You are on page 1of 40

‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬

‫‪.‬‬

‫يتبين بالرجوع إلى أحكام الباب الرابع من قانون إنقاذ المؤسسات ال تي تمر بص عوبات اقتص ادية‬
‫‪1‬‬

‫والمتعلق بالتسوية القضائية أن المشرع يقصد بف ترة المراقبة "الوض عية القانونية ال تي تمر بها المؤسسة‬
‫المنتفعة بإجراءات تسوية قضائية والتي يتم افتتاحها بموجب إذن من رئيس المحكمة المتعهدة بمطلب التسوية‬
‫بغرض إعداد برنامج إلنقاذ المؤسسة من طرف متصرف قضائي وتحت إشراف قاضي مراقب"‪.‬‬

‫بب األول‬ ‫وتعود أهمية دراسة وضعية المؤسسة أثناء فترة المراقبة إلى سببين على األقل‪ .‬يتعلق الس‬
‫بالدور الذي تضطلع به في تحقيق األهداف التي حددها المشرع لقانون إنقاذ المؤسس ات والمعلن عنها ص لب‬
‫الفصل األول منه الذي ينص على أن نظام اإلنقاذ " يهدف أساسا إلى مساعدة المؤسسات ال تي تمر بص عوبات‬
‫اقتصادية على مواصلة نشاطها والمحافظة على مواطن الشغل فيها والوفاء بديونها"‪.‬‬

‫ويتعلق السبب الثاني بخصوصية وضعية المؤسسة عند خضوعها لفترة المراقبة وهي وض عية بلغت‬
‫فيها الصعوبات درجة من الخطورة جعلت المؤسسة تنتفع بإجراءات التس وية القض ائية نتيجة توقفها عن دفع‬
‫ديونها‪.2‬‬

‫ولقد مثلت الوضعية القانونية للدائنين مسألة رئيسية أثرت في التطور التشريعي لقانون إنقاذ المؤسسات‬
‫وأدت إلى تعديل الحلول التي توخاها المشرع منذ صدور قانون ‪ 17‬أفريل ‪.1995‬فالمتأمل في التط ور ال ذي‬
‫اعي للمؤسسة‬ ‫شهده هذا القانون يالحظ أن المشرع قد سعى سنة ‪ 1995‬إلى تقديم البعدين االقتصادي واالجتم‬
‫وتغليب الهدف المتمثل في المحافظة عليها ككيان اقتصادي واجتماعي وخلية رئيسية في االقتصاد الوط ني‪3‬مما‬
‫أدى إلى القول بأن قانون إنقاذ المؤسسات يشكل" تضحية بحقوق الدائنين"‪.4‬‬

‫‪1‬عـ‪34‬ـدد لسنة ‪ 1995‬مؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪ 1995‬ومنقح بالقانون عـ‪63‬ـدد لسنة ‪ 1999‬المؤرخ في ‪ 15‬جويلية ‪ 1999‬والقانون عـ‪79‬ـدد لس نة ‪ 2003‬الم ؤرخ في ‪29‬‬

‫ديسمبر ‪2003‬‬

‫مؤسسة تكون غير قادرة على‬ ‫الفصل ‪" 18‬يمكن أن تنتفع بالتسوية القضائية المؤسسة التي تتوقف عن دفع ديونها‪ " .‬وتعد متوقفة على معنى هذا القانون على وجه الخصوص كل‬ ‫‪2‬‬

‫مجابهة الديون التي حل أجلها بما هو موجود لديها من سيولة ومن موجودات قابلة للتصرف على المدى القصير"‬

‫" التشريع التجاري الجاري به العمل يرتكز أساسا على حماية الدائنين دون مراعاة المؤسسة ككل باعتبارها الخلية األساسية في االقتصاد الوطني‪ .‬وهو ما يستدعي مراجعة هذا‬ ‫‪3‬‬

‫التشريع لجعله مسايرا للتطورات الحديثة ومواكبا للتشريعات المتقدمة في هذا الميدان" الرائد الرسمي للجمهورية التونسية‪ ،‬مداوالت مجلس النواب‪ ،‬عـ‪34‬ـدد‪،11/4/1995 ،‬ص‪.‬‬

‫‪.18‬‬

‫‪4‬‬ ‫‪A. Khouildi, Les sacrifices des créanciers antérieurs à l’ouverture de la procédure de redressement es entreprises en difficultés‬‬
‫‪économiques, R.J.L, n° 9, 1995, p.20‬‬

‫‪1‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫ومن الواضح أن خالص المؤسسة لديونها لم يذكر ضمن أهداف المشرع بالفصل األول من القانون إال‬
‫بالمرتبة األخيرة بعد مساعدة المؤسسة على مواصلة نشاطها والحفاظ على مواطن الشغل فيها‪ .5‬واالكتفاء بذكر‬
‫هذا الهدف في المرتبة الثالثة واألخيرة ينم في الحقيقة عن قناعة المشرع بان خالص ال ديون لم يعد االهتم ام‬
‫األول في منظور قانون إنقاذ المؤسسات‪.‬‬

‫انون ‪ 1995‬نفس‬ ‫ولقد لقي القانون الفرنسي لسنة ‪1985‬والذي يمكن اعتباره مصدر الهام بالنسبة لق‬
‫االنتقاد من طرف شراح القانون الذين وجدوا فيه تقهقرا لحقوق الدائنين لفائدة مصلحة المؤسسة والعملة‪.6‬‬

‫وأمام المطالب الرامية إلى توفير حماية أكبر للدائنين وخاصة مؤسسات القرض التي أض حت ديونها‬
‫‪7‬‬
‫مهددة‪ ،‬فقد ورد تنقيح ‪ 2003‬لقانون إنقاذ المؤسسات محاوال إعادة التوازن بين مصلحة الدائنين وإنقاذ المؤسسة‬
‫بسن عدة إجراءات وقواعد جديدة يمكن الحديث معها عن توجه تشريعي إلعادة التوازن المفقود‪.8‬‬

‫ورغم محاولة إعادة التوازن فإن المشكلة الرئيسية لقانون إنقاذ المؤسسات تبقى حق وق ال دائنين إزاء‬
‫المؤسسة التي تمر بصعوبات اقتصادية والتي هي حتما مؤسسة مدينة تجابه صعوبات تجاه دائنين يحاص رونها‬
‫لخالص ديونهم ضرورة أن الصعوبات تكمن أساسا في كون الرصيد المالي المتوفر لدى المؤسسة يصبح غ ير‬
‫كاف لتمكين المؤسسة من الوفاء بديونها تجاه الغير‪ 9‬وتتزايد الصعوبات بتعاقب الديون وتأثيل الفوائض‪.10‬‬

‫ومن الطبيعي أن تبلغ مسألة التوفيق بين مصلحة الدائنين وإنقاذ المؤسسة ذروتها أثناء فترة المراقبة‬
‫وهي الفترة التي تتدخل عند انتفاع المؤسسة بإجراءات التسوية القضائية ضرورة أن التضارب بين مواصلة‬
‫المؤسسة لنشاطها ومطالب الدائنين تكتسي طابعا أكثر خطورة و جدية عند توقف المؤسسة عن دفع ديونها‪.‬‬

‫‪5‬‬ ‫‪I. Abdelhak, La loi n°95-34 du 17 Avril 1995 relative au redressement des entreprises en difficultés économiques  : Approche critique des‬‬
‫‪objectifs et des moyens de sauvetage, R.T.D 1999, p.1.‬‬

‫‪6‬‬ ‫‪Loi n°85-98 du 25 janvier 1985 sur le redressement judiciaire et la liquidation des entreprises ( C. C. F. Art.L.620-1 et suivants). M.‬‬
‫‪Vasseur, Le crédit menacé, Brèves réflexions sur la nouvelle législation relative aux entreprises en difficulté économiques, J. C. P, G, Doct.‬‬
‫‪1985, Fasc. 3201 : « Les créanciers ne sont donc plus que des témoins impuissants dont le sort est réglé en dehors d’eux ».‬‬

‫" غير أنه لوحظ آن بعض المؤسسات تسعى إلى االستفادة من أحكام هذا القانون دون وجه‪ ،‬وتستعمل لذلك آليات وأساليب مختلفة‪ ،‬وذلك لغاية التفصي من دفع ديونها‪ ،‬وهو ما‬ ‫‪7‬‬

‫يؤدي إلى المساس بالمصالح المشروعة للدائنين كما يتسبب في انخرام قواعد سير النشاط االقتصادي"‪ .‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية‪ ،‬مداوالت مجلس الن واب‪ 22 ،‬ديس مبر‬

‫‪ ،2003‬عــ‪15‬ـدد‪ ،‬ص‪.608.‬‬

‫أسماء القرقني‪ ،‬التوازن بين مصلحة الدائنين وإنقاذ المؤسسة التي تمر بصعوبات اقتصادية من خالل تنقيح ‪ ،2003‬الهيئة الوطنية للمحامين‪ ،‬السنة القضائية ‪.2007-2006‬‬ ‫‪8‬‬

‫توفيق بوعشبة‪ ،‬نظام إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية في القانون التونسي‪ ،‬المجلة القانونية التونسية‪ ،1995 ،‬ص ‪.47‬‬ ‫‪9‬‬

‫محمد الهادي دعلول‪ ،‬الصعوبات االقتصادية وإنقاذ المؤسسات بواسطة التسوية القضائية‪ ،‬م ق ت‪ ،‬نوفمبر ‪ ،2000‬ص‪.119.‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪2‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫داد‬ ‫وبالرجوع إلى التنظيم القانوني لفترة المراقبة يتضح أن المشرع أرادها أن تكون فترة يتم فيها إع‬
‫برنامج لإلنقاذ وهو ما يتطلب حماية المؤسسة من دائنيها للتمكن من حصر مبلغ الدين ومنع تفاقمه ليسهل إعداد‬
‫هذا البرنامج‪ .‬فهي أوال وباألساس فترة" سكون وانتظار" يتعين خاللها عدم تعك ير وض عية المؤسس ة‪ .‬وفي‬
‫المقابل ال بد للمؤسسة من مواصلة نشاطها أثناء فترة المراقبة في ظ روف يجب أن تك ون أق رب إلى الوضع‬
‫العادي ضرورة انه من غير المقبول توقيفها عن النشاط لتستأنفه الحقا بعد أن تكون فقدت الحرفاء الذين عادة ما‬
‫يمثلون الرصيد الذي يبعث األمل في إنقاذها‪.‬‬

‫والتوفيق بين جعل المؤسسة تستمر في نش اطها بعد ال دخول في ف ترة المراقبة من جه ة‪ ،‬وحماية‬
‫رصيدها وعدم تعكيره ليسهل إعداد برنامج اإلنقاذ من جهة أخرى‪ ،‬ال يكون إال بالفصل بين وض عية ال دائنين‬
‫ووضعية المؤسسة والعملة‪ .‬تكون فترة المراقبة بالنسبة للدائنين فترة انتظار يتعين فيها النظر للمؤسسة كوح دة‬
‫اقتصادية يجب إنقاذها وعدم محاصرتها الستخالص الديون في حين تك ون بالنس بة للمؤسسة والعملة مرحلة‬
‫تمهيدية يتواصل النشاط فيها باإلمكانيات المتوفرة إلى حين النظر في سبل إنقاذها‪.11‬‬

‫غير أن مواصلة النشاط تعني حتما الدخول في عالقات تعاقدية جديدة قد تنتج ديونا جديدة بالنس بة‬
‫للمؤسسة وهو ما يعني انه ال بد من التمييز بين الدائنين الذين حلت ديونهم قبل فترة المراقبة وأولئك ال ذين تنتج‬
‫ديونهم في إطار المواصلة الضرورية للنشاط أثناء إعداد برنامج اإلنقاذ‪.‬‬

‫ترة المراقبة‬ ‫واألكيد أن إنقاذ المؤسسة وخاصة في حالة انتفاعها بإجراءات تسوية قضائية ودخولها ف‬
‫يوجب على المشرع التخلي عن النظرة التقليدية لعالقة الم دين بدائنه كعالقة شخص ية تخضع لقواعد النظرية‬
‫العامة لاللتزامات وتتطلب إيجاد صياغة جدي دة لعالقة المؤسسة ب دائنيها تأخذ بعين االعتب ار حماية الكي ان‬
‫االقتصادي واالجتماعي للمؤسسة‪.‬‬

‫وإذا كان من الممكن تعريف حق الدائنية تقليديا بأنه "الرابطة القانونية القائمة بين شخصين أولهما دائن‬
‫وثانيهما مدين يكون المدين بمقتضاها ملتزما إزاء الدائن بأن يعطيه شيئا أو أن يقوم لفائدته بعمل ما أو أن يمتنع‬
‫عن فعله األمر الذي يمكن الدائن في حال عدم تنفيذ الم دين اللتزامه بمحض إرادته أن يطالبه بالتنفيذ إن ك ان‬
‫ممكنا أو بالفسخ وفي كل الحاالت بجبر الضرر الحاصل له من ع دم تنفيذ التزام ه"‪ ،12‬ف إن األرجح أن ه ذا‬

‫‪11‬‬ ‫‪Y. Guyon, Droit des affaires, Entreprises en difficultés, Redressement judiciaire, faillite,Economica, 9ème édition, n° 1197.‬‬
‫محمد الشرفي وعلي المزغني‪ ،‬أحكام الحقوق‪ ،‬دار الجنوب للنشر‪ ،1995،‬ص‪.40.‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪3‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫التعريف ال يمكن أن يستجيب لمتطلبات قانون إنقاذ المؤسس ات ال ذي يتأسس على ض رورة حماية المؤسسة‬
‫كوحدة اقتصادية باألساس‪.‬‬

‫فالعالقة التعاقدية من وجهة نظر قانون إنقاذ المؤسس ات لم تعد عالقة مدنية ص رفة تنض مها إرادة‬
‫الطرفين والقواعد العامة لاللتزامات بل أضحت عالقة اقتصادية تخضع لضوابط تتجاوز إرادة الطرفين وتختلف‬
‫في كثير من األحيان عن القواعد المألوفة في النظام التقليدي لاللتزامات‪.13‬‬

‫وأضحى العقد يمثل ظاهرة اقتصادية ال تح دد انطالقا من إرادة الط رفين بل انطالقا من دوره داخل‬
‫المنظومة االقتصادية‪ .‬وتبعا لذلك فإن الديون التي قد تنتج عن العالقة التعاقدية تعتبر من منظور ق انون إنق اذ‬
‫المؤسسات حاالت يتعين عالجها وإيجاد حلول لها للحفاظ على العالقة التعاقدية بوصفها عالقة اقتصادية بصرف‬
‫النظر عن كونها حاالت إخالل بالتزامات التعاقدية تتطلب عادة تدخل قواعد المسؤولية المدنية‪.‬‬

‫وتتجلى خصوصية وضعية الدائنين أثناء فترة المراقبة عند التطرق إلى الحق في اس تخالص ال دين‬
‫ول‬ ‫والذي لئن كان يعد من الحقوق التقليدية للدائن إزاء مدينه فإن المشرع يخضعه إلى قواعد استثنائية عند دخ‬
‫المؤسسة في فترة المراقبة( الجزء األول) كما تتجلى الخصوصية أيضا عند التطرق إلى مجمل الحقوق المنجرة‬
‫للدائن نتيجة تواصل عالقة الدائنية أثناء فترة المراقبة ( الجزء الثاني)‬

‫الجزء األول ‪ ‬النظام القانوني للحق في استخالص الدين أثناء فترة المراقبة‬

‫‪13‬‬ ‫‪« Dans l’ordre économique, le contrat est ainsi lié à l’entreprise : l’exécution des contrats en commande l’activité et souvent la‬‬
‫‪structure ; Il est un élément de richesse, un élément de valeur pour l’exploitation », P. Durand, préface à l’ouvrage collectif « la stabilité du‬‬
‫‪rapport contractuel » L.G.D.J, 1960. ‬‬

‫‪4‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫تواصل المؤسسة نشاطها أثناء فترة المراقبة وهو ما يعني حتمية دخولها في عالقات تعاقدية مع الغير‬
‫قد تنتج ديونا جديدة أي ديون تنشأ بعد الدخول في فترة المراقبة‪.‬‬

‫أقر المشرع صلب قانون إنقاذ المؤسسات مبدأ تمييز هؤالء الدائنين الجدد عن غيرهم من الدائنين الذين‬
‫تكونت ديونهم قبل فترة المراقبة‪ .‬وتتمتع الديون الجديدة باألولوية في االستخالص وتس بق ال ديون القديمة ولو‬
‫كانت ممتازة‪.‬‬

‫ويعد هذا التمييز خروجا عن قواعد النظام القانوني التقليدي المتعلق بترتيب ال دائنين والمنظم ص لب‬
‫الفصل ‪ 192‬وما بعده من مجلة الحقوق العينية‪ .‬فالدائن الذي حرص على تأمين دينه بواسطة رهن والذي يتمتع‬
‫تقليديا بحق األفضلية وحق التتبع إزاء مكاسب مدينه ويسبق دينه باقي الديون العادية في حين ال تفضل عليه إال‬
‫دة‬ ‫الديون الممتازة يجد نفسه خاضعا في حالة دخول مدينه فترة المراقبة لترتيب جديد إذ تتمتع كل الديون الجدي‬
‫بأولوية في الدفع وتسبق الديون القديمة في الدفع ولو كانت هذه األخيرة ديونا ممتازة‪.‬‬

‫فقد أسس المشرع لترتيب غير معهود بين مختلف الدائنين قوامه التمييز بين الديون القديمة والجديدة (‬
‫مبحث أول) وهو ما يرتب آثارا قانونية تتعلق بمصير الديون القديمة التي لم تنتفع باألولوية (المبحث الثاني)‬

‫المبحث األول‪ :‬تكريس التمييز بين الديون القديمة والجديدة‬

‫إن إقرار المشرع صلب قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية تمي يزا لل ديون يتأسس‬
‫على التفرقة بين "الديون السابقة لفترة المراقبة" وتلك "المترتبة على المؤسسة بداية من انطالق فترة المراقبة"‪،14‬‬
‫يتطلب اللجوء إلى عملية تكييف قانوني للديون بهدف تصنيفها ضمن أحد النوعين‪.‬‬

‫أة‬ ‫ولمعرفة ما إذا كان الدين سابقا أو الحقا لتاريخ انطالق فترة المراقبة يتعين الرجوع إلى تاريخ نش‬
‫الدين وهو المعيار الذي يتم اعتماده إلعمال هذا التمييز (المطلب األولى)‪.‬‬

‫إال أن تاريخ نشأة الدين ال يمكن أن يرتب آثاره كمعي ار للتص نيف إال إذا ما تم ربطه بش رط يتعلق‬
‫بالديون الجديدة أال وهو العالقة المباشرة الضرورية مع نشاط المؤسسة‪ .‬إذ ال يمكن للديون الجدي دة أن تعت بر‬
‫كذلك وأن تتمتع باألولوية في الدفع إال إذا كانت لها عالقة مباشرة و ضرورية بنشاط المؤسسة (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫‪ 14‬الفصل ‪" 32‬يتعطل خالل فترة المراقبة كل تتبع فردي أو عمل تنفيذي يرمي إلى استخالص ديون سابقة لفترة المراقبة‪ ،‬أو إلى استرجاع منقوالت أو عقارات بسبب عدم أداء دين‪،‬‬

‫ويتوقف سريان جميع الفوائض وغرامات التأخير وتعلق آجال السقوط"‪  ‬والفصل ‪ " 3 4‬تعطى األولوية للديون الجديدة المترتبة على المؤسسة بداية من انطالق فترة المراقبة والتي لها‬

‫عالقة مباشرة وضرورية بمواصلة نشاطها‪ ،‬ولمعينات كراء المعدات واألشياء التي تكون موضوع إيجار مالي وتم تعليق إجراءات التقاضي والتنفيذ الرامية إلى استرجاعها والتي حل‬

‫أجل الوفاء بها قبل انطالق فترة المراقبة‪ .‬وتستخلص قبل الديون السابقة األخرى ولو كانت ممتازة"‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تاريخ نشأة الدين كمعيار للتميز بين الديون القديمة والجديدة‬

‫لئن كانت اللحظة الزمنية التي تعتمد للتفريق بين الديون القديمة والجدي دة هي ت اريخ اإلذن بافتت اح‬
‫التسوية القضائية وفترة المراقبة فإن األمر يتطلب بالخصوص تحديد تاريخ نشأة ال دين لمقارنته بلحظة انطالق‬
‫فترة المراقبة ومن ثمة تصنيفه‪.‬‬

‫وقد يبدو تحديد تاريخ نشأة الدين أمرا سهال بالنسبة للديون التي تحددها عقود ثابتة التاريخ ومتض منة‬
‫لشروط دفع وآجال واضحة إذ يكفي في هده الحالة الرجوع إلى مقتضيات الكتب لمعرفة ت اريخ نش أة ال دين‬
‫اء الفرنسي‬ ‫واعتماد األحكام المنضمة للكتب ثابت التاريخ صلب مجلة االلتزامات والعقود‪،15‬علما أن فقه القض‬
‫‪16‬‬
‫اعتبر أن ما يقع اعتماده هو تاريخ الكتب بصرف النظر عن تاريخ تسجيله‬

‫ويكون األمر هينا كذلك بالنسبة للديون الجبائية والتي تنشأ بمجرد عدم التزام المطالب باألداء ب دفع ما‬
‫هو مستوجب وفقا لآلجال القانونية وهو ما يعبر عنه "بالفعل المنشئ لألداء"‪.17‬‬

‫كما أنه لتحديد تاريخ نشأة الدين الراجع للضمان االجتماعي يتعين اعتماد تاريخ القي ام بالعمل من‬
‫طرف األجير ألن القيام بالعمل هو الذي ينشأ الدين‪  ‬وفقا لما ذهبت له محكمة التعقيب الفرنسية"‪.18‬‬

‫رام العقد بل الحقا وهي حالة تقر‬ ‫إال أن اإلشكال يطرح في الحاالت التي قد ال ينشأ الدين فيها عند إب‬
‫محكمة التعقيب الفرنسية بإمكانية حصولها‪ .19‬فقد يبرم العقد قبل فترة المراقبة وال ي ترتب عنه دين إال بعد ذلك‬
‫برم بين المؤسسة ومالك محل قبل‬ ‫وهي الحالة التي قد تظهر في العقود ممتدة التنفيذ ومثال ذلك عقد الكراء الم‬
‫فترة المراقبة‪ .‬يمكن أن يرتب هذا العقد دينا جديدا كلما كانت معينات الكراء غير المدفوعة متعلقة بف ترة الحقة‬
‫النطالق فترة المراقبة‪.‬‬

‫‪15‬‬ ‫‪Y. Knani, Le banquier et l’entreprise en difficulté économique, R T D , 1996, p.129 ‬‬

‫وذلك اعتبارا لكون "جماعة الدائنين " حسب فقه القضاء هذا ال تعتبر غيرا ‪ ‬عبد المجيد الفاهم‪ ،‬الكامل في اإلجراءات الجماعية‪ ،‬دار الميزان للنشر ‪ ،1999‬ص‪.103.‬‬ ‫‪16‬‬

‫‪17‬‬ ‫? ‪.‬الفعل المنشئ لألداء هو األمر الذي بحدوثه يصبح األداء مستوجبا قبل أية مطالبة من طرف اإلدارة‬

‫‪18   Le jugement constate que les cotisations réclamées se rapportaient à des salaires perçus pour une période de travail antérieure à‬‬
‫"‬
‫‪l’ouverture de la procédure collective, qu’en l’état de ces énonciations, c’est à bon droit que le tribunal a décidé qu’une telle créance était‬‬
‫‪née antérieurement au jugement d’ouverture et que par suite, peut importe l’époque à laquelle les salaires correspondants avaient été‬‬
‫‪payés, l’acte tendant à obtenir paiement de cette créance devait être annulé, pour le moyen n’est fondé en aucune de ses branches‬‬
‫‪". Cass.‬‬
‫‪Com, 8 Nov.1988, D.S.1989, jur. p. 36, note A. Honorat.‬‬

‫‪19‬‬ ‫‪Un contrat conclu antérieurement au jugement d’ouverture peut donner naissance à une créance postérieure à ce même jugement‬‬
‫‪bénéficiant ainsi du privilège de l’article 621-32 du C.C ; Cass..com, 2 oct. 2001, D. 2002, jur.800.‬‬

‫‪6‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫وتميز محكمة التعقيب الفرنسية في هذا السياق بين الديون موضوع معين ات ك راء حلت قبل ف ترة‬
‫المراقبة يجب التصريح بها والديون موضوع معينات كراء بعد ف ترة المراقبة يتعين اعتبارها دي ون جدي دة‬
‫تنسحب عليها أحكام الفصل ‪ 40‬من قانون ‪ 25‬جانفي‪.201985‬‬

‫وقد رأى البعض أن اعتماد فقه القضاء الفرنسي لمب دأ إمكانية نش أة ال دين عند تنفيذ العقد ال يمثل‬
‫استثناءا لقواعد النظرية العامة لاللتزامات بل تكريسا لها إذ أن ال دين ينتج في الحقيقة من ع دم تنفيذ االل تزام‬
‫التعاقدي أثناء سريان العقد وال ينشأ مند إبرام العقد‪.‬‬

‫‪« La clé de répartition des créances postérieures et antérieures réside dans la notion‬‬
‫‪de prestation, si le créancier effectue une prestation positive après le jugement‬‬
‫‪d’ouverture la créance naît de cette prestation même si le contrat est conclu avant21.‬‬

‫إال أن فقه القضاء الفرنسي لم يقتصر على اعتماد هذا المنهج بالنسبة للعقود الممتدة فحسب بل س حبه‬
‫أيضا على العقود الفورية معتبرا أن نشأة الدين في مثل هذه العقود ال تكون ضرورة يوم إبرام العقد بل عند تنفيذ‬
‫االلتزام من ذلك أن الدين الناشئ عن اقتناء المؤسسة لبضائع ال يتحدد تاريخ نشأته اعتم ادا على عقد ال بيع بل‬
‫بالرجوع إلى تاريخ تسليم البضاعة إلى المؤسسة‪.22‬‬

‫‪"La naissance du contrat n’est pas la naissance de la créance. Ainsi, lorsque dans‬‬
‫‪un contrat instantané comme la vente, l’exécution de l’obligation de délivrance‬‬
‫‪n’est pas immédiate, la créance du prix du vendeur n’existe qu’au moment de la‬‬
‫" ‪livraison23‬‬

‫وفضال عن تطبيق هذا التصور بالنسبة للعقود الممتدة والفورية على حد السواء فإن الفقه وفقه القضاء‬
‫الفرنسي قد اعتمده أيضا بالنسبة للديون ذات الصبغة التعويضية معتبرا أن تلك الديون تنشأ أيضا عند ع دم تنفيذ‬
‫ويض‬ ‫االلتزام‪ .‬فإذا كان عدم تنفيذ االلتزام المنتج للتعويض سابقا لفترة المراقبة فإن الدين المتمثل في مبلغ التع‬
‫‪20‬‬ ‫‪Com.27.10.1998, bull.civ II, n°263, p. 218.‬‬

‫‪21‬‬ ‫‪C. Saint-Alary-Houin, Rev. Proc. Coll. 1997,69. n°22.‬‬

‫‪22‬‬ ‫‪«  relèvent de l’article 40 de la loi du 25-1-1995 les créances trouvant leur origine postérieurement au jugement de la procédure‬‬
‫‪collective dans la mesure ou la livraison des marchandises est intervenue après le jugement dans la cadre de la poursuite de l’activité de la‬‬
‫‪société, même si la date de commande de ces marchandises n’est pas connue » C.A.Rennes, 1er dec. 1994, Dr. société, Nov. 1995, n°912,‬‬
‫‪note Chaput.‬‬

‫‪23‬‬ ‫‪A.Lienhard , note sous com. 15 fév 2000, D. affairs 2000, jur,160 ; Com. 21 nov. 1972, bull. civ IV, n° 296, p. 277 , R.T.D com. 1973 ,‬‬
‫‪844, note M. Cabrillac et J.L Rives - langes.‬‬

‫‪7‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫يعد قديما أما إذا كان الحقا لها فيعد جديدا‪ .‬ومن ذلك أن العيوب التي تظهر بعد انطالق ف ترة المراقبة وال تي‬
‫تخص عقد تم إبرامه بين المؤسسة ومقاول تعت بر ديونا س ابقة لف ترة المراقبة ألنها تنشأ من "ع دم تنفيذ عقد‬
‫‪24‬‬
‫المقاولة" وهو إخالل بالعقد حصل قبل فترة المراقبة‪.‬‬

‫وكذلك األمر بالنسبة للدين الناتج عن تطبيق شرط تغريمي يفرض دفع غرامات في حال التأخير في‬
‫إتمام أعمال البناء‪ .‬يعد هذا الدين سابقا لفترة المراقبة إذا كان عدم التنفيذ أي التأخير حصل قبل الدخول في ه ده‬
‫الفترة ويتعين تبعا لذلك تقيده ضمن ديون المؤسسة‪ .25‬فتاريخ عدم تنفيذ االلتزام التعاقدي هو الذي يح دد طبيعة‬
‫الدين ذي الصبغة التعويضية بالنظر إلى قانون إنقاد المؤسسات‪.‬‬

‫ورغم أن تحديد تاريخ نشأة الدين وفقا لهذه المقاربة يبدو ألول وهلة غ ير ذي ص لة بالقواعد العامة‬
‫انون‬ ‫المعروفة في مادة االلتزامات فقد رأى البعض استنادا إلى النظام القانوني المتعلق بتاريخ نشأة الدين في ق‬
‫ات بل هو في‬ ‫إنقاذ المؤسسات أن هذا النظام القانوني ليس نظاما استثنائيا بالمقارنة مع النظرية العامة لاللتزام‬
‫الحقيقة تطبيق لمبدأ متعلق بها ومفاده أن الدين ينشأ إما من تنفيذ االلتزام التعاقدي أو من ع دم تنفي ذه بالنس بة‬
‫للديون ذات الصبغة التعويضية‪.‬‬

‫‪« Le droit des procédures collectives constitue le révélateur d’un principe‬‬


‫‪insuffisamment perçu, qui se rattache pourtant à la théorie générale des obligations :‬‬
‫‪les créances de rémunération naissent de l’exécution de la prestation contractuelles‬‬
‫‪et les créances de réparation de son inexécution ».26‬‬

‫ويكتسي موضوع تحديد تاريخ نشأة الدين أهمية بالغة بالنسبة للعق ود الرابطة بين المؤسسة البنكية‬
‫والمؤسسة التي تمر بصعوبات اقتصادية‪ ،‬فالعقود البنكية ومنها فتح االعتماد قد ت برم قبل ف ترة المراقبة إال أن‬
‫دين‪.‬‬ ‫األموال قد تسلم من البنك بعد ذلك‪ .‬وتظهر هنا أهمية اعتماد "تنفيذ االلتزام"‪  ‬كمعيار لتحديد تاريخ نشأة ال‬
‫فإذا ما اعتمدنا "تاريخ إبرام العقد"‪ ،‬يكون الدين قديما‪ ،‬أما إذا ما أسسنا التصنيف على "تاريخ تنفيذ االل تزام" من‬
‫البنك فان الدين يكون جديدا ويتمتع بامتياز الفصل ‪.34‬‬
‫‪24‬‬ ‫‪Com.26 juin 1978, bull. civ IV , n°180 p. 152.‬‬

‫‪25‬‬ ‫‪Cass. 3ème civ, 13 oct. 1999, bull.civ, III , n° 203, p 141 ; Cass .11 juillet 1995, Dr. sociétés, oct. 1995, n°190 note y. chaput‬‬ ‫‪« Une‬‬
‫‪créance de réparation a son origine antérieurement au jugement d’ouverture de la procédure collective quand les désordres imputables à‬‬
‫‪une faute d’exécution de l’entrepreneur se rapportaient à des travaux exécutés avant l’ouverture de la procédure collective même si ces‬‬
‫‪désordres ce sont révélés postérieurement ».‬‬

‫‪26‬‬ ‫‪F. Baron, La date de naissances des créances contractuelles à l’épreuve du droit des procédures collectives, R.T.D Com. Janv. Mars‬‬
‫‪2001, p.1 et s ‬‬

‫‪8‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫ويرى البعض أن تنفيذ االلتزام من البنك هو الذي يجب تغليبه في هذه الحالة بحيث يكون وضع وسائل‬
‫‪27‬‬
‫الدفع على ذمة المؤسسة فيما يتعلق بفتح االعتماد مثال هو التاريخ المعتمد لتحديد تاريخ نشأة الدين‬

‫إال أن معيار تاريخ نشأة الدين ليس العامل الوحيد المؤثر في تصنيف الديون بين قديمة تس بق ف ترة‬
‫المراقبة و أخرى جديدة بل يجب أن تكون لهذه األخيرة عالقة مباشرة و ضرورية بمواصلة المؤسسة لكي تتميز‬
‫عن الديون القديمة بنظامها الخاص وتتمتع باألولوية في الدفع‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬العالقة بنشاط المؤسسة كشرط لتطبيق التمييز بين الديون‪.‬‬

‫لكي يرتب الدين الناشئ بعد قترة المراقبة اآلثار القانونية المخولة له ص لب نظامه الق انوني ال بد أن‬
‫يكون له عالقة مباشرة وضرورية بمواصلة نشاط المؤسسة وهو ما يعني أوال أن ال ديون الناش ئة بعد ف ترة‬
‫المراقبة والتي ال توفر هذا الشرط ال تتمتع بأي امتياز عن الديون القديمة السابقة النطالق فترة المراقبة‪.‬‬

‫دين‬ ‫والجدير بالذكر في هذا الصدد أن العالقة المباشرة والضرورية التي يجب أن تتوفر تربط بين ال‬
‫من جهة وبين مواصلة نشاط المؤسسة من جهة أخرى فالمقصود إذن هو مدى لزوم العالقة التي نشأ عنها الدين‬
‫لتتمكن المؤسسة من مواصلة نشاطها وهو الهدف األول المعلن صلب قانون إنقاذ المؤسسات بصرف النظر عما‬
‫إذا كانت تلك العالقة تتعلق بنشاط المؤسسة بصفة مباشرة أو غير مباشرة‪.‬‬

‫والعبارة المستعملة من طرف المشرع صلب الفصل ‪ 34‬ال يتوفر فيها الوضوح التام إذ يصعب تحديد‬
‫إطار دقيق مس بقا لها و ال يمكن حص رها في مفه وم معين أو تعريفها تعريفا دقيقا بطريقة قبلية ألنها من بين‬
‫المفاهيم العامة التي تخضع في النهاية إلى تحديد القاضي وفقا لسلطته وحسب الحالة المطروحة أمامه‪ .‬فللمحكمة‬
‫وحدها الحسم فيما إذا كان الدين ذي " عالقة مباشرة وضرورية بمواصلة نشاط المؤسسة أم ال"‪.‬‬

‫ولهذا السبب فقد كان هذا الشرط محل نقد من طرف البعض لكونه ال يحسم الموقف مس بقا بالنس بة‬
‫راقب أو المحكمة بحكم كونها‬ ‫لمصير الديون ويجعلها موضوع شك لخضوعها لالجتهاد الشخصي للقاضي الم‬
‫من الشروط النسبية التي ال تعرف بدقة مسبقا‪.28‬‬

‫فهل يمكن القول أن الديون الجبائية مثال أو تلك الراجعة لصندوق الضمان االجتماعي تمثل ديون ذات‬
‫عالقة مباشرة وضرورية بمواصلة نشاط المؤسسة؟‬

‫‪27‬‬ ‫‪Y. Knani, article précité, p.129.‬‬

‫‪28‬‬ ‫‪A. Brahmi, Le droit du redressement des entreprises en difficulté, ORBIS, Fev.2002, n°159.‬‬

‫‪9‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫ديون ال بد أن‬ ‫يرى األستاذ يوسف الكناني في هذا المضمار أنه‪ ،‬رغم وجود بعض الشك‪ ،‬فإن هذه ال‬
‫تكون ديون مباشرة وضرورية ألن مواصلة المؤسسة لنشاطها يفترض قانونا احترامها اللتزاماتها تجاه الخزينة‬
‫العامة والضمان االجتماعي وهي واجبات ال يمكن أن تتفاداها المؤسسة إال في حالة وجود إعفاء قانوني‪.29‬‬

‫أما بالنسبة للديون الناشئة عما يشاكل العقود كدفع غير المستحق أو اإلثراء بدون سبب فتبدو بالنسبة له‬
‫غير ذات عالقة مباشرة وضرورية بمواصلة النشاط إال بالنسبة لتصرف الفضولي الذي قد يكون كذلك إذا ك ان‬
‫التصرف لدفع مضرة متوقعة قد يستحيل معها مواصلة نشاط المؤسسة على معنى الفصل ‪ 181‬من م إ ع ‪.‬‬

‫ومهما يكن من أمر فإنه من المؤكد أن اعتماد هذا الشرط من طرف المشرع يفسح المج ال لش راح‬
‫القانون لالجتهاد ويجعل الكلمة الفصل بيد القضاء وفقا لسلطته التقديرية وحسب الحالة المطروحة أمامه‪.‬‬

‫ولعل هذه المرونة في تحديد العنصر المتعلق بالعالقة المباشرة والضرورية للنشاط يرجع إلى كون‬
‫المشرع صلب الفصل ‪ 34‬إنما أراد حصر االمتياز المخول للديون الجديدة في الحالة التي تكون فيها العالقة سند‬
‫الدين ضرورية إلنقاذ المؤسسة بتمكينها من مواصلة نشاطها وهي في الحقيقة ال يمكن أن تكون إال معاملة ترتبط‬
‫بتمويل المؤسسة‪ .30‬فالدين الناشئ نتيجة ارتكاب المؤسسة لجريمة تقليد عالمة مثال ال يدخل تحت طائلة الديون‬
‫الجديدة ولو كانت العالمة المقلدة تدخل في مجال نشاط المؤسسة ألنه دين ليست له عالقة ض رورية ومباش رة‬
‫بمواصلة النشاط بل إنه قد يمنع المؤسسة من مواصلة نشاطها خاصة إذا كان التعويض الناجم عن جريمة التقليد‬
‫كبيرا يتجاوز حدود قدرتها االقتصادية أثناء فترة المراقبة‪.‬‬

‫ويمكن بذلك القول أن المعيار الحقيقي لتعريف شرط" العالقة الضرورية والمباشرة بمواصلة النش اط"‬
‫هو مدى استفادة المؤسسة من العالقة التي أنتجت هذا الدين وم دى ض رورة تلك العالقة لتمكين المؤسسة من‬
‫مواصلة النشاط والوقوف على قدميها من جديد‪.‬‬

‫وفضال عن التردد الذي قد يبرز نتيجة استعمال مصطلح صعب التعريف كذلك الذي يفرض أن يكون‬
‫الدين ذي عالقة مباشرة وضرورية بمواصلة النشاط فإن تساؤال آخر يطرح بخصوص العقود التي يستمر العمل‬
‫بها وجوبا والتي تربط المؤسسة بالغير والمنضمة صلب الفصل ‪ 35‬جديد‪.31‬‬

‫‪29‬‬ ‫‪Y. Knani , article précité, p.128.‬‬

‫‪30‬‬ ‫‪A. Brahmi : op.cit, n°159.‬‬

‫الفصل ‪ 35‬جديد منقح بالقانون عدد ‪ 79‬لسنة ‪ 2003‬المؤرخ في ‪ 2003-12-29‬يستمر العمل بالعقود التي تربط المؤسسة بالغير من الحرفاء ومزودين وغيرهم ويمكن إنهاء‬ ‫‪31‬‬

‫العمل بها بطلب من المتصرف القضائي أو المدين بعد موافقة القاضي المراقب إذا كانت غير ضرورية لمواصلة نشاط المؤسسة‪...‬‬

‫‪10‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫هذه العقود تستمر مبدئيا وال ينتهي العمل بها إال في صورة تم إنهاءها بطلب من المتصرف القض ائي‬
‫وبعد موافقة القاضي المراقب في حالة كانت غير ضرورية لمواصلة نش اط المؤسس ة‪.‬أما عند ع دم المطالبة‬
‫بإنهاء العقود فهي تستمر وجوبا ومن الضروري آنذاك أن تكون الديون التي تنتج عن تنفيذ هذه العقود المستمرة‬
‫اذ‬ ‫ديونا ذات عالقة مباشرة وضرورية بنشاط المؤسسة‪ .‬وهذا األمر يعني انه يتعين على الهيئات المكلفة باإلنق‬
‫اتخاذ االحتياطيات عند اختيار العقود التي يتعين االس تمرار في العمل بها وذلك باألخذ بعين االعتب ار أن تلك‬
‫العقود يجب أن تنتج ديونا لها عالقة مباشرة وضرورية بنشاط المؤسسة بغرض التنسيق بين أحكام الفصلين ‪34‬‬
‫و‪ 35‬جديد خاصة وقد ج اء تنقيح ‪ 2003‬ليلغي الفصل ‪ 38‬من الق انون‪ 32‬وال ذي لم يكن يح دد اي ش رط‬
‫موضوعي إلنهاء العقود‪ .‬وأصبح الفصل ‪ 35‬جديد يشترط أن إنهاء العقود يتم بطلب المتص رف القض ائي أو‬
‫المدين بعد موافقة القاضي المراقب في الحالة التي تكون هذه العقود غير ضرورية لمواص لة نش اط المؤسسة‬
‫تنسيقا مع أحكام الفصل ‪.34‬‬

‫المبحث الثاني ‪ ‬آثار التمييز بين الديون القديمة والجديدة‬

‫ينص الفصل ‪ 34‬كما تم تنقيحه بق انون ‪ 2003‬انه " تعطى األولوية لل ديون الجدي دة المترتبة على‬
‫المؤسسة بداية من انطالق فترة المراقبة والتي لها عالقة مباشرة وضرورية بمواصلة نشاطها‪ ،‬ولمعينات ك راء‬
‫المعدات واألشياء التي تكون موضوع إيجار مالي وتم تعليق إجراءات التقاضي والتنفيذ الرامية إلى استرجاعها‬
‫والتي حل أجل الوفاء بها قبل انطالق فترة المراقبة‪ .‬وتستخلص قبل الديون السابقة األخرى ولو كانت ممتازة‪.‬‬

‫إال أن الديون المنصوص عليها بالفصلين ‪ 564‬و ‪ 566‬من المجلة التجارية وبالفقرات ‪ 1‬و‪ 2‬و‪ 3‬من‬
‫الفصل ‪ 199‬من مجلة الحقوق العينية تتمتع بامتياز مدعم للدفع وتستخلص قبل غيرها"‪.‬‬

‫يقوض هذا النص المفاهيم التقليدية لترتيب الدائنين فيتغير الترتيب المعمول به عادة ليستجيب لمتطلبات‬
‫إنقاذ المؤسسة إذ يميز المشرع الديون المتمتعة بامتياز مدعم للدفع التي تسبق الديون الجديدة الناش ئة بعد ف ترة‬
‫المراقبة والتي تسبق بدورها باقي الديون القديمة ولو كانت ممتازة‪..‬‬

‫? الفصل ‪ :38‬يستمر العمل بالعقود التي تربط المؤسسة بالغير من حرفاء ومزودين وغيرهم ويمكن إنهاء العمل بها بطلب من المتصرف القضائي أو المدين بعد موافقة القاضي‬ ‫‪32‬‬

‫المراقب وتبقي عقود اشغل خاضعة للقوانين واالتفاقيات الخاصة بها‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫ويتعمق امتياز الديون الجديدة بالقيود التي سلطها المشرع على أصحاب ال ديون القديمة أثن اء ف ترة‬
‫المراقبة والتي ترمي إلى الحد من حقهم في استخالص ال دين المخلد بذمة المؤسسة المدينة إذ ينص الفصل ‪32‬‬
‫على مايلي‪ " :‬يتعطل خالل فترة المراقبة كل تتبع فردي أو عمل تنفيذي يرمي إلى استخالص ديون سابقة لفترة‬
‫المراقبة‪ ،‬أو إلى استرجاع منقوالت أو عقارات بسبب عدم أداء دين‪ ،‬ويتوقف سريان جميع الفوائض وغرام ات‬
‫التأخير وتعلق آجال السقوط‪.‬‬
‫بة إلى من رضي‬ ‫وال تعلق إجراءات التقاضي والتنفيذ في حق الكفيل أو الضامن أو المدين المتضامن إال بالنس‬
‫بذلك من الدائنين‪.‬‬
‫وتسثنى أعمال التقاضي المتعلقة بمستحقات العملة من أحكام الفقرة األولى المتقدمة‪ .‬وال يجري تنفيذ حكم متعلق‬
‫بمستحقات عامل إال بإذن المحكمة المتعهدة بقضية التسوية‪ ،‬بشرط أن ال يكون من شأن التنفيذ أن يؤدي إلى منع‬
‫إنقاذ المؤسسة"‬

‫يحد هذا النص من الحق الطبيعي للدائن في المطالبة باس تخالص دينه بما أنه يضع قي ودا على حق‬
‫التداعي وحق التنفيذ ويتعين التطرق في مطلب أول إلى ميدان تطبيق قاعدة تعطيل أعم ال التتبع والتنفيذ ثم إلى‬
‫إجراءاتها في مطلب ثاني‪.‬‬

‫المطلب األول ‪‬ميدان تطبيق قاعدة تعطيل أعمال التتبع والتنفيذ‬

‫عمال بأحكام الفقرة األولى من الفصل ‪ 32‬كما تم تنقيحه بالقانون عدد ‪ 63‬لس نة ‪ 2003‬يتعطل خالل‬
‫ترجاع‬ ‫فترة المراقبة كل تتبع فردي أو عمل تنفيذي يرمي إلى استخالص ديون سابقة لفترة المراقبة أو إلى اس‬
‫منقوالت أو عقارات بسبب عدم أداء دين"‪.‬‬

‫يضع المشرع صلب الفقرة األولى من هذا الفصل قاعدة تعطيل أعمال التتبع والتنفيذ أثناء فترة المراقبة‬
‫التي من البديهي أنها تهدف إلى حصر ديون المؤسسة من حيث مبلغها وحمايتها أثناء فترة المراقبة من دع اوى‬
‫استخالص الديون أو إجراءات تنفيذها وذلك بغرض التوصل إلى حل إلنقاذها‪.33‬‬

‫وتجدر اإلشارة بادئ ذي بدء أن النظام القانوني لتعطيل أعمال التتبع والتنفيذ صلب الفصل ‪ 32‬يختلف‬
‫عن النظام الشبيه له موضوع الفصل ‪ 12‬جديد والمتعلقة بفترة التسوية الرضائية وكذلك النظام القانوني الش بيه‬

‫‪33‬‬ ‫?‪.‬توفيق بوعشبة‪ ،‬المقال المذكورسابقا‪ ،‬ص‪47.‬‬

‫‪12‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫موضوع الفصل ‪ 21‬جديد والمتعلق بالفترة الفاصلة بين مطلب التس وية واإلذن بافتت اح إج راءات التس وية‬
‫القضائية‪.‬‬

‫ويتمثل وجه االختالف في أن الفرضية الموجودة بالفصلين ‪ 12‬و‪ 21‬اختيارية تخضع الجتهاد رئيس‬
‫المحكمة طبقا لشروط قانونية‪ .34‬في حين يكون تعطيل أعمال التتبع والتنفيذ فرضية وجوبية تنطبق بحكم القانون‬
‫عند دخول المؤسسة فترة المراقبة عمال بالفصل ‪ 32‬فقرة أولى‪.‬‬

‫يتميز الفصل ‪ 32‬بعمومية عباراته فيشتمل التعطيل كل تتبع فردي أو عمل تنفي ذي وتتعلق القاع دة‬
‫الموضوعة صلبه بمرحلة التقاضي أو بمرحلة التنفيذ على حد سواء‪.‬‬

‫و ينحصر مجال انطباق القاعدة في الديون السابقة لف ترة المراقبة دون غيرها بحيث ال يتعلق التعطيل‬
‫بالديون التي تنشأ بعد فترة المراقبة التي يبقى األمر بشأنها خاضعا للقانون العام ويمكن المطالبة بها لدى المحاكم‬
‫وتتبع إجراءات تنفيذها‪ .‬وتتميز الديون السابقة عن غيرها استنادا إلى تاريخ اإلذن بافتتاح إج راءات التس وية‬
‫القضائية وفتح فترة المراقبة المنصوص عليها صلب الفقرة األخيرة من الفصل‪ 19‬وليس استنادا إلى تاريخ تقديم‬
‫مطلب التسوية القضائية‪.35‬‬

‫ويتطلب التطرق إلى ميدان تطبيق قاعدة تعطيل أعمال التتبع والتنفيذ بالنسبة لل ديون الس ابقة لف ترة‬
‫‪9‬رة أولى) ثم من حيث‬
‫المراقبة النظر أوال في ميدان تطبيق القاعدة من حيث أن واع ال ديون المقص ودة ( فق‪9‬‬
‫األطراف المعنية بتطبيقها( فقرة ثانية)‪.‬‬

‫فقرة أولى ‪ :‬الديون المعنية بقاعدة تعطيل أعمال التتبع والتنفيذ‬

‫‪ 34‬الفصل ‪ 12‬جديد "ال يمكن لرئيس المحكمة أن يأذن بتعليق إجراءات التقاضي والتنفيذ الرامية إلى استخالص دين سابق لتاريخ فتح التسوية الرضائية إال إذا تبين له أن في أدائه‬

‫تعكيرا لوضع المؤسسة وعرقلة إلمكانية إنقاذها‪ ،‬كما ليس له أن يأذن إجراءات التقاضي والتنفيذ الرامية إلى استرجاع منقوالت أو عقارات إال إذا تبين أنها ضرورية لنشاط المؤسسة‬

‫المدينة‪ .‬ويجوز له أن يأذن بإيقاف سريان جميع الفوائض وغرامات التأخير وتعليق آجال السقوط‪ .‬ويستمر التعليق واإليقاف حتى صدور الحكم في طلب التسوية‪.‬‬

‫ويبين في اإلذن القضايا وأعمال التنفيذ التي يأذن بتعليقها"‪...‬‬

‫الفصل ‪21‬جديد "ال يمكن لرئيس المحكمة أن يأذن بتعليق إجراءات التقاضي والتنفيذ الرامية إلى استخالص دين سابق لتاريخ فتح التسوية القضائية إال إذا تبين له أن في إدالئه تعكيرا‬

‫لوضع المؤسسة وعرقلة إلمكانية إنقاذها‪ ،‬كما ليس له أن يأذن بتعليق إجراءات التقاضي والتنفيذ الرامية إلى استرجاع منقوالت أو عق ارات بس بب ع دم أداء دين إال إذا ت بين أنها‬

‫ضرورية لنشاط المؤسسة المدينة‪ ،‬وال يجوز له أن يأذن بإيقاف سريان جميع الفوائض وغرامات التأخير‪ ،‬وتعليق آجال السقوط إذا كان في ذلك ضمان ألوفر حظوظ اإلنقاذ‪ ،‬ويس تمر‬

‫التعليق واإليقاف إلى تاريخ اتخاذ قرار في شأن مطلب التسوية من قبل رئيس المحكمة طبق الفصل ‪ 22‬من هذا القانون‪.‬‬

‫ويبين في اإلذن القضايا وأعمال التنفيذ التي يأذن بتعليقها"‪....‬‬

‫" ال يكفي أن يقدم المدين مطلبا في التسوية حتى تتعطل التتبعات الفردية ض ده بل يجب أن يقع قب ول ذلك المطلب من قبل رئيس المحكمة المتعه دة وأن يعين رئيس المحكمة‬ ‫‪35‬‬

‫األجهزة المكلفة بالشروع في التمهيد للتسوية وال تتوقف التتبعات الفردية إال أثناء فترة المراقبة"‪.‬‬

‫(قرار استئنافي مدني عدد ‪ 53384‬مؤرخ في ‪ 2‬فيفيري ‪ ، 1999‬م ق ت جويلية ‪ ،2002‬ص ‪.)181‬‬

‫‪13‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫يتعلق الفصل ‪ 32‬أوال بأعمال التتبع والتنفيذ الرامية إلى استخالص دي ون‪ ،‬ويس تنتج من عمومية‬
‫عبارات الفصل أن المشرع لم يقصد نوعا معينا من الديون دون غيره‪ .‬فتتعطل بذلك دعوى الب ائع في المطالبة‬
‫بثمن البيع ودعوى المالك في المطالبة بمعين ات الك راء ودع وى اإلدارة في المطالبة ب األداءات الحالة على‬
‫المؤسسة دون تمييز بين الديون العادية أو الممتازة‪.‬‬

‫ولقد اعتبر فقه القضاء الفرنسي أنه استنادا إلى عمومية عبارات القاع دة ف إن ال دعاوى الرامية إلى‬
‫اإللزام بأداء ديون غير ثابتة المقدار كتلك الناجمة عن المسؤولية المدنية للمؤسسة سواء كانت دعاوى أصلية أو‬
‫دعاوى مدنية في إطار قضية جناحية تدخل تحت طائلة تعطيل أعمال التتبع‪.36‬‬

‫اء‬ ‫و تشمل قاعدة تعطيل أعمال التتبع جميع أساليب التقاضي سواء تعلق بالقضاء استعجالي أو القض‬
‫األصلي‪ ،‬بالقضاء العدلي أو اإلداري وقد ذهبت المحاكم الفرنسية إلى أن القرارات الص ادرة في م ادة التحكيم‬
‫يتعين إبطالها أيضا إذا كانت تؤدي إلى إل زام المؤسسة ب أداء دين‪ .37‬كما تتعلق القاع دة بجميع مراحل التتبع‬
‫والتنفيذ فال تقبل الدعاوى الجديدة وتعطل الدعاوى المنشورة وال تنفذ األحكام الصادرة‪.‬‬

‫ويشمل التعطيل من جهة أخرى كل عمل تتبع أو تنفيذ يرمي إلى استرجاع منقوالت أو عقارات بسبب‬
‫ابقة‬ ‫عدم أداء دين وهو ما يتضمن بداهة القضايا الرامية إلى فسخ عقد الكراء بسبب عدم أداء معينات كراء س‬
‫لفترة المراقبة‪.‬‬

‫وقد أضيف هذا الفرع المتعلق بالتتبعات الرامية إلى استرجاع منقوالت أو عقارات بسبب عدم أداء دين‬
‫صلب تنقيح ‪ 29‬ديسمبر ‪ 2003‬بهدف حماية الرصيد العقاري الذي قد تتمتع به المؤسسة والذي كثيرا ما تكون‬
‫قد كونت به أصوال تجارية يمكن االستناد إليه في إعداد برنامج إلنقاذها‪.‬‬

‫و من جهة أخرى يغلق تعطيل القضايا الرامية إلى استرجاع منقوالت أو عقارات المج ال أم ام كل‬
‫القضايا الرامية إلى إلزام المؤسسة بالخروج من المكرى إن لم تدفع معينات كراء سابقة لف ترة المراقبة رغم أن‬
‫محكمة التعقيب قد اتخذت في هدا الصدد موقفا مغايرا قبل تنقيح ‪ 2003 -12 -29‬للفصل ‪.3832‬‬
‫‪36‬‬ ‫‪Com. 22 mars 1988, Rev. proc. coll. 1990- 3, p. 222 ; Gaz. pal. 17/18 fev .1989, p.20 obs. C. Saint-Alary-Houin; Com. 3 juin 1986,‬‬
‫‪Rev. proc. coll, 1986, n° 3 p.48, obs. M.J campana.‬‬

‫‪37‬‬ ‫‪C.A Paris, 31 janv. 1986, Rev. proc. Coll. 1987 n°3 p. 26, obs. M.J. campana..‬‬
‫? تعقيبي مدني عدد ‪ 1798‬مؤرخ في ‪ 2002 -10-11‬ن م ت ‪ 2002‬ج‪ 1.‬ص ‪.113‬‬ ‫‪38‬‬

‫تفيد وقائع القضية قيام المدعي في األصل بلدية قربة في ش‪ .‬م‪ .‬ق‪ .‬ضد المدعي عليها بقضية استعجالية في الخروج إن لم تدفع معينات كراء وتحصلت على حكم ابت دائي لص الح‬

‫الدعوى تم استئنافه من طرف المطلوبة ونقضه طرف محكمة االستئناف بنابل‪ .‬بناء على كون المؤسسة المدعي عليها تستفيد من أحكام القانون ع دد ‪ 34‬الم ؤرخ في ‪-4 -17‬‬

‫‪ 1995‬المنقح بالقانون عدد ‪ 63‬المؤرخ في ‪ 1999-7-15‬وبمقولة أن طلب الخروج إن لم يدفع يعوق عملية التسوية سواء بإجبار المؤسسة على دفع معينات كراء أو بإخراجها من‬

‫‪14‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫بر‬ ‫وهو موقف كانت محكمة التعقيب الفرنسية تسانده أيضا قبل تنقيح ‪ 391985-1-25‬إذا كانت تعت‬
‫قبل سن الفصل ‪40 47‬من ذلك القانون أنه يمكن القيام بطلب فسخ بيع عقار بسبب عدم دفع قسط من الثمن‪.41‬‬

‫ولعل االتجاه التشريعي القائم على التوسيع في مجال تطبيق القاعدة يتوافق مع التطور ال ذي ش هده‬
‫القانون المقارن حيث اتجه القانون فرنسي في سبيل توسيع مجال القاعدة الذي بعد أن كان في ضل ق انون ‪-13‬‬
‫‪ 1967 -7‬منحصر في الدائنين غير الموثق دينهم بضمان ( الفصل ‪ )35‬أضحى منذ قانون ‪1985 -1 -25‬‬
‫يشمل جميع الدائنين سواء العاديين أو الممتازين مما دفع بمحكمة التعقيب الفرنسية إلى اعتبار أن تعطيل أعمال‬
‫التتبع قاعدة تهم النظام العام الداخلي والدولي على حد سواء‪.42‬‬

‫لئن كان مجال تعطيل أعمال التتبع والتنفيذ متسعا بحكم عمومية العبارات التي يستعملها المشرع ف إن‬
‫ذلك ال يمنع أن بعض الحاالت التي قد تبدو ألول وهلة معنية بتطبيق هذه القاع دة‪ ،‬يتضح أنها ال ت دخل تحت‬
‫طائلة القاعدة المذكورة‪.‬‬

‫فقد اعتبرت المحاكم الفرنسية أن تعطيل التتبع ال يسري إال بالنسبة للدعاوى الرامية إلى إلزام المؤسسة‬
‫بأداء دين وأن إيقاف التتبع ال يمضي في حالة مطالبة العامل بكشوفات أجره وبكل الوث ائق الالزمة له إليج اد‬
‫عمل جديد‪ 43‬أو في حالة المطالبة بتكليف خبير لمعاينة عدم مطابقة األشغال للمواصفات طالما أن هذه األعمال ال‬
‫تهدف إلى المطالبة بأداء مبلغ مالي‪  44‬وذهبت محكمة التعقيب الفرنسية إلى حد اعتب ار أن الحكم القاضي بتثقيل‬
‫خطايا على المؤسسة في حالة عدم تسليمها لتلك الوثائق يكون مقبوال ألن أداء الغرام ات في ه ذه الحالة ليس‬

‫المكرى مما يحرمها مواصلة نشاطها‪...‬‬

‫بناء على طلب التعقيب المقدم من المدعية في األصل قضت محكمة التعقيب بنقض القرار الصادر عن محكمة االستئناف مع اإلحالة تأسيسا على كون اإلذن بإيق اف إج راءات التتبع‬

‫والتنفيذ ضد المدين الذي يمر بصعوبات اقتصادية ينسحب مفعوله على تتبع وتنفيذ الديون وال على الحقوق األصلية وبخاصة منها ترتيب الجزاء القانوني عن اإلخالل بواجب خالص‬

‫ثمن الكراء واعتبرت المحكمة أن القيام استعجاليا في إلزام المؤسسة بالخروج إن لم تدفع ال يهدف إلى الضغط الستخالص معين كراء وإنما إلى ترتيب األثر عن عدم الوفاء بااللتزام‬

‫وذلك بتسليم موضوعه إلى صاحبه‪ (.‬الملحقين عـ‪1/2‬ـدد)‪.‬‬

‫‪39‬‬ ‫‪Com .1fev. 1977, JCP, 1978.II. 18873, note. V de la porte.‬‬


‫ينص الفصل ‪ 47‬من القانون المؤرخ في ‪ 1985 -1 -25‬على ما يلي‪:‬‬ ‫‪40‬‬

‫‪« Le jugement d’ouverture suspend ou interdit toute action en justice de la part de tous les créanciers dont la créance a son origine‬‬
‫‪antérieurement au dit jugement et tendant : - à la condamnation d’un débiteur au paiement d’une somme d’argent‬‬
‫‪- à la résolution d’un contrat par défaut de paiement d’une somme d’argent »….‬‬

‫‪41‬‬ ‫‪Com 28 fev . 1995, JCP 1996, I , G, 3935 n° 13 obs.ph. petel.‬‬

‫‪42‬‬ ‫‪Cass. Civ , 15 fev 1991, Rev.arb. 1991 n°4, p 628; 8 mars 1988, D. 1989, 577, note J.Robert.‬‬

‫‪43‬‬ ‫‪Cass .soc, 24 Janv. 1989, J.C.P , 1989 , II, 15599, n° 21.‬‬

‫‪44‬‬ ‫‪Anger 19 mars 1980, D.1981.202.‬‬

‫‪15‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫الموضوع الرئيسي للحكم بل هو وسيلة ضغط لحث المؤسسة على تنفيذ الحكم ال غ ير وال يتعلق األمر ب إلزام‬
‫المؤسسة بأداء مبلغ مالي‪.45‬‬

‫أما بالنسبة للدعاوى الرامية إلى استرجاع المنقول أو العقار فيمكن القول انه إذا ك انت تلك ال دعاوى‬
‫مؤسسة على سبب آخر غير عدم أداء دين فان قاعدة الفصل ‪ 32‬ال تنطبق عليها وتج وز المطالبة باس ترجاع‬
‫منقول أو عقار لعدم إتمام المؤسسة لشرط آخر غير دفع الدين المتخلد بذمتها مادامت أحك ام الفصل ‪ 32‬تحصر‬
‫مناط التحجير في سبب واحد وهو عدم أداء دين‪ .‬فتكون بذلك دعوى الفسخ لوج ود عيب خفي في الم بيع‪ 46‬أو‬
‫دعوى استرجاع العقار لهدمه وإعادة بناءه أو بغرض السكنى على معنى قانون ‪ 1977‬مقبولة مبدئيا كما ذهبت‬
‫لذلك المحاكم الفرنسية‪.47‬‬

‫روط الفسخ قد تحققت‬ ‫وكذلك الشأن بالنسبة للدعاوى الرامية إلى التصريح بانفساخ العقد إذا كانت ش‬
‫ول‬ ‫قبل الدخول في قترة المراقبة بحيث يكون العقد مفسوخا على معنى أحكام الفصل ‪ 48274‬من م اع عند دخ‬
‫المؤسسة في فترة المراقبة وال ترمي الدعوى في هذه الحالة سوى التصريح بهذا االنفساخ‪.49‬‬

‫ولئن كان األمر محل نقاش في الفقه وفقه القضاء الفرنسي فإن ذلك يعود إلى صياغة الفصل ‪ 47‬من‬
‫قانون ‪ .501985‬أما بالنسبة للفصل ‪ 32‬من القانون التونسي فإن المشرع لم يتحدث إال على استرجاع منق والت‬
‫أو عقارات بسبب عدم أداء دين بما يجعل من الواضح أن القضايا الرامية إلى التصريح بانفساخ العقد تبقى خارج‬
‫مناط قاعدة تعطيل أعمال التتبع وهو موقف قد يسانده الموقف الذي ذهبت إليه محكمة التعقيب قبل تنقيح ‪2003‬‬
‫والذي تعتبر فيه أن توقيف إجراءات التتبع والتنفيذ ضد المدين الذي يمر بصعوبات إقتصادية ال ينسحب مفعوله‬
‫إال على تتبع وتنفيذ الديون ال الحقوق األصلية وبخاصة منها ترتيب الجزاء القانوني عن اإلخالل بواجب خالص‬
‫معلوم الكراء‪.51‬‬

‫‪45‬‬ ‫‪Cass . soc. 17 oct. 1989, bull. civ.V, p.359,n°594.‬‬

‫‪46‬‬ ‫‪M. Jeantin, Droit commercial, Instrument de paiement et de crédit, Entreprises en difficultés, Dalloz, 4ème éd.1995, n°915.‬‬

‫‪47‬‬ ‫‪Com. 3 avr. 1990, D.1991 , somm. 1, obs. F. Derrida.‬‬

‫‪48‬‬ ‫?"إذا اشترط العاقدان أن عدم وفاء أحدهما بما التزم به يوجب فسخ العقد فان العقد ينفسخ بمجرد وقوع ذلك‬

‫‪49‬‬ ‫?‪.‬محمد الزين‪ ،‬النظرية العامة لاللتزامات‪ ،‬العقد‪ ،‬تونس ‪ ،1993‬ص‪295‬‬

‫‪50‬‬ ‫‪Jean – luc Vallens, L’effet du redressement judiciaire sur les instances en cours, R.T.D. com. 1991, p. 537 ;Com. 12 juin 1990, D. 1990,‬‬
‫‪450, note Derrida.‬‬
‫تعقيبي مدني‪ ،‬عـ‪1798‬ـدد‪ 11 ،‬أكتوبر ‪ ،2004‬ن‪.‬م‪.‬ت ‪ 2004‬جزء ‪ 1‬ص ‪.113‬‬ ‫‪51‬‬

‫‪16‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫كما قد يجد هذا الموقف سندا آخر في االتجاه الذي اتخذته محكمة التعقيب بخصوص الدعاوى الرامية‬
‫إلى تحديد مقدار دين والتصريح بوجوده واعتبرت أن هذه الدعاوى ال تتوقف بم وجب قاع دة تعطيل أعم ال‬
‫التتبع‪ 52‬لكونها ال تهدف إلى إلزام المؤسسة بأداء مبلغ مالي‪.‬‬

‫فقرة ثانية ‪ ‬األطراف المعنين بقاعدة تعطيل أعمال التتبع والتنفيذ‬

‫تسري قاعدة الفصل ‪ 32‬مبدئيا على جميع دائني المؤسسة التي افتتحت بشأنها إجراءات تسوية قضائية‬
‫اعي فتتمتع‬ ‫سواء كانوا دائنين عاديين أو ممتازين كما تسري أيضا على ديون الخزينة العامة والضمان االجتم‬
‫المؤسسة بموجب هذه القاعدة بحصانة تجاه التقاضي والتنفيذ بخصوص ديونها التي نشأت قبل فترة المراقبة‪.53‬‬

‫ولم يستثنى المشرع من األطراف الدائنين سوى العملة الذين تبقى دي ونهم خارجة عن من اط قاع دة‬
‫تعطيل التتبع والتنفيذ عمال بالفقرة األخيرة من الفصل ‪ 32‬مع المالحظة أن تنفيذ حكم متعلق بمستحقات عامل ال‬
‫يمكن أن يتم إال بإذن المحكمة المتعهدة بقضية التسوية وبشرط أن ال ي ؤدي التنفيذ إلى منع إنق اذ المؤسس ة‪.‬‬
‫فاالستثناء المتعلق بديون العملة اس تثناء مطلق بالنس بة ألعم ال التتبع في حين ال يكتسي إال ص بغة نس بية‬
‫بخصوص أعمال التنفيذ طالما أن التنفيذ يبقي مشروطا بإذن قضائي ولو كان هذا اإلذن ال يمنح إال عند التأكد من‬
‫أن تنفيذ الحكم يؤدي إلى منع إنقاذ المؤسسة‪.‬‬

‫كما استثنى المشرع صراحة بموجب تنقيح ‪ 29‬ديسمبر ‪ 2003‬الكفيل والمدين المتضامن والضامن إذ‬
‫تنص الفقرة الثانية من الفصل ‪ 32‬على ما يلي‪":‬وال تعلق إجراءات التقاضي والتنفيذ في حق الكفيل أو الض امن‬
‫أو المدين المتضامن إال بالنسبة إلى من رضي بذلك من الدائنين"‪.54‬‬

‫دة على‬ ‫ويكون المشرع بهذا االستثناء قد وضع حد للنقاش الذي كان موجودا حول مدى تطبيق القاع‬
‫الكفيل‪ 55‬في حين أكد القاعدة الموجودة صلب الفصل ‪ 178‬من م‪،‬ا‪،‬ع بالنسبة للمدين المتضامن‪.56‬‬

‫عـ ‪40407‬ـد دفي ‪ 1998 -2 -9‬م ق ت‪ ،1998 ،7 ،‬ص ‪.155‬‬ ‫‪52‬‬

‫تعقيبي عدد ‪ 21533‬في ‪ 24‬مارس ‪ ،2003‬ن م ت ‪ 2003‬جزء ‪ 2‬ص ‪":264‬إن أي تتبع فردي ضد شركة تمتعت بإجراءات التسوية القضائية يرمي إلى استخالص دين سابق‬ ‫‪53‬‬

‫يتعطل خالل فترة المراقبة"‬

‫نفس القاعدة موجودة صلب الفصل ‪ 12‬جديد المنقح بقانون عدد ‪ 79‬لسنة ‪ 2003‬المؤرخ في ‪ 29‬ديسمبر ‪ 2003‬والمتعلق بفترة التسوية الرضائية إذ تنص الفقرة الثالثة منه أنه "‬ ‫‪54‬‬

‫ال تعلق إجراءات التقاضي والتنفيذ في حق الكفيل أن الضامن إال بنسبة إلى من رضي بذلك من الدائنين " كما وردت القاعدة أيضا بالفصل ‪ 21‬فقرة الثالثة المتعلق بالفترة الفاصلة بين‬

‫تقديم مطلب التسوية القضائية وافتتاح فترة المراقبة " وال تعلق اإلجراءات في حق الكفيل أو الضامن أو المدين المتضامن إال بنسبة إلى من رضي بذلك من الدائنين"‪.‬‬

‫‪55‬‬ ‫‪A. Ouerfilli, La caution et le redressement, bénéficiaire ou évincée, R. J. L,2002, n°7, p .14.‬‬

‫ينص الفصل ‪ 178‬من م اع أنه" لكل من المدينين المتضامنين أن يعارض باألوجه الخاصة بذاته كما يعارض بما هو مشترك بينهم وليس له أن يعارض بما هو خ اص ب ذات‬ ‫‪56‬‬

‫بعضهم"‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫والكفالة عقد منضم صلب الفصول ‪ 1478‬وما بعده من مجلة االلتزام ات والعق ود وهو عقد يل تزم‬
‫بمقتضاه شخص بأن يؤدي للدائن ما التزم به المدين إن لم يؤده أما الم دين المتض امن فهو موض وع أحك ام‬
‫الفصول ‪ 174‬وما بعدها من نفس المجلة وينص الفصل ‪ 176‬أنه" يحصل التضامن بين المدينين إذا ك ان جميع‬
‫الدين واجبا على كل منهم وكان لرب الدين إلزام كل منهم بالوفاء بجميع الدين أو بعضه لكن ليس له ذلك إال مرة‬
‫واحدة"‪.‬‬

‫وقد تأرجح النقاش حول وضعية الكفيل بين اتجاهين اثنين‪ .‬فيرى االتجاه األول أنه طالما ك ان الكفيل‬
‫ملتزما بالتبعية ويمكنه عمال بالفصل ‪ 1502‬من م ا ع "أن يعارض الدائن بما للمدين من أوجه المعارضة سواء‬
‫تعلقت بأجل الدين أو بذات المدين مع ما تعلق منها بعدم أهلية المدين وله أن يحتج بذلك ولو لم يوافقه عليه المدين‬
‫أو تركه وله أن يعارض بما هو خاص بذات المدين كإسقاط الدين لذات المدين"‪ ،‬فإنه يج وز للكفيل حسب ه ذا‬
‫االتجاه التمسك بتعطيل أعمال التتبع والتنفيذ ضد المؤسسة المدينة األصلية وهو ما ذهبت إليه محكمة التعقيب في‬
‫بعض قراراتها‪ 57‬في حين ذهبت بعض القرارات األخرى في االتجاه المغاير معتبرة أن "تمتع الكفيل بالتض امن‬
‫بتعليق إجراءات التقاضي والتنفيذ من شأنه أن يفرغ الكفالة بالتضامن من مفهومها وأهدافها أال وهو الضمان"‪.58‬‬

‫وكان القانون عدد ‪ 79‬لسنة ‪ 2003‬مغلبا لهذا االتجاه الثاني المؤسس على الغاية من عقد الكفالة وهي‬
‫توفير أكثر ضمانات للغير المتعامل مع المؤسسة واعتبر تبعا لذلك أن الكفيل ال يتمتع بالحصانة االستثنائية التي‬
‫منحت للمؤسسة المدينة والتي تجعلها محمية من كل تتبع فرعي أو عمل تنفي ذي متعلق ب دين س ابق لف ترة‬
‫المراقبة‪.59‬‬

‫أما بالنسبة للمدين المتضامن فإن الحل الوارد صلب الفصل ‪ 32‬يبقي متناغما مع أحك ام الفصل ‪178‬‬
‫ه" وليس له "أن‬ ‫من م ا ع الذي يفرض أن المدين المتضامن ال يمكنه معارضة الدائن "إال باألوجه الخاصة بذات‬
‫يعارض بما هو خاص بالمدين األصلي"‪ .‬ومن األرجح أن تعطيل أعمال التتبع والتنفيذ هو استثناء خاص بالمدين‬
‫األصلي وليس للمدين المتضامن المعارضة به تبغا لذلك‪.‬‬

‫" يجوز للكفيل أن يتمسك في مواجهة الدائن بما يستطيع المدين أن يتمسك به فكل ما يؤثر في التزام المدين من حيث صحته أو انقضاءه أو تعليقه يؤثر في ال تزام الكفي ل" ع دد‬ ‫‪57‬‬

‫‪ 14509‬في ‪ ، 2002-5-22‬ن م ت‪ 2002 ،‬قسم مدني‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪ .165‬تعقيبي عـ‪4620‬ـدد ‪ : 5/1/2005‬ملحق عـ‪3‬ـدد‬

‫تعقيبي‪ ": 10/12/2004 ،4621 ،‬إن تمتع المدينة األصلية بافتتاح إجراءات التسوية ال يمكن أن يشكل دفعا مشتركا يحق للكفيل بالتضامن ألن يعارض به الدائن ذلك أن التسوية‬ ‫‪58‬‬

‫هي امتياز شخصي يمنح للمدين"‪( :‬الملحق عـ‪4‬ـدد)‪.‬‬


‫حمادي جازي ‪ ،‬مدى انتفاع كفيل المؤسسة الخاضعة ألحكام اإلنقاذ بقاعدة تعليق إجراءات التقاضي والتنفيذ‪ ،‬األخبار القانونية العدد ‪، 17-16‬جانفي ‪.2007‬‬ ‫‪59‬‬

‫‪18‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫إال أنه رغم سبق وجود الفصل ‪ 178‬من م اع فإن التنصيص الص ريح الموج ود بالفصل ‪ 32‬لمنع‬
‫ام‬ ‫المدين المتضامن من االنتفاع بتعطيل أعمال التتبع والتنفيذ ليس فاقدا لكل أهمية ضرورة أنه يغلق المجال أم‬
‫كل تأويل مغاير قد يتأسس على خصوصية وضعية المدين المتضامن صلب قانون إنقاذ المؤسسات االقتصادية‪.‬‬

‫ولعل التأكيد على هذا التوجه التشريعي يجد سندا آخر له على صعيد النص باستعمال المشرع لعب ارة‬
‫"الضامن" واعتباره إلى جانب الكفيل والمدين المتضامن غير معني بامتي از تعطيل التتبع والتنفيذ والح ال أن‬
‫عبارة الضامن ال تعرف تحديدا قانونيا دقيقا وال يمكن تعريفها وتمييزها ضمن مختلف أنواع التأمينات الشخصية‬
‫واستعمال هذه العبارة قد يكون دليال على رغبة المشرع في تعميم الحل الوارد بخصوص الكفيل واعتباره منهجا‬
‫تستعين به المحاكم في كل الحاالت الشبيهة إن عرضت المسألة أمامها‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ ‬إجراءات تطبيق قاعدة تعطيل أعمال التتبع والتنفيذ‪.‬‬

‫بالرجوع إلى أحكام الفصل ‪ 32‬يتضح أن تعطيل التتبعات الفردية وأعمال التنفيذ هي قاع دة تس ري‬
‫رف المحكمة‬ ‫بحكم القانون وهو ما قد يوحي ألول وهلة عدم لزوم الحصول على ما يفيد وجود التعطيل من ط‬
‫المتعهدة بقضية التسوية إال أنه خالفا لذلك فإن الحصول على وثيقة تعطل اإلجراءات يبقى أمرا ضروريا لنجاعة‬
‫هذه القاعدة (فقرة أولى) ومن جهة ثانية فإن إجراءات تطبيق القاعدة تختلف حسب درجة ثبوت الدين موض وع‬
‫التتبع والذي يمكن أن يكون دين ثابتا ال نقاش فيه كما قد يكون دينا يرجح ثبوته أو دينا غير مدعم (فقرة ثانية)‪.‬‬

‫فقرة أولى‪ ‬إثبات سريان قاعدة تعطيل التتبع والتنفيذ‬

‫لقد اكتفى المشرع صلب الفصل ‪ 32‬بالتنصيص على تعطيل التتبع والتنفيذ بمجرد ال دخول في ف ترة‬
‫المراقبة ولم يورد تنضيما إلجراءات القاعدة كما فعل صلب الفصول ‪ 12‬و ‪ 21‬والتي تف رض أن ي بين اإلذن‬
‫القضائي الصادر عن رئيس المحكمة المتعهدة بالتسوية القضايا وأعمال التنفيذ موضوع التعليق‪ .‬وهو ما يع ني‬
‫ضمنيا أنه يتعين لالنتفاع بهذا اإلجراء االستظهار باإلذن المبين للدين موضوع التعطيل‪.‬‬

‫وقد يكون من المنطقي أن ال يتضمن الفصل ‪ 32‬مثل هذا التنصيص طالما كان س ريان القاع دة يتم‬
‫بموجب القانون وليس فرضية متاحة للقاضي كما هو الشأن صلب الفصول ‪ 12‬و ‪ 21‬إال أن المسألة قد تستحق‬
‫النظر من وجهة تطبيقية‪ .‬فهل يكفي االستظهار بقرار فتح إجراءات التسوية القض ائية وف ترة المراقبة لتعطيل‬
‫إجراءات التتبع أمام المحاكم؟ وهل يكفي اإلستضهار بهذا القرار لتعطيل أعمال التنفيذ الجارية أو ال تي يع تزم‬
‫عدل التنفيذ التعهد بها؟‬

‫‪19‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫يمكن القول أنه ال يمكن بالنسبة لعدل التنفيذ االكتفاء بقرار فتح فترة المراقبة لتعطيل أعم ال التنفي ذ‬
‫ضرورة أن مجرد دخول المؤسسة في فترة مراقبة ال يؤدي وحده إلى إيقاف أعمال التنفيذ بل هناك شروط أخرى‬
‫يجب أن تتوافر إلى جانب وجود قرار فتح فترة مراقبة‪ .‬ويفترض انطباق القاعدة وجود شروط قانونية أخرى ال‬
‫يمكن أن يعهد بالتحقق من وجودها لعدل التنفيذ المباشر ألعمال التنفيذ‪.‬‬

‫فيكون من الضروري أحيانا لمعرفة ما إذا كان الدين موض وع التنفيذ من بين تلك ال ديون المعنية‬
‫بقاعدة الفصل ‪ 32‬أم ال التمييز بين الديون من حيث تاريخ نشأتها للتحقق مما إذا كانت تسبق فترة المراقبة أم ال‬
‫وكذلك التمييز بين أن واع ال ديون واألحك ام موض وع التنفيذ بحسب مآلها لمعرفة ما إذا ك انت من بين تلك‬
‫المنضوية تحت مشموالت الفصل ‪ 32‬أم ال‪.‬‬

‫ومن البديهي أن هذه األمور تتطلب تقديرا ال يمكن أن يعهد به لعدل التنفيذ وحده بل يستوجب تدخال‬
‫من المحكمة التي لها وحدها معرفة تاريخ نشأة الدين وتحديده وتصنيف ومعرفة إن كان الحكم موض وع التنفيذ‬
‫يدخل تحت طائلة الفصل ‪ 32‬أم ال بحسب تاريخ الدين ومآل التنفيذ‪.‬‬

‫وكل ذلك يجعل من االستظهار بما يفيد تعطيل عمل التنفيذ بخصوص ال دين أو الحكم المزمع تنفي ذه‬
‫ضروريا أمام عدل التنفيذ دون االكتفاء باالستضهار بما يفيد فتح فترة المراقبة‪.‬‬

‫ولئن لم يذهب سريان عمل المحاكم في هذا االتجاه مما يؤدي إلى وق وع بعض اإلش كاالت‪ 60‬ف ان‬
‫االستظهار بقرار فتح فترة المراقبة يبقى في كل الحاالت سببا جديا يخول لعدل التنفيذ استش كال األمر وإيق اف‬
‫التنفيذ إلى حين البث في المسألة من طرف القضاء‪.‬‬

‫ولكن استشكال األمر لدى المحكمة المختصة ي ؤدي في ه ذه الحالة إلى تعهد محكمة أخ رى غ ير‬
‫المتعهدة بقضية التسوية في الموضوع والحال أن هذه األخيرة هي المؤهلة للنظر في التعامل مع الصعوبات التي‬
‫تمر بها المؤسسة وفي التمييز بين الديون القديمة والجديدة وتلك الضرورية والمباشرة لمواصلة النشاط‪.‬‬

‫الملحقين عـ ‪5/6‬ـدد ‪ :‬تم تنفيذ حكم يقضي بالخروج إن لم يدفع على مؤسسة تمتعت بإجراءات التسوية القض ائية ودخلت ف ترة المراقبة حيث رأى ع دل التنفيذ انه يجب أن‬ ‫‪60‬‬

‫يتواصل التنفيذ ما لم يتم االستظهار بإذن قضائي في إيقافه‪ .‬لم تقم الشركة باستشكال األمر وتم التنفيذ ورفضت المحكمة االبتدائية بقرمبالية الطلب االستعجالي المتعلق بإرج اع الحالة‬

‫إلى ما كانت عليها في مناسبتين رغم محاولة الشركة المنتفعة بإجراءات التسوية تدارك األمر واالستظهار بإذن مستقل بإيقاف التنفيذ من طرف المحكمة المتعهدة بقضية التسوية‪ .‬ولم‬

‫اف التنفيذ وال الى‬ ‫يكن التنفيذ ليحصل لو وجد هذا اإلذن وتم االستضهار به لعدل التنفيذ عند الشروع في التنفيذ‪ .‬أما في ملف الحال فإن عدم االشارة في قرار افتتاح التسوية الى ايق‬

‫فترة المراقبة صراحة (ملحق عـ‪7‬ـدد) أدى بالمؤسسة الى محاولة تدارك الوضع والحصول على ما يفيد صراحة إيقاف التنفيذ ولكن ذلك تم بعد وقوع التنفيذ (ملحق عـ‪8/9‬ـدد)‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫ون‬ ‫أما بخصوص السؤال المتعلق بالقضايا المنشورة أمام المحاكم أو المزمع نشرها فإن األمر قد يك‬
‫أكثر تعقيدا‪.‬‬

‫ولئن كان من الواضح أن وجود قرار افتتاح إجراءات التسوية القض ائية وف ترة المراقبة يتطلب من‬
‫المحكمة المنشورة أمامها قضية ضد المؤسسة التي تمر بصعوبات اقتصادية‪ ،‬النظر في مدى توفر شروط تطبيق‬
‫الفصل ‪ 32‬ومن بينها أن يكون الدين موضوع التتبع سابقا لفترة المراقبة وأن يكون الطلب من بين الطلبات التي‬
‫تؤدي إلى أداء مبلغ مالي أو استرجاع عقار أو منقول بسبب عدم أداء دين‪ ،‬فان اإلش كال هنا هو معرفة م دى‬
‫اختصاص القاضى المتعهد بالقضية المنشورة في النظر في مثل هذه المسائل والحال أن مطلب التسوية القضائية‬
‫تتعهد به محكمة أخرى وخاصة في حالة تض ارب بين موقف المحكمة المتعه دة بالتس وية وموقف المحكمة‬
‫المتعهدة بالقضية التي يتعين الحسم في مدى خضوعها لقاعدة تعطيل أعمال التتبع‪.‬‬

‫ومن المؤكد أن مثل هذه اإلشكاليات من الممكن منعها باستباق قرار يح دد مجمل ال ديون موض وع‬
‫تعطيل التتبع والتنفيذ يتم اإلستضهار به عند اللزوم لتطبيق أحكام الفصل ‪ 32‬آليا‪.‬‬

‫فقرة ثانية ‪ :‬إجراءات تطبيق قاعدة تعطيل التتبع والتنفيذ‪:‬‬

‫يتم تقييد الديون الثابتة التي لم يضهر بشأنها نزاع يخص األصل أو المقدار حسب ترتيبها وفقا للفصل‬
‫‪ 33‬ويتعين على الدائن التأكد من ترسيمها وفقا للفصل ‪ 25‬في حين يتوقف بش أنها كل عمل تتبع أو تنفي ذ‪ .‬أما‬
‫الديون التي ظهر نزاع في أصلها أو مقدارها وتلك التي تكون غير مؤيدة يختلف بخصوصها التعامل‪.‬‬

‫فقد يكون الدين من قبيل الديون "التي ظهر نزاع في أصلها أو مقدارها والمرجح ثبوتها" في حالة وجود‬
‫حكم ابتدائي يصرح بثبوتها وكان هدا الحكم محل طعن باالستئناف لوجود ن زاع في أصل ال دين أو مق داره‪.‬‬
‫فالمحكمة المتعهدة بالتسوية قد تعتبر ثبوت الدين مرجحا استنادا إلى وجود حكم ابتدائي الدرجة بشأنه رغم وجود‬
‫مطاعن جدية تهم أصل الدين ومقداره موضوع نظر لدى االستئناف‪.61‬‬

‫الغ الخاصة به عند‬ ‫وينص الفصل ‪ 33‬أنه يتم في هذه الحالة اإلذن بترسيم الدين احتياطيا وتأمين المب‬
‫التوزيع‪.‬‬

‫المحكمة االبتدائية بصفاقس عدد ‪ 213‬في ‪ 2‬ديسمبر ‪( .1997‬ملحق عـ‪10‬ـدد)‬ ‫‪61‬‬

‫‪21‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫فهل يعني ذلك أن التتبعات تتخذ مجراها الطبيعي من جديد بعد أن تعطلت عمال بالفصل ‪32‬؟ بعبارة‬
‫أخرى هل يمكن للدائن الواقع ترسيم دينه احتياطيا القيام لدى المحكمة المختصة لطلب تحديد دينه أصال ومقدارا‬
‫؟‬

‫اعتبرت المحكمة االبتدائية بتونس في هذا السياق عند انتصابها للقض اء بوص فها محكمة اس تئناف‬
‫لألحكام العرفية التابعة لدائرة قضاءها أن دعوى العامل الرامية إلى إثبات وجود دينه إزاء المؤسسة والمتمثل في‬
‫غرامة طرد تعسفي والتي تهدف أيضا إلى تحديد مقدار الدين ال تدخل تحت طائلة قاع دة تعطيل أعم ال التتبع‬
‫راءات‬ ‫وترجع تبعا لذلك إلى مرجع النظر العادي وليس إلى المحكمة المتعهدة بالتسوية‪ .62‬وال يعد استئناف إج‬
‫التتبع في هذه الحالة راميا إلى استخالص الدين طالما بقيت المؤسسة في قترة المراقبة بل أنه بمجرد الحص ول‬
‫على الحكم المثبت ألصل الدين ومقداره يصبح هذا الدين من قبيل الديون الثابتة وينطبق عليه النظ ام الق انوني‬
‫لهذه األخيرة إذا كانت المؤسسة ال تزال في فترة مراقبة‪.‬‬

‫ويمكن من جهة أخرى أن يكون الدين "غير مدعم" وهي صورة غير مس تبعدة الوق وع ال من حيث‬
‫التطبيق وال من حيث النظرية‪ .‬فكثيرا ما تقوم العالقات التجارية على الثقة المتبادلة وسرعة المعامالت التجارية‬
‫مما قد يؤدي إلى إبرام معامالت والتداين دون إثبات ذلك بحجة رس مية أو غ ير رس مية‪ .‬كما أنه من الممكن‬
‫التصور أن الدائن الذي يتمثل دينه في ضرر نشأ له جراء المس ؤولية المدنية للمؤسسة ال يملك بداهة حجة تثبت‬
‫دينه ويتعين عليه إثبات عناصر تلك المسؤولية للحصول على حكم يقضي باألداء وهو أمر قد يتطلب وقتا يطول‬
‫في حين يمكن أن تفتتح إجراءات التسوية القضائية في األثناء‪.‬‬

‫وينص الفصل ‪ 33‬إذا كان الدين غير مدعم يقع رفضه ويحفظ حق الدائن في المطالبة به دون أن يكون‬
‫لذلك تأثير على سير إجراءات التسوية‪.‬‬

‫يمنح الفصل ‪ 33‬حق المطالبة بهذه الديون دون أن يكون لذلك تأثير على سير إجراءات التسوية وهو‬
‫ما يوحي أن المطالبة تكون وفقا لإلجراءات العادية وأمام مرجع النظر الطبيعي‪ .‬وه ذه المطالبة القض ائية ال‬
‫يمكن أن تقبل دون أن تجابه بقاعدة الفصل ‪ 32‬إال في الحالة التي يتم فيها رفض ترسيم ال دين من قبل المحكمة‬
‫المتعهدة بقضية التسوية‪ .‬ويعتبر رفض الترسيم لكون الدين غير مدعم هو الشرط والسبب الذي يجعل الدائن في‬
‫حل من قاعدة تعطيل أعمال التتبع والتنفيذ ويخول له القيام وفقا لإلجراءات العادية إلثبات دينه وجودا ومقدارا‪.‬‬

‫المحكمة اإلبتدائية بتونس‪ 9 ،40407 ،‬فيفري ‪، 1998‬م ق ت عدد ‪ 1998 ، 7‬ص ‪.155‬‬ ‫‪62‬‬

‫‪22‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫الجزء الثاني‪:‬النظام القانوني للحقوق الناتجة عن تواصل عالقة المديونية أثناء فترة المراقبة‪.‬‬

‫لم يقتصر المشرع على إرساء نظام استثنائي الستخالص الديون أثناء فترة المراقبة بل تعدى ذلك إلى‬
‫مجمل الحقوق التي يمتلكها عادة الدائن إزاء مدينه طالما لم يوف هذا األخير بااللتزامات التي عليه‪.‬‬

‫ويمكن اعتبار فترة المراقبة فترة تتجمد فيها حقوق الدائنين الذين عليهم التثبت من تقييد ديونهم وانتظار‬
‫برنامج اإلنقاذ دون التمكن من استعمال الصالحيات التي تخول لهم عادة بموجب استمرار عالقة المديونية أثناء‬
‫فترة المراقبة‪.‬‬

‫وبموجب األحكام االستثنائية لقانون إنقاذ المؤسسات يتم حرمان ال دائن من التع ويض التقلي دي عن‬
‫مماطلة مدينه والمتمثل في تثقيل الفوائض القانونية واالتفاقية وغرامات التأخير ( مبحث أول) ‪.‬كما يمنع ال دائن‬
‫من المطالبة بكامل ال دين إذا ما تخلفت المؤسسة عن دفع قسط منه ( مبحث ث‪99‬اني) ويص ير حقه في التمسك‬
‫باستثناء عدم التنفيذ غير ذي مفعول( مبحث ثالث)‬

‫المبحث األول ‪ :‬توقف سريان جميع الفوائض وغرامات التأخير‬

‫ادية على ما يلي‪" :‬‬ ‫ينص الفصل ‪ 23‬من القانون المتعلق بإنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتص‬
‫يتعطل خالل فترة المراقبة كل تتبع فردي أو عمل تنفيذي يرمي إلى استخالص ديون سابقة لفترة المراقبة أو إلى‬
‫استرجاع منقوالت أو عقارات بسبب عدم أداء دين‪ ،‬ويتوقف سريان جميع الفوائض وغرامات التأخير‪"...‬‬

‫بمقتضى أحكام الفقرة األولى من هذا النص تكون غير منتجة لفوائض أو غرامات تأخيرالديون السابقة‬
‫لفترة المراقبة والتي تعطل بشأنها أي عمل تتبع أو تنفيذ وينحصر‪ ،‬تبعا لذلك‪ ،‬مق دار الم ال ال ذي يعمر ذمة‬
‫‪23‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫المؤسسة في حدود أصل الدين إضافة إلى ما قد يكون أنتجه من فوائض أو غرامات تأخير إلى حدود تاريخ فتح‬
‫فترة المراقبة‪.‬‬

‫ويعد توقف سريان جميع الفوائض وغرامات الت أخير خروجا عن القواعد العامة المنض مة ص لب‬
‫النظرية العامة لاللتزامات وتحديدا تلك التي تنضم المسؤولية العقدية صلب مجلة االلتزام ات والعق ود وال تي‬
‫ترتب جزاء غرم الخسارة في حالة عدم الوفاء بااللتزامات إما وفقا للبنود المشترطة ص لب العقد أو باحتس اب‬
‫‪63‬‬
‫الفائض القانوني المستوجب بالنسبة االلتزامات الخاصة بمقدار مالي معين‪.‬‬

‫خالفا لما هو معهود في األحكام العامة لاللتزامات يتم‪ ،‬بموجب األحك ام االس تثنائية لق انون إنق اذ‬
‫المؤسسات‪ ،‬تجميد األثر القانوني العادي لوجود الدين وهو ترتيب الفوائض وغرامات التأخير عند ع دم وف اء‬
‫المدين ويكون ذلك بمجرد افتتاح إجراءات التسوية القضائية وفترة المراقبة‪.‬‬

‫والهدف من وضع القاعدة االستثنائية هو أوال هدف تنضيمي يتعلق بضرورة تحديد ديون المؤسسة من‬
‫حيث المقدار وحصرها في مبلغ معين لتسهل تسوية وضعيتها وثانيا هدف يتعلق بالغاية األساس ية من الق انون‬
‫وهو إنقاذ المؤسسة بتخفيف عبئ المديونية عنها ومنع تفاقم مقدار ديونها‪ 64.‬وللتطرق بأكثر دقة له ذه القاع دة‬
‫االستثنائية يتعين النظر في ميدان تطبيقها في مرحلة أولى تم آثارها‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬ميدان تطبيق القاعدة‬

‫لئن كانت قاعدة توقف سريان الفوائض وغرامات التأخير تتعلق حصرا بالديون السابقة لفترة المراقبة‪،‬‬
‫فإن عمومية العبارات المستعملة صلب الفصل ‪ 32‬تؤدي إلى القول بأن القاعدة تكتسي طابعا شموليا س واء عند‬
‫النظر في الدين موضوع توقف سريان الفوائض وغرامات التأخير أو عند النظر في طبيعة الفوائض المقصودة‬
‫بالقاعدة‪.‬‬

‫لم يميز المشرع بين أنواع الديون عند التنصيص على القاعدة صلب الفصل ‪ 32‬بما يجعل ه ذا النص‬
‫يتعلق بجميع أنواع الديون مهما كان موضوعها وسواء كانت الديون عادية أو ممتازة‪.‬‬

‫المقامة الخامسة من الكتاب األول من مجلة االلتزامات والعقود والتي عنوانها‪ ":‬فيما يترتب عن االلتزامات " وخاصة الباب الثالث منها الذي عنوانه‪" :‬في عدم الوفاء بااللتزامات‬ ‫‪63‬‬

‫وما يترتب عن ذلك " وخاصة الفصول ‪ 268‬و ‪ 277‬و ‪ , 278‬محمد الزين‪ ،‬النظرية العامة لاللتزامات ‪ ،‬العقد‪ 349 ،1993 ،‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪64‬‬ ‫‪C. Saint-Alary-Hoiun, Droit des entreprises en difficultés, Monchrestien, 2ème édition, p. 458 et s  ; Y. Guyon,op.cit, n°1242.‬‬

‫‪24‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫يتوقف سريان الفوائض وغرامات التأخير على الديون جميعها بشرط أن تكون نش أت قبل فتح ف ترة‬
‫المراقبة ولم يتبنى المشرع التونسي االستثناءات التي وردت في التشريع الفرنسي والتي تعلقت بالديون الناش ئة‬
‫عن عقود القروض المبرمة لمدة تساوي أو تزيد عن عام وتلك الناشئة عن العقود متضمنة شرط دفع مؤجل لمدة‬
‫عام أو أكثر‪ 65‬تشجيعا للقروض البنكية ذات المدى القص ير والمتوسط وللم زودين ال ذين قبل وا ب الخالص‬
‫‪66‬‬
‫المؤجل‪.‬‬

‫أما بخصوص الفوائض فالمالحظ في البداية أن الفصل ‪ 32‬ينحصر مجال تطبيقه في الفوائض التي قد‬
‫تنشأ عن الدين منذ تاريخ فترة المراقبة أما الفوائض التي قد تكون نشأت قبل ذلك التاريخ وغرامات التأخير التي‬
‫قد تكون تسلطت من قبل سواء قبل تقديم مطلب التسوية القضائية أو في الفترة الفاصلة بين تقديمه وبين فتح فترة‬
‫المراقبة فتبقى معتمدة إلى جانب أصل الدين وتحتسب ض من المبلغ الجملي المثقل على كاهل المؤسسة وال ذي‬
‫يتعين إيجاد حل له في إطار برنامج اإلنقاذ‪.‬‬

‫وائض االتفاقية‬ ‫ولم يميز المشرع بين أنواع الفوائض موضوع قاعدة الفصل ‪ 32‬ويمكن أن تكون الف‬
‫‪67‬‬
‫كتلك التي تدرج بعقود القرض أو الفوائض القانونية التي قد تحتسب بالنسبة المدنية أو التجارية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬آثار تطبيق القاعدة‬

‫في إطار دراسة أثار قاعدة توقف سريان الفوائض وغرامات التأخير يمكن التمييز بين آثارها بالنس بة‬
‫للعالقة بين الدائن والمؤسسة وآثارها بالنسبة للعالقة بين الدائن والضامن‪.‬‬

‫دف أساسا‬ ‫أما بالنسبة للعالقة بين الدائن والمؤسسة‪ ،‬فلئن كانت رغبة المشرع في سن هذه القاعدة ته‬
‫إلى تخفيف عبئ المديونية عن المؤسسة بعدم تثقيل الفوائض المترتبة عن الدين أثناء فترة المراقبة فإن التس اؤل‬
‫ني‬ ‫يبقي مطروحا بخصوص المقصود من عبارة "يتوقف" هل أن توقف سريان الفوائض وغرامات التأخير يع‬
‫توقف نهائي أو وقتي؟‪ ‬‬

‫‪65‬‬ ‫‪Art. L 621- 48 du C C f, al 1 : «  le jugement d’ouverture du redressement judiciaire arrête les cours des intérêts légaux ou‬‬
‫‪conventionnels ainsi que tous les intérêts de retard et majoration, à moins qu’il ne s’agisse des intérêts résultant de contrat de prêt conclu‬‬
‫»‪pour une durée égale ou supérieure à un an ou plus ou de contrats assortis d’un paiement différé d’un an ou plus. ‬‬

‫‪66‬‬ ‫‪Y. Guyon, op.cit, n°1242.‬‬


‫يضبط الفصل ‪ 1100‬نسبة الفوائض القانونية وينص أنه" إذا لم تضبط األطراف نسبة الفوائض فإن الفائض القانوني الذي يتم تطبيقه هو التالي‪:‬‬ ‫‪67‬‬

‫أوال‪ :‬في المادة المدنية يساوي هذا الفائض ‪ 7‬بالمائة ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬في المادة التجارية تساوي نسبة الفائض القانوني النسبة القصوى لالعتمادات البنكية المقررة من طرف البنك المركزي مع إضافة نصف نقطة"‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫وردت القاعدة صلب الفصل ‪ 32‬وفي إطار تنظيم فترة المراقبة وهو ما قد يوحي أن أثرها ينحصر في‬
‫هذه الفترة‪ ،‬كما استعمل المشرع صلب الصياغة الفرنسية للقانون عبارة " تعليق " التي تختلف عن " التوقف" في‬
‫‪68‬‬
‫كونها توحي بعودة الفوائض للسريان في مرحلة الحقة‬

‫إال أن جريان عمل المحاكم قد اتجه نحو اعتماد فوائض بالنسبة العادية‪ ،‬نسبة السوق المالية زائد نقطة‬
‫واحدة‪ ،‬في حالة وجود برنامج مواصلة نش اط المؤسسة بعد ف ترة المراقبة بحيث أن ع دم دفع قسط من دين‬
‫‪69‬‬
‫موضوع برنامج إنقاذ يرتب الفوائض القانونية الطبيعية‪.‬‬

‫كما اعتبرت المحاكم الفرنسية عند تطبيقها لنفس القاعدة أنه رغم وجود عبارات الفصل ‪ 55‬من قانون‬
‫‪ 25‬جانفي ‪ 1985‬ضمن الباب المتعلق بفترة المراقبة فإن التوقف يعتبر نهائيا وال يمثل مج رد تعليق لس ريان‬
‫‪70‬‬
‫الفوائض‪.‬‬

‫و هذا الحل يعد متناغما مع النظام القانونية للديون صلب قانون التسوية القضائية ضرورة أن الفوائض‬
‫التي حلت أثناء فترة المراقبة هي حتما ديون لم يتم تقييدها صلب ديون المؤسسة لحلولها في تلك الفترة بما يجعل‬
‫المطالبة بها أو اعتمادها صلب برنامج اإلنقاذ أمرا غير ممكنا‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬فان حلول الفوائض أثناء فترة‬
‫ذي‬ ‫المراقبة ال يجعل منها ديون جديدة تتمتع بامتياز الفصل ‪ 34‬في الدفع ألنها تبقى مبالغ تابعة ألصل الدين ال‬
‫حل قبل فترة المراقبة وتخضع لقاعدة الفرع يتبع األصل‪.71‬‬

‫أما بالنسبة لوضعية الكفيل أو المدين المتضامن فالسؤال الذي يطرح يتعلق بمدى تمتعهم بامتياز توقف‬
‫سريان الفوائض وغرامات التأخيرموضوع صلب الفصل ‪ 32‬من القانون؟‬

‫ذكور بتحديد‬ ‫ال نجد جوابا صريحا من المشرع في هذا المضمار واكتفت الفقرة الثانية من الفصل الم‬
‫الموقف بخصوص مسألة التمتع بقاعدة توقف إجراءات التتبع والتنفيذ في حين الزم المشرع الصمت بخصوص‬
‫توقف سريان الفوائض وغرامات التأخير‪.‬‬

‫والجواب عن هذا السؤال ال يخرج في كل الح االت عن ت وجهين‪ .‬ينطلق التوجه األول من الطبيعة‬
‫التبعية اللتزام الكفيل ليخلص إلى أن هذا األخير يتمتع بتوقف سريان الفوائض و غرامات التأخير فالتزام الكفيل‬
‫‪68‬‬ ‫»‪« Sont suspendus les cours des intérêts et des dommages et intérêts moratoires ‬‬

‫‪69‬‬ ‫‪A. Brahmi, op.cit, n°142.‬‬

‫‪70‬‬ ‫‪C. Saint-Alary-Hoiun, op.cit. n’ 779 ; M. Jeantin, Droit commercial, Instrument de paiement et de crédit, Entreprises en difficulté,‬‬
‫‪Dalloz, 4ème éd. n°905.‬‬

‫‪71‬‬ ‫‪Y. Guyon, op.cit. , n°1242.‬‬

‫‪26‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫ال يمكن أن يفوق التزام المدين األصلي‪ .‬ويستند التوجه الثاني إلى الهدف األساسي ال ذي وجد من أجله ال تزام‬
‫الكفيل‪ ،‬أال وهو حماية الدائن في حالة عدم وفاء المدين‪ ،‬ليخلص إلى الق ول بع دم تمتع الكفيل بتوقف س ريان‬
‫الفوائض وغرامات التأخير حماية للدائن وتماشيا مع الهدف من مؤسسة الكفالة‪.‬‬

‫ولقد استقر فقه القضاء الفرنسي في مرحلة معينة على اعتبار أن الكفيل يتمتع بقاع دة توقف س ريان‬
‫الفوائض وغرامات التأخير استنادا إلى الطبيعة التبعية اللتزامه وإلى أحكام الفصل ‪ 2013‬من المجلة المدنية‪.72‬‬
‫إال أن المشرع الفرنسي تدخل مغلبا التوجه المغاير واعت بر أن الكفيل و الم دين المتض امن ال يمكنهما التمتع‬
‫بتوقف سريان الفوائض‪  ‬وكان ذلك منذ القانون عـ‪94‬ـ‪475‬ـدد في ‪ 10‬ج وان ‪ 1994‬المتعلق بوقاية‬
‫‪74‬‬
‫ومعالجة صعوبات المؤسسات‪73‬وهو خيار تشريعي يتواصل إلى اليوم‬

‫يرى بعض شراح القانون‪ 75‬أنه على المحاكم التونسية االتجاه في سبيل عدم تمتيع الكفيل بتوقف سريان‬
‫الفوائض ألن إعمال هذه القاعدة لفائدة الكفيل يؤدي إلى تعكير وضعية الدائنين والترفيع في ديون المؤسسة دون‬
‫أن يخدم األهداف الموضوعة من طرف المشرع صلب قانون ‪.1995‬‬

‫ة‪ ،‬يتمتع‬ ‫إال أنه من الجدير بالذكر أنه على فرض اتجاه فقه القضاء نحو اعتبار الكفيل‪ ،‬الملزم بالتبعي‬
‫بتوقف سريان الفوائض وغرامات التأخير فإن هذا الحل ال يمكن أن ينسحب على المدين المتض امن ال ذي ال‬
‫يعتبر ملتزما بالتبعية ويتميز التزامه باالستقاللية عن المدين األصلي وطالما أن س ريان الف وائض وغرام ات‬
‫التأخير ال يمكن أن تصنف ضمن االستثناءات المشتركة بين المدين األصلي والمدين المتض امن بل األغلب أنها‬
‫تمثل استثناءا خاصا بالمدين وال يمكن للمدين المتضامن التمتع به‪.76‬‬

‫‪72‬‬

‫‪? Com. 13 Nov.1990, J.C.P, 1991, éd E, II, 114, note P. Petel « c’est à bon droit que la cour d’appel a décidé que la caution n’était pas‬‬
‫‪tenue des intérêts au-delà de la date du jugement prononçant le redressement judiciaire du débiteur principal, dés lors que l’article 55 de‬‬
‫‪la loi du 25 janvier 1985 n’opère aucune distinction pour l’arrêt des cours des intérêts légaux et conventionnels et que l’obligation de la‬‬
‫»‪caution ne peut excéder ce qui est du par le débiteur principal ‬‬

‫‪73‬‬ ‫‪E. Brocard, La loi n°94-475 du 10 juin 1994 relative a la prévention et au traitement des difficultés des entreprises ( brèves remarques‬‬
‫)‪sur la situation de la caution, Act. Lég. D. 1994, p.169.‬‬

‫‪74‬‬ ‫‪Art. L. 621-48 du C C F, «  Le jugement d’ouverture du redressement judiciaire arrête le cours des intérêts légaux ou conventionnels,‬‬
‫‪ainsi que tous les intérêts de retard et majorations, à moins qu’il ne s’agisse des intérêts résultants de contrats de prêt conclus pour une‬‬
‫‪durée égale ou supérieure a un an ou de contrats assortis d’un paiement différé d’un an ou plus. Les cautions et coobligés ne peuvent se‬‬
‫»‪prévaloir des dispositions du présent alinéa ‬‬

‫‪75‬‬ ‫‪Y. Knani , article précité, p.133.‬‬

‫‪76‬‬ ‫‪PH. Petel, J. C.P, 1991, ed E,II, jur. p. 114.‬‬

‫‪27‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫وفضال عن عدم التمتع بالفوائض أو غرامات تأخير فإن الدين ال يحل برمته في حالة عدم خالص قسط‬
‫من أقساطه وال يسقط الحق في األجل بالنسبة للمؤسسة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬غياب سقوط الحق في األجل‪.‬‬

‫ينص الفصل ‪ 149‬من م ا ع على القاعدة التالية " يستحق الدين المؤجل حاال إذا أعلن بفلس المديون أو‬
‫نقص بفعله شيئا من الضمانات الخاصة التي كان أعطاها في العقد أو لم يعط ما وعد به منها وهذا الحكم يجري‬
‫أيضا إذا قصد الضرر وأخفى حقا آو امتيازا موضفا من قبل على الضمانات المعطاة منه‬

‫فإن اعترى الضمانات المذكررة نقص من غير إرادته فإنه ال يوجب سقوط حقه في األجل لكن يج وز‬
‫حينئذ لرب الدين إما أن يطلب ضمانات أخرى زائدة أو تنفيذ العقد حاال إن لم يتيسر ذلك"‪.‬‬

‫يكون الدائن عمال بأحكام هذا النص‪ ،‬محقا في المطالبة بكامل دينه في الح االت الم ذكورة ومن بينها‬
‫حالة اإلعالن بفلس المدين أو عدم إعطاء هذا األخير ما وعد به من ضمانات‪ ...‬فعدم خالص ج زء من ال دين‬
‫الذي وعد به المدين وعدم الوفاء بالضمانات التي وعد بها يعد قرينة على عدم قدرته على خالص ب اقي ال دين‬
‫ويؤدي إلى حلول الدين برمته‪.‬‬

‫وفضال عن هذه القاعدة فمن الممكن أن تشترط األطراف المتعاقدة صلب العقود بشتى أنواعها وخاصة‬
‫في عقود القرض المبرمة مع المؤسسات البنكية‪ ،‬أنه يحل أجل دفع كامل الدين في حال وقوع حدث معين كع دم‬
‫خالص قسط من األقساط‪.‬‬

‫و خالفا لهذه القاعدة العامة الواردة صلب مجلة االلتزامات والعقود وال تي كث يرا ما تفرض ها إرادة‬
‫األطراف صلب العقود أورد الفصل ‪ 31‬من قانون إنقاذ المؤسسات نظاما قانونيا مغايرا تماما إذا ينص على أنه "‬
‫ائية وذلك‬ ‫ال يترتب عن التوقف عن خالص قسط من أقساط الدين حلول بقية األقساط خالل فترة التسوية القض‬
‫بصرف النظر عن كل اتفاق مخالف"‪.‬‬

‫وتستدعي أحكام هذا الفصل االهتمام من جانبين اثنين ض رورة أنها تتعلق بالش رط المتعلق بخالص‬
‫الدين أقساطا دون باقي الشروط التي قد يرتب أطراف العقد من خاللها سقوط األجل عند وقوع حدث آخر غ ير‬
‫ارض مع الفصل ‪ 149‬من مجلة‬ ‫اإلخالل بالتزام دفع القسط في األجل المحدد‪ .‬كما أن احكام هذا الفصل ال تتع‬

‫‪28‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫االلتزامات والعقود في جانبه المتعلق ب إعالن فلس الم دين ض رورة أن الفصل ‪ 31‬يتعلق بمرحلة التس وية‬
‫القضائية في حين يتعلق الفصل ‪ 143‬في هذا الجانب بلحظة أخرى قد يمر بها المدين وهي إعالن تفليسه‪.‬‬

‫لئن كان من الواضح أن الهدف من الفصل ‪ 31‬هو تخفيف ع بئ المديونية على المؤسسة ال تي تمر‬
‫بصعوبات اقتصادية وتمكينها من أجل كاف لتسوية وضعية ديونها األمر الذي قد ال يحصل إذا ما تم تثقيل جميع‬
‫األقساط بمجرد حلول قسط واحد وعدم دفعه فإنه للوقوف بدقة عند خصائص النظام القانوني الذي أراده المشرع‬
‫صلب الفصل ‪ 31‬بتعين التطرق في البداية إلى ميدان تطبيق القاعدة الواردة به قبل النظر في آثارها‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬ميدان تطبيق القاعدة‪.‬‬

‫يستنتج من عمومية عبارات الفصل ‪ 31‬من أن قاعدة عدم سقوط الحق في األجل تتعلق بجميع أن واع‬
‫الديون دون تمييز بينها مهما كان نوعه‪.‬‬

‫كما تتعلق القاعدة باألقساط التي قد تحل خالل فترة التسوية القضائية‪ .77‬أما إذا ما ك ان ع دم خالص‬
‫القسط من الدين سابقا لفترة التسوية القضائية فإن القاعدة ال تنطبق ويكون هذه الحالة جميع الدين قد حل قبل فترة‬
‫التسوية القضائية بموجب عدم خالص قسط منه ويتعين في هذه الحالة اعتب اره دين في ذمة المؤسسة و تقيي ده‬
‫ضمن ديون المؤسسة طبقا للفصل ‪.25‬‬

‫وينص الفصل ‪ 31‬بأنه ال عمل بأي اتفاق مخالف لهذه القاعدة وهو ما يعني إن أحكامه تهم النظام العام‬
‫وأنه ال يمكن لألطراف المتعاقدة اشتراط ما يخالفها صلب العقد‪.‬‬

‫ولئن كان مناط قاعدة الفصل ‪ 31‬يفرض أن حلول قسط معين من الدين وع دم خالصه خالل ف ترة‬
‫التسوية القضائية ال يخول للدائن المطالبة بكامل الدين وليس لهذا األخ ير س وى المطالبة بكل قسط على ح دة‬
‫اعتبارا لكون الديون التي تحل بعد فترة المراقبة ال تسري عليها قاعدة إيقاف أعمال التتبع و التنفيذ‪ ،‬فإن البعض‬
‫قد الحظ أن أحكام الفصل المذكور ال يمكن أن تعمم لتشمل الحاالت التي يكون فيها سقوط الحق في األجل ناتجا‬
‫ثر‬ ‫عن سبب آخر غير عدم دفع قسط من األقساط‪ .78‬ولقد وردت عبارات القانون الفرنسي في هذا المضمار أك‬
‫وضوحا وعمومية إذ ينص الفصل ‪ 56‬من قانون ‪ 1985‬أن ‪ " :‬قرار افتتاح التسوية القضائية ال يجعل ال ديون‬
‫التي لم يحل أجلها يوم صدوره حالة بعرض النظر عن كل اتفاق مخالف‬

‫وهذا يفترض أنه ال ينطبق على األقساط التي قد تحل قبل فترة المراقبة أي في الفترة الفاصلة بين تقديم طلب التسوية القضائية واإلذن بفتح فترة المراقبة‪.‬‬ ‫‪77‬‬

‫‪78 A. Brahmi, op.cit, n°143.‬‬

‫‪29‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫‪ «  Le jugement d’ouverture du redressement judicaire ne rend pas exigibles les‬‬


‫‪créances non échues à la date de son prononcé. Toute clause contraire est réputée non‬‬
‫‪écrites ».‬‬

‫فالتشريع الفرنسي يعتبر أن مجرد افتتاح إجراءات التسوية القضائية يجمد العمل بقاعدة حل ول األجل‬
‫انون التونسي‬ ‫دون الوقوف عند نوع الشرط الذي قد يحل بسببه األجل وهو ما لم يرد صلب الفصل ‪ 31‬من الق‬
‫الذي اقتصر على ذكر حالة واحدة من حاالت حلول أجل الدين وهي حالة ع دم خالص قسط من األقس اط بما‬
‫يجعل التساؤل قائما بالنسبة لباقي الشروط التي قد يكون لها تأثير على حلول أجل الدين س واء ك انت ش روط‬
‫اتفاقية أو ناتجة عن تطبيق قاعدة قانونية معينة‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬آثار تطبيق القاعدة‬

‫يتجه في هذا الصدد التميز بين آثارها بالنسبة للدائن والمؤسسة المدينة ثم آثارها بالنسبة للكفيل‪.‬‬

‫بالنسبة للدائن والمؤسسة المدينة‪ ،‬تنطبق قاعدة عدم سقوط الحق في اآلجل في حالة ع دم خالص قسط‬
‫من األقساط بصرف النظر عن كل اتفاق مخالف‪.‬‬

‫تي قد‬ ‫رغم وجود هذه القاعدة التي تهم النظام العام يبقى السؤال مطروحا بخصوص باقي الشروط ال‬
‫ترتب حلول األجل عند توفر شرط آخر غير عدم خالص قسط من األقساط‪.‬‬

‫ات والقواعد‬ ‫إن حصر القاعدة في هذا الشرط دون غيره وعدم صياغتها بطريقة تشمل جميع االتفاقي‬
‫التي قد ترتب حلول األجل ألسباب أخرى ينقص بشكل كبير من قيمة هذه القاعدة ال تي أرادها المش رع أن تهم‬
‫النظام العام تخفيفا لعبئ المديونية أثناء فترة التسوية القضائية‪.‬‬

‫وقد ينتج عن ذلك إخالل بالهدف من وراء وضع هذه القاعدة طالما كان الشرط الذي يرتب حل ول‬
‫كامل الدين في حالة اإلخالل بأي التزام آخر غير عدم دفع قسط من األقساط كذلك الذي يرتب حل ول األجل في‬
‫حالة مجرد مطالبة المؤسسة بالتمتع بإجراءات التسوية الرضائية أو القضائية والذي يبقي غير مع ني بقاع دة‬
‫الفصل ‪ 31‬إذا قرأنا أحكام هذا الفصل قراءة حرفية تحدد مجاله في حالة عدم دفع قسط من أقساط الدين الغير‪.‬‬

‫وبالنسبة للكفيل‪،‬يتعين معرفة ما إذا كان الكفيل يتمتع بالقاعدة التي تفرض عدم س قوط الحق في األجل‬
‫بمجرد التوقف عن دفع قسط من األقساط خالل فترة تسوية القضائية؟‬

‫‪30‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫يبقى الجواب عن هذا السؤال متأرجحا بين النظرية القائلة بااللتزام التبعي للكفيل وال تي تمنع مطالبته‬
‫بأكثر مما يطالب به الدائن األصلي وتلك القائلة بتغليب الهدف من عقد الكفالة وهو توفير أكثر ضمانات لل دائن‬
‫الستخالص دينه‪ .‬بالنسبة لالتجاه األول يكون الجواب بالنفي أما االتجاه الث اني فيق ول بإمكانية مطالبة الكفيل‬
‫بكامل الدين رغم عدم نفاذ حلول األجل على المؤسسة‪.‬‬

‫واعتبرت محكمة التعقيب الفرنسية أن عدم سقوط الحق في األجل هو قاعدة يتمتع بها الكفيل ال ذي ال‬
‫يمكن مطالبته بأكثر مما يطالب به الدائن األصلي بالنظر إلى الطبيعة التبعية اللتزامه‪ .79‬كما اعتبرت أن القاعدة‬
‫بة‬ ‫التي تهم النظام العام بصريح النص بالنسبة للدائن األصلي يجب اعتبارها أيضا قاعدة تهم النظام العام بالنس‬
‫للكفيل وال يمكن االتفاق على خالفها‬

‫‪"La déchéance du terme n’est pas encourue par le débiteur principal mis en‬‬
‫‪redressement judiciaire et ne peut être invoquée contre la caution, nonobstant toute‬‬
‫‪clause contraire "80.‬‬

‫ويبدو أن مثل هذا الموقف هو الذي تتجه نح وه المح اكم التونس ية قياسا على بعض الق رارات في‬
‫وضعيات مشابهة‪ ،‬من ذلك انه‪ ،‬بخصوص نزاع تعلق باستئناف أمر بالدفع يقضي بأداء مبلغ مالي موضوع سند‬
‫ألمر ضد الدائن األصلي و الكفيل الصيرفي‪ ،‬أقرت محكمة االستئناف بتونس انه طالما أن الدين أصبح م ؤجال‬
‫بمقتضى إبرام اتفاق على تسوية رضائية فان الكفيل الصيرفي المستأنف الثاني لألمر بال دفع بوص فه م دينا‬
‫متضامنا مع الطاعنة األصلية ينتفع باالتفاق الذي بموجبه الذي بموجبه أض حى ال دين م ؤجال الخالص بحكم‬
‫قضائي وال تصح مطالبته (أي الكفيل) في اآلجال القديمة ال تي وقعت فيها التس وية وانتهت المحكمة إلى نقض‬
‫‪81‬‬
‫األمر بالدفع بخصوص المدين األصلي والكفيل واعتباراهما غير ملزمين باألداء وفقا لآلجال القديمة‪.‬‬

‫ولهذا السبب فقد رأى البعض أنه من مصلحة ال دائن حرصا على حماية دينه بواس طة عقد كفالة أن‬
‫ائية‪.82‬‬ ‫يضيف صلب ذلك العقد شرط سقوط بالنسبة للدائن أو الكفيل لسبب مستقل عن الدخول في التسوية قض‬
‫ير‬ ‫وإذا ما طبقنا هذا المقترح على النص التونسي يمكن القول أنه على الدائن إضافة شرط سقوط لسبب آخر غ‬
‫عدم دفع قسط من أقساط الدين‪.‬‬
‫‪79‬‬ ‫‪Cass. Com. 14 nov 1992, Bull. civ, IV n° 285 .‬‬

‫‪80‬‬ ‫‪Cass. Com. 14 nov. 1989, J.C.P , E 1999 II, 15832, Note M.Cabrillac.‬‬

‫‪81‬‬ ‫?محكمة االستئناف بتونس في ‪ 16‬مارس ‪ ،1999‬م ق ت‪ ،‬جويلية ‪ ،2003‬ص ‪50844 187‬‬

‫‪82‬‬ ‫‪J. Vallensan, Exigibilité des dettes, J.cl com 1999, Fasc 2360 , n°11 ; B. Soinine, Traité des procédures collectives, Litec, 2ème éd.1995,‬‬
‫‪n°1978.‬‬

‫‪31‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬وجوبية االستمرار في العمل بالعقود الجارية‬

‫بمقتضى القانون عدد ‪ 79‬لسنة ‪ 2003‬أضحت ص ياغة الفصل ‪ 35‬جديد في فقرته األولى كما يلي "‬
‫يستمر العمل بالعقود التي تربط المؤسسة بالغير من حرفاء ومزودين وغيرهم ويمكن إنهاء العمل بها بطلب من‬
‫ة‪.‬‬ ‫المتصرف القضائي أو المدين بعد موافقة القاضي المراقب إذا كانت غير ضرورية لمواصلة نشاط المؤسس‬
‫وتبقي عقود الشغل خاضعة للقوانين واالتفاقيات الخاصة بها "‪.83‬‬

‫ولقد وردت عبارات الفصل ‪ 35‬جديد عامة بما يعني أنه ينطبق على جميع أنواع العقود دون تمييز من‬
‫حيث طبيعتها القانونية أو األطراف المتعاقدة ويصرف النظر عما إذا كانت عقود مكتوبة أو غير مكتوبة تماش يا‬
‫اؤالت‬ ‫مع مقتضيات الفصل ‪ 598‬من المجلة التجارية‪ .‬ولكن مجال انطباق الفصل المذكور يثير رغم ذلك تس‬
‫جدية بخصوص اللحظة التي يكون فيها العقد تحت طائلة قاعدة االستمرار الوجوبي ضرورة أن العقود تمتد في‬
‫الزمن وتمر بمراحل مختلفة بين اإلبرام والتنفيذ واإلنهاء‪ .‬ويتعين لذلك التطرق الى العقود المعنية بتطبيق ه ذه‬
‫القاعدة ( مطلب أول) قبل النظر في النظام القانوني الستمرار هذه العقود ( مطلب ثاني)‬

‫المطلب األول ‪ :‬العقود المعنية بمبدأ االستمرار الوجوبي‬

‫من المتفق عليه أن العقود الرابطة بين المؤسسة والغير هي العقود ال تي تم إبرامها قبل ال دخول في‬
‫ون العقد متواصال أي‬ ‫التسوية قضائية والتي لم ينته العمل بها بين الطرفين إلى حد ذلك التاريخ‪ .84‬يجب أن يك‬
‫ماضيا بين طرفين عند دخول المؤسسة في فترة مراقبة فالعقد المفسوخ قبل فترة المراقبة غ ير مع ني بمب دأ‬
‫االستمرار الوجوبي‪.85‬‬

‫دخول في‬ ‫ورغم االتفاق على ضرورة أن تكون العقود موجودة وماضية بين المؤسسة والغير عند ال‬
‫فترة المراقبة فقد انحصر الخالف بين اتجاهين اثنين االتجاه األول يضم جميع العقود التي تربط المؤسسة بالغير‬
‫ذه‪ .‬في‬ ‫طالما كانت آثار العقد متواصلة ولو كانت تلك اآلثار ثانوية ال تمثل األثر الرئيسي الذي قد يكون تم تنفي‬

‫كانت المادة قبل تنقيح ‪ 2003‬منضمة بالفصل ‪ 38‬الذي ينص على ما يلي "يستمر العمل بالعقود التي تربط المؤسسة بالغير من وفاء ومزودين وغيرهم ويمكن إنهاء العمل بها‬ ‫‪83‬‬

‫بطلب من المتصرف القضائي أو المدين بعد موافقة القاضي المراقب وتبقى عقود الشغل خاضعة للقوانين واالتفاقيات الخاصة بها"‪.‬‬

‫‪84‬‬ ‫‪A. Martin serf, Les contrats en cours avant option de l’administrateur, R.J.COM , 1992, 8.‬‬

‫‪85‬‬ ‫‪Aix-en- provence, 17 dec. 1976, D. 1977, IR, 379, obs. F. Derrida « La clause de résiliation à défaut de paiement d’un seul terme a‬‬
‫‪reproduit tous ses effets antérieurement au prononcé du règlement judiciaire, de sorte qu’a ce moment les contrats se trouvaient résiliés‬‬
‫»‪depuis longtemps et n’étaient plus des contrats en cours ‬‬

‫‪32‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫حين ال يعتبر االتجاه الثاني من قبيل العقود التي يستمر العمل بها وجوبا س وى العق ود ال تي لم يتحقق أثرها‬
‫الرئيسي كنقل الملكية في عقد البيع مثال‪.86‬‬

‫وبي هو‬ ‫ولقد ساند فقه القضاء الفرنسي الموقف الثاني معتبرا أن العقد المعني بقاعدة االستمرار الوج‬
‫تفيدة‬ ‫ذلك الذي لم يتحقق أثره الرئيسي‪ 87‬مع ضرورة توفر شرط ثاني وهو أن تكون المؤسسة المدينة هي المس‬
‫من تحقيق ذلك األثر مما دفع بالبعض إلى القول بأن هذه العقود "ال تمثل صنف قانونيا مح ددا بل هي ص نف‬
‫يتغير حسب مصلحة المؤسسة التي تمر بصعوبات إقتصادية"‪.88‬‬

‫وقد يبرز إشكال آخر بخصوص تحديد العقود المعنية بقاعدة االستمرار الوجوبي ويهم العق ود ال تي‬
‫تتميز بقوة العالقة الشخصية المرتبطة بذات المتعاقد وخاصة منها العقود البنكية كفتح االعتماد أو عقد الحس اب‬
‫الجاري‪.89‬‬

‫رغم عمومية العبارات المستعملة من طرف المشرع فإن النقاش يبقى جديا في هذا الموضوع تحدي دا‬
‫خاصة بالنظر إلي الجدل الذي ك ان موج ودا في ضل الفصل ‪ 37‬من ق انون ‪ 1985-1-25‬بين الفقه وفقه‬
‫القضاء الفرنسيين رغم ما تتميز به عبارات هذا الفصل من عمومية‪.‬‬

‫فقد رأى البعض أنه يتعين األخذ بخصوصية العقود البنكية واستثناءها من قاعدة الفصل ‪ 9037‬في حين‬
‫رأى البعض اآلخر ضرورة تغليب مصلحة المؤسسة ال تي تمر بص عوبات اقتص ادية وعمومية العب ارات‬
‫المستعملة من المشرع‪ ،‬بهدف عدم حرمان المؤسسة من المساندة البنكية للتواصل إلى االنقاذ‪.91‬‬

‫‪86‬‬ ‫‪P. Deves, note sous Cass. com , 2 mars 1993, D.S, 1993, jur. p 572 : « constituent des contrats en cours toutes conventions dont les‬‬
‫‪obligations principales n’ont pas été exécutées au jour du jugement d’ouverture ».‬‬
‫اعتبر فقه القضاء الفرنسي أن عقد البيع الذي تم بموجبه نقل الملكية قبل افتتاح إجراءات التسوية القضائية ليس معني بقاعدة االستمرار الوجوبي‪.‬‬ ‫‪87‬‬

‫‪Cass.Com, 9 avr. 1991, J.C.P ,éd. E, 1991 , I, 102, n°12. obs, M. Cabrillac et P. Petel.‬‬

‫‪88‬‬ ‫‪Maris- Hélène Monserie, Les contrats dans le redressement et la liquidation judiciaire des entreprises, litec, 1994, p 165 et s.‬‬

‫عمال بأحكام الفصل ‪ 705‬من المجلة التجارية فان فتح االعتماد يقتضي "وضع وسائل للدفع إلى حد مبلغ معين من النقود تحت تصرف المستفيد مباش رة أو بواس طة" أما عقد‬ ‫‪89‬‬

‫الحساب الجاري فيعرفه الفصل ‪ 728‬من نفس المجلة والذي ينص على ما يلي"يتكون حساب جار كلما اتفق شخصان بينهما معاملة مستمرة على أن يدخال في حساب بطريق دفع ات‬

‫القبض التي يقدمها كل منهما لآلخر بما ال تكون معه قابلة للتفكيك الديون المترتبة لكليهما والمتولدة عن عمليات يجريانها مع بعضهما على أن يعتمدا عوضا عن تخصيص كل عملية‬

‫يجريانها بتسوية على انفراد تتكرر بتكرر التعامل بينهما تسوية نهائية واحدة تكون منوطة بفاضل الحساب عند قفله"‪.‬‬

‫‪90‬‬ ‫‪M. Cabrillac, Le banquier peut-il être contraint de réaliser au profit d’une entreprise en règlement judiciaire la totalité d’une ouverture‬‬
‫‪de crédit de compte courant ? J.C.P, 1986, I, 15 579 ; D. Martin , Le redressement judiciaire et la relation de compte courant, R.J.COM,‬‬
‫‪1985, p 281.‬‬

‫‪91‬‬ ‫‪B. Sousi-Roubi, La situation du banquier ayant consenti un découvert avant l’ouverture d’un redressement judiciaire, Gaz.Pal.1986, 2,‬‬
‫‪doctr. P.515.‬‬

‫‪33‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫ولقد حسم فقه القضاء الفرنسي الموقف آنذاك معتبرا أن هذه العقود ت دخل تحت طائلة مب دأ وجوبية‬
‫االستمرار وأنه ال مجال الستثنائها دون غيرها وكان ذلك في القرار‪ Stratimme Capello‬حيث أقرت محكمة‬
‫التعقيب الفرنسية المبدأ التالي ‪:‬‬

‫‪« Vu les articles 1er et 37 alinéa 1 et 5 de la loi du 25 janvier 1985, l’administrateur d’un‬‬
‫‪redressement judiciaire a la faculté d’exiger l’exécution des contrats en cours lors du prononcé de‬‬
‫‪ce redressement judiciaire sans qu’il puisse être fait de distinction selon que les contrats ont été ou‬‬
‫‪non conclu en considération de la personne… Il en résulte que l’administrateur doit lorsqu’il le‬‬
‫‪demande obtenir la continuation pendant la période d’observation des conventions de compte‬‬
‫‪courant et des concours financiers de découverts ou d’autorisation d’escompte en cours au jour du‬‬
‫‪jugement de redressement judiciaire sauf pour l’établissement financier à bénéficier des‬‬
‫‪dispositions de l’article 40 de la loi du 25-1-1985 et s’il y a lieu de celles du deuxième alinéa de‬‬
‫…»‪l’article 60 de la loi du 24-1-198492 ‬‬

‫وبالنظر في األسباب التي جعلت بعض شراح القانون يرفضون الزج ب العقود البنكية ض من قاع دة‬
‫االستمرار الوجوبي كسائر العقود‪ ،‬نجد أن أهم هذه األسباب هي خصوصية االلتزامات المحمولة على األطراف‬
‫في هذه العقود والتي قد تجعل من دفعات القبض والعمليات الحاصلة أثناء فترة المراقبة طريقة غ ير مباش رة‬
‫لخالص الديون القديمة للمؤسسة بما يتناقض مع المبدأ المعتمد في إنقاذ المؤسس ات والق ائم على التمي يز بين‬
‫الديون القديمة وتلك الجديدة الالحقة لفترة المراقبة وتفضيل الثانية عن األولى في االستخالص‪.‬‬

‫ولكن هذا السبب هو في الحقيقة صعوبة تقنية ال غير ويمكن إيجاد حل لها وذلك بإيقاف حساب وق تي‬
‫يوم دخول المؤسسة في فترة مراقبة وهو حساب يتعين التصريح بنتيجته ضمن ديون المؤسسة طبق الفصل ‪25‬‬
‫واعتماد حساب ثاني جديد يبدأ بدخول فترة المراقبة ويتمتع باإلمتيازات المخولة للديون الجديدة في تلك الف ترة‪،‬‬
‫أو كذلك بفتح حساب جاري جديد بنفس الشروط عند دخول المؤسسة في فترة المراقبة واعتبار الديون الموجودة‬
‫بالحساب القديم ديونا يتعين التصريح بها‪.93‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬النظام القانوني لالستمرار الوجوبي‬

‫‪92‬‬ ‫‪Cass.com, 8 dec. 1987, bull civ IV, n°266; J.C.P, G, 1988, II, 20927, obs .M. Jeantin ; J.C.P, 1988, éd E , Fasc. 15163.‬‬

‫‪93‬‬ ‫‪A. Brahmi, op.cit, n°156 ; Y. Knani, article précité, p. 122 et s ; J.C.P, 1988, éd E, II, fasc, 15163, note Jeantin‬‬

‫‪34‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫لم يضع المشرع صلب الفصل ‪ 35‬جديد من قانون إنقاذ المؤسس ات قواعد خاصة اس تثنائية لتنظيم‬
‫العالقة التعاقدية عند تواصلها وجوبا بين المؤسسة والغير بما قد يوحي مبدئيا أن العقد الذي يكون موض وع‬
‫قاعدة االستمرار الوجوبي في البداية يستمر العمل به طبقا للقواعد العادية المنض مة ص لب النظرية العامة‬
‫لاللتزامات (فقرة أولى) إال أن المشرع اعتني بتنظيم قواعد إنهاء العقد الرابط بين لمؤسسة والغ ير ص لب‬
‫الفصل المذكور ووضع لها شروط وإجراءات خاصة(فقرة ثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬نظام تواصل العالقة التعاقدية بين المؤسسة والغير ‪.‬‬

‫يعود العقد الرابط بين المؤسسة والغير لطبيعته بمجرد انطباق قاعدة االستمرار الوجوبي عليه ف يرتب‬
‫جميع أثاره القانونية بين الطرفين ويمكن للغير المتعاقد مع المؤسسة في حال عدم تنفيذ هذه األخ يرة اللتزاماتها‬
‫أن تتمسك باستثناء عدم التنفيذ طبق الفصل ‪ 246‬من م ا ع أو القي ام بالتتبع ات الالزمة بجبرها للتنفيذ أو طلب‬
‫الفسخ عند االقتضاء‪.94‬‬

‫وقد طبق فقه القضاء الفرنسي هذا المبدأ في ق رارات عدي دة ف أقر بأنه يحق للمتعاقد مع المؤسسة‬
‫ائية ‪ 95‬ويحق له‬ ‫المطالبة بمعينات كراء المحل الذي في تسوغها والتي حلت بعد افتتاح إجراءات التسوية القض‬
‫مطالبة المؤسسة البنكية بوضع وسائل الدفع على ذمته وفقا اللتزامها بمنحه االعتماد‪.96‬‬

‫روطه‬ ‫فالعقد والحالة ما ذكر يستمر يبن الطرفين "المؤسسة الخاضعة لفترة المراقبة والغير" طبقا لش‬
‫انون‬ ‫األصلية وطبقا ألحكام النظرية العامة لاللتزامات وال نجد في الفصل ‪ 35‬جديد أحكام شبيهة بما ورد بالق‬
‫الفرنسي والتي تفرض على المؤسسة في حال كان التزامها موضوع دفع مبلغ م الي معين أن ال يك ون ال دفع‬
‫بالتقسيط‪.97‬‬

‫والمالحظ أن سكوت المشرع التونسي عن النظام القانوني المنطبق على العقود المعنية بأحكام الفصل‬
‫‪ 35‬وعدم وجود تنصيصات تفيد اختيار نظام خاص بها كان محل نقد من طرف شراح الق انون ض رورة أن‬
‫غياب نص صريح يكون سندا إللزام المؤسسة بتنفيذ التزاماتها التعاقدية الناشئة بعد افتتاح إج راءات التس وية‬

‫‪94‬‬ ‫‪K. Karroubi, Les contrats en cours dans les nouvelles procédures de redressement ( commentaire de l’article 35 de la loi du 17 Mai‬‬
‫‪1995), R J L, Juin 1999, P.24.‬‬

‫‪95‬‬ ‫‪Cass.Com, 9 avr. 1991, R.J.D.A, 1991, n° 642 ; J.C.P 1992 éd E , I, 300, note Le canne.‬‬

‫‪96‬‬ ‫‪Cass.1er civ, 6 Janv. 1998, J.C.P, éd E, 1998, n° 9, p 300 ;C. Brunetti-Pons, La spécificité du régime des contrats en cours dans les‬‬
‫‪procédures collectives , R.T.D.C, oct, dec, 2000, p 784, n°34.‬‬

‫‪97‬‬ ‫‪ART.L 621-28 § 2 du C.C.F : « Lorsque la prestation porte sur le paiement d’une somme d’argent, celui-ci doit se faire au comptant sauf‬‬
‫»‪pour l’administrateur à obtenir l’acceptation, par le co-contractant du débiteur, de délais de paiement. ‬‬

‫‪35‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫يجعل من اعتماد قاعدة أن المؤسسة ملزمة بتنفيذ التزاماتها التي نشأت بعد فترة المراقبة مج رد ق راءة تتأسس‬
‫على ضرورة العودة إلى القواعد العامة كلما لم يتم بيان نظام قانوني استثنائي من طرف المشرع‪ .‬ومن البديهي‬
‫أن ذلك ال يمثل سوى مجرد قراءة قد ال تصمد إذا ما جوبهت بتأويل مغاير يتأسس على اله دف من سن ق انون‬
‫إنقاذ المؤسسات وضرورة تخفيف عبئ المديونية على المؤسسة‪.‬‬

‫وتطرح مسألة النظام القانوني الستمرار العقود إشكاالت بخصوص عقود كفتح االعتم اد والحس اب‬
‫الجاري موضوع الفصول ‪ 705‬و ‪ 706‬و ‪ 732‬من المجلة التجارية إذ يمكن الفصل ‪ 705‬البنك من الرج وع‬
‫في منح اإلعتماد بمحض إرادته شرط التنبيه بذلك قبل ثمانية أيام بواسطة مكتوب مض مون الوص ول و يجعل‬
‫المشرع من هذه الصالحية قاعدة تهم النظام العام‪.98‬‬

‫ويمكن الفصل ‪ 706‬البنك من "الرجوع في فتح االعتماد قبل األجل المتفق عليه إذا توفي المس تفيد أو‬
‫طرأ عليه ما يفقده أهلية أو إذا صار مشهورا ب التوقف عن دفع ديونه ولو لم يثبت ه ذا التوقف بحكم أو ارتكب‬
‫خطأ فاحشا في استعمال االعتماد الممنوح له"‪ .‬كما ينص الفصل ‪ 732‬أنه " إذا كان الحساب الجاري محددا بمدة‬
‫معينة فإن قفله يحصل بحلول األجل أو قبله بمقتضى اتفاق الطرفين وإذا كان الحساب الجاري غير محدد بم دة‬
‫معينة فان قفله يتم في كل وقت بحسب إرادة أحد الفرقين مع مراعاة التنبيه بانهاءه في اآلجال المتفق عليه وإن لم‬
‫يتفق على أجل فينتهي العقد بعد التنبيه في اآلجال التي يقتضيها العرف‪ .‬وفي جميع الحاالت فإن الحساب الجاري‬
‫يحصل قفله بوفاة أحد الفريقين أو الحجر عليه أو إعساره أو تفليسه أو قبوله لالنتفاع بالصلح االحتياطي‪.‬‬

‫يطرح السؤال بخصوص عالقة هذه األسباب المتعلقة بالرجوع في العقود بالقاعدة الموضوعة ص لب‬
‫الفصل ‪ 35‬القاضي بضرورة مواصلة العقود الرابطة بين المؤسسة والغير‪ .‬هل يجوز للبنك رغم أحكام الفصل‬
‫‪ 35‬اللجوء إلى مقتضيات الفصول ‪ 705‬و ‪ 706‬إلنهاء فتح االعتماد أو عقد الحساب الجاري‪. ‬‬

‫تبرز الصعوبة عندما تكون هذه العقود معنية بمقتضيات الفصل ‪ 35‬جديد أي مستمرة عند الدخول في‬
‫ترة‬ ‫فترة مراقبة ضرورة أنه في حالة إنهاء البنك لهذه العقود قبل افتتاح إجراءات التسوية القضائية وانطالق ف‬
‫المراقبة فإن هذه العقود تعد منتهية عند دخول المؤسسة في فترة المراقبة وعليه فال مجال ألي تعارض مع أحكام‬
‫الفصل ‪ 35‬جديد‪.‬‬

‫بمقتضى الفصل ‪ 705‬من المجلة التجارية يكون منح اإلعتماد حاصال لمدة محدودة أو غير محدودة بأجل وفي هذه الصورة األخيرة يمكن للبنك الرجوع فيه بمحض إرادته لكن‬ ‫‪98‬‬

‫يجب التنبيه بذلك قبل وقوعه بثمانية أيام بواسطة مكتوب مضمون الوصول وكل شرط مخالف لهذا الحكم يعد الغيا‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫ال شك أن تنظيم العالقة التعاقدية صلب الفصول ‪ 705‬و‪ 706‬و ‪ 732‬من م ا ع يمنح للبنكي صالحية‬
‫قطع العالقة قبل الدخول في فترة المراقبة ومنذ ظهور بوادر صعوبات مالية لدى المؤسسات المستفيدة‪ 99‬لكن هل‬
‫تبقى هذه الصالحية متاحة في حالة دخول المؤسسة في فترة مراقبة؟‬

‫في غياب نص صريح يحد من الصالحية القانونية للمتعاقد في الرجوع األحادي الجانب في العقد وفي‬
‫ضل الرجوع إلى القواعد العامة المنضمة للعقود قد يؤدي تط بيق الفص ول ‪ 705‬و ‪ 706‬و ‪ 732‬من المجلة‬
‫التجارية إلى الخروج عن أهداف ق انون إنق اذ المؤسس ات ويجعل الفصل ‪ 35‬جديد يفقد النجاعة ال ذي يريد‬
‫المشرع الوصول لها من خالله وهي التمكن من إنقاذ المؤسسة‪.‬‬

‫ورغم تنقيح قانون ‪ 1995‬في مناسبتين األولى سنة ‪ 1999‬والثانية سنة ‪ 2003‬فإن المشرع التونسي‬
‫لم يرى من الضروري التنصيص على عدم فاعلية الشروط التي تمكن المتعاقد من الرجوع اآلحادي الجانب في‬
‫العقد أو فسخه رغم دعوة شراح القانون لذلك‪ 100‬ورغم وجود هذا الحل صلب القانون الفرنسي منذ ‪.101 1985‬‬

‫و يبقى الحل األسلم هو تغليب قاعدة االستمرار الو جوبي للعقود على اإلنهاء األحادي الجانب للعقود‬
‫مهما كان نوعه سواء باستعمال صالحية الرجوع أو بفسخ العقد بسبب دخول المؤسسة في فترة مراقبة ولو كانت‬
‫هذه األحكام تهم النظام العام كما هو الشأن بالنسبة للفصل ‪ 705‬من المجلة التجارية‪.‬‬

‫ولقد اعتمدت محكمة التعقيب الفرنسية هذا الحل عندما ذهبت إلى حرمان البنك من الرجوع األحادي‬
‫الجانب في فتح االعتماد تأسيسا على ضرورة تطبيق قاعدة االستمرار الوجوبي‪.102‬وهذا الموقف يتعين مساندته‬
‫سيما وأن العبارات التي يستعملها المشرع التونسي بخصوص اس تمرار العمل ب العقود هي أك ثر وض وحا‬
‫‪103‬‬
‫وصرامة من تلك المستعملة من نضيره الفرنسي‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬نظام إنهاء العالقة التعاقدية بين المؤسسة والغير‬

‫‪99‬‬ ‫‪Y. Knani, Le banquier et l’entreprise en difficulté R.T.D. 1996.‬‬

‫‪100‬‬ ‫‪A. Brahmi, op. cit, n°146 et s ; Y. Knani, Le banquier et l’entreprise en difficulté, R.T.D, 1996, p.122 et s.‬‬

‫‪101‬‬ ‫‪«  Nonobstant toute disposition légale ou toute clause contractuelle, aucune indivisibilité, résiliation ou résolution du contrat ne peut‬‬
‫‪résulter du seul fait de l’ouverture d’une procédure de redressement judiciaire (art 37 al 6, L 25 février 1985, devenu art, 621-28 al 6 du C‬‬
‫‪C.F ).‬‬

‫‪102‬‬ ‫‪Cass. Com, 20 déc . 1987, D. 1988, 52, note Derrida.‬‬

‫‪103‬‬ ‫‪Y. Knani, article précité, p.122 et s.‬‬

‫‪37‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫نص الفصل ‪ 35‬جديد في فقرته الثانية أنه "يمكن إنهاء العمل "بالعقود" بطلب من المتصرف القضائي‬
‫بعد موافقة القاضي المراقب إذا كانت غير ضرورية لمواصلة نشاط المؤسسة‪...‬وعلى المتصرف القض ائي أن‬
‫يوجه إعالما إلى المتعاقدين مع المؤسسة الذين تقرر إنهاء العمل بالعقود التي ت ربطهم بها خالل الخمسة يوما‬
‫موالية لتاريخ إنهاءها وذلك بواسطة رسالة مضمونة الوصول مع اإلعالم بالبلوغ"‪.‬‬

‫أعطى المشرع للمؤسسة صلب هذا الفصل امتيازا إلنهاء العقد من جانب واحد وهو حل غير معهود‬
‫باالستناد إلى قواعد النظرية العامة االلتزامات‪ .‬إال أن استعمال المؤسسة لهذا االمتياز يتوقف على ش رطين أما‬
‫األول فيتعلق بالشكل ويجعل اإلنهاء متوقف على موافقة القاضي المراقب بعد المطالبة به من طرف المؤسسة أو‬
‫المتصرف القضائي و يتعلق الشرط الثاني باألصل ويفرض أن يكون العقد غير ض روري لمواص لة نش اط‬
‫المؤسسة‪.‬‬

‫وأما الشرط األول فيترتب عنه خروج العقد عن مناط قاعدة االس تمرار الو ج وبي بمج رد موافقة‬
‫القاضي المراقب على طلب إنهاءه وأما الشرط الثاني فيع ني أن المطالبة بإنه اء العق ود يجب أن تأخذ بعين‬
‫االعتبار مدى استفادة المؤسسة من تواصل العالقة التعاقدية فإذا كانت االستفادة غائبة يك ون اإلنه اء هو الحل‬
‫األفضل‪ .‬ويتعين على المتصرف القضائي توخي الحذر في التأكد من وجود هذا الشرط لكي ال يؤدي مواص لة‬
‫العمل بالعقود إلى الحالة التي يكون فيها العقد مستمرا بحكم الق انون في حين يتضح أنه ال ينتج ديونا مباش رة‬
‫روريا أن‬ ‫وضرورية بمواصلة نشاط المؤسسة على معنى الفصل ‪ 34‬بالنظر لكون العقد من أساسه لم يكن ض‬
‫يستمر العمل به‪.‬‬

‫اء‬ ‫ومن المالحظ أن الطبيعة القانونية لهذا االمتياز ال يمكن تعريفها انطالقا من الحاالت العادية لإلنه‬
‫فهو ليس إنهاء اتفاقي وليس طلب فسخ وال هو طلب إبطال ولقد اعتبرت محكمة التعقيب الفرنسية في هذا المجال‬
‫""أن العقد الواقع إنهاءه ليس عقد مفسوخ وال هو عقد تم إبطاله‪" 104‬‬

‫وتبقى الطبيعة القانونية لإلنهاء طبيعة خاصة بقانون إنقاذ المؤسسات وال مجال لتصنيفها ضمن الطرق‬
‫التقليدية إلنهاء العقود صلب النظرية العامة لاللتزامات ويكفي بشأنها القول بأنها "عقود ال يستمر العمل بها"‪.‬‬

‫الخــــــــاتمة‬

‫‪104‬‬ ‫‪Cass.Com . 11 dec. 1990, J.C.P éd E, 1991, I, n°46 p, 188, « Le contrat non poursuivi n’est ni résilié ni résolu » ; V. K. Kharroubi,‬‬
‫‪article précité, p. 25.‬‬

‫‪38‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫توجه المشرع صلب قانون إنقاذ المؤسسات نحو تكريس نظرة مختلفة لحقوق الدائنين تتأكد بوض وح‬
‫بمراجعة النظام القانوني لفترة المراقبة وتسعى إلى األخذ بعين االعتبار بالمتطلبات االقتصادية التي تنادي بإنقاذ‬
‫المؤسسة وحمايتها كوحدة اقتصادية واجتماعية تخدم المصلحة العامة‪ .‬وقد أدى هذا التوجه إلى تقويض الحل ول‬
‫التقليدية المنظمة لعالقة الدائنية صلب النظرية العامة لاللتزامات والى النظر إلى كل من الدين والدائن والم دين‬
‫نظرة مخالفة‪.‬‬

‫لقد أضحى الدين يسير على نمط مغاير للقواعد العامة فيتغير نظامه القانوني بحسب تطور اإلجراءات‬
‫إزاء المؤسسة المدينة وينقسم إلى دين يسبق فترة المراقبة ودين يساهم في مواصلة نشاط المؤسسة‪ .‬وهو ما يعني‬
‫اطر‬ ‫أن المشرع ينظر إلى الدين بما هو نتيجة حتمية للدخول في معامالت اقتصادية تتطلب حتما التعرض لمخ‬
‫مالية‪.‬‬

‫أما الدائن فإن قانون إنقاذ المؤسسات أضحى يرى فيه ش ريكا اقتص اديا للمؤسسة عليه إما أن يتحمل‬
‫الصبر واالنتظار والحرمان من الحقوق للمس اهمة في إنق اذ المؤسسة أو أن يتمتع باألولوية عن غ يره نتيجة‬
‫مساهمته في تمكين المؤسسة من مواصلة نشاطها أثناء فترة المراقبة‪ .‬ولم يعد الدائن مجرد متعاقد لم يتم الوف اء‬
‫تجاهه ويتعين خالصه‪.‬‬

‫وبالنسبة للمدين وهو المؤسسة التي تخضع لفترة المراقبة فلم يعد من الممكن تصنيفها ضمن الم دينين‬
‫التقليديين الخاضعين لإلجراءات العادية موضوع النظرية العامة لاللتزامات‪ .‬وأض حت المؤسسة المدينة تتمتع‬
‫بحصانة تجاه التتبع والتنفيذ وتملك القدرة على إلزام معاقدها على الوفاء رغم عدم وفاءها من جانبها بما التزمت‬
‫به كما ال ترتب ديونها فوائض أو غرامات تأخير وال تس ري عليها قواعد س قوط الحق في األج ل‪ .‬فهي أوال‬
‫مؤسسة اقتصادية تشكل نواة االقتصاد الوط ني كما تع بر عن ذلك محكمة التعقيب ويتعين إخراجها من أزمتها‬
‫والمحافظة على دورها ولو كان ذلك بمحاولة نسيان حقيقة أنها طرف متعاقد قد أخل بااللتزامات المحمولة عليه‪.‬‬

‫‪-1-‬‬ ‫المقدمـة‬

‫‪-5-‬‬ ‫الجزء األول ‪ ‬النظام القانونيـ للحق في استخالص الدين أثناء فترة المراقبة‬

‫‪39‬‬
‫حقوق الدائنين أثناء فترة المراقبة في قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫‪-5-‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬تكريس التمييز بين الديون القديمة والجديدة‬


‫‪- 12 -‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ ‬آثار التمييز بين الديون القديمة والجديدة‬

‫الجزء الثــاني‪:‬النظــام القــانوني للحقــوق الناتجــة عن تواصــل عالقــة المديونيـةـ أثنــاء فــترة‬
‫‪- 24 -‬‬ ‫المراقبة‪.‬‬

‫‪- 24 -‬‬ ‫المبحث األول ‪ :‬توقف سريان جميع الفوائض وغرامات التأخير‬
‫‪- 29 -‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬غياب سقوط الحق في األجل‪.‬‬
‫‪- 33 -‬‬ ‫المبحث الثالث ‪ :‬وجوبية االستمرار في العمل بالعقود الجارية‬

‫‪- 40 -‬‬ ‫الخــــــــاتمة‬

‫‪40‬‬

You might also like