You are on page 1of 161

‫الجمهورية التونسية‬

‫وزارة العدل‬
‫المعهد األعلى للقضاء‬

‫رسالة لنيل شهادة ختم الدروس بالمعهد األعلى للقضاء‬

‫تحت إشراف‬ ‫إعداد الملحق القضائي‬

‫السيد عبد الكريـم السوكني‬ ‫سـنيـة شـوش ـان‬

‫مـدعي عـام بوزارة العدل‬

‫الفوج السادس و العشرون‬


‫السنة القضائية ‪5102-5102‬‬
‫إلــى‬

‫والدي‪ :‬أبي و أمي‬


‫إلى عائلتي‬
‫إلى زوجي على تضحياته و دعمه المتواصل‬
‫إلى ابني الصغير محمد الذي رافقني في مسيرتي‬
‫إلى أصدقائي‬
‫إلى كل من ساعدني على إنجاز هذا العمل المتواضع‬
‫أتوجه بالشكر في البداية إلى السيد عماد الدرويش المدير العام للمعهد األعلى للقضاء‬
‫خالل السنة القضائية ‪ 4102-4102‬و إلى السيد محمد الطاهر الحمدي المدير العام‬
‫الحالي للمعهد و إلى السيدة ثريا الجريبي مديرة التكوين المستمر و إلى السيدة نجيبة‬
‫الزاير مديرة الدراسات و إلى كافة أسرة المعهد األعلى للقضاء من إداريين و مسيرين‬
‫وأساتذة و موظفين‪.‬‬

‫كل عبارات الشكر و االمتنان إلى السيد عبد الكريم السوكني الذي تفضل و أشرف على‬
‫تأطيري في تناولي لهذا الموضوع بالبحث و الدراسة و المتعلق بالعقوبات البديلة بين‬
‫النص و التفعيل ‪ ،‬كما أشكر فيه دماثة أخالقه و سعة باله‪.‬‬

‫شكر خاص‬
‫أتوجه بالشكر إلى السيد عبد الحميد عبادة الوكيل العام لدى محكمة االستئناف بسوسة‬
‫الذي تفضل و قبل مشاركتي بالحضور خالل الورشات التدريبية المقامة بسوسة بهدف‬
‫تفعيل العقوبات البديلة‪.‬‬
‫كل عبارات الشكر أيضا إلى السيدة منية السافي التي شجعت عملي هذا و دعمتني بكل‬
‫ما لديها من معلومات و توجيهات في سبيل إنجاح هذا العمل‪.‬‬

‫كما أتوجه إلى السادة أعضاء اللجنة بالشكر و التقدير على تفضلهم لمناقشة و تقييم هذا‬
‫العمل المتواضع و إبداء الملحوظات و التوجيهات القيمة‪.‬‬

‫كذلك كل الشكر إلى كل من ساعدني من قريب ومن بعيد بالقول و الفعل على إنجاز هذا‬
‫العمل الذي أتمنى أن يرتقي إلى المستوى المطلوب‪.‬‬
‫المقدمة‬

‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬


‫‪ ‬الفصل األول ‪ :‬محتوى النص القانوني‬
‫‪ ‬الفصل الثاني ‪ :‬أوجه تفعيل العقوبات البديلة و عوائقه‬

‫الجزء الثاني ‪ :‬اآلفاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬


‫‪ ‬الفصل األول ‪ :‬آفاق التشريع‬
‫‪ ‬الفصل الثاني ‪ :‬آفاق التفعيل (مكتب المصاحبة كمشروع نموذجي)‬

‫الخاتمة‬
‫م‪.‬ق‪.‬ت ‪ .......‬مجلة القضاء و التشريع‬
‫‪ .......‬صفحة‬ ‫ص‬
‫م‪.‬ج ‪.........‬المجلة الجزائية‬
‫م‪.‬إ‪.‬ج ‪ .......‬مجلة اإلجراءات الجزائية‬
‫م‪.‬ا‪.‬ع ‪ .......‬مجلة االلتزامات و العقود‬
‫م‪.‬ط ‪ .........‬مجلة الطرقات‬
‫م‪.‬ت ‪ .........‬المجلة التجارية‬
‫المقدمة‬

‫‪1‬‬
‫المقدمة‬

‫الجريمة "ظاهرة اجتماعية و طبيعية " في عالقة متالزمة مع الحياة و قد عملت‬


‫مختلف الشعوب و المجتمعات على الحد منها و مكافحتها نظ ار لما تخلفه من أذى‬
‫و اعتداء‪ ،1‬و يعد األلماني "فورباخ" أول من استعمل عبارة السياسة الجنائية التي عرفها‬
‫بكونها " مجموعة اإلجراءات الرادعة التي تستعملها الدولة ضد المجرمين " ‪ ،‬كما عرفتها "‬
‫كريستين لزرقاس" بكونها " مجموعة االستراتيجيات الناجعة لمكافحة الجريمة" ‪ ،2‬و في إطار‬
‫السعي إلى منع ارتك اب الجريمة فإن السياسة الجنائية في تونس اتخذت منهجا قوامه الوقاية‬
‫و الردع ‪.‬‬

‫و لتحقيق الغاية من هذه السياسة و تأمين نجاحها شرعت العقوبة لكل شخص‬
‫ينال من سالمة المجتمع و أمنه و ارتكاب فعل من األفعال التي يجرمها القانون و الهدف‬
‫من تسليط العقاب ‪ ،‬ردع المذنب و إصالحه و تقويم انحرافه و تلقينه الشعور بالمسؤولية‬
‫‪ ،‬و من هنا يتنزل موضوعنا المتعلق بالعقوبات و تحديدا‬ ‫‪3‬‬
‫تجاه نفسه و تجاه مجتمعه‬
‫العقوبات البديلة ‪ ،‬و في هذا اإلطار يتجه االنطالق من تعريف العقوبة عامة قبل التدقيق‬
‫في مفهوم العقوبة البديلة في حد ذاتها‪ ،‬فالعقوبة " لفظ أصله يوناني "‪ ، 4 "Pone‬و لغة هي‬
‫الجزاء الذي يوقع على من تثبت مسؤوليته عن فعل معين يشكل جريمة وهي "األثر المترتب‬
‫على ارتكاب الذنب أو المعصية "‪ ،5‬و قد جاء في لسان العرب المحيط البن منظور "‬
‫اعتقب الرجل خي ار أو ش ار بما صنع كافأه به و العقاب أو المعاقبة أن تجزي الرجل بما فعل‬
‫‪ ،‬بالتالي فقد عرفها‬ ‫‪6‬‬
‫سوءا ‪ ،‬و االسم العقوبة و عاقبه بذنبه معاقبة و عقابا أخذه به "‬

‫‪ -1‬هانية الهمامي ‪ :‬المفاهيم الحديثة للعقوبة م ق ت أكتوبر ‪ 3002‬ص ‪203‬‬


‫‪ -2‬جابر غنيمي ‪ :‬العقوبة البديلة و السياسة الجنائية الحديثة في تونس م ق ت أكتوبر ‪ 3002‬ص ‪202‬‬
‫‪ -3‬الهادي سعيد ‪ :‬السياسة الجزائية في تونس م ق ت نوفمبر ‪ 2890‬ص ‪29-21‬‬
‫‪ -4‬هيثم خضراوي ‪ :‬العقوبات البديلة لعقوبة السجن ‪ :‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير قانون األعمال (‪ ) 3022-3020‬ص ‪2‬‬
‫‪ -5‬عمار ع باس الحسيني ‪ :‬مبادئ علمي اإلجرام و العقاب منشورات الحلبي الحقوقية الطبعة األولى ‪ 3022‬ص ‪213‬‬
‫‪ -6‬ابن منظور –أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم‪ -‬لسان العرب ‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬الدار المتوسطية للنشر و التوزيع‪ ،‬الجمهورية التونسية ‪،‬‬
‫‪ 3002‬ص ‪122‬‬
‫‪2‬‬
‫المقدمة‬

‫علماء القانون بأنها الجزاء الذي وضعه الشارع للردع من ارتكاب ما نهى عنه و ترك ما أمر‬
‫به و هي الجزاء القانوني الذي توقعه الدولة على مرتكب الجريمة بناءا على حكم صادر عن‬
‫المحكمة الجزائية المختصة و هذا الجزاء المسلط يقرر باسم المجموعة ضد كل من تثبت‬
‫مسؤوليته للفعل المرتكب و استحقاقه للعقاب المسلط عليه عن الفعل المجرم المرتكب من‬
‫طرفه ‪ .1‬أما في االصطالح القانوني فال يوجد تعريف موحد للعقوبة و قد عرفها معظم شراح‬
‫القانون في مؤلفاتهم المختلفة بتعريفات متقاربة من حيث األلفاظ و متجانسة من حيث‬
‫المعنى بالتالي عرفها األستاذ غارو "‪ "Garraud‬بقوله" العقوبة هي الجزاء المقرر في‬
‫القانون و الذي يوقعه القاضي على المسؤول عن الجريمة لمصلحة المجتمع " ‪ ،2‬كما عرفها‬
‫‪3‬‬
‫األستاذ فرج القصير بأنها "الجزاء الجنائي الرئيسي الذي يواجه به المجتمع مرتكب الجريمة"‬

‫وهذا ما أكده المشرع صلب الفصل األول من المجلة الجزائية " ال يعاقب أحد إال‬
‫بمقتضى نص من قانون سابق الوضع " و يعد الجهاز القضائي هو الوحيد المختص في‬
‫الحكم و التصريح بالعقوبة المناسبة لكل فعل مرتكب و هو الجهاز المؤتمن على حسن‬
‫تنفيذها في طور التنفيذ ‪.‬‬

‫هذا و قد سعت كل الشعوب إلى تطوير سياساتها الجنائية و خاصة منها ما هو‬
‫متعلق بالعقوبات لذلك البد من تطويرها و تجديدها و الهدف الذي ترمي إلى تحقيقه مختلف‬
‫السياسات الجنائية هو الحد من خطورة الجريمة و توقيع العقوبة المناسبة التي تعتبر محور‬
‫اهتمام الفقه و التشريع ‪. 4‬‬

‫هذا و قد تطور مفهوم العقوبة عبر التاريخ متخذا أشكاال و أسسا مختلفة انطلقت‬
‫من فكرة اإليالم إلى فكرة اإلصالح و التأهيل و إعادة إدماج الجاني في المجتمع‪ .‬فقد مرت‬
‫العقوبة بمراحل عديدة بداية من مرحلة االنتقام الفردي من المجني عليه بنفسه لتظهر فيما‬

‫‪ -1‬رشيد التريكي ‪ :‬العقوبة و تأثيرها في المجتمع م ق ت جويلية ‪ 2822‬عـ‪1‬ـدد ص ‪32‬‬


‫‪ -2‬عمار عباس الحسيني ‪ :‬المرجع مذكور سابقا ص ‪212‬‬
‫‪ -3‬فرج القصير ‪ :‬القانون الجنائي العام مركز النشر الجامعي ‪ 3002‬ص ‪301‬‬
‫‪ -4‬هانية الهمامي ‪ :‬المرجع مذكور في السابق ص ‪209-201‬‬
‫‪3‬‬
‫المقدمة‬

‫بعد العشائر و القبائل أين يتولى فيها رئيس العشيرة أو القبيلة سلطة توقيع العقاب على‬
‫الجاني و هو ما يسمى بمرحلة االنتقام الجماعي‪.‬‬

‫العقد االجتماعي لجان جاك روسو ظهرت بوادر المدرسة‬ ‫ومع بروز نظرية‬
‫التقليدية التي اعتبرت أن العقوبة شر يقابله شر و الهدف من ذلك هو تحقيق الردع الخاص‬
‫و العام في آن واحد ‪.1‬‬

‫ثم و في مرحلة الحقة نادت المدرسة الوضعية بإيجاد أساس جديد كفيل بمكافحة‬
‫الجريمة عبر االهتمام بشخصية الجاني أكثر فأكثر إال أن جملة االنتقادات التي وجهت إليها‬
‫أدى إلى بروز حركة الدفاع االجتماعي الداعية إلى استبدال العقوبة بالتدابير العالجية‬
‫باعتبار فشل العقوبة في تحقيق الغاية المنتظرة منها و هي إصالح المتهم سيما و أن‬
‫ارتكاب الجرائم في ارتفاع متواصل‪ .‬هذا و قد أثر التطور التاريخي للعقوبة على التشريع‬
‫الذي لقي بدوره تطو ار هاما خاصة في هذا المجال بالنظر لمساسه بحقوق اإلنسان و خاصة‬
‫حقه في الحرية‪.‬‬

‫و تنقسم العقوبات إلى صنفين أساسيين أوردهما الفصل الخامس من المجلة الجزائية‬
‫التونسية و هما عقوبات أصلية و عقوبات تكميلية‪.‬‬

‫و قد احتلت عقوبة السجن المراتب األولى في سلم العقوبات و هي من أهم‬


‫العقوبات في كافة األنظمة الجزائية و أهميتها متأتية من الخطورة التي تكتسيها و تتسلط‬
‫باألساس على الحرية الذاتية للفرد ‪.‬‬

‫و بالن ظر إلى مساوئ السجن الوخيمة التي تؤثر سلبا على المحكوم عليهم و فشل‬
‫المؤسسة السجنية في تحقيق الوظيفة اإلصالحية أصبح من الضروري التنويع في العقوبات‬

‫‪ -1‬هانية الهمامي ‪ :‬المرجع مذكور سابقا‬


‫‪4‬‬
‫المقدمة‬

‫لما من شأنه أن يمنح القاضي الحرية في أن يختار العقوبة التي تتالءم و الفعلة المرتكبة‬
‫ففيما تتمثل العقوبات البديلة ؟ و أي مفهوم اتخذته ؟‬ ‫‪1‬‬
‫لذلك ظهرت العقوبات البديلة‬

‫سعت تونس إلى خلق سياسة جنائية حديثة تقوم على أساس حماية حقوق المتهم‬
‫وتبني مفهوم جديد للعقوب ة قوامه اإلصالح و اإلدماج و التأهيل بالتقليص من عقوبة السجن‬
‫‪ ،‬فالعقوبة البديلة‬ ‫‪2‬‬
‫و تعويضها بعقوبة أخرى و هو ما أدى إلى ظهور فكرة العقوبة البديلة‬
‫هي العقوبة التي يقررها القانون الجنائي عوضا عن عقوبة السجن المحكوم بها و يقع النطق‬
‫بها من طرف القاضي في إطار تفريد العقوبة ووفق شروط محددة‪.‬‬

‫تتمثل العقوبات البديلة في القانون التونسي في عقوبتي العمل لفائدة المصلحة‬


‫العامة و التعويض الجزائي الذين تم إقرارهما صلب الفصل ‪ 5‬من م‪.‬ج في إطار سرد‬
‫العقوبات األصلية‪.‬‬

‫فتاريخيا ظهرت عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة بمفهومها الحالي مع القانون‬
‫اإلنجليزي أين وقع اإلقرار بها سنة ‪ 2791‬و تم تكريسها فعليا سنة ‪ 2791‬في إطار القانون‬
‫المتعلق بسلطات المحاكم في المادة الجنائية ‪ ،‬هذا ومن حيث تطبيقها و تفعيلها فقد‬
‫حضيت بنجاح باهر في بريطانيا جسمه عدد األحكام القاضية بها و الذي وصل إلى حدود‬
‫‪ 2121‬حكم قضائي تم النطق به من طرف المحاكم سنة ‪ 2791‬و قد أثر هذا النجاح في‬
‫عدة دول أدى بها إلى إقرار هذه العقوبة البديلة ضمن تشاريعها من ذلك القانون البلجيكي‬
‫و اإليطالي الذين كرسا عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة سنة ‪ 2797‬ثم تالهما المشرع‬
‫الهولندي سنة ‪ ، 2791‬ثم البرتغال سنة ‪ 2791‬لتصل إلى القانون الفرنسي سنة ‪، 2791‬‬

‫‪ -1‬هانية الهمامي ‪ :‬نفس المرجع‬


‫‪-2‬جابر غنيمي ‪ :‬المرجع مذكور سابقا‬
‫‪5‬‬
‫المقدمة‬

‫أما في إطار قانونن ا التونسي فقد تم اإلقرار بهذه العقوبة البديلة بموجب القانون عـ‪97‬ـدد‬
‫لسنة ‪ 2777‬المؤرخ في ‪.1 2777-19-11‬‬

‫وتنقسم العقوبات البديلة التي وقع استحداثها في القوانين المقارنة إلى عقوبات بديلة‬
‫ذات طابع مالي و عيني و عقوبات بديلة ذات طابع أدبي و عقوبات بديلة تتضمن الحرمان‬
‫من بعض الحقوق و عقوبات بديلة مقيدة للحرية‪.‬‬

‫فالعقوبات البديلة ذات الطابع المالي و العيني تتمثل في الحجز الخاص و العام‬
‫و غلق المحل بالنسبة للقانون الفرنسي و الغرامة اليومية المتمثلة في الخطية بالنسبة للقانون‬
‫الفرنسي و الدنماركي و السويسري و األلماني‪.‬‬

‫أما العقوبات البديلة ذات الطابع األدبي فتتمثل في التوبيخ القضائي في كل من‬
‫الجزائر و الكويت و قطر و ال عار العلني أو التشهير بالواليات المتحدة األمريكية واإلمارات‬
‫العربية المتحدة التي أقرت هذه العقوبة كبديل عن السجن في جرائم المخدرات‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بالعقوبات التي تتضمن الحرمان من بعض الحقوق ذات الطابع العام‬
‫مثل سحب رخصة السياقة و رخصة الصيد و رخصة حمل السالح ‪ ،‬و من بعض الحقوق‬
‫ذات الطابع المهني مثل الحرمان من مباشرة وظيفة أو مهنة معينة بفرنسا ‪.‬‬

‫باإلضافة إلى العقوبات البديلة المقيدة للحرية كالحجز الدوري بكل من ألمانيا‬
‫و اسبانيا و المراقبة اإللكترونية بالواليات المتحدة األمريكية و هي عقوبة مبتكرة تعتمد على‬
‫أحدث التقنيات و هي تتطلب لتنفيذها إمكانيات مادية ضخمة و تجهيزات عصرية باهضة‬
‫التكلفة تكون مرهقة عادة للميزانيات المتواضعة في عديد الدول مما يجعل تطبيقها فيها أمر‬
‫صعب التحقيق ‪.2‬‬

‫‪-1‬أحالم مخلوف ‪ :‬العقوبات البديلة في القانون التونسي و القانون المقارن ‪ :‬رسالة لنيل شهادة ختم الدروس بالمعهد األعلى للقضاء ‪3002-3000‬‬
‫ص ‪. 22‬‬
‫‪ -2‬جابر غنيمي ‪ :‬نفس المرجع ص ‪202-202‬‬
‫‪6‬‬
‫المقدمة‬

‫و تختلف العقوبات البديلة في مفهومها العام عن التدابير و اإلجراءات المتخذة قبل‬


‫البت في أصل النزاع و التي من شأنها التقليص من عدد الموقوفين أو المحكوم عليهم‬
‫كالوساطة التي هي آلية ترمي إلى إبرام صلح بين الطفل الجانح و من يمثله قانونا و بين‬
‫المتضرر أو من ينوبه و تهدف إلى إيقاف مفعول التتبعات الجزائية أو المحاكمة أو التنفيذ‬
‫و التحكيم القضائي أي القضاء طبق مبادئ العدل و اإلنصاف و يكون بطلب من أطراف‬
‫النزاع يلتمسون بمقتضاه النظر في النزاع طبق هذه المبادئ و الصلح الجزائي وهو بديل‬
‫للعدالة الجزائية و يخضع لمبدأ الشرعية و يخول لإلدارة العمومية التخلي عن التتبع الجزائي‬
‫بمقتضى القانون‪ ،1‬كما تختلف عن تلك اإلجراءات و التدابير المتعلقة بتنفيذ الحكم بعد‬
‫صدوره كإ سعاف المحكوم عليه بالسراح الشرطي أو العفو بنوعيه أو تأجيل التنفيذ ‪.2‬‬
‫فالتدابير السابقة لمرحلة المحاكمة تتمثل أساسا في الصلح بالوساطة في المادة الجزائية الذي‬
‫أتى به قانون ‪ 1111-21-17‬صلب الفصل‪ 115‬مكرر من م‪.‬ج الذي يمكن النيابة‬
‫العمومية من عرض الصلح على الطرفين قبل إثارة الدعوى العمومية‪ .‬أما التدابير الالحقة‬
‫للمحاكمة فتتمثل في السراح الشرطي الذي نظمته سلسلة الفصول من ‪ 151‬إلى ‪ 161‬من‬
‫م‪.‬إ‪.‬ج و العفو الخاص و العام بالفصول من ‪ 192‬إلى ‪ 199‬من م‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬

‫كما تختلف العقوبات البديلة باعتبارها ضمن قائمة العقوبات األصلية عن العقوبات‬
‫التكميلية التي أوردها المشرع حصريا صلب الفصل ‪ 5‬من م‪.‬ج في فقرته الثانية‪.‬‬

‫والعقوبات البديلة الواردة بالفصل ‪ 5‬من م‪.‬ج كما سبق بيانه تتمثل في عقوبتي‬
‫العمل لفائدة المصلحة العامة و عقوبة التعويض الجزائي اللتين يجب تمييزهما عن المفاهيم‬
‫المجاورة لهما‪.‬‬

‫‪ -1‬عامر بورورو ‪ :‬الطرق البديلة لحل النزاعات في القانون التونسي م ق ت نوفمبر ‪ 3009‬ص ‪32-28-22‬‬
‫‪ -2‬أحمد البراهمي ‪ :‬العقوبة البديلة ‪ :‬الردع و اإلصالح ‪ ...‬بعيدا عن سلب الحرية – جريدة الشروق التونسية – ‪3022-02-32‬‬
‫‪7‬‬
‫المقدمة‬

‫فتتميز عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة عن التدابير االحت ارزية التي و إن‬
‫تشابهت معها في الهدف المتمثل في محاولة تهذيب الجاني و إدماجه في وسط مفتوح فهي‬
‫و باألساس جزاء و عقوبة تهدف إلى ردع الجاني للحيلولة دون العودة لإلجرام‪ .‬كما تتميز‬
‫عقوبة العمل عن مؤسسة الخدمة المدنية التي جاء بها قانون ‪ 2799-11-19‬الذي تضمن‬
‫أن قرار اإللحاق بالخدمة المدنية يتخذ ضد كل تونسي عمره بين ثمانية عشر وثالثين سنة‬
‫ال يثبت أن له شغل أو أنه مرسم بمؤسسة تعليم عمومية أو حرة أو مؤسسة تكوين مهني‬
‫‪.‬هذا وتختلف العقوبة البديلة المذكورة عن مؤسسة التشغيل لفائدة المصلحة العامة التي جاء‬
‫بها المرسوم عـ‪29‬ـدد المؤرخ في ‪ 2761-19-25‬المتعلق بالتشغيل اإلصالحي ‪ ،‬علما‬
‫و أن هذه المؤسسة األخيرة و نظيرتها المتمثلة في مؤسسة الخدمة المدنية قد تم إلغاء العمل‬
‫بهما بموجب القانون عـ‪7‬ـدد المؤرخ في ‪.1 2772-12-11‬‬

‫أما فيما يتعلق بعقوبة التعويض الجزائي فيجب بدورها تمييزها عن المفاهيم المجاورة‬
‫لها ‪ ،‬إذ تختلف عن عقوبة الخطية في كون األولى تم التنصيص عليها في فصل قانوني‬
‫وحيد هو الفصل ‪ 25‬رابعا من م‪.‬ج بموجب القانون عـ‪69‬ـدد المؤرخ في ‪1117-19-21‬‬
‫في حين أن عقوبة الخطية هي عقوبة أصلية تم التنصيص عليها في عدة فصول قانونية‬
‫و في كل جريمة على حدة‪ .‬كما أن هذه العقوبة األخيرة يتم استخالصها لفائدة خزينة الدولة‬
‫في حين أن عقوبة التعويض الجزائي تستخلص لفائدة المتضرر من الفعل غير المشروع‬
‫المرتكب ضده و هي مؤسسة قانونية جديدة غير مألوفة ال من حيث التسمية و ال من حيث‬
‫استخدامها كتقنية عقابية ‪.2‬‬

‫كما تختلف عقوبة التعويض الجزائي عن الغرامة أو التعويض المدني فاألولى‬


‫بوصفها عقوبة عن فعل إجرامي ارتكبه المتهم أما الغرامة فمفادها جبر الضرر الحاصل‬
‫للمتضرر و لها طابع مالي بعيد كل البعد عن الطابع الجزائي‪ ،‬كما يختلفان كذلك من حيث‬

‫‪ -1‬أبو لبابة العثملني ‪ :‬النظام القانوني لعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كبديل عن العقوبة السجنية م‪.‬ق‪.‬ت أفريل ‪ 3002‬ص ‪18-19‬‬
‫‪ -2‬عقوبة التعويض الجزائي على ضوء القانون الجديد الصادر في ‪ 23‬أوت ‪ : 3008‬المجلة القانونية عـ‪ 91-92‬ـدد مارس ‪ 3020‬ص‪29.‬‬
‫‪8‬‬
‫المقدمة‬

‫مقدار التعويض فاألولى حددها الفصل ‪ 25‬رابعا من م‪.‬ج ووضع لها حدا أدنى و حدا‬
‫أقصى ال يتغيران في كل الجرائم المحكوم بها أما الغرامة فإن تحديدها يعود الجتهاد‬
‫المحكمة حسب الضرر الحاصل للمتضرر‪.‬‬

‫و يكتسي موضوع العقوبات البديلة أهمية بالغة إذ انه في تطبيقها من المحاكم تمكن‬
‫المحكوم عليهم من اجت ناب عقوبة السجن و ما يشهده هذا األخير من مساوئ و هو اتجاه‬
‫إنساني من المشرع التونسي الغاية منه إصالح من زلت بهم القدم ألول مرة في عالم‬
‫االنحراف و هذا التوجه ال يتحقق إال باستبعاد العقوبة السالبة للحرية و تعويضها كلما‬
‫اقتضى األمر ذلك بالعقوبة البديلة أو كذلك من خالل الحرص و السهر على حسن تنفيذها‬
‫خالل اآلجال القانونية لها ‪.‬‬

‫كما يكتسي هذا الموضوع أهمية قانونية جسمتها العناية التشريعية التي تبنت سياسة‬
‫جنائية حديثة تقوم على استبعاد العقوبات السالبة للحرية و تعويضها ببدائل أخرى تحقق‬
‫اإلصالح و التأهيل و اإلدماج للجاني ‪ ،‬إذ تم إقرار العقوبات البديلة صلب الفصل الخامس‬
‫من المجلة الجزائية التونسية ضمن قائمة العقوبات األصلية بموجب القانونين عـ‪97‬ـدد لسنة‬
‫‪ 2777‬المؤرخ في ‪ 2777-19-11‬الذي كرس عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‬
‫و القانون عـ‪69‬ـدد لسنة ‪ 1117‬المؤرخ في ‪ 1117-19-21‬الذي أضاف عقوبة التعويض‬
‫الجزائي‪ ،‬و هذا التكريس هو نتيجة تبني المشرع التونسي نظرية حديثة لمفهوم العقوبة بصفة‬
‫عامة و العقوبة البديلة بصفة خاصة و هو يندرج في إطار اإلرادة التشريعية نحو خلق‬
‫منظومة شاملة لحقوق اإلنسان و صون كرامة الفرد‪ .‬هذا باإلضافة إلى إرساء مؤسسة‬
‫قاضي تنفيذ العقوبات و منحه صالحية متابعة تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة في‬
‫حين أن تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي من مشموالت النيابة العمومية لتبقى هاتين العقوبتين‬
‫خاضعتان لرقابة الجهاز القضائي‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫المقدمة‬

‫فهل لقيت هذه العقوبات البديلة حظها على مستوى التفعيل ؟ رأينا أنه ورغم‬
‫محدودية النص القانوني الذي اقتصر على التنصيص على عقوبتين بديلتين فقط للعقوبة‬
‫السجنية ‪ ،‬فإنه على مستوى التطبيق القضائي بدت هاته العقوبات و كأنها شرعت لتبقى‬
‫حب ار على ورق و ذلك بالنظر إلى قلة عدد األحكام المحكوم بها بالعقوبة البديلة في سائر‬
‫محاكم الجمهورية التونسية إضافة إلى انعدامها في محاكم أخرى ال تعترف بوجودها فلماذا‬
‫هذا العزوف من طرف محاكمنا ؟ تساؤل يجعلنا نبحث عن الصعوبات الكامنة وراء هذا‬
‫التحفظ من عدم تطبيقها خاصة و أن التفعيل يفرز عدة فوائد لعل أهمها هي الفائدة من‬
‫تشريع هذه العقوبات في قانونا التونسي‪ ،‬وهو تساؤل يجعلنا نتعمق في دراسة المشاكل‬
‫الكامنة وراء عدم التفعيل و البحث عن الحلول الممكنة لها حتى تحصل الفائدة من إرساء‬
‫هاته العقوبات التي و إن شرعت فإن ذلك لغاية وحيدة هي الحد من العقوبات السالبة للحرية‬
‫فيما يتعلق بالجرائم البسيطة التي تنطوي تحت تسمية المخالفات و الجنح البسيطة‪.‬‬

‫كما يكتسي هذا الموضوع أهمية عملية ‪ ،‬إذ رغم أهمية هذا اإلجراء المتمثل في‬
‫إرساء العقوبات البديلة فإنها لم تلق على المستوى العملي تطبيقا موسعا اعتبا ار لبعض‬
‫الصعوبات اإلجرائية المتعلقة بضرورة حضور المتهم بجلسة الحكم و إعرابه عن ندمه الذي‬
‫يفترض االعتراف بالتهمة ‪ ،‬و لتجنب هذه الصعوبات تضمن القانون عـ‪69‬ـدد لسنة ‪1117‬‬
‫التخلي عن شرط إعراب المتهم عن ندمه و االكتفاء بضرورة إعالم المحكمة للمتهم بحقه في‬
‫الرفض مع تسجيل جوابه بمحضر الجلسة بالنسبة لعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ‪،‬‬
‫هذا مع إضافة بعض الجرائم للقائمة و الترف يع في مدة السجن المحكوم بها و القابلة‬
‫لالستبدال من ستة أشهر إلى سنة كاملة علما و أن هذه العقوبات البديلة الواردة في النص‬
‫ال يقع إدراجها صلب بطاقة السوابق العدلية عـ‪1‬ـدد للمتهم في صورة الحكم بها و ذلك‬
‫لتيسير إدماج المحكوم عليهم في الحياة االجتماعية و المهنية ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫المقدمة‬

‫كما تكمن أهمية هذه العقوبة خاصة من خالل تخطي العوائق التي كانت تحول‬
‫دون إقبال المؤسسات على تشغيل المحكوم عليهم بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‬
‫و ذلك عندما تم سحب النظام القانوني للتعويض عن األضرار الناتجة عن حوادث الشغل‬
‫و األمراض المهنية على المحكوم عليهم و هو النظام الوارد بالقانون عـ‪19‬ـدد لسنة ‪2771‬‬
‫المؤرخ في ‪. 1 2771-11-12‬‬

‫كما يعد التوجه الذي توخاه المشرع التونسي عند إق ارره للعقوبات البديلة وسيلة‬
‫لتخفيف األعباء العامة سواء كان ذلك عند تنفيذ بعض المشاريع أو انجاز المرافق العمومية‬
‫و ما تقتضي ه المؤسسات السجنية من مصاريف و أموال لتغطية حاجيات السجناء و تجهيز‬
‫هذه المؤسسات ‪ ،‬و في اعتماد هذه الحلول البديلة لعقوبة السجن من شأنه المحافظة على‬
‫استقرار الموارد المالية للدولة ‪.‬‬

‫هذه العقوبات البديلة الواقع إرساؤها بموجب قوانين رائدة في إطار السياسة العقابية‬
‫المتطورة ببالدنا و التي تعمل على تدعيم منظومة حقوق اإلنسان و ذلك بإعطاء بعد إنساني‬
‫لمفهوم تنفيذ هذه العقوبة البديلة بمختلف محاكمنا و األخذ بيد من زلت بهم القدم ألول مرة‬
‫في سلك اإلجرام تكريسا منا لمبدأ اإلدماج و اإلصالح من جديد في المجتمع و تجنبا‬
‫لمساوئ السجن الوخيمة‪.‬‬

‫و رغم وجود هذه القوانين المتطورة و رغم تتالي المناشير الرامية إلى حث القضاة‬
‫على تفعيل العقوبات البديلة فإن التطبيق يبقى محتشما من طرف جل المحاكم ومنعدما في‬
‫البعض منها ‪ ،‬لذا يكتسي هذا الموضوع أهمية بالغة تكمن من خالل الحث على تكريس هذه‬
‫القوانين الجديدة و تفعيلها و تطبيقها و تحسيس القضاة بذلك و توخي منهج علمي يقوم على‬
‫دراسة المشاكل التي تعيق التفعيل و البحث على إيجاد الحلول المناسبة لها و تذليل‬
‫الصعوبات لكي ال تبقى هذه القوانين مهجورة ‪ ،‬فبتفعيلها على مستوى أرض الواقع تحصل‬

‫‪ -1‬تطوير العقوبات البديلة للسجن‪ :‬دليل صادر عن مركز الدراسات القانونية و القضائية‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫المقدمة‬

‫الفائدة المرجوة و يحصل التوازن بين ما رغب في إحداثه المشرع من قوانين جديدة والسياسة‬
‫العقابية المتطورة و العمل القضائي "الحي" أي المواكب لكل التطورات لبلوغ الهدف المنشود‬
‫من ذلك ‪ .‬فمن مزايا تفعيل العقوبات البديلة على المستوى العملي الحد من ظاهرة االكتظاظ‬
‫في السجون التي أصبحت محل اهتمام نظ ار لما لها من تأثير على وضعية السجناء كما‬
‫أنها تحقق التعويض للمتضررين عن األفعال المرتكبة ضدهم و للمجتمع معا و يتحقق‬
‫بالتالي البعد النفعي و اإلصالحي لهذه العقوبات‪.‬‬

‫كما أن مكتب المصاحبة الذي تم إحداثه مؤخ ار يعد مكسبا هاما في إطار السعي‬
‫إلى تفعيل العمل بمختلف بدائل العقوبة السجنية بما فيها عقوبة العمل لفائدة المصلحة‬
‫العامة وهو ما يجعلنا نتساءل عن مدى تفعيل العقوبات البديلة الواردة في النص و عن‬
‫اآلفاق المنتظرة منها ‪.‬‬

‫فمـا حقيقـة العقوبات البديلـة في القانـون التونـسي؟‬

‫وبناءا عليه سنتعرض في جزء أول إلى العقوبات البديلة الواردة في النص من خالل‬
‫بيان محتوى النص القانوني في مناسبة أولى ثم بيان نطاق تفعيل هذه العقوبات البديلة‬
‫و عوائقه‪ ،‬لنتطرق في جزء ثان إلى بيان اآلفاق المنتظرة للعقوبات البديلة سواء على‬
‫مستوى التشريع أو على مستوى التفعيل‪.‬‬

‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫الجزء الثاني ‪ :‬اآلفاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫‪12‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫‪13‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫لئن اتبع المشرع التونسي سياسة جنائية حديثة تقوم على إصالح و تأهيل و إدماج‬
‫المجرم و التقليص من تطبيق العقوبات السالبة للحرية و ذلك بالبحث عن بدائل لها إال أنه‬
‫اقتصر على عقوبتي العمل لفائدة المصلحة العامة و التعويض الجزائي الواردتين بالفصل‬
‫كعقوبتين بديلتين للعقوبة‬ ‫الخامس من المجلة الجزائية ضمن قائمة العقوبات األصلية‬
‫السجنية ‪ ،‬و بالنظر إلى محدودية النص القانوني سنتعرض إلى محتواه في ( فصل أول )‬
‫لنتطرق إلى دراسة نطاق تفعيل هاته العقوبات البديلة و عوائقه و ذلك في ( فصل ثان ) ‪.‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬محتوى النص القانوني‬


‫الفصل الثاني ‪ :‬نطاق تفعيل العقوبات البديلة و عوائقه‬

‫‪14‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫الفصل األول ‪ :‬محتوى النص القانوني‬

‫عدد المشرع التونسي صلب الفصل ‪ 5‬من م‪.‬ج العقوبات و صنفها إلى قسمين ‪:‬‬
‫و قد اقتصر أثناء تعداده للعقوبات األصلية على‬ ‫‪1‬‬
‫عقوبات أصلية و عقوبات تكميلية‬
‫عقوبتي العمل لفائدة المصلحة العامة و التعويض الجزائي كعقوبتين بديلتين لعقوبة السجن ‪.‬‬
‫لذا سنتعرض إلى عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة في (مبحث أول) لنتطرق إلى عقوبة‬
‫التعويض الجزائي في ( مبحث ثان)‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‬

‫لتجنب مساوئ السجن الوخيمة التي يمكن أن تعود بالضرر على المحكوم عليهم‬
‫داخل المؤسسة السجنية و لتحسين ظروف معاملتهم و االرتقاء بوظيفة السجن من الردع إلى‬
‫اإلصالح ‪ ،‬انتهج المشرع التونسي أحدث النظريات و التطبيقات الجنائية فصدر بالتالي‬
‫القانون عـ‪97‬ـدد لسنة ‪ 2777‬المؤرخ في ‪ 2777-19-11‬الذي أضاف للعقوبات األصلية‬
‫الواردة بالفصل ‪ 5‬من م‪.‬ج عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كعقوبة بديلة عن العقوبة‬
‫السجنية يليه القانون عـ‪71‬ـدد لسنة ‪ 2777‬المؤرخ في ‪ 2777-19-11‬المتعلق بتنقيح و‬

‫‪ -1‬نص الفصل ‪ 2‬من م‪.‬ج ‪ :‬العقوبات هي اآلتية ‪ :‬أ) العقوبات األصلية ‪ -2 :‬اإلعدام‪-3 ،‬السجن بقية العمر‪ -2 ،‬السجن لمدة معينة‪ -2 ،‬العمل‬
‫لفائدة المصلحة العامة‪ -2 ،‬الخطية‪ -2 ،‬التعويض الجزائي‪(.‬أضيفت المطة ‪ 2‬بالقانون عدد‪ 29‬لسنة ‪ 3008‬المؤرخ في ‪ 23‬أوت ‪) 3008‬‬
‫ب)العقوبات التكميلية‪( -2 :‬ألغيت بالقانون عدد‪ 8‬لسنة ‪ 2882‬المؤرخ في ‪ 32‬جانفي ‪ -3 ،) 2882‬منع اإلقامة‪ -2 ،‬المراقبة اإلدارية‪ -2 ،‬مصادرة‬
‫المكاسب في الصور التي نص عليها القانون‪ -2 ،‬الحجز الخاص‪ -2 ،‬اإلقصاء في الصور التي نص عليها القانون ‪ -1 ،‬الحرمان من مباشرة‬
‫الحقوق و االمتيازات اآلتية ‪ :‬أ) الوظائف العمومية أو بعض المهن مثل محام أو مأمور عمومي أو طبيب أو بيطري أو قابلة أو مدير مؤسسة‬
‫تربوية أو مستخدم بها بأي عنوان كان أو عدل أو مقدم أو خبير أو شاهد لدى المحاكم عدا اإلدالء بتصريحات على سبيل االسترشاد ‪ ،‬ب) حمل‬
‫السالح و كل األوسمة الشرفية الرسمية ‪ ،‬ت) حق االقتراع‪ -9 .‬نشر مضامين بعض األحكام‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫إتمام بعض األحكام من مجلة اإلجراءات الجزائية (ملحق عـ‪1‬ـدد) الذي ينص على آليات‬
‫قضاء هذه العقوبة و ما تتطلبه من إجراءات على مستوى التنفيذ و لبيان نظام هذه العقوبة‬
‫بين القانون شروط الحكم بها (فقرة أولى ) وكيفية تنفيذها (فقرة ثانية) ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬شروط الحكم بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ‪:‬‬

‫لم يعرف المشرع التونسي عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ضمن القانون‬
‫عـ‪97‬ـدد لسنة ‪ 2777‬و اكتفى ببيان شروطها و قد عرفها رجال القانون بكونها " صورة‬
‫القضاء بإلزام المحكوم عليه بالقيام بعمل مجاني يحقق نفعا عاما و ذلك لفائدة ذات معنوية‬
‫و بهذا التعريف تتخذ هذه العقوبة‬ ‫‪1‬‬
‫خاضعة للقانون العام أو جمعية مرخص لها في ذلك "‬
‫البديلة مظهرين اثنين فإما أن تكون عقوبة بديلة للعقوبة السجنية المحكوم بها طبق ما نص‬
‫عليه الفصل ‪ 25‬مكرر من م‪.‬ج و إما أن تكون وسيلة الستخالص الخطايا طبق ما جاء به‬
‫الفصل ‪ 111‬من مجلة اإلجراءات الجزائية ‪.‬لذا تنقسم شروط الحكم بعقوبة العمل لفائدة‬
‫المصلحة العامة إلى قسمين ‪ :‬شروط تتعلق بتطبيق هذه العقوبة كعقوبة بديلة عن السجن‬
‫(أ) و شروط أخرى تتعلق بتطبيق هذه العقوبة كعقوبة بديلة عن العقوبات المالية (ب)‪.‬‬

‫أ) شروط تطبيق عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كعقوبة بديلة عن السجن‪:‬‬

‫حدد المشرع التونسي صلب الفصول المنظمة لعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‬
‫الواردة بالمجلة الجزائية كعقوبة بديلة عن العقوبة السجنية ‪ ،‬الشروط الواجب توفرها للنطق‬
‫بها و التي تنقسم إلى شروط عامة (‪ )1‬و شروط خاصة (‪.)2‬‬

‫‪ -1‬أبولبابة العثماني ‪ :‬النظام القانوني لعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كبديل عن العقوبة السجنية م‪.‬ق‪.‬ت أفريل ‪ 3002‬ص ‪12‬‬
‫‪16‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫‪-1‬الشروط العامة ‪:‬‬

‫استنادا إلى ما جاء بالفصول القانونية المنظمة لعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‬
‫و الواردة صلب المجلة الجزائية تنقسم الشروط العامة إلى شروط ذاتية و أخرى موضوعية‪.‬‬

‫فبالنسبة للشروط الذاتية تتعلق بذات المتهم و التي يجب توفرها فيه و هي ثالثة شروط‬
‫تتعلق بسن المتهم و نقاوة سوابقه العدلية و ملف شخصيته‪.‬‬

‫سن المتهم ‪ :‬لم يحدد المشرع التونسي ضمن الفصول المنظمة لعقوبة العمل‬ ‫‪‬‬
‫لفائدة المصلحة العامة السن الواجب توفرها في المتهمين المنتفعين بهذه العقوبة ‪ ،‬وبوصفها‬
‫عقوبة أصلية فهي تطبق على الرشداء بصفة مبدئية مما يجعلنا نتساءل حول مدى تطبيقها‬
‫على األطفال الجانحين؟‬
‫ظهر في الفقه التونسي اتجاهان‪ :‬األول يمنع على قاضي األطفال التصريح بعقوبة‬
‫العمل لفائدة المصلحة العامة على األطفال الجانحين استنادا إلى ما جاء بالفصل ‪ 115‬من‬
‫م‪.‬إ‪.‬ج و الذي ينص على أنه ‪ " :‬ال يسوغ إجراء الجبر بالسجن أو العمل لفائدة المصلحة‬
‫العامة ضد األشخاص اآلتي ذكرهم ‪ )1:‬المحكوم عليهم الذين سنهم دون ثمانية عشر عاما‬
‫كاملة وقت ارتكابهم لألفعال التي استلزمت التتبع "‪.‬و الثاني يجيز التصريح بهذه العقوبة‬
‫البديلة على األطفال الجانحين عوضا عن العقوبة السجنية إذا ما تجاوزت سن الطفل ستة‬
‫عشر عاما استنادا إلى األهداف اإلدماجية من وراء اإلقرار بهذه العقوبة مع مراعاة الطفل‬
‫الجانح من حيث طاقته البدنية و القدرة الجسدية التي لديه ليتمكن من انجاز العمل المطلوب‬
‫منه ‪.1‬‬
‫نقاوة السوابق العدلية للمتهم ‪ :‬لالنتفاع بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة نص‬ ‫‪‬‬
‫الفصل ‪ 25‬ثالثا من م‪.‬ج في فقرته األولى ‪ " :‬يشترط الستبدال السجن بعقوبة العمل لفائدة‬
‫المصلحة العامة ‪...‬أن ال يكون عائدا " و هو شرط نصت عليه عدة تشريعات مقارنة ذلك‬

‫‪ -1‬أبو لبابة العثماني ‪ :‬نفس المرجع السابق ص ‪92‬‬


‫‪17‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫أن المتهم الذي تتوفر فيه صفة العود ال ينتفع بهذه العقوبة ‪ ،‬علما و ان المشرع الفرنسي‬
‫حذف شرط العود من شروط االنتفاع بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة عند تنقيحه‬
‫‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫للفصل ‪ 9-212‬من المجلة الجزائية الفرنسية بموجب قانون ‪2775‬‬
‫ملف الشخصية‪ :‬ظهر ملف الشخصية في القانون التونسي بموجب أمر ‪-11‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ 2755-16‬المتعلق بالطفولة الجانحة حيث مكن هذا القانون قاضي األطفال من تكوين‬
‫ملف يتعلق بش خصية الطفل الجانح‪ .‬و يعد هذا اإلجراء وجوبي بالنظر لما يوفره للمحكمة‬
‫من تيسير اتخاذ ما يلزم من التدابير المالئمة لحماية الطفل الجانح‪.‬‬

‫و بالنسبة للمتهمين الرشداء تم التنصيص على ملف الشخصية بموجب الفصل ‪51‬‬
‫من م‪.‬إ‪.‬ج الذي نص في فقرته األولى على أنه " لحاكم التحقيق أن يجري بنفسه أو بواسطة‬
‫مأموري الضابطة العدلية المبينين بالعددين ‪ 1‬و ‪ 1‬من الفصل ‪ 21‬بحثا عن شخصية‬
‫و يعد هذا الشرط شرطا اختياريا ال غير‬ ‫‪2‬‬
‫المظنون فيهم و عن حالتهم المادية و العائلية ‪".‬‬
‫وهو ما يبين عدم التنصيص عليه بالفصول المنظمة لهذه العقوبة البديلة ‪.‬‬

‫فتتمثل في تحديد مجال تطبيق عقوبة العمل لفائدة‬ ‫و بالنسبة للشروط الموضوعية‬
‫المصلحة العامة الذي يفترض أن تكون الجريمة المحكوم فيها مخالفة أو جنحة و ضرورة أن‬
‫يصدر الحكم بالسجن أوال ‪ ،‬ثم أن يكون العمل المحكوم به ذا نفع عام و ضرورة مباشرة‬
‫العمل المحكوم به داخل إحدى المؤسسات المنصوص عليها بالفصل ‪ 29‬من م‪.‬ج‪.‬‬

‫مجال تطبيق عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ‪ :‬نص الفصل ‪ 25‬مكرر من‬ ‫‪‬‬
‫م‪.‬ج على انه " و يحكم بهذه العقوبة في جميع المخالفات و في الجنح التي يقضى فيها‬
‫بعقوبة سجن ال تتجاوز المدة المذكورة أعاله ‪ "...‬و هي مدة أقصاها عام واحد‪ ،‬أي ضرورة‬
‫أن تكون الجريمة المحكوم فيها جنحة أو مخالفة ‪.‬‬

‫‪-1‬محمد الطاهر الحمدي ‪ :‬العمل لفائدة المصلحة العامة ‪ :‬عقوبة بديلة عن عقوبة السجن م‪.‬ق‪.‬ت جانفي ‪ 3002‬ص ‪22‬‬
‫‪ -2‬هيثم الخضراوي ‪ :‬المرجع مذكور سابقا ص ‪29‬‬
‫‪18‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫ثم حدد المشرع صلب الفصل ‪ 25‬مكرر من المجلة المذكورة الجنح التي يقضى‬
‫فيها بعقوبة بديلة على وجه الحصر ضمن قائمة مفصلة بحسب طبيعة و ميدان الجنح‬
‫المرتكبة و التي تتمثل في جرائم االعتداء على األشخاص ‪ ،‬جرائم حوادث الطرقات ‪ ،‬الجرائم‬
‫جرائم االعتداء على األخالق‬ ‫الرياضية ‪ ،‬جرائم االعتداء على األموال و األمالك ‪،‬‬
‫الحميد ة‪ ،‬الجرائم االجتماعية ‪ ،‬الجرائم االقتصادية و المالية ‪ ،‬جرائم البيئة ‪ ،‬الجرائم العمرانية‬
‫‪ ،‬الجرائم العسكرية ‪.1‬‬

‫ضرورة أن يصدر الحكم بالسجن أوال ‪ :‬تعد عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‬ ‫‪‬‬
‫عقوبة بديلة للعقوبة السجنية في مستوى النطق بالحكم من ذلك ما أورده الفصل ‪ 25‬مكرر‬
‫من م‪.‬ج " للمحكمة إذا قضت بالسجن النافذ لمدة أقصاها عام واحد أن تستبدل بنفس الحكم‬
‫العقوبة بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‪ "...‬يعني أن نفس الحكم المصرح به يتضمن‬
‫الحكم بعقوبة سالبة للحرية و في اآلن ذاته يتضمن العقوبة البديلة المستبدلة و المتمثلة في‬
‫العمل للصالح العام دون أجر إذا ما توفرت جملة الشروط الواجب توفرها في المتهم الذي‬
‫سينتفع بها‪ .‬فالمشرع ا لتونسي أكد على أن هذه العقوبة البديلة تسلط كلما كانت العقوبة‬
‫المسلطة من المحكمة هي السجن على خالف ما أتاه المشرع الفرنسي إذ يمكن للمحكمة أن‬
‫تلزم المحكوم عليه بإنجاز عمل لفائدة المصلحة العامة إذا كانت العقوبة المستوجبة بالنص‬

‫‪ -1‬الفصل ‪ 02‬مكرر م‪.‬ج في فقرته الثانية ‪ :‬و يحكم بهذه العقو بة في جميع المخالفات و في الجنح التي يقضى فيها بعقوبة سجن ال تتجاوز المدة‬
‫المذكورة أعاله و هي الجنح التالية ‪ -:‬بالنسبة لجرائم االعتداء على األشخاص‪. :‬االعتداء بالعنف الشديد الذي اليترتب عنه سقوط مستمر أو تشويه‬
‫و غير مصحوب بظرف من ظروف التشديد‪ .،‬القذف‪. ،‬المشاركة في معركة‪.،‬إلحاق أضرار بدنية بالغير عن غير قصد‪ -.‬بالنسبة لجرائم حوادث‬
‫الطرقات ‪. :‬مخالفة قانون الطرقات باستثناء جريمة السياقة تحت تأثير حالة كحولية أو إذا اقترنت المخالفة بجريمة الفرار‪-.‬بالنسبة للجرائم‬
‫الرياضية ‪. :‬اكتساح ميدان اللعب أثناء المقابالت ‪. ،‬ترديد الشعارات المنافية لألخالق الحميدة أو عبارات الشتم ضد الهياكل الرياضية العمومية و‬
‫الخاصة أو ضد األشخاص‪ -.‬بالنسبة لجرائم االعتداء على األموال و األمالك‪. :‬االعتداء على المزارع‪. ،‬االعت داء على عقار مسجل‪. ،‬تكسير حد‪،‬‬
‫‪.‬االستيالء على مشترك قبل القسمة‪. ،‬السرقة‪. ،‬االستيالء على لقطة‪. ،‬افتكاك حوز بالقوة‪ . ،‬اإلضرار بملك الغير‪. ،‬الحريق عن غير عمد‪ -.‬بالنسبة‬
‫لجرائم االعتداء على األخالق الحميدة‪. :‬التجاهر بما ينافي الحياء ‪. ،‬االعتداء على األخالق الحميدة‪. ،‬السكر المكرر‪.،‬مضايقة الغير بوجه يخل‬
‫بالحياء‪-.‬بالنسبة للجرائم االجتماعية ‪. :‬جرائم مخالفة قانون الشغل و مخالفة قانون الضمان االجتماعي و كذلك مخالفة قانون حوادث الشغل و‬
‫األمراض المهنية ‪ .،‬جرائم إهمال عيال‪ .،‬عدم إحضار محضون‪. ،‬النميمة‪.،‬الرجوع إلى الشغب بعد التنفيذ‪،‬اإليهام بجريمة‪،‬التكفف‪ -.‬بالنسبة للجرائم‬
‫االقتصادية و المالية‪. :‬إصدار شيك بدون رصيد بشرط خالص المستفيد و المصاريف القانونية‪.،‬الجرائم المترتبة عن مخالفة قانون المنافسة و‬
‫األسعار قانون حماية المستهلك‪. ،‬إخفاء أشياء تابعة لمكاسب المدين التاجر‪،‬االستطعام أو االستسقاء مع العلم بعدم القدرة على الدفع‪.،‬االمتناع عن‬
‫إتمام عمل متفق عليه رغم أخذ التسبقة‪ .،‬تعطيل حرية اإلشهارات‪ -،‬بالنسبة لجرائم البيئة‪ . :‬مخالفة قوانين البيئة‪-.‬بالنسبة للجرائم العمرانية‪ :‬جرائم‬
‫مخالفة القوانين العمرانية و التهيئة الترابية باستثناء التقسيم بدون رخصة‪ -.‬الجرائم العسكرية‪. :‬عدم تلبية الدعوة إلى الخدمة العسكرية المنصوص‬
‫عليها بالفقرة األولى من الفصل ‪ 22‬من مجلة المرافعات و العقوبات العسكرية‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫عن الجنحة المرتكبة هي السجن طبقا لما جاء به الفصل ‪ 9-212‬من المجلة الجزائية‬
‫الفرنسية ‪. 1‬‬

‫أن يكون العمل المحكوم به له منفعة عامة‪ :‬و تظهر طبيعة النفع العام من خالل‬
‫كون العمل المطلوب إنجازه يكون مجانيا و بدون مقابل مادي باعتبار و أن هذا العمل هو‬
‫عقوبة بديلة عن العقوبة السجنية و هو بمثابة امتياز للمبتدئين في عالم اإلجرام واالنحراف‬
‫وذلك لردعهم و إعادتهم إلى الطريق السوي‪ .‬أما عن إنجاز هذا العمل المجاني المقابل فإنه‬
‫يتم بإحدى المؤسسات المنتفعة و التي أوردها المشرع صلب الفصل ‪ 29‬من م‪.‬ج لكن‬
‫السؤال الذي يطرح نفسه هو من يعين هاته المؤسسات ‪ ،‬هل هي ذات المحكمة التي‬
‫أصدرت الحكم أم يعود أمر تعيينها إلى الهيكل المكلف بتنفيذ هذه العقوبة؟ و بالرجوع إلى‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 25‬ثالثا في فقرته الرابعة فإن دور المحكمة يتمثل في ضبط األجل الذي‬
‫يجب أن ينجز فيه العمل و الذي ال يمكن أن يتجاوز ثمانية عشر شه ار من تاريخ صدور‬
‫الحكم دون أن يلزمها بتعيين المؤسسة المنتفعة وهو ما يحيلنا إلى أن أمر هذا التعيين يعود‬
‫إلى الجهاز المكلف بالتنفيذ على غرار ما هو معمول به في جل التشريعات المقارنة من ذلك‬
‫أن التشريع الفرنسي يعطي هذه اإلمكانية إلى قاضي تنفيذ العقوبات ‪.2‬‬

‫‪ ‬مباشرة العمل المحكوم به بإحدى المؤسسات الواردة بالفصل ‪ 11‬من م‪.‬ج ‪ :‬إذ‬
‫نص هذا األخير على أنه " يتم قضاء الع مل لفائدة المصلحة العامة بالمؤسسات العمومية أو‬
‫الجماعات المحلية أو الجمعيات الخيرية و اإلسعافية أو الجمعيات ذات المصلحة القومية‬
‫و الجمعيات التي يكون موضوعها المحافظة على البيئة‪ ".‬لكن السؤال المطروح هو من يعين‬
‫هذه المؤسسة هل يتم بناءا على طلب تقدمه المؤسسة للغرض أم أن أمر تعيينها يعود‬
‫بالنظر إلى الهيكل المكلف بالتنفيذ ؟ و نظ ار لوجود فراغ تشريعي في هذا المجال فإن‬
‫االستئناس بما جاء بالقانون الفرنسي‪ ،‬الذي يجعل من المؤسسات التي ترغب في استقطاب‬

‫‪ -1‬محمد الطاهر الحمدي‪ :‬نفس المرجع السابق ص ‪22-22‬‬


‫‪ -2‬محمد الطاهر الحمدي ‪ :‬نفس المرجع السابق ص ‪29-21‬‬
‫‪20‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫المحكوم عليهم بهذه العقوبة هي التي تبادر بتقديم مطلب في الغرض تضمنه قائمة األعمال‬
‫التي من المنتظر القيام بها ‪ ،‬يجعلنا أمام غياب نص صريح ‪ ،‬نعول على قدرة الجهاز‬
‫المكلف بالتنفيذ على التسرب داخل النسيج المؤسساتي إلقناعهم بأهمية قبول هؤالء المحكوم‬
‫عليهم وعدم تخوفهم منهم و ذلك للحصول على موافقتهم ضمانا لحسن تنفيذ هذه العقوبة‬
‫‪ .‬كما مكن المشرع التونسي المحكوم عليهم بهذه العقوبة‬ ‫‪1‬‬
‫خالل األجل المحدد لها قانونا‬
‫من التمتع بمقتضيات القوانين و التراتيب المتعلقة بحفظ الصحة والسالمة المهنية وهو ما‬
‫نص عليه الفصل ‪ 29‬من المجلة المذكورة و الذي أضاف في فقرته الثانية ما يلي ‪" :‬‬
‫ينتفع المحكوم عليه بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة بنفس النظام القانوني للتعويض عن‬
‫األضرار الناتجة عن حوادث الشغل و األمراض المهنية المنطبق على المساجين الذين‬
‫ينجزون أعماال طلب منهم القيام بها أو بمناسبتها "‪.‬‬

‫‪-2‬الشروط الخاصة ‪:‬‬

‫تتمثل الشروط الخاصة الواجب توفرها لالنتفاع باستبدال العقوبة السجنية بعقوبة‬
‫العمل لفائدة المصلحة العامة أوال في حضور المتهم بالجلسة و إثبات جدوى هذه العقوبة‬
‫للحفاظ على إدماجه في الحياة االجتماعية و ثانيا في إعالمه بحقه في الرفض و تسجيل‬
‫جوابه وأخي ار و في صورة الق بول يتم تحديد مدة العمل و ضبط أجل التنفيذ‪.‬‬

‫‪ ‬حضور المتهم بالجلسة‪:‬‬

‫اقتضى الفصل ‪ 25‬ثالثا من م‪.‬ج في فقرته األولى ‪ " :‬يشترط الستبدال السجن‬
‫بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة أن يكون المتهم حاض ار بالجلسة ‪ ...‬و أن يثبت‬
‫للمحكمة من خالل ظروف الفعل الذي وقع من أجله التتبع جدوى هذه العقوبة للحفاظ على‬
‫إدماج المتهم في الحياة االجتماعية " فالمقصود من هذه الشكلية هو حضور المتهم شخصيا‬

‫‪ -1‬محمد الطاهر الحمدي ‪ :‬نفس المرجع السابق ص ‪23-22‬‬


‫‪21‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫بجلسة الحكم العلنية دون سواها من الجلسات األخرى السابقة لها ‪ ،‬أما إذا تم صرف القضية‬
‫للمفاوضة و التصريح بالحكم لجلسة الحقة فإن ذلك يحول دون إمكانية الحكم بعقوبة العمل‬
‫لفائدة المصلحة العامة‪ .‬فحضور المتهم إذن بالجلسة أمر هام لمعرفة موقفه و إعالمه بحقه‬
‫في الرفض إن لم يكن يرغب في ذلك أو قبوله عملية استبدال العقوبة مع ضرورة تسجيل‬
‫جوابه بمحضر الجلسة قبل التصريح بالحكم‪ .‬وما يؤكد ذلك ما جاء بالفصل ‪ 25‬مكرر من‬
‫م‪.‬ج القاضي بأنه ‪ " :‬للمحكمة إذا قضت بالسجن النافذ لمدة أقصاها عام واحد أن تستبدل‬
‫بنفس الحكم تلك العقوبة بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة"‪.‬‬

‫إعالم المتهم بحقه في الرفض مع تسجيل جوابه‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫و باكتمال جميع الشروط العامة المذكورة أعاله يكون للمحكمة كامل الحرية للقيام‬
‫باستبدال العقوبة من عدمه و إذا قررت إسعاف المتهم بهذا االستبدال يجب عليها إعالمه‬
‫بحقه في الرفض و عدم القبول مع تسجيل جوابه إن كان إيجابا أم سلبا إذ جاء بالفصل‬
‫‪ 25‬ثالثا في فقرته الثانية من م‪.‬ج أنه ‪ " :‬و على المحكمة إعالم المتهم بحقه في رفض‬
‫اس تبدال عقوبة السجن بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة و تسجيل جوابه‪ ".‬ونستنتج من‬
‫هذا الفصل أن التصريح بهذه العقوبة يبقى موقوفا على قبول المحكوم عليه لفكرة العمل من‬
‫أصلها ‪ ،‬ويتم إعالمه بالرفض قبل التصريح بالحكم ‪.‬‬

‫فإن قبل العمل جوابا على طلب المحكمة فإن تقدير العقاب في نهاية األمر يبقى‬
‫موكوال للمحكمة دون سواها‪.‬أما في صورة الرفض فإن المحكمة تقضي "بالعقوبات المستوجبة‬
‫األخرى" أي العقوبة السجنية الواردة أصالة بنفس الحكم‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫‪ ‬تحديد مدة العمل ‪:‬‬

‫لئن تمثلت عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة في الحكم على الجاني بالقيام خالل‬
‫مدة معينة و بدون أجر بعمل محدد لفائدة المصلحة العامة عوضا عن العقوبة السجنية التي‬
‫وقع الحكم بها عليه أصالة ‪.1‬‬

‫ففي حالة قبولها من طرف المتهم تقوم المحكمة بتحديد مدة العمل بحكمها و أجل‬
‫القيام به إذ ال يمكن الجمع في اآلن ذاته بين عقوبة السجن و عقوبة العمل لفائدة المصلحة‬
‫العامة‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى أحكام الفصل ‪ 25‬مكرر فإنه‪ " :‬للمحكمة إذا قضت بالسجن النافذ‬
‫لمدة أقصاها عام واحد أن تستبدل بنفس الحكم تلك العقوبة بعقوبة العمل لفائدة المصلحة‬
‫العامة و ذلك دون أجر و ل مدة ال تتجاوز ستمائة ساعة بحساب ساعتين عن كل يوم سجن‬
‫" كما أضاف الفصل ‪ 25‬ثالثا من نفس المجلة أن المحكمة تتولى "ضبط األجل الذي يجب‬
‫أن ينجز فيه العمل على أن ال يتجاوز هذا األجل ثمانية عشر شه ار من تاريخ صدور‬
‫الحكم" ‪.‬‬

‫وتعتمد طريقة احتساب مدة العمل للمصلحة العامة على قاعدة حساب ساعتين عن‬
‫كل يوم سجن فإذا حكم على شخص ما بالسجن لمدة شهرين اثنين فإن تعويضه بالعقوبة‬
‫البديلة يتم بض رب عدد أيام السجن في ساعتي عمل أي ما يعادل مائة و عشرين ساعة‬
‫عمل لفائدة المصلحة العامة ‪ ،‬لكن القانون التونسي لم يحدد لنا عدد الساعات اليومية و ال‬
‫كيفية توزيعها على كامل أيام األسبوع على غرار ما قام به المشرع الفرنسي ‪.‬‬

‫‪ -1‬فرج القصير ‪ :‬نفس المرجع السابق ص‪322.‬‬


‫‪23‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫هذه هي جملة الشروط العامة و الخاصة الواجب توفرها في المتهم الذي سينتفع‬
‫بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كبديل عن العقوبة السجنية التي حكم بها فماهي إذن‬
‫شروط تطبيق عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كعقوبة بديلة عن العقوبات المالية ؟‬

‫ب) شروط تطبيق عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كعقوبة بديلة عن العقوبات‬
‫المالية‪:‬‬

‫بالرجوع إلى مقتضيات القانون عـ‪97‬ـدد لسنة ‪ 2777‬المؤرخ في ‪2777-19-11‬‬


‫و الذي أضاف عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كعقوبة أصلية بديلة للعقوبة السجنية ‪،‬‬
‫فإن المشرع التونسي لم يقتصر على جعلها بديلة للعقوبة السالبة للحرية بل تجاوز ذلك في‬
‫إطار القانون عـ‪71‬ـدد لسنة ‪ 2777‬المؤرخ في ‪ 2777-19-11‬والمتعلق بتنقيح و إتمام‬
‫بعض أحكام مجلة اإلجراءات الجزائية و جعلها في هذا القانون عقوبة بديلة عن العقوبات‬
‫المالية التي تعذر استخالصها ‪ ،‬بالتالي أصبحت وسيلة الستخالص الخطايا و قد جاء‬
‫بالفصل ‪ 111‬من م‪.‬إ‪.‬ج ‪ ":‬تستخلص الخطية و المصاريف لصندوق الدولة من مكاسب‬
‫المحكوم عليه و عند االقتضاء عن طريق الجبر بالسجن أو العمل لفائدة المصلحة العامة‬
‫بطلب من المعني باألمر يقدم للنيابة العمومية‪".‬‬

‫و لممارسة عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة يجب توفر جملة من الشروط قصد‬
‫الوصول لتنفيذ العقوبات المالية و أهم شرط أورده الفصل ‪ 111‬المذكور هو تعذر‬
‫استخالص الخطايا و المصاريف لفائدة الدولة وفي هذه الحالة تتولى النيابة العمومية التحقق‬
‫من تعذر الخالص من خالل صور المطالبة بتطبيق هذا اإلجراء‪ .‬فالصورة األولى تتمثل في‬
‫أن يطلب المحكوم عليه بالخطية استبدالها بالعمل لفائدة المصلحة العامة بمجرد إعالمه‬
‫شخصيا بصدور الحكم الجزائي الغيابي و في صورة عدم علمه الشخصي فهل يستمر طلب‬
‫العمل لفائدة المصلحة العامة إلى انقضاء آجال سقوط العقاب؟ أما الصورة الثانية فتتمثل في‬

‫‪24‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫تحويل العقوبة المالية إلى جبر بالسجن و عليه يتقدم المحكوم عليه بمطلب في الغرض‬
‫لتعويضه بالعمل لفائدة المصلحة العامة ‪. 1‬‬

‫أما بخصوص الشرط الثاني المتعلق بشكل المطلب المقدم للنيابة العمومية لالنتفاع‬
‫بالعمل لفائدة المصلحة العامة كبديل عن العقوبة المالية فإن المشرع التونسي لم يشترط‬
‫شكال محددا لهذا الطلب إذ يمكن للمحكوم عليه رفعه شفويا لدى وكيل الجمهورية بالمحكمة‬
‫االبتدائية الصادرة عنها العقوبة المالية مستظه ار بالحكم الجزائي القاضي بها أو كتابيا و‬
‫يكون مطلبه مرفقا بمؤيدات الحكم الجزائي الذي يرغب في استبداله‪ .‬بالتالي فإن المحكوم‬
‫عليه يبادر بطلب استبدال الحكم بقطع النظر عن وصفه القانوني‪ .‬و يبقى قبول المطلب من‬
‫عدمه من أنظار النيابة العمومية المشرفة على عملية التنفيذ ‪. 2‬‬

‫واستنادا للفصل ‪ 116‬من م‪.‬إ‪.‬ج فإنه "يتتبع تنفيذ الحكم ممثل النيابة العمومية‬
‫و الخصوم كل فيما يخصه " أي أن المشرع جعل من تقديم هذا الطلب منحص ار في المعني‬
‫باألمر أي المحكوم عليه بالعقوبة المالية‪.‬‬

‫و بالنسبة لمجال تطبيق عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كبديل عن العقوبات‬
‫المالية‪ ،‬فعلى خالف ما أتاه القانون عـ‪97‬ـدد لسنة ‪ 2777‬الذي وضع قائمة حصرية‪ ،‬صلب‬
‫الفصل ‪ 25‬مكرر من م‪.‬ج‪ ،‬للمخالفات و الجنح التي من الممكن أن يتم فيها استبدال‬
‫العقوبة السالبة للحرية بشأنها بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ‪ ،‬و قد ترك القانون‬
‫عـ‪71‬ـدد لسنة ‪ 2777‬المجال مفتوحا للنيابة العمومية بشأن المطالب المقدمة قصد استبدال‬
‫العقوبة المالية المحكوم بها بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة رغم أن ميدان العقوبات‬
‫المالية في القانون الجزائي أضيق مما هو عليه ف ي مجال العقوبات السالبة للحرية ‪ ،‬و يبدو‬
‫اتجاه المشرع نحو التضييق من مجال تدخل جهاز النيابة العمومية في استبدال العقوبة‬

‫‪ -1‬األسعد فرح‪ :‬نظام العمل لفائدة المصلحة العامة في تنفيذ العقوبات المالية م‪.‬ق‪.‬ت مارس ‪ 3001‬ص ‪238‬‬
‫‪ -2‬األسعد فرح‪ :‬نفس المرجع ص ‪220‬‬
‫‪25‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫المالية المحكوم بها بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة واضحا خاصة من خالل ما ورد‬
‫صلب الفصل ‪ 115‬جديد من م‪.‬إ‪.‬ج من قيود على مستوى األطراف المنتفعة بهذا‬
‫االستبدال‪.‬‬

‫و نخلص في النهاية إلى أن هذه الشروط على اختالفها و تنوعها يجب أن تتوفر‬
‫في المتهم لينتفع باستبدال العقوبة السالبة للحرية بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة في‬
‫مظهريها كبديل عن العقوبة السجنية من جهة و كبديل عن العقوبات المالية من جهة أخرى‪.‬‬
‫فكيف يمكن تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ؟ سؤال سنتطرق إلى اإلجابة عليه‬
‫في إطار الفقرة الثانية من هذا الموضوع‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬كيفية تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ‪:‬‬

‫في إطار دراسة كيفية تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كعقوبة بديلة عن‬
‫العقوبة السجنية و كعقوبة بديلة عن ا لعقوبات المالية سنتعرض في بداية األمر إلى كيفية‬
‫التنفيذ (أ) لنتطرق فيما بعد إلى الموانع التي تحول دون التنفيذ (ب) ‪.‬‬

‫أ) كيفية التنفيذ‪:‬‬

‫عند صدور الحكم الجزائي القاضي باستبدال العقوبة السجنية بعقوبة العمل لفائدة‬
‫المصلحة العامة ‪ ،‬يقوم القاضي الجزائي في ذات الحكم بتحديد كيفية تنفيذها و األجل‬
‫األقصى الذي ال يمكن تجاوزه عند التنفيذ فتكون صيغة الحكم مثال كاآلتي " قضت المحكمة‬
‫ابتدائيا حضوريا بسجن المتهم مدة شهر واحد و استبدال العقوبة السجنية المحكوم بها عليه‬
‫بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة و ذلك بحساب ساعتي عمل عن كل يوم سجن على‬
‫أن يتم تنفيذها في اجل ال يتجاوز ثمانية عشر شه ار من تاريخ صدور هذا الحكم " ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫وتقتضي أعمال التنفيذ تضمين الحكم القاضي بالعقوبة البديلة بالدفتر المعد لذلك‬
‫لييسر عملية إحصاء األحكام القاضية بالعقوبة البديلة عن كل شهر في‬ ‫‪1‬‬
‫بكتابة المحكمة‬
‫كل محكمة ثم خالل كامل السنة و مقارنتها بالمحاكم األخرى و في نفس الوقت بيان مدى‬
‫تطبيق المحاكم للعقوبات البديلة بصفة عامة‪ ،‬بعد ذلك يتم إحالة ملف القضية على أنظار‬
‫قاضي تنفيذ العقوبات الذي أسند له قانون ‪ 1111‬دور المراقبة في جميع مراحل تنفيذ عقوبة‬
‫العمل لفائدة المصلحة العامة طبق مقتضيات الفصل ‪ 116‬من م‪.‬إ‪.‬ج في فقرته الثانية الذي‬
‫ينص على أنه ‪ " :‬و يتولى قاضي تنفيذ العقوبات التابع له مقر إقامة المحكوم عليه أو‬
‫التابع للمحكمة االبتدائية الصادر بدائرتها ا لحكم إذا لم يكن للمحكوم عليه مقر إقامة بالبالد‬
‫التونسية متابعة تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة بمساعدة مصالح السجون "‪.‬‬

‫و قبل بداية عملية التنفيذ نص الفصل ‪ 29‬مكرر من م‪.‬ج على أنه يتم عرض‬
‫المحكوم عليه على الفحص الطبي بإذن من قاضي تنفيذ العقوبات و يتم القيام بهذا الفحص‬
‫من طرف طبيب السجن القريب من محل إقامة المحكوم عليه بهدف التثبت من سالمته من‬
‫األمراض المعدية و من قدرته على القيام بالعمل الذي تقرر إلزامه به‪.‬‬

‫بالتالي ‪ ،‬فإن بداية تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة يتم بعد أن يحدد‬
‫قاضي تنفيذ العقوبات نوع العمل المراد القيام به ‪ ،‬أوقاته اليومية و المكان الذي يجب أن تتم‬
‫فيه عملية التنفيذ وهذا المكان يقع تعيينه من بين األماكن المنصوص عليها صلب الفصل‬
‫‪ 29‬من م‪.‬ج‪.2‬‬

‫عند بداية القيام بالعمل المجاني لفائدة الصالح العام يتمتع المحكوم عليه بمقتضيات‬
‫القوانين و التراتيب المتعلقة بحفظ الصحة و السالمة المهنية كما ينتفع من طرف المؤسسة‬
‫المنتفعة بالعمل بالضمانات القانونية ضد حوادث الشغل و األمراض المهنية و كل ذلك يتم‬

‫‪ -1‬علي كحلون ‪ :‬دروس في اإلجراءات الجزائية مجمع األطرش للكتاب المختص تونس ‪ 3008‬ص ‪209‬‬
‫‪ -2‬الفصل ‪ 01‬من م‪.‬ج‪ " :‬يتم قضاء العمل لفائدة المصلحة العامة بالمؤسسات العمومية أو الجماعات المحلية أو الجمعيات الخيرية و اإلسعافية أو‬
‫الجمعيات ذات المصلحة القومية و الجمعيات التي يكون موضوعها المحافظة على البيئة"‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫تحت رقابة الجهاز القضائي المكلف بعملية التنفيذ ممثال في قاضي تنفيذ العقوبات بالمحكمة‬
‫االبتدائية الراجع لها بالنظر ‪ ،‬و على هذا األخير التثبت من توفر الحماية للمنتفع بالعقوبة‬
‫البديلة من تاريخ تحديده للمؤسسة المنتفعة بالعمل المجاني‪ .‬كما يقوم بمتابعة تنفيذ هذه‬
‫العقوبة بمساعدة مصالح السجون طبق الفصل ‪ 116‬من م‪.‬إ‪.‬ج في فقرته الثانية والرابعة ‪.1‬‬

‫وفي إطار المتابعة يق وم بإعالم المحكوم عليه بكل ما يط أر من ق اررات و تدابير‬


‫متعلقة بعمله طبق ما جاء بالفصل ‪ 116‬من م‪.‬إ‪.‬ج في فقرته الرابعة و الخامسة ‪.2‬‬

‫و تنفذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة بحساب ساعتي عمل عن كل يوم سجن‬
‫على أن ال تتجاوز المدة ستمائة ساعة وفق ما جاء بالفصل ‪ 25‬مكرر من م‪.‬ج ‪ .‬و كذلك‬
‫وفق ما جاء بالفصل ‪ 111‬جديد من م‪.‬إ‪.‬ج في فقرته الثانية ‪" :‬تنفذ عقوبة العمل لفائدة‬
‫المصلحة العامة بحساب ساعتي ع مل عن كل يوم سجن على أن ال تتجاوز مدة العمل‬
‫القصوى ستمائة ساعة " و ذلك في إطار استبدال العقوبات المالية بالعقوبة البديلة و يتم‬
‫تقديم مطلب العمل لفائدة المصلحة العامة في الحالة الثانية من المعني باألمر شخصيا إلى‬
‫النيابة العمومية التي لها االختصاص المبدئي في تنفيذ األحكام طبق الفصل ‪ 11‬من‬
‫م‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬

‫وفي إطار تنفيذ العقوبة البديلة فإن تحديد قاعدة احتساب ساعات العمل لفائدة‬
‫المصلحة العامة يبقى رهين تحديد مدة السجن عند تنفيذ الجبر بالسجن حيث جاء بالفصل‬
‫‪ 111‬من م‪.‬إ‪.‬ج أنه يتم بحساب " ساعتي عمل عن كل يوم سجن" و كان على المشرع أن‬
‫يعتمد وحدة ساعتين عن كل مبلغ مالي محدد خاصة إذا كان الحكم قاضيا بعقوبة مالية قبل‬
‫أن تنقلب إلى جبر بالسجن‪.‬‬

‫‪ - 1‬الفصل ‪ 333‬من م‪.‬إ‪.‬ج فقرة ثانية ‪ " :‬و يتولى قاضي تنفيذ العقوبات التابع له مقر إقامة المحكوم عليه أو التابع للمحكمة االبتدائية الصادر‬
‫بدائرتها الحكم إذا لم يكن للمحكوم علي ه مقر إقامة بالبالد التونسية متابعة تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة بمساعدة مصالح السجون‪".‬‬
‫وفي فقرته الرابعة ‪ " :‬يتولى قاضي تنفيذ العقوبات متابعة تنفيذ المحكوم عليه لعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة لدى المؤسسة المعنية و يقع‬
‫إعالمه كتابيا بكل ما ي طرأ أثناء قضاء العقوبة ‪ ،‬كما يحرر تقريرا في مآل التنفيذ يحيله على وكيل الجمهورية"‪.‬‬
‫‪ -2‬و في فقرته الخامسة ‪ " :‬يمكن لقاضي تنفيذ العقوبات عند الضرورة تعديل التدابير المتخذة وفق أحكام الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 222‬من هذه‬
‫المجلة بعد موافقة وكيل الجمهورية "‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫كما تقوم المحكمة بضبط األجل الذي يجب أن ينجز فيه العمل على أن ال يتجاوز‬
‫هذا األجل ثمانية عشر شه ار من تاريخ صدور الحكم و عند التنفيذ ال يمكن الجمع بين هذه‬
‫العقوبة البديلة و عقوبة السجن حتى ال تحصل حالة تعذر قانوني‪.‬‬

‫و من مميزات هذه العقوبة على مستوى التنفيذ ‪ ،‬هوأن قضاءها يتم من طرف‬
‫المحكوم عليهم بإحدى المؤسسات المنصوص عليها صلب الفصل ‪ 29‬من م‪.‬ج أي أصبح‬
‫التنفيذ يتم بأمكنة مفتوحة خارج المؤسسات السجنية و بعيدا عن الرقابة المباشرة للسلطة‬
‫القضائية ‪ ، 1‬و في ذلك تشريك للمجتمع المدني في تنفيذ هذا النوع من العقوبات بعد أن كان‬
‫يتم داخل السجون و تحت رقابة القضاء و فيه كذلك انفتاح على العالم الخارجي حتى يتم‬
‫ضمان إدماج هؤالء المحكوم عليهم المبتدئين من جديد داخل المجتمع الذين يعيشون في‬
‫ظله‪.‬‬

‫ب) موانع التنفيذ ‪:‬‬

‫عند تعذر التنفيذ أو وقوع إحدى المعطالت‪ ،‬يقع اللجوء إلى النيابة العمومية باعتبار‬
‫و أن لها االختصاص المطلق بالنظر في مشاكل تنفيذ األحكام الجزائية‪ .‬ومن موانع التنفيذ‬
‫امتناع المحكوم عليه عن تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة أو انقطاعه عنها للمرة‬
‫الثالثة بدون عذر شرعي ‪ ،‬وفي هذه الحالة يتم الرجوع للحكم األصلي أين يقضي عقوبة‬
‫السجن المحكوم بها كاملة دون خصم ما قضاه منها من عمل لفائدة الصالح العام و ذلك‬
‫استنادا لما ورد بالفقرة األولى من الفصل ‪ 116‬مكرر من م‪.‬إ‪.‬ج‪ .‬كما أن تعليق مدة تنفيذ‬
‫العقوبة البديلة من شأنه أن يحول دون التنفيذ الظرفي لها ألسباب صحية أو عائلية أو مهنية‬
‫أو كذلك عند إيداع المحكوم عليه بالسجن من اجل جرم آخر ارتكبه أو أثناء قضائه للخدمة‬
‫الوطنية وفق ما جاء بالفقرة الثانية من الفصل ‪ 116‬مكرر من م‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬

‫‪ -1‬دورة دراسية بعنوان " عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة " نظمت بالمعهد األعلى للقضاء يوم ‪ 3002-23-20‬ص‪90.‬‬
‫‪29‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫وفي حالة الجمع بين عقوبة السجن و عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كبديل‬
‫عن العقوبات المالية‪ ،‬من ذلك صدور حكم بالسجن و الخطية معا و صدور قرار من النيابة‬
‫العمومية بقبول مطلب المحكوم عليه باستبدال الخطية بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‬
‫و الحال أنه مودع بالسجن في نفس القضية ‪ ،‬فإن القانون عـ‪71‬ـدد لسنة ‪ 2777‬ال يعطي‬
‫حال لهذا اإلشكال على غرار القانون عـ‪97‬ـدد من نفس السنة الذي نص على أنه ال يمكن‬
‫الجمع بين عقوبة السجن و عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كبديل لها ضمن الفصل‬
‫‪ 25‬ثالثا من المجلة الجزائية و لعل الحل المتوفر لدرء هذه الصعوبة يكمن في تعليق عقوبة‬
‫العمل لفائدة المصلحة العامة مؤقتا ريثما يتم قضاء العقوبة السجنية من طرف المحكوم عليه‬
‫أوال ثم يتم استئناف التنفيذ فيما بعد‪.‬‬

‫هذه بإيجاز جملة الشروط الواجب توفرها للحكم بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‬
‫كعقوبة بديلة أولى نص عليها المشرع التونسي صلب الفصل ‪ 5‬من م‪.‬ج وكيفية تنفيذها‬
‫والموانع التي تحول دون ذلك‪ .‬ففيما تتمثل العقوبة البديلة الثانية التي أتى بها النص‬
‫القانوني؟‬

‫‪30‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬عقوبة التعويض الجزائي‬

‫تندرج عقوبة التعويض الجزائي في إطار مزيد تدعيم مسار حقوق اإلنسان‬
‫و الحريات الفردية و تكريس الوظيفة االجتماعية للعقوبة من خالل التقليص من تسليط‬
‫عقوبات سجنية قصيرة المدة بالنسبة لمن زلت بهم القدم ألول مرة و منحهم فرصة للتدارك‬
‫و سعيا لتوسيع نطاق اجتهاد المحكمة لممارسة سلطتها التقديرية في اختيار العقوبة البديلة‬
‫للسجن األنسب للمحكوم عليه‪.‬‬

‫و بالتالي جاء القانون عـ‪69‬ـدد لسنة ‪ 1117‬المؤرخ في ‪( 1117-19-21‬ملحق‬


‫و أرسى عقوبة أصلية جديدة ضمن قائمة العقوبات األصلية و هي عقوبة‬ ‫عـ‪1‬ـدد)‬
‫التعويض الجزائي بإضافة الفصل ‪ 25‬رابعا من م‪.‬ج الذي نظم شروطها و كيفية تنفيذها‪.‬‬

‫لذا سنتعرض في فقرة أولى إلى شروط استبدال عقوبة السجن بعقوبة التعويض‬
‫الجزائي لنتطرق في فقرة ثانية إلى كيفية تنفيذها‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬شروط استبدال عقوبة السجن بعقوبة التعويض الجزائي ‪:‬‬

‫عقوبة التعويض الجزائي هي عقوبة استبدالية لعقوبة السجن المحكوم بها و يمكن‬
‫تعريفها بأنها تعويض مالي يؤديه المحكوم عليه لمن حصل له ضرر مباشر و شخصي من‬
‫الجريمة ال يقل عن عشرين دينا ار و ال يتجاوز خمسة آالف دينار و إن تعدد المتضررون ‪.‬‬
‫وهي عقوبة جزائية و إسنادها ال يحول دون حق التعويض مدنيا ‪ .1‬فال هي إذن عقوبة‬
‫أصلية و ال هي عقوبة تكميلية و في إطارها تستبدل عقوبة السجن بتعويض مالي يلزم‬

‫‪ -1‬علي كحلون و سيرين كحلون ‪ :‬الموسوعة الجزائية ‪ :‬منشورات مجمع األطرش للكتاب المختص تونس ‪ 3022‬ص‪222.‬‬
‫‪31‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫المحكوم عليه بأدائه للمتضرر من الفعل المجرم عند توفر جملة من الشروط و التي تنقسم‬
‫إلى شروط موضوعية (أ) و شروط ذاتية (ب)‪.‬‬

‫أ) الشروط الموضوعية ‪:‬‬

‫تتمثل الشروط الموضوعية في الشروط الواجب توفرها في الجريمة (‪ )1‬و في‬


‫الشروط الواجب توفرها في الحكم (‪. )2‬‬

‫الشروط المتعلقة بالجريمة المرتكبة ‪:‬‬ ‫‪)1‬‬

‫تعتبر عقوبة التعويض الجزائي عقوبة بديلة للعقوبة السجنية في مادة المخالفات‬
‫والجنح التي يترتب عنها ضرر شخصي و مباشر للمتضرر و التي تستوجب تسليط عقوبات‬
‫بالسجن قصيرة المدة ال تتجاوز ستة أشهر يتعذر خاللها تنفيذ برامج اإلدماج والتأهيل‬
‫المناسب للمحكوم عليه بما من شأنه الحد من األهداف اإلصالحية للعقوبة السالبة للحرية‬
‫و يفتح المجال للمحكوم عليه لالنخراط في مسالك اإلجرام‪.‬‬

‫ولم يحدد المشرع التونسي قائمة معينة للجرائم التي يجوز فيها اللجوء إلى عقوبة‬
‫التعويض الجزائي بما يسمح معه توسيع ميدان تطبيق هذه العقوبة البديلة‪ ،‬غير انه وحرصا‬
‫منه على الموازنة بين مصلحة المتهم و مصلحة المجتمع تم استثناء الجرائم التي تتجاوز‬
‫عقوبتها ستة أشهر و كذ لك الجرائم التي تكتسي بطبيعتها خطورة على المجتمع وال تمحى‬
‫بالتعويض ‪.‬‬

‫بالنسبة للجرائم المعنية ورد بالفصل ‪ 25‬رابعا من م‪.‬ج أنه " يمكن للمحكمة إذا‬
‫قضت بالسجن النافذ في المخالفات أو بالسجن لمدة أقصاها ستة أشهر بالنسبة إلى الجنح‬
‫ان تستبدل بنفس الحكم عقوبة السجن المحكوم بها بعقوبة التعويض الجزائي‪ "..‬بالتالي فإن‬
‫المخالفات و الجنح الناتج عنها ضرر شخصي و مباشر للمتضرر هي الجرائم المعنية‬
‫بتطبيق العمل بالعقوبة البديلة المذكورة‪ .‬ففي المخالفات يتم الحكم بعقوبة التعويض الجزائي‬
‫‪32‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫في جميعها بدون استثناء وهي اختصاص حصري لقاضي الناحية الذي له وحده الحق في‬
‫استبدال عقوبة السجن المحكوم بها بعقوبة التعويض الجزائي ‪ ،‬و تم استبعاد الجنايات من‬
‫دائرة التطبيق‪ .‬فالمشرع كرس مبدأ تعويض العقوبة البديلة كليا في مادة المخالفات و جزئيا‬
‫في مادة الجنح التي يحكم فيها بالسجن النافذ لمدة أقصاها ستة أشهر‪.‬‬

‫أما الجرائم المستثناة من ميدان التطبيق فقد جاء بها الفصل ‪ 25‬رابعا في فقرته‬
‫األخيرة و عددها اثنين و ثالثين ‪ ،‬ثمانية وعشرون منها وردت بالمجلة الجزائية وتتعلق‬
‫بجرائم اإلرشاء واالرتشاء (الفصول ‪ 99-99-95‬مكرر‪ 72-71-‬من م‪.‬ج) و جرائم تجاوز‬
‫حد السلطة (الفصول ‪ 211-211-212‬من م‪.‬ج) و جرائم هضم جانب الموظفين‬
‫العموميين وأشباههم و مقاومتهم بالعنف (الفصول ‪219-219-216-215‬من م‪.‬ج) وجرائم‬
‫االمتناع عن اإلنجاد القانوني (الفصل ‪ 211‬من م‪.‬ج) و جرائم االعتداء على األشخاص‬
‫(الفصول‪-111-127-125-121-121-117-116‬من م‪.‬ج) وجرائم االعتداء بالفواحش‬
‫( الفصول ‪ 119‬مكرر ‪ 111-119-‬من م‪.‬ج) و جرائم الشهادة زو ار ( الفصول ‪-112‬‬
‫‪ 111-111‬من م‪.‬ج ) و جرائم الغصب و المساومة ( الفصل ‪ 191‬من م‪.‬ج) ‪ .‬أما الجرائم‬
‫األخرى و عددها أربعة وهي جرائم الطرقات (الفصلين ‪ 71-97‬من م‪.‬ط ) و جرائم إصدار‬
‫شيك بدون رصيد ( الفصلين ‪ 122-122‬مكرر من م‪.‬ت)‪.‬‬

‫‪ )2‬الشروط المتعلقة بالحكم ‪:‬‬

‫استنادا إلى مقتضيات الفصل ‪ 25‬رابعا من م‪.‬ج فإن الشروط المتعلقة بالحكم تتمثل‬
‫في أن يكون الحكم حضوريا ‪ ،‬أن يكون الحكم الصادر بالسجن نافذا ‪ ،‬أن ال تتجاوز مدة‬
‫السجن المحكوم بها ستة أشهر ‪ ،‬أن تكون ا لعقوبة صادرة في مخالفة أو جنحة و أن يكون‬
‫الحكم الصادر متالئما مع ظروف الفعل الواقع ألجله التتبع‪ .‬و بالنسبة الشتراط أن يكون‬
‫الحكم حضوريا فهذا يعني أن األحكام الغيابية و األحكام المعتبرة حضوريا ال تدخل في هذا‬
‫اإلطار‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫فليقع تفعيل عقوبة التعويض الجزائي كبديل للعقوبة السجنية يجب أن يكون الحكم‬
‫الصادر في القضية قاضيا بالسجن النافذ في مادة المخالفات أو بالسجن لمدة أقصاها ستة‬
‫أشهر في مادة الجنح و المقصود من المدة المذكورة هي المدة التي تم التصريح بها في‬
‫العقاب المسلط و ليست المدة المقررة بالنص القانوني للفعلة المرتكبة‪ .‬أما عن مسألة النفاذ‬
‫فمما ال شك فيه أن األحكام الصادرة بالسجن في المخالفات ال تكون إال نافذة باعتبارها‬
‫تصدر نهائية الدرجة و ال يبقى الشرط المتعلق بالسجن النافذ متعلقا إال بالجنح التي‬
‫تستوجب استبدالها بعقوبة التعويض الجزائي ‪.1‬‬

‫بالتالي فإن األحكام القاضية بالسجن غير النافذ و األحكام مؤجلة التنفيذ ال يمكن‬
‫أن يقع فيها استبدال هذا الحكم بعقوبة التعويض الجزائي‪.‬كما أن األحكام التي تتجاوز مدتها‬
‫ستة أشهر ال تدخل في نطاق التطبيق‪.‬‬

‫كما أن الشرط المتعلق بمالئمة الحكم مع ظروف الفعل الواقع ألجله التتبع مهم إذ‬
‫تضمن القانون المذكور توسيع نطاق اجتهاد المحكمة بما يخول لها في إطار ممارسة‬
‫سلطتها التقديرية اختيار العقوبة البديلة األنسب للمحكوم عليه و قد أورد المشرع بعض‬
‫المعايير العامة هي بمثابة الشروط التي يتعين على المحكمة مراعاتها عند إعمالها لسلطتها‬
‫التقديرية في اختيار عقوبة التعويض الجزائي إذ أوجب الفصل ‪ 25‬رابعا من م‪.‬ج أن استبدال‬
‫العقوبة يكون " إذا اقتضت ظروف الفعل الذي وقع من أجله التتبع ذلك" و هو ما يتطلب‬
‫األخذ بعين االعتبار شخصية المتهم و جسامة الضرر الناتج عنه الجريمة ضمانا للجدوى‬
‫من األحكام الجزائية التي تقتضي تفريد العقوبة وفقا للعناصر الواقعية والقانونية المتوفرة‬
‫بملف القضية‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد الفخفاخ‪ :‬مداخلة بعنوان ‪ :‬شروط استبدال عقوبة السجن بعقوبة التعويض الجزائي و إجراءاتها – دورة دراسية نظمت بالمعهد األعلى‬
‫للقضاء في ‪3020-02-32‬‬
‫‪34‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫ب) الشروط الذاتية ‪:‬‬

‫تتفرع الشروط الذاتية الواجب توفرها الستبدال عقوبة السجن بعقوبة التعويض‬
‫الجزائي إلى شروط تهم المتهم (‪ )1‬و أخرى تهم المتضرر (‪.)2‬‬

‫‪ )1‬الشروط المتعلقة بالمتهم ‪:‬‬

‫أول الشروط أن يكون المتهم حاض ار بالجلسة فال يتمتع بها من صدر في شانه حكم‬
‫غيابي أو حكم معتبر حضوري وهذا فيه تضييق من مجال تطبيق عقوبة التعويض الجزائي‬
‫و الهدف من ذلك معرفة موقف المحكوم عليه من العقوبة البديلة لكن المشرع لم يمنحه على‬
‫غرار ما هو معمول به في عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة من إمكانية إبداء موقفه‬
‫ورفض العقوبة البديلة و تسجيل جوابه بمحضر الجلسة ‪،‬لذا كان على المشرع أن يمنح‬
‫المتهم الذي اشترط حضوره بالجلسة الحق في رفض استبدال عقوبة السجن بالتعويض‬
‫الجزائي نظ ار لما يمكن أن تط أر على عملية التنفيذ من إشكاليات متعلقة بتعذر التنفيذ لعسر‬
‫المحكوم عليه و عدم قدرته على الدفع ‪.1‬‬

‫كما يجب أن ال يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة السجن أو بعقوبة التعويض‬
‫الجزائي ‪ ،‬و لم يشترط أن يكون نقي السوابق العدلية مطلقا كما هو الحال في شروط‬
‫استبدال عقوبة السجن بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة حيث اعتمد عبارة "أن ال يكون‬
‫عائدا" صلب الفصل ‪ 25‬ثالثا من م‪.‬ج‪ ،‬بما يعني أن منح عقوبة التعويض الجزائي جائز‬
‫لمن سبق الحكم عليه بالخطية مثال أو بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‪. 2‬‬

‫‪ -1‬إيناس الحزامي ‪ :‬بدائل عقوبة السجن ‪ :‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في قانون العقود و االستثمارات ‪ 3022-3020‬ص ‪222‬‬
‫‪ -2‬هيفاء ورفلي ‪ :‬اآلليات البديلة للسجن ‪ :‬محاضرة ختم التمرين ‪ 3022-3023‬ص ‪32‬‬
‫‪35‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫‪ )2‬الشروط المتعلقة بالمتضرر ‪:‬‬

‫تسمح عقوبة التعويض الجزائي للمحكمة عند البت في القضية بحماية حقوق‬
‫المتضرر من خالل إلزام المحكوم عليه با لتعويض الجزائي الذي ال يمكن أن يقل مبلغه عن‬
‫عشرين دينا ار و ال أن يتجاوز خمسة آالف دينار و إن تعدد المتضررون‪.‬فالتعويض الجزائي‬
‫لفائدة المتضرر هو عبارة عن جزاء و تعويض في نفس الوقت لترميم الضرر الذي تم‬
‫إلحاقه به‪.1‬‬

‫فالتعويض الجزائي كعقوبة أصلية بديلة لعقوبة السجن المحكوم بها ال تنفي حق‬
‫المتضرر في طلب التعويض العادل عن الضرر الناتج عن الجريمة وفق أحكام الفصل‬
‫‪ 219‬من م‪.‬إ‪.‬ع إذا أثبت أن قيمة الضرر تتجاوز ما قضي به في إطار التعويض الجزائي‬
‫ليكون التعويض مطابقا لحقيقة الضرر و على المحكمة المتعهدة بالدعوى المدنية مراعاة‬
‫المبالغ المحكوم بها في إطار عقوبة التعويض الجزائي عند تقدير التعويض عن الضرر‬
‫مدنيا‪.‬‬

‫هذه هي جملة الشروط الواجب توفرها الستبدال عقوبة السجن المحكوم بها بعقوبة‬
‫التعويض الجزائي ففيما تتمثل إجراءات تنفيذها؟‬

‫‪ -1‬علي كحلون ‪ :‬التعليق على مجلة اإلجراءات الجزائية –منشورات مجمع االطرش للكتاب المختص‪ -‬تونس ‪ 3020‬ص ‪222‬‬
‫‪36‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬كيفية تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي‬

‫تبرز خصوصية عقوبة التعويض الجزائي أوال من خالل بيان كيفية التنفيذ (أ)‬
‫و ثانيا على مستوى آثار التنفيذ (ب)‪.‬‬

‫كيفية التنفيذ ‪:‬‬ ‫أ)‬


‫لتنفيذ عقوبة التعويض الجزائي يجب احترام األجل القانوني الذي وضعه المشرع‬
‫التونسي من جهة (‪ )1‬و بيان الجهاز المكلف بالتنفيذ من جهة أخرى (‪.)2‬‬

‫‪ )1‬أجل تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي‪:‬‬

‫جاء بالفصل ‪ 25‬رابعا من م‪.‬ج في فقرته الخامسة أنه ‪ " :‬و يتم تنفيذ عقوبة‬
‫التعويض الجزائي خالل أجل ال يتجاوز ثالثة أشهر من تاريخ انقضاء اجل الطعن‬
‫باالستئناف في الحكم االبتدائي أو من تاريخ صدور الحكم نهائي الدرجة "‪.‬‬

‫كما ورد بالفصل ‪ 116‬ثالثا من م‪.‬إ‪.‬ج في فقرته الثانية أنه ‪ " :‬و يسري أجل تنفيذ‬
‫عقوبة التعويض الجزائي بداية من تاريخ انقضاء أجل الطعن باالستئناف في الحكم الجزائي‬
‫االبتدائي أو من تاريخ صدور الحكم نهائي الدرجة "‪.‬‬

‫بالتالي يتم تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي بسعي من النيابة العمومية خالل أجل ال‬
‫يتجاوز ثالثة أشهر من تاريخ انقضاء آجال انقضاء حق الطعن باالستئناف في الحكم‬
‫االبتدائي أال وهو عشرة أيام أو من تاريخ صدور الحكم نهائي الدرجة و يعتبر هذا األجل‬
‫أح د أهم آليات الموازنة بين مصلحة المتهم و مصلحة المتضرر الذي يتحصل على‬
‫التعويض في زمن وجيز‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫وتتم عملية التنفيذ وفق مقتضيات الفصل ‪ 116‬ثالثا في فقرته الثالثة عندما يقوم‬
‫المحكوم عليه باإلدالء لدى ممثل النيابة العمومية بالمحكمة التي أصدرت الحكم القاضي‬
‫بهذه العقوبة البديلة بكتب ثابت التاريخ يثبت تنفيذ العقوبة أو تأمين المبلغ المحكوم به بعنوان‬
‫تعويض جزائي في األجل المذكور بالفصل ‪ 25‬رابعا من م‪.‬ج ‪.‬‬

‫فإذا تخلى المحكوم عليه على حقه في االستئناف أو التعقيب فإنه عليه أن يقوم‬
‫بتنفيذ عقوبة التعويض الجزائي خالل األجل القانوني المحدد بالنص و يتم التنفيذ بالطرق‬
‫العادية للخالص بشرط أن يكون تاريخ الخالص ثابتا قانونيا و ذلك للتأكد من وقوعه داخل‬
‫اآلجال التي تم ضبطها من طرف المشرع‪ .‬وفي صورة امتناع المتضرر من قبول الخالص‬
‫‪.‬‬
‫يتم استصدار إذن قضائي بتأمين مبلغ التعويض لفائدته‬

‫‪ )2‬الجهاز المكلف بعملية التنفيذ ‪:‬‬

‫أسند المشرع مهمة متابعة تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي إلى النيابة العمومية‬
‫باعتبارها الهيكل المؤهل قانونا لتنفيذ األحكام الجزائية إذ اقتضى الفصل ‪ 116‬ثالثا من‬
‫م‪.‬إ‪.‬ج أنه ‪" :‬يتولى ممثل النيابة العمومية متابعة تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي "‪ .‬و على‬
‫أساس أنه في صورة عدم تنفيذ مقتضيات الحكم بالتعويض الجزائي تتولى النيابة تنفيذ عقوبة‬
‫السجن المحكوم بها أصالة على المحكوم عليه طبق ما جاء بالفصل ‪ 116‬ثالثا في فقرته‬
‫الرابعة من م‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬

‫و ما نالحظه في هذا اإلطار أن العقوبات البديلة الواردة صلب الفصل الخامس من‬
‫المجلة الجزائية تقتصر على عقوبتين اثنتين هما العمل لفائدة المصلحة العامة والتعويض‬
‫الجزائي و كالهما أوكل فيهما المشرع مهمة متابعة التنفيذ للجهاز القضائي ‪ ،‬لكن في األولى‬
‫لفائدة قاضي تنفيذ العقوبات و في الثانية للنيابة العمومية ‪ ،‬فلماذا هذا التوزيع ؟ و الحال أن‬
‫كليهما بديل ل لعقوبة السجنية المحكوم بها صلب ذات الحكم القاضي بالعقوبة البديلة‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫بالتالي فإن تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي يعود باألساس إلى ممثلي النيابة العمومية‬
‫و هم باألساس قاضي الناحية على مستوى محكمة الناحية و وكيل الجمهورية على مستوى‬
‫المحكمة االبتدائية و الوكيل العام على مستوى محكمة االستئناف‪.‬‬

‫ب) آثار التنفيذ ‪:‬‬

‫تبرز خصوصية عقوبة التعويض الجزائي على مستوى آثاره المترتبة عن التنفيذ (‪)1‬‬
‫و على مستوى آثاره عند عدم االمتثال للتنفيذ (‪.)2‬‬

‫‪ )1‬آثار تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي‪:‬‬

‫ترمي عقوبة التعويض الجزائي إلى تحقيق غايتين األولى تهتم بالجانب اإلصالحي‬
‫للمحكوم عليه و الثانية تهتم برد االعتبار للمتضرر المعتدى عليه‪.1‬‬

‫إذ بتنفيذ عقوبة التعويض الجزائي في األجل المحدد قانونا تسقط العقوبة المستبدلة‬
‫أي عقوبة السجن المحكوم بها مع اإلفراج عن المحكوم عليه إن كان بحالة إيقاف طبق ما‬
‫جاء بالفصل ‪ 151‬مكرر من م‪.‬إ‪.‬ج الذي ينص على أنه " يترتب عن تنفيذ عقوبة التعويض‬
‫الجزائي في األجل المذكور بالفصل ‪ 25‬رابعا من المجلة الجزائية سقوط عقوبة السجن‬
‫المحكوم بها و يفرج عند االقتضاء على المحكوم عليه"‪.‬‬

‫كما أضاف الفصل ‪ 116‬ثالثا من م‪.‬إ‪.‬ج في فقرته األخيرة انه "و إذا كان المحكوم‬
‫عليه موقوفا تتولى النيابة العمومية إعالم السجن باألذن باإلفراج على المحكوم عليه في‬
‫صورة عدم اإلدالء بما يفيد عدم حصول الطعن باالستئناف و تنفيذ مقتضيات الحكم‬
‫بالتعويض الجزائي في األجل المحدد قانونا "‪ .‬هذا باإلضافة إلى عدم إدراج الحكم الصادر‬
‫بعقوبة التعويض الجزائي ببطاقة السوابق العدلية عـ‪1‬ـدد‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الحكيم جمعة ‪ :‬مداخلة بعنوان ‪ :‬تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي – دورة دراسية نظمت بالمعهد األعلى للقضاء – ‪ 3020-02-32‬ص ‪9‬‬
‫‪39‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫‪ )2‬آثار عدم االمتثال لتنفيذ عقوبة التعويض الجزائي ‪:‬‬

‫في صورة عدم التنفيذ من طرف المحكوم عليه لعقوبة التعويض الجزائي في األجل‬
‫القانوني تتولى النيابة العمومية مباشرة إجراءات تنفيذ عقوبة السجن المحكوم بها كاملة‪ ،‬فإذا‬
‫كان المحكوم عليه بحالة سراح يتم تحرير محضر في شأنه يحيله ممثل النيابة العمومية‬
‫على كاتب التنفيذ الذي يحرر في شأنه مضمون تنفيذي في عقوبة السجن كما وردت بنص‬
‫الحكم ثم إحالته على الجهة األمنية المختصة ترابيا لتنفيذه‪ .‬و إذا كان المحكوم عليه بحالة‬
‫إيقاف فإن مفعول بطاقة اإليداع يبقى ساري المفعول و يستمر تنفيذ العقوبة السجنية إلى‬
‫حين اإلدالء بما يفيد دفع مبلغ التعويض لفائدة المتضرر أو تأمينه لدى القباضة المالية‬
‫المعنية و االستظهار بوصل التأمين‪.‬‬

‫هذا ما جاء بمحتوى الفصل الخامس من المجلة الجزائية من عقوبات بديلة للعقوبة‬
‫السجنية من حيث شروطها و كيفية تنفيذها ‪ ،‬و رغم محدودية النص إال أن التفعيل بقي‬
‫بدوره محدودا في الواقع باعتبار و أن المشرع و لئن حدد هاتين العقوبتين بنصوص قانونية‬
‫إال أنه ترك باب االجتهاد في تفعيلها للمحكمة فهل حظيت هذه العقوبات بجانب من‬
‫االهتمام القضائي في سبيل تفعيلها ؟‬

‫‪40‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬نطاق تفعيل العقوبات البديلة و عوائقه‬

‫رغم محدودية النص القانوني في تعداده للعقوبات البديلة فإن التعريف الضيق لهذه‬
‫األخيرة بأنها ترك الحرية الجتهاد القاضي في تطبيق العقوبات البديلة و تكريسها كبديل‬
‫يجعلنا نتساءل عن أوجه تفعيل هذه العقوبات و على محدوديتها‬ ‫‪1‬‬
‫للعقوبة السجنية األصلية‬
‫على أرض الواقع من طرف المحاكم التونسية و هو ما سنتناوله بالبحث في (مبحث أول )‪،‬‬
‫و إذا سلمنا بأن التفعيل موجود أو بالكاد يكون موجودا فإن هذا األمر يدفعنا إلى البحث عن‬
‫عوائق هذا التفعيل من خالل بيان األسباب و تقصي النتائج و هو محور (المبحث الثاني) ‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬أوجه تفعيل العقوبات البديلة‬

‫إن اإلقرار بوجود تفعيل للعقوبات البديلة على أرض الواقع و إن كان محتشما من‬
‫طرف جل المحاكم بمختلف درجاتها يدفع إلى البحث عن دور القضاء في تفعيل العقوبات‬
‫البديلة من جهة (فقرة أولى) و عن فوائد هذا التفعيل من جهة ثانية (فقرة ثانية) ‪.‬‬

‫‪ -1‬بدائل السجن ‪ :‬دورة دراسية نظمت بمقر المعهد األعلى للقضاء ‪ .‬السبت ‪ 9‬مارس ‪ – 3002‬المنجي االخضر ‪ :‬مداخلة بعنوان ‪ :‬بدائل‬
‫العقوبات البدنية ص ‪.22‬‬
‫‪41‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬دور القضاء في تفعيل العقوبات البديلة‪:‬‬

‫إن السؤال المطروح في هذا الموضوع هو من يفعل العقوبات البديلة التي أتى بها‬
‫القانون التونسي ؟ و هل هناك تفعيل لهذه العقوبات على أرض الواقع أم ال ؟ و لإلجابة‬
‫عن هذه التساؤالت سنتطرق إلى دور القضاء في تفعيل العقوبات البديلة عند التصريح‬
‫بالحكم (أ) ثم عند تنفيذ الحكم (ب) ‪.‬‬

‫أ) عند التصريح بالحكم ‪:‬‬

‫يتدخل القضاء لتفعيل العقوبات البديلة عند التصريح بالحكم في مناسبة أولى‪،‬‬
‫فالعقوبات البديلة المطلوب تفعيلها من طرف المحاكم تتمثل في عقوبتي العمل لفائدة‬
‫المصلحة العامة و التعويض الجزائي بدال عن العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة‪.‬‬

‫أما المحاكم الجزائية التونسية المنوط بعهدتها تطبيق العقوبات البديلة فهي محاكم‬
‫النواحي و الدوائر الج ناحية االبتدائية بالمحاكم االبتدائية و الدوائر الجناحية االستئنافية‬
‫بمحاكم االستئناف‪.‬‬

‫فمنذ تعديل الفصل ‪ 5‬من م‪.‬ج بموجب قانون ‪ 2777‬أصبح للمحكمة الجزائية أن‬
‫تستبدل بنفس الحكم عقوبة السجن التي ال تتجاوز مدتها عام واحد بعقوبة العمل لفائدة‬
‫المصلحة العامة بدون أجر و ذلك ل مدة ال تتجاوز ستمائة ساعة عمل بحساب ساعتين عن‬
‫كل يوم سجن‪.‬‬

‫كما أصبح للمحكمة الجزائية بموجب قانون ‪ 1117‬أن تستبدل بنفس الحكم عقوبة‬
‫السجن بعقوبة التعويض الجزائي في المخالفات و الجنح التي يقضى فيها بعقوبة سجنية‬
‫أقصاها ستة أشهر‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫و رغم جرأة المشرع التونسي في تكريسه للعقوبات البديلة المتمثلة في عقوبتي العمل‬
‫لفائدة المصلحة العامة و التعويض الجزائي ‪ ،‬فإن المحاكم التونسية بصفة عامة‬
‫و القضاة المعنيين بالتفعيل بصفة خاصة لم يتجاوبوا بالقدر المطلوب معها ‪ ،‬إذ تفيد‬
‫اإلحصائيات التي تم رصدها للغرض أن تفعيل المحاكم على اختالف درجاتها للعقوبات‬
‫البديلة هو تفعيل محتشم إن لم نقل منعدم في البعض منها بالتالي لم يرق إلى النتائج‬
‫المنتظرة من إرسائها رغم الصالحيات الكبيرة المتوفرة للقضاة بقصد تفريد العقاب الذي كان‬
‫سابقا خيا ار ممنوحا للقضاء لكنه أصبح اليوم واجبا مهنيا و أخالقيا مفروضا عليه لما له من‬
‫فوائد جمة ‪.‬‬

‫لذا البد من االقتناع بمبررات إقرار المشرع التونسي لهذه العقوبات البديلة التي‬
‫فرضتها حالة الضرورة ‪ ،‬بعدما ثبت لنا عدم جدوى و نجاعة العقوبة التقليدية للسجن في‬
‫إصالح الجناة و على القضاة أن يولوا اهتماما لهذه العقوبات قصد تفعيلها على أرض الواقع‬
‫لتحصل اإلفادة التشريعية من إرسائها و اإلفادة العملية من تطبيقها ‪ ،‬و عليهم تفعيل ما يلزم‬
‫من التقنيات المتوفرة لديهم قصد إصالح الجناة و محاولة إعادة إدماجهم في حظيرة المجتمع‬
‫أثناء معالجتهم للجرائم التي ال تكتسي خطورة كبيرة على المجتمع ككل‪.1‬‬

‫لذا فإن مهمة القضاء في تفعيل العقوبات البديلة الموجودة تتمحور حول الوقاية من‬
‫الجريمة و مكافحة ظاهرة العود المتفشية لذا ال بد من التفعيل‪ .‬فرغم مرور ما يقارب سبعة‬
‫عشر سنة على إرساء عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة و ما يقارب السبع سنوات على‬
‫إقرار عقوبة التعويض الجزائي كعقوبتين بديلتين للعقوبة السالبة للحرية و الوحيدتين‬
‫المقررتان أثناء فترة المحاكمة فإن التطبيق ظل دون المأمول اقتناعا من القضاة بانعدام‬
‫القيمة الردعية للبدائل المستحدثة في قانوننا التونسي هذا باإلضافة إلى عدة عوائق تحول‬

‫‪ -1‬العقوبات البديلة – العمل لفائدة المصلحة العامة ‪ : -‬دورة دراسية نظمت بمقر المعهد األعلى للقضاء يوم الخميس ‪ 22‬نوفمبر ‪ 3002‬ص‪2‬‬
‫‪43‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫دون التفعيل ‪ ،‬و لكن و على الرغم من ذلك يجب أن ال تحول هذه المبررات دون تفعيل‬
‫العقوبات البديلة من طرف محاكمنا على اختالف درجاتها ‪.‬‬

‫بالتالي يتمثل دور القاضي الج ازئي عند الحكم في اختيار العقاب الذي يتناسب‬
‫و يتالءم و شخصية الجاني من بين جملة العقوبات المقررة قانونا لفائدته ‪ .‬و قد خول‬
‫المشرع بالقانونين عـ‪97‬ـدد و عـ‪ 69‬ـدد أنه كلما توفرت شروط العقاب البديل فإنه يتوجب على‬
‫المحكمة تفعيله و الحكم به خدمة لمقاصد المشرع من تكريسه لهذا النوع من العقوبات ‪.‬‬

‫لكن اإلحصائيات المرصودة لذلك (الملحق عـ‪2‬ـدد) أفرزت نتائج دون المأمول‪ ،‬إذ‬
‫و منذ إرساء عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة في ‪ 2777-19-11‬إلى موفى شهر‬
‫سبتمبر ‪ 1111‬بلغ عدد األحكام القاضية بهذه العقوبة البديلة خمسة عشر حكما صدرت‬
‫عن محاكمنا بدرجاتها المختلفة و هو عدد ضئيل جدا إذا ما احتسبنا عدد المحاكم الموجودة‬
‫لدينا فلماذا هذا العزوف إذن ؟ ربما يعود ذلك إلى أن عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‬
‫غير معلومة‪.‬‬

‫لكن منذ سنة ‪ 1111‬بدأ العمل على تفعيل هذا العقاب البديل ليشهد تارة ارتفاعا‬
‫و طو ار تراجعا ملحوظا على األحكام القاضية به‪ .‬إن المتأمل في اإلحصائيات التي وقع‬
‫رصدها في الغرض يالحظ أن نسبة تفعيل عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كعقوبة بديلة‬
‫للعقوبة السجنية بلغ أقصاه خالل السنة القضائية ‪ 1121-1117‬ليصل إلى ‪ 2159‬حكما‬
‫و هي أعلى نسبة بلغ فيها مستوى التفعيل حيث سجلت المحاكم االبتدائية بكامل تراب‬
‫الجمهورية ‪ 592‬حكما قاضيا بهذه العقوبة البديلة‪ .‬لكن انطالقا من السنة القضائية‬
‫‪ 1122-1121‬بدأ التفعيل يشهد تراجعا مستم ار و ملحوظا إذ بلغ عدد األحكام المسجلة‬
‫خالل سنة ‪ 77 1121‬حكما فقط و لعل مرد ذلك يعود إلى عزوف المحاكم عن تفعيل‬
‫العقوبات البديلة فما هي أسباب هذا العزوف يا ترى؟ و هو ما سنتناوله بالبحث الحقا‪ ،‬فمما‬
‫ال شك فيه أن الميدان العملي افرز ظهور عدة صعوبات و مشاكل على مستوى تنفيذ هذه‬
‫‪44‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫العقوبة مما دفع بالمحاكم إلى تجاهلها في أغلب األحيان ‪ .‬علما و أن عملية إحصاء‬
‫العقوبة البديلة المتمثلة في العمل لفائدة المصلحة العامة يتم على مستوى كل محكمة وفق‬
‫مطبوعة معدة للغرض (ملحق عـ‪2‬ـدد) توجد بكل محكمة و يتم بموجبها إحصاء عدد‬
‫األحكام القاضية بها عن كل شهر ثم تجميعها آخر كل سنة و إرسالها إلى المصالح المعنية‬
‫بإحصاء هذه العقوبات‪.‬‬

‫هذا و قد صدرت عدة أحكام قاضية بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة من بينها‬
‫األحكام عدد ‪ 1595‬و ‪ 1919‬و ‪ 9119‬و هي أحكام قضت باستبدال العقوبة السجنية‬
‫بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة وهي مظروفة (بالملحق عـ‪3‬ـدد)‪ ،‬و هذه األحكام لم يقع‬
‫تلخيصها باعتبار و أنه ال ي قع استئنافها ألنه ليس من مصلحة المتهم استئنافه و ليس من‬
‫مصلحة النيابة العمومية كذلك استئنافه كلما توفرت شروط العقوبة البديلة خاصة أمام الدعوة‬
‫الملحة لتفعيل العقوبات البديلة‪.‬‬

‫أما عن اإلحصائية التي تم إعدادها فيما يتعلق بتفعيل عقوبة التعويض الجزائي من‬
‫عدمها (الملحق عـ‪2‬ـدد) فمنذ إرساء هذه العقوبة في ‪ 1117‬فقد بلغ عدد المحكوم عليهم‬
‫بها أقصاه خالل السنة القضائية ‪ 1121-1117‬ليصل العدد الجملي لألحكام ‪ 2911‬حكما‬
‫أغلبها صادرة عن محاكم النواحي التي استأثرت ب‪ 799‬حكما قاضيا بعقوبة التعويض‬
‫الجزائي ‪.‬‬

‫و من بين هذه األحكام نذكر الحكم الجناحي الصادر عن المحكمة االبتدائية بتونس‬
‫تحت عـ‪21715‬ـدد بتاريخ ‪( 1121-17-21‬ملحق عـ‪3‬دد) و الذي قضى باستبدال عقوبة‬
‫السجن المحكوم بها إلثنين من المتهمين بعقوبة التعويض الجزائي‪ ،‬إال أن هذه األحكام و‬
‫على قلتها فقد كان مصير البعض منها االستئناف و من أمثلة ذلك هذا الحكم المذكور‬
‫أعاله والذي تم استئنافه لتنتهي محكمة االستئناف بتونس في حكمها عـ‪21591‬ـدد بتاريخ‬
‫‪ 1122-12-12‬بإقرار الحكم االبتدائي الصادر في شأن العقوبة البديلة (ملحق عـ‪3‬ـدد) ‪،‬‬
‫‪45‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫ونفس الحكم عرف الطعن بالتعقيب و ما كان لمحكمة التعقيب إال الحكم بالنقض مع اإلحالة‬
‫على محكمة االستئناف لتنظر فيها بهيئة أخرى ‪ ،‬إال أن هذه األخيرة بحكمها عـ‪1711‬ـدد‬
‫بتاريخ ‪ 1121-15-11‬قضت بإقرار الحكم االبتدائي فيما يتعلق بعقوبة التعويض الجزائي‬
‫كبديل للعقوبة السجنية (ملحق عـ‪3‬ـدد) ‪.‬‬

‫و ما نعيبه في هذا الحكم أنه تم الطعن فيه باالستئناف و التعقيب في الوقت الذي‬
‫نطالب فيه المحاكم بمزيد تفعيل العقوبات البديلة من خالل تواتر المناشير الصادرة في‬
‫الغرض و الحكم بها حتى ال تبقى النصوص القانونية المحدثة بشأنها مهجورة‪ .‬فلماذا يتم‬
‫استئناف هذه األحكام القاضية باستبدال العقوبة السالبة للحرية بالعقوبة البديلة التي تظل‬
‫دائما نادرة الوجود ؟ لذا ما نأمله جميعا بعد أن يتم تفعيل العقوبات البديلة من طرف‬
‫محاكمنا أن ال استئنافها خاصة إذا توفرت فيها جملة الشروط المطلوبة للنطق بها‪.‬‬

‫ثم بدأ تفعيل هذه العقوبة يعرف تراجعا وصل إلى تسجيل ‪ 192‬حكما قاضيا‬
‫بالعقوبة البديلة المتعلقة بالتعويض الجزائي فقط خالل السنة القضائية ‪ 1121-1122‬و قد‬
‫استأثرت محاكم النواحي كالعادة بالنصيب األوفر منها مسجلة بذلك ‪ 167‬حكما خالل هذه‬
‫السنة‪.‬‬

‫وفي إحصائية أخرى تم ال قيام بها منذ دخول هذا القانون حيز التنفيذ إلى موفى‬
‫شهر أفريل ‪ 1122‬تشير إلى أن عدد األحكام وصل إلى ‪ 1126‬حكما لدى مختلف درجات‬
‫المحاكم اغلبها تم تسجيله لدى المحكمة االبتدائية بالقيروان حيث بلغ عدد األحكام بها ‪191‬‬
‫حكما ثم محكمة ناحية تونس أين بلغ عدد األحكام ‪ 111‬حكما ‪ ،‬أما أدنى األحكام فكان‬
‫التصريح بحكم وحيد خالل هذه الفترة بكل من المحكمة االبتدائية بصفاقس و نواحي طبربة‬
‫و الدهماني و تاجروين (ملحق عـ‪2‬ـدد) ‪ .‬فلماذا تختلف نسب التفعيل من محكمة ألخرى؟‬

‫‪46‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫ومنذ السنة القضائية ‪ 1121-1122‬و ‪ 1121-1121‬توقفت عملية إحصاء‬


‫العقوبات البديلة من طرف المصالح المعنية و ربما يعود ذلك لقلة عدد األحكام القاضية بها‬
‫وعدم قيام المحاكم بإحصائها و مد نتيجتها للجهة المعنية بإحصائها أو النعدام التصريح بها‬
‫أصال‪.‬‬

‫وفي النهاية ما يمكن قوله أن المحاكم بمختلف درجاتها ‪ :‬النواحي و االبتدائية‬


‫و اإلستئنافية مدعوة إلى الحرص على تفعيل العمل بالعقوبات البديلة التي وقع تكريسها من‬
‫طرف المشرع التونسي عند التصريح باألحكام حتى يتسنى للجهة القضائية المعنية بمواصلة‬
‫عملية التفعيل في طور متابعة تنفيذ العقوبات البديلة ‪ ،‬القيام بدورها على أحسن وجه‪.‬‬

‫ب) عند تنفيذ الحكم ‪:‬‬

‫رغم محدودية النص القانوني الذي اقتصر على عقوبتي العمل لفائدة المصلحة‬
‫العامة والتعويض الجزائي كعقوبتين بديلتين لعقوبة السجن المحكوم بها ‪ ،‬ونظ ار ألن تفعيل‬
‫هذه العقوبات البديلة يعد تفعيال محتشما على مستوى التطبيق القضائي البحت حسب ما‬
‫أفرزته اإلحصائيات التي تم رصدها للغرض فإن مهمة متابعة تنفيذ هاتين العقوبتين على قلة‬
‫األحكام المصرح بها قد عهدت إلى قاضي تنفيذ العقوبات بالمحكمة االبتدائية فيما يتعلق‬
‫بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة (‪ )1‬و إلى جهاز النيابة العمومية فيما يتعلق بعقوبة‬
‫التعويض الجزائي (‪.)2‬‬

‫‪ )1‬دور قاضي تنفيذ العقوبات في اإلشراف على تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة‬
‫العامة‪:‬‬

‫تغيرت مهمة القضاء و لم تعد تقتصر على إصدار األحكام بل أصبح القاضي‬
‫الجزائي عنص ار فاعال في منظومة مكافحة الجريمة و إصالح المجرمين و تأهيلهم و ال أدل‬
‫على ذلك هو إحداث مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات لما لها من أهمية على مستوى تنفيذ‬

‫‪47‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫‪ .‬و يعد تدخل قاضي تنفيذ العقوبات‬ ‫‪1‬‬


‫العقوبة البديلة المتعلقة بالعمل لفائدة المصلحة العامة‬
‫في مرحلة تنفيذ الجزاء تكريسا لمبدأ الشرعية في التنفيذ لوجود أساليب تنفيذ منظمة ضمن‬
‫تنظيم تشريعي و تنظيم ترتيبي ‪.‬‬

‫بالنسبة ألعمال مراقبة تنفيذ العقوبة فإنها تعود للمصالح السجنية أساسا و في‬
‫بعض الصور لبعض الهيئات اإلدارية ‪ ،‬أما بالنسبة لقاضي تنفيذ العقوبات فيعود له متابعة‬
‫تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‪.‬‬

‫جاءت مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات التي وقع إرسائها بموجب القانون عـ‪99‬ـدد‬
‫لسنة ‪ 1111‬المؤرخ في ‪ 1111-19-12‬و الواقع تنقيحه بموجب القانون عـ‪71‬ـدد لسنة‬
‫‪ 1111‬المؤرخ في ‪ 17‬أكتوبر ‪ 1111‬المنقح و المتمم لمجلة اإلجراءات الجزائية لتدعيم‬
‫صالحيات قاضي تنفيذ العقوبات ( ملحق عـ‪1‬ـدد) لتجعل من قضاء العقوبة الجزائية تحت‬
‫مراقبة و متابعة السلطة القضائية ‪ ،2‬إذ نص الفصل ‪ 111‬خامسا من م‪.‬إ‪.‬ج انه ‪ " :‬يقوم‬
‫بوظيفة قاضي تنفيذ ا لعقوبات لدى المحكمة االبتدائية قاض من الرتبة الثانية و يعوض في‬
‫صورة غيابه أو تعذر مباشرته لوظائفه بأحد قضاة المحكمة يعينه رئيسها ‪ ".‬إذ يتمثل دور‬
‫قاضي تنفيذ العقوبات في مراقبة تنفيذ العقوبة البديلة‪.‬‬

‫و الغاية من إنشاء هذه المؤسسة هو إخضاع مرحلة تنفيذ العقوبة لنوع من المراقبة‬
‫‪ ،‬إذ نص الفصل ‪ 116‬في فقرته الثانية من م‪.‬إ‪.‬ج بعد تنقيحه بموجب قانون عـ‪71‬ـدد لسنة‬
‫‪ 1111‬أنه ‪ " :‬يتولى قاضي تنفيذ العقوبات التابع له مقر إقامة المحكوم عليه أو التابع‬
‫للمحكمة االبتدائية الصادر بدائرتها الحكم إذا لم يكن للمحكوم عليه مقر إقامة بالبالد‬
‫التونسية متابعة تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة بمساعدة مصالح السجون "‪.‬‬

‫‪ " -1‬العقوبات البديلة – العمل لفائدة المصلحة العامة‪ " -‬دورة دراسية نظمت بمقر المعهد األعلى للقضاء يوم الخميس ‪22‬نوفمبر ‪ 3002‬ص‪. 9‬‬
‫‪ -2‬علي كحلون ‪ :‬دروس في اإلجراءات الجزائية مجمع األطرش للكتاب المختص تونس ‪ 3008‬ص ‪202‬‬
‫‪48‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫وقد اقتضى تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة وجود جهاز قضائي مكلف‬
‫باإلشراف على التنفيذ و المتابعة و هذا الجهاز هو النيابة العمومية في بعض التشريعات‬
‫المقارنة كألمانيا و النمسا وقاضي تنفيذ العقوبات في فرنسا ‪ ،‬ويتم ذلك بالتنسيق مع هيئات‬
‫أخرى مثل هيئة المتابعة و المراقبة في فرنسا و هيئة العمل االجتماعي في انقلت ار‪ . 1‬أما في‬
‫القانون التونسي و على غرار المشرعين الفرنسي والجزائري ‪ ،‬أوكل المشرع التونسي لقاضي‬
‫تنفيذ العقوبات مهمة تحديد آليات و تنظيم و مراقبة قيام المحكوم عليهم لعقوبة العمل لفائدة‬
‫المصلحة العامة كعقوبة بديلة عن العقوبة السجنية ‪ ،‬ويقوم بمتابعة تنفيذ هذه العقوبة‬
‫بمساعدة مصالح السجون التي كان لها هذا االختصاص قبل إرساء هذه المؤسسة الجديدة‪.‬‬

‫فبعد إحالة المضمون التنفيذي على قاضي تنفيذ العقوبات المختص ترابيا يصبح من‬
‫دور القاضي مراقبة جميع مراحل تنفيذ العقوبة البديلة طبق مقتضيات الفصل ‪ 116‬في فقرته‬
‫الثانية من م‪.‬إ‪.‬ج ‪ .‬و يتمثل أول عمل يقوم به قاضي تنفيذ العقوبات في استدعاء المحكوم‬
‫عليه طبق القانون و التحرير عليه فيما يتعلق بمقتضيات تنفيذ الحكم الصادر ضده بالعقوبة‬
‫البديلة المتمثلة في العمل لفائدة المصلحة العامة و إعالمه بكيفية تنفيذ الحكم وفق مطبوعة‬
‫مخصصة للغرض (ملحق عـ‪4‬ـدد) يتم تحريرها مشفوعة بإمضاء المحكوم عليه كالتزام منه‬
‫للقيام باإلجراءات المحمولة عليه و التي تم إعالمه بها مسبقا‪.‬‬

‫كما تتمثل صالحيات قاضي تنفيذ العقوبات وفق أحكام الفقرة الثالثة من الفصل‬
‫‪ 116‬من م‪.‬إ‪.‬ج في عرض المحكوم عليه على الفحص الطبي طبق الفصل ‪ 29‬مكرر من‬
‫م‪.‬ج ‪.‬‬

‫إذ يتولى مكاتبة مدير السجن المدني القريب من مقر إقامة المحكوم عليه للقيام‬
‫بعملية فحصه من طرف طبيب السجن وفق مطبوعة معدة للغرض ( ملحق عـ‪4‬ـدد )‬
‫و على إثر القيام بذلك يتم إنجاز تقرير في الغرض حول الوضعية الصحية للمعني باألمر‬

‫‪ -1‬محمد الطاهر الحمدي ‪ :‬نفس المرجع السابق ص ‪12‬‬


‫‪49‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫و إرساله إلى القاضي المشرف على التنفيذ من جديد للنظر في مدى قدرة المحكوم عليه‬
‫للقيام بهذا العمل‪ .‬بعد ذلك يقوم قاضي التنفيذ بتحديد المؤسسة المشغلة اعتمادا على القائمة‬
‫المعدة تطبيقا للفصل ‪ 29‬من م‪.‬ج مع التحقق من توفر الحماية الكافية بها ضد حوادث‬
‫الشغل و التغطية الصحية ‪ ،‬و كمثال عن ذلك فإن قاضي تنفيذ العقوبات بالمحكمة‬
‫االبتدائية بتونس يقوم بإحالة المحكوم عليهم بالعمل لفائدة المصلحة العامة وفق مطبوعة‬
‫محررة في الغرض (ملحق عـ‪4‬ـدد) على وكيل الجمهورية بالمحكمة المذكورة للنظر في‬
‫إمكانية قبول المحكوم عليهم بالعقوبة البديلة للعمل داخل المحكمة االبتدائية ذاتها كمؤسسة‬
‫مشغلة و تحديدا بمصلحة األرشيف بها وذلك لتفادي إشكالية تخوف المؤسسات األخرى‬
‫(ملحق‬ ‫المعنية بالتشغيل ‪ ،‬و بعد قبوله بهذه المؤسسة يتم إعداد قائمة حضور يومية‬
‫عـ‪4‬ـدد) تخص المحكوم عليه لمتابعة قيامه بالعمل من دونه وتتضمن هذه القائمة هوية‬
‫المحكوم عليه ‪ ،‬اليوم الذي حضر فيه ‪ ،‬وعدد الساعات المقضاة وامضائه آخر كل يوم‬
‫ويقع إعالمه كتابيا بكل ما يط أر أثناء قضاء العقوبة ‪ ،‬و عند إتمام الساعات المحكوم بها‬
‫ضده يتسلم المعني باألمر بطلب منه شهادة في تنفيذ العقوبة البديلة مسلمة من قاضي تنفيذ‬
‫العقوبات (ملحق عـ‪4‬ـدد) كما يقوم هذا األخير بتحرير تقرير في مآل التنفيذ يحيله على‬
‫النيابة العمومية التي تبقى في عالقة دائما مع قاضي تنفيذ العقوبات أثناء متابعته لتنفيذ‬
‫عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‪ ،.‬و عند الضرورة يمكنه تعديل التدابير المتخذة وفق‬
‫النظام المشار إليه بعد موافقة وكيل الجمهورية ‪ ،‬كما يجوز له أيضا تعليق تنفيذ عقوبة‬
‫العمل لفائدة المصلحة العامة ألسباب صحية أو عائلية أو مهنية أو عند إيداع المحكوم‬
‫عليه ا لسجن من أجل جريمة أخرى أو عند قضاء الخدمة الوطنية وعلى المحكوم عليه في‬
‫هذه الحالة إعالم قاضي تنفيذ العقوبات بكل تغيير لمقر إقامته ‪ .1‬هذا و يعد المشرع‬
‫الفرنسي أكثر تطو ار في هذا المجال من نظيره التونسي غذ تناول باإلضافة إلى كل ذلك‬
‫مسألة البحث االجتماعي و أعط ى لقاضي تطبيق العقوبات إمكانية إجراء هذا البحث لنفسه‬

‫‪ -1‬علي كحلون ‪ :‬نفس المرجع مذكور في السابق ص ‪208‬‬


‫‪50‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫أو بواسطة الضابطة العدلية أو الموظفين االجتماعيين و ذلك لمعرفة شخصية المحكوم عليه‬
‫و خاصة درجة خطورته و مكان إقامته ‪...1‬‬

‫و إذا تخلف المحكوم عليه بالعقوبة البديلة عن الحضور للتحرير عليه و عرضه‬
‫على الفحص الطبي رغم استدعائه طبق القانون أو تخلف عن مباشرته العمل لفائدة‬
‫المصلحة العامة رغم عرضه على الفحص الطبي يتم تحرير تقرير في شانه يوجه إلى النيابة‬
‫العمومية التي تباشر حينئذ اإلجراءات العادية لتنفيذ األحكام الجزائية (ملحق عـ‪4‬ـدد)‪.‬‬

‫وفي صورة ما إذا كان قاضي تنفيذ العقوبات غير مختص ترابيا فإنه يقوم بإحالة‬
‫ملف القضية الجزائية المعروض عليه على القاضي المختص ترابيا بالمحكمة االبتدائية‬
‫مرجع نظره ليقوم هو باإلشراف على متابعة تنفيذ العقوبة البديلة وفق مطبوعة يتم تحريرها‬
‫في الغرض (ملحق عـ‪4‬ـدد) ‪.‬‬

‫‪ )2‬دور النيابة العمومية في تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي ‪:‬‬

‫تعتبر النيابة العمومية الجهة المختصة بتنفيذ األحكام الجزائية ‪ ،‬و هنا يجب‬
‫التمييز بين إجراءات تنفيذ األحكام الجزائية و إجراءات مراقبة تنفيذ العقوبة التي يعهد بها‬
‫إلى هياكل مختصة إدارية أو قضائية‪.‬‬

‫فالنيابة العمومية هي جهاز مختص و مسؤول عن تنفيذ األحكام الجزائية بصفة‬


‫عامة و عن األحكام القاضية باستبدال عقوبة السجن بعقوبة التعويض الجزائي بصفة خاصة‬
‫‪ ،2‬إذ نص الفصل ‪ 11‬من م‪.‬إ‪.‬ج أن النيابة العمومية " تتولى تنفيذ األحكام " ‪ .‬كما نص‬
‫الفصل ‪ 116‬في فقرته األولى من م‪.‬إ‪.‬ج أنه ‪ " :‬يتتبع تنفيذ الحكم ممثل النيابة العمومية‪" ..‬‬
‫و أضاف الفصل ‪ 116‬ثالثا في فقرته األولى أنه‪ :‬يتولى ممثل النيابة العمومية متابعة تنفيذ‬
‫عقوبة التعويض الجزائي "‪.‬‬

‫‪ -1‬أنيس ضيف هللا ‪ :‬دور قاضي تنفيذ العقوبات في تحقيق أهداف السياسة العقابية المعاصرة م ق ت أفريل ‪ 3023‬ص ‪22-22‬‬
‫‪ -2‬علي كحلون ‪ :‬المرجع المذكور سابقا ص ‪282‬‬
‫‪51‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫هذا و تباشر أعمال التنفيذ على مستوى محكمة الناحية و المحكمة االبتدائية‬
‫و محكمة االستئناف و يتجسم دور النيابة العمومية في تنفيذ الحكم الجزائي من خالل‬
‫اإلمضاء على جميع أوراق التنفيذ و مراقبة أعمال الكتابة الذين يقومون بتحرير المضامين‬
‫التنفيذية قبل إحالتها على النيابة العمومية للمراقبة و اإلمضاء باعتبار و أن أعمال التنفيذ‬
‫تتواله ا الكتابة ممثلة في قسم التنفيذ بالسجن المعني بها و الذي يتولى تنفيذ األحكام القاضية‬
‫بالسجن ومن بينها األحكام القاضية باستبدال عقوبة السجن بعقوبة التعويض الجزائي ‪.1‬‬

‫أما عن كيفية تنفيذ حكم جزائي قاضي باستبدال عقوبة السجن بعقوبة التعويض‬
‫الجزائي فإن هذا المثال المعروض مستمد من تنفيذ حكم استئنافي صادر في الغرض عن‬
‫محكمة االستئناف بتونس تحت عـ‪21591‬ـدد بتاريخ ‪ 1122-12-12‬و الذي أقر ما‬
‫حكمت به محكمة البداية في القضية عـ‪21715‬ـدد بتاريخ ‪ 1121-17-21‬عندما قضت‬
‫باستبدال عقوبة السجن المحكوم بها بعقوبة التعويض الجزائي ‪ ،‬فلتنفيذ هذا الحكم من طرف‬
‫ممثل النيابة العمومية يجب التثبت من مدى احترام المحكوم عليه لألجل القانوني من عدمه‬
‫عند قيامه بتنفيذ عقوبة التعويض الجزائي ‪ .‬و يتمثل األجل القانوني الوارد بالفصل ‪ 25‬رابعا‬
‫من م‪.‬ج في أن التنفيذ يجب أن يتم خالل أجل ثالثة أشهر من تاريخ انقضاء أجل الطعن‬
‫باالستئناف في الحكم االبتدائي أو من تاريخ صدور الحكم نهائي الدرجة‪.‬‬

‫فبعد تقديم مطلب في الغرض قصد إيقاف تنفيذ هذا الحكم لوقوع الخالص خالل‬
‫األجل القانوني أي خالل ثالثة أشهر من تاريخ صدور الحكم نهائي الدرجة باعتباره صاد ار‬
‫عن محكمة االستئناف ‪ ،‬وفي هذه الحالة يقدم المطلب إلى الوكيل العام لدى محكمة‬
‫االستئناف (وثيقة مرفقة ضمن الملحق عـ‪5‬ـدد) و من خاللها يطلب المستفيد من العقوبة‬
‫البديلة إيقاف تنفيذ الحكم اإلستئنافي المذكور أعاله لقيام المحكوم عليه بتنفيذ الحكم المتعلق‬

‫‪ -1‬علي كحلون ‪ :‬نفس المرجع ص ‪282‬‬


‫‪52‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫بالتعويض الجزائي لفائدة المتضرر من الفعل غير المشروع ‪ ،‬حيث تم العرض والقبول‬
‫حسب محضر عرض المال المرفق (بالملحق عـ‪5‬ـدد)‪.‬‬

‫وبعد استكمال اإلجراءات القانونية في تنفيذ هذا الحكم يقوم ممثل النيابة العمومية‬
‫بإصدار قرار في إيقاف التنفيذ (ملحق عـ‪5‬ـدد) يتمحور حول سقوط العقاب البدني المحكوم‬
‫به في القضية الجزائية المذكورة أعاله بموجب تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي ويقوم بإمضائه‬
‫و إحالته فيما بعد على قسم التنفيذ إلجراء ما يلزم من األعمال بشأنه من ذلك أن المحكوم‬
‫عليه بإمكانه الحصول على نسخة من القرار القاضي بسقوط العقاب البدني بموجب تنفيذ‬
‫عقوبة التعويض الجزائي خالل األجل القانوني‪.‬‬

‫هذا كل ما يتعلق بدور القضاء في تفعيل العقوبات البديلة سواء عند التصريح‬
‫بالحكم أو عند تنفيذه ‪ ،‬و رغم أن التفعيل محتشم في مجمله فإن له عدة فوائد يمكن أن تعود‬
‫على األطراف المتداخلة من جهة و على المؤسسات المعنية من جهة أخرى‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬فوائد التفعيل ‪:‬‬

‫مع تطور الفلسفة العقابية و تطور وظيفة العقاب من إيالم الجاني إلى إصالحه‬
‫و تقويم سلوكه ‪ ،‬أصبحت عقوبة السجن محل نقد من طرف عديد المفكرين الذين أروا‬
‫السجن خطأ البد من تداركه بالبحث عن بدائل له تتناسب و شخصية كل متهم ‪.‬‬

‫و لقد ثبت من خالل التجارب مساوئ السجن و فشله بوصفه مؤسسة إصالحية‬
‫تكفل إصالح المتهم ‪ ،‬ومن سلبيات التصريح بعقوبة السجن بروز ظاهرة االكتظاظ في‬
‫السجون من جهة و نتائجه السلبية على شخصية المحكوم عليهم من جهة أخرى خاصة‬
‫المبتدئين منهم ‪ .‬لذا بدأ التفكير في البحث عن عقوبات بديلة تكفل صيانة شخصية المتهم‬
‫عن آثار السجن السلبية ‪ ،‬فرغم محدودية النص القانوني و اقتصاره على عقوبتين فقط‬

‫‪53‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫بديلتين للعقوبة السجنية فإن تفعيل العمل بهما من طف القضاء يحقق عدة فوائد على‬
‫األطراف المتداخلة (أ) و على المؤسسات المعنية (ب) ‪.‬‬

‫أ) فوائد التفعيل على األطراف المتداخلة ‪:‬‬

‫إن في إقرار العقوبات البديلة عدة فوائد سواء بالنسبة للقاضي (‪ )1‬أو بالنسبة‬
‫للمتضرر (‪ )2‬أو بالنسبة للمتهم بدرجة أهم لما للتفعيل من مساس بحقه في الحرية (‪.)3‬‬

‫‪ )1‬بالنسبة للقاضي الجزائي ‪:‬‬

‫إن في تفعيل العقوبات البديلة الواردة بالنص القانوني على محدوديتها تحقيق‬
‫لسياسة عقابية تهدف إلى أنسنة العقوبة و من خاللها يمنح القاضي مجاال أوسع الختيار‬
‫العقوبة المناسبة من خالل إعطائه سلطة تقديرية واسعة لتقرير الجزاء الذي يتالءم‬
‫و شخصية المتهم ‪.‬‬

‫بالتالي فإن اللجوء إلى تفعيل هذه العقوبات البديلة من شأنه أن يرفع الحرج على‬
‫القاضي إذا وج د نفسه في وضعيات شائكة و يصعب عليه اختيار العقوبة المناسبة التي قد‬
‫يكون فيها إجحاف بحق المتهم في صورة الحكم عليه بالسجن نظ ار للنتائج السلبية المنتظرة‬
‫منه من خالل تكييفه مع ظروف السجن و معتادي اإلجرام و قد يكون فيها إجحاف بحق‬
‫المجموعة إذا أعفى المتهم من عقوبة السجن‪.‬‬

‫‪ )2‬بالنسبة للمتضرر فيما يتعلق بعقوبة التعويض الجزائي ‪:‬‬

‫تهدف عقوبة التعويض الجزائي المقررة لفائدة المحكوم عليه من تسليط تعويض‬
‫مالي عليه يدفع لفائدة المتضرر من الفعل اإلجرامي في وقت قصير تعويضا له عن ضرره‬
‫الشخصي و المباشر من الجريمة دون أن يحول ذلك التعويض من قيامه بالحق الشخصي‬
‫و المطالبة بالتعويض المدني الالحق به‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫‪ )3‬بالنسبة للمتهم ‪:‬‬

‫نظ ار لمحدودية العقوبة السجنية قصيرة المدة كأداة إصالح ‪ ،‬ظهرت العقوبة البديلة‬
‫لما لها من فائدة على المتهم من خالل العمل على إعادة تأهيله و إدماجه و تحقيق المعادلة‬
‫‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫بين التقيد بحقوق اإلنسان من ناحية و معالجة االنحراف من ناحية أخرى‬

‫للعقوبات البديلة المحدثة أهداف اجتماعية و أخرى إصالحية تعود بالنفع على‬
‫المحكوم عليهم المنتفعين بها‪ .‬فبالنسبة لألهداف االجتماعية فقد أدى التطور في فلسفة‬
‫العقاب خاصة مع مدرسة الدفاع االجتماعي إلى تحويل االهتمام من الفعل المرتكب‬
‫و خطورته إلى االهتمام أكثر بشخصية المتهم و اعتباره في اختيار العقاب المناسب‬
‫‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫و شخصية المتهم و متالئم ومقتضيات اإلدماج االجتماعي‬

‫كما أثبتت الدراسات أن إدخال المنحرف المبتدئ إلى السجن من شأنه أن يؤدي إلى‬
‫نتائج سلبية نظ ار لعدم نجاعة العقوبة السجنية قصيرة المدة في اإلصالح ‪ ،‬لذا كان التوجه‬
‫نحو تكريس العقوبات البديلة لما لها من دور إصالحي يعود بالنفع على شخصية المتهم‬
‫و نفسيته و مستواه الفكري و نوعية المهنة التي يمارسها و محيطه األسري ‪ ،‬إضافة إلى‬
‫الحرص على عدم نبذ أي فرد من أفراد المجتمع مع الحرص على إبقائه داخل محيطه‬
‫العائلي و االجتماعي فال يفقد إنسانيته و ال يصاب باإلحباط‪.‬‬

‫كما أنه في تفعيل عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة لها بعد إصالحي بحت من‬
‫خالل تهذيب سلوك الجاني و إدماجه في المجتمع في وسط مفتوح‪ .‬بالتالي تصبح العقوبة‬
‫البديلة إجراءا إصالحيا يهدف إلى بعث سلوك نبيل في نفس الجاني و الحيلولة دون عودته‬
‫إلى سلك اإلجرام خاصة و أنها تعنى بالمجرم المبتدئ و بمرتكب الجريمة البسيطة التي ال‬
‫‪ ،‬كما تهدف هذه العقوبة إلى تجنيب المحكوم عليه من‬ ‫‪3‬‬
‫تشكل خطورة كبيرة على المجتمع‬

‫‪ -1‬داود الزنتاني ‪ :‬دور العقوبة البديلة في إصالح المتهم م ق ت أكتوبر ‪ 3002‬ص ‪222‬‬
‫‪ -2‬داود الزنتاني ‪ :‬نفس المرجع ص ‪221‬‬
‫‪ -3‬داود الزنتاني ‪ :‬المرجع مذكور سابقا ص ‪220‬‬
‫‪55‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫قضاء العقاب بالمؤسسة السجنية وتشريكه في اختيار العقوبة المناسبة باعتبار وأن إقرار‬
‫عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة أعطى المتهم هذه الصالحية لالختيار عندما تعرض‬
‫عليه العقوبة‪.‬‬

‫ولهذه العقوبة البديلة أهداف إنسانية و إصالحية باعتبار و أن المحكوم عليه لن‬
‫يعزل عن محيطه األسري و االجتماعي و المهني و في تنفيذها ال يعيقه عن سير حياته‬
‫العائلية و المهنية بصفة عادية و يجنبه عدة مشاكل اجتماعية و نفسية‪ .‬ففي إرساء عقوبة‬
‫العمل لفائدة المصلحة العامة يجعلها جديرة باالهتمام من طرف الهيئات القضائية المعنية‬
‫بالتفعيل و إعطاء الفرصة للمخالف للتفاعل معها و توظيفها حتى ترتفع عدد األحكام‬
‫الجناحية الصادرة عن مختلف المحاكم بالنسب المنتظرة من إرسائها ‪.‬‬

‫من فوائد تفعيل العقوبات البديلة أيضا وقاية المحكوم عليه المبتدئ من االختالط‬
‫بمجرمين متأصلين في اإلجرام ‪ ،‬مختلفين في السن و التوجه اإلجرامي و توفير اآلليات‬
‫الكفيلة بإصالحه خارج السجن وهو ما يضمن له الحق في الحرية و حق أسرته في الرعاية‬
‫و اإلحاطة ‪ ،‬فالحق في الحرية حق دستوري نص عليه الفصل ‪ 12‬من الدستور التونسي‬
‫الجديد في فقرته الثانية ‪.1‬‬

‫ب) فوائد التفعيل على المؤسسات المعنية ‪:‬‬

‫يعود تفعيل العقوبات البديلة بالنفع ال فقط على األطراف المتداخلة و إنما على‬
‫المؤسسات المعنية بها و نعني بذلك المؤسسة السجنية من جهة (‪ )1‬و المؤسسة المشغلة‬
‫من جهة أخرى (‪.)2‬‬

‫‪ -1‬الفصل ‪ 32‬من الدستور التونسي في فقرته الثانية ‪ " :‬تضمن ال دولة للمواطنين و المواطنات الحقوق و الحريات الفردية و العامة و تهيئ لهم‬
‫أسباب العيش الكريم ‪".‬‬
‫‪56‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫‪ )1‬بالنسبة للمؤسسة السجنية ‪:‬‬

‫تعد مؤسسة السجن مؤسسة مكلفة نظ ار لكثرة المصاريف التي يتم رصدها إلدارتها‬
‫و مقراتها و موظفيها و أعوانها ومن تجهيزات و مصاريف لفائدة السجناء ‪ ،‬وهذه المصاريف‬
‫في تزايد بسبب تنامي الظاهرة اإلجرامية ‪.‬‬

‫لذلك كان البد من تفعيل العقوبات البديلة لما لها من فائدة كبيرة في تجنيب العديد‬
‫من المبتدئين من دخول السجن فيما يتعلق بالجرائم البسيطة و قصيرة المدة ‪.‬‬

‫إذ يساهم التفعيل في التخفيف من أعباء الخزينة العامة لما تتطلبه المؤسسات‬
‫السجنية من مصاريف إدارات و مقرات و تجهيزات و أعوان ‪ ،‬إضافة إلى التخفيف من‬
‫اكتظاظ المؤسسات السجنية بالتالي فإن أهم فائدة تعود على السجون هي الحد من ظاهرة‬
‫االكتظاظ بها ‪.‬‬

‫‪ )2‬بالنسبة للمؤسسة المشغلة فيما يتعلق بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‪:‬‬

‫لئن حدد المشرع التونسي صلب الفصل ‪ 29‬من م‪.‬ج المؤسسات المنتفعة بقبول‬
‫المحكوم عليهم بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة إال أنه لم يحدد قائمة حصرية في هذه‬
‫المؤسسات و تركها على إطالقها ‪ ،‬فالمؤسسة المشغلة أيا كانت إذا ما قبلت المحكوم عليه‬
‫فإنها ستستفيد من تشغيله باعتبارها ستنتفع بخدماته المجانية التي يكفر من خاللها عن‬
‫أخطائه المرتكبة‪ ،‬هذا باإلضافة إلى تشريك المؤسسات المفتوحة في تنفيذ األحكام الجزائية‬
‫القاضية باستبدال عقوبة السجن بالعمل لفائدة المصلحة العامة و في ذلك تحول كبير في‬
‫منظومة القضاء الجزائي و إخراج دائرة التنفيذ من ضيق السجون و رقابة القضاء إلى‬
‫مؤسسات مفتوحة على العالم الخارجي‪.‬‬

‫لئن تعرضنا إلى أوجه التفعيل من خالل بيان دور القضاء في تفعيل العقوبات‬
‫البديلة و الفوائد المترتبة عن هذا التفعيل ‪ ،‬إال أن اإلحصائيات التي تم رصدها في الغرض‬
‫‪57‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫بينت أن التفعيل موجود إال أنه تفعيل محتشم نظ ار لوجود عدة عوائق تحول دون التفعيل‬
‫ففيما تتمثل هذه العوائق ؟ و ما هي الحلول الكفيلة بإزالتها ؟‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬عوائق التفعيل‬

‫لئن بينت اإلحصائيات المعتمدة وجود تفعيل للعقوبات البديلة من طرف اإلطار‬
‫القضائي المعني بذلك إال أنه ظل تفعيال محتشما (فقرة أولى) نتيجة الصعوبات التي‬
‫يواجهها القضاة أثناء التطبيق (فقرة ثانية) ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬تفعيل محتشم للعقوبات البديلة ‪:‬‬

‫أفرزت اإلحصائيات التي وقع القيام بها من طرف المصالح المعنية بها أن نسبة‬
‫ت طبيق المحاكم بمختلف درجاتها للعقوبات البديلة الواردة في النص منذ إرسائها هي نسبة‬
‫ضعيفة مقارنة بعدد المحاكم الموجودة و عدد األحكام المصرح بها ‪ ،‬وهو ما يعني تراجعا‬
‫كبي ار في تطبيق العقوبات البديلة في السنوات األخيرة من قبل الدوائر الجناحية االبتدائية‬
‫و االستئنافية و محاكم النواحي و هو ما يدفع إلى البحث عن أسباب عدم تفعيل العقوبات‬
‫البديلة (أ) ثم بيان نتائج عدم التفعيل (ب) ‪.‬‬

‫أ) أسباب عدم التفعيل ‪:‬‬

‫يعد التطبيق القضائي للعقوبات البديلة التي وقع تكريسها من المشرع التونسي تطبيقا‬
‫محتشما و ترجع المصالح المعنية محدودية عدد األحكام الصادرة في هذا اإلطار إلى طبيعة‬
‫العقوبة في حد ذاتها و كيفية تنفيذها من ذلك عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ‪ ،‬إضافة‬

‫‪58‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫إلى عدم لج وء القاضي للحكم بالعقوبات البديلة و اقتصاره على العقوبات الكالسيكية التي‬
‫تعود الحكم بها ‪.‬‬

‫كما تستوجب هذه العقوبات من المحكمة دراسة شاملة لمختلف ظروف ومالبسات‬
‫الجريمة المرتكبة و المعطيات الشخصية المتصلة بالمتهم إضافة إلى جملة الشروط المتصلة‬
‫بالمتهم كأن يكون نقي السوابق العدلية و قبوله إبدال العقوبة ‪ ،‬و التأكد من سالمته‬
‫الصحية بعرضه على الفحص الطبي وقدرته على القيام بالعمل المطلوب منه فيما يتعلق‬
‫بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ‪.‬‬

‫كذلك يعد رفض المتهم استبدال عقوبة السجن بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‬
‫بعد إعالمه بحقه في الرفض و تسجيل جوابه بمحضر الجلسة طبق مقتضيات الفصل ‪25‬‬
‫ثالثا من م‪.‬ج ‪ ،‬أو قبوله استبدالها و تعذر إضافة بطاقة السوابق العدلية لملف القضية ‪ ،‬من‬
‫األسباب التي تحول دون تفعيل هذه العقوبة ‪.‬‬

‫أما إذا تبين للمحكمة أن المتهم معسر و غير قادر على تعويض المتضرر عما‬
‫اقترفه تجاهه من أفعال نتيجة حالة الفقر و الخصاصة التي يعانيها ‪ ،‬فإن ذلك ال يجيز‬
‫للمحكمة إمكانية تطبيق عقوبة التعويض الجزائي عليه كعقوبة بديلة نظ ار لما سيترتب عنه‬
‫من إشكاليات عند التنفيذ‪.‬‬

‫كما أن عدم وجود مؤسسة مختصة تعنى باستقطاب المحكوم عليهم بالعقوبة البديلة‪،‬‬
‫و عدم وجود قائمة حصرية للمؤسسات المشغلة يعيق عمل القاضي على مستوى التفعيل‬
‫والتطبيق‪ ،‬إذ أفرز الواقع العملي عدم قبول المؤسسات المنتفعة لفكرة التشغيل من أصله‬
‫رغم م جانيته وهو عائق يحول دون لجوء القضاة للتصريح بعقوبة العمل لفائدة المصلحة‬
‫العامة‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫هذا و تفيد المصالح القضائية أن التطبيق العملي للقانون المتعلق بعقوبة العمل‬
‫لفائدة المصلحة العامة كشف وجود بعض الصعوبات العملية منها الشرط المتعلق بإعراب‬
‫المتهم عن ندمه و الذي تم إلغائه فيما بعد وهو يفترض أن يكون المتهم معترفا بالتهمة‬
‫المنسوبة إليه ‪ ،‬لكن الواقع العملي يؤكد لجوء المتهم في أغلب األحيان إلى اإلنكار وبالتالي‬
‫يتعذر على القاضي تفعيل عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة و هذه الصعوبة تعرض لها‬
‫القضاة منذ إرساء هذه العقوبة إلى حين إلغاء الشرط المتعلق بإعراب المتهم عن ندمه ‪ ،‬و‬
‫رغم ذلك مازال التفعيل دون المأمول‪.‬‬

‫من العوائق األخرى كذلك أن عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ال يتم الحكم بها‬
‫من طرف الدوائر الجناحية في أغلب األحيان ألن المفاوضة تكون في جلسة مكتبية و في‬
‫كنف السرية ‪ ،‬وعند التفاوض ال يمكن أخذ رأي المتهم باعتباره غير حاضر و المفروض‬
‫عند التصريح بالعقوبة البديلة أن يكون المتهم حاض ار بالجلسة و يصرح بقبوله استبدال‬
‫عقوبة السجن بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ‪.‬‬

‫لذا ما يمكن مالحظته في النهاية أن عزوف القضاة عن تفعيل العقوبات البديلة‬


‫ينجر عنه عدة نتائج‪ .‬ففيما تتمثل ؟‬

‫ب) نتائج عدم التفعيل ‪:‬‬

‫بينت الدراسات الجزائية الحديثة خطورة الحكم بالعقوبة السجنية خاصة بالنسبة‬
‫ألنماط معينة من الجناة التي يعكس سلوكها خطورة جزائية ضئيلة على المجتمع كالمجرم‬
‫بالصدفة الذي ال يستحق أن يودع بالسجن خاصة إذا كانت المدة قصيرة و غير كفيلة‬
‫بإصالحه حتى ال يختلط بين معتادي اإلجرام فتنعكس سلبا على شخصيته و ينحرف سلوكه‬
‫‪ ،‬فالحكم بمدة قصيرة ال يساعد على إعداد و تنفيذ برنامج إصالحي بل يساهم في تنامي‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -1‬د أحمد براك ‪ :‬العقوبات البديلة بين الواقع و المأمول ‪.‬فلسطين ص ‪2‬‬
‫‪60‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫النزعة اإلجرامية للمحكوم عليه عبر االختالط بمساجين آخرين في مؤسسة تفتقد للتصنيف‬
‫الداخلي لهم ‪.‬‬

‫فمن نتائج عدم التفعيل بروز ظاهرة اكتظاظ السجون ‪ ،‬فالمؤسسات السجنية هي‬
‫أماكن إليواء األشخاص المودعين فيها بموجب بطاقة إيداع أو بطاقة جلب أو تنفيذا لحكم‬
‫‪ ،‬و قد نظمها القانون عـ‪51‬ـدد لسنة ‪ 1112‬المؤرخ في ‪21‬‬ ‫‪1‬‬
‫أو بموجب الجبر بالسجن‬
‫ماي ‪ ( 1112‬ملحق عـ‪1‬ـدد) ‪،‬إذ تستأثر العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة نسبة كبيرة‬
‫من األحكام القضائية في عدة بلدان و من سلبياتها ارتفاع عدد المساجين بشكل مهول ‪ ،‬إذ‬
‫في إحصائية عامة تم رصدها خالل شهر أكتوبر ‪ 1125‬للمساجين المودعين بمختلف‬
‫الوحدات بلغ مجموعها ثالثة و عشرون ألف و سبعمائة و ستة و أربعين بين موقوفين‬
‫ومحكوم عليهم (ملحق عـ‪2‬ـدد)‪ .‬باإلضافة إلى ضعف اإلمكانيات المادية الخاصة‬
‫بمواجهتهم و استيعابهم وهي من أهم العوامل التي أثرت بوضوح في عدم إتمام برامج‬
‫اإلصالح و التأهيل الالزمة لمراعاة السجناء مما أفشل تلك البرامج اإلصالحية وجعل العديد‬
‫من المفرج عنهم يعودون إلى ميدان الجريمة ‪ ،2‬إذ تتطلب عملية اإلصالح والتأهيل مبالغ‬
‫مالية كبيرة يتم رصدها لالهتمام بالمساجين السيما و أن المؤسسات العقابية تتطلب في‬
‫الوقت الراهن مبالغ مالية كبيرة لتكون بالمستوى المالئم لتحقيق عملية اإلصالح والتأهيل و‬
‫بالتالي فإن التغيير الحاصل على فلسفة العقاب و اإلصالح أدى إلى زيادة نفقات الدولة‬
‫على السجون و خاصة على المساجين ‪.3‬‬

‫‪ -1‬هانية الهمامي ‪ :‬المرجع مذكور سابقا ص ‪221‬‬


‫‪ -2‬عمار عباس الحسيني ‪ :‬المرجع مذكور سابقا ص ‪208‬‬
‫‪ -3‬عمار عباس الحسيني ‪ :‬المرجع مذكور سابقا ص ‪392‬‬
‫‪61‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫كذلك من نتائج عدم التفعيل على المتهم المبتدئ بعد خروجه من السجن فقدانه‬
‫الثقة بنفسه و بالمجتمع و عدم الشعور بالمسؤولية و االضطراب و اإلحباط النفسيين وعدم‬
‫القدرة على التكيف مع المجتمع بعد الخروج منه ‪. 1‬‬

‫ففي عدم تفعيل العقوبات البديلة و الحكم بالعقوبة السجنية قصيرة المدة إضرار‬
‫بالمحكوم عليه و بأسرته فمن جهة يفقد عمله و هو ما يؤثر سلبا على عائلته إذا كان هو‬
‫العائل الوحيد لها ‪ .‬و عند انت هاء هذه المدة قد يعجز المحكوم عليه على الرجوع لعمله‬
‫السابق مما قد يؤثر على مستقبله و يشجعه مجددا على االنحراف ‪.‬‬

‫لئن تعرضنا إلى أن التفعيل المحتشم للعقوبات البديلة تبرره عدة أسباب أفرزت جملة‬
‫من النتائج سواء على المؤسسة السجنية التي تعاني االكتظاظ أو على المحكوم عليهم‬
‫المبتدئين أو كذلك على مستوى الزيادة في اإلمكانيات المادية للسجون و المساجين على حد‬
‫سواء‪ ،‬وهو ما يدفع إلى البحث عن صعوبات التفعيل لتدارك هذه السلبيات ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬صعوبات التفعيل ‪:‬‬

‫لدراسة صعوبات التفعيل التي يمكن لإلطار القضائي التعرض لها أثناء الحكم‬
‫بالعقوبات البديلة سنتعرض إلى دراسة المشاكل التي تعيق التفعيل (أ) ثم الحلول المقترحة‬
‫لتجاوزها (ب) ‪.‬‬

‫‪ -1‬هانية الهمامي ‪ :‬نفس المرجع المذكور سابقا ص ‪229‬‬


‫‪62‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫أ) دراسة المشاكل التي تعيق تفعيل العقوبات البديلة ‪:‬‬

‫أفرزت الصعوبات العملية التي يلقاها اإلطار القضائي على مستوى تنفيذ العقوبات‬
‫البديلة عدة أسباب تحول دون تفعيل هذه العقوبات سواء فيما يتعلق بعقوبة العمل لفائدة‬
‫المصلحة العامة (‪ )1‬أو فيما يتعلق بعقوبة التعويض الجزائي (‪. )2‬‬

‫‪ )1‬أسباب تعذر تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ‪:‬‬

‫تتمثل أسباب تعذر تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة سواء من طرف‬
‫المحكوم عليه أو من طرف قاضي تنفيذ العقوبات فيما يلي‪:‬‬

‫بالنسبة لتعذر تنفيذ هذه العقوبة من طرف المحكوم عليه فإن ذلك يعود لتخلفه‬
‫عن الحضور لدى قاضي تنفيذ العقوبات المكلف بمتابعة التنفيذ رغم استدعائه طبق القانون‬
‫أو بسبب عدم توصله باالستدعاء لتغييره لمقر إقامته أو كذلك القتضاب عنوانه المدلى به‬
‫و صعوبة االتصال به هاتفيا أو بالمراسلة هذا من جهة و من جهة أخرى عدم مبادرة‬
‫المحكوم عليه باالتصال بقاضي تنفيذ العقوبات بنفسه خاصة و أنه على بينة من صدور‬
‫هذا الحكم إذ يبقى ينتظر حتى يتم استدعائه ‪ ،‬باإلضافة إلى تخلفه عن إجراء الفحص‬
‫الطبي لدى طبيب السجن القريب من مقر إقامته أو تخلفه عن االتصال بالقاضي المكلف‬
‫بالتنفيذ رغم إجرائه للفحص الطبي ‪.‬‬

‫من أسباب تعذر التنفيذ أيضا تخلف المحكوم عليه عن المؤسسة المشغلة ألكثر من‬
‫ثالث مرات بدون عذر شرعي و رفضه التوجه إليها من جديد رغم التنبيه عليه بذلك مما‬
‫يستدعي الرجوع لتطبيق العقوبة البدنية المحكوم بها عليه أصالة ‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫كما أن وجود عديد المتمتعين بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة بالسجن دليل‬
‫على تنفيذ عقوبة بدنية أخرى وهو ما يحول دون التنفيذ الوقتي للعقوبة البديلة باإلضافة إلى‬
‫إفصاح بعض المحكوم عليهم بعدم رغبتهم في تنفيذها بعد الحكم عليهم بها ‪.1‬‬

‫و بالنسبة لتعذر متابعة تنفيذ هذه العقوبة من طرف قاضي تنفيذ العقوبات فإن‬
‫ذلك يعود إلى عدم حضور المعني باألمر رغم القيام باإلجراءات القانونية الالزمة من‬
‫استدعائه طبق القانون و إجرائه للفحص الطبي إال أنه لم يلتحق بالمؤسسة المشغلة األمر‬
‫الذي لم يتسن معه للقاضي متابعة التنفيذ و كذلك امتناعه عن التنفيذ أو انقطاعه عن العمل‬
‫للمرة الثالثة دون عذر شرعي طبق الفصل ‪ 116‬مكرر من م‪.‬إ‪.‬ج ‪ .‬كما أن تجاوز األجل‬
‫القانوني للتنفيذ الوارد بالفصل ‪ 25‬ثالثا في فقرته الرابعة من م‪.‬ج يتعذر معه التنفيذ القانوني‬
‫من طرف القاضي المكلف بالتنفيذ ‪.‬‬

‫باإلضافة إلى تخوف المؤسسات المشغلة و عدم قبولهم للفكرة و رفضهم استقبال‬
‫المحكوم عليهم يحول دون متابعة التنفيذ رغم القيام باإلجراءات القانونية من طرف الجهاز‬
‫القضائي و استعداد المحكوم عليه للعمل ‪ ،‬لذا فإن ما تبديه بعض المؤسسات المؤهلة‬
‫للتشغيل من تحفظ في قبول مبدأ التشغيل رغم مجهودات و ازرة اإلشراف التي استهدفت هذه‬
‫المؤسس ات لدعوتها للمساهمة بأكثر فعالية قصد إنجاح هذه العقوبة خاصة وأن مجال‬
‫انطباقها ينحصر في المخالفات و الجنح البسيطة التي ال تشكل خطورة على المجتمع‪.‬‬

‫كما أن من أسباب التعذر أيضا عدم تفرغ قاضي تنفيذ العقوبات بهذه المهمة أمام‬
‫تكليفهم بمهام أخرى‪ ،‬باعتبار و أن متابعة تنفيذ العقوبة البديلة يتضمن التوجه إلى المؤسسة‬
‫ذاتها لبيان مدى تنفيذ المحكوم عليه للعقوبة و مدى توفير الضمانات القانونية له من طرف‬
‫المؤسسة المشغلة‪ ،‬إضافة إ لى عدم إحالة الملفات المحكوم فيها بالعقوبة البديلة بصفة آنية ‪،‬‬

‫‪ -1‬هذا ما ورد بالتقرير السنوي لقاضي تنفيذ العقوبات بالمحكمة االبتدائية بتونس خالل السنة القضائية ‪3022-3022‬‬
‫‪64‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫و هذا التباطؤ القضائي في متابعة الملفات مرده الصعوبات الكبيرة في استدعاء المحكوم‬
‫عليهم إما القتضاب العناوين أو تغيير مقراتهم أو عدم الحضور رغم بلوغ االستدعاء ‪. 1‬‬

‫كما تعد مسأ لة الفحص الطبي المجرى احد أهم العوائق خاصة إذا تم العرض‬
‫و أثبت التقرير الطبي المنجز في الغرض أن المحكوم عليه غير قادر على القيام بالعمل‬
‫رغم مبادرته بالتنفيذ فما الحل في هذه الحالة هل يتم استبدال العقوبة البديلة من جديد‬
‫و إحالل العقوبة البدنية محلها أم يتم إعفائه من التنفيذ و ال يجازى على الفعل المرتكب‬
‫منه‪.2‬‬

‫‪ )2‬أسباب تعذر تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي‪:‬‬

‫تتمثل أسباب تعذر تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي سواء من طرف المحكوم عليه أو‬
‫من طرف ممثل النيابة العمومية فيما يلي ‪:‬‬

‫بالنسبة لتعذر تنفيذ هذه العقوبة من طرف المحكوم عليه فإن ذلك يعود إلى‬
‫استئنافه للحكم القاضي بعقوبة التعويض الجزائي وهو ما يحول دون تنفيذه الوقتي لها‪.‬‬
‫و لعل أهم عائق يكمن في كون المحكوم عليه يكون بحالة عسر أو فقر و هذا اإلعسار‬
‫يحول دون التنفيذ و في هذه الحالة ال يتسنى للنيابة العمومية بعد انتهاء األجل القانوني‬
‫للتنفيذ إال مباشرة إجراءات تنفيذ العقوبة البدنية المحكوم بها أصالة عليه ‪ ،‬فهذه العقوبة‬
‫البديلة ال يستطيع أن يستفيد منها الفقير و المعسر لعدم القدرة على أداء التعويض لفائدة‬
‫المتضرر خاصة و أن مبلغ التعويض قد يصل أقصاه حسب ما ورد بالفصل ‪ 25‬رابعا في‬
‫فقرته األولى من م‪.‬ج ‪.‬‬

‫‪ -1‬هذا ما ود بالتقرير السنوي لقاضي تنفيذ العقوبات بالمحكمة االبتدائية بتونس ‪.‬‬
‫‪ -2‬عماد بلقاسمي ‪ :‬العقوبات المستحدثة في القانون الجزائي التونسي ‪ ،‬مذكرة لإلحراز على شهادة الماجستير في القانون شعبة العلوم الجنائية‬
‫‪ 3008-3009‬ص ‪28‬‬
‫‪65‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫و يحصل أحيانا أن يرفض المتضرر قبول مبلغ التعويض مما يدفع بالمحكوم عليه‬
‫إلى تأمينه ومن الصعوبات التي تعترضه أن القباضة المالية عندما يقوم المحكوم عليه‬
‫بالتأمين ال تنص على عدد الحكم بوصل التأمين وال تخصص كذلك سبب قبولها للمبلغ إن‬
‫كان بعنوان تعويض جزائي من عدمه‪.‬‬

‫و بالنسبة للتنفيذ يكون بعد انقضاء أجل الطعن باالستئناف و خالل األجل القانوني‬
‫المحدد بالنص لكن تنفيذها بعد األجل القانوني يحول دون التنفيذ ‪ ،‬فإذا ما أدلى المحكوم‬
‫عليه بما يفيد التنفيذ بعد األجل أي بعد مرور ثالثة أشهر من انقضاء أجل الطعن‬
‫باالستئناف فهل يؤذن بحفظ الملف و إيقاف التنفيذ في حقه أم يقع تنفيذ العقوبة البدنية‬
‫‪1‬‬
‫المحكوم بها عليه أصالة ؟‬

‫هذا فيما يتعلق بأسباب التعذر من طرف المحكوم عليه و التي يمكن أن تتجاوزه‬
‫لتصل مرحلة متابعة التنفيذ من طرف النيابة العمومية‪.‬‬

‫بالنسبة ألسباب تعذر تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي من طرف ممثل النيابة‬
‫العمومية فتتمثل في عدم اإلدالء بما يفيد تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي خالل األجل‬
‫القانوني المذكور بالفصل ‪ 25‬رابعا من م‪.‬ج و الفصل ‪ 116‬ثالثا من م‪.‬إ‪.‬ج في فقرته الثالثة‬
‫‪ ،‬فيتولى ممثل النيابة العمومية مباشرة إجراءات تنفيذ عقوبة السجن المحكوم بها ‪ ،‬هذا‬
‫باإلضافة إلى أن استئناف النيابة العمومية للحكم القاضي بالعقوبة البديلة يحول دون التنفيذ‬
‫وهذا ناد ار ما يحصل‪.‬‬

‫كما أن تسرب خطأ في نص الحكم القاضي باستبدال عقوبة السجن بعقوبة‬


‫التعويض الجزائي كعدم التنصيص على هوية المتضرر المعني بالتعويض أو عدم‬
‫‪ ،‬أو كذلك عدم‬ ‫‪2‬‬
‫التنصيص على هوية المتهم الواقع إعمال العقوبة البديلة في حقه‬

‫‪ -1‬محرز الحواشي ‪ :‬خواطر حول اإلشكاليات التي يثيرها تطبيق عقوبة التعويض الجزائي م ق ت ديسمبر ‪ 3020‬ص ‪21‬‬
‫‪ -2‬زبير عوني ‪ :‬عقوبة التعويض الجزائي ‪ ،‬رسالة لنيل شهادة ختم الدروس بالمعهد األعلى للقضاء ‪ 3023-3022‬ص ‪222‬‬
‫‪66‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫التنصيص على مبلغ التعويض بالدقة المطلوبة مما يدفع بالمحكمة المصدرة للحكم السعي‬
‫في إصالحه بعد عرض األمر على ممثل النيابة العمومية و إصدار قرار في حل هذه‬
‫الصعوبة التنفيذية‪.‬‬

‫ب) الحلول المقترحة لتفعيل العقوبات البديلة ‪:‬‬

‫من الحلول المقترحة إلزالة هذه العوائق التي تحول دون التفعيل و التنفيذ إعداد‬
‫دراسات الغاية منها إجراء بعض التعديالت على األحكام المتعلقة بالعقوبات البديلة الواردة‬
‫بالنص حتى يسهل تطبيقها من كل األطراف المتداخلة باإلضافة إلى إعداد مشروع قانون‬
‫يتعلق بتطوير العقوبات البديلة و توسيع مجالها على غرار ما هو معمول به بالقوانين‬
‫المقارنة و السعي نحو تطوير العمل بالعقوبات البديلة لتحقيق الغاية المنشودة المتمثلة في‬
‫التقليص من عدد األحكام المحكوم فيها بالعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة‪.‬‬

‫إيجاد نوع من االنسجام و التوافق بين إرادة المشرع التونسي في تكريسه للعقوبات‬
‫البديلة و بين رغبة القضاة في تفعيلها لما لها من فوائد عدة سبق ذكرها ‪ ،‬كما تتحقق نجاعة‬
‫هذه العقوبات إذا ما تم االهتمام بها أكثر من خالل إرساء نظام قانوني يوفق بين ظروف‬
‫المتهم و ظروف ارتكاب الجريمة ‪.‬‬

‫باإلضافة إلى العمل على تجاوز الصعوبات التي تحول دون تنفيذ األحكام القاضية‬
‫بعقوبات بديلة من ذلك مثال إنشاء مؤسسة خاصة تستقطب المحكوم عليهم بعقوبة العمل‬
‫لفائدة المصلحة العامة على غرار ماهو معمول به بسويس ار ‪ ،‬أو إعداد قائمة في المؤسسات‬
‫المشغلة تكون محددة كما ينبغي لقبول المحكوم عليهم بها و مد المحاكم صاحبة النظر بهذه‬
‫القائمة الواضحة و نوع النشاط الذي تتعاطاه كل مؤسسة معنية و عدد ساعات العمل التي‬
‫تريد الحصول عليها حتى تتمكن المحاكم على ضوء هذه المعطيات من تفعيل هذه العقوبة‬

‫‪67‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫البديلة في أحسن الظروف كما من شأنه مساعدة الجهاز المكلف بالتنفيذ على متابعة تنفيذ‬
‫هذه العقوبة بالسرعة الكافية ليتحقق الهدف المنشود منها و ذلك اقتداء بالمشرع الفرنسي‪.‬‬

‫هذا بإيجاز كل ما يتعلق بعوائق التفعيل من حيث كونه تفعيال محتشما من خالل‬
‫بيان األسباب والنتائج وصوال إلى الصعوبات من خالل دراسة للمشاكل التي تعيق التفعيل‬
‫والحلول المقترحة لتجاوزها‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص‬

‫لئن أمكن لنا أثناء دراسة موضوع العقوبات البديلة الواردة في النص إقصاء كل‬
‫التدابير و اإلجراءات المتخذة قبل البت في أصل النزاع و كل التدابير واإلجراءات المتعلقة‬
‫استنادا إلى التعريف الضيق للعقوبات البديلة التي تعني إعطاء‬ ‫‪1‬‬
‫بتنفيذ األحكام بعد صدورها‬
‫الخيار و الحرية للقاضي لكي يصرح إما بالعقوبة السالبة للحرية أو بالعقوبة البديلة التي‬
‫تحل محلها والمتمثلة أساسا في عقوبتي العمل لفائدة المصلحة العامة والتعويض الجزائي من‬
‫خالل التطرق لمحتوى النص القانوني ثم بيان شروط الحكم بهما وكيفية تنفيذهما ‪ ،‬و رغم‬
‫محدودية النص واقتصاره على عقوبتين فقط بديلتين للعقوبة السجنية إال أن التفعيل بات‬
‫دون المأمول من خالل اإلحصائيات التي تم اعتمادها لبيان أوجه التفعيل و فوائده ثم بيان‬
‫عوائقه منتهين إلى الحلول المقترحة ل لحد من هذه الصعوبات و لما ال إزالتها و تفعيل ما‬
‫يسمى بالعقوبات البديلة حتى تحصل الغاية من وراء تكريسها‪.‬‬

‫‪ -1‬ملتقى بعنوان السياسة العقابية بتونس ‪ ،‬ملتقى جهوي بدائرة محكمة االستئناف بالكاف ‪ 3 ،‬جويلية ‪2888‬‬
‫‪69‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫‪70‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫الجزء الثاني ‪ :‬اآلفاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫إن التطرق لواقع العقوبات البديلة في القانون التونسي سواء فيما يتعلق بالنطاق‬
‫التشريعي الذي ينظمها أو بنطاق التفعيل الذي عرفته على أرض الواقع أفرز عدة عوائق‬
‫و صعوبات تتطلب دراسة مستفيضة للبحث عن السبل الكفيلة إلزالتها أو الحد منها ‪ ،‬وتمر‬
‫سبل تطويرها و إنجاحها انطالقا من آفاق التشريع الحالي فيما يتعلق بهاتين العقوبتين و هو‬
‫محور (الفصل األول) من البحث لنصل إلى آفاق التفعيل المنتظرة لتدعيم هذه العقوبات‬
‫على المستوى العملي انطالقا من مكتب المصاحبة كمشروع نموذجي في هذا المجال و هو‬
‫محور (الفصل الثاني)‪.‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬آفاق التشريع‬


‫الفصل الثاني ‪ :‬آفاق التفعيل ( مكتب المصاحبة كمشروع نموذجي )‬

‫‪71‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫الفصل األول ‪ :‬آفاق التشريع‬

‫لئن تم التعرض إلى النطاق التشريعي للعقوبات البديلة الواردة في القانون التونسي‬
‫من خالل محتوى النص القانوني إال أن ذلك قد أظهر جملة من النقائص ال بد من إيجاد‬
‫حلول جذرية لها حتى تتدعم إرادة المشرع الساعية إلى تكريس هاته العقوبات البديلة لذا‬
‫سننطلق من مسألة تنقيح المجالت الجزائية القانونية و نعني بها المجلة الجزائية و مجلة‬
‫اإلجراءات الجزائية وهو ما سنتناوله بالبحث في (مبحث أول) لنتعرض إلى ضرورة تطوير‬
‫العمل بالعقوبات البديلة من خالل التحسيس و التوعية في (مبحث ثان) ‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬تنقيح المجالت القانونية‬

‫إن الشروع في التطبيق الفعال للعقوبات البديلة يمر حتما عبر تنقيح بعض فصول‬
‫المجلة الجزائية و مجلة اإلجراءات الجزائية على حد سواء فيما يتعلق بما ورد بهاتين‬
‫العقوبتين من شروط و إدراجهما ضمن سلم العقوبات البديلة بصفة مستقلة عن غيرها من‬
‫العقوبات األخرى سيما العقوبات األصلية و العقوبات التكميلية ‪ ،‬و حتى ال يبقى األمر حب ار‬
‫على ورق من واجبنا التساؤل حول إن كان مشروع تنقيح المجلتين قد تناول هذه المسألة ؟‬
‫و لإلجابة عن ذلك سنتعرض إلى مشروع تنقيح المجلة الجزائية في (فقرة أولى) لنتطرق إلى‬
‫مشروع تنقيح مجلة اإلجراءات الجزائية في (فقرة ثانية) ‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬مشروع تنقيح المجلة الجزائية ‪:‬‬

‫إن تطوير المنظومة القانونية يمر عبر تنقيح عديد القوانين و المجالت على غرار‬
‫مجلة اإلجراءات الجزائية لذا يكتسي مشروع تنقيح المجلة الجزائية أهمية بالغة في إطار دعم‬
‫ضمانات المحاكمة العادلة مما يدعو إلى ضرورة مواصلة المجهود الذي انطلق مع مشروع‬
‫تنقيح مجلة اإلجراءات الجزائية لتطوير المنظومة الجزائية انطالقا من مراجعة الفصول‬
‫القانونية التي القت بعض العوائق أثناء مرحلة التطبيق والتنفيذ‪.‬‬

‫و تعد العقوبات البديلة الواردة في القانون التونسي و المتمثلة في عقوبتي العمل‬


‫لفائدة المصلحة العامة و التعويض الجزائي من المسائل التي تحتاج إلى المراجعة ‪ ،‬لذا يعد‬
‫تنقيح بعض فصول المجلة الجزائية المتعلقة بالعقوبات البديلة حاف از إيجابيا قصد تطوير‬
‫تفعيل العمل بها ‪ ،‬مع ضرورة إخضاعها إلى مراجعة شاملة منبثقة عن تصور جديد للسياسة‬
‫الجزائية بتونس و مالءمتها مع الواقع الموجود حتى ال تبقى مهجورة ‪.‬‬

‫لذا فإن التنقيحات المقترحة يجب أن تنطلق باألساس من الفصل الخامس من‬
‫المجلة الجزائية المنظم للعقوبات البديلة (أ) ثم الفصول ‪ 25‬مكرر و ‪ 25‬ثالثا و ‪ 29‬و ‪29‬‬
‫و ‪ 29‬مكرر من م‪.‬ج فيما يتعلق بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة (ب) و أخي ار الفصل‬
‫‪ 25‬رابعا فيما يتعلق بعقوبة التعويض الجزائي (ج)‪.‬‬

‫أ) فيما يتعلق بتنقيح الفصل ‪ 5‬من م‪.‬ج ‪:‬‬

‫انطالقا من التعريف القانوني للعقوبات البديلة فال يمكن اعتبارها ال من العقوبات‬


‫األصلية و ال من العقوبات التكميلية التي تضاف للعقوبة األصلية بهدف الزجر و الردع‬
‫و كذلك بهدف الوقاية و منع المجرم من ارتكاب جرائم أخرى في المستقبل ‪ ،‬فلماذا أوردها‬
‫المشرع صلب قائمة العقوبات األصلية والحال أنه ال يمكن الحكم بها بصفة أصلية و مستقلة‬
‫و إنما هي عقوبات بديلة للعقوبة السجنية األصلية المحكوم بها في إطار نفس الحكم ؟‬

‫‪73‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫فالسياسة العقابية بتونس مازالت تحتاج إلى مزيد التطوير على مستوى سلم‬
‫العقوبات الحالي أو كذلك عند تنفيذ العقوبات البديلة ‪. 1‬‬

‫و بالنسبة للتصنيف الوارد بالفصل ‪ 5‬من م‪.‬ج فإن المشرع التونسي لم يضع‬
‫نصوصا تتعرض إلى تقسيم المجرمين إلى فئات معينة كما أنه لم يضع تقسيما للعقوبات‬
‫بحسب اختالف المجرمين ‪ ،‬بل اكتفى بوضع سلم للعقوبات معتمدا في ذلك خطورة الفعل‬
‫المرتكب و درجة الخطأ و مبناه أن المشرع استند إلى الخطأ الجزائي عند تحديده للعقاب‬
‫المستحق دون التركيز على الخطورة اإلجرامية المرتبطة بشخصية المجرم بالدرجة األولى‪.2‬‬

‫إن عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة التي أرساها المشرع التونسي كعقوبة بديلة‬
‫للعقوبات السالبة للحرية هي إنجاز هام و قابل للتطور و ذلك بتدعيم سلم العقوبات الحالي‬
‫بعقوبات بديلة إضافية إقتداء بما توصلت إليه التشاريع المقارنة على غرار التشريع الفرنسي‪،‬‬
‫و هذا االنجاز عندما دخل دائرة التقييم و احتك بالواقع أفرز عديد اإلشكاليات على المستوى‬
‫التطبيقي الشيء الذي يستدعي البحث عن الحلول ليتالءم مع ما هو موجود بواقعنا‬
‫المعيش‪.3‬‬

‫و من الحلول الممكن اقتراحها إفراد العقوبات البديلة بتصنيف مستقل صلب سلم‬
‫العقوبات الوارد بالفصل ‪ 5‬من م‪.‬ج ليصبح شامال لثالثة أقسام ‪ :‬العقوبات األصلية ‪،‬‬
‫العقوبات البديلة و العقوبات التكميلية ‪ ،‬باعتبار و أن التعريف القانوني للعقوبات البديلة‬
‫يختلف عن تعريف الع قوبات األصلية و كذلك عن العقوبات التكميلية ‪ ،‬إضافة إلى اختالفهم‬
‫من حيث الغاية من إرسائهم ‪.‬‬

‫إجراء تحوير على مستوى الترتيب الحالي للعقوبات الموجودة صلب الفصل ‪ 5‬من‬
‫م‪.‬ج الذي انطلق من العقوبات األصلية بادئا من أشدها خطورة إلى أقلها وطأة على حياة‬

‫‪" -1‬السياسة العقابية بتونس " ملتقى جهوي بدائرة محكمة االستئناف بالكاف ‪ 3 ،‬جويلية ‪ 2888‬ص ‪22‬‬
‫‪ " -2‬السياسة العقابية بتونس " ملتقى جهوي بدائرة محكمة االستئناف بالكاف ‪ 3 ،‬جويلية ‪ 2888‬ص ‪231‬‬
‫‪" -3‬العقوبة البديلة" ملتقى جهوي بدائرة محكمة االستئناف بقابس‪ ،‬قابس ‪ 23‬جانفي ‪ ، 3002‬ص ‪2‬‬
‫‪74‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫األفراد فلما ال يتم الترتيب انطالقا من العقوبات البديلة أوال ثم العقوبات األصلية مواكبة‬
‫للسياسة الزجرية الحديثة التي من غاياتها أن ال تحتل عقوبة السجن المرتبة األولى في سلم‬
‫العقوب ات‪ ،‬و ال يمكن الوصول لذلك إال إذا تغيرت نظرتنا لوظيفة العقوبة باعتبار و أن‬
‫وظيفة العقوبة البديلة هي االهتمام بآثار الفعل اإلجرامي و تعويض الخسارة الناشئة عنه‬
‫بالتالي تحصل الفائدة من إقرار هذه العقوبة البديلة إذ يستفيد المجتمع و المتضرر والفاعل‬
‫ذاته‪. 1‬‬

‫استحداث عقوبات جديدة بديلة للعقوبة السجنية على غرار ماهو معمول به في‬
‫القوانين المقارنة من ذلك الخطية اليومية ‪ ،‬وضع المجرم تحت االختبار‪ ،‬السجن شبه المفتوح‬
‫أثناء العطل حتى ال يفقد المحكوم عليه عمله ‪ ،‬المراقبة االلكترونية ‪ ،‬تحديد اإلقامة في‬
‫المسكن أي بقاء المحكوم عليه في مسكنه طوال مدة العقاب و تطبق هذه العقوبة خاصة‬
‫على النساء وهو نظام يمكن أن يتناسب مع وضعية المرأة في المجتمع التونسي الذي يهتم‬
‫بالمحافظة عليها و يناسب كذلك أوضاع السجون في تونس لقلة عددها و اكتظاظها‪.2‬‬

‫ب) فيما يتعلق بالفصول المنظمة لعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ‪:‬‬

‫لئن انخرط المشرع التونسي في منظومة العقوبات البديلة للعقوبة السجنية مواكبة‬
‫منه للسياسات الجزائية الحديثة من خالل إرساء عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة التي‬
‫حدد لها إطارها التشريعي المتمثل في سلسلة الفصول ‪ 25‬مكرر ‪ 25 ،‬ثالثا ‪29 ، 29 ،‬‬
‫و ‪ 29‬مكرر من م‪.‬ج المضافة بموجب القانون عـ‪97‬ـدد لسنة ‪ 2777‬و المؤرخ في ‪ 11‬أوت‬
‫‪ 2777‬و المنقحة بموجب القانون عـ‪69‬ـدد لسنة ‪ 1117‬و المؤرخ في ‪ 21‬أوت ‪، 1117‬‬
‫ورغم مرور ما يقارب سبعة عشر سنة على إرسائها لم تلق هذه العقوبة صدى واسعا على‬
‫مستوى التفعيل و لم تحقق األهداف التشريعية المرجوة منها بالقدر الكافي ‪ ،‬فماهي صعوبات‬

‫‪ " -1‬السياسة العقابية بتونس" ‪ ،‬ملتقى جهوي بدائرة محكمة االستئناف بالكاف ‪ 3 ،‬جويلية ‪ 2888‬ص ‪222‬‬
‫‪ " -2‬السياسة العقابية بتونس" نفس الملتقى الواقع ذكره سابقا ص ‪238‬‬
‫‪75‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫تعطيل تفعيل العمل بهذه العقوبة ؟ بالتالي و نظ ار لجملة الصعوبات التي أتينا على ذكرها‬
‫في الجزء األول من البحث يجب تعديل الفصول المنظمة لها و إدخال بعض التنقيحات التي‬
‫من شأنها أن تساهم في إزاحة العوائ ق و تحقيق الغاية من إرسائها و ذلك بايالء هذه العقوبة‬
‫ما تستحقه من األهمية حتى تواكب التطورات الحاصلة على مستوى المنظومة الجزائية‪.‬‬

‫ومن إشكاليات الحكم بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة نجد مشكل الصياغة‬
‫الحالية للنص في حد ذاته الذي جاء سابقا للواقع ‪ ،‬فهل على التشريع أن يواكب الواقع أم‬
‫على الواقع أن يواكب التشريع ؟‬

‫لذا و بما أن النصوص القانونية قد أحدثت فعليها أن تكون مواكبة للواقع الموجود‬
‫أي أن يتم تعديلها وفقا لما هو موجود و في الجهة المقابلة على الواقع أن يساير ما تم‬
‫تشريعه حتى ال تبقى النصوص القانونية حب ار على ورق‪.‬‬

‫من الصعوبات التطبيقية مثال الشروط التي أتاها القانون في الواقع ‪ ،‬فاألرضية التي‬
‫ستطبق فيها غير مهيأة‪ ،‬كما أنه يجب إيجاد نوع من التفاعل بين المؤسسة المشغلة المنتفعة‬
‫بالعم ل المجاني و هذه العقوبة البديلة فمثال عند التنصيص صلب الفصل ‪ 29‬من م‪.‬ج على‬
‫أن يتم قضاء عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة لدى إحدى المؤسسات العمومية أو‬
‫الجمعيات أوال لم يتضمن تحديدا دقيقا للمؤسسات المعنية بالتشغيل إذ وردت عبارات الفصل‬
‫في المطلق ودون أن يتم إلزام هذه المؤسسات بضرورة قبول المحكوم عليهم بالعقوبة البديلة‬
‫لديها سيما و أن الفصل ‪ 29‬من م‪.‬ج حدد الضمانات التي يتمتع بها المحكوم عليهم وأعفى‬
‫المؤسسات المشغلة من عبئها وذلك حتى تتحمس للقبول‪.‬‬

‫كما أنه من المشاكل التي عرفها نطاق التفعيل على أرض الواقع مشكل التواصل‬
‫مع المحكوم عليه ما بعد المحاكمة ‪ ،‬لذا يمكن اقتراح تسليم المحكوم عليه االستدعاء منذ‬
‫جلسة التصريح بالحكم مع وضع نموذج خاص باالستدعاء يتضمن صيغة التنبيه عليه‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫باإلضافة إلى التنسيق مع أعضاء النيابة العمومية حتى ال تقوم باستئناف األحكام القاضية‬
‫بالعقوبة البديلة في نفس اليوم الصادر فيه الحكم‪.‬‬

‫ضرورة إضفاء مزيد من المرونة على إجراءات تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة‬
‫العامة بالتخلي على ضرورة العرض على الفحص الطبي بواسطة طبيب السجن واقتراح‬
‫إمكانية القيام بهذا اإلجراء لدى إحدى المؤسسات الصحية العمومية حتى يتم تجنيب‬
‫المحكوم عليه دخول المؤسسة السجنية ولو أن الغاية هي مجرد الفحص الطبي ال غير‪.‬‬

‫ومن الشروط األخرى التي بقيت محل نقد الشرط المتعلق بإعالم المتهم بحقه في‬
‫رفض استبدال العقوبة بعد عرضها عليه وتسجيل جوابه الوارد بالفصل ‪ 25‬ثالثا من م‪.‬ج هنا‬
‫هذا الشرط فيه كشف لتوجه المحكمة نحو إقرار اإلدانة ‪ ،‬فالمفروض هو أن ال نبين هذا‬
‫التوجه الذي سيحمل في اعتقاد المتهم أنه سيدان وبالتالي يكون مضط ار للقبول باعتباره‬
‫الخيار األفضل له ‪،‬وهنا سيغيب الشرط المتعلق بالجدوى من تسليط هذه العقوبة‪.‬‬

‫ولتجنب هذه السلبية من األفضل أن تكون االنطالقة من قرار اإلحالة في حد ذاته‬


‫الذي يجب أن يتضمن باإلضافة إلى التهمة الموجهة و الفصل القانوني المنطبق عليها‬
‫تنصيص النيابة العمومية على إمكانية تفعيل العقوبة البديلة في هذه التهمة ‪ ،‬في هذه الحالة‬
‫ييسر على القاضي الجالس و يعفيه من البحث عن الجرائم التي ستطبق فيها العقوبة البديلة‬
‫من عدمها و يجنبه إمكانية عرضها على المتهم التي فيها كشف عن توجه المحكمة نحو‬
‫اإلدانة‪ ،‬فمثال عند عرض التهمة على المتهم يحيطه القاضي علما أن النيابة العمومية تجيز‬
‫إمكانية تطبيق العقوبة البديلة إن توفرت شروطها القانونية وفي هذه الصورة يتم تهيئة المتهم‬
‫و المحامي قبل جلسة الحكم لطلب استبدال العقوبة السجنية بالعقوبة البديلة إن رغب المتهم‬
‫في ذلك‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫ومن الشروط كذلك التي تتطلب التعديل و التنقيح هو الشرط المتعلق بمجال تطبيق‬
‫عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ‪ ،‬هذا الشرط الوارد بالفصل ‪ 25‬مكرر يبدو واضحا لكن‬
‫عند التطبيق يجد القاضي صعوبة في تحديد أي الجرائم التي يمكن فيها استبدال العقوبة‬
‫السجنية بالعقوبة ال بديلة فلو كانت الصياغة أوضح مثل ما تمت صياغته بالفصل ‪ 25‬رابعا‬
‫فيما يتعلق بعقوبة التعويض الجزائي‪ ،‬أي أن يتم التنصيص صلب الفصل على استثناء أنواع‬
‫الجرائم التي ال تقبل االستبدال بالعقوبة البديلة و فيما عداها يمكن للقاضي أن يفعلها إذا ما‬
‫توفرت شروطها القانونية لكان أسهل و أنجع في التطبيق‪.‬‬

‫هذا باإلضافة إلى صياغة الحكم في حد ذاته ‪ ،‬إذ انطالقا من الفصل ‪ 25‬مكرر‬
‫من م‪.‬ج تتضمن استبدال العقوبة السجنية التي ال تتجاوز مدتها عاما كامال بعقوبة العمل‬
‫لفائدة المصلحة العامة دون أجر مع تحديد لسقف عدد ساعات العمل الذي ال يمكن تجاوزه‪،‬‬
‫كما تضمن الفصل ‪ 25‬ثالثا ضبط األجل الذي ال يمكن تجاوزه دون أن يحدد جزاء عدم‬
‫الحرص على تنفيذ هذه العقوبة من طرف المحكوم عليه خالل األجل القانوني المحدد‬
‫بالنص‪ ،‬فالمفروض أن تتضمن صياغة الحكم التنبيه على المحكوم عليه أنه في صورة عدم‬
‫حرصه على التنفيذ خالل األجل القانوني يتم تطبيق العقوبة السجنية المحكوم بها عليه‬
‫أصالة حتى يحرص بنفسه على سرعة تنفيذ هذه العقوبة خالل أجلها المحدد وال يترك له‬
‫المجال مفتوحا لالحتجاج ببلوغه االستدعاء من عدمه‪.‬‬

‫هذا فيما يتعلق بإمكانية تنقيح الفصول المنظمة لعقوبة العمل لفائدة المصلحة‬
‫العامة‪ ،‬فماهي التنقيحات الممكن إدخالها على عقوبة التعويض الجزائي؟‬

‫ت ) فيما يتعلق بالفصل القانوني المنظم لعقوبة التعويض الجزائي ‪:‬‬

‫اكتفى المشرع التونسي بفصل وحيد لتنظيم عقوبة التعويض الجزائي كعقوبة بديلة‬
‫للعقوبة السجنية على خالف ما وقع سنه في إطار عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‪ ،‬لذا‬

‫‪78‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫من المستحسن في هذا المجال التدخل التشريعي قصد تحسين القانون عـ‪69‬ــدد بإجراء بعض‬
‫التعديالت عليه من ذلك تخصيص أكثر من فصل قانوني لالهتمام بعقوبة التعويض الجزائي‬
‫من خالل إيضاح شروطه و تعديلها في بعض المواطن كذلك الترفيع في العقوبة السجنية‬
‫المخولة ألن تستبدل بالعقوبة البديلة من ستة أشهر بالنسبة للجنح إلى عام كامل كما هو‬
‫الشأن في عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‪.‬‬

‫إضافة إلى ضرورة تمديد األجل المتعلق بتنفيذ عقوبة التعويض الجزائي لتفادي‬
‫إشكالية التنفيذ خارج األجل القانوني التي لم يوجد لها حل و بقيت محصورة في باب‬
‫االجتهاد الذي يفترض أن مقصد المشرع هو تجنيب المحكوم عليهم العقوبة البدنية السالبة‬
‫و تفعي ل عقوبة التعويض الجزائي بما يمكن من اإلذن بإيقاف التنفيذ‪.1‬‬ ‫للحرية‬

‫هذا فيما يتعلق بمشروع تنقيح المجلة الجزائية المزمع القيام به حال االنتهاء من‬
‫مشروع تنقيح مجلة اإلجراءات الجزائية الذي عرف أشواطا متقدمة ‪ .‬ففيما يتمثل مشروع‬
‫تنقيح مجلة اإلجراءات الجزائية ؟ و هل من اهتمام فيما يتعلق بالفصول المتعلقة بالعقوبات‬
‫البديلة و الواردة صلب الكتاب الخامس من هذه المجلة " في إجراءات التنفيذ" ؟‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬مشروع تنقيح مجلة اإلجراءات الجزائية ‪:‬‬

‫يعد مشروع القانون المتعلق بتنقيح مجلة اإلجراءات الجزائية ثورة في مجال الحقوق‬
‫و الحريات و لمعرفة محتوى هذا المشروع سنتعرض إلى ما تمت صياغته أوال (أ) ثم ما‬
‫نأمل أن يحصل من تنقيح في مجال العقوبات البديلة على مستوى تنفيذها (ب)‪.‬‬

‫أ) محتوى التنقيحات األولى الواردة على مجلة اإلجراءات الجزائية ‪:‬‬

‫يعتبر مشروع تنقيح مجلة اإلجراءات الجزائية تدعيما لضمانات المتهم و تطوير‬
‫وضعية الموقوفين و تيسير شروط إدماجهم فيما بعد داخل المجتمع‪.‬‬

‫‪ -1‬محرز الحواشي ‪ :‬المرجع مذكور سابقا ص ‪29‬‬


‫‪79‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫و قد أتى التنقيح ليكرس جملة من الضمانات الجديدة التي تدعم شروط المحاكمة‬
‫العادلة و حقوق الدفاع على حد سواء‪ ،‬و قد رأى أغلب مناصري هذا المشروع أن تنقيح‬
‫مجلة اإلجراءات الجزائية يعد مكسبا هاما ينتظر لنجاحه إصالح المنظومة القضائية بالتوازي‬
‫معه‪.‬‬

‫هذا و يروم المشروع تنقيح و إتمام بعض أحكام مجلة اإلجراءات الجزائية من ذلك‬
‫حضور المحامي مع المحتفظ به من مرحلة االحتفاظ األولى إلى مرحلة التحقيق والسعي إلى‬
‫تقليص فترة االحتفاظ مع العمل على تحسين ظروفه و العناية بمراكز االحتفاظ إضافة إلى‬
‫توفير أكثر ضمانات للمتهم و نشر ثقافة حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫بالتالي فقد اعتنى مشروع التنقيح الجديد بأهم الضمانات التي تدعم شروط المحاكمة‬
‫العادلة و حقوق الدفاع ضمن مقتضيات الفصل ‪ 21‬مكرر من م‪.‬إ‪.‬ج الذي عرف عدة‬
‫انتقادات عل ى مستوى صياغته ‪ ،‬إضافة إلى تعميم الدوائر الجنائية بكافة المحاكم االبتدائية‬
‫الموجودة بكامل تراب الجمهورية بعدما كانت تقتصر على المحاكم االبتدائية المنتصبة‬
‫بدوائر محاكم االستئناف موضوع الفصل ‪ 112‬من م‪.‬إ‪.‬ج ‪ ،‬إضافة إلى التأكيد على أن‬
‫يصدر التنقيح الجديد في شكل قانون أساسي و ليس عادي عمال بأحكام الفصل ‪ 65‬من‬
‫الدستور التونسي باعتباره يتعلق بالحريات و حقوق اإلنسان وبتنظيم العدالة و القضاء‪.1‬‬

‫مع المالحظة أن التنقيحات المنتظر إدخالها على المجلة الجزائية يجب أن يوازيها‬
‫إصالح المنظومة القضائية و إصالح المؤسسات األمنية حتى تتمكن من التفاعل اإليجابي‬
‫فيما بينها جميعا‪.‬‬

‫وقد تضمن مشروع التنقيح العناية بثالثة فصول هامة أال وهي الفصل ‪ 21‬مكرر‬
‫المتعلق باالحتفاظ من طرف مأموري الضابطة العدلية و الفصل ‪ 59‬المتعلق باإلنابة العدلية‬

‫‪ -1‬مشروع تنقيح المجلة الجزائية ‪ :‬مقتطف مستمد من األنترنات‬


‫‪80‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫التي يتخذها حكام التحقيق و الفصل ‪ 211‬المتعلق بتنفيذ بطاقة الجلب و الفصل ‪112‬‬
‫المتعلق بالمحكمة الجنائية (ملحق عـ‪1‬ـدد)‪.‬‬

‫وبعد سلسلة من المداوالت و النقاشات حول هذا المشروع صادق مجلس نواب‬
‫الشعب يوم الثالثاء المواف ق للثاني من شهر فيفري ستة عشر و ألفين و باألغلبية على‬
‫مشروع القانون عـ‪ 1121-21‬ـدد الذي يتعلق بتنقيح و إتمام بعض أحكام مجلة اإلجراءات‬
‫الجزائية ‪ ،‬و يتمثل أهم ما جاء به التنقيح في ضمان توفير محام للمشتبه به منذ األبحاث‬
‫األولية إضافة إلى التقليص من مدة اإليقاف إلى حدود ثمانية و أربعين ساعة في الجنح‬
‫و الجنايات و أربعة و عشرين ساعة فيما يتعلق بالمخالفات‪.‬‬

‫و تعد التنقيحات األولية الواردة صلب مجلة اإلجراءات الجزائية مكسبا هاما إذ‬
‫أسدل الستار عليها و صدر مشروع القانون بتاريخ ‪ 11‬فيفري ‪ 1126‬و قد تضمن في فصله‬
‫األول عرضا لمقتضيات الفصل ‪ 21‬مكرر (جديد) و الفصل ‪( 59‬جديد) من م‪.‬إ‪.‬ج ‪ ،‬ثم‬
‫تضمن فصله الثاني إضافة الفصول ‪ 21‬ثالثا و ‪ 21‬رابعا و ‪ 21‬خامسا و ‪ 21‬سادسا‬
‫و ‪ 21‬سابعا و الفصل ‪ 19‬فقرة ثانية و الفصل ‪ 99‬فقرة ثالثة و الفصل ‪ 211‬فقرة خامسة‬
‫‪.‬أما الفصل الثالث من المشروع فقد أكد على أن أحكام هذا القانون تدخل حيز التنفيذ‬
‫انطالقا من غرة جوان ‪( 1126‬ملحق عـ‪1‬ـدد) ‪.‬‬

‫و تعد هذه التنقيحات األولى بادرة خير في سماء السياسة الجزائية بصفة عامة‬
‫و مجلة اإلجراءات الجزائية بصفة خاصة ‪ ،‬مما يجعل اآلمال معلقة على مزيد تطوير‬
‫و تنقيح أحكام هذه المجلة و خاصة ما يتعلق بمجال العقوبات سيما العقوبات البديلة التي‬
‫عرفت صعوبات عديدة على مستوى تنفيذها‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫ب) آفاق التشريع على مستوى تنفيذ العقوبات البديلة ‪:‬‬

‫اهتمت سلسلة الفصول من ‪ 116‬إلى ‪ 116‬ثالثا ومن ‪ 111‬إلى ‪ 119‬من م‪.‬إ‪.‬ج‬


‫المتعلقة بالجبر بالسجن و الواردة بالكتاب الخامس "في إجراءات التنفيذ" ‪ ،‬بمتابعة تنفيذ‬
‫العقوبات البديلة سواء من طرف قاضي تنفيذ العقوبات أو من طرف ممثل النيابة العمومية‪.‬‬

‫فقاضي تنفيذ العقوبات هو الجهة الساهرة على اإلشراف على تنفيذ عقوبة العمل‬
‫لفائدة المصلحة العامة و النيابة العمومية هي الجهة المهتمة بتنفيذ عقوبة التعويض الجزائي‪،‬‬
‫بالتالي فإنه في إطار مشروع تنقيح مجلة اإلجراءات الجزائية يجب االهتمام بالفصول‬
‫المنظمة لهما و إقرار بعض التنقيحات عليها حتى تواكب عصرها و تساهم بشكل فعال في‬
‫إنجاح العمل بهذه العقوبات البديلة للعقوبة السجنية المحكوم بها أصالة ‪.‬‬

‫فمثال بالنسبة لمؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات المشرفة على متابعة تنفيذ عقوبة العمل‬
‫لفائدة المصلحة العامة يجب تعزيز صالحياته و تمكينه من اآلليات الفعلية للمراقبة و العمل‬
‫و إعطائه الوقت الكافي للقيام بمتبعة تنفيذ هذه العقوبة البديلة و عدم إثقال كاهله بعدة‬
‫التزامات أخرى من شأنها أن تعيقه عن القيام بهذه المهمة ‪ ،‬فلنجاح هذا المشروع يجب أن‬
‫يكون القاضي متفرغا كما يجب من حيث قيامه بتعيين المؤسسة المشغلة ومتابعة تنفيذ‬
‫المحكوم عليه لعقوبته بالتوجه على عين المكان إن اقتضى األمر ذلك و مراقبة المؤسسة‬
‫المشغلة من حيث مدى توفير الضمانات القانونية لفائدة المحكوم عليهم بالعقوبة البديلة أثناء‬
‫قيامهم باألعمال المطلوبة منهم‪. 1‬‬

‫و من جهة أخرى يتجه صياغة نموذج إجرائي و إداري وترتيبي لمكتب قاضي تنفيذ‬
‫العقوبات و وضع دليل إجراءات خاص بمؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات مع إجراء تفقدات‬
‫لمكاتب قضاة تنفيذ العقوبات لتقييم األوضاع و الوقوف على جملة الصعوبات والنقائص‬

‫‪ -1‬مقترحات كان قدمها السيد قاضي تنفيذ العقوبات بالمحكمة االبتدائية بتونس‪ 2‬السيد حمادي الرحماني في تقريره السنوي للسنة القضائية‬
‫‪. 3022-3022‬‬
‫‪82‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫‪ ،.‬باإلضافة إلى توفير‬ ‫‪1‬‬


‫الموجودة و التأكد من مدى تفرغهم للقيام بمهامهم الموكولة لهم‬
‫اإلمكانيات المادية و اللوجستية لإلشراف على تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‬
‫وايجاد نوع من التواصل بين المحكوم عليه و مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات و توفير األجهزة‬
‫اإلدارية الكفيلة بمعاضدة قاضي تنفيذ العقوبات في اإلشراف على تنفيذ العقوبة البديلة مع‬
‫ضرورة تخصيص كتابة خاصة و متفرغة ألعماله‪.‬‬

‫باإلضافة إلى تخصيص لجنة تتركب من مدير المؤسسة السجنية و مختص في‬
‫الطب النفسي وآخر في علم االجتماع إلى جانب مندوبين لمساعدة قاضي تنفيذ العقوبات‬
‫على اإلشراف و متابعة تنفيذ العقوبة البديلة‪. 2‬‬

‫و أن تكون للقاضي خبرة و تكوين خاص في ميدان علوم اإلجرام و علوم السجون‬
‫و ذلك لتحقيق الغاية اإلصالحية التي يهدف إليها المشرع التونسي مع ضرورة اتخاذ منهج‬
‫تعليمي صلب المعهد األعلى للقضاء لدراسة هذه العلوم مستقبال في إطار التكوين المستمر‬
‫المتعلق بالملحقين القضائيين مستقبال‪ ،‬مع إرساء هياكل مساعدة لمؤسسة قاضي تنفيذ‬
‫العقوبات من ذلك لجنة مراقبة للمحكوم عليه خارج المؤسسة السجنية كما هو معمول به‬
‫بدولة البرتغال‪. 3‬‬

‫إال أن ما يمكن مالحظته في األخير أن آفاق التشريع ال تقتصر على مجرد تنقيح‬
‫المجالت القانونية على المستوى القانوني فحسب و إنما تتجاوزه لتشمل ضرورة تطوير العمل‬
‫بالعقوبات البديلة على المستوى الواقعي من خالل التحسيس و التوعية‪.‬‬

‫‪ -1‬مقترحات إضافية كان قدمها كذلك السيد قاضي تنفيذ العقوبات بالمحكمة االبتدائية تونس ‪.2‬‬
‫‪ -2‬ملتقى بعنوان "السياسة العقابية " ص‪.29‬‬
‫‪ -3‬نفس الملتقى ‪ :‬ص ‪. 212‬‬
‫‪83‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬ضرورة تطوير العمل بالعقوبات البديلة ‪ :‬من خالل‬


‫التحسيس و التوعية‬

‫أصبح تطوير العمل بالعقوبات البديلة التي سعى المشرع التونسي إلى إرسائها‬
‫و تكريسها ضمن سلم العقوبات ضرورة تقتضيها التطورات الحاصلة على مستوى المنظومة‬
‫الجزائية و لتطوير آليات العمل بهذه العقوبات المستحدثة في القانون التونسي يجب دعوة‬
‫السلط المعنية إلى االهتمام أكثر فأكثر بها من حيث تنظيمها و هيكلتها (فقرة أولى) ثم‬
‫تحسيس و توعية اإلطار القضائي بضرورة العمل على تطبيقها و تفعيلها على أرض الواقع‬
‫حتى تحصل الفائدة من إرسائها (فقرة ثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬دعوة السلط المعنية إلى االهتمام بالعقوبات البديلة ‪:‬‬

‫مثل إدراج العقوبات البديلة ضمن قائمة العقوبات األصلية إحدى مظاهر تطور‬
‫المنظومة الجزائية اعتبا ار لما تسمح به من تجنب للعقوبات السجنية قصيرة المدة بالنسبة‬
‫لبعض الجرائم و استبدالها بعقوبة بديلة تحفظ كرامة اإلنسان و تحقق تأهيله و تحافظ على‬
‫إدماجه في المجتمع‪.‬‬

‫لذا البد من اإلشارة إلى أهمية التدخل التشريعي لترتيب جزاء واضح و صريح على‬
‫عدم تنفيذ العقوبة البديلة سواء العمل لفائدة المصلحة العامة أو التعويض الجزائي خالل‬
‫األ جل القانوني المنصوص عليه بالقانون و المدون صلب نص الحكم أو ذلك المنصوص‬

‫‪84‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫عليه قانونا لسقوط العقوبة بمرور الزمن بالنسبة للجنح إما بتنفيذ العقوبة السجنية أو بإقرار‬
‫سقوط العقوبة كجزاء على تراخي جهات التنفيذ و المحكمة و هذا أولى وأسلم ‪.1‬‬

‫باإلضافة إلى التأكيد عل ى ضرورة تحمل السلطات المعنية لمسؤولياتها و ذلك مثال‬
‫بحث و إلزام اإلدارات و المؤسسات العامة و الخاصة على قبول المحكوم عليهم للعمل لديها‬
‫بالنسبة لعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة و بالنسبة لعقوبة التعويض الجزائي بإلزام‬
‫المتضرر من الفعل غير المشروع على قبول التعويض المقدم من طرف المحكوم عليه حتى‬
‫ال يؤول األمر إلى مجرد التنكيل به في حالة الرفض‪.‬‬

‫إعداد مشروع قانون يتعلق بتطوير العقوبات البديلة و توسيع مجالها على غرار‬
‫ماهو معمول به بالقوانين المقارنة و الهدف من هذا المشروع هو تدعيم منظومة حقوق‬
‫اإلنسان في تونس و مزيد تطوير المنظومة الجزائية من خالل الحرص على التقليص من‬
‫العقوبات السجنية قصيرة المدة بالنسبة إلى المخالفات و الجنح البسيطة التي ال تكتسي‬
‫خطورة على سالمة األفراد و حرياتهم و على المجتمع و استبدالها بعقوبات تحفظ كرامة‬
‫اإلنسان و تحقق تأهيله و تحافظ على إدماجه في المجتمع ‪.‬‬

‫وضع برنامج مكثف لتكوين و تأهيل قضاة تنفيذ العقوبات و تطوير قدراتهم المهنية‬
‫و الحقوقية مع تحسين ظروف ووسائل عملهم تعزي از لدورهم الرقابي فيما يتعلق بمتابعة تنفيذ‬
‫العقوبة البديلة مع إقرار برامج أو صيغ لتمكين قضاة الدوائر الجناحية من زيارة السجون‬
‫بصفة دائمة لإلطالع على األوضاع ومن ثمة تقدير مدى جدوى عديد األحكام القاضية‬
‫بالسجن و السعي نحو العمل بجدية على تفعيل العقوبات البديلة لما لها من فائدة على‬
‫مستوى التقليص من عدد المساجين ‪.‬‬

‫‪ -1‬هذا المقترح قدمه السيد حمادي الرحماني‪ ،‬قاضي تنفيذ العقوبات بالمحكمة االبتدائية بتونس ‪ ،‬صلب تقريره السنوي للسنة القضائية ‪-3022‬‬
‫‪ 3022‬ص ‪22‬‬
‫‪85‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫إيجاد اآلليات الكفيلة لتقييم مخاطر العود و المطالبة بإجراء التقارير الالزمة‬
‫و اإلحصائيات الضرورية في إطار تقييم و متابعة مدى تفعيل العقوبات البديلة من طرف‬
‫كل محكمة على حدة حتى تحصل الفائدة من إرساء هذه العقوبات و حتى يرسخ في‬
‫األذهان مدى أهمية التفعيل الذي أصبح ضرورة تقتضيها التطورات الحاصلة و ليس مجرد‬
‫اختيار نظ ار لما شهدته السجون التونسية من اكتظاظ و نظ ار لقلة عددها الشيء الذي قد‬
‫ينتج عنه عدة سلبيات يكون تالفيها بوسيلة وقائية تحت عنوان "تفعيل العقوبات البديلة" ‪.‬‬

‫و في النهاية تجدر المالحظة إلى أن إعداد تصور تشريعي يستلهم من التشاريع‬


‫المقارنة أهم ما توصلت له من تطورات دون أن نتقيد به و ذلك مواكبة للمسيرة اإلصالحية‬
‫الرائدة مع مراعاة ما يتطلبه المجتمع من إمكانيات ‪ ،‬باعتبار و أنه و رغم جملة التنقيحات‬
‫التي عرفها تشريعنا تبقى منقوصة و تحتاج لإلضافة نظ ار ألن الصبغة الردعية للعقاب ما‬
‫تزال موجودة ‪. 1‬‬

‫بالتالي فإنه لتطوير العمل بالعقوبات البديلة ال يقتصر األمر على دعوة السلط‬
‫المعنية إلى االهتمام أكثر فأكثر بها و إنما يتجاوز ذلك إلى مرحلة تحسيس اإلطار القضائي‬
‫بضرورة و أهمية العمل على تفعيل العقوبات البديلة الواردة بالنص تفعيال فعليا نابعا عن‬
‫اقتناع بأهمية هذه العقوبات على عدة مستويات‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تحسيس القضاة بضرورة التفعيل ‪:‬‬

‫تهدف العقوبة البديلة إلى الردع و اإلصالح و توخي نهج سلب الحرية ‪ ،‬و تعتبر‬
‫العقوبات البديلة من اإلجراءات التي تهدف إلى تطوير منظومة القضاء الجزائي و هي "‬
‫العقوبات التي تحل محل العقوبات التقليدية التي تتراوح بين اإلعدام و الخطية المالية وهي‬
‫تمكن من استبدال العقوبات التي تكلف المجتمع أموال طائلة و خدمة الشخص المعاقب‬

‫‪" -1‬السياسة العقابية بتونس" ‪ ،‬نفس الملتقى المذكور سابقا ص ‪ 1‬و‪8‬‬


‫‪86‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫داخل سور السجن ‪ ،‬بأن يكلف المحكوم عليه بخدمة المجتمع الذي أضر به من خالل‬
‫سلوكه غير القويم عن طريق تقديم خدمات اجتماعية أو غرامات مالية للخزينة العامة للدولة‬
‫أو غيرها من العقوبات النافعة "‪. 1‬‬

‫هذا و قد أكد وزير العدل في عدة مناسبات على ضرورة تفعيل العقوبات البديلة‬
‫و خاصة عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة باعتبارها األسبق تكريسا و دعا المشرفين‬
‫على المحاكم على تحسيس منظوريهم بأهمية هذا الموضوع ‪.‬‬

‫و يمر تحسيس السادة القضاة بإجراء دورات تكوينية في الغرض حول أهمية تفعيل‬
‫العقوبات البديلة في وقتنا الراهن سيما أمام الوضعية المتردية للسجون و أمام كثرة المساجين‬
‫و عدم قدرة المؤسسات العقابية على استيعابهم وهو ما يحقق المساهمة الفعالة في تطوير‬
‫برامج التكوين المستمر و المشاركة اإليجابية بالحضور فيها و إثراء النقاشات و التحاور فيما‬
‫يتعلق بالمواضيع المطروحة ‪ ،‬إضافة إلى وضع برنامج تحسيسي لرؤساء و أعضاء الدوائر‬
‫الجناحية بأهمية تطبيق العقوبة البديلة للسجن لما لها من فائدة على مستوى الحد من ظاهرة‬
‫االكتظاظ داخل السجون و تدعيم فرص اإلصالح بها و خاصة الحد من نسبة العود‪.‬‬

‫و يمر حث اإلطار القضائي على التفعيل من خالل االستئناس بالتجارب التي تم‬
‫القيام بها في إطار تطبيق العقوبات البديلة في القوانين المقارنة التي أثبتت فائدة هذه‬
‫العقوبات و نجاعتها في تقليص نسبة العود لدى المحكوم عليهم و في تفادي آثار السجن‬
‫السلبية‪.2‬‬

‫وتتمثل العقوبات البديلة الواردة بقانوننا التونسي صلب الفصل ‪ 5‬من م‪.‬ج في‬
‫عقوبتي العمل لفائدة المصلحة العامة و التعويض الجزائي ‪ ،‬و رغم قلة العقوبات البديلة‬
‫للعقوبة السجنية و اقتصارها على هاتين العقوبتين إال أن التفعيل بات دون المأمول من‬

‫‪ -1‬فاروق بو عسكر ‪ :‬العقوبات البديلة في القانون التونسي الواقع و الصعوبات و اآلفاق ‪ ،‬مداخلة كان قدمها خالل النشاطات التي يقوم بها مكتب‬
‫المصاحبة ‪ ،‬ص ‪2‬‬
‫‪ -2‬جابر غنيمي ‪ :‬المرجع مذكور سابقا ‪ ،‬ص ‪222‬‬
‫‪87‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫طرف اإلطار القضائي سوا ء على مستوى التصريح باألحكام القاضية بها أو على مستوى‬
‫متابعة التنفيذ نظ ار لجملة الصعوبات و العوائق التي تعترض الجهاز المكلف بالتنفيذ ‪.‬‬

‫لذا كان لزاما تحسيس القضاة بأهمية هذه العقوبات و حثهم على ضرورة تفعيلها لما‬
‫لها من فوائد عدة على المؤسسة السجنية بدرجة أولى في إطار الحد من ظاهرة االكتظاظ‬
‫بالسجون و على المحكوم عليه بدرجة ثانية من خالل الحد من ظاهرة العود المتفشية ‪.‬‬

‫فتواترت المناشير الو ازرية الصادرة في الغرض و الغاية منها حث القضاة على‬
‫التفعيل السليم و الفعلي للعقوبات البديلة ‪ ،‬فمثال و منذ إرساء عقوبة العمل لفائدة المصلحة‬
‫العامة في ‪ 1‬أوت ‪ 2777‬صدر المنشور عـ‪ 11‬ـدد بتاريخ ‪ 1111-16-16‬يحمل في طياته‬
‫الدعوة إلى تطبيق عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة تطبيقا سليما من خالل احترام‬
‫الشروط الواردة بالفصل للنطق بها ‪ ،‬على خلفية صدور عدة أحكام قاضية بالعقوبة البديلة‬
‫لفائدة محكوم عليهم ال تتوفر فيهم الشروط المطلوبة من ذلك شرط نقاوة السوابق العدلية‬
‫الذي تثبته البطاقة ع ـ‪ 1‬ـ ـدد و التي ال تتوفر في أغلب الملفات المحكوم فيها بالعقوبة البديلة ‪،‬‬
‫إضافة إلى استصدار عدة أحكام قاضية بالعقوبة البديلة على نفس الشخص و مجموعها‬
‫يتجاوز الحد القانوني لمدة العمل القصوى التي يضبطها ‪ .‬لذا جاء هذا المرسوم (ملحق‬
‫عـ‪6‬ـدد) لتفادي الحكم بالعقوبة البديلة على من هو في حالة عود قانوني باعتبار و أن نقاوة‬
‫السوابق العدلية يعد من أهم الشروط الواردة بالفصل ‪ 25‬ثالثا من م‪.‬ج و ذلك حتى تتفق‬
‫األحكام ال صادرة في الغرض مع أهداف التشريع و مقاصده ‪ ،‬باإلضافة إلى دعوة أعضاء‬
‫النيابة العمومية الستئناف األحكام الجزائية القاضية بالعقوبة البديلة و التي ال تستجيب‬
‫لمقتضيات القانون‪.‬‬

‫ثم وفي سنة ‪ 1111‬جاء المنشور الوزاري عـ‪11/19‬ـدد بتاريخ ‪1111-12-11‬‬


‫(ملحق عـ‪6‬ـدد) حول عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة في إطار الحث على تدعيم‬

‫‪88‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫الجانب اإلصالحي لما لهذه العقوبة من أهمية على مستوى الفرد الجانح أو على مستوى‬
‫الهيئة االجتماعية ‪.‬‬

‫و تضمن هذا المنشور الجديد تذكي ار بما صدر بالمنشور الذي سبقه و استنادا‬
‫لإلحصائية المجراة حول تطبيق عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة من طرف المحاكم‬

‫المتخذة من متابعة نشاط المحاكم المجرى في الغرض وفيه دعوة لمزيد الحرص على تأطير‬
‫القضاة المعنيين بتفعيل هذه العقوبة من طرف منظوريهم الراجعين لهم بالنظر و تحسيسهم‬
‫بخصوصيات و أهداف العقوبة البديلة و فوائدها الراجعة على المؤسسة السجنية بالدرجة‬
‫األولى و على المحكوم عليه المبتدئ بالدرجة الثانية متضمنا دعوة صريحة لمزيد تفعيل هذه‬
‫العقوبة البديلة إذا ما توفرت في ملف القضية الشروط المطلوبة للحكم بها كما أكد المنشور‬
‫على ضرورة اإلعالم الدوري في نهاية كل شهر باألحكام الصادرة بها و بالطعون الموجهة‬
‫عليها إن وجدت ‪ ،‬و رغم ذلك تمت مالحظة تفعيل متواضع من طرف جل المحاكم ال يرقى‬
‫إلى المستوى المطلوب‪.‬‬

‫و أمام تفاقم ظاهرة االكتظاظ بالسجون و ما خلفته من مساوئ ‪ ،‬إذ أصبح‬


‫االكتظاظ يمثل في حد ذاته شاغال إنسانيا خطي ار باعتباره يؤدي إلى نتائج سلبية على‬
‫المساجين داخل المؤسسات السجنية لذا كان البد من إيجاد حلول سريعة و كفيلة للحد من‬
‫خطورة هذه الظاهرة و لعل أسلم حل يكمن في تفعيل العقوبات البديلة التي أتاها القانون‬
‫خاصة بالنسبة لكل المخالفات و الجنح البسيطة التي ال تشكل خطورة على المجتمع‪.‬‬

‫كما أ نه أيضا لحث اإلطار القضائي أكثر فأكثر بأهمية التفعيل و تحسيسه بخطورة‬
‫ظاهرة االكتظاظ داخل المؤسسات السجنية جاء المنشور الوزاري عـ‪211‬ـدد بتاريخ ‪-22‬‬
‫‪( 1117-11‬ملحق عـ‪6‬ـدد) داعيا إلى مزيد تفعيل آلية الصلح بالوساطة في المادة الجزائية‬
‫من جهة و عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة من جهة أخرى لما لها من دور في الحد من‬

‫‪89‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫العقوبات السجنية قصيرة المدة التي و على الرغم من مرور أكثر من ثماني سنوات على‬
‫إرسائها فإن التطبيق مازال محتشما و يكاد يكون منعدما في بعض المحاكم ‪.‬‬

‫هذا و تضمن المنشور تذكي ار بالمناشير السابقة الصادرة في الغرض مبر از‬
‫إحصائيتين األولى لتطور المحاضر المفصولة بالصلح بالوساطة في المادة الجزائية‬
‫و اإلحصائية الثانية تتعلق بتطور األحكام الصادرة بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة منذ‬
‫إرسائها في ‪ 11‬أوت ‪ 2777‬إلى أواخر شهر سبتمبر ‪ 1111‬أين لم تسجل سوى خمسة‬
‫عشر حكما (‪ )25‬قاضيا بها لترتفع الحصيلة إلى ثالثمائة و ثمانية و عشرين (‪ )119‬حكما‬
‫خالل السنة القضائية ‪ ، 1119-1119‬و رغم هذا العدد فإنه يبقى ضعيفا ‪ ،‬لذا تضمن‬
‫المنشور دعوة المشرفين على المحاكم إلى تحسيس منظوريهم بأهمية الموضوع و إتباع‬
‫اإلجراءات التالية‪:‬‬

‫" بالنسبة للنيابة العمومية ‪ :‬استبدال مدة الجبر بالسجن عند استخالص الخطايا‬ ‫‪-‬‬
‫والمصاريف الراجعة لصندوق الدولة المحكوم بها بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة طبق‬
‫الشروط المنصوص عليها بالفصل ‪ 111‬و ما بعده من م‪.‬إ‪.‬ج ‪.‬‬
‫بالنسبة للهيئات الحكمية ‪ :‬تحسيس مختلف الهيئات القضائية بخصوصيات عقوبة‬ ‫‪-‬‬
‫العمل لفائدة المصلحة العامة باعتبارها من العقوبات البديلة التي ال تمكن المحكوم عليه من‬
‫قضاء العقوبة داخل إطاره األسري و االجتماعي و دعوتها لمزيد تفعيلها وفق الشروط التي‬
‫ضبطها القانون‪.‬‬
‫با لنسبة لقضاة تنفيذ العقوبات ‪ :‬الحرص على متابعة تنفيذ المحكوم عليهم لعقوبة‬ ‫‪-‬‬
‫العمل لفائدة المصلحة العامة و اعتبارها من أولويات مهامهم و ذلك بالتنسيق مع المؤسسات‬
‫التي يتم بها تنفيذ العقوبة اعتمادا على القائمة المعدة للغرض تطبيقا ألحكام الفصل ‪ 29‬من‬
‫م‪.‬ج بدءا بالم حاكم و المؤسسات الراجعة بالنظر إلى و ازرة العدل‪ ،‬والعمل على تجاوز‬

‫‪90‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫الصعوبات التي تحول دون تنفيذ األحكام القاضية بعقوبات بديلة التي تصدرها مختلف‬
‫الهيئات القضائية‪".‬‬

‫و في إطار تطوير المنظومة الجزائية و مزيد تدعيم الحريات الفردية و تكريس‬


‫الوظيفة االجتماعية للعقوبة ‪ ،‬صدر القانون عـ‪69‬ـدد لسنة ‪ 1117‬المؤرخ في ‪-19-21‬‬
‫‪ 1117‬المتعلق بعقوبة التعويض الجزائي ‪ ،‬إال أنه عرف نفس المصير على مستوى التفعيل‬
‫إذ لم تلق هذه العقوبة البديلة تفعيال بار از شأنها في ذلك شأن عقوبة العمل لفائدة المصلحة‬
‫العامة‪ ،‬وهو ما دفع إلى مزيد تحسيس اإلطار القضائي بضرورة التفعيل من خالل إصدار‬
‫المنشور الوزاري عـ‪229‬ـدد بتاريخ ‪( 1122-21-11‬ملحق عـ‪6‬ـدد) حول مزيد تطوير‬
‫اآلليات البديلة للسجن في مفهومها الواسع و التي تشمل باإلضافة إلى العقوبات البديلة‬
‫الواردة بالقانون آلية الصلح بالوساطة في المادة الجزائية الواقع إرسائها بموجب القانون‬
‫عـ‪71‬ـدد لسنة ‪ 1111‬المؤرخ في ‪. 1111-21-17‬‬

‫هذا و قد تضمن المنشور الوزاري األخير تذكي ار بجملة المناشير السابقة الصادرة في‬
‫الغرض منذ سنة ‪ 1111‬إلى حدود ‪ 1122‬قصد تذكير المحاكم بخصوصيات العقوبة البديلة‬
‫و دعوة القضاة المعنيين لمزيد تفعيلها في حدود ما ضبطه القانون ‪ ،‬باإلضافة إلى اإلشارة‬
‫إلى صدور مكتوب تذكير عن التفقدية العامة بتاريخ ‪ 1122-16-11‬في نفس اإلطار‪.‬‬

‫وقد بين أنه و بالرغم من توجه المحاكم بمختلف درجاتها إلى تفعيل اآلليات البديلة‬
‫للسجن في مفهومها الواسع و للعقوبات البديلة في مفهومها الضيق و تسجيل تطور في عديد‬
‫األحكام من سنة ألخرى إال أن المتابعة الشهرية لنشاط المحاكم أفرز أن تطبيق هذه اآلليات‬
‫ظل محتشما و منعدما في بعض المحاكم‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫لذا تضمن هذا المنشور دعوة صريحة للمشرفين على المحاكم لمزيد الحرص على‬
‫تأطير منظوريهم و تحسيسهم بأهمية هذه اآلليات البديلة للسجن و خصوصياتها وشروط‬
‫تطبيقها كدعوتهم لمزيد تفعيلها في الحدود التي ضبطها القانون‪.‬‬

‫لكن كيف سيتم هذا التحسيس ؟‬

‫و بالرجوع إلى اإلحصائيات التي وقع رصدها للغرض في إطار تفعيل العقوبات‬
‫البديلة فإن ما نالحظه انه وقع إيقاف العمل بالنسبة لعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة منذ‬
‫السنة القضائية ‪ 1121-1121‬و بالنسبة لعقوبة التعويض الجزائي منذ ‪1121-1122‬‬
‫و لعل أسباب عدم إحصاء هذه العقوبات البديلة أو عدم تفعيلها خالل السنوات األخيرة يعود‬
‫إلى ما شهدته البالد لتونسية من تقلبات إبان الثورة الحاصلة بها ‪ ،‬ليصدر في نهاية المطاف‬
‫المنشور الوزاري عـ‪ 1/1259‬بتاريخ ‪ 1121-12-11‬حول أسباب اكتظاظ السجون و كيفية‬
‫الحد منها و قد صدر هذا المنشور كذلك في إطار تحسيس أعضاء النيابة العمومية على‬
‫إثر ما شهدته السجون التونسية من اكتظاظ بالسجناء من ذلك دعوة أعضاء النيابة العمومية‬
‫إلى اإلطالع على ملفات القضايا قبل نشرها للوقوف على من تتوفر في وضعيتهم من‬
‫المتهمين‪ ،‬شروط العقوبة البديلة ( العمل لفائدة المصلحة العامة و التعويض الجزائي ) و‬
‫تقديم طلب تسليط هذه العقوبة جلسة ‪ ،‬و ذلك بعد التأكد من استيفاء الشروط القانونية التي‬
‫أتى بها القانون‪ .‬و لعل أهم ما أتاه المنشور يتعلق بتحسيس أعضاء النيابة العمومية بتجنب‬
‫استئناف األحكام القاضية بعقوبات بديلة إذا كانت ال تخالف مضمون القانون‪.‬‬

‫هذا في النهاية جملة المناشير الو ازرية الصادرة في الغرض منذ إرساء العقوبات‬
‫البديلة و الهدف منها حث اإلطار القضائي على مزيد تفعيل العمل بالعقوبات البديلة الواردة‬
‫في النص إذا ما توفرت في المتهم جملة الشروط المطلوبة لما لهذه العقوبات من أهمية على‬
‫مستوى الحد من تفاقم ظاهرة االكتظاظ داخل المؤسسات السجنية و على مستوى نجاعتها‬

‫‪92‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫في الحد بشكل كبير من ظاهرة العود خاصة و أن نسبة كبيرة من المساجين مودعين من‬
‫أجل عقوبة سج نية قصيرة ال تحقق ال الردع و ال اإلدماج والتأهيل‪.‬‬

‫لئن تم التعرض خالل الفصل األول إلى آفاق التشريع المنتظرة للعقوبات البديلة‬
‫سواء من خالل تنقيح المجالت القانونية بدءا بالمجلة الجزائية التي نأمل أن تحضى‬
‫العقوبات فيها بالعناية و ايالئها األهمية التي تستحقها و خاصة العقوبات البديلة موضوع‬
‫هذا البحث حتى يتم تعديل و تنقيح الفصول المنظمة لها درءا لكل صعوبة ‪ ،‬وصوال إلى‬
‫مشروع تنقيح مجلة اإلجراءات الجزائية الذي عرف أشواطا متقدمة و تناول عدة محاور هامة‬
‫‪ ،‬أو كذلك من خالل ضرورة تطوير العمل بالعقوبات البديلة ن خالل دعوة السلط المعنية‬
‫إلى االهتمام بها من جهة و من جهة أخرى تحسيس و توعية اإلطار القضائي بضرورة‬
‫تفعيل العقوبات البديلة لما لها من فوائد عديدة بأن أصبح اليوم التفعيل "ضرورة" تقتضيها‬
‫التغيرات الحاصلة على أرض الواقع‪ .‬فاآلفاق المنتظرة للعقوبات البديلة ال تقتصر على‬
‫الجانب التشريعي فحسب بل تتجاوزه إلى الجانب العملي أين نتحدث عن آفاق التفعيل التي‬
‫سيتم التعرض إليها خالل الجزء الفرعي الثاني من البحث من خالل التطرق إلى مكتب‬
‫المصاحبة كمشروع نموذجي رائد في هذا المجال‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬آفاق التفعيل‬

‫( مكتب المصاحبة كمشروع نموذجي )‬

‫لدراسة اآلفاق المنتظرة للعقوبات البديلة فإن األمر ال يقتصر على مجال التشريع‬
‫الذي يجب تطويره ليتفاعل مع الواقع الموجود ‪ ،‬بل يتجاوز ذلك إلى مجال التفعيل أي‬
‫تطبيق هذه العقوبات البديلة على أرض الواقع بتجاوز جملة الصعوبات و العراقيل التي‬
‫تحول دون التفعيل ‪.‬‬

‫ويعد مكتب المصاحبة الواقع إنشاءه بدائرة االستئناف بسوسة مشروعا نموذجيا في‬
‫هذا المجال إذ يهتم بتفعيل العقوبة البديلة المتمثلة أساسا في عقوبة العمل لفائدة المصلحة‬
‫العامة و هي إحدى العقوبتين التي إنبنى عليهما موضوع هذا البحث ‪ ،‬إضافة إلى اهتمامه‬
‫ببعض اآلليات األخرى كمؤسسة السراح الشرطي و غيرها‪ .‬و هو ما يدفعنا إلى التعريف‬
‫بمكتب المصاحبة في ( مبحث أول) ثم التطرق إلى دور مكتب المصاحبة في تفعيل‬
‫العقوبات البديلة في (مبحث ثان) ‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫المبحث األول‪ :‬التعريف بمكتب المصاحبة‬

‫يمر التعريف بمكتب المصاحبة عبر بيان تعريف المصاحبة في حد ذاتها في (فقرة‬
‫أولى) ثم إلى التطور التاريخي للمصاحبة في (فقرة ثانية) لنختم بنشأة مكتب المصاحبة‬
‫بالبالد التونسية في (فقرة ثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬تعريف المصاحبة ‪:‬‬

‫المصاحبة تعريف متشعب‪ ،‬يعني مجموعة من األنشطة التي تستوجب متابعة‬


‫المحكوم عليهم إلعادة إدماجهم أي أن يوضع المخالف أو الجانح على محك التجربة العملية‬
‫و يقع توجيهه و مراقبته و متابعة سلوكه في فضاء مفتوح‪.‬‬

‫و المصاحبة آلية ثالثية األبعاد تتطلب وجود مكتب مصاحبة‪ ،‬محكوم عليه من‬
‫أجل مخالفة أو جنحة بسيطة و مؤسسة مشغلة منتفعة من خدمات هذا األخير المجانية‪.‬‬

‫أما على المستوى اللغوي فإن المصاحبة تعني مدة اختبار توافق ما حكم به من‬
‫عقاب سالب للحرية على أساس استبداله بساعتي عمل مقابل كل يوم سجن يبرز من خاللها‬
‫المحكوم عليه مدى وعيه بما اقترفه من أفعال مجرمة قانونا و مدى استعداده لالندماج من‬
‫جديد في المجتمع من خالل االنخراط في منظومة العمل لفائدة المصلحة العامة‪. 1‬‬

‫بينما على المستوى القانوني فالمصاحبة هي المدة الموافقة لمدة العقوبة السجنية‬
‫المعتمدة على أساس ساعتي عمل عن كل يوم سجن‪ ،‬و التي يشرف عليها مكتب يترأسه‬

‫‪ -1‬هذا ما بينه السيد قاضي تنفيذ العقوبات بسوسة في تقريره السنوي للسنة القضائية ‪3022-3023‬‬
‫‪95‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫قاضي تنفيذ العقوبات بمساعدة معاونين له حول تنفيذ برنامج عمل لفائدة مؤسسة مشغلة من‬
‫طرف المحكوم عليه وذلك من خالل مراقبته و مساندته مع التقيد بجملة من االلتزامات‬
‫تساعده على سرعة االندماج في المجتمع و الحيلولة دون الرجوع للجريمة‪.‬‬

‫كما عرفت المنظمة األوروبية للمصاحبة ‪ ،‬المصاحبة بكونها ‪:‬‬

‫‪« La probation selon le conseil de l’Europe, est l’exécution en‬‬


‫‪milieu ouvert de sanctions et mesures définies par la loi et‬‬
‫‪prononcées à l’encontre d’un auteur d’infractions. Elle consiste en‬‬
‫‪une série d’activités et d’interventions qui impliquent Suivi, Conseil et‬‬
‫‪Assistance, dans le but de réintégrer socialement l’auteur de‬‬
‫‪l’infraction dans la société et de contribuer à la sécurité collective »1‬‬

‫هذا فيما يتعلق بتعريف المصاحبة » ‪ « La probation‬المصطلح الجديد الذي‬


‫شهد بدوره تطو ار تاريخيا‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬التطور التاريخي للمصاحبة ‪:‬‬

‫تاريخيا ظهرت فكرة الصاحبة منذ سنة ‪" 2971‬بانجلترا" مع المحكوم عليهم‬
‫المسرحين و أول تقنين حول المصاحبة يعود إلى سنة ‪. 2971‬‬

‫وفي سويس ار انتشرت فكرة المصاحبة منذ القرن التاسع عشر بعدة مقاطعات‬
‫سويسرية كما ظهرت عدة مؤسسات في الغرض إلنجاح هذه التجربة من ذلك مثال مؤسسة‪:‬‬

‫» ‪« La société Vaudoise de patronage des détenus libérés‬‬

‫‪ -1‬منية السافي ‪ :‬مداخلة بعنوان "تقديم تجربة المصاحبة في تونس" مارس ‪ 3022‬ص ‪1‬‬
‫‪96‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫هذا باإلضافة إلى التوصية الصادرة عن مجلس اإلتحاد األوروبي في ‪-12-22‬‬


‫‪ 1116‬في سبيل تعميم تجربة أنظمة المصاحبة ‪ ،‬ففي األنظمة األوروبية المقارنة ينسحب‬
‫نظام المصاحبة على جملة المحكوم عليهم بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ‪ ،‬بتأجيل‬
‫التنفيذ ‪ ،‬بالتسريح شرطيا و بممنوعي اإلقامة بمكان معين‪ ،‬و تعد مصلحة اإلدماج‬
‫و المصاحبة في فرنسا هي المصلحة المشرفة على متابعة هذا النظام وهي مصلحة تعادل‬
‫مكتب المصاحبة في تونس‪.‬‬

‫كما تعد كل من دولتي األردن و الجزائر رائدتين في هذه التجربة الجديدة‪.‬‬

‫أما في تونس فقد ظهرت فكرة المصاحبة منذ سنة ‪ 1121‬ليتم إنشاء أول مكتب‬
‫مصاحبة بسوسة الذي انطلق في نشاطه الفعلي منذ تاريخ ‪.1121-12-11‬‬

‫فكيف كانت نشأة هذا المكتب ؟‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬نشأة مكتب المصاحبة بالبالد التونسية ‪:‬‬

‫تجربة مكتب المصاحبة تجربة رائدة و قد جاءت الفكرة نتيجة جملة من العوائق‬
‫و الصعوبات التي عرفها نطاق التطبيق و التفعيل بالنسبة لواقع العقوبات البديلة‪ ،‬و ذلك لما‬
‫لها من فوائد على مستوى الحد من ظاهرة االكتظاظ بالسجون و الحد من العود‪.‬‬

‫هذا و قد شهدت الدائرة القضائية بسوسة ميالد تجربة جديدة في تفعيل عقوبة العمل‬
‫لفائدة المصلحة العامة من خالل تركيز مكتب المصاحبة النموذجي بمقر محكمة الناحية‬
‫بسوسة ‪ 1‬سابقا‪.‬‬

‫فماهي المراحل التاريخية السابقة إلحداث مكتب المصاحبة ؟ و فيما تتمثل مراحل‬
‫نشأته بصفة فعلية ؟ وانطالقا من هذين التساؤلين سنتعرض إلى المراحل التاريخية السابقة‬
‫إلحداث مكتب المصاحبة (أ) لنصل إلى مراحل نشأته بصفة فعلية (ب)‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫أ) المراحل التاريخية السابقة إلحداث مكتب المصاحبة‪:‬‬

‫نظ ار لما تشهده السجون التونسية من اكتظاظ نتيجة كثرة عدد المساجين و قلة عدد‬
‫المؤسسات العقابية إذ على قاعدة مائة ألف ساكن يوجد لدينا مائتي سجين متجاوزين بالتالي‬
‫النسبة العالمية المقدرة بمائة و سبعة و ستين سجين حسب ما أبرزته اإلحصائيات المسجلة‬
‫في الغرض‪.‬‬

‫فكان بالتالي أن تحركت الجهات المعنية للحد من ظاهرة اكتظاظ السجون التونسية‬
‫و ذلك بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب األحمر‪ ،‬و في الغرض تم إعداد خطة عمل‬
‫تهدف إلى الحد من ظاهرة االكتظاظ بالسجون من خالل التقليص من عدد المساجين عبر‬
‫دراسة اآلليات الكفيلة بذلك و كذلك من خالل محاولة التقليص من نسبة العود المتفشية التي‬
‫تمر عبر تحقيق إعادة اإلدماج و التأهيل بالنسبة للمحكوم عليهم داخل المجتمع من جديد ‪.‬‬

‫ولتحقيق هذه األهداف السابقة الذكر تم إبرام اتفاقية تعاون مع اللجنة الدولية للصليب‬
‫األحمر‪ ،‬و تفعيال لهذه االتفاقية تم تكوين فريق عمل شرع في عقد جلساته ابتداءا من سنة‬
‫‪. 11117‬‬

‫فكان أن تم إنشاء فريق عمل خاص بهذا المشروع النموذجي بدائرة محكمة‬
‫االستئناف بسوسة بتاريخ ‪ 9‬فيفري ‪ ، 1121‬يتركب من ثلة من القضاة الحريصين على‬
‫إنجاح هذا المشروع إضافة إلى تواجد مدير السجن المدني بالمسعدين آنذاك لما له من‬
‫أهمية خاصة و أن هذا المشروع يسعى إلى تفعيل كل التدابير البديلة للعقوبة السجنية لما‬
‫لها من فائدة على المؤسسة العقابية في حد ذاتها‪.‬‬

‫وفي إطار اإلعداد للمشروع النموذجي لمكتب المصاحبة تم القيام بزيارة عمل في‬
‫اتجاه سويس ار الدولة الرائدة في هذه التجربة بدعوة من اللجنة الدولية للصليب األحمر وذلك‬

‫‪ -1‬منية السافي و يوسف رمضان ‪ :‬التقرير الوسطي للمشروع النموذجي للمصاحبة ص ‪3‬‬
‫‪98‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫خالل الفترة الممتدة من ‪ 1121-11-19‬إلى ‪ ، 1121-11-21‬هذه المهمة قام بها‬


‫اإلطار القضائي التونسي بهدف االطالع على نظام العدالة السويسرية في نطاق األعمال‬
‫األولية لإلعداد لهذا المشروع النموذجي‪.‬‬

‫بعد االنتهاء من هذه المهمة ‪ ،‬تم عقد جلسة عمل بتاريخ ‪ 1121-11-29‬ضمت‬
‫كافة فريق العمل الذي تم تكوينه للغرض وتمحورت هذه الجلسة حول تقييم المهمة المنجزة‬
‫في سويس ار في إطار السير بالمشروع النموذجي المزمع القيام به نحو االنجاز الفعلي ‪.‬‬

‫هذا و قد انعقدت جلسة عمل جديدة بتاريخ ‪ 15‬ماي ‪ 1121‬بمقر محكمة‬


‫االستئناف بسوسة تم تدارس موضوعين اثنين و هما ‪ :‬أوال البحث عن الطرق الكفيلة‬
‫بتحسيس السادة القضاة المعنيين بتفعيل العقوبات البديلة بضرورة التفعيل و تطبيق العقوبات‬
‫البديلة التي أتى بها المشرع التونسي‪ ،‬و ثانيا الوقوف على التصورات الممكنة حتى يتبنى‬
‫المشرع التونسي العقوبة المالية و العقوبات البديلة كآلية هامة من آليات الزجر و إعادة‬
‫اإلدماج في تونس‪.‬‬

‫و لتنفيذ المشروع النموذجي انعقدت جلسة عمل أخرى بتاريخ غرة جوان ‪1121‬‬
‫حضر فيها الخبير الدولي في هذا المجال السيد "أندري فالتون" و ترأسها السيد كاظم زين‬
‫العابدين في إطار تحوير منظومة العقوبات الجزائية و التقليص من عدد المساجين‬
‫و تحسين ظروف التكفل بالمحكوم عليهم داخل المؤسسة العقابية حتى يتم تقليص نسبة‬
‫العود و تفعيل العقوبات البديلة لتسهيل إعادة اإلدماج و تدارس ضرورة إدخال إصالحات‬
‫تشريعية في سبيل إنجاح منظومة المصاحبة‪. 1‬‬

‫و في الختام فقد أفضت جلسات العمل المجراة إلى تركيز مشروع نموذجي‬
‫للمصاحبة بدائرة استئناف سوسة ووقع إحداث فريق تنفيذي خاص به‪. 2‬‬

‫‪ -1‬التقرير السنوي للسيد قاضي تنفيذ العقوبات بالمحكمة االبتدائية بسوسة للسنة القضائية ‪. 3022-3023‬‬
‫‪ -2‬منية السافي و يوسف رمضان ‪ :‬التقرير الوسطي للمشروع النموذجي للمصاحبة‪.‬‬
‫‪99‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫هذا و تعد مؤسسة المصاحبة بمقاطعة فود السويسرية من المؤسسات المساندة‬


‫و الممولة للمشروع النموذجي إلى جانب اللجنة الدولية للصليب األحمر‪.‬‬

‫فكيف كانت النشأة الفعلية لهذا المكتب ؟‬

‫ب) مراحل نشأة مكتب المصاحبة بصفة فعلية ‪:‬‬

‫بالنسبة للنشأة الفعلية لمكتب المصاحبة فقد كان ذلك بمبادرة مشتركة بين اللجنة‬
‫الدولية للصليب األحمر و و ازرة العدل بتونس ‪ ،‬إذ تم إحداث هذا المكتب بدائرة قضاء‬
‫استئناف سوسة ‪ ،‬و قد عرف مسار إحداثه ثالثة مراحل هامة ال بد من اإلتيان على ذكرها‪:‬‬

‫‪ )1‬المرحلة األولى و هي مرحلة التكوين و التأطيرو التي عرفت القيام بأيام دراسية‬
‫في الغرض و ذلك من ‪ 15‬نوفمبر ‪ 1121‬إلى ‪ 19‬ديسمبر ‪ 1121‬بمقر المحكمة االبتدائية‬
‫سوسة ‪ 1‬من خالل تلقي تكوين نظري حول تاريخية فكرة المصاحبة و أهدافها مع عرض‬
‫لبعض التجارب و من ذلك عرض للتجربة السويسرية تحت إشراف رئيس المؤسسة‬
‫السويسرية للمصاحبة بمقاطعة فود » ‪ « Fondation Vaudoise de Probation‬السيد‬
‫"جاك موني" » ‪. « Jacques Monney‬‬
‫المرحلة الثانية وهي مرحلة إحداث المكتب و تسمية األعضاء ‪:‬‬ ‫‪)2‬‬

‫وقع إحداث مكتب المصاحبة بسوسة بمقر المحكمة االبتدائية سوسة ‪ 1‬و هو فضاء‬
‫مستقل عن المحكمة يسمح بممارسة مهامه و استقبال المحكوم عليهم بمكاتب مستقلة‪.‬‬

‫و يشتمل هذا المكتب على أربعة أعضاء تم إلحاقهم من إدارة السجون واإلصالح‬
‫من ذوي الخبرة الكافية في هذا الميدان و لهم اختصاصات في المجال النفسي‬
‫و االجتماعي‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫كما وقع تجهيز المكتب بكل وسائل العمل المتاحة من تجهيزات إعالمية ومكتبية‪،‬‬
‫مع إمكانية الربط بالمنظومة الجزائية ‪ ،‬ووقع تسخير سيارة إدارية لتيسير تنقل أعضاء‬
‫المكتب في إطار متابعتهم و مراقبتهم تنفيذ المحكوم عليهم برنامج العمل في المؤسسات‬
‫المنتفعة و التواصل معهم قصد مساعدتهم على االندماج في محيط العمل‪.‬‬

‫‪ )3‬المرحلة الثالثة و األخيرة وهي مرحلة انطالق النشاط الفعلي لمكتب المصاحبة‪:‬‬

‫تعود انطالقة النشاط الفعلي لمكتب المصاحبة ليوم األربعاء الموافق للثالث‬
‫و العشرين من شهر جانفي ثالثة عشر و ألفين بمقره المذكور ‪ ،‬هذا و قد قام فريق العمل‬
‫الموجود بضبط خطة عمل تمثلت في البداية في إجراء زيارات ميدانية لبعض المؤسسات‬
‫المنتفعة على غرار المستشفى الجامعي بسهلول من والية سوسة و الهدف من ذلك التعريف‬
‫بمكتب المصاحبة ‪ ،‬و مهامه لحداثة عهده ‪ ،‬إضافة إلى التعريف بأعضائه وضبط عالقات‬
‫التواصل بين المكتب من جهة و المؤسسة المنتفعة من جهة أخرى‪.1‬‬

‫وفيما بعد تم توزيع األدوار بين كافة أعضاء المكتب المتواجدين و عددهم أربعة‬
‫و ذلك بإسناد كل واحد منهم لعدد من المؤسسات المنتفعة حسب تقسيم جغرافي تم اعتماده‬
‫للغرض وتوزيع أيام الزيارات الميدانية باعتماد قاعدة التناوب فيما بينهم ‪.‬‬

‫وفي النهاية يتم إعداد ملف خاص بالمتابعة و المراقبة من طرف مكتب المصاحبة‬
‫يتضمن المقاييس التالية وهي انتهاج المرحلية في انجاز المهمة و تكثيف التواصل بين‬
‫المحكوم عليهم و المؤسسات المشغلة المنتفعة مع إجراء تقييم في الغرض من طرف كل‬
‫جهة معنية و نعني بهما مكتب المصاحبة و المؤسسة المنتفعة‪.‬‬

‫لئن تم التعريف بمكتب المصاحبة الذي تم إنشاؤه حديثا بدائرة استئناف سوسة من‬
‫خالل تعريف المصاحبة في حد ذاتها ثم بيان تاريخية فكرة المصاحبة قبل أن نأتي على‬

‫‪ -1‬التقرير السنوي للسيد قاضي تنفيذ العقوبات بالمحكمة االبتدائية بسوسة‬


‫‪101‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫نشأة مكتب المصاحبة بالبالد التونسية و تحديدا بوالية سوسة من خالل ذكر المراحل‬
‫التاريخية السابقة إلحداثه وصوال إلى نشأته الفعلية ‪ ،‬فأي دور لمكتب المصاحبة على‬
‫مستوى تفعيل العقوبات البديلة خاصة و نحن بصدد البحث عن آفاق التفعيل في هذا‬
‫الموضوع الذي لقي صعوبات كثيرة على مستوى التطبيق ؟‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬دور مكتب المصاحبة في تفعيل العقوبات البديلة‬

‫لئن تمثلت العقوبات البديلة الواردة في النص في عقوبتي العمل لفائدة المصلحة‬
‫العامة و التعويض الجزائي ‪ ،‬فإن اهتمام مكتب المصاحبة الذي تم إحداثه مؤخ ار انصب‬
‫على أهم هاتين العقوبتين أال وهي عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة من خالل متابعة‬
‫تنفيذها من طرف المحكوم عليهم خاصة بعد ما عرفته هذه العقوبة البديلة من صعوبات‬
‫و عراقيل على مستوى التفعيل و من ثم على مستوى التنفيذ‪ .‬ففيما تتمثل أعمال مكتب‬
‫المصاحبة الذي تم إحداثه بسوسة في الوقت الراهن؟ و ما هي اآلفاق المنتظرة من إنشائه ؟‬
‫و بناءا عليه سنتطرق في (فقرة أولى) إلى أعمال مكتب المصاحبة في الوقت الراهن ‪،‬‬
‫لنتعرض في (فقرة ثانية) إلى اآلفاق المنتظرة من إنشاء هذا المكتب‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬أعمال مكتب المصاحبة في الوقت الراهن‪:‬‬

‫لئن جاءت فكرة إحداث مكتب مصاحبة بالبالد التونسية على غرار عدة دول أجنبية‬
‫فإن الغاية من ذلك هي ا لسعي و الحرص على تنفيذ العقوبات البديلة في مفهومها الواسع‬
‫في أحسن الظروف و تذليل الصعوبات المعيقة لتفعيلها‪.‬‬

‫فكانت مهمة مكتب المصاحبة األساسية تتمثل في تحسيس اإلطار القضائي‬


‫بضرورة تفعيل العقوبة البديلة المتمثلة في عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة و هو محور‬
‫العنصر (ب) حتى يتسنى لهذا المكتب الجديد القيام بمهمته المتمثلة في التعهد بملفات‬

‫‪102‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫المحكوم عليهم بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة بناءا على أحكام باتة صادرة في‬
‫الغرض و هو محور العنصر (أ)‪.‬‬

‫أ) التعهد بملفات المحكوم عليهم بالعقوبة البديلة ‪:‬‬

‫يتمثل دور مكتب المصاحبة باألساس في التعهد بمتابعة تنفيذ عقوبة العمل لفائدة‬
‫المصلحة العامة كعقوبة بديلة للعقوبة السجنية ‪ ،‬و في إطار هذا التعهد حاول مكتب‬
‫المصاحبة االرتقاء بمستوى التعامل بينه و بين المحكوم عليهم من جهة ‪ ،‬و بينه و بين‬
‫المؤسسات المنتفعة المشغلة لهم من جهة أخرى‪ .‬إذ يجب على كل طرف متداخل أن‬
‫يحرص على احترام االلتزامات المحمولة عليه‪ ،‬من ذلك مثال من واجب المؤسسة المشغلة‬
‫اإلشعار بغياب المحكوم عليه عن الحضور للقيام بعمله كلما حصل إخالل من جانبه ‪،‬‬
‫و من واجب المحكوم عليه االلتزام باحترام التوقيت و باالنضباط داخل المؤسسة مع إتباع‬
‫سلوك حسن و قويم و أن يكون ذو هندام الئق ‪ ،‬ومن جهته على المكتب أن يتعهد بمتابعة‬
‫عملية تنفيذ العقوبة البديلة كما ينبغي ‪ ،‬إضافة إلى تشريكه للمؤسسات المنتفعة من المتابعة‬
‫و المساندة قصد تسهيل عملية إدماج المحكوم عليهم في المجتمع ‪ ،‬و يتمثل دور المكتب‬
‫هنا في اإلصغاء لملحوظات المؤسسة خاصة عند مرحلة التقييم النهائي للمحكوم عليه الذي‬
‫‪1‬‬
‫أتم عمله‪.‬‬

‫و يخلص مكتب المصاحبة في النهاية إلى إعداد تقرير سنوي يضمن به جملة‬
‫األعمال التي تم القيام بها خالل كل سنة من تعهده حول نشاطه الذي يجب أن يتضمن‬
‫رصدا لعدد الملفات الواقع فيها االنجاز التام للعمل من طرف المحكوم عيه بالعقوبة البديلة‪،‬‬
‫كما يتضمن القيام بالمتابعة حول تحديد درجة العود و األسباب الداعية إلى ذلك‪.‬‬

‫‪ -1‬يوسف رمضان ‪ :.‬تجربة المصاحبة بتونس ‪ :‬من المشروع إلى التشريع ص‪8‬‬
‫‪103‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫و عند التعهد بملف قاض باستبدال العقوبة السجنية بعقوبة العمل لفائدة المصلحة‬
‫العامة ‪ ،‬فإن الوثائق المكونة للملف تتمثل فيما يلي ‪ :‬نسخة من الحكم الجزائي القاضي‬
‫باستبدال العقوبة السجنية بالعقوبة البديلة ( العمل لفائدة المصلحة العامة ) ‪ ،‬وثيقة استدعاء‬
‫المحكوم عليه من طرف مكتب المصاحبة ‪ ،‬وثيقة في طلب عرضه على الفحص الطبي من‬
‫طبيب السجن القريب من مقر إقامته ‪ ،‬ب طاقة إرشادات اجتماعية تخص المحكوم عليه تحمل‬
‫إمضائه ‪ ،‬التزام بتنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة تجاه مكتب المصاحبة ‪ ،‬التزام‬
‫المحكوم عليه تنفيذ العقوبة البديلة تجاه المؤسسة المشغلة المنتفعة يحمل إمضائه ‪ ،‬التزام‬
‫المؤسسة تجاه مكتب المصاحبة يحمل إمضائها عليه ‪ ،‬وثيقة برنامج العمل ‪ ،‬بطاقة متابعة‬
‫‪ ،‬محضر توجه ‪ ،‬محضر سماع ‪ ،‬استمارة تقييم (ملحق عــ‪1‬ـــدد)‪.‬‬

‫وتتمثل صالحيات مكتب المصاحبة عند التعهد بملف قاض بالعقوبة البديلة المتمثلة‬
‫في عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة التي تمكن المحكوم عليه المبتدئ من تفادي الدخول‬
‫للسجن مقابل قيامه بعمل لفائدة المجتمع تعويضا له عما اقترفه من جرم ‪ ،‬أوال المبادرة‬
‫باستدعاء المحكوم عليه بالعقوبة البديلة طبق القانون و تحديد المؤسسة المشغلة من ضمن‬
‫قائمة المؤسسات التي اجتهد مكتب المصاحبة في إعدادها (ملحق عــ‪8‬ــدد) ‪ ،‬مع التأكيد‬
‫على أهمية دور المؤسسة المنتفعة في إنجاح أهداف مكتب المصاحبة و ذلك من خالل‬
‫السهر على حسن تيسير إدماج المحكوم عليهم في المنظومة الشغلية و التحسيس بأهمية‬
‫و قيمة العمل الذي ينجز من طرفهم تنفيذا للعقوبة البديلة إضافة إلى تفعيل دور اإلحاطة‬
‫و التوجيه للمؤسسة المنتفعة‪.‬‬

‫ومن أهداف مكتب المصاحبة الحد من ظاهرة العود و منح فرصة للمحكوم عليهم‬
‫المبتدئين لإلصالح و محاولة االندماج مجددا في المجتمع ‪ ،‬إضافة إلى العمل على‬
‫التقليص و الحد من ظاهرة االكتظاظ بالسجون التونسية من خالل التحسيس بضرورة تفعيل‬

‫‪104‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫العمل بالعقوبات البديلة و تفادي العقوبة السالبة للحرية خاصة بالنسبة للمخالفات بصفة‬
‫و بالنسبة للجنح البسيطة بصفة خاصة‪.‬‬ ‫عامة‬

‫إذ تتمثل مهام مكتب المصاحبة في مرحلة أولى في متابعة تنفيذ عقوبة العمل لفائدة‬
‫المصلحة العامة من قبل أعضائه ‪ ،‬و مراقبة حسن سير برنامج العمل لفائدة المصلحة‬
‫العامة ‪ ،‬و توجيه و مساندة المحكوم عليهم بالدعم المعنوي و حسن اإلحاطة النفسية و في‬
‫مرحلة ثانية ترتيب و متابعة عملية تنفيذ العقوبات في حظيرة المجتمع ‪.‬‬

‫وتفيد اإلحصائيات التي تم رصدها في إطار نشاط مكتب المصاحبة خالل الفترة‬
‫الممتدة من ‪ 1121-12-11‬إلى ‪ 1121-19-25‬أن العدد الجملي للملفات الواردة على‬
‫مكتب المصاحبة بلغ ثالثة و ثالثين ملفا منها خمسة و عشرين بصدد االنجاز و هو عدد‬
‫مهم يأمل أعضاء مكتب المصاحبة أن يتطور من خالل تفعيل المحاكم الراجعة بالنظر ترابيا‬
‫للمكتب للعقوبة البديلة المتعلقة بالعمل لفائدة المصلحة العامة‪. 1‬‬

‫ومن الق اررات الجريئة التي تم اتخاذها في طور تحقيق األطفال قبل البت في‬
‫القضية هو "قرار إخضاع طفل للمتابعة من قبل مكتب المصاحبة" (ملحق عـ‪9‬ـدد) خالل‬
‫شهر فيفري ‪ 1126‬و هو ما من شأنه التوسيع في مهام المكتب الذي ال يقتصر على متابعة‬
‫تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة بعد المحاكمة بل يتجاوزه إلى التدخل قبل‬
‫المحاكمة في طور التحقيق مثال ‪ .‬ومن األعمال التي قام بها أعضاء المكتب في إطار‬
‫برنامج المتابعة القيام ببحث اجتماعي في الغرض للطفل الخاضع للمتابعة تضمن التعريف‬
‫به من خالل بيان هويته و وضعيته الجزائية ثم الوضعية االجتماعية و االقتصادية لألسرة‬
‫منتهيا إلى الوضعية االجتماعية و االقتصادية للطفل الخاضع لبرنامج المتابعة و مراحل‬
‫و اشتمل البحث االجتماعي على بطاقة إرشادات خاصة بالطفل‬ ‫تطور حياته المدرسية‬
‫ومضمون والدته الشخصي‪.‬‬

‫‪ -1‬هذا ما ورد بالتقرير السنوي للسيد قاضي تنفيذ العقوبات بالمحكمة االبتدائية بسوسة للسنة القضائية ‪3022-3023‬‬
‫‪105‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫هذا و تواترت التقارير المنجزة في الغرض من مكتب المصاحبة حول وضعية‬


‫الطفل بدءا بتقرير في زيارة ميدانية للطفل بمنزله ثم تقري ار تضمن تشخيصا نفسيا للطفل تلته‬
‫محادثة مع والد الطفل بمكتب المصاحبة‪ ،‬بعد ذلك قام أعضاء المكتب بمتابعة سلوك الطفل‬
‫خالل أربع مناسبات متتالية تم تضمينها صلب التقارير المضمنة بالملحق عـ‪9‬ـدد‪ ،‬ليخلص‬
‫مكتب المصاحبة في النهاية ممثال في قاضي تنفيذ العقوبات المشرف عليه بإعداد تقرير‬
‫نهائي حول أعمال المتابعة منتهيا إلى بيان رأي مكتب المصاحبة حول المقترح المتعلق‬
‫بوضعية هذا الطفل بعد انتهاء برنامج المتابعة‪.‬‬

‫ليشمل دور مكتب المصاحبة في إطار التعريف بفكرة المصاحبة مهمة التحسيس‬
‫من خالل القيام بعدة دورات تكوينية في الغرض ‪ ،‬ففيما تتمثل مهمة مكتب المصاحبة في‬
‫هذا المجال ؟‬

‫ب) دور مكتب المصاحبة في التحسيس ‪:‬‬

‫يلعب مكتب المصاحبة دو ار هاما في تحسيس كافة األطراف المعنية و المتداخلة‬


‫في المنظومة السجنية من متقاضين و مؤسسات مشغلة و كتابة و قسم تنفيذ و قضاة‪.‬إلخ‪..‬‬
‫و تتمثل الحمالت التحسيسية في تكثيف عدد الورشات التدريبية قصد التعريف بمكتب‬
‫المصاحبة من جهة و بتاريخية فكرة المصاحبة ومن جهة أخرى للحث على أهمية تفعيل‬
‫العقوبات البديلة و خاصة منها عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة نظ ار لتعهد المكتب‬
‫بمتابعة تنفيذها و كذلك بالنسبة لآلليات األخرى البديلة للعقوبة السجنية لما لها من فوائد‬
‫كثيرة سواء على المحكوم عليه المبتدئ أو على المؤسسات العقابية التي أصبحت تشهد حالة‬
‫من االكتظاظ باإلضافة إلى صعوبة تنفيذها لبرامج اإلصالح و التأهيل داخلها في تلك‬
‫الظروف األمر الذي يستدعي التدخل الناجع لضرورة تطبيق اآلليات المنصوص عليها‬
‫بالمنظومة الجزائية التونسية و ضرورة تفعيل العمل بالعقوبات البديلة من طرف اإلطار‬

‫‪106‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫القضائي المعني بالتفعيل حتى يتسنى لمكتب المصاحبة من التدخل الناجع و العمل ومن ثم‬
‫تعميم التجربة و االنتشار بكامل الدوائر االستئنافية بالبالد التونسية‪.‬‬

‫كما تتمثل مهمته أيضا في تكثيف الزيارات التي يقوم بها المكتب لمختلف‬
‫المؤسسات المعنية بالتشغيل و ذلك لحثها على قبول المحكوم عليهم بالعقوبة البديلة‬
‫و تجاوز عائق التخوف منهم و يتمثل الهدف من هذه الزيارات في التعريف بنشاط مكتب‬
‫المصاحبة و تحسيس الجهة المستقبلة لهذه الفئة من المجتمع بأهمية عقوبة العمل لفائدة‬
‫المصلحة العامة كعقوبة بديلة لها عدة فوائد على مختلف المستويات‪.1‬‬

‫و من أهم ما يمكن اإلشارة إليه أنه تم خالل سنة ‪ 1126‬تنظيم عدد من الورشات‬
‫التدريبية لدرس المسألة من عدة جوانب نذكر من بينها الورشة التدريبية األولى الحاصلة‬
‫خالل هذه السنة الحالية يومي الجمعة و السبت الموافق ليومي ‪ 17‬و ‪ 11‬جانفي ‪1126‬‬
‫و هي الورشة المتعلقة ب " نحو تعزيز فعالية التدابير البديلة عن االحتجاز في كل أطوار‬
‫المحاكمة الجزائية و مراحل التنفيذ " و التي تم تنظيمها بنزل "برج خلف" بسوسة بالتعاون‬
‫مع المنظمة الدولية لإلصالح الجنائي و المنظمة التونسية لإلصالح الجزائي و األمني ‪،‬‬
‫و ي تمثل إطار الورشة في التفكير في إيجاد حلول و مقترحات لمواطن الضعف التي حالت‬
‫دون تفعيل هذه التدابير مع ضرورة تحسيس كل األطراف المعنية بذلك و قد تلتها عديد‬
‫الورشات التي حضرها إلى جانب قضاة الجزائي بالجهة المحامون و بعض ممثلي المجتمع‬
‫المدني ضرورة أن الجميع معنيون بالمصاحبة و بتفعيل العقوبات البديلة‪.‬‬

‫هذا و يعود اهتمام المجتمع الدولي بالعقوبات البديلة إلى فترة الستينات إال أنه‬
‫و منذ فترة التسعينات بدأت الجهود الدولية تسعى إلى إقرار التدابير غير االحتجازية في‬
‫مفهومها الواسع لما لها من فوائد على المجتمع عامة و على المحكوم عليهم بصفة خاصة‪،‬‬
‫ومن أهم المبادئ و الضوابط لإلقرار بالتدابير غير االحتجازية في مفهومها الواسع هو‬

‫‪ -1‬منية السافي و يوسف رمضان ‪ :‬التقرير الوسطي للمشروع النموذجي للمصاحبة (‪ ) 3022‬ص‪8‬‬
‫‪107‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫تشريك المجتمع المدني في تنفيذ العقوبة البديلة و المتمثلة في عقوبة العمل لفائدة المصلحة‬
‫العام ة و إخراجها من إطار المؤسسة القضائية و السجنية و مرورها للمؤسسات العمومية‬
‫المنتفعة‪ .‬ما يجعل أن الهدف األساسي من هذه الورشات يكمن في الدفع نحو تطبيق أكثر‬
‫فعالية للتدابير غير االحتجازية وخاصة للعقوبات البديلة محور هذا البحث سعيا لتحقيق‬
‫العدالة الشاملة و تعزيز نهج اإلصالح و إرساء مبادئ المحاكمة العادلة في كل أطوار‬
‫المحاكمة‪.‬‬

‫هذا و تضمن محتوى هذه الورشات الوقوف على عدة محاور هامة منها مقدمة عن‬
‫التدابير غير االحتجازية التي قدمتها األستاذة سامية حبوب الخبيرة باألردن تناولت فيها‬
‫المفهوم ‪ ،‬األهداف و المبادئ مؤكدة في مداخلتها على مبررات األخذ بالتدابير غير‬
‫االحتجازية و فوائدها على كل األطراف المعنية المتداخلة في الموضوع ‪ ،‬كما تعرضت إلى‬
‫أهم اإلعالنات التي تبنتها الجمعية العامة لألمم المتحدة في هذا المجال و منها اإلعالن‬
‫العالمي لحقوق اإلنسان و العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية و اتفاقية حقوق الطفل‬
‫و قواعد األمم المتحدة الدنيا النموذجية للتدابير غير االحتجازية على غرار قواعد طوكيو ‪،‬‬
‫قواعد بكين و قواعد بانكوك ‪ :‬كلها إعالنات و قواعد تهدف إلى الحد من العقوبة السالبة‬
‫للحرية و التشجيع على تفعيل العمل بالعقوبات البديلة كخيار أفضل ‪ ،‬منتهية في مداخلتها‬
‫إلى بيان مقاربة هامة جمعت بين النهج العقابي و النهج اإلصالحي أيهما األفضل ؟‬

‫هذا و تطرق المتداخلون في الورشات إلى أهمية دراسة تاريخ تطور مفهوم العقوبة‬
‫و فلسفتها ‪ ،‬و في التعريف بمكتب المصاحبة من خالل الواقع و اآلفاق و دور مكتب‬
‫المصاحبة النموذجي في تأجيل تنفيذ العقوبة ثم الصعوبات التطبيقية للعقوبات البديلة‬
‫و صوال إلى المعوقات و التحديات في تطبيق التدابير غير االحتجازية و الحلول‬
‫في‬ ‫و التوصيات المقترحة‪ .‬كل هذا باإلضافة إلى تحديد دور قاضي تنفيذ العقوبات‬

‫‪108‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫اإلشراف و المتابعة على تنفيذ العقوبات البديلة غير االحتجازية تم فيها االعتناء بالتجربة‬
‫التونسية الرائدة في هذا المجال من خالل دراسة للواقع الموجود و اآلفاق المنشودة‪.‬‬

‫و أن الغاية من هذه الورشات هو التحسيس بأهمية هذا الموضوع على المستوى‬


‫التطبيقي البحت لما له من فوائد عديدة إن مر إلى باب التفعيل سي ار نحو تجنب الحكم‬
‫بالعقوبات السالبة للحرية و إقرار العمل بالعقوبات البديلة في مفهومها الضيق و التدابير‬
‫غير االحتجازية في مفهومها الواسع و التي أضحت تشكل موضوع الساعة بالنظر لما‬
‫تشهده السجون في مختلف الدول من حالة اكتظاظ ملحوظة و خاصة السجون التونسية التي‬
‫تعنينا باألساس و التي شهدت تواجد ‪ 211‬سجينا بغرفة التسع إال ‪ 11‬سجينا فحسب‪ 1‬و هو‬
‫عدد ضخم يتطلب التدخل السريع إليجاد الحل ول الكفيلة بالتقليص من حالة االكتظاظ‬
‫الموجودة ‪.‬‬

‫كما عرفت السنة الحالية ‪ 1126‬أيضا تنظيم ورشتي عمل أخرى في هذا المجال‬
‫تعنى بنفس الموضوع األولى بعنوان " تعزيز برامج العقوبات البديلة و برامج المصاحبة ‪:‬‬
‫المساعدة القانونية و أهميتها في إنفاذ العقوبات البديلة " و الثانية بعنوان " تعزيز برامج‬
‫العقوبات البديلة و برامج المصاحبة ‪ :‬المشاركة المجتمعية لخدمات أفضل " ‪ ،‬عناوين‬
‫و مواضيع مطروحة تدل على أهمية التطرق لموضوع العقوبات البديلة في وقتنا الراهن‬
‫و تفعيل دور مكتب المصاحبة في هذا المجال‪.‬‬

‫ومن بين ما تم التعرض له خاللها فشل المؤسسة السجنية في معالجة ظاهرة‬


‫الجريمة وتمت اإلشارة هنا إلى ضرورة تشريك منظمات المجتمع المدني في المنظومة‬
‫الجزائية وخصوصا في إنجاح تجربة المصاحبة ‪،‬خاصة وأن دور منظمات المجتمع المدني‬
‫في تنفيذ برنامج المصاحبة محدود في الوقت الراهن ‪،‬لذا تعد هذه المنظمات إحدى الحلول‬
‫العملية لتجاوز اإلشكاليات المطروحة بقبولها تنفيذ برنامج العمل موضوع العقوبة البديلة مع‬

‫‪ -1‬إحصائي ة مستمدة من البرنامج األسبوعي اليوم الثامن الذي تم بثه على قناة الحوار التونسي خالل شهر أفريل ‪3022‬‬
‫‪109‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫ضرورة إعالم مكتب المصاحبة بكل اإلخالالت التي تم التعرض إليها أثناء عملية التنفيذ‬
‫والمشاركة الفعالة في عملية اإلدماج خارج إطار تنفيذ العقوبة ‪ .‬ومن بين منظمات المجتمع‬
‫المدني نذكر على سبيل الذكر ال الحصر مركز رعاية المسنين ومعهد الكفيف بسوسة‪ ،‬ويعد‬
‫هذا الحل المتمثل في تشريك هذه المنظمات أحد الحلول الناجعة لتجاوز العائق المتمثل في‬
‫تخوف المؤسسات العمومية التي نص عليها الفصل ‪ 29‬من م‪.‬ج‪.‬‬

‫كما تم الوقوف على الدور المنشود لمنظمات المجتمع المدني في تنفيذ برنامج‬
‫المصاحبة من خالل تعزيز اإلطار القانوني لدور هذه المنظمات في برنامج المصاحبة‬
‫و تفعيل آليات التخصص و التمويل لدفع الجهود الرامية إلدماج المحكوم ضدهم و الحد من‬
‫ظاهرة العود لديهم‪ .‬بالتالي يمكن أن تكون هذه المنظمات خير سند لمجهود لجنة المصاحبة‬
‫التي تم بعثها من خالل هذه الدورات في تفعيل العقوبات البديلة ‪.‬‬

‫هذا و نشير كذلك إلى ما وقع التطرق إليه أيضا في تحديد و أهمية دور المحامي‬
‫أثناء إثارة التتبع الجزائي من خالل تفعيل آلية الصلح بالوساطة التي أقرها المشرع التونسي‬
‫بمقتضى القانون عـ‪71‬ـدد لسنة ‪ 1111‬و المؤرخ في ‪ 17‬أكتوبر ‪ ، 1111‬وصوال إلى دور‬
‫المحامي أثناء المحاكمة و بعدها ‪ ،‬فأثناء المحاكمة يجب عليه تفعيل العمل بالعقوبات‬
‫البديلة أثناء الدفاع عن منوبه بطلب تطبيق إحداها عليه أال وهما عقوبتي العمل لفائدة‬
‫المصلحة العامة والتعويض الجزائي بهدف تجنيب منوبه العقوبة السالبة للحرية‪ .‬وال يقتصر‬
‫دوره على مجرد المطالبة بتطبيق تلك العقوبات فحسب بل السعي إلقناع المحكمة بوجاهة‬
‫الطلب و تحسيسها بوضعية منوبه االجتماعية و المادية و الصحية‪ ..‬أما بعد المحاكمة‬
‫فيتمثل دور المحامي كذلك في حمل و تحفيز منوبه على تنفيذ الحكم الصادر لفائدته‬
‫بالعقوبة البديلة خالل أجله القانوني المنصوص عليه صلب نص الحكم ذاته حتى ال يفوت‬
‫على نفسه اآلجال القانونية للت نفيذ و يصبح عرضة لتسليط العقوبة السجنية المحكوم بها‬
‫أصالة عليه ‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫و نظ ار ألهمية المواضيع التي تم التطرق إليها خالل هذه الورشات التدريبية فإن‬
‫الغاية األولى و األساسية من ورائها تكمن في التحسيس بضرورة تفعيل العقوبات البديلة في‬
‫مفهومها الضيق والتي تشمل ما نص عليه الفصل ‪ 5‬من م‪.‬ج إضافة إلى تفعيل مختلف‬
‫التدابير غير االحتجازية األخرى و ذلك ألن الهدف من جميعها واحد و يتمثل في تجنيب‬
‫المحكوم عليه سلبه حريته و تجنيبه مغبة العود من جهة و من جهة أخرى التقليص من حدة‬
‫ظاهرة االكتظاظ بالمؤسسات العقابية تطبيقا ألحكام الفصل ‪ 11‬من الدستور التونسي لسنة‬
‫‪ 1121‬الذي نص على أنه " لكل سجين الحق في معاملة إنسانية تحفظ كرامته‪.‬‬
‫تراعي الدولة في تنفيذ العقوبات السالبة للحرية مصلحة األسرة ‪ ،‬و تعمل على إعادة تأهيل‬
‫السجين و إدماجه في المجتمع"‪.‬‬
‫هذا فيما يتعلق بأعمال مكتب المصاحبة في الوقت الراهن و التي تتمحور باألساس‬
‫في التعهد بملفات المحكوم عليهم بالعقوبة البديلة و المتمثلة في العمل لفائدة المصلحة‬
‫العامة و المنتفعين بالسراح الشرطي في حدود اختصاص قاضي تنفيذ العقوبات باإلضافة‬
‫إلى القيام بعدة ورشات تدريبية في الغرض تحت إشراف المنظمة الدولية لإلصالح الجنائي‬
‫غايتها التعريف بفكرة المصاحبة و بالمكتب الذي تم إحداثه مؤخ ار وتحسيس اإلطار القضائي‬
‫بضرورة تفعيل العقوبات البديلة حتى يتسنى له العمل على متابعة تنفيذها و كذلك تحسيس‬
‫المؤسسات المشغلة التي نص عليها المشرع التونسي مع إيجاد بديل لها يتمثل في منظمات‬
‫المجتمع المدني الذي قد يكون الحل األمثل لتفعيل العقوبات البديلة إذا ما واصلت تلك‬
‫المؤسسات تخوفها و رفضها تشغيل المدانين جزائيا‪.‬‬
‫لكن أعمال مكتب المصاحبة ال تقتصر على هذا الحد و إنما تتجاوز ذلك ‪ .‬فماهي اآلفاق‬
‫المنتظرة من إنشاء مكتب المصاحبة ؟‬

‫‪111‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬اآلفاق المنتظرة من إنشاء مكتب المصاحبة ‪:‬‬


‫بالنسبة لآلفاق المنتظرة من إنشاء مكتب المصاحبة بسوسة يمكن أن تشمل مجالين‬
‫إثنين ‪ :‬األول يتمثل في توسيع صالحيات هذا المكتب و تفعيل دوره من خالل المتابعة‬
‫لسير وسلوك المحكوم عليهم فيما يخص مؤسسة السراح الشرطي و تأجيل تنفيذ العقاب‬
‫البدني ورعاية المحكوم عليهم بعد قضاء العقوبة السالبة للحرية بتنشيط آليات إعادة إدماجهم‬
‫في حظيرة المجتمع من خالل التكوين و الرسكلة والتشغيل وذلك استئناسا بالتجارب القانونية‬
‫المقارنة من ذلك مشروع القانون الفرنسي المتعلق بالمصاحبة‪ ،‬أما المجال الثاني فيتمثل في‬
‫تعميم تجربة مكتب المصاحبة النموذجي الموجود حاليا بوالية سوسة بكافة المحاكم االبتدائية‬
‫الموجودة بالبالد التونسية حتى تحصل و تعم الفائدة من التفعيل فيما يتعلق بالعقوبة البديلة‬
‫المتمثلة في العمل لفائدة المصلحة العامة بصفة خاصة وبالتدابير غير االحتجازية بصفة‬
‫عامة و ذلك بهدف تفادي تسليط العقوبات السالبة للحرية بالنسبة للجرائم التي ال تكتسي‬
‫خطورة كبيرة‪.‬‬

‫بالتالي يمكن التعرض في عنصر أول إلى دور المكتب في تذليل الصعوبات التي تعترض‬
‫عمله (أ) ثم الحلول و المقترحات المنتظرة إلنجاح هذا المشروع (ب) ‪.‬‬

‫أ) تذليل الصعوبات ‪:‬‬

‫تتمثل مهمة أعضاء المكتب في مرحلة أولى في تذليل الصعوبات التي تعترضه في‬
‫إطار قيامه بمهامه حتى ينجح في المهمة الجديدة الموكولة له‪ .‬و من بين هذه الصعوبات‬
‫التي تم رصدها هو افتقار عدد من الملفات المعروضة أمامه للمتابعة على مستوى مضامين‬
‫األحكام المرسلة إلى جملة من المعطيات الهامة من ذلك عدم التنصيص على مقر المحكوم‬
‫عليه بكل دقة و لتجاوز مثل هذه الصعوبة وجب استجماع أكثر ما يمكن من المعطيات‬

‫‪112‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫خاصة عند مرحلة المحاكمة بخصوص مقره بالتحديد و محاولة تدوين رقم ندائه الشخصي‬
‫إن أمكن ذلك‪ ، 1‬من خالل محاضر األبحاث و عدم التأخر في توجيه مضامين األحكام‬
‫حتى يتم متابعة تنفيذها خالل اآلجال القانونية ‪ ،‬إضافة إلى عدم مبادرة المحكوم عليه‬
‫باالتصال من تلقاء نفسه بقاضي تنفيذ العقوبات و مكتب المصاحبة رغم علمه بصدور‬
‫الحكم و عدم إشعاره بتغيير مقر إقامته الذي يحصل في أغلب األحيان مع عدد ال باس به‬
‫من المحكوم عليهم الغير مستقرين بالجهة و قدموا من قرى ومدن مجاورة لسوسة بحثا عن‬
‫العمل أو الدراسة أو غيرها من األسباب ‪.‬‬

‫كما أنه من الصعوبات األخرى التي حصلت هي رفض المتهمين أثناء مرحلة‬
‫المحاكمة للعقوبة البديلة دليل على عدم فهمهم لمضمونها و محتواها ومن أسبا الرفض أيضا‬
‫األسباب الخارجة عن إرادة المحكوم عليهم من ذلك عدم قدرته على العمل أو أن له عمال‬
‫ثان ال يرغب في خسارته ‪ ،‬لذا وجب تفعيل دور المحامي في هذا المجال في تحسيس منوبه‬
‫بأهمية العقوبة البديلة و أهمية قبولها تفاديا لمساوئ السجن الوخيمة‪ .‬كما يعد الفحص الطبي‬
‫المجرى من طبيب السجن القريب من مقر إقامة المحكوم عليه عائقا آخر يمكن تجاوزه‬
‫بإيجاد بديل له يتمثل في الحصول مثال على إذن من قاضي تنفيذ العقوبات للقيام بهذا‬
‫الفحص لدى إحدى مؤسسات الصحة العمومية‪.2‬‬

‫ما يمكن مالحظته في األخير أن متابعة تنفيذ العقوبة البديلة يعرف وجود عدة‬
‫صعوبات و عراقيل يجب العمل على تذليلها و لما ال إزاحتها و تجاوزها ‪.‬فماهي الحلول‬
‫و المقترحات التي يمكن رصدها في هذا المجال ؟‬

‫‪ -1‬يوسف رمضان ‪ :‬تجربة المصاحبة بتونس ‪ :‬من المشروع إلى التشريع ص ‪20‬‬
‫‪ -2‬يوسف رمضان ‪ :‬نفس المداخلة السابقة الذكر‪.‬‬
‫‪113‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫ب) الحلول و المقترحات المنتظرة إلنجاح هذا المشروع‪:‬‬

‫بالنسبة للحلول ‪ ،‬و لئن اقتصر دور مكتب المصاحبة في البداية على التعهد‬
‫بمتابعة ملفات المحكوم عليهم بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة نظ ار لمحدودية عدد‬
‫العقوبات البديلة الواردة بالفصل ‪ 5‬من م‪.‬ج مما يدفع إلى العمل على توسيع بدائل العقوبة‬
‫السجنية ليتكفل هذا المكتب بمتابعتها على غرار ماهو معمول به في القوانين المقارنة التي‬
‫ينسحب فيها نظام المصاحبة على جملة المحكوم عليهم بمختلف بدائل العقوبة السجنية دون‬
‫االقتصار على عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‪.‬‬

‫و في إطار توسيع صالحيات مكتب المصاحبة أصبح دوره ال يقتصر على التعهد‬
‫بملفات المحكوم عليهم بالعقوبة البديلة المتمثلة في عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة بل‬
‫يتجاوزه ألكثر من ذلك ‪ ،‬إذ تم التوسيع في نشاط المكتب من خالل تفعيل الفصل ‪ 159‬من‬
‫م‪.‬إ‪.‬ج المتعلق بمتابعة و اإلشراف على ملفات ق اررات السراح الشرطي‪ 1‬التي يصدرها قاضي‬
‫تنفيذ العقوبات من ذلك تمكين المسرح شرطيا خالل المدة المتبقية له من العقوبة والتي‬
‫انتفع فيها بالسراح الشرطي بأن يقوم بعمل دون مقابل خدمة للصالح العام و باحتساب نظام‬
‫ساعتي عمل عن كل يوم سجن إضافة إلى تناول ملفات مطالب الجبر بالسجن كلما طلب‬
‫منه ذلك عمال بأحكام الفصل ‪ 111‬من م‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬

‫ولتفعيل العقوبات البديلة في مفهومها الواسع الذي يضم مختلف بدائل العقوبة‬
‫السالبة للحرية و خاصة منها عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ‪ ،‬يمكن تنظيم عدة زيارات‬
‫مخصصة باألساس إلى الوحدة السجنية بسوسة بصفة خاصة و إلى الوحدات السجنية بكافة‬
‫تراب الجمهورية في صورة تعميم مكاتب المصاحبة بمختلف المحاكم االبتدائية‪ .‬و الغاية من‬

‫‪ -1‬زهية الصيادي ‪ :‬مداخلة بعنوان "دور قاضي تنفيذ العقوبات في اإلشراف و متابعة تنفيذ العقوبات البديلة غير االحتجازية "(التجربة التونسية)‬
‫ص‪ 2‬خالل الورشة التدريبية المقامة بتاريخ ‪ 20-38‬جانفي ‪ 3022‬بعنوان "نحو تعزيز فعالية التدابير البديلة عن االحتجاز في كل أطوار المحاكمة‬
‫الجزائية و مراحل التنفيذ"‪.‬‬
‫‪114‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫‪1‬‬
‫هذه الزيارات هي االطالع بشكل مباشر على ظروف المساجين ومعرفـة مشاكلهم المختلـفة‬
‫و الوقوف على أهمية تسليط العقوبة السجنية هل هي في صالح المحكوم عليه إلصالحه و‬
‫ردعه أم أنها ستنعكس سلبا عليه مستقبال؟‬

‫باإلضافة إلى تنظيم زيارات أخرى إلى المؤسسات المشغلة و خاصة منها منظمات‬
‫المجتمع المدني للتعريف أكثر بتجربة المصاحبة في تونس و التأكيد على أهمية قبول فكرة‬
‫تشغيل المدانين جزائيا من أجل جرائم بسيطة قصد حمايتهم من مخاطر الدخول للسجن‪،‬‬
‫و أن هذه المنظمات قد تكون شريكا فاعال في سبيل إنجاح تفعيل العمل بالعقوبات‬ ‫خاصة‬
‫البديلة و خاصة منها عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بالمقترحات المنتظرة إلنجاح هذا المشروع فتشمل جانبين جانب‬
‫تشريعي و جانب هيكلي ‪.‬‬

‫على المستوى التشريعي ونظ ار لمساوئ السجن الوخيمة المترتبة عن حالة االكتظاظ‬
‫التي باتت ظاهرة متفشية للعيان خاصة بعد أن تم بث البرنامج األسبوعي "اليوم الثامن" الذي‬
‫عني بالمسألة خالل شهر أفريل ‪ 1126‬و الذي بين للجميع ما تشهده السجون التونسية من‬
‫حالة اكتظاظ و ظروف متردية تعود سلبا على الوضعية الصحية و االجتماعية و المستقبلية‬
‫للمساجين المتواجدين بها‪ .‬فقد أصبح من الضروري تنقيح التشريع و ذلك بحذف العقوبات‬
‫السجنية قصيرة المدة و استبدالها بإحدى العقوبات البديلة أو بإحدى بدائل العقوبة السجنية‬
‫في مفهومها الواسع من ذلك التعويض الجزائي و الصلح بالوساطة‪ ..‬إضافة إلى تنقيح‬
‫ا لنص الجزائي في خصوص المخالفات و الجنح البسيطة التي ال تتجاوز عقوبتها الستة‬
‫أشهر بجعل العقاب المستوجب لها هو إما العقوبة البديلة أو الخطية دون ضرورة استشارة‬
‫المتهم اعتمادا على جملة من المعطيات المتعلقة بوضعيته‪ ، 2‬و إحداث عقوبات بديلة‬

‫‪ -1‬منية السافي و يوسف رمضان ‪ :‬التقرير الوسطي للمشروع النموذجي للمصاحبة ‪.‬‬
‫‪ -2‬منية السافي و يوسف رمضان ‪ :‬التقرير الوسطي للمشروع النموذجي للمصاحبة ص ‪22‬‬
‫‪115‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫إضافية على غرار ماهو مع مول به في القوانين المقارنة من ذلك مثال إقرار العمل بالخطية‬
‫اليومية » ‪ ، « Le jour amende‬و هذه العقوبة الجديدة أبرزت جدواها و فعاليتها وهي‬
‫تمكن القاضي من تحديد قيمة اليوم المالي للمخالف أو الجانح حسب مستواه االجتماعي و‬
‫المادي حتى يحس المحكوم عليه بما اقترفه من ذنب وبجدوى العقوبة المسلطة عليه لما لها‬
‫من تأثير على وضعه المادي باألساس‪.‬‬

‫أما على المستوى الهيكلي وجب السعي نحو تقنين المصاحبة و تفعيل دور مكاتب‬
‫المصاحبة من خالل تعميم هذه المكاتب في كامل أنحاء تراب الجمهورية‪.‬‬

‫بالنسبة لتقنين المصاحبة و تفعيل دور مكاتب المصاحبة بتوسيع صالحياته‪ ،‬فلئن تم تعريف‬
‫المصاحبة بكونها " جملة الصالحيات المتمثلة في المراقبة و المساندة بمناسبة تنفيذ عقوبة‬
‫صادرة عن السلطة القضائية أو مدة اختبار بموجب إنابة قضائية يشرف فيها مكتب يترأسه‬
‫قاضي تنفيذ العقوبات بمعاضدة مرافقين عدليين حول تنفيذ برنامج عمل يوازي فيه يوم سجن‬
‫ساعتي عمل لفائدة مؤسسة مشغلة من طرف المحكوم عليه أو المسرح شرطيا أو المفرج‬
‫عنه مؤقتا أو الواقع في حقه تأجيل تنفيذ العقاب البدني على سرعة االندماج في المجتمع و‬
‫الحيلولة دون الرجوع للجريمة"‪.1‬‬

‫لذا وجب تقنين المصاحبة حتى يضطلع المكتب بالدور الموكول له تحت غطاء قانوني ‪،‬‬
‫من ذلك إحداث دليل إجرائي لمكاتب المصاحبة بمقتضى أمر يقع فيه ضبط محتواه من‬
‫الوثائق الضرورية لتيسير العمل داخل مكاتب المصاحبة من خالل ضبط العالقة بين‬
‫المكاتب و المحكوم عليهم من جهة و بين المكاتب و المؤسسات المشغلة من جهة أخرى ‪،‬‬
‫إضافة إلى وضع مكاتب المصاحبة تحت إشراف و ازرة العدل و تحديدا تحت اإلشراف المالي‬
‫و اإلداري لإلدارة العامة للسجون و اإلصالح و تحت اإلشراف القضائي للسيد الوكيل العام‬

‫‪ -1‬يوسف رمضان ‪ :‬مداخلة بعنوان "تجربة المصاحبة من المشروع إلى التشريع" ص ‪ 2‬الورشة التدريبية المقامة بسوسة يومي ‪ 20-38‬جانفي‬
‫‪.3022‬‬
‫‪116‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫بمحكمة االستئناف بسوسة فيما يتعلق بمكتب المصاحبة النموذجي المحدث بسوسة من‬
‫ح يث مراقبة نشاط المكتب ومعاينة التقارير الشهرية والسنوية للمكتب والعمل على تذليل‬
‫الصعوبات و بالتنسيق مع السيد قاضي تنفيذ العقوبات في ترتيب كل االجتماعات و‬
‫الملتقيات والدورات التكوينية المحدثة للغرض‪ ،‬و تحت اإلشراف العام للسادة الوكالء العامين‬
‫بمحاكم االستئناف في صورة تعميم مكاتب المصاحبة بكامل تراب الجمهورية‪ .‬و يرأس كل‬
‫مكتب مصاحبة قاضي تنفيذ العقوبات الذي توكل له مهام التسيير و اإلشراف على مختلف‬
‫نشاطات المكتب و مراقبة أعضائه و دراسة كل الملفات واإلشراف على تنفيذ عقوبة العمل‬
‫لفائدة المصلحة العامة‪.1‬‬

‫و نظ ار لعدم وجود غطاء قانوني لعمل لجنة المصاحبة‪ ،‬مما يجعل هذه المؤسسة تعمل في‬
‫إطار من االجتهاد الشخصي ألعضائها مع االستئناس بالتجارب المقارنة في هذا المجال‪،2‬‬
‫فإن الجديد على مستوى تقنين مكتب المصاحبة هو إمضاء مذكرة تفاهم بين كل من و ازرة‬
‫العدل و المنظمة الدولية لإلصالح الجنائي خالل شهر ماي ‪ ، 1126‬و تشمل هذه االتفاقية‬
‫مجموعة من األنشطة الهادفة إلى دعم جهود برامج اإلصالح في السجون و مراكز‬
‫اإلصالح و في مجال البحوث و الدراسات تقضي االتفاقية بإجراء دراسة تحليلية حول واقع‬
‫العقوبات البديلة في سوسة و تقييم التجربة السابقة ‪ .‬و على مستوى التدريب سيتم العمل‬
‫على تنظيم عدة ورشات تدريبية الهدف منها حث القضاة المعنيين على تفعيل العمل‬
‫بالعقوبات البديلة مع تصميم نماذج إجرائية لدى مكتب المصاحبة بسوسة‪ .‬كما تشمل‬
‫االتفاقية تشكيل لجنة تسمى "لجنة العقوبات البديلة" تجتمع بشكل دوري و تتولى تقييم هذه‬
‫اآللية و تعزيز أوجه التعاون بين كل األطراف المعنية بتطبيق العقوبات البديلة‪.‬‬

‫‪ -1‬منية السافي و يوسف رمضان ‪ :‬التقرير الوسطي للمشروع النموذجي للمصاحبة ص‪22‬‬
‫‪ -2‬أنيس سكمة ‪ :‬مداخلة بعنوان "برنامج المصاحبة و دور منظمات المجتمع المدني في تعزيز االندماج و الحد من العود" خالل ورشتي العمل‬
‫المقامة يومي ‪ 32‬و ‪ 31‬فيفري ‪ 3022‬بسوسة‪.‬‬
‫‪117‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫و تعد مذكرة التفاهم التي تم إمضائها حديثا بين كل من و ازرة العدل و المنظمة الدولية‬
‫لإلصالح الجنائي بادرة خير تشجع على العمل على تعميم تجربة المصاحبة على كامل‬
‫الدوائر االستئنافي ة بالبالد التونسية من أجل تفعيل أكثر لواقع العقوبات البديلة الذي أصبح‬
‫الحل األمثل للحد من ظاهرة االكتظاظ التي أصبحت تعم السجون التونسية كذلك لوضع‬
‫اإلطار القانوني المنتظر لعمل لجنة المصاحبة بصفة خاصة و مكاتب المصاحبة إن تم‬
‫تعميمها بصفة عامة‪.‬‬

‫هذا و يعد مكتب المصاحبة أحد الحلول الناجعة لتجاوز عوائق التفعيل التي عرفتها عقوبة‬
‫العمل لفائدة المصلحة العامة منذ أن تم إرساء هذه العقوبة منذ سنة ‪ ،2777‬فماهي اآلفاق‬
‫المنتظرة على مستوى التفعيل بالنسبة لعقوبة التعويض الجزائي ثاني العقوبات البديلة التي‬
‫جاء بها الفصل ‪ 5‬من م‪.‬ج ؟‬

‫‪118‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة‬

‫إن دراسة موضوع العقوبات البديلة ال يقتصر على ما هو موجود فحسب و إنما‬
‫على ماهو منشود منها من خالل التطرق إلى اآلفاق المنتظرة للعقوبات البديلة سواء على‬
‫مستوى التشريع أو على مستوى التفعيل‪.‬‬

‫فآفاق التشريع في هذا المجال تتطلب تنقيح بعض أحكام المجالت القانونية و نعني‬
‫بها المجلة الجزائية و مجلة اإلجراءات الجزائية المتعلقة أساسا بالعقوبات البديلة من حيث‬
‫تعريفها ‪،‬تفعيلها و كذلك تنفيذها‪ ،‬فالتنقيح يجب أن يمر أوال بالفصول المنظمة للعقوبات‬
‫البديلة الوا ردة صلب المجلة الجزائية ثم الفصول المتعلقة بتنفيذ هاته العقوبات صلب مجلة‬
‫اإلجراءات الجزائية‪.‬‬

‫و ال تقتصر آفاق التشريع على الجانب القانوني فحسب بل تشمل باإلضافة إلى‬
‫ذلك الجانب العملي و الواقعي البحت المتعلق بضرورة تطوير العمل بهذه العقوبات البديلة ‪،‬‬
‫و يمر هذ ا التطوير عبر التحسيس و التوعية و خاصة تحسيس اإلطار القضائي بضرورة‬
‫تفعيل هاته العقوبات البديلة لتجنب مساوئ السجن الوخيمة في صورة االقتصار على العقوبة‬
‫السالبة للحرية كمبدأ‪.‬‬

‫إال أن اآلفاق المنتظرة للعقوبات البديلة ال تقتصر على الجانب التشريعي فحسب‬
‫و إنما تتجاوزه لتشمل جانب التفعيل و ذلك من خالل التعرض إلى مكتب المصاحبة‬
‫كمشروع نموذجي في هذا المجال يعنى باألساس بتنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‬
‫كعقوبة بديلة من خالل التعريف بهذا المكتب و صوال إلى دوره في تفعيل العقوبات البديلة‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫الخاتمة العامة‬

‫‪120‬‬
‫الخاتمة العامة‬

‫لئن شكلت الجريمة ظاهرة اجتماعية تستدعي العمل على مكافحتها و الحد منها من‬
‫خالل اتخاذ منهج قوامه الوقاية و الردع لذلك شرعت العقوبة إلصالح المذنب و تقويم‬
‫انحرافه‪ .‬و قد اتخذت العقوبة عدة تعاريف على المستوى القانوني إذ " تعد الجزاء الجنائي‬
‫الرئيسي الذي يواجه به المجتمع مرتكب الجريمة ‪ .‬و يتمثل هذا الجزاء في توقيع شيء‬
‫من األذى على الجاني مقابل ما أحدثه من ضرر بفعله المجرم"‪.1‬‬

‫و تطور مفهوم العقوبة عبر التاريخ متخذا عدة أشكال انطالقا من مرحلة االنتقام‬
‫الفردي إلى مرحلة االنتقام الجماعي‪ .‬وقبل اندالع الثورة الفرنسية شهد العالم أكبر حركة‬
‫ثقافية لمناهضة العقوبات القاسية‪ ،‬أدت إلى ظهور المدرسة التقليدية ثم الوضعية وصوال إلى‬
‫حركة الدفاع االجتماعي التي تهدف إلى حماية المجرم و المجتمع معا‪ .‬هذا و تعد عقوبة‬
‫السجن العقوبة األكثر تطبيقا في كافة الدول الشيء الذي أدى إلى تزايد عدد النازلين‬
‫بالسجون لتصبح ظاهرة اكتظاظ السجون محل اهتمام الكثيرين لما يخلفه السجن من مساوئ‪.‬‬

‫لذا كان الحل في البحث عن البديل لهذه العقوبة فكانت العقوبات البديلة أفضل‬
‫الحلول لتفادي سلبيات المؤسسات العقابية الناتجة عن الظروف المتردية لها‪ .‬فأي مفهوم‬
‫اتخذته ؟ و أي تطبيق عرفته هذه العقوبات البديلة ؟‬

‫إن التطرق لموضوع العقوبات البديلة بالبحث يجعلنا نتساءل عن مدى تفعيل‬
‫المحاكم لها على أرض الواقع ؟ بالتالي تم بيان محتوى النص القانوني في مرحلة أولى بدءا‬
‫بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة الواقع إحداثها بمقتضى القانون عـ‪97‬ـدد لسنة ‪2777‬‬
‫المؤرخ في ‪ 11‬أوت ‪ 2777‬من خالل شروط الحكم بها و التي تختلف عما إذا كانت‬

‫‪ -1‬فرج القصير ‪ :‬المرجع مذكور سابقا ص ‪. 301‬‬


‫‪121‬‬
‫الخاتمة العامة‬

‫العقوبة البديلة تعوض العقوبة السجنية أو تعوض العقوبة المالية ‪ ،‬باإلضافة إلى كيفية‬
‫تنفيذها و موانع ذلك‪ .‬أما العقوبة البديلة الثانية المتمثلة في عقوبة التعويض الجزائي الواقع‬
‫إحداثها بموجب القانون عـ‪69‬ـدد لسنة ‪ 1117‬المؤرخ في ‪ 21‬أوت ‪ 1117‬فقد تم خاللها‬
‫بيان شروط استبدال العقوبة السالبة للحرية بعقوبة التعويض الجزائي و كيفية تنفيذها وصوال‬
‫إلى آثار التنفيذ وعدمه‪.‬‬

‫كما أنه بالتعمق في محتوى النص القانوني الذي أتى بهذه العقوبات البديلة تم‬
‫التعرض إلى أوجه تفعيلها من طرف اإلطار القضائي المعني بها سواء عند مرحلة التصريح‬
‫بالحكم أو تنفيذه من خالل التطرق لدور كل من قاضي تنفيذ العقوبات على مستوى اإلشراف‬
‫على متابعة تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة و النيابة العمومية على مستوى تنفيذ‬
‫عقوبة التعويض الجزائي ‪ ،‬إذ بتفعيل العقوبات البديلة تحصل الفائدة المنتظرة من تشريعها‬
‫سواء على األطراف المتداخلة أو على المؤسسات المعنية بها ‪ ،‬إال أن التفعيل عرف عدة‬
‫عوائق انطالقا من كونه تفعيال محتشما من طرف كل المحاكم التونسية باعتباره لم يرتق إلى‬
‫المستوى المنتظر من إرساء هاته العقوبات البديلة‪ .‬إذ تم التعرض إلى أسباب و نتائج عدم‬
‫التفعيل ثم استخالص صعوبات ذلك من خالل دراسة المشاكل التي تعيق التفعيل على‬
‫أرض الواقع و الحلول المقترحة لالرتقاء بمستوى تفعيل العقوبات البديلة‪.‬‬

‫بعد ذلك تم التعرض إلى اآلفاق المنتظرة من إرساء العقوبات البديلة صلب القانون‬
‫التونسي بدءا بآفاق التشريع من خالل مشاريع تنقيح كل من المجلة الجزائية ومجلة‬
‫اإلجراءات الجزائية وصوال إلى ضرورة تطوير العمل بالعقوبات البديلة من خالل االهتمام‬
‫بهذا الصنف من العقوبات و تحسيس كل األطراف المعنية و خاصة منها اإلطار القضائي‬
‫بأهمية تطبيق العمل بالعقوبات البديلة الواردة بالنص عوض العقوبة السالبة للحرية للحد من‬
‫ظاهرة االكتظاظ التي تشهدها السجون التونسية وما تخلفه من نتائج سلبية‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫الخاتمة العامة‬

‫و ال تقتصر اآلفاق المنتظرة لهاته العقوبات على الجانب التشريعي فحسب بل‬
‫تتجاوزه لجانب أهم وهو التفعيل على أرض الواقع‪ .‬وفي إطار دراسة آفاق التفعيل تم التركيز‬
‫على مكتب المصاحبة النموذجي الذي تم إحداثه بسوسة نموذجا في مجال التفعيل لالرتقاء‬
‫بمستوى تفعيل العمل با لعقوبات البديلة بصفة خاصة و مختلف البدائل األخرى للعقوبة‬
‫السالبة للحرية بصفة عامة إيمانا بكونها الخيار األفضل للقاضي للحد من ظاهرة االكتظاظ‬
‫بالسجون التونسية ‪ ،‬و قد اقتضى األمر التعريف بمكتب المصاحبة من خالل تعريف‬
‫المصاحبة في حد ذاتها و التطور التاريخي لها وصوال إلى نشأة مكتب المصاحبة بصفة‬
‫فعلية بسوسة بتاريخ ‪ 11‬جانفي ‪. 1126‬‬

‫بالتالي فإن مكتب المصاحبة الذي يرأسه قاضي تنفيذ العقوبات يلعب دو ار هاما في‬
‫مجال تفعيل العقوبات ال بديلة المتمثلة أساسا في عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‪،‬‬
‫فأعمال المكتب انحصرت في البداية في التعهد بملفات المحكم عليهم بعقوبة العمل لفائدة‬
‫المصلحة العامة و في الجانب التحسيسي و ذلك من خالل تواتر الورشات التدريبية التي‬
‫تعنى بالمسألة بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب األحمر‪ .‬أما على مستوى اآلفاق المنتظرة‬
‫من إنشاء مكتب المصاحبة فتكمن في تذليل الصعوبات التي من الممكن أن تعترض‬
‫المكتب أثناء قيامه بمهامه و تجاوزها أو العمل على الحد منها حتى تحصل الفائدة من‬
‫إرساء عدة بدائل أتى بها القانون التونسي وهي تنتظر التطبيق و التفعيل من خالل جملة‬
‫الحلول و المقترحات المعروضة في الغرض حتى ال تبقى مهجورة ‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫يتعلق الملحق عـ‪0‬ـدد بالقوانين المعتمدة‬

‫‪ -0‬قانون عـ‪98‬ـدد لسنة ‪ 0888‬المؤرخ في ‪ 0888-19-14‬المتعلق بإرساء نظام‬


‫العمل لفائدة المصلحة العامة بديال لعقوبة السجن‪.‬‬
‫‪ -4‬قانون عـ‪81‬ـدد لسنة ‪ 0888‬المؤرخ في ‪ 14‬أوت ‪ 0888‬يتعلق بتنقيح و إتمام‬
‫بعض أحكام من مجلة اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫‪ -3‬قانون عـ‪39‬ـدد لسنة ‪ 4118‬المؤرخ في ‪ 04‬أوت ‪ 4118‬يتعلق بإرساء عقوبة‬
‫التعويض الجزائي و بتطوير اآلليات البديلة للسجن‪.‬‬
‫‪ -2‬مقتطفات من فصول المجلة الجزائية المتعلقة بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‬
‫و عقوبة التعويض الجزائي‪.‬‬
‫‪ -2‬مقتطفات من فصول مجلة اإلجراءات الجزائية المتعلقة بعقوبة العمل لفائدة‬
‫المصلحة العامة و عقوبة التعويض الجزائي‪.‬‬
‫‪ -3‬قانون عـ‪11‬ـدد لسنة ‪ 4111‬المؤرخ في ‪ 30‬جويلية ‪ 4111‬المتعلق بتنقيح و إتمام‬
‫بعض الفصول من مجلة اإلجراءات الجزائية إلرساء مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات‬
‫كيفما تم تنقيحه و إتمامه بالقانون عـ‪84‬ـدد لسنة ‪ 4114‬المؤرخ في ‪ 48‬أكتوبر‬
‫‪ 4114‬المنقح و المتمم لمجلة اإلجراءات الجزائية لتدعيم صالحيات قاضي تنفيذ‬
‫العقوبات‪.‬‬
‫‪ -1‬قانون عـ‪24‬ـدد لسنة ‪ 4110‬المؤرخ في ‪ 02‬ماي ‪ 4110‬يتعلق بنظام السجون‬
‫كيفما تم تنقيحه و إتمامه بالقانون عـ‪29‬ـدد لسنة ‪ 4119‬المؤرخ في ‪ 12‬أوت‬
‫‪ 4119‬المتعلق باألم السجينة الحامل و المرضع‪.‬‬
‫‪ -9‬مالحظات حول مشروع القانون المتعلق بتنقيح و إتمام بعض أحكام م‪.‬إ‪.‬ج ‪.‬‬
‫‪ -8‬مشروع القانون عـ‪4103-03‬ـدد المصادق عليه بتاريخ ‪. 4103-14-14‬‬
‫يتعلق الملحق عـ‪4‬ـدد باإلحصائيات المعتمدة‬

‫‪ -0‬إحصائية في القضايا ذات العقوبات البديلة (العمل لفائدة المصلحة العامة) بداية‬
‫من السنة القضائية ‪ 4113-4114‬إلى السنة القضائية ‪ 4103-4104‬لمختلف‬
‫درجات المحاكم‪.‬‬
‫‪ -4‬إحصائية في عدد المحكوم عليهم بعقوبة التعويض الجزائي بداية من السنة‬
‫القضائية ‪ 4101-4118‬لمختلف درجات المحاكم إلى حدود السنة القضائية‬
‫‪. 4104-4100‬‬
‫‪ -3‬إحصائية في تفعيل عقوبة التعويض الجزائي منذ دخول القانون حيز التنفيذ إلى‬
‫موفى شهر أفريل ‪ 4100‬لدى مختلف درجات المحاكم‪.‬‬
‫‪ -2‬وثيقة معتمدة لدى المحكمة االبتدائية بتونس تتعلق بإحصاء القضايا المحكوم فيها‬
‫بالعقوبة البديلة عن كل شهر‪.‬‬
‫‪ -2‬إحصائية عامة عن شهر أكتوبر للمساجين المودعين بمختلف الوحدات‪.‬‬
‫يتعلق الملحق عـ‪3‬ـدد باألحكام القاضية بالعقوبة البديلة ‪ :‬العمل لفائدة‬
‫المصلحة العامة و التعويض الجزائي‬

‫‪ -0‬حكم جناحي عدد ‪ 02832‬بتاريخ ‪4101-18-02‬‬


‫‪ -4‬حكم استئنافي جناحي عدد ‪ 02214‬بتاريخ ‪4100-10-40‬‬
‫‪ -3‬قرار تعقيبي عدد ‪ 2893‬بتاريخ ‪4103-14-44‬‬
‫‪ -2‬محضر جلسة في القضية عدد ‪ 3812‬بتاريخ ‪4103-12-31‬‬
‫‪ -2‬محضر جلسة في القضية عدد ‪ 3212‬بتاريخ ‪4100-18-44‬‬
‫‪ -3‬محضر جلسة في القضية عدد ‪ 3139‬بتاريخ ‪4100-04-44‬‬
‫‪ -1‬محضر جلسة في القضية عدد ‪ 9349‬بتاريخ ‪4104-01-42‬‬
‫‪ -9‬محضر جلسة في القضية عدد ‪ 023‬بتاريخ ‪4100-10-14‬‬
‫يتعلق الملحق عـ‪2‬ـدد بالوثائق المتعلقة بمتابعة تنفيذ العقوبة البديلة‬
‫( العمل لفائدة المصلحة العامة ) من طرف قاضي تنفيذ العقوبات‬

‫‪ -0‬وثيقة تتعلق بالتحرير على المحكوم عليه بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‬
‫‪ -4‬وثيقة تتعلق بعرض المحكوم عليه بالعمل لفائدة المصلحة العامة على طبيب‬
‫السجن‬
‫‪ -3‬وثيقتان تتعلق بقبول محكوم عليه بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة موجهة إلى‬
‫المؤسسة المشغلة‬
‫‪ -2‬وثيقة تتعلق ببرنامج تنفيذ العقوبة البديلة (قائمة حضور يومية)‬
‫‪ -2‬شهادة في تنفيذ العقوبة البديلة‬
‫‪ -3‬وثيقة موجهة من السيد قاضي تنفيذ العقوبات إلى السيد وكيل الجمهورية تتعلق‬
‫بإحالة ملف عقوبة بديلة نظرا لتعذر اإلنجاز‬
‫‪ -1‬وثيقة موجهة من السيد قاضي تنفيذ العقوبات إلى السيد قاضي تنفيذ العقوبات‬
‫بمحكمة أخرى باعتباره المختص ترابيا‬
‫يتعلق الملحق عـ‪2‬ـدد بالوثائق المعتمدة لمتبعة تنفيذ العقوبة البديلة‬
‫( التعويض الجزائي ) من طرف ممثل النيابة العمومية‬

‫‪ -0‬مطلب إيقاف تنفيذ على إثر تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي خالل األجل القانوني‬
‫‪ -4‬محضر عرض مال يفيد تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي‬
‫‪ -3‬إصدار قرار بسقوط العقاب البدني المحكوم به بموجب تنفيذ عقوبة التعويض‬
‫الجزائي‬
‫‪ -2‬محضر جلسة بتاريخ ‪ 4101‬يقضي باستبدال عقوبة السجن بعقوبة التعويض‬
‫الجزائي و خالل األجل القانوني للتنفيذ تم تقديم محضر عرض مال مع وثيقة في‬
‫تأمين مبلغ التعويض على ذمة الخزينة العامة للبالد التونسية لعدم وجود المتضرر‬
‫بمقره ‪ ،‬انتهى هذا الحكم بإصدار قرار في إيقاف تنفيذ عقاب بدني بموجب تنفيذ‬
‫عقوبة التعويض الجزائي‪.‬‬
‫‪ -2‬محضر جلسة بتاريخ ‪ 4101‬يقضي باستبدال عقوبة السجن بعقوبة التعويض‬
‫الجزائي و خالل األجل القانوني تم تقديم محضر عرض مال بعنوان تعويض‬
‫جزائي و نظرا لعدم توصل المتضرر بمبلغ التعويض تم تقديم مطلب في إذن على‬
‫عريضة لتأمين مال بالخزينة العامة للبالد التونسية انتهى بصدور إذن بالتأمين‪،‬‬
‫ومن مؤيدات تنفيذ الحكم المتعلق بالعقوبة البديلة وثيقة التأمين المتعلقة بمبلغ‬
‫التعويض الجزائي مع محضر إعالم بتأمين المال لفائدة المتضرر و في النهاية تم‬
‫الحصول على قرار في إيقاف تنفيذ عقاب بدني بموجب تنفيذ عقوبة التعويض‬
‫الجزائي‪.‬‬
‫يتعلق الملحق عـ‪3‬ـدد بالمناشير المعتمدة‬

‫‪ -0‬منشور عـ‪13‬ـدد بتاريخ ‪4111-10-43‬‬


‫‪ -4‬منشور عـ‪13/29‬ـدد بتاريخ ‪ 4113-10-12‬حول عقوبة العمل لفائدة المصلحة‬
‫العامة‬
‫‪ -3‬منشور عـ‪18/014‬ـدد بتاريخ ‪ 4118-14-00‬حول مزيد تفعيل الصلح بالوساطة‬
‫في المادة الجزائية و عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‬
‫‪ -2‬منشور عـ‪001‬ـدد بتاريخ ‪ 4100-01-13‬حول مزيد تطوير اآلليات البديلة للسجن‬
‫‪ -2‬منشور عـ‪3/1021‬ـدد بتاريخ ‪ 4102-10-44‬حول أسباب اكتظاظ السجون و كيفية‬
‫الحد منها‬
‫يتعلق الملحق عـ‪1‬ـدد بالوثائق المعتمدة من طرف مكتب المصاحبة في‬
‫تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‬

‫‪ -0‬وثيقة استدعاء المحكوم عليه بالعقوبة البديلة ( العمل لفائدة المصلحة العامة )‬
‫‪ -4‬وثيقة موجهة من السيد قاضي تنفيذ العقوبات إلى طبيب السجن المدني موضوعها‬
‫طلب فحص المحكوم عليه‬
‫‪ -3‬بطاقة إرشادات اجتماعية تخص المحكوم عليه بالعقوبة البديلة‬
‫‪ -2‬التزام بتنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‬
‫‪ -2‬التزام المحمول عليه تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة تجاه المؤسسة‬
‫المشغلة المنتفعة‬
‫‪ -3‬التزامات المؤسسة المشغلة تجاه مكتب المصاحبة‬
‫‪ -1‬البرنامج المتعلق بشروط تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‬
‫‪ -9‬البرنامج اليومي المتعلق بتنفيذ العقوبة البديلة‬
‫‪ -8‬محضر توجه إلى المؤسسة المشغلة لمتابعة تنفيذ العقوبة البديلة‬
‫‪ -01‬محضرسماع المحكوم عليه بالعقوبة البديلة‬
‫‪ -00‬استمارة تقييم‬
‫يتعلق الملحق عـ‪9‬ـدد بنموذج لقائمة أهم المؤسسات المشغلة للمحكوم‬
‫عليهم بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة و تضم أربعين مؤسسة ‪،‬تم‬
‫إعدادها من طرف مكتب المصاحبة‬
‫يتعلق الملحق عـ‪8‬ـدد بنسخة من قرار في إخضاع طفل للمتابعة من قبل‬
‫مكتب المصاحبة بسوسة كما تضمن مختلف األعمال التي قام بها‬
‫المكتب في هذا المجال وهي‪:‬‬
‫بحث اجتماعي للخاضع لبرنامج المتابعة‬ ‫‪-‬‬
‫بطاقة إرشادات اجتماعية للطفل‬ ‫‪-‬‬
‫مضمون والدة الطفل‬ ‫‪-‬‬
‫تقرير في زيارة ميدانية‬ ‫‪-‬‬
‫وثيقة في التشخيص النفسي‬ ‫‪-‬‬
‫محادثة مع األب بالمكتب‬ ‫‪-‬‬
‫عــ‪2‬ــدد تقارير متابعة للطفل‬ ‫‪-‬‬
‫التقرير النهائي حول أعمال المتابعة بشأن الطفل معد من رئيس‬ ‫‪-‬‬
‫مكتب المصاحبة بسوسة‬
‫قائمة المراجع‬
‫المراجع باللغة العربية‬
‫‪ -0‬المؤلفـات العامة ‪:‬‬
‫‪ -‬فرج القصير ‪:‬‬
‫‪ ‬القانون الجنائي العام ‪ ،‬مركز النشر الجامعي ‪3002 ،‬‬

‫‪ -‬عمار عباس الحسيني ‪:‬‬


‫‪ ‬مبادئ علمي اإلجرام و العقاب ‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية ‪ ،‬الطبعة األولى ‪،‬‬
‫‪3022‬‬

‫‪ -4‬المؤلفـات الخاصة ‪:‬‬


‫‪ -‬علي كحلون ‪:‬‬
‫‪ ‬التعليق على مجلة اإلجراءات الجزائية ‪ ،‬منشورات مجمع األطرش للكتاب‬
‫المختص ‪ ،‬تونس ‪3020 ،‬‬
‫‪ ‬دروس في اإلجراءات الجزائية ‪ ،‬مجمع األطرش للكتاب المختص ‪ ،‬تونس ‪3008 ،‬‬
‫‪ -‬علي كحلون و سيرين كحلون ‪:‬‬
‫‪ ‬الموسوعة الجزائية ‪ ،‬منشورات مجمع األطرش للكتاب المختص ‪ ،‬تونس ‪3022 ،‬‬

‫‪ -3‬المقـاالت ‪:‬‬

‫‪ -‬الهادي سعيد ‪ ،‬السياسة الجزائية في تونس ‪ ،‬م ق ت ‪ ،‬نوفمبر ‪ ، 2890‬ص ‪21‬‬

‫‪ -‬رشيد التريكي ‪ ،‬العقوبة وتأثيرها في المجتمع ‪ ،‬م ق ت ‪ ،‬جويلية ‪ ، 2822‬ص ‪32‬‬

‫‪ -‬هانية الهمامي ‪ ،‬المفاهيم الحديثة للعقوبة ‪ ،‬م ق ت ‪ ،‬أكتوبر ‪ ، 3002‬ص‪202‬‬


‫‪ -‬داود الزنتاني ‪ ،‬دور العقوبة البديلة في إصالح المتهم ‪ ،‬م ق ت ‪ ،‬أكتوبر ‪، 3002‬‬
‫ص‪222‬‬
‫‪ -‬جابر غنيمي ‪ ،‬العقوبة البديلة و السياسة الجنائية الحديثة في تونس ‪ ،‬م ق ت ‪ ،‬أكتوبر‬
‫‪ ، 3002‬ص ‪202‬‬
‫‪ -‬محمد الطاهر الحمدي ‪ ،‬العمل لفائدة المصلحة العامة ‪ :‬عقوبة بديلة عن عقوبة السجن‬
‫‪،‬م ق ت ‪ ،‬جانفي ‪ ، 3002‬ص ‪28‬‬
‫‪ -‬أبو لبابة العثماني ‪ ،‬النظام القانوني لعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كبديل عن‬
‫العقوبة السجنية ‪ ،‬م ق ت ‪ ،‬أفريل ‪ ، 3002‬ص ‪12‬‬
‫‪ -‬األسعد فرح ‪ ،‬نظام العمل لفائدة المصلحة العامة في تنفيذ العقوبات المالية ‪ ،‬م ق ت ‪،‬‬
‫مارس ‪ ، 3001‬ص‪231‬‬
‫‪ -‬أنيس ضيف هللا ‪ ،‬دور قاضي تنفيذ العقوبات في تحقيق أهداف السياسة العقابية‬
‫المعاصرة ‪ ،‬م ق ت ‪ ،‬أفريل ‪ ، 3023‬ص ‪8‬‬
‫‪ -‬محرز الحواشي ‪ ،‬خواطر حول اإلشكاليات التي يثيرها تطبيق عقوبة التعويض الجزائي‬
‫‪ ،‬م ق ت ‪ ،‬ديسمبر ‪ ، 3020‬ص ‪28‬‬
‫‪ -‬عامر بورورو ‪ ،‬الطرق البديلة لحل النزاعات في القانون التونسي ‪ ،‬م ق ت ‪ ،‬نوفمبر‬
‫‪22 ، 3009‬‬

‫‪ -2‬المذكـرات ‪:‬‬

‫‪ -‬هيثم خضراوي ‪ ،‬العقوبات البديلة لعقوبة السجن ‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير قانون‬
‫األعمال ‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم االقتصادية و السياسية ‪ ،‬سوسة ‪3022-3020‬‬
‫‪ -‬إيناس الحزامي ‪ ،‬بدائل عقوبة السجن ‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في قانون العقود و‬
‫االستثمارات ‪ ،‬جامعة تونس المنار ‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية بتونس ‪-3020 ،‬‬
‫‪3022‬‬
‫‪ -‬هيفاء ورفلي ‪ ،‬اآلليات البديلة للسجن ‪ ،‬محاضرة ختم تمرين ‪ ،‬الهيئة الوطنية للمحامين ‪،‬‬
‫الفرع الجهوي بتونس ‪3022-3023 ،‬‬
‫‪ -‬أحالم مخلوف ‪ ،‬العقوبات البديلة في القانون التونسي و القانون المقارن ‪ ،‬رسالة لنيل‬
‫شهادة ختم الدروس بالمعهد األعلى للقضاء ‪3002-3000 ،‬‬
‫‪ -‬عماد بلقاسمي ‪ ،‬العقوبات المستحدثة في القانون الجزائي التونسي ‪ ،‬مذكرة لإلحراز‬
‫على شهادة الماجستير في القانون ‪ ،‬شعبة العلوم الجنائية‪ ،‬جامعة تونس المنار ‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق و العلوم السياسية بتونس ‪3008-3009 ،‬‬
‫‪ -‬زبير عوني ‪ ،‬عقوبة التعويض الجزائي ‪ ،‬رسالة لنيل شهادة ختم الدروس بالمعهد األعلى‬
‫للقضاء ‪3023-3022‬‬

‫‪ -2‬الملتقيـات ‪:‬‬

‫‪ "-‬السياسة العقابية بتونس " ملتقى جهوي بدائرة محكمة االستئناف بالكاف ‪ ،‬بتاريخ ‪03‬‬
‫جويلية ‪2888‬‬

‫‪ "-‬العقوبة البديلة " ملتقى جهوي بدائرة محكمة االستئناف بقابس ‪ ،‬بتاريخ ‪ 23‬جانفي‬
‫‪3002‬‬
‫‪ -‬ورشة عمل بعنوان " نحو تعزيز فعالية التدابير البديلة عن االحتجاز في كل أطوار‬
‫المحاكمة الجزائية و مراحل التنفيذ " يومي ‪ 38‬و ‪ 20‬جانفي ‪ 3022‬المكان "نزل برج‬
‫خلف " بسوسة ‪.‬‬

‫‪ ‬يوسف رمضان ‪ :‬مداخلة بعنوان " تجربة المصاحبة بتونس ‪ :‬من المشروع إلى‬
‫التشريع "‬
‫‪ ‬زهية الصيادي ‪ :‬مداخلة بعنوان " دور قاضي تنفيذ العقوبات في اإلشراف و‬
‫متابعة تنفيذ العقوبات البديلة غير االحتجازية (التجربة التونسية)"‪.‬‬
‫‪ -‬ورشتي عمل األولى بعنوان " تعزيز برامج العقوبات البديلة و برامج المصاحبة ‪:‬‬
‫المساعدة القانونية و أهميتها في إنفاذ العقوبات البديلة " و الثانية بعنوان " تعزيز برامج‬
‫العقوبات البديلة و برامج المصاحبة ‪ :‬المشاركة المجتمعية لخدمات أفضل " يومي ‪ 32‬و‬
‫‪ 31‬فيفري ‪ 3022‬المكان " نزل تور خلف " بسوسة ‪.‬‬

‫‪ ‬أنيس سكمة ‪ :‬مداخلة بعنوان " برنامج المصاحبة و دور منظمات المجتمع المدني‬
‫في تعزيز االندماج و الحد من العود"‬

‫‪ -3‬الدورات الدراسيـة ‪:‬‬

‫‪ -‬محمد الفخفاخ ‪ ،‬مداخلة بعنوان شروط استبدال عقوبة السجن بعقوبة التعويض الجزائي‬
‫و إجراءاتها ‪ ،‬دورة دراسية نظمت بمقر المعهد األعلى للقضاء ‪ ،‬الجمعة ‪3020-02-32‬‬
‫‪-‬عبد الحكيم جمعة ‪ ،‬مداخلة بعنوان تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي ‪ ،‬دورة دراسية نظمت‬
‫بمقر المعهد األعلى للقضاء ‪ ،‬الجمعة ‪3020-02-32‬‬
‫‪ "-‬عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة " ‪ ،‬دورة دراسية نظمت بمقر المعهد األعلى‬
‫للقضاء بتاريخ ‪ 20‬ديسمبر ‪3002‬‬

‫‪ "-‬بدائل السجن " ‪ ،‬دورة دراسية نظمت بمقر المعهد األعلى للقضاء ‪ ،‬يوم السبت ‪09‬‬
‫مارس ‪3002‬‬
‫‪ "-‬العقوبات البديلة – العمل لفائدة المصلحة العامة – " دورة دراسية نظمت بمقر المعهد‬
‫األعلى للقضاء ‪ ،‬يوم الخميس ‪ 22‬نوفمبر ‪3002‬‬

‫‪-1‬المجالت القانونية ‪:‬‬


‫‪ -‬المجلة الجزائية‬
‫‪ -‬مجلة اإلجراءات الجزائية‬
‫‪ -‬الدستور التونسي‬
‫‪ ‬متفرقات‬
‫‪"-‬تطوير العقوبات البديلة للسجن " دليل صادر عن مركز الدراسات القانونية و القضائية‬
‫‪-‬عقوبة التعويض الجزائي على ضوء القانون الجديد الصادر في ‪ 04‬أوت ‪ ، 3008‬المجلة‬
‫القانونية عـ‪91-92‬ـدد مارس ‪3020‬‬
‫‪ -‬ابن منظور – أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم‪ -‬لسان العرب‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬الدار‬
‫المتوسطية للنشر و التوزيع ‪ ،‬الجمهورية التونسية ‪3002 ،‬‬
‫‪ -‬التقرير السنوي للسيد قاضي تنفيذ العقوبات بالمحكمة االبتدائية بتونس للسنة القضائية‬
‫‪3022-3022‬‬

‫‪ -‬التقرير السنوي للسيد قاضي تنفيذ ال عقوبات بالمحكمة االبتدائية بسوسة للسنة القضائية‬
‫‪3022-3023‬‬

‫‪ -‬فاروق بو عسكر " العقوبات البديلة في القانون التونسي ‪ :‬الواقع و الصعوبات و اآلفاق"‬
‫مداخلة قدمها خالل النشاطات التي يقوم بها مكتب المصاحبة‬
‫‪ -‬منية السافي ‪ :‬مداخلة بعنوان " تقديم تجربة المصاحبة في تونس" مارس ‪3022‬‬

‫‪ -‬منية السافي و يوسف رمضان ‪ ":‬التقرير الوسطي للمشروع النموذجي للمصاحبة "‬

‫‪ ‬مراجع عبر األنترنات ‪:‬‬

‫‪ -‬أحمد البراهمي ‪ ،‬العقوبة البديلة ‪ :‬الردع و اإلصالح ‪...‬بعيدا عن سلب الحرية بتاريخ‬
‫‪ – 3022-02-32‬جريدة الشروق التونسية‪-‬‬
‫‪ -‬د‪ /‬أحمد براك ‪ ،‬العقوبات البديلة بين الواقع و المأمول – فلسطين‪-‬‬
‫‪ -‬مشروع تنقيح المجلة الجزائية ‪ :‬مقتطف مستمد من األنترنات‬
‫المقدمة ‪0..............................................................................‬‬

‫الجزء األول ‪ :‬العقوبات البديلة الواردة في النص ‪03.........................................‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬محتوى النص القانوني ‪22.....................................................‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ‪22.......................................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬شروط الحكم بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‪22.........................‬‬

‫أ) شروط تطبيق عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كعقوبة بديلة عن السجن‪22......‬‬
‫‪ )2‬الشروط العامة ‪17.................................................................. :‬‬
‫‪ ‬الشروط الذاتية ‪............................................................. :‬‬
‫‪ -‬سن المتهم ‪...............................................‬‬
‫‪ -‬نقاوة السوابق العدلية ‪..................................‬‬
‫‪ -‬ملف الشخصية ‪........................................‬‬
‫‪ ‬الشروط الموضوعية ‪...................................................... :‬‬
‫‪ -‬مجال تطبيق عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‬
‫‪ -‬ضرورة أن يصدر الحكم بالسجن أوال‬
‫‪-‬أن يكون العمل ذا نفع عام‬
‫‪ -‬مباشرة العمل المحكوم به بإحدى المؤسسات‬
‫المنصوص عليها بالفصل ‪ 21‬م‪.‬ج‬
‫‪ ) 3‬الشروط الخاصة ‪32.............................................................. :‬‬

‫‪ ‬حضور المتهم بالجلسة‪......................................................‬‬


‫‪ ‬اعالم المتهم بحقه في الرفض و تسجيل جوابه ‪...........................‬‬
‫‪ ‬تحديد مدة العمل ‪............................................................‬‬
‫ب) شروط تطبيق عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كعقوبة بديلة عن العقوبات المالية‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬كيفية تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ‪32.............................‬‬

‫أ) كيفية التنفيذ ‪32............................................................................‬‬


‫ب) موانع التنفيذ ‪38...........................................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬عقوبة التعويض الجزائي ‪22....................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬شروط استبدال عقوبة التعويض الجزائي ‪22...................................‬‬

‫أ) الشروط الموضوعية ‪32..................................................................‬‬


‫‪ )2‬الشروط المتعلقة بالجريمة المرتكبة ‪.................................................‬‬
‫‪ )3‬الشروط المتعلقة بالحكم ‪..............................................................‬‬
‫ب) الشروط الذاتية ‪22......................................................................‬‬
‫‪ )2‬الشروط المتعلقة بالمتهم ‪............................................................‬‬
‫‪ )3‬الشروط المتعلقة بالمتضرر‪..........................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬كيفية تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي ‪37.........................................‬‬

‫أ) كيفية التنفيذ ‪37............................................................................‬‬


‫‪ )2‬أجل تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي ‪................................................‬‬
‫‪ )3‬الجهاز المكلف بعملية التنفيذ ‪........................................................‬‬
‫ب) آثار التنفيذ ‪28.............................................................................‬‬
‫‪ )2‬آثار تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي ‪.................................................‬‬
‫‪ )3‬آثار عدم االمتثال لتنفيذ عقوبة التعويض الجزائي ‪..................................‬‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬نطاق تفعيل العقوبات البديلة و عوائقه ‪22...................................‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬أوجه تفعيل العقوبات البديلة ‪41................................................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬دور القضاء في تفعيل العقوبات البديلة ‪23.....................................‬‬

‫أ) عند التصريح بالحكم ‪42..................................................................‬‬


‫ب) عند تنفيذ الحكم ‪21.......................................................................‬‬
‫‪ )2‬دور قاضي تنفيذ العقوبات في اإلشراف على تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة‬
‫العامة ‪47...............................................................................‬‬
‫‪ )3‬دور النيابة العمومية في تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي ‪22........................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬فوائد التفعيل‪22....................................................................‬‬

‫أ) فوائد التفعيل على األطراف المتداخلة ‪54................................................‬‬


‫‪ )2‬بالنسبة للقاضي الجزائي ‪.............................................................‬‬
‫‪ )3‬بالنسبة للمتضرر فيما يتعلق بعقوبة التعويض الجزائي ‪............................‬‬
‫‪ )2‬بالنسبة للمتهم ‪........................................................................‬‬
‫ب) فوائد التفعيل على المؤسسات المعنية ‪56................................................‬‬
‫‪ )2‬بالنسبة للمؤسسة السجنية ‪............................................................‬‬
‫‪ )3‬بالنسبة للمؤسسة المشغلة فيما يتعلق بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ‪........‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬عوائق التفعيل ‪29...............................................................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬تفعيل محتشم للعقوبات البديلة‪29................................................‬‬


‫أ) أسباب عدم التفعيل ‪58....................................................................‬‬
‫ب) نتائج عدم التفعيل ‪60....................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬صعوبات التفعيل‪23..............................................................‬‬

‫أ) دراسة المشاكل التي تعيق تفعيل العقوبات البديلة ‪22..................................‬‬


‫‪ )2‬أسباب تعذر تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ‪22.........................‬‬
‫بالنسبة لتعذر تنفيذ هذه العقوبة من طرف المحكوم عليه ‪..........................‬‬
‫بالنسبة لتعذر متابعة تنفيذ هذه العقوبة من طرف قاضي تنفيذ العقوبات ‪..........‬‬
‫‪ )3‬أسباب تعذر تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي ‪22.....................................‬‬
‫بالنسبة لتعذر تنفيذ هذه العقوبة من طرف المحكوم عليه ‪..........................‬‬
‫بالنسبة ألسباب تعذر تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي من طرف ممثل النيابة‬
‫العمومية ‪22...........................................................................‬‬
‫ب) الحلول المقترحة لتفعيل العقوبات البديلة ‪21............................................‬‬

‫خاتمة الجزء األول ‪38 ...............................................................‬‬

‫الجزء الثاني‪ :‬اآلفاق المنتظرة للعقوبات البديلة ‪11...........................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬آفاق التشريع ‪13..................................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬تنقيح المجالت القانونية ‪13.....................................................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬مشروع تنقيح المجلة الجزائية‪12...............................................‬‬

‫أ) فيما يتعلق بتنقيح الفصل ‪ 2‬من م‪.‬ج ‪12.................................................‬‬


‫ب) فيما يتعلق بالفصول المنظمة لعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ‪12................‬‬
‫ت) فيما يتعلق بالفصل المنظم لعقوبة التعويض الجزائي ‪78..............................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬مشروع تنقيح مجلة اإلجراءات الجزائية ‪18...................................‬‬


‫أ) محتوى التنقيحات األولى الواردة على مجلة اإلجراءات الجزائية‪79..................‬‬
‫ب) آفاق التشريع على مستوى العقوبات البديلة ‪93........................................‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬ضرورة تطوير العمل بالعقوبات البديلة من خالل التوعية و التحسيس‪92.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬دعوة السلط المعنية إلى االهتمام بالعقوبات البديلة ‪...........................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تحسيس القضاة بضرورة التفعيل‪86.............................................‬‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬آفاق التفعيل ( مكتب المصاحبة كمشروع نموذجي ) ‪94......................‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬التعريف بمكتب المصاحبة ‪95.................................................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬تعريف المصاحبة ‪95............................................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬التطور التاريخي للمصاحبة ‪96.................................................‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬نشأة مكتب المصاحبة بسوسة ‪97...............................................‬‬

‫أ) المراحل التاريخية السابقة إلحداث مكتب المصاحبة‪98...............................‬‬


‫ب) مراحل نشأة مكتب المصاحبة بصفة فعلية‪100.........................................‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬دور مكتب المصاحبة في تفعيل العقوبات البديلة ‪102........................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬أعمال مكتب المصاحبة في الوقت الراهن‪...................................‬‬

‫أ) التعهد بملفات المحكوم عليهم بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة‪103................‬‬
‫ب) دور مكتب المصاحبة في التحسيس ‪106................................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪:‬اآلفاق المنتظرة من إنشاء مكتب المصاحبة ‪112................................‬‬

‫أ) تذليل الصعوبات‪112......................................................................‬‬


‫ب) الحلول و المقترحات المنتظرة إلنجاح هذا المشروع‪114..............................‬‬
‫خاتمة الجزء الثاني ‪119..............................................................‬‬

‫‪120‬‬ ‫الخاتمة ‪..............................................‬‬


‫‪124......................................................‬‬ ‫المالحق‬

‫قائمة المراجع‬

‫الفهرس‬

‫النهاية‬

You might also like