوائق‪ ،‬التي تحول دون قيام النظام التمثيلي التعددي‬
‫المعتمد في البالد‪ ،‬بإفراز مراقبة داخلية‪ ،‬من خالل الصراع بين األغلبية والمعارضة‬
‫والتناوب في تسيير المجالس المنتخبة في‪:310‬‬

‫‪ -‬تشتت المشهد السياسي وفسيفسائية األحزاب‪ ،‬وما ينتج عنهما من تكوين‬


‫لمجالس مركبة عبر تحالفات ظرفية تعرف تغييرات مستمرة بفعل هشاشة النخب وغلبة‬
‫المصالح الشخصية وعدم نضج الضمائر؛‬

‫‪ -‬السيطرة الضعيفة لألحزاب عبر منتخبيها الترابيين‪ ،‬وما ينتج عن ذلك من‬
‫تحالفات ال عالقة لها بالخط السياسي لألحزاب‪ ،‬تحالفات تتأثر بالهجرات الحزبية‪،‬‬
‫وبانقسامات حتى داخل نفس األحزاب‪.‬‬

‫‪ -‬العوامل اإلثنية والروابط العائلية‪ ،‬التي لم تختفي كليا من السوسيولوجيا‬


‫اإلنتخابية‪ ،‬خاصة على مستوى اإلنتخابات القروية‪.‬‬

‫وتحول هذه العوامل دون خضوع مجالس الجماعات الترابية‪ ،‬إلى منطق‬
‫األنظمة التمثيلية التي تسير طبقا للقوانين الحقيقية للديمقراطية‪ ،‬والتي تضمن احترام‬
‫الشرعية وأسبقية المصلحة العامة‪ ،‬فالتصويت على الحساب اإلداري سابقا‪ ،‬كوسيلة‬
‫لمراقبة حصيلة التدبير المالي لرئيس المجلس الجماعي من طرف أعضاء هذا‬
‫المجلس‪ ،‬يتحول إلى وسيلة إلبتزاز هذا الرئيس والحصول على بعض اإلمتيازات بغض‬
‫النظر عن كونه مسير جيد لشؤون جماعته أم ال‪.‬‬

‫‪309‬‬
‫‪- Yves Mény, la corruption de la république, Edition Fayard, 1992, p.144.‬‬
‫‪- Mohamed Brahimi, "De l’efficacité des contrôles exercés sur les collectivités locales",‬‬
‫‪310‬‬

‫‪REMALD, Avril- Juin 1998, p.41.‬‬

‫‪240‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫كما أن مفهوم المراقبة غير واضح لدى العاملين بالوحدات الترابية‪ ،‬إذ رغم أن‬
‫هؤالء يرغبون في التوفر على الوسائل الضرورية‪ ،‬للمراقبة الذاتية ألنشطتهم‪ ،‬فإنهم في‬
‫نفس الوقت يرفضون أن يكونوا واضحين‪ ،‬في مواجهة رؤسائهم‪.‬‬

‫واذا كانت المراقبة الداخلية عبارة عن منهجية للعمل أكثر منها وظيفة‪ ،‬فإن‬
‫العديد من الجماعات المحلية الفرنسية‪ ،‬وعيا منها باألخطار المتعددة‪ ،‬الناتجة عن‬
‫اتساع مجال تدخلها وتنوع القطاعات‪ ،‬التي تدخل في مجال اختصاصها وأهمية المبالغ‬
‫التي تتصرف فيها‪ ،‬وتعقد تنظيمها اإلداري‪ ،‬قامت بخلق مصالح مختصة في المراقبة‬
‫الداخلية خاصة في الجوانب القانونية‪ ،‬إذ تتوفر أغلبية الجهات والمحافظات والمدن‬
‫الكبرى‪ ،‬على مصالح قانونية مستقلة‪ ،‬وان كان دور أغلب هذه المصالح‪ ،‬ينحصر في‬
‫معالجة وتتبع المنازعات القانونية‪ ،‬والقليل منها فقط يتدخل في مرحلة إعداد‬
‫الق ار ارت‪.311‬‬

‫وحتى يمكن لمصلحة المراقبة الداخلية‪ ،‬من القيام بدورها على أكمل وجه‪ ،‬البد‬
‫‪.Serge Barichard‬‬ ‫‪312‬‬
‫من مراعاة بعض اإلعتبارات التي حددها‬

‫‪ -‬التموقع على مستوى البنية اإلدارية للجماعة‪ ،‬ذلك أن المصلحة أو الخلية‬


‫التي ستتكلف بالمراقبة الداخلية‪ ،‬يجب أن تحتل موقعا إداريا أعلى‪ ،‬يمكنها من العمل‬
‫باستقاللية عن المصالح اإلدارية والتقنية المسؤولة عن إنجاز مختلف أنشطة الجماعة‪،‬‬
‫كما يمكنها ذلك من العمل باستقاللية عن المصالح اإلدارية والتقنية المسؤولة عن‬

‫‪311‬‬
‫‪- Sarra El Idrissi Nadir, L'audit interne dans les collectivités territoriales, cas de la commune‬‬
‫‪urbaine de Ribat el Kheir, Licence fondamentale en économie et gestion , Faculté de Science‬‬
‫‪Juridiques, Economiques et Sociales, Université Sidi Mohammed Ben Abdellah Maroc, 2011,‬‬
‫‪p. 8.‬‬
‫» ‪- Serge Barichard, « Contrôle interne et contrôle externe dans les collectivités territoriales‬‬
‫‪312‬‬

‫‪une expérience concrète de mise en place d’un contrôle interne, op.cit, p. 65.‬‬

‫‪241‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫إنجاز مختلف أنشطة الجماعة‪ ،‬كما يمكنها ذلك من التدخل أفقيا‪ ،‬وهو ما يعتبر شرطا‬
‫أساسيا لنجاعتها؛‬

‫‪ -‬اعتماد نهج استباقي‪ ،‬فتدخل المراقبة يكون مقبوال‪ ،‬وذو فاعلية أكبر‪ ،‬كلما تم‬
‫في بداية إعداد القرار أو إنجاز المشروع‪ ،‬فاقتصار المراقبة على مهام بسيطة دون‬
‫اهتمام مباشر بالتدبير والتسيير‪ ،‬يكون من نتائجه تهميش هذه المراقبة أو إضعاف‬
‫تأثيرها على األقل؛‬

‫‪ -‬القبول بالمراقبة الداخلية واإلعتراف بأهميتها‪ ،‬من جانب المسؤولين عن‬


‫المصالح التقنية واإلدارية‪ ،‬ولتحقيق هذا الشرط األساسي لنجاح الرقابة الداخلية‪ ،‬يجب‬
‫أن تكون المساطر مكتوبة ومحددة بشكل واضح‪ ،‬وأن تكون المسؤوليات معروفة بدقة؛‬

‫‪ -‬انفتاح مصالح المراقبة الداخلية على هيئات اإلستشارة والتدقيق الخارجية‪،‬‬


‫خاصة في مجال الخبرة القانونية والتدقيق المالي والمحاسبي‪ ،‬أو التحاور والتشاور مع‬
‫أجهزة المراقبة الخارجية‪ ،‬من مجالس جهوية للحسابات‪ ،‬وأجهزة تفتيش وسلطة‬
‫الوصاية‪.313‬‬

‫ومن خالل ما سبق‪ ،‬يتضح مدى أهمية نظام المراقبة الداخلية‪ ،‬فهي تضمن‬
‫اإلستعمال الجيد للموارد المالية الترابية‪ ،‬إلى جانب تسهيل شفافية مراقبة سير المشاريع‬
‫والمرافق العمومية الترابية‪ ،‬من قبل المواطنين والرأي العام الترابي‪ ،314‬وألجل ذلك‪ ،‬فإن‬
‫الجماعات الترابية البد أن تندرج ضمن مصالحها خلية للقيام بذلك‪ ،‬حتى تعمل على‬
‫ضمان تدبير جيد للشأن العام الترابي في شموليته‪.315‬‬

‫‪ -313‬محمد مجيدي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.220.‬‬


‫‪314‬‬
‫‪- Mhammed Harrakat, l’apport de l’audit à la démocratie locale, Revue Marocaine‬‬
‫‪d’administration locale et de développement locale Sérié thèmes actuels, N°15, 1998, p. 72.‬‬
‫‪ - 315‬بهيجة هسكر‪ ،‬الجماعة المقاولة بالمغرب (األسس ‪ ،‬المقومات والرهانات)‪ ،‬سلسلة الالمركزية واإلدارة المحلية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،0‬الطبعة األولى‪ ،1121 ،‬ص‪.212 .‬‬

‫‪242‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬تفعيل مراقبة التسيير‬

‫لقد أصبح التدبير الترابي‪ ،‬في الدول المتقدمة يقوم على اإلحترافية‪ ،‬من قبيل‬
‫الوظائف الجديدة التي ظهرت مع الهيكل التنظيمي‪ ،‬مثل التدقيق الداخلي‪ ،‬ومراقبة‬
‫التسيير وغيرها من اآلليات التي تجعل من الجماعة الترابية مقاولة بامتياز‪.‬‬

‫ومن بين اإلجراءات المصاحبة التي تكفل تدبي ار ماليا سليما‪ ،‬وضع محددات‬
‫لمراقبة داخلية من أجل تتبع وتقييم العمل الترابي ككل‪ ،‬من حيث معرفة مظاهر القوة‬
‫لتعزيزها‪ ،‬وكذا مظاهر الضعف لتجاوزها‪ .316‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬فإن هناك العديد من‬
‫اآلليات الحديثة التي تسمح بالتحكم في عملية التدبير المالي الترابي‪ .‬كمراقبة التسيير‪،‬‬
‫التي تعتبر آلية رقابية حديثة‪ ،‬تتوخى تقييم وتقويم مناهج التسيير داخل المنظمات‪،‬‬
‫بواسطة اقتراح اإلجراءات التصحيحية على المسؤولين‪ ،‬قصد تحقيق األهداف المعلنة‪،‬‬
‫وهو ما يجعل منها مراقبة مندمجة في التسيير وليست خارجة عنه‪.317‬‬

‫وتكتسي مراقبة التسيير أهمية بالغة في التدبير‪ ،‬لكونها مبادرة داخلية‪ ،‬أي أن‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬لها سلطة القرار في اإلستعانة بها‪ ،‬في تحديث وسائل عملها‪ ،‬نظ ار‬
‫للمزايا الكثيرة التي تقدمها مراقبة التسيير‪ ،‬للرفع من جودة أداء الجماعات الترابية‪ .‬فقد‬
‫كانت ضمن اهتمامات أشغال المناظرة الوطنية السابعة للجماعات المحلية‪ ،‬وهو ما‬
‫يعكس حرص المسؤولين على تدبير الشأن العام الترابي‪ ،‬على توفير تقنيات نوعية‪،‬‬
‫تمكن من دعم جوانب الفعالية والمردودية‪ ،‬عن طريق توقع أخطار التسيير أو تقويمها‬
‫في حالة وقوعها‪ ،‬دون أن يحكمها في ذلك هاجس الزجر وانزال العقوبة‪.318‬‬

‫‪ -‬سعيد الميري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.022.‬‬ ‫‪316‬‬

‫‪ -317‬محمود حيمود‪ " ،‬إشكالية تقييم التدبير المحلي ‪ -‬مقاربة نقذية على ضوء التوجهات الرقابية الحديثة‪ ،" -‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬تخصص القانون العام‪ ،‬كلية العلوم لقانونية واإلقتصادية واإلجتماعية –الدارالبيضاء‪ ،‬السنة الجامعية‪:‬‬
‫‪ ،8118-8115‬ص‪.88. ،‬‬
‫‪ -‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.121.‬‬ ‫‪318‬‬

‫‪243‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫فمراقبة التسيير هي تلك العملية‪ ،‬التي تسمح بالتأكد من استعمال الموارد المالية‬
‫والبشرية‪ ،‬للمؤسسة استعماال عقالنيا وفعاال‪ ،‬وكذلك تدارك اإلنحرافات غير المسموح‬
‫بها‪ ،‬من أجل تحقيق األهداف‪ ،‬وذلك باستخدام مختلف التقنيات والوسائل الكمية‬
‫والكيفية‪ ،‬وبالتالي فدورها هو إعطاء المسؤولين داخل المؤسسة‪ ،‬الوسائل لقيادتها‪،‬‬
‫واتخاذ الق اررات‪ ،‬وكذا ضمان مستقبلها‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬فخطاب الجماعة المقاولة‪،‬‬
‫يتمفصل مع هذه اآللية‪ ،‬التي تمكن من معرفة مظاهر القصور واإلنحرافات داخل‬
‫الجماعة الترابية‪ ،‬وكذا تمكن من قياس الفوارق بين النتائج المحصل عليها وتلك‬
‫المنتظرة‪ ،‬ومقارنة الوسائل باألهداف‪ .‬واجماال يمكن القول‪ ،‬إن مراقبة التسيير هي آلية‬
‫مهمة للرقي بالعمل الداخلي للجماعات الترابية إلى مستوى التدبير المقاوالتي‪ ،‬وبالتالي‬
‫الحصول على نتائج جد مرضية تعكس بدورها تحسن وضعية الجماعة الترابية‬
‫والسكان معا‪.319‬‬

‫وتعتمد مراقبة التسيير على بعض األدوات الموازية لتحقيق أهدافها‪ ،‬ومن بينها‬
‫على وجه الخصوص المحاسبة التحليلية‪ ،320‬ولوحة القيادة " ‪Le tableau de‬‬
‫‪ ،321"bord‬بالنسبة لألداة األولى (المحاسبة التحليلية) فهي تمكن من تجميع وتحليل‬
‫بيانات التكاليف وتوزيع المصروفات‪ ،‬من أجل تحديد ثمن تكلفة المنتجات أو‬
‫الخدمات‪ ،‬وتقديم معلومات دقيقة إلى إدارة المؤسسة‪.322‬‬

‫‪ -‬سعيد الميري‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.158.‬‬ ‫‪319‬‬

‫‪320‬‬
‫‪- Aline Ledoux, La comptabilité analytique des collectivités locale , Mémoire DESS‬‬
‫‪management du secteur public Université Lyon, France, 1999, p. 37.‬‬
‫‪321‬‬
‫‪- Kaplan R.S. et Norton D.P, Le Tableau de Bord Prospectif, Pilotage Stratégique : Les‬‬
‫‪quatre axes du succès, Editions d'Organisation, 1998, p. 105.‬‬
‫للمزيد من التفصيل راجع‪:‬‬
‫‪-Loïc Levoyer : Finances locales, Hachette éducation, 2012.‬‬

‫‪ -322‬محمد بنهموش‪ " ،‬التدخالت اإلقتصادية للجماعات المحلية "تقييم تجربة المجلس الجماعي للقنيطرة"‪ ،‬بحث لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا المعمقة في القانون العام‪ ،‬وحدة البحث والتكوين‪ :‬تدبير الشأن العام‪ ، ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬السويسي ‪-‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،8112-8118 :‬ص‪.538 .‬‬

‫‪244‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫فدور الجماعات الترابية‪ ،‬ال يستقيم إال بتبني أداة المحاسبة التحليلية‪ ،‬ألن من‬
‫شأن تطبيقها واإلستعانة بها تسهيل مأمورية األدوار الجديدة‪ ،‬التي تسعى إليها‬
‫الجماعات الترابية ببالدنا‪ ،‬نظ ار لإليجابيات التي تقدمها‪ ،‬ابتداء من معرفة تكاليف‬
‫ووظائف المؤسسة‪ ،‬وتحديد سعر تكلفة المنتجات والخدمات‪ ،‬ووصوال إلى اتخاذ‬
‫الق اررات الصائبة‪ .‬فهذه اإلجراءات تمكن من تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬كما تعمل أيضا‬
‫على تخليق الحياة العامة الترابية وترشيد النفقات العمومية‪.323‬‬

‫وتتجلى أيضا أهمية المحاسبة التحليلية‪ ،‬في مجال التدبير الترابي‪ ،‬في التطور‬
‫الذي انتقل بالجماعة من اإلطار اإلداري إلى اإلطار االقتصادي‪ ،‬الذي ساهم إلى حد‬
‫كبير في إنعاش التنمية الترابية‪ ،‬من خالل خوض غمار المنافسة‪ ،‬واإلضطالع بدور‬
‫الجماعة المقاولة‪.324‬‬

‫وعموما يمكن القول‪ ،‬إنه ما من شك يحوم حول أهمية المحاسبة التحليلية‪،‬‬


‫وألجل ذلك‪ ،‬تستدعي وتتطلب منتخبا محليا واعيا ومدركا ألهميتها‪ ،‬وباألخص رئيس‬
‫المجلس الجماعي‪ ،‬بمواصفات المدبر والقادر على االستعانة بهذه التقنية‪ ،‬من أجل‬
‫الرفع من القدرات التدبيرية والتنافسية للجماعات الترابية‪ ،‬من حيث معرفة تكلفة‬
‫تدخالتها االقتصادية‪ ،‬وسعر تلك التدخالت وقيمتها‪ ،‬ووصوال إلى نتائج معينة‪ ،‬يمكن‬
‫أن تبني عليها باقي الق اررات الالحقة‪.‬‬

‫والى جانب المحاسبة التحليلية‪ ،‬هناك تقنية مماثلة ال تقل أهمية عنها‪ ،‬وهي‬
‫لوحة القيادة )‪ ،(Le tableau de bord‬التي تسمح بمتابعة المنجزات وتزويد المسؤول‬

‫‪ -323‬سعيد الميري‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.153 .‬‬


‫‪ -324‬نعيمة لمويني‪ " ،‬القابض الجماعي واشكالية الرقابة على تنفيذ الميزانية الجماعية بالمغرب"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬عين الشق‪ -‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪،8115-8113‬‬
‫ص‪.351 .‬‬

‫‪245‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫أو صاحب القرار بمجموعة من المعلومات‪ ،‬تساعده في مهامه المتمثلة في تأمين‬


‫التطابق الفعلي بين اإلنجازات واألهداف المحددة سلفا‪.325‬‬

‫وبذلك‪ ،‬فإن لوحة القيادة هي أداة إلنتقاء اإلجراءات التصحيحية‪ ،‬عبر الكشف‬
‫عن الفوارق القابلة للقياس‪ ،‬والتحكم في الكلفة ومتابعة النشاط المنجز‪ ،‬وتكييف الوسائل‬
‫مع األهداف‪ ،‬والبحث كذلك عن استعمال القدرات غير الموظفة‪ ،‬والتنسيق بين‬
‫المصالح‪ .‬أي أنها عبارة عن نظام للمعلومات‪ ،‬يمكن بواسطته التعرف بشكل مستمر‬
‫وفي وقت وجيز على المعطيات الضرورية لتتبع السير الجيد أو السيء على المدى‬
‫القصير للمؤسسة‪.326‬‬

‫واجماال‪ ،‬يمكن القول بأن اآلليات التدبيرية الحديثة‪ ،‬لم تعد حك ار على القطاع‬
‫الخاص‪ ،‬بل إن نجاحها كان دافعا ومحف از إلدخالها إلى القطاع العمومي‪ ،‬وبفضل ذلك‬
‫لم يعد هناك حدود بين ما هو عام وخاص‪ ،327‬بحيث تسعف في تجاوز بعض‬
‫اإلشكاليات التي يطرحها التسيير الداخلي‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى مراقبة التسيير‪ ،‬هناك آلية أخرى ال تقل أهمية عنها هي آلية‬
‫التدقيق الداخلي‪ ،‬الذي تعتبر من الركائز األساسية للتدبير العمومي المحلي‪ ،‬تتأكد‬
‫إيجابياتها من خالل تحكمها في الجوانب المالية والمحاسبية أو التنظيمية للجماعات‬
‫الترابية‪.‬‬

‫تمكن هذه الوحدات على وجه الخصوص من‬ ‫‪328‬‬


‫وبناء عليه‪ ،‬فإن هذه التقنية‬
‫تحقيق من تحقيق ما يلي‪:‬‬

‫‪ -325‬محمد بنهموش‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.019.‬‬


‫‪ -‬نفس المرجع أعاله‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪134 .‬‬ ‫‪326‬‬

‫‪327‬‬
‫‪- Fabrice Robert, les finances locales, la documentation française, 2009, p. 166-168.‬‬
‫‪ -‬سعيد الميري‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.151 .‬‬ ‫‪328‬‬

‫‪246‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ ‬التحكم في المخاطر‪ ،‬من خالل تقديم معلومات شفافة ومالئمة وفي الوقت‬
‫المناسب؛‬

‫‪ ‬ضمان سالمة األموال المادية (الممتلكات العقارية والمنقوالت)‪ ،‬وغير المادية‬


‫(كالموارد البشرية)؛‬

‫‪ ‬ضمان احترام التعليمات‪ ،‬ويتعلق األمر في نفس الوقت بالمعايير واألنظمة‬


‫المتأتية من الخارج (قوانين‪ ،‬مراسيم‪ ،‬دوريات‪ ،)..‬والتوجيهات السياسية المقدمة من قبل‬
‫المنتخبين‪ ،‬أو برامج العمل المطبقة من قبل السلطة اإلدارية التسلسلية؛‬

‫‪ ‬تحفيز المراقبة الخارجية؛‬

‫‪ ‬تثمين الموارد‪.329‬‬

‫والى جانب هذه الفوائد‪ ،‬فإن من مزايا التدقيق الداخلي كذلك‪ ،‬تسهيل المهام على‬
‫أجهزة الرقابة الخارجية‪ ،‬وخاصة المجالس الجهوية للحسابات في حالة الرقابة‬
‫والمفتشية العامة لإلدارة الترابية بو ازرة الداخلية‬ ‫‪331‬‬
‫القضائية‪ ،330‬والمفتشية العامة للمالية‬
‫في حالة المراقبة اإلدارية‪ ،‬حيث كان من األفضل إيجاد مخاطب لهذه الوحدات داخل‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬تقوم بتزويدها بالمعلومات المطلوبة في نطاق اختصاصاتها‪.332‬‬

‫‪ -329‬محمد بنهموش‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.535 .‬‬


‫‪ -330‬تجد المجالس الجهوية للحسابات سندها في الدستور المعدل لسنة ‪ ،8155‬وبالرجوع إلى القانون رقم ‪ 98/..‬المتعلق‬
‫بمدونة المحاكم المالية‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،5.18.585‬المؤرخ بتاريخ ‪ 53‬يونيو ‪ ،8118‬يالحظ أنه‬
‫خصص الكتاب الثاني منه للمجالس الجهوية للحسابات ( المواد ‪ ،)595-559‬وهي مجالس تختص في مجال مراقبة وتدقيق‬
‫مالية الجماعات المحلية وهيئاتها ومراقبة تسييرها‪.‬‬
‫‪ -331‬يعتبر هذا الجهاز من أهم األجهزة التي تقوم برقابة المالية المحلية‪ ،‬فهو يختص في إجراء رقابة على تصرف محاسبي‬
‫الجماعات الترابية وهيئاتها‪.‬‬
‫‪ -‬سعيد الميري‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.159 .‬‬ ‫‪332‬‬

‫‪247‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫وهذا ما تنص عليه القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬بإمكانية خضوع تدبير‬
‫الجماعات الترابية ومجموعاتها‪ ،‬والمؤسسات العامة التابعة لها‪ ،‬لعمليات التدقيق‬
‫المالي‪ ،‬الذي يحق طلب إجراءه للمجلس التداولي‪ ،‬أو يمكن أن يتم بمبادرة شخصية من‬
‫اآلمر بالصرف أو من وزير الداخلية تقوم به هيئات خارجية معتمدة‪ .‬إن إقرار إمكانية‬
‫الخضوع لعمليات التدقيق المالي‪ ،‬تعد وسيلة من شأنها السماح للجماعات‬
‫ولمجموعاتها‪ ،‬بقياس فعالية سياساتها التنموية كما وكيفا‪ ،‬والوقوف على مخاطر إدارة‬
‫المشاريع‪ ،‬حيث ستستطيع من خالل النتائج التي ستسفر عنها عمليات التدقيق‪ ،‬إيجاد‬
‫المواءمة الالزمة من إمكانياتها وأهدافها‪.‬‬

‫فقيام الجماعة بدورها كشريك في التنمية‪ ،‬واصالح النظام الجبائي والمالي‪ ،‬من‬
‫أجل دعم استقاللها‪ ،‬واتساع دائرة اختصاصها وتقاطعها مع اختصاصات الدولة‪،‬‬
‫وتشعب هذه اإلختصاصات‪ ،‬تقتضي دعم التدبير الترابي بإخضاعه لإلفتحاص‬
‫والتدقيق‪ ،‬من أجل تقييم إنجازات هذه الجماعات‪ ،‬ومساعدتها على التعرف على عوامل‬
‫ضعف المردودية وانخفاض الفعالية‪ ،‬ومساعدتها على معالجة اإلختالالت التي‬
‫تعترضها في إدارتها شؤونها‪ ،‬من أجل جعل التدبير الترابي أكثر فعالية وأعلى مردودية‬
‫وأقل كلفة‪.‬‬

‫واجماال‪ ،‬فإن محددات تفعيل التدبير المالي بالجماعات الترابية‪ ،‬يقتضي تبني‬
‫مؤشرات اإل قتصاد والفعالية والنجاعة‪ ،‬التي تتفاعل وتتناغم لتجويد التدبير في‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬على نهج القطاع الخاص‪ ،‬كما تشكل األدوات التدبيرية الحديثة‬
‫(المراقبة الداخلية‪ ،‬مراقبة التسيير‪ ،‬التدقيق الداخلي) ضوابط داخلية تعزز بها هذه‬
‫الوحدات المراقبة الداخلية على ذاتها‪.‬‬

‫‪248‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫خاتمة الفصل الثاني‬

‫واجماال يمكن القول‪ ،‬بأن اآلليات التدبيرية الحديثة لم تعد حك ار على القطاع‬
‫الخاص‪ ،‬بل إن نجاحها كان دافعا ومحف از إلدخالها إلى القطاع العمومي‪ ،‬وبفضل ذلك‬
‫لم تعد هناك حدودا بين ما هو عام وخاص‪ ،‬بحيث تسعف في تجاوز بعض‬
‫اإلشكاليات التي يطرحها التسيير الداخلي‪.‬‬

‫فإذا كان مبدأ التقييم يفترض توفر مجموعة من العناصر األساسية للقيام بالعملية‬
‫التقييمية‪ ،‬فإن تقرير اللجنة االستشارية للجهوية‪ ،‬في مقاربته للتوجه التقييمي للتدبير‬
‫الترابي‪ ،‬لم يغفل هذه المتطلبات‪ ،‬حيث ركز على عناصر أساسية تخدم مبدأ التقييم‪،‬‬
‫ويتعلق األمر أساسا بتبني الجماعات التدبير بحسب األهداف ونشر ميزانيات‬
‫الجماعات الترابية واعداد تقارير دورية حول تدبيرها المالي باإلضافة إلى إقامة أنظمة‬
‫للوقاية وتدبير المخاطر‪.‬‬

‫إن تفعيل هذه اآلليات‪ ،‬سيقوي التدبير المالي للجماعات الترابية‪ ،‬خصوصا أنه‬
‫أصبح يشترط السرعة والمردودية في اآلن نفسه‪ ،‬لكن اإلشكال أن كل هذه اآلليات‬
‫تبقى رهينة بوجود منتخب يستهدف الصالح العام للجماعات التربية بالدرجة األولى‪،‬‬
‫باإلضافة إلى موظف جماعي يسعى لتطوير األداء المالي للجماعات الترابية‪.‬‬

‫‪249‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫خاتمة عامة‬

‫إن عدم قدرة الجماعات الترابية على تمويل تكاليفها‪ ،‬يؤدي بالضرورة إلى‬
‫إضعاف قدرتها التدبيرية‪ ،‬واذا كان اإلعتماد على التمويل المركزي لموازنة التكاليف مع‬
‫الموارد‪ ،‬فإن هذه التبعية عادة ما يصاحبها نوع من التدخل أو التوجيه‪ ،‬المؤثر في‬
‫النشاط المالي للجماعات الترابية‪ ،‬وبرمجة مضامين الميزانية‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس يعتبر الحفاظ على استقاللية القرار المالي للجماعات الترابية‪،‬‬
‫أهم الرهانات التي تقوم عليها األسس المالية للتنمية الترابية‪ ،‬فإستقاللية التدبير التنموي‬
‫تفيد حرية اتخاذ القرار وتنفيذه‪ ،‬بشكل يجعل من تدخل السلطة المركزية يقتصر على‬
‫رقابة صحة وسالمة العمليات المالية‪ ،‬وأال يتعداها لمراقبة مالءمة المشاريع إال بشكل‬
‫استثنائي‪.‬‬

‫إن استقاللية القرار المالي‪ ،‬تعتبر من أهم الضمانات للتدبير التنموي‪ ،‬الشيء‬
‫الذي يتطلب اعتماد منظومة متوازنة للتمويل‪ ،‬تقوم على تطوير الجباية المحلية‪،‬‬
‫ومأسسة التمويل المركزي بشكل يضمن استقاللية القرار الترابي‪ ،‬وحرية الجماعات‬
‫الترابية واستقالليتها على مستوى إعداد الميزانية‪ ،‬وبرمجة المشاريع التنموية وتنفيذها‪،‬‬
‫كما يتطلب تحديد مجال تدخل السلطات المركزية‪ ،‬في الرقابة النظامية وعدم ربط‬
‫اآللية الرقابية بالتمويل‪.‬‬

‫وفي الختام‪ ،‬يمكن القول إن إرساء مقومات الحكامة الجيدة‪ ،‬لحل أزمة مالية‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬يتطلب استحضار مجموعة من الدعامات‪ ،‬تنبني على تصور‬
‫إصالحي قائم على نظرة شمولية‪ ،‬وليس على إصالحات تجزيئية ذات أهداف ضيقة‪.‬‬
‫وتتمثل هذه الدعامات في ‪:‬‬

‫‪250‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫منتخب مسؤول‪ ،‬منفتح وكفء ذو تكوين يؤهله لمسايرة اختصاصات‬ ‫‪‬‬


‫الجماعات الترابية‪ ،‬والتواصل مع مختلف الفاعلين األساسيين في التدبير‪ ،‬وعلى‬
‫رأسهم المواطن الترابي؛‬

‫موظف جماعي محترف‪ ،‬ذو تكوين عال قادر على تسيير الجماعة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫على أساس التدبير العمومي الحديث المبني على الفعالية والجودة والمسؤولية؛‬

‫قطاع خاص يمثل مقاولة مواطنة‪ ،‬منفتحة على قضايا وهموم محيطها‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ومشاركة في تنميته من خالل تشجيع االستثمار الترابي‪ ،‬والنهوض بميكانزماته‪ ،‬بدل‬
‫اإلعتماد على اقتصاد الريع ومختلف االمتيازات التي ترتبط به؛‬

‫قطاع عام مسؤول يتمتع بالشفافية‪ ،‬ومنفتح على بيئته الترابية ومتواصل‬ ‫‪‬‬
‫معها؛‬

‫مجتمع مدني محترف ومسؤول‪ ،‬ذو قوة اقت ارحية وازنة ونوعية‪ ،‬بحكم‬ ‫‪‬‬
‫قربه من المواطن‪ ،‬واطالعه على انشغاالته وانتظاراته؛‬

‫سلطة ترابية‪ ،‬ذات ممارسة وصائية مواكبة‪ ،‬وذات رؤية جديدة على‬ ‫‪‬‬
‫مستوى تدبير الشأن العام الترابي‪ ،‬تتجاوز المقاربة األمنية لتنخرط كشريك وكفاعل‬
‫أساسي في المقاربة التشاركية ؛‬

‫ساكنة ترابية مواطنة وواعية بحقوقها والتزاماتها‪ ،‬منخرطة في تحقيق‬ ‫‪‬‬


‫التنمية الترابية‪ ،‬من خالل إشراكها في النقاشات العمومية‪ ،‬بشكل مباشر أو بصفة غير‬
‫مباشرة‪ ،‬وذلك عن طريق إحداث نظام لتلقي الطلبات واآلراء المعبرة عنها‪.‬‬

‫ومن أجل تفعيل هذه الدعامات‪ ،‬على الدولة بلورة استراتيجية إصالحية ذات‬
‫منظور شمولي تروم اتخاذ اإلجراءات التالية ‪:‬‬

‫‪251‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫تأهيل الموارد البشرية والمالية للجماعات الترابية‪ ،‬باعتبارها مقومات‬ ‫‪‬‬


‫أساسية لكل تدبير تشاركي ناجح؛‬

‫ضرورة تفعيل اآلليات المرتبطة بجودة التدبير‪ ،‬خاصة ما يرتبط منها‬ ‫‪‬‬
‫بتفعيل المراقبة البعدية‪ ،‬من خالل تقوية أجهزتها وأدوارها‪ ،‬وكذا تسهيل انفتاحها‬
‫وتواصلها مع الرأي العام الترابي‪.‬‬

‫وبناء عليه‪ ،‬أصبح مفروضا على الجماعات الترابية اليوم‪ ،‬القيام بإجراء‬
‫مجموعة من التحوالت األساسية‪ ،‬التي تقتضيها ممارسة التزاماتها المؤسسية‪،‬‬
‫واإلضطالع بمسؤولياتها لضمان تدبير مجالها الترابي‪.‬‬

‫‪252‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الئحة المراجع‬

‫أوال‪ :‬مراجع باللغة العربية‬


‫‪ -2‬الكتب العامة ‪:‬‬
‫‪ -‬إدريس خدري‪ ،‬اإلسالم واختصاص المال العام‪ ،‬دار النشر المغربية‪،‬‬

‫الدارالبيضاء‪.8118 ،‬‬

‫‪ -‬امحمد اإلدريسي‪"،‬األركان األساسية للتدبير"‪ ،‬مطبعة فيدبرانت‪ ،‬أكتوبر‬

‫‪.8115‬‬

‫‪ -‬المهدي بنمير‪ " ،‬الحكامة المحلية بالمغرب وسؤال التنمية البشرية"‪ ،‬سلسلة‬

‫الالمركزية وسؤال الجماعات المحلية‪ ،‬مطبعة وليلي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مراكش‪.8151 ،‬‬

‫‪ -‬بهيجة هسكر‪" ،‬الجماعة المقاولة بالمغرب (األسس‪ ،‬المقومات والرهانات)"‪،‬‬

‫طوب بريس‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪.8151 ،‬‬

‫‪ -‬جمال خلوق‪ ،‬التدبير الترابي بالمغرب‪ ،‬واقع الحال ومطلب التنمية‪ ،‬الطبعة‬

‫األولى‪ ،‬مكتبة الرشاد‪ ،‬سطات‪ ،‬فبراير‪.811. ،‬‬

‫‪ -‬خليل حسين‪" ،‬السياسات العامة في الدول النامية‪ ،‬دار المنهل اللبناني"‪،‬‬

‫بيروت‪.8118 ،‬‬

‫‪253‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬رشيد السعيد‪ ،‬كريم لحرش‪ "،‬الحكامة الجيدة بالمغرب ومتطلبات التنمية‬

‫البشرية"‪ ،‬مكتبة الرشاد‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬أبريل ‪.811.‬‬

‫‪ -‬سعيد جفري‪" ،‬الحكامة وأخواتها (مقاربة في المفهوم ورهان الطموح المغربي)"‪،‬‬

‫الشركة المغربية لتوزيع الكتاب‪ ،‬الدارالبيضاء‪.8151 ،‬‬

‫‪ -‬صالح الدين اكريالن‪ ،‬الميثاق الجماعي‪ :‬قراءة تحليلية‪ ،‬مطبعة ‪SAVOIR‬‬

‫‪ ،PRINT‬الطبعة األولى‪.811. ،‬‬

‫‪ -‬عبد الحق عقلة‪" ،‬دراسات في علم التدبير"‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الرباط‪،‬‬

‫‪.‬‬ ‫الطبعة األولى‪8118-8119 ،‬‬

‫‪ -‬عبد الحق عقلة‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الجزء األول‪ -‬المبادئ األساسية لدراسة‬

‫القانون والعلم اإلداريين‪ ،‬طبعة‪.8118 ،‬‬

‫‪ -‬عبد العزيز أشرقي‪ ،‬الجهوية الموسعة نمط جديد للحكامة الترابية والتنمية‬

‫المندمجة‪ :‬الطبعة األولى مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ‪.8155‬‬

‫‪ -‬عبد العزيز أشرقي‪ " ،‬الحكامة الجيدة‪ ،‬الدولية – الوطنية‪ ،‬الجماعية ومتطلبات‬

‫اإلدارة المواطنة"‪ ،‬مكتبة دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬

‫‪.1660‬‬

‫‪ -‬عبد الفتاح بلخال‪ ،‬علم المالية العامة والتشريع المالي المغربي‪ ،‬مطبعة فضالة‬

‫المحمدية‪ ،‬الطبعة األولى‪.1660 ،‬‬

‫‪254‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬عبد الكريم زهير الكايد‪ ،‬الحكمانية‪ -‬قضايا وتطبيقات‪ ،-‬المنظمة العربية‬

‫للتنمية اإلدارية‪ ،‬عمان‪.8113 ،‬‬

‫‪ -‬فاطمة مزروع السعيدي‪ ،‬اإلدارة المحلية الالمركزية بالمغرب‪ ،‬مطبعة النجاح‬

‫الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‪.8113 ،‬‬

‫‪ -‬محمد براو‪" ،‬الوجيز في شرح قانون المحاكم المالية‪ :‬مساهمة في التأصيل‬

‫الفقهي للرقابة القضائية على المال العام"‪ ،‬مطبعة طوب بريس‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬

‫‪.8115‬‬

‫‪ -‬محمد حركات‪ ،‬دور المجالس الجهوية للحسابات في تفعيل التدبير الجيد‬

‫للشأن العام المحلي‪ ،‬استراتيجية تنظيم الجماعات المحلية بالمغرب‪ ،‬ط‪.8118 ،5.‬‬

‫‪ -‬محمد حنين‪ ،‬تدبير المالية العمومية‪ :‬الرهانات واإلكراهات‪ ،‬دار القلم للطباعة‬

‫والنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪.8111 ،‬‬

‫‪ -‬محمد زين الدين‪ ،‬الجهة بالمغرب المعاصر من الجهوية اإلدارية إلى الجهوية‬

‫السياسية‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪.8112 ،‬‬

‫‪ -‬مليكة الصروخ‪ ،‬القانون اإلداري"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدارالبيضاء‪،‬‬

‫‪.‬‬ ‫الطبعة السادسة‪8119 ،‬‬

‫‪ -‬نعيمة هراج التوزاني‪ ،‬األمناء في المغرب في ظل حكم السلطان المولى‬

‫الحسن ‪ ،52.5-5283‬مطبعة فضالة‪ ،‬المحمدية‪.5.21 ،‬‬

‫‪255‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -8‬الكتب المتخصصة‪:‬‬

‫‪ -‬أحمد أجعون‪ ،‬مضمون ونطاق التدبير الحر للجماعت الترابية‪ ،‬أشغال األيام‬

‫المغاربية العاشرة للقانون‪ ،‬المنظمة من طرف شبكة الحقوقيين المغاربيين‪ ،‬يومي ‪-58‬‬

‫‪ 52‬أبريل‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪.8151 ،‬‬

‫‪ -‬المهدي بنمير‪ ،‬الجماعات المحلية و الممارسة المالية بالمغرب‪ ،‬مطبعة‬

‫الوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪. 5..5 ،‬‬

‫‪ -‬حسن بريح‪ ،‬المصطفى الحطاب‪ ،‬مسلسل اإلصالح الجبائي المحلي واشكالية‬

‫اإلستقالل المالي للجماعات الترابية‪ ( ،‬في ضوء القانونين الجبائي رقم ‪31.2.‬‬

‫والقانون رقم ‪ ،)58.19‬سلسلة أريد أن أعرف ‪ ،55‬نشر ‪ ،SOMADI‬الطبعة األولى‪،‬‬

‫سنة ‪.8155‬‬

‫‪ -‬سعيد جفري‪ ،‬جبايات الجماعات المحلية بالمغرب على ضوء القانون رقم‬

‫‪ ،58.19‬مطبعة طوب بريس‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الرباط‪.811. ،‬‬

‫‪ -‬عبد السالم أديب‪ ،‬السياسة الضريبية واستراتيجية التنمية‪ ،‬دراسة تحليلية‬

‫‪.‬‬ ‫للنظام الجبائي المغربي‪ ،5.19-8111 ،‬إفريقيا الشرق‪ ،‬الطبعة‪ ،‬األولى‪5..2 ،‬‬

‫‪ -‬عبد الجليل هويدي‪ ،‬المالية العامة للحكم المحلي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الفكر‬

‫العربي‪ ،‬القاهرة‪.5.23 ،‬‬

‫‪256‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬عبد العزيز أشرقي‪ ،‬الجهوية الموسعة نمط جديد للحكامة الترابية والتنمية‬

‫المندمجة‪ :‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪.8155 ،‬‬

‫‪ -‬عبد المالك أحمد العصري‪" ،‬التأصيل النظري لمفهومي اإلدارة والتدبير"‪،‬‬

‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،519 - 511‬يوليوز‪-‬أكتوبر‬

‫‪.8158‬‬

‫‪ -‬عبد المجيد أسعد‪ ،‬مالية الجماعات المحلية بالمغرب‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬

‫الدار البيضاء‪.5..5 ،‬‬

‫‪ -‬عبد المجيد عبد المطلب‪ ،‬التمويل المحلي والتنمية المحلية‪ ،‬الدار الجامعية‬

‫للطبع والنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.8115 ،‬‬

‫‪ -‬عمر العسري‪ ،‬النظام الجديد للمحاسبة العمومية للجماعات المحلية بالمغرب‪،‬‬

‫اللقاء المغاربي التاسع‪ ،‬لشبكة القانونيين لمغاربيين‪ ،‬المنظم بمراكش‪ ،‬بتاريخ ‪59-51‬‬

‫أبريل ‪ 8155‬حول " الجماعات المحلية بدول المغرب العربي" مطبعة المعارف الجديدة‬

‫‪ ،‬الرباط ‪.8155‬‬

‫‪ -‬محمد السنوسي معنى‪ ،‬مالية الجماعات المحلية بالمغرب‪ ،‬دار النشر‬

‫المغربية‪ ،‬الدار البيضاء‪. 5..3 ،‬‬

‫‪ -‬مكاوي نصير‪ ،‬تدبير مالية الجماعات المحلية‪ ،‬دار أبي رقراق للطباعة‬

‫والنشر‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪.8155 ،‬‬

‫‪257‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬نجيب جيري ‪ ،‬الرقابة المالية بالمغرب بين الحكامة المالية ومتطلبات التنمية –‬

‫دراسة تحليلية‪ ،-‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪.8158 ،‬‬

‫‪ -3‬األطروحات‪:‬‬

‫‪ -‬أحمد حليبة‪ ،‬التهرب الضريبي وانعكاساته على التنمية المحلية بالمغرب"‪،‬‬

‫أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬وحدة علم اإلدارة والقانون اإلداري‪،‬‬

‫كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪-‬أكدال‪-‬الرباط‪.8115-8111 ،‬‬

‫‪ -‬أحمد قيلش‪ ،‬المنظومة الجبائية المحلية بين إشكالية التنازع وحركية التقاضي‪،‬‬

‫أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬

‫واالجتماعية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪.8111-8115‬‬

‫‪ -‬آمال بلشقر‪ ،‬تدبير الجماعات الترابية للمشاريع التنموية بين إكراهات الواقع‬

‫ومتطلبات التنمية المندمجة‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية‬

‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬السنة الجامعية‪.8151-8155 :‬‬

‫‪ -‬الشريف الغيوبي‪" ،‬األسس القانونية والمقومات المالية للتنمية الجهوية"‪،‬‬

‫اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬

‫واالجتماعية‪ ،‬أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪.8118-8115 :‬‬

‫‪258‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬حمدي باشا‪ " ،‬أزمة التنمية والتخطيط في ظل التحوالت العالمية"‪ ،‬أطروحة‬

‫لنيل الدكتوراه في العلوم االقتصادية‪ ،‬جامعة الجزائر العاصمة‪ ،‬السنة الجامعية‪:‬‬

‫‪.8118-8119‬‬

‫‪ -‬حنان القادري‪ ،‬دور المجالس الجهوية للحسابات في مراقبة مالية الجماعات‬

‫الترابية – دراسة مقارنة‪ ،-‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم‬

‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية‪.8159-8151 :‬‬

‫‪ -‬سعيد الميري ‪ ،‬التدبير اإلقتصادي للجماعات المحلية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه‬

‫في القانون العام‪ ،‬وحدة ‪ :‬القانون العام الداخلي‪ ،‬تخصص تسيير السلطات العمومية‪،‬‬

‫كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬السويسي‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪:‬‬

‫‪.8118-8119‬‬

‫‪ -‬عبد القادر الطالبي‪ " ،‬مساعدات الدولة للجماعات المحلية بالمغرب"‪ ،‬أطروحة‬

‫لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬وحدة البحث والتكوين‪ :‬إدارة عامة‪ ،‬كلية العلوم‬

‫القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪-‬وجدة‪ ،‬السنة الجامعية‪.8118-8115 :‬‬

‫‪ -‬عزيزي مفتاح‪ ،‬الالمركزية من التسيير اإلداري إلى تدبير التنمية‪ ،‬أطروحة‬

‫لنيل الدكتوراه الدولة في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪،‬‬

‫أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪.8115-8111 :‬‬

‫‪259‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬عالل بوركبة‪ ،‬الموارد الجبائية المستخلصة مباشرة من طرف الجماعات‬

‫الحضرية والقروية بالمغرب‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون‬

‫العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬الدارالبيضاء‪.8115-8111 ،‬‬

‫‪ -‬محمد بنهموش‪" ،‬التدخالت اإلقتصادية للجماعات المحلية "تقييم تجربة‬

‫المجلس الجماعي للقنيطرة"‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام‪،‬‬

‫وحدة البحث والتكوين‪ :‬تدبير الشأن العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬

‫‪.‬‬ ‫واالجتماعية‪ ،‬السويسي‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪8112-8118 :‬‬

‫‪ -‬مرضي حورية‪ ،‬موارد الجماعات المحلية ودورها في التنمية‪" ،‬الجماعات‬

‫المحلية بالجهة الشرقية كنموذج"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتو اره في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم‬

‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬فاس‪ ،‬السنة الجامعية‪.8115- 8113 :‬‬

‫‪ -‬محمد حيمود‪" ،‬إشكالية تقييم التدبير المحلي ‪ -‬مقاربة نقذية على ضوء‬

‫التوجهات الرقابية الحديثة‪ ،"-‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬تخصص القانون‬

‫العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية– الدارالبيضاء‪ ،‬السنة الجامعية‪:‬‬

‫‪.8118-8115‬‬

‫منير الحجاجي‪ ،‬التنمية المحلية التشاركية‪ -‬مقاربة لدور المشاركة في إحداث‬

‫التنمية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام‪ ،‬وحدة‪ :‬تدبير اإلدارة‬

‫‪260‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫المحلية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪-‬سطات‪ ،‬السنة الجامعية‪:‬‬

‫‪.8118-8119‬‬

‫‪ -‬نوال الهناوي‪ ،‬التدبير العمومي الجديد‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراة في القانون‬

‫العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪-‬أكدال السنة الجامعية‪:‬‬

‫‪.811.-8112‬‬

‫‪ -5‬الرسائل‪:‬‬

‫‪ -‬إبراهيم صبيري‪ ،‬القباضة الجماعية ومسألة التدبير المالي الجماعي‪ ،‬رسالة‬

‫لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬

‫‪.‬‬ ‫واالجتماعية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية‪5... -5..2 :‬‬

‫‪ -‬إبراهيم بنزيت‪ ،‬الجباية المحلية من الجماعة إلى الجهة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬

‫الدراسات العليا في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪،‬‬

‫الدارالبيضاء‪ ،‬السنة الجامعية‪.5..2-5..8 :‬‬

‫‪ -‬إيمنصوران سهيلة‪"،‬الفساد اإلقتصادي واشكالية الحكم الراشد وعالقتهما‬

‫بالنمو اإلقتصادي"‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في العلوم اإلقتصادية‪ ،‬قسم‬

‫التحليل اإلقتصادي‪ ،‬كلية العلوم اإلقتصادية والتسيير‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬السنة‬

‫الجامعية‪.1660- 1660:‬‬

‫‪261‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬جمال اللمطي الخمسي‪ "،‬وضعية الموارد الذاتية بالجماعات المحلية‪-‬نموذج‬

‫بلدية وادي لو‪ ،"-‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في المالية العامة‪ ،‬كلية‬

‫العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬السويسي‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪-8115 :‬‬

‫‪.8118‬‬

‫‪ -‬خادم أحمد‪ ،‬وكالة المداخيل‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم السلك العالي‪ ،‬المدرسة الوطنية‬

‫لإلدارة العمومية الرباط‪ ،‬دجنبر ‪.5..8‬‬

‫‪ -‬رشيد البوني‪ ،‬الحكامة المحلية الجيدة واشكالية التنمية بالمغرب"‪ ،‬بحث لنيل‬

‫شهادة الماستر‪ ،‬تخصص‪ :‬قانون المنازعات‪ ،‬جامعة المولى إسماعيل‪ ،‬كلية العلوم‬

‫القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ -‬مكناس‪ ،‬السنة الجامعية‪.1626-1660 :‬‬

‫‪ -‬رشيد بودي‪ ،‬االستقالل المالي للجماعات المحلية على ضوء الفصل ما بين‬

‫اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في‬

‫القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الدارالبيضاء‪ ،‬السنة‬

‫الجامعية‪.8113-8118 :‬‬

‫‪ -‬سعيد بلفالح‪ ،‬حكامة اإلنفاق المحلي ورهان التنمية" بلدية خريبكة نموذجا"‪،‬‬

‫رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬

‫واالقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬سطات‪.8118-8119 ،‬‬

‫‪262‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬سعيد بوفريوي‪ "،‬التنظيم المالي للجهة"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‪،‬‬

‫وحدة التكوين والبحث‪-‬المالية العامة‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‬

‫الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪.8115-8118‬‬

‫‪ -‬سميرة جيادي‪" ،‬اإلصالح الجبائي المحلي على ضوء القانون رقم ‪،"58.19‬‬

‫رسالة لنبل دبلوم الماستر في الحكامة المحلية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية‬

‫واإلجتماعية المحمدية‪ ،‬السنة الجامعية‪.8112-8118 :‬‬

‫‪ -‬سميرة بوزردة‪" ،‬دور الجالس الجهوية للحسابات في مراقبة المالية المحلية"‪،‬‬

‫رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬كلية الحقوق الدار البيضاء‪-5..2 ،‬‬

‫‪.5...‬‬

‫‪ -‬لكميلي كمال‪" ،‬التمويل غير الجبائي‪ :‬الجماعة المقاولة رهان القرن ‪،"85‬‬

‫رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬

‫واالقتصادية واالجتماعية بالدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪.8115-8111‬‬

‫‪ -‬محمد فاضل الرزمة‪ ،‬التمويل الجماعي بين محدودية الموارد ورهانات التنمية‪،‬‬

‫رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام المعمق‪ ،‬وحدة‪ :‬تدبير اإلدارة‬

‫المحلية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية سطات‪ ،‬السنة الجامعية‪:‬‬

‫‪.811.-8112‬‬

‫‪263‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬محمد مجيدي‪ ،‬الجهة بالمغرب‪ :‬البنية ووسائل العمل‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة‬

‫لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية‬

‫واإلجتماعية‪ ،‬أكدال‪ -‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪.5... -5..2:‬‬

‫‪ -‬مونعيم لحريري‪ ،‬التدبير المالي المحلي ورهان التنمية"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬

‫الماستر في القانون العام‪ ،‬تخصص‪ :‬تدبير الشأن العام المحلي‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬

‫واإلقتصادية واإلجتماعية‪ -‬السويسي‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪.8112-8118:‬‬

‫‪ -‬وفاء معاوي‪ ،‬الحكم المحلي الرشيد كآلية للتنمية المحلية في الجزائر"‪ ،‬مذكرة‬

‫لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية‪ ،‬وحدة البحث‪ :‬سياسات عامة وحكومات‬

‫مقارنة‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ ،‬كلية الحقوق باتنة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية‪-811.:‬‬

‫‪.8151‬‬

‫‪ -‬عبد اللطيف امشمش‪ ،‬نور الدين نصير‪ ،‬تقرير حول تطور الجبايات المحلية‬

‫بالمغرب‪ ،‬نموذج المجموعة الحضرية للدارالبيضاء‪ ،‬بحث نهاية التدريب‪ ،‬مركز التكوين‬

‫اإلداري‪ -‬الدر االبيضاء‪ ،‬السنة الدراسية ‪.5..2-5..8‬‬

‫‪ -1‬المجالت‪:‬‬

‫‪ -‬أبو نزار‪ ،‬إكراهات الرقابة المالية على الجماعات المحلية‪ ،‬المجلة المغربية‬

‫للتدقيق والتنمية‪ ،‬سلسلة " التدبير االستراتيجي"‪ ،‬عدد ‪.5..5 ،5‬‬

‫‪264‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬أحمد حضراني‪ ،‬قانون الجبايات المحلية الجديد وضمانات مبدأ العدالة‬

‫الجبائية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬السلسلة العادية العدد ‪،82-8.‬‬

‫السنة ‪.8112‬‬

‫‪ -‬أحمد مفيد‪ ،‬الحكامة الجيدة على ضوء دستور ‪ ،8155‬المجلة المغربية‬

‫للسياسات العمومية‪ ،‬العدد ‪ ،55‬شتاء ‪.8151‬‬

‫‪ -‬المحجوب الدربالي‪ ،‬السياسة الجبائية للجماعات المحلية‪ :‬قراءة تحليلية للقانون‬

‫الجبائي المحلي الجديد‪ ،‬مجلة العلوم القانونية‪ ،‬العدد األول‪.8153 ،‬‬

‫‪ -‬إدريس خدري‪ ،‬إشكالية تجويد المراقبة والتدقيق في الجماعات المحلية‪ ،‬المجلة‬

‫المغربية للتدقيق والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،55‬يونيو‪.8118‬‬

‫‪ -‬الضريبة على الشركات وفق قانون المالية لسنة ‪ ،0202‬سلسلة المعرفة‬

‫القانونية للجميع‪ ،‬العدد ‪ ،81‬الطبعة األولى‪ ،‬دار اإلنماء الثقافي‪.8151 ،‬‬

‫‪ -‬المصطفى دليل‪" ،‬المجالس الجماعية وعالقاتها العامة"‪ ،‬منشورات المجلة‬

‫المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪ ،‬عدد‪.5..3 ،3‬‬

‫‪ -‬جميلة دليمي ‪ ،‬الوعاء الجبائي المحلي بين حدود اإلصالح ورهانات الحكامة‬

‫الجيدة‪ ،‬اللقاء المغاربي التاسع‪ ،‬لشبكة القانونيين لمغاربيين‪ ،‬المنظم بمراكش بتاريخ‬

‫‪ 59-51‬أبريل ‪ 8155‬حول " الجماعات المحلية بدول المغرب العربي"‪ ،‬مطبعة‬

‫المعارف الجديدة ‪ ،‬الرباط ‪.8155‬‬

‫‪265‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬حميجو إبراهيم‪ ،‬قراءة أولية في مشروع اإلصالح الجبائي المحلي‪ ،‬رسالة‬

‫الجماعات المحلية‪ ،‬دورية تصدرها و ازرة الداخلية‪ ،‬المديرية العامة للجماعات المحلية‪،‬‬

‫العدد ‪ ،53‬أبريل‪ -‬يونيو ‪.8111‬‬

‫‪ -‬حميد أبوالس‪ ،‬قراءة عملية للجباية المحلية على ضوء مشروع القانون الجديد‪،‬‬

‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،8.-82‬سنة ‪.8112‬‬

‫‪ -‬رسالة الجماعات المحلية‪ ،‬العدد ‪ ،3‬يوليوز ‪-‬غشت‪ ،8115 ،‬ص‪.9.‬‬

‫‪ -‬علي أمجد‪ ،‬الموارد المالية والبشرية‪ :‬مقومات أساسية الالمركزية الجهوية‬

‫ووسيلة لتطويرها‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،85‬ماي‪-‬‬

‫يونيو‪.8118‬‬

‫‪ -‬عبد الحق مرجاني‪ ،‬الجبائية المحلية بالمغرب‪ ،‬مجلة المالية المحلية‬

‫واالقتصاد الجهوي‪ ،‬العدد‪.5..1 ،5‬‬

‫‪ -‬عبد الرحمان الماضي‪" ،‬حكامة المجتمع المدني‪ -‬العمل الجمعوي نموذجا"‪،‬‬

‫مجلة مسالك في الفـكر والسياسة واإلقتصاد‪ ،‬عـدد‪.9119 ،01-9‬‬

‫‪ -‬عبد اللطيف بروحو‪ ،‬مالية الجماعات المحلية بين واقع الرقابة ومتطلبات‬

‫التنمية‪ :‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪" ،‬سلسلة مواضيع الساعة"‪،‬‬

‫العدد ‪ ،81‬لسنة ‪.8155‬‬

‫‪266‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬قصور النظام القانوني التنظيمي ألمالك الجماعات الترابية واشكالية التمويل‬

‫الغير جبائي للتنمية المحلية بالمغرب‪ ،‬منشورات مجلة الحقوق المغربية للدراسات‬

‫القانونية والقضائية‪ ،‬السنة األولى ‪.8158‬‬

‫‪ -‬عبد المجيد أسعد‪ ،‬مالية الجهة بالمغرب‪ ،‬المجلة المغربية لقانون واقتصاد‬

‫التنمية‪ ،‬العدد ‪ ،51‬سنة ‪.8115‬‬

‫‪ -‬عبد المجيد أسعد‪ ،‬التمويل الجبائي للتنمية المحلية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة‬

‫المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪ ،‬العدد الثاني‪.5..1 ،‬‬

‫‪ -‬محمد بنطلحة الدكالي‪ ،‬محاولة لتشخيص ومعالجة الجوانب المالية والجبائية‬

‫في التنظيم المالي الجماعي ‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة‬

‫"مواضيع الساعة"‪ ،‬العدد ‪.8113 ،55‬‬

‫‪ -‬محمد بوجيدة وميلود بوخال‪ " ،‬أمالك الجماعات المحلية وهيئاتها"‪ ،‬المجلة‬

‫المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة "دالئل التسيير"‪ ،‬العدد الخامس‪.5..2 ،‬‬

‫‪ -‬محمد حمزة بولحسن‪ ،‬الحكامة من خالل القضاء المالي‪ ،‬مجلة دراسات‬

‫ووقائع دستورية‪ ،‬العدد ‪ ،51‬سنة ‪.8151‬‬

‫‪ -‬محمد حيمود‪ ،‬اإل ستقالل المالي للجماعات الترابية بين مضامين دستور‬

‫‪ 8155‬وانتظارات التنزيل التشريعي‪ ،‬أشغال األيام المغاربية العاشرة للقانون‪ ،‬المنظمة‬

‫‪267‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫من طرف شبكة الحقوقيين المغاربيين‪ ،‬يومي ‪ 52 -58‬أبريل‪ ،‬مطبعة المعارف‬

‫الجديدة‪ ،‬الرباط‪.8151 ،‬‬

‫‪ -‬محمد زين الدين‪ ،‬الحكامة‪ ،‬مقاربة إبستمولوجية في المفهوم والسياق‪ ،‬مجلة‬

‫مسالك في الفكر واالقتصاد‪ ،‬عدد ‪.8112 ،2‬‬

‫‪ -‬محمد علي أدبيا‪ ،‬إشكالية االستقالل المالي للجماعات المحلية بالمغرب‪ ،‬نحو‬

‫مقاربة أكثر واقعية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪،‬‬

‫العدد ‪ ،8.‬لسنة ‪.8115‬‬

‫‪ -‬محمد شكيري‪ ،‬تحديد الوعاء الضريبي ومراقبته في إطار الجبايات المحلية‪،‬‬

‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪.8119 ،98 ،99‬‬

‫‪ -‬محمد شكيري‪ ،‬أهمية التواصل في تدبير الضريبة‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة‬

‫المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،7.‬مارس‪ -‬أبريل‪.1661 ،‬‬

‫‪ -‬مصطفى معمر‪ ،‬إصالح التنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها‪:‬‬

‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ،512‬يناير – فبراير‪.8153 ،‬‬

‫‪ -‬منية بنلمليح‪ ،‬واقع تدبير الملك العمومي المحلي ورهانات الحكامة المحلية‪،‬‬

‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،551‬مارس‪ -‬أبريل ‪.8155‬‬

‫‪ -‬منير مغيث ونزهة العياشي‪ ،‬المالية المحلية واشكالية التنمية المستدامة‪ ،‬مجلة‬

‫الخزينة‪ ،‬عدد ‪ ،9‬سنة ‪.8119‬‬

‫‪268‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬نعيمة امويني‪ ،‬إشكالية الرقابة المالية المحلية‪ ،‬مؤسسة القابض كنموذج‪،‬‬

‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ 35‬شتنبر ‪ -‬أكتوبر‪.8111 ،‬‬

‫‪ -‬هشام الحسكة‪ ،‬القضاء المالي الجهوي وحكامة الجماعات الترابية‪ ،‬دراسة في‬

‫اختصاص افتحاص‪ ،‬مراقبة تسيير الجماعات الترابية‪ ،‬المجلة المغربية للسياسات‬

‫العمومية ‪ ، REMAPP‬العدد ‪.8151 ،55‬‬

‫‪ -6‬نصوص قانونية ووثائق‪:‬‬

‫‪ -‬الظهير الشريف رقم ‪ ،5.55..5‬الصادر في ‪ 82‬يوليوز‪ ،8155‬بتنفيذ نص‬

‫الدستور‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 1.95‬مكرر‪ ،‬بتاريخ ‪ 31‬يوليوز‪.8155‬‬

‫‪ -‬الظهير الشريف رقم ‪ 5.1..351‬بتاريخ ذي الحجة ‪83(538.‬‬

‫يونيو‪ ،)5.91‬المتعلق بالتنظيم الجماعي‪ ،‬جريدة الرسمية العدد ‪ ،8528‬بتاريخ ‪85‬‬

‫يونيو ‪.5.91‬‬

‫‪ -‬الظهير الشريف رقم ‪ 89..1..5‬بشأن التفتيش العام للمالية‪ ،‬المنشور‬

‫بالجريدة الرسمية عدد ‪ ،8582‬بتاريخ ‪ 88‬أبريل ‪.5.91‬‬

‫‪ -‬الظهير شريف رقم ‪ 5.51.23‬صادر في ‪ 8‬يوليوز ‪ ،8151‬بتنفيذ القانون‬

‫التنظيمي رقم ‪ 555.55‬المتعلق بالجهات‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 83( 9321‬يوليوز‬

‫‪ ،)8151‬ص‪.9955 .‬‬

‫‪269‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 5.51.25‬صادر في ‪ 8‬يوليوز ‪ ،8151‬بتنفيذ القانون‬

‫التنظيمي رقم ‪ 558.55‬المتعلق بالعماالت واألقاليم‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪9321‬‬

‫(‪ 83‬يوليوز ‪ ،)8151‬ص‪.9911.‬‬

‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 5.51.21‬صادر في ‪ 8‬يوليوز ‪ ،8151‬بتنفيذ القانون‬

‫التنظيمي رقم ‪ 553.55‬المتعلق بالجماعات‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪83( 9321‬‬

‫يوليوز ‪ ،)8151‬ص‪.9991.‬‬

‫‪ -‬الظهير شريف ‪ ،5.51.511‬صادر في ‪ 8‬ربيع األول ‪ 5.( ،5538‬ديسمبر‬

‫‪ ،)8151‬بتنفيذ قانون المالية رقم ‪ ،81.51‬للسنة المالية ‪. 8159‬‬

‫‪ -‬الظهير شريف رقم ‪ 5.12.513‬الصادر في ‪ 88‬صفر ‪ 52 (5.31‬فبراير‬

‫‪ )811.‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 58.12‬القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم ‪ 82/11‬المتعلق‬

‫بالميثاق الجماعي‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،1855‬بتاريخ (‪ 83‬فبراير ‪.)811.‬‬

‫‪ -‬الظهير الشريف رقم ‪ 5.18.5.1‬الصادر في ‪ 31‬نونبر ‪ 8118‬بتنفيذ القانون‬

‫رقم ‪ 58/19‬المتعلق بالجبايات المحلية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،1123‬بتاريخ ‪3‬‬

‫دجنبر ‪.8118‬‬

‫‪ -‬الظهير شريف رقم ‪ ،5.18.81.‬صادر في ‪ 88‬ديسمبر ‪ ،8118‬بتنفيذ‬

‫القانون رقم ‪ ،3..18‬بسن أحكام انتقالية فيما يتعلق بالرسوم والحقوق والمساهمات‬

‫‪270‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫واألتاوى المستحقة لفائدة الجماعات المحلية‪ ،‬جريدة رسمية عدد‪ ،11.5‬بتاريخ ‪35‬‬

‫ديسمبر ‪.8118‬‬

‫‪ -‬القانون رقم ‪ 95-..‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين‬

‫والمحاسبين العموميين‪ ،‬بتاريخ ‪ 53‬أبريل ‪ ،8118‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 5...‬بتاريخ‬

‫‪ 8.‬أبريل ‪.8118‬‬

‫‪ -‬القانون رقم ‪ ،51-.8‬المتعلق بمدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬والصادر‬

‫بمقتضى ظهير شريف رقم ‪ 5.11.581‬الصادر في ‪ 82‬محرم ‪ 5585‬الموافق ل ‪3‬‬

‫ماي ‪.8111‬‬

‫‪ -‬القانون رقم ‪ 98...‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪.‬‬

‫‪ -‬الظهير الشريف رقم ‪ 5.2..528‬بتاريخ ‪ 85‬ربيع الثاني ‪ ،5551‬الموافق‬

‫ل‪ 85‬نوفمبر ‪ ،5.2.‬الصادر بتنفيذ القانون رقم ‪ ،31.2.‬والمتعلق بنظام الضرائب‬

‫المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ ،5138‬بتاريخ ‪ 9‬دجنبر‬

‫‪.5.2.‬‬

‫‪ -‬الظهير شريف رقم ‪ 5.21.358‬صادر في ‪ 81‬دجنبر ‪ ،5.21‬بتنفيذ قانون‬

‫رقم ‪ ،31.21‬القاضي بفرض الضريبة على القيمة المضافة‪ ،‬جريدة رسمية‪ ،‬عدد‬

‫‪ 3252‬صادر بتاريخ فاتح يناير ‪.5.29‬‬

‫‪271‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬الظهير رقم ‪ ،5-23-32‬بتاريخ ‪ 85‬رجب ‪ 5515‬موافق ل ‪ 83‬أبريل‬

‫‪ ،5.25‬المتعلق باإلصالح الجبائي للدولة‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ ،81 3835‬ماي‬

‫‪.5.25‬‬

‫‪ -‬الظهير شريف رقم ‪ 5.89.125‬بتاريخ ‪ 31‬شتنير‪ 5.89‬بمثابة قانون‪،‬‬

‫المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية وهيئاتها‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 3331‬مكرر‪،‬‬

‫بتاريخ ‪ 5‬أكتوبر ‪ ،5.89‬ص‪.3135 .‬‬

‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ 8.59.355‬صادر في ‪ 83‬من رمضان ‪8.( 5538‬‬

‫يونيو‪ )8159‬بتحديد قائمة الوثائق الواجب إرفاقها بميزانية الجهة‪ ،‬المعروضة على‬

‫لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ ،9528‬بتاريخ ‪ 55‬يوليوز‬

‫‪ ،8159‬ص‪.1598 .‬‬

‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ 8.59.351‬صادر في ‪ 83‬من رمضان ‪8.(5538‬‬

‫يونيو‪ )8159‬بتحديد قائمة الوثائق الواجب إرفاقها بميزانية العمالة أو اإلقليم‪،‬‬

‫المعروضة على لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪،9528‬‬

‫بتاريخ ‪ 55‬يوليوز ‪ ،8159‬ص‪.1598.‬‬

‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ 8.59.359‬صادر في ‪ 83‬من رمضان ‪8.(5538‬‬

‫يونيو‪ )8159‬بتحديد قائمة الوثائق الواجب إرفاقها بميزانية الجماعة‪ ،‬المعروضة على‬

‫‪272‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ ،9528‬بتاريخ ‪ 55‬يوليوز‬

‫‪ ،8159‬ص‪.1593 .‬‬

‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ 8.1..555‬صادر في ‪ 58‬محرم ‪ 3 ( 5535‬يناير ‪)8151‬‬

‫بسن نظام المحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها‪ ،‬الجريدة الرسمية‬

‫‪ 2 ،1255‬فبراير‪.8151‬‬

‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ 8.11.5888‬صادر في ‪ 89‬رمضان ‪ 5588‬الموافق ل ‪5.‬‬

‫أكتوبر ‪ 8119‬بتغيير المرسوم رقم ‪ 8.89.189‬بتاريخ ‪ 51‬شتنبر ‪ 5.89‬بسن نظام‬

‫لمحاسبة الجماعات المحلية وهيئاتها‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ ،1581‬بتاريخ ‪8‬‬

‫نوفمبر‪ ،8119‬ص‪.3391.‬‬

‫‪ -‬المرسوم رقم ‪ ،8..5.511‬صادر في ‪ 9‬محرم ‪ 59(5551‬يونيو ‪،)5..5‬‬

‫في شأن النظام األساسي الخاص بالمفتشين العامين لإلدارة الترابية‪ ،‬بو ازرة الداخلية‪،‬‬

‫الجريدة الرسمية عدد ‪ ،5895‬بتاريخ ‪ 81‬يوليوز ‪.5..5‬‬

‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ 8.89.181‬بتاريخ ‪ 31‬شتنبر ‪ 5.89‬يتعلق بتطبيق الظهير‬

‫السالف ذكره الخاص بالتنظيم المالي‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ ،3331‬بتاريخ ‪ 5‬أكتوبر‬

‫‪ ،5.89‬ص‪.313. .‬‬

‫‪273‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ 8.89.189‬يتعلق بسن نظام لمحاسبة الجماعات المحلية‬

‫وهيئاتها‪ ،‬بتاريخ ‪ 31‬شتنبر‪ ،5.89‬جريدة رسمية عدد ‪ ،3331‬بتاريخ ‪ 5‬أكتوبر‬

‫‪ ،5.89‬ص‪.313. .‬‬

‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ 8.89.188‬بتاريخ ‪ 31‬شتنبر ‪ 5.89‬الخاص بمراقبة صحة‬

‫االلتزام بالنفقات المتعلقة بالجماعات المحلية وهيئاتها‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪،3331‬‬

‫بتاريخ ‪ 5‬أكتوبر ‪ ،5.89‬ص‪.3118.‬‬

‫‪ -‬الخطاب الملكي بتاريخ ‪ 11‬يناير‪ ،9101‬بمناسبة تنصيب اللجنة االستشارية‬

‫للجهوية‪.‬‬

‫‪ -‬الخطاب الملكي بتاريخ ‪ 11‬نونبر ‪ ،9111‬بمراكش‪ ،‬بمناسبة ذكرى مرور ‪11‬‬

‫سنة على المسيرة الخضراء‪.‬‬

‫‪ -‬تقرير المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬عن جبايات الجماعات الترابية‪ ،‬سنة‬

‫‪.9102‬‬

‫‪ -‬الجماعة في أفق ‪ ،8151‬المديرية العامة للجماعات المحلية‪ ،‬و ازرة الداخلية‪،‬‬

‫أبريل ‪.811.‬‬

‫‪ -‬الجماعات المحلية باألرقام‪ ،‬منشورات و ازرة الداخلية‪ ،‬المديرية العامة‬

‫للجماعات المحلية‪ ،‬طبعة ‪.8155‬‬

‫‪274‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫‪ -‬اللجنة االستشارية للجهوية‪ ،‬تقرير حول الجهوية المتقدمة‪ ،‬الكتاب األول‪:‬‬

‫التصور العام‪.‬‬

‫‪ -‬دليل أمالك الجماعات المحلية‪ ،‬المملكة المغربية‪ ،‬و ازرة الداخلية‪ ،‬المديرية‬

‫العامة للجماعات المحلية‪ ،‬الطبعة األولى‪.811. ،‬‬

‫‪ -‬دورية و ازرة الداخلية حول إعداد ميزانيات الجماعات المحلية برسم سنة‬

‫‪ ،9111‬ص‪.0.‬‬

‫‪ -‬إحصاءات الخزينة العامة للمملكة‪ ،‬لسنوات ‪ 9111‬و ‪ 9119‬و‪.9100‬‬

‫‪ -‬التقارير السنوية الخاصة بالمالية المحلية‪ ،‬الخزينة العامة للمملكة‪ ،‬و ازرة‬

‫المالية‪ 9110 ،‬و‪ 9111‬و‪ 9119‬و‪.9100‬‬

‫‪275‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫ المراجع بالفرنسية‬: ‫ثانيا‬

1- Les ouvrages :

*A.DELCAMP et J.M TULARD : France ; une decentralisation à la


recherche d’un second soufle ; in la decentralisation dans le etats de l’union
européenne ;la documentation francaise, Paris 2002.

*Amal Mecharfi : Les collectivités territoiles dans la constitution


marocaine, actes des Xéme journées Maghrebines de droit (17 - 18Avril
2015), publié avec le concours de la fondation Hanns Seidel.

*Bartoli Annie : « Management dans les organisations publiques »,


dunod, Paris, 3éme édition, 2009.

*Boubker Ayatallah : Eléments de finances publique, Dar Nachr El


Maarif, 2005.

*Chevalier Gilles : « Eléments de management public : le


management public par la qualité », Afnor éditions, 2009.

*Driss Basri : « la décentralisation au Maroc : de la commune à la


région », édition Natahan, 1994.

*Fabrice Robert : les finances locales, la documentation francaise,


2009.

*Fares Wafaa : du gouvernement à la gouvernance, étude d’un


concept ambigu, Revue Massalik, N° 8, 2008.

*Jacques Carré, Sophie Body- Gendrot : gouvenance locale,


pauvretéet esclusions dans les villes anglo- sasconnes, Presses de
L’Université de Paris- Sorbonne, Paris, 1997.

276
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

*Jilali chabih : les finances des collectivités locales au Maroc,


L’Harmattan, 2005.

*Kaplan R.S. et Norton D.P : Le Tableau de Bord Prospectif,


Pilotage Stratégique : Les quatre axes du succès Editions d'Organisation,
1998.

*Kennedy Carol : «Toutes les théories du management : les idées


essentielles des auteurs les plus souvent cités », maxima, Paris, 3ème
édition, 2003.

*Loïc Levoyer : Finances locales, Hachette éducation, 2012.

*M. Braniard : La décentralisation dans un pays centralisé, lyon, col.


L’essentiel, 1984

Mohammed Boujida : quelues éléments d’analyse du principe


constitutionnel de libre adminstration des collectivités territoiales
marocaines , Actes des Xémes journées Maghrébines de droit ( 17- 18 avril
2015), organiséés par le réseau des juristes maghrébins ( REJMAà).

*Mohammed Sbih : la gestion des finances communales, Edition


Babel, 1992.

*Michel Rousset : « le role du ministére de l’interieur et sa place au


sein de l’administration Marocaine », Ed C.N.R.S, Paris, 1975.

*Rachid El Moussaoui : Les Finances Locales, Imprimerie Spartel,


Edition 2013.
*Raymond Muzellec : finances locales, Dalloz, 4éme édition, 2002.
*Yves Mény : la corruption de la république, Edition Fayard, 1992.

*Structure et Fonctionnement de la Démocratie locale et


régionale, Editions du conseil de l’europe, avril, 1998.

277
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

2- Thèses et mémoires :

Thèses :
Aman Abdelmajid, la formation intégrée, méthode de gestion des
compétences, expérimentation dans les administrations publiques
marocaines, thèse de doctorat, Univesité Lyon, 2001.

Mémoires :
*Aline Ledoux : La comptabilité analytique des collectivités locales,
Mémoire DESS Management du secteur public, Université Lyon, France,
1999.
*Mohammed Mouadi : Planification stratégique :un moyen efficace
pour harmoniser l’investissement public local" , Master spécialisé :
Management des services publics, Institut Supérieur de Commerce et d’
Administration des Entreprises, Année académique : 2003-2004.

*L'audit interne dans les collectivites territoriales, cas de la


commune urbaine de Ribat el Kheir"- Sarra EL Idrissi Nadir, fondamentale
en économie et gestion, Faculté de Science juridiques, économiques et
sociales, Université Sidi Mohammed Ben Abdellah, Maroc 2011.

3 - Les revues :

*Mohamed Brahimi : " de l’efficacité des contrôles exercées sur les


collectivités locales ", REMALD, avril- juin, 1998.

*Mohammed Harrakat : L’apport de l’audit à la démocratie locale,


Revue Marocaine d’administration locale et de développement locale, Sérié
thémes actuels, N°15, 1998.

278
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

*Larbi Jiadi : La gestion des finances public locales : déparages et


disciplines, in reforme de la fiscalité locale, CNC, N° 37, vol 1, juin 2007.

4- Les rapports :

*Art L 1611.1 a L1611-7 du CGDT.


*Dernour Saida, Baraoui Taha, Evaluation de la reforme fiscale locale
: situation actuelle et perspective : Rapport de fin de stage : centre de
formation administrative, Casa, 1995.
*Loi organique n° 2004-758 du 29 juillet 2004 prise en application de
l’article 72-2 de la constitution relative à l’autonomie financiére des
collectivités territoriale, JORF n°175 du 30 juillet 2004, p.13561.

5- les journaux :

*Bernard Cassen : le piége de la gouvernance, le monde


diplomatique, 2001, p.28

‫ المراجع باإلنجليزية‬:‫ثالثا‬

*Alfred Chandler : " strategy and structure, chapters in the history ok


in Industrie", enterprise, Cambridge, Mass, MIT. Press, 1962.

*Thomas.Wiss : "Gouvernance, good governance and global


governance : conceptal a conceptual Challenger, Third world quarter", vol.
21, N°05, 2000.

*The Word Bank : Governance and Development , the Word Bank


Publication, Washington , DC. 1992.

279
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫فهرس الجداول‬

‫الصفحات‬ ‫الجداول‬

‫‪49‬‬ ‫جدول رقم ‪0‬‬

‫‪42‬‬ ‫جدول رقم ‪9‬‬

‫‪22‬‬ ‫جدول رقم ‪1‬‬

‫‪091‬‬ ‫جدول رقم ‪4‬‬

‫فهرس المبيانات والخطاطات‬

‫الصفحات‬ ‫المبيانات والخطاطات‬

‫‪041‬‬ ‫مبيان رقم ‪0‬‬

‫‪014‬‬ ‫خطاطة رقم ‪0‬‬

‫‪011‬‬ ‫خطاطة رقم ‪9‬‬

‫‪280‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الفهرس‬
‫مقدمة عامة ‪2 ..................................................................‬‬
‫القسم األول‪ :‬واقع التدبير المالي للجماعات الترابية‪88 .........................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ضعف تدبير الموارد المالية للجماعات الترابية ‪17 ................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬حدود واكراهات التدبير المالي للجماعات الترابية ‪10 .........‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعداد موارد الجماعات الترابية ‪10 ..........................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الموارد المالية الذاتية المتاحة للجماعات الترابية ‪18 ............‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الموارد المالية ذات الطبيعة الجبائية ‪18 ...................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الموارد المالية ذات الطبيعة غير الجبائية‪.0 ...............‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الموارد المالية المحولة من الدولة ‪72 .........................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬معيقات تدبير الموارد الترابية‪70 ...........................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬اإلكراهات القانونية‪70 ....................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬ضعف مردودية موارد الجماعات الترابية ‪06 ...............‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬واقع التحصيل والرقابة على موارد الجماعات الترابية ‪0. .........‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ضعف المجهود التحصيلي للجماعات الترابية‪00 ..............‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التنظيم القانوني والتقني لتحصيل الجبايات المحلية ‪00 ...........‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬التأطير القانوني لتحصيل الجبايات المحلية ‪00 ............‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التنظيم التقني لتحصيل الجبايات المحلية‪00 ...............‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬األجهزة المتدخلة في تحصيل الجبايات المحلية المدبرة‬
‫من طرف الجماعات الترابية ‪08 .......................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حدود واكراهات تحصيل موارد الجماعات الترابية ‪4. ..........‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬إكراهات قانونية وتنظيمية ‪4. .............................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إكراهات اجتماعية ونفسية ‪40 .............................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬إكراهات الرقابة على موارد الجماعات الترابية ‪80 .............‬‬

‫‪281‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الفرع األول‪ :‬أنواع الرقابة على موارد الجماعات الترابية‪80 ....................‬‬


‫الفقرة األولى‪ :‬الرقابة اإلدارية‪80 ........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الرقابة السياسية ‪0. .......................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬الرقابة القضائية‪07 .......................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حدود واكراهات الرقابة على موارد الجماعات الترابية ‪266........‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬ضعف فعالية آلية الرقابة على وجه خاص ‪262...........‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬ضعف األداء الرقابي على المستوى العام ‪267.............‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬آثار الرقابة على مالية الجماعات الترابية‪260..............‬‬
‫خاتمة الفصل األول‪220..................................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬إشكالية تدبير اإلنفاق الترابي‪221...............................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مجاالت ومراحل اإلنفاق المالي الترابي‪228......................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعدد مجاالت اإلنفاق الترابي‪220.............................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مجال الشؤون االجتماعية‪220...................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مجال الشؤون اإلدارية والتقنية ‪21...............................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬نفقات تسيير اإلدارة والمصالح المرتبطة بها‪214.................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مراحل صرف النفقة الترابية‪218..............................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬اآلمر بالصرف‪210.............................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المحاسب العمومي‪2.1.........................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬إكراهات تدبير اإلنفاق المالي الترابي‪2.8..................... :‬‬
‫المطلب األول‪ :‬اإلكراهات القانونية لتدبير اإلنفاق الترابي ‪2.8.................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الوصاية كآلية للتحكم في حركية الممارسة المالية الترابية ‪2.8....‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬هيمنة نفقات التسيير على نفقات التجهيز ‪272...................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اإلكراهات الموضوعية لتدبير اإلنفاق الترابي ‪270.............‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تواضع مردودية النفقات الترابية ‪270..........................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تباين مستويات الرقابة على النفقات الترابية‪270...............‬‬

‫‪282‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫خاتمة الفصل الثاني ‪270.................................................‬‬


‫القسم الثاني‪ :‬آفاق تقوية وتجويد التدبير المالي الترابي‪210....................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬ومالءمتها لمبادئ‬
‫الحكامة المالية‪201...........................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مستجدات ومرتكزات القوانين التنظيمية للجماعات الترابية ‪20.....‬‬
‫المطلب األول‪ :‬اعتماد الميزانية والمصادقة عليها‪207.........................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬وضع الميزانية ‪200.............................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التصويت على الميزانية ‪208....................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬دعم االستقالل المالي للجماعات الترابية ‪207.................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬االستقالل المالي للجماعات الترابية من خالل الوثيقة‬
‫الدستورية لسنة‪207...................................................1122‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬االستقالل المالي الترابي‪ ،‬على ضوء القوانين التنظيمية‬
‫للجماعات الترابية ‪204......................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬حذف الحساب اإلداري وتعويضه بتقرير التدقيق‪200..........‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مضمون الحساب اإلداري ‪246.............................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تقرير التدقيق ونجاعة التدبير المالي الترابي ‪247...........‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اإلصالح المالي الترابي‪ ،‬ومطلب الحكامة المالية ‪240...........‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تفعيل مبادئ الحكامة الترابية على ضوء القوانين‬
‫التنظيمية للجماعات الترابية ‪244................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التخطيط اإلستراتيجي‪244.................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التدبير التشاركي ‪288.....................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬الشفافية‪280..............................................‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬المحاسبة والمساءلة ‪202...................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أسس الحكامة المالية الترابية‪ ،‬ودورها في بلورة اإلصالح‬
‫المالي الترابي‪20...............................................................‬‬

‫‪283‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫الفرع األول‪ :‬األساس الالمركزي للحكامة المالية ‪207....................‬‬


‫الفرع الثاني‪ :‬األساس التنموي للحكامة المالية‪200.......................‬‬
‫خاتمة الفصل األول ‪204...............................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬آفاق التدبير المالي الترابي ‪222.................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الجهوية المتقدمة‪ ،‬كمدخل رئيسي إلصالح مالية الجماعات‬
‫الترابية ‪200....................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تمويل الجهوية الموسعة بين دستور ‪ 9100‬والقانون التنظيمي‬
‫للجهة رقم ‪162........................................................000.04‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تمويل الجهوية الموسعة من خالل دستور‪162....... 9100‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬آليات تنمية الموارد المالية للجهات في إطار الجهوية‬
‫المتقدمة‪168...........................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تمويل الجهوية المتقدمة على ضوء التجارب المقارنة ‪120.....‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تمويل الجهة في فرنسا‪124................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تمويل الجهة بإسبانيا ‪116.................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬تمويل الجهة بألمانيا‪111..................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬حدود تمويل الجهوية المتقدمة ‪110...........................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مالية الجماعات الترابية وآليات التدبير الحديثة ‪110..............‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تطوير مالية الجماعات الترابية عن طريق تجاوز‬
‫االختالالت القانونية ‪1.6.......................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬العمل بمدونة الالمركزية‪1.6....................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تفعيل نظام الميزانية التشاركية ‪1.2..............................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬إنشاء مراكز محلية للتنمية ‪1.0.................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تفعيل آليات الرقابة‪1.0......................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تطوير أنظمة المراقبة الداخلية ‪1.4..............................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تفعيل مراقبة التسيير ‪17........................................‬‬

‫‪284‬‬
‫التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‬

‫خاتمة الفصل الثاني ‪170....................................................‬‬


‫خاتمة عامة ‪106...............................................................‬‬
‫الئحة المراجع ‪10..............................................................‬‬
‫الفهرس‪182....................................................................‬‬

‫‪285‬‬

You might also like