You are on page 1of 39

‫جامعة مجمد بوضياف‪-‬المسيمة‪-‬‬

‫كمية الحقوق والعموم السياسية‬

‫محاضرات في مقياس القانون المدني‬


‫أحكام االلتزام‬
‫السداسي الثاني‬
‫المجموعة األولى‬
‫إعداد الدكتور‪ :‬مقدم ياسين‬

‫"الجزء األول‪ :‬آثار االلتزام"‬

‫الموسم الجامعي ‪202/2019‬‬


‫‪1‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬أحكام االلتزام‬
‫يجب أف نعرؼ بداية أف المشرع الجزائري نص عمى أحكاـ االلتزاـ في المواد مف‬
‫‪ 160‬إلى ‪ 322‬مف القانوف المدني‪.‬‬
‫فنص عمى آثار االلتزاـ في المواد مف ‪ 160‬إلى ‪ ،202‬ثـ تطرؽ لؤلوصاؼ‬
‫المعدلة لبللتزاـ في المواد مف ‪ 203‬إلى ‪ ،238‬ليتطرؽ بعد ىذا إلى انتقاؿ االلتزاـ في‬
‫المواد ‪ 239‬إلى ‪ ،257‬ويتكمـ أخي ار عف انقضاء االلتزاـ في المواد مف ‪ 258‬إلى‬
‫‪.322‬‬
‫وعميو سنتطرؽ إلى أحكاـ االلتزاـ حسب الترتيب الذي جاء بو المشرع الجزائري‬
‫وذلؾ في أربعة فصوؿ‪:‬‬
‫‪-‬الفصل األول‪ :‬آثار االلتزام‬
‫‪-‬الفصل الثاني‪ :‬أوصاف االلتزام‬
‫‪-‬الفصل الثالث‪ :‬إنتقال االلت ازم‬
‫‪-‬الفصل الرابع‪ :‬إنقضاء االلتزام‬

‫‪2‬‬
‫الفصل االول‪ :‬آثار االلتزام‬
‫وسنتطرؽ فيو الى ثبلث عناصر أساسية وىي التنفيذ العيني (مبحث أوؿ) التنفيذ‬
‫بطريؽ التعويض (مبحث ثاني) وأخي ار ضماف حقوؽ الدائنيف (مطمب ثالث)‬
‫المبحث األول‪ :‬التنفيذ العيني‬
‫ال خبلؼ أف تنفيذ االلتزاـ عينا ىو األصؿ‪ ،‬وىذا ما نصت عميو المادة ‪ 164‬مف‬
‫القانوف المدني‪ ،‬إضافة إلى ما تقرره المادة ‪ 176‬منو‪ ،‬حيث يتضح مف النصيف أف مف‬
‫حؽ الدائف المطالبة بتنفيذ االلتزاـ الذي في ذمة مدينو عينا‪ ،‬ولئلحاطة بالمقصود‬
‫بالتنفيذ العيني البد مف تناوؿ العناصر التالية‪:‬‬
‫*شروط الحكـ بالتنفيذ العيني الجبري‪.‬‬
‫*موضوع التنفيذ العيني‪.‬‬
‫*الغرامة التيديدية (وسائؿ التنفيذ العيني)‪.‬‬
‫المطمب األول‪ :‬شروط الحكم بالتنفيذ العيني‪:‬‬
‫بالرجوع لنص المادة ‪ 164‬سالفة الذكر يجب توافر ‪ 04‬شروط‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬إعذار المدين‬
‫و يقصد بو تنبيو المديف بضرورة الوفاء و ىذا إجراء حتمي ألف المديف إذا لـ يقـ‬
‫بالتنفيذ العيني مف تمقاء نفسو و سكت الدائف عمى ذلؾ‪ ،‬فإف ىذا قد يفسر عمى‬
‫رضا الدائف و عدـ المطالبة بيذا التنفيذ و ترتيبا عمى ىذا لجأ الدائف إلى القضاء‬
‫لمطالبة مدينو بالتنفيذ العيني دوف إعذاره و تقدـ المديف بالتنفيذ العيني فإف الدائف‬
‫يتحمؿ مصاريؼ الدعوى‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أن يكون التنفيذ العيني ممكنا‬
‫إذا استحاؿ القياـ بالتنفيذ العيني نتيجة خطأ المديف فإف التنفيذ سيكوف بمقابؿ‬
‫(التعويض)‪ ،‬أما إذا كانت ىذه االستحالة ناتجة عف سبب أجنبي خارج عف إرادة‬
‫المديف وفعمو‪ ،‬فإف االلتزاـ ينقضي‪ .‬وعميو ال يترتب أي تعويض في ذمة المديف حسب‬
‫المادة ‪ 176‬مف القانوف المدني وكمثاؿ عف استحالة التنفيذ بسبب المديف بيع دار‬
‫الشخص ثـ بيعيا لشخص آخر ونقؿ ممكيتيا لآلخر‪ ،‬إمتناع رساـ عف رسـ لوحة تعيد‬
‫بيا‪ ،‬امتناع الطبيب عف إجراء عممية تعيد باجرائيا‪...‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬يجب أال يكون ىذا التنفيذ مرىقا لممدين‬
‫قد يكوف التنفيذ العيني ممكنا في حد ذاتو‪ ،‬ولكف إلزاـ المديف عمى القياـ بو فيو‬
‫إرىاؽ لو‪ ،‬فيتحوؿ ىنا التنفيذ إلى التنفيذ عف طريؽ التعويض‪( ،‬مثاؿ قياـ مشتري أرض‬
‫بتجاوز التزامو بالبناء في مساحة ‪ 200‬متر فيبني ‪ 210‬متر ففي ىذه الحالة ليس مف‬
‫حؽ الدائف إجبار المديف عمى التنفيذ العيني (إزالة البناء) بؿ يكفي تعويض نقدي‬
‫عادؿ)‪.‬‬
‫كؿ ىذا شريطة أال يمحؽ بالدائف ضرر جسيـ جراء عدـ القياـ بالتنفيذ العيني‪،‬‬
‫ولمقاضي سمطة تقديرية واسعة في تحديد وجود الضرر الجسيـ مف عدمو‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬يجب أال يكون في التنفيذ العيني مساس بالحرية الشخصية‬
‫لممدين‬
‫مف الممكف أف يكوف التنفيذ العيني الجبري ممكنا في حد ذاتو وغير مرىؽ‬
‫لممديف‪ ،‬لكف إذا مس بالحرية الشخصية لممديف فإنو ال يتحقؽ‪ ،‬ويصدر القاضي حكمو‬
‫بتقديـ تعويض عادؿ لمدائف‪ ،‬ألف القياـ بجبر المديف عمى التنفيذ فيو مساس بحريتو‬
‫الشخصية‪ ،‬إف المساس بالحرية الشخصية لممديف يمكف أف يجعؿ مف التنفيذ العيني‬

‫‪4‬‬
‫غير منتج في حد ذاتو‪ ،‬لذا يمكف إجباره عمى ذلؾ بفرض غرامة تيديدية عف كؿ يوـ‬
‫يتأخر فيو عف الوفاء بالتزامو‪ ،‬فإذا فشمت ىذه الطريقة حكـ القاضي بتعويض نقدي‬
‫عادؿ‪.‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬موضوع التنفيذ العيني‬
‫ال يمكف الحديث عف التنفيذ العيني إال إذا كاف ال يمس شخص المديف وحريتو‪،‬‬
‫ففي ىذه الحالة األخيرة يمكف الحديث عف التنفيذ بمقابؿ فقط‪ .‬وعميو وقصد التفصيؿ‬
‫في موضوع التنفيذ العيني وكيفيتو‪ ،‬يجب التطرؽ إليو بحسب محؿ االلتزاـ المطموب‬
‫تنفيذه وذلؾ عمى النحو التالي‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬االلتزام بإنشاء حق عيني أو نقمو‪:‬‬
‫يتوقؼ التنفيذ العيني ىنا عمى حسب المحؿ الذي يرد عميو‪ ،‬ونميز بيف ثبلث‬
‫حاالت‪-‬المنقوؿ المعيف بذاتو‪-‬المنقوؿ المعيف بنوعو‪-‬العقار‪.‬‬
‫‪-1‬المنقول المعين بذاتو‪ :‬إذا كاف المنقوؿ معينا بذاتو فإف الممكية فيو تنتقؿ فورا‪،‬‬
‫بمعنى أف تنفيذ االلتزاـ يتـ بقوة القانوف‪ ،‬فالمشرع ال يشترط أي شرط خاص‬
‫النتقاؿ الممكية‪ .‬وىذا حسب نص المادة ‪ 165‬مف القانوف المدني‪.‬‬
‫‪-2‬المنقول المعين بنوعو‪:‬‬
‫إذا كاف االلتزاـ بإعطاء شيء واردا عمى منقوؿ معيف بنوعو‪ ،‬فإف الممكية ال تنتقؿ‬
‫فور انعقاد العقد بؿ تؤجؿ إلى غاية القياـ بعممية إفراز المنقوؿ‪ .‬فعند قياـ البائع مثبل‬
‫بفرز القمح المتفؽ عميو ووضعو في أكياس تحت تصرؼ المشتري تنتقؿ الممكية‪.‬‬
‫فإذا حدث ولـ يقـ المديف بعممية الفرز‪ ،‬فيمكف لمدائف الحصوؿ عمى نفس المحؿ‬
‫(النوع) المتفؽ عميو وعمى نفقة المديف كذلؾ بعد أخذ إذف مف القاضي المختص‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫فإذا لـ يشأ الدائف القياـ بيذه العممية جاز لو المطالبة بتعويض عادؿ و ىذا‬
‫حسب المادة ‪ 166‬مف القانوف المدني‪ .‬وىناؾ حالة استثنائية‪ .‬وىي حالة االستعجاؿ‬
‫حيث يمكف فييا الدائف الحصوؿ عمى شيء مف النوع دوف استئذاف القاضي (حالة‬
‫المستشفى مثبل)‪.‬‬
‫‪-3‬العقار‪:‬‬
‫ال تنقؿ الممكية في العقارات إال بعد القياـ بعممية اإلشيار العقاري و ىذا حسب‬
‫المادة ‪ 165‬مدني‪ ،‬و ماداـ التصرؼ في العقارات حسب المادة ‪ 324‬مكرر ‪ 1‬مف‬
‫القانوف المدني يجب أف يتـ في شكؿ رسمي تحت طائمة البطبلف فإف امتناع البائع عف‬
‫القياـ باإلجراءات البلزمة لمتسجيؿ (إف حصمت) فإف العقد الرسمي وحده كاؼ لممشتري‬
‫لكي يقوـ بتقديمو لئلشيار ألف ىذا العقد ىو في حد ذاتو سند تنفيذي‪ ،‬و يتـ اإلشيار‬
‫بو مباشرة‪ ،‬عكس بعض القوانيف المقارنة (المصري) التي تمنح لممشتري حؽ استصدار‬
‫حكـ بدعوى تسمى دعوى صحة التعاقد أو صحة التوقيع (كؿ ما سبؽ يطبؽ عمى‬
‫االلتزاـ بعمؿ كأصؿ عاـ )‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬االلتزام باالمتناع عن العمل‬
‫التنفيذ العيني في االلتزاـ باالمتناع عف عمؿ يتمثؿ في إزالة ما وقع‪ ،‬فالتزاـ‬
‫التاجر بعدـ منافستو مف باع لو محمو التجاري في مكاف معيف‪ ،‬يترتب عمى اإلخبلؿ بو‬
‫الحكـ بإغبلقو‪ .‬وىذا حسب المادة ‪ 173‬مف القانوف المدني‪.‬‬
‫ويمنح لمقاضي سمطة تقديرية في إزالة ما وقع أو االقتصار عمى التعويض إذا‬
‫رأى أف في اإلزالة تحميبل لممديف فوؽ طاقتو (إرىاؽ لو) كما ىو الحاؿ في حالة بناء‬
‫جدار عمى األرض المبلصقة حسب المادة ‪ 788‬مف القانوف المدني‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫وتجدر اإلشارة ىنا إلى أنو يجب إلزاميا الرجوع إلى القاضي قصد الحصوؿ عمى‬
‫ترخيص بإزالة العمؿ غير المشروع حتى ولو كنا في حالة استعجاؿ‪ ،‬ألف عممية اإلزالة‬
‫قد تؤدي إلى أعماؿ عنؼ يكوف ضررىا أكبر مف عممية اإلزالة في حد ذاتيا‪ .‬فإذا‬
‫استحاؿ تنفيذ اإلزالة عينا بأف أصبح األمر مستحيؿ التدارؾ (قياـ ممثؿ بالتمثيؿ رغـ‬
‫التعيد بعدـ التمثيؿ) فيتحوؿ التنفيذ مف تنفيذ عيني إلى تنفيذ بمقابؿ نقدي‪.‬‬
‫المطمب الثالث‪ :‬الغرامة التيديدية‬
‫إذا امتنع المديف عف تنفيذ التزامو طواعية يمكف إجباره عمى تنفيذ ذلؾ‪ ،‬ويتـ ىذا‬
‫عف طريؽ تيديده و ذلؾ بإرغامو عمى تقديـ مبمغ مف النقود عف كؿ يوـ أو شير‬
‫تأخير و ىذا ما يسمى بالغرامة التيديدية (امتناع الممثؿ عف التمثيؿ في المسرح الذي‬
‫اتفؽ معو‪ ،‬امتناع شركة الغاز أو الكيرباء عف تقديـ الخدمات‪ )...‬و عادة ما يكوف‬
‫مقدار الغرامة كبي ار و مؤث ار مما يؤدي إلى رضوخ المديف‪.‬‬
‫وقد نص المشرع الجزائري عمى الغرامة التيديدية في المواد ‪ 175-174‬مف‬
‫القانوف المدني و‪ 340‬مف قانوف اإلجراءات المدنية واالدارية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬شروطيا‬
‫‪ -‬أف يكوف تنفيذ االلتزاـ عينا مازاؿ قائما وممكنا‪.‬‬
‫‪ -‬أف يكوف تنفيذ االلتزاـ غير ممكف إال إذا قاـ بو المديف بنفسو‪.‬‬
‫‪ -‬أال يكوف فييا مساس بحؽ المؤلؼ‪.‬‬
‫الشرط األول‪ :‬أن يكون تنفيذ االلتزام عينا مازال ممكنا‪.‬‬
‫إذا استحاؿ التنفيذ بسبب أجنبي اليد لممديف فيو كيبلؾ الشيء محؿ االلتزاـ‬
‫نتيجة لفعؿ الغير وليس نتيجة فعؿ المديف‪ ،‬فإف االلتزاـ ينقضي‪ ،‬وأصبح مف غير‬
‫الجائز المجوء إلى الغرامة التيديدية‪ ،‬ألف ىدؼ ىذه األخيرة ىو تنفيذ االلتزاـ‪ .‬واألمر‬

‫‪7‬‬
‫نفسو ينطبؽ في الحالة التي يصبح فييا االلتزاـ مستحيبل نتيجة لخطأ المديف فبل يتـ‬
‫الحكـ بالغرامة التيديدية بؿ يحكـ بالتنفيذ بمقابؿ‪ ،‬ومثاؿ ذلؾ بيع منقوؿ مرتيف‬
‫متتاليتيف وقبؿ تسميمو لممشتري األوؿ (الدائف) اصبح ذلؾ مستحيبل ألف المشتري‬
‫الثاني قد حاز المنقوؿ بحسف نية‪.‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬أن يكون تنفيذ االلتزام غير ممكن عينا‪ ،‬إال إذا قام بو المدين نفسو‪.‬‬
‫إذا كاف التنفيذ العيني ممكنا دوف ضرورة لتدخؿ المديف فبل يمكف المجوء إلى‬
‫الغرامة التيديدية‪ ،‬بؿ يقوـ الدائف بالتنفيذ مباشرة حسب ما نص القانوف‪ ،‬سواء كاف‬
‫األمر يتعمؽ بإنشاء حؽ عيني أو تعديمو (راجع ما سبؽ و خصوصا المنقوؿ المعيف‬
‫بذاتو‪ ،‬بنوعو‪ )....،‬وبمفيوـ المخالفة لما سبؽ يتـ المجوء إلى الغرامة التيديدية في‬
‫الحاالت التي تتطمب تدخبل شخصيا مف المديف (الممثؿ‪ ،‬الطبيب‪ ،‬تقديـ شركات‬
‫االحتكار خدمات لمجميور‪ )...‬سواء كاف األمر يتعمؽ بالقياـ بعمؿ أو باالمتناع عف‬
‫عمؿ (قياـ الممثؿ بالتمثيؿ رغـ تعيده بعدـ التمثيؿ‪)...‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬أال يكون فييا مساس بالحق األدبي لممؤلف‪.‬‬
‫ال يجوز إرغاـ المؤلؼ عمى النشر مع دار نشر حتى ولو اتفؽ معيا‪ ،‬ألف‬
‫المؤلؼ ىو صاحب الحؽ األوؿ واألخير في تقدير نشر مصنفو مف عدمو‪ ،‬فإجباره‬
‫عف طريؽ الغرامة التيديدية فيو اعتداء عمى حقو األدبي والمتمثؿ في مبلئمة النشر‬
‫مف عدميا‪ ،‬وىنا مف حؽ دار النشر المطالبة بالتنفيذ بمقابؿ فقط (التعويض) دوف‬
‫إجبار المؤلؼ (المديف) عف طريؽ الغرامة التيديدية‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة ىنا إلى أف لمقاضي سمطة تقديرية في الحكـ بالغرامة التيديدية مف‬
‫عدمو ويمكنو ذلؾ مف تمقاء نفسو حتى دوف طمب مف الدائف ألف ىذا ال يعتبر حكما‬

‫‪8‬‬
‫بأكثر مما طمبو الخصوـ بؿ ىو وسيمة لضماف تنفيذ االلتزاـ األصمي‪ .‬ولمقاضي الحؽ‬
‫في المجوء إلى الوسيمة التي تكفؿ تنفيذ أحكامو‪.‬‬
‫وال رقابة لممحكمة العميا عميو في حكمو بالغرامة التيديدية‪ ،‬إنما تكوف رقابتيا في‬
‫توافر شروط الغرامة التيديدية مف عدميا‪ .‬فيذه األخيرة مسألة قانوف في حيف أف تقدير‬
‫الغرامة التيديدية ىو مسألة واقع‪.‬‬
‫ويمكف طمب الغرامة التيديدية في أية مرحمة تكوف فييا الدعوى حتى ولو ألوؿ‬
‫مرة أماـ المجمس القضائي وال يعتبر ىذا طمبا جديدا‪.‬‬
‫وبناء عمى كؿ ما سبؽ‪ ،‬إذا توافرت شروط الغرامة التيديدية‪ ،‬جاز لمقاضي الحكـ‬
‫بيا‪ ،‬و تبقى الغرامة سارية حتى يظير موقؼ المديف‪ ،‬فإذا أوفى بالتزامو رفع عنو‬
‫القاضي قيمة الغرامة التيديدية و ألزمو بتقديـ تعويض يتناسب مع ما أحمقو مف ضرر‬
‫بالدائف‪ ،‬أما إذا أصر المديف عمى عدـ التنفيذ فإف القاضي يحكـ مباشرة بالتعويض مع‬
‫مراعاة ما لحؽ الدائف مف ضرر نتيجة لتعنت المدين‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص الغرامة التيديدية‪:‬‬
‫يتميز الحكـ الصادر بخصوص الغرامة التيديدية بأنو تيديدي‪ ،‬غير محدد‬
‫المقدار و مؤقت‪.‬‬
‫‪-1‬حكم تيديدي‪:‬‬
‫الفرؽ بيف الغرامة التيديدية والتعويض‪ ،‬ىي أف األولى تحدد عادة بمبمغ نقدي‬
‫كبير جدا‪ ،‬وال يتناسب مع ما قد يمحؽ الدائف مف ضرر جراء تماطؿ المديف في تنفيذ‬
‫التزامو‪ ،‬بينما يراعي في التعويض ما لحؽ المديف مف ضرر وما فاتو مف كسب‪ ،‬و‬
‫يجب أف يكوف عمى قدر الضرر‪ ،‬فاليدؼ األساسي مف الغرامة التيديدية ىي الضغط‬
‫عمى المديف و تيديده‪ ،‬و القاضي في تحديده لمغرامة ينظر عمى مف يفرض ىذه‬

‫‪9‬‬
‫الغرامة‪ ،‬و يحددىا عمى حسب قدرة تحمؿ المديف فإذا كاف المديف شركة كبيرة مثبل‬
‫كانت الغرامة التيديدية كبيرة‪.‬‬
‫كما يجوز لمقاضي الزيادة في الغرامة التيديدية كمما وجد مسوغا لذلؾ و ىذا قصد‬
‫كسر عناد المديف‪ ،‬ليذا يرى الفقياء أف الغرامة ذات صفة تحكيمية (‪.)Arbitraire‬‬
‫‪-2‬حكم غير محدد المقدار‪:‬‬
‫عادة ما تحدد الغرامة التيديدية عف كؿ يوـ تأخير مف المديف عف الوفاء بالتزامو‪،‬‬
‫و عميو ال يمكف معرفة قيمتيا إال إلى تاريخ صدور الحكـ‪ ،‬ألف قيمة الغرامة تمثؿ‬
‫تراكـ األياـ التي يمتنع فييا المديف عف التنفيذ‪.‬‬
‫‪-3‬حكم مؤقت‪:‬‬
‫يجوز لمقاضي مصدر الحكـ بالغرامة التيديدية إعادة النظر فييا وىذا حسب‬
‫المادة‪ 2/174‬مف القانوف المدني‪ ،‬سواء بالرفع منيا أو التخفيض فييا إذا قاـ المديف‬
‫بالتنفيذ‪ ،‬فإذا قاـ المديف بالوفاء تقوـ المحكمة بتصفية الغرامة نيائيا‪ ،‬و تنقص منيا‬
‫لتصبح مساوية لما أصاب الدائف مف ضرر جراء تأخر المديف في الوفاء‪ ،‬و ي ارعي‬
‫القاضي في حكمو بالتعويض ما أظيره المديف مف تعنت في التنفيذ‪.‬‬
‫و يترتب عمى ما سبؽ أف مبمغ الغرامة التيديدية ليس دينا في ذمة المديف يجوز‬
‫التنفيذ عميو‪ ،‬بؿ ىي تيديد عمى أساسو يحدد التعويض‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬آثار الغرامة التيديدية‬
‫إذا قاـ المديف بتنفيذ التزامو يحكـ القاضي بتعويض عادؿ مراعيا التأخر في‬
‫التنفيذ‪ .‬أما إذا أصر المديف عمى عدـ التنفيذ فإف الحكـ بالغرامة التيديدية يتحوؿ إلى‬
‫التعويض و يشمؿ التعويض في الحالتيف ما لحؽ الدائف مف خسارة و ما فاتو مف‬
‫كسب نتيجة تأخر المديف في الوفاء‪ ،‬لكف المشرع الجزائري أضاؼ عنص ار جديدا في‬

‫‪10‬‬
‫تقدير التعويض و ىو العنت الذي أبداه المديف‪ ،‬و عميو يجوز لمقاضي رفع التعويض‬
‫نتيجة لمضرر األدبي الذي قد يحمؽ بالدائف (العنت)‪.‬‬
‫و نشير أخي ار إلى أف مقدار التعويض المحكوـ بو لمدائف ىو تعويض نيائي و‬
‫ليس غرامة تيديدية حتى و لو كاف ىذا التعويض مساويا لمغرامة التيديدية‪ ،‬ألف الحكـ‬
‫بالتعويض يجب أف يكوف مسببا (الخسارة‪ ،‬ما فاتو مف ربح‪ ،‬العنت) في حيف أف الحكـ‬
‫بالغرامة التيديدية غير مسبب‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬التنفيذ بطريق التعويض (التنفيذ بمقابل)‪.‬‬
‫عرفنا سابقا أف تنفيذ االلتزاـ عينا ىو األصؿ‪ ،‬إال أنو قد تحدث أمور تحوؿ دوف‬
‫ذلؾ فيتـ عندئذ المجوء إلى تنفيذ االلتزاـ عف طريؽ التعويض وذلؾ في الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪-1‬استحالة تنفيذ االلتزاـ نتيجة لفعؿ المديف أو خطئو‪.‬‬
‫‪-2‬إذا أصبح التنفيذ العيني مرىقا لممديف‪ ،‬فيمكف التنفيذ عف طريؽ التعويض‬
‫شريطة أال يكوف في ذلؾ إضرار جسيـ بالدائف‪.‬‬
‫‪-3‬إذا كاف التنفيذ العيني غير ممكف إال إذا قاـ بو المديف نفسو‪.‬‬
‫‪-4‬إذا لـ يطمب الدائف التنفيذ العيني ولـ يقـ المديف بعرضو‪ ،‬فيحكـ بالتعويض‬
‫ماداـ الدائف يرغب في ذلؾ‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة ىنا‪ ،‬إلى أف لمتعويض نوعاف‪ :‬تعويض عف عدـ التنفيذ و تعويض‬
‫عف التأخير في التنفيذ‪ ،‬و يعتبر التنفيذ عف عدـ التنفيذ بديبل عف التنفيذ العيني فيحؿ‬
‫محمو‪ ،‬و عميو ال يمكف تصور اجتماعيما معا‪ ،‬و ىذا بخبلؼ التعويض عف التأخير‬
‫في التنفيذ فيمكف أف يجتمع مع التنفيذ العيني أو التعويض عف عدـ التنفيذ‪ .‬وقد أشارت‬
‫إلى نوعي التنفيذ المادة ‪ 176‬مدني جزائري‪.‬‬
‫المطمب االول‪ :‬شروط التنفيذ بطريق التعويض‪.‬‬
‫غني عف البياف أف شروط استحقاؽ الدائف لمتعويض ىي نفسيا شروط قياـ‬
‫المسؤولية وىي الخطأ والضرر وعبلقة السببية‪ ،‬ولكف المشرع اشترط شرطا آخر وىو‬
‫اإلعذار‪ ،‬وسنتطرؽ فيو إلى المقصود بو ثـ كيؼ يتـ ىذا اإلعذار مرو ار بالحاالت التي‬
‫يستغني فييا عف اإلعذار وصوال إلى آثاره‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المقصود باإلعذار‬
‫نصت عمى اإلعذار المواد ‪ 181-180-179‬مف القانوف المدني (وجوب‬
‫االطبلع عمى ىذه المواد)‪.‬‬
‫يجب أف نعرؼ بداية أف حموؿ أجؿ الديف ال يكفي –كأصؿ عاـ‪-‬العتبار المديف‬
‫مقص ار في تنفيذ التزاـ بؿ يجب عمى الدائف أف يبيف أنو يريد اقتضاء دينو و بأنو ال‬
‫يتسامح في التأخير إطبلقا و يكوف ذلؾ بإعذار المديف‪ ،‬و عميو فاإلعذار ىو إثبات‬
‫تأخر المديف في الوفاء و وضعو موضع المقصر في التنفيذ‪.‬‬
‫وبناء عمى ىذا وطبقا ألحكاـ المادة ‪ 164‬مف القانوف المدني فإف الدائف ال يمكنو‬
‫إجبار المديف عمى تنفيذ التزامو إال بعد القياـ بإعذاره‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬كيف يتم اإلعذار‬
‫يتـ اإلعذار عف طريؽ إنذار المديف و ذلؾ بورقة رسمية عمى يد محضر قضائي‬
‫يطمب فييا الدائف تنفيذ االلتزاـ‪ ،‬و تسمـ ىذه الورقة لممديف الذي يوقع عمييا‪ ،‬فإذا امتنع‬
‫عف التوقيع يذكر سبب االمتناع ليكوف ذلؾ حجة عمى حصوؿ اإلنذار‪ .‬ويمكف أف يقوـ‬
‫مقاـ اإلنذار أي ورقة رسمية أخرى بشرط أف يذكر فييا بصراحة ودوف لبس أف الدائف‬
‫يطمب تنفيذ االلتزاـ‪.‬‬
‫كما أجاز المشرع الجزائري حسب المادة ‪ 180‬مف القانوف المدني أف يتـ اإلعذار‬
‫عف طريؽ البريد‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬الحاالت التي يستغنى فييا عن اإلعذار‬
‫‪ ‬إذا أصبح تنفيذ االلتزاـ مستحيبل أو أصبح غير ذي جدوى بفعؿ المديف‪.‬‬
‫‪ ‬إذا كاف االلتزاـ غير تعاقدي‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ ‬إذا كاف محؿ االلتزاـ رد شيء يعمـ المديف أنو مسروؽ أو تسممو دوف وجية‬
‫حؽ‪.‬‬
‫‪ ‬إذا صرح المديف كتابة أنو ال ينوي تنفيذ التزامو‪.‬‬
‫‪ ‬إذا اتفؽ الدائف و المديف عمى اعتبار المديف معذ ار لمجرد حموؿ أجؿ التنفيذ‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬آثار اإلعذار‬
‫يترتب عمى اإلعذار الصحيح النتائج التالية‪:‬‬
‫‪ ‬يجبر المديف عمى الوفاء‪ ،‬إضافة إلى مطالبتو بكؿ ما يمحؽ الدائف مف ضرر‬
‫جراء عدـ التنفيذ‪.‬‬
‫‪ ‬إذا كاف العقد تبادليا‪ ،‬جاز لمدائف المطالبة بفسخ العقد إذا لـ يقـ المديف بتنفيذ‬
‫التزامو‪ ،‬مع التعويض عف الضرر البلحؽ بالدائف‪ .‬أنظر المادة ‪ 119‬مدني‪.‬‬
‫‪ ‬بعد القياـ باإلعذار فإف تبعة اليبلؾ تنتقؿ إلى المديف حتى و لو كانت قبؿ‬
‫اإلعذار عمى الدائف أنظر المادة ‪ 168‬مدني جزائري فقرة ‪ ،1‬و االستثناء‬
‫الوارد عمى ذلؾ في الفقرة ‪ 02‬مف نفس المادة‪.‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬كيفية تقدير التعويض‬
‫يكوف التعويض مستحقا لمدائف سواء بسبب عدـ تنفيذ االلتزاـ‪ ،‬أو بسبب التأخر‬
‫فيو‪ ،‬و يجب أف يكوف ىذا التعويض مشتمبل ما لحؽ الدائف مف خسارة و ما فاتو مف‬
‫كسب‪ ،‬و تقدير التعويض ال يخرج عف إحدى طرؽ ثبلث (التعويض القضائي‪،‬‬
‫التعويض االتفاقي أو ما يسمى بالشرط الجزائي و أخي ار التعويض القانوني)‪.‬‬
‫الفرع االول‪ :‬التعويض القضائي‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 182‬مف القانوف المدني الجزائري عمى ما يمي‪" :‬إذا لم يكن‬
‫التعويض مقد ار في العقد أو في القانون‪ ،‬فالقاضي ىو الذي يقدره‪ ،‬و يشمل‬

‫‪14‬‬
‫التعويض ما لحق الدائن من خسارة و ما فاتو من كسب‪ ،‬بشرط أن يكون ىذا نتيجة‬
‫طبيعية لعدم الوفاء بااللتزام أو لمتأخير في الوفاء بو‪ ،‬و يعتبر الضرر نتيجة طبيعية‬
‫إذا لم يكن في استطاعة الدائن أن يتوقاه ببذل جيد معقول"‪.‬‬
‫فمف خبلؿ ىذا النص يظير جميا أف التعويض يجب أف يشتمؿ ما لحؽ الدائف‬
‫مف خسارة و ما فاتو مف كسب‪.‬‬
‫وأبرز مثاؿ عمى ىذا امتناع الشخص عف تسميـ البضاعة المتفؽ عمييا لمتاجر‬
‫الذي أبرـ العقد بشأنيا و دفع ثمنيا‪ ،‬فالتعويض ىنا يجب أف يشتمؿ ما لحؽ التاجر‬
‫مف خسارة و ىو ىنا قيمة البضاعة إضافة إلى ما فات ىذا التاجر مف كسب و ىو‬
‫الربح الذي كاف سيحصؿ عميو بعد إعادة بيعيا‪.‬‬
‫و بمفيوـ المخالفة لما سبؽ أي إذا لـ يمحؽ الدائف أي ضرر و خسارة و لـ يفتو‬
‫أي كسب جراء عدـ تنفيذ المديف اللتزامو أو تأخره في ذلؾ‪ ،‬فبل يكوف ىنا أي محؿ‬
‫لمتعويض و ىذا النتفاء مبرره‪ ،‬فإخبلؿ المحامي باستئناؼ حكـ تعيد بو و ظير فيما‬
‫بعد أف ىذا الحكـ ال يمكف استئنافو أصبل فبل مجاؿ لمحديث عف التعويض في ىذه‬
‫الحالة‪ .‬ويقع عمى الدائف عبء إثبات مقدار ما فاتو مف كسب و ما لحقو مف ضرر‬
‫طبقا لمقواعد العامة لئلثبات‪.‬‬
‫و تجدر اإلشارة إلى أف التعويض العيني ىو أفضؿ طرؽ التعويض و ذلؾ ألنو‬
‫يعيد الحالة إلى ما كانت عميو‪ ،‬و مثالو حصوؿ الدائف عمى شيء مف النوع ذاتو الذي‬
‫التزـ بو المديف و عمى نفقتو حسب ما نصت عميو المادة ‪ 166‬مف القانوف المدني‪،‬‬
‫لكف يبلحظ أف التنفيذ العيني يمكف أف يتعذر في المسؤولية التقصيرية فيمجأ القاضي‬
‫ىنا إلى التعويض بمقابؿ‪ ،‬و يكوف ىذا غالبا بمبمغ مف النقود‪ ،‬ما عدا في بعض‬
‫الحاالت التي يكوف فييا التعويض غير نقدي كحالة السب و القذؼ و التي يمكف فييا‬

‫‪15‬‬
‫لمقاضي أف يجعؿ التعويض غير نقدي و ذلؾ بنشر الحكـ القاضي بإدانة المديف في‬
‫الصحؼ‪(...‬أنظر المادة ‪ 132‬مدني جزائري)‪.‬‬
‫و يجب التنويو أخي ار إلى أف التعويض يجب أف يكوف جاب ار قدر المستطاع لكؿ‬
‫لكؿ ما لحؽ الدائف مف ضرر و ما فاتو مف خسارة فبل حدود ليذا التعويض ما عدا‬
‫في حالتيف‪:‬‬
‫‪ -1‬ال يمزـ المديف إال بتعويض الضرر المباشر فقط سواء في المسؤولية العقدية أو‬
‫المسؤولية التقصيرية‪.‬‬
‫‪ -2‬ال يكوف التعويض إال عمى الضرر المتوقع فقط و ىذا في المسؤولية العقدية‬
‫وحدىا‪.‬‬
‫و يوجد استثناءاف عمى ىذه الحالة الثانية‪ ،‬حيث يسأؿ فييما المديف عف األضرار‬
‫غير المتوقعة و ىذا حسب المادة ‪ 182‬فقرة ‪ 02‬و ىما‪:‬‬
‫‪ ‬إذا ارتكب المديف غشا بموجبو يتعمد عدـ الوفاء أو التأخر في التنفيذ‪ ،‬فينا يكوف‬
‫المديف قد خرج عف مبدأ حسف النية المفترض احترامو في العبلقات بيف المتعاقديف‪.‬‬
‫‪ ‬إذا ارتكب المديف خطأ جسيما و معياره ىو ذلؾ الخطأ الذي ال يرتكبو أقؿ الناس‬
‫تبصرا‪ ،‬فارتكاب ىذا الخطأ الجسيـ يجعؿ مف المديف مسؤوال عف الضرر المتوقع و‬
‫الضرر غير المتوقع كذلؾ‪ .‬فإذا تضمف العقد شرطا بإعفاء المديف مف المسؤولية‬
‫كاف لزاما العمؿ بيذا الشرط‪ ،‬ما عدا في ىاتيف الحالتيف (الغش‪ +‬الخطأ الجسيـ) فبل‬
‫يعمؿ بو‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التعويض االتفاقي (الشرط الجزائي)‪.‬‬
‫أجاز المشرع الجزائري الشرط الجزائي صراحة في المادة ‪ 183‬بقوليا‪" :‬يجوز‬
‫لممتعاقدين أن يحددا مقدما قيمة التعويض بالنص عمييا في العقد أو في اتفاق‬
‫الحق‪ ،‬و تطبق في ىذه الحالة أحكام المواد ‪ 171‬إلى ‪."181‬‬
‫فالشرط الجزائي ىو تقدير اتفاقي لمتعويض‪ ،‬و معناه أف يتفؽ المتعاقديف عمى‬
‫تقدير التعويض الذي يستحقو الدائف جراء إخبلؿ المديف بالتزامو و ذلؾ بعدـ التنفيذ أو‬
‫بالتأخر فيو و يكوف ذلؾ في العقد أو في اتفاؽ الحؽ عمى العقد‪ .‬و يمكف تصور وجود‬
‫ىذا الشرط في المسؤوليتيف سواء العقدية أو التقصيرية و إف كاف غالبا ما يكوف في‬
‫المسؤولية العقدية‪.‬‬
‫‪ -1‬خصائصو‪( :‬تابع لبللتزاـ األصمي‪ ،‬التزاـ احتياطي‪ ،‬تقدير جزافي لمتعويض)‬
‫أ‪ .‬الشرط الجزائي إلتزام تابع لاللتزام األصمي‪:‬‬
‫ال يمكف أف يكوف الشرط الجزائي مستقبل عف االلتزاـ األصمي فيو دائما يقوـ إلى‬
‫جانب التزاـ أصمي آخر و يترتب عمى ىذا ما يمي‪:‬‬
‫‪ ‬بطبلف االلتزاـ األصمي يؤدي إلى بطبلف الشرط الجزائي‪ ،‬فسواء كاف االلتزاـ‬
‫األصمي باطبل لسبب غير مشروع أو قاببل لئلبطاؿ ألي سبب مف األسباب كنقص‬
‫األىمية مثبل و تسمؾ بو مف لو الحؽ في ذلؾ فإف الشرط الجزائي يبطؿ بالتبعية‬
‫لبطبلف االلتزاـ األصمي و العكس غير صحيح‪.‬‬
‫‪ ‬فسخ العقد األصمي يؤدي حتما إلى زواؿ الشرط الجزائي‪.‬‬
‫‪ ‬إذا كاف االلتزاـ األصمي موصوفا فإف ىذه األخيرة تمحؽ الشرط الجزائي بالتبعية‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫ب‪ .‬الشرط الجزائي التزام احتياطي‪:‬‬
‫يعتبر الشرط الجزائي وسيمة احتياطية فقط‪ ،‬يتـ المجوء إليو عند عدـ التنفيذ العيني‬
‫لبللتزاـ و عميو فالدائف مجبر عمى المطالبة بتنفيذ االلتزاـ األصمي ماداـ التنفيذ العيني‬
‫ممكنا‪ ،‬فإذا استحاؿ ىذا األخير يمكف لمدائف المطالبة بالشرط الجزائي كما يمكف لممديف‬
‫أف يعرضو‪.‬‬
‫و بناء عمى ما سبؽ فالشرط الجزائي يختمؼ اختبلفا جوىريا عف االلتزاـ البدلي‬
‫ألف الشرط الجزائي ال يعتبر بديبل عف تنفيذ االلتزاـ األصمي فبل يمكف لمدائف عدـ‬
‫المطالبة بالتنفيذ األصمي إذا كاف ممكنا و المجوء إلى الشرط الجزائي كبديؿ لتنفيذ‬
‫االلتزاـ األصمي‪ ،‬كما أنو يختمؼ عف االلتزاـ التخييري ألنو ليس مف حؽ الدائف‬
‫االختيار بيف اإللزاـ االصمي و الشرط الجزائي و يطمب تنفيذ ما يشاء منيما‪.‬‬
‫و سبؽ أف قمنا بأف الشرط الجزائي يعتبر بمثابة تعويض‪ ،‬و عميو ال يمكف أف‬
‫يجتمعا معا إال إذا كاف المقصود بالشرط الجزائي التعويض عف التأخير في التنفيذ‬
‫فيمكف ىنا أف يجتمع مع التعويض عف عدـ التنفيذ‪.‬‬
‫ت‪ .‬الشرط الجزائي تقدير جزافي لمتعويض‪:‬‬
‫ينشأ التعويض جراء عدـ تنفيذ االلتزاـ أو التأخير فيو‪ ،‬فميس الشرط الجزائي ىو‬
‫مصدر التعويض و السبب في استحقاقو فيو في حقيقة األمر اتفاؽ مسبؽ عمى‬
‫التعويض‪ ،‬و يترتب عمى ىذا األمر أنو والستحقاؽ الشرط الجزائي يجب توافر جميع‬
‫شروط التعويض و ىي الخطأ و الضرر و عبلقة السببية و اإلعذار و ىذا ما أكدت‬
‫عميو المادة ‪ 183‬مف القانوف المدني بوجوب العمؿ بأحكاـ المواد ‪ 176‬إلى ‪.181‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ -2‬آثار الشرط الجزائي‪:‬‬
‫إذا تحققت شروط الشرط الجزائي حكـ بو القاضي مباشرة دوف زيادة أو نقصاف‬
‫وىذا ىو األصؿ‪ ،‬لكف ووفقا ألحكاـ القانوف المدني الجزائري (المادتاف ‪)185-184‬‬
‫فإف لمقاضي سمطة تخفيض أو زيادة في قيمة ىذ الشرط‪.‬‬
‫فيجوز لمقاضي التخفيض في قيمة الشرط الجزائي في حالتيف‪:‬‬
‫‪ -‬إذا تمكف المديف مف إثبات أف تقدير التعويض كاف مبالغا فيو إلى درجة كبيرة وغير‬
‫معقولة فيجوز لمقاضي أف يزيؿ ىذه المبالغة‪.‬‬
‫‪ -‬إذا تمكف المديف مف إثبات وفائو بجزء مف التزامو األصمي‪ ،‬ألف الشرط الجزائي‬
‫موضوع أصبل لحالة عدـ تنفيذ االلتزاـ تنفيذا كامبل‪ ،‬فتنفيذ جزء مف االلتزاـ يقتضي‬
‫منطقا وعدالة عدـ إلزاـ المديف بكامؿ الشرط الجزائي‪.‬‬
‫كما يجوز لمقاضي الزيادة في قيمة الشرط الجزائي إذا ثبت أف ىناؾ غشا أو خطأ‬
‫جسيما مف المديف‪ ،‬فاالتفاؽ عمى تخفيؼ المسؤولية ىنا باطؿ طبقا لممادة ‪ 178‬فقرة‬
‫‪ 02‬مف القانوف المدني‪ ،‬وعمى القاضي ىنا أف يحكـ بتعويض وفقا لمقواعد العامة حتى‬
‫ولو كاف ىذا األخير أكبر مف الشرط الجزائي في حد ذاتو‪.‬‬
‫‪ -3‬فوائد الشرط الجزائي‪:‬‬
‫لمشرط الجزائي فوائد عديدة ولعؿ أىميا‪:‬‬
‫*إعفاء المديف مف إثبات ركف الضرر ألف ىذا األخير مفترض بناء عمى الشرط‬
‫الجزائي‪.‬‬
‫*غالبا ما يتـ الحكـ بيذا الشرط مف طرؼ القضاء‪.‬‬
‫*يعتبر الشرط الجزائي وسيمة تيديدية يمكف أف يجبر المديف عمى الوفاء بالتزامو‬
‫خاصة إذا كانت قيمة الشرط كبيرة‬

‫‪19‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬ضمان حقوق الدائنين‪.‬‬
‫قصد استيفاء حقو بعد حموؿ األجؿ‪ ،‬يستطيع الدائف أف ينفذ عمى أمواؿ مدينو‬
‫سواء كاف ذلؾ عينيا أو بطريؽ التعويض‪ ،‬إف ىذا الحؽ الممنوح لمدائف يسمى حؽ‬
‫الضماف العاـ (‪ .)droit de gage général‬و لقد نصت المادة ‪ 188‬مف القانوف‬
‫المدني الجزائري عمى ما يمي‪":‬أموال المدين جميعيا ضامنة لوفاء ديونو‪ ،‬و في حالة‬
‫عدم وجود حق أفضمية مكتسب طبقا لمقانون فإن جميع الدائنين متساوون تجاه ىذا‬
‫الضمان"‪.‬‬
‫فيتضح مف ىذا أف الضماف العاـ يقع عمى جميع أمواؿ المديف و ليس عمى ماؿ‬
‫معيف مف أموالو‪ ،‬و لذا ينطوي ىذا عمى خطريف كبيريف ييدداف حؽ الدائف و ىما‪:‬‬
‫‪ -‬مزاحمة باقي الدائنيف لو‪.‬‬
‫‪ -‬تصرؼ المديف في أموالو‪.‬‬
‫فبالنسبة لمخطر األوؿ‪ ،‬فمقد أقر المشرع الجزائري حماية لحؽ الدائف عدة وسائؿ‬
‫لذلؾ وىي ما تسمى بالتأمينات العينية كالرىف و االمتياز‪ ،‬و ىي حقوؽ عينية تخوؿ‬
‫لمدائف تتبع مالو في أي يد كاف (ليس موضوع دراستنا)‪.‬‬
‫أما الخطر الثاني الذي ييدد الدائف وىو إمكانية تصرؼ المديف في أموالو‪ ،‬فمقد‬
‫وضع القانوف الجزائري (نقتصر عمى دراسة ما ورد في القانوف المدني فقط دوف ما ورد‬
‫في قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية) عدة وسائؿ تيدؼ في مجمميا إلى المحافظة‬
‫قدر اإلمكاف عمى الضماف العاـ وىي الدعوى غير المباشرة‪ ،‬الدعوى البولصية‪ ،‬دعوى‬
‫الصورية إضافة إلى حؽ الحبس‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫المطمب االول‪ :‬الدعوى غير المباشرة‪:‬‬
‫(المادة ‪ 189‬من القانون المدني)‬
‫الدعوى غير المباشرة ىي تمؾ الدعوى التي يرفعيا الدائف باسـ مدينو ونيابة عنو‬
‫ليحمي بيا حقو في الضماف العاـ وىذا نتيجة لتقصير المديف في استعماؿ بعض‬
‫حقوقو أو المطالبة بيا‪.‬‬
‫ومثاؿ ذلؾ أف يممؾ المديف عقا ار و يكوف ىذا العقار في حيازة الغير الذي‬
‫سيكسبو بالتقادـ‪ ،‬فيحؽ لمدائف ىنا أف يرفع دعوى االستحقاؽ العقاري باسـ مدينو‬
‫الحائز‪ ،‬فإذا حكـ باستحقاؽ العقار يرجع العقار إلى ذمة المديف‪ ،‬و يمكف لمدائف حينيا‬
‫الحجز عميو و ىذا ما يسمى بالدعوى غير المباشرة‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مجال الدعوى غير المباشرة‬
‫األصؿ أف الدائف يمكنو استعماؿ جميع حقوؽ ودعاوى مدينو وىذا طبقا لممادة‬
‫‪189‬مف القانوف المدني‪ ،‬وىذه السمطة ليست مف النظاـ العاـ إذ يجوز منع الدائف مف‬
‫مباشرة حؽ مف الحقوؽ التي يجوز لممديف استعماليا‪ ،‬وطبقا لنص المادة سالفة الذكر‬
‫فقد أخرج مف نطاؽ الدعوى غير المباشرة ما يمي‪:‬‬
‫‪-1‬الحقوق المتصمة بشخص المدين‪:‬‬
‫فالحقوؽ غير المالية ال تدخؿ أصبل في مجاؿ الدعوى غير المباشرة إضافة إلى‬
‫الحقوؽ المالية المتصمة بشخص المديف كالحقوؽ المتعمقة باألحواؿ الشخصية‪ ،‬فبل‬
‫يجوز لمدائف المطالبة باسـ مدينو بطبلؽ ىذا األخير مف زوجتو حتى و لو رتب ىذا‬
‫الطبلؽ إثراء لذمة المديف كذلؾ تخرج مف مجاؿ الدعوى غير المباشرة تمؾ الحقوؽ و‬
‫الدعاوى المالية المتصمة بشخص المديف كالمطالبة بالتعويض األدبي أو ما يتعمؽ‬
‫بحقوؽ المؤلؼ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪-2‬الحقوق غير القابمة لمحجز‪:‬‬
‫تيدؼ الدعوى غير المباشرة إلى إثراء ذمة المديف قصد التنفيذ عمييا‪ ،‬و عميو إذا‬
‫استحاؿ ىذا التنفيذ فبل مبرر الستعماؿ ىذه الدعوى‪ ،‬و مثاليا دعاوى النفقة فيذه‬
‫األخيرة (النفقة) ال يجوز التنفيذ عمييا‪ ،‬و عميو ال يمكف رفع دعوى غير مباشرة‬
‫لممطالبة بيا‪ ،‬إضافة إلى ىذا تخرج مف مجاؿ الدعوى المباشرة حؽ المديف في السكف‬
‫و االستعماؿ فيي حقوؽ غير قابمة لمتنازؿ أو الحجز عمييا‪.‬‬
‫‪-3‬عدـ جواز إستعمال رخص المدين‪:‬‬
‫يقصد بالرخصة ذلؾ الحؽ الممنوح ألي شخص و المتوقؼ نشوؤه عمى إعبلف‬
‫إرادة ذلؾ الشخص‪ ،‬و مثاليا حؽ الشفعة و قبوؿ اإليجاب أو قبوؿ صفقة رابحة‪ ...‬فبل‬
‫يجوز ىنا أف يباشر الدائف الدعوى المباشرة ألف ىذه األمور رخص ممنوحة لممديف‬
‫فقط‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬شروطيا‬
‫يجب أف نعرؼ بداية أف استعماؿ الدعوى غير المباشرة يقوـ عمى فكرتيف‬
‫أساسيتيف وىما‪ :‬إىماؿ المديف وتقصيره في استعماؿ حقو إضافة إلى وجود مصمحة‬
‫مشروعة لمدائف‪ ،‬ولمباشرة ىذه الدعوى البد مف توافر شروط إحداىا مرتبطة بالمديف‬
‫وأخرى مرتبطة بالدائف و تتمثؿ الشروط المرتبطة بالمديف في‪:‬‬
‫‪-1‬تقصير المديف في استعماؿ حقو‪.‬‬
‫‪-2‬أف يؤدي ىذا التقصير إلى إعسار المديف أو الزيادة في إعساره‪.‬‬
‫‪-3‬وجوب إدخاؿ المديف في الدعوى‪.‬‬
‫أما الشروط المرتبطة بالدائف فيمكف تحديدىا فيما يمي‪:‬‬
‫‪-1‬يجب أف يكوف حؽ الدائف ثابتا و محققا غير متنازع فيو و غير احتمالي‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪-2‬و ماداـ ىذا الحؽ ثابتا و محققا فبل يشترط فيو أف يكوف معموـ المقدار ومثالو‬
‫حؽ المضرور مف فعؿ غير مشروع‪ ،‬كما ال يشترط في ديف الدائف أف يكوف قاببل‬
‫لمتنفيذ فبل يشترط أف يحوز الدائف سندا تنفيذيا حتى يرفع الدعوى غير المباشرة‪.‬‬
‫كما ال يشترط أف يكوف حؽ الدائف مستحؽ األداء حسب المادة ‪ 189‬مدني‪.‬‬
‫إضافة إلى كؿ ما سبؽ وبما أف جميع أمواؿ المديف ضامنة لموفاء بديونو‪ ،‬فبل‬
‫يمزـ أف يكوف حؽ المديف الذي يستعممو الدائف بالدعوى غير المباشرة سابقا عمى حؽ‬
‫ىذا األخير ألف جميع أمواؿ المديف تدخؿ في الضماف العاـ بغض النظر عف تاريخ‬
‫دخوليا في ذمة المديف‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬آثار الدعوى غير المباشرة‬
‫تنص المادة ‪ 190‬مف القانوف المدني الجزائري عمى ما يمي‪" :‬يعتبر الدائن في‬
‫استعمال حقوق مدينو نائبا عن ىذا المدين‪ ،‬وكل ما ينتج عن استعمال ىذه‬
‫الحقوق يدخل في أموال المدين و يكون ضامنا لجميع دائنيو"‪.‬‬
‫مف خبلؿ ىذا النص نجد أف آثار الدعوى غير المباشرة تتصؿ بالدائف و المديف‬
‫و الخصـ إضافة إلى ترتيبيا آثار في ذمة باقي الدائنيف‪.‬‬
‫فبالنسبة لمدائف‪ ،‬و ماداـ ىذا األخير نائبا‪ ،‬فإف الحؽ الذي سيحكـ بو القضاء ال‬
‫ينصرؼ إلى ذمتو بؿ ينصرؼ إلى ذمة المديف‪ ،‬و لكف يجوز لو مطالبة الخصـ بكؿ‬
‫ما كاف يمكف لممديف أف يطالبو بو حتى و لو كاف حؽ الدائف أقؿ مف حؽ المديف‪.‬‬
‫و بالنسبة لممديف‪ ،‬فإف الحكـ برجوع الحؽ إليو مف مدينو يخولو حؽ التصرؼ في‬
‫ىذا الحؽ بكؿ أنواع التصرؼ‪ ،‬فإذا قاـ بذلؾ جاز لمدائف الطعف في تصرفاتو ىذه‬
‫بالدعوى البولصية إذا كانت شروطيا متوفرة‪ ،‬كما يحؽ لممديف تمقي حقو مف مدينو‬

‫‪23‬‬
‫مباشرة حتى بعد رفع الدعوى غير المباشرة و يعتبر ىذا وفاء صحيحا مبرئا لذمة‬
‫الخصـ‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمخصـ و ىو ىنا مديف المديف‪ ،‬فيمكنو التمسؾ في مواجية الدائف‬
‫بكؿ ما كاف يمكنو التمسؾ بو ضد المديف كالتمسؾ بانقضاء الديف بالتقادـ أو‬
‫المقاصة‪ ...‬إضافة إلى حقو في التمسؾ باإلبطاؿ إذا كاف لو ما يبرره‪.‬‬
‫و أخي ار و بالنسبة لبقية الدائنيف العادييف فإف نجاح الدائف في الدعوى غير‬
‫المباشرة ىو نجاح ليـ و زيادة لمضماف العاـ فيحؽ ليـ إلى جانب الدائف رافع الدعوى‬
‫التنفيذ عمى ىذا الماؿ دوف أف يستأثر بو وحده‪ ،‬و يتقاسمونو فيما بينيـ قسمة غرماء‪.‬‬
‫مف خبلؿ ما سبؽ يظير لنا مدى القصور الموجود في الدعوى المباشرة فبعد نزاع و‬
‫خسارة لمجيد و الماؿ يرجع الحؽ إلى ذمة المديف ليتقاسمو باقي الدائنيف فيما بينيـ‪،‬‬
‫وأماـ ىذا أضاؼ المشرع الجزائري دعوى أخرى تسمى الدعوى المباشرة و ىي دعوى‬
‫تمنح لرافعيا حؽ امتياز عمى ىذا الحؽ يتقدـ بموجبو عمى باقي الدائنيف‪.‬‬
‫مثاؿ توضيحي‪:‬‬
‫دائن‬ ‫دائن‬
‫ج‬ ‫ب‬ ‫أ‬

‫تنبيو رسمي مف (أ) بعدـ الوفاء ؿ (ج) ثـ صدور حكـ بصحة الحجز‪ ،‬فيأمر القضاء‬
‫(ج) بالوفاء لمحاجز (أ)ػ‬

‫فيقوـ الدائف(أ) في ىذه الدعوى بتنبيو مديف المديف (ج) رسميا بعدـ الوفاء لممديف‬
‫(ب) وىو إجراء تحفظي قصد تجميد ديف المديف (ب) حتى ال يقوـ مديف المديف (ج)‬
‫بالوفاء لدائنو(ب) وعمى المحجوز لديو (ج) الوفاء لمحاجز (أ)‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫و ىذه الطريقة أكثر فعالية و فائدة لمدائف عكس الدعوى غير المباشرة‪ ،‬و لقد حدد‬
‫المشرع الجزائري الحاالت التي يمكف فييا استعماؿ الدعوى المباشرة كما يمي‪:‬‬
‫‪ /1‬المؤجر مع المستأجر مف الباطف (المادة ‪ 507‬مف القانوف المدني الجزائري)‪.‬‬
‫‪ /2‬الموكؿ مع نائب الوكيؿ (المادة ‪ 580‬مدني)‪.‬‬
‫‪ /3‬الشخص المضرور مع شركة التأميف (المادة ‪ 619‬مدني)‪.‬‬
‫‪ /4‬المقاوؿ الفرعي و العماؿ مع رب العمؿ (المادة ‪ 565‬مدني)‪.‬‬
‫‪ /5‬رب العمؿ ونائب الفضولي (المادة ‪ 154‬مدني)‪.‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬الدعوى البولصية‪:‬‬
‫المادة ‪ 191‬مدني وما بعدىا دعوى عدم نفاذ تصرفات المدين‪.‬‬
‫قد يتصرؼ المديف في جميع أموالو أو في جزء منيا إض ار ار منو بباقي الدائنيف‪،‬‬
‫لذا فقد منح المشرع لمدائف حماية قانونية مف مثؿ ىذه التصرفات‪ ،‬فمنح لو الحؽ في‬
‫رفع دعوى ييدؼ بمقتضاىا إلى عدـ نفاذ تصرفات مدينو و ىذا ما يطمؽ عميو‬
‫"الدعوى البولصية"‪.‬‬
‫و بالرجوع إلى نص المادتيف ‪ 191‬و ‪ 196‬مف القانوف المدني نجدىما تؤكداف‬
‫عمى وجوب توافر شروط في التصرؼ المطعوف فيو حتى يمكف الحديث عف الدعوى‬
‫البولصية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬شروط الدعوى البولصية‬
‫ويمكف حصر ىذه الشروط فيما يمي‪:‬‬
‫‪ /1‬يجب أن يكون التصرف المطعون فيو تصرفا قانونيا‪:‬‬
‫يجب أف يكوف ىذا التصرؼ إراديا لكي نتحدث عف إمكانية قصد اإلضرار‬
‫بالدائف‪ ،‬و عميو ال يمكف الحديث عف ىذه الدعوى إذا كانت التزامات المديف ناشئة عف‬

‫‪25‬‬
‫الفعؿ الضار أو الفعؿ النافع مثبل فحتى و لو سببت ىذه األفعاؿ إعسا ار لممديف فبل‬
‫يجوز لمدائف التمسؾ بيا فمناط ىذه الدعوى ىو التصرفات القانونية فقط سواء كانت‬
‫ىذه التصرفات عقودا أو تصرفات بإرادة منفردة‪.‬‬
‫‪ /2‬يجب أال يتعمق ىذا التصرف بمال ال يجوز الحجز عميو أو بشخص المدين‪:‬‬
‫ليست كؿ تصرفات المديف قابمة لمطعف فييا بالدعوى البولصية‪ ،‬فيناؾ تصرفات‬
‫تخرج مف نطاقيا‪ ،‬و ىي ثبلثة‪:‬‬
‫‪ -‬التصرفات المتعمقة بشخص المديف كما رأينا في الدعوى غير المباشرة‪ ،‬و مثاليا‬
‫تنازؿ المديف عف حقو في رفع دعوى تعويض عف الضرر األدبي‪.‬‬
‫‪ -‬التصرفات المتعمقة بالحقوؽ غير المالية لممديف حتى و لو رتبت ىذه األخيرة‬
‫حقوقا مالية‪ ،‬فبل تقبؿ الدعوى البولصية في عقد زواج مثبل‪.‬‬
‫‪ -‬ال يجوز استعماؿ ىذه الدعوى ضد حؽ مف حقوؽ المديف التي ال يجوز الحجز‬
‫عمييا كالنفقة والمرتب‪.‬‬
‫‪ /3‬يجب أن يكون تصرف المدين مفق ار لو‪:‬‬
‫بغض النظر عف الجدؿ الفقيي و القضائي في المقصود بالتصرؼ المفقر‪ ،‬فإف‬
‫المشرع الجزائري قد حدد المقصود بذلؾ في المادة ‪ 191‬مدني‪ ،‬فكؿ تصرؼ أنقص مف‬
‫حقوؽ المديف أو زاد في التزاماتو فيو تصرؼ مفقر‪ ،‬و عميو ال تقبؿ الدعوى البولصية‬
‫إال إذا كانت مبنية عمى الفكرة السابقة‪ ،‬و العكس غير صحيح‪ ،‬فبل يجوز رفع ىذه‬
‫الدعوى إذا رفض المديف االغتناء مثبل‪ ،‬فكؿ تصرؼ مف المديف يكوف ضد زيادة‬
‫حقوقو أو إنقاص التزامو ال يكوف محبل ليذه الدعوى‪ ،‬فإذا رفض المديف مثبل ىبة‬
‫عرضت عميو فبل يجوز الطعف بالدعوى البولصية عمى ىذا التصرؼ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫و نشير ىنا إلى نقطة ميمة و ىي إذا قاـ المديف بتفضيؿ دائف عمى آخر‪ ،‬حيث‬
‫حدد المشرع الجزائري حالتيف ىنا يمكف الطعف فييما بالدعوى البولصية و ىما‪:‬‬
‫‪ -‬تفضيؿ المديف لدائف عمى آخر دوف وجو حؽ كمنحو رىنا مثبل‪.‬‬
‫‪ -‬قياـ المديف بالوفاء ألحد الدائنيف دوف غيره‪.‬‬
‫حيث نصت المادة ‪ 196‬مدني عمى ما يمي‪" :‬إذا لم يقصد بالغش إال تفضيل‬
‫دائن عمى آخر دون حق فال يترتب عميو إال حرمان الدائن من ىذه الميزة‪.‬‬
‫و إذا وفى المدين المعسر أحد دائنيو قبل حمول األجل المضروب أصال لموفاء‪،‬‬
‫فال يسري ىذا الوفاء في حق باقي الدائنين و كذلك ال يسري في حقيم الوفاء و لو‬
‫حصل بعد حمول ىذا األجل‪ ،‬إذا كان قد تم نتيجة تواطؤ بين المدين و الدائن الذي‬
‫استوفى حقو"‪.‬‬
‫‪ /4‬أن يكون التصرف المطعون فيو الحقا لوجود حق الدائن‪:‬‬
‫و ىذا الشرط تقتضيو الضرورة و ىو محؿ إجماع فقيي‪ ،‬فبل يتصور الطعف في‬
‫تصرؼ لممديف كاف قبؿ نشوء حؽ الدائف الطاعف ألف قصد اإلضرار ىنا منعدـ‪ ،‬و إف‬
‫كاف الفقو يرى بقبوؿ رفع ىذه الدعوى إذا كاف تصرؼ المديف قصد اإلضرار بشخص‬
‫يوشؾ أف يكوف دائنو‪ ،‬فرغـ أسبقية تصرؼ المديف عمى حؽ الدائف ىنا إال أف احتماؿ‬
‫غش المديف ىنا ظاىر يمكف إثباتو بسيولة‪ ،‬و مثالو أف يبيع المديف جزءا ميما مف‬
‫أموالو ليبرـ بعدىا مباشرة قرض بفائدة كبيرة‪.‬‬
‫و العبرة بأسبقية حؽ الدائف عمى تصرؼ المديف ىي تاريخ نشوء الحؽ و ليس‬
‫تاريخ استحقاقو‪ ،‬كما أف العبرة في حؽ الدائف ىي دائما في وقت نشوئو و ليس في‬
‫وقت شيره إذا كاف عقا ار مثبل‪ ،‬و يتحمؿ الدائف عبء إثبات أسبقية حقو عمى تاريخ‬
‫تصرؼ المديف‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫ونشير أخي ار الى أف الدعوى البولصية تتقادـ بانقضاء ثبلث سنوات من اليوم‬
‫الذي يعمم فيو الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف‪ ،‬وتسقط في جميع األحواؿ سواء عمـ‬
‫الدائف بصدور التصرؼ أو لـ يعمـ بو بمرور خمسة عشر سنة تحتسب من الوقت‬
‫الذي صدر فيو التصرف المطعون فيو وىذا ما نصت عميو المادة ‪ 197‬مف القانوف‬
‫المدني الجزائري‪.‬‬
‫الفرع الثاني آثار الدعوى البولصية‪:‬‬
‫يجب أف ننوه ثانية الى أف الدعوى البولصية ىي دعوى تيدؼ حص ار الى‬
‫عدـ نفاذ التصرفات التي يبرميا المديف اضرار بدائنو في مواجية ىذا األخير‪ ،‬فيي‬
‫ليست دعوى بطبلف أو دعوى تعويض‪ ،‬فيبقى التصرؼ الذي أبرمو المديف صحيحا‬
‫لكنو غير نافذ‪ ،‬بخبلؼ الحكـ بالبطبلف مثبل حيث أف الحكـ ببطبلف التصرؼ يؤدي‬
‫الى عدـ ترتيب أي أثر وارجاع المتعاقديف الى الحالة التي كانا عمييا قبؿ التعاقد‪ .‬كما‬
‫أف الفقو زاخر بالمناقشات حوؿ الطبيعة القانونية ليذه الدعوى‪.‬‬
‫وترتب ىذه الدعوى عدة اثار سواء بالنسبة لمدائف مف جية أو بالنسبة لممديف‬
‫والشخص المتصرؼ اليو مف جية أخرى‬
‫‪-1‬اثار الدعوى البولصية بالنسبة لمدائن‪:‬‬
‫األثر األساسي الذي ترتبو ىذه الدعوى بالنسبة لمدائف ىو عدـ نفاذ التصرؼ‬
‫في حقو‪ ،‬فعدـ استيفاء الدائف لحقو بعد رفع الدعوى وعدـ قياـ المتصرؼ اليو بإيداع‬
‫ثمف المثؿ حسب ما تقضي بو المادة ‪ 194‬مف القانوف المدني الجزائري يؤدي الى عدـ‬
‫نفاذ التصرؼ في مواجية رافع الدعوى إضافة الى باقي الدائنيف‪ ،‬وعميو يعتبر ىذا‬
‫التصرؼ كأنو لـ يوجد أصبل‪ ،‬فاذا لـ يتمكف الدائف رافع الدعوى مف إعادة الماؿ‬
‫المتصرؼ فيو الى الضماف العاـ جاز لو في ىذه الحالة المطالبة بالتعويض‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫‪-2‬اثار الدعوى البولصية بالنسبة لممدين‪:‬‬
‫وبالنسبة لممديف والشخص المتصرؼ اليو‪ ،‬فإف التصرؼ يبقى صحيحا دوف أف‬
‫يكوف نافذا في حؽ الدائف كما سبؽ القوؿ‪ ،‬ويترتب عمى اعتبار التصرؼ صحيحا‬
‫بالنسبة ليما تعامؿ المتصرؼ اليو كما لو أف التصرؼ منتج لجميع اثاره‪ ،‬فمثبل لو‬
‫افترضنا بقاء جزء مف ثمف الشيء محؿ التصرؼ بعد قياـ الدائف بالتنفيذ‪ ،‬فاف ىذا‬
‫الباقي ىو مف حؽ المتصرؼ اليو وليس مف حؽ المديف‪ ،‬كما يحؽ لمشخص المتصرؼ‬
‫اليو الرجوع عمى المديف بجميع الدعاوى التي تنشأ عف العقد ‪ ،‬فاذا كاف التصرؼ عقد‬
‫بيع مثبل مف المديف الى المتصرؼ اليو‪ ،‬فيمكف ليذا األخير الرجوع عمى البائع‬
‫(المديف) بكؿ الضمانات التي يمنحيا عقد البيع وعمى رأسيا دعوى ضماف التعرض‬
‫واالستحقاؽ (المادة ‪ 371‬مف القانوف المدني وما بعدىا) واذا كاف العكس بأف كاف‬
‫الشخص المتصرؼ اليو ىو البائع‪ ،‬فيمكنو المطالبة بفسخ العقد نظ ار إلخبلؿ المشتري‬
‫(المديف) بالتزامو بدفع الثمف‪( .‬المادة ‪ 387‬وما بعدىا)‬
‫المطمب الثالث‪ :‬دعوى الصورية ‪:‬‬
‫( ‪ 199-198‬من القانون المدني الجزائري)‬
‫قد يمجأ المديف الى القياـ بتصرؼ ال وجود لو في الحقيقة أو مخالؼ ليا‪ ،‬كؿ ىذا‬
‫بيدؼ إبعاد أموالو محؿ ىذا التصرؼ مف الضماف العاـ لدائنيو‪ ،‬وىذا ما يسمى‬
‫بالصورية‪.‬‬
‫فالصورية ىي إخفاء حقيقة معينة وراء مظير قانوني كاذب‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬أنواع الصورية‬
‫تنقسـ الصورية الي نوعيف وىما الصورية المطمقة والصورية النسبية‬

‫‪29‬‬
‫‪-1‬الصورية المطمقة‪:‬‬
‫وىي التي يكوف فييا العقد الظاىر مجرد مظير فقط ال وجود لو في الحقيقة‪،‬‬
‫فالمتعاقداف لـ يقصدا ترتيب أي أثر قانوني عمى ىدا العقد الظاىر‪ ،‬ومثاليا بيع المديف‬
‫ألموالو الى أحد أقاربو ظاى ار فقط ويتفقا عمى أف ىذا البيع ىو عقد بيع صوري بحت‪،‬‬
‫وتبقى ىذه األمواؿ في حقيقة األمر ممكا لممديف‪.‬‬
‫‪-2‬الصورية النسبية‪:‬‬
‫ويقصد بيا إخفاء المتعاقديف لجزء مف الحقيقة في العقد الصوري الظاىر‪ ،‬سواء‬
‫كاف ىذا بإخفاء طبيعة العقد بينيما (التستر) أو إخفاء شرط مف شروط العقد(المضادة)‬
‫أو إخفاء أحد أطراؼ التصرؼ(التسخير)‬
‫أ‪-‬الصورية عن طريق التستر‪:‬‬
‫وىدفيا إخفاء طبيعة التصرؼ في حد ذاتو‪ ،‬ومثاليا إخفاء ىبة في عقد بيع أو‬
‫العكس أو افراغ وصية في عقد بيع حتى ال تكوف في حدود الثمث حسب ما يقصي‬
‫القانوف‪.‬‬
‫ب‪-‬الصورية عن طريق الضد‪:‬‬
‫ويكوف فييا المساس بشرط مف شروط العقد أو ركف مف أركانو‪ ،‬كأف يذكر ثمف‬
‫أعمى مف ثمف البيع الحقيقي اض ار ار بالشفيع‪ ،‬أو ثمف أقؿ مف الثمف الحقيقي تيربا مف‬
‫رسوـ تسجيؿ العقارات‪ .‬وعادة ما يحتفظ المتعاقداف في ىذا النوع مف الصورية بورقة‬
‫تسمى ورقة الضد قصد إثبات الثمف الحقيقي لمعقد‪.‬‬
‫ج‪-‬الصورية عن طريق التسخير‪:‬‬
‫وييدؼ فييا طرفا التعاقد الى إخفاء أحد طرفي التصرؼ واظيار طرؼ اخر‬
‫مكانو وىذا الف القانوف يمنع ذلؾ‪ ،‬كمنع القضاة والمحاميف والموثقيف ‪....‬مف‬

‫‪30‬‬
‫شراء الحقوؽ المتنازع فييا أماميـ (‪ 403-402‬مف القانوف المدني الجزائري)‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬شروطيا‬
‫يجب التذكير بداية أنو يمكف رفع دعوى الصورية حتى ولو لـ تؤدي تصرفات‬
‫المديف الى إعساره أو الزيادة في إعساره‪ ،‬فبل عبلقة ليا بإعسار المديف عكس الدعوى‬
‫البولصية‪ .‬ويمكف حصر شروط ىذه الدعوى فيمايمي‪:‬‬
‫‪-1‬وجود عقديف أحدىما ظاىر واألخر مستتر يتحد فييما األطراؼ والموضوع ‪.‬‬
‫‪-2‬صدور العقديف في وقت واحد وىذا ما يسمى بالمعاصرة الذىنية‪.‬‬
‫‪-3‬اتجاه إرادة المتعاقديف الى إخفاء العقد الحقيقي أو جزء منو وراء عقد ظاىر‬
‫الفرع الثالث‪ :‬أحكاميا‬
‫بالنسبة ألطراؼ التعاقد وخمفيما العاـ فاف العبرة بالعقد الحقيقي فقط‪ ،‬فبل يعتد‬
‫بتاتا بالعقد الظاىر وىذا ما نصت عميو صراحة المادة ‪ 199‬مف القانوف المدني بقوليا‪:‬‬
‫"إذا أخفى المتعاقدان عقدا حقيقيا بعقد ظاىر فالعقد النافذ بين المتعاقدين والخمف‬
‫العام ىو العقد الحقيقي‪".‬‬
‫وتثبت الصورية فيما بيف المتعاقديف والخمؼ العاـ وفقا لقاعدة عدـ جواز إثبات ما‬
‫يخالؼ أو يجاوز ما اشتمؿ عميو مضموف محرر كتابي إال بالكتابة‪ ،‬ماعدا ما استثناه‬
‫المشرع في ىذه الحالة‪ ،‬وىو وجود بداية ثبوت بالكتابة أو وجود مانع أدبي أو مادي‬
‫يحوؿ دوف الحصوؿ عمى دليؿ كتابي أو حالة فقد الدليؿ الكتابي لسبب أجنبي‪.‬‬
‫ففي ىذه الحاالت الثبلث يمكف النزوؿ عف االثبات بالكتابة الى االثبات بالشيادة‬
‫والقرائف‪.‬‬
‫وىناؾ حالة واحدة يمكف بمقتضاىا تجاوز قاعدة عدـ جواز اثبات ما يخالؼ‬
‫أو يجاوز الكتابة اال بالكتابة وىي إذا كاف ىدؼ الصورية ىو التحايؿ عمى القانوف‪،‬‬

‫‪31‬‬
‫فيجوز لممتعاقد ىنا وخمفو العاـ اثبات ىذه الصورية بجميع طرؽ االثبات‪ ،‬فبل يجوز‬
‫التمسؾ بقاعدة الكتابة مثبل في ديف ىو في حقيقتو ديف قمار ويظيره المتعاقداف عمى‬
‫أنو عقد قرض عادي‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمغير‪ ،‬وىو كؿ شخص لـ يكف طرفا في التصرؼ الصوري لكف‬
‫تكوف لو مصمحة تجعمو يستفيد أو يضار مف ىذا التصرؼ‪ ،‬وىـ الدائنوف العاديوف‬
‫لممتعاقديف وخمفيـ الخاص‪ ،‬فيمكف ليـ متى كانوا حسني النية حسب المادة ‪ 198‬مف‬
‫القانوف المدني أف يتمسكوا بالعقد الصوري الظاىر‪ ،‬وترتيبا عمى ذلؾ‪ ،‬ال يمكف بأي‬
‫حاؿ مف األحواؿ التمسؾ في مواجيتيـ بالعقد المستتر‪ ،‬كما يجوز ليـ اثبات الصورية‬
‫بكؿ طرؽ االثبات حيث انيـ ليسوا طرفا في العقد حتى يطمب منيـ االمتثاؿ لقاعدة‬
‫عدـ جواز اثبات ما يخالؼ الكتابة أو يجاوزىا إال بالكتابة‪ ،‬فالتصرؼ بالنسبة ليـ يأخذ‬
‫حكـ الواقعة المادية‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة ىنا الى أنو يمكف أف يحصؿ تعارض بيف الدائنيف فيما بينيـ‪،‬‬
‫فيناؾ مف تكوف مصمحتو في تطبيؽ العقد الظاىر وىناؾ مف تكوف مصمحتو في‬
‫تطبيؽ العقد المستتر‪ ،‬وما يبلحظ ىو عدـ تطرؽ المشرع الجزائري ليذه النقطة واف كنا‬
‫نرى حسب المادة ‪ 198‬سالفة الذكر‪ ،‬أنو وفي حاؿ وجود ىذا االختبلؼ بيف الدائنيف‬
‫فإف الذيف يجب األخذ بموقفيـ ىـ الدائنوف الذيف يتمسكوف بالعقد الظاىر‪ ،‬وىذا ما‬
‫يتماشى مع نص المادة‪.‬‬
‫ولقد تطرقت العديد مف التشريعات الى ىذه الحالة وأعطت الخيار لمدائنيف بيف‬
‫األخذ بالعقد الصوري أو العقد المستتر‪ ،‬واف حدث اختبلؼ بينيـ يؤخذ بقوؿ مف يرى‬
‫بتطبيؽ العقد الظاىر‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫المطمب الرابع‪ :‬الحق في الحبس‬
‫(المواد ‪)202-201-200‬‬
‫يمكف لمدائف إذا كاف ممتزما بأداء شيء لمدينو‪ ،‬أف يمتنع عف أداء ىذا االلتزاـ‬
‫ماداـ ىذا األخير مرتبطا بالتزاـ المديف اتجاه الدائف‪ ،‬وىذه ىي فكرة الحؽ في الحبس‪.‬‬
‫فيذا األخير يقصد بو حبس الشيء الذي التزـ الدائف بأدائو لممديف حتى يستوفي حقو‬
‫منو‪.‬‬
‫وأبرز امثمة الحؽ في الحبس‪ ،‬حبس البائع لمشيء المبيع عف المشتري حتى‬
‫يستوفي ثمنو‪ ،‬وحبس المقاوؿ لمشيء الذي صنعو حتى يستوفي أجره‪...‬وسنتطرؽ ليذا‬
‫الحؽ بدءا بشروطو ثـ آثاره وأخي ار إنقصاء الحؽ في الحبس‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬شروط الحق في الحبس‬
‫تنص المادة ‪ 200‬مف القانوف المدني عمى مايمي‪" :‬لكل من التزم بأداء شيء أن‬
‫يمتنع عن الوفاء بو مادام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام ترتب عميو ولو عالقة‬
‫سببية وارتباط بالتزام المدين‪ .‬أو مادام الدائن لم يقم بتقديم تأمين كاف لموفاء‬
‫بالتزامو ىذا‪.‬‬
‫ويكون ذلك بوجو خاص لحائز الشيء أو محرزه‪ ،‬إذا ىو أنفق عميو مصروفات‬
‫ضرورية أو نافعة‪ ،‬فإن لو أن يمتنع عن رد ىذا الشيء حتى يستوفي ما ىو‬
‫مستحق لو‪ ،‬إال أن يكون االلتزام بالرد ناشئا عن عمل غير مشروع"‪.‬‬
‫وحسب ىذه المادة يمكف تحديد شروط الحؽ في الحبس عمى النحو التالي‪:‬‬
‫‪-1‬التزام في ذمة الحابس بأداء شيء معين يقتضي الحؽ في الحبس أف يكوف‬
‫في ذمة الحابس التزاـ بأداء شيء معيف ميما كاف ىذا الشيء وميما كاف مصدره‪،‬‬

‫‪33‬‬
‫ومثالو إمتناع الحابس عف تسميـ شيء باعو حتىيستوفي ثمنو ‪...‬‬
‫وليس ضروريا أف يكوف الحابس مالكا لمشيء المحبوس‪ ،‬فيمكف لمحائز حيازة‬
‫عرضية وبطريقة مشروعة‪ ،‬حسب نص المادة سالفة الذكر‪ ،‬أف يحبس ما في حيازتو‬
‫عف مالكو الحقيقي الى غاية استرداد ما أنفقو عميو مف مصروفات (المادة ‪.)02/202‬‬
‫أما إذا كانت ىده الحيازة غير مشروعة كمف يحوز منقوال عف طريؽ السرقة مثبل‪،‬‬
‫فبل يجوز لو حبسو عف مالكو مطالبا ما أنفقو عميو مف مصروفات (المادة ‪.)02/202‬‬
‫‪-2‬وجود حق مستحق األداء لمحابس‬
‫يجب أف يكوف ىناؾ حؽ لمحابس في ذمة المديف‪ ،‬ويجب أف يكوف ىذا الحؽ‬
‫محقؽ الوجود ومستحؽ األداء‪ ،‬فبل يمكف الحديث عف الحؽ في الحبس إذا كاف حؽ‬
‫الحابس معمقا عمى شرط أو مضافا الى أجؿ (سنتطرؽ الى ذلؾ بالتفصيؿ في الفصؿ‬
‫الثاني مف ىذه الدراسة عند الحديث عف أوصاؼ االلتزاـ)‪.‬‬
‫‪-3‬وجوب وجود إرتباط بين حق الحابس وبين التزامو بأداء شيء‬
‫ويعتبر ىذا أىـ شرط‪ ،‬حيث يقصد بو وجوب وجود إرتباط بيف بيف الدينيف‬
‫المتقابميف‪ ،‬وقد يكوف ىذا االرتباط قانونيا أو ماديا‪.‬‬
‫فاالرتباط القانوني ىو ذلؾ االرتباط الناشئ عف عبلقة قانونية بيف الدينيف‪ ،‬ولعؿ‬
‫أبرز صور ىذا االرتباط ىو ذلؾ الذي ينشأ في العقود الممزمة لجانبيف‪ ،‬فيكوف االلتزاـ‬
‫الذي في ذمة المديف ىو السبب في االلتزاـ المقابؿ الذي ينشأ في ذمة الطرؼ االخر‪،‬‬
‫كحؽ البائع في حبس المبيع (المادة ‪ 390‬مف القانوف المدني) والذي يقابمو حؽ‬
‫المشتري في حبس الثمف (المادة ‪.)388‬‬

‫‪34‬‬
‫ويمكف تصور ىدا االرتباط حتى دوف وجود عقد‪ ،‬ومثاؿ ذلؾ العبلقة بيف‬
‫الفضولي ورب العمؿ‪ ،‬فالتزاماتيما متبادلة وعميو بإمكاف كؿ منيما عدـ تنفيذ التزامو‬
‫حتى يستوفي حقو مف الطرؼ االخر‪( .‬المواد ‪.)159...150‬‬
‫أما االرتباط المادي‪ ،‬فيو االرتباط الناشئ عف واقعة مادية دوف أف تكوف ىناؾ‬
‫رابطة قانونية‪ ،‬فكؿ مف حاز شيئا بحسف نية وقاـ باإلنفاؽ عميو يمكنو حبسو عف‬
‫المالؾ حتى يسترد ما أنفقو عميو‪ .‬فمصدر العبلقة بيف الحائز والمالؾ ىنا ىي الحيازة‬
‫فقط‪ ،‬ومثالو ما نصت عميو المادة ‪ 836‬مف القانوف المدني فيما يتعمؽ باسترداد‬
‫الشخص الذي اشترى شيئا ضائعا أو مسروقا بحسف نية لثمنو مف مالكو األصمي‪،‬‬
‫حيث يمكنو أخذ الثمف الذي دفعو مقابؿ ىذا الشيء مف المالؾ‪ ،‬حيث تنص المادة‬
‫‪ 836‬عمى مايمي‪" :‬يجوز لمالك المنقول أو السند لحاممو إذا فقده أو سرق منو أن‬
‫يسترده ممن يكون حائ از لو بحسن نية وذلك في أجل ثالث سنوات من وقت الضياع‬
‫أو السرقة‪ .‬إذا كان الشيء الضائع أو المسروق قد وجد في حيازة من اشتراه بحسن‬
‫النية في السوق بالمزاد العمني أو اشتراه ممن يتجر في مثمو فإن لو أن يطالب ممن‬
‫يسترد الشيء أن يرد الثمن الذي دفعو‪ ".‬كما أكدت نفس الكبلـ السابؽ المادة ‪839‬‬
‫مف القانوف المدني‪.‬‬
‫فإذا انعدـ ىذا االرتباط سواء كاف قانونيا أو ماديا فبل مجاؿ لمحديث عف الحؽ‬
‫في الحبس‪ .‬وبتوافر الشروط السابقة يصبح مف حؽ المعني أف يحبس الشيء دوف‬
‫قيامو بأي إعذار‪ ،‬كؿ ىذا وفقا لمقتضيات حسف النية ودوف تعسؼ في استعماؿ الحؽ‬
‫مف الشخص الحابس‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬آثار الحق في الحبس‬
‫تنص المادة ‪ 201‬مف القانوف المدني عمى مايمي‪" :‬مجرد الحق في حبس الشيء‬
‫ال يثبت حق امتياز عميو‪ .‬وعمى الحائز أن يحافظ عمى الشيء وفقا ألحكام رىن‬
‫الحيازة‪ ،‬وعميو أن يقدم حسابا عن غمتو‪.‬‬
‫واذا كان الشيء المحبوس يخشى عميو اليال ك أو التمف‪ ،‬فممحابس أن يحصل‬
‫عمى إذن من القضاء في بيعو وفقا لألحكام المنصوص عمييا في المادة ‪،971‬‬
‫وينتقل الحق في الحبس من الشيء الى ثمنو‪".‬‬
‫مف خبلؿ النص السابؽ يمكف القوؿ أف آثار الحبس تتمثؿ في حقوؽ وواجبات‬
‫تقع عمى عاتؽ الحابس‪ ،‬ويمكف ليذه اآلثار أف تمس بحقوؽ الغير وىـ األشخاص‬
‫الذيف يحتج بالحبس في مواجيتيـ‪.‬‬
‫فمف حؽ الحابس أمراف ميماف وىما‪:‬‬
‫‪-‬حقو في عدـ تسميـ الشيء المحبوس الى المالؾ األصمي‪.‬‬
‫‪-‬تمسكو بحقو في الحبس في مواجية الغير‪.‬‬
‫فيمكف لمالؾ الشيء المحبوس مطالبة الحائز بتسميـ الشيء بعد الوفاء بما في‬
‫ذمتو لمحائز‪ ،‬ويكوف ىذا الوفاء كامبل غير منقوص‪ ،‬ألف الحؽ في الحبس حؽ غير‬
‫قابؿ لمتجزئة‪ ،‬إال إذا رأى القاضي تعسفا في استعماؿ الحؽ مف طرؼ الحابس‪ ،‬فيمكنو‬
‫ىنا تجزئة ىذا الحؽ‪ ،‬ويكوف ذلؾ إذا كاف الجزء المتبقي لموفاء تافيا مقارنة مع االلتزاـ‬
‫األصمي‪ .‬ويسري ما سبؽ ذكره عمى المالؾ وخمفو العاـ‪ ،‬كما يطبؽ عمى الحابس وخمفو‬
‫العاـ‪ ،‬بمعنى أف الحؽ في الحبس كما يطبؽ عمى المالؾ يطبؽ عمى ورثتو‪ ،‬واذا حدث‬
‫ومات الحابس فإف ىذا الحؽ ينتقؿ الى ورثتو كذلؾ‪ ،‬فميـ حبس الشيء الى غاية‬
‫استيفاء حقيـ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫وجدير بالذكر أف الحؽ في الحبس ال يمنح لمحائز حؽ إمتياز‪ ،‬فحؽ الحبس ال‬
‫يمنح حؽ التتبع الذي يمنحو حؽ االمتياز حسب الفقرة األولى مف المادة ‪.201‬‬
‫والى جانب الحقوؽ الممنوحة لمحابس يمتزـ ىذا األخير حسب المادة ‪ 201‬دائما‬
‫بمايمي‪:‬‬
‫‪ -‬المحافظة عمى الشيء المحبوس‬
‫‪ -‬المحافظة عمى ثمار الشيء وتقديـ حساب عنيا‪ ،‬وحبسيا أو حبس ثمنيا إذا‬
‫بيعت مع الشيء المحبوس‪.‬‬
‫‪ -‬القياـ برد الشيء المحبوس بعد استيفاء حقو‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬إنقضاء الحق في الحبس‬
‫تنص المادة ‪ 202‬مف القانوف المدني عمى مايمي‪":‬ينفضي الحق في الحبس‬
‫بخروج الشيء من يد حائزه أو محرزه غير أنو لحابس الشيء إذا خرج من‬
‫يده بغير عممو أو بالرغم من معارضتو‪ ،‬أن يطمب استرداده إذا ىو قام بيذا‬
‫الطمب خالل ثالثين يوما من الوقت الذي عمم فيو بخروج الشيء من يده‬
‫مالم تنقض سنة من وقت خروجو"‬
‫وبناء عمى ىذا النص‪ ،‬قد ينقضي الحؽ في الحبس بطريؽ أصمي أو بطريؽ‬
‫تبعي‪.‬‬
‫‪-1‬إنقضاء الحق في الحبس بطريق أصمي‬
‫ويقصد بو انقضاؤه قبؿ انقضاء الحؽ المضموف بطريقة مستقمة تماما‪ ،‬ويكوف‬
‫ذلؾ إما بتقديم المالك لضمان كاف قصد الوفاء بالحؽ المحبوس وذلؾ عف‬
‫طريؽ رىف أو كفالة‪...‬وىذا حسب المادة ‪.200‬واما بإخالل الحابس بالتزامو‬
‫بالحفاظ عمى العين المحبوسة وىنا يحؽ لممالؾ المجوء الى القضاء والمطالبة‬

‫‪37‬‬
‫بانقضاء الحؽ في الحبس نتيجة لعدـ محافظة الحابس عمى العيف‪ .‬ويمكف أف‬
‫ينقضي الحؽ في الحبس بطريؽ أصمي كذلؾ في الحالة التي تيمك فييا‬
‫العين المحبوسة ونميز ىنا بيف أمريف‪:‬‬
‫فإذا كاف اليبلؾ نتيجة لخطأ الحائز فإنو يمزـ بالتعويض‪ ،‬أما إذا كاف اليبلؾ‬
‫بسبب أجنبي فإف تبعة اليبلؾ تقع عمى المالؾ‪ .‬وكمثاؿ عمى ذلؾ ىبلؾ‬
‫الشيء المبيع المحبوس‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 391‬مف القانوف المدني عمى‬
‫مايمي‪":‬إذا تمف المبيع في يد البائع وىو ماسك لو كان تمفو عمى المشتري‬
‫ما لم يكن التمف قد وقع من فعل البائع‪ ".‬وينقضي الحؽ في الحبس أخي ار‬
‫بطريؽ أصمي إذا خرج بطريق إرادية مف يد الحائز حسب المادة ‪.202‬‬
‫‪-2‬إنقضاء الحق في الحبس بطريق تبعي‬
‫وىذا أمر منطقي‪ ،‬فالحؽ بالحبس في ىذه الحالة ينقضي بالتبعية النقضاء‬
‫الحؽ المضموف‪ ،‬فإذا أوفى المالؾ مثبل بالمصروفات التي أنفقيا الحابس‪ ،‬فإف‬
‫الحبس ينقضي تمقائيا بالتبعية‪ ،‬فبل مبرر لئلبقاء عمى الحبس بعد إعطائو ما‬
‫أنفؽ‪ .‬فما قاـ بو المالؾ في المثاؿ السابؽ يسمى وفاء وىو يؤدي مباشرة الى‬
‫انقضاء الحؽ في الحبس بالتبعية لو‪ ،‬كما يمكف أف ينقضي الحؽ في الحبس‬
‫بما يقوـ مقاـ الوفاء كالتجديد والمقاصة‪...‬ويمكف أف ينقضي حتى دوف وفاء‬
‫كحالة االبراء أو إستحالة التنفيذ‪ ،‬مع مبلحظة ميمة وىي أف الحؽ في الحبس‬
‫ال يقبؿ التجزئة ‪-‬كما سبؽ ذكره – وعميو ال يقبؿ بصدده الوفاء الجزئي‪.‬‬
‫وأخي ار فإف الحؽ في الحبس ال يتقادـ ألف بقاء الشيء المحبوس في يد‬
‫الحابس ىو في حد ذاتو يعتبر إق ار ار مف المديف بمديونيتو‪ ،‬وىذا اإلقرار‬
‫المتجدد يقطع التقادـ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬أوصاف االلتزام‬

‫‪39‬‬

You might also like