Professional Documents
Culture Documents
تعرض سبيل المؤسسة االقتصادية عقبات متعددة بتعدد أسبابها ،قد تكون عارضة ،سرعان ما تزول،
وقد تك ون ص عبة ،مس تديمة ،يعسر على المؤسسة تخطيه ا ،فتح ول دون تحقيق أه دافها المنش ودة من إنت اج
ورواج وربح ،فتتف اقم ديونه ا ،ويتع دد دائنوه ا ،وهي حالة ت ؤول بها إلى العج ز ،وت ؤدي بها ت دريجيا إلى
إقصائها من النسيج االقتصادي (.)1
وحكم التفليس هو الحكم القاضي ع ادة بانته اء مراحل وإ ج راءات محاولة إنق اذ المؤسسة االقتص ادية المتوقفة
عن دفع ديونها ،واإلعالن عن إفالسها ،وفتح إجراءات تصفية أموال المفلس استيفاء لديونها (.)2
وقد نظم المش رع التونسي األحك ام المتعلقة بالفلسة بالكت اب الرابع من المجلة التجارية " في الص لح
االحتياطي والتفليس" الذي عدد فيه مختلف الصور المؤدية إلى التفليس ( )3حيث يتقرر في نهاية األمر بحكم
من المحكمة التي بدائرتها المركز التجاري الرئيسي للتاجر (.)4
ومن نتائج الحكم بالتفليس ،رفع يد المدين عن إدارة جميع مكاسبه والتصرف فيها حتى المكاسب التي يكتسبها
بأي وجه من الوجوه ما دام في حالة تفليس (.)5
ومن ه ذه المكاسب ما تعلقت بها عق ود إيج ار م الي ،وهي من أن واع العق ود الخاصة المس ماة ،عرفها
المش رع التونسي في محاولة لتنظيم العالقة القانونية القائمة بين المالك والمس تأجر في ظل عملية اإليج ار
المالي بكونها " عملية إيجار تجهيزات أو معدات أو عقارات مقتناة أو منجزة لغرض اإليجار من قبل المؤجر
الذي يبقى مالكها معدة لالستعمال في األنشطة المهنية أو التجارية أو الصناعية أو الفالحية أو الصيد البحري
أو في الخ دمات ،ويتم اإليج ار الم الي بمقتضى عقد كت ابي لم دة مح ددة ومقابل معل وم معين ويخ ول للمس تأجر
اقتناء تلك التجهيزات أو المعدات أو العقارات أو البعض منها في نهاية أمد اإليجار مقابل ثمن متفق عليه يأخذ
بعين االعتبار على األقل في جزء منه المبالغ المدفوعة بعنوان اإليجار ويمكن
محمد الهادي دعلول :الصعوبات االقتصادية وإ نقاذ المؤسسات بواسطة التسوية القضائية .مجلة القضاء والتشريع العدد 9السنة 42 ()1
نوفمبر 2000ص 11
حول آثار حكم التفليس يراجع التعليق على أحكام المجلة التجارية بلكسمبورغ www.legilux.public.lu/leg : ()2
""Régime général de la faillite
حول شروط فتح إجراءات الفلسة ومختلف حاالتها باالتحاد األوروبي يراجع المقال على الموقع : ()3
""Commission européenne>RJE>Faillite>Espagne" www.legilux.public.lu " Faillite- Espagne
1
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
الفصل 446من المجلة التجارية " يتق رر التفليس بحكم من المحكمة ال تي ب دائرتها المركز التج اري الرئيسي بعد س ماع النيابة ()4
العمومية"...
الفصل 457من المجلة التجارية ()5
للمستأجر اقتناء تلك التجهيزات أو المعدات أو العقارات أو البعض منها خالل مدة اإليجار باتفاق مع المؤجر
(.)6
ويفهم من الفصل األول من القانون المتعلق باإليجار المالي لسنة 1994أن اإليجار المالي " عبارة عن عقد
يل تزم بمقتض اه المال ك ،ع ادة مؤسسة مالي ة ،بك راء تجه يزات أو بص فة عامة منق والت (اإليج ار الم الي
للمنق والت) ( )7أو العق ارات (اإليج ار الم الي للعق ارات) ( )8لفائ دة ش خص يكتسب ص فة المك تري ويتمتع
بإمكانية اكتس اب ص فة مالك عند انته اء عقد اإليج ار الم الي وممارس ته الخي ار الممن وح له في ش راء الش يء
موضوع العقد أو إرجاعه للشركة)9( " .
ه ذا التعريف لعقد اإليج ار الم الي لم يكن المب ادرة األولى من المش رع التونس ي ،إذ س بق وأن ع رف
التش ريع الجب ائي لإليج ار الم الي قبل س نة 1994ص لب ق انون المالية الم ؤرخ في 21ديس مبر 1989في
فص له 32المتعلق بمع اليم تس جيل عق ود اإليج ار الم الي .إال أن المش رع ،وأم ام التجربة الواقعية وجد نفسه
أم ام سن تش ريع خ اص ينظم الن واحي القانونية و الجبائية لهاته العملية المعق دة ،مع القطع مع قواعد الق انون
الع ام المنطبق وتخص يص اإليج ار الم الي بنظ ام ق انوني خ اص يه دف إلى "...سد الف راغ التش ريعي وبغاية
تنظيم قطاع اإليجار المالي الذي يمثل وسيلة تكميلية لتمويل االقتصاد الوطني.)10("...
ويفهم من ه ذه العب ارات أن اإليجار الم الي هو أحد أوجه وس ائل تمويل المشاريع االقتص ادية ،إن لم يكن
من أهمها في ال وقت الراهن ،ذلك أن هذه الطريقة في التموي ل ،تجد أهميتها في تمكين المؤسسة من المحافظة
على س يولتها بما يمكنها من توظيفها في عملية اإلنت اج دون اس تنزاف مواردها المالي ة .كما ي وفر للمؤسسة
مص در تمويل كلي مائة بالمائة بما في ذلك اآلالت ،ومع اليم النق ل ،والتوري د ،وال تركيب .ه ذه الطريقة تعد
هامة جدا خصوصا للمؤسسات الصغرى والمتوسطة ،والمبتدئة التي تجد صعوبة في التمويل
2
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
الفصل األول من الق انون ع دد 89لس نة 1994الم ؤرخ في 26جويلية 1994المتعلق باإليج ار الم الي .الرائد الرس مي للجمهورية ()6
التونسية عدد 60مؤرخ في 02/08/1994صفحة .1343
(7) Crédit bail mobilier
(8) Crédit bail mobilier
(9) Ajimi Nadia, l’autonomie de la volonté dans les contrats d’affaires, mémoire master-droit des affaires-faculté de
droit et des sciences politiques de tunis, 2004 – p.10
تعليق وزير المالية أم ام لجن تي النظر في ق انون اإليج ار الم الي بت اريخ 4جويلية 1994يراجع في خص وص التط ور الت اريخي ()10
لإليجار المالي .مقال جالل الفرجاوي "اإليجار المالي في القانون التونسي" مجلة القضاء والتشريع العدد 4السنة 41أفريل 1999ص.
41إلى 47
هذه األهمية العملية ألسلوب التمويل على طريقة اإليجار المالي ،ال تخفي النقائص التشريعية التي يتخبط
فيها الق انون التونس ي ،حيث يبقى تنظيما س طحيا ال يمكن من اس تيفاء الض مانات ال تي يتطلبها التط ور
االقتصادي ،سواء بالنسبة للمؤسسات الممولة ،أو بالنسبة للمؤسسات المنتفعة باإليجار المالي ،ويتأكد ذلك من
خالل المستوى السطحي لتطلع الفقهاء إلى مثل التنظيم القانوني ،ونظرة القضاء التقليدية في فصل النزاعات
المتعلقة بذات النوع من العقود.
ه ذا النقص التشريعي ،ينعكس بوض وح في إط ار العالقة بين حكم التفليس وعقد اإليجار الم الي؛ حيث،
وبالرجوع إلى أحكام المجلة التجارية ،كأحكام القانون المنظم لإليجار المالي لسنة ،1994يالحظ وجود فراغ
تشريعي كلي ،يجلب االنتباه ،ويبقى التساؤل مطروح حول تأثير حكم التفليس على العالقة التسويغية بموجب
عقد اإليجار المالي.
ه ذا التس اؤل لم يلقى اهتم ام الفق ه ،ولم يجد في أحك ام القض اء ما يفي بالحاجة للج واب ،خصوصا أم ام
اقتص ار القض اء في بعض الح االت على تبس يط الحل ول ،واعتم اد المنطق االرتج الي لتس وية وض عية ال ديون
المثقلة على كاهل المفلس؛ وفي إطار إجراءات الصلح مبدئيا.
ه ذه الص عوبات مردها وبالض رورة خصوص ية عقد اإليج ار الم الي ،وش مولية األحك ام المتعلقة بالص لح
والتفليس ،وهو ما يبقي االستفهام مطروحا .فما هي آثار حكم التفليس على تطبيق عقد اإليجار ؟
اإلجابة عن هذا اإلشكال ال تخلو من الصعوبة ،باعتبار خصوصية الطبيعة القانونية لعملية اإليجار المالي.
وانطالقا من المج ال الض يق للدراس ة ،وقلة المراج ع ،س نحاول النظر في مختلف ج وانب اآلث ار المترتبة عن
الحكم ب التفليس ،وبي ان م دى اس تجابتها على الوض عية القانونية لألط راف (الج زء األول) ثم على الوض عية
القانونية للعقد (الجزء الثاني).
3
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
(11) www.legilux.public.lu « Avis sur la révision de l’arrêté royale N°55 du 10/11/1967 organisant le statut
juridique des entreprises pratiquant la location financement et de l’arrêté ministériel du 23/02/1968 portant condition
d’agréation des entreprises pratiquant la location financement et dont le statut juridique est réglé par l’arrêté royale
N°55 du 10/11/1967. » (10décembre 2001, termes monsieur ch. Pique, ministre de l’économie ; avis du conseil
)ملحق عددcentral de l’économie) (1
عملية اإليجار المالي تولد بالضرورة عالقة تعاقدية بين طرف ممول وطرف منتفع من التمويل ،ينجر
عنه حقوق ومنافع متبادلة بحسب موقع كل معاقد.
التفليس هو الحكم حسب منط وق الفصل 446من المجلة التجاري ة ،يتق رر بحكم من المحكمة ال تي
ب دائرتها المركز التج اري الرئيس ي .ويفهم من منط وق ه ذا الفصل أن حكم التفليس هو الحكم ال ذي يتعلق
بتفليس التاجر أساس ا .ويتأكد ذلك بالرجوع إلى الفصل 1من المجلة التجارية الذي حصر انطباق أحكام
المجلة التجارية على التجار واألعمال التجارية.
ومن هذا المنظور ،ينتصب بحث الحال على مدى انسحاب آثار حكم التفليس على الوضعية القانونية
لألطراف ،بالرجوع إلى صفتهم كتجار وباعتبار التعريف الوارد صلب الفصل 2من المجلة التجارية.
ومن ه ذا المنطلق تنصب دراسة الج زء األول على تحليل م دى قابلية االنس حاب الكلي آلث ار حكم
التفليس على الوض عية القانونية لألط راف انطالقا من تقس يم مبسط يع نى في فقرته األولى بانس حاب آث ار
حكم التفليس على الوضعية القانونية للمسوغ (الفصل األول) ثم على الوضعية القانونية للمتسوغ (الفصل
الث اني) وح تى يمكن اس تخالص مختلف ج وانب اإلش كاليات القانونية وما تطرحه من ص عوبات نظرية
وعملية.
ب الرجوع إلى ق انون 1994المتعلق باإليج ار الم الي ،ف إن عملية اإليج ار الم الي هي عملية إيج ار
تجه يزات أو مع دات أو عق ارات مقتن اة أو منج زة لغ رض اإليج ار لالس تعمال في األنش طة المهنية أو
التجارية أو الصناعية أو الفالحية أو الصيد البحري أو في الخدمات.
وانطالقا من انس حاب ص فة الت اجر على المؤسسة المالية بحكم الق انون ف إن ذات المؤسسة يمكن أن تتخذ
أحد الموقعين القانونيين بحسب الحالة ،فيمكن بالتالي أن تتخذ صورة المسوغ القائم بالتتبع (الفقرة األولى)
من أجل ما ت رتب لها من حق بم وجب عقد اإليج ار الم الي من جه ة ،كما يمكن أن تخضع لموقع المس وغ
المقضي بتفليسه (الفقرة الثانية).
وفي كل من الح التين ،ف إن تق دير م دى انس حاب آث ار حكم التفليس على الوض عية القانونية للمؤسسة
المالية ال تي مارست نش اط اإليج ار الم الي ،ال تخلو من الص عوبات ،وذلك ب الرجوع إلى الطبيعة القانونية
للعقد والفراغ التشريعي الذي مهد إلى بروز هذه الصعوبات.
ينص الفصل 459من المجلة التجارية أن "الحكم بالتفليس يعطل الدائنين ذوي الديون المجردة والدائنين
ذوي االمتي از الع ام القي ام بالمطالبة منف ردين"( .)12وتطبيقا ألحك ام ه ذا الفصل على ش ركة اإليج ار الم الي
5
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
بصفتها مؤجرة ،قائمة بالتتبع ،فإنه يتجه تحديد الموقع القانوني لهذا الطرف في النزاع ،وخصوصا من حيث
صفته ،انطالقا من القانون المتعلق باإليجار المالي.
وبالرجوع إلى القانون عدد 89المؤرخ في 26جويلية ،)13( 1994ومن خالل التعريف النصي "أن
اإليج ار الم الي عملية تتمثل في ك راء منق والت أو عق ارات تمنح للمتس وغ إمكانية اكتس اب ملكية ذلك الش يء
مقابل دفع ثمن يتم االتفاق عليه مسبقا مع األخذ بعين االعتبار للمبالغ المدفوعة بعنوان معينات كراء (.)14
وحيث يفهم من ه ذا التعريف أن عقد اإليج ار الم الي هو باألس اس عقد إيج ار لكن ذو طبيعة خاص ة ،تنظمه
أحكام خاصة به ،وعقد بيع تحكمه قواعد خاصة ونظام مميز له (.)15
وعليه ،فإن شركة اإليجار المالي هي من جهة مسوغ لمنقوالت أو عقارات بموجب عقد اتفاقي ،ومن
جهة أخ رى ط رف في عقد بيع يتعلق ب ذات المنق ول أو العق ار ينشئ مفعوله بانته اء أمد الك راء "ورفع خي ار
الشراء" ( )16ودفع الثمن الذي يأخذ بعين االعتبار معين اإليجار المدفوع ( .)17والسؤال هنا ،هل أن ش ركة
اإليج ار الم الي من قبل "ال دائنين" بقطع النظر عن ترتيبها ح تى ينطبق عليها أحك ام الفصل 459من المجلة
التجارية ؟
ح ول الفصل 459من المجلة التجارية يراجع الق رار التعقي بي الم دني ع دد 9761م ؤرخ في 18أكت وبر 1984ن م ت القسم ()12
الم دني ج ج لس نة " .1984حجر الفصل 459من المجلة التجارية على أصحاب ال ديون المج ردة أو الممتازة القيام منف ردين لدى المحاكم
بطلب استخالص ديونهم بعد صدور حكم التفليس أو االسترسال على تنفيذ أحكام صدرت لهم بذلك من قبل".
القانون عدد 89المؤرخ في 26جويلية 1994الرائد الرسمي للجمهورية التونسية مؤرخ في 2أوت 1994ص1343 ()11
)(12 Article 15
)(13 Salma Khaled Slama – Docteur en droit « L’opération de leasing est qualifiée de contrat, toutefois ce
contrat est un peu particulier car il regroupe deux contrats classiques à savoir le contrat de location et le contrat de
المجلة القانونية الع دد vente, qui jusque là sont des contrats distincts ayant chacun ses règles propres et ses spécificités.
20/21مارس 2007
( )16السؤال :هل رفع خيار الشراء شرط إلتمام البيع؟ "األخبار القانونية (عقد اإليجار المالي)" العدد 20/21مارس 2007ص13
( )17القانون المتعلق باإليجار المالي.
وب الرجوع إلى الفصل أعاله ،يت بين أن أحكامه ج اءت على إطالقها دون تمي يز .كما أنه وب الرجوع إلى
القانون المتعلق باإليجار المالي ،فإن مثل هذا التدقيق يعد مفقودا ،مما يصعب معه تكييف الوضعية القانونية
لش ركة اإليج ار الم الي ،وتقتصر أحك ام الموض وع بإمكانية توثيق معين ات الك راء بوس يلة دين تع ادل االتف اق
التعاقدي بين األطراف.
6
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
ولعل تدوين وثيقة الدين ،والمتعامل بها عادة ،وطبق ما تتضمنه المجلة التجارية ،التي حصرت وسيلة الدين
في الكمبيالة والسند ألمر ( )18هو من يمكن أن يعطي لشركة اإليجار المالي صبغة الدائن.
أما عند تحديد الصفة في إطار عقد اإليجار المالي ،فإنه من المفروض حسب ما يمكن تقديره ،أن تتحقق
المديونية في تخلف المتس وغ لخالص معين ات التس ويغ الحالة ( ،)19واختي ار ش ركة اإليج ار الم الي انته اج
تتبع معاقدها في البعض أو الكل من معينا اإليجار التعاقدية.
أما بالرجوع إلى الواقع العملي ،يالحظ أن القض اء التونسي ،يتبع منهج إصباغ "أوتوم اتيكي" لشركة اإليجار
المالي بصبغة الدائن ( ،)20دون تحديد موقعه القانوني ،أو الخوض النظري والقانوني في مدى انطباق أحكام
التفليس على العالقة التعاقدية الرابطة بين شركة اإليجار المالي والمنتفع.
ويتبين مما تقدم ،أن الفراغ التشريعي ،والفقه القضائي ،كالفقهي على وجه العموم ،ال يفتح المجال حول
الجزم في خصوص الموقع القانوني للمؤجر الذي تم تكييفه في دراسة الحال "بالقائم بالتتبع" دون إسناده صفة
الدائن لالحتراز القائم حول تحديد صفته .وحتى االستئناس بموقف القضاء العملي في ترتيب شركة اإليجار
الم الي في س لم ال دائنين ،ال يمكن قبوله في غي اب التك ييف المس بق ،والعل ني في األحك ام الص ادرة في
الخصوص.
ولعل الس ند في أحك ام القض اء ،يرفع على األقل بعض االلتب اس ،بعد االص طدام بالط ابع العملي غ ير الم برر
لتحديد موقع المؤجر ،إال أن هذا الفراغ يبقى حسب التقدير المتواضع ،المخرج السترسال إجراءات الفلسة.
المجلة التجارية الطبعة الرابعة 2008-2007سلس لة المكتبة القانونية – إع داد س امي بن فرح ات ،المغاربية للطباعة والنشر ()18
واإلشهار.
في بعض صور تتبع المستأجر بخصوص معينات اإليجار المالي . ()14
أنظر الحكم االبتدائي عدد 11377والحكم االبتدائي عدد 33454واألمر بالدفع عدد 49882غير منشور (ملحق عدد)6
يراجع الحكم االبت دائي الص ادر عن المحكمة االبتدائية ب القيروان بخص وص ملف التس وية القض ائية ع دد 20بت اريخ 4أفريل 2003 ()15
غ ير منش ور ملحق ع دد وك ذلك القض ية ع دد 20بت اريخ 16ج انفي 2004الص ادر عن نفس المحكمة والقاضي ب التفليس .غ ير منش ور
(ملحق عدد)7
هذا المخرج يبقى في غير طريقة بالنظر إلى مصلحة األطراف المتعاقدة ،وخصوصا في إطار الحال
بالنسبة لشركة اإليجار المالي ،إال في حال تكييفها كدائن موثق دينها بامتياز خاص أو بضمان على منقول أو
عقار طبق أحكام الفصل 460من المجلة التجارية (.)21
7
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
هذا المخرج العملي يبقي السؤال مطروح ،حول ما يوازيه من حلول في حال كانت شركة اإليجار المالي في
موقع الصادر في حقه حكم التفليس.
( )21الفصل 460من المجلة التجارية ينص أن "الحكم ب التفليس يوقف بالنس بة لجماعة ال دائنين ال غ يرهم ف وائض ال ديون غ ير الموثقة
بامتي از خ اص أو بض مان من منق ول أو عق ار .أما ف وائض ال ديون الموثقة فال يمكن المطالبة بها إال من المب الغ الحاص لة من بين المكاسب
المخصصة للضمان".
8
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
ينص الفصل 457من المجلة التجارية أن الحكم بالتفليس يترتب عليه قانونا من تاريخ صدوره رفع يد
الم دين عن إدارة جميع مكاس به والتص رف فها حسب المكاسب ال تي يكتس بها ب أي وجه من الوج وه ما دام في
حالة تفليس .ويباشر األمين ما للمفلس من الحقوق والدعاوى المتعلقة بكسبه.
وحيث يمكن اإلذن لألمين حسب نفس المجلة وتحت رقابة الح اكم المنت دب ،مباش رة اس تيفاء ال ديون ال تي
للمفلس ويتعهد بمواصلة استغالل تجارته متى صدر له اإلذن في ذلك من المحكمة.
وي ترتب عما تق دم أن ش ركة اإليج ار الم الي ،تفقد س لطتها على مكاس بها ال تي اكتس بتها ب أي وجه من
الوج وه ،وترفع ي دها عن إدارة مكاس بها .وعلى س بيل التنويه في ه ذا الخص وص ،فإنه ومن حيث المب دأ ،ف إن
المحكمة في إط ار الحكم القاضي ب التفليس ،ت أمر بوضع األخت ام ( )22ح تى يمكن إحص اء م ال المفلس ،ويتم
وضع األختام على المخازن والمكاتب ،والصناديق والملفات واألوراق والمنقوالت واألمتعة ،وبمقر المفلس
أو كل واحد من الشركاء في حال تضامنهم ،إال ما استثناه القانون (.)23
ويق وم الح اكم المنت دب باس تخراج األوراق التجارية ال تي تحت وي على دي ون المفلس المؤجلة ألجل ق ريب
الحل ول ،أو ال تي تحت اج إلى قب ول أو ال تي تس توجب أعم اال تحفظية ويس لمها لألمين الس تيفاء مبالغها بعد ذكر
أوصافها (.)24
وتباع األشياء المعرضة للفساد أو لنقص محقق لقيمتها أو التي تستوجب نفقات مشطة لحفظها وذلك بسعي من
األمين بعد الترخيص له من الحاكم المنتدب .وال تأذن باالستمرار على استغالل تجارة المفلس إذا طلب منها
األمين ذلك اعتمادا على تقرير الحاكم المنتدب وفيما إذا استوجبته بحكم الضرورة المصلحة العامة ومصلحة
الدائنين (.)25
والسؤال األول الذي يمكن طرحه في الخصوص ،هل يمكن التطبيق المطلق لهذه األحكام على شركة اإليجار
الم الي ؟ والس ؤال الث اني ،هل من الممكن اعتب ار حكم التفليس ق ادرا على إيق اف نش اط ش ركة اإليج ار الم الي
ب النظر إلى العالقة التعاقدية الجارية بينها وبين المنتفعين بعق ود إيج ار م الي ؟ والس ؤال الث الث ،هل يمكن
وضع األخت ام تحفظيا على ممتلك ات الش ركة القائمة في ت اريخ الحكم ب التفليس وهي في ج انب منها تحت
تصرف المستفيدين من عقد اإليجار المالي سواء في إطار العقود المتعلقة بعقارات أو متعلقة منها بمنقوالت
وخصوصا التجهيزات المعدة للصناعة والتجارة والفالحة والخدمات ؟
9
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
يب دو في ط رح ه ذا التس اؤل أن آث ار حكم التفليس في ص ورة المس وغ المقضي بتفليسه يضع حجر عقبة
أمام تحققها باعتبار تش عب الموضوع ،وأمام عدم وجود بساط تشريعي أو فقه قضائي واضح يوفر الحلول
المالئمة ،ويخصص نظام قانوني خاص مستقل عن أحكام القانون العام التي ال تكاد تصلح لتنطبق على جميع
الصور من الناحية المبدئية.
ه ذا الف راغ التش ريعي ،والفقه القض ائي ،والفقهي على حد الس واء ،يع زى لحداثة الق انون المنظم إليج ار
الم الي من جه ة ،ال ذي م ازال ي واكب باحتش ام تط ور مج ال ت دخل مثل الش ركات المتخصصة في المج ال،
كتطور األنشطة االقتصادية المنتفعة بمثل تلكم العقود .ومن جهة أخرى ،وبالضرورة ،فإن حداثة تركيز مثل
المؤسسات المالية ،لم يضع أمام المشرع والقضاء والفقهاء صور عملية تتطلب تنظيم مثل هذه اإلشكاليات،
أو البحث في مضمونها.
ه ذا الف راغ في الحقيقة ال يقتصر مفعوله على الق انون التونس ي ،ناهيك أن بعض البل دان ال تي ترع رعت فيها
أنش طة اإليج ار الم الي منذ عق ود ،م ازالت تع اني من افتق اد أسس تنظيمية ثابت ة ،وحل ول عملية ق ادرة على
تج اوز ه ذه الص عوبات ،رغم الكم الهائل من مح اوالت المش رع ،وفق القض اء والفق ه ،لإللم ام بكل ج وانب
الحلول المتعلقة بالنزاعات وتطورها في إطار اإليجار المالي .وخاصة بأمريكا ولكسمبورغ ،وكندا ،وألمانيا
وغيرها.
وفي هذا اإلطار ،وعلى سبيل الذكر والقياس ،فإنه من المذهل االستئناس بالقانون السويسري ،الذي لقي
في تجربته في حادثة األزمة المالية ال تي أص ابت مجمع ش ركات الط يران السويس ري "Groupe
،"Swissairحيث وجد المجلس الفدرالي نفسه أمام ضرورة التثبت من أهمية تعديل وتنقيح القانون الفدرالي
المتعلق ب التتبع من أجل ال ديون والفلس ة .وانطالقا من أن "الق انون المتعلق بال ديون والفلسة قد سن من حيث
المب دأ لجميع ص ور الفلس ة" ،وهو واقع الق انون التونسي ك ذلك" ،ف إن ه ذا ال يع ني أن كل ص ور الفلسة تخضع
إلى نفس األحكام بقطع النظر عن الخصوصيات التي تميزها ،لكن بالعكس" (.)26
ه ذا التأكيد م ازال الق انون السويس ري ي روم إلى اس تيفائه من الناحية العملي ة ،وموقف المجلس الف درالي
بتاريخ 27/02/2002واضح في هذا الخصوص ( ،)27وبالرغم من كون اإلطار التشريعي يخصص
10
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
أحكاما خاصة لح االت من اإلفالس بمثل الق انون المتعلق بالت أمين ( )28والتش ريع المتعلق ب البنوك ( )29؛
فإن السعي إلى التنظيم المحكم لقانون الديون والفلسة يبقى هاجسه األساسي والهدف الذي يسعى إلى تحقيقه.
هذه التجربة واألهداف المرسومة من المفروض أن تضع أمام المشرع التونسي مرجعا لإلقتداء به أمام
الص عوبات االقتص ادية العالمية ال تي أص بحت واقعا ال يمكن التغافل عن ه .ه ذا إض افة إلى ك ون الق انون
التونسي تخصيصا كان بإمكانه أن يجد نفسه أمام صعوبات عملية في هذا اإلطار أمام الصعوبات التي كانت
تعرضت لها إح دى ش ركات اإليج ار الم الي بالعاص مة ،وال تي اض طرت إلى تجميد نش اطها واالقتص ار على
تتبع ديونها وحسب علمنا لم ت دخل في إط ار إج راءات التس وية القض ائية والتفليس إلى حد ت اريخ الح ال ،مما
يبقي الواقع العملي متعلقا وباألساس بحاالت تفليس المنتفعين بعقود اإليجار المالي.
يراجع نفس المرجع Loi sur la surveillance des assurances, RS 961 .01 ()21
يراجع نفس المرجع Prescription particulières sur les cas d insolvabilité des banques dans la loi sur les banques . ()22
RS 282 .11
11
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
الفصل الثّاني :إشكاليات انسحاب آثار حكم التفليس على الوضعية القانونية
للمتسوغ
انطالقا من كون المؤسسات الممارسة لنشاط اإليجار المالي ،هي مؤسسات مالية ذات صبغة تجارية
وباألس اس ،خاض عة إلى الب اب المتعلق ب التفليس ص لب المجلة التجارية من جه ة .واعتب ارا لكون هذه المجلة
حسب منط وق الفصل األول ال تنطبق أحكامها إال على التج ار واألعم ال التجاري ة ،من جهة أخ رى ،ف إن
دراسة الحال تتمحور أساسا وفي هذا الفصل على الحالة التي تتحد فيها صفة الطرفين التجارية.
ومن ه ذا المنظ ور ،ينصب بحث الح ال على م دى انس حاب آث ار حكم التفليس على الوض عية القانونية
للطرف المنتفع بعقد اإليجار المالي بموجب تمويل من المؤسسة المالية ،وانطالقا من صفته كتاجر ،يمكن أن
يتخذ موقعا بحسب األح وال ،كمس تأجر منتفع بعقد إيج ار طرفه المقابل قضي بتفليسه (الفق رة األولى) ويمكن
أن يخضع إلى موقع المنتفع المقضي ذاته بتفليسه (الفقرة الثانية).
وفي كل من الحالتين ،فإن تقدير مدى انسحاب آثار حكم التفليس على الوضعية القانونية للطرف المنتفع
بالتمويل في إط ار عقد اإليج ار الم الي ،ال يخلو ب دوره من ص عوبات ،ب الرجوع بالمثل إلى الطبيعة القانونية
للعقد ،والفراغ التشريعي بالموازاة.
12
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
تماش يا مع الص بغة المالية لعملية اإليج ار الم الي ال تي تعد ش كال من أش كال االئتم ان البنكي ( )30فقد
اقتضى الفصل 6من ق انون جويلية 1994بأنه "ال تتع اطى اإليج ار الم الي بص فة نش اط إال :المؤسس ات
البنكية الخاض عة ألحك ام الق انون ع دد 51لس نة 1967الم ؤرخ في 7ديس مبر 1967المنظم لمهنة البن وك
والنصوص المنقحة والمتممة له .والمؤسسات المالية المنصوص عليها بالفصل 2من القانون عدد 51لسنة
1967في ديس مبر 1967المنظم لمهنة البن وك والنص وص المنقحة والمتممة ل ه .والمؤسس ات الخاض عة
ألحك ام الق انون ع دد 108لس نة 1985الم ؤرخ في 6ديس مبر 1985المتعلق بتش جيع المؤسس ات المالية
والبنكية المتعاملة أساسا مع غير المقيمين"...
كل هذه المؤسسات هي في صورة الواقع شركات تجارية لها صبغة المؤسسات المالية وخاضعة ألحكام
المجلة التجارية ناهيك الباب المتعلق بالتفليس .وقد يحصل أن تمر هذه المؤسسات بصعوبات مالية تؤدي إلى
الحكم بتفليسها ،وأن يكون أن أبرمت عقود إيجار مالي.
وقد يحصل أن ي برم عقد اإليج ار الم الي في ص ورتين ،الحالة األولى أن يك ون س ابقا لحكم التفليس ،والحالة
الثانية أن يكون الحقا لحكم التفليس.
في الحالة الثانية ،ينص الفصل 463من المجلة التجارية أن "كل دفع آخر يقوم به المدين إيفاء بديون حل
أجلها ،وكل عمل بعوض يصدر عنه على غير النحو المتقدم ،باإلشارة إلى حاالت الفصل ،462بعد التوقف
عن دفع ديونه يمكن التص ريح ببطالنه بالنس بة لجماعة ال دائنين إذا ك ان األش خاص ال ذين قبض وا ال دين أو
عاقدوه عالمين بتوقفه عن دفع ديونه".
ويفهم من الص بغة المطلقة للفصل 463أن عقد اإليج ار الم الي الم برم بين المنتفع والمؤسسة المالية الص ادر
في حقها حكم التفليس ،ت دخل تحت آث ار الفصل 462من المجلة التجاري ة ،وي وجب الحكم ببطالنه ا ،في
صورة علم المنتفع بتوقف معاقده عن دفع ديونه.
وبطالن األعم ال الواقع ذكرها بالفص لين 462و 463من المجلة التجارية تمكن عند االقتض اء بالقي ام
بدعوى الرد.
أما الحالة األولى ،وهي ص ورة إب رام عقد اإليج ار الم الي قبل حكم التفليس ،وقبل العش رين يوما من
التاريخ المعين من طرف المحكمة لتوقف المدين عن دفع ديونه وتاريخ الحكم ب التفليس ،والمسماة فقه قض اء
"الم دة الزمنية المس ماة بف ترة الريب ة ،)31("...حيث تنتج نفس اآلث ار الم ومئ إليها أعاله من حيث
جالل الفرجاوي "اإليجار المالي في القانون التونسي" مجلة القضاء والتشريع العدد 4السنة 41أفريل 1999ص .70 ()23
قرار تعقيبي مدني عدد 36177مؤرخ في 30نوفمبر 1992مجلة القضاء والتشريع عدد 2لسنة 1994ص .98 ()24
13
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
المبدأ ،دون االعتبار للصعوبات العملية ( .)32في هذه الحالة فإنه من المفروض أن ينتج عقد اإليجار المالي
آث اره قانون ا ،من انتف اع المس تأجر ب المكرى ،وتنفيذ هذا األخير اللتزاماته في دفع معين ات اإليج ار الحالة إلى
انتهاء أمد الكراء ،وتنفيذ مقتضيات الوعد بالبيع بحسب األحوال.
وحيث باعتبار أن "في منظومة اإليجار المالي ،التمتع بالقرض يبقى دائما مرتبطا بحق الملكية للشيء ،ويوفر
للمؤجر الضمانات الكافي ة" ( ،)33ف إن السؤال يبقى مطروح ا ،فهل ينتج حكم التفليس آث اره بما يمس بحقوق
المستأجر وسلطته على الشيء ؟
هذا اإلشكال لم يتطرق له المشرع في الباب المتعلق بالتفليس ،حيث اكتفى في القسم الخامس من المجلة
بعنوان "في كراء وامتياز المكرى" بالصورة التي يكون فيها الطرف المستأجر هو الطرف الواقع الحكم في
حقه بالتفليس .ولعل مرد هذا الفراغ ،الواقع العملي عند وضع هذه المجلة ،حيث من المعتاد أن يكون التاجر
هو المستأجر لمحل أو محالت تجارته.
وباعتب ار أنه ومن حيث المب دأ "يجب الوف اء ب العقود مع تم ام األمان ة" فإنه ومن المف روض ،وتطبيقا للفصل
462و 463و 464و 465من المجلة التجاري ة ،أن يك ون المنتفع بعقد اإليج ار الم الي ،حسن الني ة ،وخ ال
ال ذهن من توقف معاق ده عن دفع ديون ه ،لك ون تعاق ده ك ان س ابقا عن الحكم ب التفليس ،وعليه من حقه االنتف اع
بالمكرى بعد أن ال وجه لحرمانه من مواصلة ذلك قانونا.
انطالقا من ه ذا المعطى ،فإنه مب دئيا يص عب تط بيق آث ار حكم التفليس على عقد اإليج ار الم الي ،من حيث
وضع األخت ام على م ال المفلس ،وتبقى ه ذه الص ورة اس تثناء إلطالقية الفصل 476وما بع ده من المجلة
التجارية.
هذه االستثنائية تبرز بوضوح محدودية االنطباق الكلي ألحكام الفلسة على الرابطة التعاقدية بين الممول
المفلس والمنتفع بعقد اإليج ار الم الي ،وهو ما يط رح األهمية للتس اؤل ح ول آث ار تض ارب الحق وق ،بين
مصلحة المنتفع والدائنين ،الذين يجدون أنفسهم أمام وضعية حجر عائق أمام القضاء لضمان قيمة ممتلكات
المفلس في تاريخ صدور حكم التفليس من ناحية ،ولضمان حقوق المستأجر الذي يبقى في وضعية الريبة إذا
طالت إجراءات الفلسة في حال ارتفاع قيمة المكرى وخصوصا العقارات واألصول
في كل األح وال تبقى العالقة التعاقدية قائمة عملي ا ،ويص عب إبط ال العقد بحسب األح وال والمص لحة ،والم دة الزمنية ال تي اس تمر بها ()25
تنفيذ عقد اإليج ار الم الي .ومع ذلك يبقى الس ؤال مطروحا ح ول إمكانية إب رام مؤسسة اإليج ار الم الي لمثل العق ود أم ام الص عوبات المالية
التي تتخبط فيها .
)(26 Avis sur la révision de l’arrêté royale N°55 du 10/11/1967 organisant le statut juridique des entreprises
pratiquant la location financement et de l’arrêté ministériel du 23/02/1968 portant condition d’agréation des
entreprises pratiquant la location financement et dont le statut juridique est réglé par l’arrêté royale N°55 du
10/11/1967 -précité.
14
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
التجارية منها بمرور الوقت ؛ والتي قد يجد فيها المنتفع الفرصة السامحة للتفريط في موضوع اإليجار المالي
( )34بأسعار ال يمكن له استغاللها بحكم التفليس ؛ وطول اإلجراءات.
ه ذه اإلش كاليات ال يوجد لها حل ص ريح بالمجلة التجاري ة ،وهو ما ي دعو إلى التفك ير مليا في األخذ بعين
االعتبار بعض األنشطة الهامة التي يمكن أن تطرح إشكاليات ،خصوصا وأن الحالة العكسية في صورة كان
المستأجر من تم الحكم بتفليسه ،تطرح عمليا عديد الصعوبات ،تؤدي في غالب األحيان إن لم تكن في مجمل
صورها ،إلى اإلضرار الواضح بمصلحة المدين كمصلحة جماعة الدائنين.
يراجع الشروط العامة لعقد اإليجار المالي ،حيث يخول لمستأجر المكرى أن يرفع خيار الشراء قبل أجل انتهاء العقد ،أو التقدم بمطلب ()27
في تعويضه بمنتفع غ يرا عن العقد وبالش روط ال تي يتم االتف اق عليها نهاية مع الش ركة الممولة وبحسب األح وال .نم وذج من عقد اإليج ار
المالي – (الملحق عدد)5
15
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
ينص الفصل 457من المجلة التجارية أن "الحكم بالتفليس يترتب عليه قانونا من تاريخ صدوره رفع يد
المدين عن إدارة جميع مكاسبه والتصرف فيه ا ...مادام في حالة تفليس ...على أنه يجوز للمفلس أن يجري
جميع األعم ال التحفظية لص يانة حقوقه وأن يت دخل في القض ايا ال تي يتبعها األمين .وبن اء على الفصل 457
من المجلة التجارية ،فإن المفلس ترفع يده بحكم القانون عن إدارة مكاسبه ،وينتج عن ذلك أن رفع كل دعوى
متعلقة بمنقول أو عقار ينوبه عنه أمين الفلسة)35( "...
ومن ه ذا المنظ ور ،يفقد المس تأجر س لطته على الش يء تأسيس ا ،إال ما اس تثناه الق انون ص راحة بالفصل
الموالي ( ،)36ويشمل رفع اليد جميع الحقوق التي حصل عليها المفلس بأي وجه من الوجوه ،ويشمل ذلك ما
انتفع به بموجب عقود إيجار مالي ،سواء تعلقت بإيجار منقوالت أو عقارات .وال يبقى للمفلس حسب منطوق
الفصل 457الفقرة األخيرة إال إجراء جميع األعمال التحفظية لصيانة حقوقه...
ه ذه اآلث ار المترتبة عن حكم التفليس ،تط رح التس اؤل بص ورة مباش رة ح ول تك ييف الس لطة القانونية للمفلس
على الشيء ،هل هي سلطة مالك على ملكه ،أو سلطة مفوض في استعمال الشيء ؟
الركون إلى هذا التساؤل يطرح بدوره تساؤال موازيا حول الطبيعة القانونية لإليجار المالي ،إذ ذهب بعض
الفقه اء إلى اعتب اره من العق ود "الهجين ة" ( )37ذلك أنه يحت وي على أجن اس قانونية متع ددة تح اول التوفيق
أساسا بين عناصر مستمدة من عقد البيع وأخرى من عقد الكراء ،وهو ما يجعل األطروحات تتعدد ،فهناك من
اعتبره كراء ساتر للبيع ،أو بيع بالتقسيط مستترا ،أو عقد بيع مدرج به بند االحتفاظ بالملكية .وهي في الحقيقة
أطروحات تعنى أساسا بالنهاية االقتصادية للعملية دون البحث في مرتكزاتها القانونية التي تحملنا إلى تكييف
العملية من قبيل الك راء ولكنه ك راء تم ويلي من جه ة ،ومن جهة أخ رى ك راء مرف وق بوعد بيع من ج انب
واحد.
وب الرجوع إلى الفصل األول من ق انون جويلية 1994حيث ع رف اإليج ار الم الي بكونه "عملية إيج ار
تجهيزات أو معدات أو عقارات مقتناة أو منجزة لغرض اإليجار من قبل المؤجر الذي يبقى مالكا لها"...
حكم ابت دائي م دني ع دد 308ص ادر عن المحكمة االبتدائية بت ونس في 11م اي .1963مجلة القض اء والتش ريع ع دد 10-9لس نة ()28
1964ص .11
الفصل 458من المجلة التجارية. ()29
)(30 M. El Bay et C.Galvada « Le crédit bail immobilier » Que sais-je P.V.F. 1981 1ière éd. P 87.
16
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
ي برز بوض وح أن اإليج ار الم الي يعد ك راء بمقتضى الق انون ،وه ذا الوض وح إنما وض وح من حيث
الغموض يعطي حصانة التكييف أمام الفقه والقضاء واألطراف (.)38
هذا الغموض ينعكس بدوره على آثار حكم التفليس على عقد اإليجار المالي من حيث طبيعته ،فانطالقا
من طبيعته القانونية ووصف عقد اإليج ار ،فإنه ومن حيث المب دأ يجب أن يس تبعد انطب اق أحك ام الفصل 457
من المجلة التجارية ،حيث تقف رغبة األطراف من جهة في مواصلة التعاقد ،كاالستحالة القانونية للقيام ضد
المفلس قضائيا حسب منطوق الفصل 459من نفس المجلة ،حاجزا أمام سلطة القضاء في رفع يد المفلس عن
استعمال المكرى ،وعجزها لضمان استيفاء ديونه.
ه ذا المب دأ ،رغم اقترابه من مس ايرة الطبيعة القانونية لعملية اإليج ار الم الي ،إال أنها تتع ارض والص بغة
المطلقة للفصل 457من المجلة التجارية ال ذي يقر كآث ارا لحكم التفليس ،رفع يد الم دين عن إدارة جميع
مكاسبه والتصرف فيها حتى المكاسب التي يكتسبها بأي وجه من الوجوه مادام في حالة تفليس.
عملي ا ،درجت المح اكم ،على غ رار القض ية ع دد 20م ازالت إجراءاتها جارية بالمحكمة االبتدائية
ب القيروان ،على وضع اليد على جميع مكاسب الم دين بما فيها ما هي موض وع عقد إيج ار م الي ،س واء ك انت
من قبيل العقارات ،أو المنقوالت ،واستغاللها كضمان الستيفاء خالص جماعة الدائنين.
ه ذه الحل ول ،وإ ن ك ان من الممكن تبريرها قانوني ا ،إال أنها ال يمكن أن تس تفي موجب ات الطبيعة القانونية لعقد
اإليجار المالي ،ومصلحة األطراف غير الدائنين في حال اعتبار أن شركة اإليجار المالي غيرا عن النزاع.
فمن جه ة ،من حق المؤسسة المالية التمسك بملكيتها للمك رى ،ومعارضة المحكمة وجماعة ال دائنين بحق
ملكيتها وس لطتها على الش يء ،واختي ار األس لوب الق انوني لحماية مص الحها بم وجب الض مانات ال تي يوفرها
عقد اإليج ار الم الي ،ومن جهة أخ رى ،من المف روض أن يك ون من حق المنتفع المفلس معارضة المحكمة
وجماعة الدائنين بخروج المكرى عن ذمته المالية ،بشرط توفر المصلحة.
هذه الفرضيات ،وإ ن كانت موضوعية بالنسبة للمعارضة بحق الملكية ،إال أنها تبدو بعيدة عن منطق القانون
بالنس بة للفرض ية الثاني ة ،اعتب ارا لبطالن جميع التص رفات ال تي يبرمها المفلس بع وض أو بدونه وكما تم
اإلشارة إليه سابقا.
جالل الفرجاوي "اإليجار المالي في القانون التونسي" مجلة القضاء والتشريع العدد 4لسنة 41أفريل 1999ص 54وما بعده. ()31
17
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
ومع ذلك ،مازال موقف الفقه والقضاء غير حاسم في الموضوع ،باعتبار الفراغ التشريعي ،وسلبيته من حيث
مثل الوضعية ،مما يجعله متناقضا من منظور كل زاوية ،وبحسب كل وضعية.
ه ذه الس لبيات ال تي أح دثها الف راغ التش ريعي ،ح اول القض اء تجاوزها من الناحية العملي ة ،مجانبا ح وار
التض ارب بين التك ييف الق انوني لعقد اإليج ار الم الي ،وعمومية األحك ام المتعلقة ب التفليس ،معتم دا على
إجراءات الصلح االحتياطي كمخرج من المأزق.
18
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
الجزء الثّاني :انسحاب آثار حكم التفليس على الوضعية القانونية لعقد
اإليجار المالي
عقد اإليج ار الم الي ،عقد خ اص تنظمه أحك ام خاصة ص لب ق انون 1994المتعلق باإليج ار
الم الي .إال أن ه ذا النظ ام الق انوني في اقتض ابه ،يقتصر على تعريف وتنظيم العالقة التعاقدية بين
المؤسسة الممولة والمنتفع.
هذا اإلطار الضيق للقانون المتعلق باإليجار المالي ،يفرض في طبيعته الرجوع إلى نظام القانون العام،
ناهيك أحك ام المجلة التجارية المتعلقة في الكت اب الرابع بالص لح االحتي اطي والتفليس ،من جه ة ،وأحك ام
االلتزامات والعقود.
وبالرجوع إلى مجموع هذه النظم القانوني ة ،يتبين انعدام اإلطار القانوني الصريح في تنظيم اآلثار التي
يمكن أن تتولد عن حكم التفليس في حال ارتبطت ذمة المفلس من طرفيه بعقد إيجار مالي.
هذا الفراغ التشريعي ،يوازيه فراغ فقهي ،في النظام القانوني التونسي ،وتبقى بعض البوادر العملية
القضائية المرجع الوحيد الذي يمكن أن ينطلق منه البحث.
وبالرجوع إلى هذه البوادر العملية ،وبعض المحاوالت الفقهية في القانون المقارن ،يمكن أن يستخلص أنه
باإلمك ان س حب آث ار حكم التفليس ال وارد بالمجلة التجارية على الوض عية القانونية لعقد اإليج ار الم الي
األول) ثم الرك ون إلى الحل ول الطارئة على الفلسة (الفصل الثّ اني) لتحقيق
باعتم اد القي اس (الفصل ّ
النتائج.
19
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
بالنظر إلى الفراغ التشريعي ،وسكوت الفقه ،كالتجربة المحتشمة التي يمر بها القضاء التونسي ،فإن
دراسة م دى إمكانية س حب آث ار حكم التفليس في إط ار العالقة التعاقدية ال تي يحكمها الق انون المنظم
لإليجار المالي تطرح في ذاتها عديد الصعوبات .وإ يجاد الحلول يفرض وبالضرورة االستئناس بالتجربة
األجنبية من جهة ،واستقراء الحلول التي انتهجها القضاء التونسي بصورة عملية.
والبحث في ه ذه األس س ،وإ ن ك ان يعطي في الحقيقة إجابة ح تى لو ك ان محتش ما ال يفي واقعيا ليك ون
مرجعا لت دارس الح االت في تع ددها ،فإنه وبالمقابل يفضي إلى ط رح عديد التس اؤالت وب التوازي ،مما
يسمح بالقول ،بالدغمائية الفعلية التي تحوم حول الموضوع ،وأن أسلوب التبسيط المعتمد إنما غموض في
ذاته ،ال يرقى إلى مرتبة الحلول القانونية الصرفة.
ولبيان هذا الفراغ ،واستشراف نظرة متواضعة للحلول سيعتمد البحث على التجارب العملية والنظرية
وبيان أن حكم التفليس ال ينهي العمل بعقد اإليجار المالي (الفقرة األولى) بالرغم من اإلشكاليات المتولدة
عن استمرارية تنفيذ العقد (الفقرة الثانية).
20
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
القانون المنظم لإليجار المالي ( ،)39واإلطار الضيق في تنظيم عقود اإليجار المالي ،يفتح في المجال
ض رورة للبحث قياسا بما ورد بالمجلة التجارية ( )40بالفصل 572وما بع ده .وفي ه ذا اإلط ار ،ينص
الفصل 572أن "التفليس ال يترتب عليه قانون فسخ كراء العقارات المخصصة لتجارة المدين وفي ضمنها ما
اشتملت عليه من المحالت المعدة لسكناه أو سكنى عائلته ويلغي كل شرط مخالف لذلك".
ويتبين من الفصل المذكور ،أن حكم التفليس ال ينهي العمل بعقد الكراء ،إال أنه اقتصر في مشموالته على
ك راء العق ارات المخصصة لتج ارة المفلس وس كناه وس كنى عائلته دون غيره ا .وقياسا على ه ذا التنظيم
الق انوني ص لب المجلة التجاري ة ،وانطالقا من التعريف ال وارد ص لب الق انون المنظم لإليج ار الم الي (،)41
وانطالقا من المبدأ بكون أن طبيعة عقد اإليجار المالي هو عقد إيجار باألساس لمعدات أو عقارات ،فإنه من
المفروض قياسا أن حكم التفليس "ال يترتب عليه قانونا فسخ عقد اإليجار المالي".
هذا المبدأ يبدو األق رب إلى الواقع العملي والنظ ري ،ويبقى رغم ظه ور ب وادره لدى القض اء التونس ي ،بعيدا
عن المقترح الذي يفي حفيظة رجال القانون.
وفي ه ذا اإلط ار ،يب دو موقف الفقه في لكس مبورغ أك ثر وض وحا حيث ينطلق الفقه اء من الق انون المنظم
للفلس فة وتحدي دا الفصل 46من الق انون المتعلق بالفلس فة لتعليل "أن التفليس ال ي ترتب عليه قانونا فسخ العق ود
الجارية ،ناهيك منها المتعلقة بعقد اإليجار المالي)42( ".
21
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
هذه اإلحالة على الفصل 46من القانون المتعلق بالفلسة بلكسمبورغ ،يسمح من وجهة المقاربة االعتماد
بالمثل على الفصل 572من المجلة التجارية ،ولعل هذا الموقف حسب رأينا األقرب للواقع القانوني والعملي
وبالرجوع إلى أحكام الفصل 459والفصل 446الفقرة الثالثة من المجلة التجارية)43(.
وعليه ،فإن لم تكن شركة اإليجار المالي قد استصدرت حكما سابقا للتفليس ،فإنه يصبح من الواجب عليها
طبق أحكام الفصل 572الفقرة الثالثة أن ترفع دعواها في خالل الخمسة عشر يوما من بلوغ اإلعالم المشار
إليه ب الفقرة المتقدم ة ،وتص در على أساسه المحكمة المتعه دة حكما بالفسخ في ح ال اعت برت أن الض مانات
المعروضة غير كافية.
هذا القياس تبقى مناظرته مع الحالة التي تكون فيها المؤسسة المالية هي الواقع تفليسها ،قائما من حيث
المب دأ ،وتأسيسا على نفس معطي ات الفص لين 446و 459من المجلة التجاري ة ،كتأسيسا على مص لحة
المستأجر في مواصلة االنتفاع بالمكرى.
على أن أحك ام الج زء الخ امس "في الك راء وامتي از المك رى" ال يمكن القي اس عليه على إطالق ه ،باعتب ار وأنه
من غير الوارد مبدئيا تطلع المكتري إلى فسخ العقد من جهة ،وطبق أحكام الفصل 572من المجلة التجارية،
كما أن اإلمكانية ال واردة بنفس الفصل في إمكانية فسخ األمين لعقد الك راء ب إذن من المحكمة يص طدم
وبالض رورة ب الحق المتولد للمك تري من عقد اإليج ار الم الي في إمكانية ش راء المع دات موض وع اإليج ار
وبالشروط المضمنة بالعقد.
ويس تخلص مما س بق أن ت رتيب مثل اآلث ار ال واردة بالمجلة التجارية على عقد اإليج ار الم الي عند تفليس
أحد طرفيه ،يبقى مجرد قياس موضوعي يتطلب تدعيما عمليا ارتجاليا من المحكمة التي تجد نفسها وفي كل
األح وال أم ام ص عوبات جدية لخصوص ية عقد اإليج ار الم الي ،يف رض عليه ا ،حسب نظرن ا ،التم ادي في
الحفاظ على استمرارية العالقة التعاقدية ،ورغم اإلشكاليات التي تطرح بالتوازي حول آثار استمرارية هذه
العالقة.
22
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
الفصل 459من المجلة التجارية "الحكم ب التفليس يعطل على ال دائنين ذوي ال ديون المج ردة وال دائنين ذوي االمتي از الع ام القي ام ()36
بالمطالبة منفردين .ال يمكن رفع الدعوى بخصوص منقوالت أو عقارات أو تتبعها وال االسترسال في إجراء وسائل تنفيذية أو الشروع فيها
إذا كانت من قبيل ما يلحقه هذا التعطيل إال من األمين كما أن القيام بها ال يكون إال عليه"...
الفصل 446فقرة " 3تختص المحكمة التي قررت التفليس بالنظر في جميع الدعاوى المرتبطة به".
انطالقا من القياس على مبدأ الفصل 572من المجلة التجارية يكون التفليس ال يترتب عليه قانونا فسخ
عقد اإليجار المالي ،وباعتبار الفرضية المتعلقة بالمصلحة في استمرار عقد اإليجار المالي.
هذه االستمرارية تطرح بدورها فرضية الفصل 473الفقرة الثانية من المجلة التجارية التي تنص أنه "…وفي
صورة عدم الفسخ ال يمكن للمكري بعد استيفاء ما وجب له من الكراء الحال أن يطالب بدفع الكراء الجاري
أو ال ذي س يحل إذا احتفظ بالض مانات ال تي منحت له بالعقد أو إذا اعت برت الض مانات المعط اة له منذ توقف
المدين عن دفع ديونه كافية".
وانطالقا من المعطى الض يق لعقد اإليج ار الم الي دون التوسع في مج ال الض مانات ،واالقتص ار على ك ون
المع دات تش كل في ذاتها الض مان لتنفيذ عقد اإليج ار الم الي .واعتم ادا على ك ون المع دات تبقى م دة اإليج ار
ملكا للمؤسسة المالية باعتبار وأن عقد اإليجار يبقى ساري المفعول بتاريخ صدور الحكم بالتفليس.
وتأسيسا على ما تق دم ف إن الس ؤال المط روح يتأسس ح ول اآلث ار المترتبة عن اس تمرارية عقد اإليج ار
المالي ،ومدى تحمل عقد اإليجار المالي للنظام القانوني الوارد صلب المجلة التجارية ؟
في الحقيقة ه ذا اإلش كال يفتقد إلى الحل ول النص ية ح تى ب الرجوع إلى أحك ام التفليس وإ جراءات ه ،وتختلف
الصعوبات من منظور كل طرف في عقد اإليجار المالي.
وانطالقا من الفرضية األولى ،التي يكون فيها المحكوم بتفليسه هو الطرف المتسوغ .في هذه الحالة ،فإنه
من المف روض أن يتع ذر على المفلس اإليف اء بالتزاماته المالية تج اه المؤسسة المالية طبقا ألحك ام الفص لين
463و 462من المجلة التجاري ة ،أو ح تى فسخ عقد اإليج ار الم الي ،أو معاوضة ال دين الح ال بالمع دات أو
العقارات موضوع اإليجار المالي ،أو أي منقوالت أو أية عقارات أخرى.
ه ذه الوض عية تف رض على المؤسسة المالية من حيث المب دأ ض رورة المطالبة بفسخ عقد اإليج ار الم الي
قياسا على أحكام الفصل 572من المجلة التجارية .إال أن الفسخ وبالضرورة يبقى تحت طائلة قرار المحكمة
المتعهدة التي تقرر في الموضوع بحسب األحوال.
23
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
وحسب نظرنا يبقى من الص عب على المحكمة الحكم بفسخ عقد اإليج ار الم الي ،خاصة إذا تعلق األمر
بإيجار عقارات حيث تبقى عمليا الضمان الوحيد الستيفاء أغلب الديون المثقلة على المفلس .وعلى األقل هذه
الوض عية ش هدتها وض عية القض ية ع دد ،)44( 20حيث ورغم تع دد ال دائنين إال أن الض مان الوحيد بقيت
عقارات المحكوم بتفليسه ،وأهمها ما تعلق بها عقد اإليجار المالي.
هذه الوضعية تطرح الفرضية المبدئية ألهمية مواصلة العالقة التعاقدية بالنسبة لألمين والمحكم ة ،إال
أنها تتض ارب وحق المؤسسة المالية وباالحتج اج بملكيتها للعق ارات أو المنق والت المتعلق بها عقد اإليج ار
المالي ( ،)45ونظرية استحالة تنفيذ العقد النعدام الذمة المالية للمفلس.
وإ ض افة إلى ه ذه الفرض ية األولى ،ف إن الفرض ية الثاني ة ،وهي ص ورة أن يك ون المحك وم بتفليسه هي
المؤسسة المالي ة .ه ذه الفرض ية تط رح ب دورها ،وانطالقا من ص ورة الخي ار في اس تمرارية عقد اإليج ار
الم الي ،اإلش كال الج وهري انطالقا من النظرية العامة لاللتزام ات والعق ود .فهل يمكن لألمين والمحكمة
ف رض خي ار الش رط أم ام المك تري في ش راء المع دات نهائيا بخالف التقس يط المتفق علي ه ،أو التن ازل عن
مواصلة العالقة التعاقدية ؟
ه ذه اإلمكانية غ ير واردة من حيث المب دأ باعتب ار أنه ال يمكن تحميل معاقد المفلس ب أكثر مما تتحمله ذمته
المالية بغير خطئ منه.
ه ذه الص عوبة العملية والقانونية تب دو خي ارا مف روض أم ام المص لحة في اس تمرارية عقد اإليج ار الم الي،
باعتب ار أنه وفي ح ال تقرير فسخ عقد اإليج ار من قبل األمين ب إذن من المحكم ة" ،فإنه يحق لمعاقد المفلس
المطالبة بج بر الض رر ،ه ذا دون اعتب ار األحك ام المتعلقة بالنظ ام الع ام في تنفيذ العق ود وال تي ال تعفي األمين
من االمتثال إليها…"()46
هذه اإلشكاليات العملية تطرح نفسها في إطار اآلثار المتولدة عن الحكم بالتفليس في عالقته بعقد اإليجار
الم الي .وفي إط ار ه ذه اإلش كاليات المش ارة في عين ات منها تفضي إلى االس تخالص ض رورة ،وأن ج انب
االرتج ال في مثل ه ذه الوض عيات يبقى الحل األنسب بالنس بة للقاضي المتعهد وأمين الفلس ة ،وأط راف قض ية
الفلسة ،وعليه ،ال مفر عمليا من ضرورة توفير أرضية تفاهم توفيقية بين جميع المصالح المتضاربة للخروج
من المأزق واستغالل موضوع اإليجار كقاعدة الستيفاء ما يمكن من ديون حالة وثابتة طبق القانون.
24
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
انطالقا من اإلش كاليات التي تطرحها ض رورة س حب آث ار حكم التفليس على الوضعية القانونية
لعقد اإليجار المالي ،مقارنة بالفراغ القانوني الذي يحوم حول الموضوع ،فإنه يمكن الجزم بعدم إمكانية
الخي ار في انته اج أس لوب عملي للخ روج من الم أزق ،وت رتيب اآلث ار المتول دة عن حكم التفليس بص ورة
أقرب إلى مرجعها القانوني ،وتفي بضرورة استيفاء النتائج وخصوصا تسوية الوضعية المالية للدائنين.
ه ذه الم رامي ،من المف روض أن تس تند إلى أسس قانونية ص ريحة ،إال أن ه ،وب النظر إلى محدودية
التنظيم القانوني التونسي ،فإنه كان من الضروري استخالص قياسا ،بعض الحلول العملية التي تبقى في
محاوالت القضاء التونسي قاصرة عن اتخاذ ما يعلل سندها.
هذه الحلول ،ترتكز أساسا حول الركون إلى الصلح الذي يجيزه الفراغ التشريعي التونسي (الفقرة األولى)
باعتبار اآللية الوحيدة الستيفاء الديون من المكرى (الفقرة الثانية).
25
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
بالنظر إلى المجلة التجارية وقانون 1994المتعلق باإليجار المالي ،يالحظ الفراغ التشريعي في تنظيم
األحكام التي يمكن أن تالئم مثل اإلشكاليات المطروحة في آثار حكم التفليس على عقد اإليجار المالي.
ه ذا الف راغ التش ريعي ،يوازيه ف راغ فقه قض ائي وفقهي على حد علمن ا ،باس تثناء الواقع العملي من ج انب
الفرضية التي يكون فيها المحكوم بتفليسه هو شخص المكتري في إطار عقد اإليجار المالي.
ه ذا الف راغ التش ريعي في إط ار الق انون التونسي يعكس بوض وح قص ور النظ ام الق انوني في بالدنا على
احتواء فرضياته ،وإ يجاد الحلول العملية المالئمة للحقوق الفردية والنظام العام.
ه ذا الف راغ التش ريعي ليس بقص ور خ اص باإلط ار التش ريعي التونس ي ،إال أنه ف راغ يحسب عليه من حيث
التطرق لمثل اإلشكاليات المطروحة ،ومسايرة األنظمة المقاربة.
وفي ه ذا الخص وص ،يمكن التنويه بالمح اوالت الفقهية بألكس مبورغ في ق راءة الق انون المنظم للعق ود الجارية
في إط ار حكم التفليس ( )47واس تخالص الفرض يات والحل ول المالئمة رغم ص عوبة الج زم ب الحلول
المقترحة.
هذه الخواطر في البحث حول الموضوع ،يبدو أنها تلقى في قانون 31مارس 2000الذي أضاف للمجلة
التجارية بألكس مبورغ فصال جدي دا هو الفصل 567-1ال ذي ي دمج مب دأ "معارضة جميع ال دائنين بالملكية في
صورة الفلسة وعند توفر بعض الشروط" (.)48
ه ذه الش روط تنقسم إلى ش روط ش كلية ،إذ ي وجب الفصل )49( 567-1في ه ذا الخص وص وبص ريح
النص أن الش رط المتعلق بالمعارضة أو االحتج اج بالملكية يجب أن يك ون ش رطا كتابيا في نط اق التس ليم في
أقصى تقدير ،وعليه يكون شرط المعارضة شرطا تعاقديا رضائيا بين الطرفين حتى يمكن له أن ينتج آثاره.
أما من جهة الش روط الجوهري ة ،ف إن الفصل الم ذكور ال ينطبق إال في إط ار التفليس ،وال يمكن أن يتعلق إال
بالمنقوالت المميزة بالعقد)50( .
26
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
هذا الحل التشريعي بالقانون المقارن ،ورغم حدود مجال انطباقه خصوصا من حيث الموضوع ،يعتبر
حال موض وعيا في الحقيقة باعتب ار ما ي وفره من ض مانات لمؤسس ات اإليج ار الم الي ال تي تمثل في ال وقت
ال راهن مؤسس ات لها تأثيرها على تنش يط االقتص اد ،ودفع اإلنت اج ،وتش جيع االس تثمار ،ومن المف روض أن
يوفر لها حماية خاصة تالئم هذه األهمية .وحسب نظرنا ،فإن سحب مثل الفصل 567من قانون 31مارس
2000على العق ارات موض وع عق ود اإليج ار الم الي يعد أق رب للمنطق من خالل االنطالق من فك رة أنه
يصعب على المستأجر اعتماد موضوع اإليجار للحصول على قروض بنكية أو سلف نقدية أو ما يقوم مقامها
من الغ ير بض مان المش روع ،ويبقى كل متعامل مع المفلس متحمال لمس ؤولية الثقة المج ردة ال تي يتعامل بها
دون التثبت من توفر الضمانات الكافية.
وتأسيسا على ذلك ،يبقى عقد اإليجار المالي خارجا عن نطاق تطبيق أحكام التفليس ،مما يسهل إعادة بيع
المش روع إلى كل مس تثمر ي رغب في معاق دة مؤسسة اإليج ار الم الي وتحمل مس ؤولية التس يير واإلنت اج.
وبالتالي تحقيق المصلحة االقتصادية واالجتماعية التي من المفروض أن تحلى باألولوية في نظر المشرع.
على أنه ،ورغم توفر مثل هذه التجربة المخصوصة بلكسمبورغ ،يبدو أن الموضوع قد يبقى بعيدا عن مرمى
المش رع التونس ي ،ال ذي خ ير في س كوته إعط اء المس ؤولية للتجربة العملية االرتجالية للقض اء الس تخالص
الحلول القابلة العتماد.
ه ذه الحل ول ال يمكن أن تخ رج وبالض رورة عن إمكانية وضع أسس اتفاقية للخ روج من م أزق ش رط حماية
النظام العام في تطبيق القانون على مجموع األطراف في النزاع.
وبالرجوع إلى المجلة التجارية في الباب الرابع "في الحلول الطارئة على الفلسة" ،يالحظ صعوبة تطبيق
األحكام الواردة به في حال تعلق األمر بعقد إيجار مالي ،وبالنظر إلى تضارب المصالح ،والصعوبة العملية
سواء كان في إطار القسم األول "في الصلح االحتياطي" أو في إطار القسم الثاني "في الصلح في تنازل المفلس
عن ماله" أو حتى في إطار القسم الثالث "في ختم الفلسة النعدام مصلحة جماعة الدائنين".
27
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
ه ذه المرجعية التش ريعية المفرغة من إمكانية انطباقها في الموض وع ال تمنع بالمقابل من إب رام ص لح خ اص
تكون فيه المؤسسة المالية الصوت الفيصل إن لم نتجاوز للقول "بسلطة القضاء التي تتجاوز حدود الشرعية
باألساس".
انطالقا من الف راغ التش ريعي كما تم بيانه س ابقا ،ومن الطبيعة القانونية "الهجين ة" كيفما نعت الفقه
الطبيعة القانونية لعقد اإليج ار الم الي ،وما يطرحه من ص عوبات عملية وقانونية عند تعلق موض وع اإليج ار
بأحد أط راف العقد وقد تم تفليس ه؛ فإنه من الض روري إيج اد الحل ول لتص فية م ال المفلس ومحاولة اس تيفاء
ديونه وما أمكن منها باعتبار وضعيته المادية وذمته المالية.
ه ذه الض رورة ت وجب على القاضي وضع أسس عملية للخ روج من جميع اإلش كاليات القانونية ال تي يمكن أن
تط رح وبحسب الفرض ية موض وع المواجه ة .ه ذه األسس العملية ال يمكن أن تخ رج وبالض رورة عن إط ار
الص لح ،واالتف اق بين جميع األط راف المتداخلة مع االح تراز لم دى ت أثير موقف الم دين المفلس ال ذي يبقى
عمليا وموضوعيا الطرف المهمش النعدام المصلحة قانونا.
والص لح ،أو االتف اق "الرض ائي" يبقى نظريا مرتبطا بجميع األط راف المتداخل ة ،إال أنه واقعيا ال يمكن إال
أن يكون منحصرا بين القاضي المتعهد والطرف غير المفلس في عقد اإليجار المالي ،ناهيك ،وأن الموضوع
وفي كل الحاالت ومن حيث المبدأ في مصلحة بقية الدائنين مهما كان ترتيبهم.
ويتمثل الص لح أساسا في تن ازل معاقد المفلس في إط ار مرجع عقد اإليج ار الم الي عن ج انب من حقوق ه،
وحسب الفرض ية .ف إذا تعلق الموض وع بالمؤسسة المالية الممول ة ،ف إن ه ذه األخ يرة تتن ازل عن حقها في
المعارضة بملكية المكرى سواء تعلق بمنقول أو عقار .أما إذا تعلق الموضوع بالمستأجر المنتفع ،فيكون له
س واء إمكانية الش راء النه ائي للمك رى في ح ال تماشي الع رض وإ مكانياته ومص لحته ،أو بالتن ازل عن حقه
باالنتفاع بعقد اإليجار المالي مقابل التعويض له عما يلحقه من ضرر)51( .
وفي حين تبدو هذه الفرضيات ممكنة بحسب األحوال ،إال أنها ال تخلو من الصعوبات العملية ،وتستوجب
اتخاذ القرار الحاسم من المحكمة المتعهدة .وفي هذا اإلطار كان لمحكمة القيروان االبتدائية تجربة عملية في
28
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
إط ار الموض وع بمناس بة تعه دها بقض ية الفلسة ع دد )52( 20حيث بعد أن ت بين لها اس تحالة اس تيفاء بعض
ديون المفلس إال بتصفية العقارات التي كانت موضوع إيجار مالي ،حيث توصل القاضي المتعهد إلى إقناع
ش ركة اإليج ار الم الي بالتن ازل عن حقوقها في ملكية العق ارات ،واقتص ارها على الض مانات المقترحة من
المحكمة في خالص ما تبقى من قيمة اإليجار بعد تبتيت العقارات موضوعه.
هذا الصلح من الناحية النظرية يقترب من أحكام القسم الخامس من المجلة التجارية "في كراء وامتياز
المك رى" ،إال أنه ال يخلو من الخصوص ية ب الرجوع إلى الق انون المنظم لإليج ار الم الي ،والق وانين المنظمة
لالمتيازات بشكل عام.
إال أن المرجعية في فهم الحل المعتمد من الناحية القانوني ة ،وبالص ورة المبس طة ،يحيل حسب تق ديرنا إلى
اعتماد القاضي المتعهد لطريقة "الشراء المؤجل الدفع للعق ارات موضوع اإليجار الم الي ،على أن يكون دفع
الثمن بعد التبتيت".
هذا الحل وإ ن كان أقرب للواقع ،إال أنه من الناحية القانونية يفتح الباب إلى ضرورة التكييف القانوني للحل
المعتم د ،وال ذي يبقى مع ذلك وحسب تق ديرنا مج رد حل عملي موض وعي مف رغ من س نده الق انوني ،وحرفيا
"ارتجال من القاضي المتعهد في تسوية الوضعية بصورة عملية".
وبالرجوع إلى استقرار مثل الحل المتقدم ،والنظر في مدى إمكانية انطباقه في صورة المتسوغ المنتفع المقابل
للمؤسسة الممول ة ،ف إن مثل ه ذا الق رار العملي ال يمكن اف تراض إمكانية العمل ب ه ،وربما يك ون من األق رب
انتظ ار انته اء م دة اإليج ار ،ورفع خي ار الش راء من المنتف ع ،وهو ما يطيل آج ال نشر قض ية التفليس ،ويضع
القاضي المتعهد أمام األمر الواقع وضرورة االستجابة له.
ويستخلص مما سبق ،أن "الص لح االتف اقي" يبقى الحل الوحيد لتجاوز الصعوبات القانونية ،على األقل في
ال وقت ال راهن ،إال أنه مع ذلك ال يفي بالحاجة ب اختالف الوض عيات والفرض يات ال تي يمكن أن تط رح أم ام
القاضي المتعهد .وعليه يبقى السؤال المطروح ،هل ينتظر المشرع السقوط في "المأزق" ( )53حتى يفكر في
حلول قانونية تتطلب في ذاتها مجهود خاص ،وجبار للتوصل إلى حلول منطقية طالما تتوق الدول الغربية إلى
بسط نماذجها منذ سنوات ؟
29
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
وهل من غ ير المج دي االقت داء بأزمة "ش ركة الط يران السويس رية" الس تباق األم ور ومحاص رة الف راغ
التشريعي ؟
ال ـخـاتـمــة
يتبين مما سبق بسطة ،أن حكم التفليس باعتباره الحكم القاضي عادة بانتهاء مراحل وإ جراءات محاولة
إنق اذ المؤسسة االقتص ادية المتوقفة عن دفع ديونه ا ،وإ ن ك ان يحكمه مرجع ق انوني كفيل إلى حد ما بتنظيم
مختلف اإلج راءات ،للوص ول إلى تص فية م ال المفلس اس تيفاء لديون ه ،وذلك ص لب المجلة التجاري ة ،ال تي
تخصص الكتاب الرابع للغرض ،يجمع في طياته 152فصال تقريبا ،من الفصل 445إلى الفصل ،596إال
أن مثل هذه األحكام تبدو قاصرة على استيعاب الحالة التي تفترض انسحاب آثار حكم التفليس في حال تعلق
بذمة شخص المفلس عقد إيجار مالي.
والمتأمل في وض عية الح ال ،يت بين أن الق انون التونس ي ،وب الرغم من السالسة المعتم دة في إط ار الحل ول
القض ائية ،ال يمكنه أن يك ون مرجعا فعليا لفصل مثل اإلش كاليات ال تي تنعكس س لبا على مص لحة كل ط رف،
كمص لحة المجتم ع ،اعتب ارا ألهمية التمويل في إط ار اإليج ار الم الي ،وما يحققه من دفع لبعث المش اريع،
وتوفير مواطن وفرص التشغيل ،ودفع الدورة االقتصادية.
ه ذه األهمية لعملية التمويل بطريقة اإليج ار الم الي ،تف ترض عمليا األخذ بعين االعتب ار اإلش كاليات ال تي
يمكن أن ت أثر على تط ور نش اط اإليج ار الم الي ،خصوصا أم ام انفت اح الس وق العالمي ة ،وتزايد الص عوبات
االقتص ادية ال تي تعيش ها المؤسس ات التونس ية في ال وقت ال راهن ،مما يضع ص وب الواقع ض رورة المب ادرة
30
حـكم التـفـلـيس وعـقد اإليـجار الـ ـمـالـي
بوضع قانون يالئم خصوصية النشاط ،وطبيعة عقود اإليجار المالي ،سواء بتطوير القانون المتعلق باإليجار
الم الي ،أو بوضع ق انون خ اص ص لب المجلة التجاري ة ،أو ح تى ق انون منفص ل ،يمكن له اس تيفاء التص دي
لجميع اإلشكاليات في إطار الحكم بالتفليس.
هذه الضرورة تبدو بعيدة عن مشاغل المشرع التونسي ،والسؤال ،هل ينتظر المشرع السقوط في المأزق
ح تى يتفطن إلى س لبيات ه ذا الف راغ التش ريعي ،أم هو في وض عية المتأم ل ،ينتظر الب وادر الفقهية إليج اد
المخ رج ،أم أن وج وب الكلية في مراجعة كل من الق انون المنظم لإليج ار الم الي ،والق انون المنظم للص لح
االحتياطي والتفليس ،هو الذي يطرح اإلشكالية في تحقيق الكمالية ؟
31