You are on page 1of 141

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة محمد لمين دباغين سطيف‪-2 -‬‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬

‫محاضرات في مادة‪:‬‬

‫الضـبـــــط اإلداري‬
‫ألقيت على طلبة السنة الثالثة حقوق‬

‫تخصص قانون عام‬

‫أجيزت من قبل المجلس العلمي لكلية الحقوق والعلوم السياسية بموجب‬


‫المحضر رقم ‪ 2102/222‬المؤرخ في ‪ 22‬سبتمبر ‪2102‬‬

‫إعداد الدكتورة‪ :‬خرشي إلهام‬

‫الموسم الجامعي‪2102-2102 :‬‬


‫مقدمة‬

‫تتطلب حياة الفرد في المجتمع تمتعه بمجموعة من الحقوق والحريات‪ ،‬كما تتطلب دخوله‬
‫مع نظرائه في عالقات ومعامالت مختلفة ومتعددة وقيامه بنشاطات كثيرة ومتنوعة‪ ،‬مما قد‬
‫يؤدي في الكثير من الحاالت إلى تعارض مصالح هؤالء‪ ،‬ومن ثم تسود الفوضى وتشب‬
‫الصراعات‪ .‬ولذلك يستوجب األمر وضع حدود لممارسة هذه الحقوق والحريات واألنشطة‪.‬‬
‫حيث أكدت المادة ‪ 4‬من حقوق اإلنسان والمواطن الفرنسي لسنة ‪ 9871‬على نسبية الحريات‬
‫بقولها‪ " :‬إن حرية الفرد تلقى حدها الطبيعي عند ممارسة سائر أفراد الجماعة لحرياتهم‬
‫بالمثل"‪ ،1‬والمقصود من ذلك أن حرية الفرد يجب أن تنتهي حين تبدأ حريات اآلخرين‪.‬‬

‫يتم وضع هذه الحدود أوال‪ :‬بواسطة مجموعة من القواعد القانونية تصدر عن البرلمان‬
‫تتضمن ضبط تلك الحقوق والحريات وتنظيم تلك العالقات والمعامالت واألنشطة‪ ،‬بما يؤدي‬
‫إلى إقامة التوازن واالستقرار بما يضمن النظام والصالح العام‪ .‬وإذا كان من المفروض أن‬
‫تكون الحريات المكفولة بالدستور والمنظمة بالقوانين هي السد المنيع أو الحاجز الذي يجب أن‬
‫تقف عنده سلطات الضبط اإلداري‪ ،‬فتمتنع عن كبت هذه األخيرة‪ ،‬فإن ذلك في المقابل يهدف‬
‫إلى المحافظة على النظام العام في المجتم ع‪ ،‬الذي أصبح ضرورة اجتماعية باعتباره يكفل‬
‫التمتع بالحريات من دون فوضى أو تعسف أو تعدي بإزالة التعارض بين ممارسة الحرية‬
‫وتنظيمها‪ ،‬والبحث عن الضوابط التي يتعين االلتزام بها عند ممارسة وظيفة الضبط اإلداري في‬
‫إطار ضرورات المحافظة على النظام العام‪.2‬‬

‫‪ 1‬عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬نظرية الضبط اإلداري في النظم الوضعية المعاصرة والشريعة اإلسالمية‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،8007 ،‬ص‪.6‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.7-8 .‬‬
‫‪1‬‬
‫ويتم ثانيا‪ :‬بواسطة تدخل السلطة اإلدارية بما تفرضه من قيود على هذه الحريات عن طريق ما‬
‫تتمتع به هيئات الضبط اإلداري من صالحيات‪ ،‬وهو القسم الرئيسي من نشاط اإلدارة الذي‬
‫تهدف من خالله إلى المحافظة على النظام العام في الظروف العادية واالستثنائية‪.3‬‬

‫من هنا يتبين لنا أن وظيفة الضبط تتم على مستويين‪:‬‬

‫المستوى األول‪ :‬تشريعي نطلق عليه مصطلح الضبط التشريعي‪.‬‬

‫المستوى الثاني‪ :‬إداري نطلق عليه مصطلح الضبط اإلداري وهو المقصود بالدراسة‪ ،‬حيث تعد‬
‫هذه ال وظيفة من أهم الوظائف اإلدارية للدولة وأجهزتها التابعة لها وعلى رأسها السلطة‬
‫التنفيذية‪ ،4‬مهما كانت درجة االنفتاح ودرجة االهتمام بالحريات العامة في الدولة‪ ،‬فالهدف من‬
‫هذه الوظيفة هو تنظيم التمتع بهذه الحقوق والحريات التي كرستها مختلف القوانين في الدولة‬
‫وعلى رأسها الدستور‪ ،‬على أساس من المساواة وحسن االستعمال‪ ،‬وضمان المحافظة على‬
‫النظام العام في إطار الحدود المرسومة سواء في الظروف العادية حيث تمارس سلطات الضبط‬
‫اإلداري في أضيق الحدود أو االستثنائية‪ ،‬حيث تستدعي صيانة الحقوق والمحافظة على النظام‬
‫العام توسيع سلطات الضبط اإلداري‪.‬‬

‫فما هو مفهوم وظيفة الضبط اإلداري و ما هي أهدافها؟ ما هي السلطات الممنوحة لهيئات‬


‫الضبط اإلداري والحدود المرسومة لتدخالتها في الظروف العادية واالستثنائية ليتم تحقيق‬
‫التوازن بين التمتع بالحقوق والحريات وضمان المحافظة على النظام العام؟‬

‫باإلضافة إلى القسم اآلخر من هذا النشاط وهو المرفق العمومي‪ ،‬بعد توسع تدخالت الدولة الحديثة بإنشائها المشاريع‬ ‫‪3‬‬

‫والمرافق العامة التي تقدم الخدمات والمنتجات لألفراد‪ ،‬حيث أصبح نشاط الدولة يتفرع إلى فرعين رئيسيين‪ :‬نشاط الضبط‬
‫اإلداري الذي يهدف للمحافظة على النظام العام ونشاط اإلدارة واإلشراف على المرافق العمومية من أجل إشباع الحاجات‬
‫العامة‪ .‬أنظر‪ :‬عبد الغني بسيوني عبد اهلل‪ ،‬النظرية العامة في القانون اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة ألسس ومبادئ القانون اإلداري‬
‫وتطبيقها في مصر‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،8002 ،‬ص‪.278 .‬‬
‫وقد زادت هذه األهمية في العصر الحديث نتيجة توسع تدخالت الدولة‪ ،‬ومنه توسعت المجاالت التي تهدف فيها الدولة‬ ‫‪4‬‬

‫للمحافظة على النظام العام‪ .‬أنظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.7.‬‬


‫‪2‬‬
‫سيتم تناول المادة ضمن فصلين أساسيين‪ :‬نتناول ضمن الفصل األول مفهوم الضبط اإلداري‬
‫وأهدافه‪ ،‬يتضمن مبحثين‪ :‬يتناول المبحث األول مفهوم الضبط اإلداري‪ ،‬بينما يتناول المبحث‬
‫الثاني أهداف الضبط اإلداري‪ .‬ونتناول ضمن الفصل الثاني هيئات الضبط اإلداري‪ ،‬وسائله‬
‫وحدوده يتضمن مبحثين‪ :‬يتناول المبحث األول هيئات الضبط اإلداري وصالحياته‪ ،‬بينما‬
‫يتناول المبحث الثاني حدود وظيفة الضبط اإلداري‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفهوم الضبط اإلداري وأهدافه‬

‫يتطلب توضيح مفهوم الضبط اإلداري وأهدافه التطرق للعناصر التالية‪ :‬مفهوم الضبط‬
‫اإلداري وما يتضمنه من تعريف لهذه الوظيفة وتحديد طبيعتها‪ ،‬ثم التمييز بين هذه الوظيفة‬
‫وبعض الوظائف القريبة منها مثل الضبط التشريعي‪ ،‬المرفق العام والضبط القضائي بالنظر‬
‫للتشابه الموجود بينها‪ ،‬وأخيرا تحديد أنواع الضبط اإلداري ضضبط إداري عام وضبط إداري‬
‫ض مبحث أول)‪ ،‬ونتطرق الحقا ألهداف وظيفة اإلداري التقليدية والحديثة ض مبحث‬ ‫خاص)‬
‫ثان) ‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم الضبط اإلداري‪.‬‬

‫اختلف كل من الفقه والقضاء اإلداري في وضع تعريف دقيق للضبط اإلداري بالنظر‬
‫للمرونة التي تميز هذه الوظيفة‪ .‬كما اختلفا في تحديد ووضع المعايير التي يتم على أساسها‬
‫التمييز بين هذه األخيرة وبعض الوظائف القريبة منها‪ ،‬ولكنهما اجمعا على تقسيم الضبط‬
‫اإلداري إلى ضبط إداري عام وخاص‪ .‬لذلك سنضمن هذا المبحث ثالثة مطالب تتمثل في‬
‫تعريف الضبط اإلداري وطبيعته ضالمطلب األول)‪ ،‬التمييز بين وظيفة الضبط اإلداري وبعض‬
‫الوظائف القريبة منها الضبط التشريعي‪ ،‬المرفق العمومي والضبط القضائي (المطلب الثاني)‬
‫وأنواع الضبط اإلداري‪ :‬ضبط إداري عام وضبط إداري خاصض المطلب الثالث)‪.‬‬

‫ولكن قبل التطرق لمفهوم الضبط اإلداري سيكون من المالئم التطرق لنبذة تاريخية حول‬
‫مصطلح ووظيفة الضبط اإلداري والتي يطلق عليها أيضا البوليس اإلداري‪.‬‬

‫‪ ‬نبذة تاريخية‪:‬‬

‫ترجع أصول كلمة بوليس إلى اإلغريق‪ ،‬وكانت تعني المسئول على أمن المجتمع‬
‫المتمدين‪ . 5‬أما في عهد الرومان‪ ،‬فقد كانت وظيفة الضبط من مهام الحكام والتي اختلطت مع‬

‫‪ 5‬عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.99.‬‬


‫‪4‬‬
‫باقي صالحياتهم وبالخصوص العدالة‪ ،‬وكانت كل إمارة توضع تحت سلطة قاض يجمع بين‬
‫يديه اإلدارة العامة‪ ،‬العدالة والضبط‪.6‬‬

‫اختلف األساتذة العرب في استعمال كلمتي ضبط وبوليس‪ ،‬حيث فضلوا إحداهما على‬
‫األخرى‪ ،‬فمنهم من فضل كلمة ضبط على أساس أنها كلمة عربية وأن بوليس ترجمة حرفية‬
‫للكلمة الفرنسية "‪ ،"police‬ومنهم من فضل كلمة بوليس‪ .7‬أما في القرن ‪ 98‬فقد استخدم‬
‫مصطلح ‪ police‬في فرنسا للداللة على مجموع القواعد واألوامر التي يقتضيها تحقيق أهداف‬
‫الجماعة السياسية‪ ،‬أو بمعنى أخر هو مجموع األوامر الملكية والتنظيمات التي تهم كل نواحي‬
‫الحياة المجتمعية‪ .‬أما بعد قيام الثورة الفرنسية وتكريس مبدأ الفصل بين السلطات‪ ،‬حيث تم‬
‫الفصل بين الضبط اإلداري والضبط القضائي‪ ،‬فقد أصبح الضبط اإلداري في عالقة مع‬
‫الحريات الفردية التي تشكل مضمونه وحدوده‪ .8‬وأصبح المعنى من الدولة البولسية ينصرف‬
‫إلى الدولة القانونية التي يحل فيها مبدأ سيادة القانون محل استبداد الحكام‪ ،9‬وذلك بخضوع‬
‫الدولة لمبدأ المشروعية والمسؤولية في إطار عام يميزه االهتمام أكثر بالحريات وحمايتها‪.10‬‬

‫طبعت وظيفة الضبط اإلداري في البداية بالطابع المحلي من غير القومي‪ ،‬وذلك ما أكده‬
‫العديد من الفقهاء الفرنسيين أمثال‪ Pierre-Henri Teitgen :‬و ‪Maurice Hauriou‬‬
‫و‪ Barthelmy‬وغيرهم‪ ،‬على اعتبار أن المسائل المتعلقة باألمن‪ ،‬السكينة والصحة في المدن‬
‫تهم بشكل أكبر الهيئات المحلية ال الدولة‪ .‬وقد تبنى مجلس الدولة هذا المفهوم للضبط كوظيفة‬
‫محلية في البداية‪ ،‬عندما رفض اعتبار رئيس الجمهورية هيئة تتمتع بوظيفة الضبط اإلداري في‬
‫قضية ‪ Labonne‬الشهيرة حيث جاء فيها‪ ..." :‬ومن حيث أنه إذا كانت القوانين خاصة تلك‬
‫الصادرة في ‪ 88‬ديسمبر ‪ 9871‬و‪ 7‬جانفي ‪ 9816‬و‪ 5‬أفريل ‪ 9774‬كلفت السلطات اإلقليمية‬

‫‪6‬‬
‫‪Ch.-E. Minet, droit de la police administrative, Vuibert public droit, Paris, 2007, pp. 8-9.‬‬
‫‪ 7‬عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.99.‬‬
‫‪8 Ch.-E. Minet, Op.Cit. , pp. 10-13.‬‬
‫‪ 9‬نواف كنعان‪ ،‬القانون اإلداري الكتاب األول‪ ،‬ماهية القانون اإلداري‪ ،‬التنظيم اإلداري‪ ،‬النشاط اإلداري‪ ،‬دار الثقافة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،8007 ،‬ص ص‪.866-865 .‬‬
‫‪10‬‬
‫‪Ch.-E. Minet, Op.Cit. , pp. 10-13.‬‬
‫‪5‬‬
‫والبلدية بالسهر والمحافظة على الطرق العامة وعلى أمن المرور‪ ،‬فلرئيس الدولة دون أي‬
‫تفويض تشريعي وبمقتضى سلطاته الذاتية أن يحدد من بين تدابير الضبط تلك الواجب تطبيقها‬
‫في جميع األحوال‪ ،‬على أن يكون مفهوما تماما أن السلطات المذكورة أعاله تحتفظ كل فيما‬
‫يخصها بكامل االختصاص التام لتضيف إلى الالئحة العامة الصادرة عن رئيس الجمهورية كل‬
‫‪11‬‬
‫‪.‬‬ ‫األحكام التكميلية التي قد يقتضيها الصالح العام في النطاق المحلي"‬

‫ولعل السبب في التركيز على البعد المحلي هو إغفال الجانب الموضوعي لوظيفة الضبط‬
‫اإلداري‪ ،‬والنظر إليها من زاوية شكلية‪ ،‬على اعتبار أن السلطات المحلية منحت صالحيات‬
‫ضبطية على أساس قدرتها على تقدير الحاجات المحلية أكثر من السلطات المركزية‪ .‬لكن‬
‫المسألة ال تتعدى كونها مسألة توزيع اختصاصات بين السلطة المركزية والمحلية‪ ،‬وأن هذه‬
‫األخيرة إذا أهملت أو تقاعست في أداء واجباتها تحل محلها السلطة المركزية من جهة‪ ،‬وأن‬
‫السلطات المحلية وهي تقوم بهذه الصالحيات يجب أن تحترم اللوائح الصادرة عن السلطات‬
‫المركزية‪ ،‬وذلك ما اتجه إليه العديد من الفقهاء أمثال ‪ ،Eisman‬حيث تم التأكيد على البعد‬
‫القومي لوظيفة الضبط اإلداري وفقا للمفهوم الحديث لها نتيجة شمول هذه األخيرة كافة‬
‫المجاالت واألنشطة واألمكنة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف الضبط اإلداري وطبيعته‬

‫اختلف كل من الفقه والقضاء والمشرع حول وضع تعريف دقيق للضبط اإلداري‪ ،‬لكنهم‬
‫أجمعوا حول التركيز على الهدف منه وهو حماية وصيانة النظام العام بعناصره المتعددة‪ .‬كما‬
‫اختلف الفقه حول طبيعته‪ ،‬فمنهم من اعتبره وظيفة سياسية تخضع لطبيعة ونوع نظام الحكم‬
‫السائد في الدولة ومنهم من اعتبره وظيفة قانونية محايدة‪.‬‬

‫عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.94-92.‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪6‬‬
‫سنتطرق ضمن هذا المطلب لتعريف الضبط اإلداري ض الفرع األول) وطبيعة الضبط‬
‫اإلداري ض الفرع الثاني) ‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف الضبط اإلداري‬

‫سنعرض من خالل هذا الفرع لتعريف الضبط اإلداري لغة واصطالحا ثم من المنظور‬
‫التشريعي فالقضائي وأخيرا من الناحية الفقهية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف الضبط لغة واصطالحا‪:‬‬


‫‪12‬‬
‫فيعني التحديد الدقيق من فعل ضبط يضبط فهو ضابط‪ ،‬فيقال‪:‬‬ ‫أما الضبط لغة‬

‫ضبَط لسانَه ‪ :‬حفظه بالحَزْم حفظًا بليغًا‬


‫حكَمَ ُه‬
‫ط عَمَلَ ُه ‪ :‬أَتْقَنَ ُه ‪ ،‬أَ ْ‬
‫ضَبَ َ‬
‫ت الْجَارِي‬
‫ط سَاعَتَ ُه ‪ :‬طَابَ َقهَا َم َع الوَقْ ِ‬
‫ضَبَ َ‬
‫ط الْمُعَلِّ ُم النَّصَّ ‪ :‬صَحَّحَ ُه وَشَكَّلَ ُه بِالْحَ َركَاتِ‬
‫ضَبَ َ‬
‫ض‬
‫ِّص ‪ :‬أَلْقَوْا عَلَيْ ِه القَبْ َ‬
‫ضَبَطُوا الل َّ‬
‫ب‬
‫ت الغَضَ ِ‬
‫ط نَ ْفسَهُ فِي لَحَظَا ِ‬
‫ط أَعْصَابَ ُه ‪ :‬كَ َبحَهَا ‪ ،‬سَ ْيطَ َر عَلَ ْيهَا يَضْبِ ُ‬
‫ضَبَ َ‬
‫العلوم المضبوطة ‪ :‬هي العلوم المحكمة أو الدقيقة التي تقوم على قياس المقادير كالحساب‬
‫والهندسة‪.‬‬
‫ضبَط البال َد ‪ :‬قام بأمرها قيامًا ليس فيه نقص‬

‫أما الضبط اصطالحا‪ :‬فله معنيين‪ ،‬معنى عضوي ومعنى موضوعي‪.‬‬

‫المعنى العضوي‪ :‬يقصد به الهيئات واألجهزة اإلدارية التي تمارس هذه الوظيفة في إطار‬
‫السلطة التنفيذية‪ ،‬أو مجموع الموظفين المكلفين بمهمة الضبط‪.13‬‬

‫معجم المعاني الجامع‪ ،‬معجم عربي عربي‪ ،‬متوفر على الموقع من االنترنت‪:‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪www. Almaany.com (13-03-2016.‬‬


‫‪13‬‬
‫‪R.Zouaimia, M.-Ch. Rouault, droit administratif, les sources et principes généraux- l’organisation‬‬
‫‪administrative- l’activité administrative- le contrôle de l’administration, BERTI édition, Alger,‬‬
‫‪2009, p.197.‬‬
‫‪7‬‬
‫المعنى الموضوعي أو الوظيفي‪ :‬المقصود به النشاط الذي تقوم به الهيئات اإلدارية بغرض‬
‫ضمان المحافظة على النظام العام‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تعريف الضبط اإلداري من المنظور التشريعي‬

‫لم يتعرض المشرع سواء في فرنسا أو مصر أو الجزائر لتعريف الضبط اإلداري تعريفا‬
‫دقيقا‪ ،14‬إنما تناوله من خالل أهدافه‪ ،‬ومبرر ذلك أن الغرض األساسي العام والنهائي للضبط‬
‫هو المحافظة على النظام العام‪ ،‬هذه الفكرة هي فكرة نسبية مرنة ومتطورة تختلف باختالف‬
‫الزمان والمكان‪.‬‬

‫وفي مواجهة هذا القصور تدخل القضاء والفقه إلعطاء تعريفات مختلفة للضبط اإلداري‬
‫باختالف الفقهاء ونظرتهم لهذه الوظيفة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬تعريف الضبط اإلداري من المنظور القضائي‬

‫كان للقضاء الدور األكبر واألهم في ابتكار وصياغة أغلب إن لم نقل كل نظريات‬
‫القانون اإلداري‪ ،‬ومن هذه المبادئ والنظريات نظرية الضبط اإلداري‪ ،‬مبادئها‪ ،‬أحكامها‬
‫وضوابطها‪ ،‬لكنه بالرغم من ذلك كان أكثر تفصيال فيما يتعلق بأهدافها‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬تعريف الضبط من المنظور الفقهي‬

‫سنتطرق لتعريف الضبط اإلداري في الفقه الفرنسي‪ ،‬المصري والجزائري‪.‬‬

‫تعريف الضبط اإلداري في الفقه الفرنسي‪ :‬عرفه الفقيه ‪ Maurice Hauriou‬بأنه‪ ":‬كل ما‬
‫يستهدف به المحافظة على النظام العام في الدولة"‪ ،‬وعرفه ‪ André Délaubadaire‬أنه‪" :‬‬
‫شكل من أشكال تدخل بعض الهيئات اإلدارية‪ ،‬يتضمن فرض قيود على حريات األفراد بهدف‬
‫المحافظة على النظام العام"‪ .15‬كما عرفه ‪ George Vedel‬بأنه‪" :‬مجموع أصناف النشاطات‬

‫‪ 14‬ناصر لباد‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬دار المجدد للنشر والتوزيع‪ ،‬سطيف‪ ،8090 ،‬ص‪.954.‬‬
‫‪15 « La police administrative est une forme d’intervention qu’exercent certaines autorités‬‬
‫‪administrative et qui consiste a imposer, en vue d’assurer l’ordre public des limitations aux libertés‬‬
‫‪des individus » voir,‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪ 954.‬عن‪،‬‬
‫‪8‬‬
‫التي يكون موضوعها إصدار قواعد عامة أو تدابير فردية إلقرار النظام العام"‪ .‬عرفه‬
‫‪ Charles Debasch‬بأنه‪" :‬نوع من أنواع التدخل في األنشطة الخاصة لوقاية النظام العام"‪.‬‬
‫أما ‪ Jean Rivero‬فقد عرفه بأنه‪" :‬مجموعة من القيود المفروضة على النشاط الفردي بغرض‬
‫المحافظة على النظام في المجتمع"‪ .‬أما ‪ Marcel Valine‬فهو في نظره "قيد تقتضيه المصلحة‬
‫العامة تفرضه السلطة العامة على نشاط المواطنين"‪ ،‬أما ‪ Pascu‬فقد عرفه بأنه‪ ":‬سلطة سياسية‬
‫لها حق الرقابة والدفاع عن كيان الدولة ويمتلك في سبيل تحقيق غايتها الحق في إجبار األفراد‬
‫على احترام نظام الدولة ولو بالقوة"‪.16‬‬

‫يبدو أن القاسم المشترك بين كل هذه التعاريف‪ ،‬هو اعتبار الضبط مجموع التدابير‬
‫واإلجراءات التي تستهدف وقاية وحماية النظام العام في المجتمع من كل ما يهدد استقراره‪،‬‬
‫والتي تتضمن فرض قيود على حريات األفراد‪.‬‬

‫أما الفقه المصري‪ ،‬فقد سار في االتجاه نفسه‪ ،‬فنجد مثال‪:‬‬

‫سليمان محمد الطماوي عرفه بأنه‪ ":‬حق اإلدارة في أن تفرض على األفراد قيودا تحد بها من‬
‫حرياتهم بقصد حماية النظام العام"‪.‬‬

‫أما عبد الغني بسيوني فقد عرفه كما يلي‪ " :‬تنظيم الدولة بطريقة وقائية لضمان سالمة وأمن‬
‫المجتمع‪ ،‬فالضبط في معناه العام هو تنظيم وقائي وهو بهذا المعنى يختلف عن النظام القانوني‪،‬‬
‫الذي ال يتدخل إال لمحاسبة األفراد عما يقع منهم من جرائم أو مخالفات"‪.17‬‬

‫‪A .Delaubadaire, manuel de droit administratif, 11eme, éd., L.G.D.J , Paris , 1978.‬‬
‫عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.89-80.‬‬ ‫‪16‬‬

‫عبد الغني بسيوني عبد اهلل‪ ،‬القانون اإلداري دراسة تطبيقية ألسس ومبادئ القانون اإلداري وتطبيقها في مصر التعريف‬ ‫‪17‬‬

‫بالقانون اإلداري‪ -‬المركزية اإلدارية‪ -‬الالمركزية اإلدارية‪ -‬التركيز وعدم التركيز اإلداري‪ -‬أعمال السلطة اإلدارية‪ -‬الضبط‬
‫اإلداري‪ -‬المرافق العامة‪ -‬القرارات اإلدارية‪ -‬العقود اإلدارية‪ -‬أموال السلطة اإلدارية‪ -‬امتيازات السلطة اإلدارية‪ ،‬منشأة‬
‫المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،9110 ،‬ص‪.287.‬‬
‫‪9‬‬
‫عرفه أحمد كمال أبو المجد كالتالي‪ " :‬سلطة البوليس هي الوسائل القانونية السليمة والمقصود‬
‫بها عادة مجموع السلطات الحكومية العامة التي تهدف إلى المحافظة على األمن والصحة‬
‫والسكينة وتحقيق الرفاهية التي تتيح للدولة في سبيل ذلك أن تقيد الحقوق والحريات الخاصة"‪.18‬‬

‫عرفه طعيمة الجرف بأنه‪ ":‬وظيفة من أه م وظائف اإلدارة تتمثل في المحافظة على النظام العام‬
‫بعناصره الثالث األمن العام‪ ،‬الصحة العامة والسكينة العامة‪ ،‬عن طريق إصدار القرارات‬
‫الالئحية والفردية واستخدام القوة المادية مع ما يتبع ذلك من فرض قيود على الحريات الفردية‬
‫تتطلبها الحياة االجتماعية"‪.19‬‬

‫عرفه ماجد راغب الحلو بأنه‪ " :‬مجموع ما تفرضه السلطة العامة من أوامر ونواه وتوجيهات‬
‫ملزمة لألفراد‪ ،‬بغرض تنظيم حرياتهم العامة أو بمناسبة ممارستهم نشاط معين بقصد صيانة‬
‫النظام العام في المجتمع" ‪.20‬‬

‫عرفه محمد عاطف البناء بأنه‪ ":‬النشاط الذي تتواله الهيئات اإلدارية يتضمن تقييد النشاط‬
‫الخاص بهدف صيانة النظام العام‪ ،‬وعكس ذلك يتميز الضبط اإلداري بما يترتب عليه من تقييد‬
‫للحريات الفردية بما يستهدفه من محافظة على النظام العام في المجتمع"‪.21‬‬

‫أما محمود سعد الدين الشريف فقد عرفه بأنه‪ " :‬وظيفة ضرورية محايدة من وظائف السلطة‬
‫العامة تهدف على وقاية النظام العام في المجتمع بوسائل القسر في ظل القانون"‪.22‬‬

‫وعرفه عبد الرؤوف هاشم بسيوني بأنه‪ " :‬مجموع التدابير واإلجراءات التي تتخذها اإلدارة‬
‫والتي تمثل قيدا على حريات األفراد بقصد تنظيم هذه الحريات والمحافظة على النظام العام‬
‫وحمايته"‪.23‬‬

‫‪18‬عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.88-89.‬‬


‫مازن ليليو راضي‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬طبيعة القانون اإلداري‪ -‬التنظيم اإلداري – نشاط اإلدارة العامة – الضبط اإلداري‪-‬‬ ‫‪19‬‬

‫الوظيفة العامة‪ -‬األموال العامة‪ -‬القرار اإلداري‪ -‬العقود اإلدارية‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،8005 ،‬ص‪.‬‬
‫‪.967‬‬
‫عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.82.‬‬ ‫‪20‬‬

‫المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪21‬‬

‫المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪22‬‬

‫‪10‬‬
‫أما في الفقه الجزائري‪ ،‬فقد عرفه عمار عوابدي بأنه‪ ":‬كل األعمال واإلجراءات والقواعد التي‬
‫تقوم بها السلطة اإلدارية المختصة على األفراد لتنظم بها نشاطهم وتحدد مجاالته ولتقيد‬
‫حرياتهم في حدود القانون بقصد حماية النظام العام ووقاية المجتمع ضد كل ما يهدده"‪.24‬‬

‫يمكن أن نستخلص من خالل كل هذه التعاريف عناصر وظيفة الضبط اإلداري كالتالي‪:‬‬

‫‪ -‬هي مجموعة من التدابير واإلجراءات في شكل وسائل تدخل مختلفة ومتنوعة ضقرارات‬
‫تنظيمية‪ ،‬قرارات فردية‪ ،‬أوامر‪ ،‬قوة جبرية‪.)...‬‬
‫‪ -‬تتضمن فرض قيود على الحقوق والحريات واألنشطة الفردية‪.‬‬
‫‪ -‬تفرضها السلطات اإلدارية المختصة في الدولة ضمركزية ومحلية)‪.‬‬
‫‪ -‬الهدف منها وقاية النظام العام في المجتمع من وقوع االضطرابات‪.‬‬
‫‪ -‬تتخذ هذه التدابير في حدود ما يسمح به القانون ومبدأ المشروعية ‪.‬‬
‫‪ -‬تتميز وظيفة الضبط اإلداري بالصفة االنفرادية والتقديرية ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬طبيعة الضبط اإلداري‬

‫اختلف الفقه حول طبيعة الضبط اإلداري فيما إذا كان ذو طبيعة قانونية ومحايدة ضأوال)‬
‫أم أنه ذو طبيعة سياسية ضثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الضبط اإلداري ذو طبيعة قانونية ومحايدة‬

‫يعتبر الضبط اإلداري وفقا لهذا االتجاه وظيفة قانونية ضرورية ومحايدة‪ ،‬وهي من‬
‫وظائف السلطة العامة‪ ،‬وذلك يتأتى من خضوعها في جميع إجراءاتها للتنظيم التشريعي ولسيادة‬
‫القانون‪.‬‬

‫ويترتب على هذه الطبيعة تميز وظيفة الضبط بالخصائص التالية‪:‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.84.‬‬ ‫‪23‬‬

‫عمار عوابدي‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬النشاط اإلداري‪ ،‬ط‪ 4.‬د‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬الجزائر‪ ،8008 ،‬ص ص‪.90-08.‬‬ ‫‪24‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ -‬وظيفة الضبط هي ضرورة اجتماعية‪ :‬حيث ال يمكن أن يوجد مجتمع من دون ضبط‪،‬‬
‫فتنظيم الحقوق و الحريات يحتاج إلى هذه الوظيفة حتى ال يساء استعمالها‪ ،‬وفي الوقت نفسه ال‬
‫يمكن أن يوجد إجراء من إجراءات الضبط إال إذا كان ضروريا لتحقيق الحماية للنظام العام‪.‬‬
‫ويعود هذا االعتقاد لكل من الفقيه المصري سعد الدين الشريف والفقيه الفرنسي ‪ Ulman‬الذي‬
‫اعتبر أن الضبط اإلداري وظيفة ضرورية للمجتمع‪ ،‬فال يوجد مجتمع من دون ضبط‪ ،‬وأنه على‬
‫سلطات الضبط اإلداري المكلفة بحماية النظام العام في الدولة أن تتخذ التدابير الالزمة‬
‫والضرورية بهدف وقاية النظام العام وإال انحرف الضبط عن وظيفته األساسية‪ ،‬وعند ذلك‬
‫يتحول من وظيفة محايدة إلى وظيفة سياسية‪ .‬ويترتب على ذلك نتيجتين هامتين تتمثالن فيما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ -9‬ضرورة تفسير امتيازات الضبط اإلداري المقررة تشريعيا تفسيرا ضيقا احتراما‬
‫للحرية‪.‬‬
‫‪ -8‬عدم المساس بالحريات والحقوق إال بأقل التدابير شدة متى كان ذلك كافيا لتحقيق‬
‫الهدف وهو المحافظة على النظام العام ضعنصر المالئمة)‪.25‬‬
‫‪ -‬أنها وظيفة محايدة‪ :‬بمعنى أنها ال تخضع للسياسة وال ترتبط بفلسفة سياسية معينة‪،‬‬
‫فالمفروض أن هيئات الضبط أثناء قيامها بوظيفة الضبط تضع في األساس مسألة كيفية‬
‫السماح لألفراد لممارسة الحريات دون اإلخالل بالنظام العام‪ ،‬ومنه فهي تملك في مواجهتها‬
‫سلطة تنظيمية ال تحريمية‪ ،‬وليس مسألة كيفية حفظ النظام العام‪ .26‬لكن الواقع في الكثير من‬
‫الحاالت يثبت العكس أي أن تقييد الحريات يرتبط بنظام الحكم‪.‬‬
‫‪ -2‬خضوع الضبط اإلداري لسيادة القانون " مبدأ المشروعية"‪.‬‬

‫يجب أن تخضع كل تدابير وإجراءات الضبط للقانون وتكون مرتبطة بمبدأ المشروعية‪،‬‬
‫فتجد سندها وأساسها ومرجعها في الدستور أوال والتشريعات ثانيا‪.‬‬

‫عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،87 .‬عصام علي الدبس‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬ماهية القانون‬ ‫‪25‬‬

‫اإلداري‪ ،‬التنظيم اإلداري‪ ،‬النشاط اإلداري‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬عمان‪ ،8094 ،‬ص‪.455 .‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.29.‬‬ ‫‪26‬‬

‫‪12‬‬
‫اعتماد وظيفة الضبط على وسائل وامتيازات السلطة العامة‪ :‬فكل اإلجراءات‬ ‫‪-4‬‬
‫والتدابير ومن ضمنها القرارات واللوائح التي تصدرها مختلف الهيئات اإلدارية على اختالف‬
‫درجاتها‪ ،‬هي امتيازات ووسائل منحها إياها القانون من أجل المحافظة على النظام العام‪،‬‬
‫وبالخصوص تلك المتمثلة في استخدام القوة المادية ض التنفيذ الجبري إلكراه األفراد على‬
‫احترامها بغاية حماية النظام العام)‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ثانيا‪ :‬وظيفة الضبط اإلداري وظيفة سياسية‬

‫يعتبر هذا االتجاه أن الضبط اإلداري ذو طبيعة سياسية‪ ،‬على اعتبار أنه مظهر من‬
‫مظاهر سيادة الدولة‪ ،‬فهو يمثل الوسيلة التي تستعين بها الدولة للدفاع عن وجودها وفرض‬
‫إرادتها‪ .27‬ويرجع الفضل للفقيه الفرنسي ‪ Pascu‬في إبراز المظهر السياسي لوظيفة الضبط في‬
‫الدولة البولسية بتعريفها كالتالي‪ " :‬هي سلطة سياسية لها حق الرقابة والدفاع عن كيان الدولة‬
‫تمتلك في سبيل ذلك الحق في إجبار األفراد على احترامهم نظام الدولة ولو بالقوة"‪ .28‬بينما‬
‫توصل الدكتور محمد عصفور إلى أن النظام العام في جوهره فكرة سياسية‪ ،‬فحتى ولو كان في‬
‫ظاهره يهدف إلى المحافظة على األمن في الشوارع‪ ،‬لكنه في حقيقته يهدف إلى تحقيق األمن‬
‫الذي تشعر به سلطات الحكم‪ .29‬وللتدليل على هذه الطبيعة السياسية يؤكد أن هناك قيما ومبادئ‬
‫تشترك فيها المجتمعات وتتعلق بالنظام العام‪ ،‬حيث يهدف الضبط إلى الوقاية من اإلخالل‬
‫بالنظام العام بعناصره‪ ،‬وهناك قيما ومبادئ تتفاوت وتختلف فيها المجتمعات وتتعلق بحماية‬
‫السلطة‪ ،‬أ ي حماية نظام الحكم‪ ،‬حيث تتذرع السلطة الحاكمة بالدستور والقانون‪ ،‬والتي يضعونها‬
‫خدمة لمصالحهم وإ يديولوجياتهم للقيام بسلطة الضبط اإلداري‪ .‬ويشير الدكتور محمد عصفور‬
‫أن استغالل الدولة لوظيفة الضبط أمر طبيعي ذلك أن مرد حماية النظام العام وأمنه العام ال‬
‫تكون لألفراد فقط بل النظام بشكل عام‪ ،‬ألن مؤسساته وهيئاته تنمو واألمن الذي يتمتع به‬
‫األفراد هو ذاته الذي يتمتع النظام والكيان السياسي ليس بمعزل عن األفراد وهذا ما يعكسه‬
‫اآلمن في الشارع الذي هو مرآة األمن السياسي الذي يريده الحاكم‪ .30‬فليس هناك ما يمنع من‬

‫عصام علي الدبس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.455.‬‬ ‫‪27‬‬

‫‪ 28‬محمد محمد بدران‪ ،‬مضمون فكرة النظام العام ودورها في مجال الضبط اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة في القانونين المصري‬
‫والفرنسي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،9118 ،‬ص ص‪.986-984.‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.928-986‬‬ ‫‪29‬‬

‫عصام علي الدبس ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.456 .‬‬ ‫‪30‬‬

‫‪14‬‬
‫تسخير الضبط اإلداري لحماية السلطة ال سيما إذا كانت ضمن إطار حماية النظام العام‪ ،‬ألن‬
‫الحقوق والحريات الفردية لم تأت من فراغ بل نصت عليها دساتير دول العالم‪.31‬‬

‫ويرجح أغلب الفقه االتجاه األول على اعتبار أنه يمثل الطبيعة الصحيحة والسليمة للضبط‪ ،‬أما‬
‫االتجاه الثاني‪ ،‬والذي يمثل الواقع أو التطبيق العملي لغالبية الدول‪ ،‬فإنه يؤدي إلى التضييق على‬
‫الحريات وخنقها بذريعة المحافظة على النظام العام‪ ،‬واعتماد هذا االتجاه يؤدي إلى اعتبار‬
‫وظيفة الضبط عمل من أعمال السيادة ومنه يقصى من الرقابة القضائية‪.32‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التمييز بين وظيفة الضبط اإلداري وبعض الوظائف الشبيهة بها (الضبط‬
‫التشريعي‪ ،‬المرفق العمومي والضبط القضائي)‪.‬‬

‫هناك بعض األنظمة تشبه إلى حد بعيد وظيفة الضبط اإلداري إلى حد الخلط بينها‪ ،‬لذلك‬
‫سنقوم بالتمييز بين وظيفة الضبط اإلداري وهذه األنظمة المشابهة لها‪ ،‬والتي تعد وظائف للدولة‬
‫وهي الضبط التشريعي‪ ،‬المرفق العمومي والضبط القضائي‪.‬‬

‫وعلى العموم يضع أغلب الفقه معيارين أساسيين للتمييز بين هذه األنظمة األول إجرائي‪،‬‬
‫وهو يتضمن اإلجراءات والتدابير التي تستخدمها هذه الهيئات أثناء أداء الوظيفة‪ .‬والثاني غائي‬
‫يرتكز على تحديد الهدف من اتخاذ تلك اإلجراءات والتدابير‪ ،‬ويمكن إضافة معايير أخرى‬
‫كالمعيار العضوي والمتعلق بطبيعة الهيئة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التمييز بين الضبط اإلداري والضبط التشريعي‬

‫المقصود بالضبط التشريعي هو مجموع التشريعات الصادرة عن البرلمان يكون موضوعها‬


‫تنظيم ممارسة الحقوق والحريات الفردية التي نص عليها الدستور والقيود الواردة عليها‪ ،‬بمعنى‬

‫عدنان الزنكة‪ ،‬سلطة الضبط اإلداري في المحافظة على جمال المدن وروائها‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪،8099 ،‬‬ ‫‪31‬‬

‫ص‪.28.‬‬
‫عصام علي الدبس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.456 .‬‬ ‫‪32‬‬

‫‪15‬‬
‫أن الحقوق والحريات بعد أن يكرسها الدستور يحيل هذا األخير للسلطة التشريعية حتى تنظمها‬
‫وتحدد نطاق ممارستها‪ .33‬ومن األمثلة عن التشريعات الصادرة عن البرلمان في مجال الضبط‪:‬‬

‫‪ -‬القانون رقم ‪ 92-07‬المؤرخ في ‪ 8007-08-80‬المعدل والمتمم للقانون رقم ‪05-75‬‬


‫المتعلق بحماية الصحة وترقيتها‪.34‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 90-02‬المؤرخ في ‪ 8002-08-91‬المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية‬
‫المستدامة‪.35‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 01-99‬المؤرخ في ‪ 8099-06-05‬المتضمن توجيه النقل البري وتنظيمه‪.36‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 04-99‬المؤرخ في ‪ 8099-08-98‬المحدد للقواعد المنظمة للترقية‬
‫العقارية‪.37‬‬

‫ثم يأتي دور السلطة التنفيذية للتدخل في إطار تلك التشريعات البرلمانية لحماية النظام العام‬
‫بواسطة اللوائح التنظيمية والقرارات الفردية مركزية ومحلية‪ ،‬حيث تعمل وتتدخل من أجل ذلك‬
‫تطبيقا للتشريعات البرلمانية‪ .38‬لكن ذلك ال ينفي إمكانية تدخل سلطات الضبط اإلداري‬
‫باال ستقالل عن القوانين بواسطة لوائح الضبط المستقلة الصادرة عن رئيس الجمهورية في إطار‬
‫توزيع االختصاصات بين البرلمان والسلطة التشريعية‪ ،39‬بمعنى أخر يمكن للسلطة التنفيذية‬

‫راجع نص المادة ‪ 988‬من دستور ‪ 9116‬التي حددت في فقراتها " يشرع البرلمان في الميادين التي يخصصها له‬ ‫‪33‬‬

‫الدستور‪ ،‬وكذلك في المجاالت اآلتية‪ -9 :‬حقوق األشخاص وواجباتهم األساسية‪ ،‬السيما نظام الحريات العمومية وحماية‬
‫الحريات الفردية وواجبات المواطنين‪ -5.‬القواعد العامة المتعلقة بوضعية األجانب‪ -98 .‬القواعد العامة المتعلقة بالصحة‬
‫العمومية والسكان‪ -91.‬القواعد العامة المتعلقة بالبيئة وإطار المعيشة والتهيئة العمرانية‪ -80.‬القواعد العامة المتعلقة بحماية‬
‫الثروة الحيوانية والنباتية‪"....‬‬
‫ج‪ .‬ر عدد ‪ 44‬بتاريخ ‪.8007-07-02‬‬ ‫‪34‬‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 42‬بتاريخ ‪.8002-08-80‬‬ ‫‪35‬‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 80‬بتاريخ ‪.8099-02-20‬‬ ‫‪36‬‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 94‬بتاريخ ‪.8099-02-06‬‬ ‫‪37‬‬

‫عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.21-27 .‬‬ ‫‪38‬‬

‫تكرست اللوائح المستقلة سواء في النظام الفرنسي بموجب المادة ‪ 28‬من الدستور أو الجزائري بموجب نص المادة ‪985‬‬ ‫‪39‬‬

‫في فقرتها األولى من الدستور‪.‬‬


‫‪16‬‬
‫إصدار مراسيم تنفيذية تتضمن قيودا على األفراد قد تكون تنفيذا لقوانين أو تتضمن قيودا جديدة‬
‫بشرط أال تخالف قوانين موجودة‪.40‬‬

‫يجب أن نشير إلى أنه ال يقتصر الضبط التشريعي على تنظيم وضبط الحقوق والحريات بل‬
‫ي تعداها إلى تنظيم المرافق العمومية والمشاريع العامة‪ ،‬وهو عندما ينظم نشاطا لألفراد فيخضعه‬
‫لقيود معينة‪ ،‬فإنه ال يتقيد بأهداف النظام العام من سكينة وصحة وأمن‪ ،‬وإنما يمكن أن تفرض‬
‫قيودا أخرى تحقق أهداف أخرى‪.41‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التمييز بين الضبط اإلداري والمرفق العام‬

‫أثير الجدل الفقهي في فرنسا حول العالقة بين الضبط اإلداري والمرفق العام‪ ،‬وكانت‬
‫نتيجته اإلجماع على أن الوظيفتين تختلفان من حيث طبيعة النشاط خصوصا بعد سنة ‪،429150‬‬
‫حيث يقوم المرفق العام بتقديم خدمات وحاجيات‪ ،‬ويقوم الضبط اإلداري بضبط النشاط الخاص‬
‫لألفراد وتنظيم الحقوق والحريات بهدف المحافظة على النظام العام‪.‬‬

‫لكن ظهر في الوقت الحالي اتجاه جديد يقضي بوجود نوع من التداخل أو التقارب بين‬
‫الوظيفتين‪ ،‬وذلك باالنطالق من المعيار العضوي‪ ،‬حيث يعتبر الضبط اإلداري مرفقا عاما على‬
‫اعتبار أنه مجموعة من الموظفين يضعون قواعد وقرارات وأعوان ينفذون‪ ،‬ومن بينهم أعوان‬
‫الشرطة والدرك‪ ،‬فهذا التنظيم يكون مرفقا عاما بالمعنى العضوي الذي تمارس بداخله السلطة‬

‫فقد حكم مجلس لدولة الفرنسي بأن اإلدارة ملزمة بالتدخل إذا توفرت دواعي الضبط اإلداري‪ ،‬حتى ولو لم ينص القانون‬ ‫‪40‬‬

‫على تصرف بذاته لمواجهة تلك الحالة‪ .‬أنظر‪ :‬هاني علي الطهراوي‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬التنظيم اإلداري‪ ،‬النشاط اإلداري‪ ،‬دار‬
‫الثقافة‪ ،‬عمان‪ ،8006 ،‬ص‪.881 .‬‬
‫‪41‬عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.40-21 .‬‬
‫قبل هذا التاريخ هيمنت مدرسة السلطة العامة و من بعدها مدرسة المرفق العام على اعتبار أن النشاط اإلداري في مجمله‬ ‫‪42‬‬

‫يتمحور إما حول السلطة العامة أي مجموع امتيازات السلطة العامة أو المرافق العمومية‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫التنظيمية من طرف رئيس المصلحة‪ .‬ولكنه مرفقا عاما ذو طبيعة خاصة ترتبط بمجموعة من‬
‫االعتبارات من أهمها‪:43‬‬

‫‪ -‬الهدف من وظيفة الضبط اإلداري ال يتعلق بتقديم حاجيات وخدمات‪.‬‬


‫‪ -‬طريقة اإلنشاء‪ ،‬التي تختلف عن طريقة إنشاء المرافق العامة‪ ،‬حيث يوجد مرفق الضبط‬
‫اإلداري بوجود الدولة‪.‬‬
‫‪ -‬مستعملي مرفق الضبط اإلداري‪ ،‬إذ ليس لهذا األخير مستعملين محددين على خالف‬
‫المرافق األخرى‪ ،‬كما يصفهم أحد الفقهاء بالمستفيدين غير المباشرين‪ ،‬فكل األفراد لهم الحق‬
‫في االستفادة من المرفق‪.‬‬
‫‪ -‬تبقى مظاهر التداخل بين الوظيفتين من حيث احتياج المرافق العامة لوظيفة الضبط اإلداري‬
‫في حالة وجود إخالل بالنظام العام لكفالة سير المرافق العامة‪ ،‬مثال فرض التلقيح اإلجباري‬
‫لتالميذ المدرسة‪.‬‬
‫‪ -‬يبقى المميز الرئيسي في إطار المعيار العضوي بين الضبط اإلداري والمرفق العام‪ ،‬حيث‬
‫يمكن إسناد هذا األخير لشركات خاصة أو أفراد‪ ،‬بينما مهمة الضبط اإلداري ال يمكن‬
‫إسنادها لخطورتها وخطورة إجراءاتها لهؤالء‪ ،‬حيث تبقى حكرا على الهيئات العامة‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التمييز بين الضبط اإلداري والضبط القضائي‬

‫بالنظر ألهمية التمييز بين الضبط اإلداري والضبط القضائي‪ ،‬أولى الفقه والقضاء أهمية‬
‫بالغة للتمييز بينهما باالستناد إلى مجموعة من المعايير للتمييز‪ ،‬وذلك بسبب التقارب الشديد‬
‫الموجود بينهما يصل إلى حد التداخل في الكثير من الحاالت‪ ،‬وذلك ما صعب عملية التمييز‬
‫للعديد من االعتبارات من أهمها‪:‬‬

‫‪Ch.-E. Minet, Op.Cit., pp. 59-64.‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ /9‬يتعلق االعتبار األول بالهدف من الوظيفتين‪ ،‬إذ تتحدان أو تشتركان في هدف المحافظة على‬
‫النظام العام داخل الدولة‪ ،‬مع اختالف األسلوب والوسائل‪ ،‬لذلك يقال أن الهدف من الضبط‬
‫اإلداري وقائي بينما الهدف من الضبط القضائي قمعي وعالجي وردعي‪.‬‬

‫‪ /8‬يتعلق االعتبار الثاني بالتكامل بين الوظيفتين‪ ،‬إذ يتدخل أعوان الضبطية القضائية لتتبع‬
‫الجريمة بعد وقوعها‪ ،‬للوصول إلى توقيع العقاب بعد عجز سلطات الضبط اإلداري عن توقيف‬
‫مسار الجريمة قبل وقوعها بواسطة مالحظة ومراقبة األفراد في إطار ممارستهم لحرياتهم‬
‫ونشاطاتهم الخاصة‪ .‬ويبقى بالرغم من ذلك مجال تدخل الضبط اإلداري لمنع تفاقم االضطرابات‬
‫والفوضى‪.‬‬

‫‪ /2‬يتعلق االعتبار الثالث بجمع بعض أعوان الضبط بين الوظيفتين‪ :‬والمثال البارز هنا يتعلق‬
‫أوال برجال الشرطة والدرك في إطار تنظيم المرور أو تطبيق قرارات وأوامر سلطات الضبط‬
‫اإلداري‪ ،‬وذلك يندرج ضمن وظيفة الضبط اإلداري‪ .‬بينما يقومون بمراقبة أماكن معينة أو‬
‫أشخاص معينين لالشتباه بهم أو مالحقة مجرمين‪ ،‬وذلك يندرج في إطار الضبط القضائي‪.‬‬
‫ويتعلق ثانيا برئيس البلدية الذي تمنحه نصوص قانون البلدية صفتين للتدخل‪ :‬صفته كسلطة‬
‫ضبط إداري بموجب المواد ‪ 14-71-77‬من قانون البلدية رقم ‪ 90-99‬المؤرخ في ‪-88‬‬
‫‪ ،448099-06‬وصفة ضابط الشرطة القضائية بناء على نص المادة ‪ 95‬من قانون اإلجراءات‬
‫الجزائية والمادة ‪ 18‬من قانون البلدية‪ .‬والوالي الذي يتمتع بوظيفة الضبط اإلداري بناء على‬
‫‪45‬‬
‫نص المادتين ‪ 998‬و‪ 994‬من قانون الوالية رقم ‪ 08 -98‬المؤرخ في ‪8098-08-89‬‬
‫وسلطة تعقب المجرمين وإصدار األوامر بالقبض عليهم بناء على نص المادتين ‪ 996‬و‪997‬‬
‫من قانون الوالية المذكور أعاله‪ ،‬وكذلك المادة ‪ 87‬من قانون اإلجراءات الجزائية التي منحته‬
‫صالحيات في مجال الضبطية القضائية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬معايير التمييز بين الضبط اإلداري والضبط القضائي‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 28‬بتاريخ ‪.8099-08-02‬‬ ‫‪44‬‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 98‬بتاريخ ‪.8098-08-81‬‬ ‫‪45‬‬

‫‪19‬‬
‫بالرغم من هذا التداخل بين الضبط اإلداري والضبط القضائي‪ ،‬فقد اجتهد كل من الفقه‬
‫والقضاء اإلداري إليجاد معايير للتمييز تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬المعايير الفقهية‪ :‬تبنى الفقه مجموعة من المعايير من أبرزها‪:‬‬

‫المعيار العضوي‪:‬‬

‫يمكن التمييز على أساس هذا المعيار بين الوظيفتين من حيث كون السلطة التنفيذية هي‬
‫التي تتولى وظيفة الضبط اإلداري‪ ،‬ومنه فإن العمل الصادر عنها يعد عمال إداريا‪ .‬أما وظيفة‬
‫الضبط القضائي فتقوم بها السلطة القضائية ممثلة في القضاة وأعضاء النيابة العامة ومأموري‬
‫الضبط القضائي ويكون العمل الصادر عنها عمال قضائيا‪.46‬‬

‫بالرغم من بساطة وسهولة هذا المعيار‪ ،‬إال أنه ال يستطيع احتواء حالة االزدواج‬
‫الوظيفي التي يتميز بها بعض الموظفين العموميين كرئيس البلدية ‪ ،‬الوالي وأعوان الشرطة‬
‫القضائية حيث يمارس هؤالء بعض مهام الشرطة القضائية بالنسبة لرئيس البلدية والوالي‬
‫وبعض مهام الضبط اإلداري بالنسبة ألعوان الشرطة القضائية والدرك‪ .‬باإلضافة إلى ارتكاز‬
‫هذا المعيار على ظاهر األمور دون مضمونها وجوهرها‪.‬‬

‫معيار الهدف ( المعيار الغائي)‬

‫يقوم هذا المعيار على الغاية من العمل‪ ،‬فالغاية من الضبط اإلداري هي وقاية النظام‬
‫العام من حدوث الجرائم والمخالفات بمنعها من الحدوث‪ ،‬ومنه حدوث الفوضى واالضطراب‬
‫الذي يؤدي إلى اإلخالل بالنظام العام‪ .‬أما الضبط القضائي فغايته قمع الجرائم بالكشف عنها‬
‫والتحقيق فيها وجمع األدلة وتمكين العدالة الجنائية من المجرم لتحاكمه‪.47‬‬

‫محمد عبيد الحسناوي القحطاني‪ ،‬الضبط االداري في دولة االمارات العربية المتحدة‪ ،‬التزام الحدود وحيادية التنفيذ‪ ،‬دار‬ ‫‪46‬‬

‫الكتب المصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،8005 ،‬ص ص‪68-64.‬؛ عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.42.‬‬
‫عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪،44.‬‬ ‫‪47‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪Ch.-E. Minet, Op.Cit., pp. 71-72.‬‬

‫‪20‬‬
‫يرتكز معيار الغاية على الهدف من اإلجراء من دون االهتمام بالهيئة التي اتخذته‪ ،‬فتكون‬
‫وظيفة الضبط من طبيعة قضائية إذا كان الهدف منها العقاب على جرم محدد‪ ،‬وعلى العكس من‬
‫ذلك تكون من طبيعة إدارية إذا كان الهدف منه الوقاية من االضطرابات التي تهدد النظام‬
‫العام‪.48‬‬

‫تتمثل نتائج المعيار الغائي فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬حتى ولو كانت الجريمة غير موجودة‪ ،‬فاإلجراء المتخذ هو إجراء ضبط قضائي‪.‬‬
‫‪ -‬حتى ولو كانت الجريمة مفترضة‪ ،‬أو اعتقد بأن الفرد المالحق قد ارتكب جريمة يبقى‬
‫اإلجراء للضبط قضائي‪.49‬‬
‫‪ -‬قد ينتج عن تطبيق المعيار الغائي التحول في طبيعة اإلجراء من ضبط إداري إلى ضبط‬
‫قضائي‪.‬‬
‫‪ -‬يسمح تطبيق هذا المعيار للقاضي إعادة تكييف اإلجراء‪ ،‬إذا اكتشف أن تكييف اإلجراء‬
‫األول خاطئ‪.‬‬
‫‪50‬‬
‫‪:‬‬ ‫ومع ذلك توجد بعض االستثناءات على تطبيق المعيار الغائي تتمثل فيما يلي‬

‫‪ -‬الخاصية الوقائية جزئيا لبعض تدابير الضبط القضائي‪ ،‬مثل إجراء الحبس االحتياطي‪.‬‬
‫‪ -‬الخاصية العقابية لبعض تدابير الضبط اإلداري‪ ،‬مثل العقوبات اإلدارية كسحب الرخص‬
‫وغلق المحل‪ ،‬طرد أجنبي‪...‬‬
‫‪ -‬إمكانية حدوث الخلط بين التدبيرين أو اإلجراءين في حالة المراقبة والتفتيش‪.‬‬

‫المعيار الموضوعي‪:‬‬

‫يرتكز هذا المعيار على موضوع اإلجراء‪ ،‬فإذا كان يدخل في نطاق المراقبة واإلشراف‬
‫من أجل المحافظة على النظام العام فهو إجراء ضبط إداري‪ ،‬أما إذا كان مضمونه االستدالل‬

‫‪48‬‬
‫‪Ibid., pp. 74-78.‬‬
‫‪ 49‬محمد عبيد الحسناوي القحطاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.80-61.‬‬
‫‪50‬‬
‫‪La police administrative, cours de droit net, www.cours-de-droit.net/cours-d-droit-‬‬
‫‪administratif/la-police-administrative, a3410980.htlm ( 30/09/2015).‬‬
‫‪21‬‬
‫والبحث عن الجرائم ومعاقبة مرتكبيها فهو إجراء ضبط قضائي بغض النظر عن الهيئة التي‬
‫صدر منها‪ .‬والمثال على ذلك عون الشرطة مثال عندما يتدخل في إطار وظيفة الضبط اإلداري‬
‫لتنظيم المرور‪ ،‬ثم تحدث مخالفة اجتياز حاجز المراقبة‪ ،‬فيتدخل بصفته ضابط شرطة قضائية‬
‫لكون اإلجراء تم بعد وقوع الفعل بهدف العقاب عليه‪.51‬‬

‫وهناك اتجاه يأخذ بمعيار مزدوج يتضمن المعيار الشكلي والموضوعي‪.52‬‬

‫‪ ‬المعايير القضائية ‪ :‬اتبع القضاء اإلداري الفرنسي العديد من المعايير من بينها المعيار‬
‫الغائي في العديد من القرارات التي أصدرها‪ ،‬من أهمها‪ :‬القرار الصادر عن محكمة التنازع‬
‫الفرنسية الصادر بتاريخ ‪ 9192-98-92‬في قضية ‪ Dame Diormet‬وقرارات صادرة عن‬
‫مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ ‪ 9148-08-99‬وبتاريخ ‪ ،9159-05-99‬ولكنه قبل ذلك كان‬
‫مترددا بين المعيار العضوي والغائي‪.53‬‬

‫أما مجلس الدولة المصري فقد تبنى المعيار الموضوعي في قرار له بتاريخ ‪9152-06-9‬‬
‫لمحكمة القضاء اإلداري‪ ،‬كما أخذت هذه المحكمة في أحكام أخرى سابقة بالمعيار العضوي في‬
‫حكم لها بتاريخ ‪ ، 9141-02-81‬ثم تبنت الحقا المعيار الغائي والمعيار المختلط في حكم لها‬
‫بتاريخ ‪.549154-98-92‬‬

‫إذن من الواضح أن كال من القضاء الفرنسي والمصري لم يتبن معيارا واحدا من دون‬
‫المعايير األخرى بل كان مترددا بين هذا وذاك‪ ،‬ولعل السبب في ذلك يرجع إلى تشعب وتركيب‬
‫مجاالت تدخل هيئات الضبط اإلداري واختالف الحاالت التي يتم االعتماد فيها على أكثر من‬
‫معيار‪ ،‬أو في كل مرة على معيار من المعايير السابقة‪ ،‬وأن كل معيار من المعايير السابقة قابلة‬
‫للتطبيق في كل مرة‪.‬‬

‫هاني علي الطهراوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪825 .‬؛ محمد عبيد الحسناوي القحطاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.67-68.‬‬ ‫‪51‬‬

‫عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.46-45 .‬‬ ‫‪52‬‬

‫‪53‬‬
‫‪Ch.-E. Minet, Op.Cit., pp. 71-74.‬‬

‫‪54‬عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.59-48 .‬‬


‫‪22‬‬
‫أما المجلس الدستوري الفرنسي فقد أكد على صحة المعيار الغائي في قرار له رقم‬
‫‪ 901/81‬بتاريخ ‪ ،9170-09-01‬بخصوص فحصه لمدى دستورية القانون المتعلق بالوقاية‬
‫من الهجرة غير الشرعية‪ ،‬مؤكدا أن إجراء طرد األجانب هو إجراء ضبط إداري‪ ،‬ألن أهدافه‬
‫متميزة عن أهداف العقاب الجنائي‪ .‬وكذلك في قرار له رقم ‪ 468/8002‬المؤرخ في ‪-02-92‬‬
‫‪ 8002‬المتعلق بفحص القانون المتعلق باألمن الداخلي‪ ،‬حيث اعتبر أن إجراء مراقبة السيارات‬
‫وحقائب المسافرين في المطارات مشروعا وهو من إجراءات الضبط اإلداري‪ ،‬ألن الهدف منه‬
‫وقائي وليس ردعي‪.55‬‬

‫ثانيا‪ :‬أهمية التمييز بين الضبط اإلداري والضبط القضائي‬

‫تبدو أهمية التمييز بين الوظيفتين فيما يلي‪:‬‬

‫‪ / 9‬أعمال الضبط اإلداري تخضع إلشراف ورقابة السلطة التنفيذية‪ ،‬أما أعمال الضبط القضائي‬
‫فتخضع إلشراف السلطة القضائية ضمن نيابة عامة وقضاة)‪.‬‬

‫‪ / 8‬اختالف الهيئتين القائمتين على الوظيفتين ينتج عنه اختالف الجهة المختصة بالمنازعات‪ ،‬إذ‬
‫يختص القضاء اإلداري بمنازعات الضبط اإلداري‪ ،‬بينما تختص المحاكم العادية بمنازعات‬
‫الضبط القضائي‪.‬‬

‫‪ /2‬نشاط الضبط اإلداري يقبل الطعن باإللغاء ويخضع إلجراءات وقف التنفيذ‪ ،‬وعلى العكس‬
‫من ذلك ال يقبل نشاط الضبط القضائي الطعن باإللغاء وإنما لطعون أخرى كالمعارضة‪،‬‬
‫االستئناف والنقض‪ ،‬كما ال يخضع إلجراءات وقف التنفيذ‪.‬‬

‫‪ /4‬اختالف قواعد المسؤولية التي يخضع لها كال من النشاطين‪ ،‬فالقاعدة المقررة أن أعمال‬
‫الضبط اإلداري يمكن أن يثير مسؤولية اإلدارة إذا ما توفرت أركان المسؤولية من خطأ وضرر‬
‫وعالقة سببية‪ .56‬أما بالنسبة ألعمال الضبط القضائي‪ ،‬فإثارة مسؤولية الدولة عن األخطاء‬

‫‪55‬‬
‫‪Ch.-E. Minet, Op.Cit., pp. 84-86.‬‬

‫ويمكن أن تثار مسؤولية هيئات الضبط اإلداري على أساس المخاطر‪ ،‬في حالة عدم ثبوت وقوع خطأ من اإلدارة‪.‬‬ ‫‪56‬‬

‫‪23‬‬
‫الواقعة من سلطة الضبط القضائي تحكمها قاعدة انتفاء المسئولية إال إذا قرر المشرع عكس ذلك‬
‫صراحة‪.57‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أنواع الضبط اإلداري‬

‫إذا كان المقصود بالضبط اإلداري مجموع التدابير واإلجراءات التي تتخذها السلطات‬
‫اإلدارية المختصة من أجل المحافظة على النظام العام بصفة وقائية‪ ،‬فيترتب عليها فرض قيود‬
‫على الحقوق والحريات ‪ ،‬فإن هذه القيود يختلف مجال تطبيقها‪ ،‬فمنها ما يطبق بشكل عام ومنها‬
‫ما يطبق بشكل خاص‪ .‬لذلك قسم الفقه الضبط اإلداري إلى نوعين‪ :‬ضبط إداري عام وضبط‬
‫إداري خاص‪.‬‬

‫لذلك سنتطرق في هذا المطلب لتعريف كل نوع من الضبط اإلداري ض العام والخاص) ض الفرع‬
‫األول) و التمييز بين هذين النوعين من الضبط االداري ضالفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف نوعي الضبط اإلداري (العام والخاص)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف الضبط اإلداري العام‬

‫كما سبق تعريفه من قبل‪ ،‬الضبط اإلداري هو مجموع القرارات والتدابير واإلجراءات‬
‫المتخذة من طرف اإلدارة في جميع المجاالت وأوجه النشاط الفردي بهدف المحافظة على‬
‫النظام العام ووقايته بعناصره التقليدية والحديثة بصفة وقائية لمنع حدوث االضطرابات‬
‫والفوضى‪.‬‬

‫كرس المؤسس الدستوري هذا المبدأ ضمن المادة ‪ 41‬من الدستور بنصها األتي" يترتب على الخطأ القضائي تعويض من‬ ‫‪57‬‬

‫الدولة ويحدد القانون شروط التعويض وكيفياته" والتي تقابلها ضمن التعديل الدستوري لسنة ‪ 8096‬الصادر بالقانون رقم ‪-96‬‬
‫‪ 09‬المؤرخ في ‪ 8096-02-06‬يتضمن التعديل الدستوري‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 94‬بتاريخ ‪ ،8096-02-08‬المادة ‪ 69‬بالمضمون‬
‫نفسه‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫يصنف هذا النوع من الضبط اإلداري حسب مجال تطبيقه أو إعماله إلى ضبط إداري‬
‫عام وطني يشمل مجاله جميع اإلقليم بغض النظر عن التخصص وضبط إداري عام محلي‬
‫يشمل تطبيقه في جزء معين من اإلقليم كالوالية والبلدية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تعريف الضبط اإلداري الخاص‬

‫المقصود بالضبط اإلداري الخاص صيانة النظام العام في إطار ضيق‪ ،‬بتقييد نشاطات‬
‫األفراد وحرياتهم في مجال وقطاع أو نشاط محدد‪ .‬فنكون في مواجهة ضبط إداري خاص من‬
‫حيث‪:‬‬

‫‪ -‬الهيئة التي تمارس وظيفة الضبط اإلداري ‪ :‬حيث يكون ضبطا إداريا خاصا إذا مورس‬
‫من طرف هيئة مختلفة مبدئيا عن الهيئة المختصة بالمحافظة على النظام العام ض هيئة ضبط‬
‫إداري عام)‪ ،‬كأن ت تحول سلطة الضبط اإلداري من رئيس البلدية إلى الوالي‪ .‬مثال‪ :‬تعود سلطة‬
‫ضبط الصيد للوالي بدال من رئيس البلدية بموجب نص القانون رقم ‪ 08-04‬المؤرخ في ‪-94‬‬
‫‪ 8004-07‬المتعلق بالصيد‪ .58‬أو من الوزير األول إلى الوزير المكلف بالقطاع‪ .‬مثال‪ :‬ضبط‬
‫السينما يعود لوزير الثقافة في مجال منح التأشيرات والرخص الستيراد وإنتاج وعرض األفالم‬
‫وليس للوزير األول‪ .59‬لكن المبدأ العام أن سلطات الضبط اإلداري العام هي نفسها التي يمنحها‬
‫المشرع سلطات الضبط اإلداري الخاص‪.60‬‬
‫‪ -‬التدابير المتخذة‪ :‬قد يكون ضبطا إداريا خاصا عندما يمارس بتدابير وإجراءات مختلفة‬
‫عن تلك التي يمارس بموجبها الضبط اإلداري العام‪ .‬مثال في مجال ضبط السينما ال يمكن‬
‫لوزير الثقافة أخذ قرار منح الرخصة إال بعد استشارة لجنة تصنيف األعمال السينماتوغرافية ‪.‬‬
‫كما ال يمكن منح التراخيص في مجال إنشاء المؤسسات المصنفة من طرف الوزير أو الوالي‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 59‬بتاريخ ‪.8004-07-95‬‬ ‫‪58‬‬

‫‪ 59‬بموجب القانون رقم ‪ 02-99‬المؤرخ في ‪ 8099-08-98‬يتعلق بالسينما‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 92‬بتاريخ ‪.8099-08-87‬‬
‫‪60‬‬
‫‪Ch.-E. Minet, Op.Cit., pp. 107-108.‬‬

‫‪25‬‬
‫حسب الحالة‪ ،‬إال بعد القيام بدراسة أو موجز التأثير على البيئة ودراسة خطر وتحقيق‬
‫عمومي‪.61‬‬
‫‪ -‬الهدف المحدد‪ :‬يكون الهدف من الضبط اإلداري الخاص مختلفا كليا أو جزئيا عن هدف‬
‫الضبط اإلداري العام وهو المحافظة على النظام العام‪ .‬مثال‪ :‬هدف وظيفة الضبط اإلداري في‬
‫مجال الصيد هو حماية بعض أصناف الحيوانات في طريقها لالنقراض‪ .‬يهدف الضبط اإلداري‬
‫في مجال اآلثار إلى حماية التراث األثري من االعتداء عليه‪ .‬تهدف شرطة اإلشهار باللوحات‬
‫االشهارية أو اإلعالنية إلى المحافظة على البيئة‪ .‬تهدف شرطة السينما إلى حماية الطفولة‬
‫والشباب واحترام شرف اإلنسان‪.62‬‬
‫‪ -‬الموضوع‪ :‬يكون ضبطا إداريا خاصا إذا تعلق بتنظيم نشاط معين بتشريعات خاصة‬
‫بالنظر لخطورة وأهمية النشاط‪ ،‬حيث تمنح سلطة الضبط اإلداري الخاص سلطة أكبر من سلطة‬
‫الضبط اإلداري العام‪ ،‬وهي تتعلق مثال بالنشاطات الخطيرة الضارة بالصحة‪ ،‬المقلقة للراحة‪،‬‬
‫قوانين تنظيم المرور‪ ،‬إقامة المباني‪.63‬‬
‫‪ -‬األشخاص‪ :‬يكون ضبطا إداريا خاصا إذا كان يخص طائفة معينة كاألطباء‪ ،‬الصيادلة‪،‬‬
‫األجانب‪ ،64‬البدو والرحل‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التمييز بين الضبط اإلداري العام والخاص‬

‫بموجب نص المادة ‪ 5‬ممن المرسوم التنفيذي رقم ‪ 917-06‬المؤرخ في ‪ 8006-05-29‬يضبط التنظيم المطبق على‬ ‫‪61‬‬

‫المؤسسات المصنفة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 28‬بتاريخ ‪ ،8006-06-04‬الذي ألغى المرسوم التنفيذي رقم ‪ 221-17‬المؤرخ في ‪-02‬‬
‫‪ 9117-99‬المتضمن التنظيم الذي يطبق على المنشات المصنفة ويحدد قائمتها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪.78‬‬

‫‪62‬‬
‫‪P. Tibune, droit administratif francais-cinquieme pertie, www. Revuegeneraledu‬‬
‫‪droit.eu/blog/2013/08/11droit-administratif-francais-cinquiemme-partie-chapitre-1, ( 28-09-2015).‬‬
‫‪ 63‬القانون رقم ‪ 95-07‬المؤرخ في ‪ 8007-08-80‬المحدد لقواعد مطابقة البنايات واتمام انجازها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 44‬بتاريخ‬
‫‪.8007-07-02‬‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 859-02‬المؤرخ في ‪ 8002-08-91‬المتضمن تطبيق األمر رقم ‪ 899-66‬المؤرخ في ‪-89‬‬ ‫‪64‬‬

‫‪ 9166-08‬المتعلق بوضعية األجانب في الجزائر‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 42‬بتاريخ ‪ .8002-08-80‬القانون رقم ‪ 99-07‬المؤرخ في‬
‫‪ 8007-06-85‬المتعلق بشروط دخول األجانب للجزائر وإقامتهم بها وتنقلهم فيها‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫تبنى الفقه عدة معايير للتمييز بين الضبط اإلداري العام والخاص من أهمها المعيار اإلقليمي‬
‫أو المكاني‪ ،‬ولكنه غير كاف للتمييز‪ ،‬إلى جانب المعيار العضوي الذي يعد قاصرا ألن الهيئة‬
‫نفسها قد تتمتع بصالحيات ضبط إداري عام وخاص مثلما تم ذكره أعاله‪ .‬ومنه تم االستناد‬
‫على معيار الهدف أو الغاية‪ .‬فيكون الهدف من الضبط اإلداري العام دائما المحافظة على النظام‬
‫العام‪ ،‬بينما يكون الهدف من الضبط اإلداري الخاص ذا مضمون أكثر تحديدا وخصوصية‪،65‬‬
‫لكن بالرغم من ذلك ترد استثناءات على هذا المعيار تتعلق بعناصر التداخل بين النوعين من‬
‫الضبط‪:‬‬

‫‪ -‬فالضبط اإلداري العام يهدف دائما وكليا لحماية النظام العام بعناصره التقليدية أو الحديثة‪،‬‬
‫أما الضبط اإلداري الخاص فال يهدف لحماية النظام العام فقط‪ ،‬وإنما قد تكون هناك أهدافا‬
‫أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬قد يكون الهدف من الضبط اإلداري الخاص حماية النظام العام في قسم منه مثل الضبط‬
‫المتعلق بالمسافرين‪ ،‬األجانب‪ .‬كما قد تكون له أهداف أخرى غير النظام العام مثل الضبط‬
‫المتعلق باألمالك العمومية‪ :‬حيث يتمثل الهدف الخاص في المحافظة على هذه األمالك‬
‫وحمايتها‪ ،‬أما الهدف العام فيتمثل في حماية أمن المواطنين بتنظيم المرور فيها‪ .66‬يتمثل‬
‫الهدف الخاص في مجال الصيد البحري أو البري في حماية الثروة الحيوانية التي هي في‬
‫طريقا االنقراض بينما يتمثل الهدف العام في حماية الصيادين والسياح المتجولين‪..‬‬
‫‪ -‬مبدئيا يجب أن تحترم السلطات اإلدارية المحلية السلطات العليا في قراراتها الضبطية‪ ،‬لكن‬
‫استثناءا يمكن تخصيص اإلجراءات المتخذة من طرف السلطات المحلية بشرط أن تكون‬
‫أكثر شدة ومتناسبة مع الخصوصيات والظروف المحلية‪.‬‬

‫فقد توسعت مجاالت الضبط اإلداري الخاص بتوسع وتشعب تدخالت الدولة‪،‬حيث ظهرت مجاالت ضبط الهجرة‪ ،‬الثقافة‪،‬‬ ‫‪65‬‬

‫المؤسسات الخطيرة‪ ،‬الصيد‪،‬النقل‪ ،‬سباق الخيول‪ ،‬الطيور‪ ،‬المسافرين‪ ،‬اآلثار‪ ،‬الهجرة‪ ،‬السينما‪ ،‬البدو والرحل‪.....‬‬
‫أنظر المادة ‪ 51‬من القانون رقم ‪ 94-07‬المؤرخ في ‪ 8007-08-80‬المتضمن تنظيم األمالك العمومية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪44‬‬ ‫‪66‬‬

‫بتاريخ ‪.8007-07-02‬‬
‫‪27‬‬
‫‪ -‬يمكن أن تحل السلطات العليا محل السلطات الدنيا في ممارسة الضبط اإلداري‪ ،‬مثال حلول‬
‫الوالي محل رئيس البلدية‪.‬‬
‫‪ -‬ممارسة سلطة الضبط اإلداري الخاص ال تقصي ممارسة سلطة الضبط اإلداري العام‪ ،‬فنجد‬
‫مثال في مجال الضبط اإلداري الخاص في مجال السينما‪ :‬يملك وزير الثقافة سلطة منح‬
‫التأشيرات أو الرخص لعرض األفالم‪ ،‬ولكن يمكن لرئيس البلدية إصدار قرار بمنع عرض‬
‫فيلم حصل على رخصة العرض من الوزير تحت مبرر خصوصيات محلية تهدد النظام العام‬
‫في البلدية‪ ،‬كما حصل في قضية لوتيسيا‪.67‬‬
‫‪ -‬عندما تملك الهيئة السلطتين معا للضبط اإلداري العام والخاص‪ ،‬فال يجب أن تنحرف‬
‫إلى استعمال إجراءات ضبطية في غير محلها‪ ،‬حيث تستعمل مثال سلطات الضبط اإلداري العام‬
‫ألنها أبسط من حيث اإلجراءات من سلطات الضبط اإلداري الخاص‪ ،‬في مجال سلطة ضبط‬
‫إداري خاص‪ ،‬مثال‪ :‬يملك رئيس البلدية سلطة ضبط إداري عام بموجب نصوص البلدية في‬
‫مجال التعمير ويملك سلطة الضبط اإلداري الخاص بموجب القانون رقم ‪ 04-99‬المؤرخ في‬
‫‪68‬‬
‫أو بموجب القانون‬ ‫‪ 8099-08-98‬المحدد للقواعد المنظمة للترقية العقارية المعدل والمتمم‬
‫رقم ‪ 80-09‬المؤرخ في ‪ 8009-98-98‬المتعلق بتهيئة اإلقليم وتنميته المستدامة‪.69‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أهداف الضبط اإلداري‬

‫أجمع الفقه والقضاء اإلداريين على أن هدف وظيفة الضبط اإلداري يتمحور حول النظام‬
‫العام‪ ،‬هذا األخير هو فكرة مرنة متطورة بتطور الزمان والمكان‪ ،‬باإلضافة إلى أنها فكرة‬

‫‪ 67‬وتتلخص وقائع القضية في أن عمدة بلدية نيس منع عرض بعض األفالم في إقليم البلدية بدعوى أنها تتجافى واللياقة واآلداب‬
‫العامة‪ ،‬على الرغم من أن هذه األفالم قد حصلت على رخصة من الجهات الوزارية المختصة بالرقابة على األفالم‪ .‬طعنت الشركة‬
‫المنتجة لبعض هذه األفالم في قرار العمدة أمام محكمة نيس اإلدارية‪ ،‬ثم استأنفت الحكم أمام مجلس الدولة‪ ،‬مثيرة مشكلة سلطات‬
‫العمدة المحلية في مواجهة سلطة الموافقة الوزارية‪ .‬ولقد أثيرت مسألتين قانونيتين األولى‪ ،‬هل تؤدي سلطة رقابة ممنوحة لهيئة‬
‫وزارية إلى استبعاد ممارسة هيئة محلية لسلطتها الضبطية‪ .‬فإذا كانت اإلجابة بالنفي‪ ،‬فما هي األسس التي يتأسس عليها حظر‬
‫العمدة لعرض الفيلم‪ .‬وأجاب مجلس الدولة بأن استعمال سلطة عليا لصالحياتها الضبطية ال يقف عقبة أمام استعمال السلطة المحلية‬
‫سلطتها عندما تبرر الظروف المحلية إصدار إجراء أكثر شدة‪ .‬أنظر محمد محمد بدران‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪،301-301.‬‬
‫)‪E. Guerrin, les autorités de police administrative, www.wikiterrilorial.cufpt.fr, (20-10-2015‬‬
‫‪ 68‬مرجع سابق‪.‬‬
‫ج‪.‬ر عدد ‪ 88‬بتاريخ ‪.8009-98-95‬‬ ‫‪69‬‬

‫‪28‬‬
‫واسعة وشاملة لكل فروع النظام القانوني في الدولة‪ ،‬ولكنها مختلفة من فرع على أخر من حيث‬
‫مضمونها‪ ،‬إطارها‪ ،‬أسبابها وإجراءاتها‪ .‬وهناك أيضا إجماع فقهي وقضائي حول عناصر ثالثة‬
‫لهذه الفكرة توصف بالثالثية التقليدية هي األمن العام‪ ،‬الصحة العامة والسكينة العامة‪.70‬‬

‫وهناك اتجاهات حديثة في الفقه والقضاء والتشريع توسع من أبعاد الضبط اإلداري وأهدافه‬
‫لتشمل النظام العام الخلقي ضاآلداب العامة)‪ ،‬النظام العام المتعلق بجمال المدن ورونقها‪ ،‬النظام‬
‫العام االقتصادي والنظام العام البيئي‪.‬‬

‫سنقسم هذا المبحث لمطلبين اثنين‪ ،‬نتناول في مطلب أول األهداف التقليدية للضبط اإلداري وفي‬
‫مطلب ثان نتناول األهداف الحديثة للضبط اإلداري‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬األهداف التقليدية للضبط اإلداري‬

‫تدور األهداف التقليدية حول فكرة النظام العام‪ ،‬لذلك سنقسم هذا المطلب إلى فرعين‬
‫اثنين يتضمن األول مفهوم النظام العام أما الثاني فيتضمن عناصر النظام العام‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم النظام العام‬

‫كغيرها من األفكار تعرضت فكرة النظام العام لالهتمامات الفقهية والقضائية بشأن‬
‫تعريفها وتحديد خصائصها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف النظام العام‬

‫‪ /0‬موقف الفقه من تعريف النظام العام‬

‫عرفه جانب من الفقه بأنه مجموع الشروط الالزمة الستتباب األمن واآلداب العامة‪ ،‬التي‬
‫ال غنى عنها لقيام عالقات سلمية بين المواطنين بما يتناسب و عالقاتهم االقتصادية‪.‬‬

‫عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.82.‬‬ ‫‪70‬‬

‫‪29‬‬
‫المالحظ على هذا التعريف أنه واسع جدا يرتكز على تحديد المتطلبات التي تعد أساسية لحماية‬
‫الحياة في المجتمع‪ .‬وقد اختلف الفقه في تعريف النظام العام من زاويتين‪ ،‬من زاوية أولى‪،‬‬
‫هناك من عرفه تعريفا سلبيا‪ ،‬حيث عرفه الفقيه الفرنسي ‪ M.Hauriou‬بأنه "حالة واقعية‬
‫تعارض حالة واقعية أخرى هي الفوضى" وذلك معناه أن الهدف من الضبط سلبي ال يسمح‬
‫بوقوع اضطرابات‪ ،‬وال يتدخل إال إذا حدث التهديد بالنظام العام‪ .71‬ولكن تطور هذا التعريف‬
‫بعد ذلك إلى البعد اإليجابي بارتكازه على تحديد واجبات الدولة لتحقيق االستقرار نتيجة توسع‬
‫وتشعب تدخالت هذه األخيرة‪ ،‬وتطور االجتهاد القضائي وما تبعه من اتساع لفكرة النظام‬
‫العام‪ .72‬وقد أكد الدكتور محمد عصفور على أنه ال يمكن أن يعرف النظام العام التقليدي‬
‫تعريفا سلبيا وهو اختفاء اإلخالل‪ ،‬وإنما يجب أن ينطوي على معنى استثنائي يتجاوز النتيجة‬
‫المباشرة‪ ،‬ولذلك لم يعد الهدوء العام مثال يعني اختفاء الضجة واالضطرابات الخارجية وإنما‬
‫يعني راحة السكان‪ ،‬بمعنى اختفاء الجانب السلبي لتحل محله سياسة عامة لتنظيم وتحقيق‬
‫االنسجام في المجتمع‪.‬‬

‫أما من زاوية ثانية‪ ،‬فقد ذهب العديد من الفقهاء إلى تحديد مضمون فكرة النظام العام‪ ،‬ولكنهم‬
‫اختلفوا في شموله للجانب المادي فقط أم المعنوي أيضا‪ .‬فمن الفقهاء الذين اكتفوا في تعريفهم‬
‫لفكرة النظام العام بالجانب المادي على غرار الفقيه الفرنسي ‪ ،M.Hauriou‬الذي اعتبر أن‬
‫مفهوم النظام العام يشمل العناصر التقليدية الثالث‪ .‬أما في المقابل فمن الفقهاء من ذهب في‬
‫تعريفه للنظام العام على اعتبار شموله الجانب المادي واألدبي معا‪ ،‬ومنهم الفقيه الفرنسي‬
‫‪ M.Valine‬الذي اعتبر أن النظام العام فكرة غامضة وواسعة ال تقتصر على النظام العام‬
‫المادي فحسب بل يشمل أيضا النظام األدبي‪ ،‬وكذلك الفقيه الفرنسي‪ ،G.Burdeau‬حيث شملت‬
‫فكرة النظام العام عنده الجانب المادي واألدبي واالقتصادي وتمتد لتغطي كافة صور النشاط‬

‫‪ 71‬محمد محمد بدران‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.64.‬‬


‫سكينة عزوز‪ ،‬عملية الموازنة بين أعمال الضبط اإلداري والحريات العامة‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر‪،9110 ،‬‬ ‫‪72‬‬

‫ص‪.29.‬‬
‫‪30‬‬
‫االجتماعي‪ .‬وقد أيد هذا االتجاه الدكتور محمد عصفور‪ .73‬وكان هذا االتجاه الثاني محل إجماع‬
‫الحق من الفقهاء‪.‬‬

‫‪ /2‬موقف القضاء اإلداري الفرنسي من تعريف النظام العام‬

‫تميز موقف القضاء اإلداري الفرنسي من تعريف النظام العام باالختالف بين مرحلتين‪:‬‬

‫‪ -‬مرحلة ما قبل سنة ‪ :9151‬حيث كان يخرج المسائل المتعلقة باآلداب العامة واألخالق‬
‫من نطاق النظام العام‪ ،‬ومن أهداف الضبط اإلداري‪ ،‬ومنه كانت إجراءات وتدابير الضبط‬
‫اإلداري المتعلقة بهذا الجانب والتي تمس حقوق وحريات األفراد تتعرض لإللغاء‪.‬‬
‫‪ -‬مرحلة ما بعد سنة ‪ :9151‬بداية من حكم ‪ 7‬ديسمبر ‪ 9151‬في قضية ‪،Luthesia‬‬
‫أصبح مجلس الدولة الفرنسي يعتبر اآلداب واألخالق العامة كهدف من أهداف النظام العام‬
‫والضبط اإلداري‪ .‬وتتلخص وقائع القضية في أن رئيس بلدية ‪ Nice‬أصدر قرارا ضبطيا‬
‫يقضي بمنع عرض ثالثة أفالم حصلت على ترخيص قانوني من طرف الوزير المختص بعد‬
‫موافقة لجنة المراقبة على األفالم السينمائية المنظم بموجب قانون ‪ .9145‬وقد صدر قرار‬
‫رئيس البلدية تحت تأثير قوى ضغط مجتمعية وبالخصوص جمعية أولياء التالميذ‪ ،‬الذين هددوا‬
‫بالقيام بمظاهرات في المدينة لمنع عرض هذه األفالم التي تهدد تربية وأخالق أوالدهم‪ ،‬حينئذ‬
‫رفعت شركة األفالم دعوى أمام مجلس الدولة مطالبة بإلغاء قرار رئيس البلدية والتعويض عن‬
‫األضرار والخسائر‪ .‬أصدر هذا األخير قرارا برفض إلغاء قرار رئيس البلدية ألنه من صميم‬
‫سلطاته الضبطية أن يقوم بالمحافظة على اآلداب العامة واألخالق‪ ،‬إذا كانت تهدد النظام العام‬
‫وتعرضه للخطر‪ ،‬وذلك من خالل قيامه بحضر عرض أفالم سينمائية سبق إجازتها من هيئة‬
‫الرقابة على األفالم‪ ،‬إذا كان ذلك من شأنه المساس بالنظام العام بسبب طابعها األخالقي‪.‬‬

‫عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.82.‬‬ ‫‪73‬‬

‫‪31‬‬
‫وصدرت بعد هذا القرار العديد من القرارات في السياق نفسه ‪ ،‬وأصبح بذلك مجلس الدولة‬
‫يأخذ بالبعد األخالقي في بناء فكرة النظام العام وكهدف مشروع للضبط اإلداري‪.74‬‬

‫وقد تبنى القضاء اإلداري المصري االتجاه نفسه في القضية رقم ‪ 902‬لجلسة ‪ 08‬فيفري‬
‫‪ 9187‬المتعلقة بقرار وزير الثقافة المتضمن حذف بعض مشاهد فيلم العش الهادئ‪ ،‬حيث قضى‬
‫مجلس الدولة بحق هذا الوزير‪ ،‬باعتباره الرئيس اإلداري األعلى للرقابة على المصنفات الفنية‪،‬‬
‫بحذف بعض مشاهد هذا الفيلم لما يمثله من معارضة لقيم ومبادئ المجتمع‪ .‬وقضى أيضا أنه‬
‫يعد مساسا بالنظام العام تأليف الكتب أو إلقاء المحاضرات التي تحث على اإللحاد واإلباحية في‬
‫المجتمع الذي يتمسك باألديان السماوية‪.75‬‬

‫كما اعتبر مجلس الدولة الفرنسي أن تدخل اإلدارة لحماية المظهر والرواء في حكم بتاريخ‬
‫‪ 9126-90-82‬في قضية االتحاد الباريسي لنقابات المطابع‪ ،‬مشروع في إطار الضبط‬
‫اإلداري‪ ،‬وتتلخص وقائع القضية في أن اإلدارة أصدرت الئحة تمنع توزيع اإلعالنات على‬
‫المارة في الطرقات خوفا من إلقائها في الطرقات العامة عقب قراءتها‪ ،‬مما يؤدي إلى تشويه‬
‫جمال الشوارع‪ ،‬ولما طعن اتحاد النقابات طالبا إلغاء الالئحة‪ ،‬رفض مجلس الدولة طلبه وحكم‬
‫بشرعية هذه األخيرة‪.76‬‬

‫ثانيا‪ :‬خصائص النظام العام‬

‫يتميز النظام العام بمجموعة من الخصائص تتمثل في اآلتي‪:77‬‬

‫‪ -‬يكون النظام العام عاما‪ :‬بمعنى يشمل ويطبق على جميع المواطنين في الدولة في أمنهم‬
‫وصحتهم وسكينتهم‪ ،‬فعلى اعتبار أن تدابير الضبط اإلداري تتضمن تقييد الحقوق والحريات ‪،‬‬
‫فإنها لن تكون مبررة ومشروعة إال إذا كان النظام العام المهدد عاما يهدد أمن الجماعة‪ ،‬صحتها‬

‫فيصل نسيغة ورياض دنش‪ ،‬النظام العام‪ ،‬مجلة المنتدى القانوني‪ ،‬قسم الكفاءة الوطنية للمحاماة‪ ،‬جامعة محمد خيضر‬ ‫‪74‬‬

‫بسكرة‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬ص ص‪.961-967.‬‬


‫عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.88.‬‬ ‫‪75‬‬

‫المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪76‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.77-72.‬‬ ‫‪77‬‬

‫‪32‬‬
‫وسكينتها‪ .‬والمقصود بالعمومية هنا أن اإلخالل يجب أن يمس المجموعة ككل‪ ،‬ولذلك فاألفعال‬
‫التي تتعلق بالملكية الخاصة تخرج عن مجال الضبط اإلداري ما لم يكن لها مظهرا خارجيا‬
‫يهدد النظام العام‪ ،‬كاألصوات المنبعثة من مذياع أو مكبرات صوت‪ ،‬بمعنى أخر ليس لسلطات‬
‫الضبط عالقة باألفعال الداخلية ما لم يكن لها مظاهر خارجية مؤذية مثال‪ :‬تستطيع سلطات‬
‫الضبط اإلداري أن تأمر بهدم منزل حفاظا على صحة المارة‪ ،‬وليس لها أن تأمر بهدم جدار‬
‫داخل منزل‪ .‬ولو أن مجلس الدولة الفرنسي في قرار له بتاريخ ‪ 9155-08-97‬كان قد أقر‬
‫لسلطة الضبط اإلداري التدخل لمواجهة تهديد داخلي متى كان يهدد السالمة الداخلية للمبنى‪.78‬‬

‫‪ -‬يكون النظام العام ماديا أو معنويا‪ :‬المقصود بالنظام العام المادي هو المظهر الخارجي‬
‫الملموس أو المجسد‪ ،‬أي كل األسباب المادية التي تمس الصحة العامة أو السكينة العامة أو‬
‫األمن العام ‪ .‬أما الجانب األخالقي فالمقصود به كل ما يتعلق بالنظام الخلقي واآلداب العامة‪،‬‬
‫والذي يؤدي إلى تهدم الحياء الخلقي‪ ،‬والذي قد يؤدي إلى اضطراب النظام العام المادي‪.‬‬

‫‪ -‬النظام العام هو مجموعة من القواعد اآلمرة‪ :‬ال يجوز لألفراد مخالفتها من خالل تصرفاتهم‬
‫واتفاقاتهم‪ ،‬على اعتبار أن مهمة الضبط اإلداري تتأسس على التوفيق بين الحقوق والحريات‬
‫والمصلحة العامة‪ ،‬ومنه لحسم المنازعة بين الكفتين يجب إيجاد نظام ذو أولوية يطبقه القاضي‬
‫على حساب الحقوق والحريات‪ ،‬والذي يبقى له الدور االجتهادي في تكوين فكرة النظام العام‬
‫من خالل التفسير‪ ،‬باإلضافة إلى الدور الكبير للتقاليد واألعراف التي قد تؤثر بشكل أكبر ولو‬
‫باعتبارها مصدرا ماديا للقانون‪.79‬‬

‫عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.71.‬‬ ‫‪78‬‬

‫هناك من انتقد الرأي الذي يجعل النظام العام مصدره المشرع وحده لكونه يمثل قيدا على الحقوق والحريات لكن الدكتور‬ ‫‪79‬‬

‫عبد الرؤوف هاشم بسيوني رفض هذه الفكرة ويحتفظ للمشرع بالسلطة الحصرية في وضع قواعد النظام العام ألنها تتضمن‬
‫قيودا ‪ .../... ../..‬على الحريات‪ .‬ولنا المثال في ذلك القرار الذي أصدره الوزير السابق للتجارة عمارة بن يونس المتعلق‬
‫بالتصريح بتحرير استيراد الكحول والذي القى معارضة من الشعب فتم التراجع عنه‪ ،‬ألنه يخالف تقاليد وعادات وأخالق‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫‪ -‬يتسم النظام العام بالمرونة والتطور والنسبية‪ :‬حيث يختلف مفهومه وإطاره باختالف‬
‫الزمان والمكان ‪ ،‬يختلف داخل الدولة الواحدة وبين الدول ض سواء كانت ليبرالية أو اشتراكية)‪ ،‬و‬
‫يتطور بتطور فلسفة النظام االجتماعي السائد ويرتبط بالمذهب السائد‪ ،‬لذلك ال يمكن للمشرع أن‬
‫يضع له تعريفا محددا وثابتا‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬العناصر التقليدية للنظام العام ولوظيفة الضبط اإلداري‬

‫لم يتطرق المشرع عموما في أغلب التشريعات المقارنة لتعريف الضبط اإلداري‪ ،‬ولكنه‬
‫تطرق له من خالل عناصر النظام العام‪ .‬نذكر على سبيل المثال قانون الجماعات اإلقليمية‬
‫الفرنسي الذي عرف الضبط اإلداري بنص المادة ‪ 8-898‬من القسم التشريعي له من خالل‬
‫هدفه المتمثل في ضمان النظام الجيد‪ ،‬األمن‪ ،‬السكينة والصحة العمومية‪.80‬‬

‫وقد وصف الفقيه الفرنسي موريس هوريو هذه العناصر بالثالثية التقليدية وتتمثل في عنصر‬
‫األمن العام‪ ،‬الصحة العامة والسكينة العامة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المحافظة على األمن العام‬

‫يقصد بالمحافظة على األمن العام توفير األمان والحماية ألرواح األفراد وأموالهم‬
‫وأعراضهم من أي اعتداء مهما كان مصدره سواء كان إنسان‪ ،‬حيوان أو الطبيعة أو شيء‬
‫سواء في الحاالت العادية أو االستثنائية‪ ،81‬ومنه فضمان األمن العام يؤدي إلى اطمئنان اإلنسان‬
‫على نفسه وحياته وماله من وقوع الحوادث أو احتمال وقوعها أومن خطر االعتداء عليها‪ ،‬أيا‬
‫كان مصدر االعتداء بفعل اإلنسان نفسه مثل السرقة‪ ،‬حوادث السيارات‪ ،‬المظاهرات‪...‬أو بفعل‬
‫الحيوانات الخطيرة أو بفعل الطبيعة كالزالزل والحرائق والفيضانات وغيرها‪.‬‬

‫رقم ‪ 948-16‬المؤرخ في ‪ 9116-08-89‬المتضمن القانون العام للجماعات اإلقليمية‪ ،‬ج‪.‬ر بتاريخ ‪.9116-08-84‬‬ ‫‪80‬‬

‫أنظر الموقع من االنترنت‪:‬‬


‫‪www.legifrance.gouv.fr‬‬
‫‪ 81‬محمد محمد بدران‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.80 .‬‬
‫‪34‬‬
‫ومنه تتلخص مهمة الدولة في مجال وظيفة الضبط اإلداري في المحافظة على السالمة‬
‫العمومية‪ ،‬بالعمل على منع األخطار المهددة لها بطريقة وقائية من خالل اتخاذ مجموعة من‬
‫اإلجراءات‪:‬‬

‫‪ -‬تنظيم المرور وذلك بفرض سرعة معينة للسير في مختلف األماكن والطرقات‪ ،‬وتنظيم وقت‬
‫للسير بالنسبة لبعض أصناف السيارات وتنظيم أماكن الركون‪ ،‬إزالة مختلف العوائق في‬
‫وتنظيم كيفيات المراقبة التقنية للسيارات‪.83‬‬ ‫‪82‬‬
‫الشوارع والطرق العامة‬
‫‪ -‬اتخاذ التدابير الالزمة لمنع المظاهرات واالجتماعات إذا كانت تهدف لإلخالل باألمن العام‪،‬‬
‫بمنع منح الرخص أو فضها بالقوة المادية إذا كانت قد بدأت‪.‬‬
‫‪ -‬اتخاذ التدابير األمنية الالزمة لمنع وقوع الجرائم بمختلف أنواعها‪ ،‬سواء كانت سرقة أو قتل‬
‫‪84‬‬
‫او الجرائم الماسة باألخالق واآلداب‪.‬‬ ‫أو حوادث الطرقات‬
‫‪ -‬اتخاذ التدابير الالزمة لمنع الحوادث الناتجة عن الطبيعة‪ ،85‬أو األشياء بهدم المنازل اآليلة‬
‫للسقوط مثال‪.86‬‬
‫‪ -‬القضاء على الحيوانات المسعورة والمفترسة‪.‬‬

‫وقد منح قانون البلدية لرئيس البلدية طبقا لنصوص المواد ‪ 14-10-71‬المهام السابقة في‬
‫مجال المحافظة على األمن‪ .‬كما يستطيع الوالي مثال اتخاذ التدابير األمنية بناء على التقارير‬
‫التي توجه له دوريا من طرف مصالح األمن بموجب قانون الوالية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المحافظة على الصحة العامة‬

‫طبقا لنص المادة ‪ 14‬في فقرتها السادسة من قانون البلدية رقم ‪. 90-99‬‬ ‫‪82‬‬

‫بموجب المرسوم التنفيذي رقم ‪ 882-02‬المؤرخ في ‪ 8002-06-90‬المتضمن تنظيم المراقبة التقنية للسيارات وكيفيات‬ ‫‪83‬‬

‫ممارستها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 28‬بتاريخ ‪.8002-06-95‬‬


‫حيث تتم المراقبة مثال بواسطة وضع الكاميرات في الطرقات العمومية وفي المؤسسات واألماكن العمومية‪ ،‬حيث صدر‬ ‫‪84‬‬

‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 887-95‬المؤرخ في ‪ 8095-07-88‬المحدد للقواعد العامة المتعلقة بتنظيم النظام الوطني للمراقبة‬
‫بواسطة الفيديو وسيره‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 45‬بتاريخ ‪ .8095-07-82‬ونصت المادة ‪ 2‬منه على ما يلي" يوجب النظام الوطني‬
‫للمراقبة بواسطة الفيديو إلى تحسين تدابير الحفاظ على النظام واآلمن العام"‪.‬‬
‫بأقصى قدر ممكن بالتوقع ومراقبة كيفيات البناء ‪....‬‬ ‫‪85‬‬

‫أنظر القانون رقم ‪ 95-07‬المؤرخ في ‪ 8007-08-80‬المحدد لقواعد مطابقة البنايات وإتمام إنجازها‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪86‬‬

‫‪35‬‬
‫المقصود بحماية الصحة العامة حماية المواطنين من األخطار التي تهدد صحتهم من جميع‬
‫أنواع األمراض واألوبئة وكل مصادر العدوى والتلوث‪ ،‬باتخاذ اإلجراءات والتدابير الوقائية‬
‫والعالجية والتي يتمثل بعضها في األتي‪:‬‬

‫‪ -‬وضع الشروط الصحية الالزمة لحياة األفراد وذلك باالهتمام بنظافة الشوارع‪ ،‬األماكن‬
‫‪87‬‬
‫والمنشآت الصناعية‬ ‫والطرقات والمؤسسات العمومية وخصوصا االستشفائية منها‬
‫والتجارية‪.88‬‬
‫‪ -‬وضع التدابير الالزمة لضمان نظافة مياه الشرب من الجراثيم والشوائب وسالمة ونظافة‬
‫المواد الغذائية االستهالكية المعروضة‪ ،‬للبيع وضمان الظروف الصحية لها في المحالت‬
‫التجارية‪ .89‬و أيضا في المطاعم والمقاهي ومحالت المأكوالت وخلو العاملين فيها من‬
‫األمراض ويشمل ذلك المقاصب ومسالخ الحيوانات ضبواسطة القيام دوريا بالكشف البيطري)‬
‫ومراقبة األغذية المستهلكة‪.‬‬
‫‪ -‬اتخاذ التدابير الالزمة للتطعيم اإلجباري للصغار والكبار ضد جميع األمراض‪.‬‬
‫‪ -‬مكافحة األمراض المعدية والمتنقلة والوقاية منها‪.90‬‬
‫‪ -‬حماية البيئة من التلوث بجميع أنواعه وفي جميع األماكن‪ .‬وقد ارتقت قيمة حماية البيئة ليتم‬
‫التأكيد عليها كحق في االتفاقيات الدولية المختلفة والتشريعات الوطنية‪.‬‬

‫‪ -‬تنظيم الصرف الصحي للمياه الناتجة عن االستعمال المنزلي وكذلك المياه الناتجة عن‬
‫المصانع والمشاريع الصناعية‪.91‬‬

‫منحت المادة ‪ 14‬في فقرتها السادسة من قانون البلدية لرئيس البلدية هذه المهمة " السهر على نظافة العمارات وضمان‬ ‫‪87‬‬

‫سهولة السير في الشوارع والساحات والطرق العمومية" أما الفقرة ‪ 8‬فمنحته سلطة " اتخاذ االحتياطات والتدابير الضرورية‬
‫لمكافحة األمراض المتنقلة أو المعدية" باإلضافة إلى الفقرة ‪ 99‬التي نصت على " السهر على احترام تعليمات نظافة المحيط‬
‫وحماية البيئة" الفقرة ‪ " 8‬اتخاذ االحتياطات والتدابير الضرورية لمكافحة األمراض المتنقلة أو المعدية"‬
‫حمدي قبيالت‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬ماهية القانون اإلداري‪ ،‬التنظيم اإلداري‪ ،‬النشاط اإلداري الجزء األول‪ ،‬دار وائل للنشر‬ ‫‪88‬‬

‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،8007 ،‬ص‪.881.‬‬


‫بموجب نص المادة الفقرة ‪ 99‬المذكورة في الهامش أعاله‪.‬‬ ‫‪89‬‬

‫بموجب نص الفقرة ‪ 7‬من المادة ‪ 14‬من قانون البلدية‪.‬‬ ‫‪90‬‬

‫‪36‬‬
‫ثالثا‪ :‬المحافظة على السكينة العامة‬

‫المقصود بالسكينة العامة أن يعيش أفراد الدولة في هدوء وراحة‪ ،‬ومن أجل ضمان ذلك‬
‫تتولى سلطات الضبط اإلداري واجب القضاء على جميع مصادر اإلزعاج والضوضاء التي‬
‫تتجاوز المضايقات العادية لحياة الجماعة‪ ،92‬وضمان المحافظة على الهدوء داخل المناطق‬
‫السكنية وفي الطرقات العامة ليال ونهارا بواسطة‪:‬‬

‫‪ -‬منع استعمال مكبرات الصوت‪ ،‬وتنظيم استخدامها بترخيص أو إذن خاص وفي أوقات‬
‫محددة‪.‬‬
‫‪ -‬القضاء على االضطرابات والمشاجرات في الطرق واألماكن العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬القضاء على جميع مصادر األصوات المزعجة والمقلقة للراحة المنبعثة سواء من المذياع أو‬
‫المشاريع الصناعية أو البناء‪ ،‬ولذلك يجب نقلها خارج المناطق اآلهلة بالسكان‪ .‬وأكد مجلس‬
‫الدولة الفرنسي على حق هيئات الضبط في تنظيم استخدام األجراس في الكنائس‪ ،‬كما أقر‬
‫حق رئيس البلدية في التدخل لمنع إقالق راحة السكان في العديد من القرارات‪.93‬‬
‫‪ -‬يدخل في إطار ضمان السكينة العامة المحافظة على اآلداب العامة في المالهي مثال‪ ،‬ألنها‬
‫تؤدي إلى المساس بالسكينة العامة‪.94‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬األهداف الحديثة لوظيفة الضبط اإلداري‬

‫لم تبق أهداف وظيفة الضبط اإلداري محصورة في الثالثية التقليدية‪ ،‬بل تجاوزتها‬
‫بتطور وتوسع وتشعب تدخالت الدولة وتطور التشريع واالجتهاد القضائي‪ ،‬إلى أهداف حديثة‬
‫تتعلق بالنظام العام الخلقي واآلداب العامة وجمال المدن ورونقها‪ ،‬النظام العام االقتصادي‬

‫محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬مبادئ وأحكام القانون اإلداري‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،8002 ،‬ص‪.826.‬‬ ‫‪91‬‬

‫‪ 92‬محمد محمد بدران‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.87-84 .‬‬


‫من بينها القرار المؤرخ في ‪ 9198-02-95‬و المؤرخ في ‪ .9122-08-86‬أنظر‪ :‬عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع‬ ‫‪93‬‬

‫السابق‪ ،‬ص‪.70.‬‬
‫عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.70.‬‬ ‫‪94‬‬

‫‪37‬‬
‫والنظام العام البيئي‪ .95‬حيث لم تعد الدولة مجرد متدخل في عملية التنظيم‪ ،‬بل أصبحت فاعال‬
‫من الفواعل في الحياة االجتماعية واالقتصادية والثقافية‪ ،‬ومن ثم توسعت وظيفتها الضبطية‬
‫لتشمل المحافظة على استقرار الحياة في المجتمع وتوازنها‪ ،‬لذلك لم تعد هذه الوظيفة تتميز‬
‫بطابع االستثناء المقيد للحرية بل الضابط األصيل لها‪.96‬‬

‫الفرع األول‪ :‬النظام العام الخلقي (اآلداب العامة)‬

‫أصبح النظام العام في بعده الجديد يتضمن حماية األخالق واآلداب العامة‪ ،‬بعدما كان‬
‫مقتصرا على المظاهر المادية المحسوسة التي تهدده‪ ،‬وال يعتد بالجوانب األدبية أو األخالقية إال‬
‫إذا كان من شأنها تهديد النظام المادي‪ .‬تدخل القضاء اإلداري الفرنسي ليوسع من سلطات‬
‫الضبط اإلداري المشروعة لحماية النظام الخلقي في قضية ‪ Luthesia‬بتاريخ ‪-98-97‬‬
‫‪ 9151‬المذكورة سابقا‪ ،‬حيث أجاز لرئيس البلدية حظر عرض أفالم سينمائية إذا كان من شأن‬
‫‪97‬‬
‫‪ .‬واتبع نهجه القضاء‬ ‫هذا العرض اإلضرار بالنظام العام بسبب الصفة غير األخالقية للفيلم‬
‫اإلداري المصري في ذلك‪.98‬‬

‫ويشمل البعد الخلقي واآلداب العامة مجاالت السينما‪ ،‬المسرح والمطبوعات وغيرها‪ ،‬لما‬
‫يمكن أن تمثله من خطورة على القيم والمبادئ التي يحترمها ويقدسها المجتمع‪ ،‬ومن األحكام‬
‫التي أجاز فيها مجلس الدولة الفرنسي إجراءات الضبط اإلداري المتعلقة ب‪:‬‬

‫‪ -‬منع عرض الصحف والمجالت والمنشورات المثيرة للغرائز في الطرق العامة‪.99‬‬

‫‪95‬‬
‫‪Ch-Edouard Minet, Op., Cit., p.37.‬‬
‫محمد فؤاد عبد الباسط‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ضد‪.‬س‪.‬ط)‪ ،‬ص‪.888 .‬‬ ‫‪96‬‬

‫‪ 97‬محمد محمد بدران‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.902 .‬‬


‫في قضية بتاريخ ‪ 89/19‬بأن اقتناء صور ماجنة بقصد البيع والتوزيع يشكل خطرا‪ .‬أنظر‪ :‬عصام علي الدبس‪ ،‬القانون‬ ‫‪98‬‬

‫اإلداري‪ ،‬ماهية القانون اإلداري‪ -‬التنظيم اإلداري‪ -‬النشاط اإلداري‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،8094 ،‬ص‪.466 .‬‬
‫‪99‬حيث اعتبر مجلس الدولة الفرنسي في قرار له بتاريخ ‪ 9128-09-81‬أن منع بعض المطبوعات بقرار من رئيس البلدية‬
‫هو مشروع ألنه تتضمن عبارات ومواقف ضارة بأخالق الشباب‪ .‬وقضى بتاريخ ‪ 9149-07-06‬بصحة قرار منع حفالت‬
‫‪38‬‬
‫‪ -‬منع حفالت الرقص في المقاهي ومنع الشباب أقل من ‪ 97‬سنة دخول الحانات‪.‬‬
‫‪ -‬منع عرض األفالم الخليعة‪ .‬وتتم وظيفة الضبط اإلداري بواسطة مراقبة صاالت السينما‬
‫واللهو واألماكن العمومية‪.100‬‬

‫وتتعرض هذه المبادئ والقيم للتطور والتغير بتغير المجتمع والزمن‪ ،‬فمنع مصارعة المالكمة‬
‫في السابق مع بداية القرن العشرين‪ ،‬أو منع المتواجدين على الشواطئ للسياحة من التجول‬
‫بلباس السباحة ال يمكن أن يحدث اليوم في دول الغرب‪ .‬أما في الدول العربية واإلسالمية فيمكن‬
‫أن يدخل في مجال األخالق واآلداب العامة ما يتعلق ب‪:‬‬

‫‪ -‬القيام بالشعائر الدينية والتقاليد والعادات اإلسالمية السمحة‪.‬‬


‫‪ -‬ارتكاب المخالفات ضد األسرة واآلداب العامة‪.‬‬
‫‪ -‬منع الدعارة واللباس الفاضح وجميع التصرفات المخلة باآلداب في األماكن العمومية‪.‬‬

‫أكد بدوره مجلس الدولة الجزائري في أحد قراراته‪ ،‬على مشروعية قرار الوالي بغلق محل‬
‫عبارة عن مخمرة لمدة ‪ 6‬أشهر بغرض المحافظة على النظام العام وصحة السكان وحفاظا على‬
‫اآلداب العامة‪.101‬‬

‫الرقص في بعض المقاهي ومنع الشباب دون سن ‪ 97‬من دخول الحانات‪ .‬أنظر‪ :‬محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص‪.898 .‬‬
‫حمدي قبيالت‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.825.‬‬ ‫‪100‬‬

‫قرار مجلس الدولة‪ ،‬الغرفة األولى‪ ،‬ملف رقم ‪ 006915‬جلسة ‪ ،8008/01/82‬والي والية الجزائر ضد ب ف م‪ ،‬مجلة‬ ‫‪101‬‬

‫مجلس الدولة‪ ،‬العدد ‪ ،8002 ،2‬ص‪.16.‬‬


‫‪39‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬جمال ورونق المدن وروائها‬

‫اختلف الباحثون في تحديد معايير الجمال ونماذجه الختالف الزاوية التي انطلق منها كل‬
‫واحد منهم في ذلك‪ ،‬وعدم اتفاق نظرة اإلنسان حول هذه المعايير‪ ،‬لكن هناك من حدد ستة‬
‫معايير للجمال هي‪ :‬الترتيب‪ ،‬اإليقاع‪ ،‬التماثل‪ ،‬التناسب‪ ،‬الديكور والتوزيع‪.102‬‬

‫وقد تم حصر عنصر جمال الرونق والرواء في المدن‪ ،‬التي هي تجمع حضري لعدد كبير من‬
‫السكان على أرض كبيرة‪ ،‬في أقدم مدينة وهي روما التي تعود نشأتها إلى فترات قبل الميالد‪،‬‬
‫لكن بالرغم من ذلك فهي تعطي مثاال في الجمال والروعة‪ ،‬ألنها تتضمن المقومات الحديثة‬
‫للرواء والجمال وروعة التنظيم والعناية الفائقة بتأسيس الطرق المعبدة والمباني الشاهقة‬
‫والسكنية المتناسقة والتشجير والزرع في الميادين العامة ونظافة البيئة والمباني وترابط شبكات‬
‫المياه والصرف الصحي‪.103‬‬

‫أما حاليا فقد تم حصر العناصر التي تدخل في جمال المدينة وروائها كالتالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬ترميم المباني القديمة وتشييد العمارات ونظافة البيئة وتنظيم لوحات الدعاية واإلعالن‬
‫في المدينة‬

‫سنت العديد من الدول تشريعات ألزمت المؤسسات وكذلك األفراد للتوجه نحو القيام بهذه‬
‫المهام المتعلقة بترميم المباني القديمة‪ ،‬وااللتزام بمواصفات معينة في البناء سواء كانت عمارات‬
‫أو بنايات خاصة‪ ،‬واحترام الجانب الجمالي باالهتمام بالحدائق والمساحات الخضراء والتشجير‬
‫وغيرها‪.‬‬

‫‪ /0‬ترميم المباني القديمة ( التراثية واألثرية)‬

‫تلتزم أجهزة وسلطات الدولة التنفيذية وبالخصوص الوزراء ورؤساء البلديات والوالة‬
‫والدوائر األثرية المختلفة بحماية المباني األثرية والتراثية وصيانتها وترميمها دوريا وفق الحالة‬

‫عدنان الزنكة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.68.‬‬ ‫‪102‬‬

‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص ص‪.80-57.‬‬ ‫‪103‬‬

‫‪40‬‬
‫التي وجدت عليها دون تغيير‪ .‬وتدخل هذه الحماية في إطار تدعيم القيمة الجمالية للمدن وتقدير‬
‫أهمية الموقع األثري وطابعه المعماري القديم‪ ،‬لما له من أثر تاريخي في تكوين التراث‬
‫التاريخي والحضاري للدولة والمدن مثل المساجد‪ ،‬القالع‪ ،‬األسواق‪ ،‬الحمامات‪ ،‬القصور القديمة‬
‫والساحات العمومية‪.104‬‬

‫وأكدت م ختلف التشريعات في دول العالم على أهمية ترميم المباني التراثية واألثرية‬
‫وضرورة صيانتها بل جعلتها هدف للضبط اإلداري‪ ،‬ومن بين هذه التشريعات في الجزائر‬
‫القانون رقم ‪ 04-17‬المؤرخ في ‪ 9117-06-95‬الذي يتعلق بحماية التراث الثقافي‪ ،105‬حيث‬
‫نصت المادة األولى منه على ما يلي‪ " :‬يهدف هذا القانون إلى التعريف بالتراث الثقافي لألمة‬
‫وسن القواعد العامة لحمايته والمحافظة عليه وتنميته ويضبط شروط تطبيق ذلك"‪ .106‬وقد منح‬
‫القانون وزير الثقافة سلطة رفض منح الترخيص بإنجاز مشروع في المناطق األثرية أو‬
‫المحمية‪ ،‬وذلك من أجل تنسيق وتنظيم المدن والمحافظة على مظهرها‪ .‬كما نصت المادة ‪ 1‬من‬
‫‪107‬‬
‫القانون رقم ‪ 80-09‬المؤرخ في ‪ 8009-98-98‬المتعلق بتهيئة اإلقليم وتنميته المستدامة‬
‫على أن‪ " :‬المخطط الوطني لتهيئة اإلقليم يهدف إلى حماية التراث التاريخي وترميمه وتنميته"‪.‬‬

‫‪ /2‬بناء وتشييد العمارات‬

‫أصبح بناء المدن اليوم يتميز بطابع خاص يضفي عليها جماال متناسقا‪ ،‬حيث تتميز‬
‫العمارات فيها واألسواق والمرافق والطرق بأشكال متناسقة من حيث األلوان‪ ،‬الطالء والتصميم‬
‫المعماري المتميز‪ ،‬بناء على خلفيات ثقافية وتاريخية كما تشمل المحالت التجارية والترفيهية‬
‫والخدماتية‪.108‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.86-88‬‬ ‫‪104‬‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 44‬بتاريخ ‪.9117-06-98‬‬ ‫‪105‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 20‬منه " يتم إعداد مخطط حماية واستصالح المواقع األثرية والمنطقة المحمية التابعة لها‪ ...‬يبين‬ ‫‪106‬‬

‫اإلجراء الخاص بإعداد مخطط الحماية واالستصالح ودراسته والموافقة عليه ومحتواه عن طريق التنظيم"‬
‫المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪107‬‬

‫عدنان الزنكة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.72-86 .‬‬ ‫‪108‬‬

‫‪41‬‬
‫وقد نصت المادة ‪ 8‬من القانون رقم ‪ 95-07‬الذي يحدد قواعد مطابقة البنايات وإتمام إنجازها‬
‫على أنه‪ ":‬يقصد في مفهوم هذا القانون المظهر الجمالي‪ ،‬انسجام األشكال ونوعية واجهات‬
‫البناية بما فيها تلك المتعلقة بالساحات الخارجية"‪ ،‬كما نصت المادة ‪ 98‬منه على أنه‪ ":‬يعتبر‬
‫المظهر الجمالي لإلطار المبني من الصالح العام ولهذا الغرض يستلزم المحافظة عليه وترقيته"‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ما أحال إليه القانون رقم ‪ 07-08‬المؤرخ في ‪ 8008-05-07‬المتعلق بشروط‬


‫إنشاء المدن الجديدة وتهيئتها إلى التنظيم لتحديد مهام هيئة المدينة الجديدة وتنظيمها وكيفيات‬
‫سيرها‪.109‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 4‬من القانون رقم ‪ 80-09‬المؤرخ في ‪ 8009-98-98‬المتعلق بتهيئة اإلقليم‬
‫وتنميته المستدامة على أنه" تهدف السياسة الوطنية لتهيئة اإلقليم وتنميته المستدامة إلى تنمية‬
‫مجموع اإلقليم الوطني تنمية منسجمة على أساس خصائص ومؤهالت كل فضاء جهوي‪.‬‬

‫‪ /3‬المحافظة على نظافة البيئة‬

‫تلتزم البلدية بناء باتخاذ اإلجراءات والتدابير الالزمة لرفع المخلفات والقمامة الناتجة عن‬
‫المنازل والمحال التجارية وكل أماكن العمل والنشاطات التجارية‪ ...‬باإلضافة إلى جميع أنواع‬
‫النفايات‪ .110‬وهناك نصوص خاصة تضبط كيفية التخلص من هذه األخيرة‪ ،‬من أهمها القانون‬
‫رقم ‪ 91-09‬المؤرخ في ‪ 8009-98-98‬المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها‪.111‬‬

‫‪ /4‬تنظيم لوحات الدعاية واإلعالن‬

‫المقصود بها كافة أنواع اللوحات العادية واإلرشادية أو أعمدة اإلنارة التي توضع على‬
‫األرصفة وعلى المحالت التجارية وأسطح العمارات‪.112‬‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 24‬بتاريخ ‪.8008-05-94‬‬ ‫‪109‬‬

‫عدنان الزنكة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.14-72 .‬‬ ‫‪110‬‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 88‬بتاريخ ‪.8009-98-95‬‬ ‫‪111‬‬

‫عدنان الزنكة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.14.‬‬ ‫‪112‬‬

‫‪42‬‬
‫وتعكس هذه ا للوحات الوجه الجمالي والحضاري للمدينة‪ .‬ويشترط فيها أال تتعارض مع‬
‫األعراف والتقاليد واألخالق والعادات وأن تراعي مقتضيات األمن والسالمة وعدم تشويه‬
‫المناظر الطبيعية أو اآلثار‪.‬مثال يجب إلصاق اإلعالنات االنتخابية في أماكن محددة‪.113‬‬

‫ثانيا‪ :‬تشجير المدينة وتزيينها واالهتمام بحدائقها‬

‫ال يكف االهتمام بترميم المباني وتشييد العمارات والمحافظة على نظافة البيئة وتنظيم‬
‫لوحات الدعاية واإلعالن حتى نضفي على المدينة رونقا وجماال‪ ،‬وإنما يجب االهتمام بالجانب‬
‫الثاني المتعلق بنقل الطبيعة إلى المدن بواسطة التشجير‪ ،‬توسيع المساحات الخضراء‪ ،‬االهتمام‬
‫بإنشاء الحدائق وتزيين تقاطعات الطرق‪.‬‬

‫‪ /0‬تشجير المدينة‬

‫ال تلتزم الدولة بعملية التشجير في المناطق الصحراوية والغابات والسهوب فقط‪ ،‬إنما‬
‫تهتم بها أيضا في المدن خصوصا على حواف الطرقات وفي الحدائق العامة‪ .‬إن هذه العملية‬
‫ليس لها فائدة جمالية فحسب وإنما لها فائدة صحية أيضا‪ ،‬لما لألشجار من فوائد تتعلق بتنقية‬
‫الجو من التلوث وتوفير األكسجين‪.114‬‬

‫‪ /2‬تزيين تقاطعات الطرق‬


‫‪115‬‬
‫واألشكال الهندسية المعبرة عن تطور حضاري‬ ‫ويكون ذلك بواسطة النوافير المائية‬
‫وثقافي وتكنولوجي وعمراني معين إلعطاء صورة جمالية مريحة للنفس‪.‬‬

‫‪ /3‬االهتمام بفتح أكبر عدد ممكن من الحدائق‬

‫أثبتت العديد من الدراسات في العراق أن المدارس التي يهتم فيها بزرع المساحات‬
‫الخضراء ارتفعت فيها نسب النجاح في االمتحانات‪ .‬وهناك العديد من الحدائق في العديد من‬
‫مدن العالم المشهورة‪.116‬‬

‫عدنان الزنكة‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص‪.16-14 .‬‬ ‫‪113‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.909-18 .‬‬ ‫‪114‬‬

‫ومن بين أشهر النوافير نافورة تريفي في إيطاليا وديانا في غرب مدينة لندن‪ .‬أنظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.902-908 .‬‬ ‫‪115‬‬

‫‪43‬‬
‫‪ ‬مدى اعتماد القضاء اإلداري لعنصر الجمال كهدف للضبط اإلداري‬

‫اتسم موقف مجلس الدولة باالختالف بين مرحلتين‪:‬‬

‫مرحلة أولى لم يكن يعتمد فيها هذا العنصر كهدف مشروع لتدخل سلطة الضبط اإلداري‪ ،‬حيث‬
‫قضى في قراره بتاريخ ‪ 9187-05-04‬في قضية ‪ Leroy‬أن السلطة القائمة على وظيفة‬
‫الضبط ال يحق لها استهداف المظهر الجمالي إال بناء على نصوص خاصة‪ .‬أما في مرحلة ثانية‬
‫فقد تراجع عن اجتهاده في قضية اتحاد نقابات المطابع الباريسية‪ ،‬حيث اعتبر قرار حضر‬
‫توزيع المنشورات على المارة خشية إلقائها في الشارع بعد قراءتها تشويها لرونق المدينة‬
‫وجمال روائها‪ ،‬وقد استقر اجتهاده على ذلك‪ .117‬وقد اتبع القضاء اإلداري المصري نهجه في‬
‫ذلك‪.118‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬النظام العام االقتصادي‬

‫انعكس تطور وظيفة الدولة الحديثة واتساع تدخالتها خصوصا في المجال االقتصادي‬
‫على توسع نطاق وظيفة الضبط اإلداري‪ ،‬ومنه ظهور نظام عام جديد متخصص يتمثل في‬
‫النظام العام االقتصادي‪ .‬يقول الفقيه الفرنسي ‪ J.Burdeau‬أن النظام العام يتجاوز نطاق الهدوء‬
‫واألمن للسكان‪ ،‬وأنه يتأثر بالعالقات االقتصادي‪ .119‬حيث أصبح من أهداف النظام العام اليوم‬

‫عدنان الزنكة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.990-906 .‬‬ ‫‪116‬‬

‫‪117‬‬
‫‪Ch-Edouard Minet, Op., Cit., pp.50-51.‬‬
‫ففي قضية بتاريخ ‪ 9164-05-86‬قضت محكمة القضاء اإلداري أن " اإلدارة بما لها من وظيفة البوليس اإلداري مكلفة‬ ‫‪118‬‬

‫بمراعاة هدوء األحياء السكنية وصيانتها من حيث األمن والصحة والمظهر واآلداب العامة" أنظر‪ :‬عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪ ،15-14.‬عصام علي الدبس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪ .461-467 .‬وحتى ولو لم نجد قرارات‬
‫قضائية بعينها تخص الجانب الجمالي‪ ،‬لكن قرارات سلطات الضبط المتعلقة بهدم األبنية المتداعية أو المتعلقة بنزع الملكية‬
‫للمنفعة العامة من أجل إقامة منتزهات وحدائق يعتبرها القضاء اإلداري ضمنيا تتعلق بهذا الهدف‪ .‬أنظر‪ :‬عصام علي الدبس‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.461.‬‬
‫عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪16.‬‬ ‫‪119‬‬

‫‪44‬‬
‫حماية االقتصاد فيما يتعلق باألجور‪ ،‬األسعار‪ ،‬التموين بالمواد والمنتجات‪ ،‬تنظيم عمليات‬
‫التصدير واالستيراد والتعامل بأوراق النقد والبورصة ومكافحة التضخم النقدي‪.‬‬

‫وبالرغم من ذلك فقد تصطدم هذه القرارات بالنصوص المتعلقة بالنظام العام ومبدأ حرية‬
‫التجارة والصناعة‪ ،‬لذلك البد من التوفيق بين الكفتين‪ ،‬ومنه فال يجوز لسلطات الضبط اإلداري‬
‫التدخل إال في حالة وجود تهديد بالنظام العام في إطار هذه المسائل بموجب نصوص تشريعية‬
‫خاصة تضر باالستقرار االقتصادي‪ ،‬فقد قضى مجلس الدولة الفرنسي أنه يمكن للسلطة اإلدارية‬
‫وضع حدود لحرية التجارة والصناعة ألسباب تهدد النظام العام لكن بإجراءات وتدابير‬
‫ضرورية ومتناسبة‪ ،‬ف إذا كانت هذه التدابير يمكن أن تمس نشاطات اإلنتاج‪ ،‬التوزيع والخدمات‪،‬‬
‫فهي تحمي النظام العام‪ ،‬فمن سلطة القاضي تقدير شرعية هذه التدابير فيما إذا كانت صادرة‬
‫وفقا ألهدافها‪ .120‬ومنه يمكن لسلطات الضبط اإلداري أن تتخذ التدابير لمنع نقص المواد‬
‫التموينية ومنع المضاربة ورفع األسعار بشكل وهمي نتيجة التخزين‪.‬‬

‫أمثلة عن قرارات تنظيمية ضبطية في المجال‪:‬‬

‫‪ -‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 408-08‬مؤرخ في ‪ 8008-98-85‬يحدد أسعار سميد القمح الصلب‬


‫عند اإلنتاج وفي مختلف مراحل توزيعه‪.121‬‬
‫‪ -‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 94-05‬مؤرخ في ‪ 8005-09-01‬يحدد كيفيات تسعير الماء‬
‫المستعمل في الفالحة وكذا التعريفات المتعلقة به‪.122‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬الضبط اإلداري البيئي‬

‫سنتناول ضمن هذا الفرع المفهوم القانوني للبيئة أوال ثم أهداف‪ ،‬هيئات ووسائل الضبط‬
‫اإلداري البيئي‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫‪CE. 15-05-2009 , www.lexinter.net/jf/outre-public.html, ( 18-11-2015).‬‬
‫ج‪.‬ر عدد ‪ 70‬بتاريخ ‪.8008-98-86‬‬ ‫‪121‬‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 5‬بتاريخ ‪.8005-09-98‬‬ ‫‪122‬‬

‫‪45‬‬
‫أوال‪ :‬المفهوم القانوني للبيئة‬

‫البيئة اصطالحا هي المحيط الذي يعيش فيه اإلنسان بما يشمله من ماء وهواء وتربة‬
‫وكائنات حية ومنشآت أقامها اإلنسان إلشباع حاجاته‪.123‬‬

‫أما البيئة كعلم فيعنى بدراسة عالقة اإلنسان والكائنات الحية األخرى مع بعضها البعض‬
‫والتفاعالت المؤثرة بينها‪ .124‬أما النظام البيئي فيقصد به التفاعالت الكلية بين العناصر الطبيعية‬
‫واالصطناعية وتأثيراتها على الكائنات الحية بما فيها اإلنسان‪.125‬‬

‫ظهر االهتمام القانوني بالبيئة على المستوى الدولي والوطني باعتبارها قيمة اجتماعية‬
‫جديدة تستحق الحفاظ عليها وحمايتها‪ .‬وقد زاد االهتمام بالبيئة بعد االنتشار الواسع للتلوث‪،‬‬
‫حيث لجأت الدول ومختلف الفاعلين لعقد االتفاقيات وسن القوانين واألنظمة للمحافظة على‬
‫البيئة‪.126‬‬

‫سنتناول في هذا العنصر التعريف القانوني للبيئة على ضوء االتفاقيات الدولية ثم نتطرق‬
‫لهذا التعريف على ضوء بعض التشريعات الوطنية‪.‬‬

‫‪ /0‬تعريف البيئة في ظل بعض االتفاقيات الدولية‪.‬‬

‫من بين االتفاقيات التي عرفت البيئة نذكر على سبيل المثال‪:‬‬

‫عبد الغني حسونة‪ ،‬الحماية القانونية للبيئة في إطار التنمية المستدامة‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل درجة دكتوراه علوم في‬ ‫‪123‬‬

‫الحقوق تخصص قانون أعمال‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،8092-8098 ،‬ص‪.92 .‬‬
‫بن أحمد عبد المنعم‪ ،‬الوسائل القانونية اإلدارية لحماية البيئة‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق‬ ‫‪124‬‬

‫بن عكنون‪ ،‬جامعة بن يوسف بن خدة‪ ،8001-8007 ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.01.‬‬


‫المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪125‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.99.‬‬ ‫‪126‬‬

‫‪46‬‬
‫‪ -‬اتفاقية استوكهلم لسنة ‪ 9188‬التي عرفت البيئة في المادة الثانية بأنها‪ " :‬ضرورة حفظ‬
‫الموارد الطبيعية للكرة األرضية‪ ،‬بما في ذلك الماء والهواء واألرض والنبات والحيوان‬
‫والمنتجات الممثلة للنظام البيئي لمصلحة األجيال الحاضرة والمستقبلية‪ ،‬وذلك عن طريق‬
‫تخطيط وإدارة واعية وفق ما يقتضيه الحال"‪.‬‬
‫‪ -‬عرفها مؤتمر بلغراد لسنة ‪ 9185‬كالتالي‪ " :‬العالقة القائمة في العالم الطبيعي والبيوفيزيائي‬
‫بينه وبين العالم االجتماعي السياسي الذي هو من صنع اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -‬عرفها مؤتمر تبليسي لسنة ‪ 9188‬كالتالي‪" :‬مجموعة النظم الطبيعية واالجتماعية التي يعيش‬
‫فيها اإلنسان والكائنات الحية األخرى‪ ،‬والتي يستمدون منها زادهم ويؤدون فيها نشاطهم‪.‬‬

‫‪/2‬تعريف البيئة في ظل بعض التشريعات الوطنية‬

‫اختلفت التشريعات الخاصة بحماية البيئة في تعريفها‪:‬‬

‫فقد عرف التشريع المصري رقم ‪ 9114-4‬المتعلق بالبيئة هذه األخيرة على أنها‪ " :‬المحيط‬
‫الحيوي الذي يشمل الكائنات الحية وما تحتويه من موارد وما يحيط به من هواء وماء وتربة‬
‫وماء وما يقيمه اإلنسان من منشآت"‪.127‬‬

‫أما المشرع السوري في المرسوم التشريعي رقم ‪ 9114-96‬المتعلق بالبيئة في المادة األولى‬
‫فقد عرفها بأنها‪ ":‬الوسط الذي يعيش فيه اإلنسان واألحياء األخرى ويستمدون منه إيرادهم‬
‫المادي وغير المادي ويؤدون فيه نشاطهم"‪.128‬‬

‫وعرفها المشرع السعودي ضمن المادة األولى من النظام العام للبيئة الصادر بالمرسوم الملكي‬
‫رقم ‪ 24‬بتاريخ ‪ 9488-08-87‬بأنها‪ " :‬كل ما يحيط باإلنسان من ماء وهواء ويابسة وفضاء‬

‫بن أحمد عبد المنعم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.95 .‬‬ ‫‪127‬‬

‫المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪128‬‬

‫‪47‬‬
‫خارجي‪ ،‬وكل ما تحتويه هذه األوساط من جماد ونبات وحيوان وأشكال مختلفة من طاقة ونظم‬
‫وعمليات طبيعية وأنشطة بشرية‪.129‬‬

‫عرفها المشرع التونسي في القانون رقم ‪ 19‬لسنة ‪ 9172‬أنها‪" :‬العالم المادي بما فيه األرض‬
‫والهواء والبحر والمياه الجوفية والسطحية واألودية والبحيرات والسبخات وما يشابه ذلك‪،‬‬
‫والمساحات الطبيعية والمناظر والمواقع المتميزة ومختلف أصناف الحيوانات‪ ،‬وبصفة عامة كل‬
‫ما يشمل التراث الوطني"‬

‫عرفها المشرع اللبناني بأنها‪" :‬المحيط الفيزيائي والكيميائي والبيولوجي واالجتماعي الذي تعيش‬
‫فيه الكائنات الحية كافة ونظم التفاعل داخل المحيط وداخل الكائنات وبين المحيط والكائنات"‪.130‬‬

‫أما المشرع الفرنسي فقد عرفها في المادة األولى من قانون البيئة رقم ‪ 8000-194‬المؤرخ في‬
‫‪ 8000-01-97‬بأنها‪ " :‬الفضاء والمصادر الطبيعية والمواقع السياسية ونوعية الهواء والمحيط‬
‫الحيواني والنباتي والتنوع البيولوجي "‬

‫أما المشرع الجزائري وبداية من المؤسس الدستوري‪ ،‬فقد اعتبر‪ ،‬بموجب دستور ‪،9116‬‬
‫القواعد العامة المتعلقة بالبيئة والتهيئة العمرانية والقواعد المتعلقة بالثروة الحيوانية والتراث‬
‫الثقافي والتاريخي والنظام العام للغابات والمناجم والمحروقات كمجاالت محجوزة للتشريع‪،‬‬
‫ولكنه لم يضمن صراحة البيئة ضمن الحقوق الدستورية إال بعد صدور التعديل الدستوري‬
‫‪131‬‬
‫ضمن مادته ‪ 67‬بنصها األتي‪" :‬للمواطن الحق في بيئة سليمة‪ .‬تعمل‬ ‫الجديد لسنة ‪8096‬‬
‫الدولة على الحفاظ على البيئة‪ .‬يحدد القانون واجبات األشخاص الطبيعيين والمعنويين لحماية‬
‫البيئة"‪.‬‬

‫رائف محمد لبيب‪ ،‬الحماية اإلجرائية للبيئة من المراقبة إلى المحاكمة‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬ ‫‪129‬‬

‫القاهرة‪ ،8001 ،‬ص‪.84..‬‬


‫بن أحمد عبد المنعم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.95.‬‬ ‫‪130‬‬

‫بن أحمد عبد المنعم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.95.‬‬ ‫‪131‬‬

‫‪48‬‬
‫أما على مستوى التشريع فقد تم سن القانون رقم ‪ 02-72‬المؤرخ في ‪ 9172-08-05‬المتعلق‬
‫بحماية البيئة‪ ،132‬وكان أول نص يخص المجال البيئي من منظور شامل‪ ،‬إلى جانبه صدرت‬
‫تباعا نصوصا متفرقة مثل قانون الصحة رقم ‪ 05-75‬المؤرخ في ‪ 9175-08-98‬المعدل‬
‫‪133‬‬
‫في الشق المتعلق بحماية إطار معيشة السكان‪ ،‬وقانون التهيئة العمرانية بالمرسوم‬ ‫والمتمم‬
‫رقم ‪ 02-78‬الملغى بالقانون رقم ‪ 80-09‬المؤرخ في ‪ 8009-98-98‬المتعلق بتهيئة اإلقليم‬
‫‪134‬‬
‫في الشق المتعلق بالبعد العمراني‪.‬‬ ‫وتنميته المستدامة‬

‫وقانون الوالية‪ ،136‬حيث أكد المشرع على دور‬ ‫‪135‬‬


‫ومع بداية التسعينيات صدر قانون البلدية‬
‫الجماعات المحلية في أعمال التنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية وتهيئة اإلقليم وحماية‬
‫البيئة وترقيتها ومكافحة األوبئة‪ .‬وأخيرا صدر القانون رقم ‪ 90-02‬المؤرخ في ‪-08-91‬‬
‫‪ 8002‬المتضمن حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة‪.137‬‬

‫احتوى القانون رقم ‪ 90-02‬على ‪ 994‬نص قانوني‪ ،‬حددت المادة ‪ 8‬منه أهداف القانون‬
‫المتمثلة أهمها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬تحديد المبادئ األساسية وقواعد تسيير البيئة‪.‬‬


‫‪ -‬ترقية وتنمية وطنية مستدامة بتحسين شروط المعيشة والعمل على ضمان الحفاظ على‬
‫مكوناتها‪.‬‬
‫‪ -‬إصالح األوساط المتضررة‪.‬‬
‫‪ -‬ترقية االستعمال االيكولوجي العقالني للموارد الطبيعية واستعمال التكنولوجيات األكثر نقاء‪.‬‬
‫‪ -‬تدعيم اإلعالم والتحسيس ومشاركة الجمهور ومختلف المتدخلين في تدابير حماية البيئة‪.‬‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 6‬لسنة ‪.9172‬‬ ‫‪132‬‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 7‬بتاريخ ‪. 9175-08-98‬المعدل والمتمم بالقانون رقم ‪ 92-07‬المؤرخ في ‪ ،8007-08-80‬ج‪.‬ر عدد ‪44‬‬ ‫‪133‬‬

‫بتاريخ ‪.8007-07-02‬‬
‫مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪134‬‬

‫بموجب القانون رقم ‪ 07-10‬المؤرخ في ‪ ، 9110-04-08‬ج‪.‬ر عدد ‪ 95‬بتاريخ ‪.9110-04-99‬‬ ‫‪135‬‬

‫بموجب القانون رقم ‪ 01-10‬المؤرخ في ‪ ، 9110-04-08‬ج‪.‬ر عدد ‪ 95‬بتاريخ ‪.9110-04-99‬‬ ‫‪136‬‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 42‬بتاريخ ‪.8002-08-80‬‬ ‫‪137‬‬

‫‪49‬‬
‫كما حددت المادة ‪ 2‬من القانون المبادئ التي يقوم عليها هذا القانون وهي‪:‬‬

‫‪ -‬مبدأ المحافظة على التنوع البيولوجي‪.‬‬


‫‪ -‬مبدأ عدم تدهور العناصر الطبيعية‪ ،‬عدم إلحاق الضرر بالماء‪ ،‬التربة وباطن األرض‬
‫والهواء‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ االستبدال‪ :‬بمعنى استبدال عمل مضر بالبيئة بأخر أقل خطرا عليها ولو بتكلفة مرتفعة‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ اإلدماج‪ :‬بمعنى دمج الترتيبات المتعلقة بحماية البيئة والتنمية المستدامة عند إعداد‬
‫المخططات والبرامج القطاعية وترتيبها‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ النشاط الوقائي وتصحيح األضرار البيئية باألولوية عند المصدر‪ ،‬باستعمال أحسن‬
‫التقنيات المتوفرة بتكلفة اقتصادية مقبولة‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ الحيطة‪ :‬يجب أن ال يكون عدم توفر التقنيات سببا في تأخير اتخاذ التدابير الفعلية‬
‫للوقاية من خطر األضرار الجسيمة المضرة بالبيئة‪ ،‬لتكون بتكلفة أقل‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ الملوث الدافع‪ :‬يراد بذلك تحمل كل شخص بسبب نشاطه‪ ،‬أو يمكن أن يتسبب في‬
‫إلحاق الضرر بالبيئة‪ ،‬نفقات كل التدابير الوقائية والتقليص منها وإعادة األماكن وبيئتها‬
‫األصلية‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ اإلعالم والمشاركة‪ :‬لكل شخص وفق هذا المبدأ الحق في أن يكون على علم بحالة‬
‫البيئة والمشاركة في اإلجراءات المسبقة عند اتخاذ القرارات التي قد تضر بالبيئة‪.‬‬

‫وقد عرفت المادة ‪ 4‬البيئة كالتالي" تتكون البيئة من الموارد الطبيعية الالحيوية والحيوية كالهواء‬
‫والجو والماء واألرض وباطن األرض والنبات والحيوان‪ ،‬بما في ذلك التراث الوراثي وأشكال‬
‫التفاعل بين هذه الموارد وكذا األماكن والمناظر والمعالم الطبيعية‪.‬‬

‫المالحظ على هذه التعريفات أن بعضها وسع من مفهوم البيئة ليشمل العناصر الطبيعية‬
‫واالصطناعية‪ ،‬والبعض األخر ضيق من هذا المفهوم ليشمل العناصر الطبيعية فقط من دون‬
‫االصطناعية التي هي من صنع اإلنسان‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫ويرى الكثير أنه سيكون من األفضل األخذ بالمفهوم الواسع لعدة اعتبارات‪ :‬األول أن هناك فرق‬
‫بين مفهوم البيئة ومفهوم الطبيعة‪ ،‬لكون البيئة تضيف مظاهر جديدة وعناصر أخرى للطبيعة‬
‫التي لم تكن من مكوناتها‪ ،‬وهي من صنع اإلنسان مثل المنشآت الحفرية‪ .‬أما الثاني فألن‬
‫العناصر الصناعية والتي هي من صنع اإلنسان تعد السبب الرئيسي في اإلضرار بالعناصر‬
‫الطبيعية‪ ،‬مما يستلزم ضرورة فرض الرقابة على العناصر الصناعية وأدائها في مفهوم البيئة‬
‫للحد من مخاطرها‪ .138‬والمالحظ أن المشرع الجزائري أخذ بالمفهوم الواسع للبيئة‪.139‬‬

‫وتتشكل البيئة من عناصر طبيعية متجددة وأخرى غير متجددة كالمعادن ومصادر الطاقة‬
‫التقليدية‪ ،‬باإلضافة إلى عناصر اجتماعية وحضارية تسمى البيئة المشيدة‪ ،‬وهو ما تم تبنيه في‬
‫المؤتمر األممي لتنمية الموارد البشرية حول البيئة اإلنسانية المنعقد باستكهولم بتاريخ جوان‬
‫‪ ،9188‬ومنه تكون عناصر البيئة محل الحماية كالتالي‪:‬‬

‫‪ ‬عناصر البيئة محل الحماية بموجب القانون رقم ‪:90-02‬‬


‫‪ -‬العناصر الطبيعية وهي العناصر التي ال دخل لإلنسان في وجودها وهي‪:‬‬

‫الهواء‪ :‬يتضمن الغالف الجوي المحيط باألرض‪ ،‬يتكون من غازات أساسية لحياة الكائنات‬
‫الحية‪ ،‬وكل مساس أو تغيير في مكوناته أو طبيعته يؤدي إلى نتائج سلبية تؤثر سلبا على حياة‬
‫الكائنات الحية‪.‬‬

‫الماء‪ :‬هو مركب كيميائي ينتج من تفاعل غاز األكسجين مع غاز الهيدروجين‪ ،‬يتميز بخواص‬
‫كيميائية وفيزيائية وحيوية تجعله من مقومات الحياة على األرض‪.‬‬

‫التربة‪ :‬هي الطبقة التي تغطي صخور القشرة األرضية‪ ،‬سمكها يتراوح بين بضع سنتيمترات‬
‫وعدة أمتار‪ ،‬تتكون من مزيج من المواد المعدنية‪ ،‬العضوية‪ ،‬الماء والهواء‪.‬‬

‫التنوع الحيوي ‪ :‬المقصود به أنواع الكائنات الحية الموجودة في النظام االيكلوجي‪ ،‬كل نوع يقوم‬
‫بوظيفة محددة في هذا النظام‪ ،‬فإذا اختفى يؤدي إلى اختالل التوازن في هذا النظام وحدوث‬

‫رائف محمد لبيب‪ ،‬الحماية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.85 .‬‬ ‫‪138‬‬

‫وقد أضاف المشرع في القانون رقم ‪ 90-02‬مفهوم التنمية المستدامة في نص المادة ‪ 4‬منه‪.‬‬ ‫‪139‬‬

‫‪51‬‬
‫العديد من األضرار البيئية‪ ،‬ومن بين العوامل التي تؤدي إلى نقص التنوع الحيوي‪ ،‬الصيد‬
‫التعسفي و استخدام المبيدات‪.‬‬

‫العناصر االصطناعية‪ :‬هي التي أقامها اإلنسان من نظم ووسائل وأدوات لالستفادة من العناصر‬
‫الطبيعية للبيئة‪ ،‬ومنها استعماالت األراضي الزراعية‪ ،‬إنشاء المناطق السكنية والتنقيب عن‬
‫الثروات الطبيعية وإنشاء المناطق الصناعية والتجارية والخدماتية‪.140‬‬

‫‪ ‬أشكال ومظاهر المساس بالبيئة‬

‫يمثل التلوث أكثر الصور شيوعا للمساس بالبيئة باإلضافة إلى استنزاف الموارد الطبيعية‪.‬‬

‫‪ -‬تلويث البيئة ‪ :‬المقصود به إحداث التغيير أو الخلل في الحركة التوافقية التي تتم بين‬
‫مجموعة العناصر المكونة للنظام األيكلوجي‪ ،‬بما يفقده القدرة على إعالة الحياة من دون‬
‫مشاكل‪ .141‬كما يمكن أن يكون المقصود منه التغير الذي يحدث في المميزات الطبيعية للعناصر‬
‫المكونة للبيئة أين يعيش الكائن البشري من ماء‪ ،‬تربة وهواء‪ .‬أو هو التغيير الكمي والكيفي في‬
‫مكونات البيئة الحية وغير الحية الذي ال تقدر األنظمة البيئية على استيعابه دون أن يختل‬
‫توازنها‪.142‬‬

‫وتختلف درجات التلوث ومدى خطورته حسب كمية ونوعية الملوثات التي تدخل على األوساط‬
‫البيئية‪ ،‬لذلك تم تقسيم درجات التلوث حسب أثاره على النظام البيئي إلى ثالث مستويات هي‬
‫التلوث اآلمن‪ ،‬التلوث الخطير والتلوث القاتل والتلوث قد يصيب الهواء‪ ،‬الماء أو التربة‪.143‬‬

‫أحمد سال م‪ ،‬الحماية اإلدارية للبيئة في التشريع الجزائري‪ ،‬مذكرة مكملة من مقتضيات نيل شهادة الماستر في الحقوق‪،‬‬ ‫‪140‬‬

‫تخصص قانون إداري‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،8094-8092 ،‬ص ص‪.90-1 .‬‬
‫رائف محمد لبيب‪ ،‬الحماية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.87 .‬‬ ‫‪141‬‬

‫المرجع نفسه‪ .‬وقد عرفته المادة ‪ 4‬من القانون رقم ‪ 90-02‬كالتالي" كل تغيير مباشر أو غير مباشر للبيئة يتسبب فيه كل‬ ‫‪142‬‬

‫فعل يحدث أو قد يحدث وضعية مضرة بالصحة وسالمة اإلنسان والنبات والحيوان والهواء والجو والماء واألرض والممتلكات‬
‫الجماعية والفردية" وعرف القانون تلويث التربة والماء والهواء كل على حدا‪.‬‬
‫فتلوث الهواء يعني إدخال اإلنسان بشكل مباشر أو غير مباشر لمواد أو لطاقة في الجو أو الهواء يكون له مفعول ضار‬ ‫‪143‬‬

‫يعرض صحة اإلنسان للخطر‪ .‬تلوث البحر يعني إدخال اإلنسان في البيئة البحرية بما في ذلك مصاب األنهار بصورة مباشرة‬
‫أو غير مباشرة مواد أو طاقة تنجم عنها أو يحتمل أن ينجم عنها أثار مؤذية‪ .‬تلوث التربة معناه الفساد الذي يصيب األراضي‬
‫‪52‬‬
‫‪ -‬استنزاف الموارد الطبيعية‪ :‬المقصود به التقليل من قيمة الموارد واختفاءها عن أداء‬
‫دورها العادي في شبكة الحياة والغذاء‪ ،‬وتكمن خطورة هذا االستنزاف على مستويين‪ ،‬األول‬
‫اختفاء المورد أو التقليل من قيمته وتأثير االستنزاف يكون على توازن النظام البيئي‪ ،‬أما الثاني‬
‫فيتمثل في تأثيره على بقية الموارد األخرى‪ .‬وقد صنفت الموارد المعرضة لالستنزاف إلى‬
‫موارد دائمة‪ ،144‬متجددة وغير متجددة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أهداف ووسائل سلطات الضبط اإلداري في حماية البيئة‬

‫تقوم سلطات الضبط اإلداري في مجال حماية البيئة من األضرار واالعتداء عليها أو‬
‫على أحد مكوناتها بدور أساسي‪ ،‬من خالل أجهزتها اإلدارية التي تتولى اتخاذ التدابير‬
‫واإلجراءات وإصدار القرارات الالئحية والفردية‪ ،‬وفرض القيود على حقوق وحريات األفراد‬
‫باالستناد إلى القوانين في المجال‪ .‬وقد نصت المادة ‪ 90‬من القانون رقم ‪ 90-02‬على ما يلي‪:‬‬
‫"تضمن الدولة حراسة مختلف مكونات البيئة‪ ،‬يجب على الدولة أن تضبط القيم القصوى‬
‫ومستوى اإلنذار وأهدافه النوعية‪ ،‬السيما فيما يتعلق بالهواء والماء واألرض وباطن األرض‬
‫وكذا إجراءات حراسة هذه األوساط المستقبلة والتدابير التي يجب اتخاذها في حالة وضعية‬
‫خاصة"‪.‬‬

‫‪ /0‬تعريف الضبط اإلداري البيئي‬

‫فيغير من صفاتها وخواصها الطبيعية أو الكيميائية أو الحيوية أو يغير من تركيبتها بشكل يؤثر عليها سلبا‪ .‬أنظر رائف محمد‬
‫لبيب‪ ،‬الحماية‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص‪.28-87 .‬‬
‫مثل الهواء‪ ،‬التربة والماء ويتم االستنزاف في الهواء مثال في المبالغة في استخدام الوسائل التي يستنفذ بها األكسجين أو‬ ‫‪144‬‬

‫استبداله بمواد ضارة أو استئصال مصادر انبعاثه من الغابات واألحراش‪ .‬أما استنزاف التربة فيتم من خالل زراعة نوع من‬
‫المحاصيل الزراعية باستمرار ولمواسم متتالية أو عدم إتباع دورات زراعية أو عدم تنظيم المخصبات ومياه الري‪ ،‬حيث يؤدي‬
‫إلى انهاك التربة وجدبها‪ .‬أما استنزاف الموارد المتجددة وهي الموارد التي ال تفنى رصيدها بمجرد االستخدام‪ ،‬بل إن هذا‬
‫الرصيد قابل لالنتفاع به مرات ومرات ولعصور زمنية إذا أحسن استغالله‪ ،‬ولم يتعرض لإلفراط في االستخدام‪ .‬أما الموارد‬
‫غير المتجددة فهي ذات مخزون محدود تتعرض للنفاذ ألن معدل استهالكها أكبر من معدل نفاذها وعملية تعويضها بطيئة‬
‫كالنفط والغاز والفحم والمعادن‪ .‬أنظر‪ :‬أحمد سالم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.92.‬‬
‫‪53‬‬
‫هو مجموع التدابير الوقائية التي تصدرها السلطات اإلدارية المختصة لمنع وقوع جرائم‬
‫المساس بالبيئة من خالل اإلجراءات االحترازية والوسائل الضرورية التي تؤدي إلى منع وقوع‬
‫تلك الجرائم‪ ،‬وبما يكفل حماية البيئة وصون مواردها ومكافحة أسباب اإلضرار بها‪.145‬‬

‫كما يعرف على أنه وسيلة من وسائل ممارسة اإلدارة لوظائفها‪ ،‬لتكفل بموجبه حماية النظام‬
‫بعن اصره المعروفة من أمن عام‪ ،‬سكينة عامة وصحة عامة‪ ،‬أما في المجال البيئي فيمكن‬
‫اعتباره وسيلة من الوسائل اإلدارية التي تهدف إلى حماية البيئة من جميع الحاالت التي تؤدي‬
‫إلى تدهورها‪ ،146‬حيث يؤدي اإلضرار بالبيئة إلى المساس بعناصر النظام العام‪.147‬‬

‫أو هو مجموع السلطات والصالحيات التي تمنح للموظفين العاملين في الجهات اإلدارية المعنية‬
‫بحماية البيئة‪ ،‬يتم بموجبها تخويلهم الحق في دخول المنشآت وتفقد األماكن المختلفة للقيام‬
‫بأعمال المراقبة والتفتيش‪ ،‬وأخذ العينات وإجراء القياسات والتحاليل الالزمة إلثبات جرائم‬
‫المساس بالبيئة وتح رير المحاضر وإحالتها للجهات المختصة حسب التشريعات البيئية‬
‫والقرارات اللوائح المنفذة لها‪.‬‬

‫‪ /2‬أهداف الضبط اإلداري البيئي‬

‫بالنظر للطبيعة الفنية للمسائل المتعلقة بالبيئة والمخاطر التي تهددها من جهة ثانية‪ ،‬فإن‬
‫جميع الدول تقريبا‪ ،‬بغض النظر عن طبيعة األنظمة التي تتبعها‪ ،‬تمنح هذه األخيرة حماية‬
‫خاصة بواسطة نصوص خاصة‪ ،‬والسبب في ذلك يرجع لآلثار العامة والشاملة التي تهدد البيئة‪،‬‬
‫حيث تتسرب أثار التلوث في دولة ما لتشمل الدول المجاورة أو المناطق القريبة منها‪ .‬كما أن‬
‫تلوث الهواء في منطقة ما يؤثر على طبقة األوزون والذي تتضرر منه جميع شعوب األرض‪.‬‬

‫فهل يمكن حماية البيئة من خالل أغراض الضبط اإلداري التقليدية؟‬

‫رائف محمد لبيب‪ ،‬الحماية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.61 .‬‬ ‫‪145‬‬

‫ماجدة بوخالفة‪ ،‬الحماية اإلدارية للبيئة في التشريع الجزائري‪ ،‬مذكرة مكملة من متطلبات نيل شهادة الماستر‪ ،‬تخصص‬ ‫‪146‬‬

‫قانون إداري‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،8092-8098 ،‬ص‪.9.‬‬
‫رائف محمد لبيب‪ ،‬الحماية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.17-18 .‬‬ ‫‪147‬‬

‫‪54‬‬
‫إن أغراض الضبط اإلداري البيئي ال تخرج عن أغراض الضبط اإلداري العام‪ ،‬غير أنها تتميز‬
‫عنها سواء من حيث تحقيق األمن البيئي أو الصحة البيئية أو السكينة البيئية من خالل البعد‬
‫البيئي واألسباب التي تهدد هذه العناصر وتهدد البيئة ‪.‬‬

‫‪ ‬األمن البيئي العام ‪ :‬المقصود باألمن البيئي العام ضرورة توفير الدولة لألفراد الطمأنينة‬
‫على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم من خطر أي اعتداء‪ ،‬فهو ضرورة توفر من خاللها الدولة‬
‫لألفراد الحماية والطمأنينة على بيئتهم سواء بفعل اإلنسان بسبب نشاطه الصناعي‪ ،‬التجاري‬
‫والزراعي وكل ما يمكن أن يترتب على ممارسة هذا النشاط من مخلفات صلبة أو سائلة أو‬
‫غازية على تلوث البيئة والتأثير على مكوناتها من ماء وهواء وتربة أو الطبيعة‪ .148‬فقد يترتب‬
‫الخوف ض عكس األمن) عن عجز مكونات البيئة عن توفير الغذاء‪ ،‬ومنه تنتج مشكلة األمن‬
‫الغذائي‪ ،‬أو قلة المياه العذبة الصالحة للشرب مما ينتج عنه مشكلة األمن المائي‪ .‬إن اإلضرار‬
‫بالبيئة يؤدي إلى نشوب الفوضى والقلق واالضطرابات ومنه التأثير على األمن العام‪.149‬‬
‫‪ ‬الصحة البيئية العامة‪ :‬المقصود بها حماية األفراد ووقايتهم من خطر انتشار األمراض‬
‫واألوبئة‪ ،‬وي توسع مفهوم حماية الصحة العامة إلى حماية صحة الحيوان والنبات‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫بعض األنظمة الخاصة لحماية المياه العذبة‪ ،‬البحر‪ ،‬األرض‪ ،‬الصحراء والغابات‪...‬‬

‫أما في مجال الصحة البيئية‪ ،‬والتي تأخذ حيزا مهما في مجال الضبط اإلداري على اعتبار أن‬
‫المجال الصحي يهدد المجال األمني‪ ،‬فتلوث الهواء بالمواد المشعة قد تعرض صحة اإلنسان‬
‫للخطر‪ .‬إن انتشار األمراض يضر بالصحة العامة ويؤثر على األمن العام‪ ،‬ألن األمر يبعث‬
‫على القلق والرعب والخوف بين الناس‪.‬‬

‫ال تكون حماية الصحة العامة بإنشاء المرافق الصحية فقط‪ ،‬إنما تكون بحماية عناصر البيئة من‬
‫هواء وماء وتربة‪ ،‬باعتبارها المحيط الذي يعيش فيه اإلنسان‪ ،‬ومنه توفير األمن له‪.‬‬

‫بن أحمد عبد المنعم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.72 .‬‬ ‫‪148‬‬

‫عارف صالح مخلف‪ ،‬اإلدارة البيئية‪ ،‬الحماية اإلدارية للبيئة‪ ،‬دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،8008 ،‬ص‬ ‫‪149‬‬

‫ص‪.828-829 .‬‬
‫‪55‬‬
‫‪ ‬السكينة البيئية العامة‪ :‬هي ضمان الهدوء وعدم إزعاج األفراد بواسطة الصخب‬
‫والضوضاء والضجيج‪.‬‬
‫‪150‬‬
‫حماية السكينة‬ ‫وقد أقر قانون البيئة ضمن المواد من ‪ 88‬إلى ‪ 85‬من القانون رقم ‪90-02‬‬
‫البيئية العامة ضمن مقتضيات الحماية من األضرار السمعية للحد والوقاية من انبعاث وانتشار‬
‫األصوات أو الذبذبات التي قد تشكل أخطارا تضر بصحة األشخاص وتسبب لهم اضطرابا‬
‫مفرطا‪.‬‬

‫‪ /3‬هيئات الضبط اإلداري البيئي في الجزائر‬

‫ال يكف وضع النصوص القانونية لحماية البيئة‪ ،‬وإنما يتطلب األمر إشراف وتكليف‬
‫أجهزة مختلفة لتطبيق تلك النصوص‪ ،‬وهي في مجال الضبط اإلداري تكون على مستوى‬
‫مركزي وعلى مستوى محلي‪.‬‬

‫على المستوى المركزي تتمثل في األتي‪:‬‬

‫‪ -‬وزارة الموارد المائية والبيئة‪ :‬قبل سنة ‪ 8009‬لم يكن هناك وزارة تختص بشؤون‬
‫البيئة‪ ،‬بل كانت هناك فقط لجان وكتابات دولة‪ ،‬وبعد صدور المرسوم التنفيذي رقم ‪07-09‬‬
‫المؤرخ في ‪ 8009-09-08‬تم إنشاء ألول مرة وزارة خاصة مكلفة بالبيئة تحت اسم وزارة‬
‫تهيئة اإلقليم والبيئة‪ .151‬وإلى غاية سنة ‪ 8098‬تم تغيير اسمها عدة مرات‪ ،‬فمرة تحت اسم‬
‫وزارة التهيئة العمرانية والبيئة ثم وزارة تهيئة اإلقليم والبيئة والسياحة ثم وزارة التهيئة‬
‫العمرانية والبيئة‪ ،‬ثم إلى وزارة التهيئة العمرانية والبيئة والمدينة‪ ،‬وانتقلت أخيرا إلى وزارة‬
‫الموارد المائية والبيئة في ماي ‪ 8095‬بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪ 985-95‬المؤرخ في‬
‫‪ 8095-05-94‬المتضمن تعيين أعضاء الحكومة‪ .152‬وإلى جانب الوزارة األساسية في حماية‬

‫حيث نصت المادة ‪ 88‬من القانون على ما يلي‪ " :‬يهدف مقتضيات الحماية من األضرار السمعية إلى الوقاية أو القضاء أو‬ ‫‪150‬‬

‫الحد من انبعاث وانتشار األصوات أو الذبذبات التي قد تؤثر أخطارا تضر بصحة األشخاص وتسبب لهم اضطرابا مفرطا أو‬
‫من شأنها أن تمس بالبيئة"‪.‬‬
‫المتعلق بتحديد صالحيات وزير تهيئة اإلقليم والبيئة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4‬بتاريخ ‪.8009-09-94‬‬ ‫‪151‬‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 85‬بتاريخ ‪.8095-05-97‬‬ ‫‪152‬‬

‫‪56‬‬
‫البيئة‪ ،‬والتي تشمل مجموعة من المديريات من بينها مديرية التطهير وحماية البيئة‪ ،‬تهتم‬
‫مجموعة أخرى من الوزارات بحماية البيئة الرتباط ذلك بمهامها األساسية وهي‪ :‬وزارة الصحة‬
‫والسكان‪ ،‬وزارة الثقافة‪ ،‬وزارة السكن والعمران والمدينة‪ ،‬وزارة الداخلية‪.‬‬

‫إلى جانب السلطات المركزية تتطلب حماية النظام البيئي وتنفيذه وجود أجهزة تنفيذية‬
‫متخصصة تسهر على التطبيق تتمثل في الوكالة الوطنية للنفايات‪ ،153‬الوكالة الوطنية للتغيرات‬
‫المناخية‪ ،154‬الوكالة الوطنية لحفظ الطبيعة‪ .155‬ومجموعة من المراكز هي‪ :‬المركز الوطني‬
‫لتكنولوجيات إنتاج أكثر نقاء‪ ،156‬مركز تنمية الموارد البيولوجية‪ .157‬ومجموعة من المراصد‬
‫هي المرصد الوطني للبيئة والتنمية المستدامة‪ ،158‬المرصد الوطني لترقية الطاقات المتجددة‪،‬‬
‫المرصد الوطني للمدينة‪ .159‬وهناك مجموعة من الحظائر الوطنية‪.‬‬

‫أما على المستوى المحلي فتتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫البلدية‪ :‬منح القانون رقم ‪ 90-99‬لهيئات تسيير البلدية رئيس البلدية والمجلس الشعبي البلدي‪،‬‬
‫بمساعدة أقسام ومكاتب داخل البلدية‪.‬‬

‫تتمثل مهام رئيس البلدية في ظل القانون رقم ‪ 90-99‬في مجال حماية البيئة طبقا لنص المادة‬
‫‪ 14‬من القانون في‪:‬‬

‫بموجب المرسوم التنفيذي رقم ‪ 985-08‬المؤرخ في ‪ 8008-05-80‬يتضمن إنشاء الوكالة الوطنية للنفايات وتنظيمها‪،‬‬ ‫‪153‬‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 28‬بتاريخ ‪.8008-05-86‬‬


‫بموجب المرسوم التنفيذي رقم ‪ 285-05‬المؤرخ في ‪ 8005-01-86‬يتضمن إنشاء الوكالة الوطنية للتغيرات المناخية‪،‬‬ ‫‪154‬‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 68‬بتاريخ ‪.8005-90-05‬‬


‫بموجب المرسوم التنفيذي رقم ‪ 22-19‬المؤرخ في ‪ 9119-08-01‬يتضمن إنشاء الوكالة الوطنية لحفظ الطبيعة‪ ،‬ج‪.‬ر‬ ‫‪155‬‬

‫عدد ‪ 08‬بتاريخ ‪.9119-08-92‬‬


‫بموجب المرسوم التنفيذي رقم ‪ 868-08‬المؤرخ في ‪ 8008-07-98‬يتضمن إنشاء المركز الوطني لتكنولوجيات إنتاج‬ ‫‪156‬‬

‫أكثر نقاء‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 56‬بتاريخ ‪.8008-07-97‬‬


‫بموجب المرسوم التنفيذي رقم ‪ 289-08‬المؤرخ في ‪ 8008-05-80‬يتضمن إنشاء مركز تنمية الموارد البيولوجية‬ ‫‪157‬‬

‫وتنظيمه وسيره‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 84‬بتاريخ ‪.8008-99-92‬‬


‫بموجب المرسوم التنفيذي رقم ‪ 995-08‬المؤرخ في ‪ 8008-04-02‬يتضمن المرصد الوطني للبيئة والتنمية المستدامة‪،‬‬ ‫‪158‬‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 88‬بتاريخ ‪.8008-04-02‬‬


‫بموجب القانون رقم ‪ 06-06‬المؤرخ في ‪ 8008-05-80‬المتعلق بالمدينة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 88‬بتاريخ ‪.8008-04-02‬‬ ‫‪159‬‬

‫‪57‬‬
‫‪ -‬المحافظة على النظام العام وسالمة األشخاص واألمالك‪.‬‬

‫‪ -‬المحافظة على نظافة العمارات وسهولة السير في الشوارع والساحات والطرق العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬السهر على نظافة الموارد االستهالكية المعروضة للبيع‪.‬‬
‫‪ -‬السهر على احترام المقاييس والتعليمات في مجال التعمير‪.‬‬

‫تتمثل مهام المجلس الشعبي البلدي طبقا لنص المادة ‪ 982‬من قانون البلدية في مجال حماية‬
‫‪160‬‬
‫فيما يلي‪:‬‬ ‫البيئة ومواد أخرى‬

‫‪ -‬في ميدان النظافة العمومية‪ :‬مكافحة األمراض الوبائية والمعدية‪ ،‬القيام بعمليات التطهير‬
‫وجمع القمامة بصفة منتظمة‪ ،‬صرف المياه المستعملة ومعالجتها‪ ،‬جمع النفايات الصلبة‬
‫ونقلها ومعالجتها‪ ،‬مكافحة نواقل األمراض المتنقلة‪ ،‬الحفاظ على صحة األغذية واألماكن‬
‫والمؤسسات المستقبلة للجمهور‪ ،‬صيانة طرقات البلديات‪.‬‬
‫‪ -‬في ميدان التهيئة والتعمير‪ :‬منح رخص البناء في إطار مخططات التوجيه للتهيئة والتعمير‬
‫ومخططات شغل األراضي‪.‬‬
‫‪ -‬في مجال حماية الطبيعة‪ :‬انجاز وتطوير المساحات الخضراء داخل المراكز الحضرية‪،‬‬
‫العمل على تهيئة الغابات قصد تحسين البيئة‪ ،‬انجاز برامج منع االنجراف والتصحر‪ ،‬انجاز‬
‫إي عمل يرمي إلى حماية الغابات وتطوير الثروة الغابية والمجموعات النباتية الطبيعية‬
‫وحماية األراضي ومكافحة الحرائق‪.‬‬
‫‪ -‬هناك أقسام مكلفة بحماية البيئة مثل القسم التقني البلدي المكلف بالحفاظ على التجهيزات‬
‫العامة وتنظيم نقل النفايات وتخليص المدينة منها واإلشراف على صيانة ومراقبة الصرف‬
‫الصحي‪ ،‬وقسم حفظ الصحة المكلف بمراقبة مدى توفر شروط الصحة في البنايات السكنية‬
‫والصناعية والمهنية‪ ،‬قسم التعمير والبناء واإلشراف على تنظيم المجال العمراني للمدينة‪،‬‬

‫ومواد أخرى في مجال التهيئة والتنمية من المادة ‪ 908‬إلى ‪ 990‬ومن ‪ 992‬إلى ‪ 989‬في مجال التعمير والهياكل القاعدية‬ ‫‪160‬‬

‫ومن المادة ‪ 982‬إلى ‪ 984‬في مجال النظافة وحفظ الصحة‪.‬‬


‫‪58‬‬
‫ومتابعة مراقبة توفر الشروط التقنية في البنايات المنجزة ومدى احترامها لقوانين التعمير‬
‫وتصميم التهيئة والحفاظ على المساحات الخضراء والساحات العمومية والمنتزهات‪.‬‬

‫تتمتع البلدية في إطار حماية البيئة بمجموعة أخرى من الصالحيات بموجب القانون رقم ‪-02‬‬
‫‪ 90‬المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة وقانون تسيير ومراقبة وإزالة النفايات رقم‬
‫‪ 91-09‬المذكور أعاله وقانون حماية الصحة العمومية وترقيتها رقم ‪ 05-75‬المعدل والمتمم‬
‫المذكور سابقا‪.‬‬

‫الوالية‪ :‬تساهم الوالية مع الدولة في إدارة وتهيئة اإلقليم وحماية البيئة‪ ،‬وقد تتكامل أو تتقاطع‬
‫هذه المهام مع مهام البلديات‪.‬‬

‫فمن مهام المجلس الشعبي الوالئي في مجال حماية البيئة‪:‬‬

‫‪ -‬مشاركته في تحديد مخطط التهيئة العمرانية ومراقبة تنفيذه‪.‬‬


‫‪ -‬التنسيق مع المجلس الشعبي البلدي في كل أعمال الوقاية من األوبئة‪ ،‬والسهر على تطبيق‬
‫أعمال الوقاية الصحية وتشجيع إنشاء هياكل حفظ الصحة والمواد االستهالكية‪.‬‬
‫‪ -‬حماية الغابات والثروة الغابية واألراضي واستصالحها والطبيعة‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على تهيئة الحظائر الطبيعية والحيوانية ومراقبة الصيد البحري ومكافحة االنجراف‬
‫والتصحر‪.‬‬

‫أما مهام الوالي فتتمثل في‪:‬‬

‫‪ -‬انجاز أشغال التهيئة والتطهير وتنقية مجاري المياه وأخذ التدابير الالزمة لحماية الموارد‬
‫المائية وخصوصا الموجهة لالستهالك البشري‪.‬‬
‫‪ -‬أخذ كافة اإلجراءات الالزمة للوقاية من الكوارث الطبيعية‪ ،‬بضبط مخطط تنظيم تدخل‬
‫اإلسعافات‪.‬‬
‫‪ -‬اتخاذ التدابير الضرورية لتحسين وتدعيم قدرات تدخل األجهزة المكلفة بممارسة التلوث‪.‬‬
‫‪ -‬حراسة ومراقبة والوقاية والكشف عن كل أعمال التلوث البحري‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫‪ -‬في مجال التهيئة والتعمير‪ ،‬منح رخص البناء الخاصة بالمنشآت المنجزة لحساب الدولة‬
‫والوالية والهياكل العمومية التابعة لها‪.‬‬
‫‪ -‬المحافظة على النظام العام‪.‬‬

‫وهناك أجهزة إدارية محلية أخرى تساهم في حماية البيئة مثل‪ ،‬المديريات واللجان مثل مديرية‬
‫البيئة ومفتشية البيئة‪.‬‬

‫‪ /4‬وسائل الضبط اإلداري البيئي‬

‫تندرج هذه الوسائل في إطار الوسائل العامة التي منحها القانون لألجهزة اإلدارية‬
‫المختلفة في مجال الضبط اإلداري البيئي‪ ،161‬وهي اللوائح أو القرارات التنظيمية‪ ،‬القرارات‬
‫الفردية واستخدام القوة الجبرية‪.‬‬

‫وقد تتضمن هذه الوسائل جانب وقائي وجانب ردعي‪:‬‬

‫اإلجراءات الوقائية تتمثل في أنظمة مختلفة‪ ،‬وهي بمثابة ضمانات تهدف إلى الوقاية من وقوع‬
‫الضرر البيئي وجانب ردعي يشمل الجزاءات‪ ،‬وهي بمثابة ضمانات عالجية تهدف إلى ردع‬
‫وإصالح الضرر البيئي‪ ،‬الفرق بينها وبين اإلجراءات الوقائية أنها تأتي بعد وقوع الفعل الذي‬
‫يتسبب في االعتداء على البيئة‪.‬‬

‫تتمثل التدابير الوقائية في منح الرخص‪ ،‬الحظر‪ ،‬اإللزام‪ ،‬التصريح‪ ،‬اإلخطار‪.‬‬

‫التدابير العالجية أو الردعية هي الجزاءات اإلدارية المختلفة مثل الجزاءات المالية كالغرامة‪،‬‬
‫غير المالية مثل اإلنذار أو التنبيه‪ ،‬أو الغلق المؤقت‪ ،‬إلغاء التراخيص اإلدارية‪.‬‬

‫والتي سنتطرق لها فيما بعد في عنصر هيئات الضبط اإلداري بالتفصيل‪.‬‬ ‫‪161‬‬

‫‪60‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬هيئات الضبط اإلداري‪ ،‬وسائله وحدوده‪.‬‬

‫لما كانت وظيفة الضبط اإلداري وظيفة حيوية خطيرة بالنظر للنتائج التي يمكن أن‬
‫تنعكس على حريات األفراد‪ ،‬فإن المشرع سواء المؤسس الدستوري أو البرلمان‪ ،‬لم يترك هذه‬
‫الوظيفة حرة على إطالقها‪ ،‬إنما قيدها سواء من حيث الهيئات الموكلة لها‪ ،‬أو من حيث الوسائل‬
‫التي تملكها ألداء هذه الوظيفة أو الحدود التي تمارسها في إطارها‪.‬‬

‫ومنه سنتناول ضمن هذا الفصل في مبحث أول هيئات الضبط اإلداري ووسائله‪ ،‬وفي مبحث‬
‫ثان حدود وظيفة الضبط اإلداري‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬هيئات الضبط اإلداري ووسائله (صالحياته)‬

‫حددت النصوص الدستورية والتشريعية سواء تمثلت في تشريعات عادية أو الئحية‬


‫هيئات الضبط اإلداري والصالحيات المسندة لها لضمان المحافظة على النظام العام‪.‬‬

‫سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين‪ :‬مطلب أول يتناول هيئات الضبط اإلداري ومطلب ثاني يتضمن‬
‫وسائل الضبط اإلداري‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬هيئات الضبط اإلداري‬

‫يقصد بهيئات الضبط اإلداري‪ ،‬الهيئات التي تملك قانونا حق استخدام وسائل وأساليب‬
‫الضبط اإلداري‪ ،‬وهي السلطات التي أنيطت بها ممارسة وظيفة الضبط اإلداري بهدف‬
‫المحافظة على النظام العام بعناصره‪.‬‬

‫ينعكس التصنيف الذي أوردناه سابقا للضبط اإلداري إلى ضبط إداري عام وضبط‬
‫إداري خاص‪ ،162‬وضبط إداري وطني وأخر محلي على تصنيف سلطات الضبط اإلداري إلى‬

‫تختص هذه السلطات بالتدخل في إطار الضبط اإلداري الخاص بموجب نصوص خاصة تؤسس لهذه الوظيفة‪ ،‬يمكن أن‬ ‫‪162‬‬

‫تكون هي نفسها سلطات الضبط اإلداري العام مثل الوزير األول الذي يملك إصدار مرسوم تنفيذي رقم ‪ 882-02‬المؤرخ في‬
‫‪ 8002-06-90‬يتعلق بتنظيم المراقبة التقنية للسيارات وكيفيات ممارستها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 28‬بتاريخ ‪ ،8002-06-95‬و قد تؤول‬
‫سلطة تنظيم نشاط الصيد للوالي بدل رئيس البلدية بموجب نص القانون رقم ‪ 08-04‬السابق الذكر‪ .‬وقد يتم منح سلطات‬
‫‪61‬‬
‫سلطات الضبط اإلداري العام على المستوى المركزي ضمطلب أول) وسلطات الضبط اإلداري‬
‫العام على المستوى المحلي ضمطلب ثاني)‪.‬‬

‫فرع أول‪ :‬هيئات الضبط اإلداري العام على المستوى المركزي‬


‫تتمثل في هيئات الضبط اإلداري التي منحت صالحيات الضبط اإلداري على المستوى‬
‫الوطني وهي رئيس الجمهورية‪ ،‬الوزير األول والوزراء بالخصوص وزير الداخلية‪.‬‬
‫‪ /0‬رئيس الجمهورية‬
‫بالرغم من أن الدستور لم ينص صراحة على صالحية رئيس الجمهورية في مجال الضبط‬
‫اإلداري‪ ،‬ولكن يمكن تأسيس هذه الوظيفة على منحه صالحيات المحافظة على كيان الدولة‬
‫وأمنها وسالمتها كما يلي‪:‬‬
‫‪163‬‬
‫التي وضعت نص اليمين‬ ‫‪ -‬نص المادة ‪ 10‬من التعديل الدستوري لسنة ‪8096‬‬
‫الدستورية الذي يؤديه رئيس الجمهورية‪ ،‬والذي يتضمن نصه ما يلي "‪...‬أسهر على استمرارية‬
‫الدولة وأعمل وأحافظ على سالمة التراب الوطني ووحدة الشعب واألمة وأحمي الحريات‬
‫والحقوق األساسية لإلنسان والمواطن‪."...‬‬
‫‪ -‬باعتباره حامي الدستور والقائد األعلى للقوات المسلحة والمسئول عن الدفاع الوطني‪.‬‬
‫‪ -‬بموجب العرف الدستوري الذي يفرض أن السلطة التي تمارس الضبط اإلداري العام‬
‫باسم الدولة هي رئيس الجمهورية‪ ،‬باعتباره حامي الدستور والقائد األعلى للقوات المسلحة‬
‫والمسئول عن الدفاع الوطني‪.‬‬

‫‪.../... .../...‬الضبط اإلداري الخاص لسلطات أخرى ال تتمتع بسلطة ضبط إداري عام مثل وزير الثقافة بالنسبة لضبط‬
‫السينما بموجب القانون رقم ‪ 02-99‬المؤرخ في ‪ 8099-08-98‬يتعلق بالسينما‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 92‬بتاريخ ‪،8099-08-87‬‬
‫ووزير الداخلية في مجال ضبط األجانب بموجب القانون رقم ‪ 99-07‬المؤرخ في ‪ 8007-06-85‬المتعلق بشروط دخول‬
‫األجانب للجزائر‪ ،‬إقامتهم وتنقلهم فيها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 26‬بتاريخ ‪..8007-08-08‬‬
‫التي تقابلها المادة ‪ 86‬من التعديل الدستوري لسنة ‪.9116‬‬ ‫‪163‬‬

‫‪62‬‬
‫‪ -‬الوظيفة التنظيمية العامة التي يمكن اعتبارها أساسا لمنح رئيس الجمهورية وظيفة‬
‫‪164‬‬
‫التي تنص على ما‬ ‫الضبط اإلداري‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 942‬من الدستور في فقرتها األولى‬
‫يلي‪ " :‬يمارس رئيس الجمهورية السلطة التنظيمية في المسائل غير المخصصة للقانون "‪ ،‬ومنه‬
‫فالسلطة التنظيمية تتضمن صالحية الضبط اإلداري‪ ،‬ذلك في الحالة العادية‪ ،‬ومن األمثلة على‬
‫بعض المراسيم الرئاسية‪ :‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 887-95‬المؤرخ في ‪ 8095-07-88‬يحدد‬
‫القواعد العامة المتعلقة بتنظيم النظام الوطني للمراقبة بواسطة الفيديو وسيره‪.165‬‬

‫أما في الظروف االستثنائية‪ ،‬فإن وظيفة الضبط اإلداري مخولة صراحة لرئيس الجمهورية‬
‫بموجب نصوص المواد من ‪ 905‬إلى ‪ 990‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ ،8096‬والتي عوضت‬
‫المواد من ‪ 19‬إلى ‪ 15‬من دستور ‪ ،9116‬التخاذ بعض اإلجراءات والتدابير لمواجهة هذه‬
‫الحاالت‪ ،‬وهي تتمثل في اإلعالن عنها وهي حالتي الطوارئ والحصار والحالة االستثنائية‬
‫وحالة التعبئة العامة وحالة الحرب‪ ،‬حيث يترتب على إعالن هذه الحاالت بموجب مرسوم‬
‫‪166‬‬
‫نتائج وأثار هامة من أبرزها وأهمها‪ :‬زيادة سلطات رئيس الجمهورية بشكل كبير‬ ‫رئاسي‬
‫وتوسيع صالحيات سلطات الضبط اإلداري األخرى في مواجهة الحقوق والحريات‪.‬‬

‫‪ /2‬الوزير األول‬

‫لم تمنح المواد الدستورية صراحة الوزير األول سلطات في مجال الضبط اإلداري‪ ،‬لكن‬
‫يمكن إقرارها على أساس الوظيفة التنظيمية التي يمارسها هذا األخير بموجب المادة ‪ 985‬في‬
‫فقرتها الثانية‪ ،‬وباعتباره المسئول عن تنفيذ القوانين‪ ،‬فهو المختص بإصدار تنظيمات الضبط‬
‫المطبقة في كامل التراب الوطني‪.167‬‬

‫‪ 164‬التي تقابلها المادة ‪ 521‬من التعديل الدستوري لسنة ‪.5991‬‬


‫‪ 165‬المرجع السابق‪.‬‬
‫إن المؤسس الدستوري الجزائري في دساتيره المتعاقبة جعل من رئيس الجمهورية الجهة الدستورية الوحيدة المختصة‬ ‫‪166‬‬

‫بإعالن الحالة االستثنائية مع مراعاة مجموعة من الشروط واإلجراءات الشكلية والموضوعية‪ .‬وسنتطرق لهذه المسائل في‬
‫حدود سلطات الضبط اإلداري في الظروف االستثنائية‪.‬‬
‫‪167‬‬
‫‪R.Zouaimia, M.-Ch. Rouault, Op.Cit., p. 203.‬‬
‫‪63‬‬
‫ومن بين المراسيم التنفيذية في مجال الضبط اإلداري المرسوم التنفيذي رقم ‪ 52-19‬المؤرخ‬
‫في ‪ 9119-08-82‬يتعلق بالشروط الصحية المطلوبة عند عملية عرض األغذية‬
‫لالستهالك‪.168‬‬

‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 821-95‬المؤرخ في‪ 8095-01-06‬المتعلق بتحديد قواعد حركة‬


‫المرور عبر الطرق‪.169‬‬

‫‪ /3‬الوزراء وبالخصوص وزير الداخلية‬

‫ال يملك الوزير سلطة إصدار قرارات تنظيمية‪ ،‬ألنها من اختصاص رئيس الجمهورية‬
‫والوزير األول بنصوص الدستور‪ ،‬ومنه ال يمكن للوزير أن يصدر قرارات تنظيمية في مجال‬
‫الضبط اإلداري إال إذا سمح له القانون بذلك‪ ،‬وهو يندرج في إطار التأهيل التشريعي‪ ،‬ومنه‬
‫ضبط إداري خاص مثل ضبط السينما‪ ،‬ضبط الصيد‪،‬‬ ‫يمكن للوزير أن يتمتع بسلطة‬
‫الصحة‪ ،...‬ويتم ذلك بتضمين القانون إحالة مباشرة للوزير التخاذ قرارات تنظيمية تطبيقية‬
‫لذلك القانون‪ .170‬ويمكن أن يكون له هذا االختصاص بإحالة من مرسوم تنفيذي‪ ،‬حيث يحيل‬
‫الوزير األول مسألة التفصيل في كيفيات تطبيق المرسوم التنفيذي لقرارات وزارية أو قرارات‬
‫وزارية مشتركة‪ ،‬كما يمكن أن ينقل له االختصاص بتفويض من الوزير األول في مجال‬
‫اختصاصه مثال في مجال حركة المرور وطبقا للمرسوم التنفيذ رقم ‪ 279-04‬المعدل والمتمم‬
‫المذكور أعاله‪ ،‬كان قد صدر قرار وزاري مشترك مؤرخ في ‪ 8008-06-90‬يحدد طرق‬
‫وضع الممهالت‪.171‬‬

‫أما وزير الداخلية فال يملك سلطة ضبط إداري عام بشكل مباشر‪ ،‬لكنه يملكها بطريق غير‬
‫مباشر‪ ،‬على اعتبار أنه المسئول األعلى لجهاز الشرطة الذي يمارس وظائفه تحت سلطته عن‬

‫‪168‬ج‪.‬ر عدد ‪ 1‬لسنة ‪.9119‬‬


‫ج‪.‬ر عدد ‪ 41‬بتاريخ ‪ ،8095-01-96‬المعدل والمتمم المرسوم التنفيذي رقم ‪ 279-04‬المؤرخ في ‪.8004-99-87‬‬ ‫‪169‬‬

‫ناصر لباد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.966.‬‬ ‫‪170‬‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 97‬بتاريخ ‪.8007-04-08‬‬ ‫‪171‬‬

‫‪64‬‬
‫طريق المديرية العامة لألمن الوطني‪ ،172‬كما يستطيع اتخاذ قرارات ضبطية باعتباره الرئيس‬
‫السلمي للوالة من خالل التعليمات واألوامر التي يوجهها لهؤالء في جميع المجاالت ومنها‬
‫مجال المحافظة على النظام العام والضبط اإلداري بصفة عامة‪.‬‬

‫فرع ثاني‪ :‬هيئات الضبط اإلداري العام على المستوى المحلي‬


‫تملك الهيئات المحلية صالحيات في مجال الضبط اإلداري‪ ،‬وتتمثل هذه الهيئات في‬
‫الوالي ورئيس البلدية‪.‬‬
‫‪ /0‬الوالي‬
‫يملك الوالي سلطات للضبط اإلداري بموجب قوانين الوالية المتعاقبة وأخرها قانون‬
‫الوالية رقم ‪ 08-98‬طبقا لنص المادة ‪ 994‬اآلتي" الوالي مسئول على المحافظة على النظام‬
‫واألمن والسالمة والسكينة العامة"‪ .‬باإلضافة لنص المادة ‪ " 996‬يملك تسخير قوات الشرطة‬
‫والدرك"‪ ،‬يكلف بضبط المرور ف ي الطرقات الوطنية‪ ،‬يملك الحلول محل رؤساء البلديات عند‬
‫إهمالهم القيام بصالحياتهم في المجال‪ .173‬كما يملك بموجب القانون رقم ‪ 80-04‬المؤرخ في‬
‫‪ 8004 -98-85‬يتعلق بالوقاية من األخطار الكبرى وتسيير الكوارث في إطار التنمية‬
‫المستدامة‪ ،174‬تنفيذ عمليات اإلسعاف في حالة الكوارث بواسطة ضمان اإليواء‪ ،‬إيصال‬
‫المساعدات‪ ،‬ضمان األمن وصحة المنكوبين وأموالهم وتسخير كل األشخاص واألموال‬
‫الضرورية‪.‬‬
‫‪ /2‬رئيس البلدية‬

‫بموجب المادة ‪ 9‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 847-14‬المؤرخ في ‪ 9114-7-90‬يتضمن تنظيم اإلدارة المركزية في‬ ‫‪172‬‬

‫وزارة الداخلية والجماعات المحلية والبيئة واإلصالح اإلداري‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 52‬لسنة ‪.9114‬‬
‫بموجب المادتين ‪ 900‬و‪ 909‬من قانون البلدية رقم ‪.90-99‬‬ ‫‪173‬‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 74‬بتاريخ ‪.8004-98-81‬‬ ‫‪174‬‬

‫‪65‬‬
‫يمارس سلطة الضبط اإلداري بموجب قوانين البلدية المتعاقبة وأخرها القانون رقم ‪-99‬‬
‫‪ 90‬بموجب نصوص المواد من ‪ 77‬على ‪ 18‬منه‪ ،‬كما يملك تسخير قوات الشرطة والدرك‬
‫الوطني المختصة إقليميا‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬وسائل الضبط اإلداري‬

‫تتمتع سلطات الضبط اإلداري بمجموعة من الوسائل والصالحيات الضرورية لضمان حماية‬
‫النظام العام وتحقيق األهداف التي وضعها المشرع‪ ،‬تتميز هذه الوسائل بميزتين أساسيتين‪:‬‬

‫‪ -‬أنها وسائل وقائية وليست عقابية مبدئيا ضباستثناء العقوبات اإلدارية)‪.‬‬


‫‪ -‬أنها وسائل قانونية تنشئ‪ ،‬تعدل أو تلغي مركزا قانونيا ووسائل مادية ‪.‬‬

‫تتنوع الوسائل القانونية إلى نوعين هما القرارات التنظيمية العامة وتسمى لوائح الضبط اإلداري‬
‫والقرارات الفردية المتضمنة أوامر ونواهي وعقوبات‪ ...‬أما الوسائل المادية فتتمثل في التنفيذ‬
‫الجبري إلجراءات الضبط اإلداري‪.175‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الوسائل القانونية‬

‫تتمثل في القرارات اإلدارية الضبطية وهي نوعين القرارات التنظيمية والقرارات الفردية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬القرارات التنظيمية ( لوائح الضبط اإلداري)‬

‫تصدر اللوائح عن السلطة التنفيذية بهدف المحافظة على النظام العام بعناصره التقليدية‬
‫والحديثة‪ .‬وهي تتضمن مجموعة من القواعد العامة والمجردة تحدد مسبقا الحدود أو القيود التي‬
‫تمارس في إطارها الحقوق والحريات والنشاطات الخاصة‪ ،‬التي تفرضها ضرورة المحافظة‬
‫على النظام العام‪ ،‬حيث تملك السلطة التنفيذية سلطة فرض أنظمة عامة في الحاالت التي يعجز‬
‫فيها القانون على أن يضبط الحريات والنشاطات ضبطا مفصال‪.176‬‬

‫الوسائل التي تملكها سلطات الضبط اإلداري الخاص تحددها النصوص الخاصة‪ ،‬فال يمكن لسلطة الضبط اإلداري الخاص‬ ‫‪175‬‬

‫أن تمنح لنفسها سلطات غير تلك الواردة فيها‪.‬‬


‫إن تنظيم الحريات وإن كان اختصاصا أصيال للبرلمان طبقا للدساتير بسبب ما يترتب عليه من تحديد لمضمون الحريات‬ ‫‪176‬‬

‫إال أن التشريع الالئحي هو أكثر إحساسا بحدود الحريات‪ ،‬ومدى القيود التي يلزم أن ترد عليها وأوضاعها تحقيقا ألهداف‬
‫الضبط اإلداري‪ ،‬وكذلك مهما بلغت القواني ن الضبطية من الدقة والتفصيل‪ ،‬فإنها ال تلغي الحاجة إلى التنظيمات الضبطية‪ ،‬ألن‬
‫هذه األخيرة أقدر على صناعة ما يالءم مقتضيات النظام العمومي من قواعد‪ ،‬حيث يهتدي في تحديدها بما يحيط بها من واقع‬
‫وتدفع بموجبها ما يهدده من مسائل‪ ،‬مع تقييد تلك التنظيمات بعدم مخالفة ما تمليه القواعد التي رسمتها القوانين الضبطية‪.‬‬
‫‪67‬‬
‫وضع القضاء والفقه اإلداريين شروطا أساسية في هذه اللوائح التي تكون مستقلة عن القانون‬
‫تتمثل في‪:‬‬

‫‪ -‬عدم مخالفة هذه اللوائح شكال وموضوعا للقواعد القانونية‪ ،‬ألنها أدنى مرتبة منها وأنها‬
‫شرعت إلكمال النقص التشريعي‪.‬‬
‫‪ -‬صدورها في شكل قواعد عامة ومجردة فال تسن لحالة فردية بذاتها‪.‬‬
‫‪ -‬تحقق مبدأ المساواة بين األفراد عند تطبيق الالئحة‪.‬‬

‫تختلف لوائح الضبط حسب القيود التي تفرضها على النشاط الفردي والحريات ‪ ،‬فهناك‬
‫لوائح تفرض حظرا أو منعا للقيام بنشاط معين‪ ،177‬وهناك التي تفرض التزاما معينا للقيام‬
‫بإجراء معين أثناء ممارسة النشاط‪ ،‬وهناك التي تفرض الحصول على إذن أو ترخيص للقيام‬
‫بالنشاط‪ ،‬وهناك التي تتطلب مجرد إخطار سلطة الضبط‪.‬‬

‫ولذلك يمكن أن تتضمن لوائح الضبط اإلداري ما يلي‪:‬‬

‫‪ /0‬الحظر أو المنع واإللزام‬

‫أ‪ /‬نظام الحظر أو المنع‬

‫المقصود به أن تتضمن الالئحة منع األفراد من اتخاذ إجراء معين أو ممارسة حرية أو‬
‫نشاط معين‪ ،‬ويشترط في المنع أن يكون جزئيا وليس كليا أو مطلقا‪ ،‬ألن ذلك يعتبر مصادرة‬
‫للحق أو الحرية وال يكون ذلك مشروعا إال في الظروف االستثنائية‪ .178‬مثال‪ :‬قرار تنظيمي‬
‫صادر عن رئيس البلدية يمنع دخول الشاحنات التي تحمل وزنا معينا إلى شوارع البلدية من‬

‫أقر الفقه منع الحظر المطلق على اعتبار أن األصل في الحرية أنها مشروعة وأن لوائح الضبط تتضمن قيودا فحسب‪،‬‬ ‫‪177‬‬

‫وأن الحظر المطلق يؤدي إلى مصادرة الحرية‪ ،‬ومنه فهو غير مشروع‪ ،‬ولن يكون مشروعا إال في الظروف االستثنائية‪ .‬أنظر‪:‬‬
‫أنور رسالن‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،9112 ،‬ص‪987 .‬؛ عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص‪.946.‬‬
‫أنظر أيضا‪ :‬عدنان عمرو‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬نشاط اإلدارة ووسائلها‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،8004 ،‬ص‪.‬‬ ‫‪178‬‬

‫‪.84‬‬
‫‪68‬‬
‫الساعة السابعة مساء إ لى الخامسة صباحا‪ ،‬منع التدخين في المؤسسات العمومية‪ ،‬منع تجاوز‬
‫سرعة معينة في الطرقات المختلفة‪.‬‬

‫أقر مجلس الدولة الفرنسي في قرار له بتاريخ ‪ 2‬جوان ‪ 9114‬إمكانية شمول الحظر‬
‫الستثناءات ولكن من دون تمييز‪ ،‬ولكن ال يمكن أن تسمح التنظيمات لألفراد بطلب هذه‬
‫االستثناءات‪.179‬‬

‫وقد كرست العديد من النصوص إجراء الحظر مثل‪:‬‬

‫‪ -‬القانون رقم ‪ 90-02‬المتعلق بحماية البيئة والتنمية المستدامة ضمن نصوص المواد ‪،40‬‬
‫‪ 59 ،48‬منه‪.‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 08-04‬المؤرخ في ‪ 8004-07-94‬المتضمن قانون الصيد بموجب المواد‬
‫‪ 85‬و‪ 86‬منه‪.‬‬
‫‪ -‬قانون المياه رقم ‪ 98-05‬المؤرخ في ‪ 8005-07-04‬ضمن نص المادة ‪ 46‬منه‪.‬‬
‫‪ -‬القرار الوزاري الصادر عن وزارة النقل‪ ،‬بتاريخ ‪ 8095-98-87‬يحدد الكيفيات الخاصة‬
‫لتطبيق منع تعاطي التدخين على متن وسائل النقل والمنشآت القاعدية الخاصة باستقبال‬
‫ومعاملة المسافرين واإلدارة والمؤسسات والهيئات التابعة لقطاع النقل‪ ،‬بناء على المرسوم‬
‫التنفيذي رقم ‪ 875-09‬بتاريخ ‪ 8009-01-84‬يحدد األماكن التي يمنع فيها تعاطي التبغ‬
‫وكيفيات تطبيق المنع‪.180‬‬

‫ب‪ /‬نظام اإللزام‬

‫اإللزام عكس الحظر‪ ،‬وهو إجراء قانوني يتم بواسطته ضرورة القيام بتصرف معين‪،‬‬
‫فهو إجراء ايجابي‪ .181‬حيث تلجأ سلطات الضبط اإلداري إلى هذا األسلوب إللزام األفراد على‬
‫القيام ببعض التصرفات بهدف معين مثل‪:‬‬

‫‪179‬‬
‫‪Ch-Edouard Minet, Op., Cit., pp.161-162.‬‬
‫ج‪.‬ر عدد ‪ 55‬بتاريخ ‪.8009-01-86‬‬ ‫‪180‬‬

‫أحمد سالم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.65.‬‬ ‫‪181‬‬

‫‪69‬‬
‫‪ -‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 221-17‬المؤرخ في ‪ 9117-99-02‬المتضمن ضبط التنظيم‬
‫الذي يطبق على المنشآت المصنفة ويحدد قائمتها‪ ،182‬بموجب المادة ‪ 1‬منه التي تفرض على‬
‫الوالي ورئيس البلدية قبل إصدار قرار بمنح الرخصة‪ ،‬إصدار قرار للشروع في تحقيق علني‬
‫بمجرد تسلم الملف يبين موضوع التحقيق‪ ،‬تاريخه والمندوب المحقق‪ .‬كما أن المادة ‪ 98‬منه‬
‫تلزم هذه الهيئات قبل منح الرخصة طلب رأي المصالح المحلية المكلفة بالبيئة مثل مديرية‬
‫الري‪ ،‬الفالحة‪ ،‬ال عمل‪ ،‬التعمير والصناعة والتجارة والسياحة‪ ،‬والتي يجب عليها إصدار الرأي‬
‫خالل ‪ 60‬يوما‪.‬‬
‫‪ -‬ألزمت المادة ‪ 90‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 960-12‬المؤرخ في ‪ 9112-08-90‬المنظم‬
‫للنفايات الصناعية السائلة‪ ،183‬مالك األجهزة أن يتخذ في اآلجال المحددة كل التدابير‬
‫واألعمال التي تجعل التصريف مطابقا لمضمون الرخصة‪.‬‬
‫‪ -‬ألزم القانون رقم ‪ 90-02‬الوحدات الصناعية اتخاذ كل التدابير الالزمة للتقليص أو الكف‬
‫من استعمال المواد المتسببة في إفقار طبقة األوزون‪.‬‬
‫‪ -‬ألزم القانون رقم ‪ 91-09‬المتعلق بتسيير النفايات كل منتج أو حائز للنفايات أن يتخذ كل‬
‫اإلجراءات الضرورية لتفادي إنتاج النفايات بأقصى قدر ممكن باعتماد واستعمال تقنيات‬
‫أكثر نظافة وأقل إنتاجا للنفايات‪ ،‬كما ألزمه بالتصريح لدى الوزير المكلف بالبيئة‬
‫بالمعلومات المتعلقة بطبيعة وكمية وخصائص هذه النفايات المعالجة‪ .‬أما النفايات المنزلية‪،‬‬
‫فقد أصبح لزاما على كل حائز لها استعمال نظام الفرز والجمع والنقل الموضوع تحت‬
‫تصرفه من طرف البلدية‪.‬‬

‫‪ /2‬نظام التراخيص‬

‫قد تشترط الالئحة قبل ممارسة نشاط معين ضرورة الحصول على ترخيص مسبق من‬
‫سلطات الضبط اإلداري المختصة‪ ،‬ويتم اللجوء لهذا األسلوب عندما يحتمل أن ينجم عن النشاط‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 78‬لسنة ‪ ،9117‬والذي ألغي بموجب المرسوم التنفيذي رقم ‪ 917-06‬المؤرخ في ‪ 8006-05-69‬يضبط‬ ‫‪182‬‬

‫التنظيم المطبق على المؤسسات المصنفة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 28‬بتاريخ ‪.8006-06-04‬‬


‫ج‪.‬ر عدد ‪ 46‬لسنة ‪.9112‬‬ ‫‪183‬‬

‫‪70‬‬
‫قدرا من الضرر‪ ،‬فتمكن اإلدارة من فرض ما تراه مناسبا من االحتياطات لتوقي ذلك‬
‫الضرر‪.184‬‬

‫ال يجوز لالئحة أن تشترط ضرورة الحصول على إذن سابق فيما يخص الحريات العامة التي‬
‫يكفلها الدستور والقانون مثل ممارسة العبادات‪ ،‬من دون أن يخضع هذه الحرية أو النشاط‬
‫المتعلق بها لنظام الترا خيص‪ ،‬كما ال يمكن أن تخضع اإلدارة نشاط معين لنظام التراخيص‬
‫وضعه المشرع تحت نظام عقابي‪.185‬‬

‫تعد وسيلة التراخيص وسيلة هامة لمنع وقوع االعتداء‪ ،‬خصوصا عندما يرتبط األمر بالمشاريع‬
‫ذات الخطورة على البيئة مثل المشاريع الصناعية الكبرى وأشغال النشاط العمراني‪ ،‬التي تؤدي‬
‫غالبا إلى استنزاف الموارد الطبيعية والمساس بالتنوع البيولوجي واألراضي الزراعية‪.186‬‬

‫يعرف الترخيص ب أنه إذن مسبق من اإلدارة المختصة برقابة ممارسة نشاط معين‪ ،‬حيث تقوم‬
‫هذه األخيرة بمنحه إذا توفرت الشروط الالزمة التي يحددها القانون والالئحة‪ .‬أمثلة‪:‬‬

‫في مجال البيئة يمكن أن نعطي األمثلة التالية ألنواع التراخيص‪:‬‬

‫‪ -‬التراخيص المتعلقة بالنشاط الصناعي التي تتنوع إلى التراخيص المتعلقة باستغالل المنشآت‬
‫المصنفة بموجب نصي المادتين ‪ 97‬و‪ 91‬من القانون رقم ‪ 90-02‬والتراخيص المتعلقة‬
‫بإدارة وتسيير النفايات الناتجة عن استغالل المنشآت المصنفة‪.187‬‬
‫‪ -‬التراخيص المتعلقة بالنشاط العمراني والتي تتنوع إلى تراخيص البناء‪ ،‬رخص التجزئة‬
‫ورخص الهدم‪.‬‬

‫سامي جمال الدين‪ ،‬أصول القانون اإلداري‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،8004 ،‬ص‪.505.‬‬ ‫‪184‬‬

‫أحمد سالم ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪55.‬‬ ‫‪185‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.58.‬‬ ‫‪186‬‬

‫حيث نص المرسوم التنفيذي رقم ‪ 917-06‬المؤرخ في ‪ ،8006-05-29‬بموجب المادة ‪ 80‬منه على أنه تسلم رخصة‬ ‫‪187‬‬

‫االستغالل حسب الحالة بموجب قرار وزاري مشترك بين الوزير المكلف بالبيئة والوزير المعني بالنسبة للمؤسسات المصنفة‬
‫من الفئة األولى وبموجب قرار من الوالي‪ ...‬أو من رئيس البلدية‪."...‬‬
‫‪71‬‬
‫في بعض مجاالت الضبط اإلداري العام والخاص‪ :‬يفرض المشرع رخص إقامة التجمعات أو‬
‫المظاهرات أو رخص الصيد‪ ،188‬حمل السالح الناري ورخص السياقة‪...189‬‬

‫بموجب المادة ‪ 8‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 887-95‬المؤرخ في ‪ 8095-07-88‬المحدد للقواعد العامة المتعلقة بتنظيم‬ ‫‪188‬‬

‫النظام الوطني للمراقبة بواسطة الفيديو وسيره‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬


‫بموجب المرسوم التنفيذي رقم ‪ 821-95‬المؤرخ في ‪ 8095-01-06‬يحدد قواعد حركة المرور عبر الطرق‪ ،‬المرجع‬ ‫‪189‬‬

‫السابق‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫‪ /3‬نظام اإلخطار‬

‫المقصود به إخبار السلطة المختصة بمزاولة نشاط معين‪ .‬ويختلف اإلخطار عن‬
‫الترخيص في أن النشاط هنا ال يعد ممنوعا ال يمكن القيام به إال بعد الحصول على ترخيص‪،‬‬
‫بل المطلوب هنا إخطار سلطة الضبط لتقوم بإجراءاتها للمحافظة على النظام العام‪ ،‬حيث تتأكد‬
‫هذه األخيرة من استيفاء شروط مزاولة النشاط‪ ،‬وبمجرد مضي المدة المحددة قانونا يعتبر‬
‫تصريحا ضمنيا بالموافقة على مزاولة النشاط‪ ،‬أما إذا لم يستوف النشاط الشروط المطلوبة‬
‫فيمكن لسلطة الضبط اإلداري المختصة أن تعترض‪.‬ولنا أن نضرب المثال على اإلشعار‬
‫باإلضراب قبل مدة من القيام به‪.190‬‬

‫كما يمكن أن يقترب من نظام األخطار نظام التصريح اإلداري في مجال الضبط اإلداري‬
‫البيئي‪ ،‬حيث يسمح القانون لألفراد القيام بأعمال أو نشاطات معينة‪ ،‬من دون اشتراط الحصول‬
‫على الرخصة المسبقة‪ ،‬بالرغم من احتمال إحداثها ألضرار معينة‪ ،‬بشرط إبالغ السلطات‬
‫المختصة قبل الشروع فيها‪ ،‬وهو ما يسمى بالتصريح السابق‪ ،‬فتتمكن السلطات الضبطية من‬
‫مراقبة هذا النشاط ومنعه في حالة إضراره بالبيئة‪ .‬وتتمكن سلطة الضبط باإلضافة إلى ذلك في‬
‫إطار هذا التصريح السابق من دراسة ظروف النشاط وأثاره‪ ،‬فإذا كانت الدراسة إيجابية سكتت‬
‫وكان سكوتها بمثابة تصريح ضمني‪ ،‬وإن كانت سلبية اتخذت موقفا إيجابيا بالرد برفضها القيام‬
‫بالنشاط رفضا صريحا يعادل رفض منح الترخيص‪.‬‬

‫مثال‪:‬‬

‫‪ -‬التصريح باستغالل المنشآت المصنفة من الفئة الرابعة‪.191‬‬


‫‪ -‬التصريح بالنفايات الخاصة الخطيرة بموجب القانون رقم ‪ ،91-09‬حيث ألزم المشرع‬
‫حائزي ومنتجي النفايات الخاصة الخطيرة بالتصريح لدى الوزير المكلف بالبيئة بالمعلومات‬

‫هاني علي الطهراوي‪ ،‬ص‪.884.‬‬ ‫‪190‬‬

‫بموجب المادة ‪ 84‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 917-06‬المؤرخ في ‪ 8006-05-29‬يضبط التنظيم المطبق على‬ ‫‪191‬‬

‫المؤسسات المصنفة‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫المتعلقة بطبيعة وكمية وخصائص النفايات‪ ،‬وتقديم المعلومات الخاصة بمعالجة هذه النفايات‬
‫وتقديم اإلجراءات المتخذة لتفادي إنتاج نفايات بأكبر قدر ممكن‪.‬‬

‫أما التصريح الالحق فقد يشترط القانون تقديم تصريح خالل مدة معينة من ممارسة أو حدوث‬
‫النشاط دون إذن سابق‪ ،‬وبذلك يتمكن سلطة الضبط مراقبة أثار النشاط على البيئة ومنع التلوث‬
‫أو التخفيف منه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬القرارات الفردية‬

‫يقصد بها القرارات التي تصدر عن سلطات الضبط اإلداري‪ ،‬والتي تخص فردا بعينه أو‬
‫بذاته أو مجموعة من األفراد بذواتهم‪ ،‬أو التي تطبق على حالة محددة أو واقعة بعينها تهدف‬
‫للمحافظة على النظام العام‪ .‬قد تتضمن هذه القرارات‪:‬‬

‫‪ -‬توجيه أمر للقيام بعمل معين أو نهي عن اإلتيان بعمل ما‪ ،‬كاألمر بهدم منزل آيل للسقوط أو‬
‫منع حدوث تجمع أو مظاهرة أو إيقاف عرض فيلم أو منع عرضه‪.‬‬
‫‪ -‬منح رخصة بمزاولة نشاط معين بتوفر الشروط التي وضعتها اإلدارة لتحقيق أغراض‬
‫الضبط اإلداري‪ ،‬مثل الترخيص بحمل سالح ناري‪ ،‬بفتح مصنع‪ ،‬إقامة مشروع‪ ،‬الترخيص‬
‫باإلقامة ألجنبي‪.‬‬
‫‪ -‬توقيع عقوبة أو توجيه إنذار‪.‬‬

‫يشترط في هذا النوع من القرارات بتكريس من الفقه والقضاء اإلداريين أن تكون‪:‬‬

‫‪ -9‬تطبيقا لقاعدة تنظيمية أو نص تشريعي‪ ،‬واألساس في ذلك احترام مبدأ التدرج‪ ،‬فإذا‬
‫خالفت القرارات الفردية القواعد التنظيمية كانت غير مشروعة‪ .‬لكن هناك حاالت استثنائية‬
‫تجيز فيها القواعد التنظيمية ذاتها خروج هذه القرارات عن القواعد التنظيمية‪ ،‬بمعنى القواعد‬
‫التنظيمية تجيز بعض االستثناءات للخروج عنها بقصد تحقيق غرض المحافظة على النظام‬
‫العام‪ ،‬بشرط تطبيقه على قدم المساواة بين األفراد ومن دون تمييز‪ ،‬وهناك حاالت حدد فيها‬

‫‪74‬‬
‫القضاء اإلداري الفرنسي الشروط التي يتم على أساسها منح سلطة الضبط اإلداري سلطة‬
‫إصدار قرارات فردية من دون االستناد لقرارات تنظيمية أو نصوص قانونية تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -9‬أن يدخل الق رار الضبطي الفردي في مجال الضبط اإلداري العام بتطبيق فكرة النظام‬
‫العام‪ ،‬التي تلعب دور "قاعدة تأهيل" تسمح لسلطات الضبط اإلداري باتخاذ جميع التدابير‬
‫الضرورية للمحافظة عليه‪ ،‬دون التأسيس على نص قانوني غير اختصاصهم للضبط‬
‫اإلداري‪ ،192‬ففي حكم لوتيسيا لم يكن يوجد أساس قانوني خاص يمنع نشر عمل‬
‫سينماتوغرافي‪ ،‬وبالرغم من ذلك قام رئيس البلدية بمنع عرض الفيلم ألسباب تتعلق‬
‫بالنظام العام‪.193‬‬
‫‪ -8‬أن ال يكون المشرع قد اشترط صدور الئحة قبل اتخاذ القرار الفردي‪.‬‬
‫‪ -2‬حدوث ظرف استثنائي يتطلب إصدار مثل هذا القرار‪ ،‬وأن يكون هذا القرار هو‬
‫الوسيلة الوحيدة لمواجهة هذا الظرف‪ .‬ففي الغالب تكون الظروف االستثنائية هي المبرر‬
‫الذي يسمح لإلدارة الخروج عن قواعد المشروعية‪ ،‬حيث تصدر اإلدارة قرارات ال‬
‫تستند إلى قواعد عامة‪.‬‬
‫‪ -4‬أن تصدر هذه القرارات عن الهيئات المختصة بذلك في الدولة بموجب القوانين‬
‫والتنظيمات‪ ،‬ألسباب موجودة فعال ومشروعة ومحققة‪ ،‬وعموما أن تتوفر فيها أركان‬
‫القرار اإلداري‪.194‬‬

‫ثالثا‪ :‬الجزاءات اإلدارية‬

‫الجزاءات اإلدارية هي التي تتخذها سلطات الضبط اإلداري في إطار التدابير الوقائية‪،‬‬
‫التي تهدف إلى منع اإلخالل بالنظام العام واألهداف الخاصة التي أقرها المشرع في‬

‫‪192‬‬
‫‪Ch-Edouard Minet, Op., Cit., p. 164.‬‬
‫مثلما ذكرنا القضية أعاله‪.‬‬ ‫‪193‬‬

‫عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.945-927 .‬‬ ‫‪194‬‬

‫‪75‬‬
‫نصوص قانونية تشريعية أو تنظيمية‪ ،‬تمس حريات األفراد وحقوقهم ومصالحهم المادية‪،‬‬
‫الهدف منها توقيف مصدر التهديد عن إحداث الخلل‪.195‬‬

‫فعندما توقع اإلدارة الجزاء اإلداري‪ ،‬فهي توقعه بوصفها سلطة عامة قائمة على مهمة‬
‫الضبط اإلداري وليس بوصفها بديال عن القضاء في توقيع الجزاء‪.196‬‬

‫وتندرج هذه الجزاءات اإلدارية ضمن التدابير الوقائية والمؤقتة التي تتخذها سلطات الضبط‬
‫اإلداري‪ ،‬على أساس نصوص تشريعية أو الئحية تخضع لرقابة القضاء إلغاءا وتعويضا في‬
‫حالة مخالفة مبدأ المشروعية‪ .‬وتتميز الجزاءات اإلدارية عن العقابية في أنها تدابير وقائية‬
‫وليست عقابية‪ ،‬ال تطبق بشأنها الضمانات اإلجرائية كالدفاع والوجاهية ضتبادل الوثائق‪،‬‬
‫االطالع عليها‪ ،‬مدة للرد‪ ،)...‬باإلضافة إلى أنها تدابير وقائية مؤقتة وليست نهائية كالجزاء‬
‫العقابي‪ ،‬الهدف منها إرغام األفراد على الخضوع لحكم القواعد القانونية للمحافظة على‬
‫النظام العام‪ ،‬لذلك يشترط فيها مادامت تؤدي إلى المساس بالمصالح والحقوق أن تكون‬
‫متناسبة مع قدر التهديد‪ .‬كما يمكن للهيئات اإلدارية أن تتراجع عنها إذا ما زالت أسباب‬
‫اإلخالل‪.‬‬

‫‪ ‬صور الجزاءات اإلدارية في إطار وظيفة الضبط اإلداري‪:‬‬

‫تصنف الجزاءات اإلدارية في مجال الضبط اإلداري إلى جزاءات مالية وجزاءات غير مالية‬
‫وجزاءات مقيدة للحرية‪:‬‬

‫الجزاءات االمالية‪:‬‬

‫هي التي تتضمن مصادرة مبلغ مالي‪ ،‬قد تقع على أشياء مثل المواد المخدرة أو منتوجات‬
‫غير مفوترة‪.‬‬

‫بشر صالح العاوور‪،‬سلطات الضبط اإلداري في الظروف االستثنائية في التشريع الفلسطيني‪ ،‬رسالة مقدمة استكماال‬ ‫‪195‬‬

‫للحصول على درجة الماجستير في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة األزهر‪ ،8092 ،‬ص‪.64 .‬‬
‫عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.954 .‬‬ ‫‪196‬‬

‫‪76‬‬
‫الجزاءات غير المالية‪ :‬وهي ال سالبة أو المضيقة للحقوق‪ ،‬فأما السالبة للحقوق مثل‪ ،‬سحب‬
‫الرخصة‪ ، 197‬مصادرة صحيفة أو جريدة‪...‬وأما المضيقة للحقوق مثل‪ ،‬غلق المحل‪ ،‬توقيف‬
‫النشاط‪ ،‬المنع المؤقت لتوزيع جريدة‪...‬‬

‫في الغالب ال يتم توقيع هذه الجزاءات إال بعد إعذار المعني بها ليتراجع عن تصرفاته أو يتوقف‬
‫عنها ومنحه مهلة للتنفيذ من دون انصياعه طواعية لإلعذار فتطبق عليه العقوبة‪.198‬‬

‫الجزاءات المقيدة للحرية مثل االعتقال اإلداري والذي ال يتم إال في الظروف االستثنائية‪ ،‬حيث‬
‫تنظم حاالته ومدته بقوانين الظروف استثنائية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الوسائل المادية‬

‫ال تكتف سلطات الضبط اإلداري باتخاذ األعمال القانونية المتمثلة في إصدار قرارات‬
‫تنظيمية أو فردية فحسب ‪ ،‬بل تتطلب وظيفة الضبط اإلداري القيام بمجموعة أخرى من األعمال‬
‫المادية المتنوعة للمحافظة على النظام العام وتجسيد أهداف وظيفة الضبط اإلداري الخاص‪.199‬‬

‫من أهم االمتيازات التي منحها المشرع لسلطات الضبط اإلداري الستكمال وظيفتها‬
‫الضبطية‪ ،‬في حالة تعنت األفراد عن تنفيذ قراراتها امتياز التنفيذ الجبري‪ ،‬وهو امتياز يسمح لها‬

‫نصت المادة ‪ 99‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 960-12‬على إمكانية سحب الوزير المكلف بالبيئة للرخصة المتعلقة‬ ‫‪197‬‬

‫بتصريف النفايات بناء على تقرير الوالي‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪198‬نصت مثال المادتين ‪ 90‬و ‪ 99‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 960-12‬السابق الذكر على اإليقاف المؤقت لسير التجهيزات‬
‫المتسببة في التلوث حتى تنفيذ الشروط المفروضة عليه‪ ،‬بعد إنذار الوالي له باتخاذ التدابير واألعمال التي تجعل التصريف‬
‫مطابقا لمضمون الرخصة‪.‬‬
‫حيث تملك في ذلك وسائل مادية وبشرية تتمثل في موظفين عموميين وخاصين مثل مفتشي البيئة‪ ،‬التجارة وقمع الغش‪،‬‬ ‫‪199‬‬

‫الغابات‪ ،‬شرطة البلدية‪ ،‬الشرطة والدرك وغيرهم كل هؤالء أعوان مكلفون بتنفيذ قرارات الضبط اإلداري وقبل ذلك بمهام‬
‫الرقابة والتفتيش والتحقق من وجود المخالفات‪ ،‬وكل فئة من هؤالء األعوان يحكمها نص خاص‪ .‬وتقوم بأعمال مادية روتينية‬
‫مثال‪ :‬أعمال التنظيف‪ ،‬اإلنارة‪ ،‬نزع الجليد‪ ،‬إزاحة شجرة واقعة على الطريق‪ ،‬توقيف شخص في حالة سكر‪ ،‬ترميم بناء‬
‫اثري‪...‬‬

‫‪77‬‬
‫بتنفيذ أوامرها بالقوة الجبرية من دون الحاجة إلى إذن أو ترخيص من القضاء بسبب عدم‬
‫انصياع األفراد لهذه القرارات‪.200‬‬

‫وبالنظر للخطورة التي تميز هذا األسلوب من التدخل لمساسه بحقوق وحريات األفراد‬
‫وخروجه عن القاعدة العامة‪ ،‬أقر أغلب الفقه والقضاء اإلداريين الفرنسيين مشروعية اللجوء‬
‫للتنفيذ الجبري في حالتين هما‪:201‬‬

‫‪ -‬الحالة األولى تتعلق بوجود نص قانوني يجيز استخدام التنفيذ الجبري لقرارات الضبط‪.‬‬
‫‪ -‬الحالة الثانية تتعلق بحالة الضرورة‪ ،‬ويقصد بها قيام حالة استثنائية أو خطر جسيم يهدد‬
‫النظام العام‪ ،‬ويتعذر دفعه بالطرق القانونية العادية ‪ ،‬لذلك تلجأ اإلدارة على وجه السرعة‬
‫للتدخل عن طريق التنفيذ الجبري‪ ،‬بالرغم من عدم وجود نص قانوني‪ .‬وبالرغم من ذلك فقد‬
‫اشترط القضاء اإلداري الفرنسي وتبعه في ذ لك الفقه عدة شروط واجبة التوفر في إجراء‬
‫التدخل الجبري في هذه الحالة تتمثل في‪:‬‬
‫‪ -9‬وجود خطر جسيم يهدد النظام العام بعناصره المعروفة يقتضي التدخل السريع من‬
‫اإلدارة لمنع هذا التهديد ودفع الخطر‪.‬‬
‫‪ -8‬أن يتعذر دفع هذا الخطر بالطرق القانونية العادية‪ ،‬بحيث يكون هو الوسيلة القانونية‬
‫الوحيدة لدفعه‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون هدف السلطة اإلدارية من هذا اإلجراء تحقيق الصالح العام من خالل‬
‫المحافظة على النظام العام‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يكون هذا اإلجراء بالقدر الضروري لدفع الخطر وال يزيد عن ذلك شيئا‪ ،‬على‬
‫أساس قاعدة أن الضرورة تقدر بقدرها‪ ،‬بمعنى ال يجب أن نضحي بمصلحة األفراد‬
‫في سبيل الصالح العام إال بمقدار ما تقتضيه الضرورة‪.‬‬

‫األصل أن اإلدارة ال يمكنها إعمال التنفيذ الجبري إال بعد الحصول على إذن من القضاء‪ ،‬أما االستثناء فيتضمن منحها‬ ‫‪200‬‬

‫سلطة استخدام القوة الجبرية للمحافظة على النظام العام ووقف اإلخالل ‪ .‬أنظر‪ :‬هاني علي الطهراوي‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص‪.864.‬‬
‫عدنان عمرو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.29-87.‬‬ ‫‪201‬‬

‫‪78‬‬
‫‪ -5‬أن يقوم باإلجراء الموظف المختص بأعمال وظيفته‪.‬‬

‫يجب أن نشير إلى أن اإلدارة عندما تلجأ لهذا األسلوب فهي تتحمل مسؤوليتها عن ذلك ‪ ،‬لذلك‬
‫يتعين عليها أن تتحرى الدقة في اتخاذ مثل هذه اإلجراءات خصوصا من حيث توافر الشروط‬
‫الالزمة‪ ،‬فإذا أخطأت نتج عن ذلك إثارة مسؤوليتها بالتعويض عن األضرار التي لحقت‬
‫المعنيين ووقف اإلجراء ض طلب استعجالي) إذا كان إتمامه يؤدي إلى نتائج ال يمكن تداركها‪.‬‬
‫وقد طبق مجلس الدولة الفرنسي هذا المبدأ ضتطبيق التنفيذ الجبري دون االستناد إلى نص) في‬
‫العديد من القرارات من بينها قراره المؤرخ في ‪ 9184-09-97‬وبتاريخ ‪9121-08-98‬‬
‫واتبع نهجه القضاء اإلداري المصري‪.202‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬حدود وظيفة الضبط اإلداري‬

‫إذا كانت اإلدارة في إطار سلطة الضبط اإلداري تملك السلطة التقديرية في ممارسة‬
‫اإلجراءات الضبطية‪ ،‬فإن هذه األخيرة يجب أن تكون في إطار هدف المحافظة على النظام‬
‫العام‪ .‬وإذا كانت وظيفة الضبط اإلداري وظيفة ضرورية من وظائف اإلدارة‪ ،‬فإن تدخل هذه‬
‫األخيرة كثيرا ما يمس بالحقوق والحريات والنشاطات الخاصة لألفراد‪.‬‬

‫وبالنظر لآلثار الهامة التي تترتب على ممارسة سلطات الضبط اإلداري لهذه الوظيفة‬
‫على هذه الحقوق والحريات‪ ،‬فإن المشرع وضع حدودا لممارسة هذه الهيئات الختصاصاتها‬
‫الضبطية‪ ،‬من خالل وضع الضوابط التي يجب على هذه األخيرة االلتزام بها أثناء ممارستها‬
‫لهذه الوظيفة‪.‬‬

‫بمعنى أخر إن منح اإلدارة سلطة فرض القيود على حقوق وحريات األفراد ونشاطاتهم‬
‫الخاصة ال يعني وضع هذه األخيرة تحت رحمة هذه اإلدارة‪ ،‬تقيدها وتحدها من دون حدود وال‬

‫هاني علي الطهراوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.848-846.‬‬ ‫‪202‬‬

‫‪79‬‬
‫ضوابط‪ ،‬ألن األصل هو صيانة الحقوق والحريات وعدم المساس بها‪ ،203‬واالستثناء هو فرض‬
‫القيود على هذه الحريات بموجب إجراءات الضبط اإلداري فتصبح ممارسة الحريات العامة هي‬
‫التي تقيد صالحيات الضبط اإلداري‪.204‬‬

‫من ذلك كله فإن المشرع وضع حدودا لممارسة سلطات الضبط اإلداري الختصاصاتها من‬
‫خالل وضع الضوابط التي يجب على هذه األخيرة االلتزام بها أثناء ممارستها لوظيفة الضبط‪،‬‬
‫وتكون هذه األخيرة أكثر صرامة في الظروف العادية عنها في الظروف غير العادية أو‬
‫االستثنائية‪ ،‬حيث يستدعي الظرف توسيع سلطات الضبط اإلداري ومنحها صالحيات استثنائية‬
‫مؤقتة تستطيع بفضلها مواجهة هذه الظروف‪ ،‬على أن تنتهي بانتهائها‪.‬‬

‫تتمثل هذه الحدود في الظروف العادية على مستوى أول في‪:‬‬

‫‪ -9‬االلتزام بمبدأ المشروعية‪.‬‬


‫‪ -8‬ضرورة اإلجراء للمحافظة على النظام العام مع احترام قاعدة تخصيص األهداف‪.‬‬
‫‪ -2‬تالؤم اإلجراء مع أسباب التدخل‪.‬‬

‫وتتمثل على مستوى ثان في خضوع إجراءات الضبط اإلداري للرقابة القضائية من طرف‬
‫القاضي اإلداري‪.‬‬

‫أما في الظروف االستثنائية فتتمثل هذه الحدود فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -9‬أن يتم فرض الظرف االستثنائي بصورة مشروعة من طرف السلطة المختصة دستوريا‬
‫بذلك في الدولة‪.‬‬
‫‪ -8‬فرض الرقابة القضائية على إجراءات الضبط اإلداري‪.‬‬

‫إن القاعدة العامة أن األفراد يتمتعون بالحريات التي كفلها لهم الدستور‪ ،‬غير أنه في حاالت معينة ترد على هذه الحريات‬ ‫‪203‬‬

‫قيود‪ ،‬ولما كان األصل هو التمتع بالحرية واالستثناء هو القيد‪ ،‬فإنه يجب أن تخضع هذه القيود لضوابط تمنع أو تحد من‬
‫التعسف في ممارستها‪ .‬أنظر‪:‬‬
‫عمار بوضياف‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬جسور للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،8.‬الجزائر‪ ،8008 ،‬ص‪ .‬ص‪.275.‬‬
‫عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،986.‬نواف كنعان‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬دار الثقافة‬ ‫‪204‬‬

‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،8006 ،‬ص‪.200.‬‬


‫‪80‬‬
‫لذلك سنتطرق في هذا المبحث لحدود سلطات الضبط اإلداري في الظروف العادية ضمطلب‬
‫أول)‪ ،‬ثم حدود سلطات الضبط اإلداري في الحاالت االستثنائية ضمطلب ثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬حدود سلطات الضبط اإلداري في الحالة العادية‬

‫تفرض على سلطات الضبط اإلداري في الظروف العادية مجموعة من القيود والضوابط‬
‫القانونية تتمثل على مستوى أول ض فرع أول) في التالي‪:‬‬

‫‪ -‬التقيد بمبدأ المشروعية ‪.‬‬

‫‪ -‬استهداف المحافظة على النظام العام وقاعدة تخصيص األهداف‪.‬‬

‫‪ -‬مالئمة إجراء الضبط ألسباب التدخل‪.‬‬

‫تتمثل على مستوى ثان في ‪ :‬خضوع إجراءات الضبط اإلداري للرقابة القضائية من طرف‬
‫القاضي اإلداري ض فرع ثان)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تقيد سلطات الضبط اإلداري بمبدأ المشروعية واستهداف المحافظة على النظام‬
‫العام والمالئمة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التقيد بمبدأ المشروعية‬

‫يعد مبدأ المشروعية من المبادئ القانونية العامة واجبة التطبيق في جميع الدول بغض‬
‫النظر عن االتجاهات السياسية واالقتصادية واالجتماعية التي تتبناها‪ .‬فالسمة البارزة للدولة‬
‫الحديثة اليوم هي أنها دولة قانون تسعى لفرض حكم القانون على جميع األفراد في سلوكهم‬
‫ونشاطهم‪ ،‬كما تفرض على كل هيئات ومؤسسات وأجهزة الدولة المركزية منها والمحلية‪.205‬‬

‫عمار بوضياف‪ ،‬دعوى اإللغاء‪ ،‬ط‪ ،9.‬جسور للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،8001 ،‬ص‪.7.‬‬ ‫‪205‬‬

‫‪81‬‬
‫فإذا كان على اإلدارة عموما أن تلتزم بمبدأ المشروعية في جميع تصرفاتها‪ ،‬فإنه عليها‬
‫بصفة خاصة أن تلتزم به عند ممارستها سلطة الضبط اإلداري‪ ،‬وذلك لتأثير هذه الوظيفة على‬
‫حقوق وحريات األفراد‪ .206‬فما هو المقصود بمبدأ المشروعية؟ ما هي مصادره؟‬

‫‪ /0‬معنى مبدأ المشروعية‬

‫المقصود بمبدأ المشروعية بوجه عام سيادة حكم القانون على إرادة الحاكم والمحكوم‪.207‬‬
‫وهو يعني خضوع السلطة اإلدارية للقانون في كل ما يصدر عنها من تصرفات‪ ،‬وما تتخذه من‬
‫أعمال وقرارات وفي جميع مظاهر النشاط الذي تقوم به‪ .208‬أو بمعنى أخر عندما تتصرف‬
‫اإلدارة الضبطية‪ ،‬فإنها تكون ملزمة باحترام مبدأ المشروعية‪ ،‬ويجب عليها في كل مرة تصدر‬
‫فيه قرارا ضبطيا أن تتقيد بالقواعد الموجودة والقانون الواجب االحترام أساسا‪ ،‬وهو التشريع‬
‫باعتباره التعبير عن اإلرادة العامة‪ ،‬لنجد قبله مختلف االلتزامات الدولية المضمنة في االتفاقيات‬
‫الدولية ثم القانون األساسي في الدولة وهو الدستور‪ ،‬ثم تأتي مختلف التنظيمات بعد التشريع‪،‬‬
‫وهي التي تشكل مصادر مبدأ المشروعية‪.‬‬

‫‪ /2‬مصادر مبدأ المشروعية‬

‫خضوع الدولة للقانون له معنيين بالنظر لتعدد وتفرع معاني كلمة قانون‪:‬‬

‫معنى واسع‪ :‬يشمل القواعد القانونية المكتوبة وغير المكتوبة‪.209‬‬

‫معنى ضيق‪ :‬يشمل القواعد المكتوبة فقط وهي االتفاقيات الدولية‪ ،‬الدستور‪ ،‬التشريع بأنواعه‬
‫وأخيرا التنظيم‪ ،‬وهي التي تشكل السلم أو التدرج القانوني في شكل هرم تكون القاعدة األعلى‬

‫سعيد السيد علي‪ ،‬أسس وقواعد القانون اإلداري‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،‬القاهرة‪ ،8001 ،‬ص‪.201.‬‬ ‫‪206‬‬

‫محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬مبدأ المشروعية وتنظيم القضاء اإلداري‪ ،‬ط‪ ،9.‬منشورات‬ ‫‪207‬‬

‫الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،8005 ،‬ص‪.98 .‬‬


‫عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.987.‬‬ ‫‪208‬‬

‫والمقصود بالكتابة هنا الكتابة الرسمية أي التدوين وليس مجرد التجميع‪.‬‬ ‫‪209‬‬

‫‪82‬‬
‫فيه ملزمة للقاعدة األدنى‪ .210‬ولكننا هنا سنتطرق للمعنى الواسع بحكم أن اإلدارة ملزمة عندما‬
‫تستعمل سلطاتها الضبطية باحترام كل مصادر القانون سواء كانت مكتوبة أم غير مكتوبة‪.‬‬

‫أ‪ /‬المصادر المكتوبة‪ :‬نقصد بها القواعد القانونية المدونة في وثيقة رسمية تصدر عن السلطة‬
‫المختصة بذلك في الدولة‪ ،‬حيث تتدرج هذه القواعد في الجزائر فتأتي المعاهدات الدولية ثم‬
‫القواعد الدستورية في قمة النظام القانوني في الدولة‪ ،‬ثم تأتي التشريعات العضوية ثم العادية ثم‬
‫يأتي التنظيم ضالتشريع الفرعي)‪.‬‬

‫‪ ‬الدستور‪ :‬هو الوثيقة األساسية الرسمية الصادرة في الدولة عن السلطة المختصة بذلك‬
‫وهي السلطة التأسيسية‪ ،‬تتضمن مجموعة من القواعد تحكم العالقة بين الحاكم والمحكوم‪ ،‬تحدد‬
‫طبيعة نظام الحكم وتكرس الحقوق والحريات التي يتمتع بها المواطن وضماناتها‪.211‬‬

‫يستمد سموه من مصدرين أساسيين‪:‬‬

‫مصدر موضوعي‪ :‬ويتعلق بمضمون الدستور الذي يضع الفكرة القانونية في الدولة‪ ،‬التي تحكم‬
‫جميع النشاطات والنصوص فيها‪.‬‬

‫مصدر شكلي‪ :‬ويتعلق باإلجراءات الخاصة والمتميزة التي يوضع ويعدل وفقا لها الدستور‪،‬‬
‫والتي ينتج عنها سمو القوانين الدستورية على القوانين العادية‪ ،‬والتي ال تلغيها أو تعدلها إال‬
‫قوانين دستورية مثلها ‪.‬‬

‫لذلك فإن مخالفة تدابير الضبط اإلداري لنصوص الدستور تعد مخالفة مباشرة للقواعد القانونية‬
‫تجردها من كل قيمة قانونية‪ ،‬ومنه يحكم القاضي بعدم مشروعيتها ومن ثم إلغائها‪ .212‬ونقصد‬

‫‪210‬عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.981.‬‬


‫تروت بدوي‪ ،‬القانون الدستوري وتطور األنظمة الدستورية في مصر‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ضد‪.‬س‪.‬ن)‪ ،‬ص ص‪.‬‬ ‫‪211‬‬

‫‪.87-97‬‬
‫وهناك بجانب المخالفة المباشرة‪ ،‬المخالفة غير المباشرة إن صح القول‪ ،‬وهي الحالة التي يوجد فيها بين تدبير الضبط‬ ‫‪212‬‬

‫والدستور حاجز تشريعي أو قانون حاجز ‪ la loi-écran ou écran legislatif‬ومعناها أن القرار الضبطي اتخذ بناء على‬
‫قانون غير دستوري‪ ،‬فإذا ما دفع أمام القاضي اإلداري أو العادي بعدم دستورية القرار الضبطي وثبت أن الدفع يقوم على‬
‫أساس عدم دستورية القانون الذي اتخذ إعماال له‪ ،‬تعين على القاضي أن يرفض الدفع وإال كان متعديا على اختصاص المجلس‬
‫الدستوري ض وذلك ما قرره مجلس الدولة الفرنسي في قرار له بتاريخ ‪ 05‬جانفي ‪ .)8005‬وقد استقر القضاء في فرنسا منذ‬
‫‪83‬‬
‫بالدستور هنا الديباجة وكل نصوصه ومواده‪ ،‬بالرغم من وجود ذلك النقاش الفقهي الدائر حول‬
‫الطبيعة القانونية للديباجة‪ ،‬فيما إذا كانت ملزمة أم ال؟ ولكن الراجح في الفقه والقضاء‬
‫الدستوري واإلداري الفرنسيين أن الديباجة تتمتع بنفس الطبيعة القانونية الملزمة لنصوص‬
‫الدستور‪.213‬‬

‫‪ ‬المعاهدات الدولية‪ :‬كرس دستور ‪ 9116‬بموجب نص المادة ‪ 928‬منه ومن بعده المادة‬
‫‪ 950‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ ،8096‬مبدأ سمو المعاهدات التي يصدق عليها رئيس‬

‫‪ .../...‬قرار ‪ Arrighi‬بتاريخ ‪ 06‬نوفمبر ‪ 9126‬على أنه ال يمكن للقاضي العادي وال اإلداري البحث في‬ ‫صدور‪.../...‬‬
‫دستورية القانون الحاجز‪ ،‬ومنه ال يمكن مجازاة اإلدارة عن انتهاكها للدستور‪ ،‬ولو بإحالة القانون الحاجز لرقابة الدستورية ألن‬
‫هذا االختصاص موكول لهيئات أخرى غير القضاة سواء في فرنسا بموجب المادة ‪ 69‬من دستور ‪ 9157‬المعدل ض والتي‬
‫منحت حق إخطار المجلس الدستوري لرئيس الجمهورية‪ ،‬رئيسي غرفتي البرلمان والوزير األول و‪ 60‬نائبا و‪ 60‬شيخا‪ ،‬أو في‬
‫الجزائر بموجب المادة ‪ 965‬من دستور ‪ 9116‬المعدل ض والتي منحت حق اإلخطار لرئيس الجمهورية ورئيسي غرفتي‬
‫البرلمان)‪ .‬أما إذا كان القانون الحاجز هو الئحة مستقلة فيصبح من حق القاضي إلغاء الالئحة لعدم دستوريتها وبالتبعية إلغاء‬
‫التدبير الض بطي‪ .‬أنظر‪ :‬وردة خالف‪ ،‬الرقابة القضائية على المشروعية الداخلية لقرارات الضبط اإلداري‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل‬
‫‪.../...‬الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد لمين دباغين سطيف ‪،8‬‬ ‫شهادة دكتوراه في العلوم في القانون العام‪ ،‬كلية‬
‫‪ ،8094-8092‬ص ص‪ .959-941‬هذا الحل كان مقبوال سواء في فرنسا أو الجزائر قبل صدور التعديل الدستوري الفرنسي‬
‫لسنة ‪ 8007‬والتعديل الدستوري الجزائري لسنة ‪ ،8096‬لكن بعد صدور هذين التعديلين تم تكريس ما يسمى بمسألة األولوية‪،‬‬
‫حيث يمكن لكل من مجلس الدولة أو المحكمة العليا في حالة إثارة دفع بعدم دستورية قانون هو أساس لتدبير ضبطي‪ ،‬أصبح‬
‫بإمكان الجهتين القضائيتين إحالة مسألة الدستورية » ‪ « question préalable de constitutionnalité‬للمجلس الدستوري‬
‫للفصل في مدى دستورية القانون‪.‬‬
‫اختلف الفقه حول قيمة المقدمة‪ ،‬حيث ذهب اتجاه إلى تجريد المقدمة من كل قيمة قانونية ملزمة‪ ،‬حيث اعتبرها مجرد‬ ‫‪213‬‬

‫مبادئ فلسفية وسياسية‪ ،‬على أساس أنه لو أرادت السلطة التأسيسية اعتبارها من القواعد القانونية الملزمة ألدرجتها ضمن مواد‬
‫الدستور نفسه‪ .‬بينما اعتبر اتجاه ثان أن المقدمة تتمتع بالقيمة القانونية‪ ،‬ولكن اختلف رواده في تحديد هذه القوة‪ ،‬فمنهم من‬
‫منحها قيمة أدنى من الدستور‪ ،‬بينما منحها آخرون قيمة أعلى من الدستور‪ .‬أما القضاء اإلداري فقد اعتبر دائما المقدمة ذات‬
‫قيمة قانونية مساوية لقيمة الدستور‪ ،‬حيث صدر قرارين لمجلس الدولة نص صراحة على مقدمة دستور ‪ 9146‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ 9156-08-99‬والصادر بتاريخ ‪ .9158-6-8‬ومنذ دخول دستور ‪ 9157‬حيز النفاذ فقد دعم القيمة القانونية للمقدمة‪ ،‬وجاء‬
‫هذا التأكيد بموجب قرارين صادرين عن المجلس الدستوري بعدم دستورية مشروعين‪ :‬األول حول حرية االجتماع الصادر في‬
‫‪ 9189-08-96‬والثاني حول اإلجراءات الوقائية للحريات الفردية الصادر في ‪ .9182-99-87‬وهو الرأي الراجح في فقه‬
‫القانون الدستوري‪ .‬أنظر‪ :‬فوزي أوصديق‪ ،‬الوافي في شرح القانون الدستوري‪ ،‬النظرية العامة للدساتير‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ط‪،9.‬‬
‫ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،9114 ،‬ص ص‪.61-67‬‬
‫‪84‬‬
‫الجمهورية طبقا لإلجراءات المنصوص عليها في الدستور‪ ،‬على الدستور‪ .214‬لكن الدستور لم‬
‫يوضح متى يلزم القاضي الجزائري بالمعاهدة؟ هل بمجرد التصديق عليها بصورة نظامية؟ أم‬
‫يجب انتظار النشر في الجريدة الرسمية‪ ،‬والذي يتم بواسطة مرسوم رئاسي؟‬

‫إذا كان مجلس الدولة الفرنسي قد كرس أن النشر النظامي لالتفاقية هو الذي يتم في الجريدة‬
‫الرسمية‪ ،215‬ومنه يكون القاضي ملزما بالمعاهدة المنشورة بصفة نظامية من دون سواها‪ .‬وفي‬
‫غياب اجتهاد قضائي ونص دستوري واضح وصريح في الجزائر حول هذه المسألة‪ ،‬يمكن‬
‫افتراض أحد االحتمالين‪ :‬األول مفاده أن إجراء النشر هو إجراء روتني الزم لدخول أي نص‬
‫قانوني سواء معاهدة أو غيرها حيز النفاذ‪ ،‬ومنه فعدم النص عليه ال ينفي إلزاميته‪ ،‬ومنه يكون‬
‫القاضي ملزما بنصوص المعاهدة بعد نشرها في الجريدة الرسمية‪ .‬أما االحتمال الثاني فمفاده‬
‫أن مجرد المصادقة على االتفاقية كاف إلنتاج هذه األخيرة ألثارها من دون انتظار إجراء‬
‫النشر‪ ،‬ومنه يكون القاضي ملزما بها‪ ،‬ولكنه يصبح في نظر البعض ملزما قبل ذلك بالتحقق من‬
‫الوجود المادي ومن إتمام النشر وقانونيته ‪ .216‬وقد أكد المجلس الدستوري الجزائري في قراره‬
‫المتعلق برقابة قانون االنتخابات لسنة ‪ 9171‬والذي جاء فيه " بعد المصادقة عليها ومنذ‬
‫نشرها ‪ ،‬تدمج االتفاقية في القانون الوطني‪ ،‬وتطبيقا لنص المادة ‪ 982‬من دستور ‪ ،9171‬فإنها‬
‫تحوز حجية أسمى من حجية القوانين‪ ،‬وبإمكان كل مواطن جزائري االستناد إليها أمام‬
‫المحاكم‪.217‬‬

‫للتفصيل أكثر حول مسألة إدماج االتفاقيات الدولية في القانون الوطني أنظر‪ :‬الخير قشي‪"،‬تطبيق القانون الدولي أالتفاقي‬ ‫‪214‬‬

‫في الجزائر"‪ ،‬مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،‬عدد‪ ،9115 ،4‬ص ص‪.84-92 .‬‬
‫في قراره بتاريخ ‪ 9165-06-97‬بخصوص االتفاقية بي فرنسا وسويسرا المتعلقة بالصيد في المياه الحدودية غير واجبة‬ ‫‪215‬‬

‫التطبيق ألنها لم تكن موضوع نشر نظامي‪ ،‬أنظر‪ :‬مسعود شيهوب‪ "،‬دولة القانون ودولة المشروعية"‪ ،‬حوليات‪ ،‬مجلة تصدر‬
‫عن مخبر الدراسات والبحوث حول المغرب العربي والبحر األبيض المتوسط‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪ ،‬العدد الرابع‪،8009 ،‬‬
‫ص‪.41.‬‬
‫‪216‬‬
‫‪R.Zouaimia, M.- C..Rouault, Op.Cit., p.29.‬‬
‫المجلس الدستوري‪ ،‬قرار رقم ‪ 09‬مؤرخ في ‪ 80‬أوت ‪ 9171‬يتعلق بقانون االنتخابات‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 26‬لسنة ‪.9171‬‬ ‫‪217‬‬

‫‪85‬‬
‫باإلضافة إلجراء النشر يطبق إجراء المعاملة بالمثل في النظام الفرنسي‪ ،‬حيث ينتظر القاضي‬
‫في هذه الحالة توضيح من وزير الخارجية حول موقف الدولة األخرى من مدى تطبيق الحكومة‬
‫لتلك المعاهدة‪.218‬‬

‫وقد تطور موقف القاضي من تكريس مبدأ سمو المعاهدة على الدستو‪ ،‬خصوصا في حالة‬
‫تعارض أحكام معاهدة مع نصوص قانون ما‪ ،‬حيث يكون من الواجب على اإلدارة في مثل هذه‬
‫الحاالت أن ترجح االتفاقية على القانون عند اتخاذها للتدبير الضبطي‪ .‬ال يثور مبدئيا اإلشكال‬
‫في حالة كون المعاهدة الحقة على القانون ‪ ،‬حيث نطبق قاعدة الالحق يلغي السابق‪ .‬ولكن قد‬
‫يثور اإلشكال في الحالة العكسية أو في حالة كون القانون أوسع من االتفاقية‪ ،‬فيفسر القاضي‬
‫القانون كاحتياط لتطبيق المعاهدة‪ ،‬بمعنى يطبق القانون على الوضعيات الغير مشمولة‬
‫بالمعاهدة‪ .219‬في هاتين الحالتين يجب أن تتطابق التدابير الضبطية مع القواعد المدرجة في‬
‫االتفاقية‪.220‬‬

‫قد يحدث أن يكون القانون الحق على المعاهدة‪ ،‬فهل يرجح القاضي المعاهدة أم القانون؟‬

‫في هذه الحالة ثبت ترجيح القاضي اإلداري الفرنسي للقانون‪ ،221‬على أساس أن استبعاد هذا‬
‫األخير يؤدي إلى تقدير دستورية القاعدة التشريعية وهو عمل ممنوع عليه‪ .‬ومن جهته اعتبر‬
‫المجلس الدستوري الفرنسي أنه ال يحق للقاضي مراقبة مدى احترام القوانين التي أحيلت أمامه‬
‫للمعاهدات الدولية‪ .222‬أما محكمة النقض الفرنسية‪ ،‬فقد قررت أنه يعود لها الفصل في حالة‬
‫التنازع بين التشريع والمعاهدة‪ ،‬بمعنى تغليب المعاهدة على القانون سواء كان سابقا أو‬

‫وردة خالف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.956 .‬‬ ‫‪218‬‬

‫‪219‬‬
‫‪R.Zouaimia, M.- C..Rouault, Op.Cit., p. 94.‬‬
‫‪220‬وردة خالف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.958 .‬‬
‫مسعود شيهوب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.50.‬‬ ‫‪221‬‬

‫‪222‬‬
‫‪R.Zouaimia, M.- C..Rouault, Op.Cit., p. 51.‬‬

‫‪86‬‬
‫الحقا‪ .223‬وحتى القضاء اإلداري غير من اتجاهه لصالح االعتراف بسمو المعاهدات على‬
‫القانون الداخلي ذلك أن‪:‬‬

‫‪ -‬رفض اإلقرار بسمو المعاهدة على القانون يخالف المادة ‪ 55‬من الدستور الفرنسي التي تمنح‬
‫للمعاهدات قيمة أسمى متى تم إدماجها في القانون الداخلي‪.‬‬
‫‪ -‬الحجة المتعلقة بأن فحص مدى تطابق القانون مع المعاهدة يؤدي إلى تقدير دستوريتها حجة‬
‫مرفوضة‪.‬‬

‫وتحت تأثير القرار الصادر عن المجلس الدستوري الفرنسي المؤرخ في ‪،9176-98-02‬‬


‫والذي أقر فيه أنه يعود بموجب المادة ‪ 55‬من الدستور لمختلف هيئات الدولة السهر على‬
‫تطبيق االتفاقيات الدولية في إطار اختصاصها‪.224‬‬

‫ومنه نخلص إلى أن اإلجراءات والتدابير الضبطية يجب أن تراعي مضمون االتفاقيات الدولية‬
‫وال يجب أن تخالف أحكامها‪ .225‬ومن أهمها االتفاقيات المتعلقة بحق اللجوء‪ ،‬بحقوق اإلنسان‪،‬‬
‫باتفاق ‪ ،Schengen‬بحماية البيئة‪ ،‬التي تم إدماجها في القانون الداخلي‪.‬‬

‫التشريعات الصادرة عن البرلمان‪ :‬وهي مجموعة القواعد العامة والمجردة الصادرة عن‬ ‫‪‬‬
‫السلطة التشريعية بموجب االختصاص الممنوح لها بالدستور‪ .‬والتشريع نوعين‪:‬‬
‫التشريع العضوي ‪ :‬ويصدر بإحالة صريحة من الدستور ض المادة ‪ 949‬من التعديل‬ ‫‪-‬‬
‫الدستوري لسنة ‪ )8096‬ومواد أخرى‪ .‬وهو تشريع يصدر وفق إجراءات متميزة عن‬
‫اإلجراءات التي يصدر وفقا لها التشريع العادي‪ ،226‬ألنه ينظم مواضيع خاصة أكثر أهمية‬

‫وردة خالف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.957 .‬‬ ‫‪223‬‬

‫وردة خالف‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص‪.951-957 .‬‬ ‫‪224‬‬

‫االتفاقيات التي تسمو عل القانون الداخلي في الجزائر هي فقط تلك التي تخضع لشرط التصديق بموجب نص المادة ‪928‬‬ ‫‪225‬‬

‫من الدستور‪ ،‬أما في فرنسا طبقا لنص المادة ‪ 55‬من الدستور فهي المصادق عليها أو المعتمدة بطريقة قانونية أي االتفاقيات‬
‫البسيطة‪.‬‬
‫تتمثل هذه اإلجراءات في ن سبة المصادقة على القانون العضوي التي تختلف عنها في القانون العادي أمام المجلس الشعبي‬ ‫‪226‬‬

‫الوطني‪ ،‬باإلضافة لوجوب إحالته لرقابة الدستورية قبل إصداره على خالف التشريع العادي الذي يخضع لرقابة اختيارية‪.‬‬
‫‪87‬‬
‫تتعلق في عمومها بتنظيم السلطة‪ .‬وقد اعتبر المجلس الدستوري في رأيه الصادر بتاريخ ‪92‬‬
‫ماي ‪ 8000‬بأن التوزيع الدستوري لالختصاصات بين مجال القانون العضوي والعادي ينتج‬
‫عن مبدأ تدرج القواعد في النظام القانوني الداخلي‪ ،‬حيث يحتل القانون العضوي مرتبة وسطى‬
‫بين الدستور والقانون العادي‪.‬‬

‫ولو أن هذا التمييز بين النوعين من التشريع ليس له سوى أثر دستوري‪ ،‬أما على المستوى‬
‫اإلداري فكالهما ملزم لإلدارة‪ .227‬ولكن إذا تعارض قانون عضوي مع العادي‪ ،‬ولو أن ذلك‬
‫قليل الحدوث على اعتبار اختالف مجاالت التنظيم‪ ،‬تكون األولوية للقانون العضوي‪.‬‬

‫‪ -‬التشريع العادي ‪ :‬ويختص فيه البرلمان بمجال تنظيم الحقوق والحريات بموجب نص المادة‬
‫‪ 940‬من الدستور التي تعطي للبرلمان التشريع في ‪ 81‬مجاال من بينها وأهمها المجال‬
‫المذكور أعاله‪ . 228‬وبالرغم من أن مجال الحقوق والحريات يعد اختصاصا أصيال للبرلمان‪،‬‬
‫إال أن التشريع الالئحي أو الفرعي يجد مكانا له في هذا المجال‪.‬‬
‫‪ ‬التنظيم‪ :‬وهو يتضمن القرارات التنظيمية الصادرة عن السلطة التنفيذية طبقا للدستور‪،‬‬
‫بقصد المحافظة على النظام العام بعناصره المتعددة‪ .‬ويعد هذا الفرع من القانون من أبرز وأهم‬
‫مظاهر السلطة العامة‪ ،‬إذ تتضمن قواعد عامة ومجردة تقيد بها أوجه النشاط الفردي في سبيل‬
‫صيانة النظام العام وهي بذلك تمس حقوق وحريات األفراد‪ ،‬تحدث أثارا قانونية أو تعدل أو‬
‫تلغي بها مراكز قانونية‪ .‬تتنوع إلى مراسيم رئاسية‪ ،‬مراسيم تنفيذية‪ ،‬قرارات وزارية‪ ،‬قرارات‬
‫الوالة وقرارات رؤساء البلديات وقرارات مدراء المؤسسات العمومية‪.‬‬

‫وأخيرا طبيعة المجاالت التي يختص البرلمان بالتدخل فيها بموجب قانون عضوي وهي مواضيع هامة تتعلق بتنظيم السلطة‬
‫وتوصف في عمومها بأنها قوانين مكملة للدستور‪.‬‬
‫مسعود شيهوب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.58 .‬‬ ‫‪227‬‬

‫يمكن أن نظيف األوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية في حاالت الضرورة أي بين الدورتين أو في حالة شغور المجلس‬ ‫‪228‬‬

‫الشعبي الوطني‪ ،‬والتي تمت المصادقة عليها من طرف البرلمان في أول دورة مقبلة طبقا لنص المادة ‪ 948‬من الدستور‪.‬‬
‫باإلضافة إلى المراسيم التشريعية التي صدرت خالل المرحلة االنتقالية بموجب مداولة المجلس األعلى للدولة بتاريخ ‪-08-08‬‬
‫‪ 9118‬تحت رقم ‪ ،78-18‬والتي تم بموجبها تخويل رئيس هذه الهيئة سلطة التشريع بمراسيم تشريعية بعد استشارة المجلس‬
‫االستشاري الوطني‪ .‬أنظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.59.‬‬
‫‪88‬‬
‫‪ ‬وتخضع هذه القرارات لمبدأ التدرج بناء على عدة معايير‪:‬‬
‫‪ -‬المعيار العضوي‪ :‬ينبني تدرج القرارات التنظيمية على مكانة مصدرها في هرم السلطة‬
‫اإلدارية‪ .‬وفقا لهذا المعيار ال يمكن أن تخرج قرارات الضبط اإلداري السفلى على قرارات‬
‫الضبط اإلداري العليا‪ . 229‬غير أن السلطات المحلية يمكن أن تتخذ قرارات تنظيمية مخالفة‬
‫لتلك الصادرة عن السلطات المركزية‪ ،‬على أن يتوفر شرطين أساسيين‪:‬‬
‫‪ -9‬أن تتطلب الظروف المحلية ذلك‪.‬‬
‫‪ -8‬أن يكون التنظ يم المحلي أكثر صرامة‪ ،‬لذلك قبل مجلس الدولة الفرنسي قرار رئيس‬
‫البلدية بمنع عرض فيلم حائز على رخصة العرض الوزارية‪ ،‬ذلك أن الظروف المحلية‬
‫تبرر هذا المنع وذلك في قضية ‪ luthesia‬بتاريخ ‪.2309151 - 98-97‬‬
‫‪ -‬المعيار الشكلي‪ :‬يعتمد على الشكليات واإلجراءات التي اتبعت في إصدار هذه القرارات‪.‬‬
‫وقد استقر القضاء اإلداري في فرنسا على اعتبار المراسيم الصادرة بناء على رأي مجلس‬
‫الدولة أكثر قوة من المراسيم العادية التي تصدر دون إجراءات مسبقة‪.231‬‬
‫‪ -‬المعيار الموضوعي‪ :‬يستخدم لتصنيف القرارات التي تصدر من ذات السلطة اإلدارية من‬
‫ناحية موضوعها‪ .‬فهو يميز هنا بين القرارات التنظيمية والفردية ويؤكد على سمو األولى‬

‫لقد صدر قرار عن المجلس األعلى بخصوص قضية ضش‪.‬ع) ضد والية سطيف ووزير الداخلية‪ ،‬حيث يستغل األول منذ‬ ‫‪229‬‬

‫‪ 9170‬مصنعا صغيرا وبتاريخ ‪ 9174-90-84‬قامت شرطة البلدية بغلق المحل تنفيذا للمذكرة الصادرة عن الوالي بسبب‬
‫دواعي األمن والنظافة والصحة العمومية‪ ،‬وقد أثار الطاعن وجها جديدا مأخوذا من انعدام االعذار المسبق طبقا للمادة ‪ 25‬من‬
‫المرسوم المؤرخ في ‪ 9186-08-80‬المتعلق بالمؤسسات الخطيرة أو غير الصحية‪ .‬حيث أن الشرطة المحلية قامت بغلق‬
‫المحل من دون توجيه إعذار مسبق تنفيذا لمذكرة الوالي‪ ،‬وبالتالي فإن هذا األخير تجاوز سلطاته تجاوزا واضحا لخرقه‬
‫مقتضيات المرسوم‪ ،‬وأنه يتعين إبطال القرار الضمني المتضمن رفض الطعن اإلداري المسبق المرفوع إلى وزير الداخلية‪.‬‬
‫المجلس األعلى‪ ،‬الغرفة اإلدارية‪ ،‬قرار رقم ‪ ،46882‬مؤرخ في ‪ ،9176-08-98‬المجلة القضائية‪ ،9110‬العدد الرابع‪،‬‬
‫ص‪ .968.‬أنظر‪ :‬وردة خالف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.985.‬‬
‫توجد حاالت أخرى كرسها مجلس الدولة الفرنسي تتمثل في تدخل سلطة ضبط إداري عام في مجال الضبط البيئي لحماية‬ ‫‪230‬‬

‫البيئة بشرط ضرورة وجود خطر وشيك بقراره الصادر بتاريخ ‪ 9176-09-95‬في قضية ‪société pec. Engeneering‬‬
‫‪ ،‬مبدأ أخر كرسه مجلس الدولة مكن سلطة الضبط اإلداري العام التدخل في مجال الضبط اإلداري الخاص في حالة عدم تدخلها‬
‫عندما يتطلب االستعجال ذلك‪ .‬أنظر‪:‬‬
‫‪Ch-Edouard Minet, Op., Cit., pp. 124-125.‬‬
‫قرار مجلس الدولة الفرنسي المؤرخ في ‪ .9108-06-08‬أنظر‪ :‬وردة خالف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.985.‬‬ ‫‪231‬‬

‫‪89‬‬
‫على الثانية‪ ،‬ومنه فالقرار الفردي ال يجب أن يخالف القرار التنظيمي الضبطي أيا كانت‬
‫مكانة السلطة التي أصدرته‪ .‬كما ال يجوز لسلطة ضبط إداري عليا أن تخرق بقرار فردي‬
‫قرارا ضبطي تنظيمي صادر عن سلطة ضبط إداري دنيا‪ ،‬كما ال يجوز لسلطة ضبط إداري‬
‫سفلى بقرار ضبطي إداري فردي أن تخرج عن قرار ضبط إداري تنظيمي صادر عن‬
‫سلطة عليا‪ ،‬كما ال يجوز لهذه األخيرة أن تخرج بقرار فردي عن قرار تنظيمي أصدرته‬
‫هي بنفسها‪.232‬‬

‫ب‪ /‬المصادر غير المكتوبة‪ :‬تتمثل في المبادئ العامة للقانون والقضاء‪.‬‬

‫‪ /0‬المبادئ العامة للقانون‪:‬‬

‫‪ ‬تعريف المبادئ العامة للقانون‪:‬‬

‫هي مبادئ غير مشرعة يستنبطها القضاء من المقومات األساسية للمجتمع وقواعد النظام‬
‫القانوني في الدولة ويقررها في أحكامه باعتبارها قواعد قانونية ملزمة‪ ،233‬وعلى هذا األساس‬
‫تعتبر هذه المبادئ من عناصر المشروعية تلتزم بها السلطات العمومية‪ .‬وهي مستوحاة من‬
‫روح التشريع بواسطة القضاء‪ ،‬تمثل تعبيرا قانونيا للمفاهيم الفلسفية واألخالقية‪ ،‬االجتماعية‬
‫واالقتصادية وتشكل قواعد قانونية غير مكتوبة‪.234‬‬

‫عرفها األستاذ محيو كما يلي‪ " :‬يطلق تعبير المبادئ العامة للقانون على عدد من المبادئ التي ال‬
‫يحتويها متن النصوص القانونية‪ ،‬وإنما تذكر في مقدمة هذه األخيرة‪ .‬ويعترف االجتهاد بأنه‬
‫على اإلدارة واجب احترامها‪ . 235‬فالقاضي ال يخلق هذه المبادئ وإنما يستنبطها ويكتشفها في‬
‫مناخ قانوني معين ناتج عن التقاليد والوظيفة السياسية‪ ،‬االجتماعية والمؤسساتية‪.‬‬

‫وردة خالف‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.986.‬‬ ‫‪232‬‬

‫محمد محمد بدران‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.867 .‬‬ ‫‪233‬‬

‫وردة خالف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.988.‬‬ ‫‪234‬‬

‫‪235‬أحمد محيو‪ ،‬محاضرات في المؤسسات اإلدارية‪ ،‬ترجمة محمد عرب صاصيال‪ ،‬ط‪ ،4.‬د‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬الجزائر‪ ،8006 ،‬ص‪.46.‬‬
‫‪90‬‬
‫إن هذه المبادئ تشكل فئة مستقلة من القواعد القانونية بسبب طبيعتها‪ ،‬حجيتها وثباتها‪ ،‬لها أهمية‬
‫كبيرة في مجال الضبط اإلداري‪ .‬ويلجأ إليها القضاء أحيانا ليقرر عدم مشروعية ما يصدر من‬
‫قرارات ضبطية‪ .‬يعود الفضل في نشأة المبادئ العامة للقانون لمجلس الدولة الفرنسي الذي كان‬
‫له الدور الكبير في تقريرها في أحكامه منذ بداياتها وإن كان لم يعلن صراحة عن قوتها‬
‫اإللزامية باعتبارها مصدرا للقانون‪ .‬وقد استعمل المصطلح ألول مرة في قراره المؤرخ في‬
‫‪" 9146-90-86‬ينتج عن المبادئ العامة للقانون التي تطبق حتى في غياب النص بأنه ال‬
‫يمكن قانونيا النطق بأي إجراء قبل تمكين المعني باألمر من الدفاع عن نفسه‪.236‬‬

‫‪ ‬أنواع المبادئ العامة للقانون‪:‬‬

‫يمكن تصنيف المبادئ العامة للقانون بناء على المعيار الغائي إلى مبادئ عامة تتعلق‬
‫بالحقوق والحريات الفردية ومبادئ عامة متعلقة بالمساواة‪.‬‬

‫أ‪ /‬مبادئ عامة تتعلق بالحقوق والحريات الفردية‪ :‬مثل‬

‫‪ -‬ما يتعلق بالحقوق والحريات الفردية مثل حرية التنقل‪ ،‬حرمة المسكن‪ ،‬سرية الحياة الخاصة‪،‬‬
‫الحق في الملكية والحريات العامة المنظمة مثل حرية االجتماع العمومي‪ ،‬حق تكوين الجمعيات‪،‬‬
‫حرية العقيدة وإقامة الشعائر‪ ،‬حرية الرأي‪.‬‬

‫‪ -‬ما يتعلق بمبدأ حرية التجارة والصناعة‪ :‬حيث يمكن فرض قيود عليها فيما يصدر من‬
‫‪237‬‬
‫قوانين أو قرارات ضبطية بشرط أن يكون السبب يتعلق بالمحافظة على النظام العام‬

‫ب‪ /‬المبادئ العامة المتعلقة بالمساواة‪ :‬وتشمل مبدأ المساواة أمام القوانين والتنظيمات ومبدأ‬
‫المساواة في استخدام األمالك العمومية‪.‬‬

‫‪ /2‬القضاء‪:‬‬

‫وردة خالف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.987.‬‬ ‫‪236‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.912-919 .‬‬ ‫‪237‬‬

‫‪91‬‬
‫يعتبر القضاء من أهم مصادر المشروعية في القانون اإلداري بصفة خاصة‪ ،‬نظرا‬
‫لدور القاضي اإلداري في تفسير النصوص الغامضة والتوفيق بين النصوص المتعارضة‬
‫واستنباط القاعدة التي تتالءم مع طبيعة المنازعة اإلدارية واجتهاده عموما في إيجاد حل لهذه‬
‫المنازعات‪.‬‬

‫ال يجوز لس لطة الضبط اإلداري مخالفة قرار قضائي يتمتع بقوة الشيء المقضي فيه‪،‬‬
‫بمعنى ال يكون قابال ألي طريق من طرق الطعن العادية بسبب استنفاذ كل الطعون أو فوات‬
‫مواعيدها‪.‬‬

‫يمكن هنا أن نخلط بين قوة الشيء المقضي فيه وحجية الشيء المقضي فيه التي تعني الحكم‬
‫الذي يشكل عائقا أمام رفع دعوى أخرى تتناول ما تم الفصل فيه‪ ،‬ومنه فمصطلح الحجية يخص‬
‫القرارات الصادرة عن القضاء اإلداري‪ .‬بينما قوة الشيء المقضي فيه تخص القرارات الصادرة‬
‫عن القضاء المدني والجنائي‪.238‬‬

‫ومنه يشكل انتهاك اإلدارة لألحكام الصادرة عن المحاكم انتهاكا لمبدأ المشروعية‪ ،‬ليست‬
‫األحكام فقط بل المصادر المكتوبة والمصادر غير المكتوبة‪.‬‬

‫ما يمكن أن نخلص إليه أن ما يترتب على احترام مبدأ المشروعية‪:‬‬

‫‪ -‬احترام مبدأ التدرج‪.‬‬


‫‪ -‬تحديد اختصاصات اإلدارة‪.‬‬
‫‪ -‬احترام ضوابط اإلجراء أو التدبير الضبطي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬استهداف سلطات الضبط اإلداري المحافظة على النظام العام وقاعدة تخصيص األهداف‪.‬‬

‫إن الهدف من تدخل سلطات الضبط اإلداري هو المحافظة على النظام العام كما تم‬
‫التطرق إ ليه فيما سبق في المحور األول‪ ،‬حيث ال تستطيع هذه الهيئات التدخل لتحقيق غرض‬
‫أخر غير غرض المحافظة على النظام العام وإن تعلق بالمصلحة العامة‪ ،‬ألن الهدف من‬

‫وردة خالف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.800.‬‬ ‫‪238‬‬

‫‪92‬‬
‫إجراءات الضبط اإلداري محدد وليس لإلدارة أن تخرج عنه‪ .‬وفي المقابل ال يمكن لإلدارة أن‬
‫تخرج عن الهدف الخاص المحدد بالنصوص الخاصة‪ ،‬حتى ولو كانت تستهدف تحقيق المصلحة‬
‫العامة تطبيقا لقاعدة تخصيص األهداف‪.239‬‬

‫ثالثا‪ :‬أن يكون إجراء الضبط الزما وضروريا ومالئما‪.‬‬

‫أن يكون إجراء الضبط اإلداري الزما وضروريا بمعنى أن تكون غايته تفادي خطر‬
‫حقيقي يهدد النظام العام‪ ،‬كما يجب أن يكون قائما على أسباب جدية وصحيحة‪ ،‬وأخيرا يجب أن‬
‫يكون منتجا وفعاال لتوقي الخطر‪.‬‬

‫أن يكون اإلجراء متالئما ومتناسبا مع جسامة الخطر الذي يهدد النظام العام ال أكثر وال أقل‪،‬‬
‫أي يجب على اإلدارة التي تملك السلطة التقديرية للمحافظة على النظام العام بإصدارها مختلف‬
‫اإلجراءات والتدابير أن تقدر ما يتناسب مع الخطر‪ ،‬وذلك يخلق التوازن بين حماية الحقوق‬
‫وحريات األفراد وحماية النظام العام من جهة أخرى‪ .‬حيث أن الحرية هي األصل وأن‬
‫إجراءات الضبط اإلداري المقيدة لها تشكل االستثناء‪ ،‬ولذلك يتدخل القضاء عند الحاجة لتقدير‬
‫هذا التناسب والتالؤم‪.‬‬

‫وعلى ذلك ال يجوز لهيئات الضبط اإلداري أن تلجأ إلى وسائل صارمة لمواجهة ظروف غير‬
‫خطيرة‪ ،‬فقد ألغى مجلس الدولة الفرنسي قرار رئيس البلدية القاضي بتحديد مدة دق األجراس‬
‫في الكنائس بثالثة دقائق وأال تتجاوز خمس دقائق‪ .240‬ومنه فإن القاضي ال يكتف بالبحث في‬

‫عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.906-17 .‬‬ ‫‪239‬‬

‫حيث جاء في حيثيات الحكم في قضية ‪ " Abbé Constantin et autre‬وإن كان قرار العمدة له سبب وهو اإلزعاج‬ ‫‪240‬‬

‫الذي يسببه دق األجراس وقتا متواصال ولمدة طويلة‪ ،‬كما أن القرار يحقق غايته المشروعة وهي توفير السكينة العامة‪ ،‬إال أن‬
‫‪93‬‬
‫مدى مشروعية القرار الضبطي فحسب‪ ،‬إنما فيما إذا كان متالئما مع الظروف والوقائع التي‬
‫دفعت التخاذه‪ .‬وقد سار القضاء اإلداري المصري على النهج نفسه في أحاكمه المتعاقبة‪.241‬‬

‫وقد استنتج بعض الفقهاء الفرنسيين أن القاضي الفرنسي في رقابته لسلطات الضبط اإلداري‬
‫أصبح قاضي مالئمة باإلضافة إلى كونه قاضي مشروعية‪ ،‬وذلك استثناء عن القاعدة العامة‬
‫التي تقضي بأن يترك لإلدارة حرية تقدير مالئمة تصرفاتها في حدود المصلحة العامة‪ ،‬لكن‬
‫الدكتور سليمان الطماوي ا عتبر أن القاضي اإلداري هو قاضي مشروعية وأن تقدير المالئمة‬
‫هي عنصر من عناصر المشروعية‪ ،‬ذلك أنه من الواجب أن ال تقيد الحرية إال بالقدر‬
‫الضروري‪ ،‬لذلك تختلف حدود سلطات الضبط اإلداري باختالف الزمان والمكان وقيمة الحق‬
‫والحرية التي إذا ما كفلها الدستور فإن ذلك سيقيد سلطات الضبط اإلداري كثيرا‪ .242‬ولذلك‬
‫حاول القضاء الموازنة بين االثنين بوضع الشروط التي يجب أن تتوفر في التدبير الضبطي‬
‫حتى يكون مشروعا وهي‪:‬‬

‫‪ -9‬أن يتصف بالعمومية ويحقق المساواة‪.‬‬


‫‪ -8‬أن يتصف بالموضوعية والحياد‪.‬‬
‫‪ -2‬أال تكون قد فرضت وسيلة معينة بذاتها لمواجهة اإلخالل بالنظام العام‪.243‬‬
‫‪ -4‬أن يكون التدبير مجديا وفعاال‪.‬‬
‫‪ -5‬أن يكون ضروريا ومتناسبا مع جسامة اإلخالل بالنظام العام‪.‬‬
‫‪ -6‬أال يؤدي التدبير إلى المنع المطلق للحرية‪.244‬‬

‫المصلحة التي يحققها القرار ال تتناسب مع األضرار والمضايقات التي تنتج عنه للمواطنين المؤمنين‪ ،‬وعلى هذا األساس يكون‬
‫القرار الصادر عن العمدة مشوبا بعيب إساءة استعمال السلطة و وغير مشروع" ‪ .‬أنظر‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.975.‬‬
‫المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪241‬‬

‫عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.919-977 .‬‬ ‫‪242‬‬

‫بمعنى يكفي التوجيه إلى أن ما يهدد النظام العام وليس فرض وسيلة معينة مثال فرض استخدام جهاز معين على ممالك‬ ‫‪243‬‬

‫مبنى‪ ،‬حيث تترك الحرية لألفراد الختيار الوسيلة لتجنب اإلخالل بالنظام العام‪ ،‬مع وجود بعض االستثناءات مثال‪ :‬عندما يكون‬
‫من الواجب اتخاذ تدابير موحدة‪ ،‬عند الخوف من وقوع اضطراب خطير أو خطر محدق‪ ،‬حالة االستعجال‪ ،‬عندما ال يوجد إال‬
‫وسيلة واحدة فعالة‪ ،‬وجود نص يفرض استخدام وسيلة بعينها التقاء الخطر‪.‬‬
‫عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.809-977 .‬‬ ‫‪244‬‬

‫‪94‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬رقابة القاضي اإلداري على تدابير الضبط اإلداري في الحالة العادية‪.‬‬

‫الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري هي الرقابة التي يمارسها القضاء اإلداري‬
‫على القرارات اإلدارية التي تحدث أثرا قانونيا باإلنشاء أو التعديل أو اإللغاء في المراكز‬
‫القانونية‪ ،‬الصادرة عن سلطات الضبط اإلداري والمتمثلة في رئيس الجمهورية‪ ،‬الوزير األول‪،‬‬
‫وز ير الداخلية‪ ،‬الوالي‪ ،‬رئيس البلدية‪ ،‬مدير مؤسسة عمومية مثل رئيس الجامعة‪ ،‬مدير‬
‫مستشفى‪ ...‬وسلطات الضبط اإلداري الخاص‪.‬‬

‫وتنصب الرقابة على مدى مشروعية هذه القرارات الخارجية والداخلية‪ ،‬فإذا ثبت للقاضي أن‬
‫اإلدارة الضبطية تجاوزت القانون كان له إلغاء قرارها والتعويض للمتضرر إذا طلب ذلك‪.‬‬
‫وتشكل هذه الرقابة الضمانة األساسية الحترام مبدأ المشروعية وسيادة القانون لتوافر الضمانات‬
‫المتعلقة باالستقاللية والحياد والكفاءة لدى القاضي‪ .245‬فقد عهد دستور ‪ 9116‬المعدل للسلطة‬
‫القضائية بمهمة حماية الحقوق والحريات كما اعترف للقضاء اإلداري بالنظر في قرارات‬
‫السلطات اإلدارية‪.‬‬

‫ويمارس القاضي رقابته سواء من حيث تقيد اإلدارة باألسباب التي أدت إلى التدخل أو األهداف‬
‫التي سعت لتحقيقها‪ ،‬وقبل ذلك أن يصدر القرار من سلطة الضبط اإلداري المختصة ووفقا‬
‫لإلجراءات واألشكال المطلوبة وأن يكون محلها مشروعا‪.‬‬

‫ويتم تحريك الرقابة القضائية في المجال بإجراءين أساسيين هما‪:‬‬

‫اإلجراء األول‪ :‬هجومي مباشر ويتم بواسطة دعوى اإللغاء‪.‬‬

‫اإلجراء الثاني‪ :‬دفاعي ويتمثل في إجراء الدفع بعدم مشروعية القرار الضبطي‪ ،‬حيث يتم الدفع‬
‫بعدم مشروعية اإلجراء عندما يتم التمسك به ضده‪ ،‬فهو ال يشكل موضوع الدعوى‪ ،‬إنما وسيلة‬

‫عمار بوضياف ‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.878.‬‬ ‫‪245‬‬

‫‪95‬‬
‫دفاع فيها‪ ،‬بشرط أن يكون للدفع صلة مباشرة بالدعوى األصلية‪ .‬ويتم هذا الدفع في دعوى‬
‫جنائية أو مدنية أو إدارية‪ ،‬أو أن يتم الدفع بعدم مشروعية قرار نهائي فات ميعاد الطعن فيه‪.246‬‬

‫وسيتم التطرق في هذه المحاضرات لرقابة اإللغاء وتبيان أوجه اإللغاء سواء تعلقت بأوجه‬
‫اإللغاء الخارجية المتمثلة في وجود عيب في االختصاص أو الشكل واإلجراءات‪ ،‬وأوجه إلغاء‬
‫القرار الداخلية والمنصبة على عيب السبب والمحل والغاية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الرقابة على عدم المشروعية الخارجية للقرار الضبطي‬

‫تتعلق أوجه المشروعية الخارجية بوجهين هما الوجه المتعلق باالختصاص والوجه‬
‫المتعلق بالشكل واإلجراءات‪.‬‬

‫‪ /0‬الرقابة على عنصر االختصاص‬

‫يتعلق هذا الركن في القرارات اإلدارية بصدور القرار اإلداري ممن يملك االختصاص‬
‫بإصداره من الناحية الزمانية والمكانية‪ ،‬الموضوعية والشخصية طبقا للنصوص القانونية‬
‫والتنظيمية ‪ .‬فال يجوز لهيئات الضبط اإلداري العام التعدي على اختصاص هيئات الضبط‬
‫اإلداري الخاص‪ ،‬حيث تصاب بذلك القرارات اإلدارية بعيب عدم االختصاص ألنها صدرت‬
‫ممن ال يملك القدرة القانونية على إصداره‪ .‬ويراقب القاضي مدى احترام هيئات الضبط‬
‫اإلداري لقواعد االختصاص من حيث الزمان‪ ،‬فال يجوز تطبيق مبدأ رجعية القرارات‪ ،‬كما ال‬
‫يجوز إصدار قرارات ضبطية خارج المجال اإلقليمي الذي تمارس فيه نشاطها‪ ،‬وإال اعتبرت‬
‫غير شرعية من حيث المكان‪ .‬وللقاضي أن يتصدى لهذا العيب من تلقاء نفسه ألنه من النظام‬
‫العام‪.‬‬

‫‪ /2‬الرقابة على عنصر الشكل واإلجراءات‬

‫سليمان بارش‪ ،‬شرح قا نون اإلجراءات المدنية الجزائري‪ ،‬الخصومة القضائية أمام المحكمة‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار الهدى‪،‬‬ ‫‪246‬‬

‫الجزائر‪ ،8006 ،‬ص‪ ،896.‬وردة خالف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.99.‬‬


‫‪96‬‬
‫يقصد بهذا العنصر مجموع الشكليات واإلجراءات التي قررها القانون أو الالئحة‬
‫لصدور قرارات الضبطية اإلدارية‪ .247‬والقاعدة التي تحكم القرارات اإلدارية عموما تقضي‬
‫عدم اشتراط شكليات وإجراءات لصدورها‪ ،‬لكن االستثناء قد يقتضي العكس‪ ،‬وذلك عندما‬
‫تشترط النصوص إجراء االستشارة مثال‪ ،‬الكتابة‪ ،‬اإلمضاء‪ ،‬النشر‪ ،‬التسبيب وغيرها‪ .‬فعدم‬
‫احترام مثل هذه اإلجراءات والشكليات ينتج عنه إلغاء القرار اإلداري‪.‬‬

‫الشائع في مجال الضبط اإلداري‪ ،‬أن المشرع يخص قرارات الضبط اإلداري الخاص‬
‫بإجراءات وشكليات متميزة‪ ،‬مثل استشارة هيئات معينة قبل اتخاذ القرار‪.248‬‬

‫ثانيا‪ :‬الرقابة على المشروعية الداخلية‬

‫يكون القرار الضبطي مشوبا بعيب من عيوب المشروعية الداخلية بسبب عدم مشروعية‬
‫محتواه‪ ،‬فنكون بصدد عيب المحل أو عيب مخالفة القانون أو بسبب عدم مشروعية أسبابه‪،‬‬
‫فنكون بصدد عيب السبب‪ ،‬أو بسبب عدم مشروعية أهدافه لنكون أمام عيب االنحراف في‬
‫استعمال السلطة‪.‬‬

‫‪ /0‬رقابة مشروعية محل قرار الضبط اإلداري‬

‫يقصد بالمحل مضمون القرار اإلداري الضبطي‪ ،‬أي األثر الذي يحدثه في المراكز‬
‫القانونية‪ ،‬والذي يجب أن يكون غير مخالف للقانون في معناه الواسع‪ .‬ومنه فعيب المحل يقصد‬
‫به مخالفة القانون ويعبر عنه بالمخالفة المباشرة للقانون‪ ،249‬وهنا يتخذ تدخل اإلدارة شكال‬
‫إيجابيا‪ .‬كما يمكن أن يتخذ تدخل اإلدارة الضبطية شكال سلبيا وذلك عندما يستدعي األمر‬
‫تدخلها‪ ،‬ولكن اإلدارة تمتنع عن ذلك‪ ،‬ففي مجال شرطة الصيد مثال تكون اإلدارة ملزمة بمنح‬
‫الرخصة في حالة توفر جميع الشروط المطلوبة قانونا‪.‬‬

‫لم يميز المشرع الجزائري بين اإلجراءات والشكليات الجوهرية وغير الجوهرية‪ ،‬وإنما يعتبر كل الشكليات واإلجراءات‬ ‫‪247‬‬

‫التي نص عليها القانون يجب أن تحترمها اإلدارة‪.‬‬


‫كنا قد ناقشنا هذه المسألة في المحور األول‪.‬‬ ‫‪248‬‬

‫لحسين بن الشيخ آث ملويا‪ ،‬دروس في المنازعات اإلدارية‪ ،‬وسائل لمشروعية‪ ،‬ط‪ ،9.‬دار هومة‪،8006 ،‬ص‪.898.‬‬ ‫‪249‬‬

‫‪97‬‬
‫وهناك حالة أخرى لمخالفة القانون مخالفة غير مباشرة‪ ،‬وهي الناتجة عن التفسير‬
‫الخاطئ للقانون‪ ،‬ولذلك صرح مجلس الدولة الفرنسي بأن رفض الترخيص باستغالل لعبة‬
‫القمار غير مشروع‪ ،‬على اعتبار أن الرفض مؤسس على نص قانوني يمنع ممارسة لعبة الكرة‬
‫األرضية واأللعاب المماثلة‪ ،‬في حين أن لعبة الكرة األرضية ولعبة القمار غير متماثلتين‪.250‬‬

‫والمقصود من عملية الرقابة التي يقوم بها القاضي عندما يتحقق من مشروعية محل القرار‬
‫الضبطي‪ ،‬أنه يتحقق من مدى مطابقة مضمون القرار مع القواعد التي تعلوه في سلم التدرج‬
‫القانوني مثلما تم توضيحه في عناصر مبدأ المشروعية‪ ،‬التي ال تتضمن التشريع بالمعنى‬
‫الضيق فقط إنما بالمعنى الواسع‪.251‬‬

‫‪ /2‬الرقابة على سبب قرار الضبط اإلداري‬

‫يعرف السبب بأنه مجموعة العناصر الواقعية أوالقانونية‪ ،‬التي تدفع اإلدارة للتصرف‬
‫واتخاذ القرار اإلداري‪ .‬وهو يلعب دورا هاما في الرقابة القضائية إذ يعتبر الدافع التخاذ القرار‪.‬‬

‫ويقصد بعيب السبب انعدام الوقائع المادية أو القانونية أو وقوع خطأ في تكييفها وتقديرها عند‬
‫صدور القرار من طرف سلطة الضبط اإلداري‪ ،‬ومنه يجب على هذه األخيرة أن تستند في‬
‫إصدارها للقرار إلى سبب قانوني أو واقعي يبرر إصدارها‪ .‬فيراقب القاضي الوجود المادي أو‬
‫القانوني للوقائع والتكييف القانوني لها‪ ،‬كما يراقب مدى تالؤمها مع القرار خصوصا في مجال‬
‫الضبط اإلداري‪.‬‬

‫إذا كانت رقابة القضاء اإلداري للسبب في أعمال اإلدارة يقف عند الوجود المادي‬
‫والقانوني والتكييف‪ ،‬فإنها في مجال الضبط اإلداري تذهب إلى رقابة مالئمة تدبير الضبط‬
‫ومدى تناسبه مع أهمية وخطورة السبب‪ .252‬فرقابة الوجود المادي للوقائع تعتبر أول درجات‬

‫وردة خالف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.968.‬‬ ‫‪250‬‬

‫أي القواعد المكتوبة وغير المكتوبة‪.‬‬ ‫‪251‬‬

‫جمال قروف‪ ،‬الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‪ ،‬مذكرة تخرج مقدمة لنيل شهادة الماجستير‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬ ‫‪252‬‬

‫جامعة باجي مختار‪ ،‬عنابة‪ ،‬جانفي ‪ ،8006‬ص‪.80.‬‬


‫‪98‬‬
‫الرقابة القضائية على السبب والحد األدنى لهذه الرقابة‪ ،‬حيث يحكم القاضي بإلغاء القرار إذا‬
‫ثبت له أن هيئات الضبط اإلداري استندت إلى وقائع غير صحيحة ويراقب الوصف القانوني‬
‫للوقائع إذا أخطأت في تكييفها القانوني‪.253‬‬

‫وعندما يراقب القاضي عنصر السبب‪ ،‬فهو يراقب مدى قيام الوقائع من الناحية المادية ويقدر‬
‫قيمتها القانونية‪.‬‬

‫في مجال الضبط اإلداري قد ال تكون الوقائع التي يحتج بها كأساس إلصدار القرار قد حدثت‬
‫بالفعل ق بل صدوره على غرار أسباب القرار اإلداري بوجه عام‪ ،‬حيث يجب تحقق الوقائع في‬
‫الواقع قبل صدوره‪ ،‬كما يمكن أن تكون سلطات الضبط اإلداري قد توقعت حدوثها مستقبال‬
‫بشكل جدي وأصدرت قرارها على أساس االحتياط من وقوعها‪ ،‬وبذلك يصح القول أن الوقائع‬
‫في مجال قرارات الضبط اإلداري قد ال تسبق القرار تاريخيا‪ ،‬لكن يتعين أن تسبقه قانونيا‪.‬‬

‫فسلطة الضبط اإلداري يجب أن تضع في اعتبارها وتقدر احتمال جدي بوقوع اضطراب‬
‫وشيك الوقوع في المستقبل‪ ،‬ومنه فلن يستطيع القاضي في مثل هذه الحاالت أن يراقب تحقق أو‬
‫عدم تحقق االحتمال ألن السبب هنا هو مجرد الخوف‪ .‬ففي قضية بتاريخ ‪ 9116-98-89‬قرر‬
‫مجلس الدولة الفرنسي إبطال القرار اإلداري الناتج عن غياب ذكر الوالي سبب اتخاذه لقرار‬
‫توقيف الجمعية المسماة منتجي الحليب‪ ،‬بعد الرأي بعدم الموافقة الذي أبدته مصالح األمن‬
‫بالتنسيق مع مصالح الوالية‪ ،‬والمبني على أن سلوك بعض أعضاء الجمعية مخل بالنظام‬
‫العمومي واآلداب العامة و أن بعضهم كانوا مسبوقين قضائيا‪ ،‬وكأن المجلس تأكد من وجود‬
‫الواقعة المادية ولم يبق إال ذكرها في حيثيات قرار الوالي لكي يكون قراره مشروعا‪ .‬لكن‬
‫الهيئة القضائية العليا قد أخلطت هنا بين السبب والتسبيب الذي يعني قيام اإلدارة بذكر األسباب‪.‬‬
‫فاألصل والقاعدة المستقر عليها في القانون والقضاء اإلداريين أن اإلدارة ليست ملزمة بتسبيب‬
‫قراراتها باعتبارها شكلية إال إذا استوجب المشرع ذلك صراحة‪ ،‬ومنه ال يمكن اعتبار القرار‬

‫المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪253‬‬

‫‪99‬‬
‫الخالي من ذكر األسباب قرارا غير مشروع‪ ،‬كما ال يمكن إسناد عدم المشروعية على ركن‬
‫السبب ضغياب)‪ ،‬ألن التسبيب ليس عنصرا من عناصر السبب‪.254‬‬

‫وفي قضية قررت المحكمة اإلدارية بسطيف بتاريخ ‪ 97‬مارس ‪ 8092‬إلغاء القرار الصادر‬
‫عن رئيس بلدية سطيف القاضي بهدم بناية المدعي اآليلة للسقوط‪ ،‬والتي تشكل خطرا على‬
‫المواطنين‪ ،‬وبعد معاينة البناية من طرف الخبير المعين في القضية‪ ،‬ثبت أن البناية صالحة‬
‫لالستعمال وال تشكل أي خطر‪ ،‬ولذلك صدر قرار المحكمة بإلغاء القرار الضبطي بحكم أنه‬
‫مبني على معطيات غير صحيحة وواقعية‪.255‬‬

‫كما يراقب الق اضي التكييف القانوني للوقائع‪ ،‬بحيث يتحقق مما إذا كانت تبرر القرار المتنازع‬
‫فيه‪ ،‬فهو يقوم بعملية إعادة التكييف‪ ،‬حيث يبحث فيما إذا كانت الوقائع التي استندت إليها اإلدارة‬
‫من شأنها أن تبرر قانونا القرار المتخذ‪ ،‬فيتحقق مثال في حالة اقتضاء طبيعة األشياء بالضرورة‬
‫اجتماع بعض الشروط الواقعية حتى يكون القرار المتخذ مشروعا‪ ،‬ومما إذا كانت هذه الشروط‬
‫قد تحققت فعال ومما إذا كانت هذه الوقائع تبرر فعال اتخاذ القرار‪.256‬‬

‫ومنه يتعلق األمر هنا بالمرور بالقاعدة القانونية من التجريد إلى الملموس‪ ،‬وبالمرور باألسباب‬
‫الواقعية من الملموس إلى التجريد‪ ،‬فتقوم بتجسيد األسباب القانونية وتجريد األسباب الواقعية‪.‬‬
‫فبواسطة رقابة التكييف القانوني يضمن القاضي وجود تطابق حقيقي بين الشروط المحددة‬
‫بواسطة القاعدة القانونية واألسباب التي تشكل أساسا التخاذها‪.‬‬

‫وقد ذهب مجلس الدولة الفرنسي في إطار رقابة عيب السبب بعد أن رفض رقابته العادية على‬
‫الوجود الحقيقي للوقائع وصحة تكييفها القانوني إلى رقابة قصوى تتضمن البحث في تقدير‬
‫اإلدارة ألهمية وخطورة تلك الوقائع ومدى التناسب بينها وبين اإلجراء المتخذ على أساسها‪،‬‬
‫وهو ما يسمى برقابة التناسب أو المالئمة‪ ،‬وذلك بتقدير أهمية وتناسب الوقائع التي تدعيها‬

‫عبد الكريم بودريوة‪ ،‬القضاء اإلداري في الجزائر الواقع واآلفاق‪ ،‬مجلة مجلس الدولة‪ ،‬العدد ‪ ،8005 ،6‬ص‪ ،1.‬وردة‬ ‫‪254‬‬

‫خالف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.890.‬‬


‫المحكمة اإلدارية بسطيف‪ ،‬حكم رقم ‪ .00888/92‬أنظر‪ :‬وردة خالف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.890.‬‬ ‫‪255‬‬

‫وردة خالف‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.882.‬‬ ‫‪256‬‬

‫‪100‬‬
‫اإلدارة مع التدابير الضبطية المتخذة‪ ،‬حيث تشكل تدابير الضبط اإلداري وحماية الحريات‬
‫العمومية المجال المفضل لتطبيق مبدأ التناسب‪ ،‬ومعنى ذلك معرفة فيما إذا كانت الوقائع تشكل‬
‫إخالال بالنظام العمومي متناسبة مع تدابير الضبط المتخذة‪ ،‬لذلك يعتبرها البعض أو يصفها‬
‫بالرقابة القصوى التي ال يمارسها القاضي بالنسبة لكل القرارات الضبطية‪ ،‬بل فقط تلك التي‬
‫تشكل اعتداء على النشاط الفردي األكثر أهمية ضمن منظور دستوري أو تشريعي)‪ ،‬وهي تتمثل‬
‫في الحريات العمومية أو األساسية‪ ،‬لذلك تبدو الرقابة القصوى ضرورية لحماية هذه الحريات‬
‫والنظام العام أيضا تتطلب رقابة معمقة لألسباب المبررة للقرار‪ .‬أرسى مجلس الدولة الفرنسي‬
‫المبادئ األساسية لهذه الرقابة القصوى تتمثل في‪:‬‬

‫‪ -‬خطورة الوقائع المدعاة من قبل اإلدارة على النظام العام‪.‬‬


‫‪ -‬اإلجراءات الضبطية المتخذة لمواجهتها‪.‬‬
‫‪ -‬االعتداء الذي تحدثه على الحريات العمومية‪ ،‬وما يترتب عنه من ضرر على األفراد‪.257‬‬

‫وبذلك تشكل الضرورة والتناسب شرطي مشروعية التدبير الضبطي‪ ،‬والذين بفضلهما تقيد‬
‫سلطة الضبط اإلداري التقديرية‪ .‬وقد ثار نقاش فقهي بين مؤيد لرقابة المالئمة ورافض لها‪،‬‬
‫فالرأي المعترف للقاضي برقابة المالئمة يعتبر أن بحث القاضي عن التدابير اإلدارية‬
‫الضرورية والمتناسبة مع األسباب الواقعية يعد فحصا لمالئمة التدخل اإلداري‪ ،‬وأنه ال يوجد‬
‫تعارض بين ما تجريه اإلدارة وهي بصدد ممارسة سلطتها التقديرية من مالئمة في مجال‬
‫الضبط اإلداري وبين أن تخضع هذه المالئمة للرقابة القضائية‪ ،‬فقاضي اإللغاء لم يعد فقط كما‬
‫في السابق قاضي مشروعية وإنما قاضي مالئمة‪ .‬وقد حثت جرأته في مجال الضبط اإلداري‬
‫على االعتراف له برقابة المالئمة وأنه عندما يفحص الوجود والتكييف القانوني لألسباب فحصا‬
‫بسيطا‪ ،‬فإنه يقتصر على ممارسة رقابة المشروعية‪ ،‬وعندما يسعى إلى تقدير قيمتها حيث ينزلق‬
‫إلى رقابة المالئمة‪ ،‬فيتحول إلى رئيس إداري‪ ،‬وهكذا ففي مجال شرطة السينما يتطلب األمر‬
‫من القاضي فحصا ذاتيا لما إذا كانت الظروف المحلية تتطلب منع عرض الفيلم‪ ،‬كما أن النظام‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.822 ،820-881 ،884 .‬‬ ‫‪257‬‬

‫‪101‬‬
‫العام الجمالي يقتضي تقديرا ذاتيا لالعتراف بمشروعية قرار رفض منح رخصة البناء ألنها‬
‫تهدد جمال المناظر البيئية‪ .258‬أما الرأي الثاني فقد أنكر على القاضي اإلداري رقابة المالئمة‪،‬‬
‫على اعتبار أن رقابة القاضي لألسباب ليست رقابة مالئمة وإنما هي رقابة مشروعية‪ ،‬ألن‬
‫األسباب في مثل هذه الحاالت ليست عناصر للمالئمة وإنما عناصر للمشروعية‪ ،‬فقد يجعل‬
‫القانون أحيانا من المالئمة شرطا للمشروعية‪.259‬‬

‫‪ /3‬رقابة الغاية أو الهدف من القرار الضبطي‬

‫يجب أن تصدر القرارات الضبطية من أجل تحقيق الهدف المسطر لها‪ ،‬وهو المحافظة‬
‫على النظام العام‪ .‬أما إذا كنا في إطار الضبط اإلداري الخاص فيجب على اإلدارة أن تستهدف‬
‫بالقرار الذي تصدره في المجال الهدف المسطر في النص القانوني الخاص‪ .‬فإذا مارست هيئات‬
‫الضبط اإلداري سلطاتها لتحقيق أهداف أخرى غير المحافظة على النظام العام‪ ،‬فيكون القرار‬
‫معيبا بعيب الغاية أو الهدف أو االنحراف بالسلطة‪ ،‬أو عيب إساءة استعمال السلطة أو التعسف‬
‫في استعمال السلطة أو مخالفة روح النص‪ .260‬ويعتقد الكثير أن االنحراف بالسلطة هو‬
‫المصطلح األقرب‪ ،‬ألن التسميات األخرى تبقى قاصرة على الحاالت التي تستهدف فيها السلطة‬
‫اإلدارية غرضا بجانب الصالح العام‪ ،‬لكنه يخالف قاعدة تخصيص األهداف‪.261‬‬

‫ولذلك‪ :‬فاستهداف صالح خاص أو شخصي يقابل االنحراف بالسلطة‪ ،‬كما أن استهداف صالح‬
‫عام مع الخروج عن أهداف الضبط اإلداري الخاص يساوي االنحراف بالسلطة أيضا‪ .‬ومنه‬
‫يتعرض القرار الضبطي لإللغاء من طرف القضاء اإلداري في حالتين هما‪:‬‬

‫‪ -9‬استهداف سلطة الضبط اإلداري مصلحة أو غرض غير المصلحة العامة‪ :‬عرفته‬
‫المحكمة التونسية بالعيب الذي يصيب المقرر اإلداري والمتمثل في مبادرة السلطة‬

‫وردة خالف‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.840.‬‬ ‫‪258‬‬

‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.849 .‬‬ ‫‪259‬‬

‫سليمان محمد الطماوي‪ ،‬النظرية العامة للقرارات اإلدارية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬ط‪ ،9.‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪،9119 ،‬‬ ‫‪260‬‬

‫ص‪.258 .‬‬
‫المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪261‬‬

‫‪102‬‬
‫اإلدارية‪ ،‬قصد استعمال السلطات الراجعة لها قانونا في سبيل خدمة هدف غريب عن‬
‫الهدف الذي من أجله منحت لها تلك السلطة‪ .‬ويتضمن‪:‬‬
‫‪ ‬استهداف غرض أجنبي عن المصلحة العامة‪ ،‬إما لتحقيق مصلحة خاصة أو تحقيق‬
‫غرض ديني أو سياسي‪.‬‬
‫‪ ‬استهداف غرض عام غير المصلحة التي يجب على اإلدارة الضبطية تحقيقها سواء في‬
‫إطار قاعدة تخصيص األهداف أو تحقيق مصلحة مالية‪.‬‬
‫‪ -8‬االنحراف باإلجراء‪ :‬ويتمثل في استعمال اإلدارة لبلوغ نتيجة معينة إجراء غير‬
‫المنصوص عليه في تلك الحالة‪ ،‬فهو صيغة خاصة لالنحراف بالسلطة‪ .‬حيث يفترض أن‬
‫سلطة الضبط اإلداري تجمع بين االختصاصين الضبط اإلداري العام والخاص بإجراءين‬
‫مختلفين‪ ،‬فيستعمل اإلجراء األخف واألبسط الستهداف نتيجة تتعلق بغاية االختصاص‬
‫األخير‪.‬‬
‫فمفهوم االنحراف باإلجراء يستند إلى فكرة غياب الخيار بين إجراءين من طرف متخذ القرار‪،‬‬
‫فيظهر الطابع العمدي لتغيير اإلجراء بنية تطبيق إجراء سريع عوض اإلجراء المعقد الذي يهدد‬
‫تأخير أو منع اتخاذ القرار‪.262‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حدود سلطات الضبط اإلداري في الظروف االستثنائية‪.‬‬


‫قد تأتي مرحلة تمر فيها الدولة بظروف استثنائية كالحروب واالضطرابات والفوضى‪،‬‬
‫والتي تتأثر فيها حريات األفراد وحقوقهم‪ ،‬مما يستوجب تدخل سلطات الضبط اإلداري باتخاذ‬
‫تدابير وإجراءات أكثر صرامة لمواجهة هذه المرحلة وهذه الظروف‪ ،‬والتي تعتبر في الظروف‬
‫العادية خروجا عن مبدأ المشروعية‪ ،‬لكنها تعتبر مشروعة في ظل الظروف االستثنائية بهدف‬
‫المحافظة على النظام العام‪ .‬فتغير الظروف والوقائع يستتبع معه تغير أساليب مواجهتها وذلك‬
‫أمر محتم‪ ،‬على اعتبار ما تفرضه الضرورة من عدم إنكار حق الدولة في الدفاع عن نفسها‬

‫وردة خالف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.888-889 .‬‬ ‫‪262‬‬

‫‪103‬‬
‫واتخاذ ما تراه مناسبا من اإلجراءات التي تكفل حماية استقاللها وسالمة ترابها وأمن مواطنيها‬
‫وسير مؤسساتها‪ .263‬لكن هذه اإلجراءات تبقى خاضعة للرقابة القضائية لما لها من أثر على‬
‫الحريات الفردية والعامة‪ .‬وعليه سيكون من المالئم أن نعرف هذه الحاالت االستثنائية بالتعرض‬
‫للشروط الشكلية والموضوعية لتقريرها حتى يكون تقريرها مشروعاضالفرع األول)‪ ،‬ثم ألثر‬
‫تقرير هذه الحاالت على الحقوق والحريات خصوصا حالتي الطوارئ والحصار اللتين تم‬
‫تقريرهما في الجزائرضالفرع الثاني) ثم نعرض للرقابة القضائية على أعمال سلطات الضبط‬
‫اإلداري أثناء هذه الظروف ضالفرع الثالث)‪.‬‬

‫لزرق حبشي ‪ ،‬أثر سلطة التشريع على الحريات العامة وضماناتها‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون‬ ‫‪263‬‬

‫العام‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة أبو بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،8092-8092 ،‬ص‪.988 .‬‬
‫‪104‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف الحاالت االستثنائية وشروط تقريرها تعريف الحاالت االستثنائية‬
‫أوال‪ :‬تعريف الحاالت االستثنائية‬
‫عرف الفقيه ‪ J.Rivero‬الظروف االستثنائية بأنها‪" :‬األوضاع الفعلية التي تؤدي إلى‬
‫نتيجتين اثنتين تتمثالن في وقف العمل بالقواعد العادية اتجاه اإلدارة وذلك لتطبيق اتجاه هذه‬
‫القواعد مشروعية خاصة‪ ،‬حيث يقوم القاضي بتحديد مقتضيات هذه المشروعية الخاصة"‪.264‬‬
‫عرفتها سعاد الشرقاوي من خالل تعداد الشروط التي ينبغي توافرها حتى يمكن أن يقال أننا‬
‫أمام ظرف استثنائي وهي‪:‬‬
‫‪ -‬يجب أن يكون هناك وضع غير عادي‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن يترتب على هذا الوضع غير العادي أن يستحيل على اإلدارة مواجهته بإتباع قواعد‬
‫المشروعية الموضوعية للظروف العادية‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن تنحصر الضرورة وتقدر بقدرها‪ ،‬فال تمارس اإلدارة السلطات االستثنائية إال بالقدر‬
‫وفي الحدود التي تتطلبها المصلحة العامة‪.‬‬
‫‪ -‬يشترط انتهاء الحالة االستثنائية بمجرد زوال الظروف االستثنائية‪ ،‬ويقتصر استخدام‬
‫السلطات اإلضافية خالل الفترة الزمنية التي ظلت الظروف قائمة خاللها‪.265‬‬

‫وتعد الظروف االستثنائية من ابتكار مجلس الدولة الفرنسي وتبعه في ذلك مجلس الدولة‬
‫المصري‪ ،266‬حيث اعتبر أن بعض القرارات اإلدارية غير المشروعة في ظل الظروف العادية‬
‫تعتبر مشروعة في ظل الظروف غير العادية أو االستثنائية‪ ،‬وذلك إذا ما ثبت أنها ضرورية‬
‫لحماية النظام العام أو الدفاع عن األمن الوطني‪ .‬فالظروف االستثنائية يترتب عليها أن تتحلل‬
‫اإلدارة بصفة مؤقتة من قيود المشروعية العادية لكي تتمتع بسلطات أوسع مما ورد في‬
‫التشريعات العادية‪ ،‬ويقوم نظام استثنائي توقف أو تقيد في ظله الحقوق والحريات الفردية‬

‫جمال قروف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.48.‬‬ ‫‪264‬‬

‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪، 42 .‬عن سعاد الشرقاوي‪ ،‬المنازعات اإلدارية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪ ،9116‬ص ص‪.‬‬ ‫‪265‬‬

‫‪.981-987‬‬
‫عبد الغني بسيوني عبداهلل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.816-814 .‬‬ ‫‪266‬‬

‫‪105‬‬
‫والجماعية والضمانات الدستورية المقررة لها‪ .267‬كما اشترط لقيام الحالة االستثنائية لتكون‬
‫مبررا لتقييد الحقوق والحريات ثالثة شروط أساسية هي‪:268‬‬

‫‪ -‬أن تجد اإلدارة نفسها أمام حالة غير مألوفة يصعب معها استخدام القوانين العادية لمواجهة‬
‫هذه الحالة‪.‬‬
‫‪ -‬أن يترتب على هذه الحالة تعريض األمن والنظام العام للخطر‪.‬‬
‫‪ -‬تناسب اإلجراءات المتخذة من اإلدارة مع الظرف االستثنائي تحقيقا للصالح العام‪.‬‬

‫وقد جرى العمل على أنه عندما يتوقع المشرع ظرفا استثنائيا معينا أو جملة من الظروف‬
‫االستثنائية‪ ،‬فإنه يبادر إلى وضع النصوص القانونية المالئمة لمواجهتها والتي تعد بمثابة حلول‬
‫تشريعية لها‪ .269‬غير أن الحلول التشريعية للظروف االستثنائية ليست متماثلة في جميع الدول‪،‬‬
‫فكل دولة تختار الحلول التي ترى أنها أكثر مالئمة لمواجهة هذه الظروف‪.270‬‬

‫وقد تعددت الظروف الموجبة لتقرير الحاالت االستثنائية إلى حالة الطوارئ‪ ،‬حالة الحصار‬
‫والحالة االستثنائية وحالة الحرب‪ ،‬وعليه سنتطرق لتعريف كل حالة من هذه الحاالت ثم نتطرق‬

‫عدنان عمرو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،28 .‬عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.896.‬‬ ‫‪267‬‬

‫أحمد سالمة بدر ‪ ،‬االختصاص التشريعي لرئيس الدولة في النظام البرلماني دراسة مقارنة مصر فرنسا إنجلترا‪ ،‬دار‬ ‫‪268‬‬

‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،8002 ،‬ص ص‪.894-892 .‬‬


‫أحمد سالمة بدر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.897 .‬‬ ‫‪269‬‬

‫ويمكن أن نميز بين اتجاهين اثنين‪ :‬االتجاه االنجلوسكسوني الذي ال ينظم سلفا حالة الطوارئ بقانون‪ ،‬ولكنه يجيز كلما‬ ‫‪270‬‬

‫دعت الظروف للسلطة التنفيذية أن تلجأ إلى البرلمان لتستصدر منه قانون الظروف‪ ،‬ويتكفل هذا القانون بأن يحدد حالة‬
‫الطوارئ والمناطق التي يسري عليها مفعولها كما يبين حدود اختصاصات السلطة التنفيذية بمناسبتها‪ ،‬ويطلق على هذا األسلوب‬
‫أسلوب التفويض التشريعي‪ ،‬هذا األسلوب يقف عائقا أمام السلطة التنفيذية إذا ما أرادت التذرع بظروف غير جدية لفرض‬
‫أحكام الطوارئ ويحقق في ذات الوقت حماية قوية للحقوق والحريات الفردية‪ ،‬لكنه قد يؤخر السلطة التنفيذية عن السرعة في‬
‫مواجهة هذه الظروف‪ .‬أما االتجاه الثاني فهو االتجاه الالتيني الذي يقضي بوجود قانون سابق ينظم حالة الطوارئ قبل وقوع‬
‫الظرف االستثنائي يسمى قانون الطوارئ‪ ،‬ثم يرخص الدستور للسلطة التنفيذية متى قامت حالة الطوارئ في العمل بمقتضى‬
‫أحكام هذا القانون‪ .‬وبذلك يتيح هذا األسلوب للسلطة التنفيذية مواجهة الظرف االستثنائي وقت حدوثه‪ .‬أنظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‬
‫ص‪.882-897 .‬‬

‫‪106‬‬
‫لإلجراءات والشروط الشكلية والموضوعية المطلوبة لتقرير مثل هذه الحاالت حتى تكون‬
‫مشروعة‪ ،‬ثم نتطرق ألثار تقرير هذه الحاالت على تقييد الحقوق والحريات الفردية والجماعية‪.‬‬

‫‪ /0‬حالة الطوارئ‬

‫اختلف الفقه في تعريف حالة الطوارئ‪ ،‬فقد عرفها الفقه االنجلوسكسوني بأنها الحالة التي‬
‫يمكن من خاللها تجاوز المبادئ الدستورية االعتيادية لمواجهة الظروف االستثنائية‪ ،‬أو أنها‬
‫الظروف الطارئة التي تحدث داخل أو خارج البالد فتؤثر على نظام الدولة وال تستطيع‬
‫الصالحيات الممنوحة لسلطات الضبط اإلداري بموجب التشريعات السارية من مواجهة هذه‬
‫الظروف‪ ،‬بل تتمكن وفي إطار قانون الطوارئ أن تتخذ تدابير استثنائية تأخذ قوة التشريع بعد‬
‫عرضها على البرلمان والتصديق عليها‪ ،‬وذلك في سبيل مواجهة هذه الظروف‪.271‬‬

‫أما الفقه األمريكي فترتبط حالة الطوارئ عنده بحدوث ظروف استثنائية ال يمكن توقع شدتها‬
‫وفترة استمرارها ويكون من شأنها أن تهدد الحياة العامة خارج الحدود المتوقعة‪ .‬أو هي نظام‬
‫اتخذ لمواجهة ظروف غير م ستقرة وغير متكررة ال يمكن مواجهتها بالسلطات التي تمنحها‬
‫التشريعات العادية‪.272‬‬

‫أما في الفقه الفرنسي فعرفها ‪ M.Hauriou‬بأنها‪ ":‬نظام قانوني معد سلفا لتأمين نظام البالد‬
‫يرتكز على تقوية صالحيات السلطة التنفيذية عن طريق نقل السلطة المدنية إلى يد السلطة‬
‫العسكرية"‪.273‬‬

‫كما عرفها ‪ G.Burdeau‬بأنها‪ ":‬ظروف أو أحداث غير متوقع حدوثها ومحددة في قانون‬
‫األحكام العرفية أو قانون حالة االستدعاء ضالضرورة)‪ ،‬يؤدي حدوثها إلى عجز السلطات‬
‫الممنوحة للهيئة القائمة على الضبط اإلداري بموجب التشريعات السارية عن مواجهة تلك‬

‫جلول مولودي‪ ،‬حماية الحقوق والحريات أثناء حالة الطوارئ في النظام الدستوري الجزائري‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة‬ ‫‪271‬‬

‫الماجستير‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،8001-8007 ،‬ص‪.90.‬‬


‫المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪272‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪68.‬‬ ‫‪273‬‬

‫‪107‬‬
‫الظروف أو األحداث الشا ذة‪ ،‬لذلك يمنح القانون تلك السلطات تدابير استثنائية لمواجهة هذه‬
‫الظروف وتخضع في ذلك لرقابة القضاء"‪ .‬كما عرفها ‪ A.DeLaubadaire‬بأنها‪ ":‬نظام‬
‫استثنائي تبرره فكرة الخطر الوطني"‪.274‬‬

‫أما في الجزائر فقد عرفها فؤاد الشريف بأنها‪ ":‬نظام استثنائي تفرضه السلطات العليا في الدولة‬
‫أثناء حدوث خطر داخلي أو وشيك الحدوث يهدد المؤسسات الدستورية في البلد أو أمن وسالمة‬
‫المواطنين وإقليمهم الوطني ويهدف إلى استتباب النظام العام والسكينة العامة وحماية أفضل‬
‫ألمن األشخاص والممتلكات وتأمين السير الحسن للمصالح العمومية"‪.275‬‬

‫‪ /2‬حالة الحصار‬

‫هي إجراء من إجراءات األمن العام تعطل بمقتضاها القوانين ويحل محلها النظام‬
‫العسكري‪ .276‬وعرفها مسعود شيهوب بأنها‪ ":‬حالة تسمح لرئيس الجمهورية باتخاذ كافة‬
‫اإلجراءات بهدف الحفاظ على استقرار مؤسسات الدولة واستعادة النظام والسير العادي للمرافق‬
‫العمومية"‪.277‬‬

‫ففي حالة الحصار تستطيع الدولة مواجهة أشد الظروف قساوة تمر بها قبل اللجوء إلى حالة‬
‫الحرب‪ ،‬والتي ال تستطيع فيها السلطات المدنية من مباشرة مهامها ومواجهة هذه الظروف‪،‬‬
‫وبذلك تحل السلطة العسكرية محل السلطة المدنية‪ ،‬كما يحل القضاء العسكري محل المدني‪.278‬‬

‫من خالل التعاريف السابقة للحالتين‪ ،‬يظهر أن هناك شبه كبير بينهما‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بتوسع‬
‫السلطات المكلفة باستتباب األمن‪ ،‬وما لذلك من أثر على تقييد الحقوق والحريات العامة‬

‫لزرق حبشي ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.981.‬‬ ‫‪274‬‬

‫فؤاد الشريف‪ ،‬حالة الطوارئ وأثرها على الحقوق والحريات العامة للمواطنين‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد‬ ‫‪275‬‬

‫خيضر بسكرة‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬ص ص‪.971-975 .‬‬


‫لزرق حبشي ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.988 .‬‬ ‫‪276‬‬

‫مسعود شيهوب‪ ،‬الحماية القضائية للحريات األساسية في الظروف االستثنائية‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم القانونية‬ ‫‪277‬‬

‫واإلقتصادية والسياسية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬الجزائر‪ ،9117 ،‬ص‪.25 .‬‬


‫حياة غالي ‪ ،‬حدود سلطات الضبط اإلداري‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام المعمق‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬ ‫‪278‬‬

‫السياسية‪ ،‬جامعة أبو بكر القايد‪ ،‬تلمسان‪ ،8095-8094 ،‬ص‪.992.‬‬


‫‪108‬‬
‫والفردية‪ .‬ومن ذلك قام المؤسس الدستوري الجزائري بذكرهما معا في مادة واحدة‪ ،‬مانحا بذلك‬
‫رئيس الجمهورية السلطة التقديرية لالختيار بين تقرير هذه الحالة من دون األخرى‪.‬‬

‫‪ /3‬الحالة االستثنائية‬

‫عرفت في فرنسا على أنها نظام دستوري استثنائي قائم على فكرة الخطر الوشيك المهدد‬
‫لكيان الدولة وسالمة ترابها‪ ،‬تخول للسلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية اتخاذ كل‬
‫التدابير االستثنائية المنصوص عليها في القانون بهدف حماية أراضي الدولة وبحارها وأجواءها‬
‫كليا أو جزئيا ضد األخطار الناجمة عن عدوان مسلح داخلي أو خارجي‪ ،‬مع إمكانية نقل‬
‫صالحيات السلطات المدنية إلى السلطات العسكرية‪.279‬‬

‫وتعتبر الحالة االستثنائية أكثر تعقيدا من حالتي الطوارئ والحصار‪ ،‬تستدعي وجود ظروف‬
‫أخطر من التي تستدعي فرض حالتي الطوارئ والحصار‪ ،‬يرتبط فرضها بخطر وشيك الوقوع‬
‫يهدد أركان الدولة ومؤسسات البالد أو استقاللها أو سالمة ترابها‪ ،‬وإذا كان فرضها من‬
‫الخطورة بمكان بالنظر لما يترتب علها من أثار على السير العادي للمؤسسات والحقوق‬
‫والحريات العامة لألفراد‪ ،‬فإن األمر يتطلب فرض شروط وآليات خاصة بالنظر لجسامة الخطر‬
‫الذي يهدد المؤسسات الدستورية واستقالل األمة وسالمة ترابها‪.280‬‬

‫‪ /4‬حالتي التعبئة العامة والحرب‬

‫يقصد ب حالة التعبئة العامة جعل المرافق العمومية والخاصة والمجهود الحربي من عتاد‬
‫وأموال وأفراد تحت طلب الحكومة‪ ،‬وبالتالي تأميم ومصادرة العديد من العقارات واألموال‬
‫والمنقوالت للمشاركة في الحرب‪ .‬وهي حالة تتوسط الحالة االستثنائية وحالة الحرب‪.281‬‬

‫مبروك غضبان ‪ ،‬نجاح غربي ‪ ،‬قراءة تحليلية للنصوص القانونية المنظمة لحالتي الطوارئ والحصار ومدى تأثريهما‬ ‫‪279‬‬

‫على الحقوق والحريات في الجزائر‪ ،‬مجلة المفكر‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬العدد العاشر‪،‬‬
‫ص‪.91.‬‬
‫لزرق حبشي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.928.‬‬ ‫‪280‬‬

‫مبروك غضبان ‪ ،‬نجاح غربي ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.89-80 .‬‬ ‫‪281‬‬

‫‪109‬‬
‫أما حالة الحرب فهي التي يعلن عنها في حالة وقوع عدوان فعلي أو وشيك الوقوع حسب‬
‫الترتيبات الواردة في ميثاق األمم المتحدة‪.282‬‬

‫ثانيا‪ :‬الشروط الشكلية والموضوعية لتقرير الحاالت االستثنائية وفق تطبيقاتها في الجزائر‬

‫في الغالب ومن خالل استقراء العديد من التشريعات المقارنة‪ ،‬يقوم المؤسس الدستوري‬
‫بتنظيم هذه الحاالت بواسطة نصوص تحدد شروط فرضها‪ ،‬مع اإلحالة لقوانين للتفصيل فيها‬
‫وتحديد مدى سلطات الضبط اإلداري في مجال تقييد الحقوق والحريات‪.‬‬

‫وقد حدد المؤسس الدستوري الجزائري مجموعة من الشروط الشكلية والموضوعية لتقرير هذه‬
‫الحاالت مع منح رئيس الجمهورية السلطة التقديرية لتقريرها‪.‬‬

‫‪ /0‬الشروط الشكلية‬

‫‪ ‬بالنسبة لحالتي الطوارئ والحصار ‪ :‬نصت المادة ‪ 905‬من التعديل الدستوري لسنة‬
‫‪ 8096‬على الحالتين كالتالي‪ ":‬يقرر رئيس الجمهورية إذا دعت الضرورة الملحة‪ ،‬حالة‬
‫الطوارئ أو الحصار‪ ،‬لمدة معينة بعد اجتماع المجلس األعلى لألمن واستشارة رئيس المجلس‬
‫الشعبي الوطني ورئيس مجلس األمة والوزير األول ورئيس المجلس الدستوري ويتخذ كل‬
‫التدابير الالزمة الستتباب الوضع‪ .‬وال يمكن تمديد حالة الطوارئ والحصار إال بعد موافقة‬
‫البرلمان المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معا"‬

‫كما نصت المادة ‪ 906‬على ما يلي‪ ":‬يحدد تنظيم حالة الطوارئ أو الحصار بموجب قانون‬
‫عضوي"‪.‬‬

‫لقد اشترط المؤسس الدستوري إلعالن حالتي الطوارئ والحصار الشروط الشكلية التالية‪:‬‬

‫‪ -‬اجتماع المجلس األعلى لألمن‪.‬‬

‫مبروك غضبان ‪ ،‬نجاح غربي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.89 .‬‬ ‫‪282‬‬

‫‪110‬‬
‫‪ -‬استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس األمة كممثلين للسلطة التشريعية‬
‫وباعتبار أرائهما لها أبعاد سياسية‪ ،‬باإلضافة إلى الحفاظ على مكانة وسمعة البرلمان‪.283‬‬
‫‪ -‬استشارة الوزير األول باعتباره المنفذ إلرادة رئيس الجمهورية والمسئول عن تنفيذ القوانين‬
‫والتنظيمات‪ ،‬و إلحاطته بالوضعية االقتصادية واالجتماعية للدولة‪.284‬‬
‫‪ -‬استشارة رئيس المجلس الدستوري باعتباره الهيئة المكلفة برقابة دستورية القوانين‪.‬‬

‫أما عن مدى إلزامية هذه اآلراء فإنها تبقى مبدئيا غير ملزمة لرئيس الجمهورية‪ ،‬حيث تكون‬
‫االستشارة ملزمة لكن الرأي غير ملزم‪ .‬لكن ال نتصور اجتماع أغلبية هذه اآلراء على رأي‬
‫ويخالفه رئيس الجمهورية؟ والمالحظ أن المؤسس الدستوري الجزائري قد جمع بين الحالتين‬
‫فيما يتعلق بالشروط الشكلية وكذلك الموضوعية كما سنرى الحقا‪.‬‬

‫‪ ‬بالنسبة للحالة االستثنائية‪ :‬نصت المادة ‪ 908‬من التعديل الدستوري على ما يلي‪ ":‬يقرر‬
‫رئيس الجمهورية الحالة االستثنائية إذا كانت البالد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب‬
‫مؤسساتها الدستورية أو استقاللها أو سالمة ترابها‪ .‬وال يتخذ مثل هذا اإلجراء إال بعد استشارة‬
‫رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس األمة والمجلس الدستوري واالستماع للمجلس‬
‫األعلى لألمن ومجلس الوزراء‪ .‬تخول الحالة االستثنائية لرئيس الجمهورية أن يتخذ اإلجراءات‬
‫االستثنائية التي تستوجبها المحافظة على استقالل األمة والمؤسسات الدستورية في الجمهورية‪.‬‬
‫ويجتمع البرلمان وجوبا‪ .‬تنتهي الحالة االستثنائية حسب األشكال واإلجراءات السالفة الذكر التي‬
‫أوجبت إعالنها"‬

‫اشترط المؤسس الدستوري مجموعة من الشروط الشكلية لتقرير الحالة االستثنائية وهي‪:‬‬

‫‪ -‬استشارة رئيسي غرفتي البرلمان‪.‬‬

‫حياة غالي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.997 .‬‬ ‫‪283‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.997 .‬‬ ‫‪284‬‬

‫‪111‬‬
‫‪ -‬استشارة المجلس الدستوري باعتباره الهيئة المكلفة بالسهر على احترام الدستور‪ ،‬وهنا‬
‫االستشارة ال تخص الرئيس فحسب بل المجلس ككل‪ ،‬وذلك بسبب أهمية القرار الذي يمكن‬
‫أن يتخذ ونتائجه المهمة على الحقوق والحريات‪.‬‬
‫‪ -‬االستماع للمجلس األعلى لألمن‪ ،‬وذلك ألن رأيه يساهم في توضيح الحالة الواقعية بناء على‬
‫المعطيات والظروف من الناحية األمنية لتمكين رئيس الجمهورية من اتخاذ القرار‬
‫المناسب‪.285‬‬
‫‪ -‬االستماع إلى مجلس الوزراء وذلك لتوجيه وتسديد قرار رئيس الجمهورية‪.‬‬

‫إن هذه االستشارات تعد تدعيما وحماية لموقف الرئيس أمام المؤسسات األخرى والشعب‪.‬‬

‫‪ ‬بالنسبة لحالتي التعبئة العامة والحرب‪ :‬نصت المادة ‪ 907‬من التعديل الدستوري على‬
‫ما يلي" يقرر رئيس الجمهورية التعبئة العامة في مجلس الوزراء بعد االستماع إلى المجلس‬
‫األعلى لألمن واستشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس األمة‪ .‬أما المادة ‪901‬‬
‫فقد نصت على ما يلي " إذا وقع عدوان فعلي على البالد أو يوشك أن يقع حسبما نصت عليه‬
‫الترتي بات المالئمة لميثاق األمم المتحدة يعلن رئيس الجمهورية الحرب بعد اجتماع مجلس‬
‫الوزراء واالستماع إلى المجلس األعلى لألمن واستشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس‬
‫مجلس االمة‪ .‬ويجتمع البرلمان وجوبا‪ .‬ويوجه خطابا لألمة"‪.‬‬

‫تتمثل الشروط الشكلية إلعالن التعبئة العامة فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬االستماع إلى المجلس األعلى لألمن‪.‬‬


‫‪ -‬استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس األمة‪.‬‬
‫‪ -‬إعالن هذه الحالة في مجلس الوزراء‪.‬‬

‫أما الشروط الشكلية إلعالن حالة الحرب فتتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬اجتماع مجلس الوزراء‪.‬‬

‫حياة غالي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.980.‬‬ ‫‪285‬‬

‫‪112‬‬
‫‪ -‬االستماع إلى المجلس األعلى لألمن‪.‬‬
‫‪ -‬استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس األمة‪.‬‬
‫‪ -‬اجتماع البرلمان وجوبا‪.‬‬
‫‪ -‬استشارة رئيس المجلس الدستوري‪.‬‬
‫‪ -‬توجيه خطابا لألمة‪ ،‬مع ترك تقدير وقت توجيه لرئيس الجمهورية‪ ،‬الذي يمكن أن يختار‬
‫قبل أو أثناء أو بعد اإلعالن عن اإلجراءات االستثنائية‪ ،‬حيث يبرر رئيس الجمهورية من‬
‫خالل هذا الخطاب اتخاذه للتدابير االستثنائية بهدف المحافظة على أمن وسالمة الدولة‪.‬‬
‫ويتمثل الهدف من اإلعالم تحسيس األفراد بخطورة الوضع وضرورة احترامهم للتدابير‬
‫واإلجراءات المتخذة حتى ولو كانت فيها مساسا بحقوقهم وحرياتهم‪.286‬‬

‫‪ /2‬الشروط الموضوعية‬

‫جعل المؤسس الدستوري الجزائري عبر النصوص الدستورية المتعاقبة‪287‬رئيس الجمهورية‬


‫الهيئة الدستورية الوحيدة المختصة بإعالن الظروف االستثنائية‪ ،‬مع مراعاة الشروط الشكلية‬
‫المذكورة أعاله ومجموعة من الشروط الموضوعية تختلف باختالف الحالة المقررة إن كانت‬
‫طوارئ أو حصار‪ ،‬ح الة استثنائية‪ ،‬أو حرب‪ .‬إن هذه الحاالت قد ذكرت على سبيل التدرج‬
‫حسب اختالف األثر المترتب عن كل حالة ودرجة خطورتها‪ ،‬لكن هذا التدرج غير ملزم لرئيس‬
‫الجمهورية الذي منحه المؤسس الدستوري السلطة التقديرية الختيار الحالة المناسبة متى ألزمه‬
‫الظرف االستثنائي ذلك‪.288‬‬

‫‪ ‬بالنسبة لحالتي الطوارئ والحصار‪ :‬جمع المؤسس الدستوري بين حالتي الضرورة‬
‫والحصار فيما يتعلق بالشروط الموضوعية والتي تتمثل في الضرورة الملحة والمدة‪:‬‬
‫‪ -‬الضرورة الملحة‪ ،‬حيث يكون هنا رئيس الجمهورية ملزما بتشخيص الوضع تشخيصا جيدا‪.‬‬

‫مبروك غضبان ‪ ،‬نجاح غربي ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.88.‬‬ ‫‪286‬‬

‫المادة ‪ 51‬من دستور ‪ ،9162‬المواد من ‪ 982-991‬من دستور ‪ ،9186‬المواد من ‪ 71-76‬من دستور ‪ 9171‬والمواد‬ ‫‪287‬‬

‫من ‪ 15-19‬من دستور ‪.9116‬‬


‫مبروك غضبان ‪ ،‬نجاح غربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.92.‬‬ ‫‪288‬‬

‫‪113‬‬
‫‪ -‬تحديد المدة‪ :‬لم يحدد المؤسس الدستوري المدة التي يجوز تقرير حالتي الطوارئ والحصار‪،‬‬
‫بل ترك األمر سلطة تقديرية لرئيس الجمهورية‪.‬‬

‫وقد تم تحديد مدة حالة الحصار التي كانت قد أعلنت في الجزائر بأربعة أشهر وفقا لنص المادة‬
‫األولى من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 916-19‬المؤرخ في ‪ 04‬جوان ‪ 9119‬المتضمن تقرير‬
‫حالة الحصار‪ ،289‬والتي تم رفعها بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪ 226-19‬المؤرخ في ‪-88‬‬
‫‪ .2909119-01‬أما حالة الطوارئ التي أعلنت بعد نهاية حالة الحصار بموجب المرسوم‬
‫الرئاسي رقم ‪ 44-18‬المؤرخ في ‪ 9118-08-01‬المتضمن إعالن حالة الطوارئ لمدة ‪98‬‬
‫شهرا‪ ،291‬فقد تم رفعها باألمر رقم ‪ 09-99‬المؤرخ في ‪.2928099-08-82‬‬

‫‪ ‬بالنسبة للحالة االستثنائية‪ :‬يشترط‬


‫‪ -‬وجود خطر داهم‪ ،‬حيث تبقى السلطة التقديرية لرئيس الجمهورية في تحديد المعطيات‬
‫والظروف األمنية لذلك‪.‬‬
‫‪ -‬أن يقع الخطر على المؤسسات الدستورية ويمس استقالل الدولة وسالمة التراب الوطني‪.‬‬
‫‪ ‬بالنسبة للتعبئة العامة وحالة الحرب‪ :‬بالنسبة لإلعالن عن التعبئة العامة فإن المؤسس‬
‫الدستوري الجزائري لم يحدد لها أي شرط موضوعي مشيرا فقط إلى الشروط الشكلية‪ ،‬ولكن‬
‫يمكن إرجاع هذه الشروط إلى مواجهة الدولة لخطر شديد حالي أو متوقع خارجي أو داخلي‪،‬‬
‫كاحتالل جزء من أراضيها أو نشوب حرب أو ظهور بوادرها‪ ،‬أو وجود توتر دولي يؤثر على‬
‫الوضع في الدولة‪ ،‬أو وجود تمرد أو عصيان‪.293‬‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 81‬بتاريخ ‪ 98‬جوان ‪ ،9119‬ثم صدرت المراسيم التنفيذية رقم ‪ 804-19 ،802-19 ، 808-19‬المؤرخ‬ ‫‪289‬‬

‫في ‪ ،9119-06-04‬ج‪.‬ر عدد ‪ 92‬بتاريخ ‪ 89‬جوان ‪ 9119‬التي جاءت لضبط وتحديد كيفية تطبيق المواد ‪ 07-08-04‬من‬
‫المرسوم الرئاسي رقم‪.916-19‬‬
‫ج‪.‬ر عدد ‪ 44‬بتاريخ ‪.9119-01-85‬‬ ‫‪290‬‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 90‬بتاريخ ‪ ،9118-08-01‬والتي تم تمديدها بالمرسوم التشريعي رقم ‪ 08-12‬المؤرخ في ‪9112-08-06‬‬ ‫‪291‬‬

‫المتضمن تمديد حالة الطوارئ‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 7‬بتاريخ ‪ 9112-08-08‬إلى أجل غير محدد‪.‬‬
‫ج‪.‬ر عدد ‪ 98‬بتاريخ ‪.8099-08-82‬‬ ‫‪292‬‬

‫مبروك غضبان ‪ ،‬نجاح غربي ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.89.‬‬ ‫‪293‬‬

‫‪114‬‬
‫أما عن المدة التي تسري خاللها حالة التعبئة‪ ،‬فلم ينص عليها المؤسس الدستوري الجزائري‬
‫تاركا المسألة سلطة تقديرية لرئيس الجمهورية‪ ،‬أما المنطق فيقضي أنها تنتهي بانتهاء الحرب‪.‬‬

‫أما بالنسبة لحالة الحرب‪ ،‬فتعلن بوقوع عدوان فعلي على البالد أو وشيك الوقوع حسب‬
‫الترتيبات المنصوص عليها في ميثاق األمم المتحدة‪.‬‬

‫وتختلف حالة الحرب عن الحالة االستثنائية عن حالتي الحصار والطوارئ من خالل ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬اختالف اإلجراءات الشكلية الواجبة االحترام إلعالن هذه الحاالت‪.‬‬


‫‪ -‬اختالف األسباب الداعية إلعالن كل حالة بالتدرج ضالعدوان الفعلي أو الوشيك‪ ،‬الخطر الداهم‬
‫الذي يهدد مؤسسات الدولة وسالمة ترابها واستقاللها‪ ،‬الضرورة الملحة)‪.‬‬
‫‪ -‬منح رئيس الجمهورية سلطات أوسع في الحالة األولى ثم تبدأ بالتناقص‪ ،‬حيث يجمع في‬
‫حالة الحرب بيده جميع السلطات‪ ،‬يوقف العمل بالدستور‪ ،‬بمعنى أن كل التدابير التي يتخذها‬
‫تخرج عليه ‪.‬‬
‫‪ -‬التشريع بأوامر مع اجتماع البرلمان وجوبا في الحالة االستثنائية والحرب‪.‬‬
‫‪ -‬نص الدستور على ضرورة تحديد المدة في الحالتين األخيرتين‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أثر تقرير هذه الحاالت االستثنائية على الحقوق والحريات‪.‬‬

‫لقد مرت الجزائر بظروف استثنائية مع بداية سنوات التسعينيات‪ ،‬حيث قرر رئيس‬
‫الجمهورية الشادلي بن جديد قبل استقالته إعالن حالة الحصار بموجب المرسوم الرئاسي رقم‬
‫‪ 961-19‬المذكور أعاله‪ ،‬وبعد رفعها تم تقرير حالة الطوارئ بموجب المرسوم الرئاسي رقم‬
‫‪ 44-18‬المذكور أعاله‪ .‬وقد تم بموجب هذين المرسومين تقييد بعض الحريات الفردية‬
‫والجماعية كالتالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أثر حالة الحصار على الحقوق والحريات ‪:‬‬

‫يمكن التمييز بين هذا األثر على الحريات الفردية والجماعية‪:‬‬

‫‪115‬‬
‫‪ /0‬أثر حالة الحصار على الحريات الفردية‪:‬‬

‫يمكن حصر أهم اإلجراءات التي تم بواسطتها تقييد الحقوق والحريات الفردية كالتالي‪:‬‬
‫‪294‬‬
‫سلطات الضبط اإلداري من‬ ‫مكنت المادة ‪ 4‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪961-19‬‬ ‫‪-‬‬
‫االعتقال اإلداري ألي شخص من دون حكم قضائي‪ .‬ويقصد به وضع الشخص في مركز األمن‬
‫لتبين أن نشاطه فيه مساس وخطر على النظام واألمن العموميين والسير العادي للمرافق العامة‪،‬‬
‫ويكون ذلك بناء على اقتراح مصالح الشرطة بموافقة لجنة رعاية النظام العام‪ ،‬التي نشأت على‬
‫‪295‬‬
‫لتقديم النصائح واآلراء واتخاذ التدابير التي من شأنها استعادة النظام وسير‬ ‫مستوى كل والية‬
‫المرافق العمومية وأمن األشخاص والممتلكات‪ .‬وفي ذلك مخالفة للمادة ‪ 44‬من دستور ‪.9171‬‬
‫‪ -‬سمحت المادة ‪ 4‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 961-19‬لسلطات الضبط اإلداري المختصة‬
‫بإمكانية اتخاذ إجراءات الوضع تحت اإلقامة الجبرية ضد أي شخص يكون نشاطه فيه خطر‬
‫على النظام العام وعلى األمن العمومي والمرافق العمومية‪ .296‬ويعد ذلك مخالفة لنص المادة‬
‫‪ 49‬من دستور ‪.9171‬‬
‫‪ -‬خولت المادة ‪ 8‬من المرسوم صالحية إجراء التفتيش ليال ونهارا في المحالت العمومية أو‬
‫الخاصة وكذا داخل المساكن‪ .‬ويعد هذا اإلجراء مخالفا لنص المادة ‪ 27‬من دستور ‪.9171‬‬
‫‪ -‬خولت المادة ‪ 7‬في فقرتها الرابعة اتخاذ تدبير المنع من اإلقامة بالنسبة ألي شخص راشد‬
‫يتبين أن نشاطاته مضرة بالنظام العام والسير الحسن للمرافق العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬تم حضر التجول تطبيقا لبيان السلطة العسكرية الصادر في ‪ 9119-06-06‬من الساعة‬
‫العاشرة إلى الساعة الخامسة صباحا‪ ،‬مع استثنائه بعض الفئات على سبيل الحصر وهم‪:‬‬

‫نصت المادة ‪ 4‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 916-19‬على ما يلي" تمكن السلطات المخولة لصالحيات الشرطة ضمن‬ ‫‪294‬‬

‫الحدود والشروط التي تحددها الحكومة‪ ،‬أن تتخذ تدابير االعتقال اإلداري أو اإلخضاع لإلقامة الجبرية ضد كل شخص راشد‬
‫يتبين أن نشاطه خطير على النظام العام وعلى األمن العمومي والسير العادي للمرافق العمومية"‪.‬‬
‫نصت المادة ‪ 05‬من المرسوم الرئاسي على ما يلي" تنشأ لجنة لرعاية النظام العام على مستوى كل والية‪ ،‬وهذه اللجنة‬ ‫‪295‬‬

‫ترأسها السلطة العسكرية المعينة قانونا وتتكون من الوالي‪ ،‬محافظ الشرطة الوالئية‪ ،‬قائد مجموعة الدرك الوطني‪ ،‬رئيس القطاع‬
‫العسكري‪ ،‬وإن اقتضى األمر شخصيتان معروفتان بتمسكهما بالمصلحة العامة"‬
‫حدد المرسوم التنفيذي ‪ 802-19‬السابق الذكر كيفيات تطبيق تدابير المنع من اإلقامة‪.‬‬ ‫‪296‬‬

‫‪116‬‬
‫أعوان الحماية المدنية‪ ،‬أعوان الصحافة الوطنية الحائزين على البطاقة المهنية وعمال‬
‫مؤسسة الكهرباء والغاز وعمال النظافة والمياه والصحة العمومية‪ .‬ومعناه منع تواجد‬
‫‪297‬‬
‫األشخاص من غير المستثنين بنص المادة في الشوارع والساحات العمومية‬
‫‪ -‬نصت المادة ‪ 99‬من المرسوم الرئاسي على أن يتم إخطار المحاكم العسكرية في حالة وقوع‬
‫جرائم ماسة باألمن مهما كانت صفة مرتكبيها‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 5‬من المرسوم التنفيذي‬
‫رقم ‪ 804-19‬المؤرخ في ‪ 9119-08-85‬المحدد لشروط تطبيق المادة ‪ 08‬من المرسوم‬
‫الرئاسي رقم ‪ 961-19‬على أن " يقدم األشخاص الموقوفون في المادة‪ 2‬أعاله إلى وكيل‬
‫الجمهورية العسكري المختص‪ ."...‬وقد قيد المشرع السلطة العسكرية بضرورة استشارة‬
‫لجنة النظام العام‪.‬‬

‫‪ /2‬أثر حالة الحصار على الحقوق والحريات الجماعية‪.‬‬

‫‪ -‬نصت المادة ‪ 8‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 916-19‬على صالحية السلطة العسكرية في‬
‫منع إصدار المنشورات ومنع االجتماعات العمومية التي يمكن أن تثير الفوضى وتعرقل‬
‫األمن‪ .‬وقد بين المرسوم التنفيذي رقم ‪ 804-19‬يحدد شروط تطبيق هذه المادة‪.‬‬
‫‪ -‬نصت المادة ‪ 6‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 804-19‬الذي يحدد شروط تطبيق المادة ‪ 8‬من‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 961-19‬على ما يلي "يترتب على منع المنشورات حجز الوثائق‬
‫التي يسلط عليها هذا اإلجراء في أي ساعة وأي مكان من النهار أو الليل‪ .‬كما تصادر‬
‫وتوضع تحت يد العدالة وسائل الطباعة واالستنساخ وأي وسيلة أخرى تحرض على‬
‫الفوضى‪ .‬ومنه فهذه المادة تتعارض مع نص المادة ‪ 8-26‬من دستور ‪.9171‬‬
‫‪ -‬صدر بيان من السلطة العسكرية بتاريخ ‪ 9119-06-05‬تم فيه المنع المطلق للتجمعات‬
‫والتجمهر والمسيرات والمظاهرات في الطرق والساحات العمومية في كامل التراب‬
‫الوطني‪ .‬وبدأ المنع من تاريخ ‪.9119-06-06‬‬

‫مسعود شيهوب‪" ،‬الحماية القضائية‪،"...‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.24.‬‬ ‫‪297‬‬

‫‪117‬‬
‫ثانيا‪ :‬أثر تقرير حالة الطوارئ على الحقوق والحريات‪:‬‬

‫حالة الطوارئ هي أخف من حالة الحصار‪ ،‬ولكنها تشترك معها في الكثير من األحكام‪،‬‬
‫وقد أعلنت في الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪ 44-18‬المذكور أعاله بعد إنهاء حالة‬
‫الحصار‪ ،‬ولكن تم إدراج المبررات نفسها التي أدرجت في تقرير حالة الحصار‪ ،‬وهي مبررات‬
‫تتعلق بالنظام العام واستقرار المؤسسات‪ ،‬ولكنها تختلف عن هذه األخيرة في بقاء السلطات‬
‫المدنية مختصة في تسيير حالة الطوارئ‪.298‬‬

‫وقد عرفت حالة الطوارئ أيضا مساسا بالحقوق والحريات الفردية والجماعية‪:‬‬

‫‪ /0‬أثر تقرير حالة الطوارئ على المساس بالحريات الفردية‪:‬‬

‫‪ -‬نصت المادة ‪ 5‬من المرسوم على حق وزير الداخلية في قيامه باألمر بوضع أي شخص‬
‫راشد‪ ،‬يتضح أن نشاطه فيه خطورة على النظام العام واألمن العموميين والسير الحسن‬
‫للمصالح العمومية في مراكز األمن التي تنشا بقرار من وزير الداخلية‪ ،‬ويعد هذا اإلجراء‬
‫مخالفا ألحكام المادتين ‪ 49‬و‪ 44‬من دستور ‪.9171‬‬
‫‪ -‬عرفت المادة ‪ 8‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 44-18‬المؤرخ في ‪،2999118-08-80‬‬
‫الوضع في مركز األمن بأنه" تدبير إداري ذو طابع وقائي يتمثل في حرمان كل شخص‬
‫راشد يعرض سلوكه النظام واألمن العموميين للخطر ‪ ،‬وكذا حسن سير المصالح العمومية‬
‫من حرية في الذهاب واإلياب‪ ،‬بوضعه في أحد المراكز المحدثة بقرار وزير الداخلية"‪.‬‬
‫‪ -‬حسب المادة ‪ 2‬من المرسوم نفسه‪ ،‬فإن تدبير الوضع في مركز األمن ال يتخذ إال من قبل‬
‫وزير الداخلية أو السلطة التي يفوضها هذا األخير‪ ،‬بناء على اقتراحات مصالح األمن‪ ،‬وهذا‬
‫خالفا لما هو عليه األمر في حالة الحصار‪ ،‬حيث تتولى مهمة إصدار أمر الوضع في مركز‬
‫األمن للمجالس الجهوية الثالث‪ .‬كما أجازت المادة ‪ 4‬من المرسوم التنفيذي أن يكون تدبير‬

‫مبروك غضبان ‪ ،‬نجاح غربي ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.87 .‬‬ ‫‪298‬‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 94‬بتاريخ ‪.9118-08-82‬‬ ‫‪299‬‬

‫‪118‬‬
‫الوضع في مركز األمن محل طعن أمام والي الوالية مكان إقامة الشخص ويقدم هذا الطعن‬
‫على المجلس الجهوي للطعن بعد دراسته مرفقا بالمالحظات المفيدة‪.‬‬
‫‪ -‬خولت المادة ‪ 6‬من المرسوم رقم ‪ 44-18‬لوزير الداخلية في كامل التراب الوطني والوالي‬
‫على امتداد تراب الوالية في إطار التوجيهات الحكومية ما يلي‪:‬‬
‫‪ -9‬تحديد أو منع مرور األشخاص والسيارات في أماكن وأوقات معينة‪ ،‬وهو إجراء مخالف‬
‫ألحكام المادة ‪ 49‬من دستور ‪.9171‬‬
‫‪ -8‬تنظيم نقل المواد الغذائية والسلع ذات الضرورة األولى وتوزيعها‪.‬‬
‫‪ -2‬إنشاء مناطق اإلقامة المنظمة لغير المقيمين‪.‬‬
‫‪ -4‬المنع من اإلقامة أو وضع تحت اإلقامة الجبرية كل شخص راشد يتضح أن نشاطه‬
‫مضر بالنظام العام وسير المصالح العمومية‪.‬‬
‫‪ -5‬تسخير العمال للقيام بنشاطهم المهني المعتاد في حالة اإلضراب غير المرخص به أو‬
‫غير الشرعي‪ ،‬ويشمل هذا التسخير المؤسسات العمومية أو الخاصة للحصول على تقديم‬
‫الخدمات ذات المنفعة العامة‪ .‬إن هذا اإلجراء مخالفا لمحتوى نص المادة ‪ 58‬من دستور‬
‫‪ .9171‬ويعاب على هذا التدبير الذي جاءت به المادة ‪ 6‬من المرسوم والمتمثل في األمر بصفة‬
‫استثنائية بالتفتيش نهارا وليال وفي أي وقت‪ .‬فلم تقيد اإلجراء بوقت أو ضابط محدد وذلك ما‬
‫يتعارض مع نص المادة ‪ 27‬من دستور ‪.9171‬‬

‫‪ /2‬أثر تقرير حالة الطوارئ على المساس بالحريات الجماعية‪:‬‬

‫‪ -‬أعطت المادة ‪ 2‬من المرسوم الحق للحكومة أن تتخذ كل اإلجراءات التنظيمية بهدف‬
‫استتباب الوضع وتحقيق الهدف من إعالن حالة الطوارئ‪.300‬‬

‫عدلت المادة بموجب المرسوم الرئاسي رقم‪ 280-18‬المؤرخ في ‪ ،9118-07-99‬ج‪.‬ر عدد ‪ 69‬لسنة ‪ ،9118‬بإضافة‬ ‫‪300‬‬

‫لوقف نشاط كل شركة أو جهاز أو مؤسسة أو هيئة أو غلقها مهما كانت طبيعتها‬ ‫فقرتين هما " يمكن اتخاذ تدابير‬
‫واختصاصاتها عندما تعرض هذه النشاطات النظام واألمن العموميين أو السير العادي للمؤسسات والمصالح العليا للبالد للخطر‬
‫ضف‪ )9‬وتتخذ التدابير المذكورة أعاله عن طريق قرار وزاري لمدة ال تتجاوز ‪ 6‬أشهر‪ ...‬وقد أدت هذه التدابير إلى إغالق‬
‫مطابع أو مساجد‪.‬‬
‫‪119‬‬
‫‪ -‬مكنت المادة ‪ 8‬من المرسوم وزير الداخلية والوالي المختص إقليميا بناء على توجيهات‬
‫الحكومة‪ ،‬سلطة إصدار قرار بالغلق المؤقت طيلة حالة الطوارئ‪ ،‬القاعات الترفيهية‪ ،‬أماكن‬
‫االجتماعات مهما كانت طبيعتها‪ ،‬كما منعت المظاهرات التي تخل بالنظام العام وغلق‬
‫القاعات المملوكة للخواص‪.‬‬
‫‪ -‬حسب المادة ‪ 5‬من المرسوم‪ ،‬فاإلضراب من دون رخصة من السلطة التنفيذية غير شرعي‪،‬‬
‫لذلك فهو ممنوع على اعتبار الظروف التي تمر بها الدولة‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 7‬من المرسوم نصت على إمكانية تعليق أو حل المجالس المحلية المنتخبة‬
‫وتعويضعها بمندوبيات تنفيذية‪ ،‬وهو ما حدث فعال خصوصا بعد إلغاء االنتخابات التشريعية‬
‫التي أجريت بتاريخ ‪.9119-98—89‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الرقابة القضائية على أعمال سلطات الضبط اإلداري في الظروف االستثنائية‪.‬‬

‫بالرغم من كون القضاء اإلداري قد أكد على مشروعية القرارات التي تصدرها سلطات‬
‫الضبط اإلداري في الظروف االستثنائية‪ ،‬والتي تعد غير مشروعة في الظروف العادية‪ .‬لكن‬
‫استخدام هذه السلطات في الظروف االستثنائية وخروجه عن المشروعية العادية ال يعفيها من‬
‫رقابة القضاء عن طريق رقابة المشروعية باستثناء أعمال السيادة المحصنة ضد هذه الرقابة‪.‬‬
‫كما قد تلزم اإلدارة بالتعويض بسبب اإلجراءات االستثنائية‪ ،‬ولو حكم القضاء بمشروعيتها على‬
‫أساس المخاطر وتحمل التبعة‪.301‬‬

‫كما أن الحلول التشريعية مهما بلغت الدقة واإلحاطة بكل الظروف االستثنائية‪ ،‬فقد تطرأ‬
‫ظروفا جديدة لم تكن في الحسبان ولم يتم توقعها من طرف هذه النصوص‪ ،‬لذلك يتدخل القضاء‬
‫لسد النقص‪ ،302‬فتخول اإلدارة بالرغم من قصور النصوص سلطات واسعة تمكنها من مواجهة‬

‫عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪896 .‬‬ ‫‪301‬‬

‫نظرا لمرونة نظرية الظر وف االستثنائية والتي تكيف حالة بحالة وفقا لطبيعة هذه الظروف لم يقم مجلس الدولة الفرنسي‬ ‫‪302‬‬

‫بوضع قواعد محددة في هذا المجال لكنه أكد على أنه إذا تحققت ظروف يعتبرها مجلس الدولة استثنائية‪ ،‬فإن بعض ‪.../...‬‬
‫‪120‬‬
‫ودفع األخطار حتى تنتهي األزمة‪ ،‬ومنه سنتطرق لدور القضاء في توسيع سلطات هيئات‬
‫الضبط اإلداري ثم لمضمون الرقابة القضائية على سلطات الضبط اإلداري في الظروف‬
‫االستثنائية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬دور القضاء في توسيع سلطات الضبط اإلداري‬

‫أوجد القضاء اإلداري حلوال خول بواسطتها هيئات الضبط اإلداري سلطات واسعة‬
‫لمواجهة كافة األخطار‪ ،‬بواسطة التفسير الواسع للنصوص الدستورية والقانونية والترخيص لها‬
‫بمخالفة القوانين ومنحها اختصاصات جديدة‪.‬‬

‫‪ /0‬التفسير الموسع للنصوص‬

‫يمكن تحديد أهداف التفسير الموسع للنصوص من طرف القاضي في ما يلي‪:303‬‬

‫‪ -‬اكتشاف المعنى الحقيقي والصحيح للقاعدة القانونية بكافة وسائل التفسير والمناهج المعتمدة‪.‬‬
‫‪ -‬تكملة النقص الذي يمكن أن يشوب النص القانوني‪.‬‬
‫‪ -‬تكييف ومالئمة النصوص القانونية مع ظروف الحال‪.‬‬

‫وتمر عملية التفسير بالمراحل التالية‪:304‬‬

‫‪ -‬البحث عن مصادر النظام القانوني للتصرف محل عملية التفسير‪.‬‬


‫‪ -‬التفسير الحرفي أو اللفظي للتصرف‪.‬‬
‫‪ -‬البحث عن إرادة السلطة مصدرة التصرف‪.‬‬

‫فسر القضاء اإلداري في كل من فرنسا ومصر نصوص الدساتير والقوانين السارية أثناء‬
‫الظروف االستثنائية تفسيرا موسعا ولم يكتف بالتفسير الحرفي‪ ،‬حيث ذهب المفوض الفرنسي‬
‫في قضية ‪ 9195-07-06 Delmotte‬إلى أن قانون األحكام العرفية هو قانون استثنائي‬

‫‪ .../...‬القرارات غير المشروعة في الظروف العادية يعتبرها المجلس مشروعة‪ ،‬ومنه يرفض إلغائها إذا كانت ضرورية‬
‫لتأمين النظام العام‪ .‬أنظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.866-865.‬‬
‫حياة غالي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.986 .‬‬ ‫‪303‬‬

‫عمار عوابدي‪ ،‬قضاء التفسير في القانون اإلداري‪ ،‬دار هومة‪ ،‬ط‪ ،8.‬الجزائر‪ ،9111 ،‬ص ص‪.897-894.‬‬ ‫‪304‬‬

‫‪121‬‬
‫يختلف عن القوانين العادية‪ ،‬ولذلك يجب تفسيره على النحو الذي تفسر به القوانين العادية‪،‬‬
‫ولكن يجب أن يفسر تفسيرا واسعا يتالءم مع ضرورات الظروف الشاذة في مواجهة طعن السيد‬
‫‪ Delmotte‬باإللغاء أمام مجلس الدولة في قرار غلق الحانة من طرف الحاكم العسكري بسبب‬
‫المشاجرات التي وقعت بين مجموعة األفراد الذين تواجدوا هناك‪ ،‬على أساس أن سلطة الحاكم‬
‫العسكري تتمثل في منع االجتماعات التي يري أنها تخل بالنظام العام‪ ،‬والمقصود باالجتماع هو‬
‫الذي يقيمه مجموعة من األفراد بناء على دعوى لمناقشة أمر ما يخصهم‪ ،‬أما تواجد مجموعة‬
‫من األفراد في الحانة فهو ليس اجتماعا" وسار على النهج نفسه في قضايا أخرى مثل القضية‬
‫بتاريخ ‪ 9157-08-08‬وأخرى بتاريخ ‪ .9166-04-88‬وكذلك القضاء المصري‪.305‬‬

‫‪ /2‬الترخيص لإلدارة بصالحيات جديدة‬

‫استقر القضاء اإلداري الفرنسي على مباشرة سلطات الضبط اإلداري اختصاصات جديدة‬
‫للمحافظة على النظام العام‪ ،‬بهدف سد الفراغ في النصوص القانونية لمواجهة الظروف‬
‫االستثنائية‪ ،‬فيتدخل القضاء لتدعيم الحكومة بمنحها صالحيات جديدة لمواجهة الوضع الجديد‪.‬‬

‫من بين أحكام مجلس الدولة الفرنسي‪ :‬حكمه بتاريخ ‪ 9101 -07-08‬في قضية ‪Winkell‬‬
‫وحكمه في قضية ‪ le coco‬بتاريخ ‪ ،9144-09-08‬حيث دفعت الحرب رئيس البلدية إلى‬
‫فرض ضرائب على الصفقات التجارية والصناعية لضمان تموين سكان البلدية بالمواد‬
‫الغذائية‪.306‬‬

‫وقد سار القضاء اإلداري المصري على نفس االتجاه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مدى الرقابة القضائية على سلطات الضبط اإلداري في الظروف االستثنائية‬

‫بالرغم من السلطات الواسعة التي تتمتع بها سلطات الضبط اإلداري والتي ال تجيزها‬
‫القوانين العادية‪ ،‬إال أنها ال تخرج عن نطاق الرقابة القضائية على غرار باقي األعمال اإلدارية‪.‬‬
‫بمعنى أن الظرف االستثنائي ال يقصي خضوع هذه اإلجراءات والتدابير لرقابة القاضي‪،‬‬

‫جمال قروف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.52-58 .‬‬ ‫‪305‬‬

‫حياة غالي‪ ،‬الرجع السابق‪ ،‬ص‪.928 .‬‬ ‫‪306‬‬

‫‪122‬‬
‫باستثناء القرار المعلن عن الحالة االستثنائية الذي اعتبره القضاء اإلداري من أعمال السيادة‬
‫على اعتبار أنه من األعمال الحكومية التي تهدف بواسطتها السلطة التنفيذية للمحافظة على‬
‫سالمة كيان الدولة‪ ،‬ولكن اإلجراءات والتدابير الصادرة بناء على هذا القرار ال تفلت من رقابة‬
‫القضاء ألنها تصدر بناء على الدستور وقرار إعالن الحالة االستثنائية‪.307‬‬

‫ولذلك يتوجب على سلطات الضبط اإلداري االلتزام بمجموعة من الضوابط أثناء إصدارها‬
‫لتدابير الضبط اإلداري حتى ال يلغيها القضاء تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫أن يكون اإلجراء الضبطي قد اتخذ خالل الظروف االستثنائية‪ :‬وقد صدر قرار عن‬ ‫‪-9‬‬
‫مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ ‪ ،9146-04-02‬قضى بعدم مشروعية القرار الصادر عن عمدة‬
‫المدينة باالستيالء على شقة مملوكة ألحدى العائالت لصالح عائلة نازحة من المناطق التي‬
‫كانت مسرحا للحروب في فرنسا خالل الحرب العالمية الثانية‪ ،‬على اعتبار أن الظروف التي‬
‫مرت بها اإلدارة آنذاك ال تبرر استيالءها على الشقة‪.308‬‬
‫‪ -8‬ضرورة اإلجراء االستثنائي ولزومه‪ :‬ال يجب على اإلدارة أن تتجاوز مقتضيات الظروف‬
‫التي تواجهها في تقييدها للحقوق والحريات‪ ،‬تأسيسا على القاعدة التي تقول " الضرورة تقدر‬
‫بقدرها"‪ .‬فالقاضي ال يراقب مدى مشروعية اإلجراء المتخذ فحسب‪ ،‬وإنما مدى مالئمته‬
‫ألسباب التدخل‪ ،‬كما رأينا فيما قبل تحت قاعدة " تناسب شدة اإلجراءات مع خطورة‬
‫الظرف االستثنائي"‬
‫‪ -2‬مالئمة اإلجراء الضبطي للظروف االستثنائية‪ :‬بمعنى يجب أن يكون اإلجراء الذي تتخذه‬
‫اإلدارة مالئما ومناسبا لمتطلبات هذه الظروف‪ .‬وفي ذلك صدر قرار عن مجلس الدولة‬
‫الفرنسي بتاريخ ‪ 9168-02-08‬في قضية ‪ Rubin de servens‬إللغاء قرار رئيس‬
‫الجمهورية بتاريخ ‪ ،9169-05-02‬بإنشاء محكمة عسكرية لمحاكمة المتهمين بالتمرد الذي‬
‫قام به الجيش الفرنسي المرابط آنذاك في الجزائر بتاريخ ‪ ،9169-04-89‬ذلك أن "‬

‫جمال قروف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.54 .‬‬ ‫‪307‬‬

‫حياة غالي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.921 .‬‬ ‫‪308‬‬

‫‪123‬‬
‫الظروف التي تم إنشاء القضاء االستثنائي لمواجهتها لم تكن على درجة من الخطورة تبرر‬
‫االعتداء على المبادئ العامة للقانون‪ ،‬وأن محاولة االنقالب قد تم قمعها‪.309‬‬

‫لكن ومع احترام اإلدارة الضبطية لهذه الشروط‪ ،‬لكن تدخلها قد يلحق ضررا باألشخاص مما قد‬
‫يؤدي إلى إثارة مسؤوليتها في ذلك‪ ،‬خاصة وأن الكثير من اإلجراءات التي تتدخل بموجبها‬
‫اإلدارة خالل تلك الظروف يعتبرها القضاء مشروعة‪ ،‬وبالرغم من ذلك يحق للشخص طلب‬
‫التعويض‪ ،‬فتطبق حينئذ قواعد المسؤولية اإلدارية على أساس الخطأ أو المخاطر‪.310‬‬

‫إلثارة مسؤولية اإلدارة على أساس الخطأ يجب توفر مجموعة من الشروط تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬وجود الخطأ المرفقي وليس خطأ الموظف الذي تثار بشأنه المسئولية الشخصية ويمكن أن‬
‫تتخذ صوره إما عدم القيام بالعمل على أساس القواعد المعمول بها‪ ،‬وهو ما يعبر عنه‬
‫باألداء السيئ للخدمة‪ ،‬أو تباطؤ سلطات الضبط اإلداري عن اتخاذ اإلجراءات والتدابير‬
‫الضرورية لحماية النظام العام‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن يلحق الشخص ضررا يشترط فيه أن يكون مباشرا‪ ،‬بمعنى أن يرتبط بنشاط اإلدارة‬
‫ارتباطا مباشرا وأن يكون محققا حاال أو مستقبال‪ ،‬وأن يصيب حقا مشروعا يحميه القانون‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة السببية‪ ،‬حيث لقيام مسئولية سلطات الضبط اإلداري يجب أن تقوم رابطة السببية بين‬
‫خطأ اإلدارة والضرر الذي أصاب الشخص‪.‬‬

‫وتنتفي مسئولية اإلدارة في حالة وجود سبب أجنبي أو خطأ المضرور أو خطأ الغير بشكل‬
‫مطلق‪.311‬‬

‫أما إثارة مسئولية اإلدارة بعيدا عن وجود خطأ فتقوم على مبدأين متميزين هما المسئولية على‬
‫أساس المخاطر والمسئولية بسبب اإلخالل بمبدأ المساواة أمام األعباء العامة‪.‬‬

‫عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.815 .‬‬ ‫‪309‬‬

‫عمار عوبدي‪ ،‬نظرية المسؤولية اإلدارية‪ ،‬د‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬الجزائر‪ ،9114 ،‬ص ص ‪848-985 ، 984-990‬؛ حياة غالي‪،‬‬ ‫‪310‬‬

‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.944.‬‬


‫سامي جمال الدين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.468.‬‬ ‫‪311‬‬

‫‪124‬‬
‫‪ -9‬تقوم المسئولية على أساس المخاطر بتوفر شرطين هما‪:‬‬
‫‪ -‬أن تصيب األضرار فردا معينا أو مجموعة من األفراد المعينين من دون سائر المواطنين‪.‬‬
‫أن تكون األضرار على درجة من الجسامة تتجاوز فيها األضرار العادية التي يمكن أن‬ ‫‪-‬‬
‫تصيب األفراد في مثل هذه الظروف‪ .‬بمعنى يجب أن تتوفر في الضرر صفتان أساسيتان هما‬
‫الخصوصية والجسامة غير العادية‪ ،‬فال يمكن أن تثور المسئولية على أساس األضرار العادية‬
‫التي يتحملها اإلفراد في وقت األزمات‪ .312‬هذا النوع من المسئولية يعفي المضرور من إثبات‬
‫الخطأ‪ ،‬كما في حالة المسئولية على أساس الخطأ‪ ،‬بل عليه فقط أن يظهر العالقة بين عمل‬
‫اإلدارة والضرر‪ ،‬وعلى هذه األخيرة أن تثبت خطأ المضرور أو القوة القاهرة‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة السببية بين عمل اإلدارة أو تصرفها والضرر المحدث عالقة مباشرة‪.‬‬
‫‪ -8‬على أساس اإلخالل بمبدأ المساواة أمام األعباء العامة‪ ،‬وذلك في حالة اختالل التوازن‬
‫بين األفراد في تحمل األعباء العامة المترتبة على نشاط اإلدارة‪ ،‬على اعتبار أن الحقوق‬
‫والحريات يحكمها مبدأ أساسي وهو المساواة‪،‬و في مقابل ذلك يطبق مبدأ المساواة أمام التكاليف‬
‫واألعباء العامة ‪ .‬ويشترط لقيام هذا النوع من المسؤولية أيضا أن يكون الضرر على درجة من‬
‫الجسامة والخصوصية مثلما ذكرنا أعاله‪ .‬وأن تقوم عالقة السببية بين األعباء المفروضة من‬
‫طرف اإلدارة‪ ،‬التي كان من المف روض أن يتحملها الجميع‪ ،‬ولكن في هذه الحالة تحملها شخص‬
‫واحد‪ .‬ومبادئ العدل واإلنصاف تقتضي أال يتحمل شخص واحد األعباء اإلضافية أكثر من‬
‫اآلخرين‪ ،‬لذلك يتوجب التعويض له‪.313‬‬
‫خاتمة‬
‫تعد وظيفة الضبط اإلداري من أقدم وأهم الوظائف اإلدارية في الدولة وأكثرها خطورة‬
‫وحساسية‪ ،‬ألنها تمس بالحقوق والحريات من جهة‪ ،‬وتهدف للمحافظة على النظام العام بأبعاده‬
‫التقليدية والحديثة من جهة ثانية‪ ،‬فمن الصعب إقامة التوازن بين المسألتين‪ .‬وقد عمل المشرع‬

‫‪ 312‬لحسين بن شيخ آث ملويا‪ ،‬دروس في المسؤولية اإلدارية‪ ،‬المسؤولية من دون خطأ‪ ،‬دار الخلدونية‪ ،‬ط‪ ،9.‬الجزائر‪،8008 ،‬‬
‫ص‪87 .‬؛ حياة غالي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.955.‬‬

‫مسعود شيهوب‪ ،‬المسئولية عن اإلخالل بمبدأ المساواة وتطبيقاتها في القانون الجزائري‪ ،‬د‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬الجزائر‪ ،8000 ،‬ص‪.8.‬‬ ‫‪313‬‬

‫‪125‬‬
‫في الدولة سواء كان المؤسس الدستوري أو التشريعي على تحديد الهيئات المكلفة بهذه الوظيفة‬
‫سواء كا نت هيئات مركزية أو محلية‪ ،‬وتحديد الصالحيات التي توكل لها بنصوص خاصة‬
‫والحدود أو الضوابط التي تقف عندها‪ ،‬وبالرغم من ذلك يبقى القاضي اإلداري الرقيب األول‬
‫واألخير عند تجاوز هذه الهيئات للحدود والضوابط المرسومة لها ألداء هذه الوظيفة‪.‬‬

‫قائمة المراجع‬

‫أوال‪ :‬الكتب‬

‫‪ /0‬الكتب العامة‬

‫‪ -9‬أحمد سالمة بدر‪ ،‬االختصاص التشريعي لرئيس الدولة في النظام البرلماني‬


‫دراسة مقارنة مصر فرنسا و إنجلترا‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.8002 ،‬‬
‫‪ -8‬الطماوي سليمان محمد ‪ ،‬النظرية العامة للقرارات اإلدارية‪ ،‬دراسة مقارنة‪،‬‬
‫ط‪ ،9.‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪.9119 ،‬‬
‫‪ -2‬أوصديق فوزي ‪ ،‬الوافي في شرح القانون الدستوري‪ ،‬النظرية العامة للدساتير‪،‬‬
‫الجزء الثاني‪ ،‬ط‪ ،9.‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.9114 ،‬‬

‫‪ -4‬بوضياف عمار‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬جسور للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪،8.‬‬


‫الجزائر‪.8008 ،‬‬
‫‪ -5‬بوضياف عمار‪ ،‬دعوى اإللغاء‪ ،‬ط‪ ،9.‬جسور للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.8001 ،‬‬
‫‪ -6‬بارش سليمان ‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات المدنية الجزائري‪ ،‬الخصومة القضائية‬
‫أمام المحكمة‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪.8006 ،‬‬
‫‪ -8‬بن الشيخ آث ملويا لحسين ‪ ،‬دروس في المنازعات اإلدارية‪ ،‬وسائل‬
‫المشروعية‪ ،‬ط‪ ،9.‬دار هومة‪.8006 ،‬‬
‫‪ -7‬بن شيخ آث ملويا لحسين ‪ ،‬دروس في المسؤولية اإلدارية‪ ،‬المسؤولية من دون‬
‫خطأ‪ ،‬دار الخلدونية‪ ،‬ط‪ ،9.‬الجزائر‪.8008 ،‬‬

‫‪126‬‬
‫‪ -1‬هاني علي الطهراوي‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬التنظيم اإلداري‪ ،‬النشاط اإلداري‪ ،‬دار‬
‫الثقافة‪ ،‬عمان‪.8006 ،‬‬
‫لباد ناصر‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬دار المجدد للنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫‪-90‬‬

‫سطيف‪.8090 ،‬‬
‫محيو أحمد ‪ ،‬محاضرات في المؤسسات اإلدارية‪ ،‬ترجمة محمد عرب‬ ‫‪-99‬‬

‫صاصيال‪ ،‬ط‪ ،4.‬د‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬الجزائر‪.8006 ،‬‬


‫محمد فؤاد عبد الباسط‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬ ‫‪-98‬‬

‫ضد‪.‬س‪.‬ط)‪.‬‬
‫محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬مبادئ وأحكام القانون اإلداري‪ ،‬منشورات‬ ‫‪-92‬‬

‫الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪.8002 ،‬‬


‫محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬مبدأ‬ ‫‪-94‬‬

‫المشروعية وتنظيم القضاء اإلداري‪ ،‬ط‪ ،9.‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪،‬‬


‫‪.8005‬‬
‫مازن ليليو راضي‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬طبيعة القانون اإلداري‪ -‬التنظيم‬ ‫‪-95‬‬

‫اإلداري – نشاط اإلدارة العامة – الضبط اإلداري‪ -‬الوظيفة العامة‪ -‬األموال‬


‫العامة‪ -‬القرار اإلداري‪ -‬العقود اإلدارية‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.8005‬‬

‫نواف كنعان‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬دار الثقافة والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬ ‫‪-96‬‬
‫‪.8006‬‬
‫عوابدي عمار ‪ ،‬نظرية المسؤولية اإلدارية‪ ،‬د‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬الجزائر‪.9114 ،‬‬ ‫‪-98‬‬

‫عوابدي عمار ‪ ،‬قضاء التفسير في القانون اإلداري‪ ،‬دار هومة‪ ،‬ط‪،8.‬‬ ‫‪-97‬‬

‫الجزائر‪.9111 ،‬‬

‫‪127‬‬
‫عمار عوابدي‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬النشاط االداري‪ ،‬ط‪4.‬‬ ‫‪-91‬‬

‫د‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬الجزائر‪.8008 ،‬‬


‫عبد الغني بسيوني عبد اهلل‪ ،‬القانون اإلداري دراسة تطبيقية ألسس‬ ‫‪-80‬‬

‫ومبادئ القانون اإلداري وتطبيقها في مصر التعريف بالقانون اإلداري‪-‬‬


‫المركزية اإلدارية‪ -‬الالمركزية اإلدارية‪ -‬التركيز وعدم التركيز اإلداري‪ -‬أعمال‬
‫السلطة اإلدارية‪ -‬الضبط اإلداري‪ -‬المرافق العامة‪ -‬القرارات اإلدارية‪ -‬العقود‬
‫اإلدارية‪ -‬أموال السلطة اإلدارية‪ -‬امتيازات السلطة اإلدارية‪ ،‬منشأة المعارف‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.9110 ،‬‬
‫عبد الغني بسيوني عبد اهلل‪ ،‬النظرية العامة في القانون اإلداري‪ ،‬دراسة‬ ‫‪-89‬‬

‫مقارنة ألسس ومبادئ القانون اإلداري وتطبيقها في مصر‪ ،‬منشأة المعارف‪،‬‬


‫اإلسكندرية‪.8002 ،‬‬
‫عدنان عمرو‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬نشاط اإلدارة ووسائلها‪ ،‬منشأة‬ ‫‪-88‬‬

‫المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.8004 ،‬‬


‫عصام علي الدبس‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬ماهية القانون‬ ‫‪-82‬‬

‫اإلداري‪ ،‬التنظيم اإلداري‪ ،‬النشاط اإلداري‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫‪.8094‬‬
‫سامي جمال الدين‪ ،‬أصول القانون اإلداري‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬ ‫‪-84‬‬

‫‪.8004‬‬
‫سعيد السيد علي‪ ،‬أسس وقواعد القانون اإلداري‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪،‬‬ ‫‪-85‬‬

‫القاهرة‪.8001 ،‬‬
‫قبيالت حمدي ‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬ماهية القانون اإلداري‪ ،‬التنظيم اإلداري‪،‬‬ ‫‪-86‬‬

‫النشاط اإلداري الجزء األول‪ ،‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.8007 ،‬‬
‫رسالن أنور ‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.9112 ،‬‬ ‫‪-88‬‬

‫‪128‬‬
‫ثروت بدوي‪ ،‬القانون الدستوري وتكور األنظمة الدستورية في مصر‪،‬‬ ‫‪-87‬‬

‫دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ضد‪.‬س‪.‬ن)‪.‬‬


‫شيهوب مسعود ‪ ،‬المسئولية عن اإلخالل بمبدأ المساواة وتطبيقاتها في‬ ‫‪-81‬‬

‫القانون الجزائري‪ ،‬د‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬الجزائر‪.8000 ،‬‬

‫‪ /2‬الكتب المتخصصة‬

‫‪ -9‬الزنكة عدنان‪ ،‬سلطة الضبط اإلداري في المحافظة على جمال المدن وروائها‪،‬‬
‫منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪.8099 ،‬‬
‫‪ -8‬محمد محمد بدران‪ ،‬مضمون فكرة النظام النظام العام ودورها في مجال الضبط‬
‫اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة في القانونين المصري والفرنسي‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪.9118 ،‬‬
‫‪ -2‬محمد عبيد الحسناوي القحطاني‪ ،‬الضبط اإلداري في دولة اإلمارات العربية‬
‫المتحدة‪ ،‬التزام الحدود وحيادية التنفيذ‪ ،‬دار الكتب المصرية‪ ،‬القاهرة‪.8005 ،‬‬
‫‪ -4‬عارف صالح مخلف‪ ،‬اإلدارة البيئية‪ ،‬الحماية اإلدارية للبيئة‪ ،‬دار اليازوري‬
‫العلمية للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.8008 ،‬‬
‫‪ -5‬عبد الرؤوف هاشم بسيوني‪ ،‬نظرية الضبط اإلداري في النظم الوضعية‬
‫المعاصرة والشريعة اإلسالمية‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪.8007 ،‬‬
‫‪ -6‬رائف محمد لبيب‪ ،‬الحماية اإلجرائية للبيئة من المراقبة إلى المحاكمة‪ ،‬دراسة‬
‫مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.8001 ،‬‬

‫ثانيا‪ :‬الرسائل الجامعية‬

‫‪129‬‬
‫‪ -5‬أحمد سالم‪ ،‬الحماية اإلدارية للبيئة في التشريع الجزائري‪ ،‬مذكرة مكملة من مقتضيات‬
‫نيل شهادة الماستر في الحقوق‪ ،‬تخصص قانون إداري‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪،‬‬
‫جامعة محمد خيضر بسكرة‪.8094-8092 ،‬‬
‫‪ -2‬العاوور بش ر صالح ‪،‬سلطات الضبط اإلداري في الظروف االستثنائية في التشريع‬
‫الفلسطيني‪ ،‬رسالة مقدمة استكماال للحصول على درجة الماجستير في القانون العام‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة األزهر‪.8092 ،‬‬
‫‪ -3‬بن أحمد عبد المنعم‪ ،‬الوسائل القانونية اإلدارية لحماية البيئة‪ ،‬رسالة لنيل شهادة‬
‫الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق بن عكنون‪ ،‬جامعة بن يوسف بن خدة‪.8007 ،‬‬
‫‪ -4‬بوخالفة ماجدة ‪ ،‬الحماية اإلدارية للبيئة في التشريع الجزائري‪ ،‬مذكرة مكملة من‬
‫متطلبات نيل شهادة الماستر‪ ،‬تخصص قانون إداري‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪،‬‬
‫جامعة محمد خيضر بسكرة‪.8092-8098 ،‬‬
‫‪ -1‬لزرق حبشي ‪ ،‬أثر سلطة التشريع على الحريات العامة وضماناتها‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل‬
‫شهادة الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة أبو بكر بلقايد‪،‬‬
‫تلمسان‪.8092-8092 ،‬‬
‫‪ -1‬مولودي جلول ‪ ،‬حماية الحقوق والحريات أثناء حالة الطوارئ في النظام الدستوري‬
‫الجزائري‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪،‬‬
‫‪.8001-8007‬‬
‫‪ -7‬عزوز سكينة ‪ ،‬عملية الموازنة بين أعمال الضبط اإلداري والحريات العامة‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر‪.9110 ،‬‬
‫‪ -8‬قروف جمال ‪ ،‬الرقابة القضائية على أعمال الضبط اإلداري‪ ،‬مذكرة تخرج مقدمة لنيل‬
‫شهادة الماجستير‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة باجي مختار‪ ،‬عنابة‪ ،‬جانفي ‪.8006‬‬

‫‪130‬‬
‫‪ -9‬خالف وردة ‪ ،‬الرقابة القضائية على المشروعية الداخلية لقرارات الضبط اإلداري‪،‬‬
‫أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه في العلوم في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة محمد لمين دباغين سطيف ‪.8094-8092 ،8‬‬
‫غالي حياة‪ ،‬حدود سلطات الضبط اإلداري‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في‬ ‫‪-51‬‬
‫القانون العام المعمق‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة أبو بكر القايد‪ ،‬تلمسان‪،‬‬
‫‪.8095-8094‬‬

‫ثالثا‪ :‬المقاالت والدراسات‬

‫‪ -9‬الشريف فؤاد ‪" ،‬حالة الطوارئ وأثرها على الحقوق والحريات العامة‬
‫للمواطنين"‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬العدد الثاني‪.‬‬
‫‪ -8‬بودريوة عبد الكريم ‪" ،‬القضاء اإلداري في الجزائر الواقع واآلفاق"‪ ،‬مجلة مجلس‬
‫الدولة‪ ،‬العدد ‪.8005 ،6‬‬
‫‪ -2‬نسيغة فيصل ودنش رياض ‪" ،‬النظام العام"‪ ،‬مجلة المنتدى القانوني‪ ،‬قسم الكفاءة‬
‫الوطنية للمحاماة‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬العدد الخامس‪.‬‬
‫‪ -4‬قشي الخير ‪"،‬تطبيق القانون الدولي أالتفاقي في الجزائر"‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،‬عدد‪.4‬‬
‫‪ -5‬شيهوب مسعود ‪" ،‬الحماية القضائية للحريات األساسية في الظروف االستثنائية"‪،‬‬
‫المجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية‪ ،‬العدد األول‪،‬‬
‫الجزائر‪.9117 ،‬‬
‫‪ -6‬شيهوب مسعود ‪ "،‬دولة القانون ودولة المشروعية"‪ ،‬حوليات‪ ،‬مجلة تصدر عن‬
‫مخبر الدراسات والبحوث حول المغرب العربي والبحر األبيض المتوسط‪ ،‬جامعة‬
‫منتوري قسنطينة‪ ،‬العدد الرابع‪.8009 ،‬‬

‫‪131‬‬
‫‪ -8‬غضبان مبروك‪ ،‬نجاح غربي‪" ،‬قراءة تحليلية للنصوص القانونية المنظمة لحالتي‬
‫الطوارئ والحصار ومدى تأثريهما على الحقوق والحريات في الجزائر"‪ ،‬مجلة‬
‫المفكر‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬العدد العاشر‬

‫رابعا‪ :‬النصوص القانونية‬

‫التعديل الدستوري لسنة ‪ 9116‬الصادر بالمرسوم الرئاسي رقم ‪ 427-16‬مؤرخ في‬ ‫‪-9‬‬
‫‪ ،9116-98-08‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪86‬‬
‫بتاريخ ‪ ،9116-98-07‬المعدل بموجب التعديل الدستوري لسنة ‪ 8096‬الصادر بالقانون‬
‫رقم ‪ 09-96‬المؤرخ في ‪ 8096-02-06‬يتضمن التعديل الدستوري‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪ 94‬بتاريخ ‪.8096-02-08‬‬
‫‪ -8‬قانون رقم ‪ 04-17‬مؤرخ في ‪ 9117-06-95‬يتعلق بحماية التراث الثقافي‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪ 44‬بتاريخ ‪.9117-06-98‬‬
‫‪ -2‬قانون رقم ‪ 91-09‬مؤرخ في ‪ 8009-98-98‬يتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪ 88‬بتاريخ ‪-98-95‬‬
‫‪.8009‬‬
‫‪ -4‬قانون رقم ‪ 80-09‬مؤرخ في ‪ 8009 -98-98‬يتعلق بتهيئة اإلقليم وتنميته المستدامة‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪ 88‬بتاريخ ‪-98-95‬‬
‫‪.8009‬‬
‫‪ -5‬قانون رقم ‪ 07-08‬مؤرخ في ‪ 8008-05-07‬يتعلق بشروط إنشاء المدن الجديدة وتهيئتها‬
‫إلى التنظيم لتحديد مهام هيئة المدينة الجديدة وتنظيمها وكيفيات سيرها‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪ 24‬بتاريخ ‪.8008-05-94‬‬
‫قانون رقم ‪ 90-02‬مؤرخ في ‪ 8002-08-91‬يتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية‬ ‫‪-6‬‬

‫المستدامة‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪ 82‬بتاريخ ‪-80‬‬
‫‪.8002-08‬‬
‫قانون رقم ‪ 08-04‬مؤرخ في ‪ 8004-07-94‬يتعلق بالصيد‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية‬ ‫‪-8‬‬

‫الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪ 59‬بتاريخ ‪.8004-07-95‬‬

‫‪132‬‬
‫قانون رقم ‪ 80-04‬مؤرخ في ‪ 8004-98-85‬يتعلق بالوقاية من األخطار الكبرى وتسيير‬ ‫‪-7‬‬

‫الكوارث في إطار التنمية المستدامة ‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية‬


‫الشعبية عدد ‪ 74‬بتاريخ ‪. 8004-98-81‬‬
‫‪ -1‬قانون رقم ‪ 06-06‬مؤرخ في ‪ 8008-05-80‬يتعلق بالمدينة‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية‬
‫الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪ 88‬بتاريخ ‪.8008-04-02‬‬
‫‪ -90‬قانون رقم ‪ 99-07‬مؤرخ في ‪ 8007-06-85‬يتعلق بشروط دخول األجانب للجزائر‬
‫وإقامتهم بها وتنقلهم فيها‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد‬
‫‪ 26‬بتاريخ ‪. .8007-08-08‬‬
‫‪ -99‬قانون رقم ‪ 92-07‬مؤرخ في ‪ 8007-08-80‬المعدل والمتمم للقانون رقم ‪05-75‬‬
‫المتعلق بحماية الصحة وترقيتها‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬
‫عدد ‪ 44‬بتاريخ ‪.8007-07-02‬‬
‫‪ -52‬قانون رقم ‪ 94-07‬مؤرخ في ‪ 8007-08-80‬يتضمن تنظيم األمالك العمومية‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪ 44‬بتاريخ ‪-07-02‬‬
‫‪.8007‬‬
‫‪ -92‬قانون رقم ‪ 95-07‬مؤرخ في ‪ 8007-08-80‬يحدد لقواعد مطابقة البنايات وإتمام‬
‫إنجازها‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪ 44‬بتاريخ ‪-02‬‬
‫‪.8007-07‬‬
‫أمر رقم ‪ 09-99‬مؤرخ في ‪ 8099-08-82‬يتضمن رفع حالة الطوارئ‪ ،‬الجريدة‬ ‫‪-94‬‬

‫الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪ 98‬بتاريخ ‪.8099-08-82‬‬


‫‪ -95‬قانون رقم ‪ 02-99‬مؤرخ في ‪ 8099-08-98‬يتعلق بالسينما‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪ 92‬بتاريخ ‪.8099-08-87‬‬
‫قانون رقم ‪ 04-99‬مؤرخ في ‪ 8099-08-98‬يحدد للقواعد المنظمة للترقية العقارية‪،‬‬ ‫‪-96‬‬

‫الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪ 94‬بتاريخ ‪-02-06‬‬


‫‪.8099‬‬
‫قانون رقم ‪ 01-99‬مؤرخ في ‪ 8099-06-05‬يتضمن توجيه النقل البري وتنظيمه‪،‬‬ ‫‪-98‬‬

‫الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪ 80‬بتاريخ ‪-02-20‬‬


‫‪.8099‬‬
‫‪133‬‬
‫قانون رقم ‪ 90-99‬المؤرخ في ‪ 8099-06-88‬يتعلق بالبلدية‪ ،‬الجريدة الرسمية‬ ‫‪-97‬‬

‫للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪ 28‬بتاريخ ‪.8099-08-02‬‬


‫قانون رقم ‪ 08-98‬مؤرخ في ‪ 8099-08-89‬يتعلق بالوالية‪ ،‬الجريدة الرسمية‬ ‫‪-91‬‬

‫للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪ 98‬بتاريخ ‪.8098-08-81‬‬


‫مرسوم رئاسي رقم ‪ 916-19‬مؤرخ في ‪ 04‬جوان ‪ 9119‬يتضمن تقرير حالة‬ ‫‪-80‬‬

‫الحصار‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪ 81‬بتاريخ ‪-98‬‬
‫‪.9119-06‬‬
‫مرسوم رئاسي رقم ‪ 226-19‬مؤرخ في ‪ ،9119-01-88‬يتضمن رفع حالة الحصار‪،‬‬ ‫‪-89‬‬

‫الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ‪ 44‬بتاريخ ‪.9119-01-85‬‬


‫مرسوم رئاسي رقم ‪ 44-18‬مؤرخ في ‪ 9118-08-01‬يتضمن إعالن حالة الطوارئ‪،‬‬ ‫‪-88‬‬

‫الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪ 90‬بتاريخ ‪-08-01‬‬


‫‪.9118‬‬
‫‪ -82‬مرسوم رئاسي رقم‪ 280-18‬المؤرخ في ‪ ،9118-07-99‬الجريدة الرسمية للجمهورية‬
‫الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪ 69‬لسنة ‪.9118‬‬
‫‪ -84‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 859-02‬مؤرخ في ‪ 8002-08-91‬يتضمن تطبيق األمر رقم‬
‫‪ 899-66‬المؤرخ في ‪ 9166-08-89‬يتعلق بوضعية األجانب في الجزائر‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪ 42‬بتاريخ ‪.8002-08-80‬‬
‫‪ -85‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 887-95‬مؤرخ في ‪ 8095-07-88‬يحدد للقواعد العامة المتعلقة‬
‫بتنظيم النظام الوطني للمراقبة بواسطة الفيديو وسيره‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية‬
‫الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪ 45‬بتاريخ ‪.8095-07-82‬‬
‫‪ -86‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 22-19‬مؤرخ في ‪ 9119-08-01‬يتضمن إنشاء الوكالة الوطنية‬
‫لحفظ الطبيعة‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪ 08‬بتاريخ‬
‫‪.9119-08-92‬‬
‫مرسوم تنفيذي رقم ‪ 52-19‬مؤرخ في ‪ 9119-08-82‬يتعلق بالشروط الصحية‬ ‫‪-88‬‬

‫المطلوبة عند عملية عرض األغذية لالستهالك‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 1‬لسنة ‪.9119‬‬
‫مرسوم تنفيذي رقم ‪ 960-12‬مؤرخ في ‪ 9112-08-90‬ينظم النفايات الصناعية‬ ‫‪-87‬‬

‫السائلة‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪ 46‬لسنة ‪. 9112‬‬
‫‪134‬‬
‫‪ -81‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 847-14‬مؤرخ في ‪ 9114-7-90‬يتضمن تنظيم اإلدارة المركزية‬
‫في وزارة الداخلية والجماعات المحلية والبيئة واإلصالح اإلداري‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪ 52‬لسنة ‪.9114‬‬
‫‪ -20‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 07-09‬مؤرخ في ‪ 8009-09-08‬يحدد صالحيات وزير تهيئة‬
‫اإلقليم والبيئة‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪ 4‬بتاريخ‬
‫‪.8009-09-94‬‬
‫مرسوم تنفيذي رقم ‪ 875-09‬مؤرخ في ‪ 8009-01-84‬يحدد األماكن التي يمنع فيها‬ ‫‪-29‬‬

‫تعاطي التبغ وكيفيات تطبيق المنع‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية‬
‫الشعبية عدد ‪ 55‬بتاريخ ‪.8009-01-86‬‬
‫‪ -28‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 995-08‬مؤرخ في ‪ 8008-04-02‬يتضمن المرصد الوطني‬
‫للبيئة والتنمية المستدامة‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد‬
‫‪ 88‬بتاريخ‪.8008-04-02‬‬
‫‪ -22‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 985-08‬مؤرخ في ‪ 8008-05-80‬يتضمن إنشاء الوكالة الوطنية‬
‫للنفايات وتنظيمها‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪28‬‬
‫بتاريخ ‪.8008-05-86‬‬
‫‪ -24‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 868-08‬مؤرخ في ‪ 8008-07-98‬يتضمن إنشاء المركز الوطني‬
‫لتكنولوجيات إنتاج أكثر نقاء‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬
‫عدد ‪ 56‬بتاريخ ‪.8008-07-97‬‬
‫‪ -25‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 289-08‬مؤرخ في ‪ 8008-05-80‬يتضمن إنشاء مركز تنمية‬
‫الموارد البيولوجية وتنظيمه وسيره‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية‬
‫الشعبية عدد ‪ 84‬بتاريخ ‪.8008-99-92‬‬
‫‪ -31‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 882-02‬مؤرخ في ‪ 8002-06-90‬يتضمن تنظيم المراقبة التقنية‬
‫للسيارات وكيفيات ممارستها‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬
‫عدد ‪ 28‬بتاريخ ‪.8002-06-95‬‬
‫‪ -28‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 285-05‬مؤرخ في ‪ 8005-01-86‬يتضمن إنشاء الوكالة الوطنية‬
‫للتغيرات المناخية‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد ‪68‬‬
‫بتاريخ ‪.8005-90-05‬‬
‫‪135‬‬
‫ يضبط التنظيم المطبق على‬8006-05-29 ‫ مؤرخ في‬917-06 ‫ مرسوم تنفيذي رقم‬-27
28 ‫ الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد‬،‫المؤسسات المصنفة‬
.8006-06-04 ‫بتاريخ‬
‫ الجريدة‬،‫ يحدد طرق وضع الممهالت‬8008-06-90 ‫ قرار وزاري مشترك مؤرخ في‬-21
.8007-04-08 ‫ بتاريخ‬97 ‫الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد‬

‫ المراجع من االنترنت‬:‫خامسا‬

:‫ معجم عربي عربي متوفر على الموقع من االنترنت‬،‫معجم المعاني الجامع‬ -9


www. Almaany.com (13-03-2016.

‫ المراجع باللغة الفرنسية‬:‫ثانيا‬

1/ Ouvrages
A- Ouvrages généraux
1- Zouaimia Rachid, Rouault Marie Christine, droit administratif, les
sources et principes généraux- l’organisation administrative-
l’activité administrative- le contrôle de l’administration, BERTI
édition, Alger, 2009.

B-Ouvrages spécialisés
1- Minet Charles-Edouard, droit de la police administrative, Vuibert
public droit, Paris, 2007.

2/ Webographie
A/ Articles
1- La police administrative, cours de droit net, www.cours-de-
droit.net/cours-d-droit-administratif/la-police-administrative,
a3410980.htlm ( 30/09/2015).

136
2- Tifine Pierre, droit administratif français- cinquième partie, www.
Revuegeneraledu droit.eu/blog/2013/08/11droit-administratif-
francais-cinquiemme-partie-chapitre-1, ( 28-09-2015).
3- Guerrin Eric, les autorités de police administrative,
www.wikiterrilorial.cufpt.fr, (20-10-2015).

B/ Site internet
1- www.legifrance.gouv.fr
2- www.lexinter.net/jf/outre-public.html, ( 18-11-2015).

137
‫الفهرس‬

‫مقدمة‪10..............................................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬مفهوم الضبط اإلداري وأهدافه‪14.........................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم الضبط اإلداري‪14................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف الضبط اإلداري وطبيعته‪12.......................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف الضبط اإلداري‪10..................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬طبيعة الضبط اإلداري‪00..................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التمييز بين وظيفة الضبط اإلداري وبعض الوظائف القريبة منها‪04.......‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التمييز بين الضبط اإلداري والضبط التشريعي‪04...........................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التمييز ب ين الضبط اإلداري والمرفق العام‪02...............................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التمييز بين الضبط اإلداري والضبط القضائي‪00............................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أنواع الضبط اإلداري‪23.................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف نو عي الضبط اإلداري (العام والخاص)‪23............................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التمييز بين الضبط اإلداري العام والخاص‪22...............................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أهداف الضبط اإلداري‪20................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬األهداف التقليدية للضبط اإلداري‪20......................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم النظام العام‪22......................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬العناصر التقليدية للنظام العام ولوظيفة الضبط اإلداري‪32...................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬األهداف الحديثة للضبط اإلداري‪32......................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬النظام العام الخلقي (اآلداب العامة)‪32.....................................‬‬

‫‪138‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬جمال ورونق المدن وروائها‪32..........................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬ا لنظام العام االقتصادي‪42...............................................‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬الضبط اإلداري البيئي‪43..................................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬سلطات الضبط اإلداري وحدوده‪25......................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬هيئات الضبط اإلداري وصالحياته‪25...................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬هيئات الضبط اإلداري‪25...............................................‬‬

‫فرع أول‪ :‬سلطات الضبط اإلداري العام على المستوى المركزي‪21......................‬‬


‫فرع ثاني‪ :‬سلطات الضبط اإلداري العام على المستوى المحلي‪23......................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬صالحيات الضبط اإلداري‪24..........................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الوسائل القانونية‪24.....................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الوسائل المادية‪03......................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬حدود وظيفة الضبط اإلداري‪02........................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬حدود سلطات الضبط اإلداري في الحاالت العادية‪00....................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تقيد سلطات الضبط اإلداري بمبدأ المشروعية ‪00.........................‬‬

‫واستهداف المحافظة على النظام العام والمالئمة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬رقابة القاضي اإلداري على تدابير ‪51...................................‬‬

‫الضبط اإلداري في الحالة العادية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حدود سلطات الضبط اإلداري في الحاالت غير العادية‪55.............‬‬

‫‪139‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف الحاالت االستثنائية وشروط تقريرها تعريف الحاالت االستثنائية‪011.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أثر تقرير هذه الحاالت االستثنائية على الحقوق والحريات‪001............‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الرقابة القضائية على أعمال سلطات الضبط اإلداري‪002.................‬‬

‫في الظروف االستثنائية‪.‬‬

‫خاتمة‪021............................................................................‬‬

‫قائمة المراجع‪020....................................................................‬‬

‫الفهرس‪032..........................................................................‬‬

‫‪140‬‬

You might also like