You are on page 1of 12

‫خطة البحث‬

‫عنوان البحث ‪ :‬ماهية المسؤولية الجنائية‬


‫المقدمة‬
‫المبحث األول ‪ :‬مفهوم المسؤولية الجنائية‬
‫المطلب األول ‪ :‬مفهوم المسؤولية الجنائية‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تعريف المسؤولية الجزائية في التشريعات والفقه‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬خصائص المسؤولية الجزائية‬
‫المطلب األول ‪ :‬ال مسؤولية من دون جريمة‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬المسؤولية الجزائية شخصية‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬اإلنسان محل المسؤولية الجزائية‬

‫الخاتمة‬

‫المقدمة ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫خلق هللا االنسان غير معصوم أي أفعاله تحتمل الصواب والخطأ رغم كون هذا المخلوق‬
‫مميز عن غيره من المخلوقات بنعمة العقل وهو المناط األساسي للتكليف وهذا ما استخلص‬
‫من ما ورد في القرآن عن قصة أبو البشرية سيدنا آدم عليه السالم حيث ان هللا انعم عليه‬
‫بنعمة التمييز واإلدراك والتي مناطها العقل وأمره بأن ال يقرب شجرة حتى زاغ به الشيطان‬
‫وعصى أمر ربه فكانت النتيجة أن يتحمل مسؤولية فعله ومن هنا بدأ منطلق ما يسمى‬
‫بالمسؤولية و التي سارت على نهجها جميع البشرية في العصور القديمة وصوال الى‬
‫عصرنا الحديث كما يجدر االشارة الى ان االختالف في تفكيرنا ومعتقداتنا أدى إلى تنوع‬
‫المسؤولية فالمسؤولية تكون اما دينيه وجزائها يكون بعد حياة اإلنسان أي بعد موته وايضا‬
‫نجد ان المسئولية تكون اخالقيا وتارة أخرى تكون قانونية ‪ ,‬فالقانونية تنقسم بحد ذاتها الى‬
‫مسؤولية ادارية او مدنية او جزائية وغيرها ونظرا لخطورة هذه االخيرة اي المسؤولية‬
‫الجزائية عن غيرها ألنها قد تمس بحقوق اإلنسان المكفولة دستوريا كالحرية مثال وغيرها‬
‫ومن هذا المنطلق يتحدد مجال او موضوع بحثنا اال وهو المسؤولية الجنائية وتتجلى أهمية‬
‫دراسة المسؤولية الجنائية من الناحية النظرية في كونها تعتبر علما بحد ذاتها نظرا الختالف‬
‫اآلراء واالفكار الفقهية مما اثار جدال واسع وايضا من الناحية العملية فكره العقوبة البد من‬
‫الزاميتها في هذه الحياه الن هناك افعال اجراميه تؤثر على االمن والسالم في المجتمعات مما‬
‫يؤدي الى تدهور الحياه المعيشية و عرقلة التطورات سواء كانت علميه او اقتصاديه‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫والهدف من دراسة هذا الموضوع هو السعي لفهم فحوى موضوع المسؤولية الجزائية‬
‫فيما يخص اطارها المفاهيمي ومحاولة تبسيطها بأحسن طريقة ممكنة وانطالقا من هذه‬
‫المقدمة نطرح اإلشكالية‪ :‬ما هو اإلطار المفاهيمي للمسؤولية الجنائية ??‬
‫وفي دراستنا اعتمدنا على المنهج التحليلي‬

‫‪2‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬مفهوم المسؤولية الجنائية‬
‫قسمنا هذا المبحث الى مطلبين المطلب األول مفهوم مسؤولية جنائية‬
‫والمطلب الثاني تعريفها في الفقه و التشريعات‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم المسؤولية الجنائية‬
‫إن المسؤولية الجزائية مصطلح مركب من كلمتين‪ :‬مسؤولية وجزائية (جنائية)‪ ,‬لذلك‬
‫سنتناول كل كلمة على حدة‬

‫الفرع األول ‪ :‬التعريف اللغوي والقانوني للمسؤولية‬


‫هي "ما يكون به اإلنسان مسؤوال ومطالب عن أمور أو أفعال أتاه(‪ ، )1‬والمسئولية‬
‫من فعل سأل يسأل سؤاال ومسألة‪ ،‬اي طلب يطلب والسائل هو الطالب والمسئول هو‬
‫المطلوب‪ ،‬ومنه قوله تعالى ﴿َو ِقُفوُه ْم ِإَّن ُهْم َم ْس ُئوُلوَن ﴾‬
‫‪2‬‬

‫والمسئولية هي التكليف‪ ،‬ومنه قوله (ص)‪( :‬كلكم راع وكل راع مسؤول عن‬
‫‪3‬‬
‫رعيته‪ ،)...‬أي كل شخص مكلف بما وكل إليه ومحاسب عليه‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬تعريف لفظ جناية‬


‫الجناية في اللغة مأخوذة من مادة "جنى" يقال ‪ :‬جنى الذنب عليه يجنيه جناية‪ ،‬بمعنى‬
‫جره إليه‪,‬والجناية الذنب والجرم‪ ,‬وما يفعله اإلنسان مما يوجب عليه العقاب والقصاص‬
‫اصطالحا ‪ :‬الجناية قد تطلق ويراد بها التعدي ‪,‬او العدوان واالعتداء ‪,‬وعموما في‬
‫القانون الجنائي تطلق على أشد الجرائم وصفا وهي الجنايات لذا سميت المسؤولية‬

‫‪1‬‬
‫‪ .‬علي عبد القادر القهوجي‪ ،‬شرح قانون العقوبات‪ ،‬القسم العام‪ ،‬املسئولية اجلنائية واجلزاء اجلنائي‪ ،‬منشورات احلليب احلقوقية‪ ،‬لبنان ‪ ،2009‬ص‪1- 05‬‬
‫مصطفى إبراهيم وآخرون‪ ،‬املعجم الوسيط‪ ،‬ج‪ ،1‬دار الدعوة‪ ،‬إسطنبول‪ ،1972 ،‬ص‪2-.411‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ - 3‬موسى بن سعيد‪ ،‬أثر صغر السن يف املسئولية اجلنائية‪ ،‬حث مقدم لنيل درجة دكتوراه العلوم يف الفقه واألصول‪ ،‬جامعة احلاج خلضر‪ ،‬باتنة‪،‬‬
‫كلية العلوم االجتماعية والعلوم اإلسالمية‪ ،‬قسم الشريعة‪ ،2010-2009 ،‬ص‪44‬‬

‫‪3‬‬
‫الجنائية على أساس وصف الجزء من قبيل الكل اي وصف الجناية على اعتبارها أشد‬
‫أنواع الجرائم وصفا اال انه مع ذلك لم يلقى مصطلح الجنائية االجماع بين الفقهاء‪,‬‬
‫وتم استبداله بالجزائية على أساس أن الجزاء يتضمن العقوبة والتدابير االحترازية وهو‬
‫مقرر لكل أنواع الجرائم مخالفات جنح جنايات ‪ ,‬لذلك من هذا المنطلق سنقوم‬
‫باستعمال مصطلح الجزائية ألنه أعم وأشمل من الجنائية‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تعريف المسؤولية الجزائية في التشريعات والفقه‬
‫لم يتعرض المشرع الجزائري لتعريف المسؤولية الجنائية‪ ,‬واكتفى باستبعاد المسؤولية‬
‫الجنائية حينما تنتفي األهلية الجنائية وحريه االختيار‪ ,‬وذلك من خالل ما أورده في‬
‫نصوص قانون العقوبات المواد ‪47 ,,48 49‬‬
‫كما لم تتطرق باقي التشريعات لتعريف المسؤولية الجنائية تاركه مسألة التعريف للفقه‬
‫‪,‬واكتفت في نصوصها برفع المسؤولية الجنائية عن فاقدي اإلدراك والتمييز‪ ,‬المجنون‬
‫والصبي غير المميز النعدام األهلية الجنائية ورفعها عن فاقد حرية االختيار كالمكره‬
‫وقد تناول الفقه تعريف المسؤولية الجنائية اال ان رجال القانون اختلفوا في تعريفه ومن‬
‫أبرز هذه التعريفات ‪:‬‬
‫اوال‪ :‬المسؤولية الجنائية هي التزام شخص بتحمل نتائج فعله االجرامي‪ ،‬أو تحمل شخص‬
‫تبعة فعله االجرامي‪ ،‬أو نتيجة عمله‪ ،‬أو التزام بالخضوع للجزاء المقرر قانونا(‪)4‬‬
‫ثانيا ‪ :‬المسؤولية الجنائية هي صالحية الشخص العاقل الواعي واستحقاقه لتحمل الجزاء‬
‫الجنائي المنصوص عليه في القانون جراء الجريمة التي اقترافها (‪)5‬‬
‫ثالثا ‪" :‬تحمل الشخص تبعة عمله المجرم بخضوعه للجزاء المقرر لفعله في قانون‬
‫العقوبات"(‪ ،)6‬أما التعريف القانوني لها فقد جاء على أنها "أهلية اإلنسان العاقل الواعي‬
‫ألن يتحمل جزاء أو عقابا نتيجة ألفعاله(‪)7‬‬
‫‪ -‬لحسن أبو سقيعة الوجيز في القانون الجنائي العام ‪ ,‬ط ‪ 2006 , 3‬دار الهومة الجزائر ‪ ,‬ص ‪121‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ -‬علي عبد القادر القهواجي ‪ ,‬القانون العام ‪ ,‬القسم العام ‪ ,‬ط ‪ ,2000‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ,‬الجزائر ‪ ,‬ص ‪278‬‬
‫‪ - 6‬علي عبد اهلل سليمان‪ ،‬شرح قانون العقوبات اجلزائري‪ ،‬القسم العام‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪ ،2002 ،‬ص‪.263‬‬
‫‪ - 7‬التوجني عبد السالم‪ ،‬موانع املسئولية اجلنائية‪ ،‬معهد البحوث والدراسات العربية‪ ،‬املنظمة العربية للرتبية والثقافة والعلوم‪ ،1971 ،‬ص‪.51‬‬

‫‪4‬‬
‫المبحث الثاني ‪:‬خصائص المسؤولية الجنائية‬
‫إن للمسؤولية الجنائية عدة خصائص و لكننا اقتصرنا في هذا المطلب على أهمها‬
‫المطلب االول ‪ :‬ال مسؤولية من دون جريمة‬
‫انطالقا من أركان الجريمة والتي تتمثل في الركن المادي و المعنوي والركن الشرعي‬
‫وبالرجوع الى المبادئ االساسية منها ال جريمة وال عقوبة وال تدابير أمن إال بنص‬
‫وهذا ما يستخلص من نص المادة األولى من قانون العقوبات الجزائري‬
‫وانطالقا من هذا يستنتج أن ارتكاب فعل يعد جريمة هو أساس قيام المسؤولية الجنائية‬
‫والجريمة هنا هي فعل سواء كان ايجابيا او سلبيا كمثال نص عليه المشرع صراحة‬
‫المادة ‪ 284‬من القانون رقم ‪ 23 06‬وهو ذلك الفعل غير المشروع الذي يعد سببا‬
‫للنتيجة اإلجرامية المحدثة حيث يتمثل الفعل اإليجابي في الحركة العضوية الخارجية‬
‫المرتكبة ‪ ,‬أما الفعل السلبي يتمثل في إحجام عن فعل معين او االمتناع عنه وكالهما‬
‫يعبر عن إرادة الفاعل وعنصر في الركن المادي للجريمة كما يكتسي الفعل صفته غير‬
‫المشروعة من نص التجريم إال أن هذه الصفة غير مستقرة وقابلة للزوال إن خضع‬
‫الفعل لسبب من أسباب اإلباحة (‪)8‬مثل ما نص عليه المشرع في نص المادة ‪ 39‬من‬
‫قانون العقوبات على أنه [ال جريمة ‪ _1‬اذا كان الفعل قد أمر او أذن به القانون‬
‫‪ _2‬إذا كان الفعل قد دفعت إليه الضرورة الحالة للدفاع المشروع عن النفس او عن‬
‫الغير أو عن مال مملوك للشخص او للغير بشرط ان يكون الدفاع متناسبا مع جسامة‬
‫االعتداء ]‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬المسؤولية الجزائية شخصية‬
‫إذا كانت العقوبة شخصية وال ينال أذاها إال من ارتكب الفعل المجرم قانونا وال‬
‫يكون مسؤوال عنها إال إذا كان مسؤوال عن ارتكابها‪ ،‬هذا نفس الشيء بالنسبة للمسؤولية‬
‫الجزائية فهي شخصية أيضا وال يتحملها إال من ارتكب الجريمة أو ساهم في ارتكابها‬
‫سواء فاعال اصليا أو شريكا أو محرضا‪ ،‬وإذا كان هذا األصل فإن االستثناء عن هذه‬

‫‪ - 8‬حممود جنيب حسين‪ ،‬عالقة السببية يف قانون العقوبات‪ ،‬دون دار نشر‪ ،‬دون بلد نشر‪ ،‬دون تاريخ نشر‪ ،‬ص ص‪.42 ،29‬‬

‫‪5‬‬
‫القاعدة هو مساءلة بعض األشخاص عن أفعال لم يرتكبها بل مرتكبة من طرف‬
‫أشخاص آخرين‪ ،‬وهذا في حالة "المسئولية عن فعل الغير"‪.‬‬
‫اوال‪ :‬مبدأ شخصية المسؤولية الجزائية‬
‫يستمد تعريف مبدأ شخصية المسؤولية الجزائية من مبدأ شخصية العقوبة الذي من‬
‫خالله أن العقوبة تقتصر على شخص المذنب المحكوم عليه‪ ،‬وال تتعدى إلى شخص‬
‫آخر غير المحكوم عليه مهما كانت صلة قرابته فيه‪ ،‬ويمنع مالحقة اي شخص بعقوبة‬
‫جنائية ما لم يكن فاعال للجريمة أو شريكا فيها أو محرضا لها‪ ،‬ومنه القول أن المسئولية‬
‫الجزائية هنا شخصية ال يتحملها إال من ارتكب الجريمة أو ساهم فيها وال يسأل عن‬
‫جريمة ارتكبها غيره‪) 9(.‬‬
‫وبهذا المبدأ (شخصية المسئولية الجزائية) أخذت جميع التشريعات الجنائية‬
‫الحديثة‪ ،‬إما استنادا إلى المبادئ الدستورية والقانونية العامة وإما بالنص عليه صراحة‬
‫في قانون العقوبات‬
‫كما فعل المشرع الجزائري الذي نص على مبدأ شخصية العقوبة في نص المادة ‪160‬‬
‫من التعديل الدستوري لسنة ‪ 2020‬عندما تخضع العقوبات الجزائية لمبدأ الشرعية‬
‫والشخصية‪ ،‬هذا وبالرغم من أن الدستور الجزائري لم ينص صراحة على مبدأ شخصية‬
‫المسؤولية الجزائية‪ ،‬إال أنه يستشف من خالل نص هذه المادة من الدستور على أن‬
‫العقوبة شخصية ومنه فإن المسئولية الجزائية شخصية كذلك‪.‬‬
‫كما تعرفنا على خاصية مبدأ شخصية المسؤولية الجزائية يقتضي التعرف كذلك‬
‫على االستثناء الوارد عليها أي ما يعرف بالمسؤولية الجنائية عن فعل الغير‬

‫ثانيا ‪ :‬المسؤولية عن فعل الغير يجدر القول انه اذا كانت المسؤولية الشخصية هي‬
‫األصل كقاعدة عامه فإننا نسجل خروج المشرع على هذه القاعدة احيانا (‪)10‬مثال في‬
‫‪9‬‬
‫عزالدين وداعي‪ ،‬رعاية نزالء املءسسة العقابية يف اجلزائر يف ظل املواثيق الدولية حلقوق اإلنسان‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه يف ‪9-‬‬
‫احلقوق ختصص علم اإلجرام وعلم العقاب‪ ،‬جامعة باتنة ‪ ،01‬كلية احلقوق والعلوم السياسية‪ ،2017-2016 ،‬ص‪25‬‬

‫‪ - 10‬وهو نفس املوقف الذي اختذه املشرع الفرنسي يف قانون الصحافة يف املادة ‪ 42‬منه‪ ،‬وكذلك املشرع املصري يف حمال النشر و هو ما تنص عليه ‪ 155‬من قانون‬
‫العقوبات املصري‬

‫‪6‬‬
‫مجال اإلعالم تنص المادة ‪ 11115‬على انه ‪ :‬يتحمل المدير مسؤوليه النشريه او مدير‬
‫جهاز الصحافة اإللكترونية وكذا صاحب الكتابة أو الرسم مسؤولية كل كتابة أو رسم يتم‬
‫نشرهما من طرف نشريه دورية أو الصحافة اإللكترونية‬
‫ويتحمل مدير خدمة االتصال السمعي البصري أو عبر اإلنترنت وصاحب الخير الذي‬
‫تم بثه المسؤولية عن الخير السمعي أو البصري المنبث من قبل خدمة االتصال السمعي‬
‫البصري أو عبر اإلنترنت‬
‫من خالل هذا النص نالحظ أن المشرع الجزائري في قانون اإلعالم يقرر المسؤولية‬
‫الجنائية عن فعل الغير فيقرر مسؤولية المدير مسؤول النشريه ومدير جهاز الصحافة‬
‫اإللكترونية ومدير خدمة االتصال السمعي البصري الى جانب صاحب الخير _ الكتابة‬
‫أو الرسم _ هذه المسؤولية الجنائية مفترضة فيهم فالقانون انشا في حق هؤالء قرينه‬
‫قانونيه قاطعه ال يجوز إثبات عكسها ألنهم يعلمون بكل ما تنشروه النشريه الدورية او‬
‫الصحافة االلكترونية وكل خير تم بثه من قبل خدمة االتصال السمعي البصري أو عبر‬
‫اإلنترنت‬
‫ورأي الفقه في هذا االستثناء أن هذا الخروج تقتضيه مصلحة المجتمع باعتبار أن‬
‫العقاب ال يكون ردعا وفعال في تلك الحاالت إذا اقتصر على من ارتكب الجريمة وإنما‬
‫يتعين ان ينال كذلك من كان له دور في اإلشراف والرقابة على سلوك مرتكب الجريمة‬
‫ألنه صاحب المصلحة في هذا السلوك وانه في الغالب يخلق الظروف التي توحي به‬
‫وتجعل االقدام عليه متفقا مع السير العادي لألمور ومن ثم فان تهديده بالعقاب يحمله‬
‫على الحيلولة دون وقوع جريمة‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬اإلنسان محل المسؤولية الجزائية‬


‫أصبحت القاعدة المستقرة في العصر الحديث في التشريعات هي أنه ال يسأل جنائيا غير‬
‫اإلنسان ألنه الكائن الوحيد الذي يمكن أن يفهم نصوص القانون وما تتضمنه من أوامر‬
‫ونواه كما ان االفعال التي تجرمها القوانين ال يتصور صدورها من غير اإلنسان‬
‫فالسلوك اإلجرامي سلوك إرادي كما أن االرادة جوهر الركن المعنوي للجريمة وهي ال‬

‫‪ - 11‬القانون العضوي رقم‪ 05-12‬المؤرخ في ‪ 18‬صفر عام ‪ 1433‬ه الموافق ل ‪ 12‬يناير ‪ 2012‬المتعلق بإعالم ‪ ,‬الجريدة الرسمية‬
‫للجمهورية الجزائرية ‪ ,‬الصادرة في تاريخ ‪ 15‬يناير ‪ 2012‬عدد ‪02‬‬

‫‪7‬‬
‫تكون إال لإلنسان فالقانون لكي يعتد بها يشترط ان تكون واعية أي يتوفر فيها شرط‬
‫التمييز وحرية االختيار وهي ال تكون كذلك اال باعتبارها قوة نفسية إنسانية حسب هذه‬
‫القاعدة‬
‫يضاف الى ذلك ان الجزاءات الجنائية التي تقع عند ارتكاب األفعال المجرمة ال‬
‫يتصور نزولها بغير االنسان وال يتصور تحقيقها ألغراضها إال إذا نفذت فيه سواء‬
‫بغرض الردع أو بغرض االصالح والتهذيب فاإلنسان او الشخص الطبيعي هو محل‬
‫المسؤولية الجنائية ولكن التطور القانوني انتهى إلى االعتراف بشخصية القانونية ليس‬
‫فقط لإلنسان او الشخص الطبيعي وانما ايضا لما يسمى بالشخص المعنوي او االعتباري‬
‫وعلى اثر هذا االعتراف صار جدل في الفقه حول إمكانية مسألة األشخاص المعنوية او‬
‫االعتبارية جنائي وقد انعكس هذا الجدل على التشريعات الجنائية‬
‫* ومن الفقهاء من أنكر مسؤولية الشخص المعنوي ومنهم من أيدها واعترف بها‬
‫الفقهاء الذين يرون أن شخص معنوي ال يسأل جنائيا في الجرائم التي تقع من ممثله‬
‫والذي ارتكبها لحساب الشخص المعنوي و لمصلحته وإنما تقع تلك المسؤولية على‬
‫عاتق الشخص الطبيعي أي ممثل شخص معنوي شخصيا على اساس ان جريمة وقعت‬
‫منه شخصيا وذلك باالستناد الى الحجج التالية‪:‬‬
‫‪ -‬الشخص المعنوي هو في واقع األمر مجرد مجاز او حيلة قانونية عديم اإلرادة ال‬
‫يستطيع ان يتصرف او يصدر منه نشاطا بنفسه‬
‫‪ -‬المسؤولية الجنائية تبنى على اإلدراك واالختيار أي على العناصر الذهنية ال تتوفر إال‬
‫في األشخاص الطبيعيين‬
‫‪ -‬ان القول بقيام مسؤولية شخص معنوي يصطدم بنظام العقوبة ‪,‬فالعقوبة في جوهرها‬
‫ألم يصيب من توقع عليه وتحقق غرضها في ردع الجناة او العامة او في تأهيل‬
‫المجرمين وال يتصور تحقيق هذه االهداف اال بالنسبة للشخص الطبيعي الذي يتمتع‬
‫باإلدراك واإلرادة وهما ما يفتقده الشخص المعنوي‬
‫باإلضافة الى ان معظم العقوبات ال يمكن تطبيقها على الشخص المعنوي كالعقوبة‬
‫السالبة للحرية وعقوبة اإلعدام وحتى بالنسبة لعقوبة الغرامة والمصادرة التي ال يتصور‬
‫‪12‬‬
‫تطبيقها على شخص معنوي فإن توقيعها عليه يصطدم بمبدأ شخصية العقوبة‬

‫‪- 12‬إبراهيم علي صالح المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية دار المعارف ‪ ,‬القاهرة ‪ 1980‬ص ‪45‬‬

‫‪8‬‬
‫_ اال ان الراي االخر ذهب الى االعتراف بإمكان قيام المسؤولية الجنائية‬
‫للشخص المعنوي ويرون ان الحجج التي ساقها أنصار الراي السابق ليست قطعية‬
‫ويردون عليها الواحدة تلو االخرى على التفصيل التالي‬
‫● االحتجاج بأن الشخص المعنوي ال إرادة له غير صحيح يقول اصحاب هذا الرأي‬
‫فإن صاغ ذلك عند اصحاب نظرية الفرض والمجاز فانه غير مقبول عند أصحاب‬
‫نظرية الحقيقة وهي النظرية السائدة في الفقه الحديث والتي ترى بأن للشخص‬
‫المعنوي وجودا حقيقيا وله إرادة قانونية وإنكار هذه اإلرادة ينجم عنه إنكار‬
‫مسؤوليته المدنية أي امكانية الشخص المعنوي في التعاقد وااللتزام وهذا القول‬
‫يتناقض مع قواعد القانون التي تعترف للشخص المعنوي بالشخصية القانونية كما‬
‫انه فيه إهدار بمصالح أساسية للمجتمع فاألشخاص المعنوية تلعب دورا رئيسيا في‬
‫نشاطه العام والخاص‬
‫● ليس صحيحا بأن المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي تمس بمبدأ شخصية‬
‫العقوبة فهذه الحجة تنطوي على الخلط بين العقوبة والنتيجة غير المباشرة لها‬
‫فامتداد آثار العقوبة في حالة اختيار الشخص المعنوي شريكا الى االشخاص‬
‫المكونين كالمساهمين في الشركة مثال ليس معناه معاقبتهم على فعل لم يرتكبونه‬
‫فهذه اآلثار ال تتولد مباشره عن العقوبة نفسها وانما تتولد عن العالقة التي تربط‬
‫بين من وقعت عليه العقوبة أي ممثل الشخص المعنوي وبين من تعدت اليهم‬
‫اثارها وهم المساهمون ونجد الوضع نفسه يتحقق حينما توقع العقوبة على‬
‫األشخاص الطبيعيين فتنال آثارها من يعولهم من أفراد أسرة(الجاني) وليس في‬
‫ذلك اخالل بمبدأ شخصية العقوبة‬
‫● اما القول بان العقوبات التي يعرفها القانون في مجموعها ال يمكن تطبيقها على‬
‫الشخص المعنوي فهذا القول ال يصدق على العقوبات المالية والغرامات‬
‫والمصادرة التي يمكن تطبيقها على الشخص المعنوي فهو صاحب ذمه ماليه‬
‫يستطيع المشرع حرمانه من بعض عناصره أما االعدام والعقوبة السالبة للحرية‬
‫كالحبس والسجن التي توقع على الشخص الطبيعي ففي الوسع أن يكون لها ما‬
‫يقابلها بالنسبة للشخص المعنوي باإلعدام يقابله عقوبة حل الشخص المعنوي‬

‫‪9‬‬
‫والعقوبة السالبة للحرية يقابلها بالنسبة للشخص المعنوي الوضع تحت الحراسة او‬
‫تضييق دائرة النشاط المسموح به‬
‫● باإلضافة إلى أن عدم مساءلة الشخص المعنوي وعدم توقيع الجزاء الجنائي عليه‬
‫حتى ولو تم مساءلة ممثليه سيكون حافزا له الى تكرار وقوع الجريمة باسمه دون‬
‫أن يتمكن المجتمع من حماية نفسه ضد األضرار والمخاطر التي تنجم عنها‬
‫وبناء على ذلك ذهب جانب كبير من الفقه الحديث إلى االعتراف بمسؤولية‬
‫الشخص المعنوي الجنائية الى جانب مسؤوليه شخص طبيعي ممثل الشخص‬
‫المعنوي إذا توافرت أركان جريمة بالنسبة له شخصيا وهذا ما سارت عليه‬
‫أغلب التشريعات ومنها المشرع الجزائري الذي اعترف بالمسؤولية والتي‬
‫ظهرت معالمها في قانون العقوبات وقانون اإلجراءات الجزائية فيما يخص‬
‫‪13‬‬
‫العقوبات المقررة على شخص معنوي‬

‫‪ - 13‬عبد القادر القهواجي نفس المرجع ص ‪37‬‬

‫‪10‬‬
‫الخاتمة ‪:‬‬
‫وفي خالصة قول واختصارا‬
‫أوال النتائج ‪ :‬إجابة على التساؤل المطروح أعاله في المقدمة يمكننا القول أن المسؤولية‬
‫الجزائية أنها تحمل الشخص العاقل الواعي المؤهل لنتائج فعله االجرامي او تبعت فعله‬
‫المجرم بشرعية القانون لجزاء المقرر قانونا وبعدها انتقلنا لخصائص المسؤولية ونذكر‬
‫منها الزاميه وجود جريمة متكاملة األركان ‪ ,‬اضافة الى ان الفاعل يأخذ في أصل صفة‬
‫االنسان لكن استثناء يمكن ان يكون شخصا معنويا خاصا بعدها تطرقنا الى انه يلزم ان‬
‫يكون الفعل المرتكب من الشخص ذاته واستثناء يمكن مساءلة الغير في حاالت خصها‬
‫القانون بنصوص خاصة وانتقلنا الى تطور فكرة المسؤولية عبر العصور وعرفنا أن‬
‫منشئها ومقررها هو هللا عز وجل‬
‫واخيرا لدينا بعض االقتراحات التي نراها من منظور الطالب الباحث على أنها صواب‬
‫لكن قابله للنقد بطبيعة الحال‬
‫_ في المادة ‪ 34‬من قانون العقوبات في الفصل الثالث من الكتاب الثاني راينا ان‬
‫المشرع في حالة تعدد الجرائم بوصف جناية و جنحه يقضي بعقوبة واحدة ‪ ,‬وهذا يعد‬
‫تناقضا أي أن المسؤولية او الجزاء يقابل الجريمة وال يمكن لجزاء واحد أن يغطي باقي‬
‫الجرائم ألن هذا سيكون بابا لتعدد الجرائم وانتشارها إذا كان الجاني مثال في حالة فرار‬
‫ويعلم بحتمية توقيع العقوبة عليه فانه سيقدم على ارتكاب جرائم اخرى نتيجة علمه أن‬
‫العقوبة ستكون على فعل مجرم واحد‬
‫وفي االخير اسال هللا ان يكون وفقنا في هذه المسؤولية المتواضعة وهللا ولي التوفيق‬

‫وشكرا‬

‫‪11‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ‪:‬‬

‫_المصادر ‪:‬‬
‫‪ -‬القانون العضوي رقم‪ 05-12‬المؤرخ في ‪ 18‬صفر عام ‪ 1433‬ه الموافق ل ‪ 12‬يناير‬
‫‪ 2012‬المتعلق بإعالم ‪ ,‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ‪ ,‬الصادرة في تاريخ ‪15‬‬
‫يناير ‪ 2012‬عدد ‪02‬‬

‫_ المراجع ‪:‬‬
‫‪ -‬التونجي عبد السالم‪ ،‬موانع المسئولية الجنائية‪ ،‬معهد البحوث والدراسات العربية‪ ،‬المنظمة‬
‫العربية للتربية والثقافة والعلوم‪.1971 ،‬‬
‫علي عبد القادر القهوجي‪ ،‬شرح قانون العقوبات‪ ،‬القسم العام‪ ،‬المسئولية الجنائية والجزاء ‪-‬‬
‫‪.‬الجنائي‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان ‪2009‬‬
‫‪،.-‬مصطفى إبراهيم وآخرون‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬ج‪ ،1‬دار الدعوة‪ ،‬إسطنبول‪1972 ،‬‬
‫‪-‬موسى بن سعيد‪ ،‬أثر صغر السن في المسئولية الجنائية‪ ،‬حث مقدم لنيل درجة دكتوراه‬
‫العلوم في الفقه واألصول‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬كلية العلوم االجتماعية والعلوم‬
‫اإلسالمية‪ ،‬قسم الشريعة‪،2010-2009 ،‬‬
‫‪ -‬لحسن أبو سقيعة الوجيز في القانون الجنائي العام ‪ ,‬ط ‪ 2006 , 3‬دار الهومة الجزائر ‪,‬‬
‫‪ -‬علي عبد القادر القهواجي ‪ ,‬القانون العام ‪ ,‬القسم العام ‪ ,‬ط ‪ ,2000‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية ‪ ,‬الجزائر ‪,‬‬
‫‪ -‬علي عبد هللا سليمان‪ ،‬شرح قانون العقوبات الجزائري‪ ،‬القسم العام‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.،2002 ،‬‬
‫‪ -‬التونجي عبد السالم‪ ،‬موانع المسئولية الجنائية‪ ،‬معهد البحوث والدراسات العربية‪ ،‬المنظمة‬
‫العربية للتربية والثقافة والعلوم‪.،1971 ،‬‬

‫‪ -‬محمود نجيب حسني‪ ،‬عالقة السببية في قانون العقوبات‪ ،‬دون دار نشر‪ ،‬دون بلد نشر‪،‬‬
‫دون تاريخ نشر‪،‬‬

‫‪12‬‬

You might also like