Professional Documents
Culture Documents
تقديم :
تتحقق الجريمة بالفعل الصادر عن اإلنسان فيتخذ صورة مادية معينة ،تختلف األفعال المادية باختالف نشاطات اإلنسان وهذا
ما يجعل المشرع يتدخل لتحديد فئة من األفعال الضارة أو الخطرة على سالمة أفراد المجتمع وذلك بغية تعزيز حماية حريات
األشخاص وحقوقهم ،كالحق في الحياة ،الحق في الملكية ،الحق في صيانة العرض والشرف فينهى عن هاته االفعال
بموجب نص قانوني جزائي يجرم هذه األفعال ويحدد عقوبة من يأتي على ارتكابها وما عدا ذلك يبقى اإلنسان حرا في
1
تصرفه شرط أن ال يلحق الضرر بالغير ،فالنص القانوني هو إذا مصدر التجريم وهو المعيار الفاصل بين ما هو مباح وما
هو منهي عنه تحت طائلة الجزاء وتبعا لذلك فال جريمة وال عقوبة بدون نص شرعي ،وهذا ما يعرف بمبدأ الشرعية .
يعتبر مبدأ الشرعية الجزائية بمثابة ضمانة لحقوق األفراد وحرياتهم ،حيث ال يمكن تجريم أفعالهم وال العقاب عليها إال
بموجب قانون صريح و قائم قبل ارتكاب الفعل الجرم ,كما يساهم هذا المبدأ في تدعيم فكرة اإلستقرار وخلق العدالة
والمساواة بين األفراد وعدم التمييز بينهم على أساس طائفي أو طبقي ،كما تحقق فكرة الردع العام باالضافة الى انه يساهم في
تجسيد مبدا سيادة القانون الذي يتبلور من خالل التزام كل من الحاكم و المحكوم بقواعد القانون .
2
كما تم تطبيقه في قانون العقوبات الذي نص صراحة في مادته األولى على أن ال جريمة وال عقوبة أو تدابير أمن بغيرقانون
".
الفرع الثاني :األسس التي يستند عليها هذا المبدأ
يستند مبدأ الشرعية إلى سندين أساسيين ،أحدهما منطقي واألخر سياسي
اوال :السند المنطقي:
يرجع الفضل إلى المحامي اإليطالي بيكاريا Baccariaفي وضع اللبنة األولى لمبدأ الشرعية في كتابه المشهور " الجرائم
والعقوبات الذي صدر سنة 1764والفكرة األساسية التي جاء بها هذا الفقيه أن إصالح القضاء يقتضي حرمانه من سلطته
المطلقة ولن يتأتى ذلك إال بتقييد القاضي بتص مكتوب يحدد الجريمة وعقوبتها بحيث يكون من حق الفرد أن يقوم بأي عمل
أو امتناع ال تتضمنه قائمة الجرائم والعقوبات دون خشية من العقاب .ومن ثم يرى ضرورة أن تكون القوانين الجزائية
واضحة ومحددة حتى ال يجد القضاة في غموضها منفذا لتجريم ما هو مباح وانتهى بيكاريا إلى النداء بحرمان القاضي من
تفسير هذه النصوص و وجوب تطبيقها حرفيا.
فالقاضي في نظر بيكاريا " ما هو إال مجرد بوق ينزل على المتهم حكم القانون ،فال يملك تشديده أو التخفيف منه .
ثانيا :السند السياسي :
يجد مبدأ الشرعية سندا سياسيا في نظرية العقد االجتماعي للكاتب الفرنسي روسي RowLsseau .فاألصل ،حسب هذه
النظرية ،أن للفرد حرية العمل أو االمتناع لكنه يتنازل عن قسط من حريته لصالح المجتمع ،والجريمة خطيئة يترتب عليها
إخالل بنظام المجتمع ومن ثم فان للمجتمع وحده ممثال في المشرع أن يحدد األفعال التي يراها مخلة بنظامه والعقوبات التي
يهدد الناس بها .
ومن حق الفرد على الجماعة أن تكون هذه المسائل مبينة.
والقاضي كعضو في المجتمع ال يجوز له أن يوقع عقوبة عن فعل أو امتناع لم يجرمه القانون كما ال يجوز له أيضا أن
يتجاوز العقوبة المقررة أو يضيف عليها عقوبات أخرى.
3
اوال :االتفاقات والمعاهدات الدولية :
تنص المادة 150من الدستور على أن المعاهدات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية تسمو على القانون ومن هذا المنطلق
يمكن اعتبار المعاهدات الدولية قانونا .وقد قضي في فرنسا بأنه في حالة التنازع بين حكم معاهدة دولية وقانون داخلي فان
األولية تكون للمعاهدة الدولية حتى ولو صدر القانون الداخلي الحقا للمعاهدة الدولية .
غير انه قضي في فرنسا بأن تفسير المعاهدات الدولية ليس من صالحيات السلطة القضائية وإنما يتعين عليها أن تطلب مدلول
االتفاقية من وزير الخارجية .
ثانيا :القوانين في حد ذاتها :
تشكل القوانين في حد ذاتها ،أي القوانين بالمفهوم الشكلي ،المصادق عليها من السلطة التشريعية المصدر األساسي للقانون
الجزائي ،فما هي هذه القوانين ؟
أ -قانون العقوبات :صدر قانون العقوبات الجزائري بموجب األمر رقم 156 - 66المؤرخ في 8يونيو ، 1966وهو
مستوحى من قانون العقوبات الفرنسي وتأتر به كثيرا سواء في خطوطه الرئيسية أو في مالمحه العامة ،وهذا راجع أساسا
ألسباب تاريخية معروفة .
يتكون هذا القانون من جزأين:
الجزء األول يتضمن المبادئ العامة ،وينقسم إلى كتابين ،يتعلق األول بالعقوبات وتدابير األمن والثاني باألفعال
واألشخاص الخاضعين للعقوبة
الجزء الثاني يتضمن التجريم ،وينقسم بدوره إلى كتابين األول يتعلق بالجنايات والجنح وعقوباتها والثاني بالمخالفات
وعقوباتها .
عرف قانون العقوبات الجزائري منذ صدوره العديد من التعديالت ( 26إلى غاية ) 2020تماشيا مع متطلبات المراحل
التي مرت بها البالد والتحوالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية التي شهدتها إلى يومنا .
ب -القوانين المكملة لقانون العقوبات :ليس بمقدور أي نص ،حتى وإن كان قانون العقوبات ،أن يستوعب لوحده كل
األفعال المجرمة مما حذا بالمشرع إلى التنصيص على بعض الجرائم وعقوباتها في بعض النصوص الخاصة التي تأتي مكملة
لقانون العقوبات في المسائل التي لم يتكفل بها دون الخروج عن اإلطار العام لقانون العقوبات والمبادئ العامة التي تحكمه .
و من هذا القبيل ما تضمنه القانون 06/01المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته .
االمر رقم 05/06المتعلق بالوقاية من التهريب و مكافحته
و كذا ما تتضمنه بعض القوانين الخاصة من نصوص جزائية مثل قانون الجمارك و القانون التجاري...
ثالثا :اعمال السلطة التنفيذية :و يقصد بها على وجه الخصوص االوامر الصادرة عن رئيس الجمهورية و المراسيم
الصادرة عن السلطة التنفيذية ممثلة برئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والقرارات الصادرة عن الوزراء والوالة ورؤساء
البلديات.
أ -األوامر :بالرجوع إلى الدستور الجزائري نجد أنه اجاز في حاالت استشائية لرئيس الجمهورية التشريع بأوامر بنصه في
المادة ، 142الرئيس الجمهورية أن يشرع بأوامر في حالة شغور المجلس الشعبي الوطني أو بين دورتي البرلمان على أن
يعرض رئيس الجمهورية النصوص التي اتخذها على كل غرفة من البرلمان في أول دورة له لتوافق عليها و تعد الغية إذا لم
يوافق عليها البرلمان"
كما يجوز لرئيس الجمهورية أيضا التشريع باألوامر في الحالة االستشائية المنصوص عليها في المادة 93من الدستور ( إذا
كانت البالد مهددة يخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو استقاللها أو سالمة ترابها )
ب -المراسيم والقرارات اإلدارية :مما ال جدل فيه أن المراسيم والقرارات من أعمال السلطة التنفيذية ومن الجائز أن
تتضمن أحكاما جزائية تجرم وتعاقب على بعض األفعال ،ولكن في مجال المخالفات فحسب كما يتبين ذلك من نص المادة
140ف 7من الدستور وهو النص الذي قضى بأن يشرع البرلمان في مجال قواعد قانون العقوبات ،السيما تحديد الجنايات
والجنح والعقوبات المختلفة المطابقة لها ،حيث ذكر الجنايات والجنح ولم يذكر المخالفات فاتحا الباب أمام التشريع عن طريق
التنظيم في مجال المخالفات
ويقصد بالقرارات االدارية تلك القرارات التنظيمية التي تصدر عن الوزراء والوالة ورؤساء البلديات وإذا كانت القرارات
الوزارية ليس من طبيعتها أن تتضمن أحكاما جزائية فكثيرا ما تتضمن القرارات الوالئية والبلدية أحكاما جزائية تكون
محصورة في المخالفات.
ومن جهة أخرى فان مخالفة المراسيم أو القرارات المتخذة قانونا من طرف السلطة اإلدارية يعد مخالفة طبقا لنص المادة
459ق.
المطلب الثاني :نتائج مبدأ الشرعية
4
ينطبق مبدأ الشرعية على تعريف الجرائم وعلى تحديد العقوبات وتدابير األمن التي تطبق على شخص معين ،ويتعين على
السلطات الثالث مراعاة هذا المبدأ .
فال يجوز للقاضي تجريم فعل لم يجرم بنص أو توقيع عقوبة لم يرد بها نص ،كما ال يجوز له أيضا استعمال القياس في
التجريم أو العقاب.
ولما كان التجريم والعقاب من اختصاص السلطة التشريعية فال تملك السلطة التنفيذية مباشرة هذا االختصاص ،وعلى
السلطة التشريعية أن تتوخي الدقة عند وضع النص وان تسهر على أن يكون ذا أثر مباشر بحيث ال يرجع تطبيقه إلى الماضي
.
الفرع االول :تطبيق مبدأ الشرعية على تعريف الجرائم :
عمال بمبدأ الشرعية ،ليس كل األعمال المخالفة للنظام العام ،مهما بلغت خطورتها ،تفرض مرتكبها للعقاب بصفة تلقائية ،
وإنما يتعرض منها للعقاب ماهو مجرم بنص فحسب ،ومن ثم ال تشكل جريمة تستوجب العقاب إال األعمال المنصوص
والمعاقب عليها بنص سواء صيغ في شكل قانون ( بالنسبة للجنايات والجنح ) أو في شكل الئحة تنظيمية ( بالنسبة للمخالفات
).
يقتضي مبدأ الشرعية أن تكون الجريمة محددة وأن يكون التجريم واضحا كما يستلزم ان يكون تفسير النص الجزائي تفسيرا
ضيقا.
-1يجب أن تكون الجريمة محددة :يقتضي مبدأ الشرعية أن يحدد القانون أركان الجريمة .وهكذا فبمقتضى القانون ،
وتحديدا قانون العقوبات ،تجرم االعتداءات على حياة الغير ويعاقب عليها سواء بوصف القتل العمد مع سبق
اإلصرار أو مع الترصيد ( المادة ) 255أو القتل العمد فقط ( المادة ) 254أو التسميم المادة ( ) 260أو الضرب
العمد المفضي إلى الوفاة دون قصد إحداثها ( الفقرة الرابعة من المادة ) 264أو القتل الخطأ ( المادة ) 288والقانون
هو الذي يجرم ويعاقب أيضا على االعتداءات على ملكية الغير سواء بوصف السرقة ( المادة ( ) 350أو النصب (
المادة ) 372أو خيانة األمانة ( المادة ( ) 376وبالمقابل ال تشكل جريمة وال تكون محل متابعة قضائية وال عقوبة
األعمال التي لم ينص عليها القانون .
وهكذا فإن أعماال كانتهاك حرمة رمضان ( األكل أو الشربا بدون مبرر شرعي ) و االنتحار والكذب ،ما لم يشكل شهادة
زور ،ال تعد جرائم في نظر القانون الوضعي الجزائري طالما أن المشرع لم يعاقب عليها بنص
-2يجب أن يكون التجريم دقيقا :يجب أن ال يكتفي المشرع بالنص على أن عمال ما معاقب عليه بل عليه أن يبين
الظروف التي يكون فيها معرضا للعقاب .
وهكذا فعلى سبيل المثال يتمثل فعل السرقة طبقا النص المادة ( 350ق ع) اختالس شيء مملوك للغير بنية التملك ،ومن ثم
ال تقوم السرقة إذا لم يحصل االختال س و إنما مجرد حيازة أو إذا تم االختالس بدون نية تملك الشيء المختلس .
غير أنه من المحتمل أيضا أن ال يكون التجريم دقيقا كل الدقة ،فقد يكتفي المشرح بالتنصيص على أن عمال ما معاقب عليه
دون بيان العناصر المكونة له ،ومن هذا القبيل جرائم الخضاء ( المادة 274ق ع ) واإلخالل بالحياء ( المادة ) 334وهتك
العرض ( المادة ) 336واألخفاء ( . ) 387وفي هذه الحالة وأمام صمت المشرع يتولى القضاء استخالص أركان الجريمة
دون أن يكون في ذلك مساس بالتجريم .
5
-1اذا كان النص واضحا فليس للقاضي تفسيره بل عليه تطبيقه عمال بمبدأ ال اجتهاد مع صراحة النص ،و استنادا
لهذا المبدأ اس تقر القضاء على عدم جواز القياس في المواد الجزائية و يبرر ذلك بالخشية من ان يؤدي االتجاه العكسي
إلى إحداث جرائم جديدة لم ينص عليها المشرع ،االمر الذي يتنافى مع مبدأ الشرعية .
ومع ذلك يجب أن نعترف بان القضاء لم يتقيد دائما بالتطبيق الصارم لهذه القاعدة ،حيث طبق القضاء نص المادة 39من
القانون رقم 01 -06المؤرخ في 2006 -02 -20المتعلق بمكافحة الفساد على من قدموا مساهمات مالية لمديرية الحملة
االنتخابية للسيد عبد العزيز بوتفليقة المترشح الحر لإلنتخابات الرئاسية المقررة لشهر أفريل 2019الملغاة ،في حين أن
المادة 39المذكورة تجرم وتعاقب التمويل الخفي لألحزاب السياسية وليس تمويل الحملة االنتخابية لمترشح حر النتخابات
رئاسية .
وقد اسس قضاة الموضوع قرارهم على كون حزب سياسي كان يعتبر المرشح عبد العزيز بوتفليقة رئيسه الشرفي ،وهو
تأويل واسع لنص واضح
لقد أرسلت اليوم ،الساعة 12:03م
-2إذا كان النص غامضا :ويحتمل عدة تفسيرات يتعين على القاضي أن يعطي النص معناه الحقيقي متحريا قصد
المشرع ومعتمدا في ذلك على المعطيات المنطقية واللغوية واإلطار الوارد فيه النص ويمكن للقاضي في هذا اإلطار
االستعانة باألعمال التمهيدية للبرلمان بالرجوع إلى تقرير اللجنة المختصة والمناقشة التي دارت بالبرلمان فإذا لم
يتمكن من بلوغ قصد المشرع يتعين عليه تفسير النص باختبار المعنى الذي يؤدي إلى اإلباحة وليس إلى التجريم
وذلك انسجاما مع مبدا ال جريمة إال بقانون .
وفي هذا الصدد نورد ما نصت عليه المادة 144مكرر 2قع التي تعاقب على االستهزاء بالمعلوم من الدين بالضرورة وبأية
شعيرة من شعائر اإلسالم ،وهو النص الذي يثير جدال مع حلول كل شهر رمضان يدور حول ما إذا كان انتهاك حرمة
رمضان الكريم بشكل استهزاء ،حتى ولو تم ذلك خفية ؟ ومرد هذا الجدل إلى عبارة االستهزاء التي تحتمل اكثر من معنى ,
فضال عن صعوية تعريف المعلوم من الدين بالضرورة ،وهي العبارة المستمدة من الفقه اإلسالمي ،وهو ما يقتضي
بالضرورة الرجوع إلى الشريعة اإلسالمية .
فإذا رجعنا إلى األعمال التمهيدية للبرلمان والمناقشات في الجلسات العلنية ال نجد فيها تعبيرا واضحا عن نية المشرع
بخصوص هذه المسألة التي يكتنفها الغموض نظرا لكون االستهزاء يحتمل أكثر من معنى ،وهو األمر الذي يفرض اختيار
المعنى الذي يؤدي إلى اإلباحة عمال بقاعدة التفسير الضيق للنص عند الغموض .
كما أن سياق النص نفسه وطبيعة قانون العقوبات ،وهو قانون وضعي يخاطب المواطن وليس المسلم أو المؤمن ،يفرض هذا
التوجه ،فلو اعتبرنا فرضا أن انتهاك حرمة رمضان الكريم خفية يشكل استهزاء بالمعلوم من الدين وبأية شعيرة من شعائر
اإلسالم ،العتبرنا كذلك عدم أداء الصالة وعدم أداء الزكاة وشرب الخمر ...تشكل استهزاء بالدين .
و تجدر االشارة الى انه ال يعني بالتفسير الضيق للنص التقيد بظاهر اللفظ الواد في النص بل يجوز للقاضي االخذ بنية و غاية
المشرع من اجل تعديل األخطاء المادية او النحوية للنص .
و في كل االحوال ال يحق للقاضي ان يمتنع عن تطبيق النص بحجة انه غامض و إال أعتبر ذلك نكرانا للعدالة ،و هو الفعل
المنصوص و المعاقب عليه بالمادة 136ق ع
6
يقتضي مبدا الشرعية أن ال تطبق على من هم في وضع خطير إال تدابير األمن المقررة قانونا وطبقا لما رسمه القانون و
يتعين على المشرع أن يعرف العناصر األساسية لحالة الخطورة وهكذا وتفاديا ألي تعسف يجب ان تضمن حالة الخطورة
ركنا ماديا بحيث ي كون االعتقاد باحتمال ارتكاب الجريمة الحقا مبنيا على وقائع سابقة ومحددة بدقة ويمكن التأكد منها لكي
يستطيع القاضي أن يؤسس عليها حكمه .
وقد تستخلص خطورة الجريمة المحتملة من أسباب ذاتية كاإلدمان على الكحول أو المخدرات والخلل العقلي حيث تتجلى في
مظهر خارجي او يمكن معاينتها بصفة علمية .
ويتعين أن يكون هذا الركن المادي مضمنا في نص يشكل نوعا من الركن الشرعي إال أن التنصيص على الركن المعنوي
غير ضروري ألن ردة الفعل االجتماعية ال تستند إلى مسؤولية الشخص الذي يوجد في هذه الوضعية .
وإذا كان المشرع الجزائري قد حرص على تجريم الحالة الخطيرة حتى في الحالة التي أجاز فيها تطبيق تدابير ا ألمن قبل
ارتكاب الجريمة ،فأحرى وأولی أن يلتزم بتجريم الحالة الخطيرة عندما يتعلق األمر بتدابير األمن التي من المحتمل الحكم بها
على الجناة عديمي المسؤولية كليا أو جزئيا بعد ارتكابهم للجريمة إذ يجيز القانون في هذه الحالة للقاضي النظر فيما إذا كان
الجاني في حالة خطيرة معينة من شأنها أن تبرر الحكم عليه بتدبير من تدابير األمن ومن هذا القبيل ما نص عليه قانون
العقوبات في المادة 21بالنسبة للحكم بالحجز القضائي على المختلين عقليا ،وما نصت عليه المادة 20من نفس القانون
بالنسبة للحكم بالوضع القضائي في مؤسسة عالجية مهيأة لهذا القرض على المدمنين على الكحول والمخدرات ،وما نص
عليه قانون اإلجراءات الجزائية في المادة 442بالنسبة لتدابير الحماية والتربية المطبقة على القصر الجانحين .
وبوجه عام عمل المشرع الجزائري على تجريم الحالة الخطيرة ،وهكذا وعلى سبيل المثال اشترطت المادة 22ق ع للحكم
بالوضع في مؤسسة عالجية أن تكون الصفة اإلجرامية للمدمن على الكحول أو المخدرات مرتبطة بهذا اإلدمان.
المبحث الثاني :نطاق تطبيق القوانين
القاعدة أن أحكام القوانين ال تسري إال على ما يقع من تاريخ العمل بها وال يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها ،غير أن المسألة
ال تطرح دائما بهذه البساطة إذ من المحتمل أن يأتي قانون جديد لتعديل قانون كان موجودا قبله ،فعلى أساس أي قانون يتعين
مباشرة المتابعات وتطبيق العقوبة ؟ ( المطلب األول)
ومن ناحية أخرى فقد يرتكب مواطن جزائري جريمة خارج الوطن ثم يعود إلى الجزائر ،فعلى أساس أي قانون تباشر
المتابعة ضده وتطبق عليه العقوبة ،هل على أساس قانون مكان ارتكاب الجريمة أم على أساس القانون الجزائري ؟ (المطلب
الثاني)
-مسألة القوانين المعقدة :ويتعلق األمر بتلك القوانين التي تكون في آن واحد أقل شدة وأكثر شدة من القانون السابق.
ومن هذا القبيل القانون الذي يرفع الحد األقصى للعقوية ويخفض حدها األدنى كان تكون العقوبة من سنة إلى ثالث ( ) 3
سنوات فتصبح من ستة ( ) 6أشهر إلى خمس ( ) 5سنوات.
او على خالف ذلك القانون الذي يخفض الحد األقصى ويرفع الحد األدنى كان تكون العقوبة من ستة أشهر إلى خمس ( ) 5
سنوات وتصيح من ستة إلى ثالث ( ) 3سنوات .
تكون العبرة هنا بالحد األقصى للعقوبة السالبة للحرية ،ومن ثم فان القانون األصلح للمتهم هو ذلك الذي يخفض الحد األقصى
ويرفع الحد األدنى وإذا كان القانون قد أتى بأحكام ترفع الغرامة وتخفض عقوية الحبس فان العبرة في هذه الحالة بالعقوبة
األساسية أي بعقوبة الحبس ومن ثم فمثل هذا القانون يعد أصلحا للمتهم
الشرط الثاني :صدور القانون قبل الحكم النهائي :حتى يستفيد المتهم من قانون أصلح يجب أن يصدر هذا القانون قبل أن
يصبح الحكم نهائيا والحكم النهائي هو ما كان الطعن فيه باالستئناف او عن طريق النقض أو المعارضة غير جائز ومن ثم
فطالما لم يحز الحكم قوة الشيء المقضي فيه يتعين تطبيق القانون األصلح للمتهم حتى وان كانت القضية على مستوى
المحكمة العليا إثر طعن بالنقض ،غير أنه في هذه الحالة ال تنقض المحكمة العليا القرار المطعون فيه وإنما تقضي بإلغائه
وبإحالة الملف على قضاة الموضوع للبت فيه من جديد في ضوء القانون الجديد .
وقد خرج المشرع الجزائري ،بصفة استثنائية ،عن هذه القاعدة في القانون رقم 08 - 99المتعلق باستعادة الوئام المدني إذ
نصت المادتين 37و 38منه على ان يستفيد منه المحكوم عليهم نهائيا
اما اذا حاز الحكم قوة الشيء المقضي فاألصل ان ال يستفيد المحكوم عليه من القانون الجديد حتى و ان كان قد الغى تجريما و
عادة ما يستفيد المحكوم عليه في هذه الحالة من عفو رئاسي.
الفرع الثاني :التطبيق الفوري لقوانين االجراءات او قوانين الشكل
خالفا للقانونين العقابية التي ال تكون رجعيتها اال بصفة استثنائية فمن المتفق عليه فقها و قضاء ان القوانين الشكلية ال تمس
بعناصر التجريم وال بالمسؤولية و تطبق فور نفاذها بحيث تطبق على المحاكمة التي تمت من اجل وقائع ارتكبت قبل اصادر
هذه القوانين و من هذا القبيل قوانين االختصاص و التنظيم القضائي و القوانين التي تحدد كيفية المتابعة و اشكال االجراءات .
غير انه يرد على هاذه القاعدة استثناءات تتمثل في :
-1ال يطبق القانون الجديد فورا كلما وجد لصالح المتهم المتابع او المحكوم عليه حق مكتسب :ومن هذا القبيل القانون
الجديد الذي يحذف طريق من طرق الطعن أو يخفض مهلة الطعن أو يعدل آثاره ،فإن مثل هذه القوانين ال تطبق على
من كان قد استفاد من طريق طعن أو من آجال الطعن وقت صدور حكم إدانته ،ومن ثم يستبعد تطبيق القانون الجديد
لكونه يمس بحق مكتب وهكذا وعلى سبيل المثال ،فلو صدر حكم في الجزائر في ظل القانون الحالي الذي يجبر
األستاف في مواد المخالفات ،وبعد النطق بالحكم بخمسة أيام وقبل رفع االستئناف يصدر قانون جديد يلغي األستئناف
في مواد المخالفات ،ففي هذه ال حالة يكون من حق المحكوم عليه إستئناف الحكم المذكور رغم صدور القانون الجديد
ما لم تقضي مهلة األستئناف ( 10أيام ) .
-2ال يؤدي تطبيق القانون الجديد بأي حال من األحوال إلى إبطال اإلجراءات التي تمت صحيحة في ظل القانون السابق
:وفي هذا الصدد نذكر على سبيل المثال ما نصت عليه المادة 6مكرر من قانون اإلجراءات الجزائية المستحدثة
بموجب األمر رقم 02 -15المؤرخ في ، 23/07/2015التي علقت متابعة مسيري المؤسسات العمومية االقتصادية
من أجل جنحة أعمال التسيير التي تؤدي إلى اختالس أو سرقة أو تلف أو ضياع المال ،على شكوى من أجهزة
المؤسسة المعنية ،فهذا اإلجراء الجديد ال يكون له أثر على صحة المتابعات التي تمت في ظل القانون القديم الذي لم
يكن يشترط الشكوى المسبقة .مع العلم أن المادة 6مكررق إج تم إلغاؤها بموجب األمر رقم 19/10المرخ في
.11/12/2019
المطلب الثاني :تطبيق قانون العقوبات من حيث المكان
اعتنق المشرع الجزائري ،على غرار باقي التشريعات ،مبدا إقليمية القوانين الجزائية ومؤداه أن أي العمل يشكل جريمة يقع
داخل إقليم الدولة فان مرتكب هذا الفعل يعاقب بمقتضى قوانين تلك الدولة وعلى هذا األساس تسري أحكام قانون العقوبات
الجزائري داخل إقليم الجمهورية على أي شخص ارتكب جريمة في نظر القانون الجزائري سواء كان مواطنا جزائريا أو
8
أجنبيا ( الفرع االول) غير أن المسالة تتعقد عندما ترتكب جرائم على متن سفن او طائرات جزائرية ( الفرع الثاني) او
ترتكب خارج إقليم الجمهورية ( الفرع الثالث ) .
الفرع االول :تطبيق قانون العقوبات على الجرائم المرتكبة داخل االقليم الجزائري :
تنص المادة 3عقوبات في فقرتها األولى على أن يطبق قانون العقوبات على كافة الجرائم التي ترتكب في أراضي
الجمهورية وهذا الحكم الذي يعد تكريسا لقاعدة إقليمية القانون الجزائي و الذي يجد مبرره في سيادة الدولة على إقليمها.
و يتكون اقليم الدولة من المجال البري و البحري و المجال الجوي
المجال البري :هو المساحة األرضية التي تباشر الدولة عليها سيادتها وتنظم وتقوم فيها بالخدمات العامة .
المجال البحري :هو المنطقة الواقعة بين شاطئ الدولة والبحر العام ،والتي تلزمها لتحقيق أغراض دفاعية وصحية
واقتصادية .وتجدر اإلشارة إلى أن اتفاقية البحر اإلقليمي قد أبرمت في سنة ، 1958فنصت المادة األولى منها على
أن سيادة الدولة تمتد من شاطئها مسافة تكون البحر اإلقليمي ولم تحدد االتفاقية هذه المسافة ,وإن كانت المادة 24قد
نصت على انها ال تجاوز 12ميال .
و في الجزائر حدد المرسوم رقم 63-403الصادر 1963 -10 -12المياه اإلقليمية ب 12ميال بحريا ( الميل البحري
يساوي حوالي 1853مترا ) .ويتسع المجال البحري و المواد الجمركية ليشمل المياه الداخلية تشمل المياه الداخلية المراسي
والموانئ والمستنقعات المالحة .
اما المنطقة المتاخمة ،فهي منطقة تقع وراء البحر اإلقليمي ،أي تبدا ما بعد 12ميال ،طولها 12ميال يبدا حسابه انطالقا
من خط نهاية البحر اإلقليمي اتجاه عرض البحر ،وهذا كما هي محددة في اتفاقية مانتو قوباي لسنة 1982
المجال الجوي :تملك الدولة الفضاء الجوي الذي يعلو إقليمها األرضي وبحرها اإلقليمي .
10
ثانيا :موقف المشرع الجزائري.
الفرع الثاني :انعدام العدول االختياري.
أوال :تعريفه
ثانيا :وقت العدول االختياري.
الفرع الثالث :مسألة الجريمة المستحيلة و الجريمة الخائبة.
أوال :الحلول الفقهية.
ثانيا :موقف القضاء ) الجزائري و الفرنسي(
المطلب الثاني :الجزاء في الشروع.
مقدمة :ال يعاقب قانون العقوبات على األفكار رغم قباحتها و ال على النوايا السيئة مالم تظهر إلى الوجود الخارجي بفعل أو
عمل ،و يشكل الفعل أو العمل الخارجي الذي يعبر عن النية الجنائية أو الخطأ الجزائي ما يسمر بالركن المادي للجريمة ،
فعلى سبيل المثال يتمثل الركن المادي في جريمة القتل في الطلقة النارية أو الطعن بالخنجر ،و يتمثل في االستيالء على مال
الغير في جريمة السرقة ،و إذا كان القانون يوجب دائما فعال ماديا في الجريمة فانه ال يشترط أن يترك هذا الفعل آثارا مادية
و أنه يتسبب في نتائج ضارة مثل حالتي الشروع و الجريمة الخائبة.
11
من المحتمل أن يتسبب مجرد امتناع في جريمة ايجابية و من هذا القبيل القتل أو الجرح الناتج عن إهمال و إذا كان القانون ال
يسوى من حيث العقاب في الجريمتين المذكورة أعاله ،فالسؤال المثار هو هل يمكن أن يشكل االمتناع جريمة ايجابية ؟
فعلى هل يسأل من أجل القتل العمد بسبب امتناعه عن تقديم الغذاء إلى غيره إلى أن مات ،ومن امتنع عن تقديم المساعدة
لغيره في الوقت الذي كان يغرق فيه أمامه ؟
الجواب يكون بالنفي ،فال جريمة ايجابية باالمتناع باستثناء الحاالت التي نص عليها المشرع في ق صراحة في م 269ق ع
،و التي تعاقب على الذي منع عمدا عن قاصر ال يتجاوز ينه 16س الطعام أو العناية إلى الحد الذي يعرض صحته للضرر
.
المطلب الثاني :التمييز بين الجرائم بناء على الركن المادي :سوف نميز بين هذه الجرائم بناء على طريقة تنفيذها.
الفرع األول :الجرائم اآلنية و الجرائم المستمرة :
قد تكتمل الجريمة عناصرها في اللحظة التي تقع فيها و تشكل بالتالي جريمة آنية ،و قد يستمر العمل الجرمي أو يتكرر زمنا
معينا فيشكل جريمة مستمرة.
أوال :ج اآلنية :و هي الجرائم التي تستلزم من الجاني فعال ،ماديا يبدأ و ينتهي في فترة زمنية محددة فيتحدد تاريخ ارتكاب
الجريمة بهذا الوقت ،و معظم الجرائم تعد آنية مثل القتل و السرقة ففي اللحظة التي يتم فيها العمل الجرمي تكتمل عناصره و
تظهر نتيجته و ذلك بغض النظر عن استمرارية هذه النتيجة و بغض النظر أيضا عن المهلة التي قد تشكل عنصرا مكونا
لركن من أركان الجريمة كما هو الحال في جريمة عدم تسديد نفقة على الرغم من أنها آنية لكن تقتضي ضمن أركانها عدم
تسديد النفقة الغذائية لمدة تزيد عن شهرين.
ثانيا :ج المستمرة :وهي تلك التي تستلزم من الجاني نشاطا ايجابيا أو سلبيا يستغرق فترة زمنية غالبا ما تكون طويلة و
تستمر الجريمة المستمرة باستمرار الفعل الجرمي أي بامتداده زمنا و بتكراره فترة من الزمن .مثال ذلك الحجز التعسفي فان
هذه الجريمة تستمر باستمرار هذا الحجز ) م 291ق ع ( اخفاء أشياء مسروقة و االحتفاظ بها ) م – 387قع (عدم تسليم
القاصر ) -م 328ق ع( .
هذا و تجدر اإلشارة الى ما يسمى بالجريمة المتكررة ،اذ من المحتمل أن تكون لجريمة آنية بطبيعتها خصائص الجريمة
المستمرة و من هذا القبيل السرقة التي تتمثل في اختالس مال الغير فهي جريمة آنية بطبيعتها ،و لكن قد تحقق بمجموعة من
األعمال المتتالية ،كما هو الحال في سرقة المال أو الغاز أو الكهرباء عن طريق الوصل المباشر باألنبوب الرئيسي ،فهل تعد
هذا السرقة آنية أم مستمرة ؟ هي آنية كون العمل األول المرتكب يشكل بمفرده جريمة معاقب عليها ،و لكن مادامت هذه
األعمال المتتالية تشكل وحدة سواء من حيث المشروع اإلجرامي أو من حيث الحق المعتدى عليه فان مجموعة هذه األعمال
تكون جنحة واحدة تعرض مرتكبها لعقوبة واحدة.
ثالثا :الفائدة من التفرقة بين الجرائم اآلنية و الجرائم المستمرة:
.1التقادم :يبدأ حساب تقادم ج اآلنية من يوم ارتكاب الفعل و يبدأ حسابه في ج المستمرة من يوم انتهاء الفعل اإلجرامي
،فالنسبة لجريمة اخفاء أشياء مسروقة ،فالتقادم يبدأ حسابه من اليوم الذي لم يعد الشيء المخفي في حوزة الجاني ،
أما التقادم في جريمة البناء بدون رخصة ينطلق ابتداء من اليوم الذي تنتهي فيه األشغال.
.2سريان تطبيق النص الجديد :الجرائم اآلنية يحكمها القانون الجديد وقت ارتكاب الجريمة ،أما الجرائم المستمرة
فيحكمها القانون الجديد ،حتى و إن كان أكثر شدة من القديم إذا ما بدأ العمل في ظل القانون القديم و استمر بكل
أركان الجريمة في ظل القانون الجديد.
.3االختصاص :يؤول االختصاص في الجرائم اآلنية إلى محكمة واحدة و هي مكان ارتكاب الجريمة ،أما الجرائم
المستمرة فيمكن أن تكون عدة محاكم مختصة إذا ارتكب هذا الفعل في مكان و استمر في أماكن أخرى كما في جريمة
الحجز) م 294ق ع(
.4العقاب :تكون الجريمة المستمرة جريمة واحدة و تكون محل متابعة واحدة ،غير أنه مادامت هذه الجريمة تقتضي
استمرار اإلرادة الجرمية و تكرارها فقد استقر القضاء في الجزائر ،على جواز الحكم بعقوبة جديدة على الجاني من
أجل جنحة اإلهمال العائلي رغم صدور عقوبة سابقة عليه و ذلك في حال ما إذا استمرت الحالة اإلجرامية بإصراره
على عدم الوفاء بالتزاماته.
الفرع الثاني :الجريمة البسيطة و جريمة االعتياد:
12
أوال :ج البسيطة :وهي تلك التي تتكون من عمل أو امتناع واحد و منعزل مثل السرقة التي تتم باالستيالء على مال الغير و
القتل الذي يتم بضربة قاتلة واحدة.
ثانيا :ج االعتياد :ال تتم هذه الجرائم إال بتكرار األفعال المحظورة قانونا ،مثال جريمة االعتياد على تحريض قصر لم
يبلغوا س 18على الفسق و فساد األخالق ) م 342ق ع ( االعتياد على ممارسة التسول ) م 195ق ع ( ،ولكن فان السؤال
المطروح هو متى يتحقق االعتياد المعاقب عليه ؟ أجاب القضاء الفرنسي على هذا ،ومنه يستشف أن االعتياد ال يستلزم أن
يكون ضحية هذه األعمال أشخاصا مختلفين اذ يتحقق االعتياد حتى و ان كان ضحيتها شخصا واحدا ،كما أنه ال يستلزم تعدد
األعمال اذ يكفي فعالن لتكوين االعتياد.
ثالثا :الفائدة من التمييز بين ج البسيطة و ج االعتياد:
.1التقادم :يبدأ سريان تقادم جريمة االعتياد من يوم تمام آخر عمل مشكل لالعتياد ،و ذلك اعتبار أن التقادم يسري من
يوم ارتكاب الجريمة ،و ال يهم أن كان العمل األخير تفصله عن العمل األول مدة زمنية طويلة.
.2مباشرة الدعوى المدنية :ال يجوز للضحية أن يباشر الدعوى المدنية أمام المحكمة الجزائية ما دامت جريمة االعتياد
لم تحقق بعد ،غير أنه إذا تضرر من عمل فريد أجاز القضاء للضحية اللجوء إلى المحكمة التي تبت في المسائل
المدنية للمطالبة بالتعويض على أساس م 124ق م.
.3تطبيق القانون الجديد :يطبق القانون الجديد على جريمة االعتياد ،حتى و ان كان أكثر شدة من القانون القديم ،إذا
ما كان آخر عمل مكونا لها قد تم الحقا لبدء سريان القانون الجديد.
كما يجب أن نشير إلى أن هناك نوع آخر من الجرائم و هري الجريمة المركبة و التي تتكون من عدة أعمال مادية مختلفة و
منسقة و تساهم في بلوغ غاية واحدة " .و من هذا القبيل جريمة النصب التي تتمثل في استالم شيء باستعمال مناورات
تدليسية ،ومن ثم فان تحقق هذه الجريمة يتطلب القيام بعملين مختلفين و هما عمل مادي يتمثل في المناورات و عمل مادي
آخر يتمثل في التوصل إلى استالم شيء ،فهذان العمالن مختلفان عن بعضهما البعض و لكنهما يشكالن مرحلتين متتاليتين
لمشروع إجرامي فريد يرمي الى سلب كل ثروة الغير أو بعضها.
كما تكمن الفائدة من التمييز بين ج البسيطة و ج المركبة هي أنه كما رأينا أن هذه األخيرة مكونة من أعمال متتالية فمن
المحتمل أن تتم هذه األعمال في أماكن مختلفة و إذا حصل ذلك ستكون عدة محاكم مختصة للبت في هذه الجنحة) جريمة
اصدار شيك بدون رصيد (كما أن سريان التقادم يبدأ من يوم ارتكاب آخر عمل مكون للجنحة في ج المركبة.
و فضال عن التمييز بين الجرائم عن طريق التنفيذ يمكن التمييز أيضا على أساس النتيجة ،وتبعا لذلك نميز بين الجريمة
المادية التي تكون فيها النتيجة عنصر من عناصر الجريمة بحيث ال تنفذ إال بتحقق الضرر ،كما هو الحال في معظم الجرائم
السرقة مثال ،و الجريمة الشكلية التي خالف األخرى ،تقوم بصرف النظر عن أي ضرر و حتى و ان لم تتحقق النتيجة التي
أرادها الجاني ( جريمة التسميم م ،) 260و تكمن الفائدة من التمييز بين هاتين الطائفتين من الجرائم في الشروع حيث يصعب
في الجرائم الشكلية فصل الجريمة التاسعة عن الجريمة المشروع فيها أو الخائبة .
المبحث الثاني :الشروع ( المحاولة )
إذا كانت الجريمة ال تلتئم اال يتوافر فعل مادي فانه ليس من الضروري أن يترتب عن هذا الفعل نتيجة مضرة حتى تكون
الجريمة قابلة للجزاء ،فإذا تحققت النتيجة نكون بصدد جريمة تامة ،واذا لم تتحقق نكون بصد الشروع ،كما أن األصل في
ق ع ج ،أن الشروع معاقب عليه ،كما يجب أن نشير إلى أن الجريمة قبل تمامها تمر بثالث مراحل و هي :مرحلة التفكير و
العزم بحيث ال يعاقب فيها الفاعل على ما يأتيه من أفعال ولو اعترف بذلك ،مرحلة التحضير للجريمة و القاعدة فيها أيضا
هي عدم العقاب اال ما استثناء المشرع بنص ال سيما في م 273ق ع حيث نص على عقوبة من يساعد شخص في األفعال
التحضيرية لالنتحار إذا نفذ االنتحار ،ثم تأتي مرحلة الشروع و هي المرحلة التي تنصرف فيها ارادة الجاني إلى تنفيذ
الجريمة فعال فيبدأ في تنفيذ الركن المادي و لكنها ال تتم ألسباب ال دخل إلرادته فيها حسب نص المادة 30ق ع .
المطلب األول :أركان المشروع
الفرع األول :البدء في التنفيذ
وهو فعل مادي و من هنا يتميز البدء في التنفيذ عن العزم أو التصميم اإلجرامي ذو الطابع النفسي الذي ال عقاب عليه ،غير
انه يصعب التمييز بين البدء في التنفيذ و األعمال التحضيرية التي هي األخرى أعماال مادي ، .و هكذا يثور التساؤل حول ما
13
إذا كان شراء مسدسا عمال تحضيريا أم بدأ في تنفيذ جريمة القتل ؟ ذلك أنه من الجائز شراء مسدس للدفاع عن النفس أو
لالنتحار ..
و يكتسي التمييز بينهما أهمية قصوى ذلك أن البدء في التنفيذ معاقب عليه عك األعمال التحضيرية باستثناء ما نص عليه
المشرع قانون بخصوص م 273ق ع
أوال :موقف الفقه من ذلك التمييز
المذهب المادي :يرى أصحاب هذا المذهب أن الفعل ال يدخل في دائرة التنفيذ إال إذا أصاب به الفاعل الركن المادي للجريمة
كما عرفها القانون ،وتبعا لذلك ال يعد الفاعل شارعا في ج السرقة التي ركنها المادي اختالس الشيء ،إال إذا وضع يده على
الشيء المراد اختالسه و ال يعد شارعا في القتل ،التي ركنها المادي ازهاق الروح إال أذا مس الجاني سالمة جسم المجني
عليه بأعمال .أما األفعال السابقة على ذلك فطالما أنها ال تدخل في التعريف ق للجريمة فهي ال تعد بد التنفيذ مهما كانت قريبة
من هذا التنفيذ ،و هكذا فإذا أخذنا لهذا المذهب فان أعماال كثيرة تفلت من العقاب بالرغم أنها تنم عن قصد جنائي لدى الفاعل .
يعب على هذا المذهب رغم وضوحه و دقته أنه يحصر الشروع في نطاق ضيق بما ال يحقق حماية كافية للمجتمع ضد مجرم
أصبح قريبا من النتيجة المقصودة .
المذهب الشخصي :يبحث أنصار هذا المذهب في اردة الجاني االجرامية أي مدى داللة أفعال الشخص على قصده ،فحسب
هذا الرأي يعد الفعل بدأ في التنفيذ ولو كان سابقا عن األفعال المكونة للجريمة متى أمكن القول أن هذا الفعل سوف يدفع
بالمجرم حتما إذا ترك و شأنه إلى ارتكاب الجريمة ،و هكذا يعد سارقا من يضبط و هو يكسر الخزينة ،فثمة بدأ في التنفيذ
على الرغم من أنه لم يضع يده بعد على المال الموجود داخلها ولم يستولي عليه
ثانيا :موقف المشرع :يتبين من نص م 30أن المشرع أخذ بالمذهب الشخصي و ذلك يستشف من عبارة " الفعل الذي
يؤدي مباشرة إلى ارتكاب الجريمة " بمعني أن المشرع لم يشترط أن يؤدي الفعل حاال إلى النتيجة المقصودة ألن الشروع قد
يستغرق مدة طويلة قبل أن تتم الجريمة و مثال ذلك القيام بحفر نفق في األرض يؤدي إلى خزائن البنك لسرقتها
الفرع الثاني :انعدام العدول االختياري:
ان البدء في التنفيذ غير كاف لتكوين الشروع إذا لم يتوفر العنصر الثاني وهو وقف التنفيذ أو خيبة أثر األفعال نتيجة لظروف
مستقلة عن ارادة مرتكبها أي بمعنى آخر لسبب اجباري ،أما إذا كان عدم تمام الجريمة راجعا إلى ارادة الفاعل فان الشروع
ينعدم ،و يرمي المشرع من خالل ذلك إلى تشجيع الجانحين على التخلي عن تنفيذ مشروعهم االجرامي ما دام لم يكتمل بعد ،
ولك لن يتأتى ذلك إال إذا كان العدول اختياريا و تم قبل تنفيذ الجريمة
أوال :تعريف العدول االختياري :
يكون العدول اختياريا إذا كان عدم تمام الجريمة راجعا االرادة الفاعل ،أي إذا كف من تلقاء نفسه عن التمادي في نشاطه أو
سعي لمنع تحقق النتيجة " ،وال عبرة هنا بالسبب او الباعث على العدول فقد يكون التوبة أو الرأفة أو خشية العقاب ،و يكون
العدول اجباريا إذا كان بسبب عوامل خارجية مادية مستقلة عن ارادة الفاعل ،مثال هروب الضحية ،أمساك يد المجرم قبل
اطالق النار ...
غير أن تدخل الغير ال ينفي بالضرورة العدول االختياري ،كما قضي في القضاء الفرنسي بأن العدول اختياريا في قضية
اقتصر فيها دور المتدخل على تقديم النصيحة للفاعل لصرفه عن مشروعه االجرامي دون أن يمارس عليه أي اكراه فأتت
النصيحة بثمارها حيث اوقف الفاعل محاولته بفعل حر بمحض ارادته ،و قد يكون العدول بسبب عوامل خارجية معنوية مثال
،رؤية عون من أعوان الشرطة ،ومن هنا يثور التساؤل التالي :فهل يعد هذا العدول الذي كان بسبب عوامل خارجية عدوال
اختياريا أو اجباريا ؟ من الصعب الفصل جزما في هذه المسألة ذلك أن العدول هنا ناتج عن ارادة الفاعل الذي توقف عن تنفيذ
مشروعه االجرامي دون للتأكد من أيهما كان السبب الرئيسي في العدول ارادة الفاعل أو العوامل الخارجية ؟ و هي مسألة
وقائع يرجع لقضاة الموضوع الفصل فيها .
ثانيا :وقت العدول االختياري :
في جميع األحوال يجب أن يتم العدول االختياري قبل ارتكاب الجريمة فإذا تمت الجريمة و حاول فاعلها محو آثارها فهذا ال
يعتبر عدوال و انما مجرد توبة ال أثر لها على الطابع االجرامي للفاعل مثال ال يمحو الجاني الذي يسرع إلى اطفاء النار التي أ
جريمة الحريق و إذا كان من السهل التمييز بين العدول االختياري و التوبة في الجرائم المادية ،أي الجرائم التي تكون فيها
14
النتيجة ركنا من أركان الجريمة و بالتالي ال تتنفذ فيها الجريمة إال بتحقيق النتيجة مثل جريمة القتل العمد التي ال تتحقق إال
بوفاة المجني عليه ،فإذا ما ألقي بشخص في الماء قبل أن يموت نكون أمام حالة عدول اختياري و من ثم ال شروع هنا غير
أن الفصل بين العدول االختياري و التوبة ليس باألمر الهين في الجرائم الشكلية التي تتحقق فيها الجريمة قبل بلوغ النتيجة و
مثال ذلك ج التسميم م ، 260ففي مثل هذه الجرائم ال يمكن أن نتصور حدوث عدول اختياري ومن ثم فإذا أعطي سم للضحية
ثم ناولها الجاني جوهرا مضاد للسم ،فليس هنا عدول و انما مجرد توبة
15
أما بالنسبة للوسيلة المستعملة :تكون االستحالة مطلقة إذا كانت الوسيلة المستعملة ال تصلح إلحداث النتيجة مثال من يطلق
الرصاص على شخص من أجل قتله بسالح خال من الذخيرة ،وتكون االستحالة نسبية إذا كانت الوسيلة صالحة و لكنها لم
تحدث النتيجة بسبب سوء استعمالها أو االنعدام المهارة ،كمن يلقي قنبلة و لكنها لم تنفجر لعدم الدراية بكيفية استعمالها و
سواء تعلق األمر بالموضوع أو بالوسيلة يعاقب الفعل في االستحالة النسبية بوصفها شروعا ،و ال يعاقب في االستحالة
المطلقة
ب :االستحالة المادية و االستحالة القانونية :
-االستحالة المادية :فمردها إلى الوسائل المستعملة أو مكان الشيء كعدم اصابة الهدف في جريمة القتل بسبب عدم صالحية
الخراطيش المستعملة أو لعدم وجود الشخص في المكان المعتاد ،و هي معاقب عليها أيا كانت في المحل أو في الوسيلة ،و
بالنسبة لهذه األخيرة سواء أكانت االستحالة مطلقة أو نسبية
أما االستحالة القانونية فتتحقق إذا انعدم في الجريمة أحد أركانها القانونية كركن اإلنسان الحي في جريمة القتل و ركن المادة
السامة في جريمة التسميم و تجدر اإلشارة في األخير أن هذا المذهب وجد صدى لدى المشرع الجزائري حيث جرم الشروع
في إجهاض امرأة غير حامل في م 304قع كما جرم إعطاء مواد سامة غير قاتلة و لكنها مضرة بالصحة في م 275ق ع.
ثانيا :موقف المشرع الجزائري :إذا كان المشرع الجزائري لم ينص على الجريمة المستحيلة بصفتها هذه فان المتمعن في
حكم م 30ق ع يالحظ أنه أخذ بالرأي التصالحي الذي يميز بين االستحالة المادي ،ومردها إلى الوسيلة المستعملة أو مكان
الشيء و االستحالة القانونية التي تتحقق إذا انعدم في الجريمة أحد أركانها القانونية كركن اإلنسان الحي في جريمة القتل ،و
هكذا يكون المشرع قد اعتبر االستحالة المادية صورة من صور الجريمة الخائبة و من ثم فهي معاقب عليها سواء كانت
االستحالة في الوسيلة أو في المحل ،و تبقى االستحالة القانونية بدون عقاب ، .غير أن المشرع خرج عن هذه القاعدة في م
260وم 304ق ع ،فاألولى نصت على عدم العقاب .على الجريمة المستحيلة التي مردها إلى الوسيلة بقولها أن " التسمم
هو االعتداء على حياة انسان بتأثير مواد يمكن أن تؤدي إلى الوفاة " ،و بالتالي فال جناية و ال شروع في جناية التسمم إذا
كانت المواد المستعملة ال تؤدي إلى الوفاة ،بمعنى أن المشرع أخذ بعدم العقاب على االستحالة المطلقة التي مردها إلى
الوسيلة خالفا لما جاء في م 30ق ع.
األفعال المبررة
16
قد يزول عنصر عدم المشروعية عن الفعل بسبب اقترانه بظروف تبرره رغم النص على تجريمه ،حيث أن هناك حاالت
تبرر الفعل وتبطل عنه مفعول نص التجريم ثم أسباب اإلباحة
المبحث األول :األحكام العامة ألسباب اإلباحة وأنواعها
المطلب االول :التعريف بأسباب االباحة
الفرع االول :المقصود بأسباب اإلباحة
الفرع الثاني :الجهل أو الغلط في أسباب اإلباحة ( مسألة توهم االعتداء )
المطلب الثاني :تمييز أسباب اإلباحة عن األنظمة المشابهة
الفرع االول :أسباب اإلباحة و موانع المسؤولية
الفرع الثاني :أسباب اإلباحة عن موانع العقاب
المطلب الثالث :أنواع أسباب اإلباحة
الفرع االول :أمر القانون ( أداء الواجب القانوني )
الفرع الثاني :إذن القانون ( استعمال الحق )
الفرع الثالث :حالة الضرورة
الفرع الرابع :رضاء المجني عليه
المبحث الثاني :الدفاع الشرعي باعتباره أهم أسباب اإلباحة
المطلب االول :مفهوم الدفاع الشرعي
الفرع االول :تعريف الدفاع الشرعي
الفرع الثاني :طبيعة الدفاع الشرعي
الفرع الثالث :مجال الدفاع المشروع
المطلب الثاني :شروط الدفاع المشروع
الفرع االول :شروط فعل االعتداء
الفرع الثاني :شروط فعل الدفاع
الفرع الثالث :حكم تجاوز حدود الدفاع الشرعي
المطلب الثالث :الحاالت الخاصة الممتازة للدفاع الشرعي ( المادة 40ق ع ج )
17
«األفعال المبررة » ،في المادتين 39و 40من قانون العقوبات في الباب المتعلق بالجريمة ،ضمن الكتاب الثاني المتعلق
باألفعال واألشخاص الخاضعون للجريمة.
الفرع الثاني :الجهل أو الغلط في أسباب اإلباحة ( مسألة توهم االعتداء )
ويقصد به ان تحيط بالشخص ظروف ومالبسات تجعله يعتقد بأن ثمة اعتداء يقع عليه أو على غيره فيبادر فورا باستخدام
القوة الالزمة لدفعة ثم يتضح أن اعتقاده لم يكن إال وهما. 1
من شروط اسباب اإلباحة أن يكون موجودا فعال ،بأن يكون الخطر حقيقيا في الدفاع الشرعي ،ورضاء الضحية غير معيب
،وأمر السلطة صحيحا .ولذلك فإن الجهل أو الغلط في أسباب اإلباحة ينفي اإلستفادة منها ،فإن كان يؤثر في الركن المعنوي
ويحول المسؤولية من العمد إلى الخطا ،فهو ال يؤثر في الركن الشرعي وال المادي .فإذا توهم الشخص أن أسباب اإلباحة
متوفرة بجميع شروطها في حين أنها غير متوفرة ،اليكون فعله مبررا .كمن يقتل شخصا ظنا منه أنه مصدر خطر أو من
يضرب شخصا غريبا دخل في الليل إلى بيته يظنه لصا ،ثم يتبين أنه شخص قريب ،أو الضابط الذي يعتقد خطأ أن أمرا قد
صدر إليه من رئيسه بتفتيش بيت أو القبض على شخص .يسألون عن الجريمة غير العمدية .
وهذا على أساس أن أسباب اإلباحة عامة ،بما فيها الدفاع المشروع ،ذات طبيعة موضوعية وليست شخصية ،بمعنى أن
وجودها قانونا يرتبط بوجودها في الواقع فإذا تخلف الثاني تخلف األول ،وينبني على ذلك أن توهم االعتداء ال يعدل قيامه.
المطلب الثاني :تمييز أسباب اإلباحة عن األنظمة المشابهة
الفرع االول :أسباب اإلباحة و موانع المسؤولية
موانع المسؤولية الجزائية عبارة عن عوامل داخلية شخصية تتعلق بشخصية الجاني ( ،صغر السن أو الجنون أو
اإلكراه ) تجعل إرادته غير معتبرة قانونا ،فموانع المسؤولية الجزائية تؤثر في الركن المعنوي ،وال تؤثر في الركن
الشرعي وال المادي للجريمة حيث يعتبر المشرع عن أثرها في المواد 47-49ق ع بقوله " ال عقوبة " ..ينتفي بها
العقاب وليس الجريمة ،حيث يمكن تطبيق التدابير االحترازية .بينما أسباب التبرير أو اإلباحة تنفي الجريمة تماما
عبر المشرع عن أثرها في المادتين 39و 40بقوله " ال جريمة.. " .
موانع المسؤولية الجزائية ال تنتفي المسؤولية المدنية حيث يلزم الشخص أو مسؤولة المدني بتعويض ما سببته أفعاله
من أضرار مادية .بينما في األفعال المبرر تنتفي المسؤولية الجزائية والمدنية
تطبيق أسباب اإلباحة يستفيد منه كل شخص ساهم في الجريمة ،باعتبارها ظروفا لصيقة بالجريمة ،بينما موانع
المسؤولية باعتبارها لصيقة بشخصية الجاني ،فال يستفيد منها إال من توفرت لديه.
الفرع الثاني :أسباب اإلباحة عن موانع العقاب:
موانع العقاب شخصية تتعلق بشخص الجاني ،تحول دون توقيع الجزاء على من توفرت في حقه ،وال تمتد إلى غيره من
المساهمين معه في الجريمة ،وهي ال تنفي قيام الجريمة وال تحول دون قيام المسؤولية الجنائية ،وال المسؤولية المدنية .
ومثالها األعذار المعفية من العقاب في الم 52ق ع " األعذار هي حاالت محددة في القانون على سبيل الحصر يترتب عليها
مع قيام الجريمة والمسؤولية إما عدم عقاب المتهم إذا كانت أعذارا معفية وإما تخفيف العقوبة إذا كانت مخففة .ومع ذلك
يجوز للقاضي في حالة اإلعفاء أن يطبق تدابير األمن على المعفي عنه" .
المطلب الثالث :أنواع أسباب اإلباحة :
نظم المشرع األفعال المبررة بالمادتين 39و 40من قانون العقوبات تحت الباب المتعلق بالجريمة ،ضمن الكتاب الثاني
المتعلق باألفعال واألشخاص الخاضعون للعقوبة .وهي ثالثة أسباب للتبرير وهي:
-1ما يأذن به القانون ويسمى في تشريعات أخرى ممارسة الحق .
-2ما يأمر به القانون ويسمى في تشريعات أخرى أداء الواجب
1اخذت محكمة النقض الفرنسية في قرارها الصادر في 1957بالدفاع المشروع لصالح الوالد الذي أطلق النار على شخص فأرداه قتيال بعدما شاهده وهو يهدد ابنه بسالح ناري
،وقد تبين بعد ذلك أنه لم يكن يقصد إيذاء الولد وإنما كان يمزح معه فقط .
18
-3الدفاع الشرعي
-4كما توجد حاالت أخرى لإلباحة في بعض الدول وليست مقررة بنص عام في التشريع الجزائري ولكن يظم
حاالت محدودة بنصوص خاصة وهي:
-حالة الضرورة
-ورضاء المجني عليه.
الفرع االول :أمر القانون ( أداء الواجب القانوني )
إذا كان السلوك مرتكبا بأمر القانون بمفهومه الواسع ،أي التشريع أو التنظيم أو أوامر السلطة اإلدارية ،فهو ال يخضع
للتجريم والعقاب ،إذ يعتبر سلوكا مبررا ينفي المسؤولية الجزائية والمدنية ومن أمثلته واجب الطبيب وهياكل مؤسسات
الصحة في اإلبالغ عن المرض المعدي بموجب المادة 293من قانون الصحة ، 18-11ال يدان عنه بإفشاء السر المهني
بموجب المادة 301ق ع .
وكذلك ال يسأل الموظف المكلف بتنفيذ حكم اإلعدام عن جريمة القتل العمد ،وال يسأل مدير المؤسسة العقابية عن جريمة
احتجاز األشخاص بدون وجه حق عندما ينفذ الحكم بالسجن ،وال يسأل الشاهد عن القذف عند شهادته.
ويدخل في تنفيذ القانون تنفيذ الموظف ألوامر الشرعية صادرة عن السلطة اإلدارية المختصة ،حيث يشترط أن يكون األمر
مشروعا مستوفيا للشروط الشكلية والموضوعية التي يتطلبها القانون في األمر.
و يميز بين األمر الذي تكون عدم مشروعيته ظاهرة جليا واألمر الذي يبدو أنه قانوني .ففي الحالة األولى أي إذا كانت عدم
مشروعية األمر ظاهرة بصفة جلية فال يصلح فعال مبررا ،ومقابل ذلك فإذا كان األمر يظهر أنه مشروع ،فإنه في هذه الحالة
يصلح فعال مبررا.
إذا كان الموظف ال يعلم بعدم مشروعية األمر الصادر إليه ال أثر لهذا الجهل على المسؤولية الجنائية للموظف إذا تعلق بقواعد
قانون العقوبات ،اذ العلم بها مفترض عند كل الناس ،أما اذا تعلق الجهل بقواعد غير قانون العقوبات فإن القصد الجناني
ينتفي وتنتفي به المسؤولية .
في جرائم االعتداء على الحريات تنص المادة 107يعاقب الموظف العمومي بالسجن المؤقت من 5سنوات إلى 10سنوات
إذا أمر بعمل تحكمي أوماس سواء بالحرية الشخصية للفرد أو بالحقوق الوطنية المواطن أو أكثر .ونصت المادة 108أن
مرتكب الجنايات المنصوص عليها في المادة 107مسؤول شخصيا مسؤولية مدنية وكذلك الدولة على أن يكون لها حق
الرجوع على الفاعل.
الفرع الثاني :إذن القانون ( استعمال الحق )
إذن القانون هو حق يقرره القانون بمفهومه العام الواسع أي القواعد القانونية والشرعية والعرفية المكتوبة أو غير المكتوبة ،
بشرط أن يستعمل الحق من صاحب الصفة وأن ال يتعسف في استعماله ،ومنه :
-1إذن القانون المواطنين بأن يقبضوا على المتلبس بالجريمة ويقتادوه إلى أقرب مركز شرطة أو درك
(الم 61ق إج ) .دون أن يتابعوا بجناية القبض على األشخاص واحتجازهم بالمادة 291ق ع.
-2تأديب الصغار بالضرب الخفيف ،ممن له حق التأديب وهو األب أو الولي ،أو من ينوب األب
بمقتضى قانون أو عقد ،حيث يستثني نصت المادة 269ق ع في جريمة العنف ضد القصر أفعال
التأديب بقولها " ...فيما عدا اإليذاء الخفيف "
-3استعمال الرخص القانونية :مثل أعمال الجراحة الطبية في حدود قانون أخالقيات الطب ،وكذلك
العنف الذي يقر خالل ممارسة األلعاب الرياضة المصارعة و المالكمة في حدود احترام قواعد
اللعبة .
الفرع الثالث :حالة الضرورة :
19
تقوم حالة الضرورة على أساس ارتكاب جريمة تؤدي إلى التضحية بمصلحة في سبيل صيانة مصلحة أخرى تعلوها من خطر
يحيط بها ،مثل الطبيب الذي يجهض الحامل فيضحي بالجنين في سبيل إنقاذ حياة المرأة .ومن يحطم األبواب من أجل تقديم
النجدة إلى أشخاص تحيط بهم النيران.
القانون الجزائري ال ينص على حالة الضرورة كفعل مبرر ولكن ينص على حالة الضرورة التي تنفي المسؤولية الجنائية وال
تنفي الجريمة وذلك في المادة " 48ال عقوبة لمن اضطرته إلى ارتكاب الجريمة قوة ال قبل له بدفعه " .وهذه القوة تمثل
خطرا يهدد النفس أو المال أو العرض أو الشرف واالعتبار ،يكون جسيما و وشيكا ،وال وسيلة لدفعه إال ارتكاب الجريمة .
ومن أمثلة ذلك المادة 308من قانون العقوبات " ال عقوبة على اإلجهاض إذا استوجبته ضرورة إنقاذ حياة األم من الخطر
متى أجراه طبيب أو جراح في غير خفاء وبعد إبالغه السلطة اإلدارية " .وتؤكد هذا الحكم المادة 77من قانون الصحة (
القانون رقم " ) 18-11يهدف اإليقاف العالجي للحمل إلى حماية صحة األم عندما تكون حياتها أو توازنها النفسي والعقلي
مهددين بخطر بسبب الحمل
الفرع الرابع :رضاء المجني عليه
الرضاء كسبب إباحة هو تنازل الشخص عن مصلحة له يحميها القانون فيقبل االعتداء عليها ،وهو عادة ال يشمل الجرائم
الخطيرة كالقتل والجرح والجرائم الماسة بالمصالح العامة عندما تقع على أحد األفراد .
يجمع الفقه على عدم اعتبار رضاء المجني عليه من أسباب اإلباحة كقاعدة عامة ،ألن كل جريمة ولو كانت ضد القرد مثل
اعتداءا على المجتمع والمصالح العامة ،وال يقوى رضاء الضحية على إباحتها ،ولذلك أغلب الدول ومنها الجزائر ال تنص
عليه بنص عام ،لكن تكتفي بالنص عليها في كل جريمة يرى المشرع مبررا لإلعتداد برضاء المجني عليه فيها . .ويعطي
المشرع الجنائي أحيانا للرضاء أهمية خاصة في الحاالت التالية :
-حالة اشتراط انعدام الرضاء في عناصر الركن المادي :كما في دخول منزل مواطن بدون رضاه المادة 135
ق ع ،واإلغتصاب المادة 336ق ع .حيث تنعدم الجريمة إذا كانت هذه األفعال برضا الضحية .
-حالة الرضاء كشرط لإلباحة ،في األعمال الطبية العالجية والجراحية بغرض التبرع باألعضاء أو زرع
األنسجة حيث يشترط قانون الصحة رقم التعبير من المتبرع أمام رئيس المحكمة ،زمن المتلقي أم الطبيب
وشاهدين أو كتابيا من قبل نائب .
المبحث الثاني :الدفاع الشرعي
الدفاع الشرعي في حقيقته فعل غير مشروع لكنه يصبح مشروعا إذا كان هو السبيل الوحيد لحماية النفس والمال من خطر
غير مشروع يتهدده أو يتهدده غيره .فما طبيعته وما هي شروطه .
المطلب االول :مفهوم الدفاع الشرعي :
الفرع االول :تعريف الدفاع الشرعي
الدفاع الشرعي هو حق يقرره القانون لمصلحة الشخص بأن يستعمل القوة الالزمة لرد االعتداء غير المشروع الواقع على
نفسه أو نفس الغير أو ماله أو مال الغير ،وهو حق مقرر في مواجهة الناس كافة ال يحق رده أو مقاومته
يسمى الدفاع الشرعي في الشريعة اإلسالمية " دفع الصائل " فالصائل هو المعتدي والمصول عليه هو المعتدى عليه ،وأصله
في قوله تعالى " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليگم واتقوا هللا واعلموا أن هللا مع المتقين ) ( 194و البقرة
.
أساس الدفاع الشرعي أنه يتوافق مع الفطرة اإلنسانية ،فليس من المعقول أن يفرض على اإلنسان تحمل االعتداءات الواقعة
عليه ،أو التحلي بالجبن وإلزامه بالهروب من المعتدي وهو قادر على رد العدوان بنفسه .خاصة في الحاالت التي يتعذر فيها
عليه تبليغ السلطات المختصة في الوقت المناسب ،
الفرع الثاني :طبيعة الدفاع الشرعي :
-هناك من يعتبره استعمال حق في مواجهة كافة الناس ،لكن ال يقابله التزام.
20
-وهناك من يعتبره أداء واجب اجتماعي يفرضه الحرص على صيانة الحقوق وليس واجبا قانونيا يرتب
جزاء لمن يتخلف عن أدائه
-وهناك من يعتبره رخصة قانونية للمدافع برد االعتداء عن نفسه وغيره
-وفقهاء الشريعة اتفقوا بأنه واجب في حالة االعتداء على العرض ،وجائز في حالة االعتداء على المال
،واختلفوا حول طبيعته في حالة االعتداء على النفس بين الواجب والجائز
الفرع الثالث :مجال الدفاع المشروع :
مجال المادة 39ق ع جرائم االعتداء على النفس والمال :المقصود بجرائم االعتداء على النفس تلك الماسة بالحق في الحياة
أي القتل ،والحق في السالمة الجسدية كالضرب والجرح وما إليهما .وجرائم االعتداء على الشرف واالعتبار كالقذف والسب
،وجرائم االعتداء على الحرية كالخطف والحجز العسفي ،واالعتداء على العرض وحرمة الحياة الخاصة .والمقصود
بجرائم األموال كل الجرائم الماسة باألموال سواء كانت هذه األخيرة عامة أوخاصة كالسرقة والنصب واالختالس وخيانة
األحانة وحرق الممتلكات ...إلخ .
يستبعد أغلب الفقه الدفاع الشرعي من الجرائم غير العمدية ويحصره في الجرائم العمدية .
مجال المادة 40ق ع :هو حسب الفقرة 1تسلق الحواجز أو الحيطان أو مداخل المنازل أو األماكن المسكونة أو توابعها أو
كسر شيء منها أثناء الليل .و حسب الفقرة 2السرقات أو النهب بالقوة .
21
-أن يكون العدوان محدقا وعلى وشك الوقوع ،يوحي بحتمية بدء العدوان مثل إخراج الخراطيش التعبئة
المسدس ،وال يعتد بالخطر المستقبلي طالما توفر فيه الوقت لالستنجاد بالسلطات .ألن مال تحققها أمر
محتمل الوقوع
-أن يكون االعتداء قد بدأ ولم ينته بعد ،كمن ضرب مرة وأراد أن يزيد أو سرق أشياء على دفعات ،
وفي مثل هذه الحالة يظل الخطر قائما ومستمرا طالما لم تتحقق الجريمة كاملة وفي الجرائم المستمرة
يظل الخطر حاال ،والدفاع ضده في أي لحظة دفاعا مشروعا .اما اذا كان االعتداء منتهيا بتحقق
النتيجة اإلجرامية فال يحق الدفاع ألنه يصير انتقاما وعقابا غير مشروع.
الفرع الثاني :شروط فعل الدفاع :
يشترط في فعل الدفاع أن يكون الزما ،ومتناسبا مع االعتداء
-1شرط اللزوم :أي أن يكون فعل التفاع لزما لرد االعتداء وأنه ال يمكن درة الخطر بوسيلة مشروعة أخرى كإمكانية
طلب تدخل السلطات ،وال يعتبر الهروب من الوسائل والحلول البديلة عن الدفاع ،ألن الدفاع حق ال يمكن اإلجبار
على التنازل عنه ،كما أن فيه صفة الجبن وهو فعل مشين وماس بالكرامة اإلنسانية باإلضافة إلى ذلك يجب أن يوجه
فعل التفاع إلى مصدر الخطر واالعتداء.
-2شرط التناسب :يشترط أن يكون الدفاع بالقدر الضروري لرد االعتداء ،دون إفراط أو تجاوز ،أي متعادال ومتكافئا
مع جسامة الخطر ،حيث يرد االعتداء بأيسر ما يندفع به ،فليس للمعتدى عليه أن يدفعه بالكثير إذا كان يندفع بالقليل
.ألن ممارسة حق الدفاع الشرعي تهدف إلى تمكين المعتدى عليه من درء الخطر المحدق به أو بغيره في ماله أو
نفسه .
وتقدير التناسب بين فعل االعتداء والدفاع هي مسألة موضوع يرجع الفصل فيها للقاضي الذي يقدر توافر التناسب من عدمه
بمراعاة الظروف والمالبسات في كل حالة على حدة.
قد تكون خطورة فعل الدفاع تتجاوز خطروة فعل االعتداء ،فالمال يبقى دائما أقل شأنا من الحياة فالدفاع عنه مهما كانت
شرعيته ال يمكن أن يصل إلى درجة التضحية بحياة إنسان أو إلحاق أضرار خطيرة جدا غير قابلة للعالج .
وهو ما تؤكده صراحه المادة 2/122فقرة 5من ق ع ف .يجب األخذ بعين االعتبار مقدار الضرر أو الوسيلة والحالة النفسية
للمدافع وسته وجنسه وقوته وزمان ومكان االعتداء ،بدليل أن المشرع الجزائري أخذ بهذه المعايير والظروف في المادة 40
ويبقى ذلك خاضعا لتقدير القاضي
واختلف في نصب الكمائن والفخاخ وراء األبواب وخلف األسوار ووسط الممرات بقصد قتل المعتدين أو جرحهم ،فهو جائز
عند البعض مثل محكمة النقض الفرنسية ،وغير جائز عند البعض اآلخر .
الفرع الثالث :حكم تجاوز حدود الدفاع الشرعي :
قد يتجاوز المتهم حدود الدفاع الشرعي ويفرط في ممارسة حق الدفاع المشروع حينما يخل بشرط التناسب بين الدفاع
واالعتداء .كأن يرد المتهم بالضرب على مجرد التهديد ،أو يطعن المعتدي الذي يحمل عصا خفيفة بسكين ويقتله ،أو يطلق
النار على سارق الثمار من البستان .وحكم تجاوز حدود الدفاع الشرعي يكون بحسب ما إذا كان التجاوز متعمدا أو غير
متعمد:
-1في حالة التجاوز المتعمد يفقد المتهم حقه في التمسك بالدفاع الشرعي ويسأل عن جريمة عمدية.
-2وفي حالة التجاوز غير متعمد فإن المتهم يستفيد من التخفيف الوارد بأحكام المواد 283 ، 278 ، 277ق ع ج .حيث
أن المشرع الجزائري عالج حدود الدفاع الشرعي في هذه الحاالت معالجة خاصة :
المادة " 277يستفيد مرتكب جرائم القتل والجرح والضرب من األعذار إذا دفعه إلى ارتكابها وقوع ضرب شديد من
أحد األشخاص" .
22
المادة " 278يستفيد مرتكب جرائم القتل والجرح والضرب من األعذار إذا ارتكبها لدفع تسلق أو ثقب أسوار أو
حيطان أو تحطيم مداخل المنازل أو األمان المسكونة أو ملحقاتها إذا حدث ذلك أثناء النهار .وإذا حدث ذلك أثناء
الليل فتطبق أحكام الفقرة األولى من المادة 40
المادة " 279يستفيد مرتكب القتل والجرح والضرب من األعذار إذا ارتكبها أحد الزوجين على الزوج األخر أو
على شريكه في اللحظة التي يفاجئه فيها في حالة تلبس بالزنا "
المادة 280يستفيد مرتكب جناية الخصاء من األعذار إذا دفعه الرتكابها وقوع هتك عرض بالعنف
المادة 281يستفيد مرتكب الجرح أو الضرب من األعذار المعفية إذا ارتكبها ضد شخص بالغ يفاجئ في حالة تلبس
بهتك عرض قاصر لم يكمل السادسة عشرة سواء بالعنف أو بغير عنف " .
و قد حددت أحكام التخفيف المادة " 283إذا ثبت قيام العذر فتخفض العقوبة على الوجه اآلتي:
-الحبس من سنة إلى خمس سنوات إذا تعلق األمر بجناية عقوبتها اإلعدام أو السجن المؤبد .
-الحبس من ستة أشهر إلى سنتين إذا تعلق األمر بأية جناية أخرى .
-الحبس من شهر إلى ثالثة أشهر إذا تعلق األمر بجنحة "
المطلب الثالث :الحاالت الخاصة الممتازة للدفاع الشرعي ( المادة 40ق ع ج )
تتمثل هذه الحاالت في أفعال دفاع خاصة ضد أفعال اعتداء خاصة ،وتتميز عن التفاع المشروع العادي بوجود ظرف الليل أو
ظرف القوة والعنف ،حيث يعتبر الظرفان قرينة على حالة الدفاع المشروع ،فيعفي الشخص من إثباتها بل يكفيه إثبات
الظرف فقط ،لكن يبقى هذا األخير قرينة بسيطة تقبل إثبات العكس إن هذه الحاالت ال يشترط فيها لتبرير الفعل توافر
الشروط العامة ،خاصة شرط اللزم والتناسب ،إذ أقام المشرع قرينة قانونية على توافر الشروط إذا ارتكب فعل الدفاع في
إحدى الحالتين اآلتيتين:
الحالة ) ( 1هي أن يكون فعل اإلعتداء يتمثل في تسلق الحواجز أو الحيطان أو مداخل المنازل أو األماكن المسكونة أو
توابعها أو كسر شيء منها أثناء الليل .حيث يشترط:
أن يكون التسلق أو الكسر متعلقا بمسكن أو أحد توابعه .
أن يكون الدخول ليال.
أن يكون الدخول بغرض ارتكاب جريمة.
الحالة ) ( 2هي أن يكون فعل اإلعتداء يتمثل في السرقات أو النهب بالقوة .وفي هذه الحالة يشترط استعمال القوة في جريمة
النهب والسرقة ،وال يشترط الليل.
23
الركن المعنوي
ال يكفي لقيام الجريمة ارتكاب عمل مادي ينص ويعاقب عليه قانون جزائي بل البد أن يصدر هذا العمل المادي عن إرادة
الجاني ,ويتمثل الركن المعنوي في نية داخلية يضمرها الجاني في نفسه وقد يتمثل أحيانا في الخطأ أو اإلهمال وعدم االحتياط
،ومن ثم يتخذ الركن المعنوي للجريمة صورتين أساسيتين :
صورة الخطأ العمد ،أي القصد الجنائي
وصورة الخطأ غير العمد ،أي اإلهمال وعدم االحتياط
المبحث األول :القصد الجنائي
ويشكل الركن المعنوي في الجرائم العمدية و في الجنايات وغالبية الجنح وبعض المخالفات
المطلب االول :تعريف القصد الجنائي :
لم يعرف المشرع الجزائري القصد الجنائي على غرار غالبية التشريعات واكتفى بالنص في الجرائم على العمد وأمام صمت
التشريعات الجزائية اجتهد الفقه في تعريف القصد الجنائي و انقسم الى فريقين
الفرع االول :المذهب التقليدي :ي عرف أن القصد الجنائي بانصراف ارادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة مع العلم بأركانها
كما يتطلبها القانون ومن هنا يمكننا القول بأن القصد الجنائي يتكون من عنصرين هما :
.1اتجاه إرادة الجاني نحو ارتكاب الجريمة :يتطلب القصد الجنائي توافر اإلرادة لدى الجاني الرتكاب الفعل المعاقب
عليه وتحقيق النتيجة المطلوبة فعلى سبيل المثال ،في حالة قيادة سيارة بسرعة فائقة مما أدى إلى قتل راجل ،فإن
النتيجة لم تتجه إليها إرادة السائق وإن اتجهت منذ البداية إلى مخالفة األنظمة السياقة بسرعة ،وعليه ال تقوم
المسؤولية الجنائية عن جريمة القتل العمد ألن إرادة الجاني لم تتجه إلى إزهاق روح الراجل .ويختلف األمر في
حالة ما إذا أطلق شخص الرصاص على شخص ثان فيرديه قتيال ،هنا توجد إرادة تنصرف إلى فعل آثم ونتيجته
المباشرة وهي إزهاق الروح
.2العلم بتوافر أركان الجريمة كما يتطلبها القانون :ويقصد بالعلم هنا إدراك األمور على نحو صحيح مطابق للواقع
ومن ثم ينبغي أن يعلم الجاني بأن أركان الجريمة متوافرة وأن القانون يعاقب عليها .
والعلم بالقانون هو علم مفترض لدى العامة وبالتالي ال يجوز الدفع بالجهل بالقانون .
والمؤكد أن قاعدة عدم التعذر يجهل القانون وما يترتب عنها من جعل قرينة العلم بالقانون قائمة تجعل من غير الضروري
على النيابة العامة إثبات أن الجاني يعلم بالقانون بل يكفي إثبات أن له إرادة ارتكاب عمل ينهي عن القانون.
واألصل أن يقع إثبات النية على عاتق النيابة العامة ،غير أن القضاء يقر بأن الركن المعنوي يمكن استخالصه من بعض
الجرائم من مجرد معاينة الركن المادي ،كما قضي في الجزائر بالنسبة للجرائم الجمركية و جنح الشيكات
و فرنسا بالنسبة لجرائم تحريض قصر على الدعارة ،تزوير عالمة الصنع ( ماركة ) " ،وقد اعتبر القضاء الفرنسي أن ليس
في ذلك خرق لقرينة البراءة ما دام لصاحب الشأن تقديم الدليل العكسي تتحقق الجريمة العمدية ،
حسب المذهب التقليدي ،بمجرد توافر إرادة للقيام بعمل غير شرعية ومتى توافرت هذه اإلرادة يتعين تسليط العقوبة على من
قام بهذا العمل دون االلتفات إلى السبب او الدافع ،يستوي في ذلك أن يكون الكراهية أو الجشع أو الطمع أو العاطفة الغرامية
أو حب السياسة أو التعصب أو الرأفة أو البؤس أو الحاجة.
الفرع الثاني المذهب الواقعي :يرى فيري Ferriوهو من رواد المدرسة الوضعية ،أن النية ليست إرادة مجردة وإنما هي
إرادة محددة بسبب أو باعث ،ومن ثم يتعين تحليل الباعث والبحث عما إذا كان اجتماعيا أم ال .وال يكون الفعل معاقبا إال إذا
كانت الغاية منه مخالفة للنظام االجتماعي .
24
موقف القانون الجزائري من المذهبين :
اعتنق المشرع الجزائري المذهب التقليدي ،حيث الفصل بين النية والباعث .وهكذا يأخذ قانون العقوبات الجزائري بالنية
ويصرف النظر عن الباعث سواء فيما يتعلق بقيام الجريمة أو بقمعها
غير أن هناك حاالت استثنائية معدودة أخذ فيها المشرع بالباعث في قيام الجريمة ويتعلق األمر بالجرائم ضد أمن الدولة بوجه
عام والجرائم اإلرهابية بوجه خاص ( المادة 87مكرر ) ،القذف الموجه إلى شخص بسبب انتمائه إلى مجموعة عرقية أو
مذهبية أو دينية إذا كان الغرض هو التحريض على الكراهية بين المواطنين أو السكان ( المادة 298مكرر ) ،األفعال
واألق وال والكتابات العلنية التي يكون الغرض منها التقليل من شأن األحكام القضائية ( المادة 147ف )02
كما أخذ المشرع ،استشاء للقاعدة ،بالباعث عذرا مخلفا للعقوبة ومن هذا القبيل ما جاءت به المادة 279قع التي نصت على
أن يستفيد مرتكب القتل أو الجرح من األعذار إذا ارتكبها أحد الزوجين على الزوج اآلخر أو شريكه في اللحظة التي يفاجئه
فيها في حالة تلبس بالزنا
المطلب الثاني :صور القصد الجنائي
للقصد الجنائي عدة صور تختلف الواحدة عن األخرى فقد يكون القصد الجنائي عاما generalاو ،وقد يكون خاصا
،specialكما أنه قد يكون ب سيطا أو مشددا ،وقد يكون محددا أو غير محدد ،وقد يكون مباشرة أو غير مباشر ( محتمال) .
و يتمثل القصد العام :و يتمثل في انصراف إرادة الجاني نحو القيام بفعل وهو يعلم أن القانون ينهي عنه وإذا كان القصد العام
ضروريا لقيام كافة الجرائم العمدية فقد يشترط القانون عالوة على القصد العام قصدا خاصا
القصد الخاص :ويتمثل في الغاية التي يقصدها الجاني من ارتكاب الجريمة فضال عن إرادته الواعية لمخالفة القانون
الجزائي وهكذا يشترط القانون ،باإلضافة إلى القصد العام المتمثل في ارادة الجاني الواعية مخالفة القانون ،إما نية إزهاق
الروح كما في جريمة القتل العمد المنصوص والمعاقب عليها بالمادة 254ق ع ،وإما إرادة االستيالء على شيء مملوك
للغير كما في جريمة السرقة المنصوص و المعاقب عليها في المادة 350قع ،تشكل نية إزهاق الروح القصد الخاص في
القتل العمد ،أما إذا كان االعتداء على المجني عليه ليس بنية إزهاق الروح ولكن مجرد ضرب وجرح عمد أدى إلى الوفاة ،
مثل ما نصت عليه المادة 264ق ع ،ففي هذه الحالة تنعدم نية القتل ألن إرادة الجاني لم تتجه نحو إحداث هذه النتيجة .
وتجدر اإلشارة إلى أن القانون ال يعتد بالباعث أو الدافع إلى ارتكاب الجريمة فحتى لو كان الباعث على ارتكابها نبيال أو
شريفا فان القانون ال يأخذ به غير انه قد يشكل عذرا مخففا كما هو الحال بالنسبة لمرتكب القتل أو الجرح لحظة مفاجأة الزوج
متلبسا بجريمة الزنا (المادة 279ق ع ) ،وقد يكون الباعث ظرفا مشددا كما هو الحال في المادة 293مكرر ق ع التي
تعاقب الخطف بالسجن المؤبد إذا كان الدافع إليه هو تسديد فدية .
المبحث الثاني :الخطأ الجزائي
تشترط كل الجرائم لقيامها توافر ركن معنوي ،يتمثل الركن المعنوي بالنسبة للجرائم العمدية في القصد الجنائي أما الركن
المعنوي في الجرائم غير العمدية فهو مجرد خطأ , 2يمكننا تعريف الخطأ الجزائي بأنه تقصير في مسلك اإلنسان ال يقع من
شخص عاد وجد في نفس الظروف الخارجية .لم يعرف المشرع الخطأ الجزائي واستعمل عدة صور للتعبير عنه .
المطلب االول :خطأ عدم االحتياط
وهو خطأ ذو طبيعة جنحية يستلزم وجود ضرر ،يأخذ هذا الخطأ عدة صور (الفرع االول ) و يتميز بوحدته مع الخطأ المدني
(الفرع الثاني) .
الفرع االول :صور خطا عدم االحتياط
.1عدم االحتياط : imprudenceوهو عدم التبصر بالعواقب و في هذه الصورة يدرك الفاعل أنه قد يترتب على
عمله نتائج ضارة ومع ذلك يقدم على النشاط ,تجد هذه الصورة تطبيقاتها في مجال حوادث المرور مثال ذلك من
2أهم الجرائم غير العملية التي وردت في قانون العقوبات الجزائري هي القتل الخطأ ( المادة ، ) 288الجرح الخطأ ( المادتان 289و ، ) 442الحريق غير العمدي ( المادة
، ) 450رمي القاذورات بدون احتياط ( المادة ، ) 467التسبب في قتل حيوان ( المادة ، ) 457إهمال الحراس إذا ترتب عليه هرب المسجونين ( المادة . )90
25
يقود سيارة بسرعة فائقة في الشوارع مزدحمة فيقتل أو يجرح راجال أو من يقوم بتجاوز خطير يؤدي إلى اصطدام
سيارته بسيارة أخرى تسير في االتجاه المعاكس ينتج عنه موت أو جرح
.2الرعونة : maladresseويراد بها سوء التقدير ،وقد تظهر في واقعة مادية تنطوي على خفة وسوء تصرف ،
ومن األمثلة على ذلك الصياد الذي يطلق النار على طائر في مكان آهل فيصيب أحد المارة وقد تظهر في واقعة
معنوية تنطوي على جهل وعدم كفاءة كالخطأ الذي يرتكبه المهندس المعماري في تصميم بناء فيتسبب في سقوط
البناء وموت أشخاص ،وقد يتمثل في طيش الوالدة التي تنقلب في سريرها على ولدها الصغير وهو نائم فيموت وربة
المنزل التي ترمي جسما صلبا من النافذة يصيب عابر سبيل .
.3عدم االنتباه واإلهمال : inattention et négligenceاعتماد الفاعل موفقا سلبيا عن القيام بما هو واجب عليه
وتركه التزاما مفروضا في مسلكه الشخصي ،والتلكؤ عن اتخاذ التدابير واالحتياطات والوسائل الضرورية والمناسبة
لتفادي وقوع الفعل الجرمي ،وبالتالي حدوث النتيجة الضارة .وتتسع هذه الصورة إجماال لتشمل كافة معالم قلة
اإلدراك وقصر المعرفة وانعدام الخبرة والدراية وانتفاء الحذر والتبصر واالنتباه واالغفال الخ وتتنوع األمثلة في هذا
النطاق حسب طبيعة النشاطات ،كسائق السيارة أو الشاحنة الذي ال يستعمل آلة التنبيه في شارع مكتظ بالمارة ،أو ال
يعطي اإلشارة بتغيير وجهة خط سيره ،أو ال يضيء األنوار الكاشفة عند اقتضاء ذلك .وكذا المهندس المسؤول عن
البناء الذي ال يحيط الورشة قيد التشييد بسياج أو بحاجز عازل أو ال يدعم حائطا معرضا لالنهيار ،أو ال يعين حارسا
على الورشة خارج أوقات العمل أو عند توقف األشغال مؤقتا ،والطبيب الذي ينسى آلة في بطن المريض إثر عملية
.
.4عدم مراعاة األنظمة : inobservation des règlementوهو خطأ خاص ينص عليه القانون ويرتب المسؤولية
عما يقع بسببه من نتائج خمارة ولو لم يثبت على من ارتكبه أي نوع آخر من الخطأ .ويتعين أخذ عبارة " األنظمة
بمفهومها الواسع الذي يشمل القوانين واللوائح التنظيمية بل وحتى أنظمة بعض المهن والحرف المنظمة .
ويعود الخطأ في هذه الصورة إلى اعتماد الفاعل موقفا ال شرعيا في عدم انطباق سلوكه الشخصي أو المهني على المسلك
المقرر في القواعد والتعليمات الصادرة عن السلطات المختصة بغية تنظيم شؤون وأمور معلومة .ومن هذا القبيل مخالفة
التدابي ر التي تفرضها قوانين األمن العام وأنظمة السير واألنظمة الصحية والبلدية والتعليمات الخاصة بالسالمة والمشاريع ،
وكذا أنظمة المهن والحرف .العامة ،وكذا أنظمة الصحة واألمن في المصانع والمعامل والورشات .
والجدير بالذكر أن هذه الصورة آخذة في االنتشار السيما في المجال الصناعي .وغالبا ما يعاقب القانون على عدم مراعاة
األنظمة وإن لم يترتب عليه ضرر ،كما هو الحال بالنسبة لمخالفات المرور ( السياقة بدول رخصة ،عدم احترام عالمة قف
,السير على الجانب األيسر من الطريق ) .
الفرع الثاني :مسألة وحدة خطأ عدم االحتياط الجزائي والمدني :
طرح التساؤل حول صلة خطأ عدم االحتياط الجزائي بخطأ عدم االحتياط المدني وأساسه المادة 124من القانون المدني التي
تنص على أن كل عمل أيا كان يرتكبه المرء ويسبب ضررا للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض " ،علما أن القانون
المدني ال يفرق في ال مسؤولية بين درجات الخطأ ويسأل المخطئ ولو كان خطوه بسيطا بمعنى آخر هل خطا عدم االحتياط
المدني هو نفسه خطا عدم االحتياط الجزائي
بعد تردد طويل انتهى القضاء الفرنسي في سنة 1912إلى القول بوحدة الخطأين الجزائي والمدني ،وهو المبدأ الذي كرسته
الغرفة الجنائية في يوليو 1934ويترتب على هذه القاعدة التي أخذ بها القضاء الجزائري ،حتى و ان لم تجسد في نص
صريح ،أن من يثبت في حقه خطة جزائي يلزم بالتعويض المدني للضحية ،وبالمقابل فإن براءة المتهم في الدعوى الجزائية
لعدم ثبوت الخطا يستلزم من القاضي الجزائي الحكم برفض طلب التعويض المؤسس على أحكام المادة 124من القانون
المدني لعدم التأسيس ،وال يكون الحكم بعدم االختصاص .
واستثناء لهذه القاعدة أجازت الفقرة الثانية من المادة 316من قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري للمدعي المدني في حالة
الحكم ببراءة المتهم أن يطلب من محكمة ا لجنايات تعويض الضرر الناشئ عن خطا المتهم الذي يخلص من الوقائع موضوع
االتهام ،وتفصل محكمة الجنائيات في طلب التعويض دون اشتراك المحلفين فيه بقرار مسبب
وإذا كانت قاعدة وحدة خطأ عدم االحتياط الجزائي والمدني تمنع على القاضي الجزائي منح تعويض مدني عند الحكم بالبراءة
فإنه يجوز للضحايا وذوي الحقوق ،السيما في مجال حوادث المرور ،أن يرفعوا دعوى تعويض أمام القاضي المدني على
أساس المادة 138من القانون المدني التي تجيز التعويض حتى وإن انعدم الخطأ الجزائي لدى السائق بنصها على أن كل من
تولى حراسة شيء وكانت له قدرة االس تعمال والتسيير والرقابة ،يعتبر مسؤوال عن الضرر الذي يحدثه ذلك الشيء ،أو على
26
أساس المادة 8من األمر المؤرخ 1974 -1 -30المتعلق بالتعويض عن حوادث المرور التي تنص على أن أي حادث مرور
يسبب أضرارا جسدية يستحق التعويض ،بصرف النظر عن مسؤولية السائق في الحادث .
ويبدو أن المحكمة العليا في الجزائر قد تأثرت بالتطورات التشريعية التي حصلت في فرنسا حيث صدر موخرا قرار عن
غرفة الجنح والمخالفات يقضي بأن المادة 8من األمر رقم 1574المؤرخ في 1974 -1 30المتعلق بالتعويض عن حوادث
المرور ال تمنع القاضي الجزائي من الفصل في ال دعوى المدنية ومنح تعويضات للطرف المدني حتى ولو استفاد المتهم
بالبراءة وبالرجوع إلى أسباب القرار نجد أن المحكمة العليا لم تؤسس قضاءها على فصل الخطا الجزائي عن الخطأ المدني
وإنما بنته على أساس أن نظام تعويض ضحايا حوادث المرور و ذوي حقوقهم أصبح يخضع إلى نظرية الخطر وليس
النظرية الخطأ ،ومنه خلصت إلى القول يخالف القانون ,قضاة المجلس الذين قضوا برفض دعوى التعويض بعد الحكم
ببراءة المتهم
وفي رأينا ،فإن ما ذهب إليه هذا القرار ال يتفق وصحيح القانون السيما في ظل المادة 2من قانون اإلجراءات الجزائية
الجزائري التي ت منع على القاضي الجزائي الحكم في الواقعة الواحدة بالبراءة النتفاء الخطأ الجزائي ومنح التعويض للمدعي
المدني أيا كان أساس هذا التعويض.
مقدمة :
فقد يرتكب فاعل بمفرده جريمة فيكون فاعال ماديا وقد يساهم عدد من األشخاص في ارتكاب نفس الجريمة ،ومن الجائز أن
تأخذ هذه المساهمة عدة صور
-فقد تكون المساهمة بدون اتفاق مسبق حيث يساهم عدة أشخاص في مشروع جنائي دون أن يكون بينهم اتفاق مسبق ،كما
هو الحال مثال في جريمة القتل أو السرقة أو النهب التي يرتكبها المتظاهرون أو المشاركون في أعمال الشغب ،وفي هذه
الحالة تكون المتابعات بعدد المساهمين وال يعاقب الواحد منهم إال عن مساهمته وبقدر مسئوليته الفردية .
وقد تكون المساهمة أحيانا نتيجة اتفاق مسبق ونكون من صنع جمعية تشكلت لممارسة نشاط جنائي ،كما هو الحال بالنسبة
لتشكيل جمعية أشرار بغرض اإلعداد للجنايات أو ارتكابها ضد األشخاص واألمالك ( المادة ، ) 176تكون المساهمة في
الجريمة ،وفي هذه الحالة ،محل قمع خاص حيث يعتبر كل المساهمين في الجريمة فاعلين
-وقد ال تكون المساهمة الجنائية إال مظهرا التفاق مؤقت بين شخصين أو أكثر الرتكاب جريمة معينة ،وهذا ما يهمنا ففي
هذه الصورة األخيرة كل من ساهم بصفة رئيسية ومباشرة في التنفيذ المادي للجريمة يكون فاعال ماديا أو فاعال أصليا مع
غيره coauteurحسب ظروف ارتكاب الجريمة ،كما يعد فاعال أصليا من حرض على ارتكاب الجريمة .
وبالمقابل ،يكون شريكا من اقتصر دوره على مساعدة أو معاونة الفاعل في التحضير للجريمة أو في تسهيلها أو في تنفيذها
المادي ،فكانت مساهمته ثانوية أو عرضية .
و من ثم يثور التساؤل حول كيفية توزيع المسؤولية و العقوبة بين الفاعل األصلي و الشريك ؟
المبحث األول :الفاعل األصلي
28
تعرف المادة 41من قانون العقوبات الفاعل كاآلتي " :كل من ساهم مساهمة مباشرة في تنفيذ الجريمة أو حرض على
ارتكاب الفعل بالهبة أو الوعد أو التهديد أو إساءة استعمال السلطة أو الوالية أو التحايل أو التدليس اإلجرامي .وعلى ذلك
يأخذ الفاعل األصلي في التشريع الجزائري صورتين :
/1الفاعل المادي ،
/ 2المحرض أو الفاعل المعنوي
المطلب األول :الفاعل المادي
يعتبر فاعال وفقا للشطر األول من المادة 41المذكورة كل من ساهم مساهمة مباشرة في تنفيذ الجريمة ،أي كل من قام
شخصيا باألفعال المادية التي تدخل في تكوين الجريمة ،وهو ما يسمى بالفاعل المادي .
وقد يرتكب الفعل المادي للجريمة شخص بمفرده وقد يرتكبه عدد من األشخاص
الفرع األول :الفاعل المادي في حد ذاته :
وهو من قام بالعمل المادي المكون للجريمة ،فهو على سبيل المثال من أطلق النار على المجني عليه أو طعنه بسكين فأرداه
قتيال أو من أدخل يده في جيب المعطف واختلس منه المبلغ المالي
وال يهم إن كان قد دبر فقرر وحده ارتكاب الجريمة أو أنه ارتكبها بتحريض من غيره وال يهم أيضا إن ارتكب الجريمة
بمفرده أو مع غيره ،فما دام أنه قام بنفسه باألفعال المادية المنفذة فهو فاعل مادي والفاعل المادي في الجرائم السلبية ،أي
جرائم االمتاع ،هو من يقع عليه االلتزام بالعمل ،ويعد فاعال ماديا حتى وان كلف غيره للقيام بالعمل بدله .وليس ضروريا
ليكون الشخص فاعال ماديا أن ينفذ العمل المادي حتى نهايته وال أن يحدث التنفيذ نتيجة ،إذ يصلح وصف الفاعل المادي على
من حاول ارتكاب الجريمة بل وحتى على من ارتكب جريمة خائبة .
الفرع الثاني :الفاعل المادي مع غيره .
وهو ،مثل الفاعل المادي ،من قام شخصيا باألعمال المادية المشكلة لجريمة ،غير أنه لم يرتكب هذه األفعال بمفرده وإنما
ارتكبها رفقة شخص آخر أو أكثر ،يكون كلهم فاعلين ماديين لنفس الجريمة .وهكذا فإذ قام شخصان معا باختالس مال الغير
بعد كالهما فاعال أصليا مساعدا ،أما إذا لم يقم أحدهما بالفعل المادي المتمثل في االستيالء على مال الغير واقتصر دوره على
مساعدة غيره الذي اختلس المال وحده ،ففي هذه الحالة يعد من ساعد على االختالس شريكا وليس فاعال أصليا مساعدا (
ومثال ذلك من يتولى مراقبة الطريق )
هذا و تجدر االشارة أنه هناك أهمية على مستوى المسؤولية و العقاب للتمييز بين الشريك و الفاعل األصلي المساعد ،و ذلك
في التشريعات التي أخذت بنظام تبعية مسؤولية الشريك لمسؤولية الفاعل تبعية تامة .على العكس من ذلك أن مسؤولية الفاعل
األصلي المساعد تكون مستقلة تماما عن مسؤولية باقي الفاعلين األصليين المساعدين ،ومن ثم يمكن متابعته بمفرده كما ال
يستفيد الفاعل األصلي المساعد من ظروف شخصية ثبتت لفاعل أصلي آخر و أعفته من العقوبة أو خففت منها ،كاإلعفاء من
العقوبة من العقوبة بسبب عالقة الزواج أو النسب المقرر في م 368ق ع بالنسبة للسرقة .
المطلب الثاني :الفاعل المعنوي ( المحرض (
أخذ المشرع الجزائري ،كما رأينا بالمذهب المادي للجريمة ومع ذلك فقد اعتبر فاعال أيضا من لم يقم بأي عمل مادي يدخل
في تكوين الجريمة وإنما كان فقط السبب المعنوي أو األدبي في ارتكابها .وكان القانون الجزائري سباقا إلى تكريس مفهوم
الفاعل المعنوي من خالل اعتبار المحرض فاعال ،ومن خالل تجريم فعل من يحمل غيره على ارتكاب الجريمة تجريما
خاصا في حاالت معينة وتبعا لذلك يأخذ الفاعل المعنوي في القانون الجزائري صورتي المحرض ومن يحمل غيره على
ارتكاب الجريمة
الفرع األول :المحرض :
يعتبر في ضوء المادة 41في شطرها الثاني ،المعدلة بموجب قانون ، 04 -82فاعال أصليا " ...كل من حرض على
ارتكاب الفعل بالهية أو الوعد أو التهديد أو إساءة استعمال السلطة أو الوالية أو التحايل أو التدليس اإلجرامي"
أوال :تعريف التحريض :حسب المادة 41ق ع :يمكن تعريف التحريض " ،على أنه حث شخص على ارتكاب الجريمة
بالتأثير في إرادته وتوجيهها الوجهة التي يريدها المحرض "
29
ثانيا :شروط التحريض :
ويقتضي التحريض لكي يكون معاقبا عليه توافر شروط معينة وهي :
-1أن يتم التحريض بإحدى الوسائل المحددة قانونا م 41وهي :
الهبة ،كأن يمنح المحرض هدية مادية أو عينية للمحرض ( بفتح الراء ) .
الوعد ،كأن يعده بإعطائه مكافأة عند تنفيذ الجريمة .
التهديد ،كان يهدده بالقتل أو بأي أذى إذا لم يرتكب الجريمة ،وقد يكون التهديد معنويا كان يتوعده بنشر صورة أو
خبر يسيء إلى سمعته .
إساءة استعمال السلطة أو الوالية ويقصد بالسلطة pouvoirهنا السلطة القانونية كسلطة الرئيس في العمل على
مرؤوسة أو المخدوم علی خادمه ،وفي هذا الصدد قضي في فرنسا بأن راكب سيارة الذي أمر سائقها بالفرار ،دون
أن يكون مستخدمة ،ال يمكن اعتباره محرضا بإساءة استعمال السلطة
ويقصد بالوالية autofileالوالية الشرعية كوالية الوالد على أبنائه القصر ،كما تحمل معنى السلطة المعنوية والمهابة كهيبة
الزوجة من الزوج وهيبة التلميذ من األستاذ وهيبة المصلين من إمام المسجد
-التحايل أو التدليس اإلجرامي :ويقصد بالتحايل machinationsأن يدخل المحرض في روع المحرض ( بفتح
الراء ) أمرا خالفا للحقيقة كأن يقول له كاذبا أن فالنا ( المراد االعتداء عليه تسبب في قتل والدك أو تسبب في فصله
عن العمل ،وهو يعلم أن االبن عنيف وشديد االنفعال
التدليس اإلجرامي ، artifices coupablesويقصد بهذه الوسيلة األخيرة كل ما يهيج شعور الفاعل فيدفعه إلى ارتكاب
الجريمة ،ومن هذا القبيل االدعاء كذبا أمام االبن بأن والده تعرض إلى الضرب من قبل فالن مضيفا بأن من ال يثأر لوالده
غير جدير باالحترام
– 2أن يكون التحريض مباشرا :
أي أن يبت المحرض ( بكسر الراء ) فكرة الجريم ة في نفس المحرض ( بفتح الراء ) صراحة ،فال يعد معرضا إذا كان
يستهدف إثارة البغض وإشعال نار الحقد حتى وإن أفضي إلى ارتكاب الجريمة ،وتبعا لذلك ال يعد تحريضا على القتل من
حرض غيره على كراهية شخص معين فانصرف إلى قتل هذا األخير وال من يتبن زوجا بخيانة زوجته ويحثه على تطليقها
فيقتلها .
– 3أن يكون التحريض شخصيا :
-أن يكون التحريض شخصيا ،أي أن يكون موجها إلى المراد إقناعه بارتكاب الجريمة ،أما إذا كان التحريض عاما ،أي
موجها إلى كافة الناس أو إلى جمهور بغير تحديد فال يعد تحريضا بمفهوم المادة 42ق ع ،ولو استجاب له أحد األشخاص
وارتكب الجريمة .
ومع ذلك يتحقق الت حريض إذا كان موجها إلى فئة معينة كإمام المسجد الذي يخطب في المصلين يوم الجمعة ويدعوهم إلى
تخريب بيت دعارة تقع حيهم أو مخمرة معينة أو مقهي مجاور بتعمد أصحابه تقوية مكبر الصوت عند إقامة الصالة ...
ويضيف معظم الفقهاء إلى الشروط المذكورة شرطا رابعا يتمثل في أن يكون التحريض منتجا ألثره ،أي أن يرتكب
المحرض الجريمة أو يشرع في ارتكابها وهذا الشرط غير وارد في التشريع الجزائري الذي يمتاز بذلك عن باقي
التشريعات ،فالمادة 46قع ال تشترط أن يقوم المحرض ( بفتح الراء ) بارتكاب الجريمة بل يكفي التحريض وحده لمعاقبة
المحرض ( بكسر الراء ) .وفي هذا الصدد ،تنص المادة 46ق ع على أنه إذا لم ترتكب الجريمة المزمع ارتكابها لمجرد
امتناع من كان ينوي ارتكابها بإرادته وحدها فإن المحرض عليها يعاقب رغم ذلك .
و هذا الحكم تكريسا لمبدأ استقالل مسؤولية المحرض عن مسؤولية الفاعل المادي الذي جاء به المشرع (ج) في المادة 41
ق ع حيث اعتبر المحرض فاعال أصليا و ليس شريكا .
ثالثا :الحاالت الخاصة للتحريض :
نص المشرع على حاالت خاصة للتحريض لم يتقيد فيها بشرط الوسيلة المنصوص عليها في المادة ، 41كما هو الحال
بالنسبة للتحريض على اإلجهاض المنصوص عليه في المادة 310قيع والتحريض على ارتكاب جرائم المخدرات والمؤثرات
العقلية المنصوص عليه في المادة 22من القانون رقم 18 - 04المؤرخ في 2004 -12 -25المتعلق بالمخدرات والمؤثرات
العقلية
30
الفرع الثاني :الشخص الذي يحمل غيره على ارتكاب جريمة
عالوة على المحرض كما عرفته المادة 41من قانون العقوبات تضمن قانون العقوبات صورا أخرى للفاعل المعنوي ،
ويتعلق األمر أساسا بمن يحمل غيره على ارتكاب جريمة معينة وبمن يحمل شخصا غير معاقب على ارتكاب جريمة ما
أوال :الشخص الذي يحمل غيره على ارتكاب جريمة معينة :يعتبر القانون الجزائري في جرائم معينة فاعال من حمل غيره
على ارتكابها .وأحسن مثال على ذلك ما نصت عليه المادة 316ق ع التي تعاقب كل من حمل الغير على ترك طفل أو عاجز
غير قادر على حماية نفسه أو عرضه للخطر في مكان غير خال من الناس .
-المادة 86كل من حمل الغير على تكوين عصابة مسلحة أو تنظيمها .
-المادة : 107كل موظف أمر بعمل تحكمي أو ماس بالحرية الفردية أو بالحقوق الوطنية .
-المادة : 342التي تعاقب كل من يحرض القصر على الفسق و الدعارة .
ثانيا :الشخص الذي يحمل شخص غير معاقب على ارتكاب جريمة :
نصت المادة 45ق ع على معاقبة من يحمل الغير على ارتكاب الجريمة إذا كان هذا األخير ال يخضع للعقوبة بسبب وضعه
أو صفته الشخصية .
وفي هذا الحكم تكتمل صورة الفاعل المعنوي ويستوي فيه المحرض ( بكسر الراء ) ومن يحمل غيره على ارتكاب
الجريمة .فهو حكم عام ينطبق على حد سواء على المحرض ( بكسر الراء ) وعلى من يحمل غيره على ارتكاب الجريمة ،
ويتجاوز هاتين الصورتين ليشمل كل محرض ،بصرف النظر عن الوسيلة المستعملة ،وكل من يحمل غيره على ارتكاب
جريمة ،أيا كانت هذه الجريمة .
غير أنه ال ينطبق على إطالقه على كل محرض أو على كل من يحمل غيره على ارتكاب جريمة ،وإنما ينطبق فقط في
صورة ما إذا كان من يحرض ( بفتح الراء ) أو يحمل على ارتكاب الجريمة ال يخضع للعقوبة بسبب وضعه أو صفته
الشخصية .
ومن قبيل الشخص الذي ال يخضع للعقوبة بسبب صفته الشخصية :األصل أو الفرع أو الزوج الذي يرتكب جريمة السرقة
أو النصب أو خيانة األمانة إضرارا بفرعه أو بأصله أو بزوجه بتحريض من غيره ،فإذا كان المحرض ( بفتح الراء ) يفلت
من المساءلة الجزائية بسبب صفته الشخصية ،طبقا للمواد 368و 373و 377قيع ،فإن المحرض ( بكسر الراء ) يكون
محل مساءلة جزائية ويتعرض للعقوية المقررة للفعل المحرض ( بفتح الراء ) عليه .
المبحث الثاني :الشريك ( المواد 43 / 42ق ع )
المطلب األول :مفهوم االشتراك :
الفرع األول :تعريف االشتراك :
االشتراك شكل من أشكال المساهمة الجزائية ،وقد عرفت المادة 42ق ع الشريك في الجريمة على النحو اآلتي " :يعتبر
شريكا في الجريمة من لم يشترك اشتراكا مباشرا ،ولكنه ساعد بكل الطرق وعاون الفاعل أو الفاعلين على ارتكاب األفعال
التحضيرية أو المسهلة أو المنفذة لها مع علمه بذلك " .
والشريك على النحو الذي سبق ال يساهم مساهمة مباشرة في ارتكاب الجريمة وإنما يساهم فيها بصفة عرضية أو ثانوية ،
فهو مثال من يدل للسارق على مكان وجود الشيء المراد سرقته ،ومن ينقل الجاني في سيارته إلى مكان ارتكاب السرقة ،
ومن يراقب الطريق أ ثناء ارتكاب الجريمة ،ومن يكبر صوت مذياعه وقت ارتكاب جريمة القتل حتى ال يسمع الجيران طلقة
الرصاص أو صيحة المجني عليه .
ويأخذ حكم الشريك وفقا لنص المادة 43قيع كل من " اعتاد أن يقدم مسكنا أو ملجا أو مكانا لالجتماع الواحد أو أكثر من
األشرار الذين يمارسون ال لصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو األمن العام أو ضد األشخاص أو األموال مع علمه بسلوكهم
اإلجرامي "
الفرع الثاني :التمييز بين الفاعل و الشريك
قد تكون سلوكات وأدوار األشخاص المساهمين في الجريمة متفاوتة من حيث الخطورة ،وعلى أساس ذلك ميز المشرع بين
الفاعل والشريك في المواد 43. 41ق ع ج فما معيار التمييز بينهما ؟ وما فائدته ؟
أوال :معيار التمييز بين األفعال األصلية وأفعال اإلشتراك :
31
تختلف نظريتان في تحديد هذا المعيار ،وتختلف مواقف التشريعات في االنحياز إلى إحداهما :
بالنسبة للنظرية الشخصية :تقوم هذه النظرية على الركن المعنوي للجريمة ،فتستند إلى اعتبارات شخصية مردها إرادة
الشخص ،فالفاعل يرتكب الجريمة بنية الفاعل باعتبار الجريمة مشروعه هو لذلك يكون حضور الفاعل في الجريمة قويا
وفعاال وأساسيا ،بينما الشريك يدخل في مشروع غيره بغية المساعدة فقط ،بحيث لو كان هو الشخص الوحيد لما ارتكبها ،
ألنه ليس لديه نية ارتكاب الجريمة لكنه معيار صعب وغامض لتعلقه بالجانب النفسي
بالنسبة للنظرية الموضوعية :تستند النظرية إلى الركن المادي للجريمة أي إلى نوع السلوك الذي يرتكبه الشخص ومقدار
خطورته ،فتعتبر أن الفاعل هو الذي يرتكب عمال تنفيذيا للجريمة أو يشرع فيه بالبدء بالتنفيذ ،بينما الشريك هو الذي يرتكب
أفعاال تحضيرية سابقة على التنفيذ ال ترقى إلى درجة األفعال الداخلة في تكوين الركن المادي كجريمة تامة وال كشروع ،
فالشريك دوره ثانوي في الجريمة ومساهمته فيها تبقى عرضية وتبعية للفاعل األصلي .كمن يمد السارق بمعلومات عن ميعاد
خروج صاحب البيت ،فمجرد تقديم المعلومة ليس في ذاته جريمة ،بينما دخول الفاعل إلى البيت وسرقة المال جريمة في
ذاته
ان المعيار الموضوعي يمتاز بوضوحه وسهولة تطبيقه ،ويستند إلى أساس قانوني منطقي ،هو معيار األعمال التحضيرية
والشروع .وهو المعيار الذي أخذ به المشرع في المادة 41بنصها أن الفاعل هو من ساهم مساهمة مباشرة ،ويؤكده في
تعريفه ألفعال الشريك بأنها أعمال تحضيرية مساعدة مسهلة معاونة.
ثانيا :أهمية التمييز بين الشريك والفاعل األصلي :
أ ) التفريد القضائي لعقوبة الشريك :رغم أن القانون يسوي في العقوبة بين الشريك والفاعل األصلي حسب المادة 44من ق
ع ج ،إال أن القاضي من الناحية العملية يعاقب الشريك بعقوبة أخف من عقوبة الفاعل بما له من سلطة تقديرية في مال عمة
العقوبة ضمن مجال الحدين األدنى واألقصى.
ب ) عدم معاقبة الشريك في المخالفات :تنص المادة 44من ق ع ج على قاعدة عامة بأنه ال عقاب على اإلشتراك في
المخالفات إطالقا حيث يعاقب الفاعل وحده .وأن معاقبة الشريك تكون في الجناية والجنحة فقط ويستثنى من هذه القاعدة
بعض الحاالت مثل :مخالفة الضرب والجرح العمدي التي يعاقب فيها األشخاص وشركاؤهم الذين يحدثون جروحا أو يعتدون
بالضرب أو أعمال عنف ال ينشأ عنها مرض أو عجز عن العمل أكثر من 15يوما الم . ) 442ومخالفة المشاجرة بين
األشخاص وشركاؤهم في االعتداء أو أعمال عنف أو من يلقون عمدا مواد صلبة أو قاذورات على شخص ( الم 442مكرر )
ج ) تعدد الفاعلين كظرف مشدد للعقوبة :يكون تعتد الفاعلين ظرفا مشددا للعقوبة لكن من الفاعلين األصليين وليس الشركاء
،فإذا كان الفاعل واحدا والباقي شركاء ،فال يتحقق ظرف التعدد ،ألن ظهور المساهمين في مسرح الجريمة بأعمالهم
المباشرة في تن فيذ الجريمة هو الذي يرعب الضحية ويعجزه عن المقاومة ،في حين أن الشركاء ال يظهرون كقاعدة عامة في
مسرح الجريمة وال يقومون بأعمال تنفيذية ومثال ذلك تشديد عقوبة جنحة السرقة البسيطة إذا ارتكبت بواسطة شخصين أو
أكثر ( الم 354ق ع ج ) .أو تحولها إلى جناية السرقة الموصوفة إذا ارتكبها شخصان واقترنت بظرف آخر كالليل ،أو
التسلق أو الكسر أو استعمال مركبة إلخ )
د ) إشتراط صفة معينة في الفاعل دون الشريك :مثل وجوب أن يكون الفاعل موظفا في جريمة الرشوة ،ومتزوجا في
جريمة الزنا
ه ) اشتراط وقوع الجريمة من الفاعل األصلي لمعاقبة الشريك :ال يسال الشخص عن جريمة بصفته شريكا إال إذا ارتكبت
الجريمة من طرف الفاعل ويشترط الدانة الشريك إثبات فعل اإلشتراك وإثبات الفعل األصلي و ال شروع في أفعال الشريك :
يعاقب على الشروع بالنسبة للبدأ في تنفيذ األفعال األصلية ،أما إذا كان البدء بالتنفيذ منصبا على أفعال االشتراك فال عقاب
عليها .وإذا عدل الفاعل األصلي عن الجريمة يستفيد شريكه من العدول ،وإذا عدل أحد الفاعلين األصليين ،فال يستفيد
الفاعلون األخرون من عدوله
و ) تستلزم بعض الجرائم فاعلها صفة معينة ليست في الشريك بحيث ال يمكن أن تقع الجريمة من الشريك ،ومن هذا القبيل
جريمة هتك العرض violالمنصوص والمعاقب عليها في المادة 336قيع التي ال يمكن أن تكون فيها المرأة فاعال ،ولكن
يمكنها أن تكون شريكا فيها ،كما ال يمكن في مجال االعتداء على مال الغير أن يكون الشخص سارقا ومخفيا لألشياء
المسروقة في الوقت نفسه ،في حين يمكن للشريك أن يكون مخفيا لها .
ثالثا :عالقة الشريك بالفاعل :
يؤسس الفقه عالقة الشريك بالفاعل الرئيسي للجريمة على نظريتين ،هما االستقاللية والتبعية
32
أ ) نظرية االستقاللية :مؤدی النظرية استقالل الشريك عن الفاعل األصلي في مسؤوليته عن الجريمة حيث يعتبر عمل
الشريك منفصال من حيث التجر يم والعقوبة عن فعل الفاعل األصلي ،ويترتب عن هذا النتائج التالية :
-1الشريك يسأل جنائيا بحسب خطورته هو بصرف النظر عن خطورة الفاعل األصلي ،ولهذا قد تكون مسؤوليته أشد
من مسؤولية الفاعل األصلي
-2الشريك يسال جنائيا بحسب قصده الخاص به وال يتأثر بما يرتكبه الفاعل من جرائم جديدة لم تكن في ذهنه كمن
يشترك في السرقة ثم يقوم الفاعل بالسرقة والقتل
-3الشريك ال يتأثر بموانع السؤولية أو العقاب المتوفرة في الفاعل إذا كانت ذات طابع شخصي ،وال يتأثر بأسباب
انقضاء الدعوى المتصلة بالفاعل األصلي كوفاته أو العفو الشامل عنه ولكنه يتأثر بالظروف المائية المتصلة بالسلوك
اإلجرامي
-4يعامل الشريك في المسؤولية المدنية بالتعويض معاملة مستقلة عن الفاعل األصلي .
ب ) نظرية االستعارة ( التبيعة ) :
مفادها أن الشريك يستمد إجرامه وصفته اإلجرامية من فعل الفاعل األصلي ،فهو تابع له ومرتبط بمصيره من حيث التجريم
و العقاب .ويترتب عن هذه التبعية :
-1التسوية الكاملة بين الشريك والفاعل من حيث المسؤولية ،والعقوبة وظروفها الشخصية والموضوعية ،بشرط أن
تقع الجريمة األصلية .
-2ال يعاقب الشريك إال إذا ارتكب الفاعل الجريمة وال يعاقب المحرض إال بعد وقوع الجريمة
-3الشريك يسال في نطاق خطورة الفاعل وبحسب قصد الفاعل فإذا ارتكب الفاعل جرائم جديدة غير التي أراد الشريك
االشتراك فيها فإن الشريك يسأل عنها .
رابعا :موقف المشرع الجزائري :
موقف المشرع :هو المذهب الوسطي ،بين التبعية واالستقاللية
-1التبعية :من حيث المساواة في العقوبة المادة 144ق ع ج ) ،وتأثر الشريك بالظروف الموضوعية اللصيقة بالجريمة
( المادة 44/3ق ع ج ) .
-2اإلستقاللية من حيث .معاقبة المحرض رغم عدم وقوع الجريمة المحرضة ( المر 46ق عج ) ومعاقبة الفاعل
المعنوي ( المادة 45ق ع ج ) ،واستقالل الشريك بظروفه الشخصية ( الم 44/2ق ع ج ) ومثاله قتل الطفل الحديث
العهد بالوالدة ( المادة 161قع ج ) .
-3
المطلب الثاني :أركان االشتراك
على غرار ما هو مقرر للفاعل األصلي ،تتطلب المتابعة والعقاب من أجل االشتراك في الجريمة المرتكبة من قبل الفاعل
األصلي التئام ثالثة أركان - :وقوع فعل رئيسي يعاقب عليه القانون ،وهو الركن الشرعي لالشتراك
-عمل مادي يتمثل في القيام بسلوك بإحدى الوسيلتين المبينتين في المادة 42ق ع وهما المساعدة أو المعاونة ،وهو
الركن المادي لالشتراك .
-العلم ،وهو الركن المعنوي لالشتراك .
ثانيا :االعتياد على تقديم مسكن أو ملجأ أو مكان إلجتماع طائفة خاصة من الجناة ( :م 43ق ع )
وهي صورة من صور االشتراك تتمثل في االعتياد على تقديم مسكن أو ملجا أو مكان االجتماع جناة معينين .
وقد أشارت المادة 43قع إلى هذه الصورة معتبرة في حكم الشريك من اعتاد على تقديم مسكنا أو ملجأ للجناة وهي شكل من
أشكال المساعدة الالحقة لتمام الجريمة غير أن المشرع قيدها بشروط خاصة نوردها فيما يأتي :
يشرط لقيام االشتراك في الصورة المنصوص عليها في الباب 43قع أربعة عناصر وهي :
-تقديم مساعدة تتمثل في توفير محل أيا كانت طبيعته مني كان صالحا الستعماله كمسكن أو ملجأ أو كمكان لالجتماع .
34
-االعتياد :ويتحقق ذلك بأكثر من مرة واحدة .صفة المستفيد من المساعدة :يجب أن يكون ممن يمارسون اللصوصية
أو أعمال العنف ضد أمن الدولة أو ضد السكينة العامة األعمال اإلرهابية وأعمال التخريب ) ...أو ضد األشخاص
أعمال العنف ) ...أو ضد الممتلكات ( السرقة ،خيانة األمانة ،النصب ) ...
-الركن المعنوي :ويتم ثل في العلم بالسلوك اإلجرامي للمستفيدين من المساعدة .
الفرع الثالث :القصد الجنائي
أوال :مفهوم نية االشتراك :يقتضي االشتراك مساعدة الفاعل الرئيسي على ارتكاب األفعال التحضيرية أو المسهلة أو
المنفذة لها مع علمه بذلك .
ومن ثم يتعين أن يكون من ساعد الفاعل األصلي قد ساهم ،وهو على دراية ،في ارتكاب الجريمة الرئيسية وان يكون يعلم
بأنه يشترك في جناية أو جنحة معينة كالقتل العمد مثال أو السرقة .
يجب إذن نية إسهام في عمل إجرامي نفذه أو حاول تنفيذه الغير ،ومن ثم ال يمكن اعتبار الوالد شريكا بالمساعدة إذا حصل
مثال أن ترك سالحا تاريا به مقذوف من بيته فأخذه ابنه واستعمله في ارتكاب سرقة أو قتل .
وتختلف النية التي يطلبها المشرع لدى الشريك عن القصد الجنائي أو الخطأ الجزائي الذي يتطلبه المشرع لدى الفاعل
األصلي .فالنية لدى الشريك تتمثل دائما في خطأ قصدي ،أي إرادة االشتراك عمدا في العمل اإلجرامي للفاعل الرئيسي وهي
في الغالب تحصيل االتفاق مسبق مع الفاعل الرئيسي ،ولكن ال يتم االتفاق أحيانا إال في الوقت نفسه الذي ترتكب فيه الجريمة
.و كل األحوال ،يجب أن يتصرف الشريك والفاعل األصلي معا وباالتفاق من أجل الحصول على النتيجة الجرمية .
وتبعا لذلك ال يمكن متابعة مرتكب خطأ عدم االحتياط كشريك حتى وإن كان عدم احتياطه هذا أو إهماله يشكل خطأ من
الناحية المدنية .
ثانيا :ميعاد النية و اثباتها
يجب أن يكون وعي الشريك بالمساهمة په جريمة معاصرا لتقديم المساعدة أو العون .وبالمقابل ،ال يشكل عمال من أعمال
االشتراك ،النعدام النية ،علم من قدم العون أو المساعدة الحقا ،أي بعد ارتكاب الجريمة ،بأن ما قدمه من عون أو مساعدة
فقد سمح بارتكاب الجريمة أو سهل ارتكابها وما دام العقاب على االشتراك يقتضي توافر نية شخصية لدى الشريك ،فعلى
النيابة العامة يقع عب .تقديم الدليل على أن الشريك كان على علم سابق بأن ما قدمه من مساعدة أو عون سيستعمل الرتكاب
الجريمة .
المطلب الثالث :جزاء الشريك ( م 44ق ع )
تنص المادة 44قيع في فقرتها األولى على ما يأتي " :يعاقب الشريك في جناية أو جنحة بالعقوبة المقررة للجناية أو الجنحة .
و بذلك يكون المشرع أخذ في الجنايات و الجنح بمبدأ استعارة العقوبة فسوى في العقوبة بين الفاعل و الشريك .
وعمال بهذه القا عدة ،يخضع الشريك للعقوبة المقررة للجريمة التي ارتكبها الفاعل سواء من حيث الطبيعة أو من حيث المدة ،
فإذا ارتكب الفاعل ،على سبيل المثال ،سرقة بسيطة عقوبتها الحبس من سنة إلى 5سنوات ( المادة 350فع ) تطبق ذات
العقوبة على الشريك .
وتطبق أيضا على الشريك العقوبات التكميلية التي تطبق على الجريمة التي ارتكبها الفاعل ،فإذا كان الفعل المرتكب جناية
وصدرت على الفاعل والشريك عقوبات جنائية ،ففي هذه الحالة تطبق على كليهما وجوبا العقوبتين التكميليتين اإللزاميتين
المنصوص عليهما في المادتين 9مكرر و 9مكرر 1المتمثلتين في الحجر القانوني والحرمان من ممارسة حق أو أكثر من
الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية المنصوص عليها في المادة 9ق ع
غير أنه ال يسأل على االشتراك إال إذا كان الفعل األصلي جناية أو جنحة ،أما إذا كان مخالفة فال يسأل فيها على االشتراك
،حيث نصت المادة 44ف ي فقرتها الرابعة " :ال يعاقب على االشتراك في المخالفة على اإلطالق ،باستثناء مخالفات الضرب
والجرح العمد والمشاجرة وأعمال العنف األخرى المنصوص والمعاقب عليها في المادتين -442او 442مكرر ق ع .
• بالنسبة للظروف الشخصية :
نصت المادة 44في قرتها الثانية على " أن ال تؤثر الظروف الشخصية التي ينتج عنها تشديد أو تخفيف العقوبة أو اإلعفاء
منها إال بالنسبة للفاعل أو الشريك الذي تتصل به هذه الظروف "
ويتعلق األمر هنا بظروف ال تؤثر في طبيعة الجريمة وال في وصف الفعل وإنما تغير العقوبة فقط ،ومن هذا القبيل صغر
السن وحالة العود وحالة الجنون
35
فبمقتضى ذلك إذا توافرت ظروف شخصية لدى الفاعل أو الشريك وكان من طبيعة هذه الظروف تغيير العقوبة بتشديدها أو
بتخفيفها أو باإلعفاء منها ،فال يستفيد منها إال من تتصل به سواء كان فاعال أو شريكا .
وهكذا ،فإذا كان الفاعل أو الشريك في حالة عود ،وهي حالة تضاعف فيها العقوبة طبقا للمواد 54إلى 57قع ،فال تشدد
العقوبة إال على من هو حالة عود .
وكذلك الحال إذا كان الفاعل أو الشريك قاصرا يتراوح عمره بين 13و 18سنة وهي حالة تخفض فيها العقوبة عموما إلى
نصف ما هو مقررة للبالغ ( المادة 50ق ع ) ،فال يستفيد من تخفيف العقوبة إال القاصر ،وكذلك الشأن بالنسبة للفاعل أو
الشريك الذي يكون من حالة جنون وقت ارتكاب الجريمة ( المادة 47ق ع ) أو قاصرا دون 13سنة ( المادة 49قرع ) ،أو
كان قد بلغ عن الجريمة قبل ارتكابها ( المادة 92قيع والمادة 27من قانون مكافحة التهريب ) أو قبل مباشرة إجراءات
المتابعة ( المادة 49من ق مكافحة الفساد ) .
• أما بالنسبة للظروف الموضوعية المتعلقة بالجريمة :
ويتعلق األمر هنا بظروف تؤثر في اإلجرام وتغير من وصف الجريمة ،و هذا الصدد نصت المادة 44من ق ع ،في فقرتها
الثالثة ،على أنه يترتب على الظروف الموضوعية اللصيقة بالجريمة التي تؤدي إلى تشديد أو تخفيف العقوبة تشديدها أو
تخفيفها بحسب ما إذا كان من ساهم في الجريمة يعلم أو ال يعلم بهذه الظروف.
ومن قبيل الظروف الموضوعية المشددة للعقوبة :الكس ر والتسلق واستعمال العنف وحمل السالح في جريمة السرقة ،ومن
قبيل الظروف الموضوعية التي تخفف العقوبة :عذر االستفزاز المواد من 277إلى 283ق ع بالنسبة ألعمال العنف ) ومن
يضع حدا فورا الحبس أو خطف أو حجز تعسفي ( المادة . ) 294
وهكذا ،وعلى سبيل المثال ،فإذ ا كان الفاعل األصلي في جريمة السرقة يحمل السالح عند ارتكابه الجريمة ،وهو الظرف
الذي يحول الجريمة من جنحة السرقة البسيطة إلى جناية السرقة الموصوفة ،يعاقب الشريك بالعقوبة المقررة لجناية السرقة
مع حمل سالح ( المادة 351قيع ) إذا كان يعلم بأن الفاعل يحمل السالح ،ويعاقب بالعفوية المقررة لجنحة السرقة البسيطة
إذا لم يكن يعلم بذلك .
المسؤولية الجزائية
إن اإلتيان على جريمة ماديا ال يؤدي حتما إلى تطبيق العقوبة المقررة قانونا لمرتكبها فال يعاقب هذا األخير إال إذا أثبت
القاضي مسئوليته الجزائية تتمثل المسؤولية الجزائية في التزام شخص بتحمل نتائج فعله اإلجرامي .
ومن ثم فإن المسؤولية الجزائية ليست ركنا من أركان الجريمة وإنما هي أثرها ونتيجتها القانون.
تقوم المسؤولية الجزائية على ركنين هما الخطأ ،أي اإلذناب ،واألهلية ،أي اإلسناد .
المبحث االول :المسؤولية الجزائية التقليدية
المطلب االول :اركان المسؤولية الجزائية
أوال -الخطأ :وهو إتيان فعل مجرم قانونا ومعاقب عليه سواء عن قصد أو عن غير قصد .و الخطأ نوعان قصد جنائي و
خطأ غير عمدي
ثانيا -األهلية :ال يحمل القانون شخصا عبء تصرفاته إال إذا كان قادرا على اإلدراك والفهم بمعنى أن تكون لديه مقدرة عقلية
تجعله يفقه أعماله وتجعله حرا في اختيارها مع معرفة ماهيتها ونتائجها فال تقوم المسؤولية على شخص ال قدرة له على
إدراك وفهم ما يقوم به من تصرفات كالمجنون أو القاصر غير المميز.
كما ال تقوم المسؤولية أيضا على من أكرهته قوة لم يكن له مقاومتها أو ردها فأفقدته حرية القرار والخيار كما في حالة اإلكراه
ويذهب البعض ومنهم الفقيهان سطيفاني و لوفاسور إلى القول أن الخطا نفسه ال يتوافر عند فقدان اإلدراك والوعي ألن القصد
أو اإلهمال يفترضان صدورهما عن إدراك ووعي وهما شرطان لقيام الخطا ذاته ،وتبعا لذلك فمن كان فاقد اإلدراك والوعي
36
ال يخطئ ألنه غير قادر على الخطا ومن ثم فهو ال يرتكب جرما ۔ فيما يرى البعض اآلخر ،ومنهم الفقيهان ميرل و فيتو أن
الخطا يتوفر بصورة موضوعية عندما يحصل خرق للقاعدة الجزائية إال أن المساءلة عنه تستوجب توافر اإلدراك والوعي
لدى الفاعل ،
وتبعا لذلك فمن كان فاقد الوعي واإلدراك يخطئ إال أنه ال يتحمل نتائج خطئه ومنها العقاب هذا ما أخذ به المشرع الجزائري
في المادة 47التي تنص على أن ال جريمة على من كان في حالة جنون وقت ارتكاب الجريمة
المطلب الثاني :موانع المسؤولية الجزائية
تمتنع المسؤولية الجزائية بتخلف أحد أركانها وهي الخطأ واألهلية أو أحد العناصر المكونة لها ،فال مسؤولية جزائية بال خطا
او اهلية عالوة على ذلك هناك حاالت أخرى المتناع المسؤولية الجزائية
الفرع االول :امتاع المسؤولية بسبب انعدام الوعي :
تكون األهلية منعدمة النعدام الوعي في حالتين وهما الجنون وصغر السن
اوال :الجنون :نصت المادة 47ق ع على أن ال عقوية على من كان في حالة جنون وقت ارتكاب الجريمة ،وذلك دون
اإلخالل بأحكام الفقرة 2من المادة 21يتعلق األمر بالحجز القضائي في مؤسسة نفسية أو طبية قصد العالج .
لم يعرف المشرع الجزائري المقصود بالجنون والرأي المتفق عليه فقها وقضاء أن الجنون يقصد به اضطراب في القوى
العقلية يفقد المرء القدرة على التمييز او على السيطرة على أعماله ،و ال يوجد في القانون الجزائي قرينة على االضطراب
في القوى العقلية ،و يبقى للقاضي الفصل فيما اذا كان تحت تاثير اضطراب نفسي او عصبي نفساني وقت ارتكاب الجريمة
كما يمكن للقاضي اللجوء الى خبرة عقلية يكلف بإجرائها طبيب مختص في األمراض العقلية و ان كان دور هذا االخير
استشاريا
ويشمل الجنون بمعناه العام كل نقص في الملكات الذهنية كالعته والبله ،سواء كان وراثيا congenitalأو كان مكتسبا إثر
مرض ( شلل تام ،جنون مبكر.وقد يكون الجنون مستمرا أو متقطعا يأتي في فترات مختلفة تعقبها فترات إفاقة .ويدخل تحت
مصطلح الجنون صور أخرى من األمراض العصبية والنفسية التي قد تجرد اإلنسان من اإلدراك وأهمها :
الصرع épilepsieنوبات يفقد فيها المريض رشده ،وهو عكس الهستريا التي ال تعدم الشعور كلية .
اليقظة النومية ، somnambulismeيقوم المصاب بها من نومه ويأتي أفعاال ال يشعر بها .
كما ال يدخل السكر وتناول المخدرات ضمن موانع المسؤولية بسبب فقدان الوعي ،ومن ثم يعاقب بالعقوبات المقررة قانونا
كل من ارتكب جريمة وهو في حالة سكر او تحت تأثير مادة مخدرة تناولها عن علم وإرادة ،بصرف النظر عن طبيعة
الجريمة المرتكبة ،سواء تعلقت بالمرور أو بالقانون العام ،بل يعد السكر وتأثير المخدرات من الظروف المشددة للجريمة
كما هو الحال في جرائم القتل أو الجرح الخطا المادة 290ق ع والمادة 66القانون رقم 01- 14المؤرخ في 19- 8- 2001
المتعلق بتنظيم حركة المرور عبر الطرق وسالمتها وأمنها ،وأكثر من ذلك فإن قيادة مركبة في حالة سكر أو تحت تأثير
مخدر تعد في حد ذاتها جنحة يعاقب عليها القانون المادة 67من القانون رقم 01- 14 .
وقد حدد السكر في هذه الحالة بوجود الكحول في الدم بنسبة تعادل أو تزيد على 0,10غ في ( 1000المادة 67من قانون 01-
)14
أما إذا تناول المتهم المادة المسكرة او المخدرة قهرا او عن غير علم فيمكن اعتباره سببا النعدام مسؤولية بعنوان اإلكراه و
ليس بعنوان الجنون .
و يفسر الفقهاء لجوء القضاء الى نظرية القصد المحتمل بأنه على السكران ان يتوقع النتائج القانونية لعمله و من ثم يتعين عليه
تحمل هاته النتائج
آثار الجنون :يترتب على الجنون انعدام المسؤولية فال يسأل المجنون جزائيا ،وال تتخذ بشانه إال تدابير عالجية تتمثل في
وضعه في مؤسسة نفسية متخصصة وحتى يكون عدم العقاب كامال ينبغي توافر شرطين مجتمعين وهما :
يجب أن يكون الجنون معاصرا الرتكاب الجريمة
37
هذا ما يستشف من حكم المادة 47ق ع وقت ارتكاب الجريمة ،فال أثر للجنون في المسؤولية الجزائية إذا طرا قبل ارتكابها
وال أثر له فيها أيضا إذا طرا الجنون بعد الجريمة .غير أنه يترتب على الجنون الطارئ بعد الجريمة بعض النتائج تختلف
بحسب الوضعية التي تكون عليها إجراءات الدعوى
فاذا طرا الجنون قبل صدور الحكم يوقف رفع الدعوى على المتهم وتوقف محاكمته إذا كان بصددها ،حتى يعود إليه رشدد
ويترتب على ذلك أن تقف كل المواعيد كمواعيد الطعن في األحكام.
على أن الوقف ال يشمل جميع اإلجراءات ،فال يحول وقف الدعوى دون اتخاذ إجراءات التحقيق التي يراها القاضي االزمة
ومستعجلة والمقصود بهذه اإلجراءات تلك التي ال تتصل بشخص المتهم مثل المعاينة وندب الخبراء والتفتيش وسماع الشهود
واستجواب المتهمين اآلخرين والشركاء في الجريمة
و وإذا طرا الحنون بعد صدور حكم يقضي بعقوبة مقيدة للحرية وجب تاجيل تنفيذ العقوبة حتى بيرا ،وفي هذه الحالة بوضع
المجنون و إحدى المؤسسات المختصة لألمراض العقلية .
يجب أن يكون الجنون تاما :
أي أن يكون االضطراب العقلي من الجسامة بحيث يعدم الشعور واالختيار كلية ،وهذه مسألة موضوعية يرجع تقديرها
لقضاة الموضوع إثر خبرة طبية .علما أن المشرع الجزائري يتكلم على انعدام األهلية كلية فقط وال يتكلم على حالة نقص
األهلية ،فمن الناس من يصاب باضطراب عقلي ينقص من إدراكه فيكون شبه مجنون كالمصاب بالهستريا والصم والبكم ،
فمثل هؤالء األشخاص يعدون مسؤولين ويحكم القضاء بتخفيف مسئوليتهم.
ثانيا :صغر السن :نصت الفقرة األولى من المادة 49ق ع ،على أن القاصر الذي لم يكمل عشر ) ( 10سنوات ال يكون
محال للمتابعة الجزائية .اما القاصر الذي يتراوح سنه من 10إلى أقل من 13سنة فيمكن متابعته ومساءلته جزائيا غير أنه ال
تطبق عليه إال تدابير الحماية أو التهذيب .و مع ذلك فانه في مواد المخالفات ال يكون محال اال للتوبيخ .
و يخضع القاصر الذي يبلغ سنه من 13الى 18سنة اما لتدابير الحماية و التهذيب او لعقوبات مخففة .
تنص المادة 50ق ع اذا قضي بان يخضع القاصر الذي يبلغ سنه من 13الى 18لحكم جزائي فان العقوبة التي تصدر عليه
تكون كاالتي :
اذا كانت العقوبة التي تفرض عليه هي االعدام او السجن المؤبد فانه يحكم عليه بعقوبة الحبس من 10سنوات الى 20سنة .
و اذا كانت العقوبة هي السجن او الحبس المؤقت فانه يحكم عليه بالحبس لمدة تساوي نصف المدة التي كان يتعين الحكم بها
عليه اذا كان بالغا .و تنص المادة 51في مواد المخالفات يقضى على القاصر الذي يبلغ سنه من 13الى 18اما للتوبيخ و اما
بعقوبة الغرامة .
الفرع الثاني :امتناع المسؤولية بسبب انعدام اإلرادة ( اإلكراه: ) :
تنص المادة 48ق ع على أن " ال عقوبة على من اضطرته إلى ارتكاب الجريمة قوة ال قبل له بدفعها " .
وخالفا للجنون الذي يقضي على التمييز ويفقد الوعي ،فإن اإلكراه سبب نفسي ينفي حرية االختيار ويسلب اإلرادة حريتها
كاملة ،ولكن كالهما يحدث نفس النتائج ،فكالهما ال يعدم الجريمة في حد ذاتها وإنما يعدم المسؤولية الشخصية للجاني .
واإلكراه نوعان :اإلكراه المادي أو الخارجي ،واإلكراه المعنوي أو أحد الذاتي
أ -اإلكراه المادي :وهو أن تقع قوة مادية على إنسان تسلبه إرادته وتدفعه إلى إتيان فعل يمنعه القانون ،وكثيرا ما يكون
مصدر اإلكراه قوة خارجية ( فقد تكون قوة عنيفة مصدرها الطبيعة كعاصفة هوجاء ,كما قد تكون قوة ناشئة عن فعل
حيوان او انسان كمن يهدد شخص بسالح ناري ) ومع ذلك فقد ينشأ عن أسباب داخلية مالزمة لشخص الجاني نفسه و
تمارس عليه ضغط يقوده الى القيام بفعل ما كان ليبتغيه من تلقاء نفسه و لقد اخذ به القضاء الفرنسي في قضية راكب
القطا ر الذي غلبه النعاس في سفر طويل من كثرة التعب فجاوز المسافة التي دفع اجرها .
و يشترط في االكراه المادي سواء كان داخليا او خارجي
ان يكون غير ممكن توقعه imprévisibleبحيث تكون القوة الواقعة على الجاني فجائية مثل امين الصندوق الذي
يفاجئه الجناة و هو في مكتبه و يهددونه بسالح ناري
ان ال يمكن دفعه irrésistibleاي ان يكون الفاعل في موقع يستحيل عليه القيام بشيء غير ارتكاب الجريمة
38
عدم ارتكاب الجاني خطا قبل االكراه و هكذا قضت محكمة النقض الفرنسية بقيام جنحة الهروب من الجيش في حق
بحار منع من االلتحاق بباخرته قبل انطالقها بسبب توقيفه من طرف الشرطة من اجل السكر العلني و العمومي
و على كل حال يرجع للقضاء تقدير خصائص االكراه .
ب – االكراه المعنوي :و هو ضغط يقع على ارادة شخص فيحد من حرية اختياره و يدفعه الى ارتكاب جريمة ,و قد يكون
مصدر الضغط سببا خارجيا يتمثل في التهديد و التحريض الصادرين من الغير و يستلزم في هذه الحالة ان يبلغ تأثيره الحد
الذي يرغم الشخص على سلوك سبيل الجريمة بحيث يعدم حرية االختيار , 3كما يشترط ان يكون التهديد الصادر عن الغير
غير مشروع و هكذا قضي في فرنسا بان هيبة الزوجة من زوجها و االبن من والده و الخادم من سيده ال ينفي المسؤولية .اما
بالنسبة للتحريض الصادر من الغير فال يقبل اكراها معنويا اال اذا استعمل المحرض ( بكسر الراء ) مناورات يفقد معها
المحرض ( بفتح الراء ) ارادته كاملة .
كما قد يكون مصدر االكراه المعنوي ذاتي يتعلق بنفسية الجاني و بتأثير الهوى و العواطف او االنفعال ,اال ان هذا االكراه ال
يأخذ به حيث ان قانون العقوبات جاء اساسا ألولئك الذين ال يستطيعون مقاومة نزواتهم االجرامية .
و حال توفر االكراه كما عرفته المادة 48من ق ع يستفيد الفاعل من البراءة بسبب تعطل ركن من اركان الجريمة متمثال في
القصد الجنائي الذي يتطلب عنصري االرادة و الحرية المنعدمين في حالة االكراه .
المبحث الثاني :االتجاهات الحديثة للمسؤولية الجزائية
لقد أدت الثورة الصناعية و ما ترتب عنها من تطورات جذرية في وسائل اإلنتاج و عالقة ارباب العمل بالعمال و في تسيير
اآللة و ما يحيط بها من دقة و احتراز في االستعمال و الصيانة كل هذا ادى الى انتقال مفهوم المسؤولية من مفهومها التقليدي
الشخصي القائم على الخطأ الى مفهومها الحديث القائم على ضمان المخاطر دون حاجة إلثبات خطأ المتسبب في الضرر .
فظهرت في القانون المدني مسؤولية الشخص عن فعل الغير منطلقة من مبدأ وجوب التعويض عن األضرار التي يحدثها من
هم تحت رقابة وإدارة أرباب المهن أو األولياء واألوصياء باعتبار أن هؤالء إما قصروا في الرقابة أو أخطئوا في اإلدارة ،
ولقد تأثر الفقه واالجتهاد الجنائيين بالتطور الحاصل في مفهوم المسؤولية المدنية فظهرت المسؤولية الجزائية عن فعل الغير
على أساس خطا رب العمل أو المشرف على نشاط التابعين بإهماله موجب الرقابة واالحتراز
كما كان لتوسع نشاط الشركات واستدراجها لرؤوس األموال وتوظيفها لها وخروج رقابة التوظيف واإلدارة عن نطاق الفرد
إلى نطاق الجماعة دورا رئيسيا في إقامة المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي
المطلب األول المسؤولية الجزائية عن فعل الغير :
من المسلم به أن المسؤولية الجزائية شخصية فال يسأل إال من ارتكب الجريمة أو شارك فيها ،غير أن بعض القوانين جاءت
بما يتضمن حاالت للمسؤولية عن فعل الغير السيما في المجال اإلقتصادي اذ ظهرت مسؤولية رئيس المؤسسة عن الجرائم
التي يرتكبها التابعون .
الفرع االول :مجال تطبيق المسؤولية الجزائية عن فعل الغير
وهنا يجب التمييز بين حاالت المسؤولية الجزائية غير المباشرة وبين حاالت المسؤولية الجزائية الحقيقية عن فعل الغير
أ -الحاالت التي تكون فيها المسؤولية عن فعل الغير مسؤولية غير مباشرة ،ويتعلق األمر بحاالت حمل فيها المشرع المتبوع
االلتزام بأداء الغرامة الجزائية المحكوم بها على التابع دون تحميله المسؤولية الجزائية ذاتها ،نجد تطبيقات لهذه الحاالت في
مجال المرور ،وهكذا نصت المادة 96من القانون رقم 01- 14المؤرخ في 19- 8- 2001المتعلق بتنظيم حركة المرور
عبر الطرق وسالمتها وأمنها ،صراحة على تحميل صاحب بطاقة تسجيل المركبة المسؤولية المدنية عن مخالفة التنظيم
المتعلق بوقوف المركبات ،والتي يترتب عليها دفع غرامة فحسب ،إال إذا أثبت وجود قوة قاهرة أو قدم معلومات تمكن من
اكتشاف المرتكب الحقيقي للمخالفة .
ب -الحاالت التي تكون فيها المسؤولية عن فعل الغير مسؤولية حقيقية :ويتعلق األمر هنا بحاالت يرتكب فيها شخص ( تابع
أو أجير ) جريمة ويعاقب جزائيا من اجلها شخص آخر ( المتبوع أو رئيس المؤسسة ) ،وهذه الحاالت تشكل ،ال محالة ،
استشاءات لمبدأ المسؤولية الجزائية الشخصية نجد أمثلة لهذه الحاالت في نصوص قانونية و نجد تطبيقات لهذه المسؤولية في
مجال الغش الضريبي ،حيث نصت المادة 529من قانون الضرائب غير المباشرة على مسؤولية مالك البضائع عن
40
.3تعارض المسؤولية الجزائية مع مبدأ شخصية العقوبة :ألن العقوبة المطبقة عليه ستصيب جميع األشخاص
الطبيعيين المكونين له والعاملين لديه دون أن يساهموا في الجريمة.
.4أغلب العقوبات غير قابلة للتطبيق على الشخص المعنوي :ال اإلعدام والسلب الحرية وال التنفيذ باإلكراه البدني.
.5معاقبة الشخص المعنوي ال تحقق أغراض العقوبة :وهي إصالح المحكوم عليه وإعادة تأهيله وإدماجه ،والردع
الخاص والردع العام ،فاإلنسان فقط هو الذي يمكن ردعه وتخويفه
ثانيا :اإلتجاه الحديث المؤيد :يؤيد مساءلة الشخص المعنوي جزائيا إلى جانب الشخص الطبيعي استنادا للمبررات التالية :
.1الشخص المعنوي له كيان قانونی حقيقی مستقل بذاته ،والقانون ال يعتد بالوجود الفزيولوجي بل بأهلية التمتع
بالحقوق وتحمل اإللتزامات ،بدليل االعتراف بمسؤوليته المدنية
.2الشخص المعنوي له إرادة ويمكن تصور توافر الركن المعنوي بإرادة يعبر عنها ممثلوه وأجهزته الخاصة
وتجسدها مداوالت مجلس اإلدارة .
.3الشخص المعنوي يرتكب الجرائم بواسطة أعضائه وممثليه فهم شركاؤه .كجرائم الشركات وجرائم النصب وخيانة
األمانة والتزوير والتهرب الضريبي وجرائم البيئة وجرائم العمل .
.4أغلب العقوبات يمكن تطبيقها على الشخص المعنوي ولها آثارها غير مباشرة على الغير مثل عقوبات الشخص
الطبيعي .
.5فعالية هذه المسؤولية في مكافحة إجرام الشخص المعنوي ،فال يمكن مواجهته إال بعقوبات جزائية .خاصة
اإلجرام اإلقتصادي لحماية مواد ووسائل اإلنتاج.
.6فكرة الردع واإلصالح تطبق على الشخص المعنوي بعقوبات تتالءم مع طبيعته تجعله يخشاها فيمتنع عن ارتكاب
الجريمة ،أو تدفعه إلى اإلصالح الذاتي الداخلي .ألنها تسيئ إلى سمعته فتسبب له خسائر كبيرة كالغرامة
والمصادرة والمنع الموقت من مزاولة النشاط ،أو عقوبة الحل التي تشبه اإلعدام.
.7تحقيق العدالة يقتضي توزيع المسؤولية الجزائية بين الشخص المعنوي واألشخاص الطبيعيين الذين ارتكبوا
الجريمة لحسابه .
ثالثا :موقف المشرع الجزائري من المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي
لقد كان المشرع الجزائري مترددا في اقرار المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ,وجاء هذا االقرار متدرجا في مراحل
ففي المرحلة االولى لم يكن قانون العقوبات الجزائري يأخذ بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي غير انه لم يستبعدها
صراحة حيث كا ن ينص على حل الشخص المعنوي ضمن العقوبات التكميلية ,ثم تأتي المرحلة الثانية و هي مرحلة االقرار
الجزئي حيث كرس مسؤولية الشخص المعنوي في بعض القوانين الخاصة ثم مرحلة التكريس الفعلي لمبدأ المسؤولية الجزائية
حيث استحدث المشرع نظام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ،وحددها من ناحية طبيعة األشخاص والجرائم والشروط ،
دون أن تنفي مسؤولية األشخاص الطبيعيين فاعلين كانوا أو شركاء في الجريمة التي يسأل عنها الشخص المعنوي .
وهو ما قرره بتاريخ 10نوفمبر ، 2004في تعديل كل من قانون العقوبات وقانون اإلجراءات الجزائية وبعض القوانين
الخاصة .
.1في قانون العقوبات
الباب األول مكرر من الكتاب األول ،تضمنت المادتان 18مكرر 18 ،مكرر 1العقوبات المطبقة
على األشخاص المعنوية
الباب الثاني من الكتاب الثاني :تضمن الفصل الثاني منه المتعلق بالمسؤولية الجزائية شروط
المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ،في المادة 51مكرر .
تضمن الفصل الثالث المتعلق بشخصية العقوبة ،ظروف تخفيف العقوبة على الشخص المعنوي في
المادة 53مكرر ، 7وظروف تشديدها في المواد 53مكرر ، 8و 54مكرر إلى 54مكرر . 9
41
الكتاب الثالث المتعلق بالجنايات والجنح وعقوباتها :إشتمل على نصوص كثيرة تحدد الجرائم المرتكبة
من طرف الشخص المعنوي ،أغلبها يتعلق بعالم األعمال.
.2في قانون اإلجراءات الجزائية :استحدث المشرع الجزائري فصال ثالثا في الباب الثاني الخاص بالتحقيقات
تحت عنوان " في المتابعة الجزائية للشخص المعنوي " تضمنته المواد من 65مكرر إلى 65مكرر 4
تناولت االختصاص القضائي المحلي ،وإجراءات المتابعة ،التحقيق والمحاكمة ،وتمثيل الشخص المعنوي
في الدعوى.
42
ا -انواع الجرائم الخاصة بالشخص المعنوي
اوال :في قانون العقوبات:
-1في الجرائم ضد الشئ العمومي:
-الجنايات والجنح ضد األمن العمومي ،وهي جريمة جمعية األشرار ( المادة 77مكرر )
-جرائم التزوير المتعلقة بالنقود واألختام والمحررات وانتحال الصفة المنصوص عليها في المواد 197إلى 253ق ع ،
وهذا بنص المادة 253مکرر.
-2في الجرائم ضد األفراد :
-الجرائم ضد األشخاص وهي :جرائم القتل والجرح الخطأ ،وجرائم االعتداء على الحريات الفردية وحرمة المنازل
والخطف ،وجرائم التمييز العنصري ،وجرائم االعتداء على الشرف واالعتبار وحرمة الحياة الخاصة واألسرار ( المادة
303مكرر ق ع ج )
االتجار باألشخاص المادة 303مكرر ق ع
االتجار باألعضاء البشرية المادة 303مكرر ق ع
تهريب المهاجرين المادة 303مكرر 38ق ع
الجرائم ضد األسرة واآلداب العامة :الحيلولة دون تحقيق شخصية الطفل المادة 321ق ع.
-3في جرائم األموال :
جرائم اإلستالء على األموال :وهي جرائم السرقة والنصب وإصدار شيك بدون رصيد وخيانة األمانة ( المادة 382
مكرر )
جريمة تبييض األموال :بموجب المادة 389مكرر 7يعاقب الشخص المعنوي الذي يرتكب الجريمة المنصوص
عليها في المادتين 389مكرر( 1تبييض األموال) ..و 389مكرر ( 2تبييض األموال على سبيل االعتياد أو
باستعمال التسهيالت التي يمنحها نشاط مهني أو في إطار جماعة إجرامية )
جرائم المساس بأنظمة المعالجة اآللية للمعطيات :وهي الدخول في منظومة معلوماتية ،والمساس بمنظومة
معلوماتية المادة ( 394مكرر ق ع ج
الجرائم التجارية واإلقتصادية :وهي التفليس ،والتعدي على األموال العقارية ،وإخفاء األشياء ،وتحويل وسائل
النقل ( م 417مكرر) الغش في بيع السلع والتدليس في المواد الغذائية والطبية ( م 435مكرر )
ثانيا :في القوانين الخاصة:
جرائم الفساد :مثل المادة 53من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته رقم 06-01 2.
جرائم المنافسة في المواد 11و 13من قانون المنافسة رقم 03-03 3
جرائم التهريب بموجب المادة 24من قانون مكافحة التهريب رقم05-06
الجرائم الضريبية :بموجب المادة 303مقطع 9من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة والمادة 138من
قانون الرسم على األعمال.
جرائم اإلتجار بالمخدرات بموجب المادة 25من قانون مكافحة المخدرات رقم04-18 .
43
2.000.000د ج عندما تكون الجناية معاقبا عليها باإلعدام أو بالسجن المؤبد ،
1.000.000دج عندما تكون الجناية معاقبا عليها بالسجن المؤقت ،
500.00دج بالنسبة للجنحة.
العقوبات التكميلية
حل الشخص المعنوي .1
المصادرة :عرفتها المادة 15بأنها األيلولة النهائية إلى الدولة لمال معين أو أكثر .2
غلق المؤسسة أو فرع من فروعها لمدة ال تتجاوز 05سنوات. .3
اإلقصاء من الصفقات العمومية لمدة ال تتجاوز 05سنوات . .4
المنع من ممارسة نشاط مهني أو اجتماعي نهائيا أو لمدة ال تتجاوز 5سنوات. .5
الوضع تحت الحراسة القضائية لمدة ال تتجاوز 05سنوات .6
نشر وتعليق حكم اإلدانة ،عندما يعاقب شخص معنوي بواحدة أو أكثر من العقوبات التكميلية المنصوص .7
عليها في المادة 18مکرر ،فإن خرق االلتزامات المترتبة على هذا الحكم من طرف الشخص الطبيعي
يعاقب بالحبس والغرامة ويمكن التصريح بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن الجريمة المذكورة
ويتعرض للغرامة المنصوص عليها في المادة 18مكرر.
الجزاء
المبحث األول :العقوبات
المطلب االول :مفهوم العقوبات
الفرع االول :تعريف العقوبات
44
يمكن تعريف العقوبة على أنها جزاء يقرره المشرع ويوقعه القاضي على من تثبت مسئوليته في ارتكاب جريمة ،وتتمثل
العقوبة في إيالم الجاني باإلنقاص من بعض حقوقه الشخصية وأهمها الحق ال الحياة و الحق في الحرية
الفرع الثاني :وظائف العقوبة
للعقوبة وظائف يمكن حصرها في الردع ،إرضاء شعور العدالة والتأهيل.
أ -وظيفة الردع intimidation :للردع وجهان ،الردع العام والردع الخاص فأما الردع العام فيقصد به تحذير باقي
أفراد المجتمع الذين تراودهم فكرة ارتكاب الجريمة من أنهم سينالون نفس العقوبة التي توقع على المجرم الذي
ارتكبها فعال وأما الردع الخاص فيقصد به إيالم الجاني بالقدر الالزم الذي يمنعه من التفكير في العودة إلى ارتكاب
الجريمة.
ب -وظيفة إرضاء شعور العدالة rétribution :شددت المدرسة التقليدية الجديدة على إرضاء شعور العدالة الذي كان
وال يزال من أهداف العضوية يجب أن تشبع العقوبة شعور الناس بالعدالة وال تكون كذلك إال إذا كانت تطبق على كل
من يرتكب الجريمة التي تقررت جزاء لها ،وال يتنافى مع عدالة العقوبة ما يرخص به القانون من مرونة في تطبيق
العقوبة بما يجعلها مناسبة لحالة الجاني الفردية ولظروف الجريمة ،فالظروف المشددة أو المخففة تعتبر تجسيد لعدالة
العقوبة ألنها قواعد مجردة تطبق أحكامها على الجميع إذا توافرت شروطها القانونية .
ت -وظيفة التأهيل réadaptation :ويقصد بالتأهيل أن تنفذ العقوبة بطريقة فيها من وسائل التهذيب والعالج ما يمكن
الجاني بعد مغادرته للمؤسسة العقابية أن يكون أهال للتكيف مع المجتمع وأن ال يعود لإلجرام مستقبال.
و هي وظيفة أساسية ترمي إلى إضفاء مسحة إنسانية على العقوبة ،وقد تبنتها حركة الدفاع االجتماعي الحديث .
وقد تبنى قانون تنظيم السجون وإعادة اإلدماج االجتماعي للمحبوسين ،الصادر بموجب القانون رقم 05- 04المؤرخ 6
فبراير ، 2005فكرة الدفاع االجتماعي صراحة فنصت المادة األولى منه على أن هذا القانون يهدف إلى تكريس مبادئ
وقواعد إلرساء سياسة عقابية قائمة على فكرة الدفاع االجتماعي التي تجعل من تطبيق العقوبة وسيلة لحماية المجتمع بواسطة
إعادة التربية و اإلدماج االجتماعي للمحبوسين " .
الفرع الثالث :الخصائص األساسية للعقوبة:
للعقوبة ثالث خصائص أساسية وهي :طابع اإليالم وطابع التحديد والطابع النهائي ،فضال عن شرعيتها وشخصيتها .
.1طابع اإليالم :تنطوي العقوبة على معنی اإليالم بغير تفريط وال إفراط ،ويتمثل إيالم الجاني في االنتقاص من بعض
حقوقه الشخصية كحقه في الحياة وحق الحرية والحق المالي وغيرها..
.2الطابع المحدد للعقوبة :حتى تؤدي العقوبة أغراضها ووظائفها على أكمل وجه ،السيما وظيفتي اإليالم وإرضاء
شعور العدالة ،يجب أن تكون العقوبة محددة المدة .
إن تحديد العقوبة وتقديرها على أساس االضطراب االجتماعي الذي أحدثه الجاني والخطأ األخالقي الذي صدر عنه ،يسمح
للمعني والراي العام على حد سواء معرفة ما ينتظر من يقدم على مثل هذا العمل كما يسمح بتحديد حقوق وواجبات الكل
بوضوح ودقة .فمن يوم النطق بالحكم يكون الجميع على دراية بتاريخ انتهاء العقوبة ،وهذا ما يجعل المحكوم عليه في مأمن
من تحكم المصالح المكلفة بتنفيذ العقوبة .
كما أن تحديد العقوبة ضروري لبلوغ غرض التأهيل إذ يسمح بتقرير النظام المناسب حسب الوقت المتوفر.
.3الطابع النهائي للعقوبة :يصبح الحكم الجزائي الذي قضى بعقوبة نهائيا بمجرد استنفاد طرق الطعن ويكتسب بذلك قوة
الشيء المقضي ،وهذه القوة ضرورية إلرضاء شعور العدالة.
ال تقبل العقوبة إدخال أي تعديل عليها ،فهي التي تبقى مقيدة في سجل السوابق القضائية للفرد وما يترتب عن ذلك من
حرمان وعدم أهلية .
.4تخضع العقوبة المبدأ الشرعية ،فال عقوبة بغير قانون .يحدد المشرع العقوبة ويجعلها متراوحة بين حدين أدنى
وأقصى ويترك للقاضي حرية التقدير والنطق بالعقوبة بين هذين الحدين فال تتجاوز الحد األقصى وال تنزل عن الحد
األدنى إال ما استثناه القانون كما في حالتي التشديد أو التخفيف من العقوبة
.5كما تخضع العقوبة المبدأ الشخصية ،فال توقع إال على من ارتكب الجريمة أو شارك فيها ،ونتيجة لذلك ال تمتد
العقوبة إلى الغير مهما كانت صلته بالجاني فال تطبق على الولي أو الوصي أو المسؤول المدني ما لم يرتكب أحدهم
خطأ شخصيا.
المطلب الثاني :تصنيفات العقوبة
الفرع االول :تصنيف العقوبات بحسب الرابطة القائمة بينها:
45
-1العقوبات األصلية حددتها المادة 05من ق ع ج ووزعتها على الجرائم حسب وصفها القانوني:
في مادة الجنايات :هي االعدام ,والسجن المؤبد والسجن المؤقت لمدة بين 5سنوات و 20سنة
في مادة الجنح :هي الحبس لمدة تتجاوز شهرين الى 05سنوات والغرامة تتجاوز 20.000دج
في مادة المخالفات :هي الحبس من يوم الى شهرين والغرامة من 2000دج الى 20.000دج
وقد ينص القانون على عقوبة واحدة أصلية كما قد ينص على عقوبتين في جريمة واحدة
-2العقوبات التبعية وهي عقوبة تتبع العقوبة األصلية للجناية تطبق على المحكوم بإدانته بقوة القانون من غير أن ينطق
بها القاضي في حكمه .
كان منصوصا عليها في المواد 8 ، 7 ، 6من قانون العقوبات الجزائري وهي الحجر القانوني والحرمان من الحقوق الوطنية
ثم تم إلغاؤها ودمجها في العقوبات التكميلية في المادة 9
-3العقوبات التكميلية :وهي عقوبة تضاف الى العقوبة األصلية منها الوجوبية ومنها الجوازية .
ا -بالنسبة للشخص الطبيعي وهي 12نوعا في المادة 09ق ع ج
الحجر القانوني ،بحرمان المحكوم عليه من ممارسة حقوقه المالية ،وهو وجوبي في الجنايات .
الحرمان من ممارسة الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية ،المذكورة في المادة مكرر 9ق ع ج .
تحديد اإلقامة
المنع من اإلقامة
المصادرة الجزئية لألموال ،
المنع المؤقت من ممارسة مهنة أو نشاط ،
إغالق المؤسسة
اإلقصاء من الصفقات العمومية ،
الحظر عن إصدار الشيكات و أو استعمال بطاقات الدفع ،
تعليق أو سحب رخصة السياقة أو إلغاؤها مع المنع من استصدار رخصة جديدة ،
سحب جواز السفر ،
نشر أو تعليق حكم أو قرار اإلدانة.
الفرع الثاني :تصنيف العقوبات بحسب جسامتها :
بالنسبة للشخص الطبيعي :العقوبات المطبقة على الشخص الطبيعي ثالثة أصناف هي العقوبات الجنائية والجنحية وعقوبات
المخالفات
-1العقوبات الجنائية :وهي مرتبة في المادتين 5و 5مكرر ق ع ج ترتيبا تنازليا من حيث الشدة
-االعدام بقتل المحكوم عليه عن جرائم الخطيرة ،مثال في جرائم أمن الدولة ،كالخيانة ( المادة ،) 61وقيادة العصابات
المسلحة بالمادة ) ، 86واإلرهاب المادة 87مكرر ) ،وتنظيم حركات التمرد ( المادة ) 91وفي الجرائم ضد األفراد كالقتل
العمد مع سبق اإلصرار والترصد أو التسميم ( المادة 263 ) 261أو خطف القصر مع طلب فدية ( المادة 293مكرر ،
وبعض جرائم األموال المتعلقة بالتخريب والهدم بواسطة مواد متفجرة ( المادة ) 401
السجن المؤبد :بسلب حرية المدان مدى الحياة في بعض الجنايات كالتجسس اضرارا بمصالح الدفاع الوطني أو االقتصاد
الوطني ( المادة ) 65و وخطف األشخاص مع التعذيب أو العنف الجنسي ( المادة 293مكرر )
السجن المؤقت :لمدة تتراوح بين 05سنوات الى 20سنة .مثل السجن من 05سنوات الى 10سنوات في االشادة باألعمال
اإلرهابية ( م 87مكرر 4أو السجن من 10سنوات إلى 20سنة مثل هتك عرض القاصر ( المادة ) ، 336-2والسرقة
الموصوفة ( المادة 353 ) .أو السجن من 05إلى 20سنة في تقليد أو تزوير األختام والدمغات ( المادة ) 206
الغرامة :عندما تكون العقوبة السالبة للحرية هي السجن المؤقت فإنه يجوز أن يحكم القاضي بعقوبة الغرامة ( المادة 5مکرر
قع)
- 2العقوبات الجنحية :محددة في الفقرة 2من المادة 5من قانون العقوبات الجزائري كالتالي :
الحبس لمدة تتجاوز شهرين الى 5سنوات وتحتل هذه العقوبات أكبر مساحة في القانون ,مثل جنحة السرقة البسيطة والسب
والشتم .
46
وهناك حاالت استثنائية تفوق عقوبتها 5سنوات مثل تزوير شيك أو قبول شيك مزور ( المادة ) 375وتدنيس المصحف أو
العلم الوطني أو مقابر الشهداء ( المواد 160 , 160مكرر 160 ,مكرر ) 4
الغرامة التي تتجاوز 20.000دج
- 3عقوبات المخالفات :
الحبس الذي يتراوح من يوم واحد الي شهرين
الغرامة من 2000دج الى 20.000دج
المطلب الثالث :التدابير األمنية
تعد تدابير األمن الصورة الثانية للجزاء الجنائي ،وتسمى كذلك التدابير االحترازية ،حيث نصت الفقرة األولى من المادة 4
من ق ع ج " يكون جزاء الجرائم بتطبيق العقوبات وتكون الوقاية منها باتخاذ تدابير أمن " .
ونصت الفقرة الرابعة من نفس المادة " إن لتدابير األمن هدف وقاني" .
الفرع األول :مفهوم التدابير األمنية
أوال :تعريف التدابير األمنية التدابير األمنية هي إجراءات احترازية وقائية غير عقابية تتخذ لحماية المجتمع ممن يخشى
عليه ارتكاب الجريمة تصدر بها أحكام قضائية تخضع المعني بها لمعاملة خاصة وتعرف كذلك بأنها مجموعة من اإلجراءات
يصدرها القاضي لمواجهة الخطورة االجرامية الكامنة في شخص مرتكب الجريمة بغرض تخليصه منها والوقاية من جريمة
أخرى .
والخطورة اإلجرامية هي حالة يكون عليها المجرم تنبئ عن احتمال ارتكابه جريمة أخرى في المستقبل .وتتكون حالة المجرم
الخطر إجرامية من عنصرين :القدرة على اإلجرام ثانية ،وضعف إمكانية التأهيل لدية .
وعلى القاضي أن يستظهر الخطورة اإلجرامية من طبيعة الجريمة المقترفة ،وجسامتها ،والكيفية التي نفذت فيها ،وغاياتها
،كما أن عليه أن يستظهرها من ظروف المجرم الشخصية واالجتماعية واالقتصادية .
ثانيا :خصائص التدابير األمنية
ترمي التدابير األمنية إلى حماية المجتمع من الجريمة وذلك بمواجهة الخطورة اإلجرامية لدى بعض األشخاص
للحيلولة دون تحقيقها ،وتتخذ عدة صور منها ما هو عالجي سببه مرض عقلي أو نفسي ،ومنها ما هو تهذيبي
يطبق على من له عالقة بالعوامل الخارجية المساعدة على اإلجرام ،فتقضي بتجريده منها وإبعاده عنها وقطع
صلته بها.
ينبغي أن تكون تدابير األمن شرعية مثلما نصت عليه المادة األولى من قانون العقوبات .
ينبغي أال تكون تدابير األمن ماسة بكرامة الفرد ,ويجب تنظيمها بكيفية اليشعر فيها الفرد أنه معاقب من أجل
خطأ وال تجعل المجتمع ينظر إلى من يخضع لتدبير األمن نظرة شائنة.
تعد تدابير األمن قابلة للمراجعة طبقا للمادة 22ق ع حسب تطور حالة الخطورة ,حيث يمكن للجهة القضائية
التي قررت تطبيق تدبير األمن استبداله حسب نتائجه بتدبير آخر أو التخفيف منه أو التشديد فيه.
ال تخضع تدابير األمن لنظام العفو وال وقف التنفيذ وال التقادم
الفرع الثاني :شروط تطيق التدابير األمنية :يشترط لتطبيق التدابير األمنية الشروط التالية :
أوال :ارتكاب الجريمة السابقة يتجه الفقه الى اشتراط ارتكاب المتهم بجريمة سابقة حتى يمكن انزال التدبير عليه .ويستندون
في ذلك على الحرص على حماية الحريات الفردية ،فضال على أن التدابير هي احدى صور الجزاء الجنائي يستمد شرعيته
من مبدا الشرعية الذي يقضي بتحديد الجرائم التي توقع من أجلها التدابير .وقد انتقد هذا الراي بأن التدبير يواجه خطورة
إجرامية ،فاذا ثبت توافرها وجب انزاله دون انتظار ارتكاب الجريمة .وبأن اشتراط سبق ارتكاب جريمة قد يوحي بأن
التدبير جزء من الجريمة .وقد اخذت غالبية القوانين الجنائية بشرط ارتكاب جريمة سابقة ،
ثانيا :الخطورة االجرامية :ويقصد بالخطورة اإلجرامية ؛ احتمال عودة المجرم إلى ارتكاب جريمة أخرى في المستقبل ،
ومؤدی ذلك أن هذه الخطورة هي حالة تتعلق بشخص المجرم وال ترتبط بماديات الجريمة ،تفترض أن يكون هناك احتمال
وينبغي أن ينصب هذا االحتمال على موضوع معين هو وقوع جريمة تالية من المجرم نفسه الذي سبق أن ارتكب جريمة.
47
ثالثا :اثبات الخطورة االجرامية :للقاضي سلطته التقديرية في استخالص توافر الخطورة االجرامية من أحوال الجاني أو
ماضيه أو سلوكه أو من ظروف الجريمة وبواعثها .
الفرع الثالث ،أنواع تدابير األمن في القانون الجزائري
أوال :التدابير الخاصة بالمجرمين البالغين :نصت عليها المادة 19من ق ع ج حيث يشترط في الشخص محل التدبير أن
تثبت مشاركته في وقانع مادية جرمية بغض النظر عن الحكم فيها سواء كان اإلدانة أو البراءة أو انتفاء وجه الدعوى.
الحجز القضائي في مؤسسة استشفائية لألمراض العقلية المادة 21ق ع :هو وضع الشخص بموجب قرار قضائي في
مؤسسة استشفائية بسبب خلل في قواه العقلية قانم وقت ارتكاب الجريمة أو بعد ارتكابها ,إذا تم إثباته بفحص طبي.
الوضع في مؤسسة عالجية :نصت عليه المادة 22من ق ع و هو وضع شخص مصاب بإدمان في تعاطي مواد كحولية أو
مخدرة تحت المالحظة في مؤسسة مهيأة لهذا الغرض ,بناءا على قرار قضائي صادر من الجهة المحال إليها الشخص إذا بدا
أن السلوك االجرامي للمعني مرتبط بهذا اإلدمان .
وتحت فصل عنوانه " التدبير الوقائية والعالجية " نصت المادتان 7و 8القانون 04-18المؤرخ في 25ديسمبر 2004
المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية ومكافحتها ،أنه لجهات التحقيق والحكم إخضاع المتهمين بارتكاب جنحتي
استهالك المخدرات وحيازتها إلى عالج إلزالة التسمم يجري في مؤسسة متخصصة
ثانيا :التدابير الموجهة لغير البالغين :وهي تدابير الحماية والتهذيب نصت عليه المادة 49من ق ع ج وكانت تحددها المادة
444ق إ ج قبل إلغائها ،ونقل مضمونها إلى قانون حماية الطفل 12-15يتم اتخاذها في مواد الجنايات والجنح ويحكم بها
بمدة سنتين قابلة للتجديد دون أن تتجاوز تاريخ بلوغ سن الرشد الجزائي 18سنة ،ويمكن القاضي األحداث تمديدها عند
الضرورة إلى 21سنة تلقائيا أو بطلب من المعني ( المادة 42من قانون حماية الطفل ) 12-15نصت على هذه التدابير
المادتان 40و 41من قانون حماية الطفل 15-12وتتمثل في:
إبقاء الطفل في أسرته .
تسليم الطفل لوالده أو لوالدته الذي ال يمارس حق الحضانة ما لم تكن قد سقطت عنه بحكم
تسليم القاصر لوالده أو وصيه أو لشخص جدير بالثقة.
تسليم الطفل إلى أحد أقاربه
تسليم الطفل إلى شخص أو عائلة جديرين بالثقة .
يجوز لقاضي األحداث في جميع األحوال أن يكلف مصالح الوسط المفتوح بمتابعة ومالحظة الطفل وتقديم الحماية له
من خالل توفير المساعدة الضرورية لتربيته وتكوينه ورعايته مع وجوب تقديمها تقريرا دورا له حول تطور وضعية
الطفل.
يجوز لقاضي األحداث أن يأمر بوضع الطفل في مركز متخصص في حماية األطفال في خطر أو مصلحة مكلفة
بمساعدة الطفولة.
المطلب الرابع :العقوبات البديلة
وهي العقوبات البديلة عن عقوبة الحبس قصير المدة تتمثل في العمل للمنفعة العامة
تعريف عقوبة العمل للمنفعة العامة
يقصد بها إلزام المحكوم عليه بالقيام بعمل ذي نفع عام لصالح إحدى المؤسسات العمومية دون أجر لمدة ال تزيد عن ثمانية
عشرة شهرا ،بدال من تطبيق عقوبة الحبس قصيرة المدة المنطوق بها ضده في حدود سنة حبسا نافذا من أجل جريمة يعاقب
عليها القانون ب 3سنوات حبسا .
حيث تتراوح مدة العمل ما بين 40ساعة و 600ساعة بالنسبة للبالغين وما بين 10و 300ساعة للقصر ،بمعدل ال يتجاوز
الساعتين مقابل يوم واحد من الحبس .
يشترط فيها أن ال يكون المحكوم عليه مسبوقا قضائيا ،وأن ال يقل سنه عن 20سنة وقت ارتكاب الجريمة ،وأن يوافق
صراحة على قبولها .
وأن يصدر الحكم أو القرار حضوريا ينطق بعقوبة الحبس النافذ األصلية واستبدالها بعقوبة العمل للنفع العام .
48
مقدار الجزاء :
مقدمة :
تخضع العقوبات المقررة للجنايات والجنح والمخالفات لقاعدتي الشخصية العقوبة وتفريد العقاب وهي بذلك تخضع لسلطة
القاضي الذي يتمتع بحرية مطلقة في اختيار العقوبة المناسبة .وتتخذ هذه السلطة في التشريع الجزائري ثالثة مظاهر هي :
اإلعفاء من العقوبة ،تخفيف العقوبة ،تشديد العقوبة .
وال يتمتع القاضي في كل األحوال بنفس السلطة في تقدير العقوبة بل يختلف األمر حسب ما إذا كانت الجريمة واحدة ،وهي
الحالة األكثر انتشارا ،أو متعددة ،األمر الذي جعلنا نقسم هذا الفصل إلى مبحثين نتناول فيهما - :مقدار العقوبة في حالة
الجريمة الواحدة ،مقدار العقوبة في حالة تعدد الجرائم
المبحث األول :مقدار العقوبة في حالة الجريمة الواحدة
المطلب األول :االعفاء من العقوبة
الفرع األول :حاالت االعفاء
أوال :عذر المبلغ
ثانيا :عذر القرابة العائلية
ثالثا :عذر التوبة
رابعا :الحالة الخاصة بالمخدرات و المؤثرات العقلية
الفرع الثاني :آثار األعذار المعفية
المطلب الثاني :تخفيض العقوبة
الفرع األول :األعذار القانونية المخففة
أوال :أعذار االستفزاز
ثانيا :عذر صغر السن :من م 49الى م 51
ثالثا :األعذار المخففة األخرى
الفرع الثاني :الظروف المخففة ( تخضع للسلطة التقديرية لقاضي الحكم )
المطلب الثالث :تشديد العقوبة
الفرع األول :الظروف المشددة الخاصة
أوال :الظروف المشددة الواقعية
ثانيا :الظروف المشددة الشخصية
الفرع الثاني :الفترة األمنية
51
-الحبس من سنة إلى خمس سنوات إذا تعلق األمر بجناية عقوبتها اإلعدام أو السجن المؤبد ، .و مثال ذلك جناية القتل العمد
مع سبق االصرار أو الترصد
-الحبس من ستة أشهر إلى سنتين إذا تعلق األمر بأية جناية أخرى و مثال ذلك الضرب و الجرح العمد المفضي الى الوفاة
دون قصد احداثها المنصوص و المعاقب عليها في ف األخيرة من م . 294
-الحبس من شهر إلى ثالثة أشهر إذا تعلق األمر بجنحة .و مثال ذلك جنحة العنف و الضرب و الجرح العمد التي ينتج
عنها مرض أو عجز كليا عن العمل لمدة تزيد على 15يوم .
في الحاالت المنصوص عليها في الفقرتين او 3من هذه المادة بجوز أن يحكم أيضا على الجاني بالمنع من اإلقامة من خمس
سنوات على األقل إلى عشر سنوات على األكثر .
ثانيا :عذر صغر السن :من م 49الى م 51
المادة ( : 49القانون رقم 01-14مؤرخ في 4فبراير سنة ) 2014ال يكون محال للمتابعة الجزائية القاصر الذي لم يكمل
عشر ( ) 10سنوات
ال توقع على القاصر الذي يتراوح سنه من 10إلى أقل من 13سنة إال تدابير الحماية أو التهذيب ،ومع ذلك فإنه في مواد
المخالفة ال يكون محال إال للتوبيخ
ويخضع القاصر الذي يبلغ سنة من 13إلى 18سنة إما لتدابير الحماية أو التهذيب أو لعقوبات مخففة
المادة : 50إذا قضي بأن يخضع القاصر الذي يبلغ سنه من 13إلى 18لحكم جزائي فإن العقوبة التي تصدر عليه تكون
كاألتي :
إذا كانت العقوبة التي تفرض عليه هي اإلعدام أو السجن المؤبد فإنه يحكم عليه بعقوبة الحبس من عشر سنوات إلى عشرين
سنة
وإذا كانت العقوبة هي السجن أو الحبس المؤقت فإنه يحكم عليه بالحبس لمدة تساوي نصف المدة التي كان يتعين الحكم عليه
بها اذا كان بالغا .
المادة : 51في مواد المخالفات يقضى على القاصر الذي يبلغ سنه من 13الى 18إما بالتوبيخ و إما بعقوبة الغرامة .
• األعذار المخففة األخرى :
-1عذر المبلغ :يستفيد المبلغ عن الجنايات والجنح ضد أمن دولة بتخفيض العقوبة درجة واحدة إذا حصل اإلبالغ بعد انتهاء
تنفيذ الجريمة أو الشروع فيها ولكن قبل البدء في المتابعات ،وكذا من مكن من القبض على الجناة بعد بدء المتابعات (
الفقرتان الثانية والثالثة من المادة . ) 92
-2عذر التوبة :يستفيد من تخفيض العقوبة مرتكب جناية الخطف أو الحبس أو الحجز التعسفي الذي يفرج طواعية عن
الضحية ( المادة – 294ق ع ) ،ويختلف مقدار التخفيض بحسب موعد اإلفراج :
إذا وقع اإلفراج قبل عشرة أيام من ارتكاب الجريمة وقبل الشروع في المتابعة الجزائية تخفض عقوبة اإلعدام إلى الحبس من
سنتين إلى 5سنوات ،وتخفض عقوبة السجن المؤقت إلى الحبس من 6أشهر إلى سنتين أما إذا وقع االفراج بعد عشرة أيام
من ارتكاب الجريمة وبعد الشروع في المتابعة الجزائية فتخفض عقوبة اإلعدام إلى الحبس من 5إلى 10سنوات ،وتخفض
عقوبة السجن المؤبد والسجن المؤقت إلى الحبس من سنتين إلى 5سنوات ( الفقرتان الثانية والثالثة من المادة 294ق ع )
الفرع الثاني :الظروف المخففة ( تخضع للسلطة التقديرية لقاضي الحكم ) :
ترکها المشرع لتقدير القاضي فلم يحصرها ولم يحدد مضمونها ،فلكل قضية ظروفها فقد يكون الظرف ذا صلة بالجريمة
كضالة الضرر ,أو مجرد الشروع ،أو يكون الحقا لها كجبر الضرر ,ورد الشيء محل السرقة ووقوع صلح بين الجاني
والمجني عليه وقد يكون ظرفا ذاتيا متعلقا بشخص الجاني كالتوبة ونبل الباعث واقتصرت المادة 53ق ع ج على بيان
الحدود التي تسمح للقاضي أن ينزل إليها عند قيام الظروف المخففة و هي كالتالي :
52
المادة ( 53القانون رقم 23-06المؤرخ في 20ديسمبر سنة )2006
يجوز تخفيض العقوية المنصوص عليها قانونا بالنسبة للشخص الطبيعي الذي قضي بإدانته وتقررت إفادته بظروف مخفقة
وذلك إلى حد :
-1عشر ( ) 10سنوات سجنا ،إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي اإلعدام
-2خمس ( ) 5سنوات سجنا ،إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي السجن المؤبد .
-3ثالث ( ) 3سنوات حبسا ،إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي السجن المؤقت من عشر ( ) 10سنوات إلى عشرين
( ) 20سنة
-4سنة واحدة حبسا ،إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي السجن المؤقت من خمس ( ) 5سنوات إلى عشر ( ) 10
سنوات .
مالحظة :ارجع للمواد من 53مكرر الى 53مكرر 8لمزيد من التفاصيل .
المطلب الثالث :تشديد العقوبة
تتراوح العقوبات المقررة في التشريع الجزائري بين حدين أدنى وأقصى وذلك باستثناء عقوبتي اإلعدام والسجن المؤيد
المقررتين للجناية ،وللقاضي سلطة مطلقة في تقدير العقوبة بين هذين الحدين دون ما حاجة إلى تسبيب أو تبرير ،فإذا ما
التزم القاضي بهما فال يقوم أي سبب للتشديد ولو رفع العقوبة إلى الحد األقصى المقرر قانونا للجريمة ،طالما لم يتجاوزه
وقد نص المشرع على حاالت خاصة يجوز فيها للقاضي أن يتجاوز الحد األقصى للعقوبة المقررة قانونا للجريمة ،تسمى
الظروف المشددة وهي نوعان :
الظروف المشددة الخاصة وتنقسم بدورها إلى ظروف واقعية وظروف شخصية ،
الظرف المشدد العام ويتعلق األمر بالعود .وفضال عن الظروف المشددة المذكورة أضاف المشرع الفترة األمنية ،وذلك إثر
تعديل قانون العقوبات في 2006بموجب القانون 23 - 06المؤرخ في . 20/12/2006نعرض ،فيما يأتي ،أوال للظروف
المشددة الخاصة بنوعيها ثم للفترة األمنية ،على أن نتناول الظرف المشدد العام ،المتمثل في العود ،في المبحث الموالي
ضمن النطق بالعقوبة عند تعدد الجرائم .
الفرع األول :الظروف المشددة الخاصة :و هي نوعان الظروف الواقعية و الظروف الشخصية
أوال :الظروف المشددة الواقعية
وهي تلك التي تتصل بالوقائع الخارجية التي رافقت الجريمة ،وهذه الظروف تغلظ إجرام الفعل ،ومن هذا القبيل حمل
السالح والليل واستعمال العنف والسكن المسكون في جريمة السرقة .
وتختلف أهمية التغليظ باختالف طبيعة وعدد هذه الظروف ،وهكذا إذا تمت السرقة المعاقب عليها في المادة 350ق ع
بالحبس من سنة إلى 5سنوات ،بظرف الليل وحده تشدد العقوبة فتصبح الحبس من 5إلى 10سنوات ( المادة ، ) 354وإذا
تمت بظروفي الليل واستعمال العنف تشدد أكثر فتصبح السجن من 10إلى 20سنوات المادة ، ) 353ويكفي أحيانا ظرف
واحد لكي تغلظ العقوبة إلى أقصاها كحمل السالح مثال في جريمة السرقة التي تتحول معه العقوبة إلى السجن المؤبد ( المادة
351ق ع ) ،بعدما كانت اإلعدام قبل تعديل قانون العقوبات في . 2006
58
الفرع الثاني :نظام االفراج الشرطي :اLiberation conditionnelle
اإلفراج المشروط نظام يسمح بإخالء سبيل المحكوم عليه الموقوف قبل انقضاء العقوبة المحكوم بها عليه ،وذلك تحت شروط
.واإلفراج المشروط ليس حقا مكتسبا وإنما منحة أجازها المشرع وجعلها مكافأة تأديبية يجازي بها السجين الذي تتوافر فيه
شروط معينة حددها القانون و هو من اختصاص لجنة تطبيق العقوبات و وزير العدل كما انه اجراء مؤقت يمكن الرجوع
فيه.
أوال :شروط اإلفراج المشروط :يعلق القانون الجزائري إفادة المحكوم عليه من اإلفراج المشروط على شروط موضوعية
وإجرائية .
أ -الشروط الموضوعية :وهي شروط متصلة بصفة المستفيد ،وردت في المادة 134من قانون تنظيم السجون
-1ان يكون المعني باألمر محل عقوبة سالبة للحرية :أيا كانت مدتها بما في ذلك السجن المؤبد ،ومن هنا نستنتج أن نظام
اإلفراج المشروط ال يطبق على المحكوم عليهم باإلعدام كما أنه ال يطبق على تدابير األمن حتى ولو كانت سالبة للحرية
كوضع القصر في مراكز إعادة التربية والمدمنين في المؤسسات العالجية
-2قضاء فترة اختبار من مدة العقوبة المحكوم بها :يشترط القانون لمنح اإلفراج المشروط أن يكون المحكوم عليه قد قضى
جزءا من عقوبته في الحبس وتختلف فترة االختبار باختالف السوابق القضائية للمحبوس وطبيعة العقوبة المحكوم بها عليه
فاذا كان المحبوس مبتدئا يجب ان يك ون قد قضى في الحبس نصف العقوبة المحكوم بها عليه و هي فترة االختبار اي كانت
مدتها
اذا كان المحبوس معتادا ترفع مدة االختبار الى ثلثي العقوبة على ان ال تقل مدتها عن سنة .
اذا كان المحبوس محكوما عليه بعقوبة السجن المؤبد يجب ان يكون قد امضى على األقل مدة 15سنة في السجن .
واستثناء لهذه القاعدة نصت المادة 134في فقرتها األخيرة على أن المدة التي تم خفضها من العقوبة بموجب عفو رئاسي تعد
كأنها مدة حبس قضاها المحبوس فعال ،وتدخل ضمن حساب فترة االختبار ،وذلك فيما عدا حالة المحبوس المحكوم عليه
بعقوبة السجن المؤبد .
-3حسن السيرة والسلوك وضمانات االستقامة :يشترط المشرع الجزائري أن يكون المحبوس من ذوي السيرة الحسنة
والسلوك الحسن في الفترة التي امضاها في الحبس باإلضافة إلى إظهار ضمانات جدية لالستقامة وإذا كان المعيار األول (
حسن السيرة والسلوك معيارا ذاتيا يخشى من سوء استعماله ،فإن المعيار الثاني ( اظهار ضمانات جدية لالستقامة ) معيار
فضفاض يصعب التأكد منه ،
وقد أورد القانون المتعلق بتنظيم السجون حالتين استثنائيتين لالستفادة من اإلفراج المشروط دون مراعاة الشروط الموضوعية
التي جاءت بها المادة 134وهما
-تبليغ السلطات المختصة عن حادث خطير قبل وقوعه أو تقديم معلومات على مديريها ( المادة : )135ويتعلق األمر بحالة
المحبوس الذي يبلغ السلطات المختصة عن حادث خطير قبل وقوعه من شأنه المساس بأمن المؤسسة العقابية ( كمشروع
الهروب من مؤسسة عقابية أو التمرد ) ،أو يقدم معلومات للتعرف على مديرية أو ،بصفة عامة ،يكشف عن مجرمين
وإيقافهم ؛ ففي هذه الحالة يجوز منح المحبوس اإلفراج المشروط بصرف النظر عن فترة االختبار المنصوص عليها في
المادة 134؛
-األسباب الصحية ( المادة : )148ويتع لق األمر بحالة المحبوس المصاب بمرض خطير أو إعاقة دائمة تتنافى مع بقائه في
الحبس ،ومن شأنها أن تؤثر سلبا وبصفة مستمرة ومتزايدة على حالته الصحية البدنية والنفسية ؛ يجوز في هذه الحالة منح
اإلفراج المشروط دون مراعاة كافة الشروط الواجب توافرها ،كما هي مبينة في المادة 134
وفي كل األحوال ،تبقى االستفادة من اإلفراج المشروط معلقة على شرط تسديد المحبوس المصاريف القضائية ومبالغ
الغرامات المحكوم بها علية وكذا التعويضات المدنية ،ما لم يثبت تنازل الطرف المدني له عنها ( المادة 136 ) .
59
على جهتين :
-لجنة تطبيق العقوبات و /أو قاضي تطبيق العقوبات إذا كان باقي العقوبة يساوي أو يقل عن 24شهرا ( المادة ) ،141
-وزير العدل ،وفي الحاالت األخرى .
ثالثا -آثار اإلفراج المشروط :
إن األثر الفوري لمقرر اإلفراج المشروط هر إخالء سبيل المحبوس قبل قضاء مدة الحبس المحكوم بها كاملة ويتمثل األثر
اآلخر المقرر اإلفراج المشروط في إمكانية الرجوع فيه وإلقائه .
أ -إخالء سبيل المحبوس قبل األجل :إن األثر الرئيسي ال مقرر اإلفراج المشروط هو إعفاء المحكوم عليه ،مؤقتا ،من فضاء
ما تبقى من عقوبته القاعدة أن مدة اإلفراج المشروط تكون مساوية للجزء الباقي من العقوبة وقت االفراج ،غير أن مدة
اإلفراج المشروط عن المحبوس المحكوم عليه بالسجن المؤبد تحدد بخمس ( ) 5سنوات وإذا لم تتقطع مدة اإلفراج عند
القضاء األجال المذكورة ،اعتبر المحكوم عليه مفرجا عنه نهائيا من تاريخ تسريحه الشروط (المادة )140- 3ولقاضي
تطبيق العقوبات أو وزير العدل ،حافظ األختام ،حسب الحالة ،أن يضمن مقرر اإلفراج المشروط تدابير مراقبة ومساعدة
والتزامات خاصة كاالقامة في مكان محدد او عدم زيارة بعض االمكان مثل الحانات و المالهي و االختالط ببعض االشخاص
...
ب -إمكانية الرجوع في قرار اإلفراج المشروط :إن قرار اإلفراج المشروط قرار مؤقت ،كما أسلفنا ،و هو عبارة عن منحة
يكافأ بها المحبوس ون الذين اهتدوا إلى الطريق السوي ،و لذلك أجاز القانون لصاحب القرار إمكانية الرجوع فيه إذا طرأت
إشكاالت عرضية من شأنها إبطال اإلفراج المشروط .
وقد نصت المادة 147من قانون تنظيم السجون على حالتين يجوز فيهما لقاضي تطبيق العقوبات أو لوزير العدل ،حافظ
األختام ،حسب الحالة ،إلغاء مقرر اإلفراج المشروط و هما :
-1صدور حكم جديد بإدانة المستفيد من اإلفراج المشروط ،وذلك قبل انقضاء مدة العقوبة التي استفاد من أجلها من اإلفراج
المشروط .
- 2اإلخالل بااللتزامات المفروضة على المستفيد من اإلفراج المشروط ،سواء تعلق األمر بتدابير المراقبة والمساعدة أو
باإلجراءات المنصوص عليها في مقرر اإلفراج المشروط نفسه .
60
• العفو عن العقوبة إجراء شخصي يمنح لفرد أو أكثر ال لنوع معين من الجرائم ،على عكس العفو عن الجريمة الذي هو
إجراء موضوعي يتعلق بجريمة معينة أو نوع معين من الجرائم يتخذ دون تعيين أسماء الجناة .
ثانيا :التقادم :و هو نظام يحول دون تنفيذ حكم االدانة .أخذ المشرع الجزائري بنظام التقادم وقد تضمن أحكامه قانون
اإلجراءات الجزائية في المواد من 612إلى 616ق ا ج
يميز القانون الجزائري من حيث مدة تقادم العقوبة حسب وصف الجريمة المحكوم فيها وليس حسب طبيعة العقوية التي
صدرت وهكذا فإذا كانت الواقعة جناية فإن العقوية تنقضي فيها بمضي عشرين سنة كاملة تحتسب من التاريخ الذي يصبح فيه
الحكم نهائيا المادة 1 -613ق ا ج ) .
أما إذا كانت الجريمة المحكوم فيها جنحة فالعقوية تنقضي بمضي خمس سنوات كاملة من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم نهائيا
،غير أنه إذا كانت عقوبة الحبس المقضي بها تزيد على الخمس سنوات فإن مدة التقادم تكون مساوية لهذه المدة ( المادة 614
قاج ).
وتتقادم العقوبة في مواد المخالفات بمضي عليها سنتين كاملتين ( المادة ) 615
والمالحظ أن المدد المقررة لسقوط العقوبة أطول من المدد المقررة لسقوط الدعوى العمومية حيث تتقادم الدعوى العمومية
في التشريع الجزائري بمضي عشر سنوات كاملة بالنسبة للجنايات وتتقادم بمضي ثالث سنوات كاملة من مواد الجنح ويمضي
سنتين من المخالفات .
وتجدر اإلشارة إلى أن القانون المؤرخ في 10نوفمبر 2004قد استحدث المادة 612مكرر في قانون اإلجراءات الجزائية
التي نصت على جرائم عقوبتها ال تقبل التقادم ،ويتعلق األمر بالجنايات و الجنح الموصوفة بأفعال إرهابية وتخريبية وتلك
المتعلقة بالجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية والرشوة ،كما نصت المادة 54من قانون الفساد المؤرخ في 20فبراير
2006على أن جرائم الفساد ال تقبل عقوبتها التقادم في حالة ما إذا تم تحويل عائدات الجريمة إلى خارج الوطن
والعقوبات التي تتقادم هي العقوبات التي تقبل بطبيعتها تنفيذا ماديا مثل عقوبة اإلعدام ،إذا تمكن المحكوم عليه من اإلفالت
من قبضة العدالة والعقوبات السالبة للحرية سواء كانت بالسجن أو بالحبس
أما العقوبات التي ال تقبل بحكم طبيعتها تنفيذا ماديا ،كالحرمان من الحقوق الوطنية مثال ،فإنها ال تخضع للتقادم وال تسقط
عن المحكوم عليه إال بالعفو الشامل أو برد االعتبار ألن مثل هذه الحقوق متصلة بأهلية المحكوم عليه واألهلية ال تسقط
بالتقادم إال إذا نص القانون على خالف ذلك .
ويبدأ سريان تقادم العقوبة من الوقت الذي يكون فيه الحكم الصادر نهائيا حائزا لحجية الشيء المقضي به باستنفاد طرق
الطعن الثالث وهي المعارضة واالستئناف والنقض ،أو بفوات مواعيد الطعن الثالث حين يتحصن الحكم ضد اإللغاء أما إذا
كان الحكم الصادر غير نهائي ،على النحو الذي سبق فإنه يسقط بالمدة المقررة لتقادم الدعوى العمومية ال بمدة تقادم العقوبة
وتقادم العقوبة من النظام العام يجوز لجهات الحكم إثارته تلقائيا ،هذا ما قضت به المحكمة العليا .
ثالثا :وفاة المتهم :تنقضي العقوبة بوفاة المحكوم عليه سواء كان الحكم نهائيا أو غير نهائي ،وهذا عمال بقاعدة شخصية
العقوبة التي تنطبق أيضا على الدعوى العمومية التي تنقضي بوفاة المتهم .وإذا كان إعمال هذه القاعدة ال يثير أي إشكال
بالنسبة للعقوبات السالبة للحرية فإن تطبيقها على العقوبات المالية محل نظر ,ال أحد يشكك في كون الغرامة والمصادرة
عقوبتين ،ومن ثم فإن قاعدة شخصية العقوبة تحول دون تنفيذهما على الورثة ،ومع ذلك هناك من يقول في فرنسا بأن
العقوبات المالية تنفذ في تركة المحكوم عليه أسوة بالتعويضات والمصاريف وما يجب رده بشرط أن يكون الحكم بالغرامة
نهائيا واجب النفاذ .
الفرع الثاني :محو آثار العقوبة ( رد االعتبار )
تنقضي العقوبة و تمحى آثار الحكم الجزائي بالعفو الشامل الذي سبق لنا االشارة اليه ،و برد االعتبار
يستعاد االعتبار إما بحكم القانون و إما بحكم القضاء ،فاألول يكتسب بصفة آلية بمجرد مرور زمن معين من تاريخ انقضاء
العقوبة إذا لم يصدر أثناء المدة المذكورة حكم بعقوبة جديدة ،إما رد االعتبار بحكم القضاء فانه يكتسب بحكم من القضاء بعد
فحص حالة الطالب .
61
أوال :رد االعتبار القضائي :
وردت أحكام رد االعتبار القضائي في المواد من 679إلى 93قانون اإلجراءات الجزائية ،حاصل هذه المواد أن رد االعتبار
القضائي يخضع لشروط منها ما هو زمني ومنها ما هو متعلق بتنفيذ العقوبة وبالطلب .
: 1الشرط الزمني :يميز المشرع من حيث الشرط الزمني بحسب وصف الجريمة المتابع من أجلها المحكوم عليه ،جناية
كانت أو جنحة أو مخالفة ،من جهة ،وبحسب ما إذا كان المحكوم عليه مبتدئا أو حالة عود ،من جهة أخرى
• حالة المبتدئ :أدخل المشرع عدة تعديالت على حالة المبتدئ ،إثر تعديل قانون اإلجراءات الجزائية ،السيما المادة 681
منه ،بموجب القانون رقم 06 - 18المؤرخ في 2018 -06 - 10
وبموجب التعديالت الجديدة ،إذا كان المحكوم عليه مبتدئا وكانت متابعته من أجل جريمة بوصف جناية ،يجوز له تقديم طلب
رد االعتبار بعد انقضاء أجل 5سنوات المادة 68الفقرة األولى ) .
ويبدأ حساب األجل بالنسبة للمحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية من يوم اإلفراج عنه ( المادة 681الفقرة الثالثة ) ،ويستوي من
ذلك إن كانت العقوبة المحكوم بها جنائية ( السجن المؤقت ) أو جنحية ( الحبس ).
وإذا كانت العقوبة من أجل جنحة ،يجوز للمحكوم عليه تقديم طلب رد االعتبار بعد مضي ثالث سنوات ،تحسب هذه المدة
من يوم اإلفراج عن المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية ( المادة 681الفقرة الثانية ) .
وإذا اشتملت العقوبة على الحبس النافذ والغرامة معا فإن األجل يبدأ من يوم اإلفراج عن المحكوم عليه ( المادة 681الفقرة
الرابعة ) وإذا كانت العقوبة المحكوم بها تقتصر على الغرامة فإن األجل يبدأ من يوم تسديدها ( المادة 681الفقرة الخامسة )
.
وإذا كانت العقوبة من أجل مخالفة ،يجوز للمحكوم عليه تقديم طلب رد االعتبار بعد مضي سنة واحدة ( المادة 681الفقرة
الثانية ) .
وفي حالة الحكم بعقوبة تكميلية ،فإنه ال يجوز تقديم طلب رد االعتبار إال بعد تنفيذها .ويقوم العفو من العقوبة مقام تنفيذها (
المادة 681الفقرة األخيرة ) .
أما بالنسبة للمحكوم عليه بعقوبة الحبس مع وقف التنفيذ ،فقد قضي في فرنسا بأن سريان الشرط الزمني يبدأ من تاريخ انتهاء
فترة االختبار المحددة بخمس سنوات ،على أساس أن الحكم ال يعد منفذا إال بانقضاء تلك الفترة .
• حالة العائد :إذا كان المحكوم عليه في حالة عود ،ال يجوز له تقديم طلبه إال بعد مضي مدة ست سنوات على األقل ، 318
تبدأ من يوم اإلفراج عنه
ونفس الحكم ينطبق على من صدر عليه حكم بعفوية جديدة بعد رد اعتباره ،غير أن المدة ترفع إلى عشر سنوات إذا كانت
العقوبة الجديدة الجناية ( المادة ) 682
: 2الشرط المتعلق بتنفيذ العقوبة :
يجب على المحكوم عليه أن يثبت قيامه بسداد المصاريف القضائية والغرامة والتعويضات التي يكون قد حكم بها عليه .
فإذا لم يقدم ما يثبت ذلك تعين عليه أن يثبت أنه قضى مدة اإلكراه البدني أو أن الطرف المتضرر قد أعفاه من التنفيذ بهذه
الوسيلة ، .وإذا كان محكوما عليه إلفالس بطريق التدليس فعليه أن يثبت أنه قام بوفاء ديون التفليسة أصال فضال عن الفوائد
والمصاريف
غير أنه يجوز لمن أثبت إعساره استرداد اعتباره حتى وإن عجز عن أداء المصاريف القضائية ( المادة ، ) 4 - 683ولكن
هذا ال يعفيه بأي حال من األحوال من سداد الغرامة و التعويضات المدنية إن كانت .
وتجدر اإلشارة إلى أنه ال يجوز للمحكوم عليهم الذين سقطت عقوبتهم بالتقادم أن يحصلوا على رد االعتبار القضائي إال في
حالة ما إذا أدى المحكوم عليه خدمات جليلة للبالد مخاطرا في سبيلها بحياته ،وفي هذه الحالة ال يتقيد طلبه برد االعتبار بأي
شرط زمني أو متعلق بتنفيذ العقوبة ( المادة . ) 684
: 3الشروط المتعلقة بالطلب :
62
أدخل القانون رقم 06 - 18المؤرخ في 2018 - 06 - 10المعدل والمتمم لقانون اإلجراءات الجزائية عدة تعديالت تخص
بالدرجة األولى طلب الشخص المعنوي وبموجب هذه التعديالت أصبح المشرع يميز بين الشخص الطبيعي والشخص
المعنوي
• الشخص الطبيعي :حتى يقبل طلب الشخص الطبيعي يتعين أن تتوافر فيه بعض الشروط و أن تتم اإلجراءات األتي بيانها
:
-يجب أن يقدم الطلب من قبل المحكوم عليه ،وإذا كان هذا األخير محجورا عليه فيقدم الطلب من نائبه القانوني و
حالة وفاة المحكوم عليه يجوز لزوجه أو أصوله أو فروعه تتبع الطلب ،وللزوج ولألصول والفروع تقديم طلب رد
االعتبار إذا كان المحكوم عليه لم يقدم طلبا إلى وفاته ،و هذه الحالة األخيرة يشترط في أن يقدم الطلب في خالل سنة
من تاريخ الوفاة .
-يجب أن يتضمن الطلب تاريخ الحكم باإلدانة واألماكن التي أقام بها المحكوم عليه منذ تاريخ اإلفراج عنه ،كما يجب
أن يشمل الطلب على مجموع العقوبات الصادرة التي لم يحصل محوها عن طريق رد اعتبار سابق أو بصدور عفو
شامل ،وبهذا الخصوص قضي بعدم قبول الطلب الذي ال يشتمل على جميع العقوبات المحكوم بها .
-يوجه الطلب إلى وكيل الجمهورية بدائرة محل إقامة المحكوم عليه الذي يقوم بتشكيل الملف ،وفي هذا الصدد يقوم
وكيل الجمهورية بإجراء تحقيق في الجهات التي أقام بها المحكوم عليه وذلك بمعرفة مصالح األمن الوطني أو الدرك
الوطني أو المصالح الخارجية اإلدارة السجون المكلفة بإعادة اإلدماج االجتماعي للمحبوسين .
وفضال عن نتائج التحقيق يشمل الملف الذي يعده وكيل الجمهورية الوثائق اآلتية :
القسيمة رقم أ من صحيفة السوابق القضائية ،نسخة من األحكام الصادرة بالعقوبة ،مستخرجا من سجل اإليداع
بالمؤسسات العقابية التي قضى بها المحكوم عليه مدة عقوبته للوقوف على حسن سير المحكوم عليه أثناء تنفيذ العقوبة .
ويستطلع وكيل الجمهورية ،عند االقتضاء ،راي قاضي تطبيق العقوبات .غير أنه قضي بأن ال حرج إذا قدم الطلب مباشرة
إلى النائب العام لدى المجلس القضائي مادام وكيل الجمهورية هو أحد مساعديه وأن النيابة العامة غير قابلة للتجزئة .
يحيل وكيل الجمهورية الملف برمته ( التحقيق والمستندات وطلب رد االعتبار ) مشفوعا برأيه إلى النائب العام بالمجلس
القضائي ،غير أنه يجوز للطالب أن يقدم مباشرة إلى غرفة االتهام بالمجلس القضائي سائر المستندات الالزمة .
-يقوم النائب العام برفع طلب رد االعتبار إلى غرفة االتهام بالمجلس القضائي الذي يفصل في هذا الطلب خالل شهرين بعد
إبداء طلبات النائب العام وسماع أقوال المحكوم عليه أو محاميه .وال يجوز في حالة رفض الطلب تقديم طلب جديد قبل
انقضاء سنتين اعتبارا من تاريخ الرفض .
وهذه القاعدة ال تسري إال إذا كان القرار األول قد فصل في موضوع الطلب وقضى برفضه .أما إذا اكتفى القرار بالفصل
في شكل الطلب وقضى بعدم قبوله على أساس أنه قدم مباشرة إلى النائب العام لدى المجلس القضائي فيجوز للمعني باألمر أن
يصحح طلبه بتقديمه إلى وكيل الجمهورية بدائرة محل إقامته وعلى غرفة االتهام في هذه الحالة أن تفصل في موضوع الطلب
ال أن تقرر عدم قبوله لعدم انقضاء مهلة سنتين على صدور القرار األول ،هذا ما قضت به الغرفة الجنائية بالمحكمة العليا في
قرارها الصادر بتاريخ 1986 -1 -17
-يقدم طلب رد االعتبار إلى النائب العام لدى المحكمة العليا و الحالة التي يصدر فيها حكم اإلدانة عن هذه الجهة فيجري
التحقيق ويحيله إلى رئيس المحكمة العليا لتعيين التشكيلة التي تفصل في الطلب ( المادة ) 693
• الشخص المعنوي :
تعد األحكام المتعلقة بالشخص المعنوي أهم مستجدات القانون رقم ، 06 - 18وهي األحكام التي كان من المفروض إدراجها
في قانون اإلجراءات منذ إقرار المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في سنة ، 2004كما سبق لنا اإلشارة إلى ذلك في
الطبعات السابقة .
وهكذا ،المادة 686ق ج المعدلة والمادة 693المستحدثة ،يخضع طلب رد االعتبار الخاص بالشخص المعنوي
لإلجراءات اآلتية :
-يجب أن يقدم الطلب من قبل الممثل القانوني للشخص المعنوي ال يجب أن يتضمن الطلب تاريخ الحكم باإلدانة وأماكن
تواجد المقر االجتماعي للمحكوم عليه منذ انقضاء العقوبة المحكوم بها عليه .كما يجب أن يشمل الطلب على مجموع
العقوبات الصادرة التي لم يحصل محوها عن طريق رد اعتبار سابق أو بصدور عفو شامل .
63
-يوجه الطلب إلى وكيل الجمهورية لمكان تواجد المقر االجتماعي للشخص المعنوي ،وإذا كان المقر االجتماعي بالخارج
فيوجه الطلب إلى وكيل الجمهورية للجهة القضائية التي أصدرت أخر عقوبة
-يقوم وكيل الجمهورية بإجراء تحقيق في مكان تواجد المقر االجتماعي للشخص المعنوي ،و في هذا اإلطار يحاط وكيل
الجمهورية بكل المعلومات الضرورية ويستطلع رأي اإلدارات العمومية المعنية إذا رأى ذلك ،وتسري بافي األحكام المقررة
للشخص الطبيعي على الشخص المعنوي ما لم تتعارض مع طبيعته .
ثانيا :رد االعتبار بقوة القانون :
وردت أحكام رد االعتبار بقوة القانون في المواد من 677إلى 678من قانون اإلجراءات الجزائية التي عرفت عدة تعديالت
بموجب القانون رقم 06 - 18المؤرخ 2018. 16 -10
يتميز رد االعتبار بقوة القانون عن رد االعتبار القضائي في كونه ال يتطلب إجراءات معينة من جانب المحكوم عليه وإنما
هو حق مكتسب له ،وهذا ما يفسر طول مدته مقارنة برد االعتبار القضائي منذ تعديل قانون اإلجراءات الجزائية بموجب
القانون( رقم ) 86 - 18أصبح المشرع يميز بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي
/1الشخص الطبيعي :
يفرق القانون من حيث المدة الزمنية الواجب استيفائها لالستفادة من رد االعتبار بحسب ما إذا كانت العقوبة نافذة أو مع وقف
التنفيذ .
• العقوبة النافذة :يميز المشرع حسب مدة العقوبة وعدد العقوبات المحكوم بها وطبيعتها
يستخلص من نص المادة 677في ق ا ج المعدلة أن رد االعتبار بقوة القانون يكون فقط بالنسبة لعقوبة الحبس و /أو الغرامة
المحكوم بها من أجل جنحة أو مخالفة دون الجناية .
• إذا كانت العقوبة سالبة للحرية ( الحبس ) :يرد االعتبار بقوة القانون للمحكوم عليه إذا لم يصدر ضده خالل المهل األتي
بيانها حكم جديد بعقوبة الحبس أو السجن الرتكاب جناية أو جنحة :
-بعد مضي مهلة 6سنوات ،اعتبارا إما من يوم انتهاء العقوبة أو مضي أجل التقادم ،بالنسبة لمن صدر عليه حكم مرة
واحدة بالحبس لمدة ال تتجاوز سنة واحدة ( ) 1أو بعقوبات متعددة ال يتجاوز مجموعها سنة واحدة ( ) 1
-بعد مضي 8سنوات ،تحتسب كما تقدم في البند السابق ،بالنسبة المن صدر عليه حكم مرة واحدة بعقوبة الحبس لمدة ال
تتجاوز سنتين ( أي أكثر من سنة إلى سنتين ) 2أو بعقوبات متعددة ال يتجاوز مجموعها سنتين .
-بعد مضي 12سنة من تاريخ تنفيذ العقوبة أو سقوطها بالتقادم ،بالنسبة لمن صدر عليه حكم بالحبس لمدة ال تتجاوز 5
سنوات أو صدرت عليه عقوبات متعددة ال يتجاوز مجموعها 3سنوات .
-و بعد مضي 15سنة من تاريخ تنفيذ العقوبة أو سقوطها بالتقادم ،بالنسبة لمن صدر عليه حكم بالحبس لمدة تتجاوز 5
سنوات أو صدرت عليه عقوبات متعددة ال يتجاوز مجموعها 5سنوات ؛
وإذا اشتملت العقوبة الواحدة على عقوبة حبس نافذة وأخرى بالحبس غير النافذ ،تحسب آجال العقوبة النافذة وتعتبر
العقوبات التي صدر حكم بدمجها بمثابة عقوبة واحدة .ومن ناحية أخرى ،يقوم اإلعفاء الكلي أو الجزئي من العقوبة بطريق
العفو مقام تنفيذها الكلي أو الجزئي
• إذا كانت العقوبة غرامة مالية :يرد االعتبار بقوة القانون للمحكوم عليه إذا لم يصدر ضده حكم بعقوبة جناية أو جنحة بعد
مهلة 3سنوات اعتبارا من يوم سداد الغرامة أو تنفيذ اإلكراه البدني أو مضي آجال التقادم
• بخصوص عقوبة العمل للنفع العام :يرد االعتبار بقوة القانون للمحكوم عليه بعد مهلة 4سنوات من انتهاء العقوبة .
• العقوبة مع وقف التنفيذ :
إذا كانت عقوبة الحبس أو الغرامة مع وقف التنفيذ يرد اعتبار المحكوم عليه بعد مضي فترة اختبار خمس سنوات ما لم
يحصل إلغاء وقف التنفيذ ،أي ما لم يصدر ضده حكم بالسجن أو الحبس لجناية أو جنحة من القانون العام ؛ فإن حصل ذلك
فقد المحكوم عليه حقه في رد االعتبار بقوة القانون .
ويبدأ احتساب المدة المذكورة من يوم صيرورة الحكم باإلدانة حائزا لقوة الشيء المقضي به .
64
وما يالحظ مما سبق أن المشرع اشترط في رد االعتبار بقوة القانون مضي مدد أطول من تلك التي اشترطها في رد االعتبار
القضائي وال شك في أن اشتراط مثل هذه المدد الطويلة بهدف أساسا إلى التأكد من حسن سيرة وسلوك المحكوم عليه ،وهو
شرط رئيسي في رد االعتبار القضائي كما رأينا ذلك ،ألن مضي مدة طويلة من الزمن دون أن يصدر خاللها على المحكوم
عليه سابقا حكم باإلدانة في جناية أو جنحة يعد في نظر المشرع قرينة كافية على حسن السير والسلوك إلى الحد الذي يسمح
برد اعتباره بقوة القانون .
/2الشخص المعنوي :
يرد االعتبار بقوة القانون ،حسب المادة 678مكرر ق ا ج المستحدثة ،للشخص المعنوي المحكوم عليه بجناية أو جنحة أو
مخالفة إذا لم تصدر ضده خالل المهل األتي بيانها عقوبة أخرى
• إذا كانت العقوبة غرامة نافذة :
-الغرامة الواحدة :بعد مضي 5سنوات من سداد الغرامة أو مضي أجل التقادم
-الغرامة المشمولة بعقوبة تكميلية واحدة أو أكثر باستثناء حل الشخص المعنوي :بعد مضي 7سنوات من سداد
الغرامة أو مضي أجل التقادم
-العقوبات المتعددة :بعد مضي 10سنوات من سداد الغرامة أو مضي أجل التقادم .
• إذا كانت العقوبة غرامة مع وقف التنفيذ :
بعد انتهاء فترة اختبار 5سنوات إذا لم يحصل إلغاء وقف التنفيذ ،ويبدأ حساب األجل من يوم حيازة الحكم القضائي قوة
الشيء المقضي فيه .
وفي حالة الحكم بعقوبة تكميلية ،سواء كانت الغرامة نافذة أو غير نافدة ،فإن رد االعتبار بقوة القانون ال يتم إال بعد تنفيذ
العقوبة التكميلية .
ثالثا :آثار رد االعتبار :
يؤدي القرار القاضي برد االعتبار إلى محو الحكم الصادر ضد المحكوم عليه باإلدانة بالنسبة للمستقبل وزوال كل ما
يترتب عليه من صور انعدام األهلية والحرمان من الحقوق .و رد االعتبار يزيل آثار الحكم الجزائي بالنسبة للمستقبل ال
الماضي وهو في ذلك يختلف عن العفو الشامل الذي له أثر رجعي ال يجوز معه أن يعتبر الحكم سابقة في أحكام العود .
كما يختلف عن نظام العفو عن العقوبة من ناحية أن هذا األخير يمنع تنفيذ العقوبة لكنه ال يزيل آثارها الجزائية ،في حين
أن رد االعتبار سواء كان قضائيا أم قانونيا يزيل آثار العقوبة بصرف النظر عما إذا كانت قد نفذت في الماضي أم لم تنفذ
لتقادمها فال يحتسب الحكم سابقة في العود .
ينوه عن هذا القرار على هامش الحكم القاضي بالعقوبة ،كما ينوه عنه في البطاقة رقم 1من صحيفة السوابق القضائية (
المادة )132 - 692في حين ال ينوه عن العقوبة التي شملها رد االعتبار في القسيمتين 2و 3من صحيفة السوابق القضائية
،مع العلم أن كل حكم صادر باإلدانة يكون موضوع بطاقة رقم 1يحررها كاتب الجهة القضائية التي أصدرت الحكم
ويرسلها بمعرفة وكيل الجمهورية إلى مصلحة صحيفة السوابق القضائية للمجلس القضائي المولود في دائرته المحكوم عليه (
المادة . ) 624
65