You are on page 1of 65

‫ا لمبحث االول‪ :‬االطار المفاهيمي لركن الشرعية‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم مبدأ الشرعية‬


‫الفرع االول‪ :‬تعريف مبدأ الشرعية‬
‫الفرع الثاني‪ :‬األساس الذي يقوم عليه مبدأ الشرعية‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬مصادر القانون الجنائي‬
‫اوال‪ :‬االتفاقيات و المعاهدات الدولية‬
‫ثانيا‪ :‬القوانين‬
‫‪ -1‬قانون العقوبات‬
‫‪ -2‬القوانين المكملة لقانون العقوبات‬
‫ثالثا ‪ :‬اعمال السلطة التنفيذية‬
‫‪ -1‬االوامر‬
‫‪ -2‬المراسيم و القرارات االدارية‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نتائج مبدأ الشرعية‬
‫الفرع االول ‪ :‬تطبيق مبدأ الشرعية على تطبيق الجرائم‬
‫اوال ‪ :‬يجب ان تكون الجريمة محددة‬
‫ثانيا ‪ :‬يجب ان يكون التجريم دقيقا‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التفسير الضيق للنص الجزائي‬
‫اوال ‪ :‬المبدأ العام‬
‫ثانيا ‪ :‬االستثناءات‬
‫الفرع الثالث‪ :‬تطبيق مبدأ الشرعية على العقوبات‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬تطبيق مبدأ الشرعية على تدابير األمن‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬نطاق تطبيق قانون العقوبات‬


‫المطلب األول ‪ :‬تطبيق قانون العقوبات من حيث الزمان‬
‫الفرع االول‪ :‬تطبيق قاعدة عدم الرجعية على قوانين الموضوع‬
‫اوال ‪ :‬المبدأ العام‬
‫ثانيا ‪ :‬االستثناء‬
‫‪ .1‬صالحية القانون الجديد للمتهم‬
‫‪ .2‬صدور القانون الجديد قبل الحكم النهائي‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التطبيق الفوري لقوانين االجراءات او قوانين الشكل‬
‫اوال ‪ :‬المبدأ العام‬
‫ثانيا ‪ :‬االستثناءات‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تطبيق قانون العقوبات من حيث المكان‬
‫الفرع االول‪ :‬تطبيق قانون العقوبات على الجرائم المرتكبة في الجزائر‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬االستثناءات الواردة على مبدا االقليمية‬
‫اوال ‪ :‬الجرائم المرتكبة على متن السفن و الطائرات‬
‫ثانيا ‪ :‬الجرائم المرتكبة خارج اإلقليم‬
‫‪ - 1‬الجنايات المرتكبة ضد او من قبل جزائريين في الخارج‬
‫‪ - 2‬الجنايات والجنح الماسة بالمصالح األساسية للجزائر‬
‫ثالثا ‪ :‬مسألة االختصاص العالمي‬

‫تقديم ‪:‬‬
‫تتحقق الجريمة بالفعل الصادر عن اإلنسان فيتخذ صورة مادية معينة ‪ ،‬تختلف األفعال المادية باختالف نشاطات اإلنسان وهذا‬
‫ما يجعل المشرع يتدخل لتحديد فئة من األفعال الضارة أو الخطرة على سالمة أفراد المجتمع وذلك بغية تعزيز حماية حريات‬
‫األشخاص وحقوقهم ‪ ،‬كالحق في الحياة ‪ ،‬الحق في الملكية ‪ ،‬الحق في صيانة العرض والشرف فينهى عن هاته االفعال‬
‫بموجب نص قانوني جزائي يجرم هذه األفعال ويحدد عقوبة من يأتي على ارتكابها وما عدا ذلك يبقى اإلنسان حرا في‬

‫‪1‬‬
‫تصرفه شرط أن ال يلحق الضرر بالغير ‪ ،‬فالنص القانوني هو إذا مصدر التجريم وهو المعيار الفاصل بين ما هو مباح وما‬
‫هو منهي عنه تحت طائلة الجزاء وتبعا لذلك فال جريمة وال عقوبة بدون نص شرعي ‪ ،‬وهذا ما يعرف بمبدأ الشرعية ‪.‬‬
‫يعتبر مبدأ الشرعية الجزائية بمثابة ضمانة لحقوق األفراد وحرياتهم ‪ ،‬حيث ال يمكن تجريم أفعالهم وال العقاب عليها إال‬
‫بموجب قانون صريح و قائم قبل ارتكاب الفعل الجرم ‪ ,‬كما يساهم هذا المبدأ في تدعيم فكرة اإلستقرار وخلق العدالة‬
‫والمساواة بين األفراد وعدم التمييز بينهم على أساس طائفي أو طبقي‪ ،‬كما تحقق فكرة الردع العام باالضافة الى انه يساهم في‬
‫تجسيد مبدا سيادة القانون الذي يتبلور من خالل التزام كل من الحاكم و المحكوم بقواعد القانون ‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬اإلطار المفاهيمي لركن الشرعية‬


‫يعتبر مبدأ الشرعية الجزائية من بين المبادئ األساسية التي يقوم عليها قانون العقوبات في مختلف تشريعات العالم ‪ ،‬ويعتبر‬
‫من الضمانات التي تحقق محاكمة عادلة ‪ .‬و على هذا سوف نتطرق الى مفهوم هذا المبدا ( المطلب االول ) و و مصادره (‬
‫المطلب الثاني ) و النتائج المترتبة عنه ( الفرع الثالث )‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم مبدأ الشرعية‬
‫ان أول ركن يقوم عليه السلوك اإلجرامي يتمثل في الركن الشرعي ‪ ،‬والذي يستلزم وجود نص قانوني يجرم الفعل المرتكب‬
‫طبقا لمبدأ الشرعية الجزائية ( الفرع االول ) و يستند هذا المبدأ على مجموعة من االسس التي يقوم عليه ( الفرع الثاني ) ‪.‬‬
‫الفرع االول‪ :‬تعريف مبدأ الشرعية‬
‫يقصد بمبدأ الشرعية في مجال القانون الجزائي أن لهذا القانون مصدرا واحدا هو القانون المكتوب وهو بذلك يختلفه عن‬
‫فروع القانون األخرى التي تضيف إلى نص القانون مصادر أخرى كالعرف والشريعة اإلسالمية ( المادة األولى قانون مدني‬
‫)‬
‫وقد نشأ هذا المبدأ في القرن الثامن عشر ( ‪ ) 18‬كردة فعل على تحكم القضاة في ذلك الوقت حيث كانوا يخلطون بين‬
‫الجريمة الجنائية والرذيلة األخالقية والمعصية الدينية ‪.‬‬
‫وقد تم التنصيص على هذا المبدأ ألول مرة في إعالن حقوق اإلنسان و المواطن لسنة ‪ 1789‬في المادتين ‪ 5‬و ‪ 8‬منه تحديدا‬
‫فبموجب المادة ‪ " 5‬ال يجوز منح ما لم يحظره القانون وال يجوز اإلكراه على إتيان عمل لم يأمر به القانون " ؛ وبموجب‬
‫المادة ‪ 8‬ال يعاقب أحد إال بمقتضى قانون قائم وصادر قبل ارتكاب الجنحة ومطبق تطبيقا شرعيا ‪" .‬‬
‫وتم تكريس هذا المبدأ في الدستور الجزائري في مادته ‪ 44‬التي تنص على أن " ال يتابع أحد وال يوقف أو يحجز إال في‬
‫الحاالت المحددة بالقانون وطبقا لألشكال التي نص عليها‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫كما تم تطبيقه في قانون العقوبات الذي نص صراحة في مادته األولى على أن ال جريمة وال عقوبة أو تدابير أمن بغيرقانون‬
‫‪".‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬األسس التي يستند عليها هذا المبدأ‬
‫يستند مبدأ الشرعية إلى سندين أساسيين ‪ ،‬أحدهما منطقي واألخر سياسي‬
‫اوال ‪ :‬السند المنطقي‪:‬‬
‫يرجع الفضل إلى المحامي اإليطالي بيكاريا ‪ Baccaria‬في وضع اللبنة األولى لمبدأ الشرعية في كتابه المشهور " الجرائم‬
‫والعقوبات الذي صدر سنة ‪ 1764‬والفكرة األساسية التي جاء بها هذا الفقيه أن إصالح القضاء يقتضي حرمانه من سلطته‬
‫المطلقة ولن يتأتى ذلك إال بتقييد القاضي بتص مكتوب يحدد الجريمة وعقوبتها بحيث يكون من حق الفرد أن يقوم بأي عمل‬
‫أو امتناع ال تتضمنه قائمة الجرائم والعقوبات دون خشية من العقاب ‪ .‬ومن ثم يرى ضرورة أن تكون القوانين الجزائية‬
‫واضحة ومحددة حتى ال يجد القضاة في غموضها منفذا لتجريم ما هو مباح وانتهى بيكاريا إلى النداء بحرمان القاضي من‬
‫تفسير هذه النصوص و وجوب تطبيقها حرفيا‪.‬‬
‫فالقاضي في نظر بيكاريا " ما هو إال مجرد بوق ينزل على المتهم حكم القانون ‪ ،‬فال يملك تشديده أو التخفيف منه ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬السند السياسي ‪:‬‬
‫يجد مبدأ الشرعية سندا سياسيا في نظرية العقد االجتماعي للكاتب الفرنسي روسي ‪ RowLsseau .‬فاألصل ‪ ،‬حسب هذه‬
‫النظرية ‪ ،‬أن للفرد حرية العمل أو االمتناع لكنه يتنازل عن قسط من حريته لصالح المجتمع ‪ ،‬والجريمة خطيئة يترتب عليها‬
‫إخالل بنظام المجتمع ومن ثم فان للمجتمع وحده ممثال في المشرع أن يحدد األفعال التي يراها مخلة بنظامه والعقوبات التي‬
‫يهدد الناس بها ‪.‬‬
‫ومن حق الفرد على الجماعة أن تكون هذه المسائل مبينة‪.‬‬
‫والقاضي كعضو في المجتمع ال يجوز له أن يوقع عقوبة عن فعل أو امتناع لم يجرمه القانون كما ال يجوز له أيضا أن‬
‫يتجاوز العقوبة المقررة أو يضيف عليها عقوبات أخرى‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬تقييم مبدأ الشرعية ‪:‬‬


‫عرف مبدأ الشرعية انتقادات منذ أواخر القرن التاسع عشر ( ‪ ، ) 19‬وأهم هذه االنتقادات أن مبدأ الشرعية قاعدة رجعية‬
‫إزاء النظم الحديثة في العقاب كونها تحدد العقوبة على أساس الجريمة دون النظر إلى شخص الجاني وقد نادى أصحاب هذا‬
‫الرأي المنتقد ‪ ،‬وهم ينتمون إلى المدرسة الوضعية بتقسيم المجرمين بدال من تقسيم الجرائم ‪ ،‬فليس األهم ‪ ،‬في نظرهم ‪ ،‬هو‬
‫الفعل المجرم و إنما المتهم الذي يجب أن يكون محور الدعوى الجزائية‪.‬‬
‫وال يتسنى للمشرع تقدير العالج المناسب للمتهم مسيقا وإنما هذا من صميم العمل القضائي ومن ثم وجب أن يكون للقاضي‬
‫سلطة تقديرية واسعة‪.‬‬
‫وان كانت هذه االنتقادات ال تخلو من الصواب فإنها ال تتعارش مع مبدأ الشرعية وإنما هي مكملة له ‪ ،‬كما أنها ساعدت من‬
‫جهة أخرى على التلطيف من جمود مبدأ الشرعية بجعل العقوبة مناسبة لظروف الجاني تحقيقا للعدالة ‪.‬‬
‫وهكذا ويفضل انتقادات المدرسة الوضعية رجعت معظم التشريعات عن نظام العقوبات المحددة إلى نظام تفريد العقوبة‬
‫حيث أصبحت العقوبة تتراوح بين حدين أقصي وأدني كما رخص للقاضي باألخذ بالظروف المخففة ويوقف تنفيذ العقوية‬
‫وغير ذلك من النظم المستحدثة‪.‬‬
‫وأما االنتقاد الثاني الموجه لمبدأ الشرعية فيتمثل في كون هذه القاعدة تجافي في كثير من األحوال المبادئ األخالقية بحيث‬
‫تجعل القاضي عاجزا عن مجازاة العابثين باألمن والنظام بحجة عدم وجود نص يتناول سلوكهم فكثيرا ما تقع أفعال منافية‬
‫لألخالق ال يجرمها القانون ‪ ،‬ومن هذا القبيل العالقات الجنسية الرضائية بين بالغين ال تربطهما عالقة زواج و األكل أو‬
‫الشرب في شهر رمضان بدون مبرر شرعي ‪ ...‬ونحن ال نرى في هذه الحجة ما يبرز الخروج على مبدأ الشرعية ففضال‬
‫عن اختالف وجهات النظر بخصوص ما بع د خطرا اجتماعيا فما على الشرع إذا تبين له أن فعال يشكل خطورة على المجتمع‬
‫إال أن يجرمه بنص ‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬مصادر القانون الجزائي‬
‫يقتضي قيام الجريمة بوجه عام وجود نص قانوني بالمفهوم الواسع واذا كان األصل أن القانون هو الذي يحدد الجريمة‬
‫واألركان المكونة لها فانه من الجائز ‪ ،‬إذا لم يكن القانون قد حددها كما هو الحال بالنسبة للمادة ‪ 334‬ق ع التي تعاقب على‬
‫اإلخالل بالحياء والمادة ‪ 336‬التي تعاقب على االغتصاب ‪ ،‬أن تتولى المحاكم القضائية استخالصها ‪.‬‬
‫وإذا كان مبدأ الشرعية يقتضي وجود نص شرعي ينص على الفعل المجرم ويعاقب عليه فليس من الالزم أن يكتسي هذا‬
‫النص شكل القانون بالمفهوم الضيق و هو ذلك النص الصادر عن السلطة التشريعية ‪ ،‬بل من الجائز أن تتضمن أعمال السلطة‬
‫التنفيذية التنصيص على الجرائم و عقوبتها‬

‫‪3‬‬
‫اوال‪ :‬االتفاقات والمعاهدات الدولية ‪:‬‬
‫تنص المادة ‪ 150‬من الدستور على أن المعاهدات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية تسمو على القانون ومن هذا المنطلق‬
‫يمكن اعتبار المعاهدات الدولية قانونا ‪ .‬وقد قضي في فرنسا بأنه في حالة التنازع بين حكم معاهدة دولية وقانون داخلي فان‬
‫األولية تكون للمعاهدة الدولية حتى ولو صدر القانون الداخلي الحقا للمعاهدة الدولية ‪.‬‬
‫غير انه قضي في فرنسا بأن تفسير المعاهدات الدولية ليس من صالحيات السلطة القضائية وإنما يتعين عليها أن تطلب مدلول‬
‫االتفاقية من وزير الخارجية ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬القوانين في حد ذاتها ‪:‬‬
‫تشكل القوانين في حد ذاتها ‪ ،‬أي القوانين بالمفهوم الشكلي ‪ ،‬المصادق عليها من السلطة التشريعية المصدر األساسي للقانون‬
‫الجزائي ‪ ،‬فما هي هذه القوانين ؟‬
‫أ‪ -‬قانون العقوبات ‪ :‬صدر قانون العقوبات الجزائري بموجب األمر رقم ‪ 156 - 66‬المؤرخ في ‪ 8‬يونيو ‪ ، 1966‬وهو‬
‫مستوحى من قانون العقوبات الفرنسي وتأتر به كثيرا سواء في خطوطه الرئيسية أو في مالمحه العامة ‪ ،‬وهذا راجع أساسا‬
‫ألسباب تاريخية معروفة ‪.‬‬
‫يتكون هذا القانون من جزأين‪:‬‬
‫الجزء األول يتضمن المبادئ العامة ‪ ،‬وينقسم إلى كتابين ‪ ،‬يتعلق األول بالعقوبات وتدابير األمن والثاني باألفعال‬
‫واألشخاص الخاضعين للعقوبة‬
‫الجزء الثاني يتضمن التجريم ‪ ،‬وينقسم بدوره إلى كتابين األول يتعلق بالجنايات والجنح وعقوباتها والثاني بالمخالفات‬
‫وعقوباتها ‪.‬‬
‫عرف قانون العقوبات الجزائري منذ صدوره العديد من التعديالت ( ‪ 26‬إلى غاية ‪ ) 2020‬تماشيا مع متطلبات المراحل‬
‫التي مرت بها البالد والتحوالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية التي شهدتها إلى يومنا ‪.‬‬
‫ب‪ -‬القوانين المكملة لقانون العقوبات ‪ :‬ليس بمقدور أي نص ‪ ،‬حتى وإن كان قانون العقوبات ‪ ،‬أن يستوعب لوحده كل‬
‫األفعال المجرمة مما حذا بالمشرع إلى التنصيص على بعض الجرائم وعقوباتها في بعض النصوص الخاصة التي تأتي مكملة‬
‫لقانون العقوبات في المسائل التي لم يتكفل بها دون الخروج عن اإلطار العام لقانون العقوبات والمبادئ العامة التي تحكمه ‪.‬‬
‫و من هذا القبيل ما تضمنه القانون ‪ 06/01‬المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته ‪.‬‬
‫االمر رقم ‪ 05/06‬المتعلق بالوقاية من التهريب و مكافحته‬
‫و كذا ما تتضمنه بعض القوانين الخاصة من نصوص جزائية مثل قانون الجمارك و القانون التجاري‪...‬‬

‫ثالثا ‪ :‬اعمال السلطة التنفيذية ‪ :‬و يقصد بها على وجه الخصوص االوامر الصادرة عن رئيس الجمهورية و المراسيم‬
‫الصادرة عن السلطة التنفيذية ممثلة برئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والقرارات الصادرة عن الوزراء والوالة ورؤساء‬
‫البلديات‪.‬‬
‫أ‪ -‬األوامر ‪ :‬بالرجوع إلى الدستور الجزائري نجد أنه اجاز في حاالت استشائية لرئيس الجمهورية التشريع بأوامر بنصه في‬
‫المادة ‪ ، 142‬الرئيس الجمهورية أن يشرع بأوامر في حالة شغور المجلس الشعبي الوطني أو بين دورتي البرلمان على أن‬
‫يعرض رئيس الجمهورية النصوص التي اتخذها على كل غرفة من البرلمان في أول دورة له لتوافق عليها و تعد الغية إذا لم‬
‫يوافق عليها البرلمان"‬
‫كما يجوز لرئيس الجمهورية أيضا التشريع باألوامر في الحالة االستشائية المنصوص عليها في المادة ‪ 93‬من الدستور ( إذا‬
‫كانت البالد مهددة يخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو استقاللها أو سالمة ترابها )‬
‫ب‪ -‬المراسيم والقرارات اإلدارية ‪ :‬مما ال جدل فيه أن المراسيم والقرارات من أعمال السلطة التنفيذية ومن الجائز أن‬
‫تتضمن أحكاما جزائية تجرم وتعاقب على بعض األفعال ‪ ،‬ولكن في مجال المخالفات فحسب كما يتبين ذلك من نص المادة‬
‫‪ 140‬ف ‪ 7‬من الدستور وهو النص الذي قضى بأن يشرع البرلمان في مجال قواعد قانون العقوبات ‪ ،‬السيما تحديد الجنايات‬
‫والجنح والعقوبات المختلفة المطابقة لها ‪ ،‬حيث ذكر الجنايات والجنح ولم يذكر المخالفات فاتحا الباب أمام التشريع عن طريق‬
‫التنظيم في مجال المخالفات‬
‫ويقصد بالقرارات االدارية تلك القرارات التنظيمية التي تصدر عن الوزراء والوالة ورؤساء البلديات وإذا كانت القرارات‬
‫الوزارية ليس من طبيعتها أن تتضمن أحكاما جزائية فكثيرا ما تتضمن القرارات الوالئية والبلدية أحكاما جزائية تكون‬
‫محصورة في المخالفات‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى فان مخالفة المراسيم أو القرارات المتخذة قانونا من طرف السلطة اإلدارية يعد مخالفة طبقا لنص المادة‬
‫‪ 459‬ق‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬نتائج مبدأ الشرعية‬

‫‪4‬‬
‫ينطبق مبدأ الشرعية على تعريف الجرائم وعلى تحديد العقوبات وتدابير األمن التي تطبق على شخص معين ‪ ،‬ويتعين على‬
‫السلطات الثالث مراعاة هذا المبدأ ‪.‬‬
‫فال يجوز للقاضي تجريم فعل لم يجرم بنص أو توقيع عقوبة لم يرد بها نص ‪ ،‬كما ال يجوز له أيضا استعمال القياس في‬
‫التجريم أو العقاب‪.‬‬
‫ولما كان التجريم والعقاب من اختصاص السلطة التشريعية فال تملك السلطة التنفيذية مباشرة هذا االختصاص ‪ ،‬وعلى‬
‫السلطة التشريعية أن تتوخي الدقة عند وضع النص وان تسهر على أن يكون ذا أثر مباشر بحيث ال يرجع تطبيقه إلى الماضي‬
‫‪.‬‬
‫الفرع االول ‪ :‬تطبيق مبدأ الشرعية على تعريف الجرائم ‪:‬‬
‫عمال بمبدأ الشرعية ‪ ،‬ليس كل األعمال المخالفة للنظام العام ‪ ،‬مهما بلغت خطورتها ‪ ،‬تفرض مرتكبها للعقاب بصفة تلقائية ‪،‬‬
‫وإنما يتعرض منها للعقاب ماهو مجرم بنص فحسب ‪ ،‬ومن ثم ال تشكل جريمة تستوجب العقاب إال األعمال المنصوص‬
‫والمعاقب عليها بنص سواء صيغ في شكل قانون ( بالنسبة للجنايات والجنح ) أو في شكل الئحة تنظيمية ( بالنسبة للمخالفات‬
‫)‪.‬‬
‫يقتضي مبدأ الشرعية أن تكون الجريمة محددة وأن يكون التجريم واضحا كما يستلزم ان يكون تفسير النص الجزائي تفسيرا‬
‫ضيقا‪.‬‬
‫‪ -1‬يجب أن تكون الجريمة محددة ‪ :‬يقتضي مبدأ الشرعية أن يحدد القانون أركان الجريمة ‪ .‬وهكذا فبمقتضى القانون ‪،‬‬
‫وتحديدا قانون العقوبات ‪ ،‬تجرم االعتداءات على حياة الغير ويعاقب عليها سواء بوصف القتل العمد مع سبق‬
‫اإلصرار أو مع الترصيد ( المادة ‪ ) 255‬أو القتل العمد فقط ( المادة ‪ ) 254‬أو التسميم المادة ( ‪ ) 260‬أو الضرب‬
‫العمد المفضي إلى الوفاة دون قصد إحداثها ( الفقرة الرابعة من المادة ‪ ) 264‬أو القتل الخطأ ( المادة ‪ ) 288‬والقانون‬
‫هو الذي يجرم ويعاقب أيضا على االعتداءات على ملكية الغير سواء بوصف السرقة ( المادة ( ‪ ) 350‬أو النصب (‬
‫المادة ‪ ) 372‬أو خيانة األمانة ( المادة ( ‪ ) 376‬وبالمقابل ال تشكل جريمة وال تكون محل متابعة قضائية وال عقوبة‬
‫األعمال التي لم ينص عليها القانون ‪.‬‬
‫وهكذا فإن أعماال كانتهاك حرمة رمضان ( األكل أو الشربا بدون مبرر شرعي ) و االنتحار والكذب ‪ ،‬ما لم يشكل شهادة‬
‫زور ‪ ،‬ال تعد جرائم في نظر القانون الوضعي الجزائري طالما أن المشرع لم يعاقب عليها بنص‬

‫‪ -2‬يجب أن يكون التجريم دقيقا ‪ :‬يجب أن ال يكتفي المشرع بالنص على أن عمال ما معاقب عليه بل عليه أن يبين‬
‫الظروف التي يكون فيها معرضا للعقاب ‪.‬‬
‫وهكذا فعلى سبيل المثال يتمثل فعل السرقة طبقا النص المادة ( ‪ 350‬ق ع) اختالس شيء مملوك للغير بنية التملك ‪ ،‬ومن ثم‬
‫ال تقوم السرقة إذا لم يحصل االختال س و إنما مجرد حيازة أو إذا تم االختالس بدون نية تملك الشيء المختلس ‪.‬‬
‫غير أنه من المحتمل أيضا أن ال يكون التجريم دقيقا كل الدقة ‪ ،‬فقد يكتفي المشرح بالتنصيص على أن عمال ما معاقب عليه‬
‫دون بيان العناصر المكونة له ‪ ،‬ومن هذا القبيل جرائم الخضاء ( المادة ‪ 274‬ق ع ) واإلخالل بالحياء ( المادة ‪ ) 334‬وهتك‬
‫العرض ( المادة ‪ ) 336‬واألخفاء ( ‪ . ) 387‬وفي هذه الحالة وأمام صمت المشرع يتولى القضاء استخالص أركان الجريمة‬
‫دون أن يكون في ذلك مساس بالتجريم ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التفسير الضيق للنص الجزائي ‪:‬‬


‫وتعد هذه القاعدة تحصيال المبدأ شرعية الجرائم والعقوبات وأساس هذه القاعدة أن النص القانوني تعبير عن إرادة المشرع‬
‫الذي له وحده الحد من حرية األفراد بالمنع عليهم القيام ببعض األفعال تحت طائلة العقوبة ‪ ،‬ومن ثم ال يجوز للقاضي تحت‬
‫غطاء التفسير خلق جرائم تخرج عن نطاق نص القانون‬
‫و لقد وضعت هذه القاعدة لصالح المتهم فال يسوغ استعمالها ضده ومن ثم ال يكون تطبيقها بصفة آلية على كل األحكام‬
‫الجزائية بل ينبغي التمييز بين األحكام التي هي من صالح المتهم وتلك التي في غير صالحه ‪.‬‬
‫فإذا كان القاضي ملزما بالتفسير الضيق للنصو ص الجزائية التي هي في صالح المتهم ومن هذا القبيل النصوص التي تحدد‬
‫العناصر المكونة للجريمة و كذا تلك التي تحدد العقوبات ‪ ،‬فليس ثمة ما يمنع القاضي من تفسير القوانين الجزائية التي هي في‬
‫صالح المتهم تفسيرا واسعا ومفسحا ‪ ،‬و من هذا القبيل النصوص القانونية التي تحدد أسباب اإلباحة وموانع المسؤولية وكذا‬
‫النصوص المتعلقة بالشكل واإلجراءات التي جاء بها المشرع ضمانا اللحريات الفردية وحقوق الدفاع ومن هذا القبيل المواد‬
‫من ‪ 100‬الى ‪ 105‬ق اج من اجراءات يتعين على قاضي التحقيق احترامها ‪ ،‬تحت طائلة البطالن ‪ ،‬عند سماع المتهم عند‬
‫الحضور األول أو عند استجوابه في الموضوع وكذا عند سماع الطرف المدنی ‪.‬‬
‫و يترتب على مبدأ التفسير الضيق للنص الجزائي النتائج التالية‬

‫‪5‬‬
‫‪ -1‬اذا كان النص واضحا فليس للقاضي تفسيره بل عليه تطبيقه عمال بمبدأ ال اجتهاد مع صراحة النص ‪ ،‬و استنادا‬
‫لهذا المبدأ اس تقر القضاء على عدم جواز القياس في المواد الجزائية و يبرر ذلك بالخشية من ان يؤدي االتجاه العكسي‬
‫إلى إحداث جرائم جديدة لم ينص عليها المشرع ‪ ،‬االمر الذي يتنافى مع مبدأ الشرعية ‪.‬‬
‫ومع ذلك يجب أن نعترف بان القضاء لم يتقيد دائما بالتطبيق الصارم لهذه القاعدة ‪ ،‬حيث طبق القضاء نص المادة ‪ 39‬من‬
‫القانون رقم ‪ 01 -06‬المؤرخ في ‪ 2006 -02 -20‬المتعلق بمكافحة الفساد على من قدموا مساهمات مالية لمديرية الحملة‬
‫االنتخابية للسيد عبد العزيز بوتفليقة المترشح الحر لإلنتخابات الرئاسية المقررة لشهر أفريل ‪ 2019‬الملغاة ‪ ،‬في حين أن‬
‫المادة ‪ 39‬المذكورة تجرم وتعاقب التمويل الخفي لألحزاب السياسية وليس تمويل الحملة االنتخابية لمترشح حر النتخابات‬
‫رئاسية ‪.‬‬
‫وقد اسس قضاة الموضوع قرارهم على كون حزب سياسي كان يعتبر المرشح عبد العزيز بوتفليقة رئيسه الشرفي ‪ ،‬وهو‬
‫تأويل واسع لنص واضح‬
‫لقد أرسلت اليوم‪ ،‬الساعة ‪ 12:03‬م‬
‫‪ -2‬إذا كان النص غامضا ‪ :‬ويحتمل عدة تفسيرات يتعين على القاضي أن يعطي النص معناه الحقيقي متحريا قصد‬
‫المشرع ومعتمدا في ذلك على المعطيات المنطقية واللغوية واإلطار الوارد فيه النص ويمكن للقاضي في هذا اإلطار‬
‫االستعانة باألعمال التمهيدية للبرلمان بالرجوع إلى تقرير اللجنة المختصة والمناقشة التي دارت بالبرلمان فإذا لم‬
‫يتمكن من بلوغ قصد المشرع يتعين عليه تفسير النص باختبار المعنى الذي يؤدي إلى اإلباحة وليس إلى التجريم‬
‫وذلك انسجاما مع مبدا ال جريمة إال بقانون ‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد نورد ما نصت عليه المادة ‪ 144‬مكرر ‪ 2‬قع التي تعاقب على االستهزاء بالمعلوم من الدين بالضرورة وبأية‬
‫شعيرة من شعائر اإلسالم ‪ ،‬وهو النص الذي يثير جدال مع حلول كل شهر رمضان يدور حول ما إذا كان انتهاك حرمة‬
‫رمضان الكريم بشكل استهزاء ‪ ،‬حتى ولو تم ذلك خفية ؟ ومرد هذا الجدل إلى عبارة االستهزاء التي تحتمل اكثر من معنى ‪,‬‬
‫فضال عن صعوية تعريف المعلوم من الدين بالضرورة ‪ ،‬وهي العبارة المستمدة من الفقه اإلسالمي ‪ ،‬وهو ما يقتضي‬
‫بالضرورة الرجوع إلى الشريعة اإلسالمية ‪.‬‬
‫فإذا رجعنا إلى األعمال التمهيدية للبرلمان والمناقشات في الجلسات العلنية ال نجد فيها تعبيرا واضحا عن نية المشرع‬
‫بخصوص هذه المسألة التي يكتنفها الغموض نظرا لكون االستهزاء يحتمل أكثر من معنى ‪ ،‬وهو األمر الذي يفرض اختيار‬
‫المعنى الذي يؤدي إلى اإلباحة عمال بقاعدة التفسير الضيق للنص عند الغموض ‪.‬‬
‫كما أن سياق النص نفسه وطبيعة قانون العقوبات ‪ ،‬وهو قانون وضعي يخاطب المواطن وليس المسلم أو المؤمن ‪ ،‬يفرض هذا‬
‫التوجه ‪ ،‬فلو اعتبرنا فرضا أن انتهاك حرمة رمضان الكريم خفية يشكل استهزاء بالمعلوم من الدين وبأية شعيرة من شعائر‬
‫اإلسالم ‪ ،‬العتبرنا كذلك عدم أداء الصالة وعدم أداء الزكاة وشرب الخمر ‪ ...‬تشكل استهزاء بالدين ‪.‬‬
‫و تجدر االشارة الى انه ال يعني بالتفسير الضيق للنص التقيد بظاهر اللفظ الواد في النص بل يجوز للقاضي االخذ بنية و غاية‬
‫المشرع من اجل تعديل األخطاء المادية او النحوية للنص ‪.‬‬
‫و في كل االحوال ال يحق للقاضي ان يمتنع عن تطبيق النص بحجة انه غامض و إال أعتبر ذلك نكرانا للعدالة ‪ ،‬و هو الفعل‬
‫المنصوص و المعاقب عليه بالمادة ‪ 136‬ق ع‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬تطبيق مبدأ الشرعية على العقوبات ‪:‬‬


‫مثل ال جريمة إال بنص ‪ ،‬فال عقوبة أيضا إال بنص والقاعدتان مكملتان ومتالزمان لبعضهما البعض ‪ ،‬إذ انه من الضروري‬
‫أن يكون المرء على د راية ليس فقط بان فعال ما مجرم بل يجب أيضا أن يعلم بالعقوبة التي يتعرض إليها لو اتى ذلك الفعل ‪،‬‬
‫ومن ثم يتعين على المشرع أن يتولى بنفسه التنصيص على عقوبة معينة لكل تجريم يقيمه ‪.‬‬
‫وإذا كان من الجائز أن يفوض المشرع السلطة التنفيدية رسم بعض التجريمات ووضع العقوبات فهذا األمر جائز في‬
‫المخالفات فحسب ‪ ،‬أما مواد الجنايات والجنح فان المادة ‪ 140‬من الدستور تحظر ذلك حيث حصرت تحديد الجنايات والجنح‬
‫والعقوبات التي تطبق عليها في مجال اختصاص المشرع وحده ‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى ال يجوز للقاضي أن ينطق بغير ما نص عليه القانون من عقوبات وفي نطاق ما رسمه له القانون من حدود‬
‫‪ ،‬فليس له أن يقضي بعقوبة غير منصوص عليها جزاء لجريمة وال بعقوبة تتجاوز الحد األقصى المقرر جزاء للجريمة وال‬
‫يعقوبة تكميلية غير منصوص عليها جزاء للجريمة وال بعقوبة الحبس عندما ينص القانون على الغرامة غير انه من الجائز أن‬
‫يقضي القاضي بعقوبة تفوق الحد األقصى المقرر قانونا ‪ ،‬يحدث هذا عند توافر شروط العود ( المادة ‪ 54‬إلى ‪ ، ) 50‬كما‬
‫يجوز له ايضا ان ينزل عن الحد األدنى المقرر قانونا اذا ما أسعف المتهم بالظروف المخففة طبقا للمادة ‪ 53‬ق ع ‪.‬‬

‫الفرع الرابع ‪ :‬تطبيق مبدأ الشرعية على تدابير األمن ‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫يقتضي مبدا الشرعية أن ال تطبق على من هم في وضع خطير إال تدابير األمن المقررة قانونا وطبقا لما رسمه القانون و‬
‫يتعين على المشرع أن يعرف العناصر األساسية لحالة الخطورة وهكذا وتفاديا ألي تعسف يجب ان تضمن حالة الخطورة‬
‫ركنا ماديا بحيث ي كون االعتقاد باحتمال ارتكاب الجريمة الحقا مبنيا على وقائع سابقة ومحددة بدقة ويمكن التأكد منها لكي‬
‫يستطيع القاضي أن يؤسس عليها حكمه ‪.‬‬
‫وقد تستخلص خطورة الجريمة المحتملة من أسباب ذاتية كاإلدمان على الكحول أو المخدرات والخلل العقلي حيث تتجلى في‬
‫مظهر خارجي او يمكن معاينتها بصفة علمية ‪.‬‬
‫ويتعين أن يكون هذا الركن المادي مضمنا في نص يشكل نوعا من الركن الشرعي إال أن التنصيص على الركن المعنوي‬
‫غير ضروري ألن ردة الفعل االجتماعية ال تستند إلى مسؤولية الشخص الذي يوجد في هذه الوضعية ‪.‬‬
‫وإذا كان المشرع الجزائري قد حرص على تجريم الحالة الخطيرة حتى في الحالة التي أجاز فيها تطبيق تدابير ا ألمن قبل‬
‫ارتكاب الجريمة ‪ ،‬فأحرى وأولی أن يلتزم بتجريم الحالة الخطيرة عندما يتعلق األمر بتدابير األمن التي من المحتمل الحكم بها‬
‫على الجناة عديمي المسؤولية كليا أو جزئيا بعد ارتكابهم للجريمة إذ يجيز القانون في هذه الحالة للقاضي النظر فيما إذا كان‬
‫الجاني في حالة خطيرة معينة من شأنها أن تبرر الحكم عليه بتدبير من تدابير األمن ومن هذا القبيل ما نص عليه قانون‬
‫العقوبات في المادة ‪ 21‬بالنسبة للحكم بالحجز القضائي على المختلين عقليا ‪ ،‬وما نصت عليه المادة ‪ 20‬من نفس القانون‬
‫بالنسبة للحكم بالوضع القضائي في مؤسسة عالجية مهيأة لهذا القرض على المدمنين على الكحول والمخدرات ‪ ،‬وما نص‬
‫عليه قانون اإلجراءات الجزائية في المادة ‪ 442‬بالنسبة لتدابير الحماية والتربية المطبقة على القصر الجانحين ‪.‬‬
‫وبوجه عام عمل المشرع الجزائري على تجريم الحالة الخطيرة ‪ ،‬وهكذا وعلى سبيل المثال اشترطت المادة ‪ 22‬ق ع للحكم‬
‫بالوضع في مؤسسة عالجية أن تكون الصفة اإلجرامية للمدمن على الكحول أو المخدرات مرتبطة بهذا اإلدمان‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬نطاق تطبيق القوانين‬
‫القاعدة أن أحكام القوانين ال تسري إال على ما يقع من تاريخ العمل بها وال يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها ‪ ،‬غير أن المسألة‬
‫ال تطرح دائما بهذه البساطة إذ من المحتمل أن يأتي قانون جديد لتعديل قانون كان موجودا قبله ‪ ،‬فعلى أساس أي قانون يتعين‬
‫مباشرة المتابعات وتطبيق العقوبة ؟ ( المطلب األول)‬
‫ومن ناحية أخرى فقد يرتكب مواطن جزائري جريمة خارج الوطن ثم يعود إلى الجزائر ‪ ،‬فعلى أساس أي قانون تباشر‬
‫المتابعة ضده وتطبق عليه العقوبة ‪ ،‬هل على أساس قانون مكان ارتكاب الجريمة أم على أساس القانون الجزائري ؟ (المطلب‬
‫الثاني)‬

‫المطلب األول‪ :‬تطبيق القانون من حيث الزمان‬


‫من النتائج التي تترتب على مبدأ الشرعية أنه ال يجوز تطبيق قانون جديد على وقائع سابقة على صدوره وهذا ما يعرف‬
‫بقاعدة عدم رجعية القانون الجزائي ‪ .‬بمقتضى هذه القاعدة ال تسري أحكام القانون الجزائي إال على ما يقع من تاريخ العمل‬
‫به وال يترتب عليه أثر فيم ا وقع قبله ‪ ،‬وهي قاعدة نجدها عادة الدساتير ومنها الدستور الجزائري الذي نص في المادة ‪ 43‬منه‬
‫على أنه ال إدانة إال بمقتضى قانون صادر قبل ارتكاب الفعل المجرم كما تضمن القانون المدني الجزائري القاعدة ذاتها بنصه‬
‫في المادة ‪ 2‬منه " ال يسري القانون إال على ما يقع في المستقبل وال يكون له أثر رجعي" كما أورد قانون العقوبات نفس‬
‫القاعدة بنصه في المادة ‪ 2‬على أن " ال يسري قانون العقوبات على الماضي "‬
‫و يميز عادة بخصوص تطبيق هذا المبدأ بين قوانين الموضوع ‪ ، lois de fondl‬وهي القوانين التي تحكم التجريم والعقاب‬
‫وبين قوانين الشكل ‪ ، lois de forme‬وهي تلك المتعلقة باالختصاص و اإلجراءات‬
‫الفرع االول ‪ :‬تطبيق قاعدة عدم الرجعية على قوانين الموضوع‬
‫مؤدى قاعدة عدم رجعية القوانين الجزائية أنه ال يجوز إدانة شخص من أجل فعل لم يكن مجرما وقت ارتكابه ‪ ،‬كما ال يجوز‬
‫أيضا ان يقضى على الجاني بعقوبة اشد من تلك التي كانت مقررة للجريمة وقت ارتكابها‬
‫و لقد أورد قانون العقوبات في حد ذاته في المادة ‪ 2‬منه استثناء على قاعدة عدم رجعية القوانين الجزائية بنصه " ال يسري‬
‫القانون الجزائي على الماضي إال ما كان منه أقل شدة ‪" .‬‬
‫وبمقتضى هذا الحكم يطبق ا لقانون األصلح للمتهم بأثر رجعي ‪ ،‬وعلة هذا االستثناء أن المشرع إذا ألغي عقوبة أو خفضها‬
‫فألنه رأى في شدتها ما ال يتماشى مع العدل أو ما ال يفيد المجتمع ‪ .‬وحتى يكون للقانون أثر رجعي يجب توافر شرطين وهما‬
‫‪:‬‬
‫الشرط االول ‪ :‬ان يكون القانون الجديد اصلح للمتهم من القانون الذي وقعت في ظله لجريمة و يكون كذلك في الحاالت‬
‫التالية ‪:‬‬
‫‪ ‬اذا الغى تجريما يحدث ذلك اذا لم يعد الفعل المعاقب عليه في القانون القديم محل عقاب في القانون الجديد‬
‫‪ ‬اذا الغى ظرفا مشددا‬
‫‪ ‬اذا قبل فعال مبررا جديدا او سببا جديد من اسباب انعدام المسؤولية‬
‫‪7‬‬
‫اذا احدث ظرفا معفيا او مخففا‬ ‫‪‬‬
‫اذا اجاز للقاضي منح وقف التنفيذ بعدما كان يمنع عليه ذلك‬ ‫‪‬‬
‫اذا حول جناية الى جنحة‬ ‫‪‬‬
‫يكون القانون الجديد اصلح للمتهم اذا قرر عقوبة اخف من العقوبة المقررة في القانون القديم ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -‬مسألة القوانين المعقدة ‪ :‬ويتعلق األمر بتلك القوانين التي تكون في آن واحد أقل شدة وأكثر شدة من القانون السابق‪.‬‬
‫ومن هذا القبيل القانون الذي يرفع الحد األقصى للعقوية ويخفض حدها األدنى كان تكون العقوبة من سنة إلى ثالث ( ‪) 3‬‬
‫سنوات فتصبح من ستة ( ‪ ) 6‬أشهر إلى خمس ( ‪ ) 5‬سنوات‪.‬‬
‫او على خالف ذلك القانون الذي يخفض الحد األقصى ويرفع الحد األدنى كان تكون العقوبة من ستة أشهر إلى خمس ( ‪) 5‬‬
‫سنوات وتصيح من ستة إلى ثالث ( ‪ ) 3‬سنوات ‪.‬‬
‫تكون العبرة هنا بالحد األقصى للعقوبة السالبة للحرية ‪ ،‬ومن ثم فان القانون األصلح للمتهم هو ذلك الذي يخفض الحد األقصى‬
‫ويرفع الحد األدنى وإذا كان القانون قد أتى بأحكام ترفع الغرامة وتخفض عقوية الحبس فان العبرة في هذه الحالة بالعقوبة‬
‫األساسية أي بعقوبة الحبس ومن ثم فمثل هذا القانون يعد أصلحا للمتهم‬
‫الشرط الثاني ‪ :‬صدور القانون قبل الحكم النهائي ‪ :‬حتى يستفيد المتهم من قانون أصلح يجب أن يصدر هذا القانون قبل أن‬
‫يصبح الحكم نهائيا والحكم النهائي هو ما كان الطعن فيه باالستئناف او عن طريق النقض أو المعارضة غير جائز ومن ثم‬
‫فطالما لم يحز الحكم قوة الشيء المقضي فيه يتعين تطبيق القانون األصلح للمتهم حتى وان كانت القضية على مستوى‬
‫المحكمة العليا إثر طعن بالنقض ‪ ،‬غير أنه في هذه الحالة ال تنقض المحكمة العليا القرار المطعون فيه وإنما تقضي بإلغائه‬
‫وبإحالة الملف على قضاة الموضوع للبت فيه من جديد في ضوء القانون الجديد ‪.‬‬
‫وقد خرج المشرع الجزائري ‪ ،‬بصفة استثنائية ‪ ،‬عن هذه القاعدة في القانون رقم ‪ 08 - 99‬المتعلق باستعادة الوئام المدني إذ‬
‫نصت المادتين ‪ 37‬و ‪ 38‬منه على ان يستفيد منه المحكوم عليهم نهائيا‬
‫اما اذا حاز الحكم قوة الشيء المقضي فاألصل ان ال يستفيد المحكوم عليه من القانون الجديد حتى و ان كان قد الغى تجريما و‬
‫عادة ما يستفيد المحكوم عليه في هذه الحالة من عفو رئاسي‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التطبيق الفوري لقوانين االجراءات او قوانين الشكل‬
‫خالفا للقانونين العقابية التي ال تكون رجعيتها اال بصفة استثنائية فمن المتفق عليه فقها و قضاء ان القوانين الشكلية ال تمس‬
‫بعناصر التجريم وال بالمسؤولية و تطبق فور نفاذها بحيث تطبق على المحاكمة التي تمت من اجل وقائع ارتكبت قبل اصادر‬
‫هذه القوانين و من هذا القبيل قوانين االختصاص و التنظيم القضائي و القوانين التي تحدد كيفية المتابعة و اشكال االجراءات ‪.‬‬
‫غير انه يرد على هاذه القاعدة استثناءات تتمثل في ‪:‬‬

‫‪ -1‬ال يطبق القانون الجديد فورا كلما وجد لصالح المتهم المتابع او المحكوم عليه حق مكتسب ‪ :‬ومن هذا القبيل القانون‬
‫الجديد الذي يحذف طريق من طرق الطعن أو يخفض مهلة الطعن أو يعدل آثاره ‪ ،‬فإن مثل هذه القوانين ال تطبق على‬
‫من كان قد استفاد من طريق طعن أو من آجال الطعن وقت صدور حكم إدانته ‪ ،‬ومن ثم يستبعد تطبيق القانون الجديد‬
‫لكونه يمس بحق مكتب وهكذا وعلى سبيل المثال ‪ ،‬فلو صدر حكم في الجزائر في ظل القانون الحالي الذي يجبر‬
‫األستاف في مواد المخالفات ‪ ،‬وبعد النطق بالحكم بخمسة أيام وقبل رفع االستئناف يصدر قانون جديد يلغي األستئناف‬
‫في مواد المخالفات ‪ ،‬ففي هذه ال حالة يكون من حق المحكوم عليه إستئناف الحكم المذكور رغم صدور القانون الجديد‬
‫ما لم تقضي مهلة األستئناف ( ‪ 10‬أيام ) ‪.‬‬

‫‪ -2‬ال يؤدي تطبيق القانون الجديد بأي حال من األحوال إلى إبطال اإلجراءات التي تمت صحيحة في ظل القانون السابق‬
‫‪ :‬وفي هذا الصدد نذكر على سبيل المثال ما نصت عليه المادة ‪ 6‬مكرر من قانون اإلجراءات الجزائية المستحدثة‬
‫بموجب األمر رقم ‪ 02 -15‬المؤرخ في ‪ ، 23/07/2015‬التي علقت متابعة مسيري المؤسسات العمومية االقتصادية‬
‫من أجل جنحة أعمال التسيير التي تؤدي إلى اختالس أو سرقة أو تلف أو ضياع المال ‪ ،‬على شكوى من أجهزة‬
‫المؤسسة المعنية ‪ ،‬فهذا اإلجراء الجديد ال يكون له أثر على صحة المتابعات التي تمت في ظل القانون القديم الذي لم‬
‫يكن يشترط الشكوى المسبقة ‪ .‬مع العلم أن المادة ‪ 6‬مكررق إج تم إلغاؤها بموجب األمر رقم ‪ 19/10‬المرخ في‬
‫‪.11/12/2019‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تطبيق قانون العقوبات من حيث المكان‬
‫اعتنق المشرع الجزائري ‪ ،‬على غرار باقي التشريعات ‪ ،‬مبدا إقليمية القوانين الجزائية ومؤداه أن أي العمل يشكل جريمة يقع‬
‫داخل إقليم الدولة فان مرتكب هذا الفعل يعاقب بمقتضى قوانين تلك الدولة وعلى هذا األساس تسري أحكام قانون العقوبات‬
‫الجزائري داخل إقليم الجمهورية على أي شخص ارتكب جريمة في نظر القانون الجزائري سواء كان مواطنا جزائريا أو‬
‫‪8‬‬
‫أجنبيا ( الفرع االول) غير أن المسالة تتعقد عندما ترتكب جرائم على متن سفن او طائرات جزائرية ( الفرع الثاني) او‬
‫ترتكب خارج إقليم الجمهورية ( الفرع الثالث ) ‪.‬‬
‫الفرع االول‪ :‬تطبيق قانون العقوبات على الجرائم المرتكبة داخل االقليم الجزائري ‪:‬‬
‫تنص المادة ‪ 3‬عقوبات في فقرتها األولى على أن يطبق قانون العقوبات على كافة الجرائم التي ترتكب في أراضي‬
‫الجمهورية وهذا الحكم الذي يعد تكريسا لقاعدة إقليمية القانون الجزائي و الذي يجد مبرره في سيادة الدولة على إقليمها‪.‬‬
‫و يتكون اقليم الدولة من المجال البري و البحري و المجال الجوي‬
‫‪ ‬المجال البري ‪ :‬هو المساحة األرضية التي تباشر الدولة عليها سيادتها وتنظم وتقوم فيها بالخدمات العامة ‪.‬‬
‫‪ ‬المجال البحري ‪ :‬هو المنطقة الواقعة بين شاطئ الدولة والبحر العام ‪ ،‬والتي تلزمها لتحقيق أغراض دفاعية وصحية‬
‫واقتصادية ‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن اتفاقية البحر اإلقليمي قد أبرمت في سنة ‪ ، 1958‬فنصت المادة األولى منها على‬
‫أن سيادة الدولة تمتد من شاطئها مسافة تكون البحر اإلقليمي ولم تحدد االتفاقية هذه المسافة ‪ ,‬وإن كانت المادة ‪ 24‬قد‬
‫نصت على انها ال تجاوز ‪ 12‬ميال ‪.‬‬
‫و في الجزائر حدد المرسوم رقم ‪ 63-403‬الصادر ‪ 1963 -10 -12‬المياه اإلقليمية ب ‪12‬ميال بحريا ( الميل البحري‬
‫يساوي حوالي ‪ 1853‬مترا ‪ ) .‬ويتسع المجال البحري و المواد الجمركية ليشمل المياه الداخلية تشمل المياه الداخلية المراسي‬
‫والموانئ والمستنقعات المالحة ‪.‬‬
‫اما المنطقة المتاخمة ‪ ،‬فهي منطقة تقع وراء البحر اإلقليمي ‪ ،‬أي تبدا ما بعد ‪ 12‬ميال ‪ ،‬طولها ‪ 12‬ميال يبدا حسابه انطالقا‬
‫من خط نهاية البحر اإلقليمي اتجاه عرض البحر ‪ ،‬وهذا كما هي محددة في اتفاقية مانتو قوباي لسنة ‪1982‬‬
‫‪ ‬المجال الجوي‪ :‬تملك الدولة الفضاء الجوي الذي يعلو إقليمها األرضي وبحرها اإلقليمي ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬االستثناءات الوارة على مبدا االقليمية‬


‫اوال ‪ :‬الجرائم المرتكبة على متن السفن والطائرات الجزائرية‬
‫يستشف من أحكام المادتين ‪ 590‬و ‪ 591‬من قانون اإلجراءات الجزائية أن قانون العقوبات الجزائري يطبق على الجنايات‬
‫والجنح المرتكبة على متن أو ضد السفن التي تحمل راية جزائرية أو على متن طائرات جزائرية ‪ ،‬أيا كانت جنسية مرتكبها‬
‫ومكان ارتكابها ‪.‬‬
‫كما يطبق قانون العقوبات الجزا ئري أيضا على الجنايات والجنح التي ترتكب في ميناء بحرية جزائرية على ظهر باخرة‬
‫تجارية أجنبية وكذا على الجنايات والجنح التي ترتكب على متن طائرات أجنبية إذا هبطت الطائرة بالجزائر بعد وقوع‬
‫الجريمة‪.‬‬
‫و يكفي لتطبيق القانون الجزائري تطبيقا كامال ارتكاب فعل من األفعال المكونة للجريمة في الجزائر ( المادة ‪ 586‬ق ا ج ) ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الجرائم المرتكبة خارج إقليم الجمهورية ‪:‬‬
‫األصل أن ال يطبق قانون العقوبات الجزائري على الجرائم المرتكبة خارج إقليم الجمهورية وذلك النعدام أي إخالل بالنظام‬
‫العام ‪ ،‬وهذا عمال بقاعدة إقليمية القوانين الجزائية‪ .‬غير أن المشرع الجزائري حاد عن هذه القاعدة عندما يكون الجاني‬
‫جزائريا ‪ ،‬وهذا عمال بمبدأ شخصية النص الجزائي وبمقتضاه يطبق النص الجزائي على كل من يحمل جنسية الدولة ولو‬
‫أرتكب جريمته خارج إقليمها ‪ ،‬أو عندما يكون هناك مساس بالمصالح األساسية الجزائرية ‪ ،‬كما تبيه فيما يأتي‬
‫‪ -1‬الجنايات والجنح المرتكبة من قبل جزائريين ‪ :‬يستشف من المادتين ‪ 582‬و ‪ 586‬ق ا ج أن قانون العقوبات‬
‫الجزائري يطبق على كل جناية أو جنحة ارتكبها جزائري خارج إقليم الجمهورية غير أن المشرع أوقفت تنفيذ هذا‬
‫الحكم على توافر الشروط اآلتية ‪:‬‬
‫‪ ‬يجب أن تكون الواقعة المرتبة جناية أو جنحة في نظر القانون الجزائري‬
‫‪ ‬ان تكون الواقعة تشكل جناية او جنحة ايضا في نظر تشريع القطر الذي ارتكبت فيه ‪ ،‬ومن ثم تستبعد الواقعة التي‬
‫تشكل مخالفة في نطر كال القانونين األجنبي والجزائري أو أحدهما ‪.‬‬
‫‪ ‬يجب أن يكون المتهم جزائريا وقت ارتكاب الجريمة ‪ ،‬بل حتى وان اكتسب الجنسية الجزائرية بعد ارتكاب الجريمة‬
‫( المادة ‪)584‬‬
‫‪ ‬يجب ان يعود المتهم إلى الجزائر‬
‫‪ ‬يجب اال يكون المتهم قد حكم عليه نهائيا في الخارج ‪ ،‬إذ ال يجوز محاكمته مرتين على واقعة واحدة ‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى الشروط المذكورة أعاله ‪ ،‬فإذا كانت الجريمة موصوفة جنحة وكانت قد ارتكبت ضد أحد األفراد ( ضرب‬
‫وجرح عمد ‪ ،‬سرقة ‪ ) ...‬فإن المادة ‪ 583‬من ق ا ج توقف تطبيق القانون الجزائري على شكوى من الطرف المضرور ‪ ،‬او‬
‫ابالغ من سلطات القطر الذي ارتكبت فيه ‪.‬‬
‫هذا و تجدر االشارة الى ان ق ع و ق ا ج لم يتضمن ما يفيد تطبيق القانون الجزائري على الجنايات و الجنح المرتكبة‬
‫ضد جزائريين خارج إقليم الجمهورية باستثناء ما ورد في نص المادة ‪ 591‬ق اج في فقرتها الثانية بالنسبة للجنايات و الجنح‬
‫‪9‬‬
‫المرتكبة ضد جزائري على متن طائرات اجنبية ‪ ،‬غير ان هذا الحكم يزل معلقا على القبض على الجاني في الجزائر او‬
‫تسليمه لها وفق اجراء تسليم المجرمين ‪.‬‬

‫‪ - 2‬الجنايات والجنح الماسة بالمصالح األساسية للجزائر ‪:‬‬


‫يستشف من حكم المادة ‪ 588‬ق اج أن قانون العقوبات الجزائري يطبق على كل جناية أو جنحة ارتكبها أجنبي ( أو جزائري‬
‫خارج إقليم الجمهورية ضد أمن الدولة الجزائرية أو كان وصفها تزييفا النقود أو أوراق مصرفية وطنية متداولة قانونا‬
‫بالجزائر ‪ ،‬وبذلك تكون الجزائر قد أخذت في هذا المجال ‪ ،‬على غرار غالبية التشريعات ‪ ،‬بمبدأ العينية ‪.‬‬
‫األخذ بهذا المبدأ بأنه الزم للدفاع عن النفس إذ قل ما تجد الجرائم الماسة بالمصالح األساسية للدولة اهتماما في الخارج‪.‬‬
‫وأوقفت المادة ‪ 588‬ق ا ج ذاتها تطبيق هذا الحكم على توافر أحد الشرطين ‪ :‬إلقاء القبض على الجاني في الجزائر أو‬
‫حصول الحكومة الجزائرية على تسليمه لها وفق إجراء تسليم المجرمين‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬مسألة االختصاص العالمي ‪: universalisme‬‬
‫يقصد بالمبدأ على إطالقه أن يكون لكل دولة والية القضاء في أية جريمة بصرف النظر عن مكان وقوعها أو مساسها‬
‫بمصالحها أو جنسية مرتكبها أو المجني عليه فيها‪.‬‬
‫والمبدأ على هذا الوجه صعب التطبيق وذلك العتبارين اثنين ‪ ،‬أولهما كون الدولة تلقى عناء في الفصل في الدعاوى التي‬
‫تنشأ عن الجرائم التي تقع على إقليمها فليس في طاقتها أن تضيف إلى ذلك مجهودا آخر ‪ ،‬وثانيهما كون مبدأ العالمية يتطلب‬
‫معرفة القاضي لكافة القوانين وهو أمر من الصعب تحقيقه‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن اتفاقيات جنيف حول الحرب لسنتي ‪ 1949‬و ‪ 1977‬تنص على االختصاص العالمي لمحاكمة مرتكبي‬
‫جريمة اإلبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد اإلنسانية ‪ ،‬وتعد بلجيكا الدولة الوحيدة التي كرست هذا المبدا في قانونها‬
‫الداخلي ‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 7‬من القانون المؤرخ في ‪ 16‬يونيو ‪ 1993‬المتعلق بقمع االنتهاكات الخطيرة للقانون الدولي‬
‫اإلنساني على اختصاص المحاكم البلجيكية بالنظر في مثل هذه الجرائم حيثما ارتكبت وأيا كانت جنسية مرتكبها وموطنه ‪.‬‬
‫وقد عرف هذا المبدأ تجسيده ميدانيا بمناسبة الدعوى التي أقيمت أمام محكمة الجنايات ببروكسل ضد أربعة مواطنين من‬
‫رواندا متهمين بارتكاب جرائم حرب وإبادة برواندا سنة ‪ ، 1994‬وهي الدعوى التي انتهت في شهر جوان ‪ 2001‬بإدانتهم من‬
‫أجل هذه الجرائم ‪ ،‬غير أن تعدد الشكاوى السيما ضد رؤساء الدول ( حوالي ‪ 30‬شكوى ) و الحرج الدبلوماسي الذي تسببت‬
‫فيه الشكوى ضد الوزير األول اإلسرائيلي آرييل شارون من أجل مجازر صبرى وشتيال لسنة ‪ 1982‬بلبنان ‪ ،‬أدت بالسلطات‬
‫البلجيكية إلى تلطيف مبدأ االختصاص العالمي لمحاكمها ‪ ,‬وال شك أن الشكوى التي قدمتها أسر عراقية في ‪2003- 3 -18‬‬
‫لمحكمة بروكسل ضد جورج بوش ‪ ،‬الرئيس السابق للواليات المتحدة ووالد رئيسها في تاريخ تقديم الشكوى ‪ ،‬وكولين باول ‪،‬‬
‫قائد القوات العسكرية األمريكية سابقا والذي كان يشغل منصب وزير الخارجية في تاريخ تقديم الشكوى ‪ ،‬من أجل ارتكابهما‬
‫جرائم حرب أثناء حرب الخليج األولى ‪ ،‬إثر قنبلة " العامرية " في ‪ 1991 -2 -13‬التي خلفت ‪ 403‬قتيال ‪ ،‬قد عجلت هذا‬
‫التعديل السيما بعد الضغوط المختلفة التي مارستها الحكومة األمريكية على السلطات البلجيكية ‪ . .‬وبموجب التعديل المذكور‬
‫لم تعد المحاكم البلجيكية تقبل الشك وى من أجل جرائم الحرب وجرائم اإلبادة الجماعية والجرائم ضد اإلنسانية بوجه عام إال إذا‬
‫كان المتهم بلجيكيا أو يوجد ببلجيكا أو كان المجني عليه ببلجيكا أو يقيم بها منذ ‪ 3‬سنوات على األقل وعالوة على ذلك ‪ ،‬ال‬
‫تقبل الشكوى إال إذا صدرت من المتضرر نفسه ‪.‬‬

‫الركن المادي للجريمة‬


‫الخطة‪:‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬مفهوم الركن المادي للجريمة‬
‫المطلب األول ‪ :‬تعريفه‬
‫الفرع األول ‪ :‬الجريمة االيجابية ) جريمة الفعل( الجريمة السلبية ) جريمة االمتناع (‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬جريمة الفعل باالمتناع‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬التمييز بين الجرائم بناء على الركن المادي‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬الجرائم اآلنية و الجرائم المستمرة‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬الجريمة البسيطة و جريمة االعتياد ) و الجريمة المركبة(‬
‫)مع اإلشارة إلى نقطة األعمال المكونة لعدة جرائم(‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الشروع ) المحاولة(‬
‫المطلب األول ‪ :‬أركان الشروع‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬البدء في التنفيذ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬موقف الفقه ‪ :‬المذهب المادي‪ . -‬المذهب الشخصي‪. -‬‬

‫‪10‬‬
‫ثانيا ‪ :‬موقف المشرع الجزائري‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬انعدام العدول االختياري‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬تعريفه‬
‫ثانيا ‪ :‬وقت العدول االختياري‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬مسألة الجريمة المستحيلة و الجريمة الخائبة‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬الحلول الفقهية‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬موقف القضاء ) الجزائري و الفرنسي(‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الجزاء في الشروع‪.‬‬

‫مقدمة ‪ :‬ال يعاقب قانون العقوبات على األفكار رغم قباحتها و ال على النوايا السيئة مالم تظهر إلى الوجود الخارجي بفعل أو‬
‫عمل ‪ ،‬و يشكل الفعل أو العمل الخارجي الذي يعبر عن النية الجنائية أو الخطأ الجزائي ما يسمر بالركن المادي للجريمة ‪،‬‬
‫فعلى سبيل المثال يتمثل الركن المادي في جريمة القتل في الطلقة النارية أو الطعن بالخنجر ‪ ،‬و يتمثل في االستيالء على مال‬
‫الغير في جريمة السرقة ‪ ،‬و إذا كان القانون يوجب دائما فعال ماديا في الجريمة فانه ال يشترط أن يترك هذا الفعل آثارا مادية‬
‫و أنه يتسبب في نتائج ضارة مثل حالتي الشروع و الجريمة الخائبة‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬مفهوم الركن المادي للجريمة‬


‫في هذا المبحث سوف نتناول تعريف الركن المادي ‪ ،‬كما سنتطرق إلى توضيح الفعل المادي في كل نوع من أنواع الجرائم‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬تعريفه‬
‫وهو القيام بفعل أو عمل يحظره القانون و يعاقب عليه أو هو االمتناع عن عمل يأمر القانون بالقيام به تحقيقا للصالح العام ‪ ،‬و‬
‫تبعا لذلك قد يكون الركن المادي إما عمال ايجابيا أو سلبيا و إما عمال وقتيا أو مستمرا و إما عمال واحدا أو متكررا‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬الجريمة االيجابية و الجريمة السلبية‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬ج االيجابية ) جريمة الفعل ‪ ( :‬القاعدة العامة في قانون العقوبات أنه ينهي بأوامره عن ارتكاب بعض األفعال التي يرى‬
‫المشرع أن لها خطورة على المجتمع فيقرر عقابا لكل من يرتكب هذه األفعال التي تشكل الجرائم االيجابية ‪ .‬و تعد هذه‬
‫الجرائم ايجابية ألن العلة من تقريرها هي معاقبة اإلقدام عليها بفعل ايجابي و ليس اإلحجام عن ارتكابها ‪ ،‬و يتمثل الركن‬
‫المادي في الجرائم االيجابية في عمل ايجابي يتمثل في اإلقدام على فعل ينهي القانون عن ارتكابه مثل السرقة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬ج السلبية ) جريمة االمتناع ‪( :‬خالفا للقاعدة العامة المذكورة أعاله ‪ ،‬فقد يأمر المشرع باإلقدام على عمل معين و‬
‫يقرر العقوبة لمن يمتنع عن إتيان هذا العمل متخذا موقفا سلبيا من أمر القانون له باإلقدام على ذلك العمل ومن أجل هذا‬
‫توصف هذه األفعال بالسلبية ‪ .‬مثال ‪ :‬امتناع شاهد عن الحضور أمام محكمة الجنايات أو قاضي التحقيق ) م ‪ 97‬ق ا ج ( ‪،‬‬
‫عدم اإلبالغ عن جناة ) م‪ 181‬ق ع ( ‪ ،‬نكران العدالة(م ‪)136‬‬
‫و إذا كان من السهل التمييز بين هاتين الجريمتين فانه من الصعوبة بما كان معرفة ما إذا كان سائغا أن يشكل مجرد امتناع‬
‫جريمة ايجابية و هي كالتالي‪:‬‬
‫الفرع الثاني ‪:‬مسألة جريمة الفعل باالمتناع ‪:‬‬

‫‪11‬‬
‫من المحتمل أن يتسبب مجرد امتناع في جريمة ايجابية و من هذا القبيل القتل أو الجرح الناتج عن إهمال و إذا كان القانون ال‬
‫يسوى من حيث العقاب في الجريمتين المذكورة أعاله ‪ ،‬فالسؤال المثار هو هل يمكن أن يشكل االمتناع جريمة ايجابية ؟‬
‫فعلى هل يسأل من أجل القتل العمد بسبب امتناعه عن تقديم الغذاء إلى غيره إلى أن مات ‪ ،‬ومن امتنع عن تقديم المساعدة‬
‫لغيره في الوقت الذي كان يغرق فيه أمامه ؟‬
‫الجواب يكون بالنفي ‪ ،‬فال جريمة ايجابية باالمتناع باستثناء الحاالت التي نص عليها المشرع في ق صراحة في م ‪ 269‬ق ع‬
‫‪ ،‬و التي تعاقب على الذي منع عمدا عن قاصر ال يتجاوز ينه ‪ 16‬س الطعام أو العناية إلى الحد الذي يعرض صحته للضرر‬
‫‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬التمييز بين الجرائم بناء على الركن المادي ‪ :‬سوف نميز بين هذه الجرائم بناء على طريقة تنفيذها‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬الجرائم اآلنية و الجرائم المستمرة ‪:‬‬
‫قد تكتمل الجريمة عناصرها في اللحظة التي تقع فيها و تشكل بالتالي جريمة آنية ‪ ،‬و قد يستمر العمل الجرمي أو يتكرر زمنا‬
‫معينا فيشكل جريمة مستمرة‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬ج اآلنية ‪ :‬و هي الجرائم التي تستلزم من الجاني فعال ‪ ،‬ماديا يبدأ و ينتهي في فترة زمنية محددة فيتحدد تاريخ ارتكاب‬
‫الجريمة بهذا الوقت ‪ ،‬و معظم الجرائم تعد آنية مثل القتل و السرقة ففي اللحظة التي يتم فيها العمل الجرمي تكتمل عناصره و‬
‫تظهر نتيجته و ذلك بغض النظر عن استمرارية هذه النتيجة و بغض النظر أيضا عن المهلة التي قد تشكل عنصرا مكونا‬
‫لركن من أركان الجريمة كما هو الحال في جريمة عدم تسديد نفقة على الرغم من أنها آنية لكن تقتضي ضمن أركانها عدم‬
‫تسديد النفقة الغذائية لمدة تزيد عن شهرين‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬ج المستمرة ‪ :‬وهي تلك التي تستلزم من الجاني نشاطا ايجابيا أو سلبيا يستغرق فترة زمنية غالبا ما تكون طويلة و‬
‫تستمر الجريمة المستمرة باستمرار الفعل الجرمي أي بامتداده زمنا و بتكراره فترة من الزمن ‪ .‬مثال ذلك الحجز التعسفي فان‬
‫هذه الجريمة تستمر باستمرار هذا الحجز ) م ‪ 291‬ق ع ( اخفاء أشياء مسروقة و االحتفاظ بها ) م ‪ – 387‬قع (عدم تسليم‬
‫القاصر )‪ -‬م ‪ 328‬ق ع‪( .‬‬
‫هذا و تجدر اإلشارة الى ما يسمى بالجريمة المتكررة ‪ ،‬اذ من المحتمل أن تكون لجريمة آنية بطبيعتها خصائص الجريمة‬
‫المستمرة و من هذا القبيل السرقة التي تتمثل في اختالس مال الغير فهي جريمة آنية بطبيعتها ‪ ،‬و لكن قد تحقق بمجموعة من‬
‫األعمال المتتالية ‪ ،‬كما هو الحال في سرقة المال أو الغاز أو الكهرباء عن طريق الوصل المباشر باألنبوب الرئيسي ‪ ،‬فهل تعد‬
‫هذا السرقة آنية أم مستمرة ؟ هي آنية كون العمل األول المرتكب يشكل بمفرده جريمة معاقب عليها ‪ ،‬و لكن مادامت هذه‬
‫األعمال المتتالية تشكل وحدة سواء من حيث المشروع اإلجرامي أو من حيث الحق المعتدى عليه فان مجموعة هذه األعمال‬
‫تكون جنحة واحدة تعرض مرتكبها لعقوبة واحدة‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬الفائدة من التفرقة بين الجرائم اآلنية و الجرائم المستمرة‪:‬‬
‫‪ .1‬التقادم ‪ :‬يبدأ حساب تقادم ج اآلنية من يوم ارتكاب الفعل و يبدأ حسابه في ج المستمرة من يوم انتهاء الفعل اإلجرامي‬
‫‪ ،‬فالنسبة لجريمة اخفاء أشياء مسروقة ‪ ،‬فالتقادم يبدأ حسابه من اليوم الذي لم يعد الشيء المخفي في حوزة الجاني ‪،‬‬
‫أما التقادم في جريمة البناء بدون رخصة ينطلق ابتداء من اليوم الذي تنتهي فيه األشغال‪.‬‬
‫‪ .2‬سريان تطبيق النص الجديد ‪ :‬الجرائم اآلنية يحكمها القانون الجديد وقت ارتكاب الجريمة ‪ ،‬أما الجرائم المستمرة‬
‫فيحكمها القانون الجديد ‪ ،‬حتى و إن كان أكثر شدة من القديم إذا ما بدأ العمل في ظل القانون القديم و استمر بكل‬
‫أركان الجريمة في ظل القانون الجديد‪.‬‬
‫‪ .3‬االختصاص ‪ :‬يؤول االختصاص في الجرائم اآلنية إلى محكمة واحدة و هي مكان ارتكاب الجريمة ‪ ،‬أما الجرائم‬
‫المستمرة فيمكن أن تكون عدة محاكم مختصة إذا ارتكب هذا الفعل في مكان و استمر في أماكن أخرى كما في جريمة‬
‫الحجز) م ‪ 294‬ق ع(‬
‫‪ .4‬العقاب ‪ :‬تكون الجريمة المستمرة جريمة واحدة و تكون محل متابعة واحدة ‪ ،‬غير أنه مادامت هذه الجريمة تقتضي‬
‫استمرار اإلرادة الجرمية و تكرارها فقد استقر القضاء في الجزائر ‪ ،‬على جواز الحكم بعقوبة جديدة على الجاني من‬
‫أجل جنحة اإلهمال العائلي رغم صدور عقوبة سابقة عليه و ذلك في حال ما إذا استمرت الحالة اإلجرامية بإصراره‬
‫على عدم الوفاء بالتزاماته‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬الجريمة البسيطة و جريمة االعتياد‪:‬‬

‫‪12‬‬
‫أوال ‪ :‬ج البسيطة ‪ :‬وهي تلك التي تتكون من عمل أو امتناع واحد و منعزل مثل السرقة التي تتم باالستيالء على مال الغير و‬
‫القتل الذي يتم بضربة قاتلة واحدة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬ج االعتياد ‪ :‬ال تتم هذه الجرائم إال بتكرار األفعال المحظورة قانونا ‪ ،‬مثال جريمة االعتياد على تحريض قصر لم‬
‫يبلغوا س ‪ 18‬على الفسق و فساد األخالق ) م ‪ 342‬ق ع ( االعتياد على ممارسة التسول ) م ‪ 195‬ق ع ( ‪ ،‬ولكن فان السؤال‬
‫المطروح هو متى يتحقق االعتياد المعاقب عليه ؟ أجاب القضاء الفرنسي على هذا ‪ ،‬ومنه يستشف أن االعتياد ال يستلزم أن‬
‫يكون ضحية هذه األعمال أشخاصا مختلفين اذ يتحقق االعتياد حتى و ان كان ضحيتها شخصا واحدا ‪ ،‬كما أنه ال يستلزم تعدد‬
‫األعمال اذ يكفي فعالن لتكوين االعتياد‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬الفائدة من التمييز بين ج البسيطة و ج االعتياد‪:‬‬
‫‪ .1‬التقادم ‪ :‬يبدأ سريان تقادم جريمة االعتياد من يوم تمام آخر عمل مشكل لالعتياد ‪ ،‬و ذلك اعتبار أن التقادم يسري من‬
‫يوم ارتكاب الجريمة ‪ ،‬و ال يهم أن كان العمل األخير تفصله عن العمل األول مدة زمنية طويلة‪.‬‬
‫‪ .2‬مباشرة الدعوى المدنية ‪ :‬ال يجوز للضحية أن يباشر الدعوى المدنية أمام المحكمة الجزائية ما دامت جريمة االعتياد‬
‫لم تحقق بعد ‪ ،‬غير أنه إذا تضرر من عمل فريد أجاز القضاء للضحية اللجوء إلى المحكمة التي تبت في المسائل‬
‫المدنية للمطالبة بالتعويض على أساس م ‪ 124‬ق م‪.‬‬
‫‪ .3‬تطبيق القانون الجديد ‪ :‬يطبق القانون الجديد على جريمة االعتياد ‪ ،‬حتى و ان كان أكثر شدة من القانون القديم ‪ ،‬إذا‬
‫ما كان آخر عمل مكونا لها قد تم الحقا لبدء سريان القانون الجديد‪.‬‬
‫كما يجب أن نشير إلى أن هناك نوع آخر من الجرائم و هري الجريمة المركبة و التي تتكون من عدة أعمال مادية مختلفة و‬
‫منسقة و تساهم في بلوغ غاية واحدة "‪ .‬و من هذا القبيل جريمة النصب التي تتمثل في استالم شيء باستعمال مناورات‬
‫تدليسية ‪ ،‬ومن ثم فان تحقق هذه الجريمة يتطلب القيام بعملين مختلفين و هما عمل مادي يتمثل في المناورات و عمل مادي‬
‫آخر يتمثل في التوصل إلى استالم شيء ‪ ،‬فهذان العمالن مختلفان عن بعضهما البعض و لكنهما يشكالن مرحلتين متتاليتين‬
‫لمشروع إجرامي فريد يرمي الى سلب كل ثروة الغير أو بعضها‪.‬‬
‫كما تكمن الفائدة من التمييز بين ج البسيطة و ج المركبة هي أنه كما رأينا أن هذه األخيرة مكونة من أعمال متتالية فمن‬
‫المحتمل أن تتم هذه األعمال في أماكن مختلفة و إذا حصل ذلك ستكون عدة محاكم مختصة للبت في هذه الجنحة) جريمة‬
‫اصدار شيك بدون رصيد (كما أن سريان التقادم يبدأ من يوم ارتكاب آخر عمل مكون للجنحة في ج المركبة‪.‬‬
‫و فضال عن التمييز بين الجرائم عن طريق التنفيذ يمكن التمييز أيضا على أساس النتيجة ‪ ،‬وتبعا لذلك نميز بين الجريمة‬
‫المادية التي تكون فيها النتيجة عنصر من عناصر الجريمة بحيث ال تنفذ إال بتحقق الضرر ‪ ،‬كما هو الحال في معظم الجرائم‬
‫السرقة مثال ‪ ،‬و الجريمة الشكلية التي خالف األخرى ‪ ،‬تقوم بصرف النظر عن أي ضرر و حتى و ان لم تتحقق النتيجة التي‬
‫أرادها الجاني ( جريمة التسميم م ‪ ،) 260‬و تكمن الفائدة من التمييز بين هاتين الطائفتين من الجرائم في الشروع حيث يصعب‬
‫في الجرائم الشكلية فصل الجريمة التاسعة عن الجريمة المشروع فيها أو الخائبة ‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الشروع ( المحاولة )‬
‫إذا كانت الجريمة ال تلتئم اال يتوافر فعل مادي فانه ليس من الضروري أن يترتب عن هذا الفعل نتيجة مضرة حتى تكون‬
‫الجريمة قابلة للجزاء ‪ ،‬فإذا تحققت النتيجة نكون بصدد جريمة تامة ‪ ،‬واذا لم تتحقق نكون بصد الشروع ‪ ،‬كما أن األصل في‬
‫ق ع ج ‪ ،‬أن الشروع معاقب عليه ‪ ،‬كما يجب أن نشير إلى أن الجريمة قبل تمامها تمر بثالث مراحل و هي ‪ :‬مرحلة التفكير و‬
‫العزم بحيث ال يعاقب فيها الفاعل على ما يأتيه من أفعال ولو اعترف بذلك ‪ ،‬مرحلة التحضير للجريمة و القاعدة فيها أيضا‬
‫هي عدم العقاب اال ما استثناء المشرع بنص ال سيما في م ‪ 273‬ق ع حيث نص على عقوبة من يساعد شخص في األفعال‬
‫التحضيرية لالنتحار إذا نفذ االنتحار ‪ ،‬ثم تأتي مرحلة الشروع و هي المرحلة التي تنصرف فيها ارادة الجاني إلى تنفيذ‬
‫الجريمة فعال فيبدأ في تنفيذ الركن المادي و لكنها ال تتم ألسباب ال دخل إلرادته فيها حسب نص المادة ‪ 30‬ق ع ‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬أركان المشروع‬
‫الفرع األول ‪ :‬البدء في التنفيذ‬
‫وهو فعل مادي و من هنا يتميز البدء في التنفيذ عن العزم أو التصميم اإلجرامي ذو الطابع النفسي الذي ال عقاب عليه ‪ ،‬غير‬
‫انه يصعب التمييز بين البدء في التنفيذ و األعمال التحضيرية التي هي األخرى أعماال مادي ‪ ، .‬و هكذا يثور التساؤل حول ما‬

‫‪13‬‬
‫إذا كان شراء مسدسا عمال تحضيريا أم بدأ في تنفيذ جريمة القتل ؟ ذلك أنه من الجائز شراء مسدس للدفاع عن النفس أو‬
‫لالنتحار ‪..‬‬
‫و يكتسي التمييز بينهما أهمية قصوى ذلك أن البدء في التنفيذ معاقب عليه عك األعمال التحضيرية باستثناء ما نص عليه‬
‫المشرع قانون بخصوص م ‪ 273‬ق ع‬
‫أوال ‪ :‬موقف الفقه من ذلك التمييز‬
‫المذهب المادي ‪ :‬يرى أصحاب هذا المذهب أن الفعل ال يدخل في دائرة التنفيذ إال إذا أصاب به الفاعل الركن المادي للجريمة‬
‫كما عرفها القانون ‪ ،‬وتبعا لذلك ال يعد الفاعل شارعا في ج السرقة التي ركنها المادي اختالس الشيء ‪ ،‬إال إذا وضع يده على‬
‫الشيء المراد اختالسه و ال يعد شارعا في القتل ‪ ،‬التي ركنها المادي ازهاق الروح إال أذا مس الجاني سالمة جسم المجني‬
‫عليه بأعمال ‪ .‬أما األفعال السابقة على ذلك فطالما أنها ال تدخل في التعريف ق للجريمة فهي ال تعد بد التنفيذ مهما كانت قريبة‬
‫من هذا التنفيذ ‪ ،‬و هكذا فإذا أخذنا لهذا المذهب فان أعماال كثيرة تفلت من العقاب بالرغم أنها تنم عن قصد جنائي لدى الفاعل ‪.‬‬
‫يعب على هذا المذهب رغم وضوحه و دقته أنه يحصر الشروع في نطاق ضيق بما ال يحقق حماية كافية للمجتمع ضد مجرم‬
‫أصبح قريبا من النتيجة المقصودة ‪.‬‬
‫المذهب الشخصي ‪ :‬يبحث أنصار هذا المذهب في اردة الجاني االجرامية أي مدى داللة أفعال الشخص على قصده ‪ ،‬فحسب‬
‫هذا الرأي يعد الفعل بدأ في التنفيذ ولو كان سابقا عن األفعال المكونة للجريمة متى أمكن القول أن هذا الفعل سوف يدفع‬
‫بالمجرم حتما إذا ترك و شأنه إلى ارتكاب الجريمة ‪ ،‬و هكذا يعد سارقا من يضبط و هو يكسر الخزينة ‪ ،‬فثمة بدأ في التنفيذ‬
‫على الرغم من أنه لم يضع يده بعد على المال الموجود داخلها ولم يستولي عليه‬
‫ثانيا ‪ :‬موقف المشرع ‪:‬يتبين من نص م ‪ 30‬أن المشرع أخذ بالمذهب الشخصي و ذلك يستشف من عبارة " الفعل الذي‬
‫يؤدي مباشرة إلى ارتكاب الجريمة " بمعني أن المشرع لم يشترط أن يؤدي الفعل حاال إلى النتيجة المقصودة ألن الشروع قد‬
‫يستغرق مدة طويلة قبل أن تتم الجريمة و مثال ذلك القيام بحفر نفق في األرض يؤدي إلى خزائن البنك لسرقتها‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬انعدام العدول االختياري‪:‬‬
‫ان البدء في التنفيذ غير كاف لتكوين الشروع إذا لم يتوفر العنصر الثاني وهو وقف التنفيذ أو خيبة أثر األفعال نتيجة لظروف‬
‫مستقلة عن ارادة مرتكبها أي بمعنى آخر لسبب اجباري ‪ ،‬أما إذا كان عدم تمام الجريمة راجعا إلى ارادة الفاعل فان الشروع‬
‫ينعدم ‪ ،‬و يرمي المشرع من خالل ذلك إلى تشجيع الجانحين على التخلي عن تنفيذ مشروعهم االجرامي ما دام لم يكتمل بعد ‪،‬‬
‫ولك لن يتأتى ذلك إال إذا كان العدول اختياريا و تم قبل تنفيذ الجريمة‬
‫أوال ‪ :‬تعريف العدول االختياري ‪:‬‬
‫يكون العدول اختياريا إذا كان عدم تمام الجريمة راجعا االرادة الفاعل ‪ ،‬أي إذا كف من تلقاء نفسه عن التمادي في نشاطه أو‬
‫سعي لمنع تحقق النتيجة " ‪ ،‬وال عبرة هنا بالسبب او الباعث على العدول فقد يكون التوبة أو الرأفة أو خشية العقاب ‪ ،‬و يكون‬
‫العدول اجباريا إذا كان بسبب عوامل خارجية مادية مستقلة عن ارادة الفاعل ‪ ،‬مثال هروب الضحية ‪ ،‬أمساك يد المجرم قبل‬
‫اطالق النار ‪...‬‬
‫غير أن تدخل الغير ال ينفي بالضرورة العدول االختياري ‪ ،‬كما قضي في القضاء الفرنسي بأن العدول اختياريا في قضية‬
‫اقتصر فيها دور المتدخل على تقديم النصيحة للفاعل لصرفه عن مشروعه االجرامي دون أن يمارس عليه أي اكراه فأتت‬
‫النصيحة بثمارها حيث اوقف الفاعل محاولته بفعل حر بمحض ارادته ‪ ،‬و قد يكون العدول بسبب عوامل خارجية معنوية مثال‬
‫‪ ،‬رؤية عون من أعوان الشرطة ‪ ،‬ومن هنا يثور التساؤل التالي ‪ :‬فهل يعد هذا العدول الذي كان بسبب عوامل خارجية عدوال‬
‫اختياريا أو اجباريا ؟ من الصعب الفصل جزما في هذه المسألة ذلك أن العدول هنا ناتج عن ارادة الفاعل الذي توقف عن تنفيذ‬
‫مشروعه االجرامي دون للتأكد من أيهما كان السبب الرئيسي في العدول ارادة الفاعل أو العوامل الخارجية ؟ و هي مسألة‬
‫وقائع يرجع لقضاة الموضوع الفصل فيها ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬وقت العدول االختياري ‪:‬‬
‫في جميع األحوال يجب أن يتم العدول االختياري قبل ارتكاب الجريمة فإذا تمت الجريمة و حاول فاعلها محو آثارها فهذا ال‬
‫يعتبر عدوال و انما مجرد توبة ال أثر لها على الطابع االجرامي للفاعل مثال ال يمحو الجاني الذي يسرع إلى اطفاء النار التي أ‬
‫جريمة الحريق و إذا كان من السهل التمييز بين العدول االختياري و التوبة في الجرائم المادية ‪ ،‬أي الجرائم التي تكون فيها‬
‫‪14‬‬
‫النتيجة ركنا من أركان الجريمة و بالتالي ال تتنفذ فيها الجريمة إال بتحقيق النتيجة مثل جريمة القتل العمد التي ال تتحقق إال‬
‫بوفاة المجني عليه ‪ ،‬فإذا ما ألقي بشخص في الماء قبل أن يموت نكون أمام حالة عدول اختياري و من ثم ال شروع هنا غير‬
‫أن الفصل بين العدول االختياري و التوبة ليس باألمر الهين في الجرائم الشكلية التي تتحقق فيها الجريمة قبل بلوغ النتيجة و‬
‫مثال ذلك ج التسميم م ‪ ، 260‬ففي مثل هذه الجرائم ال يمكن أن نتصور حدوث عدول اختياري ومن ثم فإذا أعطي سم للضحية‬
‫ثم ناولها الجاني جوهرا مضاد للسم ‪ ،‬فليس هنا عدول و انما مجرد توبة‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬مسألة الجريمة المستحيلة و الجريمة الخائبة‬


‫يثور التساؤل حول ما إذا كان الشروع معاقب عليه إذا كانت النتيجة التي يرمي إليها الجاني ال يمكن تحقيقها ؟ كأن يحاول‬
‫شخص سم شخص آخر بمادة غير قاتلة ‪ ،‬أو من يحاول سرقة جيب خالي من المال ‪ ،‬ففي هذه الحاالت لم تتحقق النتيجة بسبب‬
‫استحالة ناتجة إما عن عدم وجود محل الجريمة او لعدم فاعلية الوسائل المستعملة ‪ ،‬فهل يمكن اعتبار من قام بهذه األفعال‬
‫شارعا في ارتكاب الجريمة ؟ أما بالنسبة للجريمة الخائبة فهي تلك التي يقوم فيها الفاعل بالنشاط كامال و لكن ال تحدث النتيجة‬
‫كأن يطلق الجاني على الضحية عيارا فيخطئها أو يصيبها باصابة غير قاتلة ‪ ،‬كما يبدوا أن هناك تشابه بين الجريمتين ففي‬
‫كلتا الحالتين يقوم الفاعل بتنفيذ كل األعمال المادية للجريمة و لكن ال تحدث النتيجة بسبب ظرف خارج عن ارادته ‪ ،‬غير أنه‬
‫إذا كانت النتيجة في الجرائم الخائبة يمكن تحقيقها ماديا فان النتيجة ال يمكن بلوغها في الجريمة المستحيلة ‪ ،‬و مع ذلك يعاقب‬
‫قانون العقوبات على الجريمة الخائبة بنصه في م ‪ 30 " ...‬إذا لم يخب أثرها " ‪ ..‬فهل يمكن اعتبار الجريمة المستحيلة جريمة‬
‫مشروع في ارتكابها ؟ و اإلجابة تكون كالتالي‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬الحلول الفقهية‪:‬‬
‫‪ .1‬رأي عدم العقاب ‪ :‬اتجه فريق من أنصار المدرسة التقليدية إلى القول بعدم عقاب الجريمة المستحيلة ‪ ،‬سواء كانت‬
‫االستحالة راجعة إلى محل الجريمة أو إلى وسيلة تنفيذها و يستند في ذلك إلى حجتين‪:‬‬
‫‪ ‬ان البدأ في التنفيذ و هو أحد أركان الشروع ال يتوافر في الجريمة المستحيلة اذ ليس باستطاعة االنسان تنفيذ ما هو‬
‫مستحيل‬
‫‪ ‬كما أن االضطراب االجتماعي الذي يترتب على الجريمة التامة و حتى ان وجد في الجريمة المستحيلة فانه أقل بكثير‬
‫عما يحدثه ارتكاب الجريمة‬
‫يعاب على هذا االتجاه تطرفه ذلك أنه حتى إذا سلمنا باحتمال الخطر بالنسبة للجريمة الخائبة فال بد أن نسلم كذلك باحتماله‬
‫بصدد الجريمة المستحيلة ‪ ،‬ألن الجريمة الخائبة كان من المستحيل أن تقع هي األخرى مع قيام السبب الذي أدى إلى خيبتها ‪،‬‬
‫ثم أن القول بعدم العقاب مطلقا في حاالت الجريمة المستحيلة من شأنه أن يجر إلى اباحة كثير من مظاهر السلوك الخطرة‬
‫التي تهدد أمن المجتمع‬
‫‪ .2‬رأي العقاب ‪ :‬اتجه فريق آخر ‪ ،‬وهو متأثر بالمدرسة الوضعية إلى وجوب العقاب على الجريمة المستحيلة بكافة‬
‫صورها و أيا كان سبب استحالتها ‪ ،‬فحسبهم أنه ال يتوقف وقوع الشروع على البدء في تنفيذ الفعل ‪ ،‬و انما يكفي‬
‫لكي يقوم الشروع في القتل مثال أن يأتي الفاعل من األعمال ما يعد في نظره موصال للقتل ‪ ،‬ولو كانت هذه األعمال‬
‫ال تشكل بدأ في التنفيذ ‪ ،‬وال أهمية بعد ذلك لمصدر استحالة الجريمة وال لنوعها أو مداها و يستند هذا الرأي إلى‬
‫حجتين ‪:‬‬
‫‪ -‬أن البدء في التنفيذ متوفر في الجريمة المستحيلة ‪ ،‬فهو ال يتطلب أن يأتي الجاني أفعاال تدخل في مادية الجريمة و انما‬
‫يكفي أن يرتكب من األفعال ما يعد في نظره موصال للنتيجة‪.‬‬
‫‪ -‬ان القانون ال ينظر لمعاقبة الشروع في النتيجة بل إلى نية األجرام الخطرة على المجتمع ‪.‬‬
‫يعاب على هذا الرأي بدوره تطرفه في العقاب إلى حد االكتفاء بالنية الستحقاق العقاب األمر الذي يؤدي إلى العقاب حتى على‬
‫الجريمة الظنية ‪ ،‬أي تلك التي ال تقوم إال في تصور الجاني دون أن يكون لها وجود قانوني‪.‬‬
‫‪ .3‬الرأي التصالحي ‪ :‬يميز بين االستحالة المطلقة و االستحالة النسبية‬
‫االستحالة بنوعيها ترجع إما إلى الموضوع أو إلى الوسيلة المستعملة ‪:‬‬
‫بالنسبة للموضوع ‪ :‬تكون االستحالة مطلقة إذا انعدم محل الجريمة و من هذا القبيل إذا كان الشخص المراد قتله ميتا و على‬
‫خالف ذلك تكون االستحالة نسبية إذا كان محل الجريمة موجودا و لكن في غير المكان الذي اعتقد الجاني وجوده فيه ‪ ،‬ومثال‬
‫ذلك من يطلق الرصاص صوب نافذة اعتاد الشخص المقصود الوقوف خلفها‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫أما بالنسبة للوسيلة المستعملة ‪ :‬تكون االستحالة مطلقة إذا كانت الوسيلة المستعملة ال تصلح إلحداث النتيجة مثال من يطلق‬
‫الرصاص على شخص من أجل قتله بسالح خال من الذخيرة ‪ ،‬وتكون االستحالة نسبية إذا كانت الوسيلة صالحة و لكنها لم‬
‫تحدث النتيجة بسبب سوء استعمالها أو االنعدام المهارة ‪ ،‬كمن يلقي قنبلة و لكنها لم تنفجر لعدم الدراية بكيفية استعمالها و‬
‫سواء تعلق األمر بالموضوع أو بالوسيلة يعاقب الفعل في االستحالة النسبية بوصفها شروعا ‪ ،‬و ال يعاقب في االستحالة‬
‫المطلقة‬
‫ب ‪ :‬االستحالة المادية و االستحالة القانونية ‪:‬‬
‫‪-‬االستحالة المادية ‪ :‬فمردها إلى الوسائل المستعملة أو مكان الشيء كعدم اصابة الهدف في جريمة القتل بسبب عدم صالحية‬
‫الخراطيش المستعملة أو لعدم وجود الشخص في المكان المعتاد ‪ ،‬و هي معاقب عليها أيا كانت في المحل أو في الوسيلة ‪ ،‬و‬
‫بالنسبة لهذه األخيرة سواء أكانت االستحالة مطلقة أو نسبية‬
‫أما االستحالة القانونية فتتحقق إذا انعدم في الجريمة أحد أركانها القانونية كركن اإلنسان الحي في جريمة القتل و ركن المادة‬
‫السامة في جريمة التسميم و تجدر اإلشارة في األخير أن هذا المذهب وجد صدى لدى المشرع الجزائري حيث جرم الشروع‬
‫في إجهاض امرأة غير حامل في م ‪ 304‬قع كما جرم إعطاء مواد سامة غير قاتلة و لكنها مضرة بالصحة في م ‪ 275‬ق ع‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬موقف المشرع الجزائري ‪ :‬إذا كان المشرع الجزائري لم ينص على الجريمة المستحيلة بصفتها هذه فان المتمعن في‬
‫حكم م ‪ 30‬ق ع يالحظ أنه أخذ بالرأي التصالحي الذي يميز بين االستحالة المادي ‪ ،‬ومردها إلى الوسيلة المستعملة أو مكان‬
‫الشيء و االستحالة القانونية التي تتحقق إذا انعدم في الجريمة أحد أركانها القانونية كركن اإلنسان الحي في جريمة القتل ‪ ،‬و‬
‫هكذا يكون المشرع قد اعتبر االستحالة المادية صورة من صور الجريمة الخائبة و من ثم فهي معاقب عليها سواء كانت‬
‫االستحالة في الوسيلة أو في المحل ‪ ،‬و تبقى االستحالة القانونية بدون عقاب ‪ ، .‬غير أن المشرع خرج عن هذه القاعدة في م‬
‫‪260‬وم ‪ 304‬ق ع ‪ ،‬فاألولى نصت على عدم العقاب ‪ .‬على الجريمة المستحيلة التي مردها إلى الوسيلة بقولها أن " التسمم‬
‫هو االعتداء على حياة انسان بتأثير مواد يمكن أن تؤدي إلى الوفاة " ‪ ،‬و بالتالي فال جناية و ال شروع في جناية التسمم إذا‬
‫كانت المواد المستعملة ال تؤدي إلى الوفاة ‪ ،‬بمعنى أن المشرع أخذ بعدم العقاب على االستحالة المطلقة التي مردها إلى‬
‫الوسيلة خالفا لما جاء في م ‪ 30‬ق ع‪.‬‬

‫الفرع الرابع ‪ :‬القصد الجنائي‬


‫ال يعد البدء في التنفيذ شروعا إال إذا كان القصد منه ارتكاب جناية او جنحة ‪ ،‬فالشروع جريمة عمدية دائما وال يتصور في‬
‫الجرائم الغير عمدية ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬جزاء الشروع‬


‫يعتبر ( ق ع ج ) المحاولة في الجناية كالجناية نفسها و يعاقب عليها بنفس العقوبات (م ‪ ،) 30‬حتى و ان لم ينص عليها‬
‫القانون باستثناء جناية جمعية أشرار التي ال يتصور الشروع فيها ألنها تقوم بمجرد تقابل ارادتين فأكثر على تأليف جمعية‬
‫أشرار ‪ ،‬في حين ال يعاقب على المحاولة في الجنحة إال بنص صريح في القانون ( م ‪ 31‬ق ع ) و تكون العقوبة مثل عقوبة‬
‫الجريمة التامة مثال ما نصت عليه م ‪ 350‬ق ع بالنسبة لجريمة السرقة حيث نص المشرع صراحة على معاقبة من ارتكب‬
‫جريمة السرقة و من شرع في ذلك ‪ ،‬و كذلك الحال في جرائم النصب و خيانة األمانة و االغراء المنصوص عليهم في المواد‬
‫‪ ، 347 ، 376 ،372‬حيث نص المشرع صراحة على معاقبة مرتكب الجريمة و من شرع فيها ‪ ، .‬و بالمقابل ال يعاقب‬
‫اطالقا على الشروع في المخالفة ‪ 2/31‬ق ع‬

‫األفعال المبررة‬

‫‪16‬‬
‫قد يزول عنصر عدم المشروعية عن الفعل بسبب اقترانه بظروف تبرره رغم النص على تجريمه ‪ ،‬حيث أن هناك حاالت‬
‫تبرر الفعل وتبطل عنه مفعول نص التجريم ثم أسباب اإلباحة‬
‫المبحث األول ‪ :‬األحكام العامة ألسباب اإلباحة وأنواعها‬
‫المطلب االول ‪ :‬التعريف بأسباب االباحة‬
‫الفرع االول ‪ :‬المقصود بأسباب اإلباحة‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬الجهل أو الغلط في أسباب اإلباحة ( مسألة توهم االعتداء )‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تمييز أسباب اإلباحة عن األنظمة المشابهة‬
‫الفرع االول ‪ :‬أسباب اإلباحة و موانع المسؤولية‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬أسباب اإلباحة عن موانع العقاب‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬أنواع أسباب اإلباحة‬
‫الفرع االول ‪ :‬أمر القانون ( أداء الواجب القانوني )‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬إذن القانون ( استعمال الحق )‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬حالة الضرورة‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬رضاء المجني عليه‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الدفاع الشرعي باعتباره أهم أسباب اإلباحة‬
‫المطلب االول ‪ :‬مفهوم الدفاع الشرعي‬
‫الفرع االول ‪ :‬تعريف الدفاع الشرعي‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬طبيعة الدفاع الشرعي‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬مجال الدفاع المشروع‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬شروط الدفاع المشروع‬
‫الفرع االول ‪ :‬شروط فعل االعتداء‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬شروط فعل الدفاع‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬حكم تجاوز حدود الدفاع الشرعي‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬الحاالت الخاصة الممتازة للدفاع الشرعي ( المادة ‪ 40‬ق ع ج )‬

‫المبحث األول ‪ :‬األحكام العامة لألفعال المبررة ( أسباب اإلباحة )‬


‫األفعال المبررة هي جرائم ارتكبت في ظل ظروف تعفي صاحبها من المسؤولية الجزائية ‪ ،‬حيث تسمى هذه الظروف بأسباب‬
‫اإلباحة ‪ .‬نبين في هذا المبحث أحكامها العامة من حيث مفهومها وأنواعها‪.‬‬
‫المطلب االول ‪ :‬التعريف بأسباب اإلباحية‬
‫الفرع االول ‪ :‬المقصود بأسباب اإلباحة‬
‫أسباب اإلباحة هي مجموعة من الظروف الموضوعية اللصيقة بالركن المادي للجريمة ‪ ،‬تجرد الواقعة من صفتها اإلجرامية‬
‫وتجعل الفعل مباحا ‪ ،‬وذلك ألن القانون ذاته هو الذي سمح بارتكاب هذا الفعل في ظل توفر مثل هذه الظروف ‪ ،‬التي تجرد‬
‫الفعل من معنى العدوان وتنفي عنه علة التجريم ‪ .‬وقد أكد المشرع هذه الحاالت ‪ ،‬بنصوص صريحة تنظم قواعدها ‪ ،‬وسماها‬

‫‪17‬‬
‫«األفعال المبررة » ‪ ،‬في المادتين ‪ 39‬و ‪ 40‬من قانون العقوبات في الباب المتعلق بالجريمة ‪ ،‬ضمن الكتاب الثاني المتعلق‬
‫باألفعال واألشخاص الخاضعون للجريمة‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬الجهل أو الغلط في أسباب اإلباحة ( مسألة توهم االعتداء )‬
‫ويقصد به ان تحيط بالشخص ظروف ومالبسات تجعله يعتقد بأن ثمة اعتداء يقع عليه أو على غيره فيبادر فورا باستخدام‬
‫القوة الالزمة لدفعة ثم يتضح أن اعتقاده لم يكن إال وهما‪. 1‬‬
‫من شروط اسباب اإلباحة أن يكون موجودا فعال ‪ ،‬بأن يكون الخطر حقيقيا في الدفاع الشرعي ‪ ،‬ورضاء الضحية غير معيب‬
‫‪ ،‬وأمر السلطة صحيحا ‪ .‬ولذلك فإن الجهل أو الغلط في أسباب اإلباحة ينفي اإلستفادة منها ‪ ،‬فإن كان يؤثر في الركن المعنوي‬
‫ويحول المسؤولية من العمد إلى الخطا ‪ ،‬فهو ال يؤثر في الركن الشرعي وال المادي ‪ .‬فإذا توهم الشخص أن أسباب اإلباحة‬
‫متوفرة بجميع شروطها في حين أنها غير متوفرة ‪ ،‬اليكون فعله مبررا ‪ .‬كمن يقتل شخصا ظنا منه أنه مصدر خطر أو من‬
‫يضرب شخصا غريبا دخل في الليل إلى بيته يظنه لصا ‪ ،‬ثم يتبين أنه شخص قريب ‪ ،‬أو الضابط الذي يعتقد خطأ أن أمرا قد‬
‫صدر إليه من رئيسه بتفتيش بيت أو القبض على شخص ‪ .‬يسألون عن الجريمة غير العمدية ‪.‬‬
‫وهذا على أساس أن أسباب اإلباحة عامة ‪ ،‬بما فيها الدفاع المشروع ‪ ،‬ذات طبيعة موضوعية وليست شخصية ‪ ،‬بمعنى أن‬
‫وجودها قانونا يرتبط بوجودها في الواقع فإذا تخلف الثاني تخلف األول ‪ ،‬وينبني على ذلك أن توهم االعتداء ال يعدل قيامه‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تمييز أسباب اإلباحة عن األنظمة المشابهة‬
‫الفرع االول ‪ :‬أسباب اإلباحة و موانع المسؤولية‬
‫‪ ‬موانع المسؤولية الجزائية عبارة عن عوامل داخلية شخصية تتعلق بشخصية الجاني ‪ ( ،‬صغر السن أو الجنون أو‬
‫اإلكراه ) تجعل إرادته غير معتبرة قانونا ‪ ،‬فموانع المسؤولية الجزائية تؤثر في الركن المعنوي ‪ ،‬وال تؤثر في الركن‬
‫الشرعي وال المادي للجريمة حيث يعتبر المشرع عن أثرها في المواد ‪47-49‬ق ع بقوله " ال عقوبة " ‪ ..‬ينتفي بها‬
‫العقاب وليس الجريمة ‪ ،‬حيث يمكن تطبيق التدابير االحترازية‪ .‬بينما أسباب التبرير أو اإلباحة تنفي الجريمة تماما‬
‫عبر المشرع عن أثرها في المادتين ‪ 39‬و ‪ 40‬بقوله " ال جريمة‪.. " .‬‬
‫‪ ‬موانع المسؤولية الجزائية ال تنتفي المسؤولية المدنية حيث يلزم الشخص أو مسؤولة المدني بتعويض ما سببته أفعاله‬
‫من أضرار مادية ‪ .‬بينما في األفعال المبرر تنتفي المسؤولية الجزائية والمدنية‬
‫‪ ‬تطبيق أسباب اإلباحة يستفيد منه كل شخص ساهم في الجريمة ‪ ،‬باعتبارها ظروفا لصيقة بالجريمة ‪ ،‬بينما موانع‬
‫المسؤولية باعتبارها لصيقة بشخصية الجاني ‪ ،‬فال يستفيد منها إال من توفرت لديه‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬أسباب اإلباحة عن موانع العقاب‪:‬‬
‫موانع العقاب شخصية تتعلق بشخص الجاني ‪ ،‬تحول دون توقيع الجزاء على من توفرت في حقه ‪ ،‬وال تمتد إلى غيره من‬
‫المساهمين معه في الجريمة ‪ ،‬وهي ال تنفي قيام الجريمة وال تحول دون قيام المسؤولية الجنائية ‪ ،‬وال المسؤولية المدنية ‪.‬‬
‫ومثالها األعذار المعفية من العقاب في الم ‪ 52‬ق ع " األعذار هي حاالت محددة في القانون على سبيل الحصر يترتب عليها‬
‫مع قيام الجريمة والمسؤولية إما عدم عقاب المتهم إذا كانت أعذارا معفية وإما تخفيف العقوبة إذا كانت مخففة ‪ .‬ومع ذلك‬
‫يجوز للقاضي في حالة اإلعفاء أن يطبق تدابير األمن على المعفي عنه‪" .‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬أنواع أسباب اإلباحة ‪:‬‬
‫نظم المشرع األفعال المبررة بالمادتين ‪ 39‬و ‪ 40‬من قانون العقوبات تحت الباب المتعلق بالجريمة ‪ ،‬ضمن الكتاب الثاني‬
‫المتعلق باألفعال واألشخاص الخاضعون للعقوبة ‪ .‬وهي ثالثة أسباب للتبرير وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬ما يأذن به القانون ويسمى في تشريعات أخرى ممارسة الحق ‪.‬‬
‫‪ -2‬ما يأمر به القانون ويسمى في تشريعات أخرى أداء الواجب‬

‫‪ 1‬اخذت محكمة النقض الفرنسية في قرارها الصادر في ‪ 1957‬بالدفاع المشروع لصالح الوالد الذي أطلق النار على شخص فأرداه قتيال بعدما شاهده وهو يهدد ابنه بسالح ناري‬
‫‪ ،‬وقد تبين بعد ذلك أنه لم يكن يقصد إيذاء الولد وإنما كان يمزح معه فقط ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ -3‬الدفاع الشرعي‬
‫‪ -4‬كما توجد حاالت أخرى لإلباحة في بعض الدول وليست مقررة بنص عام في التشريع الجزائري ولكن يظم‬
‫حاالت محدودة بنصوص خاصة وهي‪:‬‬
‫‪ -‬حالة الضرورة‬
‫‪ -‬ورضاء المجني عليه‪.‬‬
‫الفرع االول ‪ :‬أمر القانون ( أداء الواجب القانوني )‬
‫إذا كان السلوك مرتكبا بأمر القانون بمفهومه الواسع ‪ ،‬أي التشريع أو التنظيم أو أوامر السلطة اإلدارية ‪ ،‬فهو ال يخضع‬
‫للتجريم والعقاب ‪ ،‬إذ يعتبر سلوكا مبررا ينفي المسؤولية الجزائية والمدنية ومن أمثلته واجب الطبيب وهياكل مؤسسات‬
‫الصحة في اإلبالغ عن المرض المعدي بموجب المادة ‪ 293‬من قانون الصحة ‪ ، 18-11‬ال يدان عنه بإفشاء السر المهني‬
‫بموجب المادة ‪ 301‬ق ع ‪.‬‬
‫وكذلك ال يسأل الموظف المكلف بتنفيذ حكم اإلعدام عن جريمة القتل العمد ‪ ،‬وال يسأل مدير المؤسسة العقابية عن جريمة‬
‫احتجاز األشخاص بدون وجه حق عندما ينفذ الحكم بالسجن ‪ ،‬وال يسأل الشاهد عن القذف عند شهادته‪.‬‬
‫ويدخل في تنفيذ القانون تنفيذ الموظف ألوامر الشرعية صادرة عن السلطة اإلدارية المختصة ‪ ،‬حيث يشترط أن يكون األمر‬
‫مشروعا مستوفيا للشروط الشكلية والموضوعية التي يتطلبها القانون في األمر‪.‬‬
‫و يميز بين األمر الذي تكون عدم مشروعيته ظاهرة جليا واألمر الذي يبدو أنه قانوني ‪ .‬ففي الحالة األولى أي إذا كانت عدم‬
‫مشروعية األمر ظاهرة بصفة جلية فال يصلح فعال مبررا ‪ ،‬ومقابل ذلك فإذا كان األمر يظهر أنه مشروع ‪ ،‬فإنه في هذه الحالة‬
‫يصلح فعال مبررا‪.‬‬
‫إذا كان الموظف ال يعلم بعدم مشروعية األمر الصادر إليه ال أثر لهذا الجهل على المسؤولية الجنائية للموظف إذا تعلق بقواعد‬
‫قانون العقوبات ‪ ،‬اذ العلم بها مفترض عند كل الناس ‪ ،‬أما اذا تعلق الجهل بقواعد غير قانون العقوبات فإن القصد الجناني‬
‫ينتفي وتنتفي به المسؤولية ‪.‬‬
‫في جرائم االعتداء على الحريات تنص المادة ‪ 107‬يعاقب الموظف العمومي بالسجن المؤقت من ‪ 5‬سنوات إلى ‪ 10‬سنوات‬
‫إذا أمر بعمل تحكمي أوماس سواء بالحرية الشخصية للفرد أو بالحقوق الوطنية المواطن أو أكثر ‪ .‬ونصت المادة ‪ 108‬أن‬
‫مرتكب الجنايات المنصوص عليها في المادة ‪ 107‬مسؤول شخصيا مسؤولية مدنية وكذلك الدولة على أن يكون لها حق‬
‫الرجوع على الفاعل‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬إذن القانون ( استعمال الحق )‬
‫إذن القانون هو حق يقرره القانون بمفهومه العام الواسع أي القواعد القانونية والشرعية والعرفية المكتوبة أو غير المكتوبة ‪،‬‬
‫بشرط أن يستعمل الحق من صاحب الصفة وأن ال يتعسف في استعماله ‪ ،‬ومنه ‪:‬‬
‫‪ -1‬إذن القانون المواطنين بأن يقبضوا على المتلبس بالجريمة ويقتادوه إلى أقرب مركز شرطة أو درك‬
‫(الم ‪ 61‬ق إج ‪ ) .‬دون أن يتابعوا بجناية القبض على األشخاص واحتجازهم بالمادة ‪ 291‬ق ع‪.‬‬
‫‪ -2‬تأديب الصغار بالضرب الخفيف ‪ ،‬ممن له حق التأديب وهو األب أو الولي ‪ ،‬أو من ينوب األب‬
‫بمقتضى قانون أو عقد ‪ ،‬حيث يستثني نصت المادة ‪ 269‬ق ع في جريمة العنف ضد القصر أفعال‬
‫التأديب بقولها ‪ " ...‬فيما عدا اإليذاء الخفيف "‬
‫‪ -3‬استعمال الرخص القانونية ‪ :‬مثل أعمال الجراحة الطبية في حدود قانون أخالقيات الطب ‪ ،‬وكذلك‬
‫العنف الذي يقر خالل ممارسة األلعاب الرياضة المصارعة و المالكمة في حدود احترام قواعد‬
‫اللعبة ‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬حالة الضرورة ‪:‬‬

‫‪19‬‬
‫تقوم حالة الضرورة على أساس ارتكاب جريمة تؤدي إلى التضحية بمصلحة في سبيل صيانة مصلحة أخرى تعلوها من خطر‬
‫يحيط بها ‪ ،‬مثل الطبيب الذي يجهض الحامل فيضحي بالجنين في سبيل إنقاذ حياة المرأة ‪ .‬ومن يحطم األبواب من أجل تقديم‬
‫النجدة إلى أشخاص تحيط بهم النيران‪.‬‬
‫القانون الجزائري ال ينص على حالة الضرورة كفعل مبرر ولكن ينص على حالة الضرورة التي تنفي المسؤولية الجنائية وال‬
‫تنفي الجريمة وذلك في المادة " ‪ 48‬ال عقوبة لمن اضطرته إلى ارتكاب الجريمة قوة ال قبل له بدفعه ‪ " .‬وهذه القوة تمثل‬
‫خطرا يهدد النفس أو المال أو العرض أو الشرف واالعتبار ‪ ،‬يكون جسيما و وشيكا ‪ ،‬وال وسيلة لدفعه إال ارتكاب الجريمة ‪.‬‬
‫ومن أمثلة ذلك المادة ‪ 308‬من قانون العقوبات " ال عقوبة على اإلجهاض إذا استوجبته ضرورة إنقاذ حياة األم من الخطر‬
‫متى أجراه طبيب أو جراح في غير خفاء وبعد إبالغه السلطة اإلدارية ‪ " .‬وتؤكد هذا الحكم المادة ‪ 77‬من قانون الصحة (‬
‫القانون رقم " ) ‪ 18-11‬يهدف اإليقاف العالجي للحمل إلى حماية صحة األم عندما تكون حياتها أو توازنها النفسي والعقلي‬
‫مهددين بخطر بسبب الحمل‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬رضاء المجني عليه‬
‫الرضاء كسبب إباحة هو تنازل الشخص عن مصلحة له يحميها القانون فيقبل االعتداء عليها ‪ ،‬وهو عادة ال يشمل الجرائم‬
‫الخطيرة كالقتل والجرح والجرائم الماسة بالمصالح العامة عندما تقع على أحد األفراد ‪.‬‬
‫يجمع الفقه على عدم اعتبار رضاء المجني عليه من أسباب اإلباحة كقاعدة عامة ‪ ،‬ألن كل جريمة ولو كانت ضد القرد مثل‬
‫اعتداءا على المجتمع والمصالح العامة ‪ ،‬وال يقوى رضاء الضحية على إباحتها ‪ ،‬ولذلك أغلب الدول ومنها الجزائر ال تنص‬
‫عليه بنص عام ‪ ،‬لكن تكتفي بالنص عليها في كل جريمة يرى المشرع مبررا لإلعتداد برضاء المجني عليه فيها ‪ . .‬ويعطي‬
‫المشرع الجنائي أحيانا للرضاء أهمية خاصة في الحاالت التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬حالة اشتراط انعدام الرضاء في عناصر الركن المادي ‪ :‬كما في دخول منزل مواطن بدون رضاه المادة ‪135‬‬
‫ق ع ‪ ،‬واإلغتصاب المادة ‪ 336‬ق ع ‪ .‬حيث تنعدم الجريمة إذا كانت هذه األفعال برضا الضحية ‪.‬‬
‫‪ -‬حالة الرضاء كشرط لإلباحة ‪ ،‬في األعمال الطبية العالجية والجراحية بغرض التبرع باألعضاء أو زرع‬
‫األنسجة حيث يشترط قانون الصحة رقم التعبير من المتبرع أمام رئيس المحكمة ‪ ،‬زمن المتلقي أم الطبيب‬
‫وشاهدين أو كتابيا من قبل نائب ‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الدفاع الشرعي‬
‫الدفاع الشرعي في حقيقته فعل غير مشروع لكنه يصبح مشروعا إذا كان هو السبيل الوحيد لحماية النفس والمال من خطر‬
‫غير مشروع يتهدده أو يتهدده غيره ‪ .‬فما طبيعته وما هي شروطه ‪.‬‬
‫المطلب االول ‪ :‬مفهوم الدفاع الشرعي ‪:‬‬
‫الفرع االول ‪ :‬تعريف الدفاع الشرعي‬
‫الدفاع الشرعي هو حق يقرره القانون لمصلحة الشخص بأن يستعمل القوة الالزمة لرد االعتداء غير المشروع الواقع على‬
‫نفسه أو نفس الغير أو ماله أو مال الغير ‪ ،‬وهو حق مقرر في مواجهة الناس كافة ال يحق رده أو مقاومته‬
‫يسمى الدفاع الشرعي في الشريعة اإلسالمية " دفع الصائل " فالصائل هو المعتدي والمصول عليه هو المعتدى عليه ‪ ،‬وأصله‬
‫في قوله تعالى " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليگم واتقوا هللا واعلموا أن هللا مع المتقين ) ‪ ( 194‬و البقرة‬
‫‪.‬‬
‫أساس الدفاع الشرعي أنه يتوافق مع الفطرة اإلنسانية ‪ ،‬فليس من المعقول أن يفرض على اإلنسان تحمل االعتداءات الواقعة‬
‫عليه ‪ ،‬أو التحلي بالجبن وإلزامه بالهروب من المعتدي وهو قادر على رد العدوان بنفسه ‪ .‬خاصة في الحاالت التي يتعذر فيها‬
‫عليه تبليغ السلطات المختصة في الوقت المناسب ‪،‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬طبيعة الدفاع الشرعي ‪:‬‬
‫‪ -‬هناك من يعتبره استعمال حق في مواجهة كافة الناس ‪ ،‬لكن ال يقابله التزام‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ -‬وهناك من يعتبره أداء واجب اجتماعي يفرضه الحرص على صيانة الحقوق وليس واجبا قانونيا يرتب‬
‫جزاء لمن يتخلف عن أدائه‬
‫‪ -‬وهناك من يعتبره رخصة قانونية للمدافع برد االعتداء عن نفسه وغيره‬
‫‪ -‬وفقهاء الشريعة اتفقوا بأنه واجب في حالة االعتداء على العرض ‪ ،‬وجائز في حالة االعتداء على المال‬
‫‪ ،‬واختلفوا حول طبيعته في حالة االعتداء على النفس بين الواجب والجائز‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬مجال الدفاع المشروع ‪:‬‬
‫مجال المادة ‪ 39‬ق ع جرائم االعتداء على النفس والمال ‪ :‬المقصود بجرائم االعتداء على النفس تلك الماسة بالحق في الحياة‬
‫أي القتل ‪ ،‬والحق في السالمة الجسدية كالضرب والجرح وما إليهما ‪ .‬وجرائم االعتداء على الشرف واالعتبار كالقذف والسب‬
‫‪ ،‬وجرائم االعتداء على الحرية كالخطف والحجز العسفي ‪ ،‬واالعتداء على العرض وحرمة الحياة الخاصة ‪ .‬والمقصود‬
‫بجرائم األموال كل الجرائم الماسة باألموال سواء كانت هذه األخيرة عامة أوخاصة كالسرقة والنصب واالختالس وخيانة‬
‫األحانة وحرق الممتلكات ‪ ...‬إلخ ‪.‬‬
‫يستبعد أغلب الفقه الدفاع الشرعي من الجرائم غير العمدية ويحصره في الجرائم العمدية ‪.‬‬
‫مجال المادة ‪ 40‬ق ع ‪ :‬هو حسب الفقرة ‪ 1‬تسلق الحواجز أو الحيطان أو مداخل المنازل أو األماكن المسكونة أو توابعها أو‬
‫كسر شيء منها أثناء الليل ‪ .‬و حسب الفقرة ‪ 2‬السرقات أو النهب بالقوة ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬شروط الدفاع المشروع ‪:‬‬


‫في الحالة العادية للدفاع الشرعي ( المادة ‪ 39‬ق ع ج ) تتعلق هذه الشروط بفعل العدوان ‪ ،‬وبفعل الدفاع ‪ ،‬وفي حالة الدفاع‬
‫الممتاز ينبغي توافر ظروفه المذكورة المادة ‪ 40‬ق ع ج ‪.‬‬
‫وتحقق شروط الدفاع المشروع هي مسألة تقديرية للقضاة الموضوع يخضعون فيها الرقابة المحكمة العليا يجب على قضاة‬
‫الموضوع التأكد منها وتوضيحها في حكمهم‪.‬‬
‫الفرع االول ‪ :‬شروط فعل االعتداء ‪:‬‬
‫ال يمكن لفعل االعتداء أن يبرر فعل التفاع إال إذا كان خطرا حاال وغير مشروع على النفس والمال‪.‬‬
‫‪ -1‬الخطر الغير مشروع ‪ :‬يشكل تهديدا أوبدء باالعتداء على حق يحميه القانون الجنائي أي يمثل جريمة فال يكون هذا‬
‫الفعل مؤسستا قانونا ‪ ،‬وال ينطوي على سبب إباحة ‪ ،‬ويكفي فيه أن يكون شروعا أو أعماال تحضيرية لجريمة‬
‫إذن ال يجوز الدفاع الشرعي في مواجة الفعل المشروع ‪ .‬فمثال ال يجوز للمشتبه فيه المأمور بالقبض عليه أن يبدي مقاومة‬
‫عند تنفيذ أمر القبض ‪ ،‬إال إذا تجاوز رجل الشرطة القضائية حدود صالحيته في القبض أو اإلحضار فيقوم بضرب المشتبه‬
‫فيه المطلوب قبضه وإحضاره ‪.‬‬
‫وتثور الصعوبة عندما يصدر االعتداء عن عديم المسؤولية الجزائية كالمجنون أو صغير السن ‪ .‬فهناك من يقول أن موانع‬
‫المسؤولية ال تنفي الجريمة بل تنفي العقاب فقط ‪ ،‬ففعل االعتداء الصادر من المجنون أو الصغير أو المكره يظل خطا غير‬
‫مشروع يجوز الدفاع ضده‪.‬‬
‫كما انتهى القضاء الفرنسي الى اعتبار مقاومة شخص قبض عليه بدون امر قضائي و شخص اخر تعرض الى ضرب مبرح‬
‫اثناء القبض عليه غير شرعية و من ثم خلص الى انعدام الدفاع المشروع بدعوى بوجوب االنصياع دائما ألعمال السلطة ‪.‬‬
‫‪ -2‬الخطر الحال ‪ :‬يجب أن يكون الخطر موجودا وحقيقيا وليس توهما من الفاعل أو من صنع خياله ‪ ،‬بل يكون حدوثه‬
‫أمرا متوقعا ومنتظرا كخطوة تالية مباشرة نصت عليه المادة ‪ 39‬بعبارة " الضرورة الحالة " بمعنى أن يكون‬
‫الخطر في إحدى الحاتين‬

‫‪21‬‬
‫‪ -‬أن يكون العدوان محدقا وعلى وشك الوقوع ‪ ،‬يوحي بحتمية بدء العدوان مثل إخراج الخراطيش التعبئة‬
‫المسدس ‪ ،‬وال يعتد بالخطر المستقبلي طالما توفر فيه الوقت لالستنجاد بالسلطات ‪ .‬ألن مال تحققها أمر‬
‫محتمل الوقوع‬
‫‪ -‬أن يكون االعتداء قد بدأ ولم ينته بعد ‪ ،‬كمن ضرب مرة وأراد أن يزيد أو سرق أشياء على دفعات ‪،‬‬
‫وفي مثل هذه الحالة يظل الخطر قائما ومستمرا طالما لم تتحقق الجريمة كاملة وفي الجرائم المستمرة‬
‫يظل الخطر حاال ‪ ،‬والدفاع ضده في أي لحظة دفاعا مشروعا ‪ .‬اما اذا كان االعتداء منتهيا بتحقق‬
‫النتيجة اإلجرامية فال يحق الدفاع ألنه يصير انتقاما وعقابا غير مشروع‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬شروط فعل الدفاع ‪:‬‬
‫يشترط في فعل الدفاع أن يكون الزما ‪ ،‬ومتناسبا مع االعتداء‬
‫‪ -1‬شرط اللزوم ‪ :‬أي أن يكون فعل التفاع لزما لرد االعتداء وأنه ال يمكن درة الخطر بوسيلة مشروعة أخرى كإمكانية‬
‫طلب تدخل السلطات ‪ ،‬وال يعتبر الهروب من الوسائل والحلول البديلة عن الدفاع ‪ ،‬ألن الدفاع حق ال يمكن اإلجبار‬
‫على التنازل عنه ‪ ،‬كما أن فيه صفة الجبن وهو فعل مشين وماس بالكرامة اإلنسانية باإلضافة إلى ذلك يجب أن يوجه‬
‫فعل التفاع إلى مصدر الخطر واالعتداء‪.‬‬
‫‪ -2‬شرط التناسب ‪ :‬يشترط أن يكون الدفاع بالقدر الضروري لرد االعتداء ‪ ،‬دون إفراط أو تجاوز ‪ ،‬أي متعادال ومتكافئا‬
‫مع جسامة الخطر ‪ ،‬حيث يرد االعتداء بأيسر ما يندفع به ‪ ،‬فليس للمعتدى عليه أن يدفعه بالكثير إذا كان يندفع بالقليل‬
‫‪.‬ألن ممارسة حق الدفاع الشرعي تهدف إلى تمكين المعتدى عليه من درء الخطر المحدق به أو بغيره في ماله أو‬
‫نفسه ‪.‬‬
‫وتقدير التناسب بين فعل االعتداء والدفاع هي مسألة موضوع يرجع الفصل فيها للقاضي الذي يقدر توافر التناسب من عدمه‬
‫بمراعاة الظروف والمالبسات في كل حالة على حدة‪.‬‬
‫قد تكون خطورة فعل الدفاع تتجاوز خطروة فعل االعتداء ‪ ،‬فالمال يبقى دائما أقل شأنا من الحياة فالدفاع عنه مهما كانت‬
‫شرعيته ال يمكن أن يصل إلى درجة التضحية بحياة إنسان أو إلحاق أضرار خطيرة جدا غير قابلة للعالج ‪.‬‬
‫وهو ما تؤكده صراحه المادة ‪ 2/122‬فقرة ‪ 5‬من ق ع ف ‪ .‬يجب األخذ بعين االعتبار مقدار الضرر أو الوسيلة والحالة النفسية‬
‫للمدافع وسته وجنسه وقوته وزمان ومكان االعتداء ‪ ،‬بدليل أن المشرع الجزائري أخذ بهذه المعايير والظروف في المادة ‪40‬‬
‫ويبقى ذلك خاضعا لتقدير القاضي‬
‫واختلف في نصب الكمائن والفخاخ وراء األبواب وخلف األسوار ووسط الممرات بقصد قتل المعتدين أو جرحهم ‪ ،‬فهو جائز‬
‫عند البعض مثل محكمة النقض الفرنسية ‪ ،‬وغير جائز عند البعض اآلخر ‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬حكم تجاوز حدود الدفاع الشرعي ‪:‬‬
‫قد يتجاوز المتهم حدود الدفاع الشرعي ويفرط في ممارسة حق الدفاع المشروع حينما يخل بشرط التناسب بين الدفاع‬
‫واالعتداء ‪ .‬كأن يرد المتهم بالضرب على مجرد التهديد ‪ ،‬أو يطعن المعتدي الذي يحمل عصا خفيفة بسكين ويقتله ‪ ،‬أو يطلق‬
‫النار على سارق الثمار من البستان‪ .‬وحكم تجاوز حدود الدفاع الشرعي يكون بحسب ما إذا كان التجاوز متعمدا أو غير‬
‫متعمد‪:‬‬
‫‪ -1‬في حالة التجاوز المتعمد يفقد المتهم حقه في التمسك بالدفاع الشرعي ويسأل عن جريمة عمدية‪.‬‬
‫‪ -2‬وفي حالة التجاوز غير متعمد فإن المتهم يستفيد من التخفيف الوارد بأحكام المواد ‪ 283 ، 278 ، 277‬ق ع ج ‪ .‬حيث‬
‫أن المشرع الجزائري عالج حدود الدفاع الشرعي في هذه الحاالت معالجة خاصة ‪:‬‬
‫‪ ‬المادة ‪" 277‬يستفيد مرتكب جرائم القتل والجرح والضرب من األعذار إذا دفعه إلى ارتكابها وقوع ضرب شديد من‬
‫أحد األشخاص‪" .‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ ‬المادة ‪" 278‬يستفيد مرتكب جرائم القتل والجرح والضرب من األعذار إذا ارتكبها لدفع تسلق أو ثقب أسوار أو‬
‫حيطان أو تحطيم مداخل المنازل أو األمان المسكونة أو ملحقاتها إذا حدث ذلك أثناء النهار ‪ .‬وإذا حدث ذلك أثناء‬
‫الليل فتطبق أحكام الفقرة األولى من المادة ‪40‬‬
‫‪ ‬المادة " ‪ 279‬يستفيد مرتكب القتل والجرح والضرب من األعذار إذا ارتكبها أحد الزوجين على الزوج األخر أو‬
‫على شريكه في اللحظة التي يفاجئه فيها في حالة تلبس بالزنا "‬
‫‪ ‬المادة ‪ 280‬يستفيد مرتكب جناية الخصاء من األعذار إذا دفعه الرتكابها وقوع هتك عرض بالعنف‬
‫‪ ‬المادة ‪ 281‬يستفيد مرتكب الجرح أو الضرب من األعذار المعفية إذا ارتكبها ضد شخص بالغ يفاجئ في حالة تلبس‬
‫بهتك عرض قاصر لم يكمل السادسة عشرة سواء بالعنف أو بغير عنف ‪" .‬‬
‫و قد حددت أحكام التخفيف المادة " ‪ 283‬إذا ثبت قيام العذر فتخفض العقوبة على الوجه اآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬الحبس من سنة إلى خمس سنوات إذا تعلق األمر بجناية عقوبتها اإلعدام أو السجن المؤبد ‪.‬‬
‫‪ -‬الحبس من ستة أشهر إلى سنتين إذا تعلق األمر بأية جناية أخرى ‪.‬‬
‫‪ -‬الحبس من شهر إلى ثالثة أشهر إذا تعلق األمر بجنحة "‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬الحاالت الخاصة الممتازة للدفاع الشرعي ( المادة ‪ 40‬ق ع ج )‬
‫تتمثل هذه الحاالت في أفعال دفاع خاصة ضد أفعال اعتداء خاصة ‪ ،‬وتتميز عن التفاع المشروع العادي بوجود ظرف الليل أو‬
‫ظرف القوة والعنف ‪ ،‬حيث يعتبر الظرفان قرينة على حالة الدفاع المشروع ‪ ،‬فيعفي الشخص من إثباتها بل يكفيه إثبات‬
‫الظرف فقط ‪ ،‬لكن يبقى هذا األخير قرينة بسيطة تقبل إثبات العكس إن هذه الحاالت ال يشترط فيها لتبرير الفعل توافر‬
‫الشروط العامة ‪ ،‬خاصة شرط اللزم والتناسب ‪ ،‬إذ أقام المشرع قرينة قانونية على توافر الشروط إذا ارتكب فعل الدفاع في‬
‫إحدى الحالتين اآلتيتين‪:‬‬
‫الحالة ) ‪ ( 1‬هي أن يكون فعل اإلعتداء يتمثل في تسلق الحواجز أو الحيطان أو مداخل المنازل أو األماكن المسكونة أو‬
‫توابعها أو كسر شيء منها أثناء الليل ‪ .‬حيث يشترط‪:‬‬
‫‪ ‬أن يكون التسلق أو الكسر متعلقا بمسكن أو أحد توابعه ‪.‬‬
‫‪ ‬أن يكون الدخول ليال‪.‬‬
‫‪ ‬أن يكون الدخول بغرض ارتكاب جريمة‪.‬‬
‫الحالة ) ‪ ( 2‬هي أن يكون فعل اإلعتداء يتمثل في السرقات أو النهب بالقوة‪ .‬وفي هذه الحالة يشترط استعمال القوة في جريمة‬
‫النهب والسرقة ‪ ،‬وال يشترط الليل‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫الركن المعنوي‬
‫ال يكفي لقيام الجريمة ارتكاب عمل مادي ينص ويعاقب عليه قانون جزائي بل البد أن يصدر هذا العمل المادي عن إرادة‬
‫الجاني ‪ ,‬ويتمثل الركن المعنوي في نية داخلية يضمرها الجاني في نفسه وقد يتمثل أحيانا في الخطأ أو اإلهمال وعدم االحتياط‬
‫‪ ،‬ومن ثم يتخذ الركن المعنوي للجريمة صورتين أساسيتين ‪:‬‬
‫‪ ‬صورة الخطأ العمد ‪ ،‬أي القصد الجنائي‬
‫‪ ‬وصورة الخطأ غير العمد ‪ ،‬أي اإلهمال وعدم االحتياط‬
‫المبحث األول ‪ :‬القصد الجنائي‬
‫ويشكل الركن المعنوي في الجرائم العمدية و في الجنايات وغالبية الجنح وبعض المخالفات‬
‫المطلب االول ‪ :‬تعريف القصد الجنائي ‪:‬‬
‫لم يعرف المشرع الجزائري القصد الجنائي على غرار غالبية التشريعات واكتفى بالنص في الجرائم على العمد وأمام صمت‬
‫التشريعات الجزائية اجتهد الفقه في تعريف القصد الجنائي و انقسم الى فريقين‬
‫الفرع االول ‪ :‬المذهب التقليدي ‪ :‬ي عرف أن القصد الجنائي بانصراف ارادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة مع العلم بأركانها‬
‫كما يتطلبها القانون ومن هنا يمكننا القول بأن القصد الجنائي يتكون من عنصرين هما ‪:‬‬
‫‪ .1‬اتجاه إرادة الجاني نحو ارتكاب الجريمة ‪ :‬يتطلب القصد الجنائي توافر اإلرادة لدى الجاني الرتكاب الفعل المعاقب‬
‫عليه وتحقيق النتيجة المطلوبة فعلى سبيل المثال ‪ ،‬في حالة قيادة سيارة بسرعة فائقة مما أدى إلى قتل راجل ‪ ،‬فإن‬
‫النتيجة لم تتجه إليها إرادة السائق وإن اتجهت منذ البداية إلى مخالفة األنظمة السياقة بسرعة ‪ ،‬وعليه ال تقوم‬
‫المسؤولية الجنائية عن جريمة القتل العمد ألن إرادة الجاني لم تتجه إلى إزهاق روح الراجل ‪ .‬ويختلف األمر في‬
‫حالة ما إذا أطلق شخص الرصاص على شخص ثان فيرديه قتيال ‪ ،‬هنا توجد إرادة تنصرف إلى فعل آثم ونتيجته‬
‫المباشرة وهي إزهاق الروح‬
‫‪ .2‬العلم بتوافر أركان الجريمة كما يتطلبها القانون ‪ :‬ويقصد بالعلم هنا إدراك األمور على نحو صحيح مطابق للواقع‬
‫ومن ثم ينبغي أن يعلم الجاني بأن أركان الجريمة متوافرة وأن القانون يعاقب عليها ‪.‬‬
‫والعلم بالقانون هو علم مفترض لدى العامة وبالتالي ال يجوز الدفع بالجهل بالقانون ‪.‬‬
‫والمؤكد أن قاعدة عدم التعذر يجهل القانون وما يترتب عنها من جعل قرينة العلم بالقانون قائمة تجعل من غير الضروري‬
‫على النيابة العامة إثبات أن الجاني يعلم بالقانون بل يكفي إثبات أن له إرادة ارتكاب عمل ينهي عن القانون‪.‬‬
‫واألصل أن يقع إثبات النية على عاتق النيابة العامة ‪ ،‬غير أن القضاء يقر بأن الركن المعنوي يمكن استخالصه من بعض‬
‫الجرائم من مجرد معاينة الركن المادي ‪ ،‬كما قضي في الجزائر بالنسبة للجرائم الجمركية و جنح الشيكات‬
‫و فرنسا بالنسبة لجرائم تحريض قصر على الدعارة ‪ ،‬تزوير عالمة الصنع ( ماركة ) " ‪ ،‬وقد اعتبر القضاء الفرنسي أن ليس‬
‫في ذلك خرق لقرينة البراءة ما دام لصاحب الشأن تقديم الدليل العكسي تتحقق الجريمة العمدية ‪،‬‬
‫حسب المذهب التقليدي ‪ ،‬بمجرد توافر إرادة للقيام بعمل غير شرعية ومتى توافرت هذه اإلرادة يتعين تسليط العقوبة على من‬
‫قام بهذا العمل دون االلتفات إلى السبب او الدافع ‪ ،‬يستوي في ذلك أن يكون الكراهية أو الجشع أو الطمع أو العاطفة الغرامية‬
‫أو حب السياسة أو التعصب أو الرأفة أو البؤس أو الحاجة‪.‬‬
‫الفرع الثاني المذهب الواقعي ‪ :‬يرى فيري ‪ Ferri‬وهو من رواد المدرسة الوضعية ‪ ،‬أن النية ليست إرادة مجردة وإنما هي‬
‫إرادة محددة بسبب أو باعث ‪ ،‬ومن ثم يتعين تحليل الباعث والبحث عما إذا كان اجتماعيا أم ال ‪ .‬وال يكون الفعل معاقبا إال إذا‬
‫كانت الغاية منه مخالفة للنظام االجتماعي ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫موقف القانون الجزائري من المذهبين ‪:‬‬
‫اعتنق المشرع الجزائري المذهب التقليدي ‪ ،‬حيث الفصل بين النية والباعث ‪ .‬وهكذا يأخذ قانون العقوبات الجزائري بالنية‬
‫ويصرف النظر عن الباعث سواء فيما يتعلق بقيام الجريمة أو بقمعها‬
‫غير أن هناك حاالت استثنائية معدودة أخذ فيها المشرع بالباعث في قيام الجريمة ويتعلق األمر بالجرائم ضد أمن الدولة بوجه‬
‫عام والجرائم اإلرهابية بوجه خاص ( المادة ‪ 87‬مكرر ) ‪ ،‬القذف الموجه إلى شخص بسبب انتمائه إلى مجموعة عرقية أو‬
‫مذهبية أو دينية إذا كان الغرض هو التحريض على الكراهية بين المواطنين أو السكان ( المادة ‪ 298‬مكرر ) ‪ ،‬األفعال‬
‫واألق وال والكتابات العلنية التي يكون الغرض منها التقليل من شأن األحكام القضائية ( المادة ‪ 147‬ف ‪)02‬‬
‫كما أخذ المشرع ‪ ،‬استشاء للقاعدة ‪ ،‬بالباعث عذرا مخلفا للعقوبة ومن هذا القبيل ما جاءت به المادة ‪ 279‬قع التي نصت على‬
‫أن يستفيد مرتكب القتل أو الجرح من األعذار إذا ارتكبها أحد الزوجين على الزوج اآلخر أو شريكه في اللحظة التي يفاجئه‬
‫فيها في حالة تلبس بالزنا‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬صور القصد الجنائي‬
‫للقصد الجنائي عدة صور تختلف الواحدة عن األخرى فقد يكون القصد الجنائي عاما ‪ general‬او ‪ ،‬وقد يكون خاصا‬
‫‪ ،special‬كما أنه قد يكون ب سيطا أو مشددا ‪ ،‬وقد يكون محددا أو غير محدد ‪ ،‬وقد يكون مباشرة أو غير مباشر ( محتمال) ‪.‬‬
‫و يتمثل القصد العام ‪ :‬و يتمثل في انصراف إرادة الجاني نحو القيام بفعل وهو يعلم أن القانون ينهي عنه وإذا كان القصد العام‬
‫ضروريا لقيام كافة الجرائم العمدية فقد يشترط القانون عالوة على القصد العام قصدا خاصا‬
‫القصد الخاص ‪ :‬ويتمثل في الغاية التي يقصدها الجاني من ارتكاب الجريمة فضال عن إرادته الواعية لمخالفة القانون‬
‫الجزائي وهكذا يشترط القانون ‪ ،‬باإلضافة إلى القصد العام المتمثل في ارادة الجاني الواعية مخالفة القانون ‪ ،‬إما نية إزهاق‬
‫الروح كما في جريمة القتل العمد المنصوص والمعاقب عليها بالمادة ‪ 254‬ق ع ‪ ،‬وإما إرادة االستيالء على شيء مملوك‬
‫للغير كما في جريمة السرقة المنصوص و المعاقب عليها في المادة ‪ 350‬قع ‪ ،‬تشكل نية إزهاق الروح القصد الخاص في‬
‫القتل العمد ‪ ،‬أما إذا كان االعتداء على المجني عليه ليس بنية إزهاق الروح ولكن مجرد ضرب وجرح عمد أدى إلى الوفاة ‪،‬‬
‫مثل ما نصت عليه المادة ‪ 264‬ق ع ‪ ،‬ففي هذه الحالة تنعدم نية القتل ألن إرادة الجاني لم تتجه نحو إحداث هذه النتيجة ‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن القانون ال يعتد بالباعث أو الدافع إلى ارتكاب الجريمة فحتى لو كان الباعث على ارتكابها نبيال أو‬
‫شريفا فان القانون ال يأخذ به غير انه قد يشكل عذرا مخففا كما هو الحال بالنسبة لمرتكب القتل أو الجرح لحظة مفاجأة الزوج‬
‫متلبسا بجريمة الزنا (المادة ‪ 279‬ق ع ) ‪ ،‬وقد يكون الباعث ظرفا مشددا كما هو الحال في المادة ‪ 293‬مكرر ق ع التي‬
‫تعاقب الخطف بالسجن المؤبد إذا كان الدافع إليه هو تسديد فدية ‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الخطأ الجزائي‬
‫تشترط كل الجرائم لقيامها توافر ركن معنوي ‪ ،‬يتمثل الركن المعنوي بالنسبة للجرائم العمدية في القصد الجنائي أما الركن‬
‫المعنوي في الجرائم غير العمدية فهو مجرد خطأ ‪ , 2‬يمكننا تعريف الخطأ الجزائي بأنه تقصير في مسلك اإلنسان ال يقع من‬
‫شخص عاد وجد في نفس الظروف الخارجية ‪ .‬لم يعرف المشرع الخطأ الجزائي واستعمل عدة صور للتعبير عنه ‪.‬‬
‫المطلب االول ‪:‬خطأ عدم االحتياط‬
‫وهو خطأ ذو طبيعة جنحية يستلزم وجود ضرر ‪ ،‬يأخذ هذا الخطأ عدة صور (الفرع االول ) و يتميز بوحدته مع الخطأ المدني‬
‫(الفرع الثاني) ‪.‬‬
‫الفرع االول ‪ :‬صور خطا عدم االحتياط‬
‫‪ .1‬عدم االحتياط ‪ : imprudence‬وهو عدم التبصر بالعواقب و في هذه الصورة يدرك الفاعل أنه قد يترتب على‬
‫عمله نتائج ضارة ومع ذلك يقدم على النشاط‪ ,‬تجد هذه الصورة تطبيقاتها في مجال حوادث المرور مثال ذلك من‬

‫‪ 2‬أهم الجرائم غير العملية التي وردت في قانون العقوبات الجزائري هي القتل الخطأ ( المادة ‪ ، ) 288‬الجرح الخطأ ( المادتان ‪ 289‬و ‪ ، ) 442‬الحريق غير العمدي ( المادة‬
‫‪ ، ) 450‬رمي القاذورات بدون احتياط ( المادة ‪ ، ) 467‬التسبب في قتل حيوان ( المادة ‪ ، ) 457‬إهمال الحراس إذا ترتب عليه هرب المسجونين ( المادة ‪. )90‬‬

‫‪25‬‬
‫يقود سيارة بسرعة فائقة في الشوارع مزدحمة فيقتل أو يجرح راجال أو من يقوم بتجاوز خطير يؤدي إلى اصطدام‬
‫سيارته بسيارة أخرى تسير في االتجاه المعاكس ينتج عنه موت أو جرح‬
‫‪ .2‬الرعونة ‪ : maladresse‬ويراد بها سوء التقدير ‪ ،‬وقد تظهر في واقعة مادية تنطوي على خفة وسوء تصرف ‪،‬‬
‫ومن األمثلة على ذلك الصياد الذي يطلق النار على طائر في مكان آهل فيصيب أحد المارة وقد تظهر في واقعة‬
‫معنوية تنطوي على جهل وعدم كفاءة كالخطأ الذي يرتكبه المهندس المعماري في تصميم بناء فيتسبب في سقوط‬
‫البناء وموت أشخاص ‪ ،‬وقد يتمثل في طيش الوالدة التي تنقلب في سريرها على ولدها الصغير وهو نائم فيموت وربة‬
‫المنزل التي ترمي جسما صلبا من النافذة يصيب عابر سبيل ‪.‬‬
‫‪ .3‬عدم االنتباه واإلهمال ‪ : inattention et négligence‬اعتماد الفاعل موفقا سلبيا عن القيام بما هو واجب عليه‬
‫وتركه التزاما مفروضا في مسلكه الشخصي ‪ ،‬والتلكؤ عن اتخاذ التدابير واالحتياطات والوسائل الضرورية والمناسبة‬
‫لتفادي وقوع الفعل الجرمي ‪ ،‬وبالتالي حدوث النتيجة الضارة ‪ .‬وتتسع هذه الصورة إجماال لتشمل كافة معالم قلة‬
‫اإلدراك وقصر المعرفة وانعدام الخبرة والدراية وانتفاء الحذر والتبصر واالنتباه واالغفال الخ وتتنوع األمثلة في هذا‬
‫النطاق حسب طبيعة النشاطات ‪ ،‬كسائق السيارة أو الشاحنة الذي ال يستعمل آلة التنبيه في شارع مكتظ بالمارة ‪ ،‬أو ال‬
‫يعطي اإلشارة بتغيير وجهة خط سيره ‪ ،‬أو ال يضيء األنوار الكاشفة عند اقتضاء ذلك‪ .‬وكذا المهندس المسؤول عن‬
‫البناء الذي ال يحيط الورشة قيد التشييد بسياج أو بحاجز عازل أو ال يدعم حائطا معرضا لالنهيار ‪ ،‬أو ال يعين حارسا‬
‫على الورشة خارج أوقات العمل أو عند توقف األشغال مؤقتا ‪ ،‬والطبيب الذي ينسى آلة في بطن المريض إثر عملية‬
‫‪.‬‬
‫‪ .4‬عدم مراعاة األنظمة ‪ : inobservation des règlement‬وهو خطأ خاص ينص عليه القانون ويرتب المسؤولية‬
‫عما يقع بسببه من نتائج خمارة ولو لم يثبت على من ارتكبه أي نوع آخر من الخطأ ‪ .‬ويتعين أخذ عبارة " األنظمة‬
‫بمفهومها الواسع الذي يشمل القوانين واللوائح التنظيمية بل وحتى أنظمة بعض المهن والحرف المنظمة ‪.‬‬
‫ويعود الخطأ في هذه الصورة إلى اعتماد الفاعل موقفا ال شرعيا في عدم انطباق سلوكه الشخصي أو المهني على المسلك‬
‫المقرر في القواعد والتعليمات الصادرة عن السلطات المختصة بغية تنظيم شؤون وأمور معلومة‪ .‬ومن هذا القبيل مخالفة‬
‫التدابي ر التي تفرضها قوانين األمن العام وأنظمة السير واألنظمة الصحية والبلدية والتعليمات الخاصة بالسالمة والمشاريع ‪،‬‬
‫وكذا أنظمة المهن والحرف ‪ .‬العامة ‪ ،‬وكذا أنظمة الصحة واألمن في المصانع والمعامل والورشات ‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أن هذه الصورة آخذة في االنتشار السيما في المجال الصناعي ‪ .‬وغالبا ما يعاقب القانون على عدم مراعاة‬
‫األنظمة وإن لم يترتب عليه ضرر ‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة لمخالفات المرور ( السياقة بدول رخصة ‪ ،‬عدم احترام عالمة قف‬
‫‪ ,‬السير على الجانب األيسر من الطريق ) ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬مسألة وحدة خطأ عدم االحتياط الجزائي والمدني ‪:‬‬
‫طرح التساؤل حول صلة خطأ عدم االحتياط الجزائي بخطأ عدم االحتياط المدني وأساسه المادة ‪ 124‬من القانون المدني التي‬
‫تنص على أن كل عمل أيا كان يرتكبه المرء ويسبب ضررا للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض " ‪ ،‬علما أن القانون‬
‫المدني ال يفرق في ال مسؤولية بين درجات الخطأ ويسأل المخطئ ولو كان خطوه بسيطا بمعنى آخر هل خطا عدم االحتياط‬
‫المدني هو نفسه خطا عدم االحتياط الجزائي‬
‫بعد تردد طويل انتهى القضاء الفرنسي في سنة ‪ 1912‬إلى القول بوحدة الخطأين الجزائي والمدني ‪ ،‬وهو المبدأ الذي كرسته‬
‫الغرفة الجنائية في يوليو ‪ 1934‬ويترتب على هذه القاعدة التي أخذ بها القضاء الجزائري ‪ ،‬حتى و ان لم تجسد في نص‬
‫صريح ‪ ،‬أن من يثبت في حقه خطة جزائي يلزم بالتعويض المدني للضحية ‪ ،‬وبالمقابل فإن براءة المتهم في الدعوى الجزائية‬
‫لعدم ثبوت الخطا يستلزم من القاضي الجزائي الحكم برفض طلب التعويض المؤسس على أحكام المادة ‪ 124‬من القانون‬
‫المدني لعدم التأسيس ‪ ،‬وال يكون الحكم بعدم االختصاص ‪.‬‬
‫واستثناء لهذه القاعدة أجازت الفقرة الثانية من المادة ‪ 316‬من قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري للمدعي المدني في حالة‬
‫الحكم ببراءة المتهم أن يطلب من محكمة ا لجنايات تعويض الضرر الناشئ عن خطا المتهم الذي يخلص من الوقائع موضوع‬
‫االتهام ‪ ،‬وتفصل محكمة الجنائيات في طلب التعويض دون اشتراك المحلفين فيه بقرار مسبب‬
‫وإذا كانت قاعدة وحدة خطأ عدم االحتياط الجزائي والمدني تمنع على القاضي الجزائي منح تعويض مدني عند الحكم بالبراءة‬
‫فإنه يجوز للضحايا وذوي الحقوق ‪ ،‬السيما في مجال حوادث المرور ‪ ،‬أن يرفعوا دعوى تعويض أمام القاضي المدني على‬
‫أساس المادة ‪ 138‬من القانون المدني التي تجيز التعويض حتى وإن انعدم الخطأ الجزائي لدى السائق بنصها على أن كل من‬
‫تولى حراسة شيء وكانت له قدرة االس تعمال والتسيير والرقابة ‪ ،‬يعتبر مسؤوال عن الضرر الذي يحدثه ذلك الشيء ‪ ،‬أو على‬

‫‪26‬‬
‫أساس المادة ‪ 8‬من األمر المؤرخ ‪ 1974 -1 -30‬المتعلق بالتعويض عن حوادث المرور التي تنص على أن أي حادث مرور‬
‫يسبب أضرارا جسدية يستحق التعويض ‪ ،‬بصرف النظر عن مسؤولية السائق في الحادث ‪.‬‬
‫ويبدو أن المحكمة العليا في الجزائر قد تأثرت بالتطورات التشريعية التي حصلت في فرنسا حيث صدر موخرا قرار عن‬
‫غرفة الجنح والمخالفات يقضي بأن المادة ‪ 8‬من األمر رقم ‪ 1574‬المؤرخ في ‪ 1974 -1 30‬المتعلق بالتعويض عن حوادث‬
‫المرور ال تمنع القاضي الجزائي من الفصل في ال دعوى المدنية ومنح تعويضات للطرف المدني حتى ولو استفاد المتهم‬
‫بالبراءة وبالرجوع إلى أسباب القرار نجد أن المحكمة العليا لم تؤسس قضاءها على فصل الخطا الجزائي عن الخطأ المدني‬
‫وإنما بنته على أساس أن نظام تعويض ضحايا حوادث المرور و ذوي حقوقهم أصبح يخضع إلى نظرية الخطر وليس‬
‫النظرية الخطأ ‪ ،‬ومنه خلصت إلى القول يخالف القانون ‪ ,‬قضاة المجلس الذين قضوا برفض دعوى التعويض بعد الحكم‬
‫ببراءة المتهم‬
‫وفي رأينا ‪ ،‬فإن ما ذهب إليه هذا القرار ال يتفق وصحيح القانون السيما في ظل المادة ‪ 2‬من قانون اإلجراءات الجزائية‬
‫الجزائري التي ت منع على القاضي الجزائي الحكم في الواقعة الواحدة بالبراءة النتفاء الخطأ الجزائي ومنح التعويض للمدعي‬
‫المدني أيا كان أساس هذا التعويض‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬خطا المخالفة ‪faute contraventionnelle‬‬


‫وهو على خالف خطأ عدم االحتياط سالف الذكر ال يشترط لقيامه عدم احتياط أو إهمال وإنما يقوم بمجرد مخالفة قاعدة ينص‬
‫عليه القانون أو التنظيم بصرف النظر عما إذا كانت هذه المخالفة قد صدرت عن قصد أو بسبب عدم احتياط أو بحسن نية أو‬
‫من جهل ومن قبيل خطا المخالفة الخطأ الذي تنطوي عليه جل المخالفات باستثناء المخالفات العمدية المنصوص عليها في‬
‫المواد ‪ 440 - 440‬مكرر و ‪ 442‬و ‪ 442‬ق ع ( اهانة موظف مكلف باعباء خدمة عمومية)‬
‫و عموما ال يستلزم خطا المخالفة وجود ضرر بحيث يعاقب بمجرد وقوعه بصرف النظر عما يترتب عنه ‪ ,‬و مرد ذلك الى‬
‫كون المخالفة تتمثل غالبا في عدم احترام تدبير بوليس او قاعدة تعد ضرورية لحفظ النظام ‪ .‬و مع ذلك يستلزم خطا المخالفة‬
‫ان يصدر الفعل عن ارادة حرة ‪ ,‬و من ثم تنعدم مسؤولية مرتكبها في حالة القوة القاهرة او الجنون او حالة الضرورة او انعدام‬
‫التمييز ‪.‬‬

‫المساهمة في الجريمة ( من م ‪ 41‬الى غاية م ‪)46‬‬


‫الخطة ‪:‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬الفاعل األصلي ( م ‪) 41‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬الفاعل المادي‬
‫الفرع ‪ : 1‬الفاعل المادي في حد ذاته‬
‫الفرع ‪ : 2‬الفاعل المادي مع غيره‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الفاعل المعنوي ( المحرض)‬
‫الفرع ‪ : 1‬المحرض‬
‫أوال ‪ :‬تعريف التحريض م ‪41‬‬
‫‪27‬‬
‫ثانيا ‪ :‬شروط التحريض‬
‫ثالثا ‪ :‬الحاالت الخاصة للتحريض‬
‫الفرع ‪ : 2‬الشخص الذي يحمل غيره على ارتكاب جريمة ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬الشخص الذي يحمل غيره على ارتكاب جريمة معينة (م‪ . 342‬م ‪ . 140‬م ‪) 86‬‬
‫ثانيا‪ :‬الشخص الذي يحمل شخص غير معاقب على ارتكاب جريمة‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الشريك‬
‫المطلب األول ‪ :‬مفهوم االشتراك‬
‫الفرع ‪ : 1‬تعريف االشتراك م ‪42‬‬
‫الفرع ‪ : 2‬التمييز بين الفاعل و الشريك‬
‫أوال ‪ :‬معيار التمييز بين األفعال األصلية وأفعال اإلشتراك‬
‫ثانيا ‪ :‬أهمية التمييز بين الشريك والفاعل األصلي‬
‫ثالثا ‪ :‬عالقة الفاعل بالشريك ( نظريتا االستقاللية و التبعية )‬
‫رابعا ‪ :‬موقف المشرع (ج) ( أخذ بالتبعية)‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬أركان االشتراك‬
‫الفرع ‪ : 1‬فعل رئيسي معاقب عليه قانونا‬
‫الفرع ‪ : 2‬العمل المادي لالشتراك (م ‪ 42‬م ‪) 43‬‬
‫أوال ‪ :‬المساعدة أو المعاونة ( م ‪)42‬‬
‫ثانيا ‪ :‬االعتياد على تقديم مسكن أو ملجأ أو مكان لالجتماع طائفة خاصة من الجناة (م‪)43‬‬
‫الفرع ‪ : 3‬القصد الجنائي‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬جزاء الشريك (م ‪ 44‬ف ‪) 1‬‬
‫خاتمة‬

‫مقدمة ‪:‬‬
‫فقد يرتكب فاعل بمفرده جريمة فيكون فاعال ماديا وقد يساهم عدد من األشخاص في ارتكاب نفس الجريمة ‪ ،‬ومن الجائز أن‬
‫تأخذ هذه المساهمة عدة صور‬
‫‪ -‬فقد تكون المساهمة بدون اتفاق مسبق حيث يساهم عدة أشخاص في مشروع جنائي دون أن يكون بينهم اتفاق مسبق ‪ ،‬كما‬
‫هو الحال مثال في جريمة القتل أو السرقة أو النهب التي يرتكبها المتظاهرون أو المشاركون في أعمال الشغب ‪ ،‬وفي هذه‬
‫الحالة تكون المتابعات بعدد المساهمين وال يعاقب الواحد منهم إال عن مساهمته وبقدر مسئوليته الفردية ‪.‬‬
‫وقد تكون المساهمة أحيانا نتيجة اتفاق مسبق ونكون من صنع جمعية تشكلت لممارسة نشاط جنائي ‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة‬
‫لتشكيل جمعية أشرار بغرض اإلعداد للجنايات أو ارتكابها ضد األشخاص واألمالك ( المادة ‪ ، ) 176‬تكون المساهمة في‬
‫الجريمة ‪ ،‬وفي هذه الحالة ‪ ،‬محل قمع خاص حيث يعتبر كل المساهمين في الجريمة فاعلين‬
‫‪ -‬وقد ال تكون المساهمة الجنائية إال مظهرا التفاق مؤقت بين شخصين أو أكثر الرتكاب جريمة معينة ‪ ،‬وهذا ما يهمنا ففي‬
‫هذه الصورة األخيرة كل من ساهم بصفة رئيسية ومباشرة في التنفيذ المادي للجريمة يكون فاعال ماديا أو فاعال أصليا مع‬
‫غيره ‪ coauteur‬حسب ظروف ارتكاب الجريمة ‪ ،‬كما يعد فاعال أصليا من حرض على ارتكاب الجريمة ‪.‬‬
‫وبالمقابل ‪ ،‬يكون شريكا من اقتصر دوره على مساعدة أو معاونة الفاعل في التحضير للجريمة أو في تسهيلها أو في تنفيذها‬
‫المادي ‪ ،‬فكانت مساهمته ثانوية أو عرضية ‪.‬‬
‫و من ثم يثور التساؤل حول كيفية توزيع المسؤولية و العقوبة بين الفاعل األصلي و الشريك ؟‬
‫المبحث األول ‪ :‬الفاعل األصلي‬

‫‪28‬‬
‫تعرف المادة ‪ 41‬من قانون العقوبات الفاعل كاآلتي ‪ " :‬كل من ساهم مساهمة مباشرة في تنفيذ الجريمة أو حرض على‬
‫ارتكاب الفعل بالهبة أو الوعد أو التهديد أو إساءة استعمال السلطة أو الوالية أو التحايل أو التدليس اإلجرامي ‪ .‬وعلى ذلك‬
‫يأخذ الفاعل األصلي في التشريع الجزائري صورتين ‪:‬‬
‫‪ /1‬الفاعل المادي ‪،‬‬
‫‪ / 2‬المحرض أو الفاعل المعنوي‬
‫المطلب األول ‪ :‬الفاعل المادي‬
‫يعتبر فاعال وفقا للشطر األول من المادة ‪ 41‬المذكورة كل من ساهم مساهمة مباشرة في تنفيذ الجريمة ‪ ،‬أي كل من قام‬
‫شخصيا باألفعال المادية التي تدخل في تكوين الجريمة ‪ ،‬وهو ما يسمى بالفاعل المادي ‪.‬‬
‫وقد يرتكب الفعل المادي للجريمة شخص بمفرده وقد يرتكبه عدد من األشخاص‬
‫الفرع األول ‪ :‬الفاعل المادي في حد ذاته ‪:‬‬
‫وهو من قام بالعمل المادي المكون للجريمة ‪ ،‬فهو على سبيل المثال من أطلق النار على المجني عليه أو طعنه بسكين فأرداه‬
‫قتيال أو من أدخل يده في جيب المعطف واختلس منه المبلغ المالي‬
‫وال يهم إن كان قد دبر فقرر وحده ارتكاب الجريمة أو أنه ارتكبها بتحريض من غيره وال يهم أيضا إن ارتكب الجريمة‬
‫بمفرده أو مع غيره ‪ ،‬فما دام أنه قام بنفسه باألفعال المادية المنفذة فهو فاعل مادي والفاعل المادي في الجرائم السلبية ‪ ،‬أي‬
‫جرائم االمتاع ‪ ،‬هو من يقع عليه االلتزام بالعمل ‪ ،‬ويعد فاعال ماديا حتى وان كلف غيره للقيام بالعمل بدله ‪ .‬وليس ضروريا‬
‫ليكون الشخص فاعال ماديا أن ينفذ العمل المادي حتى نهايته وال أن يحدث التنفيذ نتيجة ‪ ،‬إذ يصلح وصف الفاعل المادي على‬
‫من حاول ارتكاب الجريمة بل وحتى على من ارتكب جريمة خائبة ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬الفاعل المادي مع غيره ‪.‬‬
‫وهو ‪ ،‬مثل الفاعل المادي ‪ ،‬من قام شخصيا باألعمال المادية المشكلة لجريمة ‪ ،‬غير أنه لم يرتكب هذه األفعال بمفرده وإنما‬
‫ارتكبها رفقة شخص آخر أو أكثر ‪ ،‬يكون كلهم فاعلين ماديين لنفس الجريمة ‪ .‬وهكذا فإذ قام شخصان معا باختالس مال الغير‬
‫بعد كالهما فاعال أصليا مساعدا ‪ ،‬أما إذا لم يقم أحدهما بالفعل المادي المتمثل في االستيالء على مال الغير واقتصر دوره على‬
‫مساعدة غيره الذي اختلس المال وحده ‪ ،‬ففي هذه الحالة يعد من ساعد على االختالس شريكا وليس فاعال أصليا مساعدا (‬
‫ومثال ذلك من يتولى مراقبة الطريق )‬
‫هذا و تجدر االشارة أنه هناك أهمية على مستوى المسؤولية و العقاب للتمييز بين الشريك و الفاعل األصلي المساعد ‪ ،‬و ذلك‬
‫في التشريعات التي أخذت بنظام تبعية مسؤولية الشريك لمسؤولية الفاعل تبعية تامة ‪ .‬على العكس من ذلك أن مسؤولية الفاعل‬
‫األصلي المساعد تكون مستقلة تماما عن مسؤولية باقي الفاعلين األصليين المساعدين ‪ ،‬ومن ثم يمكن متابعته بمفرده كما ال‬
‫يستفيد الفاعل األصلي المساعد من ظروف شخصية ثبتت لفاعل أصلي آخر و أعفته من العقوبة أو خففت منها ‪ ،‬كاإلعفاء من‬
‫العقوبة من العقوبة بسبب عالقة الزواج أو النسب المقرر في م ‪ 368‬ق ع بالنسبة للسرقة ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الفاعل المعنوي ( المحرض (‬
‫أخذ المشرع الجزائري ‪ ،‬كما رأينا بالمذهب المادي للجريمة ومع ذلك فقد اعتبر فاعال أيضا من لم يقم بأي عمل مادي يدخل‬
‫في تكوين الجريمة وإنما كان فقط السبب المعنوي أو األدبي في ارتكابها ‪ .‬وكان القانون الجزائري سباقا إلى تكريس مفهوم‬
‫الفاعل المعنوي من خالل اعتبار المحرض فاعال ‪ ،‬ومن خالل تجريم فعل من يحمل غيره على ارتكاب الجريمة تجريما‬
‫خاصا في حاالت معينة وتبعا لذلك يأخذ الفاعل المعنوي في القانون الجزائري صورتي المحرض ومن يحمل غيره على‬
‫ارتكاب الجريمة‬
‫الفرع األول ‪ :‬المحرض ‪:‬‬
‫يعتبر في ضوء المادة ‪ 41‬في شطرها الثاني ‪ ،‬المعدلة بموجب قانون ‪ ، 04 -82‬فاعال أصليا " ‪ ...‬كل من حرض على‬
‫ارتكاب الفعل بالهية أو الوعد أو التهديد أو إساءة استعمال السلطة أو الوالية أو التحايل أو التدليس اإلجرامي"‬
‫أوال ‪ :‬تعريف التحريض ‪ :‬حسب المادة ‪ 41‬ق ع ‪ :‬يمكن تعريف التحريض ‪ " ،‬على أنه حث شخص على ارتكاب الجريمة‬
‫بالتأثير في إرادته وتوجيهها الوجهة التي يريدها المحرض "‬

‫‪29‬‬
‫ثانيا ‪ :‬شروط التحريض ‪:‬‬
‫ويقتضي التحريض لكي يكون معاقبا عليه توافر شروط معينة وهي ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يتم التحريض بإحدى الوسائل المحددة قانونا م ‪ 41‬وهي ‪:‬‬
‫‪ ‬الهبة ‪ ،‬كأن يمنح المحرض هدية مادية أو عينية للمحرض ( بفتح الراء ) ‪.‬‬
‫‪ ‬الوعد ‪ ،‬كأن يعده بإعطائه مكافأة عند تنفيذ الجريمة ‪.‬‬
‫‪ ‬التهديد ‪ ،‬كان يهدده بالقتل أو بأي أذى إذا لم يرتكب الجريمة ‪ ،‬وقد يكون التهديد معنويا كان يتوعده بنشر صورة أو‬
‫خبر يسيء إلى سمعته ‪.‬‬
‫‪ ‬إساءة استعمال السلطة أو الوالية ويقصد بالسلطة ‪ pouvoir‬هنا السلطة القانونية كسلطة الرئيس في العمل على‬
‫مرؤوسة أو المخدوم علی خادمه ‪ ،‬وفي هذا الصدد قضي في فرنسا بأن راكب سيارة الذي أمر سائقها بالفرار ‪ ،‬دون‬
‫أن يكون مستخدمة ‪ ،‬ال يمكن اعتباره محرضا بإساءة استعمال السلطة‬
‫ويقصد بالوالية ‪ autofile‬الوالية الشرعية كوالية الوالد على أبنائه القصر ‪ ،‬كما تحمل معنى السلطة المعنوية والمهابة كهيبة‬
‫الزوجة من الزوج وهيبة التلميذ من األستاذ وهيبة المصلين من إمام المسجد‬
‫‪ -‬التحايل أو التدليس اإلجرامي ‪ :‬ويقصد بالتحايل ‪ machinations‬أن يدخل المحرض في روع المحرض ( بفتح‬
‫الراء ) أمرا خالفا للحقيقة كأن يقول له كاذبا أن فالنا ( المراد االعتداء عليه تسبب في قتل والدك أو تسبب في فصله‬
‫عن العمل ‪ ،‬وهو يعلم أن االبن عنيف وشديد االنفعال‬
‫التدليس اإلجرامي ‪ ، artifices coupables‬ويقصد بهذه الوسيلة األخيرة كل ما يهيج شعور الفاعل فيدفعه إلى ارتكاب‬
‫الجريمة ‪ ،‬ومن هذا القبيل االدعاء كذبا أمام االبن بأن والده تعرض إلى الضرب من قبل فالن مضيفا بأن من ال يثأر لوالده‬
‫غير جدير باالحترام‬
‫‪ – 2‬أن يكون التحريض مباشرا ‪:‬‬
‫أي أن يبت المحرض ( بكسر الراء ) فكرة الجريم ة في نفس المحرض ( بفتح الراء ) صراحة ‪ ،‬فال يعد معرضا إذا كان‬
‫يستهدف إثارة البغض وإشعال نار الحقد حتى وإن أفضي إلى ارتكاب الجريمة ‪ ،‬وتبعا لذلك ال يعد تحريضا على القتل من‬
‫حرض غيره على كراهية شخص معين فانصرف إلى قتل هذا األخير وال من يتبن زوجا بخيانة زوجته ويحثه على تطليقها‬
‫فيقتلها ‪.‬‬
‫‪ – 3‬أن يكون التحريض شخصيا ‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكون التحريض شخصيا ‪ ،‬أي أن يكون موجها إلى المراد إقناعه بارتكاب الجريمة ‪ ،‬أما إذا كان التحريض عاما ‪ ،‬أي‬
‫موجها إلى كافة الناس أو إلى جمهور بغير تحديد فال يعد تحريضا بمفهوم المادة ‪ 42‬ق ع ‪ ،‬ولو استجاب له أحد األشخاص‬
‫وارتكب الجريمة ‪.‬‬
‫ومع ذلك يتحقق الت حريض إذا كان موجها إلى فئة معينة كإمام المسجد الذي يخطب في المصلين يوم الجمعة ويدعوهم إلى‬
‫تخريب بيت دعارة تقع حيهم أو مخمرة معينة أو مقهي مجاور بتعمد أصحابه تقوية مكبر الصوت عند إقامة الصالة ‪...‬‬
‫ويضيف معظم الفقهاء إلى الشروط المذكورة شرطا رابعا يتمثل في أن يكون التحريض منتجا ألثره ‪ ،‬أي أن يرتكب‬
‫المحرض الجريمة أو يشرع في ارتكابها وهذا الشرط غير وارد في التشريع الجزائري الذي يمتاز بذلك عن باقي‬
‫التشريعات ‪ ،‬فالمادة ‪ 46‬قع ال تشترط أن يقوم المحرض ( بفتح الراء ) بارتكاب الجريمة بل يكفي التحريض وحده لمعاقبة‬
‫المحرض ( بكسر الراء ) ‪ .‬وفي هذا الصدد ‪ ،‬تنص المادة ‪ 46‬ق ع على أنه إذا لم ترتكب الجريمة المزمع ارتكابها لمجرد‬
‫امتناع من كان ينوي ارتكابها بإرادته وحدها فإن المحرض عليها يعاقب رغم ذلك ‪.‬‬
‫و هذا الحكم تكريسا لمبدأ استقالل مسؤولية المحرض عن مسؤولية الفاعل المادي الذي جاء به المشرع (ج) في المادة ‪41‬‬
‫ق ع حيث اعتبر المحرض فاعال أصليا و ليس شريكا ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬الحاالت الخاصة للتحريض ‪:‬‬
‫نص المشرع على حاالت خاصة للتحريض لم يتقيد فيها بشرط الوسيلة المنصوص عليها في المادة ‪ ، 41‬كما هو الحال‬
‫بالنسبة للتحريض على اإلجهاض المنصوص عليه في المادة ‪ 310‬قيع والتحريض على ارتكاب جرائم المخدرات والمؤثرات‬
‫العقلية المنصوص عليه في المادة ‪ 22‬من القانون رقم ‪ 18 - 04‬المؤرخ في ‪ 2004 -12 -25‬المتعلق بالمخدرات والمؤثرات‬
‫العقلية‬
‫‪30‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬الشخص الذي يحمل غيره على ارتكاب جريمة‬
‫عالوة على المحرض كما عرفته المادة ‪ 41‬من قانون العقوبات تضمن قانون العقوبات صورا أخرى للفاعل المعنوي ‪،‬‬
‫ويتعلق األمر أساسا بمن يحمل غيره على ارتكاب جريمة معينة وبمن يحمل شخصا غير معاقب على ارتكاب جريمة ما‬
‫أوال ‪ :‬الشخص الذي يحمل غيره على ارتكاب جريمة معينة ‪ :‬يعتبر القانون الجزائري في جرائم معينة فاعال من حمل غيره‬
‫على ارتكابها ‪ .‬وأحسن مثال على ذلك ما نصت عليه المادة ‪ 316‬ق ع التي تعاقب كل من حمل الغير على ترك طفل أو عاجز‬
‫غير قادر على حماية نفسه أو عرضه للخطر في مكان غير خال من الناس ‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 86‬كل من حمل الغير على تكوين عصابة مسلحة أو تنظيمها ‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ : 107‬كل موظف أمر بعمل تحكمي أو ماس بالحرية الفردية أو بالحقوق الوطنية ‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ : 342‬التي تعاقب كل من يحرض القصر على الفسق و الدعارة ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الشخص الذي يحمل شخص غير معاقب على ارتكاب جريمة ‪:‬‬
‫نصت المادة ‪ 45‬ق ع على معاقبة من يحمل الغير على ارتكاب الجريمة إذا كان هذا األخير ال يخضع للعقوبة بسبب وضعه‬
‫أو صفته الشخصية ‪.‬‬
‫وفي هذا الحكم تكتمل صورة الفاعل المعنوي ويستوي فيه المحرض ( بكسر الراء ) ومن يحمل غيره على ارتكاب‬
‫الجريمة ‪ .‬فهو حكم عام ينطبق على حد سواء على المحرض ( بكسر الراء ) وعلى من يحمل غيره على ارتكاب الجريمة ‪،‬‬
‫ويتجاوز هاتين الصورتين ليشمل كل محرض ‪ ،‬بصرف النظر عن الوسيلة المستعملة ‪ ،‬وكل من يحمل غيره على ارتكاب‬
‫جريمة ‪ ،‬أيا كانت هذه الجريمة ‪.‬‬
‫غير أنه ال ينطبق على إطالقه على كل محرض أو على كل من يحمل غيره على ارتكاب جريمة ‪ ،‬وإنما ينطبق فقط في‬
‫صورة ما إذا كان من يحرض ( بفتح الراء ) أو يحمل على ارتكاب الجريمة ال يخضع للعقوبة بسبب وضعه أو صفته‬
‫الشخصية ‪.‬‬
‫ومن قبيل الشخص الذي ال يخضع للعقوبة بسبب صفته الشخصية ‪ :‬األصل أو الفرع أو الزوج الذي يرتكب جريمة السرقة‬
‫أو النصب أو خيانة األمانة إضرارا بفرعه أو بأصله أو بزوجه بتحريض من غيره ‪ ،‬فإذا كان المحرض ( بفتح الراء ) يفلت‬
‫من المساءلة الجزائية بسبب صفته الشخصية ‪ ،‬طبقا للمواد ‪ 368‬و ‪ 373‬و ‪ 377‬قيع ‪ ،‬فإن المحرض ( بكسر الراء ) يكون‬
‫محل مساءلة جزائية ويتعرض للعقوية المقررة للفعل المحرض ( بفتح الراء ) عليه ‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الشريك ( المواد ‪ 43 / 42‬ق ع )‬
‫المطلب األول ‪ :‬مفهوم االشتراك ‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬تعريف االشتراك ‪:‬‬
‫االشتراك شكل من أشكال المساهمة الجزائية ‪ ،‬وقد عرفت المادة ‪ 42‬ق ع الشريك في الجريمة على النحو اآلتي ‪" :‬يعتبر‬
‫شريكا في الجريمة من لم يشترك اشتراكا مباشرا ‪ ،‬ولكنه ساعد بكل الطرق وعاون الفاعل أو الفاعلين على ارتكاب األفعال‬
‫التحضيرية أو المسهلة أو المنفذة لها مع علمه بذلك " ‪.‬‬
‫والشريك على النحو الذي سبق ال يساهم مساهمة مباشرة في ارتكاب الجريمة وإنما يساهم فيها بصفة عرضية أو ثانوية ‪،‬‬
‫فهو مثال من يدل للسارق على مكان وجود الشيء المراد سرقته ‪ ،‬ومن ينقل الجاني في سيارته إلى مكان ارتكاب السرقة ‪،‬‬
‫ومن يراقب الطريق أ ثناء ارتكاب الجريمة ‪ ،‬ومن يكبر صوت مذياعه وقت ارتكاب جريمة القتل حتى ال يسمع الجيران طلقة‬
‫الرصاص أو صيحة المجني عليه ‪.‬‬
‫ويأخذ حكم الشريك وفقا لنص المادة ‪ 43‬قيع كل من " اعتاد أن يقدم مسكنا أو ملجا أو مكانا لالجتماع الواحد أو أكثر من‬
‫األشرار الذين يمارسون ال لصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو األمن العام أو ضد األشخاص أو األموال مع علمه بسلوكهم‬
‫اإلجرامي "‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬التمييز بين الفاعل و الشريك‬
‫قد تكون سلوكات وأدوار األشخاص المساهمين في الجريمة متفاوتة من حيث الخطورة ‪ ،‬وعلى أساس ذلك ميز المشرع بين‬
‫الفاعل والشريك في المواد ‪ 43. 41‬ق ع ج فما معيار التمييز بينهما ؟ وما فائدته ؟‬
‫أوال ‪ :‬معيار التمييز بين األفعال األصلية وأفعال اإلشتراك ‪:‬‬
‫‪31‬‬
‫تختلف نظريتان في تحديد هذا المعيار ‪ ،‬وتختلف مواقف التشريعات في االنحياز إلى إحداهما ‪:‬‬
‫بالنسبة للنظرية الشخصية ‪ :‬تقوم هذه النظرية على الركن المعنوي للجريمة ‪ ،‬فتستند إلى اعتبارات شخصية مردها إرادة‬
‫الشخص ‪ ،‬فالفاعل يرتكب الجريمة بنية الفاعل باعتبار الجريمة مشروعه هو لذلك يكون حضور الفاعل في الجريمة قويا‬
‫وفعاال وأساسيا ‪ ،‬بينما الشريك يدخل في مشروع غيره بغية المساعدة فقط ‪ ،‬بحيث لو كان هو الشخص الوحيد لما ارتكبها ‪،‬‬
‫ألنه ليس لديه نية ارتكاب الجريمة لكنه معيار صعب وغامض لتعلقه بالجانب النفسي‬
‫بالنسبة للنظرية الموضوعية ‪ :‬تستند النظرية إلى الركن المادي للجريمة أي إلى نوع السلوك الذي يرتكبه الشخص ومقدار‬
‫خطورته ‪ ،‬فتعتبر أن الفاعل هو الذي يرتكب عمال تنفيذيا للجريمة أو يشرع فيه بالبدء بالتنفيذ ‪ ،‬بينما الشريك هو الذي يرتكب‬
‫أفعاال تحضيرية سابقة على التنفيذ ال ترقى إلى درجة األفعال الداخلة في تكوين الركن المادي كجريمة تامة وال كشروع ‪،‬‬
‫فالشريك دوره ثانوي في الجريمة ومساهمته فيها تبقى عرضية وتبعية للفاعل األصلي ‪ .‬كمن يمد السارق بمعلومات عن ميعاد‬
‫خروج صاحب البيت ‪ ،‬فمجرد تقديم المعلومة ليس في ذاته جريمة ‪ ،‬بينما دخول الفاعل إلى البيت وسرقة المال جريمة في‬
‫ذاته‬
‫ان المعيار الموضوعي يمتاز بوضوحه وسهولة تطبيقه ‪ ،‬ويستند إلى أساس قانوني منطقي ‪ ،‬هو معيار األعمال التحضيرية‬
‫والشروع ‪ .‬وهو المعيار الذي أخذ به المشرع في المادة ‪ 41‬بنصها أن الفاعل هو من ساهم مساهمة مباشرة ‪ ،‬ويؤكده في‬
‫تعريفه ألفعال الشريك بأنها أعمال تحضيرية مساعدة مسهلة معاونة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أهمية التمييز بين الشريك والفاعل األصلي ‪:‬‬
‫أ ) التفريد القضائي لعقوبة الشريك ‪ :‬رغم أن القانون يسوي في العقوبة بين الشريك والفاعل األصلي حسب المادة ‪ 44‬من ق‬
‫ع ج ‪ ،‬إال أن القاضي من الناحية العملية يعاقب الشريك بعقوبة أخف من عقوبة الفاعل بما له من سلطة تقديرية في مال عمة‬
‫العقوبة ضمن مجال الحدين األدنى واألقصى‪.‬‬
‫ب ) عدم معاقبة الشريك في المخالفات ‪ :‬تنص المادة ‪ 44‬من ق ع ج على قاعدة عامة بأنه ال عقاب على اإلشتراك في‬
‫المخالفات إطالقا حيث يعاقب الفاعل وحده ‪ .‬وأن معاقبة الشريك تكون في الجناية والجنحة فقط ويستثنى من هذه القاعدة‬
‫بعض الحاالت مثل ‪ :‬مخالفة الضرب والجرح العمدي التي يعاقب فيها األشخاص وشركاؤهم الذين يحدثون جروحا أو يعتدون‬
‫بالضرب أو أعمال عنف ال ينشأ عنها مرض أو عجز عن العمل أكثر من ‪ 15‬يوما الم ‪ . ) 442‬ومخالفة المشاجرة بين‬
‫األشخاص وشركاؤهم في االعتداء أو أعمال عنف أو من يلقون عمدا مواد صلبة أو قاذورات على شخص ( الم ‪ 442‬مكرر )‬
‫ج ) تعدد الفاعلين كظرف مشدد للعقوبة ‪ :‬يكون تعتد الفاعلين ظرفا مشددا للعقوبة لكن من الفاعلين األصليين وليس الشركاء‬
‫‪ ،‬فإذا كان الفاعل واحدا والباقي شركاء ‪ ،‬فال يتحقق ظرف التعدد ‪ ،‬ألن ظهور المساهمين في مسرح الجريمة بأعمالهم‬
‫المباشرة في تن فيذ الجريمة هو الذي يرعب الضحية ويعجزه عن المقاومة ‪ ،‬في حين أن الشركاء ال يظهرون كقاعدة عامة في‬
‫مسرح الجريمة وال يقومون بأعمال تنفيذية ومثال ذلك تشديد عقوبة جنحة السرقة البسيطة إذا ارتكبت بواسطة شخصين أو‬
‫أكثر ( الم ‪ 354‬ق ع ج ) ‪ .‬أو تحولها إلى جناية السرقة الموصوفة إذا ارتكبها شخصان واقترنت بظرف آخر كالليل ‪ ،‬أو‬
‫التسلق أو الكسر أو استعمال مركبة إلخ )‬
‫د ) إشتراط صفة معينة في الفاعل دون الشريك ‪ :‬مثل وجوب أن يكون الفاعل موظفا في جريمة الرشوة ‪ ،‬ومتزوجا في‬
‫جريمة الزنا‬
‫ه ) اشتراط وقوع الجريمة من الفاعل األصلي لمعاقبة الشريك ‪ :‬ال يسال الشخص عن جريمة بصفته شريكا إال إذا ارتكبت‬
‫الجريمة من طرف الفاعل ويشترط الدانة الشريك إثبات فعل اإلشتراك وإثبات الفعل األصلي و ال شروع في أفعال الشريك ‪:‬‬
‫يعاقب على الشروع بالنسبة للبدأ في تنفيذ األفعال األصلية ‪ ،‬أما إذا كان البدء بالتنفيذ منصبا على أفعال االشتراك فال عقاب‬
‫عليها ‪ .‬وإذا عدل الفاعل األصلي عن الجريمة يستفيد شريكه من العدول ‪ ،‬وإذا عدل أحد الفاعلين األصليين ‪ ،‬فال يستفيد‬
‫الفاعلون األخرون من عدوله‬
‫و ) تستلزم بعض الجرائم فاعلها صفة معينة ليست في الشريك بحيث ال يمكن أن تقع الجريمة من الشريك ‪ ،‬ومن هذا القبيل‬
‫جريمة هتك العرض ‪ viol‬المنصوص والمعاقب عليها في المادة ‪ 336‬قيع التي ال يمكن أن تكون فيها المرأة فاعال ‪ ،‬ولكن‬
‫يمكنها أن تكون شريكا فيها ‪ ،‬كما ال يمكن في مجال االعتداء على مال الغير أن يكون الشخص سارقا ومخفيا لألشياء‬
‫المسروقة في الوقت نفسه ‪ ،‬في حين يمكن للشريك أن يكون مخفيا لها ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬عالقة الشريك بالفاعل ‪:‬‬
‫يؤسس الفقه عالقة الشريك بالفاعل الرئيسي للجريمة على نظريتين ‪ ،‬هما االستقاللية والتبعية‬
‫‪32‬‬
‫أ ) نظرية االستقاللية ‪ :‬مؤدی النظرية استقالل الشريك عن الفاعل األصلي في مسؤوليته عن الجريمة حيث يعتبر عمل‬
‫الشريك منفصال من حيث التجر يم والعقوبة عن فعل الفاعل األصلي ‪ ،‬ويترتب عن هذا النتائج التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬الشريك يسأل جنائيا بحسب خطورته هو بصرف النظر عن خطورة الفاعل األصلي ‪ ،‬ولهذا قد تكون مسؤوليته أشد‬
‫من مسؤولية الفاعل األصلي‬
‫‪ -2‬الشريك يسال جنائيا بحسب قصده الخاص به وال يتأثر بما يرتكبه الفاعل من جرائم جديدة لم تكن في ذهنه كمن‬
‫يشترك في السرقة ثم يقوم الفاعل بالسرقة والقتل‬
‫‪ -3‬الشريك ال يتأثر بموانع السؤولية أو العقاب المتوفرة في الفاعل إذا كانت ذات طابع شخصي ‪ ،‬وال يتأثر بأسباب‬
‫انقضاء الدعوى المتصلة بالفاعل األصلي كوفاته أو العفو الشامل عنه ولكنه يتأثر بالظروف المائية المتصلة بالسلوك‬
‫اإلجرامي‬
‫‪ -4‬يعامل الشريك في المسؤولية المدنية بالتعويض معاملة مستقلة عن الفاعل األصلي ‪.‬‬
‫ب ) نظرية االستعارة ( التبيعة ) ‪:‬‬
‫مفادها أن الشريك يستمد إجرامه وصفته اإلجرامية من فعل الفاعل األصلي ‪ ،‬فهو تابع له ومرتبط بمصيره من حيث التجريم‬
‫و العقاب ‪ .‬ويترتب عن هذه التبعية ‪:‬‬
‫‪ -1‬التسوية الكاملة بين الشريك والفاعل من حيث المسؤولية ‪ ،‬والعقوبة وظروفها الشخصية والموضوعية ‪ ،‬بشرط أن‬
‫تقع الجريمة األصلية ‪.‬‬
‫‪ -2‬ال يعاقب الشريك إال إذا ارتكب الفاعل الجريمة وال يعاقب المحرض إال بعد وقوع الجريمة‬
‫‪ -3‬الشريك يسال في نطاق خطورة الفاعل وبحسب قصد الفاعل فإذا ارتكب الفاعل جرائم جديدة غير التي أراد الشريك‬
‫االشتراك فيها فإن الشريك يسأل عنها ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬موقف المشرع الجزائري ‪:‬‬
‫موقف المشرع ‪ :‬هو المذهب الوسطي ‪ ،‬بين التبعية واالستقاللية‬
‫‪ -1‬التبعية ‪ :‬من حيث المساواة في العقوبة المادة ‪ 144‬ق ع ج ) ‪ ،‬وتأثر الشريك بالظروف الموضوعية اللصيقة بالجريمة‬
‫( المادة ‪ 44/3‬ق ع ج ) ‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلستقاللية من حيث ‪ .‬معاقبة المحرض رغم عدم وقوع الجريمة المحرضة ( المر ‪ 46‬ق عج ) ومعاقبة الفاعل‬
‫المعنوي ( المادة ‪ 45‬ق ع ج ) ‪ ،‬واستقالل الشريك بظروفه الشخصية ( الم ‪ 44/2‬ق ع ج ) ومثاله قتل الطفل الحديث‬
‫العهد بالوالدة ( المادة ‪ 161‬قع ج ) ‪.‬‬
‫‪-3‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬أركان االشتراك‬
‫على غرار ما هو مقرر للفاعل األصلي ‪ ،‬تتطلب المتابعة والعقاب من أجل االشتراك في الجريمة المرتكبة من قبل الفاعل‬
‫األصلي التئام ثالثة أركان ‪ - :‬وقوع فعل رئيسي يعاقب عليه القانون ‪ ،‬وهو الركن الشرعي لالشتراك‬
‫‪ -‬عمل مادي يتمثل في القيام بسلوك بإحدى الوسيلتين المبينتين في المادة ‪ 42‬ق ع وهما المساعدة أو المعاونة ‪ ،‬وهو‬
‫الركن المادي لالشتراك ‪.‬‬
‫‪ -‬العلم ‪ ،‬وهو الركن المعنوي لالشتراك ‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬فعل رئيسي معاقب عليه قانونا ‪:‬‬


‫لما كان الشريك يستمد إجرامه من تجريم الفعل األصلي ‪ ،‬فال يقوم االشتراك المعاقب عليه إال إذا كان ثمة فعل رئيسي معاقب‬
‫عليه ‪ ،‬وهو الشرط األول لالشتراك ويمثل ركنه الشرعي ومن ثم يتوقف تجريم عمل الشريك على تجريم عمل الفاعل‬
‫األصلي ‪ ،‬غير أن تسليط العقوبة فعليا على الفاعل األصلي ليس شرطا لالشتراك‬
‫أوال ‪ :‬يتوقف تجريم عمل الشريك على ارتكاب فعل معاقب عليه قانونا‬
‫يكون الفعل معاقبا عليه عندما يقع تحت طائلة القانون الجزائي ويشكل جريمة ‪ ،‬ويترتب على هذه القاعدة النتائج اآلتية ‪:‬‬
‫‪ -‬ال يسال على االشتراك إذا كان الفعل األصلي غير مجرم ‪ :‬ومن هذا القبيل من يسلم الطعام إلى شخص ينتهك حرمة‬
‫رمضان ‪ .‬واستثناء على هذه القاعدة نصت المادة ‪ 273‬قيع على تجريم االشتراك في االنتحار رغم عدم تجريم الفعل‬
‫األصلي ‪ ،‬كمن يعطي شخصا سالحا يستعمله في االنتحار‬
‫‪33‬‬
‫‪ -‬ال يسال على االشتراك إال إذا نفذت الجريمة أو تم الشروع فيها ‪ ،‬أما إذا توقف عمل الفاعل عند األعمال التحضيرية‬
‫فال يسأل الشريك ‪ ،‬ومن هذا القبيل من اشترى سالحا وسلمه إلى شخص لكي يستعمله في ارتكاب جريمة القتل غير‬
‫أن هذا األخير تراجع وامتنع ال يسأل على االشتراك إذا شرع الفاعل في ارتكاب الجريمة ثم ‪ ،‬عدل عن تنفيذها‬
‫بمحض إرادته وهذا على خالف التحريض‬
‫‪ -‬ال يسأل على اإلشتراك إذا كان الشروع غير معاقب عليه ‪ ،‬ومن هذا القبيل الشروع انتهاك حرمة منزل المادة ‪295‬‬
‫قيع ) ومحاولة تصدير مواد غذائية بطريقة غير شرعية ( المادة ‪ 173‬مكرر قع قبل إلغائها بالمادة ‪ 42‬من قانون ‪-23‬‬
‫‪ 2015 -8‬المتعلق بمكافحة التهريب ) ‪.‬‬
‫‪ -‬ال يسأل على االشتراك ‪ ،‬لكون الفعل األساسي غير معاقب عليه ‪ ،‬إذا كانت الجريمة المرتكبة من قبل الفاعل مبررة‬
‫بفعل مبرر كالدفاع الشرعي أو الفعل الذي يأمر أو يأذن به القانون‬
‫‪ -‬كما ال يسأل على األشتراك في السرقة النصب وخيانة األمانة التي يرتكبها األصول إضرارا بالفروع والفروع‬
‫إضرارا باألصول والزوج إضرارا بالزوج ‪ ،‬لكون الفعل األساسي غير معاقب عليه ( المواد ‪ 368‬و ‪ 373‬و ‪) 377‬‬
‫‪ -‬ال يسأل على االشتراك إذا سقطت الدعوى العمومية عن الجريمة بفعل التقادم ( ‪ 10‬سنوات في الجنايات و ‪ 3‬سنوات‬
‫في الجنح ) ‪ .‬وبوجه عام ‪ ،‬إذا كان االشتراك في الشروع معاقبا عليه فان الشروع في األشتراك ال يسأل عليه ‪.‬‬
‫مالحظة ‪ :‬أنظر ص ‪220‬‬
‫ثانيا ‪ :‬ال يتوقف تجريم عمل الشريك على تسليط العقوبة فعال على الفاعل األصلي ‪:‬‬
‫ويترتب على هذه القاعدة جواز متابعة ومعاقبة الشريك حتى وإن لم يكن الفاعل األصلي محل متابعة جزائية ‪ ،‬أو استحال‬
‫تسليط العقوبة على الفاعل األصلي سواء لكونه ظل مجهوال أو بسبب وفاته أو صغر سنه أو جنونه أو استفادته من عفو شامل‬
‫ذي طبيعة شخصية ‪ .‬كما يجوز تسليط العقوبة على الشريك رغم استفادة الفاعل الرئيسي من حكم يقضي ببراءته النعدام‬
‫مسئوليته بسبب ذاتي ( اإلكراه (‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬العمل المادي لالشتراك ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬المساعدة أو المعاونة ‪( :‬م ‪ 42‬ق ع )‬
‫وهما عبارتان تؤديان نفس المعنى مع اختالف من حيث درجة المساهمة ‪ ،‬فعموما تكون المعاونة أقوى من المساعدة ‪.‬و‬
‫يقصد بالمساعدة توفير الوسائل ‪ ،‬وتكون عموما مادية مثل إعطاء سالح للفاعل األصلي الرتكاب جريمة القتل أو نقل الجناة‬
‫إلى مكان ارتكاب الجريمة ‪ ،‬وقد تكون معنوية كما في حالة إفادة الفاعل بالمعلومات التي تساعده على ارتكاب الجريمة و من‬
‫قبيل هذه المعلومات وقت غياب المجني عليه من بيته في حالة السرقة أو الطريق الذي يمر عليه في حالة ارتكاب جريمة القتل‬
‫‪ ،‬وكذا إفادة صحفي بمعلومات تمس بالشرف في جريمة القذف ‪.‬‬
‫ويقصد بالمعاونة الوجود على مسرح الجريمة ‪ ،‬ومن هذا القبيل مراقبة الطريق وتكميم فم المجني عليه لمنعه من الصراخ ‪،‬‬
‫ومسكه لتسهيل مهمة الجاني ‪.‬‬
‫مالحظة ‪:‬‬
‫ان مسألة المساعدة السابقة أو المعاصرة للجريمة ال تثير اشكاال حول قيام مسؤولية الشريك في الجريمة المرتكبة أمثلة على‬
‫الحالتين ‪ :‬شراء سالح للمجني عليه أو نقل الجاني بالسيارة الى مكان ارتكاب الجريمة ‪ ....‬أما بالنسبة للمساعدة الالحقة‬
‫الرتكاب الجريمة فاألصل انها ال تشكل اشتراكا ‪ ،‬و لكن هذا ال يعني أن المساعدة الالحقة تفلت من العقاب ‪ ،‬فقد جرم المشرع‬
‫البعض منها تجريما خاصا مثل اخفاء جناة ( م ‪ 180‬ف ‪ 1‬ق ع ) ‪ ،‬اخفاء أشياء مسروقة أو متحصلة من جناية أو جنحة ( م‬
‫‪ 387‬ف ‪ 1‬ق ع ) ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬االعتياد على تقديم مسكن أو ملجأ أو مكان إلجتماع طائفة خاصة من الجناة ‪ ( :‬م ‪ 43‬ق ع )‬
‫وهي صورة من صور االشتراك تتمثل في االعتياد على تقديم مسكن أو ملجا أو مكان االجتماع جناة معينين ‪.‬‬
‫وقد أشارت المادة ‪ 43‬قع إلى هذه الصورة معتبرة في حكم الشريك من اعتاد على تقديم مسكنا أو ملجأ للجناة وهي شكل من‬
‫أشكال المساعدة الالحقة لتمام الجريمة غير أن المشرع قيدها بشروط خاصة نوردها فيما يأتي ‪:‬‬
‫يشرط لقيام االشتراك في الصورة المنصوص عليها في الباب ‪ 43‬قع أربعة عناصر وهي ‪:‬‬
‫‪ -‬تقديم مساعدة تتمثل في توفير محل أيا كانت طبيعته مني كان صالحا الستعماله كمسكن أو ملجأ أو كمكان لالجتماع ‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫‪ -‬االعتياد ‪ :‬ويتحقق ذلك بأكثر من مرة واحدة ‪ .‬صفة المستفيد من المساعدة ‪ :‬يجب أن يكون ممن يمارسون اللصوصية‬
‫أو أعمال العنف ضد أمن الدولة أو ضد السكينة العامة األعمال اإلرهابية وأعمال التخريب ‪ ) ...‬أو ضد األشخاص‬
‫أعمال العنف ‪ ) ...‬أو ضد الممتلكات ( السرقة ‪ ،‬خيانة األمانة ‪ ،‬النصب ‪) ...‬‬
‫‪ -‬الركن المعنوي ‪ :‬ويتم ثل في العلم بالسلوك اإلجرامي للمستفيدين من المساعدة ‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬القصد الجنائي‬
‫أوال ‪ :‬مفهوم نية االشتراك ‪ :‬يقتضي االشتراك مساعدة الفاعل الرئيسي على ارتكاب األفعال التحضيرية أو المسهلة أو‬
‫المنفذة لها مع علمه بذلك ‪.‬‬
‫ومن ثم يتعين أن يكون من ساعد الفاعل األصلي قد ساهم ‪ ،‬وهو على دراية ‪ ،‬في ارتكاب الجريمة الرئيسية وان يكون يعلم‬
‫بأنه يشترك في جناية أو جنحة معينة كالقتل العمد مثال أو السرقة ‪.‬‬
‫يجب إذن نية إسهام في عمل إجرامي نفذه أو حاول تنفيذه الغير ‪ ،‬ومن ثم ال يمكن اعتبار الوالد شريكا بالمساعدة إذا حصل‬
‫مثال أن ترك سالحا تاريا به مقذوف من بيته فأخذه ابنه واستعمله في ارتكاب سرقة أو قتل ‪.‬‬
‫وتختلف النية التي يطلبها المشرع لدى الشريك عن القصد الجنائي أو الخطأ الجزائي الذي يتطلبه المشرع لدى الفاعل‬
‫األصلي ‪ .‬فالنية لدى الشريك تتمثل دائما في خطأ قصدي ‪ ،‬أي إرادة االشتراك عمدا في العمل اإلجرامي للفاعل الرئيسي وهي‬
‫في الغالب تحصيل االتفاق مسبق مع الفاعل الرئيسي ‪ ،‬ولكن ال يتم االتفاق أحيانا إال في الوقت نفسه الذي ترتكب فيه الجريمة‬
‫‪ .‬و كل األحوال ‪ ،‬يجب أن يتصرف الشريك والفاعل األصلي معا وباالتفاق من أجل الحصول على النتيجة الجرمية ‪.‬‬
‫وتبعا لذلك ال يمكن متابعة مرتكب خطأ عدم االحتياط كشريك حتى وإن كان عدم احتياطه هذا أو إهماله يشكل خطأ من‬
‫الناحية المدنية ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬ميعاد النية و اثباتها‬
‫يجب أن يكون وعي الشريك بالمساهمة په جريمة معاصرا لتقديم المساعدة أو العون ‪ .‬وبالمقابل ‪ ،‬ال يشكل عمال من أعمال‬
‫االشتراك ‪ ،‬النعدام النية ‪ ،‬علم من قدم العون أو المساعدة الحقا ‪ ،‬أي بعد ارتكاب الجريمة ‪ ،‬بأن ما قدمه من عون أو مساعدة‬
‫فقد سمح بارتكاب الجريمة أو سهل ارتكابها وما دام العقاب على االشتراك يقتضي توافر نية شخصية لدى الشريك ‪ ،‬فعلى‬
‫النيابة العامة يقع عب ‪ .‬تقديم الدليل على أن الشريك كان على علم سابق بأن ما قدمه من مساعدة أو عون سيستعمل الرتكاب‬
‫الجريمة ‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬جزاء الشريك ( م ‪ 44‬ق ع )‬
‫تنص المادة ‪ 44‬قيع في فقرتها األولى على ما يأتي ‪ " :‬يعاقب الشريك في جناية أو جنحة بالعقوبة المقررة للجناية أو الجنحة ‪.‬‬
‫و بذلك يكون المشرع أخذ في الجنايات و الجنح بمبدأ استعارة العقوبة فسوى في العقوبة بين الفاعل و الشريك ‪.‬‬
‫وعمال بهذه القا عدة ‪ ،‬يخضع الشريك للعقوبة المقررة للجريمة التي ارتكبها الفاعل سواء من حيث الطبيعة أو من حيث المدة ‪،‬‬
‫فإذا ارتكب الفاعل ‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬سرقة بسيطة عقوبتها الحبس من سنة إلى ‪ 5‬سنوات ( المادة ‪ 350‬فع ) تطبق ذات‬
‫العقوبة على الشريك ‪.‬‬
‫وتطبق أيضا على الشريك العقوبات التكميلية التي تطبق على الجريمة التي ارتكبها الفاعل ‪ ،‬فإذا كان الفعل المرتكب جناية‬
‫وصدرت على الفاعل والشريك عقوبات جنائية ‪ ،‬ففي هذه الحالة تطبق على كليهما وجوبا العقوبتين التكميليتين اإللزاميتين‬
‫المنصوص عليهما في المادتين ‪ 9‬مكرر و‪ 9‬مكرر‪ 1‬المتمثلتين في الحجر القانوني والحرمان من ممارسة حق أو أكثر من‬
‫الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية المنصوص عليها في المادة ‪ 9‬ق ع‬
‫غير أنه ال يسأل على االشتراك إال إذا كان الفعل األصلي جناية أو جنحة ‪ ،‬أما إذا كان مخالفة فال يسأل فيها على االشتراك‬
‫‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 44‬ف ي فقرتها الرابعة ‪ " :‬ال يعاقب على االشتراك في المخالفة على اإلطالق ‪ ،‬باستثناء مخالفات الضرب‬
‫والجرح العمد والمشاجرة وأعمال العنف األخرى المنصوص والمعاقب عليها في المادتين ‪ -442‬او ‪ 442‬مكرر ق ع ‪.‬‬
‫• بالنسبة للظروف الشخصية ‪:‬‬
‫نصت المادة ‪ 44‬في قرتها الثانية على " أن ال تؤثر الظروف الشخصية التي ينتج عنها تشديد أو تخفيف العقوبة أو اإلعفاء‬
‫منها إال بالنسبة للفاعل أو الشريك الذي تتصل به هذه الظروف "‬
‫ويتعلق األمر هنا بظروف ال تؤثر في طبيعة الجريمة وال في وصف الفعل وإنما تغير العقوبة فقط ‪ ،‬ومن هذا القبيل صغر‬
‫السن وحالة العود وحالة الجنون‬
‫‪35‬‬
‫فبمقتضى ذلك إذا توافرت ظروف شخصية لدى الفاعل أو الشريك وكان من طبيعة هذه الظروف تغيير العقوبة بتشديدها أو‬
‫بتخفيفها أو باإلعفاء منها ‪ ،‬فال يستفيد منها إال من تتصل به سواء كان فاعال أو شريكا ‪.‬‬
‫وهكذا ‪ ،‬فإذا كان الفاعل أو الشريك في حالة عود ‪ ،‬وهي حالة تضاعف فيها العقوبة طبقا للمواد ‪ 54‬إلى ‪ 57‬قع ‪ ،‬فال تشدد‬
‫العقوبة إال على من هو حالة عود ‪.‬‬
‫وكذلك الحال إذا كان الفاعل أو الشريك قاصرا يتراوح عمره بين ‪ 13‬و ‪ 18‬سنة وهي حالة تخفض فيها العقوبة عموما إلى‬
‫نصف ما هو مقررة للبالغ ( المادة ‪ 50‬ق ع ) ‪ ،‬فال يستفيد من تخفيف العقوبة إال القاصر ‪ ،‬وكذلك الشأن بالنسبة للفاعل أو‬
‫الشريك الذي يكون من حالة جنون وقت ارتكاب الجريمة ( المادة ‪ 47‬ق ع ) أو قاصرا دون ‪ 13‬سنة ( المادة ‪ 49‬قرع ) ‪ ،‬أو‬
‫كان قد بلغ عن الجريمة قبل ارتكابها ( المادة ‪ 92‬قيع والمادة ‪ 27‬من قانون مكافحة التهريب ) أو قبل مباشرة إجراءات‬
‫المتابعة ( المادة ‪ 49‬من ق مكافحة الفساد ) ‪.‬‬
‫• أما بالنسبة للظروف الموضوعية المتعلقة بالجريمة ‪:‬‬
‫ويتعلق األمر هنا بظروف تؤثر في اإلجرام وتغير من وصف الجريمة ‪ ،‬و هذا الصدد نصت المادة ‪ 44‬من ق ع ‪ ،‬في فقرتها‬
‫الثالثة ‪ ،‬على أنه يترتب على الظروف الموضوعية اللصيقة بالجريمة التي تؤدي إلى تشديد أو تخفيف العقوبة تشديدها أو‬
‫تخفيفها بحسب ما إذا كان من ساهم في الجريمة يعلم أو ال يعلم بهذه الظروف‪.‬‬
‫ومن قبيل الظروف الموضوعية المشددة للعقوبة ‪ :‬الكس ر والتسلق واستعمال العنف وحمل السالح في جريمة السرقة ‪ ،‬ومن‬
‫قبيل الظروف الموضوعية التي تخفف العقوبة ‪ :‬عذر االستفزاز المواد من ‪ 277‬إلى ‪ 283‬ق ع بالنسبة ألعمال العنف ) ومن‬
‫يضع حدا فورا الحبس أو خطف أو حجز تعسفي ( المادة ‪. ) 294‬‬
‫وهكذا ‪ ،‬وعلى سبيل المثال ‪ ،‬فإذ ا كان الفاعل األصلي في جريمة السرقة يحمل السالح عند ارتكابه الجريمة ‪ ،‬وهو الظرف‬
‫الذي يحول الجريمة من جنحة السرقة البسيطة إلى جناية السرقة الموصوفة ‪ ،‬يعاقب الشريك بالعقوبة المقررة لجناية السرقة‬
‫مع حمل سالح ( المادة ‪ 351‬قيع ) إذا كان يعلم بأن الفاعل يحمل السالح ‪ ،‬ويعاقب بالعفوية المقررة لجنحة السرقة البسيطة‬
‫إذا لم يكن يعلم بذلك ‪.‬‬

‫المسؤولية الجزائية‬
‫إن اإلتيان على جريمة ماديا ال يؤدي حتما إلى تطبيق العقوبة المقررة قانونا لمرتكبها فال يعاقب هذا األخير إال إذا أثبت‬
‫القاضي مسئوليته الجزائية تتمثل المسؤولية الجزائية في التزام شخص بتحمل نتائج فعله اإلجرامي ‪.‬‬
‫ومن ثم فإن المسؤولية الجزائية ليست ركنا من أركان الجريمة وإنما هي أثرها ونتيجتها القانون‪.‬‬
‫تقوم المسؤولية الجزائية على ركنين هما الخطأ ‪ ،‬أي اإلذناب ‪ ،‬واألهلية ‪ ،‬أي اإلسناد ‪.‬‬
‫المبحث االول ‪ :‬المسؤولية الجزائية التقليدية‬
‫المطلب االول ‪ :‬اركان المسؤولية الجزائية‬
‫أوال ‪-‬الخطأ ‪ :‬وهو إتيان فعل مجرم قانونا ومعاقب عليه سواء عن قصد أو عن غير قصد ‪ .‬و الخطأ نوعان قصد جنائي و‬
‫خطأ غير عمدي‬
‫ثانيا ‪-‬األهلية ‪ :‬ال يحمل القانون شخصا عبء تصرفاته إال إذا كان قادرا على اإلدراك والفهم بمعنى أن تكون لديه مقدرة عقلية‬
‫تجعله يفقه أعماله وتجعله حرا في اختيارها مع معرفة ماهيتها ونتائجها فال تقوم المسؤولية على شخص ال قدرة له على‬
‫إدراك وفهم ما يقوم به من تصرفات كالمجنون أو القاصر غير المميز‪.‬‬
‫كما ال تقوم المسؤولية أيضا على من أكرهته قوة لم يكن له مقاومتها أو ردها فأفقدته حرية القرار والخيار كما في حالة اإلكراه‬
‫ويذهب البعض ومنهم الفقيهان سطيفاني و لوفاسور إلى القول أن الخطا نفسه ال يتوافر عند فقدان اإلدراك والوعي ألن القصد‬
‫أو اإلهمال يفترضان صدورهما عن إدراك ووعي وهما شرطان لقيام الخطا ذاته ‪ ،‬وتبعا لذلك فمن كان فاقد اإلدراك والوعي‬
‫‪36‬‬
‫ال يخطئ ألنه غير قادر على الخطا ومن ثم فهو ال يرتكب جرما ۔ فيما يرى البعض اآلخر ‪ ،‬ومنهم الفقيهان ميرل و فيتو أن‬
‫الخطا يتوفر بصورة موضوعية عندما يحصل خرق للقاعدة الجزائية إال أن المساءلة عنه تستوجب توافر اإلدراك والوعي‬
‫لدى الفاعل ‪،‬‬
‫وتبعا لذلك فمن كان فاقد الوعي واإلدراك يخطئ إال أنه ال يتحمل نتائج خطئه ومنها العقاب هذا ما أخذ به المشرع الجزائري‬
‫في المادة ‪ 47‬التي تنص على أن ال جريمة على من كان في حالة جنون وقت ارتكاب الجريمة‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬موانع المسؤولية الجزائية‬
‫تمتنع المسؤولية الجزائية بتخلف أحد أركانها وهي الخطأ واألهلية أو أحد العناصر المكونة لها ‪ ،‬فال مسؤولية جزائية بال خطا‬
‫او اهلية عالوة على ذلك هناك حاالت أخرى المتناع المسؤولية الجزائية‬
‫الفرع االول ‪ :‬امتاع المسؤولية بسبب انعدام الوعي ‪:‬‬
‫تكون األهلية منعدمة النعدام الوعي في حالتين وهما الجنون وصغر السن‬
‫اوال ‪ :‬الجنون ‪ :‬نصت المادة ‪ 47‬ق ع على أن ال عقوية على من كان في حالة جنون وقت ارتكاب الجريمة ‪ ،‬وذلك دون‬
‫اإلخالل بأحكام الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ 21‬يتعلق األمر بالحجز القضائي في مؤسسة نفسية أو طبية قصد العالج ‪.‬‬
‫لم يعرف المشرع الجزائري المقصود بالجنون والرأي المتفق عليه فقها وقضاء أن الجنون يقصد به اضطراب في القوى‬
‫العقلية يفقد المرء القدرة على التمييز او على السيطرة على أعماله‪ ،‬و ال يوجد في القانون الجزائي قرينة على االضطراب‬
‫في القوى العقلية ‪ ،‬و يبقى للقاضي الفصل فيما اذا كان تحت تاثير اضطراب نفسي او عصبي نفساني وقت ارتكاب الجريمة‬
‫كما يمكن للقاضي اللجوء الى خبرة عقلية يكلف بإجرائها طبيب مختص في األمراض العقلية و ان كان دور هذا االخير‬
‫استشاريا‬
‫ويشمل الجنون بمعناه العام كل نقص في الملكات الذهنية كالعته والبله ‪ ،‬سواء كان وراثيا ‪ congenital‬أو كان مكتسبا إثر‬
‫مرض ( شلل تام ‪ ،‬جنون مبكر‪.‬وقد يكون الجنون مستمرا أو متقطعا يأتي في فترات مختلفة تعقبها فترات إفاقة ‪ .‬ويدخل تحت‬
‫مصطلح الجنون صور أخرى من األمراض العصبية والنفسية التي قد تجرد اإلنسان من اإلدراك وأهمها ‪:‬‬
‫‪ ‬الصرع ‪ épilepsie‬نوبات يفقد فيها المريض رشده ‪ ،‬وهو عكس الهستريا التي ال تعدم الشعور كلية ‪.‬‬
‫‪ ‬اليقظة النومية ‪ ، somnambulisme‬يقوم المصاب بها من نومه ويأتي أفعاال ال يشعر بها ‪.‬‬
‫كما ال يدخل السكر وتناول المخدرات ضمن موانع المسؤولية بسبب فقدان الوعي ‪ ،‬ومن ثم يعاقب بالعقوبات المقررة قانونا‬
‫كل من ارتكب جريمة وهو في حالة سكر او تحت تأثير مادة مخدرة تناولها عن علم وإرادة ‪ ،‬بصرف النظر عن طبيعة‬
‫الجريمة المرتكبة ‪ ،‬سواء تعلقت بالمرور أو بالقانون العام ‪ ،‬بل يعد السكر وتأثير المخدرات من الظروف المشددة للجريمة‬
‫كما هو الحال في جرائم القتل أو الجرح الخطا المادة ‪ 290‬ق ع والمادة ‪ 66‬القانون رقم ‪ 01- 14‬المؤرخ في ‪19- 8- 2001‬‬
‫المتعلق بتنظيم حركة المرور عبر الطرق وسالمتها وأمنها ‪ ،‬وأكثر من ذلك فإن قيادة مركبة في حالة سكر أو تحت تأثير‬
‫مخدر تعد في حد ذاتها جنحة يعاقب عليها القانون المادة ‪ 67‬من القانون رقم ‪01- 14 .‬‬
‫وقد حدد السكر في هذه الحالة بوجود الكحول في الدم بنسبة تعادل أو تزيد على ‪ 0,10‬غ في ‪( 1000‬المادة ‪ 67‬من قانون ‪01-‬‬
‫‪)14‬‬
‫أما إذا تناول المتهم المادة المسكرة او المخدرة قهرا او عن غير علم فيمكن اعتباره سببا النعدام مسؤولية بعنوان اإلكراه و‬
‫ليس بعنوان الجنون ‪.‬‬
‫و يفسر الفقهاء لجوء القضاء الى نظرية القصد المحتمل بأنه على السكران ان يتوقع النتائج القانونية لعمله و من ثم يتعين عليه‬
‫تحمل هاته النتائج‬
‫آثار الجنون ‪ :‬يترتب على الجنون انعدام المسؤولية فال يسأل المجنون جزائيا ‪ ،‬وال تتخذ بشانه إال تدابير عالجية تتمثل في‬
‫وضعه في مؤسسة نفسية متخصصة وحتى يكون عدم العقاب كامال ينبغي توافر شرطين مجتمعين وهما ‪:‬‬
‫‪ ‬يجب أن يكون الجنون معاصرا الرتكاب الجريمة‬

‫‪37‬‬
‫هذا ما يستشف من حكم المادة ‪ 47‬ق ع وقت ارتكاب الجريمة ‪ ،‬فال أثر للجنون في المسؤولية الجزائية إذا طرا قبل ارتكابها‬
‫وال أثر له فيها أيضا إذا طرا الجنون بعد الجريمة ‪ .‬غير أنه يترتب على الجنون الطارئ بعد الجريمة بعض النتائج تختلف‬
‫بحسب الوضعية التي تكون عليها إجراءات الدعوى‬
‫فاذا طرا الجنون قبل صدور الحكم يوقف رفع الدعوى على المتهم وتوقف محاكمته إذا كان بصددها ‪ ،‬حتى يعود إليه رشدد‬
‫ويترتب على ذلك أن تقف كل المواعيد كمواعيد الطعن في األحكام‪.‬‬
‫على أن الوقف ال يشمل جميع اإلجراءات ‪ ،‬فال يحول وقف الدعوى دون اتخاذ إجراءات التحقيق التي يراها القاضي االزمة‬
‫ومستعجلة والمقصود بهذه اإلجراءات تلك التي ال تتصل بشخص المتهم مثل المعاينة وندب الخبراء والتفتيش وسماع الشهود‬
‫واستجواب المتهمين اآلخرين والشركاء في الجريمة‬
‫و وإذا طرا الحنون بعد صدور حكم يقضي بعقوبة مقيدة للحرية وجب تاجيل تنفيذ العقوبة حتى بيرا ‪ ،‬وفي هذه الحالة بوضع‬
‫المجنون و إحدى المؤسسات المختصة لألمراض العقلية ‪.‬‬
‫‪ ‬يجب أن يكون الجنون تاما ‪:‬‬
‫أي أن يكون االضطراب العقلي من الجسامة بحيث يعدم الشعور واالختيار كلية ‪ ،‬وهذه مسألة موضوعية يرجع تقديرها‬
‫لقضاة الموضوع إثر خبرة طبية ‪ .‬علما أن المشرع الجزائري يتكلم على انعدام األهلية كلية فقط وال يتكلم على حالة نقص‬
‫األهلية ‪ ،‬فمن الناس من يصاب باضطراب عقلي ينقص من إدراكه فيكون شبه مجنون كالمصاب بالهستريا والصم والبكم ‪،‬‬
‫فمثل هؤالء األشخاص يعدون مسؤولين ويحكم القضاء بتخفيف مسئوليتهم‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬صغر السن ‪ :‬نصت الفقرة األولى من المادة ‪ 49‬ق ع ‪ ،‬على أن القاصر الذي لم يكمل عشر ) ‪ ( 10‬سنوات ال يكون‬
‫محال للمتابعة الجزائية‪ .‬اما القاصر الذي يتراوح سنه من ‪ 10‬إلى أقل من ‪ 13‬سنة فيمكن متابعته ومساءلته جزائيا غير أنه ال‬
‫تطبق عليه إال تدابير الحماية أو التهذيب‪ .‬و مع ذلك فانه في مواد المخالفات ال يكون محال اال للتوبيخ ‪.‬‬
‫و يخضع القاصر الذي يبلغ سنه من ‪ 13‬الى ‪ 18‬سنة اما لتدابير الحماية و التهذيب او لعقوبات مخففة ‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 50‬ق ع اذا قضي بان يخضع القاصر الذي يبلغ سنه من ‪ 13‬الى ‪ 18‬لحكم جزائي فان العقوبة التي تصدر عليه‬
‫تكون كاالتي ‪:‬‬
‫اذا كانت العقوبة التي تفرض عليه هي االعدام او السجن المؤبد فانه يحكم عليه بعقوبة الحبس من ‪ 10‬سنوات الى ‪ 20‬سنة ‪.‬‬
‫و اذا كانت العقوبة هي السجن او الحبس المؤقت فانه يحكم عليه بالحبس لمدة تساوي نصف المدة التي كان يتعين الحكم بها‬
‫عليه اذا كان بالغا ‪.‬و تنص المادة ‪ 51‬في مواد المخالفات يقضى على القاصر الذي يبلغ سنه من ‪ 13‬الى ‪ 18‬اما للتوبيخ و اما‬
‫بعقوبة الغرامة ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬امتناع المسؤولية بسبب انعدام اإلرادة ( اإلكراه‪: ) :‬‬
‫تنص المادة ‪ 48‬ق ع على أن " ال عقوبة على من اضطرته إلى ارتكاب الجريمة قوة ال قبل له بدفعها ‪" .‬‬
‫وخالفا للجنون الذي يقضي على التمييز ويفقد الوعي ‪ ،‬فإن اإلكراه سبب نفسي ينفي حرية االختيار ويسلب اإلرادة حريتها‬
‫كاملة ‪ ،‬ولكن كالهما يحدث نفس النتائج ‪ ،‬فكالهما ال يعدم الجريمة في حد ذاتها وإنما يعدم المسؤولية الشخصية للجاني ‪.‬‬
‫واإلكراه نوعان ‪ :‬اإلكراه المادي أو الخارجي ‪ ،‬واإلكراه المعنوي أو أحد الذاتي‬
‫أ‪ -‬اإلكراه المادي ‪ :‬وهو أن تقع قوة مادية على إنسان تسلبه إرادته وتدفعه إلى إتيان فعل يمنعه القانون ‪ ،‬وكثيرا ما يكون‬
‫مصدر اإلكراه قوة خارجية ( فقد تكون قوة عنيفة مصدرها الطبيعة كعاصفة هوجاء ‪ ,‬كما قد تكون قوة ناشئة عن فعل‬
‫حيوان او انسان كمن يهدد شخص بسالح ناري ) ومع ذلك فقد ينشأ عن أسباب داخلية مالزمة لشخص الجاني نفسه و‬
‫تمارس عليه ضغط يقوده الى القيام بفعل ما كان ليبتغيه من تلقاء نفسه و لقد اخذ به القضاء الفرنسي في قضية راكب‬
‫القطا ر الذي غلبه النعاس في سفر طويل من كثرة التعب فجاوز المسافة التي دفع اجرها ‪.‬‬
‫و يشترط في االكراه المادي سواء كان داخليا او خارجي‬
‫‪ ‬ان يكون غير ممكن توقعه ‪ imprévisible‬بحيث تكون القوة الواقعة على الجاني فجائية مثل امين الصندوق الذي‬
‫يفاجئه الجناة و هو في مكتبه و يهددونه بسالح ناري‬
‫‪ ‬ان ال يمكن دفعه ‪ irrésistible‬اي ان يكون الفاعل في موقع يستحيل عليه القيام بشيء غير ارتكاب الجريمة‬

‫‪38‬‬
‫‪ ‬عدم ارتكاب الجاني خطا قبل االكراه و هكذا قضت محكمة النقض الفرنسية بقيام جنحة الهروب من الجيش في حق‬
‫بحار منع من االلتحاق بباخرته قبل انطالقها بسبب توقيفه من طرف الشرطة من اجل السكر العلني و العمومي‬
‫و على كل حال يرجع للقضاء تقدير خصائص االكراه ‪.‬‬
‫ب – االكراه المعنوي ‪ :‬و هو ضغط يقع على ارادة شخص فيحد من حرية اختياره و يدفعه الى ارتكاب جريمة ‪ ,‬و قد يكون‬
‫مصدر الضغط سببا خارجيا يتمثل في التهديد و التحريض الصادرين من الغير و يستلزم في هذه الحالة ان يبلغ تأثيره الحد‬
‫الذي يرغم الشخص على سلوك سبيل الجريمة بحيث يعدم حرية االختيار ‪ , 3‬كما يشترط ان يكون التهديد الصادر عن الغير‬
‫غير مشروع و هكذا قضي في فرنسا بان هيبة الزوجة من زوجها و االبن من والده و الخادم من سيده ال ينفي المسؤولية ‪ .‬اما‬
‫بالنسبة للتحريض الصادر من الغير فال يقبل اكراها معنويا اال اذا استعمل المحرض ( بكسر الراء ) مناورات يفقد معها‬
‫المحرض ( بفتح الراء ) ارادته كاملة ‪.‬‬
‫كما قد يكون مصدر االكراه المعنوي ذاتي يتعلق بنفسية الجاني و بتأثير الهوى و العواطف او االنفعال ‪ ,‬اال ان هذا االكراه ال‬
‫يأخذ به حيث ان قانون العقوبات جاء اساسا ألولئك الذين ال يستطيعون مقاومة نزواتهم االجرامية ‪.‬‬
‫و حال توفر االكراه كما عرفته المادة ‪ 48‬من ق ع يستفيد الفاعل من البراءة بسبب تعطل ركن من اركان الجريمة متمثال في‬
‫القصد الجنائي الذي يتطلب عنصري االرادة و الحرية المنعدمين في حالة االكراه ‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪:‬االتجاهات الحديثة للمسؤولية الجزائية‬
‫لقد أدت الثورة الصناعية و ما ترتب عنها من تطورات جذرية في وسائل اإلنتاج و عالقة ارباب العمل بالعمال و في تسيير‬
‫اآللة و ما يحيط بها من دقة و احتراز في االستعمال و الصيانة كل هذا ادى الى انتقال مفهوم المسؤولية من مفهومها التقليدي‬
‫الشخصي القائم على الخطأ الى مفهومها الحديث القائم على ضمان المخاطر دون حاجة إلثبات خطأ المتسبب في الضرر ‪.‬‬
‫فظهرت في القانون المدني مسؤولية الشخص عن فعل الغير منطلقة من مبدأ وجوب التعويض عن األضرار التي يحدثها من‬
‫هم تحت رقابة وإدارة أرباب المهن أو األولياء واألوصياء باعتبار أن هؤالء إما قصروا في الرقابة أو أخطئوا في اإلدارة ‪،‬‬
‫ولقد تأثر الفقه واالجتهاد الجنائيين بالتطور الحاصل في مفهوم المسؤولية المدنية فظهرت المسؤولية الجزائية عن فعل الغير‬
‫على أساس خطا رب العمل أو المشرف على نشاط التابعين بإهماله موجب الرقابة واالحتراز‬
‫كما كان لتوسع نشاط الشركات واستدراجها لرؤوس األموال وتوظيفها لها وخروج رقابة التوظيف واإلدارة عن نطاق الفرد‬
‫إلى نطاق الجماعة دورا رئيسيا في إقامة المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي‬
‫المطلب األول المسؤولية الجزائية عن فعل الغير ‪:‬‬
‫من المسلم به أن المسؤولية الجزائية شخصية فال يسأل إال من ارتكب الجريمة أو شارك فيها ‪ ،‬غير أن بعض القوانين جاءت‬
‫بما يتضمن حاالت للمسؤولية عن فعل الغير السيما في المجال اإلقتصادي اذ ظهرت مسؤولية رئيس المؤسسة عن الجرائم‬
‫التي يرتكبها التابعون ‪.‬‬
‫الفرع االول ‪ :‬مجال تطبيق المسؤولية الجزائية عن فعل الغير‬
‫وهنا يجب التمييز بين حاالت المسؤولية الجزائية غير المباشرة وبين حاالت المسؤولية الجزائية الحقيقية عن فعل الغير‬
‫أ ‪-‬الحاالت التي تكون فيها المسؤولية عن فعل الغير مسؤولية غير مباشرة ‪ ،‬ويتعلق األمر بحاالت حمل فيها المشرع المتبوع‬
‫االلتزام بأداء الغرامة الجزائية المحكوم بها على التابع دون تحميله المسؤولية الجزائية ذاتها ‪ ،‬نجد تطبيقات لهذه الحاالت في‬
‫مجال المرور ‪ ،‬وهكذا نصت المادة ‪ 96‬من القانون رقم ‪ 01- 14‬المؤرخ في ‪ 19- 8- 2001‬المتعلق بتنظيم حركة المرور‬
‫عبر الطرق وسالمتها وأمنها ‪ ،‬صراحة على تحميل صاحب بطاقة تسجيل المركبة المسؤولية المدنية عن مخالفة التنظيم‬
‫المتعلق بوقوف المركبات ‪ ،‬والتي يترتب عليها دفع غرامة فحسب ‪ ،‬إال إذا أثبت وجود قوة قاهرة أو قدم معلومات تمكن من‬
‫اكتشاف المرتكب الحقيقي للمخالفة ‪.‬‬
‫ب ‪-‬الحاالت التي تكون فيها المسؤولية عن فعل الغير مسؤولية حقيقية ‪ :‬ويتعلق األمر هنا بحاالت يرتكب فيها شخص ( تابع‬
‫أو أجير ) جريمة ويعاقب جزائيا من اجلها شخص آخر ( المتبوع أو رئيس المؤسسة ) ‪ ،‬وهذه الحاالت تشكل ‪ ،‬ال محالة ‪،‬‬
‫استشاءات لمبدأ المسؤولية الجزائية الشخصية نجد أمثلة لهذه الحاالت في نصوص قانونية و نجد تطبيقات لهذه المسؤولية في‬
‫مجال الغش الضريبي ‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 529‬من قانون الضرائب غير المباشرة على مسؤولية مالك البضائع عن‬

‫‪ 3‬كمن يهدد االم بقتل ولدها اذا لم تمكنه من نفسها‬


‫‪39‬‬
‫المخالفات المرتكبة من قبل أعوانهم ومندوبيهم ‪ ،‬غير أنها حصرت هذه المسؤولية بحيث يتحمل المالك الغرامات المالية فقط‬
‫دون العقوبات السالبة للحرية ‪.‬‬
‫كما نجد تطبيقا لها في مجال العمل حيث نصت المادة ‪ 36- 2‬من القانون رقم ‪ 88- 07‬المؤرخ في ‪ 20‬يناير ‪ 1988‬المتعلق‬
‫بالرقابة الصحية واألمن وطب العمل على ما يأتي ‪ :‬عندما تنسب المخالفات إلى العمال فإنها تعتبر من فعل المسير إذا لم يتخذ‬
‫اإلجراءات الضرورية لغرض احترام التعليمات القانونية في مجال الوقاية الصحية واألمن وطب العمل ولم يتخذ العقوبات‬
‫التأديبية على مرتكبي هذه المخالفات"‬
‫غير ان المسير ال يسأل اذا ارتكبت هذه االعمال عمدا من طرف العمال ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬شروط المسؤولية الجزائية عن فعل الغير‬


‫لقيام المسؤولية الجزائية عن فعل الغير يجب توافر ‪ 3‬شروط‬
‫‪ ‬ان تكون الجريمة مرتكبة من قبل التابع او االجير‬
‫‪ ‬ان يكون رئيس المؤسسة او المتبوع قد ارتكب هو بنفسه خطا سمح او سهل في الجريمة التي ارتكيها التابع‬
‫او االجير‬
‫‪ ‬ان ال يكون رئيس المؤسسة قد فوض بصفة قانونية سلطات الحراسة و الرقابة الواقعة على عاتقه الى‬
‫شخص مؤهل و اال ترتب على ذلك االعفاء من المسؤولية ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي‬
‫يعرف الشخص المعنوي بأنه " مجموعة من األشخاص الطبيعية واألموال يعترف لها القانون بالشخصية القانونية المستقلة‬
‫فيكون قابال الكتساب حقوق وتحمل التزامات ‪ .‬مثل الدولة ‪ ،‬والمؤسسات العمومية ‪ ،‬والبلديات ‪ ،‬والجمعيات ‪ ،‬والنقابات ‪،‬‬
‫والشركات ‪.‬‬
‫ويترتب عن اإلعتراف بالشخص المعنوي تمتعه باألهلية القانونية وأهلية التقاضي والذمة المالية والموطن المستقل جسب‬
‫المواد ‪ 49-52‬من القانون المدني‪.‬‬
‫أدت التحوالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية التي عرفها العالم إلى انتشار األشخاص المعنوية بكثرة وهي تقوم بدور‬
‫كبير في المجتمع في مختلف المجاالت وخاصة المجال االقتصادي‪ .‬ةوقد كان الشخص المعنوي موضع مساءلة مدنية فقط ‪،‬‬
‫لكن التجرية بينت أنه قد تمارس الشركة تجارة الممنوعات ‪ ،‬أو ترتكب جرائم مالية ‪ ،‬أو تهمل صيانة منشآتها فتتسبب في قتل‬
‫أو جرح شخص ‪ .‬مما جعل بعض الفقه ينادي بضرورة تكريس المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ‪ .‬فما الجدل الفقهي‬
‫الدائر حول المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ‪ ،‬وما أحكامها في التشريع ؟‬
‫الفرع األول ‪ :‬إشكالية المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي‬
‫ثارت نقاشات فقهية كثيرة حول إقرار مسؤولية الشخص المعنوي جنائيا ‪ ،‬وانعكس على التشريعات ‪ .‬و يتلخص الخالف في‬
‫اتجاهين فقهيين ‪ ،‬اتجاه رافض واتجاه مؤيد‪:‬‬
‫اوال اإلتجاه التقليدي المعارض ‪ :‬يرفض هذا المذهب مساءلة الشخص المعنوي جزائيا عن الجريمة التي يرتكبها باسمه‬
‫ولحسابه ممثلوه أثناء قيامهم بأعماله ‪ ،‬ويرون أن الشخص المعنوي تتخذ ضده تدابير وليس عقوبات وبرروا ذلك كاألتي ‪:‬‬
‫‪ .1‬إستحالة إسناد الجريمة للشخص المعنوي بسبب طبيعته اإلفتراضية المجازية ‪ :‬ألن الشخص المعنوي مجرد افتراض‬
‫قانوني وليس له كيان مادي حقيقي ‪ .‬وألن األهلية الجنائية تفترض وجود الوعي واإلرادة المستقلة وهما ال يتوفران‬
‫إال لإلنسان الطبيعي‪.‬‬
‫‪ .2‬تعارض المسؤولية الجزائية مع قاعدة تخصص الشخص المعنوي ‪ :‬ألن منحه الشخصية القانونية يكون في حدود‬
‫غرض تأسيسه كشركة أو جمعية أو نقابة ‪ ،‬فإذا تجاوزه انعدمت الشخصية المعنوية‬

‫‪40‬‬
‫‪ .3‬تعارض المسؤولية الجزائية مع مبدأ شخصية العقوبة ‪ :‬ألن العقوبة المطبقة عليه ستصيب جميع األشخاص‬
‫الطبيعيين المكونين له والعاملين لديه دون أن يساهموا في الجريمة‪.‬‬
‫‪ .4‬أغلب العقوبات غير قابلة للتطبيق على الشخص المعنوي ‪ :‬ال اإلعدام والسلب الحرية وال التنفيذ باإلكراه البدني‪.‬‬
‫‪ .5‬معاقبة الشخص المعنوي ال تحقق أغراض العقوبة ‪ :‬وهي إصالح المحكوم عليه وإعادة تأهيله وإدماجه ‪ ،‬والردع‬
‫الخاص والردع العام ‪ ،‬فاإلنسان فقط هو الذي يمكن ردعه وتخويفه‬

‫ثانيا ‪ :‬اإلتجاه الحديث المؤيد ‪ :‬يؤيد مساءلة الشخص المعنوي جزائيا إلى جانب الشخص الطبيعي استنادا للمبررات التالية ‪:‬‬
‫‪ .1‬الشخص المعنوي له كيان قانونی حقيقی مستقل بذاته ‪ ،‬والقانون ال يعتد بالوجود الفزيولوجي بل بأهلية التمتع‬
‫بالحقوق وتحمل اإللتزامات ‪ ،‬بدليل االعتراف بمسؤوليته المدنية‬
‫‪ .2‬الشخص المعنوي له إرادة ويمكن تصور توافر الركن المعنوي بإرادة يعبر عنها ممثلوه وأجهزته الخاصة‬
‫وتجسدها مداوالت مجلس اإلدارة ‪.‬‬
‫‪ .3‬الشخص المعنوي يرتكب الجرائم بواسطة أعضائه وممثليه فهم شركاؤه ‪ .‬كجرائم الشركات وجرائم النصب وخيانة‬
‫األمانة والتزوير والتهرب الضريبي وجرائم البيئة وجرائم العمل ‪.‬‬
‫‪ .4‬أغلب العقوبات يمكن تطبيقها على الشخص المعنوي ولها آثارها غير مباشرة على الغير مثل عقوبات الشخص‬
‫الطبيعي ‪.‬‬
‫‪ .5‬فعالية هذه المسؤولية في مكافحة إجرام الشخص المعنوي ‪ ،‬فال يمكن مواجهته إال بعقوبات جزائية ‪ .‬خاصة‬
‫اإلجرام اإلقتصادي لحماية مواد ووسائل اإلنتاج‪.‬‬
‫‪ .6‬فكرة الردع واإلصالح تطبق على الشخص المعنوي بعقوبات تتالءم مع طبيعته تجعله يخشاها فيمتنع عن ارتكاب‬
‫الجريمة ‪ ،‬أو تدفعه إلى اإلصالح الذاتي الداخلي ‪ .‬ألنها تسيئ إلى سمعته فتسبب له خسائر كبيرة كالغرامة‬
‫والمصادرة والمنع الموقت من مزاولة النشاط ‪ ،‬أو عقوبة الحل التي تشبه اإلعدام‪.‬‬
‫‪ .7‬تحقيق العدالة يقتضي توزيع المسؤولية الجزائية بين الشخص المعنوي واألشخاص الطبيعيين الذين ارتكبوا‬
‫الجريمة لحسابه ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬موقف المشرع الجزائري من المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي‬
‫لقد كان المشرع الجزائري مترددا في اقرار المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ‪ ,‬وجاء هذا االقرار متدرجا في مراحل‬
‫ففي المرحلة االولى لم يكن قانون العقوبات الجزائري يأخذ بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي غير انه لم يستبعدها‬
‫صراحة حيث كا ن ينص على حل الشخص المعنوي ضمن العقوبات التكميلية ‪ ,‬ثم تأتي المرحلة الثانية و هي مرحلة االقرار‬
‫الجزئي حيث كرس مسؤولية الشخص المعنوي في بعض القوانين الخاصة ثم مرحلة التكريس الفعلي لمبدأ المسؤولية الجزائية‬
‫حيث استحدث المشرع نظام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ‪ ،‬وحددها من ناحية طبيعة األشخاص والجرائم والشروط ‪،‬‬
‫دون أن تنفي مسؤولية األشخاص الطبيعيين فاعلين كانوا أو شركاء في الجريمة التي يسأل عنها الشخص المعنوي ‪.‬‬
‫وهو ما قرره بتاريخ ‪ 10‬نوفمبر ‪ ، 2004‬في تعديل كل من قانون العقوبات وقانون اإلجراءات الجزائية وبعض القوانين‬
‫الخاصة ‪.‬‬
‫‪ .1‬في قانون العقوبات‬
‫‪ ‬الباب األول مكرر من الكتاب األول ‪ ،‬تضمنت المادتان ‪ 18‬مكرر ‪ 18 ،‬مكرر ‪ 1‬العقوبات المطبقة‬
‫على األشخاص المعنوية‬
‫‪ ‬الباب الثاني من الكتاب الثاني ‪ :‬تضمن الفصل الثاني منه المتعلق بالمسؤولية الجزائية شروط‬
‫المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ‪ ،‬في المادة ‪ 51‬مكرر ‪.‬‬
‫‪ ‬تضمن الفصل الثالث المتعلق بشخصية العقوبة ‪ ،‬ظروف تخفيف العقوبة على الشخص المعنوي في‬
‫المادة ‪ 53‬مكرر ‪ ، 7‬وظروف تشديدها في المواد ‪ 53‬مكرر ‪ ، 8‬و ‪ 54‬مكرر إلى ‪ 54‬مكرر ‪. 9‬‬
‫‪41‬‬
‫‪ ‬الكتاب الثالث المتعلق بالجنايات والجنح وعقوباتها ‪ :‬إشتمل على نصوص كثيرة تحدد الجرائم المرتكبة‬
‫من طرف الشخص المعنوي ‪ ،‬أغلبها يتعلق بعالم األعمال‪.‬‬
‫‪ .2‬في قانون اإلجراءات الجزائية ‪ :‬استحدث المشرع الجزائري فصال ثالثا في الباب الثاني الخاص بالتحقيقات‬
‫تحت عنوان " في المتابعة الجزائية للشخص المعنوي " تضمنته المواد من ‪ 65‬مكرر إلى ‪ 65‬مكرر ‪4‬‬
‫تناولت االختصاص القضائي المحلي ‪ ،‬وإجراءات المتابعة ‪ ،‬التحقيق والمحاكمة ‪ ،‬وتمثيل الشخص المعنوي‬
‫في الدعوى‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ ،‬شروط إقامة المسؤولية الجزائية للشخص المعنوية‬


‫نصت المادة ‪ 51‬مكرر من قانون العقوبات على شروط المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي وهي‪:‬‬
‫‪ ‬ارتكاب الجريمة لحساب الشخص المعنوي ‪،‬‬
‫‪ ‬وارتكاب الجريمة من طرف جهاز أو ممثل الشخص المعنوي ‪.‬‬
‫‪ ‬أن ينص القانون على هذه المسؤولية في نص التجريم ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬شرط ارتكاب الجريمة لحساب الشخص المعنوي ‪ :‬نصت على هذا الشرط الفقرة ‪ 1‬للمادة ‪ 51‬مكرر من قانون‬
‫العقوبات الجزائري ‪ " ...‬يكون الشخص المعنوي مسؤوال جزائيا عن الجرائم التي ترتكب لحسابه‪" .‬‬
‫أ ‪ -‬مصلحة الشخص المعنوي ‪ :‬أي أن الجريمة تخدم المصالح المادية أو المعنوية للشخص المعنوي ‪ ،‬سواء كانت مصلحة‬
‫حالة أو احتمالية مستقبلية ‪ ،‬مثل حصول المؤسسة االقتصادية على صفقة عن طريق تقديم رشوة ‪ .‬وبالمقابل ال يسأل الشخص‬
‫المعنوي عن الجريمة التي يرتكبها المدير لحسابه الشخصي أو لفائدة شخص آخر ‪ .‬وحسب فقرة ‪ 2‬من المادة ‪ 51‬مكرر‬
‫المشرع يأخذ بمبدأ ازدواج المسؤولية الجزائية عن الفعل الواحد ‪ ،‬إلضفاء المزيد من الحماية الجنائية ‪ .‬فكل من الشخص‬
‫الطبيعي والهيئة المعنوية مسؤوالن عن ذات الفعل ويعاقب كل منهما على انفراد ‪ ،‬حسب مركزه في ذات الجريمة فاعل أو‬
‫شريك‪.‬‬
‫ب ‪ -‬أنواع الشخص المعنوي الذي ترتكب الجريمة لحسابه ‪ :‬إستثنت المادة ‪ 51‬مكرر الدولة والجماعات المحلية ( البلدية‬
‫والوالية ) واألشخاص الخاضعين للقانون العام ( اي المرافق القانونية ذات الصبغة االدارية مثل المستشفيات و الجامعات ‪...‬‬
‫) وبقيت المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي مقصورة على األشخاص الخاضعين للقانون الخاص سواء كانت لكسب الربح‬
‫كالشركات التجارية ‪ ،‬أو لم تكن لكسب الربح کالجمعيات الرياضية والخيرية ‪ .‬وبالنسبة للشركات التجارية فهي تسأل جزائيا‬
‫بغض النظر عن من يملك رأس المال سواء الخواص أو الدولة أو األشخاص الخاضعين للقانون العام ‪ ،‬كالمؤسسات العمومية‬
‫االقتصادية ‪ ،‬والمؤسسات المصرفية العمومية والخاصة الوطنية واألجنبية ‪ ،‬وكذلك الشركات التجارية ذات رأس المال‬
‫المختلط والشركات التجارية التي تسأل جزائيا في القانون الجزائري قد تكون شركة تضامن أو توصية بسيطة أو توصية‬
‫باألسهم أو شركة مساهمة أو ذات مسؤولية محدودة ‪ ،‬وسواء كانت الشركة تابعة أو مساهمة وال تسأل جزائيا الشركة التي ال‬
‫تتمتع بالشخصية المعنوية كشركة المحاصة ‪ ،‬أو فقدتها كالشركة الفعلية‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬شرط ارتكاب الجريمة من طرف جهاز أو ممثل الشخص المعنوي‪ :‬ال يمكن تصور ارتكاب الجريمة من طرف‬
‫الشخص المعنوي بحكم طبيعته ‪ ،‬بل يرتكبها شخص طبيعي يشترط فيه أن يكون له حق التعبير عن إرادة الشخص المعنوي‬
‫والتصرف بإسمه ‪ ،‬قد يكون المدير أو أعضاء مجلس اإلدارة ‪ ،‬أو الجمعية العامة للشركاء ‪.‬‬
‫وقد عبرت عنهم المادة ‪ 51‬مكرر بأن يرتكب الجريمة أجهزة الشخص المعنوي أو ممثلوه الشرعيون وهم الذين يمنحهم‬
‫القانون األساسي للشخص المعنوي تفويضا التمثيله ( الم ‪ 65‬مكرر ‪ 2‬ق ! ج ) فهو مثال الرئيس المدير العام في الشركة‬
‫التجارية ذات األسهم ( الم ‪ 638‬ق تج ج ) والمسير في الشركة ذات المسؤولية المحدودة ( الم ‪ 577‬ق تج ج ‪ ) .‬وال يسأل‬
‫الشخص المعنوي عن الجرائم التي يرتكبها مجرد األجير أو المفوض مثل مدير الوحدة الصناعية أو مدير وكالة بنكية‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬شرط وجود نص قانوني يقرر مسؤولية الشخص المعنوي عن جريمة معينة أشترطت المادة ‪ 51‬مكرر صراحة‬
‫لمساءلة الشخص المعنوي جزانيا أن ينص القانون على ذلك سواء قانون العقوبات العام أو النصوص العقابية الخاصة ‪ ،‬فال‬
‫يجوز متابعة الشخص المعنوي ومساءلته جزائيا إال عن جرائم معينة وبنص صريح ‪ .‬ذلك أن مسؤولية الشخص المعنوي‬
‫خاصة ومتميزة ‪ ،‬ومن بين هذه التشريعات التشريع الجزائري‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫ا ‪ -‬انواع الجرائم الخاصة بالشخص المعنوي‬
‫اوال ‪ :‬في قانون العقوبات‪:‬‬
‫‪ -1‬في الجرائم ضد الشئ العمومي‪:‬‬
‫‪ -‬الجنايات والجنح ضد األمن العمومي ‪ ،‬وهي جريمة جمعية األشرار ( المادة ‪ 77‬مكرر )‬
‫‪ -‬جرائم التزوير المتعلقة بالنقود واألختام والمحررات وانتحال الصفة المنصوص عليها في المواد ‪ 197‬إلى ‪ 253‬ق ع ‪،‬‬
‫وهذا بنص المادة ‪ 253‬مکرر‪.‬‬
‫‪ -2‬في الجرائم ضد األفراد ‪:‬‬
‫‪ -‬الجرائم ضد األشخاص وهي ‪ :‬جرائم القتل والجرح الخطأ ‪ ،‬وجرائم االعتداء على الحريات الفردية وحرمة المنازل‬
‫والخطف ‪ ،‬وجرائم التمييز العنصري ‪ ،‬وجرائم االعتداء على الشرف واالعتبار وحرمة الحياة الخاصة واألسرار ( المادة‬
‫‪303‬مكرر ق ع ج )‬
‫‪ ‬االتجار باألشخاص المادة ‪ 303‬مكرر ق ع‬
‫‪ ‬االتجار باألعضاء البشرية المادة ‪ 303‬مكرر ق ع‬
‫‪ ‬تهريب المهاجرين المادة ‪ 303‬مكرر ‪ 38‬ق ع‬
‫‪ ‬الجرائم ضد األسرة واآلداب العامة‪ :‬الحيلولة دون تحقيق شخصية الطفل المادة ‪ 321‬ق ع‪.‬‬
‫‪ -3‬في جرائم األموال ‪:‬‬
‫‪ ‬جرائم اإلستالء على األموال ‪ :‬وهي جرائم السرقة والنصب وإصدار شيك بدون رصيد وخيانة األمانة ( المادة ‪382‬‬
‫مكرر )‬
‫‪ ‬جريمة تبييض األموال ‪ :‬بموجب المادة ‪ 389‬مكرر ‪ 7‬يعاقب الشخص المعنوي الذي يرتكب الجريمة المنصوص‬
‫عليها في المادتين ‪ 389‬مكرر‪( 1‬تبييض األموال) ‪ ..‬و ‪ 389‬مكرر ‪ ( 2‬تبييض األموال على سبيل االعتياد أو‬
‫باستعمال التسهيالت التي يمنحها نشاط مهني أو في إطار جماعة إجرامية )‬
‫‪ ‬جرائم المساس بأنظمة المعالجة اآللية للمعطيات ‪ :‬وهي الدخول في منظومة معلوماتية ‪ ،‬والمساس بمنظومة‬
‫معلوماتية المادة ‪ ( 394‬مكرر ق ع ج‬
‫‪ ‬الجرائم التجارية واإلقتصادية ‪ :‬وهي التفليس ‪ ،‬والتعدي على األموال العقارية ‪ ،‬وإخفاء األشياء ‪ ،‬وتحويل وسائل‬
‫النقل ( م ‪ 417‬مكرر) الغش في بيع السلع والتدليس في المواد الغذائية والطبية ( م ‪ 435‬مكرر )‬
‫ثانيا ‪ :‬في القوانين الخاصة‪:‬‬
‫جرائم الفساد ‪ :‬مثل المادة ‪ 53‬من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته رقم ‪06-01 2.‬‬ ‫‪‬‬
‫جرائم المنافسة في المواد ‪ 11‬و ‪ 13‬من قانون المنافسة رقم ‪03-03 3‬‬ ‫‪‬‬
‫جرائم التهريب بموجب المادة ‪ 24‬من قانون مكافحة التهريب رقم‪05-06‬‬ ‫‪‬‬
‫الجرائم الضريبية ‪ :‬بموجب المادة ‪ 303‬مقطع ‪ 9‬من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة والمادة ‪ 138‬من‬ ‫‪‬‬
‫قانون الرسم على األعمال‪.‬‬
‫جرائم اإلتجار بالمخدرات بموجب المادة ‪ 25‬من قانون مكافحة المخدرات رقم‪04-18 .‬‬ ‫‪‬‬

‫ب ‪ -‬العقوبات المطبقة على األشخاص المعنوية ( المواد ‪ 18‬مكرر و ‪ 18‬مكرر ‪) 1‬‬


‫في مواد الجنايات والجنح ‪:‬‬
‫العقوبات األصلية ‪ :‬الغرامة من مرة إلى خمس ) ‪ ( 5‬مرات الحد األقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي ‪ ،‬وعندما ال‬
‫ينص القانون على عقوبة الغرامة بالنسبة لألشخاص الطبيعيين سواء في الجنايات أو الجنح ‪ ،‬وقامت المسؤولية الجزائية‬
‫للشخص المعنوي طبقا ألحكام المادة ‪ 51‬مكرر ‪ ،‬فإن الحد األقصى للغرامة المحتسب لتطبيق النسبة القانونية المقررة للعقوبة‬
‫فيما يخص الشخص المعنوي يكون كاآلتي‪:‬‬

‫‪43‬‬
‫‪2.000.000‬د ج عندما تكون الجناية معاقبا عليها باإلعدام أو بالسجن المؤبد ‪،‬‬
‫‪ 1.000.000‬دج عندما تكون الجناية معاقبا عليها بالسجن المؤقت ‪،‬‬
‫‪500.00‬دج بالنسبة للجنحة‪.‬‬

‫العقوبات التكميلية‬
‫حل الشخص المعنوي‬ ‫‪.1‬‬
‫المصادرة ‪ :‬عرفتها المادة ‪ 15‬بأنها األيلولة النهائية إلى الدولة لمال معين أو أكثر‬ ‫‪.2‬‬
‫غلق المؤسسة أو فرع من فروعها لمدة ال تتجاوز ‪ 05‬سنوات‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫اإلقصاء من الصفقات العمومية لمدة ال تتجاوز ‪ 05‬سنوات ‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫المنع من ممارسة نشاط مهني أو اجتماعي نهائيا أو لمدة ال تتجاوز ‪ 5‬سنوات‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫الوضع تحت الحراسة القضائية لمدة ال تتجاوز ‪ 05‬سنوات‬ ‫‪.6‬‬
‫نشر وتعليق حكم اإلدانة ‪ ،‬عندما يعاقب شخص معنوي بواحدة أو أكثر من العقوبات التكميلية المنصوص‬ ‫‪.7‬‬
‫عليها في المادة ‪ 18‬مکرر ‪ ،‬فإن خرق االلتزامات المترتبة على هذا الحكم من طرف الشخص الطبيعي‬
‫يعاقب بالحبس والغرامة ويمكن التصريح بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن الجريمة المذكورة‬
‫ويتعرض للغرامة المنصوص عليها في المادة ‪ 18‬مكرر‪.‬‬

‫‪ - 2‬في مواد المخالفات ‪:‬‬


‫‪ ‬الغرامة التي تساوي من مرة واحدة ) ‪ ( 1‬إلى خمس ) ‪ ( 5‬مرات الحد األقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي في‬
‫القانون الذي يعاقب على الجريمة ‪.‬‬
‫‪ ‬مصادرة الشيء الذي استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها‪.‬‬

‫الجزاء‬
‫المبحث األول ‪ :‬العقوبات‬
‫المطلب االول ‪ :‬مفهوم العقوبات‬
‫الفرع االول ‪ :‬تعريف العقوبات‬

‫‪44‬‬
‫يمكن تعريف العقوبة على أنها جزاء يقرره المشرع ويوقعه القاضي على من تثبت مسئوليته في ارتكاب جريمة ‪ ،‬وتتمثل‬
‫العقوبة في إيالم الجاني باإلنقاص من بعض حقوقه الشخصية وأهمها الحق ال الحياة و الحق في الحرية‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬وظائف العقوبة‬
‫للعقوبة وظائف يمكن حصرها في الردع ‪ ،‬إرضاء شعور العدالة والتأهيل‪.‬‬
‫أ‪ -‬وظيفة الردع ‪ intimidation :‬للردع وجهان ‪ ،‬الردع العام والردع الخاص فأما الردع العام فيقصد به تحذير باقي‬
‫أفراد المجتمع الذين تراودهم فكرة ارتكاب الجريمة من أنهم سينالون نفس العقوبة التي توقع على المجرم الذي‬
‫ارتكبها فعال وأما الردع الخاص فيقصد به إيالم الجاني بالقدر الالزم الذي يمنعه من التفكير في العودة إلى ارتكاب‬
‫الجريمة‪.‬‬
‫ب‪ -‬وظيفة إرضاء شعور العدالة ‪ rétribution :‬شددت المدرسة التقليدية الجديدة على إرضاء شعور العدالة الذي كان‬
‫وال يزال من أهداف العضوية يجب أن تشبع العقوبة شعور الناس بالعدالة وال تكون كذلك إال إذا كانت تطبق على كل‬
‫من يرتكب الجريمة التي تقررت جزاء لها ‪ ،‬وال يتنافى مع عدالة العقوبة ما يرخص به القانون من مرونة في تطبيق‬
‫العقوبة بما يجعلها مناسبة لحالة الجاني الفردية ولظروف الجريمة ‪ ،‬فالظروف المشددة أو المخففة تعتبر تجسيد لعدالة‬
‫العقوبة ألنها قواعد مجردة تطبق أحكامها على الجميع إذا توافرت شروطها القانونية ‪.‬‬
‫ت‪ -‬وظيفة التأهيل ‪ réadaptation :‬ويقصد بالتأهيل أن تنفذ العقوبة بطريقة فيها من وسائل التهذيب والعالج ما يمكن‬
‫الجاني بعد مغادرته للمؤسسة العقابية أن يكون أهال للتكيف مع المجتمع وأن ال يعود لإلجرام مستقبال‪.‬‬
‫و هي وظيفة أساسية ترمي إلى إضفاء مسحة إنسانية على العقوبة ‪ ،‬وقد تبنتها حركة الدفاع االجتماعي الحديث ‪.‬‬
‫وقد تبنى قانون تنظيم السجون وإعادة اإلدماج االجتماعي للمحبوسين ‪ ،‬الصادر بموجب القانون رقم ‪ 05- 04‬المؤرخ ‪6‬‬
‫فبراير ‪ ، 2005‬فكرة الدفاع االجتماعي صراحة فنصت المادة األولى منه على أن هذا القانون يهدف إلى تكريس مبادئ‬
‫وقواعد إلرساء سياسة عقابية قائمة على فكرة الدفاع االجتماعي التي تجعل من تطبيق العقوبة وسيلة لحماية المجتمع بواسطة‬
‫إعادة التربية و اإلدماج االجتماعي للمحبوسين ‪" .‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬الخصائص األساسية للعقوبة‪:‬‬
‫للعقوبة ثالث خصائص أساسية وهي ‪ :‬طابع اإليالم وطابع التحديد والطابع النهائي ‪ ،‬فضال عن شرعيتها وشخصيتها ‪.‬‬
‫‪ .1‬طابع اإليالم ‪ :‬تنطوي العقوبة على معنی اإليالم بغير تفريط وال إفراط ‪ ،‬ويتمثل إيالم الجاني في االنتقاص من بعض‬
‫حقوقه الشخصية كحقه في الحياة وحق الحرية والحق المالي وغيرها‪..‬‬
‫‪ .2‬الطابع المحدد للعقوبة ‪ :‬حتى تؤدي العقوبة أغراضها ووظائفها على أكمل وجه ‪ ،‬السيما وظيفتي اإليالم وإرضاء‬
‫شعور العدالة ‪ ،‬يجب أن تكون العقوبة محددة المدة ‪.‬‬
‫إن تحديد العقوبة وتقديرها على أساس االضطراب االجتماعي الذي أحدثه الجاني والخطأ األخالقي الذي صدر عنه ‪ ،‬يسمح‬
‫للمعني والراي العام على حد سواء معرفة ما ينتظر من يقدم على مثل هذا العمل كما يسمح بتحديد حقوق وواجبات الكل‬
‫بوضوح ودقة ‪ .‬فمن يوم النطق بالحكم يكون الجميع على دراية بتاريخ انتهاء العقوبة ‪ ،‬وهذا ما يجعل المحكوم عليه في مأمن‬
‫من تحكم المصالح المكلفة بتنفيذ العقوبة ‪.‬‬
‫كما أن تحديد العقوبة ضروري لبلوغ غرض التأهيل إذ يسمح بتقرير النظام المناسب حسب الوقت المتوفر‪.‬‬
‫‪ .3‬الطابع النهائي للعقوبة ‪ :‬يصبح الحكم الجزائي الذي قضى بعقوبة نهائيا بمجرد استنفاد طرق الطعن ويكتسب بذلك قوة‬
‫الشيء المقضي ‪ ،‬وهذه القوة ضرورية إلرضاء شعور العدالة‪.‬‬
‫ال تقبل العقوبة إدخال أي تعديل عليها ‪ ،‬فهي التي تبقى مقيدة في سجل السوابق القضائية للفرد وما يترتب عن ذلك من‬
‫حرمان وعدم أهلية ‪.‬‬
‫‪ .4‬تخضع العقوبة المبدأ الشرعية ‪ ،‬فال عقوبة بغير قانون ‪ .‬يحدد المشرع العقوبة ويجعلها متراوحة بين حدين أدنى‬
‫وأقصى ويترك للقاضي حرية التقدير والنطق بالعقوبة بين هذين الحدين فال تتجاوز الحد األقصى وال تنزل عن الحد‬
‫األدنى إال ما استثناه القانون كما في حالتي التشديد أو التخفيف من العقوبة‬
‫‪ .5‬كما تخضع العقوبة المبدأ الشخصية ‪ ،‬فال توقع إال على من ارتكب الجريمة أو شارك فيها ‪ ،‬ونتيجة لذلك ال تمتد‬
‫العقوبة إلى الغير مهما كانت صلته بالجاني فال تطبق على الولي أو الوصي أو المسؤول المدني ما لم يرتكب أحدهم‬
‫خطأ شخصيا‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تصنيفات العقوبة‬
‫الفرع االول ‪ :‬تصنيف العقوبات بحسب الرابطة القائمة بينها‪:‬‬
‫‪45‬‬
‫‪ -1‬العقوبات األصلية حددتها المادة ‪ 05‬من ق ع ج ووزعتها على الجرائم حسب وصفها القانوني‪:‬‬
‫‪ ‬في مادة الجنايات ‪ :‬هي االعدام ‪ ,‬والسجن المؤبد والسجن المؤقت لمدة بين ‪ 5‬سنوات و ‪ 20‬سنة‬
‫‪ ‬في مادة الجنح ‪ :‬هي الحبس لمدة تتجاوز شهرين الى ‪ 05‬سنوات والغرامة تتجاوز ‪ 20.000‬دج‬
‫‪ ‬في مادة المخالفات ‪ :‬هي الحبس من يوم الى شهرين والغرامة من ‪ 2000‬دج الى ‪ 20.000‬دج‬
‫وقد ينص القانون على عقوبة واحدة أصلية كما قد ينص على عقوبتين في جريمة واحدة‬
‫‪ -2‬العقوبات التبعية وهي عقوبة تتبع العقوبة األصلية للجناية تطبق على المحكوم بإدانته بقوة القانون من غير أن ينطق‬
‫بها القاضي في حكمه ‪.‬‬
‫كان منصوصا عليها في المواد ‪ 8 ، 7 ، 6‬من قانون العقوبات الجزائري وهي الحجر القانوني والحرمان من الحقوق الوطنية‬
‫ثم تم إلغاؤها ودمجها في العقوبات التكميلية في المادة ‪9‬‬
‫‪ -3‬العقوبات التكميلية ‪ :‬وهي عقوبة تضاف الى العقوبة األصلية منها الوجوبية ومنها الجوازية ‪.‬‬
‫ا‪ -‬بالنسبة للشخص الطبيعي وهي ‪ 12‬نوعا في المادة ‪ 09‬ق ع ج‬
‫‪ ‬الحجر القانوني ‪ ،‬بحرمان المحكوم عليه من ممارسة حقوقه المالية ‪ ،‬وهو وجوبي في الجنايات ‪.‬‬
‫‪ ‬الحرمان من ممارسة الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية ‪ ،‬المذكورة في المادة مكرر ‪ 9‬ق ع ج ‪.‬‬
‫‪ ‬تحديد اإلقامة‬
‫‪ ‬المنع من اإلقامة‬
‫‪ ‬المصادرة الجزئية لألموال ‪،‬‬
‫‪ ‬المنع المؤقت من ممارسة مهنة أو نشاط ‪،‬‬
‫‪ ‬إغالق المؤسسة‬
‫‪ ‬اإلقصاء من الصفقات العمومية ‪،‬‬
‫‪ ‬الحظر عن إصدار الشيكات و أو استعمال بطاقات الدفع ‪،‬‬
‫‪ ‬تعليق أو سحب رخصة السياقة أو إلغاؤها مع المنع من استصدار رخصة جديدة ‪،‬‬
‫‪ ‬سحب جواز السفر ‪،‬‬
‫‪ ‬نشر أو تعليق حكم أو قرار اإلدانة‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬تصنيف العقوبات بحسب جسامتها ‪:‬‬
‫بالنسبة للشخص الطبيعي ‪ :‬العقوبات المطبقة على الشخص الطبيعي ثالثة أصناف هي العقوبات الجنائية والجنحية وعقوبات‬
‫المخالفات‬
‫‪ -1‬العقوبات الجنائية ‪ :‬وهي مرتبة في المادتين ‪ 5‬و ‪ 5‬مكرر ق ع ج ترتيبا تنازليا من حيث الشدة‬
‫‪ -‬االعدام بقتل المحكوم عليه عن جرائم الخطيرة ‪ ،‬مثال في جرائم أمن الدولة ‪ ،‬كالخيانة ( المادة ‪ ،) 61‬وقيادة العصابات‬
‫المسلحة بالمادة ) ‪ ، 86‬واإلرهاب المادة ‪ 87‬مكرر ) ‪ ،‬وتنظيم حركات التمرد ( المادة ‪ ) 91‬وفي الجرائم ضد األفراد كالقتل‬
‫العمد مع سبق اإلصرار والترصد أو التسميم ( المادة ‪ 263 ) 261‬أو خطف القصر مع طلب فدية ( المادة ‪ 293‬مكرر ‪،‬‬
‫وبعض جرائم األموال المتعلقة بالتخريب والهدم بواسطة مواد متفجرة ( المادة ) ‪401‬‬
‫السجن المؤبد ‪ :‬بسلب حرية المدان مدى الحياة في بعض الجنايات كالتجسس اضرارا بمصالح الدفاع الوطني أو االقتصاد‬
‫الوطني ( المادة ) ‪ 65‬و وخطف األشخاص مع التعذيب أو العنف الجنسي ( المادة ‪ 293‬مكرر )‬
‫السجن المؤقت ‪ :‬لمدة تتراوح بين ‪ 05‬سنوات الى ‪ 20‬سنة ‪ .‬مثل السجن من ‪ 05‬سنوات الى ‪ 10‬سنوات في االشادة باألعمال‬
‫اإلرهابية ( م ‪ 87‬مكرر ‪ 4‬أو السجن من ‪ 10‬سنوات إلى ‪ 20‬سنة مثل هتك عرض القاصر ( المادة ) ‪ ، 336-2‬والسرقة‬
‫الموصوفة ( المادة ‪ 353 ) .‬أو السجن من ‪ 05‬إلى ‪ 20‬سنة في تقليد أو تزوير األختام والدمغات ( المادة ) ‪206‬‬
‫الغرامة ‪ :‬عندما تكون العقوبة السالبة للحرية هي السجن المؤقت فإنه يجوز أن يحكم القاضي بعقوبة الغرامة ( المادة ‪ 5‬مکرر‬
‫قع)‬
‫‪ - 2‬العقوبات الجنحية ‪ :‬محددة في الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ 5‬من قانون العقوبات الجزائري كالتالي ‪:‬‬
‫الحبس لمدة تتجاوز شهرين الى ‪ 5‬سنوات وتحتل هذه العقوبات أكبر مساحة في القانون ‪ ,‬مثل جنحة السرقة البسيطة والسب‬
‫والشتم ‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫وهناك حاالت استثنائية تفوق عقوبتها ‪ 5‬سنوات مثل تزوير شيك أو قبول شيك مزور ( المادة ‪ ) 375‬وتدنيس المصحف أو‬
‫العلم الوطني أو مقابر الشهداء ( المواد ‪ 160 , 160‬مكرر ‪ 160 ,‬مكرر ‪) 4‬‬
‫الغرامة التي تتجاوز ‪ 20.000‬دج‬
‫‪ - 3‬عقوبات المخالفات ‪:‬‬
‫‪ ‬الحبس الذي يتراوح من يوم واحد الي شهرين‬
‫‪ ‬الغرامة من ‪ 2000‬دج الى ‪ 20.000‬دج‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬التدابير األمنية‬
‫تعد تدابير األمن الصورة الثانية للجزاء الجنائي ‪ ،‬وتسمى كذلك التدابير االحترازية ‪ ،‬حيث نصت الفقرة األولى من المادة ‪4‬‬
‫من ق ع ج " يكون جزاء الجرائم بتطبيق العقوبات وتكون الوقاية منها باتخاذ تدابير أمن ‪" .‬‬
‫ونصت الفقرة الرابعة من نفس المادة " إن لتدابير األمن هدف وقاني‪" .‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬مفهوم التدابير األمنية‬
‫أوال ‪ :‬تعريف التدابير األمنية التدابير األمنية هي إجراءات احترازية وقائية غير عقابية تتخذ لحماية المجتمع ممن يخشى‬
‫عليه ارتكاب الجريمة تصدر بها أحكام قضائية تخضع المعني بها لمعاملة خاصة وتعرف كذلك بأنها مجموعة من اإلجراءات‬
‫يصدرها القاضي لمواجهة الخطورة االجرامية الكامنة في شخص مرتكب الجريمة بغرض تخليصه منها والوقاية من جريمة‬
‫أخرى ‪.‬‬
‫والخطورة اإلجرامية هي حالة يكون عليها المجرم تنبئ عن احتمال ارتكابه جريمة أخرى في المستقبل ‪ .‬وتتكون حالة المجرم‬
‫الخطر إجرامية من عنصرين ‪ :‬القدرة على اإلجرام ثانية ‪ ،‬وضعف إمكانية التأهيل لدية ‪.‬‬
‫وعلى القاضي أن يستظهر الخطورة اإلجرامية من طبيعة الجريمة المقترفة ‪ ،‬وجسامتها ‪ ،‬والكيفية التي نفذت فيها ‪ ،‬وغاياتها‬
‫‪ ،‬كما أن عليه أن يستظهرها من ظروف المجرم الشخصية واالجتماعية واالقتصادية ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬خصائص التدابير األمنية‬
‫‪ ‬ترمي التدابير األمنية إلى حماية المجتمع من الجريمة وذلك بمواجهة الخطورة اإلجرامية لدى بعض األشخاص‬
‫للحيلولة دون تحقيقها ‪ ،‬وتتخذ عدة صور منها ما هو عالجي سببه مرض عقلي أو نفسي ‪ ،‬ومنها ما هو تهذيبي‬
‫يطبق على من له عالقة بالعوامل الخارجية المساعدة على اإلجرام ‪ ،‬فتقضي بتجريده منها وإبعاده عنها وقطع‬
‫صلته بها‪.‬‬
‫‪ ‬ينبغي أن تكون تدابير األمن شرعية مثلما نصت عليه المادة األولى من قانون العقوبات ‪.‬‬
‫‪ ‬ينبغي أال تكون تدابير األمن ماسة بكرامة الفرد ‪ ,‬ويجب تنظيمها بكيفية اليشعر فيها الفرد أنه معاقب من أجل‬
‫خطأ وال تجعل المجتمع ينظر إلى من يخضع لتدبير األمن نظرة شائنة‪.‬‬
‫‪ ‬تعد تدابير األمن قابلة للمراجعة طبقا للمادة ‪ 22‬ق ع حسب تطور حالة الخطورة ‪ ,‬حيث يمكن للجهة القضائية‬
‫التي قررت تطبيق تدبير األمن استبداله حسب نتائجه بتدبير آخر أو التخفيف منه أو التشديد فيه‪.‬‬
‫‪ ‬ال تخضع تدابير األمن لنظام العفو وال وقف التنفيذ وال التقادم‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬شروط تطيق التدابير األمنية ‪ :‬يشترط لتطبيق التدابير األمنية الشروط التالية ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬ارتكاب الجريمة السابقة يتجه الفقه الى اشتراط ارتكاب المتهم بجريمة سابقة حتى يمكن انزال التدبير عليه ‪ .‬ويستندون‬
‫في ذلك على الحرص على حماية الحريات الفردية ‪ ،‬فضال على أن التدابير هي احدى صور الجزاء الجنائي يستمد شرعيته‬
‫من مبدا الشرعية الذي يقضي بتحديد الجرائم التي توقع من أجلها التدابير ‪ .‬وقد انتقد هذا الراي بأن التدبير يواجه خطورة‬
‫إجرامية ‪ ،‬فاذا ثبت توافرها وجب انزاله دون انتظار ارتكاب الجريمة ‪ .‬وبأن اشتراط سبق ارتكاب جريمة قد يوحي بأن‬
‫التدبير جزء من الجريمة ‪ .‬وقد اخذت غالبية القوانين الجنائية بشرط ارتكاب جريمة سابقة ‪،‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الخطورة االجرامية ‪ :‬ويقصد بالخطورة اإلجرامية ؛ احتمال عودة المجرم إلى ارتكاب جريمة أخرى في المستقبل ‪،‬‬
‫ومؤدی ذلك أن هذه الخطورة هي حالة تتعلق بشخص المجرم وال ترتبط بماديات الجريمة ‪ ،‬تفترض أن يكون هناك احتمال‬
‫وينبغي أن ينصب هذا االحتمال على موضوع معين هو وقوع جريمة تالية من المجرم نفسه الذي سبق أن ارتكب جريمة‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫ثالثا ‪ :‬اثبات الخطورة االجرامية ‪ :‬للقاضي سلطته التقديرية في استخالص توافر الخطورة االجرامية من أحوال الجاني أو‬
‫ماضيه أو سلوكه أو من ظروف الجريمة وبواعثها ‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ ،‬أنواع تدابير األمن في القانون الجزائري‬
‫أوال ‪ :‬التدابير الخاصة بالمجرمين البالغين ‪ :‬نصت عليها المادة ‪ 19‬من ق ع ج حيث يشترط في الشخص محل التدبير أن‬
‫تثبت مشاركته في وقانع مادية جرمية بغض النظر عن الحكم فيها سواء كان اإلدانة أو البراءة أو انتفاء وجه الدعوى‪.‬‬
‫الحجز القضائي في مؤسسة استشفائية لألمراض العقلية المادة ‪ 21‬ق ع ‪ :‬هو وضع الشخص بموجب قرار قضائي في‬
‫مؤسسة استشفائية بسبب خلل في قواه العقلية قانم وقت ارتكاب الجريمة أو بعد ارتكابها ‪ ,‬إذا تم إثباته بفحص طبي‪.‬‬
‫الوضع في مؤسسة عالجية ‪ :‬نصت عليه المادة ‪ 22‬من ق ع و هو وضع شخص مصاب بإدمان في تعاطي مواد كحولية أو‬
‫مخدرة تحت المالحظة في مؤسسة مهيأة لهذا الغرض ‪ ,‬بناءا على قرار قضائي صادر من الجهة المحال إليها الشخص إذا بدا‬
‫أن السلوك االجرامي للمعني مرتبط بهذا اإلدمان ‪.‬‬
‫وتحت فصل عنوانه " التدبير الوقائية والعالجية " نصت المادتان ‪ 7‬و ‪ 8‬القانون ‪ 04-18‬المؤرخ في ‪ 25‬ديسمبر ‪2004‬‬
‫المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية ومكافحتها ‪ ،‬أنه لجهات التحقيق والحكم إخضاع المتهمين بارتكاب جنحتي‬
‫استهالك المخدرات وحيازتها إلى عالج إلزالة التسمم يجري في مؤسسة متخصصة‬
‫ثانيا ‪ :‬التدابير الموجهة لغير البالغين ‪ :‬وهي تدابير الحماية والتهذيب نصت عليه المادة ‪ 49‬من ق ع ج وكانت تحددها المادة‬
‫‪444‬ق إ ج قبل إلغائها ‪ ،‬ونقل مضمونها إلى قانون حماية الطفل ‪ 12-15‬يتم اتخاذها في مواد الجنايات والجنح ويحكم بها‬
‫بمدة سنتين قابلة للتجديد دون أن تتجاوز تاريخ بلوغ سن الرشد الجزائي ‪ 18‬سنة ‪ ،‬ويمكن القاضي األحداث تمديدها عند‬
‫الضرورة إلى ‪ 21‬سنة تلقائيا أو بطلب من المعني ( المادة ‪ 42‬من قانون حماية الطفل ‪ ) 12-15‬نصت على هذه التدابير‬
‫المادتان ‪ 40‬و ‪ 41‬من قانون حماية الطفل ‪ 15-12‬وتتمثل في‪:‬‬
‫‪ ‬إبقاء الطفل في أسرته ‪.‬‬
‫‪ ‬تسليم الطفل لوالده أو لوالدته الذي ال يمارس حق الحضانة ما لم تكن قد سقطت عنه بحكم‬
‫‪ ‬تسليم القاصر لوالده أو وصيه أو لشخص جدير بالثقة‪.‬‬
‫‪ ‬تسليم الطفل إلى أحد أقاربه‬
‫‪ ‬تسليم الطفل إلى شخص أو عائلة جديرين بالثقة ‪.‬‬
‫‪ ‬يجوز لقاضي األحداث في جميع األحوال أن يكلف مصالح الوسط المفتوح بمتابعة ومالحظة الطفل وتقديم الحماية له‬
‫من خالل توفير المساعدة الضرورية لتربيته وتكوينه ورعايته مع وجوب تقديمها تقريرا دورا له حول تطور وضعية‬
‫الطفل‪.‬‬
‫‪ ‬يجوز لقاضي األحداث أن يأمر بوضع الطفل في مركز متخصص في حماية األطفال في خطر أو مصلحة مكلفة‬
‫بمساعدة الطفولة‪.‬‬
‫المطلب الرابع ‪ :‬العقوبات البديلة‬
‫وهي العقوبات البديلة عن عقوبة الحبس قصير المدة تتمثل في العمل للمنفعة العامة‬
‫تعريف عقوبة العمل للمنفعة العامة‬
‫يقصد بها إلزام المحكوم عليه بالقيام بعمل ذي نفع عام لصالح إحدى المؤسسات العمومية دون أجر لمدة ال تزيد عن ثمانية‬
‫عشرة شهرا ‪ ،‬بدال من تطبيق عقوبة الحبس قصيرة المدة المنطوق بها ضده في حدود سنة حبسا نافذا من أجل جريمة يعاقب‬
‫عليها القانون ب ‪ 3‬سنوات حبسا ‪.‬‬
‫حيث تتراوح مدة العمل ما بين ‪ 40‬ساعة و ‪ 600‬ساعة بالنسبة للبالغين وما بين ‪ 10‬و ‪ 300‬ساعة للقصر ‪ ،‬بمعدل ال يتجاوز‬
‫الساعتين مقابل يوم واحد من الحبس ‪.‬‬
‫يشترط فيها أن ال يكون المحكوم عليه مسبوقا قضائيا ‪ ،‬وأن ال يقل سنه عن ‪ 20‬سنة وقت ارتكاب الجريمة ‪ ،‬وأن يوافق‬
‫صراحة على قبولها ‪.‬‬
‫وأن يصدر الحكم أو القرار حضوريا ينطق بعقوبة الحبس النافذ األصلية واستبدالها بعقوبة العمل للنفع العام ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫مقدار الجزاء ‪:‬‬
‫مقدمة ‪:‬‬
‫تخضع العقوبات المقررة للجنايات والجنح والمخالفات لقاعدتي الشخصية العقوبة وتفريد العقاب وهي بذلك تخضع لسلطة‬
‫القاضي الذي يتمتع بحرية مطلقة في اختيار العقوبة المناسبة ‪ .‬وتتخذ هذه السلطة في التشريع الجزائري ثالثة مظاهر هي ‪:‬‬
‫اإلعفاء من العقوبة ‪ ،‬تخفيف العقوبة ‪ ،‬تشديد العقوبة ‪.‬‬
‫وال يتمتع القاضي في كل األحوال بنفس السلطة في تقدير العقوبة بل يختلف األمر حسب ما إذا كانت الجريمة واحدة ‪ ،‬وهي‬
‫الحالة األكثر انتشارا ‪ ،‬أو متعددة ‪ ،‬األمر الذي جعلنا نقسم هذا الفصل إلى مبحثين نتناول فيهما ‪ - :‬مقدار العقوبة في حالة‬
‫الجريمة الواحدة ‪ ،‬مقدار العقوبة في حالة تعدد الجرائم‬
‫المبحث األول ‪ :‬مقدار العقوبة في حالة الجريمة الواحدة‬
‫المطلب األول ‪ :‬االعفاء من العقوبة‬
‫الفرع األول ‪ :‬حاالت االعفاء‬
‫أوال ‪ :‬عذر المبلغ‬
‫ثانيا ‪ :‬عذر القرابة العائلية‬
‫ثالثا ‪ :‬عذر التوبة‬
‫رابعا ‪ :‬الحالة الخاصة بالمخدرات و المؤثرات العقلية‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬آثار األعذار المعفية‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تخفيض العقوبة‬
‫الفرع األول ‪ :‬األعذار القانونية المخففة‬
‫أوال ‪ :‬أعذار االستفزاز‬
‫ثانيا ‪ :‬عذر صغر السن ‪ :‬من م ‪ 49‬الى م ‪51‬‬
‫ثالثا ‪ :‬األعذار المخففة األخرى‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬الظروف المخففة ( تخضع للسلطة التقديرية لقاضي الحكم )‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬تشديد العقوبة‬
‫الفرع األول ‪ :‬الظروف المشددة الخاصة‬
‫أوال ‪ :‬الظروف المشددة الواقعية‬
‫ثانيا ‪ :‬الظروف المشددة الشخصية‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬الفترة األمنية‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬مقدار العقوبة في حالة تعدد الجرائم‬


‫المطلب األول ‪ :‬مقدار العقوبة في حالة العود‬
‫الفرع األول ‪ :‬العود بالنسبة للشخص الطبيعي ‪ :‬من م ‪ 54‬الى غاية المادة ‪ 54‬مكرر ‪4‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬العود بالنسبة للشخص المعنوي ‪ :‬من م ‪ 54‬مكرر ‪ 5‬الى غاية م ‪ 54‬مكرر ‪9‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬مقدار العقوبة في حالة تعدد الجرائم ‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬التعدد الصوري و أثره في الجزاء ( م ‪ 32‬من ق ع )‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬التعدد الحقيقي و أثره في الجزاء‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬وقف العقوبة و انقضائها‬
‫المطلب األول ‪ :‬وقف العقوبة‬
‫الفرع األول ‪ :‬نظام وقف التنفيذ‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬نظام االفراج الشرطي ا‪Liberation conditionnelle‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬انقضاء العقوبة‬


‫الفرع األول ‪ :‬التخلي عن تنفيذ العقوبة‬
‫أوال ‪ :‬العفو‬
‫ثانيا ‪ :‬التقادم‬
‫‪49‬‬
‫ثالثا ‪ :‬وفاة المتهم‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬محو آثار العقوبة ( رد االعتبار )‬
‫أوال ‪ :‬رد االعتبار القضائي‬
‫ثانيا ‪ :‬رد االعتبار بقوة القانون‬
‫ثالثا ‪ :‬آثار رد االعتبار‬

‫المبحث األول ‪ :‬مقدار العقوبة في حالة الجريمة الواحدة ‪:‬‬


‫نتناول في هذا المبحث ‪ 3‬مطالب على التوالي ‪:‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬االعفاء من العقوبة ‪:‬‬
‫االعفاء من العقوبة وهو نظام يمحو المسؤولية القانونية عن الجاني رغم ثبوت إذنابه ‪ ،‬ومن ثم يعفى الجاني من العقاب‬
‫ليس بسبب انعدام الخطأ وإنما العتبارات وثيقة الصلة بالسياسة الجنائية وبالمنفعة االجتماعية ‪ ،‬وهذا ما يميز اإلعفاء من‬
‫العقوبة عن موانع المسؤولية الذي تكون فيه اإلرادة اإلجرامية للجاني منعدمة العدم قدرته على اإلدراك واالختيار فال يسأل‬
‫وال يعاقب النعدام الخطأ الجزائي ‪ ،‬كما في حالتي الجنون أو اإلكراه على ارتكاب جريمة ‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬حاالت االعفاء ‪:‬‬
‫أجازت المادة ‪ 52‬ق ع ‪ ،‬في حاالت محددة في القانون على سبيل الحصر ‪ ،‬إعفاء المتهم من العقوبة رغم قيام الجريمة ‪ ،‬و‬
‫هي أربعة حاالت ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬عذر المبلغ ‪:‬‬
‫ويتعلق األمر هنا أساسا بمن ساهم في مشروع الجريمة ثم يقدم خدمة للمجتمع بأن يبلغ العدالة عن الجريمة المزمع ارتكابها أو‬
‫عن هوية المتورطين فيها ‪ .‬ولقاء هذه الخدمة رأي المشرع أن يكافأ المبلغ عن طائفة من الجرائم السيما تلك التي يصعب‬
‫الكشف عنها ‪.‬‬
‫ومن هذا القبيل ما نصت عليه المادة ‪ 92‬قع في فقرتها األولى بالنسبة لمن يبلغ السلطات اإلدارية أو القضائية عن الجنايات‬
‫والجنح ضد أمن الدولة ‪ ،‬قبل البدء في تنفيذها أو الشروع فيها ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬عذر القرابة العائلية ‪:‬‬
‫ومن هذا القبيل ما نصت عليه المادة ‪ 91‬فيع في فقرتها األخيرة التي أعفت األقارب واألصهار إلى الدرجة الثالثة من العقوبة‬
‫المقررة لجريمة عدم التبليغ عن جرائم الخيانة والتجسس وغيرها من النشاطات التي يكون من طبيعتها اإلضرار بالدفاع‬
‫الوطني ‪ ،‬وكذا جرائم إخفاء أو إتالف أو اختالس األشياء واألدوات والوثائق التي استعملت أو ستستعمل في ارتكاب هذه‬
‫الجرائم أو من شأنها تسهيل البحث هذه الجرائم أو اكتشافها ‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى فقد نص المشرع في المواد ‪ 368‬و ‪ 373‬و ‪ 377‬ق ع على عدم العقاب على جريمة السرقة والنصب وخيانة‬
‫األمانة المرتكبة بين األصول والفروع واألزواج ‪ ،‬ولم ينص على إعفاء مرتكبها من العقوية ‪ .‬وتبعا لذلك ‪ ،‬يكون الحكم في‬
‫هذه الحالة بالبراءة اإلباحة الفعل وليس باإلعفاء من العقوبة ‪ ،‬غير أن هذا الحكم ال يحول دون حصول المجني عليه على‬
‫التعويض المدني ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬عذر التوبة ‪:‬‬
‫وهو عذر مقرر لمن أنبه ضميره فصحا بعد الجريمة وانصرف إلى محو أثرها بأن أبلغ السلطات العمومية المختصة أو‬
‫استجاب لطلبها قبل نفاذ الجريمة ‪.‬‬
‫ومن هذا القبيل أيضا ما نصت عليه المادة ‪ 92‬في فقرتها الرابعة عندما أعفت من العقوبة من كان عضوا في عصابة مسلحة ‪،‬‬
‫لم يتولى فيها قيادة ولم يقم بأي عمل أو مهمة ‪ ،‬وانسحب منها بمجرد صدور أول إنذار له من السلطات العسكرية أو المدنية أو‬
‫سلم نفسه اليها ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬الحالة الخاصة بالمخدرات و المؤثرات العقلية ‪:‬‬
‫أجازت المادة ‪ 2 -8‬من القانون المؤرخ في ‪ 2004 -12 -25‬المتعلق بالمخدرات والمؤثرات العقلية للجهة القضائية المختصة‬
‫الحكم باإلعفاء من العقوبة الصالح المستهلك والحائز من أجل االستعمال الشخصي ‪ ،‬بشروط وهي ‪:‬‬
‫‪50‬‬
‫‪ -‬أن يثبت بواسطة خبرة طبية متخصصة أن حالته الصحية تستوجب عالجا طبيا‬
‫‪ -‬صدور أمر قاضي التحقيق أو قاضي األحداث يقضي بإخضاعه لعالج مزيل للتسمم تصاحبه جميع تدابير المتابعة‬
‫الطبية وإعادة التكييف المالئم لحالته‬
‫‪ -‬صدور حكم من الجهة القضائية المختصة بإلزامه بالخضوع العالج مزيل للتسمم ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬آثار األعذار المعفية ‪:‬‬
‫للعذر المعفي من العقوبة طابع إلزامي بحيث يتوجب على القاضي األخذ به متى ثبت قيامه ‪.‬‬
‫ويترتب على ثبوت العذر المعفي من العقاب الحكم باإلعفاء من العقوبة وليس بالبراءة ‪ ،‬خالفا لما ذهب إليه بعض الفقهاء بل‬
‫إن ما يميز العذر المعفي من العقوبة عن مانع المسؤولية هو كون األول يقتضي الحكم باإلعفاء من العقوبة والثاني الحكم‬
‫بالبراءة ‪ ،‬ومن ثم ال يمكن أن يصدر اإلعفاء إال من جهة حكم وهذا ما يجعل األمر به غير جائز على مستوى التحقيق‬
‫القضائي ‪.‬‬
‫وإذا ثبت إذناب المتهم المعفي من العقاب يتعين على جهة الحكم أن تحكم عليه بمصاريف الدعوى و يتحمل المسؤولية المدنية‬
‫الناتجة عن تصرفاته ‪ ،‬و يجب أن نشير كذلك الى أن االعفاء من العقوبة ال يمتد أيضا الى مصادرة األشياء الخطرة و المضرة‬
‫‪ ،‬وفضال عن ذلك يجوز قيده في صحيفة السوابق القضائية‬
‫وفي غالب األحوال يفلت المستفيد من اإلعفاء من أية عقوبة أيا كان نوعها ( المواد ‪ 179‬و ‪ 182‬و ‪ 205‬و ‪ ، ) 217‬وقد‬
‫توقع عليه أحيانا بعض العقوبات التكميلية كالحرمان من الحقوق المدنية والمنع من اإلقامة ( المادة ‪ ) 92‬أو المنع من اإلقامة‬
‫وحدها ( المادة ‪ ) 2 - 199‬وفي كلتا الحالتين تكون العقوبة جوازية وعالوة على ذلك تجيز الفقرة األخيرة من المادة ‪ 52‬ق ع‬
‫للقاضي في حالة اإلعفاء تطبيق تدابير األمن على المعفي ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تخفيض العقوبة ‪:‬‬
‫يتضمن قانون العقوبات نوعين من أسباب تخفيض العقوبة ‪ ,‬أسباب قانونية حصرها المشرع وبينها في القانون ‪ ،‬وهي أسباب‬
‫خاصة مقصورة على جرائم معينة وتسمى األعذار القانونية المخففة وأسباب قضائية تركها المشرع لتقدير القاضي ‪ ،‬وهي‬
‫أسباب عامة ‪ ،‬تسمى الظروف المخففة‬
‫الفرع األول ‪ :‬األعذار القانونية المخففة ‪:‬‬
‫نص قانون العقوبات الجزائري على فئتين من األعذار القانونية المخففة ‪:‬‬
‫‪ -‬أعذار االستفزاز التي أشارت إليها المادة ‪ 52‬ونصت عليها المواد من ‪ 277‬إلى ‪283‬‬
‫‪ -‬وعذر صغر السن المنصوص عليه في المواد من ‪ 19‬إلى ‪51‬‬
‫أوال ‪ :‬أعذار االستفزاز ‪:‬‬
‫حاالت أعذار االستفزاز التي أشارت اليها المادة ‪ 52‬و نصت عليها المواد من ‪ 277‬الى ‪ 283‬و هي خمس حاالت ‪:‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 277‬يستفيد مرتكب جرائم القتل والجرح والضرب من األعذار إذا دفعه ارتكابها وقوع ضرب شديد من أحد‬
‫األشخاص ‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ : 278‬يستفيد مرتكب جرائم القتل والجرح والضرب من األعذار إذا ارتكبها الدفع تسلق أو ثقب أسوار أو‬
‫حيطان أو تحطيم مداخل المنازل أو األماكن المسكونة أو ملحقاتها إذا حدث ذلك أثناء النهار ‪ ، .‬وإذا حدث ذلك أثناء‬
‫الليل فتطبق أحكام الفقرة األولى من المادة ‪40‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ : 279‬يستفيد مرتكب القتل والجرح والضرب من األعذار إذا ارتكبها أحد الزوجين على الزوج األخر أو على‬
‫شريكه في اللحظة التي يفاجئه فيها في حالة تلبس بالزنا ۔‬
‫‪ -‬المادة ‪ : 280‬يستفيد مرتکب جناية الخصاء من األعذار إذا دفعه فورا إلى ارتكابها وقوع هتك عرض بالعنف‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ ( : 281‬امر رقم ‪ 47 -75‬مؤرخ في ‪ 17‬يونيو سنة ‪ ) 1975‬يستفيد مرتکب الجرح والضرب من األعذار‬
‫المعفية إذا ارتكبهما ضد شخص بالغ يفاجأ في تلبس بهتك عرض قاصر لم يكمل السادسة عشر سواء بالعنف أو بغير‬
‫عنف ‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ :283‬ال عذر اطالقا لمن يقتل أباه أو أمه أو أحد أصوله ‪.‬‬
‫• آثار أعذار االستفزاز ‪:‬‬
‫نصت المادة ‪ 283‬عل آثار قيام العذر ‪ ،‬و تتمثل في تخفيض العقوبة على النحو اآلتي بيانه ‪:‬‬

‫‪51‬‬
‫‪ -‬الحبس من سنة إلى خمس سنوات إذا تعلق األمر بجناية عقوبتها اإلعدام أو السجن المؤبد ‪ ، .‬و مثال ذلك جناية القتل العمد‬
‫مع سبق االصرار أو الترصد‬
‫‪ -‬الحبس من ستة أشهر إلى سنتين إذا تعلق األمر بأية جناية أخرى و مثال ذلك الضرب و الجرح العمد المفضي الى الوفاة‬
‫دون قصد احداثها المنصوص و المعاقب عليها في ف األخيرة من م ‪. 294‬‬
‫‪ -‬الحبس من شهر إلى ثالثة أشهر إذا تعلق األمر بجنحة ‪ .‬و مثال ذلك جنحة العنف و الضرب و الجرح العمد التي ينتج‬
‫عنها مرض أو عجز كليا عن العمل لمدة تزيد على ‪ 15‬يوم ‪.‬‬
‫في الحاالت المنصوص عليها في الفقرتين او ‪ 3‬من هذه المادة بجوز أن يحكم أيضا على الجاني بالمنع من اإلقامة من خمس‬
‫سنوات على األقل إلى عشر سنوات على األكثر ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬عذر صغر السن ‪ :‬من م ‪ 49‬الى م ‪51‬‬
‫المادة ‪ ( : 49‬القانون رقم ‪ 01-14‬مؤرخ في ‪ 4‬فبراير سنة ‪ ) 2014‬ال يكون محال للمتابعة الجزائية القاصر الذي لم يكمل‬
‫عشر ( ‪ ) 10‬سنوات‬
‫ال توقع على القاصر الذي يتراوح سنه من ‪ 10‬إلى أقل من ‪ 13‬سنة إال تدابير الحماية أو التهذيب ‪ ،‬ومع ذلك فإنه في مواد‬
‫المخالفة ال يكون محال إال للتوبيخ‬
‫ويخضع القاصر الذي يبلغ سنة من ‪ 13‬إلى ‪ 18‬سنة إما لتدابير الحماية أو التهذيب أو لعقوبات مخففة‬
‫المادة ‪ : 50‬إذا قضي بأن يخضع القاصر الذي يبلغ سنه من ‪ 13‬إلى ‪ 18‬لحكم جزائي فإن العقوبة التي تصدر عليه تكون‬
‫كاألتي ‪:‬‬
‫إذا كانت العقوبة التي تفرض عليه هي اإلعدام أو السجن المؤبد فإنه يحكم عليه بعقوبة الحبس من عشر سنوات إلى عشرين‬
‫سنة‬
‫وإذا كانت العقوبة هي السجن أو الحبس المؤقت فإنه يحكم عليه بالحبس لمدة تساوي نصف المدة التي كان يتعين الحكم عليه‬
‫بها اذا كان بالغا ‪.‬‬
‫المادة ‪ : 51‬في مواد المخالفات يقضى على القاصر الذي يبلغ سنه من ‪ 13‬الى ‪ 18‬إما بالتوبيخ و إما بعقوبة الغرامة ‪.‬‬
‫• األعذار المخففة األخرى ‪:‬‬
‫‪ -1‬عذر المبلغ ‪ :‬يستفيد المبلغ عن الجنايات والجنح ضد أمن دولة بتخفيض العقوبة درجة واحدة إذا حصل اإلبالغ بعد انتهاء‬
‫تنفيذ الجريمة أو الشروع فيها ولكن قبل البدء في المتابعات ‪ ،‬وكذا من مكن من القبض على الجناة بعد بدء المتابعات (‬
‫الفقرتان الثانية والثالثة من المادة ‪. ) 92‬‬
‫‪ -2‬عذر التوبة ‪ :‬يستفيد من تخفيض العقوبة مرتكب جناية الخطف أو الحبس أو الحجز التعسفي الذي يفرج طواعية عن‬
‫الضحية ( المادة ‪ – 294‬ق ع ) ‪ ،‬ويختلف مقدار التخفيض بحسب موعد اإلفراج ‪:‬‬
‫إذا وقع اإلفراج قبل عشرة أيام من ارتكاب الجريمة وقبل الشروع في المتابعة الجزائية تخفض عقوبة اإلعدام إلى الحبس من‬
‫سنتين إلى ‪ 5‬سنوات ‪ ،‬وتخفض عقوبة السجن المؤقت إلى الحبس من ‪ 6‬أشهر إلى سنتين أما إذا وقع االفراج بعد عشرة أيام‬
‫من ارتكاب الجريمة وبعد الشروع في المتابعة الجزائية فتخفض عقوبة اإلعدام إلى الحبس من ‪ 5‬إلى ‪ 10‬سنوات ‪ ،‬وتخفض‬
‫عقوبة السجن المؤبد والسجن المؤقت إلى الحبس من سنتين إلى ‪ 5‬سنوات ( الفقرتان الثانية والثالثة من المادة ‪ 294‬ق ع )‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬الظروف المخففة ( تخضع للسلطة التقديرية لقاضي الحكم ) ‪:‬‬
‫ترکها المشرع لتقدير القاضي فلم يحصرها ولم يحدد مضمونها ‪ ،‬فلكل قضية ظروفها فقد يكون الظرف ذا صلة بالجريمة‬
‫كضالة الضرر ‪ ,‬أو مجرد الشروع ‪ ،‬أو يكون الحقا لها كجبر الضرر ‪ ,‬ورد الشيء محل السرقة ووقوع صلح بين الجاني‬
‫والمجني عليه وقد يكون ظرفا ذاتيا متعلقا بشخص الجاني كالتوبة ونبل الباعث واقتصرت المادة ‪ 53‬ق ع ج على بيان‬
‫الحدود التي تسمح للقاضي أن ينزل إليها عند قيام الظروف المخففة و هي كالتالي ‪:‬‬
‫‪52‬‬
‫المادة ‪ ( 53‬القانون رقم ‪ 23-06‬المؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر سنة ‪)2006‬‬
‫يجوز تخفيض العقوية المنصوص عليها قانونا بالنسبة للشخص الطبيعي الذي قضي بإدانته وتقررت إفادته بظروف مخفقة‬
‫وذلك إلى حد ‪:‬‬
‫‪ -1‬عشر ( ‪ ) 10‬سنوات سجنا ‪ ،‬إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي اإلعدام‬
‫‪ -2‬خمس ( ‪ ) 5‬سنوات سجنا ‪ ،‬إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي السجن المؤبد ‪.‬‬
‫‪ -3‬ثالث ( ‪ ) 3‬سنوات حبسا ‪ ،‬إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي السجن المؤقت من عشر ( ‪ ) 10‬سنوات إلى عشرين‬
‫( ‪ ) 20‬سنة‬
‫‪ -4‬سنة واحدة حبسا ‪ ،‬إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي السجن المؤقت من خمس ( ‪ ) 5‬سنوات إلى عشر ( ‪) 10‬‬
‫سنوات ‪.‬‬
‫مالحظة ‪ :‬ارجع للمواد من ‪ 53‬مكرر الى ‪53‬مكرر ‪ 8‬لمزيد من التفاصيل ‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬تشديد العقوبة‬
‫تتراوح العقوبات المقررة في التشريع الجزائري بين حدين أدنى وأقصى وذلك باستثناء عقوبتي اإلعدام والسجن المؤيد‬
‫المقررتين للجناية ‪ ،‬وللقاضي سلطة مطلقة في تقدير العقوبة بين هذين الحدين دون ما حاجة إلى تسبيب أو تبرير ‪ ،‬فإذا ما‬
‫التزم القاضي بهما فال يقوم أي سبب للتشديد ولو رفع العقوبة إلى الحد األقصى المقرر قانونا للجريمة ‪ ،‬طالما لم يتجاوزه‬
‫وقد نص المشرع على حاالت خاصة يجوز فيها للقاضي أن يتجاوز الحد األقصى للعقوبة المقررة قانونا للجريمة ‪ ،‬تسمى‬
‫الظروف المشددة وهي نوعان ‪:‬‬
‫الظروف المشددة الخاصة وتنقسم بدورها إلى ظروف واقعية وظروف شخصية ‪،‬‬
‫الظرف المشدد العام ويتعلق األمر بالعود ‪ .‬وفضال عن الظروف المشددة المذكورة أضاف المشرع الفترة األمنية ‪ ،‬وذلك إثر‬
‫تعديل قانون العقوبات في ‪ 2006‬بموجب القانون ‪ 23 - 06‬المؤرخ في ‪ . 20/12/2006‬نعرض ‪ ،‬فيما يأتي ‪ ،‬أوال للظروف‬
‫المشددة الخاصة بنوعيها ثم للفترة األمنية ‪ ،‬على أن نتناول الظرف المشدد العام ‪ ،‬المتمثل في العود ‪ ،‬في المبحث الموالي‬
‫ضمن النطق بالعقوبة عند تعدد الجرائم ‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬الظروف المشددة الخاصة ‪ :‬و هي نوعان الظروف الواقعية و الظروف الشخصية‬
‫أوال ‪ :‬الظروف المشددة الواقعية‬
‫وهي تلك التي تتصل بالوقائع الخارجية التي رافقت الجريمة ‪ ،‬وهذه الظروف تغلظ إجرام الفعل ‪ ،‬ومن هذا القبيل حمل‬
‫السالح والليل واستعمال العنف والسكن المسكون في جريمة السرقة ‪.‬‬
‫وتختلف أهمية التغليظ باختالف طبيعة وعدد هذه الظروف ‪ ،‬وهكذا إذا تمت السرقة المعاقب عليها في المادة ‪ 350‬ق ع‬
‫بالحبس من سنة إلى ‪ 5‬سنوات ‪ ،‬بظرف الليل وحده تشدد العقوبة فتصبح الحبس من ‪ 5‬إلى ‪ 10‬سنوات ( المادة ‪ ، ) 354‬وإذا‬
‫تمت بظروفي الليل واستعمال العنف تشدد أكثر فتصبح السجن من ‪ 10‬إلى ‪ 20‬سنوات المادة ‪ ، ) 353‬ويكفي أحيانا ظرف‬
‫واحد لكي تغلظ العقوبة إلى أقصاها كحمل السالح مثال في جريمة السرقة التي تتحول معه العقوبة إلى السجن المؤبد ( المادة‬
‫‪ 351‬ق ع ) ‪ ،‬بعدما كانت اإلعدام قبل تعديل قانون العقوبات في ‪. 2006‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الظروف المشددة الشخصية ‪:‬‬


‫وهي ظروف ذاتية تتصل بالصفة الشخصية للفاعل أو الشريك ‪ ،‬ومن شأنها تغليظ إذناب من تتصل به ‪ ،‬ومن هذا القبيل‬
‫صفة األصل أو الفرع بالنسبة للضحية في جرائم العنف العمد المادتان ‪ 267‬و ‪ 272‬ق ع ) واإلخالل بالحياء ( المواد ‪ 334‬و‬
‫‪ 337‬و ‪ 337‬مكرر ) ‪ ،‬وصفة القاضي والموظف السامي وموظف أمانة الضبط والضابط العمومي وعضو الشرطة القضائية‬
‫في جرائم الفساد المادة ‪ 48‬من قانون مكافحة الفساد ) ‪ ،‬وصفة الموظف بالنسبة للجرائم التي يرتكبها من هو بمراقبتها أو‬
‫ضبطها ( المادة ‪ 143‬ق ع ) ‪ ،‬فإذا توافرت مثل هذه الظروف يعاقب الجاني بعقوبة تتجاوز الحد األقصى المقرر قانونا‬
‫للجريمة العادية ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬الفترة األمنية ‪:‬‬
‫‪53‬‬
‫أوال ‪ :‬تعريفها ‪:‬‬
‫يقصد بها حرمان المحكوم عليه من االستفادة من التدابير اآلتية المنصوص عليها في القانون المؤرخ في ‪2005 2 -6‬‬
‫المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة اإلدماج االجتماعي للمحبوسين و هي كالتالي ‪ - - :‬تدابير تكييف العقوبة متمثلة في‬
‫إجازة الخروج ( المادة ‪ ) 129‬والتوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة ( المادة ‪ ) 130‬واإلفراج المشروط ( المادة ‪ 134‬وما يليها )‬
‫‪-‬تدابير إعادة التربية خارج البيئة المغلقة متمثلة في الوضع في الورشات الخارجية ( المادة ‪ 100‬وما يليها ) والوضع في‬
‫البيئة المفتوحة ( المادة ‪ 109‬ما يليها ) والحرية النصفية ( المادة ‪ 104‬وما يليها ) ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تطبيق الفترة األمنية ‪ :‬قد يكون تطبيقها بقوة القانون أو اختياريا و ذلك كما يلي ‪:‬‬
‫‪ /1‬الفترة األمنية بقوة القانون ‪:‬‬
‫تطبق الفترة األمنية بقوة القانون متى توافر شرطين وهما ‪:‬‬
‫‪ -‬صدور حكم بعقوبة سالبة للحرية تساوي أو تفوق ‪ 10‬سنوات الجناية أو جنحة ‪.‬‬
‫‪ -‬من أجل جريمة من الجرائم التي نص فيها المشرع صراحة على فترة أمنية ‪ ،‬ويتعلق األمر بالجنايات والجنح اآلتية‬
‫‪ :‬الجنايات ضد أمن الدولة اآلتية ‪ :‬مثال الخيانة ( المادة ‪ 61‬ق ع ) ‪ ،‬جناية تزوير النقود و السندات ( م ‪) 198 .197‬‬
‫• مدتها ‪ :‬تساوي الفترة األمنية بقوة القانون نصف العقوبة المحكوم بها في حالة الحكم بالسجن المؤقت أو بالحبس ‪ ،‬وتكون‬
‫‪ 20‬سنة في حالة الحكم بالسجن المؤبد‬
‫‪ /2‬الفترة األمنية االختيارية ‪:‬‬
‫يكون تطبيق الفترة األمنية اختياريا في الجرائم التي لم ينص القانون فيها صراحة على فترة أمنية وترك الحكم بها التقدير‬
‫القاضي متى توافرت شروط تطبيقها على النحو اآلتي بيانه ‪.‬‬
‫• شروطها ‪ :‬تطبق الفترة األمنية االختيارية في حالة الحكم بعقوبة سالبة للحرية تساوي أو تفوق ‪ 5‬سنوات لجناية أو جنحة‬
‫من الجرائم التي لم ينص فيها المشرع صراحة على فترة أمنية ‪ ،‬والحكم بالفترة األمنية في هذه الحالة أمر جوازي متروك‬
‫لتقدير جهة الحكم ‪.‬‬
‫• مدتها ‪ :‬ترك المشرع حرية تحديدها لجهة الحكم على أن ال تفوق ثلثي العقوبة في حالة الحكم بالسجن المؤقت أو الحبس ‪،‬‬
‫وال تفوق ‪ 20‬سنة في حالة الحكم بالسجن المؤبد ‪.‬‬
‫• أثر العفو الرئاسي على الفترة األمنية ‪ :‬نصت المادة ‪ 60‬مكررا على أن العفو الرئاسي الذي يستفيد منه المحكوم عليه‬
‫خالل الفترة األمنية يؤدي إلى تقليص مدة الفترة األمنية بقدر مدة التخفيض من العقوبة ما لم ينص مرسوم العفو على خالف‬
‫ذلك ‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬مقدار العقوبة في حالة تعدد الجرائم ‪:‬‬


‫نتناول في هذا المبحث مطلبين ‪ :‬مقدار العقوبة في حالة العود ‪ ،‬مقدار العقوبة عندما تكون الجرائم في حالة تعدد ‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬مقدار العقوبة في حالة العود ‪:‬‬
‫نص المشرع ج على أحكام العود من م ‪ 54‬الى غاية المادة ‪ 54‬مكرر ‪ 10‬من ق ع‬
‫و يمكن تعريف العود على أنه " أنه ارتكاب الشخص الجريمة بعد سبق الحكم عليه نهائيا من أجل جريمة أو جرائم أخرى ‪.‬‬
‫ويعتبر العود في معظم تشريعات العالم من أسباب تشديد العقاب على الجريمة الجديدة فعودته لالجرام دليل على خطورته‬
‫وعلى ميله اإلجرامي واستهانته بالعقاب‬
‫• شروط تطبيق العود ‪ :‬سواء في الجنايات أو الجنح أو المخالفات ‪:‬‬
‫‪ /1‬حكم سابق نهائي ‪ :‬يشترط في العود أن تكون الجريمة الجديدة قد ارتكبت بعد حكم جزائي سابق نهائي والمقصود هو‬
‫الحكم البات ‪ ،‬وال يكون كذلك إال بانقضاء مواعيد الطعن أو بالفصل في الطعن بالنقض ‪..‬‬
‫‪ /2‬جريمة الحقة ‪ :‬تشترط حالة العود ارتكاب جريمة ثانية بعد الحكم األول النهائي على أن تكون الجريمة الثانية مستقلة عن‬
‫الجريمة األولى المحكوم فيها ‪ ،‬وهكذا قضي بأن تطبيق أحكام العود يقتضي أن اذ القرار الطابع النهائي للعقوبة السابقة ‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫و في الجنح يضاف شرط ثالث باالظافة الى الشروط المذكورة أعاله و هو ‪:‬‬
‫ارتكاب الجنحة الجديدة خالل فترة معينة حددها المشرع تارة بعشر ( ‪ ) 10‬سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة وتارة‬
‫بخمس ( ‪ ) 5‬سنوات ‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬العود بالنسبة للشخص الطبيعي ‪ :‬من م ‪ 54‬الى غاية المادة ‪ 54‬مكرر ‪4‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬العود بالنسبة للشخص المعنوي ‪ :‬من م ‪ 54‬مكرر ‪ 5‬الى غاية م ‪ 54‬مكرر ‪9‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬مقدار العقوبة في حالة تعدد الجرائم ‪:‬‬
‫يقصد بالتعدد أن ينسب إلى شخص أكثر من جريمة واحدة سواء كان ذلك بسبب فعل واحد أو أفعال متعددة وهو نوعان ‪ :‬تعدد‬
‫صوري وتعدد حقيقي ‪.‬‬
‫أما التعدد الصوري فهو أن يرتكب الشخص فعال واحدا يقبل عدة أوصاف ويخضع من حيث الجزاء ألكثر من نص ‪.‬‬
‫أما التعدد الحقيقي فمؤداه أن يرتكب الشخص عددا من األفعال المكونة لعدة جرائم قبل أن يحكم عليه نهائيا في واحدة منها ‪.‬‬
‫نص قانون العقوبات على تعدد العقوبات في صورتيه ‪ ،‬في المادة ‪ 32‬بالنسبة للتعدد الصوري و المواد من ‪ 13‬إلى ‪ 38‬بالنسبة‬
‫للتعدد الحقيقي ‪ ،‬وسوف نعرض لكليهما بالتحليل فيما يأتي ‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬التعدد الصوري و أثره في الجزاء ‪ ( :‬م ‪ 32‬من ق ع )‬
‫يقوم التعدد الصوري على عنصرين هما ‪ :‬وحدة الفعل وتعدد النصوص واألوصاف القانونية المنطبقة ‪.‬‬
‫قد يحدث أن يقبل الفعل المنسوب للجاني وصفين أو أكثر وردت كلها في قانون العقوبات ‪ ،‬ويشكل بذلك عدة جرائم بتعدد‬
‫األوصاف ‪ ،‬ومن هذا القبيل البالغ الذي يالمس عورة قاصر دون السادسة عشر من مكان عمومي ‪ ،‬فهذا الفعل يشكل فعال‬
‫علنيا مخال بالحياء المنصوص والمعاقب عليه في المادة ‪ 333‬ق ع ‪ ،‬ويشكل أيضا فعال مخال بالحياء على قاصر دون‬
‫السادسة عشر المنصوص والمعاقب عليه في المادة ‪ 334‬ق ع ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬التعدد الصوري لجرائم القانون العام فيما بينها ‪:‬‬


‫األصل في القانون الجزائي أنه ال محل لتعدد العقوبات إذا كانت الجريمة واحدة ولو تعددت أوصافها وعلى هذا تنص المادة‬
‫‪ 32‬ق ع جزائري التي تقول " يجب أن يوصف الفعل الواحد الذي يحتمل عدة أوصاف بالوصف األشد من بينها " ‪.‬‬
‫ومن ثم سيوصف الفعل المخالف لآلداب ‪ ،‬كما في المثال السابق ‪ ،‬فعال مخال بالحياء على قاصر دون السادسة عشر‬
‫المنصوص والمعاقب عليه في المادة ‪ 1 - 334‬بالحبس من ‪ 5‬إلى ‪ 10‬سنوات ‪ ،‬لكونه الوصف األشد مقارنة بالفعل العلني‬
‫المخل بالحياء المعاقب عليه في المادة ‪ 333‬بالحبس من شهرين إلى سنتين ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬التعدد الصوري بين جرائم القانون العام و الجرائم الخاصة ‪:‬‬
‫ال يختلف األمر إذا كان التعدد بين جرائم القانون العام وجرائم القانون الخاص حيث تطبق في هذه الحالة أيضا قاعدة الوصف‬
‫األشد ‪.‬‬
‫غير أن المحكمة العليا ذهبت مذهبا مغايرا عند التعدد الصوري بين جنحة جمركية وجنحة من القانون العام أو من أي قانون‬
‫خاص آخر ‪ ،‬حيث استقرت على إعمال قاعدة الوصف األشد على عقوبة الحبس فحسب والتمسك بالوصفين معا لتطبيق‬
‫العقوبات الجبائية ‪.‬‬
‫وهكذا قضت المحكمة العليا في إحدى قراراتها التي صدرت في ظل حكم المادة ‪ 173‬مكرر من قانون العقوبات قبل إلغائها‬
‫بموجب األمر المؤرخ في ‪ 2005 -08 -23‬المتعلق بالتهريب ‪ ،‬أن فعل تصدير المواد الغذائية بطريقة غير مشروعة يشكل‬
‫في آن واحد جنحة من القانون العام معاقبا عليها بالمادة ‪ 173‬مكرر ق ع وجنحة التهريب الجمركي المعاقب عليها بالمادة‬
‫‪ 324‬ق ج ومن ثم فهو يخضع من حيث الجزاء لعقوبة الحبس المنصوص عليها في المادة ‪ 173‬ق ع مكرر لكونها تتضمن‬
‫العقوبة األشد وللجزاءات الجبائية المنصوص عليها في المادة ‪. 324‬‬
‫وإذا كان تعدد الغرامات الجبائية لم يثر أي إشكال على أرض الواقع فإن األمر يختلف بالنسبة للمصادرة نظرا لعدم قابلية‬
‫مصادرة الشيء ماديا أكثر من مرة مما جعل القضاء الجزائري يستقر على عدم جمع عقوبات المصادرة واالكتفاء بمصادرة‬
‫‪55‬‬
‫واحدة ‪ ،‬وفي هذا االتجاه أصدرت المحكمة العليا عدة قرارات في مجال جريمة الصرف التي كان قانون العقوبات وقانون‬
‫الجمارك كالهما ينص على مصادرة البضاعة محل الجريمة‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬التعدد الحقيقي و أثره في الجزاء ‪:‬‬
‫من الجائز أيضا أن يرتكب شخص في وقت واحد أو في أوقات متعددة جريمتين أو أكثر ال يفصل بينها حكم قضائي نهائي ‪،‬‬
‫يعبر الفقه على هذا الوضع بالتعدد الحقيقي ‪ Concours reel‬والعبرة في التعدد الحقيقي ‪ ،‬كما جاء في أحد قرارات‬
‫المحكمة العليا ‪ ،‬ب " عدم وجود حكم نهائي بات يفصل بين الوقائع موضوع المحاكمات " ( ع جم ‪ ، 27/07/19‬ملف‬
‫‪ : 232057‬المجلة القضائية ‪ 1999/1‬ص ‪183‬‬
‫ينقسم التعدد الحقيقي بدوره إلى صورتين ‪:‬‬
‫‪ -‬الصورة التي تكون فيها المتابعات في آن واحد والمحاكمة واحدة‬
‫‪ -‬الصورة التي تكون فيها المتابعات متتالية والمحاكمات منفصلة ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬الصورة التي تكون فيها المتابعات في آن واحد والمحاكمة واحدة ‪ :‬وقد أشارت إليها المادة ‪ 34‬ق ع ‪.‬‬
‫• تعريفها ‪ :‬يقصد بهذه الصورة أن يرتكب الجاني جريمتين أو أكثر ‪ ،‬ال يفصل بينها حكم نهائي ‪ ،‬تحال معا أمام نفس الجهة‬
‫القضائية للفصل فيها في جلسة واحدة ‪ .‬تقبل هذه الصورة احتمالين ‪:‬‬
‫االحتمال األول ‪ :‬وهو أن ترتكب جرائم بالتالي ويتم اكتشافها ومتابعتها في آن واحد ‪ ،‬كأن يرتكب الجاني سرقات في ‪2‬‬
‫جانفي ‪ 5 ،‬مارس و ‪ 10‬جوان دون أن يتم اكتشافها ‪ ،‬وبتاريخ ‪ 20‬جوان يضبط من أجل جنحة الجرح العمد وأثناء استجوابه‬
‫يتوصل التحقيق إلى اكتشاف السرقات التي سبق له ارتكابها ‪ ،‬وإثرها يحال الجاني أمام الجهة القضائية المختصة للفصل في‬
‫الجرائم األربع ‪.‬‬
‫االحتمال الثاني ‪ :‬وهو أن ترتكب جرائم في آن واحد تقريبا بحيث ال يمكن معاينة ومتابعة األولى قبل أن ترتكب األخرى ‪،‬‬
‫ومثال ذلك الشخص الذي يقود سيارة وهو في حالة سكر وعند مراقبته يهين أعوان الشرطة وعندما يحاولون القبض عليه‬
‫يعتدي عليهم بالضرب ‪ ،‬فيحال الجاني أمام نفس الجهة القضائية من أجل الجرائم الثالث ليحاكم من أجلها في جلسة واحدة ‪.‬‬
‫• أثر الصورة األولى على العقوبات في الجنايات و الجنح ‪:‬‬
‫‪ -‬بالنسبة للعقوبات السالبة للحرية ‪:‬‬
‫القاعدة هي أن تبت جهة الحكم في إذناب الجاني عن كل جريمة ثم تقضي بعقوبة واحدة سالبة للحرية على أن ال تتجاوز مدتها‬
‫الحد األقصى المقرر للعقوبة المقررة قانونا للجريمة األشد ( المادة ‪ 34‬ق ع )‬
‫‪ -‬بالنسبة للعقوبات المالية ‪:‬‬
‫القاعدة في العقوبات المالية خالفا للعقوبات السالبة للحرية ‪ ،‬هي جمع العقوبات ‪ ،‬هذا ما نصت عليه المادة ‪ 36‬قع ‪ ،‬و تصلح‬
‫هذه القاعدة في تعدد الجرائم الحقيقي بصورتيه ‪.‬‬
‫غير أنه يجوز للقاضي أن يقرر عدم جمع الغرامات بحكم صريح ‪ ،‬وهنا ال بد أن نميز بين الغرامات الجزائية والغرامات‬
‫الجبائية التي يختلط فيها الجزاء بالتعويض كما هو حال الغرامات المقررة جزاء للجرائم الجمركية أو الضريبية ‪.‬‬
‫وإذا كان للقاضي تقرير عدم جمع الغرامات الجزائية فليس له ذلك في الغرامات الجبائية التي ال يجوز دمجها ومن ثم تصدر‬
‫الغرامات على كل جريمة يثبت ارتكابها قانونا "‬
‫‪ -‬بالنسبة للعقوبات التكميلية فالمشرع التزم الصمت بشأنها ‪.‬‬
‫‪ -‬بالنسبة لتدابير األمن ‪ :‬نص المشرع في المادة ‪ 37‬ق ع على جواز جمع تدابير األمن ‪ ،‬وأوضح النص ذاته ‪،‬‬
‫بخصوص تطبيق الجمع ‪ ،‬أن تنفيذ التدابير التي ال تسمح طبيعتها بتنفيذها في آن واحد يكون بالترتيب المنصوص‬
‫عليه في قانون تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين ‪ .‬كما يجوز أيضا جمع تدابير األمن والعقوبات السالبة للحرية‬
‫والغرامة ‪.‬‬
‫• أثر الصورة األولى على العقوبات في المخالفات ‪:‬‬
‫القاعدة في المخالفات ‪ ،‬خالفا للجنايات والجنح ‪ ،‬هي جمع العقوبات ‪ ،‬هذا ما نصت عليه المادة ‪ 38‬ق ع عندما قضت بأن ضم‬
‫( جمع ) العقوبات في المخالفات وجوبي ‪ ،‬وتتطبق هذه القاعدة على الحبس والغرامة على حد سواء ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الصورة التي تكون فيها المتابعات متتالية و المحاكمات منفصلة ‪ :‬و قد أشارت اليها المادة ‪ 35‬من ق ع ‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫• تعريفها ‪ :‬يقصد بهذه الصورة أن تحال ‪ ،‬من أجل المحاكمة جرائم في وضع التعدد ( ال يفصل بينها حكم نهائي ) ‪ ،‬إلى جهة‬
‫قضائية واحدة أو عدة جهات في أوقات مختلفة إثر متابعات منفصلة ‪ ،‬تقبل هذه الصورة احتمالين ‪:‬‬
‫االحتمال األول ‪ :‬وهو أن يرتكب الجاني جريمة جديدة بينما هو محل عقوبة غير نهائية صدرت من أجل جريمة سابقة ‪ ،‬وهي‬
‫حالة الجرائم التي يتم اكتشافها ومتابعتها حسب ترتيب تاريخ ارتكابها ‪ ،‬كأن يرتكب الجاني جنحة السرقة في ‪ 2‬جوان ويحاكم‬
‫في ‪ 10‬جوان وتصدر عليه عقوبة بستة أشهر حبس مع وقف التنفيذ ‪ ،‬وبتاريخ ‪ 15‬جوان يرتكب سرقة أخرى ‪ ،‬فالجريمتان‬
‫هنا في حالة تعدد ألن الحكم الصادر في ‪ 10‬جوان غير نهائي ‪.‬‬
‫االحتمال الثاني ‪ :‬وهو أن يحاكم الجاني وتصدر عليه عقوبة ‪ ،‬ولو نهائية ‪ ،‬من أجل جريمة ثانية ‪ ،‬ثم يكتشف أن المحكوم‬
‫عليه سبق له أن ارتكب قبلها جريمة لم يسأل عنها بعد ‪ ،‬وهي حالة الجرائم التي يتم اكتشافها ومتابعتها حسب ترتيب معاكس‬
‫لتاريخ ارتكابها ‪ ،‬كأن يحاكم الجاني ‪ 2‬أوت من أجل سرقة ارتكبها ‪ 22‬مايو ‪ ،‬وبعد ‪ 3‬أشهر من محاكمته يكتشف أنه سبق له‬
‫أن ارتكب سرقة في ‪ 15‬مارس ‪.‬‬

‫• أثر الصورة الثانية على العقوبات في الجنايات و الجنح ‪:‬‬


‫‪ -‬بالنسبة للعقوبات السالبة للحرية ‪:‬‬
‫حسب نص م ‪ 35‬من ق ع نصت على أنه اذا صدرت عدة أحكام سالبة للحرية بسبب تعدد المحاكمات فأن العقوبة األشد‬
‫وحدها التي تنفذ ‪.‬‬
‫ومع ذلك إذا كانت العقوبات المحكوم بها من طبيعة واحدة فإنه يجوز للقاضي بقرار مسبب ان يأمر بضمها كلها أو بعضها في‬
‫نطاق الحد األقصى المقرر قانونا للجريمة االشد‬
‫ومثال ذلك ‪:‬‬
‫الشخص الذي يرتكب ثالث سرقات ويكون محل متابعات منفصلة ‪ ،‬يحاكم الجاني ويعاقب من أجل السرقات الثالث فإذا‬
‫قضت المحكمة في السرقة األولى بسنتين حبس نافذ وفي الثانية بسنة حبس نافذ وفي الثالثة بستة أشهر حبس ‪ ،‬تنفذ على‬
‫المحكوم عليه العقوبة الصادرة عن الحكم األول وهي سنتان حبسا لكونها العقوبة األشد‬
‫‪ -‬بالنسبة للعقوبات المالية‬
‫يسري على هذه الصورة نفس الحكم الذي يسري على الصورة األولى ‪ ،‬وهو حكم المادة ‪ 36‬التي تقضي بجمع العقوبات‬
‫المالية وتجيز لجهة الحكم األمر بعدم جمع الغرامات بحكم صريح ويبقى التمييز قائما بين بين الغرامات الجزائية والغرامات‬
‫الجبائية على النحو الذي سبق بيانه في الصورة األولى ‪.‬‬
‫‪ -‬بالنسبة للعقوبات التكميلية و تدابير األمن ‪:‬‬
‫يسري على هذه الصورة نفس الحكم الذي يسري على الصورة األولى ‪ ،‬وهو حكم المادة ‪ 37‬التي تنص صراحة على‬
‫جواز جمع العقوبات التبعية وتدابير األمن ‪ ،‬والتزم الصمت بشأن العقوبات التكميلية ‪ .‬كما يجوز أيضا جمع تدابير األمن‬
‫والعقوبات السالبة للحرية والغرامة ‪.‬‬
‫• أثر الصورة الثانية على العقوبات في المخالفات ‪:‬‬
‫تسري على هذه الصورة نفس القاعدة التي تسري على الصورة األولى ‪ ،‬وهي جمع العقوبات حيث نصت المادة ‪ 38‬قع على‬
‫أن ضم ( جمع ) العقوبات في المخالفات وجوبي ‪ ،‬وتتطبق هذه القاعدة على الحبس و الغرامة على حد سواء ‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬وقف العقوبة و انقضائها ‪:‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬وقف العقوبة‬
‫نتناول في هذا المطلب نظام وقف التنفيذ و نظام االفراج المشروط‬
‫الفرع األول ‪ :‬نظام وقف التنفيذ‬
‫وهو نظام يجيز وقف تنفيذ العقوبة بعد النطق بها ‪ ،‬ويرجع الفضل في اعتماد هذا النظام إلى المدرسة الوضعية التي رأت أن‬
‫من مصلحة المجتمع وقف تنفيذ عقوبة الحبس على مجرمي الصدفة ‪ ،‬ذلك أن تنفيذ العقوبة عليهم يعود عليهم وعلى المجتمع‬
‫بضرر أكبر نتيجة الختالطهم في السجن بغيرهم من الجناة بالفطرة فيتحولون بذلك إلى مجرمين بالعادة‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫اوال ‪ :‬شروط الحكم بوقف التنفيذ ‪ :‬أجازت المادة ‪ 594‬ق اج للقاضي الحكم بوقف تنفيذ العقوبة بعد النطق بها متى توافرت‬
‫شروط معينة منها ما يتعلق بالجريمة ومنها ما يرجع للمحكوم عليه ومنها ما يتصل بالعقوبة ذاتها ‪ ،‬ومنها ما يخص بالحكم في‬
‫حد ذاته ‪.‬‬
‫‪ .1‬الشروط المتعلقة بالجريمة ‪ :‬يجوز تطبيق نظام وقف التنفيذ في كل الجنح والمخالفات كما أنه جائز في الجنايات‬
‫إذا قضي فيها على الجاني بعقوبة الحبس الجنحية بفعل إفادته بالظروف المخففة طبقا األحكام المادة ‪ 53‬ق ع ‪،‬‬
‫ويتحقق ذلك في الجنايات المعاقب عليها بالسجن المؤقت ‪ ،‬دون الجنايات المعاقب عليها بالسجن المؤبد ‪ ،‬حيث‬
‫تجيز المادة ‪ ، 53‬تخفيض عقوبة السجن المؤقت إلى ‪ 3‬سنوات حبسا إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي السجن‬
‫المؤقت من ‪ 10‬إلى ‪ 20‬سنة وتخفيض العقوبة إلى سنة واحدة إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي السجن‬
‫المؤقت من ‪ 5‬إلى ‪ 10‬سنوات‬
‫‪ .2‬الشروط المتعلقة بالجاني ‪ :‬إن االستفادة من وقف التنفيذ متاحة للمتهمين الذين لم يسبق الحكم عليهم بالحبس‬
‫الجناية أو جنحة من جرائم القانون العام ‪ ,‬و ال تعد سابقة لتحول دون تطبيق نظام وقف التنفيذ العقوبة التي سبق‬
‫الحكم بها لجناية او جنحة و سقطت بفعل العفو الشامل او التقادم او رد اإلعتبار‬
‫‪ .3‬الشروط المتعلقة بالعقوبات ‪ :‬ال يكون وقف التنفيذ اال بالنسبة لعقوبات الحبس و الغرامة اي العقوبات األصلية‪ ،‬و‬
‫من ثم ال يجوز الحكم بوقف تنفيذ العقوبات التكملية وال تدابير االمن ‪.‬‬
‫غير انه بالنسبة للغرامات ذات الطابع الجبائي التي تختلط فيها العقوبة بالتعويض ال يجوز الحكم فيها بوقف التنفيذ ‪ ،‬ومن هذا‬
‫القبيل الغرامات المقررة جزاء للجرائم الجمركية والجرائم الضريبية‪ .‬أما بالنسبة لجرائم المنافسة واألسعار المنصوص‬
‫والمعاقب عليها بالقانون المؤرخ في ‪ ، 23- 06- 2004‬فليس هناك ما يمنع الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة المقررة جزاء‬
‫لها ‪ .‬وبوجه عام ‪ ،‬يجوز وقف تنفيذ عقوبة الحبس سواء كانت صادرة في مخالفة أو جنحة أو في جناية استفاد مرتكبها من‬
‫الظروف المخففة ‪ ،‬طبقا األحكام المادة ‪ 53‬ق ع ‪ ،‬أو من عذر االستفزاز ‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 283‬ق ع ‪.‬‬
‫كما يجوز أيضا الحكم بوقف تنفيذ الغرامة ‪ .‬وإذا قضي بعقوبتي الحبس والغرامة معا فللمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذ إحداهما‬
‫أو كليهما ‪ .‬وللقاضي منذ صدور قانون ‪ 10- 11- 2004‬األمر بتنفيذ جزء من العقوبة واألمر بوقف تنفيذ الجزء اآلخر‪.‬‬
‫‪ .4‬الشرط الخاص بالحكم في حد ذاته بوقف تنفيذ العقوبة ‪ :‬تشترط المادة ‪ 592‬ق ا ج ان يكون الحكم القاضي بوقف‬
‫تنفيذ العقوبة مسببا تسبيب خاص و إال كان معيبا يترتب عليه الطعن بالنقض ‪.‬‬
‫ومتى توافرت الشروط السابق بيانها يجوز للقاضي أن يأمر بوقف التنفيذ وهذا اإلجراء ليس حقا وإنما هو أمر اختياري‬
‫متروك لتقدير القاضي يقرره بكل سيادة لمن يراه مستحقا له من المتهمين بحسب ظروف الدعوى وشخصية المتهم ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬آثار وقف التنفيذ ‪ :‬وهي ثالثة ‪:‬‬
‫‪ -1‬إن العقوبة مع وقف التنفيذ هي عقوبة جزائية ‪ :‬وبهذه الصفة تدون العقوبة مع وقف التنفيذ في صحيفة السوابق‬
‫القضائية في القسيمة رقم ‪ ( 1‬المادة ‪ 618- 623‬ق اج ) ‪ ،‬وفي القسيمة رقم ‪ 2‬التي تسلم لبعض اإلدارات ‪ ،‬ما لم‬
‫تنقض مهلة االختبار المحددة بخمس سنوات( المادة ‪ 630‬ق اج ) ‪ ،‬في حين ال تسجل في القسيمة رقم ‪ 3‬التي تسلم‬
‫للمعني باألمر ( المادة ‪ 632‬ق اج ) ‪ ،‬وتحتسب هذه العقوبة في تحديد العود ‪ ،‬وال تحول دون دفع المصاريف‬
‫القضائية للخزينة والتعويضات للطرف المدني ‪ ،‬وال تحول أيضا دون تطبيق العقوبات التكميلية‪.‬‬
‫‪ -2‬وهي عقوبة تنفيذها معلق على شرط عدم ارتكاب المحكوم عليه مدة ‪ 5‬سنوات من تاريخ صدور الحكم األول جناية‬
‫او جنحة من القانون العام توقع عليه من اجلها عقوبة السجن او الحبس ‪.‬‬
‫‪ -3‬وهي عقوبة تزول بفعل انقضاء مهلة التجربة بدون عارض ‪ :‬يعتبر الحكم القضائي الصادر في جناية أو جنحة مع‬
‫وقف التنفيذ كان لم يكن إذا لم يتركب المحكوم عليه جناية أو جنحة من القانون العام خالل خمس سنوات من ذلك‬
‫الحكم‪.‬‬
‫ويترتب على ما سبق عدم تسجيل العقوبة في القسيمة رقم ‪ 2‬من صحيفة السوابق القضائية ‪ ،‬كما تزول أيضا العقوبات‬
‫التكميلية المقضي بها‪.‬‬
‫وعالوة على نظام وقف التنفيذ البسيط يعرف القانون الجزائري منذ تعديل قانون اإلجراءات الجزائية في ‪ 2004‬نظام وقف‬
‫تنفيذ جزء من العقوبة كما يعرف القانون المقارن عدة صور لنظام وقف التنفيذ أهمها وضع المحكوم عليه تحت االختبار‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬نظام االفراج الشرطي ‪ :‬ا‪Liberation conditionnelle‬‬

‫اإلفراج المشروط نظام يسمح بإخالء سبيل المحكوم عليه الموقوف قبل انقضاء العقوبة المحكوم بها عليه ‪ ،‬وذلك تحت شروط‬
‫‪ .‬واإلفراج المشروط ليس حقا مكتسبا وإنما منحة أجازها المشرع وجعلها مكافأة تأديبية يجازي بها السجين الذي تتوافر فيه‬
‫شروط معينة حددها القانون و هو من اختصاص لجنة تطبيق العقوبات و وزير العدل كما انه اجراء مؤقت يمكن الرجوع‬
‫فيه‪.‬‬
‫أوال‪ :‬شروط اإلفراج المشروط ‪ :‬يعلق القانون الجزائري إفادة المحكوم عليه من اإلفراج المشروط على شروط موضوعية‬
‫وإجرائية ‪.‬‬
‫أ‪ -‬الشروط الموضوعية ‪ :‬وهي شروط متصلة بصفة المستفيد ‪ ،‬وردت في المادة ‪134‬من قانون تنظيم السجون‬
‫‪ -1‬ان يكون المعني باألمر محل عقوبة سالبة للحرية ‪ :‬أيا كانت مدتها بما في ذلك السجن المؤبد ‪ ،‬ومن هنا نستنتج أن نظام‬
‫اإلفراج المشروط ال يطبق على المحكوم عليهم باإلعدام كما أنه ال يطبق على تدابير األمن حتى ولو كانت سالبة للحرية‬
‫كوضع القصر في مراكز إعادة التربية والمدمنين في المؤسسات العالجية‬
‫‪ -2‬قضاء فترة اختبار من مدة العقوبة المحكوم بها ‪ :‬يشترط القانون لمنح اإلفراج المشروط أن يكون المحكوم عليه قد قضى‬
‫جزءا من عقوبته في الحبس وتختلف فترة االختبار باختالف السوابق القضائية للمحبوس وطبيعة العقوبة المحكوم بها عليه‬
‫فاذا كان المحبوس مبتدئا يجب ان يك ون قد قضى في الحبس نصف العقوبة المحكوم بها عليه و هي فترة االختبار اي كانت‬
‫مدتها‬
‫اذا كان المحبوس معتادا ترفع مدة االختبار الى ثلثي العقوبة على ان ال تقل مدتها عن سنة ‪.‬‬
‫اذا كان المحبوس محكوما عليه بعقوبة السجن المؤبد يجب ان يكون قد امضى على األقل مدة ‪ 15‬سنة في السجن ‪.‬‬
‫واستثناء لهذه القاعدة نصت المادة ‪ 134‬في فقرتها األخيرة على أن المدة التي تم خفضها من العقوبة بموجب عفو رئاسي تعد‬
‫كأنها مدة حبس قضاها المحبوس فعال ‪ ،‬وتدخل ضمن حساب فترة االختبار ‪ ،‬وذلك فيما عدا حالة المحبوس المحكوم عليه‬
‫بعقوبة السجن المؤبد ‪.‬‬
‫‪ -3‬حسن السيرة والسلوك وضمانات االستقامة ‪ :‬يشترط المشرع الجزائري أن يكون المحبوس من ذوي السيرة الحسنة‬
‫والسلوك الحسن في الفترة التي امضاها في الحبس باإلضافة إلى إظهار ضمانات جدية لالستقامة وإذا كان المعيار األول (‬
‫حسن السيرة والسلوك معيارا ذاتيا يخشى من سوء استعماله ‪ ،‬فإن المعيار الثاني ( اظهار ضمانات جدية لالستقامة ) معيار‬
‫فضفاض يصعب التأكد منه ‪،‬‬
‫وقد أورد القانون المتعلق بتنظيم السجون حالتين استثنائيتين لالستفادة من اإلفراج المشروط دون مراعاة الشروط الموضوعية‬
‫التي جاءت بها المادة ‪134‬وهما‬
‫‪ -‬تبليغ السلطات المختصة عن حادث خطير قبل وقوعه أو تقديم معلومات على مديريها ( المادة ‪ : )135‬ويتعلق األمر بحالة‬
‫المحبوس الذي يبلغ السلطات المختصة عن حادث خطير قبل وقوعه من شأنه المساس بأمن المؤسسة العقابية ( كمشروع‬
‫الهروب من مؤسسة عقابية أو التمرد ) ‪ ،‬أو يقدم معلومات للتعرف على مديرية أو ‪ ،‬بصفة عامة ‪ ،‬يكشف عن مجرمين‬
‫وإيقافهم ؛ ففي هذه الحالة يجوز منح المحبوس اإلفراج المشروط بصرف النظر عن فترة االختبار المنصوص عليها في‬
‫المادة ‪134‬؛‬
‫‪ -‬األسباب الصحية ( المادة ‪ : )148‬ويتع لق األمر بحالة المحبوس المصاب بمرض خطير أو إعاقة دائمة تتنافى مع بقائه في‬
‫الحبس ‪ ،‬ومن شأنها أن تؤثر سلبا وبصفة مستمرة ومتزايدة على حالته الصحية البدنية والنفسية ؛ يجوز في هذه الحالة منح‬
‫اإلفراج المشروط دون مراعاة كافة الشروط الواجب توافرها ‪ ،‬كما هي مبينة في المادة ‪134‬‬
‫وفي كل األحوال ‪ ،‬تبقى االستفادة من اإلفراج المشروط معلقة على شرط تسديد المحبوس المصاريف القضائية ومبالغ‬
‫الغرامات المحكوم بها علية وكذا التعويضات المدنية ‪ ،‬ما لم يثبت تنازل الطرف المدني له عنها ( المادة ‪136 ) .‬‬

‫ب‪ -‬الشروط اإلجرائية ‪:‬‬


‫أوضحت المادة ‪ 137‬من قانون تنظيم السجون أن اإلفراج المشروط يكون بطلب من المحبوس شخصيا أو ممثله القانوني (‬
‫محاميه ) ‪ ،‬وقد يكون في شكل اقتراح من قاضي تطبيق العقوبات أو مدير المؤسسة العقابية ‪ .‬يقدم الطلب إلى قاضي تطبيق‬
‫العقوبات الذي يحيله على الجنة تطبيق العقوبات للبت فيه إذا كان باقي المقوية يساوي أو يقل عن ‪ 24‬شهرا ‪ ،‬ويقدم الطلب‬
‫إلى وزير العدل في الحاالت األخرى توجد لجنة تطبيق العقوبات على مستوى كل مؤسسة عقابية أو مركز مخصص للنساء ‪،‬‬
‫ويرأسها قاضي تطبيق العقوبات المادة ‪ 24‬ويتضمن ملف اإلفراج المشروط وجوبا تقريرا مسببا لمدير المؤسسة العقابية ‪ ،‬أو‬
‫مدير مركز إعادة تريية وإدماج األحداث إذا كان المحبوس حدثا ‪ ،‬حول سيرة وسلوك المحبوس والمعطيات الجدية لضمان‬
‫استقامته ‪.‬‬
‫تختلف الجهة المختصة بمنح اإلفراج المؤ قت باختالف ما تبقى من العقوبة والظروف ‪ ،‬وقد وزع المشرع هذا االختصاص‬

‫‪59‬‬
‫على جهتين ‪:‬‬
‫‪ -‬لجنة تطبيق العقوبات و ‪ /‬أو قاضي تطبيق العقوبات إذا كان باقي العقوبة يساوي أو يقل عن ‪ 24‬شهرا ( المادة ) ‪،141‬‬
‫‪ -‬وزير العدل ‪ ،‬وفي الحاالت األخرى ‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬آثار اإلفراج المشروط ‪:‬‬
‫إن األثر الفوري لمقرر اإلفراج المشروط هر إخالء سبيل المحبوس قبل قضاء مدة الحبس المحكوم بها كاملة ويتمثل األثر‬
‫اآلخر المقرر اإلفراج المشروط في إمكانية الرجوع فيه وإلقائه ‪.‬‬

‫أ‪ -‬إخالء سبيل المحبوس قبل األجل ‪ :‬إن األثر الرئيسي ال مقرر اإلفراج المشروط هو إعفاء المحكوم عليه ‪ ،‬مؤقتا ‪ ،‬من فضاء‬
‫ما تبقى من عقوبته القاعدة أن مدة اإلفراج المشروط تكون مساوية للجزء الباقي من العقوبة وقت االفراج ‪ ،‬غير أن مدة‬
‫اإلفراج المشروط عن المحبوس المحكوم عليه بالسجن المؤبد تحدد بخمس ( ‪ ) 5‬سنوات وإذا لم تتقطع مدة اإلفراج عند‬
‫القضاء األجال المذكورة ‪ ،‬اعتبر المحكوم عليه مفرجا عنه نهائيا من تاريخ تسريحه الشروط (المادة ‪ )140- 3‬ولقاضي‬
‫تطبيق العقوبات أو وزير العدل ‪ ،‬حافظ األختام ‪ ،‬حسب الحالة ‪ ،‬أن يضمن مقرر اإلفراج المشروط تدابير مراقبة ومساعدة‬
‫والتزامات خاصة كاالقامة في مكان محدد او عدم زيارة بعض االمكان مثل الحانات و المالهي و االختالط ببعض االشخاص‬
‫‪...‬‬
‫ب‪ -‬إمكانية الرجوع في قرار اإلفراج المشروط ‪ :‬إن قرار اإلفراج المشروط قرار مؤقت ‪ ،‬كما أسلفنا ‪ ،‬و هو عبارة عن منحة‬
‫يكافأ بها المحبوس ون الذين اهتدوا إلى الطريق السوي ‪ ،‬و لذلك أجاز القانون لصاحب القرار إمكانية الرجوع فيه إذا طرأت‬
‫إشكاالت عرضية من شأنها إبطال اإلفراج المشروط ‪.‬‬
‫وقد نصت المادة ‪ 147‬من قانون تنظيم السجون على حالتين يجوز فيهما لقاضي تطبيق العقوبات أو لوزير العدل ‪ ،‬حافظ‬
‫األختام ‪ ،‬حسب الحالة ‪ ،‬إلغاء مقرر اإلفراج المشروط و هما ‪:‬‬
‫‪ -1‬صدور حكم جديد بإدانة المستفيد من اإلفراج المشروط ‪ ،‬وذلك قبل انقضاء مدة العقوبة التي استفاد من أجلها من اإلفراج‬
‫المشروط ‪.‬‬
‫‪ - 2‬اإلخالل بااللتزامات المفروضة على المستفيد من اإلفراج المشروط ‪ ،‬سواء تعلق األمر بتدابير المراقبة والمساعدة أو‬
‫باإلجراءات المنصوص عليها في مقرر اإلفراج المشروط نفسه ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬انقضاء العقوبة ‪:‬‬


‫تنقضي العقوبة عادة بتنفيذها فعال على المحكوم عليه ‪ ،‬وإذا كان تنفيذ العقوبة هو الطريق الطبيعي النقضائها ‪ ،‬فثمة أسباب‬
‫أخرى تعد الطريق غير الطبيعي النقضاء العقوبة ‪ ،‬وهذه األسباب هي ‪ :‬العفو عن العقوبة ‪ ،‬سقوط العقوبة بالتقادم ‪ ،‬وفاة‬
‫المحكوم عليه ‪ ،‬وهي أسباب تؤدي إلى التخلي عن تنفيذ العقوبة ‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى هذه األسباب التي تمحو اآلثار الجزائية للعفوية ‪ ،‬ولو بدرجات متفاوتة ‪ ،‬كما ستبينه الحقا ‪ ،‬يوجد سبب آخر‬
‫النقضاء العقوبة يؤدي إلى محو آثار الحكم الجزائي السيما تلك المتعلقة بالحقوق المدنية واألهلية ‪ ،‬ويتعلق األمر برد االعتبار‬
‫وعلى ذلك قسمنا هذا المبحث إلى مطليين نتناول فيهما أوال التخلي عن تنفيذ العفوية ثم محو آثار العقوبة ‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬التخلي عن تنفيذ العقوبة ‪ :‬و لدينا العفو ‪ ،‬التقادم ‪ ،‬وفاة المتهم‬
‫يجب التمييز بين العفو عن العقوبة ‪ ،‬أي العفو الرئاسي ‪ ، grâce‬والعفو عن الجريمة ‪ ،‬أي العفو الشامل‬ ‫أوال ‪ :‬العفو‬
‫‪anninistie‬‬
‫• يكون العفو عن العقوبة من اختصاص رئيس الدولة ويصدر في شكل مرسوم رئاسي ( المادة ‪ 91‬من الدستور الجزائري ) ‪،‬‬
‫بينما العفو الشامل من اختصاص البرلمان ويصدر في شكل قانون ( المادة ‪ 7 -139‬الدستور الجزائري ) ‪.‬‬
‫• يتضمن العفو عن العقوبة معنى صرف النظر عن تنفيذ العقوبة دون أن تسقط العقوبات التبعية إال إذا ورد النص في قرار‬
‫العفو على خالف ذلك ‪ ،‬ويحتسب الحكم اإلدانة سابقة في العود ‪ ،‬في حين يعني العفو الشامل العفو عن الجريمة تماما بإزالة‬
‫الصفة اإلجرامية عنها فتنقضي العقوبة األصلية والتكميلية والتبعية معا‬
‫• العفو عن العقوبة يسري على المحكوم عليه منذ تاريخ األمر به ‪ ،‬خالفا للعفو الشامل الذي يسري بأثر رجعي على الماضي‬
‫‪ ،‬وتبعا لذلك يشترط في العفو عن العقوبة أن يصدر حكما بالعقوبة وأن يكون هذا الحكم باتا ‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫• العفو عن العقوبة إجراء شخصي يمنح لفرد أو أكثر ال لنوع معين من الجرائم ‪ ،‬على عكس العفو عن الجريمة الذي هو‬
‫إجراء موضوعي يتعلق بجريمة معينة أو نوع معين من الجرائم يتخذ دون تعيين أسماء الجناة ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬التقادم ‪ :‬و هو نظام يحول دون تنفيذ حكم االدانة ‪ .‬أخذ المشرع الجزائري بنظام التقادم وقد تضمن أحكامه قانون‬
‫اإلجراءات الجزائية في المواد من ‪ 612‬إلى ‪ 616‬ق ا ج‬
‫يميز القانون الجزائري من حيث مدة تقادم العقوبة حسب وصف الجريمة المحكوم فيها وليس حسب طبيعة العقوية التي‬
‫صدرت وهكذا فإذا كانت الواقعة جناية فإن العقوية تنقضي فيها بمضي عشرين سنة كاملة تحتسب من التاريخ الذي يصبح فيه‬
‫الحكم نهائيا المادة ‪ 1 -613‬ق ا ج ) ‪.‬‬
‫أما إذا كانت الجريمة المحكوم فيها جنحة فالعقوية تنقضي بمضي خمس سنوات كاملة من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم نهائيا‬
‫‪ ،‬غير أنه إذا كانت عقوبة الحبس المقضي بها تزيد على الخمس سنوات فإن مدة التقادم تكون مساوية لهذه المدة ( المادة ‪614‬‬
‫قاج )‪.‬‬
‫وتتقادم العقوبة في مواد المخالفات بمضي عليها سنتين كاملتين ( المادة ‪) 615‬‬
‫والمالحظ أن المدد المقررة لسقوط العقوبة أطول من المدد المقررة لسقوط الدعوى العمومية حيث تتقادم الدعوى العمومية‬
‫في التشريع الجزائري بمضي عشر سنوات كاملة بالنسبة للجنايات وتتقادم بمضي ثالث سنوات كاملة من مواد الجنح ويمضي‬
‫سنتين من المخالفات ‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن القانون المؤرخ في ‪ 10‬نوفمبر ‪ 2004‬قد استحدث المادة ‪ 612‬مكرر في قانون اإلجراءات الجزائية‬
‫التي نصت على جرائم عقوبتها ال تقبل التقادم ‪ ،‬ويتعلق األمر بالجنايات و الجنح الموصوفة بأفعال إرهابية وتخريبية وتلك‬
‫المتعلقة بالجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية والرشوة ‪ ،‬كما نصت المادة ‪ 54‬من قانون الفساد المؤرخ في ‪ 20‬فبراير‬
‫‪ 2006‬على أن جرائم الفساد ال تقبل عقوبتها التقادم في حالة ما إذا تم تحويل عائدات الجريمة إلى خارج الوطن‬
‫والعقوبات التي تتقادم هي العقوبات التي تقبل بطبيعتها تنفيذا ماديا مثل عقوبة اإلعدام ‪ ،‬إذا تمكن المحكوم عليه من اإلفالت‬
‫من قبضة العدالة والعقوبات السالبة للحرية سواء كانت بالسجن أو بالحبس‬
‫أما العقوبات التي ال تقبل بحكم طبيعتها تنفيذا ماديا ‪ ،‬كالحرمان من الحقوق الوطنية مثال ‪ ،‬فإنها ال تخضع للتقادم وال تسقط‬
‫عن المحكوم عليه إال بالعفو الشامل أو برد االعتبار ألن مثل هذه الحقوق متصلة بأهلية المحكوم عليه واألهلية ال تسقط‬
‫بالتقادم إال إذا نص القانون على خالف ذلك ‪.‬‬
‫ويبدأ سريان تقادم العقوبة من الوقت الذي يكون فيه الحكم الصادر نهائيا حائزا لحجية الشيء المقضي به باستنفاد طرق‬
‫الطعن الثالث وهي المعارضة واالستئناف والنقض ‪ ،‬أو بفوات مواعيد الطعن الثالث حين يتحصن الحكم ضد اإللغاء أما إذا‬
‫كان الحكم الصادر غير نهائي ‪ ،‬على النحو الذي سبق فإنه يسقط بالمدة المقررة لتقادم الدعوى العمومية ال بمدة تقادم العقوبة‬
‫وتقادم العقوبة من النظام العام يجوز لجهات الحكم إثارته تلقائيا ‪ ،‬هذا ما قضت به المحكمة العليا ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬وفاة المتهم ‪ :‬تنقضي العقوبة بوفاة المحكوم عليه سواء كان الحكم نهائيا أو غير نهائي ‪ ،‬وهذا عمال بقاعدة شخصية‬
‫العقوبة التي تنطبق أيضا على الدعوى العمومية التي تنقضي بوفاة المتهم‪ .‬وإذا كان إعمال هذه القاعدة ال يثير أي إشكال‬
‫بالنسبة للعقوبات السالبة للحرية فإن تطبيقها على العقوبات المالية محل نظر ‪ ,‬ال أحد يشكك في كون الغرامة والمصادرة‬
‫عقوبتين ‪ ،‬ومن ثم فإن قاعدة شخصية العقوبة تحول دون تنفيذهما على الورثة ‪ ،‬ومع ذلك هناك من يقول في فرنسا بأن‬
‫العقوبات المالية تنفذ في تركة المحكوم عليه أسوة بالتعويضات والمصاريف وما يجب رده بشرط أن يكون الحكم بالغرامة‬
‫نهائيا واجب النفاذ ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬محو آثار العقوبة ( رد االعتبار )‬
‫تنقضي العقوبة و تمحى آثار الحكم الجزائي بالعفو الشامل الذي سبق لنا االشارة اليه ‪ ،‬و برد االعتبار‬
‫يستعاد االعتبار إما بحكم القانون و إما بحكم القضاء ‪ ،‬فاألول يكتسب بصفة آلية بمجرد مرور زمن معين من تاريخ انقضاء‬
‫العقوبة إذا لم يصدر أثناء المدة المذكورة حكم بعقوبة جديدة ‪ ،‬إما رد االعتبار بحكم القضاء فانه يكتسب بحكم من القضاء بعد‬
‫فحص حالة الطالب ‪.‬‬
‫‪61‬‬
‫أوال ‪ :‬رد االعتبار القضائي ‪:‬‬
‫وردت أحكام رد االعتبار القضائي في المواد من ‪ 679‬إلى ‪ 93‬قانون اإلجراءات الجزائية ‪ ،‬حاصل هذه المواد أن رد االعتبار‬
‫القضائي يخضع لشروط منها ما هو زمني ومنها ما هو متعلق بتنفيذ العقوبة وبالطلب ‪.‬‬
‫‪ : 1‬الشرط الزمني ‪ :‬يميز المشرع من حيث الشرط الزمني بحسب وصف الجريمة المتابع من أجلها المحكوم عليه ‪ ،‬جناية‬
‫كانت أو جنحة أو مخالفة ‪ ،‬من جهة ‪ ،‬وبحسب ما إذا كان المحكوم عليه مبتدئا أو حالة عود ‪ ،‬من جهة أخرى‬
‫• حالة المبتدئ ‪ :‬أدخل المشرع عدة تعديالت على حالة المبتدئ ‪ ،‬إثر تعديل قانون اإلجراءات الجزائية ‪ ،‬السيما المادة ‪681‬‬
‫منه ‪ ،‬بموجب القانون رقم ‪ 06 - 18‬المؤرخ في ‪2018 -06 - 10‬‬
‫وبموجب التعديالت الجديدة ‪ ،‬إذا كان المحكوم عليه مبتدئا وكانت متابعته من أجل جريمة بوصف جناية ‪ ،‬يجوز له تقديم طلب‬
‫رد االعتبار بعد انقضاء أجل ‪ 5‬سنوات المادة ‪ 68‬الفقرة األولى ) ‪.‬‬
‫ويبدأ حساب األجل بالنسبة للمحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية من يوم اإلفراج عنه ( المادة ‪ 681‬الفقرة الثالثة ) ‪ ،‬ويستوي من‬
‫ذلك إن كانت العقوبة المحكوم بها جنائية ( السجن المؤقت ) أو جنحية ( الحبس )‪.‬‬
‫وإذا كانت العقوبة من أجل جنحة ‪ ،‬يجوز للمحكوم عليه تقديم طلب رد االعتبار بعد مضي ثالث سنوات ‪ ،‬تحسب هذه المدة‬
‫من يوم اإلفراج عن المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية ( المادة ‪ 681‬الفقرة الثانية ) ‪.‬‬
‫وإذا اشتملت العقوبة على الحبس النافذ والغرامة معا فإن األجل يبدأ من يوم اإلفراج عن المحكوم عليه ( المادة ‪ 681‬الفقرة‬
‫الرابعة ) وإذا كانت العقوبة المحكوم بها تقتصر على الغرامة فإن األجل يبدأ من يوم تسديدها ( المادة ‪ 681‬الفقرة الخامسة )‬
‫‪.‬‬
‫وإذا كانت العقوبة من أجل مخالفة ‪ ،‬يجوز للمحكوم عليه تقديم طلب رد االعتبار بعد مضي سنة واحدة ( المادة ‪ 681‬الفقرة‬
‫الثانية ) ‪.‬‬
‫وفي حالة الحكم بعقوبة تكميلية ‪ ،‬فإنه ال يجوز تقديم طلب رد االعتبار إال بعد تنفيذها ‪.‬ويقوم العفو من العقوبة مقام تنفيذها (‬
‫المادة ‪ 681‬الفقرة األخيرة ) ‪.‬‬
‫أما بالنسبة للمحكوم عليه بعقوبة الحبس مع وقف التنفيذ ‪ ،‬فقد قضي في فرنسا بأن سريان الشرط الزمني يبدأ من تاريخ انتهاء‬
‫فترة االختبار المحددة بخمس سنوات ‪ ،‬على أساس أن الحكم ال يعد منفذا إال بانقضاء تلك الفترة ‪.‬‬
‫• حالة العائد ‪ :‬إذا كان المحكوم عليه في حالة عود ‪ ،‬ال يجوز له تقديم طلبه إال بعد مضي مدة ست سنوات على األقل ‪، 318‬‬
‫تبدأ من يوم اإلفراج عنه‬
‫ونفس الحكم ينطبق على من صدر عليه حكم بعفوية جديدة بعد رد اعتباره ‪ ،‬غير أن المدة ترفع إلى عشر سنوات إذا كانت‬
‫العقوبة الجديدة الجناية ( المادة ‪) 682‬‬
‫‪ : 2‬الشرط المتعلق بتنفيذ العقوبة ‪:‬‬
‫يجب على المحكوم عليه أن يثبت قيامه بسداد المصاريف القضائية والغرامة والتعويضات التي يكون قد حكم بها عليه ‪.‬‬
‫فإذا لم يقدم ما يثبت ذلك تعين عليه أن يثبت أنه قضى مدة اإلكراه البدني أو أن الطرف المتضرر قد أعفاه من التنفيذ بهذه‬
‫الوسيلة ‪ ، .‬وإذا كان محكوما عليه إلفالس بطريق التدليس فعليه أن يثبت أنه قام بوفاء ديون التفليسة أصال فضال عن الفوائد‬
‫والمصاريف‬
‫غير أنه يجوز لمن أثبت إعساره استرداد اعتباره حتى وإن عجز عن أداء المصاريف القضائية ( المادة ‪ ، ) 4 - 683‬ولكن‬
‫هذا ال يعفيه بأي حال من األحوال من سداد الغرامة و التعويضات المدنية إن كانت ‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه ال يجوز للمحكوم عليهم الذين سقطت عقوبتهم بالتقادم أن يحصلوا على رد االعتبار القضائي إال في‬
‫حالة ما إذا أدى المحكوم عليه خدمات جليلة للبالد مخاطرا في سبيلها بحياته ‪ ،‬وفي هذه الحالة ال يتقيد طلبه برد االعتبار بأي‬
‫شرط زمني أو متعلق بتنفيذ العقوبة ( المادة ‪. ) 684‬‬
‫‪ : 3‬الشروط المتعلقة بالطلب ‪:‬‬

‫‪62‬‬
‫أدخل القانون رقم ‪ 06 - 18‬المؤرخ في ‪ 2018 - 06 - 10‬المعدل والمتمم لقانون اإلجراءات الجزائية عدة تعديالت تخص‬
‫بالدرجة األولى طلب الشخص المعنوي وبموجب هذه التعديالت أصبح المشرع يميز بين الشخص الطبيعي والشخص‬
‫المعنوي‬
‫• الشخص الطبيعي ‪ :‬حتى يقبل طلب الشخص الطبيعي يتعين أن تتوافر فيه بعض الشروط و أن تتم اإلجراءات األتي بيانها‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬يجب أن يقدم الطلب من قبل المحكوم عليه ‪ ،‬وإذا كان هذا األخير محجورا عليه فيقدم الطلب من نائبه القانوني و‬
‫حالة وفاة المحكوم عليه يجوز لزوجه أو أصوله أو فروعه تتبع الطلب ‪ ،‬وللزوج ولألصول والفروع تقديم طلب رد‬
‫االعتبار إذا كان المحكوم عليه لم يقدم طلبا إلى وفاته ‪ ،‬و هذه الحالة األخيرة يشترط في أن يقدم الطلب في خالل سنة‬
‫من تاريخ الوفاة ‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن يتضمن الطلب تاريخ الحكم باإلدانة واألماكن التي أقام بها المحكوم عليه منذ تاريخ اإلفراج عنه ‪ ،‬كما يجب‬
‫أن يشمل الطلب على مجموع العقوبات الصادرة التي لم يحصل محوها عن طريق رد اعتبار سابق أو بصدور عفو‬
‫شامل ‪ ،‬وبهذا الخصوص قضي بعدم قبول الطلب الذي ال يشتمل على جميع العقوبات المحكوم بها ‪.‬‬
‫‪ -‬يوجه الطلب إلى وكيل الجمهورية بدائرة محل إقامة المحكوم عليه الذي يقوم بتشكيل الملف ‪ ،‬وفي هذا الصدد يقوم‬
‫وكيل الجمهورية بإجراء تحقيق في الجهات التي أقام بها المحكوم عليه وذلك بمعرفة مصالح األمن الوطني أو الدرك‬
‫الوطني أو المصالح الخارجية اإلدارة السجون المكلفة بإعادة اإلدماج االجتماعي للمحبوسين ‪.‬‬
‫وفضال عن نتائج التحقيق يشمل الملف الذي يعده وكيل الجمهورية الوثائق اآلتية ‪:‬‬
‫القسيمة رقم أ من صحيفة السوابق القضائية ‪ ،‬نسخة من األحكام الصادرة بالعقوبة ‪ ،‬مستخرجا من سجل اإليداع‬
‫بالمؤسسات العقابية التي قضى بها المحكوم عليه مدة عقوبته للوقوف على حسن سير المحكوم عليه أثناء تنفيذ العقوبة ‪.‬‬
‫ويستطلع وكيل الجمهورية ‪ ،‬عند االقتضاء ‪ ،‬راي قاضي تطبيق العقوبات ‪ .‬غير أنه قضي بأن ال حرج إذا قدم الطلب مباشرة‬
‫إلى النائب العام لدى المجلس القضائي مادام وكيل الجمهورية هو أحد مساعديه وأن النيابة العامة غير قابلة للتجزئة ‪.‬‬
‫يحيل وكيل الجمهورية الملف برمته ( التحقيق والمستندات وطلب رد االعتبار ) مشفوعا برأيه إلى النائب العام بالمجلس‬
‫القضائي ‪ ،‬غير أنه يجوز للطالب أن يقدم مباشرة إلى غرفة االتهام بالمجلس القضائي سائر المستندات الالزمة ‪.‬‬
‫‪ -‬يقوم النائب العام برفع طلب رد االعتبار إلى غرفة االتهام بالمجلس القضائي الذي يفصل في هذا الطلب خالل شهرين بعد‬
‫إبداء طلبات النائب العام وسماع أقوال المحكوم عليه أو محاميه ‪ .‬وال يجوز في حالة رفض الطلب تقديم طلب جديد قبل‬
‫انقضاء سنتين اعتبارا من تاريخ الرفض ‪.‬‬
‫وهذه القاعدة ال تسري إال إذا كان القرار األول قد فصل في موضوع الطلب وقضى برفضه ‪ .‬أما إذا اكتفى القرار بالفصل‬
‫في شكل الطلب وقضى بعدم قبوله على أساس أنه قدم مباشرة إلى النائب العام لدى المجلس القضائي فيجوز للمعني باألمر أن‬
‫يصحح طلبه بتقديمه إلى وكيل الجمهورية بدائرة محل إقامته وعلى غرفة االتهام في هذه الحالة أن تفصل في موضوع الطلب‬
‫ال أن تقرر عدم قبوله لعدم انقضاء مهلة سنتين على صدور القرار األول ‪ ،‬هذا ما قضت به الغرفة الجنائية بالمحكمة العليا في‬
‫قرارها الصادر بتاريخ ‪1986 -1 -17‬‬
‫‪ -‬يقدم طلب رد االعتبار إلى النائب العام لدى المحكمة العليا و الحالة التي يصدر فيها حكم اإلدانة عن هذه الجهة فيجري‬
‫التحقيق ويحيله إلى رئيس المحكمة العليا لتعيين التشكيلة التي تفصل في الطلب ( المادة ‪) 693‬‬
‫• الشخص المعنوي ‪:‬‬
‫تعد األحكام المتعلقة بالشخص المعنوي أهم مستجدات القانون رقم ‪ ، 06 - 18‬وهي األحكام التي كان من المفروض إدراجها‬
‫في قانون اإلجراءات منذ إقرار المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في سنة ‪ ، 2004‬كما سبق لنا اإلشارة إلى ذلك في‬
‫الطبعات السابقة ‪.‬‬
‫وهكذا ‪ ،‬المادة ‪ 686‬ق ج المعدلة والمادة ‪ 693‬المستحدثة ‪ ،‬يخضع طلب رد االعتبار الخاص بالشخص المعنوي‬
‫لإلجراءات اآلتية ‪:‬‬
‫‪ -‬يجب أن يقدم الطلب من قبل الممثل القانوني للشخص المعنوي ال يجب أن يتضمن الطلب تاريخ الحكم باإلدانة وأماكن‬
‫تواجد المقر االجتماعي للمحكوم عليه منذ انقضاء العقوبة المحكوم بها عليه ‪ .‬كما يجب أن يشمل الطلب على مجموع‬
‫العقوبات الصادرة التي لم يحصل محوها عن طريق رد اعتبار سابق أو بصدور عفو شامل ‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫‪ -‬يوجه الطلب إلى وكيل الجمهورية لمكان تواجد المقر االجتماعي للشخص المعنوي ‪ ،‬وإذا كان المقر االجتماعي بالخارج‬
‫فيوجه الطلب إلى وكيل الجمهورية للجهة القضائية التي أصدرت أخر عقوبة‬
‫‪ -‬يقوم وكيل الجمهورية بإجراء تحقيق في مكان تواجد المقر االجتماعي للشخص المعنوي ‪ ،‬و في هذا اإلطار يحاط وكيل‬
‫الجمهورية بكل المعلومات الضرورية ويستطلع رأي اإلدارات العمومية المعنية إذا رأى ذلك ‪ ،‬وتسري بافي األحكام المقررة‬
‫للشخص الطبيعي على الشخص المعنوي ما لم تتعارض مع طبيعته ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬رد االعتبار بقوة القانون ‪:‬‬
‫وردت أحكام رد االعتبار بقوة القانون في المواد من ‪ 677‬إلى ‪ 678‬من قانون اإلجراءات الجزائية التي عرفت عدة تعديالت‬
‫بموجب القانون رقم ‪ 06 - 18‬المؤرخ ‪2018. 16 -10‬‬
‫يتميز رد االعتبار بقوة القانون عن رد االعتبار القضائي في كونه ال يتطلب إجراءات معينة من جانب المحكوم عليه وإنما‬
‫هو حق مكتسب له ‪ ،‬وهذا ما يفسر طول مدته مقارنة برد االعتبار القضائي منذ تعديل قانون اإلجراءات الجزائية بموجب‬
‫القانون( رقم ‪ ) 86 - 18‬أصبح المشرع يميز بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي‬
‫‪ /1‬الشخص الطبيعي ‪:‬‬
‫يفرق القانون من حيث المدة الزمنية الواجب استيفائها لالستفادة من رد االعتبار بحسب ما إذا كانت العقوبة نافذة أو مع وقف‬
‫التنفيذ ‪.‬‬
‫• العقوبة النافذة ‪ :‬يميز المشرع حسب مدة العقوبة وعدد العقوبات المحكوم بها وطبيعتها‬
‫يستخلص من نص المادة ‪ 677‬في ق ا ج المعدلة أن رد االعتبار بقوة القانون يكون فقط بالنسبة لعقوبة الحبس و ‪ /‬أو الغرامة‬
‫المحكوم بها من أجل جنحة أو مخالفة دون الجناية ‪.‬‬
‫• إذا كانت العقوبة سالبة للحرية ( الحبس ) ‪ :‬يرد االعتبار بقوة القانون للمحكوم عليه إذا لم يصدر ضده خالل المهل األتي‬
‫بيانها حكم جديد بعقوبة الحبس أو السجن الرتكاب جناية أو جنحة ‪:‬‬
‫‪ -‬بعد مضي مهلة ‪ 6‬سنوات ‪ ،‬اعتبارا إما من يوم انتهاء العقوبة أو مضي أجل التقادم ‪ ،‬بالنسبة لمن صدر عليه حكم مرة‬
‫واحدة بالحبس لمدة ال تتجاوز سنة واحدة ( ‪ ) 1‬أو بعقوبات متعددة ال يتجاوز مجموعها سنة واحدة ( ‪) 1‬‬
‫‪ -‬بعد مضي ‪ 8‬سنوات ‪ ،‬تحتسب كما تقدم في البند السابق ‪ ،‬بالنسبة المن صدر عليه حكم مرة واحدة بعقوبة الحبس لمدة ال‬
‫تتجاوز سنتين ( أي أكثر من سنة إلى سنتين ‪ ) 2‬أو بعقوبات متعددة ال يتجاوز مجموعها سنتين ‪.‬‬
‫‪ -‬بعد مضي ‪ 12‬سنة من تاريخ تنفيذ العقوبة أو سقوطها بالتقادم ‪ ،‬بالنسبة لمن صدر عليه حكم بالحبس لمدة ال تتجاوز ‪5‬‬
‫سنوات أو صدرت عليه عقوبات متعددة ال يتجاوز مجموعها ‪ 3‬سنوات ‪.‬‬
‫‪ -‬و بعد مضي ‪ 15‬سنة من تاريخ تنفيذ العقوبة أو سقوطها بالتقادم ‪ ،‬بالنسبة لمن صدر عليه حكم بالحبس لمدة تتجاوز ‪5‬‬
‫سنوات أو صدرت عليه عقوبات متعددة ال يتجاوز مجموعها ‪ 5‬سنوات ؛‬
‫وإذا اشتملت العقوبة الواحدة على عقوبة حبس نافذة وأخرى بالحبس غير النافذ ‪ ،‬تحسب آجال العقوبة النافذة وتعتبر‬
‫العقوبات التي صدر حكم بدمجها بمثابة عقوبة واحدة ‪ .‬ومن ناحية أخرى ‪ ،‬يقوم اإلعفاء الكلي أو الجزئي من العقوبة بطريق‬
‫العفو مقام تنفيذها الكلي أو الجزئي‬
‫• إذا كانت العقوبة غرامة مالية ‪ :‬يرد االعتبار بقوة القانون للمحكوم عليه إذا لم يصدر ضده حكم بعقوبة جناية أو جنحة بعد‬
‫مهلة ‪ 3‬سنوات اعتبارا من يوم سداد الغرامة أو تنفيذ اإلكراه البدني أو مضي آجال التقادم‬
‫• بخصوص عقوبة العمل للنفع العام ‪ :‬يرد االعتبار بقوة القانون للمحكوم عليه بعد مهلة ‪ 4‬سنوات من انتهاء العقوبة ‪.‬‬
‫• العقوبة مع وقف التنفيذ ‪:‬‬
‫إذا كانت عقوبة الحبس أو الغرامة مع وقف التنفيذ يرد اعتبار المحكوم عليه بعد مضي فترة اختبار خمس سنوات ما لم‬
‫يحصل إلغاء وقف التنفيذ ‪ ،‬أي ما لم يصدر ضده حكم بالسجن أو الحبس لجناية أو جنحة من القانون العام ؛ فإن حصل ذلك‬
‫فقد المحكوم عليه حقه في رد االعتبار بقوة القانون ‪.‬‬
‫ويبدأ احتساب المدة المذكورة من يوم صيرورة الحكم باإلدانة حائزا لقوة الشيء المقضي به ‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫وما يالحظ مما سبق أن المشرع اشترط في رد االعتبار بقوة القانون مضي مدد أطول من تلك التي اشترطها في رد االعتبار‬
‫القضائي وال شك في أن اشتراط مثل هذه المدد الطويلة بهدف أساسا إلى التأكد من حسن سيرة وسلوك المحكوم عليه ‪ ،‬وهو‬
‫شرط رئيسي في رد االعتبار القضائي كما رأينا ذلك ‪ ،‬ألن مضي مدة طويلة من الزمن دون أن يصدر خاللها على المحكوم‬
‫عليه سابقا حكم باإلدانة في جناية أو جنحة يعد في نظر المشرع قرينة كافية على حسن السير والسلوك إلى الحد الذي يسمح‬
‫برد اعتباره بقوة القانون ‪.‬‬
‫‪ /2‬الشخص المعنوي ‪:‬‬
‫يرد االعتبار بقوة القانون ‪ ،‬حسب المادة ‪ 678‬مكرر ق ا ج المستحدثة ‪ ،‬للشخص المعنوي المحكوم عليه بجناية أو جنحة أو‬
‫مخالفة إذا لم تصدر ضده خالل المهل األتي بيانها عقوبة أخرى‬
‫• إذا كانت العقوبة غرامة نافذة ‪:‬‬
‫‪ -‬الغرامة الواحدة ‪ :‬بعد مضي ‪ 5‬سنوات من سداد الغرامة أو مضي أجل التقادم‬
‫‪ -‬الغرامة المشمولة بعقوبة تكميلية واحدة أو أكثر باستثناء حل الشخص المعنوي ‪ :‬بعد مضي ‪ 7‬سنوات من سداد‬
‫الغرامة أو مضي أجل التقادم‬
‫‪ -‬العقوبات المتعددة ‪ :‬بعد مضي ‪ 10‬سنوات من سداد الغرامة أو مضي أجل التقادم ‪.‬‬
‫• إذا كانت العقوبة غرامة مع وقف التنفيذ ‪:‬‬
‫بعد انتهاء فترة اختبار ‪ 5‬سنوات إذا لم يحصل إلغاء وقف التنفيذ ‪ ،‬ويبدأ حساب األجل من يوم حيازة الحكم القضائي قوة‬
‫الشيء المقضي فيه ‪.‬‬
‫وفي حالة الحكم بعقوبة تكميلية ‪ ،‬سواء كانت الغرامة نافذة أو غير نافدة ‪ ،‬فإن رد االعتبار بقوة القانون ال يتم إال بعد تنفيذ‬
‫العقوبة التكميلية ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬آثار رد االعتبار ‪:‬‬
‫يؤدي القرار القاضي برد االعتبار إلى محو الحكم الصادر ضد المحكوم عليه باإلدانة بالنسبة للمستقبل وزوال كل ما‬
‫يترتب عليه من صور انعدام األهلية والحرمان من الحقوق ‪ .‬و رد االعتبار يزيل آثار الحكم الجزائي بالنسبة للمستقبل ال‬
‫الماضي وهو في ذلك يختلف عن العفو الشامل الذي له أثر رجعي ال يجوز معه أن يعتبر الحكم سابقة في أحكام العود ‪.‬‬
‫كما يختلف عن نظام العفو عن العقوبة من ناحية أن هذا األخير يمنع تنفيذ العقوبة لكنه ال يزيل آثارها الجزائية ‪ ،‬في حين‬
‫أن رد االعتبار سواء كان قضائيا أم قانونيا يزيل آثار العقوبة بصرف النظر عما إذا كانت قد نفذت في الماضي أم لم تنفذ‬
‫لتقادمها فال يحتسب الحكم سابقة في العود ‪.‬‬
‫ينوه عن هذا القرار على هامش الحكم القاضي بالعقوبة ‪ ،‬كما ينوه عنه في البطاقة رقم ‪ 1‬من صحيفة السوابق القضائية (‬
‫المادة ‪ )132 - 692‬في حين ال ينوه عن العقوبة التي شملها رد االعتبار في القسيمتين ‪ 2‬و ‪ 3‬من صحيفة السوابق القضائية‬
‫‪ ،‬مع العلم أن كل حكم صادر باإلدانة يكون موضوع بطاقة رقم ‪ 1‬يحررها كاتب الجهة القضائية التي أصدرت الحكم‬
‫ويرسلها بمعرفة وكيل الجمهورية إلى مصلحة صحيفة السوابق القضائية للمجلس القضائي المولود في دائرته المحكوم عليه (‬
‫المادة ‪. ) 624‬‬

‫‪65‬‬

You might also like