Professional Documents
Culture Documents
وزارة العدل
المعهد األعلى للقضاء
كل عبارات الشكر و االمتنان إلى السيد عبد الكريم السوكني الذي تفضل و أشرف على
تأطيري في تناولي لهذا الموضوع بالبحث و الدراسة و المتعلق بالعقوبات البديلة بين
النص و التفعيل ،كما أشكر فيه دماثة أخالقه و سعة باله.
شكر خاص
أتوجه بالشكر إلى السيد عبد الحميد عبادة الوكيل العام لدى محكمة االستئناف بسوسة
الذي تفضل و قبل مشاركتي بالحضور خالل الورشات التدريبية المقامة بسوسة بهدف
تفعيل العقوبات البديلة.
كل عبارات الشكر أيضا إلى السيدة منية السافي التي شجعت عملي هذا و دعمتني بكل
ما لديها من معلومات و توجيهات في سبيل إنجاح هذا العمل.
كما أتوجه إلى السادة أعضاء اللجنة بالشكر و التقدير على تفضلهم لمناقشة و تقييم هذا
العمل المتواضع و إبداء الملحوظات و التوجيهات القيمة.
كذلك كل الشكر إلى كل من ساعدني من قريب ومن بعيد بالقول و الفعل على إنجاز هذا
العمل الذي أتمنى أن يرتقي إلى المستوى المطلوب.
المقدمة
الخاتمة
م.ق.ت .......مجلة القضاء و التشريع
.......صفحة ص
م.ج .........المجلة الجزائية
م.إ.ج .......مجلة اإلجراءات الجزائية
م.ا.ع .......مجلة االلتزامات و العقود
م.ط .........مجلة الطرقات
م.ت .........المجلة التجارية
المقدمة
1
المقدمة
و لتحقيق الغاية من هذه السياسة و تأمين نجاحها شرعت العقوبة لكل شخص
ينال من سالمة المجتمع و أمنه و ارتكاب فعل من األفعال التي يجرمها القانون و الهدف
من تسليط العقاب ،ردع المذنب و إصالحه و تقويم انحرافه و تلقينه الشعور بالمسؤولية
،و من هنا يتنزل موضوعنا المتعلق بالعقوبات و تحديدا 3
تجاه نفسه و تجاه مجتمعه
العقوبات البديلة ،و في هذا اإلطار يتجه االنطالق من تعريف العقوبة عامة قبل التدقيق
في مفهوم العقوبة البديلة في حد ذاتها ،فالعقوبة " لفظ أصله يوناني " ، 4 "Poneو لغة هي
الجزاء الذي يوقع على من تثبت مسؤوليته عن فعل معين يشكل جريمة وهي "األثر المترتب
على ارتكاب الذنب أو المعصية " ،5و قد جاء في لسان العرب المحيط البن منظور "
اعتقب الرجل خي ار أو ش ار بما صنع كافأه به و العقاب أو المعاقبة أن تجزي الرجل بما فعل
،بالتالي فقد عرفها 6
سوءا ،و االسم العقوبة و عاقبه بذنبه معاقبة و عقابا أخذه به "
علماء القانون بأنها الجزاء الذي وضعه الشارع للردع من ارتكاب ما نهى عنه و ترك ما أمر
به و هي الجزاء القانوني الذي توقعه الدولة على مرتكب الجريمة بناءا على حكم صادر عن
المحكمة الجزائية المختصة و هذا الجزاء المسلط يقرر باسم المجموعة ضد كل من تثبت
مسؤوليته للفعل المرتكب و استحقاقه للعقاب المسلط عليه عن الفعل المجرم المرتكب من
طرفه .1أما في االصطالح القانوني فال يوجد تعريف موحد للعقوبة و قد عرفها معظم شراح
القانون في مؤلفاتهم المختلفة بتعريفات متقاربة من حيث األلفاظ و متجانسة من حيث
المعنى بالتالي عرفها األستاذ غارو " "Garraudبقوله" العقوبة هي الجزاء المقرر في
القانون و الذي يوقعه القاضي على المسؤول عن الجريمة لمصلحة المجتمع " ،2كما عرفها
3
األستاذ فرج القصير بأنها "الجزاء الجنائي الرئيسي الذي يواجه به المجتمع مرتكب الجريمة"
وهذا ما أكده المشرع صلب الفصل األول من المجلة الجزائية " ال يعاقب أحد إال
بمقتضى نص من قانون سابق الوضع " و يعد الجهاز القضائي هو الوحيد المختص في
الحكم و التصريح بالعقوبة المناسبة لكل فعل مرتكب و هو الجهاز المؤتمن على حسن
تنفيذها في طور التنفيذ .
هذا و قد سعت كل الشعوب إلى تطوير سياساتها الجنائية و خاصة منها ما هو
متعلق بالعقوبات لذلك البد من تطويرها و تجديدها و الهدف الذي ترمي إلى تحقيقه مختلف
السياسات الجنائية هو الحد من خطورة الجريمة و توقيع العقوبة المناسبة التي تعتبر محور
اهتمام الفقه و التشريع . 4
هذا و قد تطور مفهوم العقوبة عبر التاريخ متخذا أشكاال و أسسا مختلفة انطلقت
من فكرة اإليالم إلى فكرة اإلصالح و التأهيل و إعادة إدماج الجاني في المجتمع .فقد مرت
العقوبة بمراحل عديدة بداية من مرحلة االنتقام الفردي من المجني عليه بنفسه لتظهر فيما
بعد العشائر و القبائل أين يتولى فيها رئيس العشيرة أو القبيلة سلطة توقيع العقاب على
الجاني و هو ما يسمى بمرحلة االنتقام الجماعي.
العقد االجتماعي لجان جاك روسو ظهرت بوادر المدرسة ومع بروز نظرية
التقليدية التي اعتبرت أن العقوبة شر يقابله شر و الهدف من ذلك هو تحقيق الردع الخاص
و العام في آن واحد .1
ثم و في مرحلة الحقة نادت المدرسة الوضعية بإيجاد أساس جديد كفيل بمكافحة
الجريمة عبر االهتمام بشخصية الجاني أكثر فأكثر إال أن جملة االنتقادات التي وجهت إليها
أدى إلى بروز حركة الدفاع االجتماعي الداعية إلى استبدال العقوبة بالتدابير العالجية
باعتبار فشل العقوبة في تحقيق الغاية المنتظرة منها و هي إصالح المتهم سيما و أن
ارتكاب الجرائم في ارتفاع متواصل .هذا و قد أثر التطور التاريخي للعقوبة على التشريع
الذي لقي بدوره تطو ار هاما خاصة في هذا المجال بالنظر لمساسه بحقوق اإلنسان و خاصة
حقه في الحرية.
و تنقسم العقوبات إلى صنفين أساسيين أوردهما الفصل الخامس من المجلة الجزائية
التونسية و هما عقوبات أصلية و عقوبات تكميلية.
و بالن ظر إلى مساوئ السجن الوخيمة التي تؤثر سلبا على المحكوم عليهم و فشل
المؤسسة السجنية في تحقيق الوظيفة اإلصالحية أصبح من الضروري التنويع في العقوبات
لما من شأنه أن يمنح القاضي الحرية في أن يختار العقوبة التي تتالءم و الفعلة المرتكبة
ففيما تتمثل العقوبات البديلة ؟ و أي مفهوم اتخذته ؟ 1
لذلك ظهرت العقوبات البديلة
سعت تونس إلى خلق سياسة جنائية حديثة تقوم على أساس حماية حقوق المتهم
وتبني مفهوم جديد للعقوب ة قوامه اإلصالح و اإلدماج و التأهيل بالتقليص من عقوبة السجن
،فالعقوبة البديلة 2
و تعويضها بعقوبة أخرى و هو ما أدى إلى ظهور فكرة العقوبة البديلة
هي العقوبة التي يقررها القانون الجنائي عوضا عن عقوبة السجن المحكوم بها و يقع النطق
بها من طرف القاضي في إطار تفريد العقوبة ووفق شروط محددة.
فتاريخيا ظهرت عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة بمفهومها الحالي مع القانون
اإلنجليزي أين وقع اإلقرار بها سنة 2791و تم تكريسها فعليا سنة 2791في إطار القانون
المتعلق بسلطات المحاكم في المادة الجنائية ،هذا ومن حيث تطبيقها و تفعيلها فقد
حضيت بنجاح باهر في بريطانيا جسمه عدد األحكام القاضية بها و الذي وصل إلى حدود
2121حكم قضائي تم النطق به من طرف المحاكم سنة 2791و قد أثر هذا النجاح في
عدة دول أدى بها إلى إقرار هذه العقوبة البديلة ضمن تشاريعها من ذلك القانون البلجيكي
و اإليطالي الذين كرسا عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة سنة 2797ثم تالهما المشرع
الهولندي سنة ، 2791ثم البرتغال سنة 2791لتصل إلى القانون الفرنسي سنة ، 2791
أما في إطار قانونن ا التونسي فقد تم اإلقرار بهذه العقوبة البديلة بموجب القانون عـ97ـدد
لسنة 2777المؤرخ في .1 2777-19-11
وتنقسم العقوبات البديلة التي وقع استحداثها في القوانين المقارنة إلى عقوبات بديلة
ذات طابع مالي و عيني و عقوبات بديلة ذات طابع أدبي و عقوبات بديلة تتضمن الحرمان
من بعض الحقوق و عقوبات بديلة مقيدة للحرية.
فالعقوبات البديلة ذات الطابع المالي و العيني تتمثل في الحجز الخاص و العام
و غلق المحل بالنسبة للقانون الفرنسي و الغرامة اليومية المتمثلة في الخطية بالنسبة للقانون
الفرنسي و الدنماركي و السويسري و األلماني.
أما العقوبات البديلة ذات الطابع األدبي فتتمثل في التوبيخ القضائي في كل من
الجزائر و الكويت و قطر و ال عار العلني أو التشهير بالواليات المتحدة األمريكية واإلمارات
العربية المتحدة التي أقرت هذه العقوبة كبديل عن السجن في جرائم المخدرات.
وفيما يتعلق بالعقوبات التي تتضمن الحرمان من بعض الحقوق ذات الطابع العام
مثل سحب رخصة السياقة و رخصة الصيد و رخصة حمل السالح ،و من بعض الحقوق
ذات الطابع المهني مثل الحرمان من مباشرة وظيفة أو مهنة معينة بفرنسا .
باإلضافة إلى العقوبات البديلة المقيدة للحرية كالحجز الدوري بكل من ألمانيا
و اسبانيا و المراقبة اإللكترونية بالواليات المتحدة األمريكية و هي عقوبة مبتكرة تعتمد على
أحدث التقنيات و هي تتطلب لتنفيذها إمكانيات مادية ضخمة و تجهيزات عصرية باهضة
التكلفة تكون مرهقة عادة للميزانيات المتواضعة في عديد الدول مما يجعل تطبيقها فيها أمر
صعب التحقيق .2
-1أحالم مخلوف :العقوبات البديلة في القانون التونسي و القانون المقارن :رسالة لنيل شهادة ختم الدروس بالمعهد األعلى للقضاء 3002-3000
ص . 22
-2جابر غنيمي :نفس المرجع ص 202-202
6
المقدمة
كما تختلف العقوبات البديلة باعتبارها ضمن قائمة العقوبات األصلية عن العقوبات
التكميلية التي أوردها المشرع حصريا صلب الفصل 5من م.ج في فقرته الثانية.
والعقوبات البديلة الواردة بالفصل 5من م.ج كما سبق بيانه تتمثل في عقوبتي
العمل لفائدة المصلحة العامة و عقوبة التعويض الجزائي اللتين يجب تمييزهما عن المفاهيم
المجاورة لهما.
-1عامر بورورو :الطرق البديلة لحل النزاعات في القانون التونسي م ق ت نوفمبر 3009ص 32-28-22
-2أحمد البراهمي :العقوبة البديلة :الردع و اإلصالح ...بعيدا عن سلب الحرية – جريدة الشروق التونسية – 3022-02-32
7
المقدمة
فتتميز عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة عن التدابير االحت ارزية التي و إن
تشابهت معها في الهدف المتمثل في محاولة تهذيب الجاني و إدماجه في وسط مفتوح فهي
و باألساس جزاء و عقوبة تهدف إلى ردع الجاني للحيلولة دون العودة لإلجرام .كما تتميز
عقوبة العمل عن مؤسسة الخدمة المدنية التي جاء بها قانون 2799-11-19الذي تضمن
أن قرار اإللحاق بالخدمة المدنية يتخذ ضد كل تونسي عمره بين ثمانية عشر وثالثين سنة
ال يثبت أن له شغل أو أنه مرسم بمؤسسة تعليم عمومية أو حرة أو مؤسسة تكوين مهني
.هذا وتختلف العقوبة البديلة المذكورة عن مؤسسة التشغيل لفائدة المصلحة العامة التي جاء
بها المرسوم عـ29ـدد المؤرخ في 2761-19-25المتعلق بالتشغيل اإلصالحي ،علما
و أن هذه المؤسسة األخيرة و نظيرتها المتمثلة في مؤسسة الخدمة المدنية قد تم إلغاء العمل
بهما بموجب القانون عـ7ـدد المؤرخ في .1 2772-12-11
أما فيما يتعلق بعقوبة التعويض الجزائي فيجب بدورها تمييزها عن المفاهيم المجاورة
لها ،إذ تختلف عن عقوبة الخطية في كون األولى تم التنصيص عليها في فصل قانوني
وحيد هو الفصل 25رابعا من م.ج بموجب القانون عـ69ـدد المؤرخ في 1117-19-21
في حين أن عقوبة الخطية هي عقوبة أصلية تم التنصيص عليها في عدة فصول قانونية
و في كل جريمة على حدة .كما أن هذه العقوبة األخيرة يتم استخالصها لفائدة خزينة الدولة
في حين أن عقوبة التعويض الجزائي تستخلص لفائدة المتضرر من الفعل غير المشروع
المرتكب ضده و هي مؤسسة قانونية جديدة غير مألوفة ال من حيث التسمية و ال من حيث
استخدامها كتقنية عقابية .2
-1أبو لبابة العثملني :النظام القانوني لعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كبديل عن العقوبة السجنية م.ق.ت أفريل 3002ص 18-19
-2عقوبة التعويض الجزائي على ضوء القانون الجديد الصادر في 23أوت : 3008المجلة القانونية عـ 91-92ـدد مارس 3020ص29.
8
المقدمة
مقدار التعويض فاألولى حددها الفصل 25رابعا من م.ج ووضع لها حدا أدنى و حدا
أقصى ال يتغيران في كل الجرائم المحكوم بها أما الغرامة فإن تحديدها يعود الجتهاد
المحكمة حسب الضرر الحاصل للمتضرر.
و يكتسي موضوع العقوبات البديلة أهمية بالغة إذ انه في تطبيقها من المحاكم تمكن
المحكوم عليهم من اجت ناب عقوبة السجن و ما يشهده هذا األخير من مساوئ و هو اتجاه
إنساني من المشرع التونسي الغاية منه إصالح من زلت بهم القدم ألول مرة في عالم
االنحراف و هذا التوجه ال يتحقق إال باستبعاد العقوبة السالبة للحرية و تعويضها كلما
اقتضى األمر ذلك بالعقوبة البديلة أو كذلك من خالل الحرص و السهر على حسن تنفيذها
خالل اآلجال القانونية لها .
كما يكتسي هذا الموضوع أهمية قانونية جسمتها العناية التشريعية التي تبنت سياسة
جنائية حديثة تقوم على استبعاد العقوبات السالبة للحرية و تعويضها ببدائل أخرى تحقق
اإلصالح و التأهيل و اإلدماج للجاني ،إذ تم إقرار العقوبات البديلة صلب الفصل الخامس
من المجلة الجزائية التونسية ضمن قائمة العقوبات األصلية بموجب القانونين عـ97ـدد لسنة
2777المؤرخ في 2777-19-11الذي كرس عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة
و القانون عـ69ـدد لسنة 1117المؤرخ في 1117-19-21الذي أضاف عقوبة التعويض
الجزائي ،و هذا التكريس هو نتيجة تبني المشرع التونسي نظرية حديثة لمفهوم العقوبة بصفة
عامة و العقوبة البديلة بصفة خاصة و هو يندرج في إطار اإلرادة التشريعية نحو خلق
منظومة شاملة لحقوق اإلنسان و صون كرامة الفرد .هذا باإلضافة إلى إرساء مؤسسة
قاضي تنفيذ العقوبات و منحه صالحية متابعة تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة في
حين أن تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي من مشموالت النيابة العمومية لتبقى هاتين العقوبتين
خاضعتان لرقابة الجهاز القضائي.
9
المقدمة
فهل لقيت هذه العقوبات البديلة حظها على مستوى التفعيل ؟ رأينا أنه ورغم
محدودية النص القانوني الذي اقتصر على التنصيص على عقوبتين بديلتين فقط للعقوبة
السجنية ،فإنه على مستوى التطبيق القضائي بدت هاته العقوبات و كأنها شرعت لتبقى
حب ار على ورق و ذلك بالنظر إلى قلة عدد األحكام المحكوم بها بالعقوبة البديلة في سائر
محاكم الجمهورية التونسية إضافة إلى انعدامها في محاكم أخرى ال تعترف بوجودها فلماذا
هذا العزوف من طرف محاكمنا ؟ تساؤل يجعلنا نبحث عن الصعوبات الكامنة وراء هذا
التحفظ من عدم تطبيقها خاصة و أن التفعيل يفرز عدة فوائد لعل أهمها هي الفائدة من
تشريع هذه العقوبات في قانونا التونسي ،وهو تساؤل يجعلنا نتعمق في دراسة المشاكل
الكامنة وراء عدم التفعيل و البحث عن الحلول الممكنة لها حتى تحصل الفائدة من إرساء
هاته العقوبات التي و إن شرعت فإن ذلك لغاية وحيدة هي الحد من العقوبات السالبة للحرية
فيما يتعلق بالجرائم البسيطة التي تنطوي تحت تسمية المخالفات و الجنح البسيطة.
كما يكتسي هذا الموضوع أهمية عملية ،إذ رغم أهمية هذا اإلجراء المتمثل في
إرساء العقوبات البديلة فإنها لم تلق على المستوى العملي تطبيقا موسعا اعتبا ار لبعض
الصعوبات اإلجرائية المتعلقة بضرورة حضور المتهم بجلسة الحكم و إعرابه عن ندمه الذي
يفترض االعتراف بالتهمة ،و لتجنب هذه الصعوبات تضمن القانون عـ69ـدد لسنة 1117
التخلي عن شرط إعراب المتهم عن ندمه و االكتفاء بضرورة إعالم المحكمة للمتهم بحقه في
الرفض مع تسجيل جوابه بمحضر الجلسة بالنسبة لعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ،
هذا مع إضافة بعض الجرائم للقائمة و الترف يع في مدة السجن المحكوم بها و القابلة
لالستبدال من ستة أشهر إلى سنة كاملة علما و أن هذه العقوبات البديلة الواردة في النص
ال يقع إدراجها صلب بطاقة السوابق العدلية عـ1ـدد للمتهم في صورة الحكم بها و ذلك
لتيسير إدماج المحكوم عليهم في الحياة االجتماعية و المهنية .
10
المقدمة
كما تكمن أهمية هذه العقوبة خاصة من خالل تخطي العوائق التي كانت تحول
دون إقبال المؤسسات على تشغيل المحكوم عليهم بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة
و ذلك عندما تم سحب النظام القانوني للتعويض عن األضرار الناتجة عن حوادث الشغل
و األمراض المهنية على المحكوم عليهم و هو النظام الوارد بالقانون عـ19ـدد لسنة 2771
المؤرخ في . 1 2771-11-12
كما يعد التوجه الذي توخاه المشرع التونسي عند إق ارره للعقوبات البديلة وسيلة
لتخفيف األعباء العامة سواء كان ذلك عند تنفيذ بعض المشاريع أو انجاز المرافق العمومية
و ما تقتضي ه المؤسسات السجنية من مصاريف و أموال لتغطية حاجيات السجناء و تجهيز
هذه المؤسسات ،و في اعتماد هذه الحلول البديلة لعقوبة السجن من شأنه المحافظة على
استقرار الموارد المالية للدولة .
هذه العقوبات البديلة الواقع إرساؤها بموجب قوانين رائدة في إطار السياسة العقابية
المتطورة ببالدنا و التي تعمل على تدعيم منظومة حقوق اإلنسان و ذلك بإعطاء بعد إنساني
لمفهوم تنفيذ هذه العقوبة البديلة بمختلف محاكمنا و األخذ بيد من زلت بهم القدم ألول مرة
في سلك اإلجرام تكريسا منا لمبدأ اإلدماج و اإلصالح من جديد في المجتمع و تجنبا
لمساوئ السجن الوخيمة.
و رغم وجود هذه القوانين المتطورة و رغم تتالي المناشير الرامية إلى حث القضاة
على تفعيل العقوبات البديلة فإن التطبيق يبقى محتشما من طرف جل المحاكم ومنعدما في
البعض منها ،لذا يكتسي هذا الموضوع أهمية بالغة تكمن من خالل الحث على تكريس هذه
القوانين الجديدة و تفعيلها و تطبيقها و تحسيس القضاة بذلك و توخي منهج علمي يقوم على
دراسة المشاكل التي تعيق التفعيل و البحث على إيجاد الحلول المناسبة لها و تذليل
الصعوبات لكي ال تبقى هذه القوانين مهجورة ،فبتفعيلها على مستوى أرض الواقع تحصل
-1تطوير العقوبات البديلة للسجن :دليل صادر عن مركز الدراسات القانونية و القضائية.
11
المقدمة
الفائدة المرجوة و يحصل التوازن بين ما رغب في إحداثه المشرع من قوانين جديدة والسياسة
العقابية المتطورة و العمل القضائي "الحي" أي المواكب لكل التطورات لبلوغ الهدف المنشود
من ذلك .فمن مزايا تفعيل العقوبات البديلة على المستوى العملي الحد من ظاهرة االكتظاظ
في السجون التي أصبحت محل اهتمام نظ ار لما لها من تأثير على وضعية السجناء كما
أنها تحقق التعويض للمتضررين عن األفعال المرتكبة ضدهم و للمجتمع معا و يتحقق
بالتالي البعد النفعي و اإلصالحي لهذه العقوبات.
كما أن مكتب المصاحبة الذي تم إحداثه مؤخ ار يعد مكسبا هاما في إطار السعي
إلى تفعيل العمل بمختلف بدائل العقوبة السجنية بما فيها عقوبة العمل لفائدة المصلحة
العامة وهو ما يجعلنا نتساءل عن مدى تفعيل العقوبات البديلة الواردة في النص و عن
اآلفاق المنتظرة منها .
وبناءا عليه سنتعرض في جزء أول إلى العقوبات البديلة الواردة في النص من خالل
بيان محتوى النص القانوني في مناسبة أولى ثم بيان نطاق تفعيل هذه العقوبات البديلة
و عوائقه ،لنتطرق في جزء ثان إلى بيان اآلفاق المنتظرة للعقوبات البديلة سواء على
مستوى التشريع أو على مستوى التفعيل.
12
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
13
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
لئن اتبع المشرع التونسي سياسة جنائية حديثة تقوم على إصالح و تأهيل و إدماج
المجرم و التقليص من تطبيق العقوبات السالبة للحرية و ذلك بالبحث عن بدائل لها إال أنه
اقتصر على عقوبتي العمل لفائدة المصلحة العامة و التعويض الجزائي الواردتين بالفصل
كعقوبتين بديلتين للعقوبة الخامس من المجلة الجزائية ضمن قائمة العقوبات األصلية
السجنية ،و بالنظر إلى محدودية النص القانوني سنتعرض إلى محتواه في ( فصل أول )
لنتطرق إلى دراسة نطاق تفعيل هاته العقوبات البديلة و عوائقه و ذلك في ( فصل ثان ) .
14
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
عدد المشرع التونسي صلب الفصل 5من م.ج العقوبات و صنفها إلى قسمين :
و قد اقتصر أثناء تعداده للعقوبات األصلية على 1
عقوبات أصلية و عقوبات تكميلية
عقوبتي العمل لفائدة المصلحة العامة و التعويض الجزائي كعقوبتين بديلتين لعقوبة السجن .
لذا سنتعرض إلى عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة في (مبحث أول) لنتطرق إلى عقوبة
التعويض الجزائي في ( مبحث ثان).
لتجنب مساوئ السجن الوخيمة التي يمكن أن تعود بالضرر على المحكوم عليهم
داخل المؤسسة السجنية و لتحسين ظروف معاملتهم و االرتقاء بوظيفة السجن من الردع إلى
اإلصالح ،انتهج المشرع التونسي أحدث النظريات و التطبيقات الجنائية فصدر بالتالي
القانون عـ97ـدد لسنة 2777المؤرخ في 2777-19-11الذي أضاف للعقوبات األصلية
الواردة بالفصل 5من م.ج عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كعقوبة بديلة عن العقوبة
السجنية يليه القانون عـ71ـدد لسنة 2777المؤرخ في 2777-19-11المتعلق بتنقيح و
-1نص الفصل 2من م.ج :العقوبات هي اآلتية :أ) العقوبات األصلية -2 :اإلعدام-3 ،السجن بقية العمر -2 ،السجن لمدة معينة -2 ،العمل
لفائدة المصلحة العامة -2 ،الخطية -2 ،التعويض الجزائي(.أضيفت المطة 2بالقانون عدد 29لسنة 3008المؤرخ في 23أوت ) 3008
ب)العقوبات التكميلية( -2 :ألغيت بالقانون عدد 8لسنة 2882المؤرخ في 32جانفي -3 ،) 2882منع اإلقامة -2 ،المراقبة اإلدارية -2 ،مصادرة
المكاسب في الصور التي نص عليها القانون -2 ،الحجز الخاص -2 ،اإلقصاء في الصور التي نص عليها القانون -1 ،الحرمان من مباشرة
الحقوق و االمتيازات اآلتية :أ) الوظائف العمومية أو بعض المهن مثل محام أو مأمور عمومي أو طبيب أو بيطري أو قابلة أو مدير مؤسسة
تربوية أو مستخدم بها بأي عنوان كان أو عدل أو مقدم أو خبير أو شاهد لدى المحاكم عدا اإلدالء بتصريحات على سبيل االسترشاد ،ب) حمل
السالح و كل األوسمة الشرفية الرسمية ،ت) حق االقتراع -9 .نشر مضامين بعض األحكام.
15
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
إتمام بعض األحكام من مجلة اإلجراءات الجزائية (ملحق عـ1ـدد) الذي ينص على آليات
قضاء هذه العقوبة و ما تتطلبه من إجراءات على مستوى التنفيذ و لبيان نظام هذه العقوبة
بين القانون شروط الحكم بها (فقرة أولى ) وكيفية تنفيذها (فقرة ثانية) .
الفقرة األولى :شروط الحكم بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة :
لم يعرف المشرع التونسي عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ضمن القانون
عـ97ـدد لسنة 2777و اكتفى ببيان شروطها و قد عرفها رجال القانون بكونها " صورة
القضاء بإلزام المحكوم عليه بالقيام بعمل مجاني يحقق نفعا عاما و ذلك لفائدة ذات معنوية
و بهذا التعريف تتخذ هذه العقوبة 1
خاضعة للقانون العام أو جمعية مرخص لها في ذلك "
البديلة مظهرين اثنين فإما أن تكون عقوبة بديلة للعقوبة السجنية المحكوم بها طبق ما نص
عليه الفصل 25مكرر من م.ج و إما أن تكون وسيلة الستخالص الخطايا طبق ما جاء به
الفصل 111من مجلة اإلجراءات الجزائية .لذا تنقسم شروط الحكم بعقوبة العمل لفائدة
المصلحة العامة إلى قسمين :شروط تتعلق بتطبيق هذه العقوبة كعقوبة بديلة عن السجن
(أ) و شروط أخرى تتعلق بتطبيق هذه العقوبة كعقوبة بديلة عن العقوبات المالية (ب).
أ) شروط تطبيق عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كعقوبة بديلة عن السجن:
حدد المشرع التونسي صلب الفصول المنظمة لعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة
الواردة بالمجلة الجزائية كعقوبة بديلة عن العقوبة السجنية ،الشروط الواجب توفرها للنطق
بها و التي تنقسم إلى شروط عامة ( )1و شروط خاصة (.)2
-1أبولبابة العثماني :النظام القانوني لعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كبديل عن العقوبة السجنية م.ق.ت أفريل 3002ص 12
16
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
استنادا إلى ما جاء بالفصول القانونية المنظمة لعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة
و الواردة صلب المجلة الجزائية تنقسم الشروط العامة إلى شروط ذاتية و أخرى موضوعية.
فبالنسبة للشروط الذاتية تتعلق بذات المتهم و التي يجب توفرها فيه و هي ثالثة شروط
تتعلق بسن المتهم و نقاوة سوابقه العدلية و ملف شخصيته.
سن المتهم :لم يحدد المشرع التونسي ضمن الفصول المنظمة لعقوبة العمل
لفائدة المصلحة العامة السن الواجب توفرها في المتهمين المنتفعين بهذه العقوبة ،وبوصفها
عقوبة أصلية فهي تطبق على الرشداء بصفة مبدئية مما يجعلنا نتساءل حول مدى تطبيقها
على األطفال الجانحين؟
ظهر في الفقه التونسي اتجاهان :األول يمنع على قاضي األطفال التصريح بعقوبة
العمل لفائدة المصلحة العامة على األطفال الجانحين استنادا إلى ما جاء بالفصل 115من
م.إ.ج و الذي ينص على أنه " :ال يسوغ إجراء الجبر بالسجن أو العمل لفائدة المصلحة
العامة ضد األشخاص اآلتي ذكرهم )1:المحكوم عليهم الذين سنهم دون ثمانية عشر عاما
كاملة وقت ارتكابهم لألفعال التي استلزمت التتبع ".و الثاني يجيز التصريح بهذه العقوبة
البديلة على األطفال الجانحين عوضا عن العقوبة السجنية إذا ما تجاوزت سن الطفل ستة
عشر عاما استنادا إلى األهداف اإلدماجية من وراء اإلقرار بهذه العقوبة مع مراعاة الطفل
الجانح من حيث طاقته البدنية و القدرة الجسدية التي لديه ليتمكن من انجاز العمل المطلوب
منه .1
نقاوة السوابق العدلية للمتهم :لالنتفاع بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة نص
الفصل 25ثالثا من م.ج في فقرته األولى " :يشترط الستبدال السجن بعقوبة العمل لفائدة
المصلحة العامة ...أن ال يكون عائدا " و هو شرط نصت عليه عدة تشريعات مقارنة ذلك
أن المتهم الذي تتوفر فيه صفة العود ال ينتفع بهذه العقوبة ،علما و ان المشرع الفرنسي
حذف شرط العود من شروط االنتفاع بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة عند تنقيحه
. 1
للفصل 9-212من المجلة الجزائية الفرنسية بموجب قانون 2775
ملف الشخصية :ظهر ملف الشخصية في القانون التونسي بموجب أمر -11
2755-16المتعلق بالطفولة الجانحة حيث مكن هذا القانون قاضي األطفال من تكوين
ملف يتعلق بش خصية الطفل الجانح .و يعد هذا اإلجراء وجوبي بالنظر لما يوفره للمحكمة
من تيسير اتخاذ ما يلزم من التدابير المالئمة لحماية الطفل الجانح.
و بالنسبة للمتهمين الرشداء تم التنصيص على ملف الشخصية بموجب الفصل 51
من م.إ.ج الذي نص في فقرته األولى على أنه " لحاكم التحقيق أن يجري بنفسه أو بواسطة
مأموري الضابطة العدلية المبينين بالعددين 1و 1من الفصل 21بحثا عن شخصية
و يعد هذا الشرط شرطا اختياريا ال غير 2
المظنون فيهم و عن حالتهم المادية و العائلية ".
وهو ما يبين عدم التنصيص عليه بالفصول المنظمة لهذه العقوبة البديلة .
فتتمثل في تحديد مجال تطبيق عقوبة العمل لفائدة و بالنسبة للشروط الموضوعية
المصلحة العامة الذي يفترض أن تكون الجريمة المحكوم فيها مخالفة أو جنحة و ضرورة أن
يصدر الحكم بالسجن أوال ،ثم أن يكون العمل المحكوم به ذا نفع عام و ضرورة مباشرة
العمل المحكوم به داخل إحدى المؤسسات المنصوص عليها بالفصل 29من م.ج.
مجال تطبيق عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة :نص الفصل 25مكرر من
م.ج على انه " و يحكم بهذه العقوبة في جميع المخالفات و في الجنح التي يقضى فيها
بعقوبة سجن ال تتجاوز المدة المذكورة أعاله "...و هي مدة أقصاها عام واحد ،أي ضرورة
أن تكون الجريمة المحكوم فيها جنحة أو مخالفة .
-1محمد الطاهر الحمدي :العمل لفائدة المصلحة العامة :عقوبة بديلة عن عقوبة السجن م.ق.ت جانفي 3002ص 22
-2هيثم الخضراوي :المرجع مذكور سابقا ص 29
18
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
ثم حدد المشرع صلب الفصل 25مكرر من المجلة المذكورة الجنح التي يقضى
فيها بعقوبة بديلة على وجه الحصر ضمن قائمة مفصلة بحسب طبيعة و ميدان الجنح
المرتكبة و التي تتمثل في جرائم االعتداء على األشخاص ،جرائم حوادث الطرقات ،الجرائم
جرائم االعتداء على األخالق الرياضية ،جرائم االعتداء على األموال و األمالك ،
الحميد ة ،الجرائم االجتماعية ،الجرائم االقتصادية و المالية ،جرائم البيئة ،الجرائم العمرانية
،الجرائم العسكرية .1
ضرورة أن يصدر الحكم بالسجن أوال :تعد عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة
عقوبة بديلة للعقوبة السجنية في مستوى النطق بالحكم من ذلك ما أورده الفصل 25مكرر
من م.ج " للمحكمة إذا قضت بالسجن النافذ لمدة أقصاها عام واحد أن تستبدل بنفس الحكم
العقوبة بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة "...يعني أن نفس الحكم المصرح به يتضمن
الحكم بعقوبة سالبة للحرية و في اآلن ذاته يتضمن العقوبة البديلة المستبدلة و المتمثلة في
العمل للصالح العام دون أجر إذا ما توفرت جملة الشروط الواجب توفرها في المتهم الذي
سينتفع بها .فالمشرع ا لتونسي أكد على أن هذه العقوبة البديلة تسلط كلما كانت العقوبة
المسلطة من المحكمة هي السجن على خالف ما أتاه المشرع الفرنسي إذ يمكن للمحكمة أن
تلزم المحكوم عليه بإنجاز عمل لفائدة المصلحة العامة إذا كانت العقوبة المستوجبة بالنص
-1الفصل 02مكرر م.ج في فقرته الثانية :و يحكم بهذه العقو بة في جميع المخالفات و في الجنح التي يقضى فيها بعقوبة سجن ال تتجاوز المدة
المذكورة أعاله و هي الجنح التالية -:بالنسبة لجرائم االعتداء على األشخاص. :االعتداء بالعنف الشديد الذي اليترتب عنه سقوط مستمر أو تشويه
و غير مصحوب بظرف من ظروف التشديد .،القذف. ،المشاركة في معركة.،إلحاق أضرار بدنية بالغير عن غير قصد -.بالنسبة لجرائم حوادث
الطرقات . :مخالفة قانون الطرقات باستثناء جريمة السياقة تحت تأثير حالة كحولية أو إذا اقترنت المخالفة بجريمة الفرار-.بالنسبة للجرائم
الرياضية . :اكتساح ميدان اللعب أثناء المقابالت . ،ترديد الشعارات المنافية لألخالق الحميدة أو عبارات الشتم ضد الهياكل الرياضية العمومية و
الخاصة أو ضد األشخاص -.بالنسبة لجرائم االعتداء على األموال و األمالك. :االعتداء على المزارع. ،االعت داء على عقار مسجل. ،تكسير حد،
.االستيالء على مشترك قبل القسمة. ،السرقة. ،االستيالء على لقطة. ،افتكاك حوز بالقوة . ،اإلضرار بملك الغير. ،الحريق عن غير عمد -.بالنسبة
لجرائم االعتداء على األخالق الحميدة. :التجاهر بما ينافي الحياء . ،االعتداء على األخالق الحميدة. ،السكر المكرر.،مضايقة الغير بوجه يخل
بالحياء-.بالنسبة للجرائم االجتماعية . :جرائم مخالفة قانون الشغل و مخالفة قانون الضمان االجتماعي و كذلك مخالفة قانون حوادث الشغل و
األمراض المهنية .،جرائم إهمال عيال .،عدم إحضار محضون. ،النميمة.،الرجوع إلى الشغب بعد التنفيذ،اإليهام بجريمة،التكفف -.بالنسبة للجرائم
االقتصادية و المالية. :إصدار شيك بدون رصيد بشرط خالص المستفيد و المصاريف القانونية.،الجرائم المترتبة عن مخالفة قانون المنافسة و
األسعار قانون حماية المستهلك. ،إخفاء أشياء تابعة لمكاسب المدين التاجر،االستطعام أو االستسقاء مع العلم بعدم القدرة على الدفع.،االمتناع عن
إتمام عمل متفق عليه رغم أخذ التسبقة .،تعطيل حرية اإلشهارات -،بالنسبة لجرائم البيئة . :مخالفة قوانين البيئة-.بالنسبة للجرائم العمرانية :جرائم
مخالفة القوانين العمرانية و التهيئة الترابية باستثناء التقسيم بدون رخصة -.الجرائم العسكرية. :عدم تلبية الدعوة إلى الخدمة العسكرية المنصوص
عليها بالفقرة األولى من الفصل 22من مجلة المرافعات و العقوبات العسكرية.
19
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
عن الجنحة المرتكبة هي السجن طبقا لما جاء به الفصل 9-212من المجلة الجزائية
الفرنسية . 1
أن يكون العمل المحكوم به له منفعة عامة :و تظهر طبيعة النفع العام من خالل
كون العمل المطلوب إنجازه يكون مجانيا و بدون مقابل مادي باعتبار و أن هذا العمل هو
عقوبة بديلة عن العقوبة السجنية و هو بمثابة امتياز للمبتدئين في عالم اإلجرام واالنحراف
وذلك لردعهم و إعادتهم إلى الطريق السوي .أما عن إنجاز هذا العمل المجاني المقابل فإنه
يتم بإحدى المؤسسات المنتفعة و التي أوردها المشرع صلب الفصل 29من م.ج لكن
السؤال الذي يطرح نفسه هو من يعين هاته المؤسسات ،هل هي ذات المحكمة التي
أصدرت الحكم أم يعود أمر تعيينها إلى الهيكل المكلف بتنفيذ هذه العقوبة؟ و بالرجوع إلى
مقتضيات الفصل 25ثالثا في فقرته الرابعة فإن دور المحكمة يتمثل في ضبط األجل الذي
يجب أن ينجز فيه العمل و الذي ال يمكن أن يتجاوز ثمانية عشر شه ار من تاريخ صدور
الحكم دون أن يلزمها بتعيين المؤسسة المنتفعة وهو ما يحيلنا إلى أن أمر هذا التعيين يعود
إلى الجهاز المكلف بالتنفيذ على غرار ما هو معمول به في جل التشريعات المقارنة من ذلك
أن التشريع الفرنسي يعطي هذه اإلمكانية إلى قاضي تنفيذ العقوبات .2
مباشرة العمل المحكوم به بإحدى المؤسسات الواردة بالفصل 11من م.ج :إذ
نص هذا األخير على أنه " يتم قضاء الع مل لفائدة المصلحة العامة بالمؤسسات العمومية أو
الجماعات المحلية أو الجمعيات الخيرية و اإلسعافية أو الجمعيات ذات المصلحة القومية
و الجمعيات التي يكون موضوعها المحافظة على البيئة ".لكن السؤال المطروح هو من يعين
هذه المؤسسة هل يتم بناءا على طلب تقدمه المؤسسة للغرض أم أن أمر تعيينها يعود
بالنظر إلى الهيكل المكلف بالتنفيذ ؟ و نظ ار لوجود فراغ تشريعي في هذا المجال فإن
االستئناس بما جاء بالقانون الفرنسي ،الذي يجعل من المؤسسات التي ترغب في استقطاب
المحكوم عليهم بهذه العقوبة هي التي تبادر بتقديم مطلب في الغرض تضمنه قائمة األعمال
التي من المنتظر القيام بها ،يجعلنا أمام غياب نص صريح ،نعول على قدرة الجهاز
المكلف بالتنفيذ على التسرب داخل النسيج المؤسساتي إلقناعهم بأهمية قبول هؤالء المحكوم
عليهم وعدم تخوفهم منهم و ذلك للحصول على موافقتهم ضمانا لحسن تنفيذ هذه العقوبة
.كما مكن المشرع التونسي المحكوم عليهم بهذه العقوبة 1
خالل األجل المحدد لها قانونا
من التمتع بمقتضيات القوانين و التراتيب المتعلقة بحفظ الصحة والسالمة المهنية وهو ما
نص عليه الفصل 29من المجلة المذكورة و الذي أضاف في فقرته الثانية ما يلي " :
ينتفع المحكوم عليه بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة بنفس النظام القانوني للتعويض عن
األضرار الناتجة عن حوادث الشغل و األمراض المهنية المنطبق على المساجين الذين
ينجزون أعماال طلب منهم القيام بها أو بمناسبتها ".
تتمثل الشروط الخاصة الواجب توفرها لالنتفاع باستبدال العقوبة السجنية بعقوبة
العمل لفائدة المصلحة العامة أوال في حضور المتهم بالجلسة و إثبات جدوى هذه العقوبة
للحفاظ على إدماجه في الحياة االجتماعية و ثانيا في إعالمه بحقه في الرفض و تسجيل
جوابه وأخي ار و في صورة الق بول يتم تحديد مدة العمل و ضبط أجل التنفيذ.
اقتضى الفصل 25ثالثا من م.ج في فقرته األولى " :يشترط الستبدال السجن
بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة أن يكون المتهم حاض ار بالجلسة ...و أن يثبت
للمحكمة من خالل ظروف الفعل الذي وقع من أجله التتبع جدوى هذه العقوبة للحفاظ على
إدماج المتهم في الحياة االجتماعية " فالمقصود من هذه الشكلية هو حضور المتهم شخصيا
بجلسة الحكم العلنية دون سواها من الجلسات األخرى السابقة لها ،أما إذا تم صرف القضية
للمفاوضة و التصريح بالحكم لجلسة الحقة فإن ذلك يحول دون إمكانية الحكم بعقوبة العمل
لفائدة المصلحة العامة .فحضور المتهم إذن بالجلسة أمر هام لمعرفة موقفه و إعالمه بحقه
في الرفض إن لم يكن يرغب في ذلك أو قبوله عملية استبدال العقوبة مع ضرورة تسجيل
جوابه بمحضر الجلسة قبل التصريح بالحكم .وما يؤكد ذلك ما جاء بالفصل 25مكرر من
م.ج القاضي بأنه " :للمحكمة إذا قضت بالسجن النافذ لمدة أقصاها عام واحد أن تستبدل
بنفس الحكم تلك العقوبة بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة".
و باكتمال جميع الشروط العامة المذكورة أعاله يكون للمحكمة كامل الحرية للقيام
باستبدال العقوبة من عدمه و إذا قررت إسعاف المتهم بهذا االستبدال يجب عليها إعالمه
بحقه في الرفض و عدم القبول مع تسجيل جوابه إن كان إيجابا أم سلبا إذ جاء بالفصل
25ثالثا في فقرته الثانية من م.ج أنه " :و على المحكمة إعالم المتهم بحقه في رفض
اس تبدال عقوبة السجن بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة و تسجيل جوابه ".ونستنتج من
هذا الفصل أن التصريح بهذه العقوبة يبقى موقوفا على قبول المحكوم عليه لفكرة العمل من
أصلها ،ويتم إعالمه بالرفض قبل التصريح بالحكم .
فإن قبل العمل جوابا على طلب المحكمة فإن تقدير العقاب في نهاية األمر يبقى
موكوال للمحكمة دون سواها.أما في صورة الرفض فإن المحكمة تقضي "بالعقوبات المستوجبة
األخرى" أي العقوبة السجنية الواردة أصالة بنفس الحكم.
22
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
لئن تمثلت عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة في الحكم على الجاني بالقيام خالل
مدة معينة و بدون أجر بعمل محدد لفائدة المصلحة العامة عوضا عن العقوبة السجنية التي
وقع الحكم بها عليه أصالة .1
ففي حالة قبولها من طرف المتهم تقوم المحكمة بتحديد مدة العمل بحكمها و أجل
القيام به إذ ال يمكن الجمع في اآلن ذاته بين عقوبة السجن و عقوبة العمل لفائدة المصلحة
العامة.
وبالرجوع إلى أحكام الفصل 25مكرر فإنه " :للمحكمة إذا قضت بالسجن النافذ
لمدة أقصاها عام واحد أن تستبدل بنفس الحكم تلك العقوبة بعقوبة العمل لفائدة المصلحة
العامة و ذلك دون أجر و ل مدة ال تتجاوز ستمائة ساعة بحساب ساعتين عن كل يوم سجن
" كما أضاف الفصل 25ثالثا من نفس المجلة أن المحكمة تتولى "ضبط األجل الذي يجب
أن ينجز فيه العمل على أن ال يتجاوز هذا األجل ثمانية عشر شه ار من تاريخ صدور
الحكم" .
وتعتمد طريقة احتساب مدة العمل للمصلحة العامة على قاعدة حساب ساعتين عن
كل يوم سجن فإذا حكم على شخص ما بالسجن لمدة شهرين اثنين فإن تعويضه بالعقوبة
البديلة يتم بض رب عدد أيام السجن في ساعتي عمل أي ما يعادل مائة و عشرين ساعة
عمل لفائدة المصلحة العامة ،لكن القانون التونسي لم يحدد لنا عدد الساعات اليومية و ال
كيفية توزيعها على كامل أيام األسبوع على غرار ما قام به المشرع الفرنسي .
هذه هي جملة الشروط العامة و الخاصة الواجب توفرها في المتهم الذي سينتفع
بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كبديل عن العقوبة السجنية التي حكم بها فماهي إذن
شروط تطبيق عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كعقوبة بديلة عن العقوبات المالية ؟
ب) شروط تطبيق عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كعقوبة بديلة عن العقوبات
المالية:
و لممارسة عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة يجب توفر جملة من الشروط قصد
الوصول لتنفيذ العقوبات المالية و أهم شرط أورده الفصل 111المذكور هو تعذر
استخالص الخطايا و المصاريف لفائدة الدولة وفي هذه الحالة تتولى النيابة العمومية التحقق
من تعذر الخالص من خالل صور المطالبة بتطبيق هذا اإلجراء .فالصورة األولى تتمثل في
أن يطلب المحكوم عليه بالخطية استبدالها بالعمل لفائدة المصلحة العامة بمجرد إعالمه
شخصيا بصدور الحكم الجزائي الغيابي و في صورة عدم علمه الشخصي فهل يستمر طلب
العمل لفائدة المصلحة العامة إلى انقضاء آجال سقوط العقاب؟ أما الصورة الثانية فتتمثل في
24
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
تحويل العقوبة المالية إلى جبر بالسجن و عليه يتقدم المحكوم عليه بمطلب في الغرض
لتعويضه بالعمل لفائدة المصلحة العامة . 1
أما بخصوص الشرط الثاني المتعلق بشكل المطلب المقدم للنيابة العمومية لالنتفاع
بالعمل لفائدة المصلحة العامة كبديل عن العقوبة المالية فإن المشرع التونسي لم يشترط
شكال محددا لهذا الطلب إذ يمكن للمحكوم عليه رفعه شفويا لدى وكيل الجمهورية بالمحكمة
االبتدائية الصادرة عنها العقوبة المالية مستظه ار بالحكم الجزائي القاضي بها أو كتابيا و
يكون مطلبه مرفقا بمؤيدات الحكم الجزائي الذي يرغب في استبداله .بالتالي فإن المحكوم
عليه يبادر بطلب استبدال الحكم بقطع النظر عن وصفه القانوني .و يبقى قبول المطلب من
عدمه من أنظار النيابة العمومية المشرفة على عملية التنفيذ . 2
واستنادا للفصل 116من م.إ.ج فإنه "يتتبع تنفيذ الحكم ممثل النيابة العمومية
و الخصوم كل فيما يخصه " أي أن المشرع جعل من تقديم هذا الطلب منحص ار في المعني
باألمر أي المحكوم عليه بالعقوبة المالية.
و بالنسبة لمجال تطبيق عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كبديل عن العقوبات
المالية ،فعلى خالف ما أتاه القانون عـ97ـدد لسنة 2777الذي وضع قائمة حصرية ،صلب
الفصل 25مكرر من م.ج ،للمخالفات و الجنح التي من الممكن أن يتم فيها استبدال
العقوبة السالبة للحرية بشأنها بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ،و قد ترك القانون
عـ71ـدد لسنة 2777المجال مفتوحا للنيابة العمومية بشأن المطالب المقدمة قصد استبدال
العقوبة المالية المحكوم بها بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة رغم أن ميدان العقوبات
المالية في القانون الجزائي أضيق مما هو عليه ف ي مجال العقوبات السالبة للحرية ،و يبدو
اتجاه المشرع نحو التضييق من مجال تدخل جهاز النيابة العمومية في استبدال العقوبة
-1األسعد فرح :نظام العمل لفائدة المصلحة العامة في تنفيذ العقوبات المالية م.ق.ت مارس 3001ص 238
-2األسعد فرح :نفس المرجع ص 220
25
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
المالية المحكوم بها بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة واضحا خاصة من خالل ما ورد
صلب الفصل 115جديد من م.إ.ج من قيود على مستوى األطراف المنتفعة بهذا
االستبدال.
و نخلص في النهاية إلى أن هذه الشروط على اختالفها و تنوعها يجب أن تتوفر
في المتهم لينتفع باستبدال العقوبة السالبة للحرية بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة في
مظهريها كبديل عن العقوبة السجنية من جهة و كبديل عن العقوبات المالية من جهة أخرى.
فكيف يمكن تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ؟ سؤال سنتطرق إلى اإلجابة عليه
في إطار الفقرة الثانية من هذا الموضوع.
الفقرة الثانية :كيفية تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة :
في إطار دراسة كيفية تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كعقوبة بديلة عن
العقوبة السجنية و كعقوبة بديلة عن ا لعقوبات المالية سنتعرض في بداية األمر إلى كيفية
التنفيذ (أ) لنتطرق فيما بعد إلى الموانع التي تحول دون التنفيذ (ب) .
عند صدور الحكم الجزائي القاضي باستبدال العقوبة السجنية بعقوبة العمل لفائدة
المصلحة العامة ،يقوم القاضي الجزائي في ذات الحكم بتحديد كيفية تنفيذها و األجل
األقصى الذي ال يمكن تجاوزه عند التنفيذ فتكون صيغة الحكم مثال كاآلتي " قضت المحكمة
ابتدائيا حضوريا بسجن المتهم مدة شهر واحد و استبدال العقوبة السجنية المحكوم بها عليه
بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة و ذلك بحساب ساعتي عمل عن كل يوم سجن على
أن يتم تنفيذها في اجل ال يتجاوز ثمانية عشر شه ار من تاريخ صدور هذا الحكم " .
26
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
وتقتضي أعمال التنفيذ تضمين الحكم القاضي بالعقوبة البديلة بالدفتر المعد لذلك
لييسر عملية إحصاء األحكام القاضية بالعقوبة البديلة عن كل شهر في 1
بكتابة المحكمة
كل محكمة ثم خالل كامل السنة و مقارنتها بالمحاكم األخرى و في نفس الوقت بيان مدى
تطبيق المحاكم للعقوبات البديلة بصفة عامة ،بعد ذلك يتم إحالة ملف القضية على أنظار
قاضي تنفيذ العقوبات الذي أسند له قانون 1111دور المراقبة في جميع مراحل تنفيذ عقوبة
العمل لفائدة المصلحة العامة طبق مقتضيات الفصل 116من م.إ.ج في فقرته الثانية الذي
ينص على أنه " :و يتولى قاضي تنفيذ العقوبات التابع له مقر إقامة المحكوم عليه أو
التابع للمحكمة االبتدائية الصادر بدائرتها ا لحكم إذا لم يكن للمحكوم عليه مقر إقامة بالبالد
التونسية متابعة تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة بمساعدة مصالح السجون ".
و قبل بداية عملية التنفيذ نص الفصل 29مكرر من م.ج على أنه يتم عرض
المحكوم عليه على الفحص الطبي بإذن من قاضي تنفيذ العقوبات و يتم القيام بهذا الفحص
من طرف طبيب السجن القريب من محل إقامة المحكوم عليه بهدف التثبت من سالمته من
األمراض المعدية و من قدرته على القيام بالعمل الذي تقرر إلزامه به.
بالتالي ،فإن بداية تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة يتم بعد أن يحدد
قاضي تنفيذ العقوبات نوع العمل المراد القيام به ،أوقاته اليومية و المكان الذي يجب أن تتم
فيه عملية التنفيذ وهذا المكان يقع تعيينه من بين األماكن المنصوص عليها صلب الفصل
29من م.ج.2
عند بداية القيام بالعمل المجاني لفائدة الصالح العام يتمتع المحكوم عليه بمقتضيات
القوانين و التراتيب المتعلقة بحفظ الصحة و السالمة المهنية كما ينتفع من طرف المؤسسة
المنتفعة بالعمل بالضمانات القانونية ضد حوادث الشغل و األمراض المهنية و كل ذلك يتم
-1علي كحلون :دروس في اإلجراءات الجزائية مجمع األطرش للكتاب المختص تونس 3008ص 209
-2الفصل 01من م.ج " :يتم قضاء العمل لفائدة المصلحة العامة بالمؤسسات العمومية أو الجماعات المحلية أو الجمعيات الخيرية و اإلسعافية أو
الجمعيات ذات المصلحة القومية و الجمعيات التي يكون موضوعها المحافظة على البيئة".
27
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
تحت رقابة الجهاز القضائي المكلف بعملية التنفيذ ممثال في قاضي تنفيذ العقوبات بالمحكمة
االبتدائية الراجع لها بالنظر ،و على هذا األخير التثبت من توفر الحماية للمنتفع بالعقوبة
البديلة من تاريخ تحديده للمؤسسة المنتفعة بالعمل المجاني .كما يقوم بمتابعة تنفيذ هذه
العقوبة بمساعدة مصالح السجون طبق الفصل 116من م.إ.ج في فقرته الثانية والرابعة .1
و تنفذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة بحساب ساعتي عمل عن كل يوم سجن
على أن ال تتجاوز المدة ستمائة ساعة وفق ما جاء بالفصل 25مكرر من م.ج .و كذلك
وفق ما جاء بالفصل 111جديد من م.إ.ج في فقرته الثانية " :تنفذ عقوبة العمل لفائدة
المصلحة العامة بحساب ساعتي ع مل عن كل يوم سجن على أن ال تتجاوز مدة العمل
القصوى ستمائة ساعة " و ذلك في إطار استبدال العقوبات المالية بالعقوبة البديلة و يتم
تقديم مطلب العمل لفائدة المصلحة العامة في الحالة الثانية من المعني باألمر شخصيا إلى
النيابة العمومية التي لها االختصاص المبدئي في تنفيذ األحكام طبق الفصل 11من
م.إ.ج.
وفي إطار تنفيذ العقوبة البديلة فإن تحديد قاعدة احتساب ساعات العمل لفائدة
المصلحة العامة يبقى رهين تحديد مدة السجن عند تنفيذ الجبر بالسجن حيث جاء بالفصل
111من م.إ.ج أنه يتم بحساب " ساعتي عمل عن كل يوم سجن" و كان على المشرع أن
يعتمد وحدة ساعتين عن كل مبلغ مالي محدد خاصة إذا كان الحكم قاضيا بعقوبة مالية قبل
أن تنقلب إلى جبر بالسجن.
- 1الفصل 333من م.إ.ج فقرة ثانية " :و يتولى قاضي تنفيذ العقوبات التابع له مقر إقامة المحكوم عليه أو التابع للمحكمة االبتدائية الصادر
بدائرتها الحكم إذا لم يكن للمحكوم علي ه مقر إقامة بالبالد التونسية متابعة تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة بمساعدة مصالح السجون".
وفي فقرته الرابعة " :يتولى قاضي تنفيذ العقوبات متابعة تنفيذ المحكوم عليه لعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة لدى المؤسسة المعنية و يقع
إعالمه كتابيا بكل ما ي طرأ أثناء قضاء العقوبة ،كما يحرر تقريرا في مآل التنفيذ يحيله على وكيل الجمهورية".
-2و في فقرته الخامسة " :يمكن لقاضي تنفيذ العقوبات عند الضرورة تعديل التدابير المتخذة وفق أحكام الفقرة الثالثة من الفصل 222من هذه
المجلة بعد موافقة وكيل الجمهورية ".
28
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
كما تقوم المحكمة بضبط األجل الذي يجب أن ينجز فيه العمل على أن ال يتجاوز
هذا األجل ثمانية عشر شه ار من تاريخ صدور الحكم و عند التنفيذ ال يمكن الجمع بين هذه
العقوبة البديلة و عقوبة السجن حتى ال تحصل حالة تعذر قانوني.
و من مميزات هذه العقوبة على مستوى التنفيذ ،هوأن قضاءها يتم من طرف
المحكوم عليهم بإحدى المؤسسات المنصوص عليها صلب الفصل 29من م.ج أي أصبح
التنفيذ يتم بأمكنة مفتوحة خارج المؤسسات السجنية و بعيدا عن الرقابة المباشرة للسلطة
القضائية ، 1و في ذلك تشريك للمجتمع المدني في تنفيذ هذا النوع من العقوبات بعد أن كان
يتم داخل السجون و تحت رقابة القضاء و فيه كذلك انفتاح على العالم الخارجي حتى يتم
ضمان إدماج هؤالء المحكوم عليهم المبتدئين من جديد داخل المجتمع الذين يعيشون في
ظله.
عند تعذر التنفيذ أو وقوع إحدى المعطالت ،يقع اللجوء إلى النيابة العمومية باعتبار
و أن لها االختصاص المطلق بالنظر في مشاكل تنفيذ األحكام الجزائية .ومن موانع التنفيذ
امتناع المحكوم عليه عن تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة أو انقطاعه عنها للمرة
الثالثة بدون عذر شرعي ،وفي هذه الحالة يتم الرجوع للحكم األصلي أين يقضي عقوبة
السجن المحكوم بها كاملة دون خصم ما قضاه منها من عمل لفائدة الصالح العام و ذلك
استنادا لما ورد بالفقرة األولى من الفصل 116مكرر من م.إ.ج .كما أن تعليق مدة تنفيذ
العقوبة البديلة من شأنه أن يحول دون التنفيذ الظرفي لها ألسباب صحية أو عائلية أو مهنية
أو كذلك عند إيداع المحكوم عليه بالسجن من اجل جرم آخر ارتكبه أو أثناء قضائه للخدمة
الوطنية وفق ما جاء بالفقرة الثانية من الفصل 116مكرر من م.إ.ج.
-1دورة دراسية بعنوان " عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة " نظمت بالمعهد األعلى للقضاء يوم 3002-23-20ص90.
29
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
وفي حالة الجمع بين عقوبة السجن و عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كبديل
عن العقوبات المالية ،من ذلك صدور حكم بالسجن و الخطية معا و صدور قرار من النيابة
العمومية بقبول مطلب المحكوم عليه باستبدال الخطية بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة
و الحال أنه مودع بالسجن في نفس القضية ،فإن القانون عـ71ـدد لسنة 2777ال يعطي
حال لهذا اإلشكال على غرار القانون عـ97ـدد من نفس السنة الذي نص على أنه ال يمكن
الجمع بين عقوبة السجن و عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كبديل لها ضمن الفصل
25ثالثا من المجلة الجزائية و لعل الحل المتوفر لدرء هذه الصعوبة يكمن في تعليق عقوبة
العمل لفائدة المصلحة العامة مؤقتا ريثما يتم قضاء العقوبة السجنية من طرف المحكوم عليه
أوال ثم يتم استئناف التنفيذ فيما بعد.
هذه بإيجاز جملة الشروط الواجب توفرها للحكم بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة
كعقوبة بديلة أولى نص عليها المشرع التونسي صلب الفصل 5من م.ج وكيفية تنفيذها
والموانع التي تحول دون ذلك .ففيما تتمثل العقوبة البديلة الثانية التي أتى بها النص
القانوني؟
30
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
تندرج عقوبة التعويض الجزائي في إطار مزيد تدعيم مسار حقوق اإلنسان
و الحريات الفردية و تكريس الوظيفة االجتماعية للعقوبة من خالل التقليص من تسليط
عقوبات سجنية قصيرة المدة بالنسبة لمن زلت بهم القدم ألول مرة و منحهم فرصة للتدارك
و سعيا لتوسيع نطاق اجتهاد المحكمة لممارسة سلطتها التقديرية في اختيار العقوبة البديلة
للسجن األنسب للمحكوم عليه.
لذا سنتعرض في فقرة أولى إلى شروط استبدال عقوبة السجن بعقوبة التعويض
الجزائي لنتطرق في فقرة ثانية إلى كيفية تنفيذها.
الفقرة األولى :شروط استبدال عقوبة السجن بعقوبة التعويض الجزائي :
عقوبة التعويض الجزائي هي عقوبة استبدالية لعقوبة السجن المحكوم بها و يمكن
تعريفها بأنها تعويض مالي يؤديه المحكوم عليه لمن حصل له ضرر مباشر و شخصي من
الجريمة ال يقل عن عشرين دينا ار و ال يتجاوز خمسة آالف دينار و إن تعدد المتضررون .
وهي عقوبة جزائية و إسنادها ال يحول دون حق التعويض مدنيا .1فال هي إذن عقوبة
أصلية و ال هي عقوبة تكميلية و في إطارها تستبدل عقوبة السجن بتعويض مالي يلزم
-1علي كحلون و سيرين كحلون :الموسوعة الجزائية :منشورات مجمع األطرش للكتاب المختص تونس 3022ص222.
31
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
المحكوم عليه بأدائه للمتضرر من الفعل المجرم عند توفر جملة من الشروط و التي تنقسم
إلى شروط موضوعية (أ) و شروط ذاتية (ب).
تعتبر عقوبة التعويض الجزائي عقوبة بديلة للعقوبة السجنية في مادة المخالفات
والجنح التي يترتب عنها ضرر شخصي و مباشر للمتضرر و التي تستوجب تسليط عقوبات
بالسجن قصيرة المدة ال تتجاوز ستة أشهر يتعذر خاللها تنفيذ برامج اإلدماج والتأهيل
المناسب للمحكوم عليه بما من شأنه الحد من األهداف اإلصالحية للعقوبة السالبة للحرية
و يفتح المجال للمحكوم عليه لالنخراط في مسالك اإلجرام.
ولم يحدد المشرع التونسي قائمة معينة للجرائم التي يجوز فيها اللجوء إلى عقوبة
التعويض الجزائي بما يسمح معه توسيع ميدان تطبيق هذه العقوبة البديلة ،غير انه وحرصا
منه على الموازنة بين مصلحة المتهم و مصلحة المجتمع تم استثناء الجرائم التي تتجاوز
عقوبتها ستة أشهر و كذ لك الجرائم التي تكتسي بطبيعتها خطورة على المجتمع وال تمحى
بالتعويض .
بالنسبة للجرائم المعنية ورد بالفصل 25رابعا من م.ج أنه " يمكن للمحكمة إذا
قضت بالسجن النافذ في المخالفات أو بالسجن لمدة أقصاها ستة أشهر بالنسبة إلى الجنح
ان تستبدل بنفس الحكم عقوبة السجن المحكوم بها بعقوبة التعويض الجزائي "..بالتالي فإن
المخالفات و الجنح الناتج عنها ضرر شخصي و مباشر للمتضرر هي الجرائم المعنية
بتطبيق العمل بالعقوبة البديلة المذكورة .ففي المخالفات يتم الحكم بعقوبة التعويض الجزائي
32
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
في جميعها بدون استثناء وهي اختصاص حصري لقاضي الناحية الذي له وحده الحق في
استبدال عقوبة السجن المحكوم بها بعقوبة التعويض الجزائي ،و تم استبعاد الجنايات من
دائرة التطبيق .فالمشرع كرس مبدأ تعويض العقوبة البديلة كليا في مادة المخالفات و جزئيا
في مادة الجنح التي يحكم فيها بالسجن النافذ لمدة أقصاها ستة أشهر.
أما الجرائم المستثناة من ميدان التطبيق فقد جاء بها الفصل 25رابعا في فقرته
األخيرة و عددها اثنين و ثالثين ،ثمانية وعشرون منها وردت بالمجلة الجزائية وتتعلق
بجرائم اإلرشاء واالرتشاء (الفصول 99-99-95مكرر 72-71-من م.ج) و جرائم تجاوز
حد السلطة (الفصول 211-211-212من م.ج) و جرائم هضم جانب الموظفين
العموميين وأشباههم و مقاومتهم بالعنف (الفصول 219-219-216-215من م.ج) وجرائم
االمتناع عن اإلنجاد القانوني (الفصل 211من م.ج) و جرائم االعتداء على األشخاص
(الفصول-111-127-125-121-121-117-116من م.ج) وجرائم االعتداء بالفواحش
( الفصول 119مكرر 111-119-من م.ج) و جرائم الشهادة زو ار ( الفصول -112
111-111من م.ج ) و جرائم الغصب و المساومة ( الفصل 191من م.ج) .أما الجرائم
األخرى و عددها أربعة وهي جرائم الطرقات (الفصلين 71-97من م.ط ) و جرائم إصدار
شيك بدون رصيد ( الفصلين 122-122مكرر من م.ت).
استنادا إلى مقتضيات الفصل 25رابعا من م.ج فإن الشروط المتعلقة بالحكم تتمثل
في أن يكون الحكم حضوريا ،أن يكون الحكم الصادر بالسجن نافذا ،أن ال تتجاوز مدة
السجن المحكوم بها ستة أشهر ،أن تكون ا لعقوبة صادرة في مخالفة أو جنحة و أن يكون
الحكم الصادر متالئما مع ظروف الفعل الواقع ألجله التتبع .و بالنسبة الشتراط أن يكون
الحكم حضوريا فهذا يعني أن األحكام الغيابية و األحكام المعتبرة حضوريا ال تدخل في هذا
اإلطار.
33
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
فليقع تفعيل عقوبة التعويض الجزائي كبديل للعقوبة السجنية يجب أن يكون الحكم
الصادر في القضية قاضيا بالسجن النافذ في مادة المخالفات أو بالسجن لمدة أقصاها ستة
أشهر في مادة الجنح و المقصود من المدة المذكورة هي المدة التي تم التصريح بها في
العقاب المسلط و ليست المدة المقررة بالنص القانوني للفعلة المرتكبة .أما عن مسألة النفاذ
فمما ال شك فيه أن األحكام الصادرة بالسجن في المخالفات ال تكون إال نافذة باعتبارها
تصدر نهائية الدرجة و ال يبقى الشرط المتعلق بالسجن النافذ متعلقا إال بالجنح التي
تستوجب استبدالها بعقوبة التعويض الجزائي .1
بالتالي فإن األحكام القاضية بالسجن غير النافذ و األحكام مؤجلة التنفيذ ال يمكن
أن يقع فيها استبدال هذا الحكم بعقوبة التعويض الجزائي.كما أن األحكام التي تتجاوز مدتها
ستة أشهر ال تدخل في نطاق التطبيق.
كما أن الشرط المتعلق بمالئمة الحكم مع ظروف الفعل الواقع ألجله التتبع مهم إذ
تضمن القانون المذكور توسيع نطاق اجتهاد المحكمة بما يخول لها في إطار ممارسة
سلطتها التقديرية اختيار العقوبة البديلة األنسب للمحكوم عليه و قد أورد المشرع بعض
المعايير العامة هي بمثابة الشروط التي يتعين على المحكمة مراعاتها عند إعمالها لسلطتها
التقديرية في اختيار عقوبة التعويض الجزائي إذ أوجب الفصل 25رابعا من م.ج أن استبدال
العقوبة يكون " إذا اقتضت ظروف الفعل الذي وقع من أجله التتبع ذلك" و هو ما يتطلب
األخذ بعين االعتبار شخصية المتهم و جسامة الضرر الناتج عنه الجريمة ضمانا للجدوى
من األحكام الجزائية التي تقتضي تفريد العقوبة وفقا للعناصر الواقعية والقانونية المتوفرة
بملف القضية.
-1محمد الفخفاخ :مداخلة بعنوان :شروط استبدال عقوبة السجن بعقوبة التعويض الجزائي و إجراءاتها – دورة دراسية نظمت بالمعهد األعلى
للقضاء في 3020-02-32
34
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
تتفرع الشروط الذاتية الواجب توفرها الستبدال عقوبة السجن بعقوبة التعويض
الجزائي إلى شروط تهم المتهم ( )1و أخرى تهم المتضرر (.)2
أول الشروط أن يكون المتهم حاض ار بالجلسة فال يتمتع بها من صدر في شانه حكم
غيابي أو حكم معتبر حضوري وهذا فيه تضييق من مجال تطبيق عقوبة التعويض الجزائي
و الهدف من ذلك معرفة موقف المحكوم عليه من العقوبة البديلة لكن المشرع لم يمنحه على
غرار ما هو معمول به في عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة من إمكانية إبداء موقفه
ورفض العقوبة البديلة و تسجيل جوابه بمحضر الجلسة ،لذا كان على المشرع أن يمنح
المتهم الذي اشترط حضوره بالجلسة الحق في رفض استبدال عقوبة السجن بالتعويض
الجزائي نظ ار لما يمكن أن تط أر على عملية التنفيذ من إشكاليات متعلقة بتعذر التنفيذ لعسر
المحكوم عليه و عدم قدرته على الدفع .1
كما يجب أن ال يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة السجن أو بعقوبة التعويض
الجزائي ،و لم يشترط أن يكون نقي السوابق العدلية مطلقا كما هو الحال في شروط
استبدال عقوبة السجن بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة حيث اعتمد عبارة "أن ال يكون
عائدا" صلب الفصل 25ثالثا من م.ج ،بما يعني أن منح عقوبة التعويض الجزائي جائز
لمن سبق الحكم عليه بالخطية مثال أو بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة. 2
-1إيناس الحزامي :بدائل عقوبة السجن :مذكرة لنيل شهادة الماجستير في قانون العقود و االستثمارات 3022-3020ص 222
-2هيفاء ورفلي :اآلليات البديلة للسجن :محاضرة ختم التمرين 3022-3023ص 32
35
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
تسمح عقوبة التعويض الجزائي للمحكمة عند البت في القضية بحماية حقوق
المتضرر من خالل إلزام المحكوم عليه با لتعويض الجزائي الذي ال يمكن أن يقل مبلغه عن
عشرين دينا ار و ال أن يتجاوز خمسة آالف دينار و إن تعدد المتضررون.فالتعويض الجزائي
لفائدة المتضرر هو عبارة عن جزاء و تعويض في نفس الوقت لترميم الضرر الذي تم
إلحاقه به.1
فالتعويض الجزائي كعقوبة أصلية بديلة لعقوبة السجن المحكوم بها ال تنفي حق
المتضرر في طلب التعويض العادل عن الضرر الناتج عن الجريمة وفق أحكام الفصل
219من م.إ.ع إذا أثبت أن قيمة الضرر تتجاوز ما قضي به في إطار التعويض الجزائي
ليكون التعويض مطابقا لحقيقة الضرر و على المحكمة المتعهدة بالدعوى المدنية مراعاة
المبالغ المحكوم بها في إطار عقوبة التعويض الجزائي عند تقدير التعويض عن الضرر
مدنيا.
هذه هي جملة الشروط الواجب توفرها الستبدال عقوبة السجن المحكوم بها بعقوبة
التعويض الجزائي ففيما تتمثل إجراءات تنفيذها؟
-1علي كحلون :التعليق على مجلة اإلجراءات الجزائية –منشورات مجمع االطرش للكتاب المختص -تونس 3020ص 222
36
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
تبرز خصوصية عقوبة التعويض الجزائي أوال من خالل بيان كيفية التنفيذ (أ)
و ثانيا على مستوى آثار التنفيذ (ب).
جاء بالفصل 25رابعا من م.ج في فقرته الخامسة أنه " :و يتم تنفيذ عقوبة
التعويض الجزائي خالل أجل ال يتجاوز ثالثة أشهر من تاريخ انقضاء اجل الطعن
باالستئناف في الحكم االبتدائي أو من تاريخ صدور الحكم نهائي الدرجة ".
كما ورد بالفصل 116ثالثا من م.إ.ج في فقرته الثانية أنه " :و يسري أجل تنفيذ
عقوبة التعويض الجزائي بداية من تاريخ انقضاء أجل الطعن باالستئناف في الحكم الجزائي
االبتدائي أو من تاريخ صدور الحكم نهائي الدرجة ".
بالتالي يتم تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي بسعي من النيابة العمومية خالل أجل ال
يتجاوز ثالثة أشهر من تاريخ انقضاء آجال انقضاء حق الطعن باالستئناف في الحكم
االبتدائي أال وهو عشرة أيام أو من تاريخ صدور الحكم نهائي الدرجة و يعتبر هذا األجل
أح د أهم آليات الموازنة بين مصلحة المتهم و مصلحة المتضرر الذي يتحصل على
التعويض في زمن وجيز.
37
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
وتتم عملية التنفيذ وفق مقتضيات الفصل 116ثالثا في فقرته الثالثة عندما يقوم
المحكوم عليه باإلدالء لدى ممثل النيابة العمومية بالمحكمة التي أصدرت الحكم القاضي
بهذه العقوبة البديلة بكتب ثابت التاريخ يثبت تنفيذ العقوبة أو تأمين المبلغ المحكوم به بعنوان
تعويض جزائي في األجل المذكور بالفصل 25رابعا من م.ج .
فإذا تخلى المحكوم عليه على حقه في االستئناف أو التعقيب فإنه عليه أن يقوم
بتنفيذ عقوبة التعويض الجزائي خالل األجل القانوني المحدد بالنص و يتم التنفيذ بالطرق
العادية للخالص بشرط أن يكون تاريخ الخالص ثابتا قانونيا و ذلك للتأكد من وقوعه داخل
اآلجال التي تم ضبطها من طرف المشرع .وفي صورة امتناع المتضرر من قبول الخالص
.
يتم استصدار إذن قضائي بتأمين مبلغ التعويض لفائدته
أسند المشرع مهمة متابعة تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي إلى النيابة العمومية
باعتبارها الهيكل المؤهل قانونا لتنفيذ األحكام الجزائية إذ اقتضى الفصل 116ثالثا من
م.إ.ج أنه " :يتولى ممثل النيابة العمومية متابعة تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي " .و على
أساس أنه في صورة عدم تنفيذ مقتضيات الحكم بالتعويض الجزائي تتولى النيابة تنفيذ عقوبة
السجن المحكوم بها أصالة على المحكوم عليه طبق ما جاء بالفصل 116ثالثا في فقرته
الرابعة من م.إ.ج.
و ما نالحظه في هذا اإلطار أن العقوبات البديلة الواردة صلب الفصل الخامس من
المجلة الجزائية تقتصر على عقوبتين اثنتين هما العمل لفائدة المصلحة العامة والتعويض
الجزائي و كالهما أوكل فيهما المشرع مهمة متابعة التنفيذ للجهاز القضائي ،لكن في األولى
لفائدة قاضي تنفيذ العقوبات و في الثانية للنيابة العمومية ،فلماذا هذا التوزيع ؟ و الحال أن
كليهما بديل ل لعقوبة السجنية المحكوم بها صلب ذات الحكم القاضي بالعقوبة البديلة.
38
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
بالتالي فإن تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي يعود باألساس إلى ممثلي النيابة العمومية
و هم باألساس قاضي الناحية على مستوى محكمة الناحية و وكيل الجمهورية على مستوى
المحكمة االبتدائية و الوكيل العام على مستوى محكمة االستئناف.
تبرز خصوصية عقوبة التعويض الجزائي على مستوى آثاره المترتبة عن التنفيذ ()1
و على مستوى آثاره عند عدم االمتثال للتنفيذ (.)2
ترمي عقوبة التعويض الجزائي إلى تحقيق غايتين األولى تهتم بالجانب اإلصالحي
للمحكوم عليه و الثانية تهتم برد االعتبار للمتضرر المعتدى عليه.1
إذ بتنفيذ عقوبة التعويض الجزائي في األجل المحدد قانونا تسقط العقوبة المستبدلة
أي عقوبة السجن المحكوم بها مع اإلفراج عن المحكوم عليه إن كان بحالة إيقاف طبق ما
جاء بالفصل 151مكرر من م.إ.ج الذي ينص على أنه " يترتب عن تنفيذ عقوبة التعويض
الجزائي في األجل المذكور بالفصل 25رابعا من المجلة الجزائية سقوط عقوبة السجن
المحكوم بها و يفرج عند االقتضاء على المحكوم عليه".
كما أضاف الفصل 116ثالثا من م.إ.ج في فقرته األخيرة انه "و إذا كان المحكوم
عليه موقوفا تتولى النيابة العمومية إعالم السجن باألذن باإلفراج على المحكوم عليه في
صورة عدم اإلدالء بما يفيد عدم حصول الطعن باالستئناف و تنفيذ مقتضيات الحكم
بالتعويض الجزائي في األجل المحدد قانونا " .هذا باإلضافة إلى عدم إدراج الحكم الصادر
بعقوبة التعويض الجزائي ببطاقة السوابق العدلية عـ1ـدد.
-1عبد الحكيم جمعة :مداخلة بعنوان :تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي – دورة دراسية نظمت بالمعهد األعلى للقضاء – 3020-02-32ص 9
39
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
في صورة عدم التنفيذ من طرف المحكوم عليه لعقوبة التعويض الجزائي في األجل
القانوني تتولى النيابة العمومية مباشرة إجراءات تنفيذ عقوبة السجن المحكوم بها كاملة ،فإذا
كان المحكوم عليه بحالة سراح يتم تحرير محضر في شأنه يحيله ممثل النيابة العمومية
على كاتب التنفيذ الذي يحرر في شأنه مضمون تنفيذي في عقوبة السجن كما وردت بنص
الحكم ثم إحالته على الجهة األمنية المختصة ترابيا لتنفيذه .و إذا كان المحكوم عليه بحالة
إيقاف فإن مفعول بطاقة اإليداع يبقى ساري المفعول و يستمر تنفيذ العقوبة السجنية إلى
حين اإلدالء بما يفيد دفع مبلغ التعويض لفائدة المتضرر أو تأمينه لدى القباضة المالية
المعنية و االستظهار بوصل التأمين.
هذا ما جاء بمحتوى الفصل الخامس من المجلة الجزائية من عقوبات بديلة للعقوبة
السجنية من حيث شروطها و كيفية تنفيذها ،و رغم محدودية النص إال أن التفعيل بقي
بدوره محدودا في الواقع باعتبار و أن المشرع و لئن حدد هاتين العقوبتين بنصوص قانونية
إال أنه ترك باب االجتهاد في تفعيلها للمحكمة فهل حظيت هذه العقوبات بجانب من
االهتمام القضائي في سبيل تفعيلها ؟
40
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
رغم محدودية النص القانوني في تعداده للعقوبات البديلة فإن التعريف الضيق لهذه
األخيرة بأنها ترك الحرية الجتهاد القاضي في تطبيق العقوبات البديلة و تكريسها كبديل
يجعلنا نتساءل عن أوجه تفعيل هذه العقوبات و على محدوديتها 1
للعقوبة السجنية األصلية
على أرض الواقع من طرف المحاكم التونسية و هو ما سنتناوله بالبحث في (مبحث أول )،
و إذا سلمنا بأن التفعيل موجود أو بالكاد يكون موجودا فإن هذا األمر يدفعنا إلى البحث عن
عوائق هذا التفعيل من خالل بيان األسباب و تقصي النتائج و هو محور (المبحث الثاني) .
إن اإلقرار بوجود تفعيل للعقوبات البديلة على أرض الواقع و إن كان محتشما من
طرف جل المحاكم بمختلف درجاتها يدفع إلى البحث عن دور القضاء في تفعيل العقوبات
البديلة من جهة (فقرة أولى) و عن فوائد هذا التفعيل من جهة ثانية (فقرة ثانية) .
-1بدائل السجن :دورة دراسية نظمت بمقر المعهد األعلى للقضاء .السبت 9مارس – 3002المنجي االخضر :مداخلة بعنوان :بدائل
العقوبات البدنية ص .22
41
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
إن السؤال المطروح في هذا الموضوع هو من يفعل العقوبات البديلة التي أتى بها
القانون التونسي ؟ و هل هناك تفعيل لهذه العقوبات على أرض الواقع أم ال ؟ و لإلجابة
عن هذه التساؤالت سنتطرق إلى دور القضاء في تفعيل العقوبات البديلة عند التصريح
بالحكم (أ) ثم عند تنفيذ الحكم (ب) .
يتدخل القضاء لتفعيل العقوبات البديلة عند التصريح بالحكم في مناسبة أولى،
فالعقوبات البديلة المطلوب تفعيلها من طرف المحاكم تتمثل في عقوبتي العمل لفائدة
المصلحة العامة و التعويض الجزائي بدال عن العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة.
أما المحاكم الجزائية التونسية المنوط بعهدتها تطبيق العقوبات البديلة فهي محاكم
النواحي و الدوائر الج ناحية االبتدائية بالمحاكم االبتدائية و الدوائر الجناحية االستئنافية
بمحاكم االستئناف.
فمنذ تعديل الفصل 5من م.ج بموجب قانون 2777أصبح للمحكمة الجزائية أن
تستبدل بنفس الحكم عقوبة السجن التي ال تتجاوز مدتها عام واحد بعقوبة العمل لفائدة
المصلحة العامة بدون أجر و ذلك ل مدة ال تتجاوز ستمائة ساعة عمل بحساب ساعتين عن
كل يوم سجن.
كما أصبح للمحكمة الجزائية بموجب قانون 1117أن تستبدل بنفس الحكم عقوبة
السجن بعقوبة التعويض الجزائي في المخالفات و الجنح التي يقضى فيها بعقوبة سجنية
أقصاها ستة أشهر.
42
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
و رغم جرأة المشرع التونسي في تكريسه للعقوبات البديلة المتمثلة في عقوبتي العمل
لفائدة المصلحة العامة و التعويض الجزائي ،فإن المحاكم التونسية بصفة عامة
و القضاة المعنيين بالتفعيل بصفة خاصة لم يتجاوبوا بالقدر المطلوب معها ،إذ تفيد
اإلحصائيات التي تم رصدها للغرض أن تفعيل المحاكم على اختالف درجاتها للعقوبات
البديلة هو تفعيل محتشم إن لم نقل منعدم في البعض منها بالتالي لم يرق إلى النتائج
المنتظرة من إرسائها رغم الصالحيات الكبيرة المتوفرة للقضاة بقصد تفريد العقاب الذي كان
سابقا خيا ار ممنوحا للقضاء لكنه أصبح اليوم واجبا مهنيا و أخالقيا مفروضا عليه لما له من
فوائد جمة .
لذا البد من االقتناع بمبررات إقرار المشرع التونسي لهذه العقوبات البديلة التي
فرضتها حالة الضرورة ،بعدما ثبت لنا عدم جدوى و نجاعة العقوبة التقليدية للسجن في
إصالح الجناة و على القضاة أن يولوا اهتماما لهذه العقوبات قصد تفعيلها على أرض الواقع
لتحصل اإلفادة التشريعية من إرسائها و اإلفادة العملية من تطبيقها ،و عليهم تفعيل ما يلزم
من التقنيات المتوفرة لديهم قصد إصالح الجناة و محاولة إعادة إدماجهم في حظيرة المجتمع
أثناء معالجتهم للجرائم التي ال تكتسي خطورة كبيرة على المجتمع ككل.1
لذا فإن مهمة القضاء في تفعيل العقوبات البديلة الموجودة تتمحور حول الوقاية من
الجريمة و مكافحة ظاهرة العود المتفشية لذا ال بد من التفعيل .فرغم مرور ما يقارب سبعة
عشر سنة على إرساء عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة و ما يقارب السبع سنوات على
إقرار عقوبة التعويض الجزائي كعقوبتين بديلتين للعقوبة السالبة للحرية و الوحيدتين
المقررتان أثناء فترة المحاكمة فإن التطبيق ظل دون المأمول اقتناعا من القضاة بانعدام
القيمة الردعية للبدائل المستحدثة في قانوننا التونسي هذا باإلضافة إلى عدة عوائق تحول
-1العقوبات البديلة – العمل لفائدة المصلحة العامة : -دورة دراسية نظمت بمقر المعهد األعلى للقضاء يوم الخميس 22نوفمبر 3002ص2
43
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
دون التفعيل ،و لكن و على الرغم من ذلك يجب أن ال تحول هذه المبررات دون تفعيل
العقوبات البديلة من طرف محاكمنا على اختالف درجاتها .
بالتالي يتمثل دور القاضي الج ازئي عند الحكم في اختيار العقاب الذي يتناسب
و يتالءم و شخصية الجاني من بين جملة العقوبات المقررة قانونا لفائدته .و قد خول
المشرع بالقانونين عـ97ـدد و عـ 69ـدد أنه كلما توفرت شروط العقاب البديل فإنه يتوجب على
المحكمة تفعيله و الحكم به خدمة لمقاصد المشرع من تكريسه لهذا النوع من العقوبات .
لكن اإلحصائيات المرصودة لذلك (الملحق عـ2ـدد) أفرزت نتائج دون المأمول ،إذ
و منذ إرساء عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة في 2777-19-11إلى موفى شهر
سبتمبر 1111بلغ عدد األحكام القاضية بهذه العقوبة البديلة خمسة عشر حكما صدرت
عن محاكمنا بدرجاتها المختلفة و هو عدد ضئيل جدا إذا ما احتسبنا عدد المحاكم الموجودة
لدينا فلماذا هذا العزوف إذن ؟ ربما يعود ذلك إلى أن عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة
غير معلومة.
لكن منذ سنة 1111بدأ العمل على تفعيل هذا العقاب البديل ليشهد تارة ارتفاعا
و طو ار تراجعا ملحوظا على األحكام القاضية به .إن المتأمل في اإلحصائيات التي وقع
رصدها في الغرض يالحظ أن نسبة تفعيل عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كعقوبة بديلة
للعقوبة السجنية بلغ أقصاه خالل السنة القضائية 1121-1117ليصل إلى 2159حكما
و هي أعلى نسبة بلغ فيها مستوى التفعيل حيث سجلت المحاكم االبتدائية بكامل تراب
الجمهورية 592حكما قاضيا بهذه العقوبة البديلة .لكن انطالقا من السنة القضائية
1122-1121بدأ التفعيل يشهد تراجعا مستم ار و ملحوظا إذ بلغ عدد األحكام المسجلة
خالل سنة 77 1121حكما فقط و لعل مرد ذلك يعود إلى عزوف المحاكم عن تفعيل
العقوبات البديلة فما هي أسباب هذا العزوف يا ترى؟ و هو ما سنتناوله بالبحث الحقا ،فمما
ال شك فيه أن الميدان العملي افرز ظهور عدة صعوبات و مشاكل على مستوى تنفيذ هذه
44
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
العقوبة مما دفع بالمحاكم إلى تجاهلها في أغلب األحيان .علما و أن عملية إحصاء
العقوبة البديلة المتمثلة في العمل لفائدة المصلحة العامة يتم على مستوى كل محكمة وفق
مطبوعة معدة للغرض (ملحق عـ2ـدد) توجد بكل محكمة و يتم بموجبها إحصاء عدد
األحكام القاضية بها عن كل شهر ثم تجميعها آخر كل سنة و إرسالها إلى المصالح المعنية
بإحصاء هذه العقوبات.
هذا و قد صدرت عدة أحكام قاضية بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة من بينها
األحكام عدد 1595و 1919و 9119و هي أحكام قضت باستبدال العقوبة السجنية
بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة وهي مظروفة (بالملحق عـ3ـدد) ،و هذه األحكام لم يقع
تلخيصها باعتبار و أنه ال ي قع استئنافها ألنه ليس من مصلحة المتهم استئنافه و ليس من
مصلحة النيابة العمومية كذلك استئنافه كلما توفرت شروط العقوبة البديلة خاصة أمام الدعوة
الملحة لتفعيل العقوبات البديلة.
أما عن اإلحصائية التي تم إعدادها فيما يتعلق بتفعيل عقوبة التعويض الجزائي من
عدمها (الملحق عـ2ـدد) فمنذ إرساء هذه العقوبة في 1117فقد بلغ عدد المحكوم عليهم
بها أقصاه خالل السنة القضائية 1121-1117ليصل العدد الجملي لألحكام 2911حكما
أغلبها صادرة عن محاكم النواحي التي استأثرت ب 799حكما قاضيا بعقوبة التعويض
الجزائي .
و من بين هذه األحكام نذكر الحكم الجناحي الصادر عن المحكمة االبتدائية بتونس
تحت عـ21715ـدد بتاريخ ( 1121-17-21ملحق عـ3دد) و الذي قضى باستبدال عقوبة
السجن المحكوم بها إلثنين من المتهمين بعقوبة التعويض الجزائي ،إال أن هذه األحكام و
على قلتها فقد كان مصير البعض منها االستئناف و من أمثلة ذلك هذا الحكم المذكور
أعاله والذي تم استئنافه لتنتهي محكمة االستئناف بتونس في حكمها عـ21591ـدد بتاريخ
1122-12-12بإقرار الحكم االبتدائي الصادر في شأن العقوبة البديلة (ملحق عـ3ـدد) ،
45
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
ونفس الحكم عرف الطعن بالتعقيب و ما كان لمحكمة التعقيب إال الحكم بالنقض مع اإلحالة
على محكمة االستئناف لتنظر فيها بهيئة أخرى ،إال أن هذه األخيرة بحكمها عـ1711ـدد
بتاريخ 1121-15-11قضت بإقرار الحكم االبتدائي فيما يتعلق بعقوبة التعويض الجزائي
كبديل للعقوبة السجنية (ملحق عـ3ـدد) .
و ما نعيبه في هذا الحكم أنه تم الطعن فيه باالستئناف و التعقيب في الوقت الذي
نطالب فيه المحاكم بمزيد تفعيل العقوبات البديلة من خالل تواتر المناشير الصادرة في
الغرض و الحكم بها حتى ال تبقى النصوص القانونية المحدثة بشأنها مهجورة .فلماذا يتم
استئناف هذه األحكام القاضية باستبدال العقوبة السالبة للحرية بالعقوبة البديلة التي تظل
دائما نادرة الوجود ؟ لذا ما نأمله جميعا بعد أن يتم تفعيل العقوبات البديلة من طرف
محاكمنا أن ال استئنافها خاصة إذا توفرت فيها جملة الشروط المطلوبة للنطق بها.
ثم بدأ تفعيل هذه العقوبة يعرف تراجعا وصل إلى تسجيل 192حكما قاضيا
بالعقوبة البديلة المتعلقة بالتعويض الجزائي فقط خالل السنة القضائية 1121-1122و قد
استأثرت محاكم النواحي كالعادة بالنصيب األوفر منها مسجلة بذلك 167حكما خالل هذه
السنة.
وفي إحصائية أخرى تم ال قيام بها منذ دخول هذا القانون حيز التنفيذ إلى موفى
شهر أفريل 1122تشير إلى أن عدد األحكام وصل إلى 1126حكما لدى مختلف درجات
المحاكم اغلبها تم تسجيله لدى المحكمة االبتدائية بالقيروان حيث بلغ عدد األحكام بها 191
حكما ثم محكمة ناحية تونس أين بلغ عدد األحكام 111حكما ،أما أدنى األحكام فكان
التصريح بحكم وحيد خالل هذه الفترة بكل من المحكمة االبتدائية بصفاقس و نواحي طبربة
و الدهماني و تاجروين (ملحق عـ2ـدد) .فلماذا تختلف نسب التفعيل من محكمة ألخرى؟
46
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
رغم محدودية النص القانوني الذي اقتصر على عقوبتي العمل لفائدة المصلحة
العامة والتعويض الجزائي كعقوبتين بديلتين لعقوبة السجن المحكوم بها ،ونظ ار ألن تفعيل
هذه العقوبات البديلة يعد تفعيال محتشما على مستوى التطبيق القضائي البحت حسب ما
أفرزته اإلحصائيات التي تم رصدها للغرض فإن مهمة متابعة تنفيذ هاتين العقوبتين على قلة
األحكام المصرح بها قد عهدت إلى قاضي تنفيذ العقوبات بالمحكمة االبتدائية فيما يتعلق
بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ( )1و إلى جهاز النيابة العمومية فيما يتعلق بعقوبة
التعويض الجزائي (.)2
)1دور قاضي تنفيذ العقوبات في اإلشراف على تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة
العامة:
تغيرت مهمة القضاء و لم تعد تقتصر على إصدار األحكام بل أصبح القاضي
الجزائي عنص ار فاعال في منظومة مكافحة الجريمة و إصالح المجرمين و تأهيلهم و ال أدل
على ذلك هو إحداث مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات لما لها من أهمية على مستوى تنفيذ
47
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
بالنسبة ألعمال مراقبة تنفيذ العقوبة فإنها تعود للمصالح السجنية أساسا و في
بعض الصور لبعض الهيئات اإلدارية ،أما بالنسبة لقاضي تنفيذ العقوبات فيعود له متابعة
تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة.
جاءت مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات التي وقع إرسائها بموجب القانون عـ99ـدد
لسنة 1111المؤرخ في 1111-19-12و الواقع تنقيحه بموجب القانون عـ71ـدد لسنة
1111المؤرخ في 17أكتوبر 1111المنقح و المتمم لمجلة اإلجراءات الجزائية لتدعيم
صالحيات قاضي تنفيذ العقوبات ( ملحق عـ1ـدد) لتجعل من قضاء العقوبة الجزائية تحت
مراقبة و متابعة السلطة القضائية ،2إذ نص الفصل 111خامسا من م.إ.ج انه " :يقوم
بوظيفة قاضي تنفيذ ا لعقوبات لدى المحكمة االبتدائية قاض من الرتبة الثانية و يعوض في
صورة غيابه أو تعذر مباشرته لوظائفه بأحد قضاة المحكمة يعينه رئيسها ".إذ يتمثل دور
قاضي تنفيذ العقوبات في مراقبة تنفيذ العقوبة البديلة.
و الغاية من إنشاء هذه المؤسسة هو إخضاع مرحلة تنفيذ العقوبة لنوع من المراقبة
،إذ نص الفصل 116في فقرته الثانية من م.إ.ج بعد تنقيحه بموجب قانون عـ71ـدد لسنة
1111أنه " :يتولى قاضي تنفيذ العقوبات التابع له مقر إقامة المحكوم عليه أو التابع
للمحكمة االبتدائية الصادر بدائرتها الحكم إذا لم يكن للمحكوم عليه مقر إقامة بالبالد
التونسية متابعة تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة بمساعدة مصالح السجون ".
" -1العقوبات البديلة – العمل لفائدة المصلحة العامة " -دورة دراسية نظمت بمقر المعهد األعلى للقضاء يوم الخميس 22نوفمبر 3002ص. 9
-2علي كحلون :دروس في اإلجراءات الجزائية مجمع األطرش للكتاب المختص تونس 3008ص 202
48
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
وقد اقتضى تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة وجود جهاز قضائي مكلف
باإلشراف على التنفيذ و المتابعة و هذا الجهاز هو النيابة العمومية في بعض التشريعات
المقارنة كألمانيا و النمسا وقاضي تنفيذ العقوبات في فرنسا ،ويتم ذلك بالتنسيق مع هيئات
أخرى مثل هيئة المتابعة و المراقبة في فرنسا و هيئة العمل االجتماعي في انقلت ار . 1أما في
القانون التونسي و على غرار المشرعين الفرنسي والجزائري ،أوكل المشرع التونسي لقاضي
تنفيذ العقوبات مهمة تحديد آليات و تنظيم و مراقبة قيام المحكوم عليهم لعقوبة العمل لفائدة
المصلحة العامة كعقوبة بديلة عن العقوبة السجنية ،ويقوم بمتابعة تنفيذ هذه العقوبة
بمساعدة مصالح السجون التي كان لها هذا االختصاص قبل إرساء هذه المؤسسة الجديدة.
فبعد إحالة المضمون التنفيذي على قاضي تنفيذ العقوبات المختص ترابيا يصبح من
دور القاضي مراقبة جميع مراحل تنفيذ العقوبة البديلة طبق مقتضيات الفصل 116في فقرته
الثانية من م.إ.ج .و يتمثل أول عمل يقوم به قاضي تنفيذ العقوبات في استدعاء المحكوم
عليه طبق القانون و التحرير عليه فيما يتعلق بمقتضيات تنفيذ الحكم الصادر ضده بالعقوبة
البديلة المتمثلة في العمل لفائدة المصلحة العامة و إعالمه بكيفية تنفيذ الحكم وفق مطبوعة
مخصصة للغرض (ملحق عـ4ـدد) يتم تحريرها مشفوعة بإمضاء المحكوم عليه كالتزام منه
للقيام باإلجراءات المحمولة عليه و التي تم إعالمه بها مسبقا.
كما تتمثل صالحيات قاضي تنفيذ العقوبات وفق أحكام الفقرة الثالثة من الفصل
116من م.إ.ج في عرض المحكوم عليه على الفحص الطبي طبق الفصل 29مكرر من
م.ج .
إذ يتولى مكاتبة مدير السجن المدني القريب من مقر إقامة المحكوم عليه للقيام
بعملية فحصه من طرف طبيب السجن وفق مطبوعة معدة للغرض ( ملحق عـ4ـدد )
و على إثر القيام بذلك يتم إنجاز تقرير في الغرض حول الوضعية الصحية للمعني باألمر
و إرساله إلى القاضي المشرف على التنفيذ من جديد للنظر في مدى قدرة المحكوم عليه
للقيام بهذا العمل .بعد ذلك يقوم قاضي التنفيذ بتحديد المؤسسة المشغلة اعتمادا على القائمة
المعدة تطبيقا للفصل 29من م.ج مع التحقق من توفر الحماية الكافية بها ضد حوادث
الشغل و التغطية الصحية ،و كمثال عن ذلك فإن قاضي تنفيذ العقوبات بالمحكمة
االبتدائية بتونس يقوم بإحالة المحكوم عليهم بالعمل لفائدة المصلحة العامة وفق مطبوعة
محررة في الغرض (ملحق عـ4ـدد) على وكيل الجمهورية بالمحكمة المذكورة للنظر في
إمكانية قبول المحكوم عليهم بالعقوبة البديلة للعمل داخل المحكمة االبتدائية ذاتها كمؤسسة
مشغلة و تحديدا بمصلحة األرشيف بها وذلك لتفادي إشكالية تخوف المؤسسات األخرى
(ملحق المعنية بالتشغيل ،و بعد قبوله بهذه المؤسسة يتم إعداد قائمة حضور يومية
عـ4ـدد) تخص المحكوم عليه لمتابعة قيامه بالعمل من دونه وتتضمن هذه القائمة هوية
المحكوم عليه ،اليوم الذي حضر فيه ،وعدد الساعات المقضاة وامضائه آخر كل يوم
ويقع إعالمه كتابيا بكل ما يط أر أثناء قضاء العقوبة ،و عند إتمام الساعات المحكوم بها
ضده يتسلم المعني باألمر بطلب منه شهادة في تنفيذ العقوبة البديلة مسلمة من قاضي تنفيذ
العقوبات (ملحق عـ4ـدد) كما يقوم هذا األخير بتحرير تقرير في مآل التنفيذ يحيله على
النيابة العمومية التي تبقى في عالقة دائما مع قاضي تنفيذ العقوبات أثناء متابعته لتنفيذ
عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ،.و عند الضرورة يمكنه تعديل التدابير المتخذة وفق
النظام المشار إليه بعد موافقة وكيل الجمهورية ،كما يجوز له أيضا تعليق تنفيذ عقوبة
العمل لفائدة المصلحة العامة ألسباب صحية أو عائلية أو مهنية أو عند إيداع المحكوم
عليه ا لسجن من أجل جريمة أخرى أو عند قضاء الخدمة الوطنية وعلى المحكوم عليه في
هذه الحالة إعالم قاضي تنفيذ العقوبات بكل تغيير لمقر إقامته .1هذا و يعد المشرع
الفرنسي أكثر تطو ار في هذا المجال من نظيره التونسي غذ تناول باإلضافة إلى كل ذلك
مسألة البحث االجتماعي و أعط ى لقاضي تطبيق العقوبات إمكانية إجراء هذا البحث لنفسه
أو بواسطة الضابطة العدلية أو الموظفين االجتماعيين و ذلك لمعرفة شخصية المحكوم عليه
و خاصة درجة خطورته و مكان إقامته ...1
و إذا تخلف المحكوم عليه بالعقوبة البديلة عن الحضور للتحرير عليه و عرضه
على الفحص الطبي رغم استدعائه طبق القانون أو تخلف عن مباشرته العمل لفائدة
المصلحة العامة رغم عرضه على الفحص الطبي يتم تحرير تقرير في شانه يوجه إلى النيابة
العمومية التي تباشر حينئذ اإلجراءات العادية لتنفيذ األحكام الجزائية (ملحق عـ4ـدد).
وفي صورة ما إذا كان قاضي تنفيذ العقوبات غير مختص ترابيا فإنه يقوم بإحالة
ملف القضية الجزائية المعروض عليه على القاضي المختص ترابيا بالمحكمة االبتدائية
مرجع نظره ليقوم هو باإلشراف على متابعة تنفيذ العقوبة البديلة وفق مطبوعة يتم تحريرها
في الغرض (ملحق عـ4ـدد) .
تعتبر النيابة العمومية الجهة المختصة بتنفيذ األحكام الجزائية ،و هنا يجب
التمييز بين إجراءات تنفيذ األحكام الجزائية و إجراءات مراقبة تنفيذ العقوبة التي يعهد بها
إلى هياكل مختصة إدارية أو قضائية.
-1أنيس ضيف هللا :دور قاضي تنفيذ العقوبات في تحقيق أهداف السياسة العقابية المعاصرة م ق ت أفريل 3023ص 22-22
-2علي كحلون :المرجع المذكور سابقا ص 282
51
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
هذا و تباشر أعمال التنفيذ على مستوى محكمة الناحية و المحكمة االبتدائية
و محكمة االستئناف و يتجسم دور النيابة العمومية في تنفيذ الحكم الجزائي من خالل
اإلمضاء على جميع أوراق التنفيذ و مراقبة أعمال الكتابة الذين يقومون بتحرير المضامين
التنفيذية قبل إحالتها على النيابة العمومية للمراقبة و اإلمضاء باعتبار و أن أعمال التنفيذ
تتواله ا الكتابة ممثلة في قسم التنفيذ بالسجن المعني بها و الذي يتولى تنفيذ األحكام القاضية
بالسجن ومن بينها األحكام القاضية باستبدال عقوبة السجن بعقوبة التعويض الجزائي .1
أما عن كيفية تنفيذ حكم جزائي قاضي باستبدال عقوبة السجن بعقوبة التعويض
الجزائي فإن هذا المثال المعروض مستمد من تنفيذ حكم استئنافي صادر في الغرض عن
محكمة االستئناف بتونس تحت عـ21591ـدد بتاريخ 1122-12-12و الذي أقر ما
حكمت به محكمة البداية في القضية عـ21715ـدد بتاريخ 1121-17-21عندما قضت
باستبدال عقوبة السجن المحكوم بها بعقوبة التعويض الجزائي ،فلتنفيذ هذا الحكم من طرف
ممثل النيابة العمومية يجب التثبت من مدى احترام المحكوم عليه لألجل القانوني من عدمه
عند قيامه بتنفيذ عقوبة التعويض الجزائي .و يتمثل األجل القانوني الوارد بالفصل 25رابعا
من م.ج في أن التنفيذ يجب أن يتم خالل أجل ثالثة أشهر من تاريخ انقضاء أجل الطعن
باالستئناف في الحكم االبتدائي أو من تاريخ صدور الحكم نهائي الدرجة.
فبعد تقديم مطلب في الغرض قصد إيقاف تنفيذ هذا الحكم لوقوع الخالص خالل
األجل القانوني أي خالل ثالثة أشهر من تاريخ صدور الحكم نهائي الدرجة باعتباره صاد ار
عن محكمة االستئناف ،وفي هذه الحالة يقدم المطلب إلى الوكيل العام لدى محكمة
االستئناف (وثيقة مرفقة ضمن الملحق عـ5ـدد) و من خاللها يطلب المستفيد من العقوبة
البديلة إيقاف تنفيذ الحكم اإلستئنافي المذكور أعاله لقيام المحكوم عليه بتنفيذ الحكم المتعلق
بالتعويض الجزائي لفائدة المتضرر من الفعل غير المشروع ،حيث تم العرض والقبول
حسب محضر عرض المال المرفق (بالملحق عـ5ـدد).
وبعد استكمال اإلجراءات القانونية في تنفيذ هذا الحكم يقوم ممثل النيابة العمومية
بإصدار قرار في إيقاف التنفيذ (ملحق عـ5ـدد) يتمحور حول سقوط العقاب البدني المحكوم
به في القضية الجزائية المذكورة أعاله بموجب تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي ويقوم بإمضائه
و إحالته فيما بعد على قسم التنفيذ إلجراء ما يلزم من األعمال بشأنه من ذلك أن المحكوم
عليه بإمكانه الحصول على نسخة من القرار القاضي بسقوط العقاب البدني بموجب تنفيذ
عقوبة التعويض الجزائي خالل األجل القانوني.
هذا كل ما يتعلق بدور القضاء في تفعيل العقوبات البديلة سواء عند التصريح
بالحكم أو عند تنفيذه ،و رغم أن التفعيل محتشم في مجمله فإن له عدة فوائد يمكن أن تعود
على األطراف المتداخلة من جهة و على المؤسسات المعنية من جهة أخرى.
مع تطور الفلسفة العقابية و تطور وظيفة العقاب من إيالم الجاني إلى إصالحه
و تقويم سلوكه ،أصبحت عقوبة السجن محل نقد من طرف عديد المفكرين الذين أروا
السجن خطأ البد من تداركه بالبحث عن بدائل له تتناسب و شخصية كل متهم .
و لقد ثبت من خالل التجارب مساوئ السجن و فشله بوصفه مؤسسة إصالحية
تكفل إصالح المتهم ،ومن سلبيات التصريح بعقوبة السجن بروز ظاهرة االكتظاظ في
السجون من جهة و نتائجه السلبية على شخصية المحكوم عليهم من جهة أخرى خاصة
المبتدئين منهم .لذا بدأ التفكير في البحث عن عقوبات بديلة تكفل صيانة شخصية المتهم
عن آثار السجن السلبية ،فرغم محدودية النص القانوني و اقتصاره على عقوبتين فقط
53
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
بديلتين للعقوبة السجنية فإن تفعيل العمل بهما من طف القضاء يحقق عدة فوائد على
األطراف المتداخلة (أ) و على المؤسسات المعنية (ب) .
إن في إقرار العقوبات البديلة عدة فوائد سواء بالنسبة للقاضي ( )1أو بالنسبة
للمتضرر ( )2أو بالنسبة للمتهم بدرجة أهم لما للتفعيل من مساس بحقه في الحرية (.)3
إن في تفعيل العقوبات البديلة الواردة بالنص القانوني على محدوديتها تحقيق
لسياسة عقابية تهدف إلى أنسنة العقوبة و من خاللها يمنح القاضي مجاال أوسع الختيار
العقوبة المناسبة من خالل إعطائه سلطة تقديرية واسعة لتقرير الجزاء الذي يتالءم
و شخصية المتهم .
بالتالي فإن اللجوء إلى تفعيل هذه العقوبات البديلة من شأنه أن يرفع الحرج على
القاضي إذا وج د نفسه في وضعيات شائكة و يصعب عليه اختيار العقوبة المناسبة التي قد
يكون فيها إجحاف بحق المتهم في صورة الحكم عليه بالسجن نظ ار للنتائج السلبية المنتظرة
منه من خالل تكييفه مع ظروف السجن و معتادي اإلجرام و قد يكون فيها إجحاف بحق
المجموعة إذا أعفى المتهم من عقوبة السجن.
تهدف عقوبة التعويض الجزائي المقررة لفائدة المحكوم عليه من تسليط تعويض
مالي عليه يدفع لفائدة المتضرر من الفعل اإلجرامي في وقت قصير تعويضا له عن ضرره
الشخصي و المباشر من الجريمة دون أن يحول ذلك التعويض من قيامه بالحق الشخصي
و المطالبة بالتعويض المدني الالحق به.
54
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
نظ ار لمحدودية العقوبة السجنية قصيرة المدة كأداة إصالح ،ظهرت العقوبة البديلة
لما لها من فائدة على المتهم من خالل العمل على إعادة تأهيله و إدماجه و تحقيق المعادلة
. 1
بين التقيد بحقوق اإلنسان من ناحية و معالجة االنحراف من ناحية أخرى
للعقوبات البديلة المحدثة أهداف اجتماعية و أخرى إصالحية تعود بالنفع على
المحكوم عليهم المنتفعين بها .فبالنسبة لألهداف االجتماعية فقد أدى التطور في فلسفة
العقاب خاصة مع مدرسة الدفاع االجتماعي إلى تحويل االهتمام من الفعل المرتكب
و خطورته إلى االهتمام أكثر بشخصية المتهم و اعتباره في اختيار العقاب المناسب
. 2
و شخصية المتهم و متالئم ومقتضيات اإلدماج االجتماعي
كما أثبتت الدراسات أن إدخال المنحرف المبتدئ إلى السجن من شأنه أن يؤدي إلى
نتائج سلبية نظ ار لعدم نجاعة العقوبة السجنية قصيرة المدة في اإلصالح ،لذا كان التوجه
نحو تكريس العقوبات البديلة لما لها من دور إصالحي يعود بالنفع على شخصية المتهم
و نفسيته و مستواه الفكري و نوعية المهنة التي يمارسها و محيطه األسري ،إضافة إلى
الحرص على عدم نبذ أي فرد من أفراد المجتمع مع الحرص على إبقائه داخل محيطه
العائلي و االجتماعي فال يفقد إنسانيته و ال يصاب باإلحباط.
كما أنه في تفعيل عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة لها بعد إصالحي بحت من
خالل تهذيب سلوك الجاني و إدماجه في المجتمع في وسط مفتوح .بالتالي تصبح العقوبة
البديلة إجراءا إصالحيا يهدف إلى بعث سلوك نبيل في نفس الجاني و الحيلولة دون عودته
إلى سلك اإلجرام خاصة و أنها تعنى بالمجرم المبتدئ و بمرتكب الجريمة البسيطة التي ال
،كما تهدف هذه العقوبة إلى تجنيب المحكوم عليه من 3
تشكل خطورة كبيرة على المجتمع
-1داود الزنتاني :دور العقوبة البديلة في إصالح المتهم م ق ت أكتوبر 3002ص 222
-2داود الزنتاني :نفس المرجع ص 221
-3داود الزنتاني :المرجع مذكور سابقا ص 220
55
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
قضاء العقاب بالمؤسسة السجنية وتشريكه في اختيار العقوبة المناسبة باعتبار وأن إقرار
عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة أعطى المتهم هذه الصالحية لالختيار عندما تعرض
عليه العقوبة.
ولهذه العقوبة البديلة أهداف إنسانية و إصالحية باعتبار و أن المحكوم عليه لن
يعزل عن محيطه األسري و االجتماعي و المهني و في تنفيذها ال يعيقه عن سير حياته
العائلية و المهنية بصفة عادية و يجنبه عدة مشاكل اجتماعية و نفسية .ففي إرساء عقوبة
العمل لفائدة المصلحة العامة يجعلها جديرة باالهتمام من طرف الهيئات القضائية المعنية
بالتفعيل و إعطاء الفرصة للمخالف للتفاعل معها و توظيفها حتى ترتفع عدد األحكام
الجناحية الصادرة عن مختلف المحاكم بالنسب المنتظرة من إرسائها .
من فوائد تفعيل العقوبات البديلة أيضا وقاية المحكوم عليه المبتدئ من االختالط
بمجرمين متأصلين في اإلجرام ،مختلفين في السن و التوجه اإلجرامي و توفير اآلليات
الكفيلة بإصالحه خارج السجن وهو ما يضمن له الحق في الحرية و حق أسرته في الرعاية
و اإلحاطة ،فالحق في الحرية حق دستوري نص عليه الفصل 12من الدستور التونسي
الجديد في فقرته الثانية .1
يعود تفعيل العقوبات البديلة بالنفع ال فقط على األطراف المتداخلة و إنما على
المؤسسات المعنية بها و نعني بذلك المؤسسة السجنية من جهة ( )1و المؤسسة المشغلة
من جهة أخرى (.)2
-1الفصل 32من الدستور التونسي في فقرته الثانية " :تضمن ال دولة للمواطنين و المواطنات الحقوق و الحريات الفردية و العامة و تهيئ لهم
أسباب العيش الكريم ".
56
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
تعد مؤسسة السجن مؤسسة مكلفة نظ ار لكثرة المصاريف التي يتم رصدها إلدارتها
و مقراتها و موظفيها و أعوانها ومن تجهيزات و مصاريف لفائدة السجناء ،وهذه المصاريف
في تزايد بسبب تنامي الظاهرة اإلجرامية .
لذلك كان البد من تفعيل العقوبات البديلة لما لها من فائدة كبيرة في تجنيب العديد
من المبتدئين من دخول السجن فيما يتعلق بالجرائم البسيطة و قصيرة المدة .
إذ يساهم التفعيل في التخفيف من أعباء الخزينة العامة لما تتطلبه المؤسسات
السجنية من مصاريف إدارات و مقرات و تجهيزات و أعوان ،إضافة إلى التخفيف من
اكتظاظ المؤسسات السجنية بالتالي فإن أهم فائدة تعود على السجون هي الحد من ظاهرة
االكتظاظ بها .
)2بالنسبة للمؤسسة المشغلة فيما يتعلق بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة:
لئن حدد المشرع التونسي صلب الفصل 29من م.ج المؤسسات المنتفعة بقبول
المحكوم عليهم بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة إال أنه لم يحدد قائمة حصرية في هذه
المؤسسات و تركها على إطالقها ،فالمؤسسة المشغلة أيا كانت إذا ما قبلت المحكوم عليه
فإنها ستستفيد من تشغيله باعتبارها ستنتفع بخدماته المجانية التي يكفر من خاللها عن
أخطائه المرتكبة ،هذا باإلضافة إلى تشريك المؤسسات المفتوحة في تنفيذ األحكام الجزائية
القاضية باستبدال عقوبة السجن بالعمل لفائدة المصلحة العامة و في ذلك تحول كبير في
منظومة القضاء الجزائي و إخراج دائرة التنفيذ من ضيق السجون و رقابة القضاء إلى
مؤسسات مفتوحة على العالم الخارجي.
لئن تعرضنا إلى أوجه التفعيل من خالل بيان دور القضاء في تفعيل العقوبات
البديلة و الفوائد المترتبة عن هذا التفعيل ،إال أن اإلحصائيات التي تم رصدها في الغرض
57
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
بينت أن التفعيل موجود إال أنه تفعيل محتشم نظ ار لوجود عدة عوائق تحول دون التفعيل
ففيما تتمثل هذه العوائق ؟ و ما هي الحلول الكفيلة بإزالتها ؟
لئن بينت اإلحصائيات المعتمدة وجود تفعيل للعقوبات البديلة من طرف اإلطار
القضائي المعني بذلك إال أنه ظل تفعيال محتشما (فقرة أولى) نتيجة الصعوبات التي
يواجهها القضاة أثناء التطبيق (فقرة ثانية) .
أفرزت اإلحصائيات التي وقع القيام بها من طرف المصالح المعنية بها أن نسبة
ت طبيق المحاكم بمختلف درجاتها للعقوبات البديلة الواردة في النص منذ إرسائها هي نسبة
ضعيفة مقارنة بعدد المحاكم الموجودة و عدد األحكام المصرح بها ،وهو ما يعني تراجعا
كبي ار في تطبيق العقوبات البديلة في السنوات األخيرة من قبل الدوائر الجناحية االبتدائية
و االستئنافية و محاكم النواحي و هو ما يدفع إلى البحث عن أسباب عدم تفعيل العقوبات
البديلة (أ) ثم بيان نتائج عدم التفعيل (ب) .
يعد التطبيق القضائي للعقوبات البديلة التي وقع تكريسها من المشرع التونسي تطبيقا
محتشما و ترجع المصالح المعنية محدودية عدد األحكام الصادرة في هذا اإلطار إلى طبيعة
العقوبة في حد ذاتها و كيفية تنفيذها من ذلك عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ،إضافة
58
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
إلى عدم لج وء القاضي للحكم بالعقوبات البديلة و اقتصاره على العقوبات الكالسيكية التي
تعود الحكم بها .
كما تستوجب هذه العقوبات من المحكمة دراسة شاملة لمختلف ظروف ومالبسات
الجريمة المرتكبة و المعطيات الشخصية المتصلة بالمتهم إضافة إلى جملة الشروط المتصلة
بالمتهم كأن يكون نقي السوابق العدلية و قبوله إبدال العقوبة ،و التأكد من سالمته
الصحية بعرضه على الفحص الطبي وقدرته على القيام بالعمل المطلوب منه فيما يتعلق
بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة .
كذلك يعد رفض المتهم استبدال عقوبة السجن بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة
بعد إعالمه بحقه في الرفض و تسجيل جوابه بمحضر الجلسة طبق مقتضيات الفصل 25
ثالثا من م.ج ،أو قبوله استبدالها و تعذر إضافة بطاقة السوابق العدلية لملف القضية ،من
األسباب التي تحول دون تفعيل هذه العقوبة .
أما إذا تبين للمحكمة أن المتهم معسر و غير قادر على تعويض المتضرر عما
اقترفه تجاهه من أفعال نتيجة حالة الفقر و الخصاصة التي يعانيها ،فإن ذلك ال يجيز
للمحكمة إمكانية تطبيق عقوبة التعويض الجزائي عليه كعقوبة بديلة نظ ار لما سيترتب عنه
من إشكاليات عند التنفيذ.
كما أن عدم وجود مؤسسة مختصة تعنى باستقطاب المحكوم عليهم بالعقوبة البديلة،
و عدم وجود قائمة حصرية للمؤسسات المشغلة يعيق عمل القاضي على مستوى التفعيل
والتطبيق ،إذ أفرز الواقع العملي عدم قبول المؤسسات المنتفعة لفكرة التشغيل من أصله
رغم م جانيته وهو عائق يحول دون لجوء القضاة للتصريح بعقوبة العمل لفائدة المصلحة
العامة.
59
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
هذا و تفيد المصالح القضائية أن التطبيق العملي للقانون المتعلق بعقوبة العمل
لفائدة المصلحة العامة كشف وجود بعض الصعوبات العملية منها الشرط المتعلق بإعراب
المتهم عن ندمه و الذي تم إلغائه فيما بعد وهو يفترض أن يكون المتهم معترفا بالتهمة
المنسوبة إليه ،لكن الواقع العملي يؤكد لجوء المتهم في أغلب األحيان إلى اإلنكار وبالتالي
يتعذر على القاضي تفعيل عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة و هذه الصعوبة تعرض لها
القضاة منذ إرساء هذه العقوبة إلى حين إلغاء الشرط المتعلق بإعراب المتهم عن ندمه ،و
رغم ذلك مازال التفعيل دون المأمول.
من العوائق األخرى كذلك أن عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ال يتم الحكم بها
من طرف الدوائر الجناحية في أغلب األحيان ألن المفاوضة تكون في جلسة مكتبية و في
كنف السرية ،وعند التفاوض ال يمكن أخذ رأي المتهم باعتباره غير حاضر و المفروض
عند التصريح بالعقوبة البديلة أن يكون المتهم حاض ار بالجلسة و يصرح بقبوله استبدال
عقوبة السجن بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة .
بينت الدراسات الجزائية الحديثة خطورة الحكم بالعقوبة السجنية خاصة بالنسبة
ألنماط معينة من الجناة التي يعكس سلوكها خطورة جزائية ضئيلة على المجتمع كالمجرم
بالصدفة الذي ال يستحق أن يودع بالسجن خاصة إذا كانت المدة قصيرة و غير كفيلة
بإصالحه حتى ال يختلط بين معتادي اإلجرام فتنعكس سلبا على شخصيته و ينحرف سلوكه
،فالحكم بمدة قصيرة ال يساعد على إعداد و تنفيذ برنامج إصالحي بل يساهم في تنامي 1
-1د أحمد براك :العقوبات البديلة بين الواقع و المأمول .فلسطين ص 2
60
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
النزعة اإلجرامية للمحكوم عليه عبر االختالط بمساجين آخرين في مؤسسة تفتقد للتصنيف
الداخلي لهم .
فمن نتائج عدم التفعيل بروز ظاهرة اكتظاظ السجون ،فالمؤسسات السجنية هي
أماكن إليواء األشخاص المودعين فيها بموجب بطاقة إيداع أو بطاقة جلب أو تنفيذا لحكم
،و قد نظمها القانون عـ51ـدد لسنة 1112المؤرخ في 21 1
أو بموجب الجبر بالسجن
ماي ( 1112ملحق عـ1ـدد) ،إذ تستأثر العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة نسبة كبيرة
من األحكام القضائية في عدة بلدان و من سلبياتها ارتفاع عدد المساجين بشكل مهول ،إذ
في إحصائية عامة تم رصدها خالل شهر أكتوبر 1125للمساجين المودعين بمختلف
الوحدات بلغ مجموعها ثالثة و عشرون ألف و سبعمائة و ستة و أربعين بين موقوفين
ومحكوم عليهم (ملحق عـ2ـدد) .باإلضافة إلى ضعف اإلمكانيات المادية الخاصة
بمواجهتهم و استيعابهم وهي من أهم العوامل التي أثرت بوضوح في عدم إتمام برامج
اإلصالح و التأهيل الالزمة لمراعاة السجناء مما أفشل تلك البرامج اإلصالحية وجعل العديد
من المفرج عنهم يعودون إلى ميدان الجريمة ،2إذ تتطلب عملية اإلصالح والتأهيل مبالغ
مالية كبيرة يتم رصدها لالهتمام بالمساجين السيما و أن المؤسسات العقابية تتطلب في
الوقت الراهن مبالغ مالية كبيرة لتكون بالمستوى المالئم لتحقيق عملية اإلصالح والتأهيل و
بالتالي فإن التغيير الحاصل على فلسفة العقاب و اإلصالح أدى إلى زيادة نفقات الدولة
على السجون و خاصة على المساجين .3
كذلك من نتائج عدم التفعيل على المتهم المبتدئ بعد خروجه من السجن فقدانه
الثقة بنفسه و بالمجتمع و عدم الشعور بالمسؤولية و االضطراب و اإلحباط النفسيين وعدم
القدرة على التكيف مع المجتمع بعد الخروج منه . 1
ففي عدم تفعيل العقوبات البديلة و الحكم بالعقوبة السجنية قصيرة المدة إضرار
بالمحكوم عليه و بأسرته فمن جهة يفقد عمله و هو ما يؤثر سلبا على عائلته إذا كان هو
العائل الوحيد لها .و عند انت هاء هذه المدة قد يعجز المحكوم عليه على الرجوع لعمله
السابق مما قد يؤثر على مستقبله و يشجعه مجددا على االنحراف .
لئن تعرضنا إلى أن التفعيل المحتشم للعقوبات البديلة تبرره عدة أسباب أفرزت جملة
من النتائج سواء على المؤسسة السجنية التي تعاني االكتظاظ أو على المحكوم عليهم
المبتدئين أو كذلك على مستوى الزيادة في اإلمكانيات المادية للسجون و المساجين على حد
سواء ،وهو ما يدفع إلى البحث عن صعوبات التفعيل لتدارك هذه السلبيات .
لدراسة صعوبات التفعيل التي يمكن لإلطار القضائي التعرض لها أثناء الحكم
بالعقوبات البديلة سنتعرض إلى دراسة المشاكل التي تعيق التفعيل (أ) ثم الحلول المقترحة
لتجاوزها (ب) .
أفرزت الصعوبات العملية التي يلقاها اإلطار القضائي على مستوى تنفيذ العقوبات
البديلة عدة أسباب تحول دون تفعيل هذه العقوبات سواء فيما يتعلق بعقوبة العمل لفائدة
المصلحة العامة ( )1أو فيما يتعلق بعقوبة التعويض الجزائي (. )2
تتمثل أسباب تعذر تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة سواء من طرف
المحكوم عليه أو من طرف قاضي تنفيذ العقوبات فيما يلي:
بالنسبة لتعذر تنفيذ هذه العقوبة من طرف المحكوم عليه فإن ذلك يعود لتخلفه
عن الحضور لدى قاضي تنفيذ العقوبات المكلف بمتابعة التنفيذ رغم استدعائه طبق القانون
أو بسبب عدم توصله باالستدعاء لتغييره لمقر إقامته أو كذلك القتضاب عنوانه المدلى به
و صعوبة االتصال به هاتفيا أو بالمراسلة هذا من جهة و من جهة أخرى عدم مبادرة
المحكوم عليه باالتصال بقاضي تنفيذ العقوبات بنفسه خاصة و أنه على بينة من صدور
هذا الحكم إذ يبقى ينتظر حتى يتم استدعائه ،باإلضافة إلى تخلفه عن إجراء الفحص
الطبي لدى طبيب السجن القريب من مقر إقامته أو تخلفه عن االتصال بالقاضي المكلف
بالتنفيذ رغم إجرائه للفحص الطبي .
من أسباب تعذر التنفيذ أيضا تخلف المحكوم عليه عن المؤسسة المشغلة ألكثر من
ثالث مرات بدون عذر شرعي و رفضه التوجه إليها من جديد رغم التنبيه عليه بذلك مما
يستدعي الرجوع لتطبيق العقوبة البدنية المحكوم بها عليه أصالة .
63
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
كما أن وجود عديد المتمتعين بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة بالسجن دليل
على تنفيذ عقوبة بدنية أخرى وهو ما يحول دون التنفيذ الوقتي للعقوبة البديلة باإلضافة إلى
إفصاح بعض المحكوم عليهم بعدم رغبتهم في تنفيذها بعد الحكم عليهم بها .1
و بالنسبة لتعذر متابعة تنفيذ هذه العقوبة من طرف قاضي تنفيذ العقوبات فإن
ذلك يعود إلى عدم حضور المعني باألمر رغم القيام باإلجراءات القانونية الالزمة من
استدعائه طبق القانون و إجرائه للفحص الطبي إال أنه لم يلتحق بالمؤسسة المشغلة األمر
الذي لم يتسن معه للقاضي متابعة التنفيذ و كذلك امتناعه عن التنفيذ أو انقطاعه عن العمل
للمرة الثالثة دون عذر شرعي طبق الفصل 116مكرر من م.إ.ج .كما أن تجاوز األجل
القانوني للتنفيذ الوارد بالفصل 25ثالثا في فقرته الرابعة من م.ج يتعذر معه التنفيذ القانوني
من طرف القاضي المكلف بالتنفيذ .
باإلضافة إلى تخوف المؤسسات المشغلة و عدم قبولهم للفكرة و رفضهم استقبال
المحكوم عليهم يحول دون متابعة التنفيذ رغم القيام باإلجراءات القانونية من طرف الجهاز
القضائي و استعداد المحكوم عليه للعمل ،لذا فإن ما تبديه بعض المؤسسات المؤهلة
للتشغيل من تحفظ في قبول مبدأ التشغيل رغم مجهودات و ازرة اإلشراف التي استهدفت هذه
المؤسس ات لدعوتها للمساهمة بأكثر فعالية قصد إنجاح هذه العقوبة خاصة وأن مجال
انطباقها ينحصر في المخالفات و الجنح البسيطة التي ال تشكل خطورة على المجتمع.
كما أن من أسباب التعذر أيضا عدم تفرغ قاضي تنفيذ العقوبات بهذه المهمة أمام
تكليفهم بمهام أخرى ،باعتبار و أن متابعة تنفيذ العقوبة البديلة يتضمن التوجه إلى المؤسسة
ذاتها لبيان مدى تنفيذ المحكوم عليه للعقوبة و مدى توفير الضمانات القانونية له من طرف
المؤسسة المشغلة ،إضافة إ لى عدم إحالة الملفات المحكوم فيها بالعقوبة البديلة بصفة آنية ،
-1هذا ما ورد بالتقرير السنوي لقاضي تنفيذ العقوبات بالمحكمة االبتدائية بتونس خالل السنة القضائية 3022-3022
64
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
و هذا التباطؤ القضائي في متابعة الملفات مرده الصعوبات الكبيرة في استدعاء المحكوم
عليهم إما القتضاب العناوين أو تغيير مقراتهم أو عدم الحضور رغم بلوغ االستدعاء . 1
كما تعد مسأ لة الفحص الطبي المجرى احد أهم العوائق خاصة إذا تم العرض
و أثبت التقرير الطبي المنجز في الغرض أن المحكوم عليه غير قادر على القيام بالعمل
رغم مبادرته بالتنفيذ فما الحل في هذه الحالة هل يتم استبدال العقوبة البديلة من جديد
و إحالل العقوبة البدنية محلها أم يتم إعفائه من التنفيذ و ال يجازى على الفعل المرتكب
منه.2
تتمثل أسباب تعذر تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي سواء من طرف المحكوم عليه أو
من طرف ممثل النيابة العمومية فيما يلي :
بالنسبة لتعذر تنفيذ هذه العقوبة من طرف المحكوم عليه فإن ذلك يعود إلى
استئنافه للحكم القاضي بعقوبة التعويض الجزائي وهو ما يحول دون تنفيذه الوقتي لها.
و لعل أهم عائق يكمن في كون المحكوم عليه يكون بحالة عسر أو فقر و هذا اإلعسار
يحول دون التنفيذ و في هذه الحالة ال يتسنى للنيابة العمومية بعد انتهاء األجل القانوني
للتنفيذ إال مباشرة إجراءات تنفيذ العقوبة البدنية المحكوم بها أصالة عليه ،فهذه العقوبة
البديلة ال يستطيع أن يستفيد منها الفقير و المعسر لعدم القدرة على أداء التعويض لفائدة
المتضرر خاصة و أن مبلغ التعويض قد يصل أقصاه حسب ما ورد بالفصل 25رابعا في
فقرته األولى من م.ج .
-1هذا ما ود بالتقرير السنوي لقاضي تنفيذ العقوبات بالمحكمة االبتدائية بتونس .
-2عماد بلقاسمي :العقوبات المستحدثة في القانون الجزائي التونسي ،مذكرة لإلحراز على شهادة الماجستير في القانون شعبة العلوم الجنائية
3008-3009ص 28
65
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
و يحصل أحيانا أن يرفض المتضرر قبول مبلغ التعويض مما يدفع بالمحكوم عليه
إلى تأمينه ومن الصعوبات التي تعترضه أن القباضة المالية عندما يقوم المحكوم عليه
بالتأمين ال تنص على عدد الحكم بوصل التأمين وال تخصص كذلك سبب قبولها للمبلغ إن
كان بعنوان تعويض جزائي من عدمه.
و بالنسبة للتنفيذ يكون بعد انقضاء أجل الطعن باالستئناف و خالل األجل القانوني
المحدد بالنص لكن تنفيذها بعد األجل القانوني يحول دون التنفيذ ،فإذا ما أدلى المحكوم
عليه بما يفيد التنفيذ بعد األجل أي بعد مرور ثالثة أشهر من انقضاء أجل الطعن
باالستئناف فهل يؤذن بحفظ الملف و إيقاف التنفيذ في حقه أم يقع تنفيذ العقوبة البدنية
1
المحكوم بها عليه أصالة ؟
هذا فيما يتعلق بأسباب التعذر من طرف المحكوم عليه و التي يمكن أن تتجاوزه
لتصل مرحلة متابعة التنفيذ من طرف النيابة العمومية.
بالنسبة ألسباب تعذر تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي من طرف ممثل النيابة
العمومية فتتمثل في عدم اإلدالء بما يفيد تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي خالل األجل
القانوني المذكور بالفصل 25رابعا من م.ج و الفصل 116ثالثا من م.إ.ج في فقرته الثالثة
،فيتولى ممثل النيابة العمومية مباشرة إجراءات تنفيذ عقوبة السجن المحكوم بها ،هذا
باإلضافة إلى أن استئناف النيابة العمومية للحكم القاضي بالعقوبة البديلة يحول دون التنفيذ
وهذا ناد ار ما يحصل.
-1محرز الحواشي :خواطر حول اإلشكاليات التي يثيرها تطبيق عقوبة التعويض الجزائي م ق ت ديسمبر 3020ص 21
-2زبير عوني :عقوبة التعويض الجزائي ،رسالة لنيل شهادة ختم الدروس بالمعهد األعلى للقضاء 3023-3022ص 222
66
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
التنصيص على مبلغ التعويض بالدقة المطلوبة مما يدفع بالمحكمة المصدرة للحكم السعي
في إصالحه بعد عرض األمر على ممثل النيابة العمومية و إصدار قرار في حل هذه
الصعوبة التنفيذية.
من الحلول المقترحة إلزالة هذه العوائق التي تحول دون التفعيل و التنفيذ إعداد
دراسات الغاية منها إجراء بعض التعديالت على األحكام المتعلقة بالعقوبات البديلة الواردة
بالنص حتى يسهل تطبيقها من كل األطراف المتداخلة باإلضافة إلى إعداد مشروع قانون
يتعلق بتطوير العقوبات البديلة و توسيع مجالها على غرار ما هو معمول به بالقوانين
المقارنة و السعي نحو تطوير العمل بالعقوبات البديلة لتحقيق الغاية المنشودة المتمثلة في
التقليص من عدد األحكام المحكوم فيها بالعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة.
إيجاد نوع من االنسجام و التوافق بين إرادة المشرع التونسي في تكريسه للعقوبات
البديلة و بين رغبة القضاة في تفعيلها لما لها من فوائد عدة سبق ذكرها ،كما تتحقق نجاعة
هذه العقوبات إذا ما تم االهتمام بها أكثر من خالل إرساء نظام قانوني يوفق بين ظروف
المتهم و ظروف ارتكاب الجريمة .
باإلضافة إلى العمل على تجاوز الصعوبات التي تحول دون تنفيذ األحكام القاضية
بعقوبات بديلة من ذلك مثال إنشاء مؤسسة خاصة تستقطب المحكوم عليهم بعقوبة العمل
لفائدة المصلحة العامة على غرار ماهو معمول به بسويس ار ،أو إعداد قائمة في المؤسسات
المشغلة تكون محددة كما ينبغي لقبول المحكوم عليهم بها و مد المحاكم صاحبة النظر بهذه
القائمة الواضحة و نوع النشاط الذي تتعاطاه كل مؤسسة معنية و عدد ساعات العمل التي
تريد الحصول عليها حتى تتمكن المحاكم على ضوء هذه المعطيات من تفعيل هذه العقوبة
67
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
البديلة في أحسن الظروف كما من شأنه مساعدة الجهاز المكلف بالتنفيذ على متابعة تنفيذ
هذه العقوبة بالسرعة الكافية ليتحقق الهدف المنشود منها و ذلك اقتداء بالمشرع الفرنسي.
هذا بإيجاز كل ما يتعلق بعوائق التفعيل من حيث كونه تفعيال محتشما من خالل
بيان األسباب والنتائج وصوال إلى الصعوبات من خالل دراسة للمشاكل التي تعيق التفعيل
والحلول المقترحة لتجاوزها.
68
الجزء األول :العقوبات البديلة الواردة في النص
لئن أمكن لنا أثناء دراسة موضوع العقوبات البديلة الواردة في النص إقصاء كل
التدابير و اإلجراءات المتخذة قبل البت في أصل النزاع و كل التدابير واإلجراءات المتعلقة
استنادا إلى التعريف الضيق للعقوبات البديلة التي تعني إعطاء 1
بتنفيذ األحكام بعد صدورها
الخيار و الحرية للقاضي لكي يصرح إما بالعقوبة السالبة للحرية أو بالعقوبة البديلة التي
تحل محلها والمتمثلة أساسا في عقوبتي العمل لفائدة المصلحة العامة والتعويض الجزائي من
خالل التطرق لمحتوى النص القانوني ثم بيان شروط الحكم بهما وكيفية تنفيذهما ،و رغم
محدودية النص واقتصاره على عقوبتين فقط بديلتين للعقوبة السجنية إال أن التفعيل بات
دون المأمول من خالل اإلحصائيات التي تم اعتمادها لبيان أوجه التفعيل و فوائده ثم بيان
عوائقه منتهين إلى الحلول المقترحة ل لحد من هذه الصعوبات و لما ال إزالتها و تفعيل ما
يسمى بالعقوبات البديلة حتى تحصل الغاية من وراء تكريسها.
-1ملتقى بعنوان السياسة العقابية بتونس ،ملتقى جهوي بدائرة محكمة االستئناف بالكاف 3 ،جويلية 2888
69
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
70
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
إن التطرق لواقع العقوبات البديلة في القانون التونسي سواء فيما يتعلق بالنطاق
التشريعي الذي ينظمها أو بنطاق التفعيل الذي عرفته على أرض الواقع أفرز عدة عوائق
و صعوبات تتطلب دراسة مستفيضة للبحث عن السبل الكفيلة إلزالتها أو الحد منها ،وتمر
سبل تطويرها و إنجاحها انطالقا من آفاق التشريع الحالي فيما يتعلق بهاتين العقوبتين و هو
محور (الفصل األول) من البحث لنصل إلى آفاق التفعيل المنتظرة لتدعيم هذه العقوبات
على المستوى العملي انطالقا من مكتب المصاحبة كمشروع نموذجي في هذا المجال و هو
محور (الفصل الثاني).
71
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
لئن تم التعرض إلى النطاق التشريعي للعقوبات البديلة الواردة في القانون التونسي
من خالل محتوى النص القانوني إال أن ذلك قد أظهر جملة من النقائص ال بد من إيجاد
حلول جذرية لها حتى تتدعم إرادة المشرع الساعية إلى تكريس هاته العقوبات البديلة لذا
سننطلق من مسألة تنقيح المجالت الجزائية القانونية و نعني بها المجلة الجزائية و مجلة
اإلجراءات الجزائية وهو ما سنتناوله بالبحث في (مبحث أول) لنتعرض إلى ضرورة تطوير
العمل بالعقوبات البديلة من خالل التحسيس و التوعية في (مبحث ثان) .
إن الشروع في التطبيق الفعال للعقوبات البديلة يمر حتما عبر تنقيح بعض فصول
المجلة الجزائية و مجلة اإلجراءات الجزائية على حد سواء فيما يتعلق بما ورد بهاتين
العقوبتين من شروط و إدراجهما ضمن سلم العقوبات البديلة بصفة مستقلة عن غيرها من
العقوبات األخرى سيما العقوبات األصلية و العقوبات التكميلية ،و حتى ال يبقى األمر حب ار
على ورق من واجبنا التساؤل حول إن كان مشروع تنقيح المجلتين قد تناول هذه المسألة ؟
و لإلجابة عن ذلك سنتعرض إلى مشروع تنقيح المجلة الجزائية في (فقرة أولى) لنتطرق إلى
مشروع تنقيح مجلة اإلجراءات الجزائية في (فقرة ثانية) .
72
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
إن تطوير المنظومة القانونية يمر عبر تنقيح عديد القوانين و المجالت على غرار
مجلة اإلجراءات الجزائية لذا يكتسي مشروع تنقيح المجلة الجزائية أهمية بالغة في إطار دعم
ضمانات المحاكمة العادلة مما يدعو إلى ضرورة مواصلة المجهود الذي انطلق مع مشروع
تنقيح مجلة اإلجراءات الجزائية لتطوير المنظومة الجزائية انطالقا من مراجعة الفصول
القانونية التي القت بعض العوائق أثناء مرحلة التطبيق والتنفيذ.
لذا فإن التنقيحات المقترحة يجب أن تنطلق باألساس من الفصل الخامس من
المجلة الجزائية المنظم للعقوبات البديلة (أ) ثم الفصول 25مكرر و 25ثالثا و 29و 29
و 29مكرر من م.ج فيما يتعلق بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة (ب) و أخي ار الفصل
25رابعا فيما يتعلق بعقوبة التعويض الجزائي (ج).
73
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
فالسياسة العقابية بتونس مازالت تحتاج إلى مزيد التطوير على مستوى سلم
العقوبات الحالي أو كذلك عند تنفيذ العقوبات البديلة . 1
و بالنسبة للتصنيف الوارد بالفصل 5من م.ج فإن المشرع التونسي لم يضع
نصوصا تتعرض إلى تقسيم المجرمين إلى فئات معينة كما أنه لم يضع تقسيما للعقوبات
بحسب اختالف المجرمين ،بل اكتفى بوضع سلم للعقوبات معتمدا في ذلك خطورة الفعل
المرتكب و درجة الخطأ و مبناه أن المشرع استند إلى الخطأ الجزائي عند تحديده للعقاب
المستحق دون التركيز على الخطورة اإلجرامية المرتبطة بشخصية المجرم بالدرجة األولى.2
إن عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة التي أرساها المشرع التونسي كعقوبة بديلة
للعقوبات السالبة للحرية هي إنجاز هام و قابل للتطور و ذلك بتدعيم سلم العقوبات الحالي
بعقوبات بديلة إضافية إقتداء بما توصلت إليه التشاريع المقارنة على غرار التشريع الفرنسي،
و هذا االنجاز عندما دخل دائرة التقييم و احتك بالواقع أفرز عديد اإلشكاليات على المستوى
التطبيقي الشيء الذي يستدعي البحث عن الحلول ليتالءم مع ما هو موجود بواقعنا
المعيش.3
و من الحلول الممكن اقتراحها إفراد العقوبات البديلة بتصنيف مستقل صلب سلم
العقوبات الوارد بالفصل 5من م.ج ليصبح شامال لثالثة أقسام :العقوبات األصلية ،
العقوبات البديلة و العقوبات التكميلية ،باعتبار و أن التعريف القانوني للعقوبات البديلة
يختلف عن تعريف الع قوبات األصلية و كذلك عن العقوبات التكميلية ،إضافة إلى اختالفهم
من حيث الغاية من إرسائهم .
إجراء تحوير على مستوى الترتيب الحالي للعقوبات الموجودة صلب الفصل 5من
م.ج الذي انطلق من العقوبات األصلية بادئا من أشدها خطورة إلى أقلها وطأة على حياة
" -1السياسة العقابية بتونس " ملتقى جهوي بدائرة محكمة االستئناف بالكاف 3 ،جويلية 2888ص 22
" -2السياسة العقابية بتونس " ملتقى جهوي بدائرة محكمة االستئناف بالكاف 3 ،جويلية 2888ص 231
" -3العقوبة البديلة" ملتقى جهوي بدائرة محكمة االستئناف بقابس ،قابس 23جانفي ، 3002ص 2
74
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
األفراد فلما ال يتم الترتيب انطالقا من العقوبات البديلة أوال ثم العقوبات األصلية مواكبة
للسياسة الزجرية الحديثة التي من غاياتها أن ال تحتل عقوبة السجن المرتبة األولى في سلم
العقوب ات ،و ال يمكن الوصول لذلك إال إذا تغيرت نظرتنا لوظيفة العقوبة باعتبار و أن
وظيفة العقوبة البديلة هي االهتمام بآثار الفعل اإلجرامي و تعويض الخسارة الناشئة عنه
بالتالي تحصل الفائدة من إقرار هذه العقوبة البديلة إذ يستفيد المجتمع و المتضرر والفاعل
ذاته. 1
استحداث عقوبات جديدة بديلة للعقوبة السجنية على غرار ماهو معمول به في
القوانين المقارنة من ذلك الخطية اليومية ،وضع المجرم تحت االختبار ،السجن شبه المفتوح
أثناء العطل حتى ال يفقد المحكوم عليه عمله ،المراقبة االلكترونية ،تحديد اإلقامة في
المسكن أي بقاء المحكوم عليه في مسكنه طوال مدة العقاب و تطبق هذه العقوبة خاصة
على النساء وهو نظام يمكن أن يتناسب مع وضعية المرأة في المجتمع التونسي الذي يهتم
بالمحافظة عليها و يناسب كذلك أوضاع السجون في تونس لقلة عددها و اكتظاظها.2
ب) فيما يتعلق بالفصول المنظمة لعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة :
لئن انخرط المشرع التونسي في منظومة العقوبات البديلة للعقوبة السجنية مواكبة
منه للسياسات الجزائية الحديثة من خالل إرساء عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة التي
حدد لها إطارها التشريعي المتمثل في سلسلة الفصول 25مكرر 25 ،ثالثا 29 ، 29 ،
و 29مكرر من م.ج المضافة بموجب القانون عـ97ـدد لسنة 2777و المؤرخ في 11أوت
2777و المنقحة بموجب القانون عـ69ـدد لسنة 1117و المؤرخ في 21أوت ، 1117
ورغم مرور ما يقارب سبعة عشر سنة على إرسائها لم تلق هذه العقوبة صدى واسعا على
مستوى التفعيل و لم تحقق األهداف التشريعية المرجوة منها بالقدر الكافي ،فماهي صعوبات
" -1السياسة العقابية بتونس" ،ملتقى جهوي بدائرة محكمة االستئناف بالكاف 3 ،جويلية 2888ص 222
" -2السياسة العقابية بتونس" نفس الملتقى الواقع ذكره سابقا ص 238
75
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
تعطيل تفعيل العمل بهذه العقوبة ؟ بالتالي و نظ ار لجملة الصعوبات التي أتينا على ذكرها
في الجزء األول من البحث يجب تعديل الفصول المنظمة لها و إدخال بعض التنقيحات التي
من شأنها أن تساهم في إزاحة العوائ ق و تحقيق الغاية من إرسائها و ذلك بايالء هذه العقوبة
ما تستحقه من األهمية حتى تواكب التطورات الحاصلة على مستوى المنظومة الجزائية.
ومن إشكاليات الحكم بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة نجد مشكل الصياغة
الحالية للنص في حد ذاته الذي جاء سابقا للواقع ،فهل على التشريع أن يواكب الواقع أم
على الواقع أن يواكب التشريع ؟
لذا و بما أن النصوص القانونية قد أحدثت فعليها أن تكون مواكبة للواقع الموجود
أي أن يتم تعديلها وفقا لما هو موجود و في الجهة المقابلة على الواقع أن يساير ما تم
تشريعه حتى ال تبقى النصوص القانونية حب ار على ورق.
من الصعوبات التطبيقية مثال الشروط التي أتاها القانون في الواقع ،فاألرضية التي
ستطبق فيها غير مهيأة ،كما أنه يجب إيجاد نوع من التفاعل بين المؤسسة المشغلة المنتفعة
بالعم ل المجاني و هذه العقوبة البديلة فمثال عند التنصيص صلب الفصل 29من م.ج على
أن يتم قضاء عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة لدى إحدى المؤسسات العمومية أو
الجمعيات أوال لم يتضمن تحديدا دقيقا للمؤسسات المعنية بالتشغيل إذ وردت عبارات الفصل
في المطلق ودون أن يتم إلزام هذه المؤسسات بضرورة قبول المحكوم عليهم بالعقوبة البديلة
لديها سيما و أن الفصل 29من م.ج حدد الضمانات التي يتمتع بها المحكوم عليهم وأعفى
المؤسسات المشغلة من عبئها وذلك حتى تتحمس للقبول.
كما أنه من المشاكل التي عرفها نطاق التفعيل على أرض الواقع مشكل التواصل
مع المحكوم عليه ما بعد المحاكمة ،لذا يمكن اقتراح تسليم المحكوم عليه االستدعاء منذ
جلسة التصريح بالحكم مع وضع نموذج خاص باالستدعاء يتضمن صيغة التنبيه عليه.
76
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
باإلضافة إلى التنسيق مع أعضاء النيابة العمومية حتى ال تقوم باستئناف األحكام القاضية
بالعقوبة البديلة في نفس اليوم الصادر فيه الحكم.
ضرورة إضفاء مزيد من المرونة على إجراءات تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة
العامة بالتخلي على ضرورة العرض على الفحص الطبي بواسطة طبيب السجن واقتراح
إمكانية القيام بهذا اإلجراء لدى إحدى المؤسسات الصحية العمومية حتى يتم تجنيب
المحكوم عليه دخول المؤسسة السجنية ولو أن الغاية هي مجرد الفحص الطبي ال غير.
ومن الشروط األخرى التي بقيت محل نقد الشرط المتعلق بإعالم المتهم بحقه في
رفض استبدال العقوبة بعد عرضها عليه وتسجيل جوابه الوارد بالفصل 25ثالثا من م.ج هنا
هذا الشرط فيه كشف لتوجه المحكمة نحو إقرار اإلدانة ،فالمفروض هو أن ال نبين هذا
التوجه الذي سيحمل في اعتقاد المتهم أنه سيدان وبالتالي يكون مضط ار للقبول باعتباره
الخيار األفضل له ،وهنا سيغيب الشرط المتعلق بالجدوى من تسليط هذه العقوبة.
77
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
ومن الشروط كذلك التي تتطلب التعديل و التنقيح هو الشرط المتعلق بمجال تطبيق
عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ،هذا الشرط الوارد بالفصل 25مكرر يبدو واضحا لكن
عند التطبيق يجد القاضي صعوبة في تحديد أي الجرائم التي يمكن فيها استبدال العقوبة
السجنية بالعقوبة ال بديلة فلو كانت الصياغة أوضح مثل ما تمت صياغته بالفصل 25رابعا
فيما يتعلق بعقوبة التعويض الجزائي ،أي أن يتم التنصيص صلب الفصل على استثناء أنواع
الجرائم التي ال تقبل االستبدال بالعقوبة البديلة و فيما عداها يمكن للقاضي أن يفعلها إذا ما
توفرت شروطها القانونية لكان أسهل و أنجع في التطبيق.
هذا باإلضافة إلى صياغة الحكم في حد ذاته ،إذ انطالقا من الفصل 25مكرر
من م.ج تتضمن استبدال العقوبة السجنية التي ال تتجاوز مدتها عاما كامال بعقوبة العمل
لفائدة المصلحة العامة دون أجر مع تحديد لسقف عدد ساعات العمل الذي ال يمكن تجاوزه،
كما تضمن الفصل 25ثالثا ضبط األجل الذي ال يمكن تجاوزه دون أن يحدد جزاء عدم
الحرص على تنفيذ هذه العقوبة من طرف المحكوم عليه خالل األجل القانوني المحدد
بالنص ،فالمفروض أن تتضمن صياغة الحكم التنبيه على المحكوم عليه أنه في صورة عدم
حرصه على التنفيذ خالل األجل القانوني يتم تطبيق العقوبة السجنية المحكوم بها عليه
أصالة حتى يحرص بنفسه على سرعة تنفيذ هذه العقوبة خالل أجلها المحدد وال يترك له
المجال مفتوحا لالحتجاج ببلوغه االستدعاء من عدمه.
هذا فيما يتعلق بإمكانية تنقيح الفصول المنظمة لعقوبة العمل لفائدة المصلحة
العامة ،فماهي التنقيحات الممكن إدخالها على عقوبة التعويض الجزائي؟
اكتفى المشرع التونسي بفصل وحيد لتنظيم عقوبة التعويض الجزائي كعقوبة بديلة
للعقوبة السجنية على خالف ما وقع سنه في إطار عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ،لذا
78
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
من المستحسن في هذا المجال التدخل التشريعي قصد تحسين القانون عـ69ــدد بإجراء بعض
التعديالت عليه من ذلك تخصيص أكثر من فصل قانوني لالهتمام بعقوبة التعويض الجزائي
من خالل إيضاح شروطه و تعديلها في بعض المواطن كذلك الترفيع في العقوبة السجنية
المخولة ألن تستبدل بالعقوبة البديلة من ستة أشهر بالنسبة للجنح إلى عام كامل كما هو
الشأن في عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة.
إضافة إلى ضرورة تمديد األجل المتعلق بتنفيذ عقوبة التعويض الجزائي لتفادي
إشكالية التنفيذ خارج األجل القانوني التي لم يوجد لها حل و بقيت محصورة في باب
االجتهاد الذي يفترض أن مقصد المشرع هو تجنيب المحكوم عليهم العقوبة البدنية السالبة
و تفعي ل عقوبة التعويض الجزائي بما يمكن من اإلذن بإيقاف التنفيذ.1 للحرية
هذا فيما يتعلق بمشروع تنقيح المجلة الجزائية المزمع القيام به حال االنتهاء من
مشروع تنقيح مجلة اإلجراءات الجزائية الذي عرف أشواطا متقدمة .ففيما يتمثل مشروع
تنقيح مجلة اإلجراءات الجزائية ؟ و هل من اهتمام فيما يتعلق بالفصول المتعلقة بالعقوبات
البديلة و الواردة صلب الكتاب الخامس من هذه المجلة " في إجراءات التنفيذ" ؟
يعد مشروع القانون المتعلق بتنقيح مجلة اإلجراءات الجزائية ثورة في مجال الحقوق
و الحريات و لمعرفة محتوى هذا المشروع سنتعرض إلى ما تمت صياغته أوال (أ) ثم ما
نأمل أن يحصل من تنقيح في مجال العقوبات البديلة على مستوى تنفيذها (ب).
أ) محتوى التنقيحات األولى الواردة على مجلة اإلجراءات الجزائية :
يعتبر مشروع تنقيح مجلة اإلجراءات الجزائية تدعيما لضمانات المتهم و تطوير
وضعية الموقوفين و تيسير شروط إدماجهم فيما بعد داخل المجتمع.
و قد أتى التنقيح ليكرس جملة من الضمانات الجديدة التي تدعم شروط المحاكمة
العادلة و حقوق الدفاع على حد سواء ،و قد رأى أغلب مناصري هذا المشروع أن تنقيح
مجلة اإلجراءات الجزائية يعد مكسبا هاما ينتظر لنجاحه إصالح المنظومة القضائية بالتوازي
معه.
هذا و يروم المشروع تنقيح و إتمام بعض أحكام مجلة اإلجراءات الجزائية من ذلك
حضور المحامي مع المحتفظ به من مرحلة االحتفاظ األولى إلى مرحلة التحقيق والسعي إلى
تقليص فترة االحتفاظ مع العمل على تحسين ظروفه و العناية بمراكز االحتفاظ إضافة إلى
توفير أكثر ضمانات للمتهم و نشر ثقافة حقوق اإلنسان.
بالتالي فقد اعتنى مشروع التنقيح الجديد بأهم الضمانات التي تدعم شروط المحاكمة
العادلة و حقوق الدفاع ضمن مقتضيات الفصل 21مكرر من م.إ.ج الذي عرف عدة
انتقادات عل ى مستوى صياغته ،إضافة إلى تعميم الدوائر الجنائية بكافة المحاكم االبتدائية
الموجودة بكامل تراب الجمهورية بعدما كانت تقتصر على المحاكم االبتدائية المنتصبة
بدوائر محاكم االستئناف موضوع الفصل 112من م.إ.ج ،إضافة إلى التأكيد على أن
يصدر التنقيح الجديد في شكل قانون أساسي و ليس عادي عمال بأحكام الفصل 65من
الدستور التونسي باعتباره يتعلق بالحريات و حقوق اإلنسان وبتنظيم العدالة و القضاء.1
مع المالحظة أن التنقيحات المنتظر إدخالها على المجلة الجزائية يجب أن يوازيها
إصالح المنظومة القضائية و إصالح المؤسسات األمنية حتى تتمكن من التفاعل اإليجابي
فيما بينها جميعا.
وقد تضمن مشروع التنقيح العناية بثالثة فصول هامة أال وهي الفصل 21مكرر
المتعلق باالحتفاظ من طرف مأموري الضابطة العدلية و الفصل 59المتعلق باإلنابة العدلية
التي يتخذها حكام التحقيق و الفصل 211المتعلق بتنفيذ بطاقة الجلب و الفصل 112
المتعلق بالمحكمة الجنائية (ملحق عـ1ـدد).
وبعد سلسلة من المداوالت و النقاشات حول هذا المشروع صادق مجلس نواب
الشعب يوم الثالثاء المواف ق للثاني من شهر فيفري ستة عشر و ألفين و باألغلبية على
مشروع القانون عـ 1121-21ـدد الذي يتعلق بتنقيح و إتمام بعض أحكام مجلة اإلجراءات
الجزائية ،و يتمثل أهم ما جاء به التنقيح في ضمان توفير محام للمشتبه به منذ األبحاث
األولية إضافة إلى التقليص من مدة اإليقاف إلى حدود ثمانية و أربعين ساعة في الجنح
و الجنايات و أربعة و عشرين ساعة فيما يتعلق بالمخالفات.
و تعد التنقيحات األولية الواردة صلب مجلة اإلجراءات الجزائية مكسبا هاما إذ
أسدل الستار عليها و صدر مشروع القانون بتاريخ 11فيفري 1126و قد تضمن في فصله
األول عرضا لمقتضيات الفصل 21مكرر (جديد) و الفصل ( 59جديد) من م.إ.ج ،ثم
تضمن فصله الثاني إضافة الفصول 21ثالثا و 21رابعا و 21خامسا و 21سادسا
و 21سابعا و الفصل 19فقرة ثانية و الفصل 99فقرة ثالثة و الفصل 211فقرة خامسة
.أما الفصل الثالث من المشروع فقد أكد على أن أحكام هذا القانون تدخل حيز التنفيذ
انطالقا من غرة جوان ( 1126ملحق عـ1ـدد) .
و تعد هذه التنقيحات األولى بادرة خير في سماء السياسة الجزائية بصفة عامة
و مجلة اإلجراءات الجزائية بصفة خاصة ،مما يجعل اآلمال معلقة على مزيد تطوير
و تنقيح أحكام هذه المجلة و خاصة ما يتعلق بمجال العقوبات سيما العقوبات البديلة التي
عرفت صعوبات عديدة على مستوى تنفيذها.
81
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
فقاضي تنفيذ العقوبات هو الجهة الساهرة على اإلشراف على تنفيذ عقوبة العمل
لفائدة المصلحة العامة و النيابة العمومية هي الجهة المهتمة بتنفيذ عقوبة التعويض الجزائي،
بالتالي فإنه في إطار مشروع تنقيح مجلة اإلجراءات الجزائية يجب االهتمام بالفصول
المنظمة لهما و إقرار بعض التنقيحات عليها حتى تواكب عصرها و تساهم بشكل فعال في
إنجاح العمل بهذه العقوبات البديلة للعقوبة السجنية المحكوم بها أصالة .
فمثال بالنسبة لمؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات المشرفة على متابعة تنفيذ عقوبة العمل
لفائدة المصلحة العامة يجب تعزيز صالحياته و تمكينه من اآلليات الفعلية للمراقبة و العمل
و إعطائه الوقت الكافي للقيام بمتبعة تنفيذ هذه العقوبة البديلة و عدم إثقال كاهله بعدة
التزامات أخرى من شأنها أن تعيقه عن القيام بهذه المهمة ،فلنجاح هذا المشروع يجب أن
يكون القاضي متفرغا كما يجب من حيث قيامه بتعيين المؤسسة المشغلة ومتابعة تنفيذ
المحكوم عليه لعقوبته بالتوجه على عين المكان إن اقتضى األمر ذلك و مراقبة المؤسسة
المشغلة من حيث مدى توفير الضمانات القانونية لفائدة المحكوم عليهم بالعقوبة البديلة أثناء
قيامهم باألعمال المطلوبة منهم. 1
و من جهة أخرى يتجه صياغة نموذج إجرائي و إداري وترتيبي لمكتب قاضي تنفيذ
العقوبات و وضع دليل إجراءات خاص بمؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات مع إجراء تفقدات
لمكاتب قضاة تنفيذ العقوبات لتقييم األوضاع و الوقوف على جملة الصعوبات والنقائص
-1مقترحات كان قدمها السيد قاضي تنفيذ العقوبات بالمحكمة االبتدائية بتونس 2السيد حمادي الرحماني في تقريره السنوي للسنة القضائية
. 3022-3022
82
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
باإلضافة إلى تخصيص لجنة تتركب من مدير المؤسسة السجنية و مختص في
الطب النفسي وآخر في علم االجتماع إلى جانب مندوبين لمساعدة قاضي تنفيذ العقوبات
على اإلشراف و متابعة تنفيذ العقوبة البديلة. 2
و أن تكون للقاضي خبرة و تكوين خاص في ميدان علوم اإلجرام و علوم السجون
و ذلك لتحقيق الغاية اإلصالحية التي يهدف إليها المشرع التونسي مع ضرورة اتخاذ منهج
تعليمي صلب المعهد األعلى للقضاء لدراسة هذه العلوم مستقبال في إطار التكوين المستمر
المتعلق بالملحقين القضائيين مستقبال ،مع إرساء هياكل مساعدة لمؤسسة قاضي تنفيذ
العقوبات من ذلك لجنة مراقبة للمحكوم عليه خارج المؤسسة السجنية كما هو معمول به
بدولة البرتغال. 3
إال أن ما يمكن مالحظته في األخير أن آفاق التشريع ال تقتصر على مجرد تنقيح
المجالت القانونية على المستوى القانوني فحسب و إنما تتجاوزه لتشمل ضرورة تطوير العمل
بالعقوبات البديلة على المستوى الواقعي من خالل التحسيس و التوعية.
-1مقترحات إضافية كان قدمها كذلك السيد قاضي تنفيذ العقوبات بالمحكمة االبتدائية تونس .2
-2ملتقى بعنوان "السياسة العقابية " ص.29
-3نفس الملتقى :ص . 212
83
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
أصبح تطوير العمل بالعقوبات البديلة التي سعى المشرع التونسي إلى إرسائها
و تكريسها ضمن سلم العقوبات ضرورة تقتضيها التطورات الحاصلة على مستوى المنظومة
الجزائية و لتطوير آليات العمل بهذه العقوبات المستحدثة في القانون التونسي يجب دعوة
السلط المعنية إلى االهتمام أكثر فأكثر بها من حيث تنظيمها و هيكلتها (فقرة أولى) ثم
تحسيس و توعية اإلطار القضائي بضرورة العمل على تطبيقها و تفعيلها على أرض الواقع
حتى تحصل الفائدة من إرسائها (فقرة ثانية).
الفقرة األولى :دعوة السلط المعنية إلى االهتمام بالعقوبات البديلة :
مثل إدراج العقوبات البديلة ضمن قائمة العقوبات األصلية إحدى مظاهر تطور
المنظومة الجزائية اعتبا ار لما تسمح به من تجنب للعقوبات السجنية قصيرة المدة بالنسبة
لبعض الجرائم و استبدالها بعقوبة بديلة تحفظ كرامة اإلنسان و تحقق تأهيله و تحافظ على
إدماجه في المجتمع.
لذا البد من اإلشارة إلى أهمية التدخل التشريعي لترتيب جزاء واضح و صريح على
عدم تنفيذ العقوبة البديلة سواء العمل لفائدة المصلحة العامة أو التعويض الجزائي خالل
األ جل القانوني المنصوص عليه بالقانون و المدون صلب نص الحكم أو ذلك المنصوص
84
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
عليه قانونا لسقوط العقوبة بمرور الزمن بالنسبة للجنح إما بتنفيذ العقوبة السجنية أو بإقرار
سقوط العقوبة كجزاء على تراخي جهات التنفيذ و المحكمة و هذا أولى وأسلم .1
باإلضافة إلى التأكيد عل ى ضرورة تحمل السلطات المعنية لمسؤولياتها و ذلك مثال
بحث و إلزام اإلدارات و المؤسسات العامة و الخاصة على قبول المحكوم عليهم للعمل لديها
بالنسبة لعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة و بالنسبة لعقوبة التعويض الجزائي بإلزام
المتضرر من الفعل غير المشروع على قبول التعويض المقدم من طرف المحكوم عليه حتى
ال يؤول األمر إلى مجرد التنكيل به في حالة الرفض.
إعداد مشروع قانون يتعلق بتطوير العقوبات البديلة و توسيع مجالها على غرار
ماهو معمول به بالقوانين المقارنة و الهدف من هذا المشروع هو تدعيم منظومة حقوق
اإلنسان في تونس و مزيد تطوير المنظومة الجزائية من خالل الحرص على التقليص من
العقوبات السجنية قصيرة المدة بالنسبة إلى المخالفات و الجنح البسيطة التي ال تكتسي
خطورة على سالمة األفراد و حرياتهم و على المجتمع و استبدالها بعقوبات تحفظ كرامة
اإلنسان و تحقق تأهيله و تحافظ على إدماجه في المجتمع .
وضع برنامج مكثف لتكوين و تأهيل قضاة تنفيذ العقوبات و تطوير قدراتهم المهنية
و الحقوقية مع تحسين ظروف ووسائل عملهم تعزي از لدورهم الرقابي فيما يتعلق بمتابعة تنفيذ
العقوبة البديلة مع إقرار برامج أو صيغ لتمكين قضاة الدوائر الجناحية من زيارة السجون
بصفة دائمة لإلطالع على األوضاع ومن ثمة تقدير مدى جدوى عديد األحكام القاضية
بالسجن و السعي نحو العمل بجدية على تفعيل العقوبات البديلة لما لها من فائدة على
مستوى التقليص من عدد المساجين .
-1هذا المقترح قدمه السيد حمادي الرحماني ،قاضي تنفيذ العقوبات بالمحكمة االبتدائية بتونس ،صلب تقريره السنوي للسنة القضائية -3022
3022ص 22
85
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
إيجاد اآلليات الكفيلة لتقييم مخاطر العود و المطالبة بإجراء التقارير الالزمة
و اإلحصائيات الضرورية في إطار تقييم و متابعة مدى تفعيل العقوبات البديلة من طرف
كل محكمة على حدة حتى تحصل الفائدة من إرساء هذه العقوبات و حتى يرسخ في
األذهان مدى أهمية التفعيل الذي أصبح ضرورة تقتضيها التطورات الحاصلة و ليس مجرد
اختيار نظ ار لما شهدته السجون التونسية من اكتظاظ و نظ ار لقلة عددها الشيء الذي قد
ينتج عنه عدة سلبيات يكون تالفيها بوسيلة وقائية تحت عنوان "تفعيل العقوبات البديلة" .
بالتالي فإنه لتطوير العمل بالعقوبات البديلة ال يقتصر األمر على دعوة السلط
المعنية إلى االهتمام أكثر فأكثر بها و إنما يتجاوز ذلك إلى مرحلة تحسيس اإلطار القضائي
بضرورة و أهمية العمل على تفعيل العقوبات البديلة الواردة بالنص تفعيال فعليا نابعا عن
اقتناع بأهمية هذه العقوبات على عدة مستويات.
تهدف العقوبة البديلة إلى الردع و اإلصالح و توخي نهج سلب الحرية ،و تعتبر
العقوبات البديلة من اإلجراءات التي تهدف إلى تطوير منظومة القضاء الجزائي و هي "
العقوبات التي تحل محل العقوبات التقليدية التي تتراوح بين اإلعدام و الخطية المالية وهي
تمكن من استبدال العقوبات التي تكلف المجتمع أموال طائلة و خدمة الشخص المعاقب
داخل سور السجن ،بأن يكلف المحكوم عليه بخدمة المجتمع الذي أضر به من خالل
سلوكه غير القويم عن طريق تقديم خدمات اجتماعية أو غرامات مالية للخزينة العامة للدولة
أو غيرها من العقوبات النافعة ". 1
هذا و قد أكد وزير العدل في عدة مناسبات على ضرورة تفعيل العقوبات البديلة
و خاصة عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة باعتبارها األسبق تكريسا و دعا المشرفين
على المحاكم على تحسيس منظوريهم بأهمية هذا الموضوع .
و يمر تحسيس السادة القضاة بإجراء دورات تكوينية في الغرض حول أهمية تفعيل
العقوبات البديلة في وقتنا الراهن سيما أمام الوضعية المتردية للسجون و أمام كثرة المساجين
و عدم قدرة المؤسسات العقابية على استيعابهم وهو ما يحقق المساهمة الفعالة في تطوير
برامج التكوين المستمر و المشاركة اإليجابية بالحضور فيها و إثراء النقاشات و التحاور فيما
يتعلق بالمواضيع المطروحة ،إضافة إلى وضع برنامج تحسيسي لرؤساء و أعضاء الدوائر
الجناحية بأهمية تطبيق العقوبة البديلة للسجن لما لها من فائدة على مستوى الحد من ظاهرة
االكتظاظ داخل السجون و تدعيم فرص اإلصالح بها و خاصة الحد من نسبة العود.
و يمر حث اإلطار القضائي على التفعيل من خالل االستئناس بالتجارب التي تم
القيام بها في إطار تطبيق العقوبات البديلة في القوانين المقارنة التي أثبتت فائدة هذه
العقوبات و نجاعتها في تقليص نسبة العود لدى المحكوم عليهم و في تفادي آثار السجن
السلبية.2
وتتمثل العقوبات البديلة الواردة بقانوننا التونسي صلب الفصل 5من م.ج في
عقوبتي العمل لفائدة المصلحة العامة و التعويض الجزائي ،و رغم قلة العقوبات البديلة
للعقوبة السجنية و اقتصارها على هاتين العقوبتين إال أن التفعيل بات دون المأمول من
-1فاروق بو عسكر :العقوبات البديلة في القانون التونسي الواقع و الصعوبات و اآلفاق ،مداخلة كان قدمها خالل النشاطات التي يقوم بها مكتب
المصاحبة ،ص 2
-2جابر غنيمي :المرجع مذكور سابقا ،ص 222
87
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
طرف اإلطار القضائي سوا ء على مستوى التصريح باألحكام القاضية بها أو على مستوى
متابعة التنفيذ نظ ار لجملة الصعوبات و العوائق التي تعترض الجهاز المكلف بالتنفيذ .
لذا كان لزاما تحسيس القضاة بأهمية هذه العقوبات و حثهم على ضرورة تفعيلها لما
لها من فوائد عدة على المؤسسة السجنية بدرجة أولى في إطار الحد من ظاهرة االكتظاظ
بالسجون و على المحكوم عليه بدرجة ثانية من خالل الحد من ظاهرة العود المتفشية .
فتواترت المناشير الو ازرية الصادرة في الغرض و الغاية منها حث القضاة على
التفعيل السليم و الفعلي للعقوبات البديلة ،فمثال و منذ إرساء عقوبة العمل لفائدة المصلحة
العامة في 1أوت 2777صدر المنشور عـ 11ـدد بتاريخ 1111-16-16يحمل في طياته
الدعوة إلى تطبيق عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة تطبيقا سليما من خالل احترام
الشروط الواردة بالفصل للنطق بها ،على خلفية صدور عدة أحكام قاضية بالعقوبة البديلة
لفائدة محكوم عليهم ال تتوفر فيهم الشروط المطلوبة من ذلك شرط نقاوة السوابق العدلية
الذي تثبته البطاقة ع ـ 1ـ ـدد و التي ال تتوفر في أغلب الملفات المحكوم فيها بالعقوبة البديلة ،
إضافة إلى استصدار عدة أحكام قاضية بالعقوبة البديلة على نفس الشخص و مجموعها
يتجاوز الحد القانوني لمدة العمل القصوى التي يضبطها .لذا جاء هذا المرسوم (ملحق
عـ6ـدد) لتفادي الحكم بالعقوبة البديلة على من هو في حالة عود قانوني باعتبار و أن نقاوة
السوابق العدلية يعد من أهم الشروط الواردة بالفصل 25ثالثا من م.ج و ذلك حتى تتفق
األحكام ال صادرة في الغرض مع أهداف التشريع و مقاصده ،باإلضافة إلى دعوة أعضاء
النيابة العمومية الستئناف األحكام الجزائية القاضية بالعقوبة البديلة و التي ال تستجيب
لمقتضيات القانون.
88
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
الجانب اإلصالحي لما لهذه العقوبة من أهمية على مستوى الفرد الجانح أو على مستوى
الهيئة االجتماعية .
و تضمن هذا المنشور الجديد تذكي ار بما صدر بالمنشور الذي سبقه و استنادا
لإلحصائية المجراة حول تطبيق عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة من طرف المحاكم
المتخذة من متابعة نشاط المحاكم المجرى في الغرض وفيه دعوة لمزيد الحرص على تأطير
القضاة المعنيين بتفعيل هذه العقوبة من طرف منظوريهم الراجعين لهم بالنظر و تحسيسهم
بخصوصيات و أهداف العقوبة البديلة و فوائدها الراجعة على المؤسسة السجنية بالدرجة
األولى و على المحكوم عليه المبتدئ بالدرجة الثانية متضمنا دعوة صريحة لمزيد تفعيل هذه
العقوبة البديلة إذا ما توفرت في ملف القضية الشروط المطلوبة للحكم بها كما أكد المنشور
على ضرورة اإلعالم الدوري في نهاية كل شهر باألحكام الصادرة بها و بالطعون الموجهة
عليها إن وجدت ،و رغم ذلك تمت مالحظة تفعيل متواضع من طرف جل المحاكم ال يرقى
إلى المستوى المطلوب.
كما أ نه أيضا لحث اإلطار القضائي أكثر فأكثر بأهمية التفعيل و تحسيسه بخطورة
ظاهرة االكتظاظ داخل المؤسسات السجنية جاء المنشور الوزاري عـ211ـدد بتاريخ -22
( 1117-11ملحق عـ6ـدد) داعيا إلى مزيد تفعيل آلية الصلح بالوساطة في المادة الجزائية
من جهة و عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة من جهة أخرى لما لها من دور في الحد من
89
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
العقوبات السجنية قصيرة المدة التي و على الرغم من مرور أكثر من ثماني سنوات على
إرسائها فإن التطبيق مازال محتشما و يكاد يكون منعدما في بعض المحاكم .
هذا و تضمن المنشور تذكي ار بالمناشير السابقة الصادرة في الغرض مبر از
إحصائيتين األولى لتطور المحاضر المفصولة بالصلح بالوساطة في المادة الجزائية
و اإلحصائية الثانية تتعلق بتطور األحكام الصادرة بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة منذ
إرسائها في 11أوت 2777إلى أواخر شهر سبتمبر 1111أين لم تسجل سوى خمسة
عشر حكما ( )25قاضيا بها لترتفع الحصيلة إلى ثالثمائة و ثمانية و عشرين ( )119حكما
خالل السنة القضائية ، 1119-1119و رغم هذا العدد فإنه يبقى ضعيفا ،لذا تضمن
المنشور دعوة المشرفين على المحاكم إلى تحسيس منظوريهم بأهمية الموضوع و إتباع
اإلجراءات التالية:
" بالنسبة للنيابة العمومية :استبدال مدة الجبر بالسجن عند استخالص الخطايا -
والمصاريف الراجعة لصندوق الدولة المحكوم بها بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة طبق
الشروط المنصوص عليها بالفصل 111و ما بعده من م.إ.ج .
بالنسبة للهيئات الحكمية :تحسيس مختلف الهيئات القضائية بخصوصيات عقوبة -
العمل لفائدة المصلحة العامة باعتبارها من العقوبات البديلة التي ال تمكن المحكوم عليه من
قضاء العقوبة داخل إطاره األسري و االجتماعي و دعوتها لمزيد تفعيلها وفق الشروط التي
ضبطها القانون.
با لنسبة لقضاة تنفيذ العقوبات :الحرص على متابعة تنفيذ المحكوم عليهم لعقوبة -
العمل لفائدة المصلحة العامة و اعتبارها من أولويات مهامهم و ذلك بالتنسيق مع المؤسسات
التي يتم بها تنفيذ العقوبة اعتمادا على القائمة المعدة للغرض تطبيقا ألحكام الفصل 29من
م.ج بدءا بالم حاكم و المؤسسات الراجعة بالنظر إلى و ازرة العدل ،والعمل على تجاوز
90
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
الصعوبات التي تحول دون تنفيذ األحكام القاضية بعقوبات بديلة التي تصدرها مختلف
الهيئات القضائية".
هذا و قد تضمن المنشور الوزاري األخير تذكي ار بجملة المناشير السابقة الصادرة في
الغرض منذ سنة 1111إلى حدود 1122قصد تذكير المحاكم بخصوصيات العقوبة البديلة
و دعوة القضاة المعنيين لمزيد تفعيلها في حدود ما ضبطه القانون ،باإلضافة إلى اإلشارة
إلى صدور مكتوب تذكير عن التفقدية العامة بتاريخ 1122-16-11في نفس اإلطار.
وقد بين أنه و بالرغم من توجه المحاكم بمختلف درجاتها إلى تفعيل اآلليات البديلة
للسجن في مفهومها الواسع و للعقوبات البديلة في مفهومها الضيق و تسجيل تطور في عديد
األحكام من سنة ألخرى إال أن المتابعة الشهرية لنشاط المحاكم أفرز أن تطبيق هذه اآلليات
ظل محتشما و منعدما في بعض المحاكم.
91
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
لذا تضمن هذا المنشور دعوة صريحة للمشرفين على المحاكم لمزيد الحرص على
تأطير منظوريهم و تحسيسهم بأهمية هذه اآلليات البديلة للسجن و خصوصياتها وشروط
تطبيقها كدعوتهم لمزيد تفعيلها في الحدود التي ضبطها القانون.
و بالرجوع إلى اإلحصائيات التي وقع رصدها للغرض في إطار تفعيل العقوبات
البديلة فإن ما نالحظه انه وقع إيقاف العمل بالنسبة لعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة منذ
السنة القضائية 1121-1121و بالنسبة لعقوبة التعويض الجزائي منذ 1121-1122
و لعل أسباب عدم إحصاء هذه العقوبات البديلة أو عدم تفعيلها خالل السنوات األخيرة يعود
إلى ما شهدته البالد لتونسية من تقلبات إبان الثورة الحاصلة بها ،ليصدر في نهاية المطاف
المنشور الوزاري عـ 1/1259بتاريخ 1121-12-11حول أسباب اكتظاظ السجون و كيفية
الحد منها و قد صدر هذا المنشور كذلك في إطار تحسيس أعضاء النيابة العمومية على
إثر ما شهدته السجون التونسية من اكتظاظ بالسجناء من ذلك دعوة أعضاء النيابة العمومية
إلى اإلطالع على ملفات القضايا قبل نشرها للوقوف على من تتوفر في وضعيتهم من
المتهمين ،شروط العقوبة البديلة ( العمل لفائدة المصلحة العامة و التعويض الجزائي ) و
تقديم طلب تسليط هذه العقوبة جلسة ،و ذلك بعد التأكد من استيفاء الشروط القانونية التي
أتى بها القانون .و لعل أهم ما أتاه المنشور يتعلق بتحسيس أعضاء النيابة العمومية بتجنب
استئناف األحكام القاضية بعقوبات بديلة إذا كانت ال تخالف مضمون القانون.
هذا في النهاية جملة المناشير الو ازرية الصادرة في الغرض منذ إرساء العقوبات
البديلة و الهدف منها حث اإلطار القضائي على مزيد تفعيل العمل بالعقوبات البديلة الواردة
في النص إذا ما توفرت في المتهم جملة الشروط المطلوبة لما لهذه العقوبات من أهمية على
مستوى الحد من تفاقم ظاهرة االكتظاظ داخل المؤسسات السجنية و على مستوى نجاعتها
92
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
في الحد بشكل كبير من ظاهرة العود خاصة و أن نسبة كبيرة من المساجين مودعين من
أجل عقوبة سج نية قصيرة ال تحقق ال الردع و ال اإلدماج والتأهيل.
لئن تم التعرض خالل الفصل األول إلى آفاق التشريع المنتظرة للعقوبات البديلة
سواء من خالل تنقيح المجالت القانونية بدءا بالمجلة الجزائية التي نأمل أن تحضى
العقوبات فيها بالعناية و ايالئها األهمية التي تستحقها و خاصة العقوبات البديلة موضوع
هذا البحث حتى يتم تعديل و تنقيح الفصول المنظمة لها درءا لكل صعوبة ،وصوال إلى
مشروع تنقيح مجلة اإلجراءات الجزائية الذي عرف أشواطا متقدمة و تناول عدة محاور هامة
،أو كذلك من خالل ضرورة تطوير العمل بالعقوبات البديلة ن خالل دعوة السلط المعنية
إلى االهتمام بها من جهة و من جهة أخرى تحسيس و توعية اإلطار القضائي بضرورة
تفعيل العقوبات البديلة لما لها من فوائد عديدة بأن أصبح اليوم التفعيل "ضرورة" تقتضيها
التغيرات الحاصلة على أرض الواقع .فاآلفاق المنتظرة للعقوبات البديلة ال تقتصر على
الجانب التشريعي فحسب بل تتجاوزه إلى الجانب العملي أين نتحدث عن آفاق التفعيل التي
سيتم التعرض إليها خالل الجزء الفرعي الثاني من البحث من خالل التطرق إلى مكتب
المصاحبة كمشروع نموذجي رائد في هذا المجال.
93
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
لدراسة اآلفاق المنتظرة للعقوبات البديلة فإن األمر ال يقتصر على مجال التشريع
الذي يجب تطويره ليتفاعل مع الواقع الموجود ،بل يتجاوز ذلك إلى مجال التفعيل أي
تطبيق هذه العقوبات البديلة على أرض الواقع بتجاوز جملة الصعوبات و العراقيل التي
تحول دون التفعيل .
ويعد مكتب المصاحبة الواقع إنشاءه بدائرة االستئناف بسوسة مشروعا نموذجيا في
هذا المجال إذ يهتم بتفعيل العقوبة البديلة المتمثلة أساسا في عقوبة العمل لفائدة المصلحة
العامة و هي إحدى العقوبتين التي إنبنى عليهما موضوع هذا البحث ،إضافة إلى اهتمامه
ببعض اآلليات األخرى كمؤسسة السراح الشرطي و غيرها .و هو ما يدفعنا إلى التعريف
بمكتب المصاحبة في ( مبحث أول) ثم التطرق إلى دور مكتب المصاحبة في تفعيل
العقوبات البديلة في (مبحث ثان) .
94
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
يمر التعريف بمكتب المصاحبة عبر بيان تعريف المصاحبة في حد ذاتها في (فقرة
أولى) ثم إلى التطور التاريخي للمصاحبة في (فقرة ثانية) لنختم بنشأة مكتب المصاحبة
بالبالد التونسية في (فقرة ثالثة).
و المصاحبة آلية ثالثية األبعاد تتطلب وجود مكتب مصاحبة ،محكوم عليه من
أجل مخالفة أو جنحة بسيطة و مؤسسة مشغلة منتفعة من خدمات هذا األخير المجانية.
أما على المستوى اللغوي فإن المصاحبة تعني مدة اختبار توافق ما حكم به من
عقاب سالب للحرية على أساس استبداله بساعتي عمل مقابل كل يوم سجن يبرز من خاللها
المحكوم عليه مدى وعيه بما اقترفه من أفعال مجرمة قانونا و مدى استعداده لالندماج من
جديد في المجتمع من خالل االنخراط في منظومة العمل لفائدة المصلحة العامة. 1
بينما على المستوى القانوني فالمصاحبة هي المدة الموافقة لمدة العقوبة السجنية
المعتمدة على أساس ساعتي عمل عن كل يوم سجن ،و التي يشرف عليها مكتب يترأسه
-1هذا ما بينه السيد قاضي تنفيذ العقوبات بسوسة في تقريره السنوي للسنة القضائية 3022-3023
95
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
قاضي تنفيذ العقوبات بمساعدة معاونين له حول تنفيذ برنامج عمل لفائدة مؤسسة مشغلة من
طرف المحكوم عليه وذلك من خالل مراقبته و مساندته مع التقيد بجملة من االلتزامات
تساعده على سرعة االندماج في المجتمع و الحيلولة دون الرجوع للجريمة.
تاريخيا ظهرت فكرة الصاحبة منذ سنة " 2971بانجلترا" مع المحكوم عليهم
المسرحين و أول تقنين حول المصاحبة يعود إلى سنة . 2971
وفي سويس ار انتشرت فكرة المصاحبة منذ القرن التاسع عشر بعدة مقاطعات
سويسرية كما ظهرت عدة مؤسسات في الغرض إلنجاح هذه التجربة من ذلك مثال مؤسسة:
-1منية السافي :مداخلة بعنوان "تقديم تجربة المصاحبة في تونس" مارس 3022ص 1
96
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
أما في تونس فقد ظهرت فكرة المصاحبة منذ سنة 1121ليتم إنشاء أول مكتب
مصاحبة بسوسة الذي انطلق في نشاطه الفعلي منذ تاريخ .1121-12-11
تجربة مكتب المصاحبة تجربة رائدة و قد جاءت الفكرة نتيجة جملة من العوائق
و الصعوبات التي عرفها نطاق التطبيق و التفعيل بالنسبة لواقع العقوبات البديلة ،و ذلك لما
لها من فوائد على مستوى الحد من ظاهرة االكتظاظ بالسجون و الحد من العود.
هذا و قد شهدت الدائرة القضائية بسوسة ميالد تجربة جديدة في تفعيل عقوبة العمل
لفائدة المصلحة العامة من خالل تركيز مكتب المصاحبة النموذجي بمقر محكمة الناحية
بسوسة 1سابقا.
فماهي المراحل التاريخية السابقة إلحداث مكتب المصاحبة ؟ و فيما تتمثل مراحل
نشأته بصفة فعلية ؟ وانطالقا من هذين التساؤلين سنتعرض إلى المراحل التاريخية السابقة
إلحداث مكتب المصاحبة (أ) لنصل إلى مراحل نشأته بصفة فعلية (ب).
97
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
نظ ار لما تشهده السجون التونسية من اكتظاظ نتيجة كثرة عدد المساجين و قلة عدد
المؤسسات العقابية إذ على قاعدة مائة ألف ساكن يوجد لدينا مائتي سجين متجاوزين بالتالي
النسبة العالمية المقدرة بمائة و سبعة و ستين سجين حسب ما أبرزته اإلحصائيات المسجلة
في الغرض.
فكان بالتالي أن تحركت الجهات المعنية للحد من ظاهرة اكتظاظ السجون التونسية
و ذلك بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب األحمر ،و في الغرض تم إعداد خطة عمل
تهدف إلى الحد من ظاهرة االكتظاظ بالسجون من خالل التقليص من عدد المساجين عبر
دراسة اآلليات الكفيلة بذلك و كذلك من خالل محاولة التقليص من نسبة العود المتفشية التي
تمر عبر تحقيق إعادة اإلدماج و التأهيل بالنسبة للمحكوم عليهم داخل المجتمع من جديد .
ولتحقيق هذه األهداف السابقة الذكر تم إبرام اتفاقية تعاون مع اللجنة الدولية للصليب
األحمر ،و تفعيال لهذه االتفاقية تم تكوين فريق عمل شرع في عقد جلساته ابتداءا من سنة
. 11117
فكان أن تم إنشاء فريق عمل خاص بهذا المشروع النموذجي بدائرة محكمة
االستئناف بسوسة بتاريخ 9فيفري ، 1121يتركب من ثلة من القضاة الحريصين على
إنجاح هذا المشروع إضافة إلى تواجد مدير السجن المدني بالمسعدين آنذاك لما له من
أهمية خاصة و أن هذا المشروع يسعى إلى تفعيل كل التدابير البديلة للعقوبة السجنية لما
لها من فائدة على المؤسسة العقابية في حد ذاتها.
وفي إطار اإلعداد للمشروع النموذجي لمكتب المصاحبة تم القيام بزيارة عمل في
اتجاه سويس ار الدولة الرائدة في هذه التجربة بدعوة من اللجنة الدولية للصليب األحمر وذلك
-1منية السافي و يوسف رمضان :التقرير الوسطي للمشروع النموذجي للمصاحبة ص 3
98
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
بعد االنتهاء من هذه المهمة ،تم عقد جلسة عمل بتاريخ 1121-11-29ضمت
كافة فريق العمل الذي تم تكوينه للغرض وتمحورت هذه الجلسة حول تقييم المهمة المنجزة
في سويس ار في إطار السير بالمشروع النموذجي المزمع القيام به نحو االنجاز الفعلي .
و لتنفيذ المشروع النموذجي انعقدت جلسة عمل أخرى بتاريخ غرة جوان 1121
حضر فيها الخبير الدولي في هذا المجال السيد "أندري فالتون" و ترأسها السيد كاظم زين
العابدين في إطار تحوير منظومة العقوبات الجزائية و التقليص من عدد المساجين
و تحسين ظروف التكفل بالمحكوم عليهم داخل المؤسسة العقابية حتى يتم تقليص نسبة
العود و تفعيل العقوبات البديلة لتسهيل إعادة اإلدماج و تدارس ضرورة إدخال إصالحات
تشريعية في سبيل إنجاح منظومة المصاحبة. 1
و في الختام فقد أفضت جلسات العمل المجراة إلى تركيز مشروع نموذجي
للمصاحبة بدائرة استئناف سوسة ووقع إحداث فريق تنفيذي خاص به. 2
-1التقرير السنوي للسيد قاضي تنفيذ العقوبات بالمحكمة االبتدائية بسوسة للسنة القضائية . 3022-3023
-2منية السافي و يوسف رمضان :التقرير الوسطي للمشروع النموذجي للمصاحبة.
99
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
بالنسبة للنشأة الفعلية لمكتب المصاحبة فقد كان ذلك بمبادرة مشتركة بين اللجنة
الدولية للصليب األحمر و و ازرة العدل بتونس ،إذ تم إحداث هذا المكتب بدائرة قضاء
استئناف سوسة ،و قد عرف مسار إحداثه ثالثة مراحل هامة ال بد من اإلتيان على ذكرها:
)1المرحلة األولى و هي مرحلة التكوين و التأطيرو التي عرفت القيام بأيام دراسية
في الغرض و ذلك من 15نوفمبر 1121إلى 19ديسمبر 1121بمقر المحكمة االبتدائية
سوسة 1من خالل تلقي تكوين نظري حول تاريخية فكرة المصاحبة و أهدافها مع عرض
لبعض التجارب و من ذلك عرض للتجربة السويسرية تحت إشراف رئيس المؤسسة
السويسرية للمصاحبة بمقاطعة فود » « Fondation Vaudoise de Probationالسيد
"جاك موني" » . « Jacques Monney
المرحلة الثانية وهي مرحلة إحداث المكتب و تسمية األعضاء : )2
وقع إحداث مكتب المصاحبة بسوسة بمقر المحكمة االبتدائية سوسة 1و هو فضاء
مستقل عن المحكمة يسمح بممارسة مهامه و استقبال المحكوم عليهم بمكاتب مستقلة.
و يشتمل هذا المكتب على أربعة أعضاء تم إلحاقهم من إدارة السجون واإلصالح
من ذوي الخبرة الكافية في هذا الميدان و لهم اختصاصات في المجال النفسي
و االجتماعي.
100
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
كما وقع تجهيز المكتب بكل وسائل العمل المتاحة من تجهيزات إعالمية ومكتبية،
مع إمكانية الربط بالمنظومة الجزائية ،ووقع تسخير سيارة إدارية لتيسير تنقل أعضاء
المكتب في إطار متابعتهم و مراقبتهم تنفيذ المحكوم عليهم برنامج العمل في المؤسسات
المنتفعة و التواصل معهم قصد مساعدتهم على االندماج في محيط العمل.
)3المرحلة الثالثة و األخيرة وهي مرحلة انطالق النشاط الفعلي لمكتب المصاحبة:
تعود انطالقة النشاط الفعلي لمكتب المصاحبة ليوم األربعاء الموافق للثالث
و العشرين من شهر جانفي ثالثة عشر و ألفين بمقره المذكور ،هذا و قد قام فريق العمل
الموجود بضبط خطة عمل تمثلت في البداية في إجراء زيارات ميدانية لبعض المؤسسات
المنتفعة على غرار المستشفى الجامعي بسهلول من والية سوسة و الهدف من ذلك التعريف
بمكتب المصاحبة ،و مهامه لحداثة عهده ،إضافة إلى التعريف بأعضائه وضبط عالقات
التواصل بين المكتب من جهة و المؤسسة المنتفعة من جهة أخرى.1
وفيما بعد تم توزيع األدوار بين كافة أعضاء المكتب المتواجدين و عددهم أربعة
و ذلك بإسناد كل واحد منهم لعدد من المؤسسات المنتفعة حسب تقسيم جغرافي تم اعتماده
للغرض وتوزيع أيام الزيارات الميدانية باعتماد قاعدة التناوب فيما بينهم .
وفي النهاية يتم إعداد ملف خاص بالمتابعة و المراقبة من طرف مكتب المصاحبة
يتضمن المقاييس التالية وهي انتهاج المرحلية في انجاز المهمة و تكثيف التواصل بين
المحكوم عليهم و المؤسسات المشغلة المنتفعة مع إجراء تقييم في الغرض من طرف كل
جهة معنية و نعني بهما مكتب المصاحبة و المؤسسة المنتفعة.
لئن تم التعريف بمكتب المصاحبة الذي تم إنشاؤه حديثا بدائرة استئناف سوسة من
خالل تعريف المصاحبة في حد ذاتها ثم بيان تاريخية فكرة المصاحبة قبل أن نأتي على
نشأة مكتب المصاحبة بالبالد التونسية و تحديدا بوالية سوسة من خالل ذكر المراحل
التاريخية السابقة إلحداثه وصوال إلى نشأته الفعلية ،فأي دور لمكتب المصاحبة على
مستوى تفعيل العقوبات البديلة خاصة و نحن بصدد البحث عن آفاق التفعيل في هذا
الموضوع الذي لقي صعوبات كثيرة على مستوى التطبيق ؟
لئن تمثلت العقوبات البديلة الواردة في النص في عقوبتي العمل لفائدة المصلحة
العامة و التعويض الجزائي ،فإن اهتمام مكتب المصاحبة الذي تم إحداثه مؤخ ار انصب
على أهم هاتين العقوبتين أال وهي عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة من خالل متابعة
تنفيذها من طرف المحكوم عليهم خاصة بعد ما عرفته هذه العقوبة البديلة من صعوبات
و عراقيل على مستوى التفعيل و من ثم على مستوى التنفيذ .ففيما تتمثل أعمال مكتب
المصاحبة الذي تم إحداثه بسوسة في الوقت الراهن؟ و ما هي اآلفاق المنتظرة من إنشائه ؟
و بناءا عليه سنتطرق في (فقرة أولى) إلى أعمال مكتب المصاحبة في الوقت الراهن ،
لنتعرض في (فقرة ثانية) إلى اآلفاق المنتظرة من إنشاء هذا المكتب.
لئن جاءت فكرة إحداث مكتب مصاحبة بالبالد التونسية على غرار عدة دول أجنبية
فإن الغاية من ذلك هي ا لسعي و الحرص على تنفيذ العقوبات البديلة في مفهومها الواسع
في أحسن الظروف و تذليل الصعوبات المعيقة لتفعيلها.
102
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
المحكوم عليهم بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة بناءا على أحكام باتة صادرة في
الغرض و هو محور العنصر (أ).
يتمثل دور مكتب المصاحبة باألساس في التعهد بمتابعة تنفيذ عقوبة العمل لفائدة
المصلحة العامة كعقوبة بديلة للعقوبة السجنية ،و في إطار هذا التعهد حاول مكتب
المصاحبة االرتقاء بمستوى التعامل بينه و بين المحكوم عليهم من جهة ،و بينه و بين
المؤسسات المنتفعة المشغلة لهم من جهة أخرى .إذ يجب على كل طرف متداخل أن
يحرص على احترام االلتزامات المحمولة عليه ،من ذلك مثال من واجب المؤسسة المشغلة
اإلشعار بغياب المحكوم عليه عن الحضور للقيام بعمله كلما حصل إخالل من جانبه ،
و من واجب المحكوم عليه االلتزام باحترام التوقيت و باالنضباط داخل المؤسسة مع إتباع
سلوك حسن و قويم و أن يكون ذو هندام الئق ،ومن جهته على المكتب أن يتعهد بمتابعة
عملية تنفيذ العقوبة البديلة كما ينبغي ،إضافة إلى تشريكه للمؤسسات المنتفعة من المتابعة
و المساندة قصد تسهيل عملية إدماج المحكوم عليهم في المجتمع ،و يتمثل دور المكتب
هنا في اإلصغاء لملحوظات المؤسسة خاصة عند مرحلة التقييم النهائي للمحكوم عليه الذي
1
أتم عمله.
و يخلص مكتب المصاحبة في النهاية إلى إعداد تقرير سنوي يضمن به جملة
األعمال التي تم القيام بها خالل كل سنة من تعهده حول نشاطه الذي يجب أن يتضمن
رصدا لعدد الملفات الواقع فيها االنجاز التام للعمل من طرف المحكوم عيه بالعقوبة البديلة،
كما يتضمن القيام بالمتابعة حول تحديد درجة العود و األسباب الداعية إلى ذلك.
-1يوسف رمضان :.تجربة المصاحبة بتونس :من المشروع إلى التشريع ص8
103
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
و عند التعهد بملف قاض باستبدال العقوبة السجنية بعقوبة العمل لفائدة المصلحة
العامة ،فإن الوثائق المكونة للملف تتمثل فيما يلي :نسخة من الحكم الجزائي القاضي
باستبدال العقوبة السجنية بالعقوبة البديلة ( العمل لفائدة المصلحة العامة ) ،وثيقة استدعاء
المحكوم عليه من طرف مكتب المصاحبة ،وثيقة في طلب عرضه على الفحص الطبي من
طبيب السجن القريب من مقر إقامته ،ب طاقة إرشادات اجتماعية تخص المحكوم عليه تحمل
إمضائه ،التزام بتنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة تجاه مكتب المصاحبة ،التزام
المحكوم عليه تنفيذ العقوبة البديلة تجاه المؤسسة المشغلة المنتفعة يحمل إمضائه ،التزام
المؤسسة تجاه مكتب المصاحبة يحمل إمضائها عليه ،وثيقة برنامج العمل ،بطاقة متابعة
،محضر توجه ،محضر سماع ،استمارة تقييم (ملحق عــ1ـــدد).
وتتمثل صالحيات مكتب المصاحبة عند التعهد بملف قاض بالعقوبة البديلة المتمثلة
في عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة التي تمكن المحكوم عليه المبتدئ من تفادي الدخول
للسجن مقابل قيامه بعمل لفائدة المجتمع تعويضا له عما اقترفه من جرم ،أوال المبادرة
باستدعاء المحكوم عليه بالعقوبة البديلة طبق القانون و تحديد المؤسسة المشغلة من ضمن
قائمة المؤسسات التي اجتهد مكتب المصاحبة في إعدادها (ملحق عــ8ــدد) ،مع التأكيد
على أهمية دور المؤسسة المنتفعة في إنجاح أهداف مكتب المصاحبة و ذلك من خالل
السهر على حسن تيسير إدماج المحكوم عليهم في المنظومة الشغلية و التحسيس بأهمية
و قيمة العمل الذي ينجز من طرفهم تنفيذا للعقوبة البديلة إضافة إلى تفعيل دور اإلحاطة
و التوجيه للمؤسسة المنتفعة.
ومن أهداف مكتب المصاحبة الحد من ظاهرة العود و منح فرصة للمحكوم عليهم
المبتدئين لإلصالح و محاولة االندماج مجددا في المجتمع ،إضافة إلى العمل على
التقليص و الحد من ظاهرة االكتظاظ بالسجون التونسية من خالل التحسيس بضرورة تفعيل
104
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
العمل بالعقوبات البديلة و تفادي العقوبة السالبة للحرية خاصة بالنسبة للمخالفات بصفة
و بالنسبة للجنح البسيطة بصفة خاصة. عامة
إذ تتمثل مهام مكتب المصاحبة في مرحلة أولى في متابعة تنفيذ عقوبة العمل لفائدة
المصلحة العامة من قبل أعضائه ،و مراقبة حسن سير برنامج العمل لفائدة المصلحة
العامة ،و توجيه و مساندة المحكوم عليهم بالدعم المعنوي و حسن اإلحاطة النفسية و في
مرحلة ثانية ترتيب و متابعة عملية تنفيذ العقوبات في حظيرة المجتمع .
وتفيد اإلحصائيات التي تم رصدها في إطار نشاط مكتب المصاحبة خالل الفترة
الممتدة من 1121-12-11إلى 1121-19-25أن العدد الجملي للملفات الواردة على
مكتب المصاحبة بلغ ثالثة و ثالثين ملفا منها خمسة و عشرين بصدد االنجاز و هو عدد
مهم يأمل أعضاء مكتب المصاحبة أن يتطور من خالل تفعيل المحاكم الراجعة بالنظر ترابيا
للمكتب للعقوبة البديلة المتعلقة بالعمل لفائدة المصلحة العامة. 1
ومن الق اررات الجريئة التي تم اتخاذها في طور تحقيق األطفال قبل البت في
القضية هو "قرار إخضاع طفل للمتابعة من قبل مكتب المصاحبة" (ملحق عـ9ـدد) خالل
شهر فيفري 1126و هو ما من شأنه التوسيع في مهام المكتب الذي ال يقتصر على متابعة
تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة بعد المحاكمة بل يتجاوزه إلى التدخل قبل
المحاكمة في طور التحقيق مثال .ومن األعمال التي قام بها أعضاء المكتب في إطار
برنامج المتابعة القيام ببحث اجتماعي في الغرض للطفل الخاضع للمتابعة تضمن التعريف
به من خالل بيان هويته و وضعيته الجزائية ثم الوضعية االجتماعية و االقتصادية لألسرة
منتهيا إلى الوضعية االجتماعية و االقتصادية للطفل الخاضع لبرنامج المتابعة و مراحل
و اشتمل البحث االجتماعي على بطاقة إرشادات خاصة بالطفل تطور حياته المدرسية
ومضمون والدته الشخصي.
-1هذا ما ورد بالتقرير السنوي للسيد قاضي تنفيذ العقوبات بالمحكمة االبتدائية بسوسة للسنة القضائية 3022-3023
105
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
ليشمل دور مكتب المصاحبة في إطار التعريف بفكرة المصاحبة مهمة التحسيس
من خالل القيام بعدة دورات تكوينية في الغرض ،ففيما تتمثل مهمة مكتب المصاحبة في
هذا المجال ؟
106
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
القضائي المعني بالتفعيل حتى يتسنى لمكتب المصاحبة من التدخل الناجع و العمل ومن ثم
تعميم التجربة و االنتشار بكامل الدوائر االستئنافية بالبالد التونسية.
كما تتمثل مهمته أيضا في تكثيف الزيارات التي يقوم بها المكتب لمختلف
المؤسسات المعنية بالتشغيل و ذلك لحثها على قبول المحكوم عليهم بالعقوبة البديلة
و تجاوز عائق التخوف منهم و يتمثل الهدف من هذه الزيارات في التعريف بنشاط مكتب
المصاحبة و تحسيس الجهة المستقبلة لهذه الفئة من المجتمع بأهمية عقوبة العمل لفائدة
المصلحة العامة كعقوبة بديلة لها عدة فوائد على مختلف المستويات.1
و من أهم ما يمكن اإلشارة إليه أنه تم خالل سنة 1126تنظيم عدد من الورشات
التدريبية لدرس المسألة من عدة جوانب نذكر من بينها الورشة التدريبية األولى الحاصلة
خالل هذه السنة الحالية يومي الجمعة و السبت الموافق ليومي 17و 11جانفي 1126
و هي الورشة المتعلقة ب " نحو تعزيز فعالية التدابير البديلة عن االحتجاز في كل أطوار
المحاكمة الجزائية و مراحل التنفيذ " و التي تم تنظيمها بنزل "برج خلف" بسوسة بالتعاون
مع المنظمة الدولية لإلصالح الجنائي و المنظمة التونسية لإلصالح الجزائي و األمني ،
و ي تمثل إطار الورشة في التفكير في إيجاد حلول و مقترحات لمواطن الضعف التي حالت
دون تفعيل هذه التدابير مع ضرورة تحسيس كل األطراف المعنية بذلك و قد تلتها عديد
الورشات التي حضرها إلى جانب قضاة الجزائي بالجهة المحامون و بعض ممثلي المجتمع
المدني ضرورة أن الجميع معنيون بالمصاحبة و بتفعيل العقوبات البديلة.
هذا و يعود اهتمام المجتمع الدولي بالعقوبات البديلة إلى فترة الستينات إال أنه
و منذ فترة التسعينات بدأت الجهود الدولية تسعى إلى إقرار التدابير غير االحتجازية في
مفهومها الواسع لما لها من فوائد على المجتمع عامة و على المحكوم عليهم بصفة خاصة،
ومن أهم المبادئ و الضوابط لإلقرار بالتدابير غير االحتجازية في مفهومها الواسع هو
-1منية السافي و يوسف رمضان :التقرير الوسطي للمشروع النموذجي للمصاحبة ( ) 3022ص8
107
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
تشريك المجتمع المدني في تنفيذ العقوبة البديلة و المتمثلة في عقوبة العمل لفائدة المصلحة
العام ة و إخراجها من إطار المؤسسة القضائية و السجنية و مرورها للمؤسسات العمومية
المنتفعة .ما يجعل أن الهدف األساسي من هذه الورشات يكمن في الدفع نحو تطبيق أكثر
فعالية للتدابير غير االحتجازية وخاصة للعقوبات البديلة محور هذا البحث سعيا لتحقيق
العدالة الشاملة و تعزيز نهج اإلصالح و إرساء مبادئ المحاكمة العادلة في كل أطوار
المحاكمة.
هذا و تضمن محتوى هذه الورشات الوقوف على عدة محاور هامة منها مقدمة عن
التدابير غير االحتجازية التي قدمتها األستاذة سامية حبوب الخبيرة باألردن تناولت فيها
المفهوم ،األهداف و المبادئ مؤكدة في مداخلتها على مبررات األخذ بالتدابير غير
االحتجازية و فوائدها على كل األطراف المعنية المتداخلة في الموضوع ،كما تعرضت إلى
أهم اإلعالنات التي تبنتها الجمعية العامة لألمم المتحدة في هذا المجال و منها اإلعالن
العالمي لحقوق اإلنسان و العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية و اتفاقية حقوق الطفل
و قواعد األمم المتحدة الدنيا النموذجية للتدابير غير االحتجازية على غرار قواعد طوكيو ،
قواعد بكين و قواعد بانكوك :كلها إعالنات و قواعد تهدف إلى الحد من العقوبة السالبة
للحرية و التشجيع على تفعيل العمل بالعقوبات البديلة كخيار أفضل ،منتهية في مداخلتها
إلى بيان مقاربة هامة جمعت بين النهج العقابي و النهج اإلصالحي أيهما األفضل ؟
هذا و تطرق المتداخلون في الورشات إلى أهمية دراسة تاريخ تطور مفهوم العقوبة
و فلسفتها ،و في التعريف بمكتب المصاحبة من خالل الواقع و اآلفاق و دور مكتب
المصاحبة النموذجي في تأجيل تنفيذ العقوبة ثم الصعوبات التطبيقية للعقوبات البديلة
و صوال إلى المعوقات و التحديات في تطبيق التدابير غير االحتجازية و الحلول
في و التوصيات المقترحة .كل هذا باإلضافة إلى تحديد دور قاضي تنفيذ العقوبات
108
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
اإلشراف و المتابعة على تنفيذ العقوبات البديلة غير االحتجازية تم فيها االعتناء بالتجربة
التونسية الرائدة في هذا المجال من خالل دراسة للواقع الموجود و اآلفاق المنشودة.
كما عرفت السنة الحالية 1126أيضا تنظيم ورشتي عمل أخرى في هذا المجال
تعنى بنفس الموضوع األولى بعنوان " تعزيز برامج العقوبات البديلة و برامج المصاحبة :
المساعدة القانونية و أهميتها في إنفاذ العقوبات البديلة " و الثانية بعنوان " تعزيز برامج
العقوبات البديلة و برامج المصاحبة :المشاركة المجتمعية لخدمات أفضل " ،عناوين
و مواضيع مطروحة تدل على أهمية التطرق لموضوع العقوبات البديلة في وقتنا الراهن
و تفعيل دور مكتب المصاحبة في هذا المجال.
-1إحصائي ة مستمدة من البرنامج األسبوعي اليوم الثامن الذي تم بثه على قناة الحوار التونسي خالل شهر أفريل 3022
109
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
ضرورة إعالم مكتب المصاحبة بكل اإلخالالت التي تم التعرض إليها أثناء عملية التنفيذ
والمشاركة الفعالة في عملية اإلدماج خارج إطار تنفيذ العقوبة .ومن بين منظمات المجتمع
المدني نذكر على سبيل الذكر ال الحصر مركز رعاية المسنين ومعهد الكفيف بسوسة ،ويعد
هذا الحل المتمثل في تشريك هذه المنظمات أحد الحلول الناجعة لتجاوز العائق المتمثل في
تخوف المؤسسات العمومية التي نص عليها الفصل 29من م.ج.
كما تم الوقوف على الدور المنشود لمنظمات المجتمع المدني في تنفيذ برنامج
المصاحبة من خالل تعزيز اإلطار القانوني لدور هذه المنظمات في برنامج المصاحبة
و تفعيل آليات التخصص و التمويل لدفع الجهود الرامية إلدماج المحكوم ضدهم و الحد من
ظاهرة العود لديهم .بالتالي يمكن أن تكون هذه المنظمات خير سند لمجهود لجنة المصاحبة
التي تم بعثها من خالل هذه الدورات في تفعيل العقوبات البديلة .
هذا و نشير كذلك إلى ما وقع التطرق إليه أيضا في تحديد و أهمية دور المحامي
أثناء إثارة التتبع الجزائي من خالل تفعيل آلية الصلح بالوساطة التي أقرها المشرع التونسي
بمقتضى القانون عـ71ـدد لسنة 1111و المؤرخ في 17أكتوبر ، 1111وصوال إلى دور
المحامي أثناء المحاكمة و بعدها ،فأثناء المحاكمة يجب عليه تفعيل العمل بالعقوبات
البديلة أثناء الدفاع عن منوبه بطلب تطبيق إحداها عليه أال وهما عقوبتي العمل لفائدة
المصلحة العامة والتعويض الجزائي بهدف تجنيب منوبه العقوبة السالبة للحرية .وال يقتصر
دوره على مجرد المطالبة بتطبيق تلك العقوبات فحسب بل السعي إلقناع المحكمة بوجاهة
الطلب و تحسيسها بوضعية منوبه االجتماعية و المادية و الصحية ..أما بعد المحاكمة
فيتمثل دور المحامي كذلك في حمل و تحفيز منوبه على تنفيذ الحكم الصادر لفائدته
بالعقوبة البديلة خالل أجله القانوني المنصوص عليه صلب نص الحكم ذاته حتى ال يفوت
على نفسه اآلجال القانونية للت نفيذ و يصبح عرضة لتسليط العقوبة السجنية المحكوم بها
أصالة عليه .
110
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
و نظ ار ألهمية المواضيع التي تم التطرق إليها خالل هذه الورشات التدريبية فإن
الغاية األولى و األساسية من ورائها تكمن في التحسيس بضرورة تفعيل العقوبات البديلة في
مفهومها الضيق والتي تشمل ما نص عليه الفصل 5من م.ج إضافة إلى تفعيل مختلف
التدابير غير االحتجازية األخرى و ذلك ألن الهدف من جميعها واحد و يتمثل في تجنيب
المحكوم عليه سلبه حريته و تجنيبه مغبة العود من جهة و من جهة أخرى التقليص من حدة
ظاهرة االكتظاظ بالمؤسسات العقابية تطبيقا ألحكام الفصل 11من الدستور التونسي لسنة
1121الذي نص على أنه " لكل سجين الحق في معاملة إنسانية تحفظ كرامته.
تراعي الدولة في تنفيذ العقوبات السالبة للحرية مصلحة األسرة ،و تعمل على إعادة تأهيل
السجين و إدماجه في المجتمع".
هذا فيما يتعلق بأعمال مكتب المصاحبة في الوقت الراهن و التي تتمحور باألساس
في التعهد بملفات المحكوم عليهم بالعقوبة البديلة و المتمثلة في العمل لفائدة المصلحة
العامة و المنتفعين بالسراح الشرطي في حدود اختصاص قاضي تنفيذ العقوبات باإلضافة
إلى القيام بعدة ورشات تدريبية في الغرض تحت إشراف المنظمة الدولية لإلصالح الجنائي
غايتها التعريف بفكرة المصاحبة و بالمكتب الذي تم إحداثه مؤخ ار وتحسيس اإلطار القضائي
بضرورة تفعيل العقوبات البديلة حتى يتسنى له العمل على متابعة تنفيذها و كذلك تحسيس
المؤسسات المشغلة التي نص عليها المشرع التونسي مع إيجاد بديل لها يتمثل في منظمات
المجتمع المدني الذي قد يكون الحل األمثل لتفعيل العقوبات البديلة إذا ما واصلت تلك
المؤسسات تخوفها و رفضها تشغيل المدانين جزائيا.
لكن أعمال مكتب المصاحبة ال تقتصر على هذا الحد و إنما تتجاوز ذلك .فماهي اآلفاق
المنتظرة من إنشاء مكتب المصاحبة ؟
111
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
بالتالي يمكن التعرض في عنصر أول إلى دور المكتب في تذليل الصعوبات التي تعترض
عمله (أ) ثم الحلول و المقترحات المنتظرة إلنجاح هذا المشروع (ب) .
تتمثل مهمة أعضاء المكتب في مرحلة أولى في تذليل الصعوبات التي تعترضه في
إطار قيامه بمهامه حتى ينجح في المهمة الجديدة الموكولة له .و من بين هذه الصعوبات
التي تم رصدها هو افتقار عدد من الملفات المعروضة أمامه للمتابعة على مستوى مضامين
األحكام المرسلة إلى جملة من المعطيات الهامة من ذلك عدم التنصيص على مقر المحكوم
عليه بكل دقة و لتجاوز مثل هذه الصعوبة وجب استجماع أكثر ما يمكن من المعطيات
112
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
خاصة عند مرحلة المحاكمة بخصوص مقره بالتحديد و محاولة تدوين رقم ندائه الشخصي
إن أمكن ذلك ، 1من خالل محاضر األبحاث و عدم التأخر في توجيه مضامين األحكام
حتى يتم متابعة تنفيذها خالل اآلجال القانونية ،إضافة إلى عدم مبادرة المحكوم عليه
باالتصال من تلقاء نفسه بقاضي تنفيذ العقوبات و مكتب المصاحبة رغم علمه بصدور
الحكم و عدم إشعاره بتغيير مقر إقامته الذي يحصل في أغلب األحيان مع عدد ال باس به
من المحكوم عليهم الغير مستقرين بالجهة و قدموا من قرى ومدن مجاورة لسوسة بحثا عن
العمل أو الدراسة أو غيرها من األسباب .
كما أنه من الصعوبات األخرى التي حصلت هي رفض المتهمين أثناء مرحلة
المحاكمة للعقوبة البديلة دليل على عدم فهمهم لمضمونها و محتواها ومن أسبا الرفض أيضا
األسباب الخارجة عن إرادة المحكوم عليهم من ذلك عدم قدرته على العمل أو أن له عمال
ثان ال يرغب في خسارته ،لذا وجب تفعيل دور المحامي في هذا المجال في تحسيس منوبه
بأهمية العقوبة البديلة و أهمية قبولها تفاديا لمساوئ السجن الوخيمة .كما يعد الفحص الطبي
المجرى من طبيب السجن القريب من مقر إقامة المحكوم عليه عائقا آخر يمكن تجاوزه
بإيجاد بديل له يتمثل في الحصول مثال على إذن من قاضي تنفيذ العقوبات للقيام بهذا
الفحص لدى إحدى مؤسسات الصحة العمومية.2
ما يمكن مالحظته في األخير أن متابعة تنفيذ العقوبة البديلة يعرف وجود عدة
صعوبات و عراقيل يجب العمل على تذليلها و لما ال إزاحتها و تجاوزها .فماهي الحلول
و المقترحات التي يمكن رصدها في هذا المجال ؟
-1يوسف رمضان :تجربة المصاحبة بتونس :من المشروع إلى التشريع ص 20
-2يوسف رمضان :نفس المداخلة السابقة الذكر.
113
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
بالنسبة للحلول ،و لئن اقتصر دور مكتب المصاحبة في البداية على التعهد
بمتابعة ملفات المحكوم عليهم بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة نظ ار لمحدودية عدد
العقوبات البديلة الواردة بالفصل 5من م.ج مما يدفع إلى العمل على توسيع بدائل العقوبة
السجنية ليتكفل هذا المكتب بمتابعتها على غرار ماهو معمول به في القوانين المقارنة التي
ينسحب فيها نظام المصاحبة على جملة المحكوم عليهم بمختلف بدائل العقوبة السجنية دون
االقتصار على عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة.
و في إطار توسيع صالحيات مكتب المصاحبة أصبح دوره ال يقتصر على التعهد
بملفات المحكوم عليهم بالعقوبة البديلة المتمثلة في عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة بل
يتجاوزه ألكثر من ذلك ،إذ تم التوسيع في نشاط المكتب من خالل تفعيل الفصل 159من
م.إ.ج المتعلق بمتابعة و اإلشراف على ملفات ق اررات السراح الشرطي 1التي يصدرها قاضي
تنفيذ العقوبات من ذلك تمكين المسرح شرطيا خالل المدة المتبقية له من العقوبة والتي
انتفع فيها بالسراح الشرطي بأن يقوم بعمل دون مقابل خدمة للصالح العام و باحتساب نظام
ساعتي عمل عن كل يوم سجن إضافة إلى تناول ملفات مطالب الجبر بالسجن كلما طلب
منه ذلك عمال بأحكام الفصل 111من م.إ.ج.
ولتفعيل العقوبات البديلة في مفهومها الواسع الذي يضم مختلف بدائل العقوبة
السالبة للحرية و خاصة منها عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ،يمكن تنظيم عدة زيارات
مخصصة باألساس إلى الوحدة السجنية بسوسة بصفة خاصة و إلى الوحدات السجنية بكافة
تراب الجمهورية في صورة تعميم مكاتب المصاحبة بمختلف المحاكم االبتدائية .و الغاية من
-1زهية الصيادي :مداخلة بعنوان "دور قاضي تنفيذ العقوبات في اإلشراف و متابعة تنفيذ العقوبات البديلة غير االحتجازية "(التجربة التونسية)
ص 2خالل الورشة التدريبية المقامة بتاريخ 20-38جانفي 3022بعنوان "نحو تعزيز فعالية التدابير البديلة عن االحتجاز في كل أطوار المحاكمة
الجزائية و مراحل التنفيذ".
114
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
1
هذه الزيارات هي االطالع بشكل مباشر على ظروف المساجين ومعرفـة مشاكلهم المختلـفة
و الوقوف على أهمية تسليط العقوبة السجنية هل هي في صالح المحكوم عليه إلصالحه و
ردعه أم أنها ستنعكس سلبا عليه مستقبال؟
باإلضافة إلى تنظيم زيارات أخرى إلى المؤسسات المشغلة و خاصة منها منظمات
المجتمع المدني للتعريف أكثر بتجربة المصاحبة في تونس و التأكيد على أهمية قبول فكرة
تشغيل المدانين جزائيا من أجل جرائم بسيطة قصد حمايتهم من مخاطر الدخول للسجن،
و أن هذه المنظمات قد تكون شريكا فاعال في سبيل إنجاح تفعيل العمل بالعقوبات خاصة
البديلة و خاصة منها عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة.
أما فيما يتعلق بالمقترحات المنتظرة إلنجاح هذا المشروع فتشمل جانبين جانب
تشريعي و جانب هيكلي .
على المستوى التشريعي ونظ ار لمساوئ السجن الوخيمة المترتبة عن حالة االكتظاظ
التي باتت ظاهرة متفشية للعيان خاصة بعد أن تم بث البرنامج األسبوعي "اليوم الثامن" الذي
عني بالمسألة خالل شهر أفريل 1126و الذي بين للجميع ما تشهده السجون التونسية من
حالة اكتظاظ و ظروف متردية تعود سلبا على الوضعية الصحية و االجتماعية و المستقبلية
للمساجين المتواجدين بها .فقد أصبح من الضروري تنقيح التشريع و ذلك بحذف العقوبات
السجنية قصيرة المدة و استبدالها بإحدى العقوبات البديلة أو بإحدى بدائل العقوبة السجنية
في مفهومها الواسع من ذلك التعويض الجزائي و الصلح بالوساطة ..إضافة إلى تنقيح
ا لنص الجزائي في خصوص المخالفات و الجنح البسيطة التي ال تتجاوز عقوبتها الستة
أشهر بجعل العقاب المستوجب لها هو إما العقوبة البديلة أو الخطية دون ضرورة استشارة
المتهم اعتمادا على جملة من المعطيات المتعلقة بوضعيته ، 2و إحداث عقوبات بديلة
-1منية السافي و يوسف رمضان :التقرير الوسطي للمشروع النموذجي للمصاحبة .
-2منية السافي و يوسف رمضان :التقرير الوسطي للمشروع النموذجي للمصاحبة ص 22
115
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
إضافية على غرار ماهو مع مول به في القوانين المقارنة من ذلك مثال إقرار العمل بالخطية
اليومية » ، « Le jour amendeو هذه العقوبة الجديدة أبرزت جدواها و فعاليتها وهي
تمكن القاضي من تحديد قيمة اليوم المالي للمخالف أو الجانح حسب مستواه االجتماعي و
المادي حتى يحس المحكوم عليه بما اقترفه من ذنب وبجدوى العقوبة المسلطة عليه لما لها
من تأثير على وضعه المادي باألساس.
أما على المستوى الهيكلي وجب السعي نحو تقنين المصاحبة و تفعيل دور مكاتب
المصاحبة من خالل تعميم هذه المكاتب في كامل أنحاء تراب الجمهورية.
بالنسبة لتقنين المصاحبة و تفعيل دور مكاتب المصاحبة بتوسيع صالحياته ،فلئن تم تعريف
المصاحبة بكونها " جملة الصالحيات المتمثلة في المراقبة و المساندة بمناسبة تنفيذ عقوبة
صادرة عن السلطة القضائية أو مدة اختبار بموجب إنابة قضائية يشرف فيها مكتب يترأسه
قاضي تنفيذ العقوبات بمعاضدة مرافقين عدليين حول تنفيذ برنامج عمل يوازي فيه يوم سجن
ساعتي عمل لفائدة مؤسسة مشغلة من طرف المحكوم عليه أو المسرح شرطيا أو المفرج
عنه مؤقتا أو الواقع في حقه تأجيل تنفيذ العقاب البدني على سرعة االندماج في المجتمع و
الحيلولة دون الرجوع للجريمة".1
لذا وجب تقنين المصاحبة حتى يضطلع المكتب بالدور الموكول له تحت غطاء قانوني ،
من ذلك إحداث دليل إجرائي لمكاتب المصاحبة بمقتضى أمر يقع فيه ضبط محتواه من
الوثائق الضرورية لتيسير العمل داخل مكاتب المصاحبة من خالل ضبط العالقة بين
المكاتب و المحكوم عليهم من جهة و بين المكاتب و المؤسسات المشغلة من جهة أخرى ،
إضافة إلى وضع مكاتب المصاحبة تحت إشراف و ازرة العدل و تحديدا تحت اإلشراف المالي
و اإلداري لإلدارة العامة للسجون و اإلصالح و تحت اإلشراف القضائي للسيد الوكيل العام
-1يوسف رمضان :مداخلة بعنوان "تجربة المصاحبة من المشروع إلى التشريع" ص 2الورشة التدريبية المقامة بسوسة يومي 20-38جانفي
.3022
116
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
بمحكمة االستئناف بسوسة فيما يتعلق بمكتب المصاحبة النموذجي المحدث بسوسة من
ح يث مراقبة نشاط المكتب ومعاينة التقارير الشهرية والسنوية للمكتب والعمل على تذليل
الصعوبات و بالتنسيق مع السيد قاضي تنفيذ العقوبات في ترتيب كل االجتماعات و
الملتقيات والدورات التكوينية المحدثة للغرض ،و تحت اإلشراف العام للسادة الوكالء العامين
بمحاكم االستئناف في صورة تعميم مكاتب المصاحبة بكامل تراب الجمهورية .و يرأس كل
مكتب مصاحبة قاضي تنفيذ العقوبات الذي توكل له مهام التسيير و اإلشراف على مختلف
نشاطات المكتب و مراقبة أعضائه و دراسة كل الملفات واإلشراف على تنفيذ عقوبة العمل
لفائدة المصلحة العامة.1
و نظ ار لعدم وجود غطاء قانوني لعمل لجنة المصاحبة ،مما يجعل هذه المؤسسة تعمل في
إطار من االجتهاد الشخصي ألعضائها مع االستئناس بالتجارب المقارنة في هذا المجال،2
فإن الجديد على مستوى تقنين مكتب المصاحبة هو إمضاء مذكرة تفاهم بين كل من و ازرة
العدل و المنظمة الدولية لإلصالح الجنائي خالل شهر ماي ، 1126و تشمل هذه االتفاقية
مجموعة من األنشطة الهادفة إلى دعم جهود برامج اإلصالح في السجون و مراكز
اإلصالح و في مجال البحوث و الدراسات تقضي االتفاقية بإجراء دراسة تحليلية حول واقع
العقوبات البديلة في سوسة و تقييم التجربة السابقة .و على مستوى التدريب سيتم العمل
على تنظيم عدة ورشات تدريبية الهدف منها حث القضاة المعنيين على تفعيل العمل
بالعقوبات البديلة مع تصميم نماذج إجرائية لدى مكتب المصاحبة بسوسة .كما تشمل
االتفاقية تشكيل لجنة تسمى "لجنة العقوبات البديلة" تجتمع بشكل دوري و تتولى تقييم هذه
اآللية و تعزيز أوجه التعاون بين كل األطراف المعنية بتطبيق العقوبات البديلة.
-1منية السافي و يوسف رمضان :التقرير الوسطي للمشروع النموذجي للمصاحبة ص22
-2أنيس سكمة :مداخلة بعنوان "برنامج المصاحبة و دور منظمات المجتمع المدني في تعزيز االندماج و الحد من العود" خالل ورشتي العمل
المقامة يومي 32و 31فيفري 3022بسوسة.
117
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
و تعد مذكرة التفاهم التي تم إمضائها حديثا بين كل من و ازرة العدل و المنظمة الدولية
لإلصالح الجنائي بادرة خير تشجع على العمل على تعميم تجربة المصاحبة على كامل
الدوائر االستئنافي ة بالبالد التونسية من أجل تفعيل أكثر لواقع العقوبات البديلة الذي أصبح
الحل األمثل للحد من ظاهرة االكتظاظ التي أصبحت تعم السجون التونسية كذلك لوضع
اإلطار القانوني المنتظر لعمل لجنة المصاحبة بصفة خاصة و مكاتب المصاحبة إن تم
تعميمها بصفة عامة.
هذا و يعد مكتب المصاحبة أحد الحلول الناجعة لتجاوز عوائق التفعيل التي عرفتها عقوبة
العمل لفائدة المصلحة العامة منذ أن تم إرساء هذه العقوبة منذ سنة ،2777فماهي اآلفاق
المنتظرة على مستوى التفعيل بالنسبة لعقوبة التعويض الجزائي ثاني العقوبات البديلة التي
جاء بها الفصل 5من م.ج ؟
118
الجزء الثاني :االفـاق المنتظرة للعقوبات البديلة
إن دراسة موضوع العقوبات البديلة ال يقتصر على ما هو موجود فحسب و إنما
على ماهو منشود منها من خالل التطرق إلى اآلفاق المنتظرة للعقوبات البديلة سواء على
مستوى التشريع أو على مستوى التفعيل.
فآفاق التشريع في هذا المجال تتطلب تنقيح بعض أحكام المجالت القانونية و نعني
بها المجلة الجزائية و مجلة اإلجراءات الجزائية المتعلقة أساسا بالعقوبات البديلة من حيث
تعريفها ،تفعيلها و كذلك تنفيذها ،فالتنقيح يجب أن يمر أوال بالفصول المنظمة للعقوبات
البديلة الوا ردة صلب المجلة الجزائية ثم الفصول المتعلقة بتنفيذ هاته العقوبات صلب مجلة
اإلجراءات الجزائية.
و ال تقتصر آفاق التشريع على الجانب القانوني فحسب بل تشمل باإلضافة إلى
ذلك الجانب العملي و الواقعي البحت المتعلق بضرورة تطوير العمل بهذه العقوبات البديلة ،
و يمر هذ ا التطوير عبر التحسيس و التوعية و خاصة تحسيس اإلطار القضائي بضرورة
تفعيل هاته العقوبات البديلة لتجنب مساوئ السجن الوخيمة في صورة االقتصار على العقوبة
السالبة للحرية كمبدأ.
إال أن اآلفاق المنتظرة للعقوبات البديلة ال تقتصر على الجانب التشريعي فحسب
و إنما تتجاوزه لتشمل جانب التفعيل و ذلك من خالل التعرض إلى مكتب المصاحبة
كمشروع نموذجي في هذا المجال يعنى باألساس بتنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة
كعقوبة بديلة من خالل التعريف بهذا المكتب و صوال إلى دوره في تفعيل العقوبات البديلة.
119
الخاتمة العامة
120
الخاتمة العامة
لئن شكلت الجريمة ظاهرة اجتماعية تستدعي العمل على مكافحتها و الحد منها من
خالل اتخاذ منهج قوامه الوقاية و الردع لذلك شرعت العقوبة إلصالح المذنب و تقويم
انحرافه .و قد اتخذت العقوبة عدة تعاريف على المستوى القانوني إذ " تعد الجزاء الجنائي
الرئيسي الذي يواجه به المجتمع مرتكب الجريمة .و يتمثل هذا الجزاء في توقيع شيء
من األذى على الجاني مقابل ما أحدثه من ضرر بفعله المجرم".1
و تطور مفهوم العقوبة عبر التاريخ متخذا عدة أشكال انطالقا من مرحلة االنتقام
الفردي إلى مرحلة االنتقام الجماعي .وقبل اندالع الثورة الفرنسية شهد العالم أكبر حركة
ثقافية لمناهضة العقوبات القاسية ،أدت إلى ظهور المدرسة التقليدية ثم الوضعية وصوال إلى
حركة الدفاع االجتماعي التي تهدف إلى حماية المجرم و المجتمع معا .هذا و تعد عقوبة
السجن العقوبة األكثر تطبيقا في كافة الدول الشيء الذي أدى إلى تزايد عدد النازلين
بالسجون لتصبح ظاهرة اكتظاظ السجون محل اهتمام الكثيرين لما يخلفه السجن من مساوئ.
لذا كان الحل في البحث عن البديل لهذه العقوبة فكانت العقوبات البديلة أفضل
الحلول لتفادي سلبيات المؤسسات العقابية الناتجة عن الظروف المتردية لها .فأي مفهوم
اتخذته ؟ و أي تطبيق عرفته هذه العقوبات البديلة ؟
إن التطرق لموضوع العقوبات البديلة بالبحث يجعلنا نتساءل عن مدى تفعيل
المحاكم لها على أرض الواقع ؟ بالتالي تم بيان محتوى النص القانوني في مرحلة أولى بدءا
بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة الواقع إحداثها بمقتضى القانون عـ97ـدد لسنة 2777
المؤرخ في 11أوت 2777من خالل شروط الحكم بها و التي تختلف عما إذا كانت
العقوبة البديلة تعوض العقوبة السجنية أو تعوض العقوبة المالية ،باإلضافة إلى كيفية
تنفيذها و موانع ذلك .أما العقوبة البديلة الثانية المتمثلة في عقوبة التعويض الجزائي الواقع
إحداثها بموجب القانون عـ69ـدد لسنة 1117المؤرخ في 21أوت 1117فقد تم خاللها
بيان شروط استبدال العقوبة السالبة للحرية بعقوبة التعويض الجزائي و كيفية تنفيذها وصوال
إلى آثار التنفيذ وعدمه.
كما أنه بالتعمق في محتوى النص القانوني الذي أتى بهذه العقوبات البديلة تم
التعرض إلى أوجه تفعيلها من طرف اإلطار القضائي المعني بها سواء عند مرحلة التصريح
بالحكم أو تنفيذه من خالل التطرق لدور كل من قاضي تنفيذ العقوبات على مستوى اإلشراف
على متابعة تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة و النيابة العمومية على مستوى تنفيذ
عقوبة التعويض الجزائي ،إذ بتفعيل العقوبات البديلة تحصل الفائدة المنتظرة من تشريعها
سواء على األطراف المتداخلة أو على المؤسسات المعنية بها ،إال أن التفعيل عرف عدة
عوائق انطالقا من كونه تفعيال محتشما من طرف كل المحاكم التونسية باعتباره لم يرتق إلى
المستوى المنتظر من إرساء هاته العقوبات البديلة .إذ تم التعرض إلى أسباب و نتائج عدم
التفعيل ثم استخالص صعوبات ذلك من خالل دراسة المشاكل التي تعيق التفعيل على
أرض الواقع و الحلول المقترحة لالرتقاء بمستوى تفعيل العقوبات البديلة.
بعد ذلك تم التعرض إلى اآلفاق المنتظرة من إرساء العقوبات البديلة صلب القانون
التونسي بدءا بآفاق التشريع من خالل مشاريع تنقيح كل من المجلة الجزائية ومجلة
اإلجراءات الجزائية وصوال إلى ضرورة تطوير العمل بالعقوبات البديلة من خالل االهتمام
بهذا الصنف من العقوبات و تحسيس كل األطراف المعنية و خاصة منها اإلطار القضائي
بأهمية تطبيق العمل بالعقوبات البديلة الواردة بالنص عوض العقوبة السالبة للحرية للحد من
ظاهرة االكتظاظ التي تشهدها السجون التونسية وما تخلفه من نتائج سلبية.
122
الخاتمة العامة
و ال تقتصر اآلفاق المنتظرة لهاته العقوبات على الجانب التشريعي فحسب بل
تتجاوزه لجانب أهم وهو التفعيل على أرض الواقع .وفي إطار دراسة آفاق التفعيل تم التركيز
على مكتب المصاحبة النموذجي الذي تم إحداثه بسوسة نموذجا في مجال التفعيل لالرتقاء
بمستوى تفعيل العمل با لعقوبات البديلة بصفة خاصة و مختلف البدائل األخرى للعقوبة
السالبة للحرية بصفة عامة إيمانا بكونها الخيار األفضل للقاضي للحد من ظاهرة االكتظاظ
بالسجون التونسية ،و قد اقتضى األمر التعريف بمكتب المصاحبة من خالل تعريف
المصاحبة في حد ذاتها و التطور التاريخي لها وصوال إلى نشأة مكتب المصاحبة بصفة
فعلية بسوسة بتاريخ 11جانفي . 1126
بالتالي فإن مكتب المصاحبة الذي يرأسه قاضي تنفيذ العقوبات يلعب دو ار هاما في
مجال تفعيل العقوبات ال بديلة المتمثلة أساسا في عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة،
فأعمال المكتب انحصرت في البداية في التعهد بملفات المحكم عليهم بعقوبة العمل لفائدة
المصلحة العامة و في الجانب التحسيسي و ذلك من خالل تواتر الورشات التدريبية التي
تعنى بالمسألة بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب األحمر .أما على مستوى اآلفاق المنتظرة
من إنشاء مكتب المصاحبة فتكمن في تذليل الصعوبات التي من الممكن أن تعترض
المكتب أثناء قيامه بمهامه و تجاوزها أو العمل على الحد منها حتى تحصل الفائدة من
إرساء عدة بدائل أتى بها القانون التونسي وهي تنتظر التطبيق و التفعيل من خالل جملة
الحلول و المقترحات المعروضة في الغرض حتى ال تبقى مهجورة .
123
يتعلق الملحق عـ0ـدد بالقوانين المعتمدة
-0إحصائية في القضايا ذات العقوبات البديلة (العمل لفائدة المصلحة العامة) بداية
من السنة القضائية 4113-4114إلى السنة القضائية 4103-4104لمختلف
درجات المحاكم.
-4إحصائية في عدد المحكوم عليهم بعقوبة التعويض الجزائي بداية من السنة
القضائية 4101-4118لمختلف درجات المحاكم إلى حدود السنة القضائية
. 4104-4100
-3إحصائية في تفعيل عقوبة التعويض الجزائي منذ دخول القانون حيز التنفيذ إلى
موفى شهر أفريل 4100لدى مختلف درجات المحاكم.
-2وثيقة معتمدة لدى المحكمة االبتدائية بتونس تتعلق بإحصاء القضايا المحكوم فيها
بالعقوبة البديلة عن كل شهر.
-2إحصائية عامة عن شهر أكتوبر للمساجين المودعين بمختلف الوحدات.
يتعلق الملحق عـ3ـدد باألحكام القاضية بالعقوبة البديلة :العمل لفائدة
المصلحة العامة و التعويض الجزائي
-0وثيقة تتعلق بالتحرير على المحكوم عليه بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة
-4وثيقة تتعلق بعرض المحكوم عليه بالعمل لفائدة المصلحة العامة على طبيب
السجن
-3وثيقتان تتعلق بقبول محكوم عليه بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة موجهة إلى
المؤسسة المشغلة
-2وثيقة تتعلق ببرنامج تنفيذ العقوبة البديلة (قائمة حضور يومية)
-2شهادة في تنفيذ العقوبة البديلة
-3وثيقة موجهة من السيد قاضي تنفيذ العقوبات إلى السيد وكيل الجمهورية تتعلق
بإحالة ملف عقوبة بديلة نظرا لتعذر اإلنجاز
-1وثيقة موجهة من السيد قاضي تنفيذ العقوبات إلى السيد قاضي تنفيذ العقوبات
بمحكمة أخرى باعتباره المختص ترابيا
يتعلق الملحق عـ2ـدد بالوثائق المعتمدة لمتبعة تنفيذ العقوبة البديلة
( التعويض الجزائي ) من طرف ممثل النيابة العمومية
-0مطلب إيقاف تنفيذ على إثر تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي خالل األجل القانوني
-4محضر عرض مال يفيد تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي
-3إصدار قرار بسقوط العقاب البدني المحكوم به بموجب تنفيذ عقوبة التعويض
الجزائي
-2محضر جلسة بتاريخ 4101يقضي باستبدال عقوبة السجن بعقوبة التعويض
الجزائي و خالل األجل القانوني للتنفيذ تم تقديم محضر عرض مال مع وثيقة في
تأمين مبلغ التعويض على ذمة الخزينة العامة للبالد التونسية لعدم وجود المتضرر
بمقره ،انتهى هذا الحكم بإصدار قرار في إيقاف تنفيذ عقاب بدني بموجب تنفيذ
عقوبة التعويض الجزائي.
-2محضر جلسة بتاريخ 4101يقضي باستبدال عقوبة السجن بعقوبة التعويض
الجزائي و خالل األجل القانوني تم تقديم محضر عرض مال بعنوان تعويض
جزائي و نظرا لعدم توصل المتضرر بمبلغ التعويض تم تقديم مطلب في إذن على
عريضة لتأمين مال بالخزينة العامة للبالد التونسية انتهى بصدور إذن بالتأمين،
ومن مؤيدات تنفيذ الحكم المتعلق بالعقوبة البديلة وثيقة التأمين المتعلقة بمبلغ
التعويض الجزائي مع محضر إعالم بتأمين المال لفائدة المتضرر و في النهاية تم
الحصول على قرار في إيقاف تنفيذ عقاب بدني بموجب تنفيذ عقوبة التعويض
الجزائي.
يتعلق الملحق عـ3ـدد بالمناشير المعتمدة
-0وثيقة استدعاء المحكوم عليه بالعقوبة البديلة ( العمل لفائدة المصلحة العامة )
-4وثيقة موجهة من السيد قاضي تنفيذ العقوبات إلى طبيب السجن المدني موضوعها
طلب فحص المحكوم عليه
-3بطاقة إرشادات اجتماعية تخص المحكوم عليه بالعقوبة البديلة
-2التزام بتنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة
-2التزام المحمول عليه تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة تجاه المؤسسة
المشغلة المنتفعة
-3التزامات المؤسسة المشغلة تجاه مكتب المصاحبة
-1البرنامج المتعلق بشروط تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة
-9البرنامج اليومي المتعلق بتنفيذ العقوبة البديلة
-8محضر توجه إلى المؤسسة المشغلة لمتابعة تنفيذ العقوبة البديلة
-01محضرسماع المحكوم عليه بالعقوبة البديلة
-00استمارة تقييم
يتعلق الملحق عـ9ـدد بنموذج لقائمة أهم المؤسسات المشغلة للمحكوم
عليهم بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة و تضم أربعين مؤسسة ،تم
إعدادها من طرف مكتب المصاحبة
يتعلق الملحق عـ8ـدد بنسخة من قرار في إخضاع طفل للمتابعة من قبل
مكتب المصاحبة بسوسة كما تضمن مختلف األعمال التي قام بها
المكتب في هذا المجال وهي:
بحث اجتماعي للخاضع لبرنامج المتابعة -
بطاقة إرشادات اجتماعية للطفل -
مضمون والدة الطفل -
تقرير في زيارة ميدانية -
وثيقة في التشخيص النفسي -
محادثة مع األب بالمكتب -
عــ2ــدد تقارير متابعة للطفل -
التقرير النهائي حول أعمال المتابعة بشأن الطفل معد من رئيس -
مكتب المصاحبة بسوسة
قائمة المراجع
المراجع باللغة العربية
-0المؤلفـات العامة :
-فرج القصير :
القانون الجنائي العام ،مركز النشر الجامعي 3002 ،
-3المقـاالت :
-2المذكـرات :
-هيثم خضراوي ،العقوبات البديلة لعقوبة السجن ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير قانون
األعمال ،كلية الحقوق و العلوم االقتصادية و السياسية ،سوسة 3022-3020
-إيناس الحزامي ،بدائل عقوبة السجن ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في قانون العقود و
االستثمارات ،جامعة تونس المنار ،كلية الحقوق و العلوم السياسية بتونس -3020 ،
3022
-هيفاء ورفلي ،اآلليات البديلة للسجن ،محاضرة ختم تمرين ،الهيئة الوطنية للمحامين ،
الفرع الجهوي بتونس 3022-3023 ،
-أحالم مخلوف ،العقوبات البديلة في القانون التونسي و القانون المقارن ،رسالة لنيل
شهادة ختم الدروس بالمعهد األعلى للقضاء 3002-3000 ،
-عماد بلقاسمي ،العقوبات المستحدثة في القانون الجزائي التونسي ،مذكرة لإلحراز
على شهادة الماجستير في القانون ،شعبة العلوم الجنائية ،جامعة تونس المنار ،كلية
الحقوق و العلوم السياسية بتونس 3008-3009 ،
-زبير عوني ،عقوبة التعويض الجزائي ،رسالة لنيل شهادة ختم الدروس بالمعهد األعلى
للقضاء 3023-3022
-2الملتقيـات :
"-السياسة العقابية بتونس " ملتقى جهوي بدائرة محكمة االستئناف بالكاف ،بتاريخ 03
جويلية 2888
"-العقوبة البديلة " ملتقى جهوي بدائرة محكمة االستئناف بقابس ،بتاريخ 23جانفي
3002
-ورشة عمل بعنوان " نحو تعزيز فعالية التدابير البديلة عن االحتجاز في كل أطوار
المحاكمة الجزائية و مراحل التنفيذ " يومي 38و 20جانفي 3022المكان "نزل برج
خلف " بسوسة .
يوسف رمضان :مداخلة بعنوان " تجربة المصاحبة بتونس :من المشروع إلى
التشريع "
زهية الصيادي :مداخلة بعنوان " دور قاضي تنفيذ العقوبات في اإلشراف و
متابعة تنفيذ العقوبات البديلة غير االحتجازية (التجربة التونسية)".
-ورشتي عمل األولى بعنوان " تعزيز برامج العقوبات البديلة و برامج المصاحبة :
المساعدة القانونية و أهميتها في إنفاذ العقوبات البديلة " و الثانية بعنوان " تعزيز برامج
العقوبات البديلة و برامج المصاحبة :المشاركة المجتمعية لخدمات أفضل " يومي 32و
31فيفري 3022المكان " نزل تور خلف " بسوسة .
أنيس سكمة :مداخلة بعنوان " برنامج المصاحبة و دور منظمات المجتمع المدني
في تعزيز االندماج و الحد من العود"
-محمد الفخفاخ ،مداخلة بعنوان شروط استبدال عقوبة السجن بعقوبة التعويض الجزائي
و إجراءاتها ،دورة دراسية نظمت بمقر المعهد األعلى للقضاء ،الجمعة 3020-02-32
-عبد الحكيم جمعة ،مداخلة بعنوان تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي ،دورة دراسية نظمت
بمقر المعهد األعلى للقضاء ،الجمعة 3020-02-32
"-عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة " ،دورة دراسية نظمت بمقر المعهد األعلى
للقضاء بتاريخ 20ديسمبر 3002
"-بدائل السجن " ،دورة دراسية نظمت بمقر المعهد األعلى للقضاء ،يوم السبت 09
مارس 3002
"-العقوبات البديلة – العمل لفائدة المصلحة العامة – " دورة دراسية نظمت بمقر المعهد
األعلى للقضاء ،يوم الخميس 22نوفمبر 3002
-التقرير السنوي للسيد قاضي تنفيذ ال عقوبات بالمحكمة االبتدائية بسوسة للسنة القضائية
3022-3023
-فاروق بو عسكر " العقوبات البديلة في القانون التونسي :الواقع و الصعوبات و اآلفاق"
مداخلة قدمها خالل النشاطات التي يقوم بها مكتب المصاحبة
-منية السافي :مداخلة بعنوان " تقديم تجربة المصاحبة في تونس" مارس 3022
-منية السافي و يوسف رمضان ":التقرير الوسطي للمشروع النموذجي للمصاحبة "
-أحمد البراهمي ،العقوبة البديلة :الردع و اإلصالح ...بعيدا عن سلب الحرية بتاريخ
– 3022-02-32جريدة الشروق التونسية-
-د /أحمد براك ،العقوبات البديلة بين الواقع و المأمول – فلسطين-
-مشروع تنقيح المجلة الجزائية :مقتطف مستمد من األنترنات
المقدمة 0..............................................................................
أ) شروط تطبيق عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كعقوبة بديلة عن السجن22......
)2الشروط العامة 17.................................................................. :
الشروط الذاتية ............................................................. :
-سن المتهم ...............................................
-نقاوة السوابق العدلية ..................................
-ملف الشخصية ........................................
الشروط الموضوعية ...................................................... :
-مجال تطبيق عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة
-ضرورة أن يصدر الحكم بالسجن أوال
-أن يكون العمل ذا نفع عام
-مباشرة العمل المحكوم به بإحدى المؤسسات
المنصوص عليها بالفصل 21م.ج
) 3الشروط الخاصة 32.............................................................. :
الفقرة الثانية :كيفية تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة 32.............................
المبحث الثاني :ضرورة تطوير العمل بالعقوبات البديلة من خالل التوعية و التحسيس92.
الفقرة األولى :دعوة السلط المعنية إلى االهتمام بالعقوبات البديلة ...........................
أ) التعهد بملفات المحكوم عليهم بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة103................
ب) دور مكتب المصاحبة في التحسيس 106................................................
قائمة المراجع
الفهرس
النهاية