You are on page 1of 35

‫الهيئة الوطنية للمحامين‬

‫الفرع الجهوي بتونس‬

‫محاضرة ختم التمرين‬

‫نفي النسب‬
‫األستاذة المحاضرة‪:‬‬
‫األستاذة هالة نصراوي‬

‫األستاذ المؤطر‪:‬‬ ‫األستاذ المشرف على التمرين‪:‬‬


‫األستاذ الحبيب اللطيفي‬ ‫األستاذ ياسين البركاوي‬

‫السنة القضائية ‪0200-0202‬‬

‫‪0‬‬
‫المقدمة‬
‫الزواج رابطة روحية مقدسة شرعها هللا سبحانه و تعالى وسيلة إلنجاب األطفال و إيجادهم في هذه‬
‫الحياة فإذا ما ولد الطفل كان من اوكد حقوقه ثبوت نسبه‪.‬‬

‫و لعبارة النسب مفهومان‪ ،‬مفهوم واسع و آخر ضيق ‪ ،‬فأما المفهوم الواسع للنسب فيعني العالقة‬
‫الموجودة بين جميع أفراد العائلة الواحدة ولو كانوا من األباعد فالنسب بهذا المفهوم يعني القرابة ‪،‬‬
‫و أما المفهوم الضيق فيعني العالقة الشرعية او القانونية الرابطة بين الطفل و والده ‪.‬‬

‫و قد يبدو ذلك غريبا ضرورة أن الطفل يولد من ذكر و أنثى فلم اإلشارة إلى األب و إغفال الحديث‬
‫عن األم تماما؟‬
‫في الواقع فان إهمال عالقة األمومة في مادة النسب موروثة عن التقاليد العربية في الجاهلية حين‬
‫كانت القبيلة هي األساس وهي بمثابة األسرة الموسعة‪ ،‬فكان ارتباط أفراد األسرة األعضاء كارتباط‬
‫أفراد القبيلة األم‪ ،‬مؤسسا على النسب المبنى على قرابة العصوبة أي قرابة الرجال اللذين كانت‬
‫النصرة بهم و اللذين يستأثرون بحقوق اإلرث و غيرها‪.1‬‬

‫و قد انتقل المفهوم الضيق للنسب إلى التشريع اإلسالمي الذي يعرفه بأنه الرابطة الشرعية التي تربط‬
‫بين الطفل و أبيه مصداقا لقول هللا تعالى في سورة األحزاب "ادعوهم آلبائهم هو اقسط عند هللا"‪.2‬‬
‫فاإلسالم حرم على األوالد أن ينتسبوا إلى غير إبائهم كما حرم على النساء أن تنسب إحداهن إلى‬
‫زوجها من تعلم انه ليس منه فكان نتيجة لهذا التحريم ان فتح هللا الباب لألزواج لنفي نسب األطفال‬
‫الغرباء عنهم‪.‬‬

‫إذا يمكن القول أن رابطة النسب و إن كانت رابطة شرعية فإنها تبقى دوما عرضة للقطع‪ ،‬من ذلك‬
‫أن الفقه اإلسالمي و القانون الوضعي التونسي أعطيا إمكانية نفي النسب في حاالت معينة‪.‬‬

‫ففي إطار الفقه اإلسالمي يمكن نفي النسب بمالعنة تجري بين الزوجين و لقد ضبط هللا سبحانه و‬
‫تعالى اللعان بقوله تعالى "و اللذين يرمون أزواجهم و لم يكن لهم شهداء إال أنفسهم‪ ،‬فشهادة احدهم‬
‫أربع شهادات باهلل انه لمن الصادقين و الخامسة أن لعنة هللا عليه إن كان من الكاذبين و يدرا عنها‬
‫العذاب أن تشهد أربع شهادات باهلل انه لمن الكاذبين و الخامسة أن غضب هللا عليها إن كان من‬
‫الصادقين"‬

‫‪ 1‬عبد الرؤوف بن الشيخ‪ " :‬الوضعية القانونية للبنوة الغير الشرعية في القانون التونسي" مذكرة في شهادة الدراسات العليا للقانون الخاص ص ‪11‬‬
‫‪ 2‬سورة االحزاب االية ‪5‬‬
‫‪1‬‬
‫أما في إطار القانون الوضعي التونسي‪ ،‬فان المشرع تعرض إلى مسالة النسب صلب الفصول ‪ 86‬إلى‬
‫‪ 68‬من مجلة األحوال الشخصية دون أن يعطي تعريفا لها ‪ .‬إال أن الفقهاء اجمعوا على أن المقصود‬
‫بالنسب‪ ،‬عالقة البنوة المبنية على زواج شرعي و هو ما يقابل التعبير الفرنسي ‪filiation 1‬‬
‫‪.légitime.‬‬

‫و هنا تجدرا لمالحظة انه من الممكن أن يولد الطفل في ظل الرابطة الزوجية و ال يثبت نسبه نظرا‬
‫لوالدته دون أدنى مدة الحمل ‪ .‬وعمال بالفصل ‪ 61‬من م أ ش إذا ولد لتمام ستة أشهر من حين عقد‬
‫الزواج يثبت نسبه تجاه زوج أمه باعتبار نسبه ثابت بالفراش‪.2‬إال انه رغم تمتع هذا الطفل بقرينة‬
‫األبوة الشرعية فان نفي نسبه يبقى ممكنا‪.‬‬

‫فما هي أحكام نفي النسب في القانون الوضعي التونسي؟‬

‫لإلجابة عن هذا اإلشكال فانه يتجه تناول جملة من المسائل التي يمكن تقسيمها إلى جزأين‪ ,‬آليات نفي‬
‫النسب (الجزء األول) و آثار نفي النسب (الجزء الثاني) ‪.‬‬

‫الجزء األول‪ :‬آليات نفي النسب‪:‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪ 1‬ساسي بن حليمة ‪" :‬وضعية الطفولة الطبيعية أو الغير الشرعية في تونس" م ق ت عدد ‪ 1688/ 2‬صفحة‪6‬‬
‫‪ 2‬المراد شرعا بالفرش الزوجية القائمة حين ابتداء الحمل‬
‫‪2‬‬
‫إذا ارتأى الزوج نفي نسب الولد الذي أنجبته زوجته أثناء قيام الزوجية الصحيحة‪ ،‬وجب عليه القيام‬
‫بدعوى نفي النسب (الفصل األول) و إثبات صحة ما ادعاه بناء على وسائل نفي حددها المشرع‬
‫التونسي صلب الفصول ‪ 65‬و ‪ 86‬فقرة أولى من م ا ش (الفصل الثاني)‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬دعوى نفي النسب‪:‬‬

‫اعتبر ميرابو أن "الناس في حاجة إلى القضاء ما عاشوا فإذا فرض عليهم احترامه لزم أن يحسوا بأنه‬
‫‪1‬‬
‫محل ثقتهم و موضع طمأنينتهم"‪.‬‬

‫و لئن جع ل المشرع التونسي اكتساب الطفل الشرعي لحقوقه المعنوية و المادية بمجرد والدته في‬
‫إطار الزوجية و ذلك بمفعول القانون فان تجريد الطفل من هذه الحقوق يمر حتما عبر القيام بدعوى‬
‫نفي النسب إال أن أحكام مجلة األحوال الشخصية لم تتعرض صراحة إلى إجراءات دعوى نفي النسب‬
‫(الفرع األول) كما أنها أهملت مسالة إمكانية سقوط هذه الدعوى بمرور الزمن (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬إجراءات دعوى نفي النسب‪:‬‬

‫تشتمل مادة اإلجراءات على القواعد التي تنظم السلطة القضائية التي تعنى بسير الدعوى فتوزع‬
‫االختصاص بين مختلف محاكم القضاء كما تبين هذه القواعد اإلجرائية طرق رفع الدعوى و البيانات‬
‫الواجب توفرها في عريضة الدعوى و كيفية إبالغها إلى المطلوب و إجراءات الحضور و جزاء‬
‫التخلف عنه و ممارسة الطعن وصوال إلى تنفيذ اإلحكام‪.‬‬

‫و لما كانت دعوى نفي النسب دعوى مدنية فهي بالضرورة خاضعة لقواعد اإلجراءات المدنية إال أن‬
‫مسالة تنظيم إجراءات هذه الدعوى لم يقع التعرض إليها بمجلة األحوال الشخصية لذلك وجب توضيح‬
‫المسائل اإلجرائية التي تتعلق أساسا بمعرفة المحكمة المختصة (الفقرة األولى) و أطراف الدعوى‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تحديد المحكمة المختصة‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Gabriel Riquet Mirabeau : «petit Larousse » 1985 p 1526 « la justice est un besoin de tous et de chaque instant comme elle doit‬‬
‫» ‪commander le respect elle doit inspirer la confiance‬‬
‫‪3‬‬
‫لتحديد المحكمة المختصة في دعوى نفي النسب ال بد من معرفة االختصاص الحكمي (ا)‬
‫و الترابي (ب)‪.‬‬

‫أ‪ /‬االختصاص الحكمي‪:‬‬

‫إن قواعد االختصاص الحكمي في النزاعات الخاصة بمسائل األحوال الشخصية كما في غيرها من‬
‫النزاعات هي قواعد آمرة تهم النظام العام و ال يجوز للقاضي تركها و ال يمكن لألطراف مخالفتها أو‬
‫التفصي من إتباعها باتفاقاتهم الخاصة‪ .1‬و هذا عمال بمنطوق الفصل الثالث من مجلة المرافعات‬
‫المدنية و التجارية الذي نص على انه " ال عمل على كل اتفاق من شانه مخالفة االختصاص الحكمي‬
‫المعين بالمجلة "‪ .‬وبالتالي كان لزاما على المحكمة أن تثيره و تتمسك به من تلقاء نفسها كما يمكن أن‬
‫تقع إثارة مسالة عدم االختصاص من كل ذي صفة و من طرف النيابة و يمكن أن يثار هذا الطعن‬
‫ألول مرة أمام محكمة التعقيب‪.‬‬

‫و تكتسي هذه المسالة أهمية بارزة باألخص في دعوى نفي النسب لما فيها من مس بمصلحة الطفل‬
‫واألسرة و المجتمع عموما إال أن المشرع لم يتعرض بمجلة األحوال الشخصية إلى مسالة‬
‫االختصاص الحكمي في دعاوي النسب و ذلك على خالف المشرع الفرنسي الذي نص صراحة‬
‫صلب الفصل ‪ 111‬من المجلة المدنية على ما يلي ‪:‬‬

‫‪« Le tribunal de grande instance statuant en matière civile est seul‬‬


‫‪compétent pour connaitre des actions relatives à la filiation ».‬‬

‫و لئن كان الجواب بديهيا باعتبار أن الجهة المختصة هي دائرة األحوال الشخصية بالمحكمة االبتدائية‬
‫فانه يجب البحث عن األساس التشريعي لذلك فبالرجوع للنصوص القانونية ال نجد أحكاما صريحة‬
‫تسند االختصاص للمحكمة االبتدائية للنظر في دعاوى نفي النسب و لكن عمال بالفصل ‪ 68‬من م م م‬
‫ت فان المحكمة االبتدائية هي محكمة ذات اختصاص حكمي عام اي محكمة تختص بالنظر في جميع‬
‫النزاعات عدى ما خرج عنها بنص خاص ‪.‬‬
‫و طالما لم يفرد المشرع دعوى نفي النسب باختصاص معين يخرج عن أنظار المحكمة االبتدائية‬
‫مثلما فعل بالنسبة لدعوى النفقة‪ 2‬التي ترجع بالنظر لحاكم الناحية فإنها تخضع لالختصاص العام‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ 1‬جيهان باألكحل ‪" :‬قضاء األحوال الشخصية" مذكرة لنيل شهادة الماجستير في قانون األعمال كلية الحقوق و العلوم السياسية بسوسة ‪ 2005‬ص‪85‬‬
‫‪ 2‬الفصل ‪ 16‬من م م م ت‬

‫ب‪ /‬االختصاص الترابي‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫سكت المشرع التونسي عن بيان المحكمة المختصة ترابيا بالنظر في دعوى نفي النسب و لذلك وجب‬
‫الرجوع إلى القواعد العامة لإلجراءات الواردة بمجلة المرافعات المدنية و التجارية اذ نص الفصل‬
‫‪ 10‬منها على ما يلي ‪":‬المطلوب شخصا أو ذاتا معنوية تلزم محاكمته لدى المحكمة التي بدائرتها‬
‫مقره األصلي أو مقره المختار"‪ .‬فيتضح أن مرجع النظر الترابي يتحدد بحسب مقر المطلوب فتكون‬
‫المحكمة االبتدائية الموجود بدائرتها المطلوب هي المختصة في دعوى نفي النسب‪.‬‬

‫و يمكن تبرير هذا الحل بان المطلوب هو الطرف الضعيف في القضية لذلك فمن العدل محاكمته لدى‬
‫المحكمة التي بدائرتها مقره‪ .‬إال أن اإلشكال يبقى قائما إذا كان المطلوب مقيما خارج الوطن ‪ ،‬و هنا‬
‫يمكن التفكير في فرضيتين لحل هذا اإلشكال‪ .1‬وتتعلق الفرضية األولى بالقاعدة العامة الواردة‬
‫بالفصل ‪ 11‬من م م م ت إذ نص هذا الفصل على ما يلي " إذا لم يكن للمطلوب مقر معروف بالتراب‬
‫التونسي فالدعوى ترفع للمحكمة التي بدائرتها مقر الطالب" غير انه وقع إلغاء هذا الفصل بمقتضى‬
‫قانون عدد ‪ 66‬لسنة ‪ 1666‬المؤرخ في ‪ 26‬نوفمبر ‪.1666‬‬

‫من هنا وجب التفكير في الفرضية الثانية التي تتعلق بإسناد االختصاص إلى المحكمة االبتدائية بتونس‬
‫العاصمة وهو أمر تقتضيه سرعة الفصل و الضمانات الالزمة لألطراف و بالتالي يتدعم القول بان‬
‫تحديد المحكمة المختصة ترابيا من المسائل األولية التي يجب حسمها حتى يكون المتقاضي على بينة‬
‫من أمره و يعلم مسبقا مسار دعواه و يرفعها أمام المحكمة االبتدائية المختصة ترابيا‪.‬‬

‫و خالصة القول أن دعوى نفي النسب ترفع أمام المحكمة االبتدائية التي بدائرتها مقر المطلوب و هي‬
‫الحالة العادية‪ .‬و إذا ما تيسر لنا معرفة المحكمة المختصة حكميا و ترابيا فانه هنالك مسالة أخرى‬
‫أولية من الضروري حسمها و هي المتعلقة بمعرفة أطراف الدعوى‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أطراف دعوى نفي النسب‪:‬‬

‫تفترض كل دعوى وجود طرفين هما المدعي و المدعى عليه و كل منهما يوجد في مركز قانوني‬
‫معين فاحدهما يقف موقف الطالب و اآلخر مطلوبا لكن األمر ليس على هذه الدرجة من البساطة إذا‬
‫تعلق بدعوى نفي النسب لذلك وجب معرفة من يمكنه أن يكون في مركز المدعي (ا) و من يكون‬
‫مدعى عليه في هذه الدعوى (ب)‪.‬‬

‫أ‪/‬المدعي في دعوى نفي النسب‪:‬‬

‫‪ 1‬عبد السالم العوني‪" :‬نسب االبن الطبيعي" مذكرة لالحراز على شهادة الماجستير في قانون االعمال كلية الحقوق بصفاقس ص ‪16‬‬
‫‪5‬‬
‫جاء الفصل ‪ 65‬من م ا ش ناصا على ما يلي "إذا نفى الزوج حمل زوجته أو الولد الالزم له فال ينتفي‬
‫عنه إال بحكم الحاكم و تقبل في هاته الصورة جميع وسائل اإلثبات الشرعية " ما يعني أن المشرع‬
‫التونسي جعل حق القيام بدعوى نفي النسب حكرا على الزوج ‪1‬وحده ألنه هو الوحيد الذي يقدر إن‬
‫كان لدعواه مرتكز قوي أم ال ‪.‬و هذا الحل يذكر بما جاء بالفصل ‪ 112‬من المجلة المدنية الفرنسية‪،‬‬
‫من أن الطفل المولود أثناء قيام الرابطة الزوجية هو ابن شرعي للزوج و إذا ما رام هذا األخير نفيه‬
‫فما عليه إال إثبات عدم أبوته له‪.‬‬

‫ورغم أن هذا الفصل لم يخص صراحة الزوج وحده بحق القيام بدعوى نفي النسب فان الفقه‬
‫الفرنسي‪ 2‬ذهب في هذا االتجاه معتبرا أن دعوى نفي النسب هي حكر على الزوج وحده باعتبار أن‬
‫هذا األخير هو المؤهل للحكم على نسب المولود لعلمه بخصوصيات العالقة الزوجية و خفاياها وهو‬
‫القادر على تقدير دعواه و معرفة ما إذا كانت متجهة أم ال‪.‬‬

‫إال أن المشرع الفرنسي تدخل بموجب قانون ‪ 1‬جانفي ‪ 1662‬ليفتح الباب لغير الزوج للقيام بدعوى‬
‫نفي النسب‪.‬إذ أتاح الفرصة لالم للقيام بدعوى نفي نسب الطفل عن زوجها و لكن قيد ذلك بشروط‬
‫هدفها حماية مصلحة الطفل من ذلك أن األم التي تروم نفي نسب ابنها عن زوجها بقصد إلحاقه بوالده‬
‫الحقيقي عليها أن تتزوج بهذا الوالد الحقيقي للطفل بقصد إكسابه وضعية االبن الشرعي‪.‬‬

‫و لكن في إطار القانون التونسي ال يمكن للزوجة حاليا القيام بدعوى نفي النسب خاصة أن الفصل ‪65‬‬
‫من م ا ش يجعل هذه الدعوى حكرا على الزوج وحده و لم يشر إلى األم بوصفها مدعية في مثل هذه‬
‫الدعاوى ‪.‬‬

‫إذن يتضح مما سلف أن الزوج طالما انه على قيد الحياة فهو الوحيد صاحب المصلحة في القيام‬
‫بدعوى نفي النسب‪ .‬أما بعد وفاته فان المشكل يبقى قائما في القانون التونسي نظرا لغياب نص صريح‬
‫يبيح للورثة القيام بدعوى نفي النسب وهو ما أمكن تجاوزه في إطار القانون الفرنسي الذي كرس‬
‫صراحة حق الورثة في القيام صلب الفصل ‪ 118‬م م ف الذي جاء فيه انه "إذا توفي الزوج قبل إثارة‬
‫الدعوى و قبل انقضاء اجلها فان ورثته تكون لهم صفة القيام بهذه الدعوى"‪.‬‬

‫أما في القانون التونسي و في غياب نص صريح اتجه البعض إلى اعتبار انه ال يمكن للورثة القيام‬
‫بدعوى نفي النسب الن الزوج هو الوحيد ذو الصفة و المصلحة في الدفاع عن مصالحه المادية و‬
‫المعنوية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫الزوج هو والد المولود خالل الزواج "االمين الشابي " ‪ :‬البنوة الشرعية في القانون التونسي م ق ت عدد ‪ 8‬لسنة ‪ 1686‬صفحة ‪. 10‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Doyen carbonher « droit civil » tome 1 .9 eme edition n 70.‬‬
‫‪6‬‬
‫و اعتبر البعض اآلخر أن الفصل ‪ 86‬فقرة أولى من م أ ش الذي ينص على انه "ال يثبت النسب عند‬
‫اإلنكار لولد زوجة ثبت عدم التالقي بينها و بين زوجها" جاء مختلفا من حيث صياغته عن الفصل‬
‫‪ 65‬م ا ش الذي جعل حق القيام مقصورا على الزوج وحده مما يدعو للقول بان هذا الفصل لم‬
‫يخصص أي كان بهذه الدعوى وهو ما يبعث على االعتقاد بأنها دعوى مفتوحة لكل ذي مصلحة‪ .1‬و‬
‫لقد تدعم هذا الرأي بما استقر عليه فقه القضاء من قبول لدعوى نفي النسب المرفوعة من قبل ورثة‬
‫الزوج و ذلك في حال كان القيام على أساس أحكام الفصل ‪ 86‬فقرة أولى من م ا ش‪.2‬‬

‫ب‪ /‬المدعى عليه في دعوى نفي النسب‪:‬‬

‫تقتضي القواعد العامة لإلجراءات أن الدعوى تقام من ذي صفة على ذي صفة معنى هذا أن الشروط‬
‫المتوفرة في القائم بالدعوى هي نفسها الشروط المطلوبة في المقام ضده و من هذا المنطلق تثار‬
‫الدعوى من طرف من له أهلية القيام لدى القضاء ضد طرف هو اآلخر أهل للتقاضي‪.‬‬

‫و من هنا يمكن القول أن المدعى عليه في دعوى نفي النسب إذا بلغ سن الرشد تقام الدعوى ضده‬
‫مباشرة و تبدو هذه الصورة ألول وهلة نظرية‪ ،‬ذلك انه يستبعد إثارتها ضد طرف انقضى زمن طويل‬
‫عن والدته حتى بلغ سن الرشد‪.‬‬

‫و في غير هذه الصورة تصبح مسألة تحديد المدعي عليه صعبة و مثار جدل فقهي و قضائي فدعوى‬
‫نفي النسب ال يمكن أن تقام مباشرة ضد الطفل القاصر كما انه ال يمكن لهذه الدعوى أن تقام ضد‬
‫الولي الشرعي للطفل وهو والده حسب ما ضبطه القانون صلب م ا ش‪ 3‬باعتبار أن المصالح‬
‫متضاربة بين الوالد من جهة و الطفل من جهة أخرى‪.‬‬

‫من هنا وجب التفكير في القيام بدعوى نفي النسب ضد شخص من شانه أن يمثل القاصر قانونا دون‬
‫أن تكون مصالحه متضاربة مع مصالح هذا األخير‪ .‬و أول ما يتبادر للذهن هو القيام بهذه الدعوى‬
‫ضد والدة الطفل نظرا لالتحاد في المصلحة بينهما‪.‬‬

‫بالرجوع إلى قرار صادر عن محكمة االستئناف بسوسة‪ 4‬بمناسبة عرض نزاع عليها تلخصت وقائعه‬
‫في كون الزوج قام بدعوى نفي نسب الطفل عنه و كان قيامه مسلطا على والدة الطفل فأجابت‬
‫المحكمة بان "الدعوى إن كانت ترمي أساسا لنفي نسب الصبي و لم يقع القيام ضد هذا األخير و إنما‬
‫وقع ضد والدته التي و إن كانت لها مصلحة في ثبوت النسب فإنها ال تملك الصفة لتمثيل الصبي الذي‬
‫نفى نسبه و بذلك فان القيام وقع ضد من ال صفة له و ال يمكن قبول الدعوى على هذه الحالة عمال‬
‫بالفصل ‪ 16‬من م م م ت"‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫كمال البجاوي ‪" :‬نفي النسب " رسالة لنيل شهادة ختم الدروس بالمعهد األعلى للقضاء صفحة ‪26‬‬
‫‪2‬قرار تعقيبي ‪ 6‬جانفي ‪ 1686‬عدد ‪ 2862‬م ق ت ‪ 1686‬صفحة ‪685‬‬
‫‪ 1‬الفصل ‪ 6‬م ا ش‬
‫‪ 6‬قرار استئنافي مدني عدد ‪ 6221‬صادر في ‪ 1665/06/26‬م ق ت ‪ 1666‬الجزء ‪ 1‬مع تعليق األستاذ عبد العزيز بن ضياء‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫فالمحكمة اعتبرت أن األم ال صفة لها لتمثيل ابنها القاصر في قضية نفي النسب دون أن تتعرض‬
‫لمن له تلك الصفة و لكن سبق لهاته المحكمة أن قدمت إجابة في مناسبة أخرى ‪1‬و كان موضوع‬
‫الدعوى إثبات نسب عندما اعتبرت أن األم ال صفة لها لتمثيل ابنتها القاصرة و أكدت انه "كان من‬
‫الوجيه بالنظر إلى أن البنت قاصرة عن سن الرشد و ال سبيل الن يقوم الوالد بالدعوى بناءا على انه‬
‫الخصم المنكر لألبوة أن يقع السعي في إقامة مقدم على البنت بواسطة النيابة العمومية"‪.‬‬

‫ولعل األب الذي ينازع في أبوته هو األكثر حرصا على تسمية المقدم لكي يتمكن من القيام على المقدم‬
‫بقضية في نفي النسب وهو ما يشكل خطرا يهدد الطفل الن زوج أمه يميل إلى اختيار شخص يتواطأ‬
‫معه و ال يدافع عن مصالح الطفل بجدية و تفديا لمثل هذه المخاطر فكر البعض في تسمية األم كمقدم‬
‫وقتي للنزاع للدفاع عن مصالح ابنها التحاد مصلحتهما‪.‬‬

‫و ذهب اتجاه آخر‪ 2‬إلى المناداة بضرورة قبول القيام ضد األم مباشرة معتبرين أن األم تستمد صفة‬
‫تمثيل أبنائها من حقها في الحضانة إذ يمكنها في هذه الصورة طلب الحكم بإلزام زوجها باالنفاق على‬
‫محضونها و قياسا على ذلك يمكن قبول تمثيل األم ألبنائها القصر في دعاوى النسب وهو ما استقر‬
‫عليه فقه القضاء و أقرته محكمة التعقيب في عديد المناسبات‪. 3‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬سقوط دعوى نفي النسب بمرور الزمن ‪:‬‬

‫لم يرد بمجلة األحوال الشخصية حكم صريح بشان ما إذا كانت دعوى نفي النسب تخضع للسقوط‬
‫بمرور الزمن من عدمه‪ .‬و نظريا يمكن التفكير في حلين اثنين لهذه المسالة لكل منها دعائمه‬
‫فأما الحل األول فيتمثل في القول بان دعوى نفي النسب تسقط بمرور الزمن (الفقرة األولى) و أما‬
‫الحل الثاني فيمثل في القول بان الدعوى المذكورة ال تسقط بمرور الزمن (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬قابلية سقوط دعوى نفي النسب بمرور الزمن‪:‬‬

‫قد يكون من المتجه اعتبار أن دعوى نفي النسب تسقط بمرور الزمن و ذلك كي تستقر حالة‬
‫األشخاص و ال تبقى مهددة بقضية في نفي نسبهم و من الممكن أن نتصور أن الدعوى ترفع بعد‬
‫مضي عشرات السنين عن والدة "الطفل" بما في ذلك القيام من انعكاسات و خيمة عليه‪ ،‬و ليس هذا‬
‫التصور خياليا بحتا بل حدث أن مثل ذلك القيام صدر ضد شخص بلغ من العمر خمسين عاما‪.4‬‬
‫و ضرورة استقرار الحالة المدنية لألشخاص تدعو إلى انقراض دعوى نفي النسب بمرور اجل قصير‬
‫عن الوالدة و ذلك هو الحل المعتمد من قبل المشرع الفرنسي و من لدن الفقه اإلسالمي‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫قرار استئنافي مدني عدد ‪ 2861‬صادر في ‪ 1861/01/26‬م ق ت ص ‪. 680‬‬
‫‪2‬‬
‫الرئيس رشيد الصباغ "صفة األم في رفع الدعوى بإثبات نسب ابنها من ابيه و دعوى إلزامه باإلنفاق عليه " م ق ت ‪ 1666‬ج ‪ 1‬ص ‪. 86‬‬
‫‪3‬‬
‫قرار تعقيبي عدد ‪ 521‬مؤرخ في ‪ 1666/01/10‬م ق ت لسنة ‪ 1666‬عدد ‪ 5‬ص ‪. 60‬‬
‫‪4‬‬
‫قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 21660‬بتاريخ ‪ 11‬جوان ‪ 1666‬م ق ت عدد ‪ 6‬لسنة ‪ 1661‬ص ‪. 26‬‬
‫‪8‬‬
‫فأما بالنسبة للمشرع الفرنسي فلقد كان الفصل ‪ 118‬م م ف ينص على أن القيام بدعوى نفي النسب‬
‫يسقط بمرور شهر عن والدة الطفل أو في صورة جهل الزوج للوالدة بمرور شهرين عن تاريخ علمه‬
‫بها‪ .‬ثم نقح الفصل المذكور بمقتضى قانون ‪ 1‬جانفي ‪ 1662‬و أصبح األجل ستة أشهر من تاريخ‬
‫العلم‪.‬‬

‫أما بالنسبة للفقه اإلسالمي فانه يتضح بمراجعة الئحة الشيخ جعيط "األحكام الشرعية في مادة‬
‫األحوال الشخصية" أن الفصل ‪ 565‬من تلك الالئحة سواء كان في تحريره حسب المذهب المالكي آو‬
‫حسب المذهب الحنفي ينص على انه "يصح نفي الولد في وقت الوالدة آو عند شراء أدواتها أو في‬
‫أيام التهنئة المعتادة من عرف أهل البلد و أذا كان الزوج غائبا بحالة علمه بالوضع"‪.‬‬

‫يستخلص إذا أن دعوى نفي النسب في بعض المذاهب اإلسالمية تسقط بمرور الزمن و بأجل قصير و‬
‫هذا الحل يعمل على الحفاظ على استقرار الحالة المدنية لألفراد فال يعقل مثال أن تظل دعوى نفي‬
‫النسب تهدد كل األشخاص‪،‬أطفاال و شيوخا‪ ،‬يمكن أن يحركها أصحابها متى توفرت لهم الرغبة و‬
‫سمحت لهم الظروف ‪.‬‬
‫إال أن بعض الفقهاء‪ 1‬لم يوافقوا على هذا الحل و اعتبروا أن صغر السن ال عالقة له بالنفي آذ أن نفي‬
‫النسب حق و ال يعقل أن يوجد هذا الحق و الطفل الصغير و ال يوجد وهو كبير‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬عدم قابلية دعوى نفي النسب للسقوط بمرور الزمن‪:‬‬

‫اعتبرت محكمة التعقيب التونسية في أكثر من قرار أن "دعوى نفي النسب تتعلق بالحقوق الشخصية‬
‫المحصنة فال ينالها التقادم مثل الدعاوى الناشئة عن تعمير الذمة التي جاءت بها أحكام الفصلين ‪166‬‬
‫و ‪ 602‬من مجلة االلتزامات و العقود"‪.‬‬

‫و تتجه اإلشارة إلى أن الحل الذي وضعته محكمة التعقيب هو الحل المعمول به حاليا في التطبيق و‬
‫الذي تبنته محاكم الموضوع إذ كلما عرض نزاع بين طرفين موضوعه نفي نسب ال تطرح مسألة‬
‫سقوط الدعوى بمرور الزمن فمحاكم الموضوع سلمت بصفة ال تدع مجاال للشك بان هذه الدعاوى ال‬
‫ينالها التقادم‪.‬‬

‫و لكن هذا الحل الذي استقر عليه فقه القضاء التونسي ال يستساغ قانونا ألمرين ‪،‬أولهما قانوني إذ أن‬
‫سكوت المشرع بشان تقادم دعاوى الحالة الشخصية ال يمكن أن نستنتج منه عدم سقوط دعاوى نفي‬
‫النسب بمرور الزمن إذ لو كان المشرع راغبا في هذا اآلمر لنص عليه صراحة صلب مجلة األحوال‬
‫الشخصية‪.‬‬

‫‪1‬عبد العزيز عامر‪" :‬األحوال الشخصية في الشريعة اإلسالمية فقها و قضاء" دار الفكر العربي صفحة ‪111‬‬
‫‪9‬‬
‫أما ثاني األمرين فهو واقعي إذ ال تبقى دعوى نفي النسب قائمة قيام حياة أصحابها‪.‬فحياة األشخاص‬
‫تحتاج إلى االستقرار فمن غير المعقول أن يتحصل شخص ما على شهادات علمية و يتولى مناصب‬
‫عليا و يعرف باسم معين و ينجب أبناء يحملون اسمه و يستخرج وثائق رسمية و بعد ذلك يستهدف‬
‫بدعوى في نفي النسب تغير حياته و تقلبها رأسا على عقب إذا ما قضي بنفي نسبه‪.1‬‬
‫إذا على مستوى التطبيق من الصعب التسليم بان دعوى نفي النسب ال تسقط بمضي المدة الن هذا‬
‫الحل له تأثير سلبي على وضعية بعض األطفال و حتى الكهول طالما أن هذه الدعوى قد تطالهم في‬
‫أي مرحلة من مراحل حياتهم‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬وسائل نفي النسب‪:‬‬

‫أتاح المشرع التونسي الفرصة لنفي نسب الطفل المولود في اطار عالقة زوجية شرعية بصورتين أما‬
‫األولى فأوردها صلب الفصل ‪ 86‬من م ا ش في فقرته األولى عندما فتح المجال إلقامة الدليل على‬
‫عدم التالقي بين الزوج و زوجته أثناء المدة القانونية للحمل و هذا الحل عرفه الفقه اإلسالمي و دون‬
‫صلب الفصل ‪ 562‬من الئحة الشيخ جعيط‪.‬‬

‫أما الصورة الثانية فقد جاءت بالفصل ‪ 65‬م ا ش الذي مكن الزوج من نفي النسب بواسطة جميع‬
‫وسائل اإلثبات الشرعية‪ ،‬و تم تأويل هذه العبارة األخيرة بصفة متباينة‪ ،‬فرأي أول أولها على أنها‬
‫وسائل اإلثبات المقبولة قانونا ‪ ،‬أما الرأي الثاني‪ 2‬فقد اعتبر انها تعني وسائل اإلثبات التي قررها الفقه‬
‫اإلسالمي و حجته في ذلك المنشور الصادر عن السيد وزير العدل في ‪ 8‬نوفمبر ‪ 1661‬تحت عدد‬
‫‪ 218‬الذي جاء مفسرا لعبارة الموانع الشرعية على انها الموانع التي قررها الفقه اإلسالمي‪ .‬و إذا‬
‫أخذنا بهذه التأويالت جاز القول أن النسب قد ينفى على أساس الفصل ‪ 65‬من م ا ش سواء بالعان آو‬
‫باالختبارات الطبية‪.‬‬

‫و من هنا يمكن تقسيم وسائل نفي النسب إلى وسائل مستمدة من الفقه اإلسالمي (الفرع األول) و‬
‫أخرى مستحدثة تتمثل أساسا في االختبارات الطبية (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬وسائل نفي النسب المستمدة من الفقه اإلسالمي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫كمال البجاوي ‪ :‬المصدر السابق ص ‪. 56‬‬
‫‪ 2‬الهاشمي دحيدح‪" :‬نفي النسب عن طريق تحليل الدم" م ق ت عدد ‪ 5‬و ‪ 8‬لسنة ‪ 1666‬صفحة ‪6‬‬
‫‪10‬‬
‫ينتفي النسب في الفقه اإلسالمي اعتمادا على وسيلة شرعها هللا في كتابه الكريم وهي اللعان‬
‫(الفقرة األولى) إال انه و بمراجعة ما جاء في الئحة الشيخ جعيط يمكن اعتبار إثبات عدم التالقي بين‬
‫الزوجين وسيلة نفي مستمدة من الفقه اإلسالمي كما سبق و وضحنا (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اللعان‪:‬‬

‫اللعان كلمات معلومة جعلت حجة للمضطر إلى قذف فراشه فألحق العار به أو المضطر إلى نفي‬
‫الولد‪.1‬‬
‫و اقر هللا سبحانه و تعالى اللعان بقوله تعالى "و الذين يرمون أزواجهم و لم يكن لهم شهداء إال أنفسهم‬
‫فشهادة احدهم أربع شهادات باهلل انه لمن الصادقين و الخامسة أن لعنة هللا عليه إن كان من الكاذبين و‬
‫يدرا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات باهلل انه لمن الكاذبين و الخامسة أن غضب هللا عليها إن كان‬
‫من الصادقين"‪.2‬‬

‫و لما نزلت هذه اآليات أقام رسول هللا صلى هللا عليه و سلم اللعان بين زوجين اتهم الزوج زوجته‬
‫بالزنا مع شخص بعد أن وعظهما فصار ذلك هو الحكم المقرر في حال اتهام الزوج زوجته بالزنا أو‬
‫بنفي نسب ولدها و لم تكن له بينة في دعواه و لم تصدقه الزوجة و طلبت حد القذف‪.3‬‬

‫و يتالعن الزوجان أمام القاضي فيأمر هذا األخير الزوج بمالعنتها بان يقول‪ :‬اشهد باهلل إني لمن‬
‫الصادقين فيما رميت به فالنة هذه ‪،‬و يشير إليها إن كانت حاضرة و إن لم تكن حاضرة ذكر اسمها و‬
‫وصفها بما تتميز به (فعل الزنا) و يكرر ذلك أربع مرات و في الخامسة يقول لعنة هللا عليه إن كان‬
‫من الكاذبين فيما رماها به من الزنا و نفي الولد‪ .‬فإذا انتهى الزوج أمر الزوجة بمالعنته فتقول‪ :‬اشهد‬
‫باهلل انه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا و نفي الولد حسبما جاء في دعواه و تكرر ذلك أربع‬
‫مرات ثم تقول في الخامسة‪ :‬غضب هللا عليها إن كان من الصادقين فيما رماها به‪.‬‬

‫بالنسبة للمشرع التونسي ‪,‬فانه لم ينص صراحة على كون اللعان وسيلة لنفي النسب و إنما أورد ذلك‬
‫ضمنيا ‪ ،‬و يتأيد هذا الرأي بان مصادر األحوال الشخصية تتضمن هذا الحل من ذلك أن الئحة الشيخ‬
‫جعيط تنص على اللعان باعتباره وسيلة لنفي النسب فضال على أن فقه القضاء التونسي أكد ذلك إذ‬
‫جاء بحيثيات قرار صادر عن محكمة االستئناف بسوسة‪ 4‬أن "الفقه اإلسالمي جاء مقرا بطريقة معينة‬
‫للفصل في مثل هذا الخالف و هي تتمثل في تحليف كل واحد من الزوجين عدة إيمان مغلطة حسب‬
‫الصيغة المضبوطة في أحكام اللعان و في صورة إصرارهما يحكم الحاكم بنفي نسب الولد عن المنكر‬
‫عالقته و بالفراق األبدي بين الزوجين"‪.‬‬

‫‪ 1‬احمد نصر الجندي‪" :‬النسب في اإلسالم و األرحام البديلة" صفحة ‪186‬‬


‫‪ 2‬سورة النور االيات ‪ 8‬و ‪ 6‬و ‪6‬‬
‫‪ 3‬عبد العزبز عامر‪ :‬المصدر السابق صفحة ‪118‬‬
‫‪ 4‬قرار استئنافي عدد ‪ 1611‬في ‪ 16‬جانفي ‪ 1661‬م ق ت ‪ 1666‬صفحة ‪116‬‬
‫‪11‬‬
‫عموما برغم انه من الممكن أن نتصور قياما بدعاوى نفي النسب عن طريق اللعان فانه على مستوى‬
‫التطبيق لم يتراءى آلي زوج أن يقدم قضية في نفي النسب بناء على هذه الوسيلة و ربما يعود هذا‬
‫األمر إلى الباب الذي فتحه المشرع لما مكن الزوج من نفي النسب بواسطة وسائل أخرى أكثر حداثة‬
‫و مواكبة للعصر‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إثبات عدم التالقي بين الزوجين‪:‬‬

‫لقد جاء بالفصل ‪ 86‬فقرة أولى م ا ش انه " ال يثبت النسب عند اإلنكار لولد زوجة ثبت عدم التالقي‬
‫بينها و بين زوجها"‪ .‬يفهم من هذا النص القانوني أن قرينة الشرعية مفترضة في الطفل لكن إذا رام‬
‫الزوج إنكارها عليه أن يثبت عدم التالقي مع زوجته أثناء المدة القانونية للحمل مما يرجح معه نسبة‬
‫الحمل لغيره‪.‬‬

‫و إذا كان المشرع التونسي لم يعرف المدة القانونية للحمل فانه من الممكن االهتداء إليها بعد مقارنة‬
‫بعض النصوص الواردة بمجلة األحوال الشخصية و خاصة أحكام الفصول ‪ 15‬و ‪ 86‬و ‪ 61‬فالمدة‬
‫القانونية للحمل إذا أخذنا سنة و افترضنا أن الطفل ولد في موفى السنة أي يوم ‪ 11‬ديسمبر فان الحمل‬
‫به من الممكن أن يكون قد حصل ستة أشهر قبل الوالدة باعتبار أن أدنى مدة الحمل هي ستة أشهر‪،‬‬
‫لذا من الممكن القول أن المدة القانونية للحمل هي الفترة التي تمتد من ‪ 185‬يوما إلى ‪ 160‬يوما قبل‬
‫تاريخ الوالدة‪.1‬‬

‫و حتى يتسنى للزوج نفي الولد عنه عليه إثبات عدم التالقي بينه و بين زوجته كامل الفترة المشار‬
‫إليها و الحاالت التي ال يحصل فيها التالقي بين الزوجين كثيرة كان يكون الزوج مقيما ببلد أجنبي أو‬
‫نزيال بالمستشفى أو سجينا أو بصدد اداء واجبه العسكري‪ ،‬مع المالحظ و أن نفس الصور من الممكن‬
‫أن تصح من جانب الزوجة كان تكون مفارقة لزوجها بسبب مرضها أو هجرتها خارج تراب الوطن‬
‫ففي كل هذه الحاالت يستحيل التالقي بين الطرفين و يتواجد عنصر البعد بين الزوجين الذي ينتفي‬
‫معه النسب‪.2‬‬

‫و لكن إثبات عدم التالقي أمر صعب النه يتعلق بإثبات أمر سلبي‪ 3‬فإذا ادعى الزوج وجوده خارج‬
‫تراب الوطن وجب عليه أن يقدم شهادة من مركز األجانب و الحدود يضمن بها تاريخ سفره و تاريخ‬
‫رجوعه و هي الوسيلة التي تبين فترة غيابه عن زوجته و عدم التقائه بها‪ .‬كما يمكن للزوج أن يثبت‬
‫وجوده بالمستشفى أو انه بصدد اداء واجبه العسكري و هي الصورة التي نظرت فيها محكمة‬
‫التعقيب‪ 4‬بمناسبة نزاع قام بين الورثة و الطفل المراد نفي نسبه من ذلك أن الورثة ادعوا أن الطفل ال‬

‫‪ 1‬عبد الرؤوف بن الشيخ‪" :‬الوضعية القانونية للبنوة الشرعية في القانون التونسي" مذكرة لنيل شهادة الدراسات العليا صفحة ‪ 68‬و ‪66‬‬
‫‪ 2‬إن الفصول ‪ 15‬و ‪ 86‬و ‪ 61‬متأثرة ببعض اآلراء الفقهية اإلسالمية التي تبدو اليوم غير مقبولة الن مدة الحمل ثبت طبيا أنها ال تزيد عن ‪ 6‬أشهر ‪.‬‬
‫‪ 3‬االستاذ ساسي بن حليمة "تعلق على قرار محكمة االستئناف بصفاقس م ق ت ‪1665‬‬
‫‪ 4‬قرار تعقيبي ‪ 6‬جانفي ‪ 1686‬عدد ‪ 2862‬م ق ت ‪ 1686‬صفحة ‪685‬‬
‫‪12‬‬
‫يمكن أن يكون من صلب مورثهم الن ذلك المورث كان متواجدا بالخدمة العسكرية من سنه ‪1610‬‬
‫إلى سنة ‪ 1611‬دون أن يكون قد تمتع خالل تلك الفترة ببعض الرخص ‪.‬‬

‫و لقد اعتبرت محكمة الموضوع بان الدفتر العسكري ال يمكن أن يعتبر حجة قطعية و على ذلك‬
‫األساس لم تقض بنفي النسب و عندما طرح األمر على محكمة التعقيب أيدتها في ذلك معتبرة أن‬
‫تقدير األدلة و كفاية مدلولها يعتبر من األمور الراجعة لمحض اجتهاد حكام األصل‪.‬‬

‫و إذا أردنا التقدم أكثر فإننا نقول أن عدم التالقي بين الزوجين ال يعني فقط البعد الجغرافي و لكن من‬
‫الممكن أن يتعذر التالقي بين الطرفين و هما على مقربة من بعضهما البعض و يحصل ذلك في‬
‫صورة عجز الرجل أو عقمه‪.1‬فإذا رجعنا إلى الفقه اإلسالمي باعتباره مصدرا مباشرا لمجلة األحوال‬
‫الشخصية نجد الفصل ‪ 561‬من الئحة الشيخ جعيط سواء في تحريره وفق المذهب المالكي آو الحنفي‬
‫ينص على صورتين ينتفي فيهما النسب احدهما تتمثل في عدم قدرة الزوج على اإلنجاب لصغر سنه‬
‫و األخرى حالة ما إذا كان مصابا بعجز جنسي طبيعي‪.‬‬

‫إذا باالعتماد على هذا الفصل يمكن القول أن عدم القدرة على اإلنجاب تكون أساسا لنفي النسب‬
‫يندرج ضمن عدم التالقي المقصود بالفصل ‪ 86‬فقرة أولى م ا ش‪.‬هذا و تجدر اإلشارة إلى أن المشرع‬
‫الفرنسي تدخل بموجب قانون ‪ 1‬جانفي ‪ 1662‬و نقح الفصل ‪ 112‬فقرة ثانية من م م ف معتبرا أن‬
‫العجز الجنسي من بين الصور التي تكون أساسا لنفي النسب‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بإثبات العجز الجنسي فانه حتما ال يكون إال بواسطة أهل الخبرة و هم األطباء فالطب‬
‫وحده كفيل ببيان ما إذا كان العجز مستمرا أو مؤقتا حائال دون الحمل أم ال‪.‬‬

‫إذا يمكن اعتبار التحاليل الطبية المجرات إلثبات العجز الجنسي وسيلة غير مباشرة لنفي النسب‬
‫لكونها تثبت عدم التالقي بين الزوجين و على أساسه يتم نفي النسب ‪،‬إال أن االختبارات الطبية يمكن‬
‫أن تكون أيضا وسيلة مباشرة لنفي النسب‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬االختبارات الطبية‪:‬‬

‫إن التطورات الحاصلة في مجال العلوم أثرت بصفة مباشرة في دعوى نفي النسب إذ مكنت القائم بها‬
‫من وسائل علمية مستحدثة كالتحليل الدموي (الفقرة األولى) و التحليل الجيني (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬نفي النسب بواسطة تحليل الدم‪:‬‬

‫‪ 1‬كمال البجاوي‪ :‬المصدر السابق ص ‪66‬‬


‫‪13‬‬
‫إن المشرع التونسي لم يتعرض صراحة إلى التحليل الدموي كوسيلة لنفي النسب مما ولد نقاشا فقهيا‬
‫تركز حول أن هذه الوسيلة ليست ذات مصداقية مطلقة إذ من الممكن أن يتسرب إليها خطأ كان تخلط‬
‫العينات الدموية و ينسب دم شخص إلى شخص آخر فتحصل الكارثة و يصل األمر إلى نفي نسب‬
‫طفل من جراء خطأ أو خلط ارتكبه بعض أعوان المختبر‪.‬‬
‫في حين اعتبر بعض الفقهاء‪ 1‬انه و لئن كان من الممكن فعال أن يتسرب مثل ذلك الخطأ لعملية‬
‫االختبار مثلما يمكن أن يخلط من مصحات التوليد بين طفل و آخر و لكن ذلك يبقى من قبيل الصور‬
‫الشاذة والشاذ يحفظ و ال يقاس عليه‪.‬‬

‫و استمر الجدل إلى أن عرض األمر على محكمة التعقيب و من قبلها محكمة االستئناف بسوسة التي‬
‫قررت أن التحليل الدموي يعتبر وسيلة شرعية من بين الوسائل المنصوص عليها بالفصل ‪ 65‬م ا ش‬
‫التي ينتفي بها النسب و ذلك بناء على ما أكده الخبير من أن الطفل ال يمكن أن يكون من صلب‬
‫الزوج‪.‬‬

‫و قد لقي هذا القرار تأييد محكمة التعقيب‪ 2‬التي استعانت برأي أهل الخبرة لتقديم رأيهم في الموضوع‬
‫و كان جوابهم بان تحليل الدم من الممكن أن يكون أساسا لنفي نسب الطفل و عليه أسست قرارها‬
‫برفض مطلب التعقيب المقدم من الزوجة و ضمنت جوابها صلب حيثية جاء فيها "و حيث يتضح من‬
‫كل ذلك (التحاليل العلمية) أن موضوع الشك في توصل العلم لنتيجة جازمة صار ال محل له بعد كل‬
‫هذه التحقيقات العلمية الصرفة "‪.‬‬

‫و المالحظ أن فقه قضاء محكمة التعقيب استقر على هذا الرأي حيث وجدت المحكمة مرة أخرى‬
‫الفرصة مناسبة إلبداء رأيها بخصوص تحليل الدم كوسيلة لنفي النسب إذ أوردت بإحدى حيثياتها "أن‬
‫نفي النسب في هذه الحالة يكون مع توفر الفراش و الزواج الصحيح و لكن الوالدة أو الحمل الذي‬
‫جاءت به الزوجة هو موضوع الطعن و النفي بحسب ما يقدمه الزوج من وسائل اإلثبات الشرعية و‬
‫القانونية و التي ال تعد شهادة الشهود فيه كافية بل يجب االعتماد على األبحاث و االختبارات الطبية‬
‫التي يكون لها تأثير سلبي آو ايجابي و من ذلك وسيلة تحليل الدم لكل من الزوج و الزوجة و المولود‬
‫المطالب نفي نسبه و انه ال شيء يمنع من اعتماد تلك الوسيلة التي حقق علماء الطب الشرعي صحتها‬
‫و التي تعد طريقة علمية قاطعة وهو ما درج عليه فقه قضاء هذه المحكمة‪."3‬‬

‫و لكن هذه النتيجة التي اهتدت إليها محكمة التعقيب و إن كانت واضحة و ثابتة في مبدئها إال انها تثير‬
‫عند التطبيق عدة صعوبات و مشاكل نرى من المفيد بسطها و تحليلها‪.‬‬

‫‪ 1‬دمحم الهاشمي دحيدح "نفي النسب عن طريق تحليل الدم" ق ت عدد ‪ 5‬و ‪ 8‬لسنة ‪ 1666‬ص ‪6‬‬
‫‪ 2‬قرار تعقيبي عدد ‪ 11005‬مؤرخ في ‪ 1668/06/26‬م ق ت ج ‪ 1‬ص ‪26‬‬
‫‪ 3‬قرار تعقيبي عدد ‪ 26666‬مؤرخ في ‪ 1661/01/28‬م ق ت ‪ 1666‬ص ‪158‬‬
‫‪14‬‬
‫و من بين الصعوبات التي من الممكن أن تحدث‪ ،‬رفض األم تمكين الخبير من انتزاع كمية دمها قصد‬
‫تحليلها خاصة و أن التحليل الدموي يجب لكي يكون مجديا تمام الجدوى أن ال يقع بالنسبة للطفل و‬
‫الزوج فقط بل كذلك بالنسبة لالم‪.‬‬

‫فهل من الممكن إلزام األم بتمكين الخبير من كمية من دمها؟ و هل من الممكن استنتاج أن الطفل غير‬
‫مولود من صلب الزوج في صورة رفض أمه تمكين الطبيب من تحليل دمها؟‬

‫بالنسبة للسؤال األول فانه من البديهي أن نجيب بالنفي‪ .‬فاألمر يتعلق ببدن األم فغير ممكن أن ينال من‬
‫حرمة ذلك البدن إذا كانت صاحبته غير مستعدة لتمكين الخبير من انتزاع كمية من دمها و ال يمكن أن‬
‫نتصور أن تجر عنوة و بواسطة القوة العامة مثال إلى المخبر كي يجرى االختبار على دمها فمبدأ‬
‫سالمة بدن اإلنسان و حرمته يحول دون ذلك‪.1‬‬

‫أما بالنسبة للسؤال الثاني فال يسعنا أن نجيب ايضا إال بالنفي ذلك الن األم طرف مستقل عن الطفل‬
‫فهي أجنبية عن النزاع و من الممكن أن ال تشملها القضية بالمرة إذا كان الطفل ممثال من طرف مقدم‬
‫وقتي يمكن أن يكون األم كما يمكن أن يكون شخصا آخر‪ .‬لذا فانه ال يمكن تحميل الطفل بما عسى أن‬
‫تتخذه األم من موقف سلبي إزاء االختبار‪.‬‬

‫إال انه يمكن تفادي هذا اإلشكال باللجوء إلى التحليل الجيني لنفي النسب باعتبار أن هذه الوسيلة‬
‫تتطلب فقط الحصول على عينة من الطفل المتنازع في نسبه مع عينة ممن نسبت إليه أبوته دون‬
‫حاجة إلى عينة من األم‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التحليل الجيني‪:‬‬

‫التحليل الجيني هو عبارة عن عملية حسابية علمية تهدف إلى المقارنة بين التركيبة الجينية لخاليا‬
‫الطفل المتنازع في نسبه مع الخاليا الجينية لمن نسبت إليه أبوته وهو ما ينتج عنه إما تباين هاتين‬
‫التركيبتين و بالتالي انتفاء نسب الولد عن زوج أمه أو تطابقهما فتثبت بهذا التحليل العالقة بين طرفي‬
‫االختبار‪.‬‬

‫و مرد هذا االختبار حقيقة مبدئية مفادها أن خاليا الجسم البشري تحتوي على تركيبة ‪ ADN‬و هي‬
‫اختصار لعبارة " ‪ "acide dexoscyribo nucleique‬التي تحمل جميع الخاصيات الوراثية‬
‫لإلنسان‪ .‬و كل إنسان له تركيبة جينية خاصة به ال يشترك فيها إال مع والده أو والدته‪.2‬و يتمثل‬
‫التحليل الجيني في اخذ عينة من احد مكونات الجسم ليا كانت سواء الشعر أو الجلد أو الحيوان المنوي‬
‫أو األظافر أو األسنان‪.‬‬
‫‪ 1‬االستاذ ساسي بن حليمة "تعليق على قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 11005‬مؤرخ في ‪ 26‬جويلية ‪ 1668‬ق ت ‪ 1668 /6‬ص ‪62‬‬
‫‪ 2‬نجاة البشيني‪" :‬الوضعية القانونية لالبن الطبيعي" رسالة تخرج من المعهد االعلى للقضاء ‪ 1666‬ص ‪60‬‬
‫‪15‬‬
‫و على خالف عديد الوسائل العلمية كالتحليل الدموي فان نسبة اليقين التي يوفرها التحليل الجيني هي‬
‫نسبة مرتفعة تصل إلى حد يتجاوز ‪ %66‬و ال تتجاوز نسبة الخطأ فيها ‪ %0.01‬إذ يمكن من الحسم‬
‫بصفة قاطعة في كون الطفل من صلب األب أو ليس من صلبه أي هو يؤدي إلى إثبات األبوة أو‬
‫نفيها‪.1‬‬

‫و يجب التأكيد أن اعتماد هذه الوسيلة العلمية ال يتعارض مع مبادئ الشريعة اإلسالمية حيث جاء في‬
‫قوله تعالى"قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين ال يعلمون إنما يتذكر أولو األلباب"‪ .2‬فاعتماد طريقة‬
‫علمية قاطعة تجنب اختالط األنساب ال تتعارض مع تعاليم الدين اإلسالمي الحنيف‪.‬‬

‫و قد اعتمد فقه القضاء الفرنسي تقنية التحليل الجيني منذ القضية المشهورة بقضية "ايف مونتان"‬
‫التي آل الحكم فيها إلى نفي نسب البنت المزعوم نسبها إلى الممثل الفرنسي الشهير "ايف مونتان" من‬
‫قبل القضاء الفرنسي بعد أن وقع تحليل الحامض النووي المأخوذ عينة منه من جثته و مقارنته بنتيجة‬
‫تحاليل فصائل البنت المنسوبة إليه‪.3‬‬

‫و تم تركيز وحدة متطورة للتحليل الجيني ألول مرة في تونس بمعهد باستور لسنة ‪ ،1668‬اثر ذلك‬
‫تم تجهيز العديد من المستشفيات بوسائل الالزمة للقيام بهذه التحاليل‪ ،‬غير أن صدور قانون ‪26‬‬
‫أكتوبر ‪ 1666‬المتعلق بإسناد لقب عائلي لألطفال المهملين أو مجهولي النسب أعطى سندا قانونيا‬
‫صريحا لهذه الوسيلة العلمية الجديدة إذ ينص الفصل ‪ 1‬مكرر من هذا القانون على انه "يمكن للمعني‬
‫باألمر أو لألب أو لالم أو للنيابة العمومية رفع األمر إلى المحكمة االبتدائية المختصة لطلب إسناد‬
‫لقب األب إلى مجهول النسب الذي يثبت باإلقرار أو بشهادة الشهود أو بواسطة التحليل الجيني أن هذا‬
‫الشخص هو أب ذلك الطفل"‪.‬‬

‫فمسايرة المشرع التونسي للتطور الذي شهدته العلوم البيولوجية يؤكد حرصه على كشف الحقيقة‪ .‬و‬
‫يتجسم هذا الموقف فيما جاء في رد وزير العدل و حقوق اإلنسان على تساؤالت النواب أثناء النقاش‬
‫في مشروع القانون المذكور‪ .‬إذ جاء على لسان الوزير ما يلي ‪":‬إن التحليل الجيني يثبت علميا و دون‬
‫شك انتماء الطفل التونسي ألبيه و قد أفاد بذلك أهل االختصاص"‪ .4‬فالمشرع التونسي استفاد مما‬
‫توصلت إليه علوم البيولوجيا و وظف آخر اكتشافاتها من اجل تمكين األطفال الطبيعيين من لقب‬
‫عائلي‪.‬‬

‫‪ 1‬حاتم الفارس‪" :‬حق الطفل في الهوية الكاملة" مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص كلية الحقوق بصفاقس ‪ 2005‬ص ‪.121‬‬
‫‪2‬االية ‪ 6‬من سورة الزمر‬
‫‪3‬‬
‫‪cour d appel paris 1ere chambre 6 novembre 1997 d 97 1R page 262‬‬

‫‪16‬‬
‫و هذا ما دفع البعض إلى انتقاد األخذ بهذه الوسيلة (التحليل الجيني) كوسيلة لنفي النسب ما يجعلها‬
‫تؤدي وظيفة عكسية تتمثل في التشطيب على ألقاب أبناء كانت وضعيتهم االجتماعية و القانونية مثاليه‬
‫بدل تمكين أطفال مجهولي النسب من لقب عائلي‪.‬‬

‫و لكن من الناحية القانونية الصرفة فان اعتماد هذه الوسيلة كوسيلة نفي نسب في فقه القضاء التونسي‬
‫في طريقها و ذلك بالنظر إلى صياغة الفصل ‪ 65‬م ا ش و تقبل في هذه الصورة "جميع وسائل‬
‫اإلثبات الشرعية"‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬آثار نفي النسب‪:‬‬

‫ينص الفصل ‪ 68‬من مجلة األحوال الشخصية على انه "إذا اثبت الحاكم نفي األبوة طبق أحكام الفصل‬
‫السابق فانه يحكم بقطع النسب و الفراق األبدي بين الزوجين" مما يعني أن آثار نفي النسب تتمثل‬
‫أساسا في انقطاع نسب الولد عن زوج أمه وهو ما سنتعرض له في (الفصل األول) لنسلط الضوء‬
‫على آثار نفي النسب على العالقة بين الزوجين في (الفصل الثاني)‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬انقطاع نسب الولد ‪:‬‬

‫إن نفي النسب يؤثر مباشرة على الوضعية االجتماعية و القانونية للطفل المنفي نسبه فهو يمس جميع‬
‫حقوقه المدنية الشخصية منها (الفرع األول) و المالية (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اثر انقطاع النسب على الحقوق ذات الصبغة الشخصية‪:‬‬
‫من أهم الحقوق الشخصية التي يمسها انقطاع نسب الولد‪ ,‬الحق في اللقب العائلي (الفقرة األولى) و‬
‫الحق في الرعاية (الفقرة ثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الحق في اللقب العائلي‪:‬‬

‫"لكل طفل الحق في الهوية‪ ."1‬هذا الحق يعد من الحقوق الخاصة بذات اإلنسان كالحق في الحرية و‬
‫من مقومات الهوية االسم و اللقب العائلي و يمثل هذا األخير ابرز الحقوق الذاتية للطفل باعتباره من‬
‫مقومات شخصيته‪ ،‬فاللقب العائلي يشكل عنوان شخصية الشخص الطبيعي و يأخذ إبعادا فردية و‬
‫اجتماعية ذلك انه يمكن من تمييز الشخص عن غيره و من التعريف به داخل المجتمع وهو وسيلة‬
‫تربط الشخص بعائلته و تترجم انتماءه األسري لها‪.2‬‬

‫كما يعتبر اللقب بمثابة عالمة تسجيل تعتمد للتمييز بين األفراد ‪ numéro matricules3‬و ذلك‬
‫خدمة للمصلحة العامة أوال و المصلحة الخاصة ثانيا و لذلك جاء القانون عدد ‪ 51‬لسنة ‪1656‬‬
‫المؤرخ في ‪ 28‬ماي ‪ 1656‬موجبا أن يكون لكل تونسي اسم و لقب عائلي‪.‬‬

‫على أن اكتساب الهوية يكون مرتبطا بعالقة البنوة إذ يخضع إسناد اللقب إلى قاعدة عرفية مفادها أن‬
‫اللقب هو نتيجة لرابطة النسب األبوي ‪.‬و من هنا فان الحكم الذي يصدر بنفي النسب يكون مقترنا‬

‫‪ 1‬الفصل ‪ 5‬من مجلة حماية الطفل الصادرة بتاريخ ‪ 6‬نوفمبر ‪1665‬‬


‫‪ 2‬ايمان بن شعبان‪" :‬الحق في الهوية" مذكرة لالقرار على شهادة الدراسات المعمقة في قانون العقود و االسثمارات كلية الحقوق و العلوم السياسية بتونس ‪ 2001 – 2002‬ص ‪66‬‬
‫‪3‬‬
‫‪planiol (M) « traite elementaire de droit » n 45.‬‬
‫‪18‬‬
‫باإلذن لضابط الحالة المدنية بالتشطيب عن اسم المدعي من وادي األب من مضمون والدة الطفل‬
‫الواقع نفي نسبه و تتم هذه العملية باالستظهار بنسخة من الحكم من طرف األب المحكوم لفائدته لدى‬
‫ضابط الحالة المدنية بدائرة البلدية المرسم بها الطفل المراد المنفي نسبه‪.‬‬

‫إذا فبمجرد انقطاع نسب الولد عن زوج أمه ‪ ،‬يشطب لقبه العائلي و يصبح طفال "مجهول النسب"‬
‫ينطبق عليه قانون ‪ 26‬أكتوبر ‪ 1666‬المتعلق بإسناد لقب عائلي لألطفال المهملين آو مجهولي النسب‬
‫و بمقتضى أحكام الفصل األول‪ 1‬من هذا القانون على "األم الحاضنة البنها القاصر و مجهول النسب‬
‫أن تسند اليه اسمها و لقبها العائلي أو أن تطلب اإلذن بذلك طبقا ألحكام القانون المتعلق بتنظيم الحالة‬
‫المدنية كما عليها في اجل ال يتجاوز ستة أشهر من تاريخ الواقعة أن تطلب من رئيس المحكمة‬
‫االبتدائية المختصة أو نائبه أن يسند إلى ابنها اسم أب أو اسم جد و لقبا عائليا "‪.‬‬

‫أما في صورة التعرف على األب الطبيعي للطفل المنفي نسبه فان لقبه هو الذي يسند إليه بمقتضى‬
‫حكم قضائي متى تثبت أبوته نتيجة إقراره أو شهادة الشهود أو بواسطة تحليل جيني تطبيقا ألحكام‬
‫الفصل ‪ 1‬مكرر من قانون ‪ 26‬أكتوبر ‪ 1666‬مكرسا بذلك قاعدة إسناد لقب األب بالنسبة للطفل‬
‫مجهول النسب‪ .‬فاللقب يمثل األثر المباشر لألبوة وهو يمس نفسية الطفل و شخصيته و وضعه في‬
‫المجتمع باعتباره يخرجه من دائرة أبناء الزنا بما ينسجم مع اتفاقية حقوق الطفل الداعية إلى إلغاء‬
‫جميع أشكال التمييز بين األطفال بموجب أصل الميالد فيما يتعلق بالحق في الهوية باعتباره من‬
‫الحقوق البديهية التي يكتسبها الفرد لمجرد كونه أنسانا بقطع النظر عن طبيعة بنوته ‪.‬‬

‫و لكن تجدر المالحظة أن اكتساب االبن المنفي نسبه للقب أبيه الطبيعي يبقى مجرد إمكانية فهو لم‬
‫يرتقى مع أحكام الفصل ‪ 1‬من قانون ‪ 26‬أكتوبر ‪ 1666‬إلى صيغة الوجوب‪ ،‬حيث استعمل المشرع‬
‫عبارة "يمكن" التي تخضع الحصول على لقب األب إلرادة المعني باألمر كما يبقى إسناده رهن‬
‫الحكم لصالح الدعوى‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحق في الرعاية‪:‬‬

‫اهتمت جل القوانين و المواثيق الدولية بتكريس مسؤولية األولياء و الوالدين في تنشئة الطفل و‬
‫رعايته‪ ،‬و اعتبرت الرعاية واجب على الوالدين و حق لألبناء فقد أقرت المادة السابعة من اتفاقية‬
‫األمم المتحدة لحقوق الطفل بان هذا األخير يكون له قدر اإلمكان الحق في تلقي الرعاية من والديه و‬
‫يشمل الحق في الرعاية‪ ،‬الحضانة (أ) و الوالية (ب)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫الفصل ‪ 1‬جديد من القانون عدد ‪ 51‬لسنة ‪ 2001‬مؤرخ في ‪ 6‬جويلية ‪ 2001‬المتعلق بتنقيح بعض احكام القانون عدد ‪ 65‬لسنة ‪ 1666‬المؤرخ في ‪ 26‬اكتوبر ‪1666‬‬
‫‪19‬‬
‫أ‪ /‬الحضانة‪:‬‬

‫تعرف الحضانة في االصطالح القانوني بأنها رعاية الطفل الصغير و القيام بإطعامه و إلباسه‬
‫والحرص على نظافته في المرحلة األولى من عمرة‪ 1‬و قد عرفها المشرع التونسي صلب الفصل ‪56‬‬
‫من مجلة األحوال الشخصية "بحفظ الولد من مبيته و القيام بتربيته" كما عرفتها محكمة التعقيب‬
‫التونسية بأنها عبارة عن القيام بحفظ الصغير و التعهد بما يصلح له و وقايته مما يؤذيه و يضره و‬
‫تربيته نفسيا و عقليا‪ . 2‬و ال يخفى ما تمثله الحضانة من رعاية و حنان و قيام على شؤون الطفل من‬
‫أثار ايجابية على صحة الطفل و نفسيته و نموه متوازنا وسط مجتمعه‪ 3‬و من المعلوم انه وفقا للفصل‬
‫‪ 56‬من مجلة األحوال الشخصية فان الحضانة محمولة على األبوين معا ما دامت الزوجية قائمة أما‬
‫في صورة انقطاع نسب الطفل عن أبيه فان هذا األخير يكون في حل من واجب الحضانة‪.‬‬

‫فهل يعني هذا أن الحضانة تؤول آليا إلى األم؟‬

‫تطبيقا ألحكام الفصل ‪ 86‬من مجلة األحوال الشخصية‪ ،‬فانه على القاضي عند البت في مسالة إسناد‬
‫الحضانة أن يراعي مصلحة المحضون وهو ما اقره ايضا فقه القضاء التونسي في العديد من‬
‫المناسبات‪ ،‬حيث اعتبرت محكمة التعقيب في احد قراراتها أن "الحضانة و إسنادها تراعي فيها‬
‫مصلحة المحضون تماشيا مع فكرة التشريع و االعتبارات التي شرعت من اجلها الحضانة وهي‬
‫جميعها ترمي إلى حفظ المحضون و رعايته بما يتوجب من عناية و يضفي عليه من السكينة و‬
‫االطمئنان و على القاضي عند البت في ذلك أن يراعي مصلحة المحضون"‪.4‬‬

‫و على هذا األساس يمكن القول أن مسالة إسناد الحضانة تبقى خاضعة إلى السلطة التقديرية للقاضي‬
‫الذي يحدد الطرف القادر على حضانة الطفل و مراعاة مصلحته الفضلى بشرط التعليل المستساغ‬
‫واقعا و قانونا‪.‬‬

‫و يمكن للقاضي أن يحدد مصلحة الطفل بتقديره لمدى توفر الشروط التي ضبطها المشرع إلسناد‬
‫الحضانة الواردة بالفصل ‪ 56‬م ا ش الذي ينص على انه "يشترط في مستحق الحضانة أن يكون مكلفا‬
‫أمينا قادرا على القيام بشؤون المحضون سالما من األمراض المعدية‪."...‬‬

‫بقي أن نتساءل هل يمكن إسناد الحضانة إلى غير األم؟‬

‫‪ 1‬زكريا احمد البشري‪" :‬احكام االوالد في االسالم" الدار القومية للطباعة و النشر القاهرة ص ‪66‬‬
‫‪ 2‬جمال شهلول "الحق في الهوية" ق ت جانفي ق ت ‪ 1666‬ص ‪115‬‬
‫‪ 3‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 2851‬بتاريخ ‪ 6‬وت ‪ 1666‬ن م ت ‪ 1666‬ص ‪56‬‬
‫‪ 4‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 1861‬مؤرخ في ‪ 6‬مارس ‪ 1661‬ن م ت ‪ 1661‬ق م ج ص ‪266‬‬
‫‪20‬‬
‫تكمن مصلحة الطفل خاصة في المرحلة األولى من عمره في إسناد الحضانة إلى أمه باعتبارها تكون‬
‫األكثر كفاءة لحضانته‪ .‬لكن متى ارتأى القاضي أن مصلحة المحضون تستوجب إسناد حضانته إلى‬
‫غير أمه أمكنه ذلك بناء على ما جاء بالفصل ‪ 86‬م ا ش "إذا انفصم الزواج و كان الزوجان بقيد‬
‫الحياة عهدت الحضانة إلى احدهما أو إلى غيرهما‪." ...‬‬

‫أما على المستوى التطبيقي فانه يعسر إسناد حضانة الطفل المنفى نسبه إلى غير أمه نظرا للنظرة‬
‫الدونية التي ينظر بها المجتمع العربي و اإلسالمي لهذه الفئة من األطفال باعتبارهم ثمرة عالقة زنا‬
‫فال يتوقع تبعا لذلك أن يجد هؤالء األطفال الحنان من غير أمهاتهم‪ . 1‬مهما يكن من أمر فان إسناد‬
‫حضانة الطفل تخ ول للحاضن ممارسة جميع صالحيات الحضانة و التي تجعله يسعى للحفاظ على‬
‫مصلحة الطفل من خالل حسن رعايته و تربيته إلى جانب احترام مصالح الغير و تحمل المسؤولية‬
‫في صورة حصول أي ضرر يتسبب فيه الطفل تجاه الغير‪.‬‬

‫ب‪ /‬الوالية‪:‬‬

‫عرف الفقهاء المسلمون الوالية بأنها تنفيذ القول على الغير شاء أم أبى و يرى بعض الفقهاء انها‬
‫سلطة شرعية تجعل لصاحبها القدرة على التصرف في شؤون غيره جبرا عنه‪.‬‬
‫و لم يعرف المشرع الوالية و لم يحدد مشموالتها ويمكن تعريفها بكونها "سلطة تجعل للولي الحق في‬
‫مباشرة التصرفات التي تتعلق بنفس الطفل من تربية و حفظ و تزويج كما تثبت له على الطفل والية‬
‫أخرى وهي الوالية على المال فيكون للولي قدرة على التصرف في الذمة المالية للطفل"‪.2‬‬

‫و في ظل العائلة الشرعية توزع صالحيات الوالية على األبناء القصر بين األب و األم و ذلك تطبيقا‬
‫لمبدأ التعاون الذي ادخله المشرع التونسي بموجب تنقح ‪ 12‬جويلية ‪ 1661‬و أصبح بمقتضاه الفصل‬
‫‪ 21‬م ا ش ينص على انه "يقوم الزوجان بالواجبات الزوجية حسبما يقتضيه العرف و العادة و‬
‫يتعاونان على تسيير شؤون األسرة و حسن تربية األبناء و تصريف شؤونهم بما في ذلك التعليم و‬
‫السفر و المعامالت المالية"‪.‬‬

‫و لكن بمجرد انقطاع نسب الولد عن أبيه تسقط والية هذا األخير عن الطفل القاصر و تصبح األم‬
‫الحاضنة هي التي تمارس جميع صالحيات الوالية‪ .‬يمكن القول أن مسألة الوالية ال تطرح إشكاليات‬
‫عملية بالنسبة للطفل المنفي نسبه و ذلك الرتباط أهم مشموالتها بحضانة هذا الطفل و التي تسند في‬
‫غالب األحيان إلى األم باعتبارها األحرص على رعاية ابنها و حماية مصالحه‪.‬‬
‫إال انه تجدر اإلشارة إلى ما اقتضاه الفصل ‪ 6‬من م ا ش من ضرورة أن يكون الولي عاصبا بالنسب‬
‫و أن يكون عاقال ذكر ا رشيدا بما قد يتعارض و ممارسة األم الحاضنة سلطة الوالية الكلية من ذلك‬
‫عدم إمكانية تزويجها لطفلها المنفي نسبه‪.‬‬
‫‪ 1‬عبد السالم العويني‪" :‬نسب االبن الطبيعي" مذكرة لالحراز على شهادة الماجيستير في قانون االعمال كلية الحقوق بصفاقس ص ‪116‬‬
‫‪ 2‬الصادق بوفادن‪" :‬الحق في الهوية" ق ت اكتوبر ‪ 1666‬ص ‪251‬‬
‫‪21‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اثر انقطاع النسب على الحقوق ذات الصيغة المالية‪:‬‬

‫من أهم الحقوق المالية التي يمسها انقطاع نسب الولد عن أبيه الحق في النفقة (الفقرة األولى) و الحق‬
‫في اإلرث (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الحق في النفقة‪:‬‬

‫تعرف النفقة في االصطالح القانوني بأنها الشيء الذي يبذله اإلنسان ليعيش عيشة الئقة و تمثل حتما‬
‫‪1‬‬
‫الطعام و الكسوة و المسكن بالنسبة لجميع مستحقيها و الخدمة للعاجز و التعليم و التربية للصغار‬
‫و لقد تعرض المشرع التونسي للنفقة و ضبط أحكامها صلب الفصول ‪ 16‬إلى ‪ 51‬من م ا ش‬
‫و تطبيقا لمقتضيات هذه المجلة "يستمر اإلنفاق على األبناء حتى بلوغ سن الرشد أو بعده إلى نهاية‬
‫مراحل تعلمهم على أال يتجاوزوا الخامسة و العشرين من عمرهم و تبقى البنت مستحقة للنفقة إذا لم‬
‫يتوفر لها الكسب أو لم تجب نفقتها على زوجها كما يستمر اإلنفاق على األبناء المعوقين العاجزين‬
‫على الكسب بقطع النظر عن سنهم"‪.2‬‬

‫و األصل أن يتحمل األب واجب اإلنفاق على أبنائه غير أن استحقاق االبن للنفقة تجاه األب يرتبط‬
‫بثبوت رابطة البنوة و بالتالي فانقطاع نسب االبن عن أبيه يخرج هذا األخير عن دائرة المدينين‬
‫بالنفقة‪.‬‬

‫في هذه الحالة ينتقل واجب اإلنفاق إلى األم باعتبارها أيضا مسؤولة عن طفلها وهو ما تؤكده أحكام‬
‫الفصل ‪ 66‬من مجلة األحوال الشخصية الذي جاء فيه أن "األم حال عسر األب مقدمة على الجد في‬
‫اإلنفاق على ولدها"‪.‬‬

‫و بالتالي فان األم تكون ملزمة باإلنفاق على طفلها في صورة عسر األب فمن باب أولى أن تلزم‬
‫باإلنفاق عليه في صورة انقطاع نسبه‪ .‬وهو التزام أصلي نظرا لثبوت رابطة األمومة‪ .‬و على هذا‬
‫األساس فانه يمكن لالبن أن يطالب والدته باإلنفاق عليه عمال بالفصل ‪ 66‬من مجلة األحوال‬
‫الشخصية غير انه في صورة عدم بلوغه سن الرشد يمكن أن تعترض االبن المنفى نسبه صعوبة في‬
‫مطالبته بالنفقة نظرا لقيامه ضد األم التي تعد وليته الشرعية في حال إسناد الوالية لها فيكون الحل‬
‫عندها القيام بطلب تسمية مقدم وقتي للنزاع يمثل الطفل في دعوى النفقة المقامة ضد والدته‪.3‬‬

‫لكن هل يعني هذا انه يمكن للطفل المنفي نسبه تتبع أمه من اجل جريمة عدم دفع مال النفقة ؟‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫رضا خماخم ‪ " :‬أحكام النفقة حسب مجلة األحوال الشخصية في ‪ 11‬جويلية ‪ " 1661‬منشورات مركز الدراسات القانونية ‪.1666‬‬
‫‪ 2‬الفصل ‪ 68‬من مجلة األحوال الشخصية‬
‫‪3‬عبد السالم العويني‪" :‬نسب االبن الطبيعي" مذكرة لإلحراز على شهادة الماجستير في قانون األعمال كلية الحقوق بصفاقس ص‪116‬‬
‫‪22‬‬
‫لضمان حق الطفل في التمتع بمستحقاته من النفقة اقتضى الفصل ‪ 51‬مكرر من مجلة األحوال‬
‫الشخصية في فقرته األولى انه "كل من حكم عليه بالنفقة أو بجراية الطالق فقضى عمدا شهرا دون‬
‫دفع ما حكم عليه بأدائه يعاقب بالسجن مدة تتراوح بين ثالثة أشهر و عام و بخطية من مائة دينار إلى‬
‫ألف دينار"‪ .‬هذا الفصل يجعل من عدم االمتثال لواجب أداء النفقة جنحة يعاقب جزائيا مرتكبها‪.‬‬

‫أما عن إمكانية تتبع األم من اجل هذه الجريمة فان عبارة الفصل ‪ 51‬مكرر من مجلة األحوال‬
‫الشخصية جاءت مطلقة و لم تميز بين األب و األم ‪":‬كل من حكم عليه بالنفقة"‪ ،‬لذلك يمكن القول بأنه‬
‫ال شيء يحول دون قيام االبن المنفي نسبه بتتبع أمه من اجل جريمة عدم دفع مال النفقة ‪.‬‬

‫بقي أن نشير إلى أن دائرة المدينين بالنفقة بالنسبة لالبن المنفي نسبه ال تقتصر على والدته و إنما‬
‫يمكن أن ينتقل واجب النفقة في صورة عسر األم إلى الجد و ذلك إذا أخذنا بعين االعتبار ما تضمنه‬
‫الفصل ‪ 152‬من م ا ش " يرث ولد الزنا أمه و قرابتها و ترثه أمه و قرابتها"‪.‬‬
‫و هذا الفصل يحيلنا للحديث عن حق االبن المنفي نسبه في اإلرث‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحق في اإلرث‪:‬‬

‫لم يعرف المشرع التونسي الميراث أو اإلرث و اكتفى بتحديد شروطه صلب الفصول من ‪ 65‬إلى ‪66‬‬
‫م ا ش و لذلك فقد تدخل الفقهاء لتحديد مفهوم هذه المؤسسة التي تكتسي طابعا ماديا يشكل ضمانا‬
‫الستمرار الوضع المالي و االجتماعي للوارث على ما هو عليه قبل وفاة مورثه و طابعا معنويا‬
‫باعتبار أن عالقة الميراث تعد تمتينا و تأكيدا للعالقة األسرية بين األطراف‪.‬‬

‫وعرف الفقهاء الميراث بأنه تمليك مضاف إلى ما بعد الموت يستحق بموت المورث و تحقق حياة‬
‫الوارث من بعده وهو ما أكدته أحكام الفصل ‪ 65‬من مجلة األحوال الشخصية‪.1‬‬

‫و تعد القرابة أهم عناصر التوريث في التشريع التونسي و في اغلب التشريعات األخرى‪ .‬على أن‬
‫القرابة المعتبرة هي القرابة التي ترتكز على النسب القائم بين الوارث و المورث و هي السبب‬
‫الرئيسي الكتساب الحق في اإلرث فإذا توفرت الرابطة الشرعية و القانونية بين الطفل و والده جاز‬
‫التوارث بينهما‪.‬‬

‫و جاء بالفصل ‪ 62‬من م ا ش أن "انقطاع الولد من نسب أبيه يخرجه من العصبة و يسقط حقه في‬
‫النفقة و اإلرث "‪ .‬و هذا الفصل يتماشى مع مقتضيات الشريعة اإلسالمية‪ ،‬إذ أجمعت كل المذاهب‬
‫الفقهية على اعتبار انقطاع النسب بموجب اللعان مانعا من موانع اإلرث ‪ ,‬فال توارث بين األب‬

‫‪1‬حميدة المثناني‪":‬ميراث االبن الغير الشرعي" مذكرة ختم التدريب بالمعهد االعلى للقضاء ‪ 2006‬ص‪. 1‬‬
‫‪23‬‬
‫المالعن و الطفل المنفي نسبه فإذا مات المنفي عن مال فان من نفاه ال يرثه و ال يرثه كذلك احد عن‬
‫طريق قرابة األبوة المنفية‪.1‬‬

‫إال أن حرمان االبن المنفي نسبه من حقه في االرث ال ينسحب على عالقته بأمه ذلك انه في حديث‬
‫مروى عن أهل السنن األربعة قال رسول هللا صلى هللا عليه و سلم "تحوز المرأة مواريث لقيطها و‬
‫وولدها الذي العنت عليه"‪.‬‬

‫فولد اللعان "المنفي نسبه" يأخذ حكم ولد الزنا الذي تنطبق عليه أحكام الفصل ‪ 152‬الوارد بالباب‬
‫الثامن تحت عنوان "في مسائل متنوعة" و الذي ينص على انه "يرث ولد الزنا أمه و قرابتها و ترثه‬
‫أمه و قرابتها" معنى هذا الفصل أن األمومة تنشئ حقا متبادال في االرث بين األم و طفلها‪.‬‬
‫فالنسب تجاه األم يبقى قائما رغم ثبوت الزنا و يرتب حقا متبادال في االرث بين األم و أبنائها فيدخل‬
‫بذلك الطفل في عائلة أمه ‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬اثر نفي النسب على العالقة بين الزوجين‪:‬‬

‫يعد الفراق األبدي بين الزوجين أهم آثار نفي النسب على مستوى الزوجية فهو حالة استثنائية من‬
‫حاالت انفصام العالقة الزوجية وهو مؤسسة مستمدة من الفقه اإلسالمي سنتناولها بالدرس في‬
‫(الفرع األول) لنتعرض في (الفرع الثاني) إلى إمكانية تتبع الزوجة من اجل ما أقدمت عليه من مس‬
‫بقداسة الحياة الزوجية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الفراق األبدي بين الزوجين‪:‬‬

‫في هذا اإلطار سنتعرض إلى الفراق بين الزوجين في (الفقرة األولى) لنسلط الضوء في (الفقرة‬
‫الثانية) على تأبيد التحريم‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الفراق بين الزوجين‪:‬‬

‫ذهب بعض الفقهاء‪ 2‬إلى انه ال وجوب للفرقة بين الزوجين كأثر من آثار نفي النسب و ذلك بدعوى أن‬
‫هذه الفرقة لم تتضمنها آية اللعان‪ .‬إال أن اغلب الفقهاء اجمعوا على هذا األثر و استدلوا بما روي عن‬
‫ابن عباس في قصة المتالعنين "ففرق رسول هللا بينهما" و بما روي عن سهل بن سعد في قصة‬
‫عويمر بن الحرث العجالني "مضت السنة في المتالعنين أن يفرق بينهما"‪.3‬و الفرقة تقع بين‬
‫الزوجين المتالعنين النه وقع بينهما من التقاطع و التباغض و التهاتر و إبطال حدود هللا و ما اوجب‬

‫‪ 1‬عبد العزيز عامر‪" :‬االحوال الشخصية في الشريعة االسالمية فقها و قضاءا ص ‪161‬‬
‫‪ 2‬مذهب عثمان البتى و من نهج نهجه من فقهاء أهل البصرة‬
‫‪ 3‬دمحم مصطفى شلبي‪" :‬أحكام االسرة في االسالم" دار النهضة العربية صفحة ‪206‬‬
‫‪24‬‬
‫أن ال يجتمعا بعدها ابدأ و ذلك الن الزوجية مبناها المودة و الرحمة و هؤالء قد عدموا ذلك كل العدم‬
‫و ال اقل من أن تكون بينهما فرقة‪.1‬‬

‫و نقطة الخالف بالنسبة لمن اتفقوا على أن نفي النسب يثبت الفرقة‪ ،‬تبرز في أن بعض الفقهاء و‬
‫خاصة أتباع المذهب المالكي يعتبرون أن الفرقة تقع بمجرد وقوع التالعن بين الزوجين و ذلك حتى‬
‫و إن لم يفرق القاضي بينهما‪.2‬و حجة مالك فيما ذهب إليه حديث ابن عويمر المستفاد منه أن الرسول‬
‫صلى هللا عليه و سلم فرق بين المتالعنين و قال "حسبكما على هللا أحدكما كاذب ال سبيل لك عليها"‪.‬‬

‫و خالفا لذلك اعتبر أبو حنيفة انه إذا التعن الزوجان فرق بينهما القاضي و هذه الفرقة ال تقع إال‬
‫بالحاكم و قبل أن يفرق الحاكم بينهما ال تقع‪.‬و حجة أبو حنيفة في لزوم أمر القاضي أن الفراق إنما‬
‫ينفذ بينهما في تلك الحادثة بحكمه و آمره صلى هللا عليه و سلم بقوله (ال سبيل لك عليها) و لذلك‬
‫فحكمه شرط في وقوع الفرقة‪.3‬‬

‫بالنسبة للقانون الوضعي التونسي فان الفصل ‪ 68‬من مجلة األحوال الشخصية ينص على انه "إذا‬
‫اثبت الحاكم نفي األبوة طبق أحكام الفصل السابق فانه يحكم بقطع النسب و الفراق األبدي بين‬
‫الزوجين"‪.‬و من هنا يمكننا أن نالحظ أن المشرع التونسي اتجه اتجاها حنفيا مخوال للقاضي وحده‬
‫صالحية التفريق بين الزوجين‪ ،‬فالفرقة ال تقع بمجرد نفي األبوة و إنما يبقى تحققها رهينة أمر‬
‫القاضي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تأبيد التحريم‪:‬‬

‫إن مصطلح "الفراق األبدي بين الزوجين" كما جاء بالفصل ‪ 68‬من مجلة األحوال الشخصية‪ ،‬يؤكد‬
‫أن المشرع التونسي اخذ بالرأي المالكي الذي يوجب تأبيد التحريم بموجب اللعان كعقاب للزوجين‬
‫عما وقع بينهما من تقاطع و تباغض من جهة و حسما لكل نزاع متوقع بينهما لو عادت حياتهما‬
‫الزوجية من جديد من جهة أخرى‪.‬‬

‫فالفرقة باللعان تكون فرقة مؤبدة كحرمة الرضاع فال يمكنهما إعادة الزواج بينهما لحديث رسول هللا‬
‫‪4‬‬
‫"المتالعنان ال يجتمعان أبدا"‪.‬‬

‫و في نفس هذا االتجاه سار المشرع المغربي بالمادة ‪ 25‬من مدونة األحوال الشخصية إذ اعتبر اللعان‬
‫من موانع الزواج المؤبدة‪.‬‬

‫‪ 1‬علي حسي الفطناسي‪" :‬دراسات في النسب" التعاضدية العمالية للطباعة و النشر ص ‪100‬‬
‫‪ 2‬عبد العزيز عامر‪" :‬االحوال الشخصية في الشريعة االسالمية فقها و قضاء" دار الفكر العربي الصفحة ‪126‬‬
‫‪ 3‬احمد نصر الجندي‪" :‬النسب في االسالم و االرحام البديلة" دار الكتب القانونية صفحة ‪115‬‬
‫‪ 4‬احمد نصر الجندي‪ :‬المرجع السابق ص ‪.181‬‬
‫‪25‬‬
‫و هنا خالف كل من المشرع التونسي و المشرع المغربي االتجاه الحنفي الذي اعتبر الفرقة بين‬
‫الزوجين غير موجبة لتأبيد التحريم بصفة مطلقة و دائمة إذ أنها تعتبر من باب الطالق البائن‪.1‬‬

‫هذا و اعتبر المشرع العراقي التفريق بسبب الخيانة الزوجية طالقا بائنا بيونة صغرى وفقا لما نص‬
‫عليه بالمادتين ‪ 60‬و ‪ 65‬من مجلة األحوال الشخصية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إمكانية تتبع الزوجة‪:‬‬

‫إن إقدام الزوجة على المس بحرمة العالقة الزوجية يجعلها عرضة للتتبع سواء على المستوى المدني‬
‫بمطالبتها بجبر الضرر (الفقرة األولى) أو على المستوى الجزائي بتتبعها من اجل جريمة الزنا‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬المطالبة بجبر الضرر‪:‬‬

‫إن مطالبة الزوج بالتعويض عن الضرر الذي لحقه جراء عدم احترام زوجته لواجب الوفاء و‬
‫اإلخالص المحمول عليها ‪2‬و إقدامها على إقامة عالقة جنسية مع غيره ‪ ،‬تكون عادة على أساس‬
‫الفصل ‪ 11‬من مجلة األحوال الشخصية ‪ ،‬أي بمعنى آخر قيام الزوج بدعوى في الطالق للضرر و‬
‫المطالبة بالغرامة المستحقة لجبر الضرر الذي لحقه جراء ما أقدمت عليه زوجته ‪.‬‬

‫و في هذا اإلطار نستحضر حكما ابتدائيا صادرا عن المحكمة االبتدائية بالقصرين ‪ ،3‬قضت فيه بإيقاع‬
‫الطالق بين زوجين بموجب الضرر من الزوجة التي أتت ببنتين من غير زوجها ‪ ،‬كما ألزمت‬
‫الزوجة بجبر الضرر الذي لحق الزوج ‪ ،‬متجاهلة أن هذا األخير كان قد استصدر حكما باتا يقضي‬
‫بنفي نسب البنتين وبالتفريق األبدي بينه و بين زوجته ‪.‬‬
‫و هو ما أثارته محكمة االستئناف بالكاف ‪4‬مؤكدة أن العالقة الزوجية انفصمت بموجب التفريق‬
‫األبدي مما يجعل دعوى الطالق للضرر في غير طريقها و حرية بالرفض‪.‬‬

‫فعلى أي أساس يمكن إذا للزوج الذي أتت زوجته بولد من غيره المطالبة بجبر الضرر؟‬

‫وضع المشرع التونسي قاعدة عامة مفادها أن كل من تسبب في ضرر غيره عمدا أو خطأ بال وجه‬
‫قانوني فعليه جبر الضرر الناشئ عن فعله و هو ما يسمى المسؤولية عن الفعل الشخصي مناط‬

‫‪ 1‬علي حسين الفطناسي‪" :‬دراسات في النسب" التعاضدية العمالية للطباعة و النشر صفاقس صفحة ‪.115‬‬
‫‪2‬الفصل ‪ 21‬من مجلة االحوال الشخصية‬
‫‪ 3‬حكم ابتدائي عدد ‪ 66661‬صادر بتاريخ ‪ 28‬فيفري‪2006‬‬
‫‪4‬قرار استئنافي عدد ‪ 5606‬صادر بتاريخ ‪ 21‬جانفي ‪2010‬‬
‫‪26‬‬
‫الفصل ‪ 62‬من مجلة االلتزامات و العقود الذي جاء فيه أن "من تسبب في ضرر غيره عمدا منه و‬
‫اختيارا بال وجه قانوني سواء كان الضرر حسيا أو معنويا فعليه جبر الضرر الناشئ عن فعله إذا ثبت‬
‫أن ذلك الفعل هو الموجب للضرر مباشرة "‪.‬‬

‫بناء على هذا الفصل يمكن للزوج الذي أتت زوجته بولد من غيره القيام بدعوى مدنية أساسها الفصل‬
‫‪ 62‬ا ع ‪ ،‬يطالب فيها الزوجة بجبر الضرر المعنوي و األذى النفسي الذي أصابه جراء تدنيس هذه‬
‫األخيرة لفراش الزوجية و إلحاق العار به ‪ ،‬هذا و يكون الحكم الصادر بنفي النسب مؤيدا يستدل به‬
‫إلثبات توفر أركان المسؤولية من خطا و ضرر و عالقة سببية بينهما‪.1‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تتبع الزوجة من اجل جريمة الزنا‪:‬‬

‫ينص الفصل ‪ 218‬من المجلة الجزائية على أن "زنا الزوج و الزوجة يعاقب عنه بالسجن مدة خمسة‬
‫أعوام و خطية قدرها خمسمائة دينار و ال يسوغ التتبع إال بطلب من الزوج او الزوجة الذين لهما‬
‫وحدهما الحق في إيقاف التتبع او إيقاف تنفيذ العقاب ‪ ...‬و الشريك يعاقب بنفس العقاب المقرر للزوجة‬
‫أو الزوج المرتكب للجريمة"‪.‬‬

‫و الزنا هو االتصال الجنسي الواقع بالتراضي بين رجل و امرأة ال تربطهما عالقة زوجية و يكون‬
‫احدهما أو كالهما متزوجا بالغير‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫و يعد الزنا لدى بعض التشاريع صورة حصرية لجريمة قائمة الذات هي جريمة الخيانة الزوجية‬
‫وهو ما جعل الفقه يجمع على أن القوانين ال تعاقب على الزنا باعتباره ماسا بالعرض و بالتالي فهي ال‬
‫تعمل على حمايته و إنما هي تجرمه و تعاقب عليه باعتباره اعتداء على حرمة العالقة الزوجية التي‬
‫تعد مقدسة‪ ،‬و يرى بعض الفقهاء أن جريمة الزنا تشكل انتهاكا لحرمة الزواج و ما يقوم عليه من‬
‫حقوق و واجبات من بينها خاصة واجب الوفاء و اإلخالص‪.‬و تمس هذه الجريمة ايضا العائلة ممثلة‬
‫خاصة في الشريك الزوج و المجتمع بصفة عامة و ذلك بالنيل من قيمه االجتماعية التي من بينها‬
‫المحافظة على صفاء األنساب‪ ،‬و أيا كان الغرض فان الزنا جريمة قانونا و شرعا و ذلك لقوله تعالى‪:‬‬
‫"ال تقربوا الزنا انه كان فاحشة و ساء سبيال"‪.3‬‬

‫إال أن اإلشكال يبقى مطروحا حول كيفية إثبات زنا الزوجة التي أتت بولد نفاه زوجها عنه؟‬

‫اتخذ فقه القضاء التونسي توجها خاصا في إثبات الزنا إذ كرس حرية اإلثبات و جعل الزنا يثبت بكل‬
‫الوسائل وهو ما أكدته المحاكم في أكثر من مناسبة من بينها قرار تعقيبي صادر بتاريخ ‪ 25‬فيفري‬

‫‪1‬‬
‫‪Philppe le tourneau « la responsabilité civile » dalloz p 605 .‬‬
‫‪ 2‬مثال القانون المغربي‬
‫‪ 3‬سورة االسراء االية ‪12‬‬
‫‪27‬‬
‫‪ 1666‬جاء فيه أن "النصوص القانونية التونسية أوكلت للقاضي الجزائي حرية تقدير األدلة من‬
‫شهادات و قرائن و غيرها من الحجج التي لم يحجرها القانون و بالتأمل في الفصل ‪ 118‬من المجلة‬
‫الجزائية يتضح انه لم يفرض نوعا خاصا من األدلة إلدانة الزانية"‪ .1‬مما يجعل للمحكمة الحرية في‬
‫األخذ بكل الوسائل المقنعة من شهادة أو إقرار أو قرائن‪ ،‬و يعد حمل الزوجة من غير زوجها قرينة‬
‫قطعية على ارتكابها لجريمة الزنا‪.‬‬

‫هذا و تعد جريمة الزنا من الجرائم ذوى الصفة‪ ،‬و الصفة الواجب توفرها هي صفة الزوجية التي‬
‫تطرح إشكاليات ال بد من الوقوف عندها خاصة و أن قيام الرابطة الزوجية ليست فقط ركنا من أركان‬
‫جريمة الزنا التي يجب أن تتوفر في احد طرفي العالقة الجنسية أو في كليهما و إنما ايضا شرطا من‬
‫شروط إثارة الدعوى‪ ،‬فالفصل ‪ 218‬م ج اقر انه ال يسوغ التتبع في جريمة الزنا إال بطلب من الزوج‬
‫أو الزوجة‪ ،‬فحق التتبع إذا في جريمة الزنا ال يكون إال بطلب من القرين المتضرر بما يعني انه حق‬
‫شخصي ال ينسحب على سواه‪.2‬‬

‫و يبقى اإلشكال مطروح عن إمكانية إثارة دعوى الزنا بعد صدور الحكم بالتفريق األبدي بين‬
‫الزوجين أو أثناء سير دعوى نفي النسب؟‬

‫اعتبرت محكمة االستئناف بالكاف أن " التفريق األبدي الناتج عن نفي النسب و إن كان حالة استثنائية‬
‫من حاالت انفصام العالقة الزوجية التي تنفصم عادة بالوفاة أو بالطالق إال انه يحل الرابطة الزوجية‬
‫و بالتالي فان من فقد صفة الزوجية بموجب الحكم القاضي بالتفريق األبدي بينه و بين زوجته ال‬
‫يمكنه تتبعها من اجل جريمة الزنا‪ " 3‬لكن المنطق القانوني يقضي أن ننظر في أركان الجريمة زمن‬
‫وقوعها ‪ ,‬فالزوج المتضرر يمكنه التشكي في اجل ثالث سنوات من ارتكاب الفعل (وهنا يجب أن‬
‫نأخذ بعين االعتبار تاريخ الحمل بالطفل المنفي نسبه ) فإذا ثبتت الجريمة يمكن للمتضرر المتمتع‬
‫بصفة الزوجية زمن ارتكاب الفعل تتبع الزوجة من اجل جريمة الزنا‪.‬‬

‫و مهما كان الموقف المتبنى فيما يتعلق بالصورة سالفة الذكر‪ ,‬فان إمكانية التتبع تبقى قائمة إذا ما تمت‬
‫إثارة دعوى الزنا قبل صدور حكم بات يقضي بالتفريق األبدي بين الزوجين‪ ،‬فقياسا على ما استقر‬
‫عليه فقه القضاء التونسي فيما يتعلق بانفصام الرابطة الزوجية بالطالق يمكن الجزم بان إثارة دعوى‬
‫الزنا تعد صحيحة ما دام الحكم بنفي النسب لم يصبح حكما باتا‪.‬‬

‫‪ 1‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 11861‬مؤرخ في ‪ 25‬فيفري ‪1666‬‬


‫‪ 2‬احمد محمود خليل‪" :‬جريمة الزنا" دار المطبوعات الجامعية‬
‫‪ 3‬قرار صادر عن محكمة االستئناف بالكاف بتاريخ ‪ 2006/02/11‬تحت عدد ‪8021‬‬
‫‪28‬‬
‫الخاتمة‬

‫قائمة المراجع‬
‫‪1‬‬
‫ماجدة بن جعفر ‪" :‬تطور وسائل االثبات في مادة النسب "م ق ت جانفي ‪. 2002‬ص ‪. 65‬‬
‫‪29‬‬
‫المراجع باللغة العربية ‪:‬‬
‫المراجع العامة ‪:‬‬
‫*عبد العزيز عامر‪" :‬األحوال الشخصية في الشريعة اإلسالمية فقها و قضاء" دار الفكر العربي‪.‬‬

‫*زكريا احمد البشري‪" :‬أحكام األوالد في اإلسالم" الدار القومية للطباعة و النشر القاهرة‪.‬‬

‫*رضا خماخم ‪ " :‬أحكام النفقة حسب مجلة األحوال الشخصية في ‪ 11‬جويلية ‪ " 1661‬منشورات‬
‫مركز الدراسات القانونية ‪.1666‬‬

‫*دمحم مصطفى شلبي‪" :‬أحكام األسرة في اإلسالم" دار النهضة العربية ‪.‬‬

‫*علي حسين الفطناسي‪" :‬دراسات في النسب" التعاضدية العمالية للطباعة و النشر ‪.‬‬

‫*احمد نصر الجندي‪" :‬النسب في اإلسالم و األرحام البديلة" دار الكتب القانونية‪.‬‬

‫*احمد محمود خليل‪" :‬جريمة الزنا" دار المطبوعات الجامعية‪.‬‬

‫الرسائل‪:‬‬
‫*جيهان باألكحل‪" :‬قضاء األحوال الشخصية" مذكرة لنيل شهادة الماجستير في قانون األعمال كلية‬
‫الحقوق و العلوم السياسية بسوسة ‪. 2005‬‬

‫*كمال البجاوي ‪" :‬نفي النسب " رسالة لنيل شهادة ختم الدروس بالمعهد األعلى للقضاء ‪.‬‬

‫*عبد الرؤوف بن الشيخ‪" :‬الوضعية القانونية للبنوة الشرعية في القانون التونسي" مذكرة لنيل شهادة‬
‫الدراسات العليا الجامعة التونسية ‪.‬‬

‫*نجاة البشيني‪" :‬الوضعية القانونية لالبن الطبيعي" رسالة تخرج من المعهد األعلى للقضاء ‪. 1666‬‬

‫*حاتم الفارس‪" :‬حق الطفل في الهوية الكاملة" مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص كلية‬
‫الحقوق بصفاقس ‪ 2005‬ص ‪.‬‬

‫*ايمان بن شعبان‪" :‬الحق في الهوية" مذكرة لإلحراز على شهادة الدراسات المعمقة في قانون العقود‬
‫و االستثمارات كلية الحقوق و العلوم السياسية بتونس ‪. 2001 – 2002‬‬

‫*عبد السالم العويني‪" :‬نسب االبن الطبيعي" مذكرة لإلحراز على شهادة الماجستير في قانون‬
‫األعمال كلية الحقوق بصفاقس‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫*حميدة المثناني‪":‬ميراث االبن الغير الشرعي" مذكرة ختم التدريب بالمعهد األعلى للقضاء ‪. 2006‬‬

‫المقاالت‪:‬‬
‫*الصادق بوفادن‪" :‬الحق في الهوية" ق ت أكتوبر ‪ 1666‬ص ‪.251‬‬

‫*ساسي بن حليمة ‪" :‬وضعية الطفولة الطبيعية أو الغير الشرعية في تونس" م ق ت عدد ‪1688/ 2‬‬
‫صفحة ‪.6‬‬
‫‪.‬‬
‫*الهاشمي دحيدح‪" :‬نفي النسب عن طريق تحليل الدم" م ق ت عدد ‪ 5‬و ‪ 8‬لسنة ‪ 1666‬صفحة ‪.6‬‬

‫*ساسي بن حليمة "تعليق على قرار محكمة االستئناف بصفاقس" م ق ت‪ 1665‬ج‪ . 1‬و "تعليق على‬
‫قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 11005‬مؤرخ في ‪ 26‬جويلية ‪ 1668‬ق ت ‪ 1668 /6‬ص ‪.62‬‬

‫*جمال شهلول "الحق في الهوية" ق ت ‪1666‬جانفي ‪.‬‬

‫*رشيد الصباغ "صفة األم في رفع الدعوى بإثبات نسب ابنها من أبيه و دعوى إلزامه باإلنفاق عليه‬
‫" م ق ت ‪ 1666‬ج ‪ 1‬ص ‪.86‬‬

‫*ماجدة بن جعفر ‪" :‬تطور وسائل اإلثبات في مادة النسب "م ق ت جانفي ‪. 2002‬‬

‫المراجع باللغة الفرنسية‪:‬‬


‫‪*Gabriel Riquet Mirabeau : «petit Larousse » 1985 p 1526 « la justice est un‬‬
‫‪besoin de tous et de chaque instant comme elle doit commander le respect‬‬
‫» ‪elle doit inspirer la confiance‬‬
‫‪*Doyen Carbonier « droit civil » tome 1 .9 éme édition n 70.‬‬
‫‪*Planiol (M) « traite élémentaire de droit ».Dalloz.‬‬
‫‪*Philipe le tourneu « la responsabilité civile » Dalloz .‬‬

‫‪31‬‬
‫المالحق‬

‫الفهرس‬
‫مقدمة ‪1..................................................................................................................‬‬
‫الجزء األول‪:‬آليات نفي النسب‪1....................................................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬دعوى نفي النسب‪1..................................................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬إجراءات دعوى نفي النسب‪1.......................................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تحديد المحكمة المختصة‪6..........................................................................‬‬
‫أ‪ :‬االختصاص الحكمي‪6...............................................................................................................‬‬
‫ب‪ :‬االختصاص الترابي‪5..............................................................................................................‬‬
‫‪32‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬أطراف دعوى نفي النسب ‪5..........................................................................‬‬
‫أ‪ :‬المدعي في دعوى نفي النسب‪8....................................................................................................‬‬
‫ب‪ :‬المدعى عليه في دعوى نفي النسب‪6............................................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬سقوط دعوى نفي النسب بمرور الزمن‪6..........................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬قابلية سقوط دعوى نفي النسب بمرور الزمن‪6.................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬عدم قابلية سقوط دعوى نفي النسب بمرور الزمن‪6.............................................‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬وسائل نفي النسب‪10...............................................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬وسائل نفي النسب المستمدة من الفقه اإلسالمي‪11..............................................‬‬
‫الفقرة األولى‪:‬اللعان‪11...............................................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬إثبات عدم التالقي بين الزوجين‪12.................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬االختبارات الطبية‪11.................................................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬نفي النسب بواسطة تحليل الدم‪16.................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬التحليل الجيني‪15......................................................................................‬‬
‫الجزء األول‪:‬آثار نفي النسب‪16....................................................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬انقطاع نسب الولد ‪16................................................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬اثر انقطاع النسب على الحقوق ذات الصبغة الشخصية‪16....................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الحق في اللقب العائلي‪16..........................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬الحق في الرعاية‪16...................................................................................‬‬
‫أ‪ :‬الحضانة‪20...........................................................................................................................‬‬
‫ب‪ :‬الوالية‪21............................................................................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اثر انقطاع النسب على الحقوق ذات الصبغة المالية‪22.......................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الحق في النفقة‪22....................................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬الحق في اإلرث‪21....................................................................................‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬اثر نفي النسب على العالقة بين الزوجين‪26...................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الفراق األبدي بين الزوجين‪26.....................................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪:‬الفراق بين الزوجين‪26..............................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬تأبيد التحريم‪25........................................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬إمكانية تتبع الزوجة ‪28..............................................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المطالبة بجبر الضرر‪28...........................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬تتبع الزوجة من اجل جريمة الزنا‪26...............................................................‬‬
‫خاتمة‪26...............................................................................................................:‬‬

‫‪33‬‬
34

You might also like