Professional Documents
Culture Documents
من المسلم به أن الكائن البشري محتاج في حياته للعيش ضمن الجماعة ،وما هذا إال لكونه مدني
بطبعه وبفطرته التي فطره الله سبحانه وتعالى عليها ،وهو ما أدى إلى ظهور فكرة المجتمع الذي يقصد
ظم
بها من ناحية علم االجتماع ..." :مجموعة من الناس تعيش سوية في شكل من ّ
وضمن جماعة منظمة ...يسعى كل واحد منهم لتحقيق المصالح واالحتياجات ."...وعلى ذلك فإن عيش
اإلنسان في جماعة يوّلد نوعا من المعامالت كنتيجة منطقية للعالقات المقامة بين األفراد.
إال أن العيش ضمن الجماعة قد يؤدي في بعض األحيان إلى االختالف والصراع بين أفرادها،
خاصة في حالة تعارض المصالح واألهداف ،ومن ثم كان لزاما أن تنظم العالقات بجملة من القواعد،
للحد من حريات األفراد ورغباتهم المطلقة ،وللتوفيق بين مصالحهم ،وهذا منعا لكل تعارض أو تضارب
فيما بينهم.1
هذه القواعد المنظمة لسلوكيات أفراد المجتمع ،تم االصطالح عليها بمصطلح "القانون" .فالحاجة
إلى القانون إذن تنشأ من مجرد وجود أشخاص يعيشون في جماعة.
على أن احترام القانون وفرض سلطانه وهيبته على أعضاء الجماعة ،يقتضي بالضرورة ظهور
سلطة – مهما كان شكلها – تتولى مهمة اإلشراف على وضع القواعد وتسهر على مدى احترامها،
وتتولى كذلك معاقبة المخالفين لها ،ومن هنا ظهرت فكرة الدولة التي تقوم على ثالث أركان أو عناصر
هي -1 :وجود مجموعة من البشر -2 ،استقرار هذه المجموعة فوق إقليم محدد -3 ،خضوع هذه
المجموعة لسلطة معينة.
و من باب التذكير ،يمكن القول بأن الدولة تتشكل من ثالث سلطات هي :السلطة التشريعية
واضعة القانون ،السلطة التنفيذية المطبقة للقانون ،السلطة القضائية الساهرة على مدى احترام القانون،
فهذه السلطات تعمل في تكامل وتعاون فيما بينها وفقا للمفهوم المرن لمبدأ الفصل بين السلطات.
وعلى العموم ،ومن خالل ما سبق يمكن القول بأن القانون بصفة عامة عبارة عن " ...مجموعة
من القواعد القانونية العامة التي تنظم سلوك األفراد في المجتمع ،والتي تكفل الدولة احترامها بالقوة عند
.
االقتضاء عن طريق توقيع جزاء على من يخالفها"...
)1توفيق حسن فرج ،المدخل للعلوم القانونية ،النظرية العامة للقانون والنظرية العامة للحق ،ط ،2 .مؤسسة الثقافة
الجامعية ،االسكندرية ،ص.11 .
ومع ذلك ،تجدر اإلشارة إلى أن القواعد القانونية وإن كانت تتسم بخصائص مشتركة (عامة،
ومجردة ،وملزمة) إال أنها ليست على نوع واحد وإنما تتعدد وتتنوع تبعا لتعدد وتنوع العالقات التي تنظمها
في المجتمع ،فما ينظم عالقة األفراد في بينهم ،يختلف عن ذلك الذي ينظم عالقتهم مع الدولة ،أو ما
ينظم عالقة هذه األخيرة بباقي الدول في المجتمع الدولي ،ومن هنا درجت غالبية الدراسات الفقهية
التقليدية إلى تقسيم القانون الوضعي إلى قانون خاص ينظم عالقات األفراد وقانون عام ينظم العالقات
التي تكون الدولة طرفا فيها.
هذا النوع األخير من القانون (القانون العام) يهتم بتنظيم الدولة وغيرها من األشخاص العامة
التابعة لها ،وذلك فيما يتعلق ببنائها وممارسة نشاطها بوصفها سلطة عامة تقوم على تحقيق المصالح
العامة.1
وعلى شاكلة القانون الخاص الذي يتفرع إلى العديد من القوانين كالقانون المدني ،والقانون التجاري،
وقانون األسرة ...إلخ ،فإن القانون العام هو اآلخر يضم مجموعة من القوانين أهمها :القانون الدستوري،
القانون المالي ،القانون الدولي العام ،قانون العقوبات ،القانون اإلداري إلى غير ذلك من القوانين التي
تظهر الدولة فيها كطرف في العالقة باعتبارها صاحبة السلطة العامة.
وإذا كان هذا هو المفهوم العلمي لمصطلح القانون العام ،إال أن التقاليد األكاديمية ال تأخذ به ،بل
وقفت باصطالح القانون العام عند مفهوم ضيق من هذا المفهوم العلمي األكاديمي ،فتستعمل أحيانا
هذا المصطلح بحيث ال يشمل سوى القانون الدستوري ،والقانون اإلداري ،والقانون المالي .وتستعمله
أحيانا أخرى بمعنى أضيق بحيث يقف االصطالح عند مادتي القانون الدستوري والقانون اإلداري
فحسب ،لما بينهما من روابط وثيقة .ويعد هذا االستعمال األخير هو الغالب في التقاليد األكاديمية في
الوقت الحاضر .ولقد ساعد على ذلك أن بقية فروع القانون العام (كالقانون الدولي العام ،والقانون
المالي ،وقانون العقوبات) قد أخذت طريقها إلى االستقالل لتكون مواد قائمة بذاتها.
وبناءا على ماسبق ذكره نطرح اإلشكالية التالية.
ما مفهوم القانون اإلداري من حيث المقصود به ونشأته ثم خصائصه؟.
)1ابراهيم عبد العزيز شيحا ،مبادئ وأحكام القانون اإلداري ،ماهية القانون اإلداري ،تنظيم اإلدارة العامة ،أموال اإلدارة
العامة ،الدار الجامعية للطباعة والنشر ،بيروت ،1991 ،ص.6 .
المبحث األول :تعريف ونشأة القانون اإلداري.
البد قبل البحث في موضوع القانون اإلداري أن نتبين بعض المسائل التي تلقي الضوء
على هذا القانون من حيث طبيعته ،فنبين التعريف بالقانون اإلداري (المطلب األول) ونشأته
في دولته األم فرنسا ثم في مصر التي كان لها دور الريادة في العالم العربي وبعد ذلك في
دولة اإلمارات العربية المتحدة (المطلب الثاني).
هو مجموعة القواعد القانونية التي تتميز عن قواعد الشريعة العامة (قواعد القانون الخاص) تنظم
أو تحكم أو تبين تكوين اإلدارة (الجانب الشكلي أو العضوي) ،وتبين كيفية ممارسة اإلدارة ألنشطتها،
ووسائل اإلدارة في تحقيقها ألهدافها (الجانب الموضوعي أو المادي).
ومن ثم فإن موضوعات القانون اإلداري هي:
التنظيم اإلداري. )1
المركزية والالمركزية. )2
التفويض اإلداري. )3
الضبط اإلداري. )1
المرفق العام. )5
القرار اإلداري. )6
العقد اإلداري. )7
المال العام. )8
الموظف العام والوظيفة العامة. )9
في حين عرفه البعض بأنه القانون الذي يتضمن القواعد التي تحكم إدارة الدولة من حيث تكوينها
ونشاطها باعتبارها سلطة عامة.1
-1ناصر لباد ،الوجيز في القانون اإلداري ،ط ،2 .منشورات لباد ،الجزائر ،2007 ،ص.50 .
ونجد هنا أنه من المناسب أن نبين أن القانون يقسم إلى قسمين رئيسيين ،قانون عام وقانون خاص
,القانون العام هو القانون الذي ينظم نشاط الدولة وسلطاتها العامة ,ويحكم العالقات القانونية التي
تكون الدولة أو إحدى هيئاتها العامة طرفاً فيها ,وتظهر فيها الدولة بوصفها سلطة عامة تتمتع بحقوق
وامتيازات استثنائية ال مقابل لها في عالقات األفراد.
أما القانون الخاص فينظم نشاط األفراد ويحكم العالقات بينهم أو بينهم وبين الدولة أو إحدى
هيئاتها عندما تظهر بمظهر األفراد العاديين أي ليس بوصفها سلطة عامة تتمتع بحقوق وامتيازات
استثنائية .
ويشتمل كل قسم من هذين القسمين على عدة فروع فيشتمل القانون العام على القانون العام
الخارجي ويتضمن القانون الدولي العام ,والقانون العام الداخلي ويتضمن القانون الدستوري والقانون
اإلداري والقانون المالي .
في حين ينقسم القانون الخاص إلى القانون المدني والقانون التجاري وقانون المرافعات المدينة
وغيرها من القوانين األخرى .
وكما بينا فأن القانون اإلداري هو فرع من فروع القانون العام الداخلي يحكم نشاط اإلدارة العامة
1
وهو موجود في كل دولة أياً كان مستواها وتطورها الحضاري .
وفي هذا المجال يسود مفهومان لإلدارة العامة المفهوم العضوي أو الشكلي ،والمفهوم الموضوعي
أو الوظيفي .
المفهوم العضوي :يهتم بالتكوين الداخلي لإلدارة العامة ,فيعرف اإلدارة العامة بأنها السلطة
اإلدارية سواء المركزية منها أو الالمركزية ,وجميع الهيئات التابعة لها .
بينما يهتم المفهوم الموضوعي بالجانب الوظيفي ،فيعرف اإلدارة العامة بأنها النشاط أو الوظيفة
التي تتوالها األجهزة اإلدارية إلشباع الحاجات العامة .
-1توفيق حسن فرج ،المدخل للعلوم القانونية ،النظرية العامة للقانون والنظرية العامة للحق ،ط ،2 .مؤسسة الثقافة
الجامعية ،االسكندرية ،د.ت.ن ،ص.11 .
وتبعاً لذلك فإن القانون اإلداري بمعناه العضوي هو القانون الذي يحكم السلطة اإلدارية أو األجهزة
اإلدارية في الدولة ،بينما يمكننا أن نعرف القانون اإلداري بمعناه الموضوعي بأنه القانون الذي يحكم
النشاط أو الوظيفة التي تتوالها األجهزة اإلدارية لتحقيق المصلحة العامة .
وقد اختلف الفقه في ترجيح أحد المفهومين إال أن االتجاه الحديث يقوم على الجمع بينهما ويعرف
القانون اإلداري بأنه " :القانون الذي ينظم األجهزة والهيئات اإلدارية في الدولة ،ويحكم النشاط أو الوظيفة
1
التي تتوالها األجهزة اإلدارية لتحقيق المصلحة العامة".
في فرنسا :نشأ القانون اإلداري في فرنسا بعد قيام الثورة الفرنسية سنة 1789م ذلك :1
بقوانين سنة 1790م وذلك ألسباب تاريخية خاصة ثم بقي واستمر وتطور إلى أن نشأ القضاء
اإلداري في فرنسا ونشأ معه القانون اإلداري سنة 1872م ألسباب فنية ،وهذه األسباب هي التي
أدت إلى انتقاله إلى الدول األخرى ومنها (مصر).
في مصر :نشأ النظام اإلداري بنشأة القضاء اإلداري سنة 1916م وكان اختصاص :2
القضاء اإلداري محددا على سبيل الحصر ،ولكنه أصبح صاحب االختصاص العام بدء من دستور
سنة 1971م ونشأ القانون اإلداري في هذه الفترة متأث ار بالنظام الفرنسي وبناء قواعد ونظريات
-1مراد بدران ،محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية ،جامعة أبي بكر بلقايد تلمسان ،2007 ،ص.5 .
)3وقد نصت المادة القضاء وطبق )2 المشرع تدخل )1
اإلماراتي بتنظيم موضوعات العادي منذ سنوات عديدة ( )102من الدستور االتحادي
إدارية كثيرة ،ومنها على سبيل العديد من المبادئ والنظريات اإلماراتي لسنة 1791م على
والقواعد اإلدارية األساسية قيام محكمة اتحادية أو أكثر، المثال ال الحصر:
قانون الخدمة المعروفة في الدول التي تأخذ وجعل من اختصاصها الفصل
في المنازعات اإلدارية بين بقضاء إداري مستقل ،مثل: المدنية.
فرنسا اإلتحاد واألفراد. قوانين
مصر الكادرات الخاصة.
.....إلخ الئحة شراء
المواد والمقاوالت.
لوائح األشغال
العامة...الخ.
ـ بو زيد فهمي مصطفى .القانون اإلداري ،د.ط ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية،1990 ،ص .11 1
أن هذه السلطة في الزمن السابق للثورة كانت على الغالب األعم ال
وعالقاتها ومنازعاتها .وال شك ّ
تخضع للرقابة القضائية .وال يسأل أعوانها عما سببوه من ضرر للغير .ومع التطور الذي ط أر على
المجتمع الفرنسي خاصة بعد الثورة أصبحت اإلدارة تسأل عن أعمالها التي تسبب ضر ار للغير.
وتخضع في نشاطها للرقابة القضائية .وهو ما ثبت عمال كما رأينا في قضية بالنكو الشهيرة.1
وهكذا فإن تغير نمط الحكم في فرنسا عقب الثورة وما تبعه من تشريعات كان له أثر كبير في
ظهور القواعد الغير مألوفة أو القانون اإلداري بالمعنى الفني .وحري بنا التنبيه ّ
أن حداثة نشأة هذا
الفرع من القانون شكلت ولو نسبيا عائقا يقف وراء غموض كثير من مصطلحاته إلى غاية اليوم
نذكر منها المرفق العام والسلطة العامة والمنفعة العامة...الخ ورغم الجهود المبذولة من قبل الفقه
والقضاء في فرنسا وخارجها فان بنيان هذه القانون لم يكتمل بعد.2
كذلك لماّ كان القانون اإلداري يهتم أساسا باإلدارة العامة ويحكم نشاطها ّ
فانه تبعا لذلك وجب
أن يكون قانونا متطو ار ال يعرف االستقرار ذلك ّأنه ما صلح لإلدارة اليوم قد ال يكون كذلك في
وقت الحق .وتأسيسا على ذلك وجب أن يتكيف هذا القانون مع متطلبات اإلدارة وفقا لما يتماشى
ووظيفتها في إشباع الحاجات العامة للجمهور .وهذا الهدف وحده نراه في حركة دءوبة ودائمة.
األمر الذي سينعكس في النهاية على أحكام ومبادئ القانون اإلداري فيجعلها قابلة للتطور والتغيير.3
وإذا كانت قواعد القانون المدني والتجاري والبحري مثال رغم ثباتها النسبي قابلة للتعديل من زمن
فإن قواعد القانون اإلداري وهي التي تتسم بعدم قابليتها للتقنين
إلى آخر ،كلما اقتضى األمر ذلكّ ،
والحصر كأصل عام ستفسح مجاال في حاالت كثيرة لإلدارة الختيار القاعدة التي تليق بها .كما
أن أحكام هذا القانون
أن القضاء ذاته صرح في كثير من أحكامه وق ارراته ومنها بالنكو المشار إليه ّ
ّ
أن هذه المرونة كانت أحد
قد تتغير بحسب مقتضيات المرفق العام .وال نجانب الصواب عند القول ّ
أهم األسباب التي حالت وتحول دون تقنين القانون اإلداري .4فإذا كانت خطوات الفرد وعالقته
فإن األمر ال
محددة ومعلومة ويمكن معرفتها والتنبؤ بها وتنظيمها بمقتضى نصوص رغم تشعبهاّ ،
ّ
يكون كذلك إذا دخل في االعتبار عنصر اإلدارة العامة مما يتعذر معه التنبؤ بالنشاط مسبقا،
ـ التكاري البشير .مدخل للقانون اإلداري ،ط ،2مركز لبحوث والدراسات اإلدارية ،تونس ،2000 ،ص .21 1
2ـ الزغبي خالد .القانون اإلداري وتطبيقاته في المملكة األردنية الهاشمية ،د.ط ،دار الثقافة ،عمان،1986 ،ص .63
ـ بوضياف عمار ،الوجيز في القانون اإلداري ،ط ،2جسور للنشر والتوزيع ،الجزائر ،2007 ،ص .32 3
المطلب الثاني :قانون إداري قانون غير مقنن وهو قانون قضائي.
معينة في منظومة
قصد بالتقنين تجميع رسمي ألهم المبادئ القانونية بخصوص مسألة ّ
تشريعية كأن نقول القانون المدني أو القانون التجاري أو البحري .والتقنين على هذا النحو عملية
تشريعية تتمثل في إصدار تشريع يضم المبادئ والقواعد التي تحكم فرعا معينا من الروابط
والعالقات .ويظهر التقنين نتيجة جهود تقوم بها كل من السلطة التشريعية داخل كل دولة وكذلك
جهود السلطة التنفيذية .كما يساهم الفقه أيضا وكذلك القضاء بشكل غير مباشر في ظهور التقنين.
ويأخذ ظهور التقنين زمنا غير قصير .3وكّلما تضافرت الجهود من أجل صياغة تقنين معين كّلما
أن تقنين القاعدة وتبيان
ظهر التشريع في صورة يخلو من الثغرات القانونية واألخطاء .وال شك ّ
ألفاظها وحصر معانيها يؤدي إلى وضوحها فيسهل على القاضي معرفة مقصد المشرع ونيته من
ثم يسهل عليه اإللمام بها وتطبيقها أحسن تطبيق .ولقد سبق خالل ما أقره من قواعد مقننة .ومن ّ
أن التشريع في غير المجال اإلداري يتسم بالثبات ولو نسينا بحكم إمكانية التنبؤ بالعالقة
البيان ّ
المشرع تكون يسيرة وهو يضع قواعد للقانون المدني
ّ فان مهمة
ثم ّوما قد تثيره من إشكاالت .ومن ّ
أو التجاري أو البحري .وخالف ذلك تماما تكون المهمة في غاية من التعقيد والعسر إن هو حاول
حصر وجمع مختلف القواعد اّلتي تنظم شتى صور النشاط اإلداري بمجاالته المختلفة .4من أجل
ـ الطماوي سلمان ،الوجيز في القانون اإلداري (دراسة مقارنة) ،د.ط ،دار الفكر العربي ،القاهرة ،1992 ،ص .51 3
النزاع سلطة عامة (السلطة التنفيذية) وتتمتع هي األخرى بامتيازات وسلطات .ومن ّ
ثم كان لزاما
تزويد القاضي بسلطة أوسع إلخضاع اإلدارة للقانون تكريسا وتطبيقا لمبدأ المشروعية.1
يتسم القانون اإلداري بأنه قانون يتطور بسرعة تفوق التطور االعتيادي في القوانين
األخرى ولعل ذلك يرجع إلى طبيعة المواضيع التي يعالجها ،فقواعد القانون الخاص
تتميز بالثبات واالستقرار ،وقد ثمر فترة طويلة قبل أن ينالها التعديل أو التغيير ،
ويعود ذلك إلى أن العالقات التي ينظمها القانون الخاص بفروعه المختلفة " قانون
مدني ،قانون تجاري ،قانون مرافعات " تتعلق بقواعد عامة تتطلب قد اًر من
االستقرار مع ترك الحرية لألفراد من تسيير األمور األخرى ذات الطابع المتغير في
حدود القواعد العامة المنصوص عليها على عكس القانون اإلداري الذي يعالج
مواضيع ذات طبيعة خاصة لتعلقها بالمصلحة العامة وحسن تسيير وإدارة المرافق
العامة وجانب من أحكامه غير مستمدة من نصوص تشريعية وإنما من أحكام
القضاء وخاصة القضاء اإلداري الذي يتميز بأنه قضاء يبتدع الحلول للمنازعات
اإلدارية وال يتقيد بأحكام القانون الخاص إنما يسعى إلى خلق ما يتالئم مع ظروف
كل منازعة على حده تماشياً مع سرعة تطور العمل اإلداري ومقتضيات سير المرافق
العامة.
ولعل من أسباب سرعة تطور القانون اإلداري أنه يتأثر بالعوامل االقتصادية
واالجتماعية والسياسية في الدولة وهي عوامل متغيرة باستمرار وغير مستقرة نسبياً ،
فاتساع نشاط الدولة ونزعتها التدخلية وانتشار الحروب واألزمات االقتصادية وظهور
المرافق العامة االقتصادية ,وما إلى ذلك من ظواهر اقتصادية وسياسية وإدارية ،
وضرورة استيعاب القانون اإلداري لهذه المتغيرات ومواجهتها أدى بالضرورة إلى
التطور المستمر في أحكامه.
قائمة المراجع.
_ بو زيد فهمي مصطفى .القانون اإلداري ،د.ط ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية.1990 ،
_ التكاري البشير .مدخل للقانون اإلداري ،ط ،2مركز لبحوث والدراسات اإلدارية ،تونس،
.2000
_ الزغبي خالد .القانون اإلداري وتطبيقاته في المملكة األردنية الهاشمية ،د.ط ،دار
الثقافة ،عمان.1986 ،
_ بوضياف عمار ،الوجيز في القانون اإلداري ،ط ،2جسور للنشر والتوزيع ،الجزائر،
.2007
_ الطماوي سلمان ،الوجيز في القانون اإلداري (دراسة مقارنة) ،د.ط ،دار الفكر العربي،
القاهرة.1992 ،
-ناصر لباد ،الوجيز في القانون اإلداري ،ط ،2 .منشورات لباد ،الجزائر.2007 ،
-توفيق حسن فرج ،المدخل للعلوم القانونية ،النظرية العامة للقانون والنظرية العامة
للحق ،ط ،2 .مؤسسة الثقافة الجامعية ،االسكندرية ،د.ت.ن.
-مراد بدران ،محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية ،جامعة أبي بكر بلقايد
تلمسان.2007 ،