You are on page 1of 62

‫مقـ ّدمـة‬

‫تعريف القانون المدني‪:‬‬ ‫‪)1‬‬

‫بغض النّظر عن‬


‫‪ -‬حسب ىدؼ القانوف اؼبدين ‪ :‬ىو "القانوف اػباص الذي ينظّم عبلقات األفراد ّ‬
‫طبيعتها وعن اؼبهنة الّيت ديتهنوهنا"‪.‬‬
‫‪ -‬حسب مصادر القانوف اؼبدين ‪" :‬أسلم تقدمي للقانوف اؼبدين يتمثّل يف إعتماد مصادره ومن ىذه‬
‫يتكوف من ؾبموعة القواعد القانونية وأحكاـ القضاء وآراء الفقهاء"‪.‬‬
‫الزاوية ديكن القوؿ بأ ّف القانوف اؼبدين ّ‬
‫ّ‬
‫‪ -‬حسب ؿبتوى القانوف اؼبدين ‪" :‬ىو ؾبموعة األحكاـ اؼبنظّمة للعبلقات بُت األشخاص واؼبتأتية‬
‫من معامبلهتم اؼبدنية أي العادية اليومية"‪.‬‬
‫ظهور لفظة القانون المدني‪:‬‬ ‫‪)2‬‬

‫يفرؽ بُت القانوف اؼبدين ( القانوف اػباص باؼبواطنُت )‬ ‫الروماين الّذي كاف ّ‬
‫مرة يف القانوف ّ‬
‫ألوؿ ّ‬
‫ظهرت ّ‬
‫الشعوب يف القانوف اؼبدين ويندمج فيو كما‬ ‫الشعوب ( قانوف األجانب ) وذلك قبل أف يؤثر قانوف ّ‬ ‫وقانوف ّ‬
‫السابق للثّورة الفرنسية تسمية "القانوف اؼبدين" لل ّداللة على القواعد القانونية‬
‫إستعمل القانوف الفرنسي ّ‬
‫والوضعية اؼبستقلّة عن "القانوف الكنسي"‪.‬‬
‫ألىم ؾباالهتا‪.‬‬
‫جل ال ّدوؿ العربية فإعتمدت التسمية ونسبتها ّ‬
‫وعلى ىذا النّحو نسجت ّ‬
‫لكن اؼبعٌت اغبديث للفظة "القانوف اؼبدين" تأثّرت أيضا بظهور القانوف العاـ وىو القانوف الّذي‬
‫ّ‬
‫مكوف للقانوف‬
‫أىم ّ‬‫السلطة وربديد عبلقة الفرد هبا‪ ،‬ذلك أ ّف القانوف اؼبدين بوصفو ّ‬
‫يهدؼ إىل تنظيم ّ‬
‫الشعل‬
‫جل فروع القانوف اػباص كالقانوف التجاري وقانوف ّ‬ ‫اػباص صار يعٍت كذلك القانوف غَت العاـ أل ّف ّ‬
‫تفرعت عنو‪.‬‬
‫ّ‬
‫يسمى حديثا بالقانوف‬
‫الرئيسي ؼبا ّ‬
‫ويعترب القانوف اؼبدين من أقدـ فروع القانوف إطبلقا وىو اعبزء ّ‬
‫وجل فروع القانوف اػباص األخرى‪ ،‬فهو‬
‫تفرع عنو القانوف التجاري ّ‬‫اػباص إذ ىو اؼبصدر التارخيي الّذي ّ‬
‫يشمل ؾبموعة األحكاـ والقواعد اؼبنظّمة للعبلقات بُت أصحاب اغبقوؽ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫األول‪ :‬تقديم القانون المدني‪:‬‬
‫المبحث ّ‬
‫التعرض لركنيو األساسيُت‪.‬‬
‫ؼبعرفة ميزات ىذا القانوف‪ ،‬وجب يف ما يلي ّ‬
‫الفقرة األولى‪ :‬القانون المدني ىو قانون وضعي‪:‬‬
‫الصادر عن‬‫إ ّف القانوف اؼبدين ىو جزء من القانوف الوضعي ‪ droit positif‬أي جزء من القانوف ّ‬
‫ال ّدولة‪ .‬ويعٍت ذلك أ ّف قواعد القانوف اؼبدين ال زبتلف جوىريا –رغم بعض اؼبيزات‪ -‬عن القواعد القانونية‪،‬‬
‫كل القوانُت األخرى"‪.‬‬
‫تؤىبلنو ألف يكوف "ركيزة ّ‬
‫لكن صبلبة نظريّاتو وأقدميّتها ّ‬
‫ّ‬
‫أ) األحكام المدنية ىي قواعد قانونية‪:‬‬
‫ككل القواعد القانونية الوضعية‪ ،‬فإ ّف أحكاـ القانوف اؼبدين ىي‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ )1‬قواعد سلوك‪:‬‬
‫دبا أ ّف اؽبدؼ األساسي للقانوف اؼبدين يتمثّل يف تنظيم العبلقات بُت األشخاص فإنّو ليس من‬
‫نتبُت أ ّف األحكاـ اؼبدنية ليست من حيث طبيعتها قواعد أخبلقية وال دينية رغم التأثّر الّذي‬
‫الغريب أف ّ‬
‫تتضمن‪:‬‬
‫كل ىذه القواعد بل ىي قواعد قانونية تفرض على الفرد سلوكا معيّنا فهي ّ‬ ‫حيصل بُت ّ‬
‫الشيء إستعمالو أو إستغبللو أو التفويت‬
‫خيوؿ لصاحب ّ‬ ‫ّإما إباحة فعل‪ّ :‬‬
‫كحق اؼبلكية الّذي ّ‬ ‫‪-‬‬

‫فيو‪.‬‬
‫‪ -‬أو أمرا بو ‪ :‬كًتبّص اؼبرأة اؼبطلّقة أو األرملة بعد زوجها أو طليقها م ّدة الع ّدة‪ ،‬تأدية اؼبشًتي‬
‫الصيغ اؼبنصوص عليها بالعقد‪.‬‬ ‫للثّمن حسب ّ‬
‫الشركاء‬
‫تصرؼ أحد ّ‬
‫مرات‪ ،‬ربجَت ّ‬
‫يتزوج مطلّقتو ثبلث ّ‬ ‫‪ -‬أو نهيا عنو‪ :‬كالتحجَت على ّ‬
‫الرجل أف ّ‬
‫يف اؼبشًتؾ إالّ برضى الباقُت‪.‬‬
‫‪ -‬أو إستخالص نتيجة منو‪ :‬كجرب ّ‬
‫الضرر الناشئ عن ضرر حاصل أو من إكتسب ماؿ غَته ببل‬
‫رده‪.‬‬
‫وجو عليو ّ‬
‫وعامة‪:‬‬
‫مجردة ّ‬
‫‪ )2‬قواعد ّ‬
‫يٌعتمد يف صياغة القاعدة القانونية أسلوب خاص يرتكز على تقنية متميّزة‪.‬‬
‫موجهة إىل الكافة فتضبط شروط تطبيقها وآثارىا وذلك صراحة‬‫التجريد‪ :‬يعٍت أ ّف صياغة القاعدة ّ‬
‫كل اغباالت الّيت تتح ّقق فيها‬
‫ؾبردة تسمح بتطبيقها يف ّ‬
‫أو ضمنيا‪ ،‬حيث تٌصاغ القاعدة القانونية بعبارات ّ‬
‫تتضمن األثر األساسي لتح ّقق شروط‬‫الشروط اؼبتعل ّقة بالوقائع‪ .‬كما أهنا ّ‬
‫الصفات اؼبتعل ّقة باألشخاص و ّ‬
‫ّ‬
‫تطبيقها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫معُت‪ ،‬حيث يسري تطبيق قاعدة بلوغ‬ ‫موجهة لشخص ّ‬ ‫العموميّة‪ :‬تعٍت أ ّف القاعدة القانونية ليست ّ‬
‫للشخص وىو ما يقصده‬ ‫اػباصة ّ‬
‫الرشد عند بلوغ العشرين من العمر دوف سبييز أو إعتداد باغباالت ّ‬ ‫سن ّ‬
‫ّ‬
‫السائد حاليا ىو ضرورة تغليب القاعدة القانونية وإعطاء‬
‫فالرأي ّ‬
‫"األنصاؼ" أو "العدالة" ‪ّ .l’équité‬‬
‫اؼبشرع على ربقيق اإلستقرار والعدؿ واؼبساواة بُت اعبميع عند تطبيق‬
‫مكانة ثانوية لؤلنصاؼ وذلك غبرص ّ‬
‫القانوف‪.‬‬
‫تتوجو إالّ‬
‫بالضرورة تطبيق القانوف على كافّة أفراد اجملتمع فبعض القواعد ال ّ‬
‫إالّ أ ّف العمومية ال تعٍت ّ‬
‫هتم إالّ فئة ؿبدودة من‬
‫التبٍت فهي قواعد مدنية عامة رغم أ ّهنا ال ّ‬
‫لفئة من النّاس مثل القواعد احمل ّددة لشروط ّ‬
‫األفراد‪.‬‬
‫‪ )3‬قواعد ملزمة‪:‬‬
‫اإللزاـ يعٍت قانونا اعبزاء أو قابلية اغبصوؿ عليو‪ .‬وخيتلف اعبزاء حسب فروع القانوف‪.‬‬
‫السجن واػبطية والتشغيل‬
‫فالعقوبات الواردة بالقانوف اعبزائي ‪ droit pénal‬تتمثّل يف اإلعداـ و ّ‬
‫اإلصبلحي ومنع اإلقامة واؼبراقبة اإلدارية ومصادرة اؼبكاسب واغبجز اػباص واإلقصاء واغبرماف من اغبقوؽ‬
‫‪ la nullité‬والفسخ ‪la‬‬ ‫اؼبدنية‪ّ ،‬أما اعبزاء اؼبدين فيختلف عن ىذه العقوبات ويتمثّل يف البطبلف‬
‫‪ résolution‬وعدـ اإلحتجاج ‪ l’inopposabilité‬والتعويض ‪.la réparation‬‬
‫معُت يفرض‬
‫يتيسر إف مل تكن القاعدة مقًتنة جبزاء ّ‬
‫‪ ‬إ ّف تنظيم العبلقات بُت األشخاص ال ّ‬
‫إحًتامها وعدـ ذباوزىا‪.‬‬

‫ب)خصائص أحكام القانون المدني‪:‬‬


‫اػباصة وبتقنياتو‪:‬‬
‫ديتاز القانوف اؼبدين دبكانتو ّ‬
‫‪ )1‬المكانة الخاصة للقانون المدني‪:‬‬
‫‪ -‬على المستوى النّظري‪ :‬القانوف اؼبدين ىو القانوف األصلي ‪ le droit commun‬بإعتباره أقدـ‬
‫يكوف اؼبصدر األساسي واؼبرجع الّذي ال كبيد عنو إالّ يف صورة وجود‬ ‫القوانُت إطبلقا ومعٌت ذلك أنّو ّ‬
‫الشغل وقانوف التأمُت )‬
‫الصفة على فروع القانوف اؼبدين ( القانوف التّجاري‪ ،‬قانوف ّ‬
‫خاص‪ .‬وتسري ىذه ّ‬ ‫حكم ّ‬
‫الرجوع إىل‬
‫مكونات القانوف العاـ ( القانوف اإلداري‪ ،‬القانوف ال ّدستوري والقانوف اعببائي ) حيث جيب ّ‬
‫وعلى ّ‬
‫لكل فروع‬
‫اؼبادة اؼبعنية‪ ،‬فهو اؼبصدر اإلحتياطي ّ‬
‫مستقل يف ّ‬
‫ّ‬ ‫قواعد القانوف اؼبدين إذا تع ّذر وجود حكم‬
‫القانوف‪.‬‬
‫خاصة‬
‫عامة جيوز تطبيقها كلّما مل ترد أحكاـ ّ‬
‫فقاعدة "إثبات اإللتزاـ على القائم بو" ىي أحكاـ ّ‬
‫ربيد عنها‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -‬على المستوى العلمي‪ :‬القانوف اؼبدين ىو قانوف "يومي" أي أ ّف قواعده كثَتة التطبيق‬
‫وبدرجات متفاوتة األمهية‪ ،‬حيث يسهل الوقوؼ على أمهية القانوف اؼبدين من خبلؿ أعماؿ ووقائع عادية‬
‫اؼبرات‪.‬‬
‫تتكرر عديد ّ‬
‫ّ‬

‫‪ )2‬التقنيات ال ّدقيقة للقانون المدني‪:‬‬


‫الروماين إستنبط العديد منها‪ ،‬كما أ ّف الفقو اإلسبلمي‬
‫ىذه التقنيات ليست حديثة‪ .‬فالقانوف اؼبدين ّ‬
‫وطورت بعضها‪.‬‬‫أثراىا‪ّ .‬أما القوانُت اؼبدنية اغبديثة فتبنتها ودقّقتها ّ‬
‫وتتمثّل اؼببلمح التقنية العامة للقوانُت اؼبدنية اؼبعاصرة يف‪:‬‬
‫تدعمت‬
‫جل ىذه القوانُت ترتيبا ؼبصادرىا جعلت فيو للتّشريع اؼبكتوب مكانة مرموقة ّ‬ ‫كرست ّ‬ ‫‪ّ -‬‬
‫‪les‬‬ ‫أىم القواعد اؼبدنية يف ؾببلّت قانونية‬
‫يسمى بػ "التقنُت" ‪ la codification‬أي ذبميع ّ‬ ‫خاصة دبا ّ‬
‫ّ‬
‫‪( codes‬يف تونس منذ ‪.)1861‬‬
‫جل ىذه القوانُت يف مبادئ مشًتكة سبثّل األسس النّظرية للقانوف‬
‫‪ -‬من حيث اؼبضموف‪ ،‬تشًتؾ ّ‬
‫اؼبدين اؼبعاصر وىي‪:‬‬
‫‪ ‬مبدأ الحرية‪ :‬أي حق الفرد يف التمتّع ّ‬
‫باغبريات األساسية (كحرية التعاقد)‪ .‬وترتّب‬
‫عن ىذا اغبق أ ّف األصل يف القانوف اؼبدين ىو اإلباحة ال اؼبنع‪.‬‬
‫الضار ويًتتّب عن ذلك اإللتزاـ إزاء‬ ‫مبدأ المسؤولية‪ :‬يعٍت ّ‬
‫ربمل تبعات الفعل ّ‬ ‫‪‬‬

‫اآلخرين بتعويض األضرار اغباصلة ؽبم‪.‬‬


‫مبدأ حسن النّية‪ :‬مبدأ يسود اؼبعامبلت والعقود ليضمن إستقرارىا وحسن تنفيذىا‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫اؼبكونة للقانوف اؼبدين التونسي‪.‬‬


‫‪ ‬سنلمس آثار ىذه اؼببادئ وأبعادىا عند دراسة اؼبؤسسات ّ‬
‫الصياغة‪ :‬نبلحظ أ ّف القانوف اؼبدين التونسي تأثّر بصفة جليّة عرب اجمللّة‬
‫‪ -‬من حيث التقنيات و ّ‬
‫خاصة‪:‬‬
‫الفرنسية بالقانوف الروماين‪ .‬وترتكز ىذه التقنيات على تفرقة جوىرية وعلى صياغة ّ‬
‫‪ ‬التفرقة الجوىرية بين القانون ‪ le droit‬والواقع ‪ :le fait‬إ ّف القانوف ليس اغبق‪،‬‬
‫اغبق ‪ droit subjectif‬فهو‬ ‫اجملردة واؼبلزمة‪ّ .‬أما ّ‬
‫فالقانوف ‪ droit objectif‬ىو ؾبموعة القواعد العامة و ّ‬
‫يقرىا ؽبم القانوف‪.‬‬
‫ديثّل إمتيازات وسلطات األفراد وال ّذوات اليت ّ‬
‫بتجرده وعمومية أحكامو يف حُت أ ّف الواقع أحداث‬
‫كما خيتلف القانوف عن الواقع إذ أنّو ديتاز ّ‬
‫معيّنة ملموسة تفرزىا اغبياة اإلجتماعية وعبلقات األفراد بعضهم ببعض‪ .‬فالقانوف وإف تأثّر حتما بالواقع‬
‫التفوؽ‪،‬‬
‫كل قاعدة قانونية بطبيعتها إىل إخضاع نوع من الوقائع ؽبا ولتحقيق ىذا ّ‬ ‫فهو يسمو عنو إذ هتدؼ ّ‬
‫خاصة‪.‬‬
‫يعتمد واضع القانوف صياغة ّ‬

‫‪4‬‬
‫الصياغة القانونية ‪ :‬تتسم الصياغة القانونية بطابعها اؼبميّز اؼبرتكز على مصطلحات‬
‫ّ‬ ‫‪‬‬

‫قانونية حبتة وعلى تركيبة معينة للجملة زبتلف عن األسلوب األديب أو الشعري‪ .‬فوضع القاعدة القانونية‬
‫الصبغة العلمية‬
‫ذاهتا خيضع ؼبنهجية وؼبنطق معينُت‪ ،‬كما أ ّف تطبيقها وتأويلها يستوجباف طرقا خاصة تضفي ّ‬
‫للمشرع الّذي يستعمل عبارات قانونية ال‬
‫ّ‬ ‫على القانوف اؼبدين‪ّ .‬أما يف خصوص وضع القاعدة‪ ،‬فاألمر يعود‬
‫‪les institutions‬‬ ‫تسمى مصطلحات ‪ .les concepts‬كما يستعمل األمناط القانونية‬ ‫واقعية ّ‬
‫مصطلحات قانونية ‪ّ .‬أما لفظة "عقارات‬ ‫‪ .juridiques‬فكلمة "قاصر" أو "دائن" أو "مدين" ىي‬
‫حكيمة" أو "عقارات طبيعية" أو "عقد بيو" أو "كراء" فهي أمناط قانونية ديثّل ؾبموعها " مؤسسة قانونية"‬
‫الزواج أي أ ّف اؼبؤسسة القانونية ىي إرباد أمناط معينة‪.‬‬
‫كمؤسسة اؼبلكية أو الوالية أو ّ‬
‫اؼبشرع يف وضع ىذه القواعد ع ّدة أساليب منها‪:‬‬
‫كما يعتمد ّ‬
‫‪ ‬التعريف ‪ :la définition‬إذ يٌبادر ّ‬
‫اؼبشرع بضبط تعريف اؼبصطلح أو‬
‫اؼبؤسسة فالبيع حسب ؾبلّة اإللتزامات والعقود (ـ‪.‬إ‪.‬ع) ىو "عقد تنتقل بو ملكية شيء أو حق من أحد‬
‫اؼبتعاقدين لآلخر بثمن يلزـ بو"‪.‬‬
‫الشروط اؼبتعلّقة بنمط‬ ‫‪ ‬التصنيف ‪ :la classification‬يع ّدد ّ‬
‫اؼبشرع ّ‬
‫الزواج‪.‬‬
‫معُت أو آثاره فمجلّة األحواؿ الشخصية (ـ‪.‬أ‪.‬ش) ع ّددت موانع ّ‬
‫ّ‬
‫اؼبشرع حكما يف شكل قرينة قانونية‬
‫يقر ّ‬‫‪ ‬اإلفتراض ‪ّ :la fiction‬‬
‫يستدؿ بو القانوف على أشياء ؾبهولة" ‪ ،‬فالنّسب يٌثبت بالفراش حسب‬
‫ّ‬ ‫‪ présomption légale‬وىي "ما‬
‫بالزوج‪.‬‬
‫ـ‪.‬أ‪.‬ش وىي قرينة قانونية تلحق نسب اؼبولود ّ‬
‫جل قواعد القانوف اؼبدين يبلحظ أ ّف ؿبتواىا خيفي تركيبة معيّنة ذبعل للقاعدة عنصرين‪:‬‬
‫اؼبتأمل يف ّ‬
‫إ ّف ّ‬
‫يتم التنصيص عليهما صراحة أو ضمنا فالفرض‬ ‫اغبل ‪ la solution‬الّذين ّ‬ ‫الفرض ‪ l’hypothèse‬و ّ‬
‫اؼبقرر يف ىذه القاعدة‪.‬‬
‫يتضمن األمر ّ‬ ‫اغبل فهو ّ‬‫يتضمن شروط إنطباؽ القاعدة ّأما ّ‬
‫ّ‬
‫الصادر عن غلط أو عن تدليس أو عن إكراه يقبل‬ ‫مثال ‪ :1‬الفصل ‪ 43‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع " ّ‬
‫الرضاء ّ‬
‫اغبل‬
‫اإلبطاؿ" فالفرض يتمثّل يف رب ّقق وجود رضاء صادر عن غلط أو عن تدليس أو عن إكراه‪ّ .‬أما ّ‬
‫فيتمثّل يف قابلية العقد لئلبطاؿ‪.‬‬

‫مثال ‪ :2‬الفصل السابع من نفس اجمللّة " ّ‬


‫كل إنساف ذكرا كاف أو أنثى ذباوز عمره عشرين سنة‬
‫الشخص رشيدا‪ .‬كما أ ّف طبيعة‬
‫فاغبل يتمثّل يف إعتبار ذلك ّ‬
‫كاملة‪ ،‬يعترب رشيدا دبقتضى ىذا القانوف" ‪ّ ،‬‬
‫اؼبادة اؼبدنيّة إذ يتحتّم التّفريق بُت‪:‬‬
‫اغبل زبتلف يف ّ‬
‫ّ‬
‫‪ ‬القواعد اآلمرة الجامدة‪ :‬وىي الّيت يكوف فيها ّ‬
‫اغبل ملزما‬
‫اغبل الوارد هبا‬
‫لؤلشخاص ال يسعهم ـبالفتو أو إبدالو فهي أحكاـ آمرة أي أ ّهنا "تأمر" وال ديكن إقصاء ّ‬
‫كل‬
‫فحسب ؾبلّة اغبقوؽ العينية (ـ‪.‬ح‪.‬ع) "ال جيوز أصبل طلب قسمة األجزاء اؼبشًتكة أو بيعها صفقة و ّ‬
‫‪5‬‬
‫فاؼبشرع أراد من وراء وضع القاعدة اآلمرة فرض إحًتامها بصفة مطلقة‬
‫شرط ـبالف لذلك يع ّد الغيا" ‪ّ .‬‬
‫يعرب عنها‬
‫فاؼبشرع يريد فرض أولوية اؼبصلحة العامة اليت عادة ما ّ‬
‫هتم إستقرار اجملتمع‪ّ ،‬‬
‫لتعلّقها عادة دبسائل ّ‬
‫بنظرية "النّظاـ العاـ" ‪.l’ordre public‬‬
‫‪ ‬القواعد المرنة المكملة‪ :‬ىي قواعد ال تتعلّق بالنّظاـ العاـ ‪.‬‬
‫وتتمثّل اؼبرونة بالتّايل يف إباحة إقصائها وإبداؽبا حبكم ـبالف‪ّ .‬أما صفة التكميل‪ ،‬فتتمثّل يف كوف تلك‬
‫تكمل إرادة األطراؼ وأصحاب اغبقوؽ‪ .‬فإذا كاف‬ ‫القواعد موضوعة لتطبّق يف صورة عدـ إقصائها أي أ ّهنا ّ‬
‫يعُت لو اؼبتعاقداف تارخيا آخر (الفصل ‪ 678‬من‬
‫يف العقد أجل ألداء الثّمن كاف مبدؤه من تاريخ العقد ما مل ّ‬
‫ـ‪ .‬إ‪.‬ع)‪.‬‬
‫اؼبكونة لو‪ ،‬فاؽبدؼ‬
‫تيسر معرفة ؿبتوى القواعد ّ‬‫‪ ‬القانوف اؼبدين ليس ؾبموعة قواعد ربفظ بل تقنيات ّ‬
‫الرئيسي لدرس القانوف اؼبدين يتمثّل يف كشف أسرار ىذه التقنيات وأجو تداخلها تيسَتا لفهم كيفية ربليلها‬
‫ّ‬
‫وتسمى باؼبنهجية القانونية‪.la méthodologie juridique‬‬
‫وشرحها ونقدىا وىي ملكة تكتسب ّ‬
‫الصبغة المدنيّة‪:‬‬
‫الفقرة الثّانية‪ّ :‬‬
‫أىم القوانُت فهو القانوف األصل واؼبرجع إذا إنعدـ اغبكم اػباص‪ .‬وديكن‬
‫القانوف اؼبدين ىو أقدـ و ّ‬
‫تصنيف ؿبتوى القانوف اؼبدين إىل ثبلثة أجزاء رئيسية‪:‬‬

‫شخصية‪:‬‬
‫أ) القواعد المنظّمة للحقوق ال ّ‬
‫اغبقوؽ ال ّذاتية ىي حقوؽ أقّرىا القانوف اؼبدين وترجع لذات معيّنة ‪،une personne déterminée‬‬
‫كالشركات)‬
‫فأصحاب اغبقوؽ ىم ال ّذوات الّيت تنقسم إىل ذوات طبيعية (اإلنساف) وذوات معنوية ( ّ‬
‫وتنقسم اغبقوؽ ال ّذاتية إىل نوعُت‪:‬‬
‫‪-‬حقوق شخصيّة ‪ :droits personnels‬اليت سبثّل رابطة إلتزاـ بُت شخص وآخر‪ :‬وىي‬
‫موضوع ـ‪.‬إ‪.‬ع‪ .‬وىي تشمل مسائل معيّنة كمصادر اإللزاـ وشروط إنتقالو وآثاره وبطبلنو وفسخو‪ ،‬فهي‬
‫التصرفات اإلرادية التعاقدية أو اؼبنفردة ومن‬
‫التصرفات القانونية ‪ les actes juridiques‬أي ّ‬
‫تنشأ من ّ‬
‫الوقائع القانونية ‪ les faits juridiques‬وىي وقائع يرتّب القانوف على وجودىا آثارا قانونية كاعبنح ‪les‬‬
‫‪ délits‬وشبو اعبنح ‪.les quasi-délits‬‬
‫‪-‬حقوق عينية ‪ :droits réels‬وىي سلطة شخص على عُت أي على شيء يكوف ماال‪:‬‬
‫موضوع ـ‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬

‫ب)القواعد المنظّمة للحقوق العينية‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫اؼبؤرخ يف ‪ 12‬فيفري ‪ 1965‬باغبقوؽ العينية األصلية‬
‫الصادرة دبوجب القانوف عدد ‪ّ 5‬‬ ‫إعتنت ـ‪.‬ح‪.‬ع ّ‬
‫بالسجل العقاري‪.‬‬
‫صرؼ فيو وإشهاره ّ‬
‫وباغبقوؽ العينية الفرعية وبشروط إكتساب اغبق العيٍت والتّ ّ‬
‫شخصية‪ :‬تشمل ىذه القواعد‪:‬‬
‫ت)القواعد المنظّمة للحالة ال ّ‬
‫الزواج والطّبلؽ والنّفقة واغبضانة والنّسب واؼبَتاث‬
‫األحكاـ اؼبتعلّقة بقانوف العائلة كأحكاـ ّ‬ ‫‪-‬‬

‫(ـ‪.‬أ‪.‬ش)‪.‬‬
‫اؼبتعلق‬
‫و ّ‬ ‫‪1958‬‬ ‫مارس‬ ‫‪4‬‬ ‫اؼبؤرخ يف‬
‫ّ‬ ‫‪1958‬‬ ‫لسنة‬ ‫‪27‬‬ ‫األحكاـ اؼبتعلّقة بالوالية ( القانوف عدد‬ ‫‪-‬‬

‫التبٍت)‪.‬‬
‫بالوالية العمومية والكفالة و ّ‬
‫الصادرة يف ‪ 1‬أوت ‪.)1957‬‬
‫األحكاـ اؼبتعل ّقة باغبالة اؼبدنية (ؾبلّة اغبالة اؼبدنية ّ‬ ‫‪-‬‬

‫الصادرة يف ‪ 22‬أفريل ‪.)1963‬‬


‫‪ -‬األحكاـ اؼبتعلّقة باعبنسية (ؾبلّة اعبنسية ّ‬

‫تطور القانون المدني التونسي‪:‬‬


‫المبحث الثّاني‪ّ :‬‬
‫التطور الّذي شهده القانوف اؼبدين إىل ثبلث مراحل أساسية‪:‬‬
‫ديكن تقسيم ّ‬
‫الروماني‪:‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬النّشأة وىيمنة القانون ّ‬
‫يهتم علماء التّاريخ باعبانب القانوين للحضارة الرببرية وىو ما ّأدى إىل صعوبة إكتشاؼ‬
‫‪ -‬مل ّ‬
‫التّنظيم القانوين لتلك اغبضارة‪.‬‬
‫‪ -‬مع نشأة مدينة قرطاج‪ ،‬ىيمنت على القانوف التفرقة اإلجتماعية بُت األحرار من جهة‬
‫هتتم قرطاج كثَتا بتدوين قانوهنا وال جبمعو يف‬
‫والعبيد ( أغلبهم من الرببر ) من جهة أخرى‪ .‬ولكن مل ّ‬
‫موسوعات‪.‬‬
‫الروماين ونتج عن ذلك ظهور تفرقة إجتماعية‬ ‫تسرب القانوف ّ‬
‫‪ -‬مع ىيمنة روما على إفريقية‪ّ ،‬‬
‫الروماف والقانوف اػباص بالفينيقيُت‬
‫السكاف حيث وقع التّمييز بُت القانوف اؼبنطبق على ّ‬‫جديدة بُت ّ‬
‫الرومانية‬
‫والقانوف النّافذ بالنّسبة لؤلىايل األصليُت‪ .‬ولتجاوز ىذه التّفرقة‪ ،‬وقع منح اعبميع صفة اؼبواطنة ّ‬
‫الرومانية‪ ،‬وسرى‬
‫كل مناطق اإلمرباطورية ّ‬ ‫بإصدار الئحة كاركال الّيت ّ‬
‫وحدت القانوف اؼبدين اؼبنطبق على ّ‬
‫الرومانية إىل‬
‫الروماين على تونس ؼب ّدة تفوؽ ‪ 4‬قروف‪ .‬وقد إمت ّد أثر القواعد القانونية ّ‬
‫تطبيق القانوف اؼبدين ّ‬
‫كالزواج‪.‬‬
‫العديد من العادات واألعراؼ اإلجتماعية ّ‬
‫التدخل القانوين على تغيَت نظاـ سبلّك األراضي هبدؼ‬
‫‪ -‬مع دخوؿ الونداؿ‪ ،‬إقتصر ّ‬
‫اإلستحواذ على أخصبها‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الفقرة الثّانية‪ :‬اإلعتماد الكلّي للفقو اإلسالمي‪:‬‬
‫‪ -‬أصبح الفقو اإلسبلمي بعد فتح الببلد قانونو اؼبدين وخاصة اؼبذىب اؼبالكي الّذي إشتهر‬
‫الشرعية يف‬
‫الرسوؿ صلّى اللّو عليو وسلّم ودبيلو ألعراؼ اؼبدينة وتطبيقو من القضاة واحملاكم ّ‬ ‫بإعتماده سنّة ّ‬
‫خيص قانوف العائلة واؼبَتاث والتّعاقد واؼبلكية وغَتىا‪.‬‬
‫كل ما ّ‬‫ّ‬
‫السنة النبوية فبّا جيعلو‬
‫‪ -‬ديتاز الفقو اإلسبلمي بإعتماده مصدرين أساسيُت مها القرآف الكرمي و ّ‬
‫الروماين وذلك رغم تشابو بعض القواعد بينهما‪.‬‬
‫مدرسة مستقلّة عن القانوف ّ‬
‫ألوؿ‬
‫‪ -‬مل دينع ىذا مع بداية القرف ‪ 19‬من صدور بعض التّشريعات الوضعية اؼبكتوبة ونشرىا ّ‬
‫مرة يوـ ‪ 20‬جويلية ‪ 1860‬مثّ صدور ّأوؿ ؾبلّة‬ ‫ألوؿ ّ‬‫الرظبي للجمهورية التونسية الّذي صدر ّ‬ ‫بالرائد ّ‬
‫مرة ّ‬
‫ّ‬
‫مدنيّة ظبّيت "باجمللّة اؼبدنية واعبزائية" سنة ‪ 1861‬الّذي تزامن مع ظهور عهد األماف يف ‪ 10‬سبتمرب ‪1857‬‬

‫وإصدار دستور لتونس يف ‪ 26‬أفريل ‪ .1861‬مثّ صدرت سنة ‪" 1876‬ؾبلّة األحكاـ العدلية" وىي ؾبلّة متأثّرة‬
‫جل‬
‫مادة‪ .‬وقد جاءت ىذه اجمللّة على ّ‬ ‫تضمن ‪ّ 1751‬‬ ‫باؼبذىب اغبنفي وتعترب ّأوؿ تقنُت مدين إسبلمي ّ‬
‫لكن دخوؿ اإلستعمار الفرنسي بعد ‪ 5‬سنوات من‬ ‫الشخصية‪ .‬و ّ‬ ‫اؼبسائل اؼبدنية بإستثناء ما تعلّق باغبالة ّ‬
‫غَت مبلمح القانوف اؼبدين التونسي‪.‬‬
‫صدورىا ح ّد من ذلك التأثَت ألنّو ّ‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬نشأة القانون المدني الحديث‪:‬‬

‫أ) المعطيات التاريخية‪:‬‬

‫هبدؼ اإلستبلء على أخصب األراضي‪ ،‬حصل إنقساـ يف نظاـ اؼبلكية العقارية على النّحو التايل‪:‬‬
‫للمعمرين للمجلّة العقارية يف ‪ 1‬جويلية‬
‫الراجعة يف معظمها ّ‬
‫اؼبسجلة و ّ‬
‫‪ -‬إخضاع العقارات ّ‬
‫‪ 1885‬وللمحاكم الفرنسية‪.‬‬
‫الشرعي‪.‬‬
‫اؼبسجلة للفقو اإلسبلمي وللقضاء ّ‬
‫إخضاع العقارات غَت ّ‬ ‫‪-‬‬

‫الشخصيّة وباإللتزمات والعقود فقد كانت خاضعة للفقو اإلسبلمي‬ ‫ّأما بقيّة اؼبسائل اؼبتعلّقة باغبالة ّ‬
‫اؼبتفرقة وذلك قبل صدور "ـ‪.‬إ‪.‬ع" يف ‪ 15‬ديسمرب ‪ .1906‬وىو ما دفع الشيخ‬ ‫ولعدد نادر من النّصوص ّ‬
‫تضمنت تقنينا ؼبذىبُت اؼبالكي واغبنفي يف مسأليت العقارات غَت‬
‫جعيط سنة ‪ 1947‬إىل نشر "الئحة" ّ‬
‫الشخصية‪.‬‬ ‫اؼبسجلة واغبالة ّ‬
‫ّ‬
‫بعد اإلستقبلؿ‪ ،‬متّ توحيد القضاء يف ‪ 1‬جويلية ‪ 1957‬وتقنُت أحكاـ قانوف العائلة بصدور ـ‪.‬أ‪.‬ش‬
‫يف ‪ 13‬أوت ‪ ،1956‬مثّ صدور القانوف اؼبتعلّق باعبنسية يف ‪ 23‬فيفري ‪ 1963‬وتعويض اجمللّة العقارية مب‪.‬ح‪.‬ع‬
‫مسجلة‪.‬‬
‫مسجلة أو غَت ّ‬
‫كل العقارات ّ‬ ‫سنة ‪ 1965‬اليت أصبحت منطبقة على ّ‬

‫‪8‬‬
‫ب) المميزات التاريخية للقانون المدني التونسي‪:‬‬
‫تقلّص ؾباؿ التّطبيق اؼبباشر للفقو‬ ‫القانون المدني الحديث قانون وضعي‪:‬‬ ‫‪)1‬‬
‫اؼبسجلة سنة ‪ ،1885‬اإللتزامات والعقود سنة ‪ ،1906‬األحواؿ‬ ‫اإلسبلمي مع ظهور قوانُت وضعية ( اؼبلكية ّ‬
‫لكن ىذا ال يعٍت أ ّف الفقو اإلسبلمي مل يأثّر يف القانوف‬
‫الشخصية سنة ‪ ،1956‬اغبقوؽ العينية سنة ‪ ،)1965‬و ّ‬
‫ىاما لو‪ .‬كما أ ّف القانوف الوضعي إستلهم العديد من أحكامو من ذلك‬
‫الوضعي بل بقي مصدرا تارخييا ّ‬
‫الفقو‪.‬‬

‫تنوع المصادر التاريخية للقانون المدني الحديث‪ :‬عبلوة على الفقو اإلسبلمي‪،‬‬
‫‪ّ )2‬‬
‫الروماين عرب تأثّره بالتّشريع الفرنسي‪ .‬كما إستم ّد ع ّدة قواعد قانونية‬
‫تأثّر القانوف اؼبدين التونسي بالقانوف ّ‬
‫من قوانُت مقارنة كالقانوف األسًتايل واألؼباين واإليطايل والسويسري‪.‬‬

‫‪ )3‬ىيمنة النّص المكتوب‪ :‬لقد ّأدى تكريس فكرة التقنُت وصدور ؾبلّة مدنية وضعية‬
‫متوالية إىل ىيمنة النّص اؼبكتوب كمصدر أساسي للقانوف اؼبدين‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫الجزء األول‪:‬‬
‫النّـظرية‬
‫اللــاة‬
‫لللــانو‬
‫اللـــان‬
‫‪10‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر القاعدة القانونية‪:‬‬

‫التفرقة بين أساس القاعدة ومصادرىا‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫يتأثّر القانوف اؼبدين يف نشأتو بعوامل عديدة‪ .‬وخيتلف الفقهاء يف ربديد دور ىذه العوامل وتأصيل‬
‫تسمى‬
‫إحًتاـ القانوف الوضعي ؼبثل عليا ّ‬ ‫الصبغة إنطبلقا من‬
‫يفسر ىذه ّ‬‫أساس اإللزامية ‪ .‬فمنهم من ّ‬
‫مدرسة‬ ‫"بالقانوف الطّبيعي" ‪ .‬ومنهم من ال يتع ّدى تفسَتىم لذلك بالقانوف الوضعي‪ ،‬حيث ينتموف إىل‬
‫الوضعية وىي مدرسة تنفي وجود قانوف طبيعي وتنقسم إىل ع ّدة ّإذباىات‪.‬‬
‫وتبدو النّظريات الوضعية مهيمنة منذ القرف ‪ 19‬بفضل إنتشار حركة التقنُت وتكريس التشريع‬
‫لتطور طبيعة القواعد القانونية‬
‫الوضعي اؼبكتوب كمصدر أساسي للقانوف‪ .‬فالوضعية سبثّل نتيجة منطقية ّ‬
‫ذاهتا‪.‬‬
‫للصبغة‬
‫ّأما مسألة مصادر القانوف اؼبدين فتطرح إشكالية مغايرة إذ ال تبحث يف األساس النّظري ّ‬
‫اإللزامية للقواعد القانونية بل تعٍت بالكشف عن منابع ىذه القواعد أي أ ّهنا تبحث عن مواطن وطبيعة‬
‫الصدد‪ ،‬وجبت‪:‬‬‫جذورىا‪ .‬يف ىذا ّ‬

‫التفرقة بين المصادر المادية والمصادر الشكلية‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ ‬يقصد باؼبصادر اؼبادية أو اؼبوضوعية ‪ les sources matérielles‬للقانوف اؼبدين‬


‫تتدخل يف نشأة القاعدة (فهي ال تنشأ من عدـ بل ىي وليدة أسباب وعوامل وظروؼ)‪.‬‬ ‫األسباب اليت ّ‬
‫كم يقصد كذلك باؼبصادر اؼبادية اؼبصادر التارخيية للقاعدة حيث برز القانوف التونسي اغبديث متأثّرا‬
‫الروماين والقوانُت األوروبية اؼبستم ّدة منو من جهة أوىل والفقو اإلسبلمي من‬
‫الرئيسيُت أي القانوف ّ‬
‫دبصدريو ّ‬
‫السياسية للببلد‪ ،‬وقد تأخذ‬
‫اؼبشرع بالظّروؼ اإلجتماعية واإلقتصادية و ّ‬
‫جهة ثانية‪ .‬وىو ما ال ينفي تأثّر ّ‬
‫ربوؿ‬
‫جل اجملبلّت التونسية سنة ‪ 1988‬إثر ّ‬ ‫شكبل منظّما كما ىو الشأف عند اإلذف بتكوين عباف مراجعة ّ‬
‫‪ 7‬نوفمرب ‪.1987‬‬

‫‪11‬‬
‫الشكلية ‪ les sources matérielles‬فهي اليت تعطي للمصدر اؼبادي‬ ‫‪ّ ‬أما اؼبصادر ّ‬
‫التجرد‬
‫اؼبوضوعي شكلو القانوين ليصبح قاعدة قانونية ‪ .‬أي أ ّهنا ىي الّيت تضفي عليو خاصيّات العمومية و ّ‬
‫واإللزامية وىذه اؼبصادر ىي التّشريع والعرؼ وفقو القضاء‪.‬‬
‫الشكلية يف األوجو‬
‫ورغم ىذا التّحديد‪ ،‬إالّ أنّنا نبلحظ أحيانا تداخل اؼبصادر اؼبادية مع اؼبصادر ّ‬
‫الثبلثة التالية‪:‬‬
‫مكونة ؼبضموف‬
‫‪ ‬عندما يقع تكريس اؼبصادر اؼبادية مباشرة يف مصدر شكلي‪ ،‬تصبح ّ‬
‫الشكلي ذاتو وتندمج فيو كأحكاـ ـ‪.‬أ‪.‬ش واؼبستم ّدة أصبل من الفقو اإلسبلمي‪ ،‬فاؼبصدر اؼبادي‬ ‫اؼبصدر ّ‬
‫الشكلي ىو التقنُت اؼبكتوب أي ـ‪.‬أ‪.‬ش‪.‬‬ ‫ؽبذه القواعد ىو الفقو اإلسبلمي واؼبصدر ّ‬
‫الشكلي اؼبتأثّر هبا‪ .‬فاؼبصدر اؼبادي يصبح‬
‫يهم القاضي اؼبكلّف بتأويل اؼبصدر ّ‬
‫الًتابط ّ‬
‫‪ ‬ىذا ّ‬
‫الشكلي‪ .‬فمصطلحات "بناء" أو "دخوؿ" أو "فراش" ىي مصطلحات‬ ‫أحيانا مصدرا تأويليا للمصدر ّ‬
‫نص تشريعي مكتوب ضمن أحكاـ ـ‪.‬أ‪.‬ش‪،‬‬ ‫ومكرسة يف ّ‬
‫مستم ّدة من مصدر مادي وىو الفقو اإلسبلمي ّ‬
‫لذلك يلجأ القاضي إىل اؼبصدر اؼبادي‪.‬‬
‫‪ ‬العديد من القوانُت العربية اؼبقارنة ذبعل صراحة من بعض اؼبصادر اؼبادية كالشريعة‬
‫نص تشريعي ديكن‬ ‫تنص "فإف مل يوجد ّ‬ ‫اإلسبلمية مثبل مصادر شكلية إحتياطية‪ ،‬فاجمللّة اؼبدنية اؼبصرية ّ‬
‫الشريعة اإلسبلمية فإذا مل توجد‬
‫تطبيقو‪ ،‬حكم القاضي دبقتضى العرؼ‪ ،‬فإذا مل يوجد فبمقتضى مبادئ ّ‬
‫الشكلية إذ‬
‫فبمقتضى مبادئ القانوف الطّبيعي وقواعد العدالة"‪ .‬وبالتايل تتداخل اؼبصادر اؼبادية واؼبصادر ّ‬
‫جيعل التشريع وىو اؼبصدر الشكلي األصلي بعض اؼبصادر اؼبادية مصادر شكلية يف ح ّد ذاهتا‪.‬‬
‫بنص صريح من القانوف أٌعترب القياس فإف بقي‬
‫فيوضح أنّو "إذا تع ّذر اغبكم ّ‬
‫ّأما القانوف التونسي ّ‬
‫الشراح إىل إعتبار الفقو اإلسبلمي‬
‫شك جرى اغبكم على مقتضى قواعد القانوف العمومية" وىو ما دفع ّ‬ ‫ّ‬
‫الشكلية‪.‬‬
‫مصدرا ماديا لبعض األحكاـ اؼبدنية يلجأ إليو القاضي عند نفس اؼبصادر ّ‬
‫الشكلية للقانوف اؼبدين وىي‪:‬‬
‫وسنأيت يف ما يلي على اؼبصادر ّ‬

‫األول‪ :‬المصدر األساسي‪ :‬التّشريع‪:‬‬


‫المبحث ّ‬
‫ـبتصة بذلك‬
‫ىو مصدر شكلي للقانوف‪ .‬يتمثّل يف ؾبموعة القواعد اؼبكتوبة الّيت تصدر عن سلطة ّ‬
‫تفوقو كمصدر أساسي يف القوانُت اغبديثة لدقّتو وألنّو مكتوب فهو‬ ‫يف ال ّدولة‪ .‬وىو قانوف مكتوب ّ‬
‫يفسر ّ‬
‫ييسر فهم التّطبيق من طرؼ القضاة‪.‬‬ ‫يكرس صياغة فنّية‪ ،‬كما انّو سهل اإلطّبلع وبالتّايل ّ‬
‫ّ‬
‫الفقرة األولى‪ :‬أنواع التّشريع‪:‬‬

‫‪12‬‬
‫القوة يف شكل ىرـ يوجد يف أعبله ال ّدستور مثّ اؼبعاىدات ال ّدولية اؼبصادؽ عليها مثّ‬ ‫تتدرج في ّ‬
‫ّ‬
‫التّشريعات اؼبصادؽ عليها باإلستفتاء مثّ التّشريع التنظيمي مثّ التتّشريع العادي أي القانوف مثّ اؼبراسيم مثّ‬
‫األوامر مثّ القرارات‪.‬‬
‫ىاما إذ ال يمكن للتشريع األدنى أن يخالف األعلى منو مرتبة ‪ .‬ويقصد‬ ‫التدرج مبدأ ّ‬
‫ويفرض ّ‬
‫خاصة "القانوف العادي"‬‫بالتّشريع مجموعة النّصوص المكتوبة ‪ les textes‬بصفة عامة‪ ،‬كما تعٍت بصفة ّ‬
‫السلطة التشريعية‪.‬‬ ‫‪ loi‬وىو صنف من أصناؼ التشريع يصدر عن ّ‬
‫أىم دور يف ذلك للقانوف العادي‪.‬‬ ‫اؼبادة اؼبدنيّة ولكن يبقى ّ‬ ‫وتلعب ىذه األصناؼ دورا ىاما يف ّ‬

‫أىم مصدر للقانون المدني‪:‬‬


‫أ) التشريع العادي ّ‬
‫السلطة التشريعية‪.‬‬
‫حسب الفصل ‪ 28‬من ال ّدستور‪ ،‬يصدر التشريع العادي عن ّ‬
‫جل اؼبسائل الواردة يف القانوف‬
‫أقر الفصل ‪ 34‬من ال ّدستور إختصاص السلطة التشريعية يف ّ‬ ‫وقد ّ‬
‫اؼبدين واؼبتعلّقة باعبنسية‪ ،‬باغبالة الشخصية وباإللتزامات وىو ما جعل التشريع العادي أو "القانوف" ‪loi‬‬
‫أدؽ مصدر للقانوف اؼبدين‪.‬‬
‫أىم و ّ‬
‫ّ‬
‫اػباصة هبذه اؼبسائل "شكل قوانُت"‪ .‬كما يضبط القانوف اؼببادئ األساسية لنظاـ‬ ‫وتتخذ النّصوص ّ‬
‫اؼبادة اؼبدنية من أنظار السلطة التشريعية‪ .‬كما أ ّف اجملبلّت‬
‫جل ّ‬ ‫اؼبلكية واغبقوؽ العينية وىو ما يعٍت أ ّف ّ‬
‫القانونية الّيت صدرت قبل ‪ 1959‬تتمتّع بقيمة موازية لقيمة القوانُت إذ صدرت دبقتضى أوامر علية‪.‬‬
‫‪ ‬وىو ما يبيح القوؿ بأ ّف اجملبلّت اؼبدنية والنّصوص اػباصة ىي مصدر شكلي أساسي يتمثّل يف‬
‫"التشريع العادي"‪.‬‬

‫ب)دور النّصوص التشريعية األخرى‪:‬‬


‫نتبع يف ربليل ىذا ال ّدور ترتيب اؽبرـ التشريعي العاـ‪:‬‬

‫ال ّدستور‪:‬‬ ‫‪)1‬‬

‫يتدخل ال ّدستور يف القانوف اؼبدين عندما حي ّدد نطاؽ إختصاص السلطة التشريعية ذاهتا‪.‬كما توجد‬
‫ّ‬
‫هتم القانوف اؼبدين كضماف حرمة الفرد‪ ،‬مبدأ التساوي يف اغبقوؽ والواجبات‪ ،‬مبدأ‬
‫يف ال ّدستور أحكاـ عامة ّ‬
‫التمتّع باغبقوؽ ال ّذاتية‪ ،‬مبدأ حق تأسيس اعبمعيات‪ ،‬ضماف حرمة اؼبسكن‪ ،‬ضماف سرية اؼبراسبلت‪،‬‬
‫ضماف حق اؼبلكية ‪...‬‬
‫المعاىدات ال ّدوليّة‪:‬‬ ‫‪)2‬‬

‫‪13‬‬
‫تصبح اؼبعاىدة نافذة عندما تقع اؼبصادقة عليها دبقتضى قانوف كإتفاقية القضاء على صبيع أشكاؿ‬
‫اؼبؤرخ يف ‪ 29‬نوفمرب ‪.1991‬‬
‫التمييز ض ّد اؼبرأة لسنة ‪ 1979‬اؼبصادؽ عليها دبوجب القانوف عدد ‪ّ 92‬‬
‫التشريعات المصادق عليها باإلستفتاء‪:‬‬ ‫‪)3‬‬

‫مل تتح فرصة تطبيق ىذا اؼبصدر غب ّد اآلف‪.‬‬


‫التشريع التنظيمي ‪:loi organique‬‬ ‫‪)4‬‬

‫الصادر يف ‪ 14‬جويلية ‪ 1967‬اؼبتعلق بنظاـ‬


‫اؼبادة اؼبدنية كالقانوف ّ‬
‫هتم ّ‬ ‫بعض التشريعات التنظيمية اليت ّ‬
‫القضاء واجمللس األعلى للقضاء والقانوف األساسي للقضاة‪.‬‬
‫التشريع العادي‪:‬‬ ‫‪)5‬‬
‫المراسيم ‪:les decrets-lois‬‬ ‫‪)6‬‬

‫الصادر يف ‪ 21‬سبتمرب ‪ 1977‬واؼبتعلّق‬‫اؼبادة اؼبدنية كاؼبرسوـ ّ‬


‫زبص ّ‬ ‫توجد بعض اؼبراسيم اليت ّ‬
‫بالعمليات العقارية والّذي ألغى واجب اغبصوؿ على رخصة الوايل بالنّسبة للتونسيُت‪.‬‬
‫األوامر والقرارات‪:‬‬ ‫‪)7‬‬

‫اؼبادة اؼبدنية‪ ،‬ىي نصوص رب ّدد شروط تطبيق القوانُت ربديدا دقيقا‪.‬‬
‫يف ّ‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬نفاذ التشريع‪:‬‬


‫يكوف القانوف يف البداية "مبادرة" تصبح يف ما بعد "مشروعا" وقد تصدر عن السلطة التشريعية‬
‫كما ديكنها أف تصدر عن رئيس اعبمهورية‪ ،‬مثّ يعرض اؼبشروع على ؾبلس النواب للمصادقة عليو‪ .‬وبعد‬
‫بالرائد‬
‫يتوىل ختمو وإصداره ومن مثّ نشره ّ‬
‫ىذه اؼبصادقة يبلّغ رئيس ؾبلس النواب لرئيس اعبمهورية الّذي ّ‬
‫الرظبي للجمهورية التونسية‪.‬‬
‫ّ‬
‫أ) شروط النّفاذ‪:‬‬
‫‪1993‬‬ ‫اؼبؤرخ يف ‪ 5‬جويلية‬
‫يرمي النّشر إىل إشهار القانوف ودبوجب القانوف عدد ‪ 46‬لسنة ‪ّ 1993‬‬
‫الرظبي للجمهورية التونسية وبنفاذىا ‪ ،‬متّ إصبلح نظاـ اإلشهار القدمي‬
‫بالرائد ّ‬
‫واؼبتعلّق بنشر النّصوص ّ‬
‫تتضمن القواعد اآلتية‪:‬‬
‫اؼبعتمد منذ ‪ 1956‬وعٌ ّوض بأحكاـ ّ‬
‫الرظبي للجمهورية التونسية باللّغة العربية وبلغة‬
‫بالرائد ّ‬
‫‪ ‬يكوف نشر القوانُت واؼبراسيم واألوامر ّ‬
‫أخرى على سبيل العلم فحسب‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫دبقر‬
‫الرظبي اؼبدرجة بو ّ‬‫الرائد ّ‬
‫مضي ‪ 5‬أياـ على إيداع ّ‬
‫‪ ‬تكوف النّصوص نافذة اؼبفعوؿ بعد ّ‬
‫والية تونس العاصمة ‪ .‬وال يعترب يف حساب األجل يوـ اإليداع وىو ما يعٍت توحيد اإلجراء اؼبعموؿ بو يف‬
‫بتبٍت فكرة اإليداع وإستبعاد معيار "النّشر"‪ ،‬فاإليداع عمل قانوين ديكن ربديد تارخيو‬
‫إحتساب أجل النّفاذ ّ‬
‫يف حُت أ ّف "النّشر" واقع يصعب التأ ّكد منو‪.‬‬
‫كما جاء ىذا اإلصبلح للتوسيع يف األجل الفاصل بُت اإليداع والنّفاذ من يوـ إىل ‪ 5‬أياـ‪.‬‬
‫يف‬ ‫تتضمن النّصوص اعبديدة إذنا صرحيا بتنفيذىا حاال وىو ما يعترب إستثناء‬
‫‪ ‬ديكن أف ّ‬
‫حالة التأ ّكد ويبيح النّفاذ اغبيٍت دوف اػبضوع إلجراءات اإليداع ولآلجاؿ اؼبًتتّبة عنو‪.‬‬
‫تتضمن النّصوص اعبديدة إذنا صرحيا بتنفيذىا يف أجل يتجاوز مهلة ‪ 5‬أيّاـ‪.‬‬
‫‪ ‬ديكن أف ّ‬
‫األحكام الخاصة المتعلّقة بتحديد زمن النّفاذ‪:‬‬

‫تأخير دخول النّص حيز التنفيذ قصديا‪ّ :‬‬


‫يتأخر النّفاذ عن تاريخ النّشر بفًتة حي ّددىا‬ ‫‪‬‬

‫ونص الفصل الثّاين من أمر إصدارىا‬


‫القانوف حيث صدرت ؾبلّة األحواؿ الشخصية يوـ ‪ 13‬أوت ‪ّ 1956‬‬
‫غرة جانفي ‪.1957‬‬
‫على بداية تطبيقها من ّ‬
‫الرجعي للقانون الجديد ‪ :‬تعٍت رجعية األثر إنسحاب أحكاـ‬
‫التنصيص على المفعول ّ‬ ‫‪‬‬

‫القانوف اعبديد على اؼباضي أي على الفًتة اليت سبقت إصداره ونشره‪ .‬وقد منع ال ّدستور صراحة رجعية‬
‫اؼبادة اؼبدنية‪ ،‬فاألحباس القائمة يف تاريخ صدور أمر ‪18‬‬
‫القوانُت اعبزائية وىو ما يبيح إمكانية وجودىا يف ّ‬
‫جويلية ‪ 1957‬اؼبتعلّق بإلغاء نظاـ األحباس اػباصة واؼبشًتكة منتهية وترجع موقوفاهتا ملكا للمستحقُت‬
‫حسب حصصهم‪.‬‬
‫كما أ ّف القوانُت التأويلية ىي قوانُت رجعية بطبيعتها أل ّهنا تندمج مع النّص الّذي وضعت لتأويلو‪.‬‬

‫الزمان‪:‬‬
‫ب) تنازع القوانين المدنية في ّ‬
‫تنشأ صورة التنازع اغبقيقي عندما توجد وضعية جارية تكوف أنتجت آثارىا ماضيا وىي ال تزاؿ‬
‫تنتج آثارىا بعد صدور القانوف اعبديد‪.‬‬
‫قانوف جديد‬ ‫بداية الوضعية‬

‫آثار مستقبلية‬ ‫آثار ماضية‬

‫وتتنوع إىل قانونية‪ ،‬تعاقدية وقضائية‪.‬‬


‫وزبتلف مصادر ىذه الوضعيات اعبارية ّ‬
‫أي قانوف (قدمي أو جديد) زبضع الوضعية اعبارية ?‬
‫يتم تطبيق القانوف اعبديد وإىل ّ‬
‫فكيف ّ‬
‫‪15‬‬
‫عاما ؽبذا اإلشكاؿ‪ّ .‬أما الفقو اغبديث فقد إعتمد يف‬
‫يتضمن التشريع اؼبدين التونسي حبلّ ّ‬ ‫مل ّ‬
‫تقر بأنّو‪:‬‬
‫شرحو ؽبذه اؼبسألة النظرية اؼبعاصرة اليت ّ‬
‫اغبل اإلنتقايل اػباص‪.‬‬
‫الصعوبة يتّجو تطبيق ّ‬
‫وفض ّ‬
‫اؼبشرع ّ‬
‫تدخل ّ‬‫إذا ّ‬ ‫‪‬‬

‫يبُت التشريع حلوال إنتقالية‪ ،‬وجب تطبيق اؼببدأين اآلتيُت‪:‬‬


‫إذا مل ّ‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬زبضع اآلثار اؼباضية للقانوف القدمي عمبل دببدأ رجعية القوانُت اعبديدة‬
‫على اآلثار اؼباضية ‪.principe de la non rétro-activité‬‬
‫‪ ‬زبضع اآلثار اؼبستقبلية للقانوف اعبديد عمبل دببدأ األثر اؼبباشر (أو األثر‬
‫فيتم‬
‫اغبيٍت) للقانوف اعبديد ‪ّ .principe de l’effet immédiat‬أما يف ما يتعلّق بوضعية تعاقدية جارية‪ّ ،‬‬
‫كل اآلثار اؼباضية واؼبستقبلية ‪ .survie de la loi ancienne‬تستثٌت من‬ ‫تطبيق القانوف القدمي على ّ‬
‫نص جديد آمر متعلّق بالنّظاـ العاـ إذ زبضع إذّاؾ اآلثار اؼبستقبلية الناذبة عن‬
‫تطبيق ىذا اؼببدأ صدور ّ‬
‫الوضعية التعاقدية اعبارية ألحكاـ النّص اعبديد‪.‬‬
‫ت) آثار نفاذ التشريع‪:‬‬
‫ينتج عن دخوؿ القانوف حيز التنفيذ أثراف أساسياف‪:‬‬
‫قيام قرينة عدم جهل القانون‪:‬‬ ‫‪)1‬‬

‫ينص الفصل ‪ 545‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع على ما يلي‪" :‬جهل القانوف ال يكوف عذرا يف إرتكاب فبنوع أو فيما‬ ‫ّ‬
‫ال خيفى على العواـ وذلك بعد نشره ومضي اؼب ّدة إلجراء العمل بو" وىو ما يعٍت قرينة العلم بالقانوف الّذي‬
‫‪Nul n’est‬‬ ‫ويعرب عنها دبقولة "‬‫جل القوانُت اؼبقارنة ّ‬
‫إستوىف شكليات نشره‪ ،‬وىي قرينة معروفة يف ّ‬
‫‪."censé ignorer la loi‬‬
‫عدم مطالبة األشخاص بإثبات نفاذ القانون‪:‬‬ ‫‪)2‬‬

‫يعرب عنو دبقولة "القاضي يعلّم القانوف" أي أ ّف اؼب ّدعي أو اؼبتقاضي عموما ليس مطالبا أماـ القضاء‬
‫ّ‬
‫بإثبات وجود القانوف إذ أ ّف القاضي ؿبموؿ على معرفتو وال تستثٌت من ىذه القاعدة إالّ صورة اإلستناد‬
‫للصبغة‬
‫لكن إفتقاره ّ‬
‫لقانوف أجنيب أو لقاعدة قانونية عرفية‪ .‬فرغم أ ّف العرؼ ىو مصدر للقانوف اؼبدين و ّ‬
‫اؼبكتوبة جيعل نشره أمرا صعبا فػ "من إستند على عرؼ كاف عليو ثبوتو" (الفصل ‪ 544‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع)‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬نسخ التشريع‪:‬‬


‫مستمر فاألصل ىو النّفاذ (بقاء ما كاف على‬
‫ّ‬ ‫من فبيزات التشريع ال ّدواـ أي التمتّع بقرينة سرياف ونفاذ‬
‫اؼبتغَت‬
‫ما كاف ) وىذا ال يعٍت وجود قوانُت "وقتية" وال يعٍت اػبلود‪ .‬فالقوانُت قابلة بطبيعتها ؼبسايرة الواقع ّ‬
‫تغَت التشريع بالنّسخ الكلّي أو اعبزئي ‪.l’abrogation‬‬ ‫وىو ما يًتتّب عنو ّ‬
‫‪16‬‬
‫ويعٍت النّسخ إلغاء التشريع وإعدامو وىو ما يفًتض أف يكوف صادرا عن سلطة ؽبا اغبق يف إنشاء‬
‫قاعدة جديدة مساوية يف مرتبتها للقاعدة اؼبنسوخة‪.‬‬
‫وخيتلف النّسخ عن اإلبطاؿ ‪ l’annulation‬أل ّف مفعولو غَت رجعي إذ ال تسري آثاره إالّ على‬
‫اؼبستقبل يف حُت يًتتّب عن البطبلف إعداـ لآلثار اؼباضية للتشريع‪.‬‬
‫نصا‬
‫اؼبتأخرة على ذلك ّ‬
‫نصت ّ‬ ‫الفصل ‪ 542‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع‪" :‬ال تنسخ القوانُت إالّ بقوانُت بعدىا إذا ّ‬
‫صرحيا أو كانت منافية ؽبا أو إستوعبت صبيع فصوؽبا"‪.‬‬
‫الصريح"‪.‬‬
‫الفصل ‪ 543‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع‪" :‬العادة والعرؼ ال خيالفاف النص ّ‬
‫أ) صيغ النّسخ‪:‬‬
‫الصريح‪:‬‬
‫النّسخ ّ‬ ‫‪)1‬‬

‫السابق مع التنصيص عليو بصفة دقيقة‪،‬‬ ‫يقر القانوف اعبديد صراحة حكما يقضي بإلغاء القانوف ّ‬
‫ّ‬
‫نص على "بداية من تاريخ إجراء العمل باجمللّة اؼبشار‬
‫فالقانوف عدد ‪ 5‬لسنة ‪ 1965‬اؼبتعلّق بإصدار ـ‪.‬ح‪.‬ع ّ‬
‫اؼبؤرخ يف ‪ 1‬جويلية ‪ 1885‬اؼبتعلّق باؼبلكية‬ ‫األخص القانوف ّ‬
‫ّ‬ ‫إليها تلغى صبيع النّصوص اؼبخالفة ؽبا وعلى‬
‫العقارية"‪.‬‬

‫النّسخ الضمني‪:‬‬ ‫‪)2‬‬

‫حسب الفصل ‪ 542‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع‪ ،‬يشمل النّسخ الضمٍت صورتُت‪:‬‬


‫النسخ بتعارض األحكام‪ :‬يفًتض التعارض توفّر ع ّدة شروط‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تغَت إرادة‬
‫‪ ‬أف يتحد موضوع القانوف اعبديد مع موضوع القانوف القدمي وىو ما يفًتض ّ‬
‫ويؤصلو‪ .‬ويتّجو الفقو عموما إىل إعتبار النّسخ‬
‫اؼبشرع يف شأف ذلك اؼبوضوع فبّا يدعم النّسخ الضمٍت ّ‬
‫ّ‬
‫الضمٍت مقتصرا على األحكاـ اليت حيدث فيها اإلختبلؼ والتعارض " ّأما األحكاـ األخرى للقانوف القدمي‬
‫فتظل قائمة ال يرد عليها اإللغاء"‪.‬‬
‫اليت مل تعارضها أحكاـ القانوف اعبديد‪ّ ،‬‬
‫‪loi‬‬ ‫‪ ‬إرباد طبيعة القانونُت‪ :‬عندما يلحق القانوف العاـ ‪ loi générale‬بالقانوف اػباص‬
‫‪ spéciale‬ويتناىف معو ال ينسخو بل يبقى الّنص اػباص نافذا وقد أ ّكدت ؿبكمة التعقيب أ ّف توارد النص‬
‫يؤدي للنّسخ‪.‬‬
‫العاـ على النص اػباص ال ّ‬
‫‪ -‬النّسخ باإلستيعاب‪ :‬حسب الفصل ‪ 542‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع‪ ،‬ىذا النّسخ حيصل عندما يستوعب‬
‫الشمولية يف اإلستيعاب قيدا دينع‬
‫القانوف اعبديد "صبيع" فصوؿ القانوف القدمي ‪ .‬فواضح انّو يف إشًتاط ّ‬
‫يؤدي للنّسخ‬
‫الضمٍت يف عديد حاالت اإلستيعاب‪ ،‬فاإلستيعاب اعبزئي ألحكاـ القانوف القدمي ال ّ‬
‫النّسخ ّ‬
‫الضمٍت‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫ب)إشكالية التشريع المهجور‪:‬‬
‫‪543‬‬ ‫ىل ديكن إعتبار التشريع ملغى بسبب دواـ عدـ إستعمالو وىجره ?‪ :‬إعتربت ـ‪.‬إ‪.‬ع يف فصلها‬
‫الصريح"‪.‬‬
‫أ ّف "العادة والعرؼ ال خيالفاف النّص ّ‬

‫المبحث الثاني‪ :‬العرف مصدر ثانوي‪:‬‬


‫العرؼ قاعدة قانونية غَت مكتوبة فهو عادة ملزـ‪ .‬كانت اجملتمعات البدائية زبضع لؤلعراؼ الناذبة‬
‫السلوؾ اؼبتواتر‪ .‬ومع ظهور القوانُت اؼبكتوبة بدأ العرؼ يفقد مكانتو‪.‬‬
‫عن ّ‬

‫مقومات العرف‪:‬‬
‫الفقرة األولى‪ّ :‬‬
‫أ) أركان العرف‪:‬‬
‫الركن اؼبادي أي أ ّف العادة‬
‫يفرؽ الفقهاء بُت العرؼ ‪ coutume‬والعادة‪ ،‬فاألخَتة ال تشمل إالّ على ّ‬ ‫ّ‬
‫سلوؾ متواتر ال يصحبو اإلفتقاد بلزومو يف حُت أ ّف العرؼ يشمل ركنُت‪:‬‬

‫الركن المادي‪ :‬اإلعتياد بسلوك معيّن‪:‬‬


‫ّ‬ ‫‪)1‬‬

‫معُت واإلستمرار يف إتباعو‪ ،‬فهو سلوؾ من صميم‬


‫يظهر العرؼ من خبلؿ إستحساف األفراد لسلوؾ ّ‬
‫فالركن اؼبادي للعرؼ يفًتض وجود سلوؾ عاـ وقدمي ومتواتر وثابت‪.‬‬
‫الزمن ويثبتو‪ّ .‬‬
‫اجملموعة يدعمو تقادـ ّ‬
‫الركن المعنوي‪ :‬اإلعتقاد باإللزامية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪)2‬‬

‫الشعور بإلزامية السلوؾ العريف‪ ،‬فهو يولّد لدى اعبماعة شعور واجب إحًتاـ‬
‫يتمثّل يف اإلعتقاد و ّ‬
‫العرؼ‪.‬‬

‫ب)شروط إعتماد العرف‪ّ :‬‬


‫تهم‪:‬‬

‫مواصفات العرف‪:‬‬ ‫‪)1‬‬

‫عاما وغالبا غَت مناؼ للنّظاـ العمومي‬


‫ّ‬ ‫تج بالعرؼ إالّ إذا كاف‬
‫الفصل ‪ 544‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع‪" :‬ال ٌحي ّ‬
‫واألخبلؽ اغبميدة"‪:‬‬
‫عاما‪.‬‬
‫السلوؾ ّ‬
‫الركن اؼبادي ذاتو فبل عرؼ إذا مل يكن ّ‬ ‫العمومية‪ :‬يًتتّب ىذا ّ‬
‫الشرط عن قياـ ّ‬ ‫‪-‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ -‬المطابقة مع النّظام العام واألخالق الحميدة‪ :‬وضع ّ‬
‫اؼبشرع شرط مطابقة العرؼ للنّظاـ‬
‫العاـ واألخبلؽ اغبميدة‪.‬‬
‫إثبات العرف‪:‬‬ ‫‪)2‬‬

‫من ي ّدعي وجود عرؼ مطالب بإثباتو على خبلؼ ما حيدث عند اإلستناد إىل قاعدة قانونية‬
‫اغبل اػباص بالعرؼ بصفة ملموسة من فاعليتو القضائية إذ‬
‫تشريعية ( قرينة علم القاضي بالقانوف )‪ .‬وحي ّد ّ‬
‫تنص ؿبكمة‬
‫يصعب أحيانا إثبات بعض األعراؼ أل ّهنا غَت دقيقة ‪ ،‬كما أ ّف بداية نفاذىا صعبة التحديد ‪ّ .‬‬
‫التعقيب على أ ّف "إستناد احملكمة من تلقاء نفسها إىل العرؼ يتناىف ومبدأ حياد القاضي إزراء اػبصوـ‬
‫خاصة وأ ّف القاعدة العرفية خبلفا للقاعدة القانونية اؼبكتوبة ال يفًتض علم القاضي هبا وإّمنا على من يستند‬
‫ّ‬
‫إىل عرؼ إثباتو"‪.‬‬

‫القوة اإللزامية للعرف‪:‬‬


‫الفقرة الثانية‪ّ :‬‬
‫ديثّل العرؼ مصدرا ثانويا يف القانوف اؼبدين ‪ .‬فمكانة العرؼ يف القانوف اؼبدين زبضع عموما إلرادة‬
‫يتمم التشريع وال خيالفو‪.‬‬
‫اؼبشرع الّذي ال يقبل العرؼ كمصدر ثانوي ّ‬
‫ّ‬
‫المتمم للتّشريع‪:‬‬
‫أ) جواز العرف ّ‬
‫تقر العديد من النّصوص تفويضا صرحيا أو ضمنيا للعرؼ‪.‬‬
‫ّ‬
‫الصريح‪:‬‬
‫التفويض ّ‬ ‫‪)1‬‬

‫تتّفق اجملبلّت اؼبدنية التونسية على إقرار ىذا التفويض رغم إستعماؽبا أحيانا مصطلح "عادة" بدؿ‬
‫"عرؼ"‪:‬‬
‫‪ -‬مجلّة اإللتزامات والعقود‪ :‬الفصل ‪" :768‬على اؼبكًتي أداء الكراء يف األجل اؼبعُت يف العقد‬
‫وإالّ فاؼبعترب عرؼ اؼبكاف ‪."...‬‬
‫الزوجية حسبما يقتضيو‬ ‫‪ -‬مجلّة األحوال الشخصية ‪ :‬الفصل ‪" :23‬يقوـ ّ‬
‫الزوجاف بالواجبات ّ‬
‫العرؼ والعادة"‪.‬‬

‫‪ -‬مجلّة الحقوق العينية ‪ :‬الفصل ‪ّ " :72‬‬


‫كل حائط يف مدينة ‪ ...‬يٌع ّد ح ّدا مشًتكا ما مل يقم‬
‫عرؼ أو دليل على خبلفو"‪.‬‬
‫ضمني‪:‬‬
‫التفويض ال ّ‬ ‫‪)2‬‬

‫العامة‪.‬‬
‫ترجع إلجتهاد قضاة األصل فقد يستند القاضي للعرؼ لتحديد مضموف ىذه اؼبصطلحات ّ‬
‫ب)عدم جواز العرف المخالف للتّشريع‪:‬‬
‫‪19‬‬
‫ـ‪.‬إ‪.‬ع ال سبنح العرؼ ّقوة إلزامية سب ّكنو من إلغاء النّص اؼبكتوب ولو كاف مهجورا‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬فقو القضاء‪:‬‬


‫اغبل اؼبتوتر الّذي‬
‫لكن اؼبقصود هبا عادة ىو ّ‬
‫لغويّا يعٍت فقو القضاء إجتهاد القضاء أو علم القضاء ّ‬
‫لكن اعبدؿ قائم حوؿ مدى إعتبار فقو القضاء مصدرا للقانوف‪.‬‬
‫يربزه إجتهاد القاضي يف مسألة معيّنة‪ّ .‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬التنظيم القضائي المدني‪:‬‬
‫الرابع (ا لفصوؿ‬
‫خصص ؽبا ال ّدستور بابو ّ‬
‫يع ّد التنظيم القضائي اؼبدين جزء من السلسلة القضائية اليت ّ‬
‫ويتضمن‬
‫ّ‬ ‫‪ 64‬إىل ‪ )67‬فالقضاء اؼبدين ىو جزء من القضاء العديل الّذي يوازي القضاء اإلداري‪.‬‬
‫التّنظيم القضائي العديل احملاكم اؼبدنية واحملاكم اعبزائية‪.‬‬
‫كل اؽبيئات القضائية وىي‪:‬‬
‫ويرتكز القضاء اؼبدين على مبادئ أساسية يشًتؾ فيها مع ّ‬
‫مبدأ إستقاللية القضاء‪ :‬الفصلُت ‪ 65‬و‪ 67‬من ال ّدستور‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫اغبق يف اغبصوؿ على إعفاء من اؼبصاريف وعلى دفاع‬ ‫‪ -‬مبدأ مجانية التقاضي ‪ :‬الّذي يعٍت ّ‬
‫ؾباين عند العسر وىو ما تسعى إىل ربقيقو مؤسسة "اإلعانة العدلية" وإلغاء معلوـ نشر القضايا ومعلوـ‬
‫اؼبرافعة‪.‬‬
‫‪ ( :‬الفصل ‪ 65‬من‬ ‫‪ -‬مبدأ وجوبية اإللتجاء إلى السلطة القضائية أو إلى محاكم ال ّدولة‬
‫ال ّدستور)‪ :‬رغم أمهيّتو‪ ،‬يبقى التحكيم أمرا إستثنائيا‪ .‬مثّ إ ّف اإللتجاء إىل احملاكم يلزـ القاضي بالفصل وإالّ‬
‫إرتكب جردية إنكار العدالة‪.‬‬
‫خاصة بو أوضحتها ؾبلّة اؼبرافعات اؼبدنية والتجارية‪:‬‬
‫كما خيضع القضاء اؼبدين إىل مبادئ ّ‬
‫‪ -‬مبدأ "حياد القاضي المدني" ‪ :‬اإلجراءات اؼبدنية ليست إجراءات إستقرائية بل ىي‬
‫إجراءات تفرض مواجهة بُت اػبصوـ ويكوف فيها القاضي ملتزما باغبياد‪.‬‬
‫التجرد‪.‬‬
‫وللحياد معٌت عاـ يفيد أ ّف على القاضي اؼبدين أف يقضي دوف اإلستناد لعملو اػباص وبكامل ّ‬
‫فٍت يراد بو أ ّف للخصوـ وحدىم ربديد رقعة أو مناط النّزاع واػبصومة‬
‫ّأما اؼبعٌت اػباص للحياد فهو معٌت ّ‬
‫بالسعي لتكوين أو إسباـ أو‬
‫التدخل ّ‬
‫وأف حيضروا أدلّتهم حسب قواعد اإلثبات وأ ّف القاضي ال ديكنو مبدئيا ّ‬
‫إحضار حجج اػبصوـ‪.‬‬
‫مؤسس على ىذه‬ ‫‪ -‬مبدأ النفرقة بين محاكم األصل ومحكمة التعقيب ‪ :‬التنظيم القضائي ّ‬
‫التفرقة اليت تفصل بُت ؿباكم األصل (ؿباكم ال ّدرجة األوىل) وؿباكم ال ّدرجة الثانية اؼبميّزة بنظرىا يف الواقع‬
‫والقانوف من جهة وؿبكمة التعقيب وىي ؿبكمة عليا واحدة تع ّد مبدئيا ؿبكمة القانوف أي أ ّهنا ال تنظر يف‬
‫الوقائع من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫أ) محاكم األصل‪:‬‬
‫مرتُت من ح ّكاـ األصل‪:‬‬
‫يتم النّظر يف دعواه ّ‬
‫لكل فرد حق التقاضي على درجتُت أي اغبق يف أف ّ‬
‫ّ‬
‫محاكم ال ّدرجة األولى‪:‬‬ ‫‪)1‬‬

‫‪ ‬اإلختصاص الحكمي‪ :‬تتع ّدد ىذه احملاكم‪ ،‬و ّ‬


‫ليتيسر ربديد اإلختصاص اغبكمي‬
‫نفرؽ بُت‪:‬‬
‫لكل منها جيب أف ّ‬
‫ّ‬
‫‪ ‬المحكمة اإلبتدائية ذات إختصاص حكمي عام‪:‬‬
‫أىم ؿبكمة لل ّدرجة األوىل نظرا أل ّف ؽبا إختػصاصا حكميا عاما يوجب‬
‫تعترب احملكمة اإلبتدائية ّ‬
‫اؼبشرع لفائدة ؿبكمة مدنية أخرى ( الفصل ‪ 40‬من‬ ‫كل ال ّدعاوي اؼبدنية عدا ما إستثناه ّ‬
‫القياـ لديها يف ّ‬
‫ـ‪.‬ـ‪.‬ـ‪.‬ت)‪.‬‬

‫المحاكم المدنية المحدودة اإلختصاص‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫كل ال ّدعاوي اؼبدنية‬


‫خيتص قاضي الناحية يف ّ‬
‫ّ‬ ‫‪-‬محكمة الناحية‪:‬‬
‫الشخصية وال ّدعاوي اؼبتعلّقة باؼبنقوؿ يف حدود ‪ 3000‬دينار‪ ،‬فإذا ذباوز موضوع النّزاع ىذا اؼببلغ أصبحت‬
‫خيتص باغبكم يف‪:‬‬
‫ال ّدعوى من أنظار احملكمة اإلبتدائية‪ .‬كما ّ‬
‫* قضايا النّفقات اليت ترفع إليو بصفة أصلية ويكوف حكمو هنائيا إذا‬
‫كاف مبلغ النفقة السنوي احملكوـ بو ال يتجاوز ‪ 240‬دينارا وإبتدائيا يف ما عدا ذلك‪.‬‬
‫* دعاوي اغبوز إبتدائيا‪.‬‬
‫كما تنظر إستعجاليا فقط يف‪:‬‬
‫* مطالب العقل التحفظية عندما يكوف اؼببلغ اؼبطلوب من أجلو العقلة‬
‫ال يتع ّدى حدود نظره‪.‬‬
‫* مطالب إجراء اؼبعاينات اؼبتأ ّكدة‪.‬‬
‫الصعوبات النّاشئة عن تنفيذ األحكاـ الصادرة عنو ولو وقع نقضها‬
‫* ّ‬
‫إستثنائيا‪.‬‬
‫* مطالب توقيف تنفيذ أحكامو اؼبعًتض عليها‪.‬‬
‫* مطالب التمكُت من نسخة تنفيذية ثانية من األحكاـ الصادرة عنو‪.‬‬
‫خيتص بفصل النّزاعات اليت ديكن أف تنشأ عند إقباز‬
‫ّ‬ ‫‪-‬مجلس العرف‪:‬‬
‫عقد الشغل أو الًتبّص بُت األطراؼ اؼبرتبطة بذلك العقد وتنسحب مأموريتو أيضا على النّزاعات النّاشئة بُت‬
‫العملة دبناسبة القياـ بالّشغل‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫محاكم ال ّدرجة الثانية‪:‬‬ ‫‪)2‬‬

‫محكمة اإلستئناف محكمة درجة ثانية لألحكام الصادرة عن المحكمة اإلبتدائية‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫يطعن يف أحكاـ احملكمة اإلبتدائية بوصفها ؿبكمة درجة أوىل باإلستئناؼ الّذي ىو طعن ينقل ال ّدعوى‬
‫يعطّل مبدئيا تنفيذ اغبكم‬ ‫إىل ؿبكمة اإلستئناؼ بوصفها ؿبكمة ال ّدرجة الثانية‪ .‬كما أ ّف اإلستئناؼ‬
‫يسمى باؼبفعوؿ التعليقي لئلستئناؼ‪.‬‬
‫اإلبتدائي وىو ما ّ‬
‫تعهدىا بالنّزاع تعيد ؿبكمة اإلستئناؼ النّظر فيو وذلك يف خصوص ما تسلّط عليو‬‫وعند ّ‬
‫اإلستئناؼ‪ .‬وتصدر قرارا ‪ arrêt‬هنائي ال ّدرجة‪.‬‬
‫تكون أحيانا محكمة درجة ثانية‪ :‬الفصل ‪ 40‬من ـ‪.‬ـ‪.‬ـ‪.‬ت‪" :‬تنظر‬
‫المحكمة اإلبتدائية ّ‬ ‫‪-‬‬

‫إستئنافيا يف األحكاـ الصادرة إبتدائيا عن قضاة النواحي التابعُت لدائرهتا أو اليت وصفت غلطا بكوهنا‬
‫هنائيا"‪.‬‬
‫الفصل ‪ 221‬من ؾبلّة الشغل‪" :‬تستأنف األحكاـ اإلبتدائية الصادرة عن اجملالس العرفية لدى اجمللس‬
‫اإلبتدائي"‪ .‬تكوف األحكاـ الصادرة عن احملكمة اإلبتدائية بوصفها ؿبكمة إستئناؼ أحكاما هنائية أي‬
‫هنائية ال ّدرجة وذلك أل ّف اؼبتقاضي إستوىف ال ّدرجتُت‪.‬‬
‫‪ ‬بإستيفاء ال ّدرجتُت ينتهي مبدئيا النّظر يف األصل أي يف الواقع اؼبعروض أماـ القضاء ويف القانوف‬
‫الصادر عن ؿباكم‬
‫حق الطّعن بالتعقيب ؼبراقبة اغبكم أو القرار ّ‬
‫اؼبطالب بتطبيقو‪ .‬وال يبقى للمتقاضي إالّ ّ‬
‫األصل‪.‬‬

‫ب)محكمة التعقيب‪:‬‬
‫تع ّد ؿبكمة التعقيب أعلى ؿبكمة يف التنظيم القضائي العديل‪ .‬وتنظر ؿبكمة التعقيب يف صبيع‬
‫تتكوف من دوائر مدنية وأخرى جزائية ويف بعض اغباالت تلتئم بدوائرىا‬
‫األحكاـ والقرارات النهائية‪ .‬وىي ّ‬
‫اجملتمعة‪.‬‬

‫دور ال ّدائرة‪:‬‬ ‫‪)1‬‬

‫يعرض الطّعن على ؿبكمة التعقيب ألسباب معيّنة‪:‬‬


‫الطّعن بالتعقيب‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫الخصوم لدى التعقيب‪ :‬يقبل الطّعن بالتعقيب من ّ‬


‫كل طرؼ يف اغبكم‬ ‫‪‬‬

‫اؼبطعوف فيو أو من خلفائو أو من ورثتو‪ .‬كما ديكن أف يصدر الطعن عن النيابة العمومية أي عن وكيل‬
‫ال ّدولة لدى ؿبكمة التعقيب عندما يكوف الطّعن ؼبصلحة القانوف ‪pourvoi dans l’intérêt de la loi‬‬

‫‪22‬‬
‫تضمن خرقا لقاعدة قانونية يف حُت مل يقم أحد‬
‫نص القرار أو اغبكم اؼبطعوف فيو ّ‬
‫‪ :‬عندما ترى النيابة أ ّف ّ‬
‫طرفيو بالطّعن يف اإلبّاف‪.‬‬

‫‪ ‬أسباب الطّعن‪ :‬جيب أف ّ‬


‫تتضمن مذ ّكرة مستندات الطّعن بالتعقيب‬
‫يتضمن الطّعن بالتعقيب ع ّدة مطاعن‬
‫توضح نوع اػبلل اؼبقصود من الطعن‪ .‬وقد ّ‬
‫أسباب الطّعن بصورة ّ‬
‫‪ moyens‬تنفسم بدورىا إىل فروع ‪.branches du moyen‬‬
‫حسب الفصل ‪ 175‬من ـ‪.‬ـ‪.‬ـ‪.‬ت‪ ،‬ديكن الطّعن بالتعقيب يف األحكاـ النهائية ال ّدرجة وذلك يف‬
‫اغباالت التالية‪:‬‬
‫فغَت شروط‬‫* ـبالفة القانوف‪ :‬يعٍت أف القرار أو اغبكم اؼبنتقد قد خرؽ قاعػدة قانونية واضػحة ّ‬
‫تضمنتو وال يشمل السبب اؼبذكور القواعد القانونية‬
‫اغبل الّذي ّ‬
‫تطبيقها أو إستنتج حبلّ غَت ّ‬
‫كل القواعد القانونية مهما كانت طبيعتها‪.‬‬ ‫باؼبفهوـ الضيق لكلمة قانوف أي التشريع العادي بل اؼبقصود ىو ّ‬
‫وإذا سلّمنا بإعتبار قواعد العرؼ ىي قواعد قانونية فإنّو يتّجو منطقيا أف تبسط ؿبكمة التعقيب‬
‫رقابتها على ؿبكمة اؼبوضوع سواء بالنّسبة لوجود العرؼ أو بالنسبة لتطبيقو‪.‬‬
‫* اػبطأ يف تطبيق القانوف ‪ :‬يعٍت أ ّف ح ّكاـ األصل مل يتوفّقوا يف إختيار القاعدة اؼبناسبة للوقائع‬
‫وتبٍت اغب ّكاـ للوصف اؼبعروض‬
‫اؼبعروضة وحيدث ىذا يف مسألة الوصف القانوين إذا كانت موكولة لؤلطراؼ ّ‬
‫هتم النّزاع اؼبعروض‪.‬‬
‫ينجر عنو خطأ يف إعتماد قاعدة دوف أخرى ال ّ‬ ‫من أحد األطراؼ فبّا قد ّ‬
‫* اػبطأ يف تأويل القانوف ‪ :‬يعٍت أ ّف ح ّكاـ األصل أخلّوا بقواعد تفسَت وتأويل األحكاـ القانونية‬
‫بكل ىذه األسباب يف طعن واحد لكن عليو بياف وجو إعتمادىا‬ ‫الغامضة أو الناقصة‪ .‬وقد يدفع اؼبع ّقب ّ‬
‫بدقّة‪.‬‬
‫‪ 175‬من ـ‪.‬ـ‪.‬ـ‪.‬ت‪.‬‬ ‫اؼبشرع يف بقية أحكاـ الفصل‬
‫ّأما األسباب األخرى فقد ع ّددىا ّ‬
‫الصادر عن محكمة التعقيب‪:‬‬
‫محتوى القرار ّ‬ ‫‪)2‬‬

‫‪ ‬عندما يق ّدـ الطّعن لدى ؿبكمة التعقيب فاألصل ىو أ ّف ىذه احملكمة تقوـ دبراقبة القرار أو‬
‫اغبكم اؼبطعوف فيو أي أ ّهنا ال تنظر وال تفصل يف الوقائع ويف مآؿ ال ّدعوى‪ .‬وإذا كاف ال ّدفع مزدوجا بُت‬
‫زبتص هبا ؿبكمة األصل‪ .‬وتنظر‬‫الصبغة الواقعية تقتضي إجراء ربقيقات ّ‬ ‫الواقع والقانوف فبل يقبل أل ّف ّ‬
‫إحدى ال ّدوائر يف اؼبطلب وتصدر قرارىا ّإما‪:‬‬
‫‪ ‬بالرفض ألسباب شكلية كعدـ إحًتاـ اآلجاؿ أو اإلجراءات أو أصلية إذا كاف الطّعن غَت‬
‫وجيو بالنّسبة ؽبا‪.‬‬

‫‪ ‬أو بالنّقض أي إبطاؿ اغبكم أو القرار اؼبطعوف فيو‪ .‬وقد ّ‬


‫يتم النّقض ّإما جزائيّا أو كلّيا‬
‫(الفصل ‪ 176‬من ـ‪.‬ـ‪.‬ـ‪.‬ت)‪ ،‬كما أ ّف النّقض قد يكوف ّإما‪:‬‬
‫‪23‬‬
‫‪ -‬مقًتنا باإلحالة إىل احملكمة اليت أصدرت القرار أو اغبكم إلعادة النّظر‪ .‬يف‬
‫ىذه الصورة ديكن حملكمة اإلحالة أف تكوف‪:‬‬
‫* احملكمة ذاهتا اليت أصدرت القرار أو اغبكم الذي متّ نقضو‪ ،‬وجيب أف تعيد احملكمة النّظر يف النّزاع هبيئة‬
‫جديدة (الفصل ‪ 178‬من ـ‪.‬ـ‪.‬ـ‪.‬ت)‪.‬‬
‫* أو ؿبكمة أخرى متساوية ال ّدرجة وتصدر ؿبكمة اإلحالة حكمها أو قرارىا من جديد بعد إعادة النّظر‬
‫يف النّزاع فيما تسلّط عليو النّقض‪.‬‬
‫‪ -‬غَت مقًتف باإلحالة أي أ ّف ؿبكمة التعقيب تقتصر على النقض دوف اإلحالة‬
‫وذلك كأف تكوف ىذه اإلحالة حملكمة غَت ـبتصة أو عندما يكوف الطّعن مق ّدما ؼبصلحة القانوف من طرؼ‬
‫النيابة العمومية‪.‬‬
‫قد حيدث تعقيب ثاف يف إحدى الصورتُت التاليتُت‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫الطّعن الثاين مؤسس على سبب جديد غَت السبب األوؿ الواقع من أجلو النقض ‪ :‬حياؿ‬ ‫‪‬‬

‫الطعن على دائرة من دوائر ؿبكمة التعقيب اليت ديكنها ّإما أن ترفض المطعن شكبل أو أصبل أو تقضي‬
‫بالنقض مع اإلحالة من جديد إىل ؿبكمة إحالة ثانية أو دون إحالة إذ ظبح ّ‬
‫اؼبشرع لدائرة ؿبكمة التعقيب‬
‫إستثناء لمبدأ أ ّن‬ ‫تبت مباشرة بنفسها يف النزاع على شرط أف يكوف موضوعو مهيّأ للفصل وىو‬
‫أف ّ‬
‫تبت في األصل‪.‬‬‫محكمة التعقيب ال ّ‬
‫‪ ‬الطّعن الثاين مؤسس على نفس السبب الواقع من أجلو النقض ‪ :‬حياؿ إذّاؾ الطّعن على‬
‫لتتوىل النّظر يف خصوص اؼبسألة الواقع ـبالفتها‪ .‬ولل ّدوائر اجملتمعة أف‪:‬‬
‫"ال ّدوائر اجملتمعة" ّ‬
‫تقضي برفض الطّعن شكبل أو أصبل‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬تؤيّد ال ّدوائر موقف ال ّدائرة فتقضي بالنقض وعند ذلك جيوز ؽبا ّإما النّقض‬
‫وإما النّقض مع اإلحالة ويكوف قرارىا "واجب اإلتباع‬
‫البت يف النّزاع إف كاف موضوع النّزاع مهيّأ للفصل ّ‬
‫و ّ‬
‫من طرؼ ؿبكمة اإلحالة" حبيث ينتهي حتما النّزاع‪.‬‬
‫الصادرة عن إحدى ال ّدوائر‬
‫‪ ‬ولل ّدوائر اجملتمعة دور يتمثّل يف النّظر يف مطالب مراجعة القرارات ّ‬
‫الصور الثبلث التالية‪:‬‬
‫التعقيبية يف صورة وقوعها "باػبطإ البُت" يف إحدى ّ‬
‫الرفض شكبل على غلط واضح‪.‬‬
‫‪ ‬إنبناء قرار ّ‬
‫صَته غَت منطبق‪.‬‬
‫نصا قانونيا سبق نسخو أو تنقيحو دبا ّ‬
‫‪ ‬إعتماد القرار ّ‬
‫‪ ‬مشاركة من سبق منو النّظر يف النّزاع يف إصدار القرار اؼبطلوب مراجعتو‪.‬‬
‫‪‬لل ّدوائر اجملتمعة وظيفة عامة وىي توحيد اآلراء القانونية بُت ال ّدوائر‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬طبيعة فقو القضاء‪:‬‬
‫ىل يع ّد فقو القضاء مصدرا شكليا للقانوف ?‬
‫كل واحدة على صبلة من األدلّة‪.‬‬
‫يقر القانوف التونسي والقانوف الفرنسي نظريتُت‪ ،‬تستند ّ‬
‫ّ‬
‫الرأي القائل بأ ّن فقو القضاء مصدر للقانون المدني‪:‬‬
‫أ) أدلّة ّ‬
‫ثبوت عدـ كماؿ التشريع وغياب العرؼ أحيانا‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫فرض اغبكم والفصل يف النّزاع على القاضي‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫دور ال ّدوائر اجملتمعة وإشعاعها على كافّة احملاكم‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ربديد مضموف بعض اؼبصطلحات يرجع أساسا للقضاء‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫الرافض ألن يكون فقو القضاء مصدرا للقانون المدني‪:‬‬


‫الرأي ّ‬
‫ب)أدلّة ّ‬
‫التفرقة بُت السلطة ذبعل القضاء سلطة تطبق القانوف وال تنشؤه وال تن ّفذه‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫غياب نظرية "السابقة القضائية وفرض مبدأ األثر النسيب للحكم اؼبدين"‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫فقو القضاء ال يلزـ القاضي إالّ معنويّا‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫حداثة التشريع التونسي‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫اؼبشرع ؼبدرة الشرح على اؼبتوف‪.‬‬


‫تبٍت ّ‬‫ّ‬ ‫‪-‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬تأويل القاعدة القانونية‪:‬‬


‫لكن ؾبلّة اإلجراءات‬
‫تفرؽ ـ‪.‬إ‪.‬ع بُت مفهومي التأويل والتفسَت يف خصوص تفسَت العقود‪ّ .‬‬‫مل ّ‬
‫اؼبدنية والتجارية (ـ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬ت) سبيل إىل إستعماؿ كلمة "تأويل"‪.‬‬

‫اؼبشرع عن مسألة معيّنة كما حيدث أف تكوف‬


‫حيدث أف يغيب حكم ّ‬ ‫مفهوم التأويل‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫يتسٌت تطبيقها‪ .‬فطبيعة القاعدة‬


‫القاعدة‪ .‬الوضعية غامضة ربتاج إىل تأويل وتفسَت أي إىل توضيح حىت ّ‬
‫لكل أنواع الوضعيات الواقعية فيضع‬‫فاؼبشرع يفًتض معرفتو ّ‬
‫بالضرورة إىل تفسَتىا وتأويلها‪ّ ،‬‬ ‫ذاهتا تدعو ّ‬
‫لكن اغبياة ومبلبساهتا تكشف أحيانا ثغرات القاعدة إذ قد تفرز لنا وضعيات واقعية غَت‬ ‫حكما عاما ؽبا‪ّ .‬‬
‫اؼبشرع كما تفرز لنا حاالت ال يسهل إخضاعها للقواعد القانونية بسبب غموض‬ ‫مقننة صمت يف شأهنا ّ‬
‫أحكامها فرضا أو حبلّ‪ .‬وبالتايل فإ ّف تطبيق القاعدة أمر ىُت إذا كانت موجودة وواضحة وأ ّف تأويلها‬
‫السكوت‪.‬‬‫واجب إذا حدث الغموض أو ّ‬
‫‪ ‬التأويل ال يشمل البحث عن معٌت القاعدة الغامضة فحسب بل ديت ّد إىل تطبيق قواعد معيّنة لتبليف غياهبا‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫لكن ىذا ال يعٍت غياب أنواع أخرى‪:‬‬
‫التفسَت من عمل القضاء ّ‬ ‫أنواع التفسير‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫بنص مواز للنص اؼبوجود‪ .‬وينبٍت ىذا‬ ‫‪ ‬التفسير التشريعي ‪ :‬يصدر عن ّ‬


‫اؼبشرع ذاتو ّ‬
‫تسرب‬
‫اؼبشرع أوىل من غَته بس ّد ثغرات النص اؼبوجود أو برفع ما ّ‬
‫التفسَت على مبدأ التفرقة بُت السلط ( ّ‬
‫للنص القدمي ويتّحد معو وىو ما‬
‫متمما ّ‬‫إليو من غموض) وعلى نظرية كماؿ التشريع (يٌعترب النص اعبديد ّ‬
‫يعٍت سرياف نفاذه بصفة رجعية إىل ح ّد بداية نفاذ النص موضوع التأويل‪.‬‬
‫تفسر فيها بعض‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬التفسير اإلداري‪ّ :‬‬
‫تتوىل اإلدارة أحيانا إصدار مناشَت تأويلية‬
‫يتسٌت تطبيقها وحيت ّد النقاش حوؿ القيمة القانونية للمناشَت عموما‪ .‬لكن ال ديكن أف‬
‫حىت ّ‬‫القوانُت اعبديدة ّ‬
‫ننكر القيمة العملية ؼبثل ىذه النّصوص اإلدارية‪.‬‬
‫‪ ‬التفسير الفقهي‪ :‬يع ّد فقو الشراح ‪ doctrine‬ؾبموع اآلراء واإلجتهادات اليت‬
‫الرأي فقها إالّ إذا كاف مكتوبا‪.‬‬
‫تفرزىا أحباث ودراسات شراح القانوف‪ .‬وال ديكن إعتبار ّ‬
‫يٌصدر الشراح آرائهم حوؿ ربليل القواعد وترتيبها وتأويلها وتفسَتىا ونقدىا بإعتماد طرؽ‬
‫اؼبشرع ذاتو فيسعى‬
‫منهجية علمية قد تساعد القاضي على تطبيق النصوص أو تأويلها‪ .‬كما قد تؤثّر على ّ‬
‫لتنقيح القاعدة اؼبوجودة أو إىل إنشاء قاعدة جديدة‪ .‬ولكن فقو الشراح ال يعد يف ح ّد ذاتو مصدرا للقانوف‬
‫حىت وإف ربقق اإلصباع بل إنّو سلطة تساعد على فهم بعض القواعد أو على ذباوزىا باؼبطالبة بقواعد‬
‫ّ‬
‫جديدة‪.‬‬
‫‪ ‬التفسير القضائي‪ :‬إ ّف تفسَت القانوف من اؼبهاـ األوىل للقاضي حيث أنّو مطالب‬
‫يفسر القانوف وىل ديكنو أف ينشئ حبلّ‬
‫بتطبيقو على الوقائع اؼبعروضة عليو‪ .‬لكن كيف جيوز للقاضي أف ّ‬
‫تتضمنو أيّة قاعدة ?‪:‬‬
‫ال ّ‬

‫األول‪ :‬مدارس التأويل‪:‬‬


‫المبحث ّ‬
‫للحديث عن ىذه اؼبدارس فائدتاف‪:‬‬
‫تبُت لنا اؼبناخ الّذي واكب صدور ؾبلّة اإللتزامات والعقود‪.‬‬
‫‪ -‬األوىل تارخيية‪ :‬إذ ّ‬
‫‪ -‬الثانية نظريّة‪ :‬إذ يطرح التأويل من جديد مسألة دور القاضي اؼبدين يف اإلسهاـ يف مصادر‬
‫القانوف اؼبدين‪.‬‬
‫لقد ظهرت يف أوروبا ‪ 3‬مدارس للتأويل‪:‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ ‬اؼبدرسة التارخيية ‪ :l’école historique‬ظهرت بأؼبانيا وكاف تأثَتىا ؿبدودا إذ إقتصرت‬
‫اؼبشرع للوقوؼ عند إرادة‬
‫على القوؿ بأ ّف التشريع مستم ّد من روح الشعب وىو ما يسمح بتجاوز إرادة ّ‬
‫الشعب‪.‬‬
‫‪19‬‬ ‫‪ ‬مدرسة الشرح على اؼبتوف ‪ :l’école de l’éxégèse‬سادت يف فرنسا خبلؿ القرف‬
‫اغبر‪.‬‬
‫وكانت سببا رئيسيا يف ظهور نظرية البحث العلمي ّ‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مدرسة الشرح على المتون‪:‬‬
‫أدؽ ؾبلّة ‪ 1804‬الفرنسية اليت نتج عن ظهورىا إعتقاد‬
‫اؼبنت اؼبقصود ىو النص الوضعي‪ ،‬وبصفة ّ‬
‫رساخ بفكرتُت‪:‬‬

‫أ) كمال التشريع‪:‬‬


‫كل اؼبشاكل‬
‫إعتقد فقهاء فرنسا أ ّف أحكاـ اجمللّة الفرنسية عمل عقبلين ال بديل لو بل أنّو أتى على ّ‬
‫واؼبسائل ومن مثّ إعتباره كامبل ال نقص وال شائبة تشوبو‪ .‬و ّأدى ىذا اؼبوقف إىل إعتبار النّص اؼبكتوب أي‬
‫التشريع اؼبصدر الوحيد للقانوف اؼبدين‪.‬‬
‫وقد ّأدى ذلك إىل إعتماد أساتذة اعبامعة خطّة اجمللّة ذاهتا عند تدريس القانوف اؼبدين إذ رتّبوا‬
‫ؿباضراهتم حسب ترتيب الفصوؿ بالتقنُت اؼبذكور‪.‬‬

‫ب)منهجية التفسير الوحيد المعتمد‪:‬‬


‫تفرؽ بُت صورتُت تتطلّباف التفسَت‪:‬‬
‫الشرح على اؼبتوف ّ‬
‫إنطبلقا من إدياهنا بكماؿ التشريع‪ ،‬فإ ّف مدرسة ّ‬
‫صورة غموض النّص‪:‬‬ ‫‪)1‬‬

‫اؼبشرع مصانة عن العبث وإف‬


‫تتبع ىذه اؼبدرسة طريقة التفسَت اللّفظي أو اللّغوي للنص فأعماؿ ّ‬
‫حصل إستعماؿ كلمة بدت غامضة‪ ،‬وجب البحث يف اؼبعٌت الصحيح للكلمة بإعتماد اللغة والقواعد‬
‫بالبحث يف األعماؿ‬ ‫اؼبشرع وذلك‬
‫النحوية ‪ analyse grammaticale‬وإالّ يتّجو اإللتجاء إىل نيّة ّ‬
‫التحضَتية للنص أو بتقريب النّصوص إىل بعضها لرفع غموض أحدىا أي أ ّف التحليل اإلرادي أو القصدي‬
‫يدعم التحليل اللفظي‪.‬‬
‫صورة غياب النص‪:‬‬ ‫‪)2‬‬

‫لكن‬
‫تفسر مدرسة الشرح على اؼبتوف ىذه الصورة بنوع من التململ فهي تناقض فكرة كماؿ التشريع ّ‬
‫ّ‬
‫اؼبصرح هبا ونيتو اؼبفًتضة تسمح بتجاوز التناقض وبإستنباط منهجية خاصة لتأويل‬
‫اؼبشرع ّ‬
‫التفرقة بُت نية ّ‬

‫‪27‬‬
‫السكوت وس ّد الثّغرة‪ .‬وتعتمد ىذه اؼبنهجية قواعد اؼبنطق إلستخبلص اغبكم الغائب من اغبكم اؼبوجود‪.‬‬
‫وتشمل ىذه القواعد‪:‬‬
‫‪ ‬اإلستنتاج بالقياس ‪ :le raisonnement par analogie‬أي أ ّف س ّد الفراغ التشريعي‬
‫لنص‪ .‬فيمكن مثبل أف نستم ّد بالقياس‬‫حيصل بإعتماد قاعدة موجودة إلستنباط حكم ؼبسألة مشاهبة فاقدة ّ‬
‫حكما جديدا للشخص اؼبعنوي بإعتماد اغبكم الوارد يف خصوص الشخص الطبيعي طاؼبا ال يتعارض‬
‫اإلستنتاج مع إحدى خاصيات الشخص اؼبعنوي‪.‬‬
‫اإلستنتاج دبفهوـ اؼبخالفة ‪ :le raisonnement a contrario‬عندما دينع النص‬ ‫‪‬‬

‫عمبل قانونيا معينا ويسكت يف شأف عمل آخر ديكن إنطبلقا من قراءة معكوسة للنص الوارد إستنتاج‬
‫قاعدة رب ّدد اغبكم الغائب أي تبيحو‪.‬‬
‫‪le raisonnement a‬‬ ‫اإلستنتاج بواسطة قاعدة من أمكنو األكثر أمكنو األقل‬ ‫‪‬‬

‫اؼبشرع حكما ألسباب معينة ( كالبيع والشراء ) ويسكت يف مسألة أقل أمهية‬ ‫‪ :fortiori‬عندما يضع ّ‬
‫اؼبشرع ضمنيا‬
‫وخطورة ( كالكراء)‪ .‬جيوز القوؿ بأ ّف اإلباحة سبت ّد وتسري على عقود الكراء أل ّف من أمكنو ّ‬
‫األقل‪.‬‬
‫وبالضرورة ّ‬
‫‪François‬‬ ‫لقد سادت مدرسة الشرح على اؼبتوف يف فرنسا طيلة القرف ‪ 19‬إىل أف واجهها الفقيو‬
‫بأىم نقد يف مؤلّفو "طريقة التفسَت ومصادر القانوف اػباص الوضعي"‪.‬‬
‫‪ّ Geny‬‬
‫حيث إنتقد مبالغة ىذه اؼبدرسة يف إعتبار كماؿ التشريع وقيدت القاضي ومنعت عنو اإلجتهاد‬
‫‪.méthode d’interprétation et sources en droit positif‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مدرسة البحث العلمي الحر‪:‬‬


‫جاءت لتعارض مبالغة مدرسة الشرح على اؼبتوف يف دور التشريع‪ ،‬فإذا كاف التشريع ىو اؼبرجع األوؿ‬
‫للمشرع أف يبحث عن‬
‫ّ‬ ‫يف التفسَت فهو ليس اؼبرجع الوحيد بل على القاضي يف صورة غياب إرادة حقيقية‬
‫اغبل يف مصادر أخرى‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويعٍت جيٍت (رائد ىذه اؼبدرسة) أنّو جيب أحيانا اإلعًتاؼ بالنّقص التشريعي وىو ما يدفع القاضي‬
‫حل جديد يطبّقو على النزاع اؼبعروض عليو‪.‬‬
‫ليتوصل إىل ّ‬
‫للقياـ ببحث علمي حر ّ‬
‫حر أي أ ّف القاضي يتخلّص من إفًتاض كماؿ التشريع ولكنّو ليس مطلقا فهو‬ ‫ىذا البحث ىو ّ‬
‫يفًتض إعتماد منهجية علمية منطلقها اؼبصادر اؼبادية بصورة ذبعل القاضي يستنبط اغبل دبراعاة نفس‬
‫اؼبشرع لو كاف ىو واضع القاعدة‪.‬‬
‫اؼبقاييس اليت كاف من اؼبفروض أف يراعيها ّ‬
‫وإف زبلّصت نظرية جيٍت من القيود الشكلية للتشريع فإ ّهنا مل تتخلّص سباما من القيود اعبوىرية‬
‫باؼبشرع‪.‬‬
‫اؼبنهجية اػباصة ّ‬
‫‪28‬‬
‫كما أ ّف جيٍت نبّو إىل أ ّف القاضي ال خيلق قاعدة قانونية بل خيلق حبلّ فرديّا للنزاع اؼبعروض أمامو‬
‫فحسب‪.‬‬
‫فما ىو تأثّر القانوف اؼبدين التونسي ?‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تأثير مدارس التفسير على القانون المدني التونسي‪:‬‬


‫كانت بداية القرف العشرين فًتة إنتقالية شهدت أفوؿ نظرية الشرح على اؼبتوف وظهور اؼببلمح األوىل‬
‫اغبر‪ .‬وقد شهدت ىذه الفًتة صدور ؾبلّة اإللتزامات والعقود اليت إستفادت من‬ ‫لنظرية البحث العلمي ّ‬
‫التجربة الفرنسية إذ ظهرت بعد قرف من تاريخ صدور اجمللّة النابليونية ( ‪ )1804‬فبّا ظبح لواضعيها بإدراج‬
‫تكرسها اجمللّة الفرنسية كػ‪:‬‬
‫ع ّدة أحكاـ مل ّ‬
‫األحكاـ اؼبتعلقة بقاعدة اإلثراء بدوف سبب‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫األحكاـ اؼبتعلقة بالتعسف يف إستعماؿ اغبق‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫األحكاـ اؼبتعلقة دبضار اعبوار‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫لعل حداثة التشريع‬


‫وبعد اإلستقبلؿ‪ ،‬صدرت ؾبلّة األحواؿ الشخصية‪ ،‬اعبنسية واغبقوؽ العينية‪ ،‬و ّ‬
‫التونسي تكوف وراء غياب بعض الصعوبات التأويلية اليت واجهها وال يزاؿ فقو القضاء الفرنسي‪.‬‬

‫المشرع‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الفقرة األولى‪ :‬إختيارات‬
‫يكرس القانوف صراحة أسسها‬
‫اؼبشرع التونسي بصفة واضحة دبدرسة الشرح على اؼبتوف فلئن مل ّ‬ ‫تأثّر ّ‬
‫اؼبشرع التفرقة‬
‫تبٌت سنة ‪ 1906‬يف ؾبلّة اإللتزامات والعقود منهجيّتها يف تأويل النّصوص وإعتمد ّ‬
‫النظرية فإنّو ّ‬
‫األساسية بُت صوريت‪:‬‬

‫أ) غموض النص‪:‬‬


‫اؼبشرع معايَت ثبلثة يف تأويل النّص الغامض‪:‬‬
‫حسب الفصل ‪ 532‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع‪ ،‬يعتمد ّ‬
‫الشرح اللّفظي‪.‬‬
‫ليكونا منهجية ّ‬
‫يلتقي اؼبعياراف ّ‬ ‫‪ -‬وضع اللغة‬
‫‪ -‬عرؼ اإلستعماؿ‪.‬‬
‫اؼبشرع ؼبنهجيّة إضافية للشرح القصدي‬
‫يعرب ىذا اؼبعيار عن إعتماد ّ‬
‫‪ -‬مراد واضع القانوف‪ّ :‬‬
‫اؼبشرع وىو ما يعٍت تكريس اؼبنهجية اليت إعتمدهتا مدرسة الشرح‬
‫اإلرادي أي الذي يرمي للبحث عن نية ّ‬
‫على اؼبتوف‪.‬‬
‫اؼبشرع التونسي صبلة من القواعد التأويلية اإلضافية اليت تساعد على رفع الغموض البلحق‬
‫أقر ّ‬ ‫كما ّ‬
‫بالنص اؼبوجود كػ‪:‬‬

‫‪29‬‬
‫زبص تأويل النص اؼبوجود والغامض‪.‬‬
‫قواعد ّ‬ ‫‪-‬‬

‫زبص ثغرات التشريع اؼبفقود‪.‬‬


‫قواعد ّ‬ ‫‪-‬‬

‫زبص مبادئ عامة أصلية‪.‬‬


‫قواعد ّ‬ ‫‪-‬‬

‫ب)النقص التشريعي أو غياب النص‪:‬‬


‫الحل المعتمد في الفصل ‪ 535‬من م‪.‬إ‪.‬ع‪:‬‬ ‫‪)1‬‬

‫بنص صريح من القانوف أٌعترب القياس فإف بقي ّ‬


‫شك جرى اغبكم على مقتضى‬ ‫إذا تع ّذر اغبكم ّ‬
‫قواعد القانوف العمومية‪.‬‬
‫جل الطّرؽ اؼبنطقية كاإلستنتاج بالقياس‬
‫اؼبشرع ميلو ؼبدرسة الشرح على اؼبتوف بإعتماده ّ‬
‫دعم ّ‬ ‫كما ّ‬
‫(الفصوؿ ‪ 536،535‬و ‪ 537‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع )‪ ،‬اإلستنتاج دبفهوـ اؼبخالفة ( ‪ 534‬و ‪ )538‬وأورد صراحة قاعدة "من‬
‫أمكنو األكثر أمكنو األقل" ( الفصل ‪ ،)550‬فالفصل ‪ 535‬أعطى األولوية إلعماؿ القياس لس ّد ثغرات‬
‫شك فإمكانية اغبكم على مقتضى قواعد القانوف العمومية"‪.‬‬ ‫التشريع‪ .‬فإف "بقي ّ‬
‫مفهوم قواعد القانون العمومية‪:‬‬ ‫‪)2‬‬

‫إختلف الفقو يف ربديد ؿبتوى لفظة قواعد القانوف العمومية وظهرت قراءتاف يف ىذ الشأف‪:‬‬
‫موجهة إىل الفقو ال‬ ‫جل القواعد العامة الواردة مب‪.‬إ‪.‬ع ىي قواعد تأويل خاصة ّ‬ ‫‪ ‬قراءة أوىل‪ّ :‬‬
‫اؼبتضمن‬
‫ّ‬ ‫جل القواعد العامة الواردة بباب "يف تفسَت العقود ويف شيء من األصوؿ القانونية"‬ ‫إىل القضاء‪ّ :‬‬
‫للفصوؿ ‪ 532‬إىل ‪ 562‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع ىي قواعد أساسها اؼبنطق السليم والقيمة النبيلة أل ّهنا عبارة عن قواعد‬
‫حكيمة وردت يف الفقو اإلسبلمي وىي قواعد ال تتجو إىل القضاء بل إىل الفقو‪ .‬كما ال جيب أف تعترب‬
‫قواعد قانونية ذات صبغة إلزامية وجوبية وىو ما ّأدى إىل حصر جدوى الفصل ‪ 535‬يف مسألة القياس دوف‬
‫ذباوزىا‪.‬‬
‫جل القواعد العامة الواردة ربت عنواف "قواعد عامة تتعلّق بالقانوف"ىي قواعد‬ ‫‪ ‬قراءة ثانية‪ّ :‬‬
‫مستم ّدة من القواعد الكلية واؼببادئ العامة للقانوف ‪ :‬اؼببادئ العامة للقانوف ىي "اليت ديكن إستلهامها من‬
‫الرأظبالية اللّيربالية"‪.‬‬
‫فلسفة القانوف وغاياتو وأىدافو كمبدأ حرية التعامل (التجارة‪ ،‬اإلدارة) يف األنظمة ّ‬
‫اؼبشرع إىل قواعد القانوف العمومية إّمنا أحاؿ إىل القواعد الكلية الفقهية أي إىل‬
‫وعندما أحاؿ ّ‬
‫مبادئ الفقو اإلسبلمي وقد أعطى ضمن ـ‪.‬إ‪.‬ع البعض منها تاركا للبحث وللقاضي حرية إستلهاـ اغبلوؿ‬
‫بالرجوع إليها‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪30‬‬
‫الرجوع إىل الفقو اإلسبلمي عرب‬
‫ويستلخص من القراءة الثانية أ ّف الفصل ‪ 535‬يبيح بعد القياس ّ‬
‫قواعده الكلية أي عرب مبادئو األساسية وكذلك بالرجوع إىل اؼببادئ العامة للقانوف اليت ديكن إستلهامها‬
‫من فلسفة القانوف‪.‬‬
‫مرد ىذا النّقاش بُت الفقيهُت ىو الغموض الّذي شاب أعماؿ اللّجنة اؼبكلّفة بإعداد ـ‪.‬إ‪.‬ع‬
‫لعل ّ‬
‫و ّ‬
‫وىي مسألة تستدعي التفصيل بإعتبار أمهّيتها‪.‬‬
‫‪ ‬كبو ذباوز غموض الفصل ‪ :535‬جيب التنبيو إىل أمهية أحكاـ الفصل ‪ 535‬موضوع‬
‫أدؽ ضبط معٌت لفظة‬
‫البحث أل ّهنا رب ّدد اؼبصادر اإلحتياطية لس ّد ثغرات التشريع اؼبدين التونسي وبصفة ّ‬
‫"قواعد القانوف العمومية"‪.‬‬
‫كما أنّو واضح أ ّف الفصل ‪ 535‬غامض يف ح ّد ذاتو وىو ما يدعو إلخضاعو بدوره لقواعد التفسَت‬
‫الغامض‪:‬‬
‫‪ -‬لغة‪ :‬نبلحظ أ ّف واضعي ؾبلّة ‪ 1906‬إعتمدوا يف الفصلُت ‪ 532‬و‪ 535‬بصفة تكاد تكوف‬

‫‪on ne peut, en appliquant la loi, lui attribuer‬‬ ‫حرفية أحكاـ الفصل ‪ 3‬من اجمللّة اإليطالية‪:‬‬
‫‪un autre sens que celui qui résulte de la signification propres des termes,‬‬
‫‪d’après la connexion existante entre eux, et l’intention du législateur. Lorsqu’un‬‬
‫‪létige na peut être tranché au moyen d’une disposition précise de la loi, on doit‬‬
‫; ‪recourir aux dispositions qui régissent des cas semblables en matière analogue‬‬
‫‪lorsque le doute subsiste toujours on se prononcera d’appliquer les principes‬‬
‫‪.généraux du droit‬‬

‫األوؿ للفظة "قواعد القانوف‬ ‫والفرؽ بُت التشريع التونسي والتشريع اإليطايل يكاد ينحصر يف إستعماؿ ّ‬
‫‪les principes‬‬ ‫العمومية" ‪ les règles générales de droit‬يف حُت يستعمل الثاين لفظة‬
‫لكن اؼبطّلع على فحوى الفرع‬ ‫النص‪ّ .‬‬
‫بأىم لفظة يف ّ‬
‫‪ généraux de droit‬وىو فرؽ جوىري تعلّق ّ‬
‫اؼبخصص لقواعد القانوف العمومية مب‪.‬إ‪.‬ع يبلحظ أ ّف جلّها يتمثّل فعبل يف قواعد مستم ّدة من الفقو‬
‫ّ‬
‫حل صعوبات التأويل يف حالة الثّغرات رغم‬ ‫اإلسبلمي (اجمللّة العثمانية) وىي قواعد تساعد القاضي على ّ‬
‫ما يشوهبا من عمومية‪.‬‬
‫لعل‬
‫‪ -‬التفسَت القصدي‪ :‬فهو يف غياب وثائق األعماؿ التحضَتية للمجلّة أمر غَت يسَت‪ .‬و ّ‬
‫اغبل غَت الواضح‪.‬‬
‫تعسر ىذا ّ‬ ‫الًتكيبة اؼبزدوجة للّجنة اليت صبعت قضاة تونسيُت وقضاة فرنسيُت ىي اليت ّ‬
‫جل القواعد التأويلية للقواعد الكلّية الواردة‬
‫لكن‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬فإ ّف نتيجة التفسَت اللّغوي اليت تثبت إنتساب ّ‬

‫‪31‬‬
‫باجمللّة العثمانية تؤوؿ إىل القوؿ بأ ّف الفقو اإلسبلمي ىو مصدر مادي ىاـ للقانوف اؼبدين التونسي مثلو مثل‬
‫اؼبصادر اؼبادية األخرى‪ .‬فكيف تعامل القضاء التونسي مع ىذه اؼبعطيات التشريعية ?‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التطبيق القضائي‪:‬‬

‫الشرح على اؼبتوف إالّ‬


‫للمشرع أي أنّو يلتزـ دبنهجية ّ‬
‫ّ‬ ‫يتقيّد القضاء التونسي بدوره باإلختيارات العامة‬
‫أنّو يستنجد أحيانا باؼبصادر اؼبادية للقانوف التونسي‪.‬‬

‫بالنص‪:‬‬
‫ّ‬ ‫أ) التقيّد‬
‫حىت‬
‫‪ -‬دأبت ؿبكمة التعقيب على نقض األحكاـ والقرارات اليت تػعمد لتأويل النص الواضح ّ‬
‫تضمن خطأ مطبعيّا جيب إصبلحو وإعتربت ؿبكمة التعقيب أ ّف القرار‬
‫وإف إعترب قضاة األصل الّذي ّ‬
‫اإلستئنايف قد خرؽ القانوف عندما عمد إىل التأويل‪.‬‬
‫النص الفرنسي فإ ّف‬
‫النص العريب مع ّ‬
‫اؼبؤرخ يف ‪ 27‬جانفي ‪ 1883‬أنّو "إذا إختلف ّ‬ ‫‪ -‬جاء باألمر ّ‬
‫للنص أي‬
‫بالنص اؼبطابق للغتها" ‪ .‬وىو ما يفرض على احملاكم التقيّد بالنسخة األصلية ّ‬
‫ّ‬ ‫احملكمة تعمل‬
‫الصياغة اؼبذكورة‪.‬‬
‫يتم بالنّظر إىل ّ‬
‫احملررة باللّغة العربية‪ .‬فتحديد إمكانية التأويل من عدمو ّ‬
‫النسخة ّ‬
‫‪ -‬كثَتا ما ال تتفق دوائر ؿبكمة التعقيب يف تأويلها للنص الواحد‪ .‬لكن ىذا ال يعٍت أ ّف القضاة ال‬
‫يتبعوف نفس اؼبنهجية‪ .‬فالطّريقة الواحدة ال سبنع من الوصوؿ إىل رباليل ـبتلفة‪.‬‬
‫اؼبكرسة للشرح اللّفظي للنّصوص‬
‫بالنص من خبلؿ األحكاـ والقرارات ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬تتضح مظاىر التقيّد‬
‫اؼبشرع‪ .‬وبصفة عكسية ال حياوؿ القضاء التونسي تعليل‬ ‫الشرح اؼبعتمد إلرادة ّ‬
‫للشرح القصدي أي ّ‬ ‫وكذلك ّ‬
‫األقل دوف ذكر القاعدة التشريعية اؼبعيّنة‪.‬‬
‫النص أو على ّ‬
‫الرجوع إىل ّ‬ ‫أحكامو دوف ّ‬
‫الصادرة عن ال ّدوائر اجملتمعة حملكمة التعقيب‪ ،‬من‬
‫كل ال ّدرجات دبا فيها القرارات ّ‬
‫ويتم ىذا التقيّد يف ّ‬
‫ّ‬
‫ذلك‪:‬‬

‫تأويل غموض أحكام الفقرة الثانية من الفصل ‪ 1416‬من م‪.‬إ‪.‬ع‪:‬‬ ‫‪)1‬‬

‫حيرر فيها رسم صحيح" ‪ ،‬فإختلفت احملاكم حوؿ تأويل كلمة‬ ‫اليت أوردت أ ّف "عقدة اؼبغارسة ّ‬
‫الشأف‬
‫"صحيح" فهل اؼبقصود رسم غَت باطل أـ اؼبقصود الكتب الرظبي‪ .‬وقد ّقررت ال ّدوائر اجملتمعة يف ىذا ّ‬
‫حيررىا‬
‫اغبجة الرظبيّة الّيت ّ‬
‫الصحيح ىي ّ‬ ‫بالرسم ّ‬
‫الصادر يف ‪ 24‬جواف ‪ 1961‬أ ّف "اؼبقصود ّ‬‫يف قرارىا عدد ‪ّ 706‬‬
‫اؼبأمور العمومي وفقا للفصل ‪ 442‬من اجمللّة اؼبدنية"‪.‬‬
‫في خصوص تأويل غياب حكم خاص بالشرط التغريمي‪:‬‬ ‫‪)2‬‬

‫‪32‬‬
‫يسمى شرطا تغردييا يقضي بتحميل أحد األطراؼ غرامة‬ ‫خاصا ّ‬ ‫يتضمن العقد بندا ّ‬
‫حيدث أحيانا أف ّ‬
‫مالية يف صورة إخبللو بأحد شروط العقد‪ .‬وقد حاولت بعض ؿباكم األصل الوصوؿ إىل مراجعة ىذا‬
‫الصادر عن ال ّدوائر اجملتمعة ربت عدد‬
‫لكن القرار التعقييب ّ‬
‫الشرط عندما تكوف الغرامة مشطّة وؾبحفة‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫حبجة أ ّف‬
‫‪ 7919‬بتاريخ ‪ 28‬أفريل ‪ 1975‬إعترب ىذه احملاوالت غَت مقبولة ونقض أحد القرارات اؼبطعوف فيها ّ‬
‫اؼبشرع مل ينظّم أحكاـ البند التغرديي فبّا يبيح تطبيق الفصل ‪ 242‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع الّذي يقضي بإحًتـ قاعدة‬
‫ّ‬
‫العقد شريعة الطّرفين فبّا ّأدى بالتّايل إىل التص ّدي حملاوالت بعض احملاكم ؼبراجعة البنود التغرديية اجملحفة‪.‬‬

‫ب)إعتماد المصادر المادية‪:‬‬


‫الشرح على اؼبتوف إىل‬
‫اؼبتأمل يف فقو القضاء‪ ،‬يبلحظ ميل العديد من احملاكم يف نطاؽ منهجية ّ‬
‫إ ّف ّ‬
‫إعتماد اؼبصادر اؼبادية للنّصوص‪.‬‬

‫إعتماد الفقو اإلسالمي في تفسير النّصوص‪:‬‬ ‫‪)1‬‬

‫الشخصية كػ‪:‬‬
‫عبل أحكاـ ؾبلّة األحواؿ ّ‬
‫يع ّد الفقو اإلسبلمي مصدرا ماديا ّ‬
‫ينص ىذا الفصل على أ ّف "القتل العمد‬
‫‪ -‬تأويل أحكاـ الفصل ‪ 88‬من ؾبلة األحواؿ الشخصية ‪ّ :‬‬
‫ردة "سبنع التوارث‬
‫يتعرض صراحة إىل أ ّف زواج اؼبسلمة بغَت مسلم ّ‬
‫من موانع اإلرث" ولو أ ّف ىذا الفصل مل ّ‬
‫اؼبشرع مل يلغ اؼبوانع الشرعية األخرى‬
‫يدؿ على أ ّف ّ‬‫لكن قولو "القتل العمد من موانع اإلرث" ّ‬
‫بُت اؼبلتُت" ّ‬
‫بدليل أنّو إستعمل لفظة "التبغيضية" وبالتايل إعتمدت ؿبكمة التعقيب صراحة على الفقو اإلسبلمي‬
‫الردة من موانع اإلرث‪.‬‬
‫وإعتربت ضمنيا أ ّف ّ‬
‫إعتماد المصادر المادية األخرى‪:‬‬ ‫‪)2‬‬
‫تشمل اؼبصادر اؼبادية للنص أحيانا قانونا أجنبيا كالقانوف الفرنسي أو األؼباين أو اإليطايل أو واقعا‬
‫التبٍت عند قضاء ؿبكمة‬‫سن أحكاـ ّ‬ ‫النص حكمو وىو ما حدث عند ّ‬ ‫إجتماعيا يستلهم منو واضع ّ‬
‫التبٍت يف ‪ 1986‬وىو حكم إستلهمتو من القانوف الفرنسي نظرا لسكوت‬ ‫الرجوع يف ّ‬ ‫اإلستئناؼ باؼبنستَت ّ‬
‫النص التونسي عن اغبكم فيو‪.‬‬

‫الخالصة‪:‬‬
‫ال ؾباؿ ؼبقارنة فقو القضاء التونسي بفقو القضاء الفرنسي أل ّف اؼبعطيات زبتلف‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫لتطور اجملتمع وىو ما يقلّل من صعوبات التأويل‪.‬‬


‫التشريع التونسي حديث ومعاصر ومواكب ّ‬ ‫‪-‬‬

‫اؼبشرع وتقيٌده بالنص فيو تكريس الولوية التشريع‪ ،‬حيث‬


‫‪ -‬القاضي اؼبدين التونسي حيًتـ إختيارات ّ‬
‫نص ال ّدستور على أ ّف "القضاة مستقلّوف ال سلطاف عليهم يف قضائهم لغَت القانوف"‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪33‬‬
‫النص‬
‫سن ّ‬ ‫مهمة ّ‬
‫‪ -‬إ ّف النّظاـ القانوين اغبايل ينبٍت على التفرقة بُت السلطة فللسلطة التشريعية ّ‬
‫خاصة على تنفيذ‬
‫الشعب" يف حُت تسهر السلطة التنفيذية ّ‬ ‫السلطة القضائية "تصدر األحكاـ بإسم ّ‬ ‫و ّ‬
‫األحكاـ‪.‬‬

‫الجزء الثـان‪:‬‬
‫الللنو‬
‫الذاتية‬

‫‪34‬‬
‫‪Les Droits‬‬
‫‪Subjectifs‬‬

‫سمى حقوقا ذاتية نسبة ألصحاهبا أي ال ّذوات‪ .‬وقد‬ ‫‪-‬امفنو "اللق الذّاتن"‪ :‬يٌ ّ‬
‫قر القانوف حقوقا تٌ ّ‬
‫اغبق ال ّذايت‪:‬‬
‫ظهرت ع ّدة نظريّات لتعريف ّ‬
‫معُت)‪.(SAVIGNY‬‬
‫خيوؽبا القانوف لشخص ّ‬
‫نظريّة شخصيّة ذبعل من اغبق سلطة ّ‬ ‫‪‬‬

‫‪l’intérêt‬‬ ‫اغبق لتجعل منو اؼبصلحة اليت حيميها القانوف‬


‫هتتم دبوضوع ّ‬‫‪ ‬نظرية موضوعية ّ‬
‫)‪.juridiquement protégé (IHERING‬‬
‫‪ ‬إنتقد ‪ DABIN‬النّظريتُت السابقتُت وإقًتح نظرية ـبتلطة تعتمد يف تعريفها للحق على أربعة‬
‫تدخل القانوف غبماية‬
‫عناصر‪ :‬عنصر اإلستئثار‪ ،‬عنصر التح ّكم‪ ،‬عنصر إحًتاـ الغَت للحق وعنصر ّ‬
‫معُت‬
‫يعرؼ ‪ DABIN‬اغبق بأنّو سلطة يسندىا القانوف لشخص ّ‬ ‫القانوف‪ .‬وبإجتماع العناصر األربعة‪ّ ،‬‬
‫يتصرؼ دبقتضاىا فيما ديلكو‪ ،‬وىو ما ديثّل اغبق‬
‫ويضفي عليها ضبايتو حبيث يكوف لصاحب اغبق أف ّ‬
‫لعل نظريّة ‪ DABIN‬ىي أقرب النظريّات لنظريّة‬ ‫العيٍت أو فيما ىو مستحق لو وىو ما ديثّل اغبق الشخصي و ّ‬
‫اغبق يف القانوف اؼبدين‪.‬‬

‫‪ -‬أاناع الللنو الذّاتية اللـايّة‪ :‬تنقسم اغبقوؽ الذاتية حسب معيارين‪:‬‬


‫الذمة اؼبالية ‪ le patrimoine‬اليت‬ ‫‪ ‬معيار القيمة اؼبالية للحق ‪ :‬ينبٍت ىذا اؼبعيار على مفهوـ ّ‬
‫بذمة مالية واحدة‪ .‬ويفرز ىذا اؼبعيار التفرقة‬
‫كل ذات ّ‬
‫الراجعة للفرد‪ .‬وتتمتّع ّ‬
‫سبثّل ؾبموع اغبقوؽ والواجبات ّ‬
‫بُت‪:‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ ‬الحق المالي‪ :‬فهو حق ذو قيمة مالية‪ ،‬ديكن تقديره غبق اؼبلكية وحق إستخبلص معلوـ‬
‫الصنف يف التّعامل أي جيوز إحالتو ‪ cessible‬وديكن إنتقالو للورثة ‪transmissible‬‬
‫الكراء‪ ،‬ويدخل ىذا ّ‬
‫دبضي اؼب ّدة ‪.prescriptible‬‬
‫وتباح عقلتو ‪ saisissable‬ويسقط ّ‬
‫‪ ‬الحق غير المالي ‪ّ :‬‬
‫حق ال يتمتّع لذاتو بقيمة نقدية كحق اغبضانة الّذي يتمتّع بو أحد‬
‫الزوجُت فقيمتو معنوية وىذا الصنف من اغبقوؽ ال حياؿ وال ينتقل وال يعقل‪ .‬كما ال يسقط عادة دبرور‬
‫ّ‬
‫اؼب ّدة‪.‬‬
‫فحق اؼبلكية األدبية مثبل ىو حق غَت مايل لكن لو جانب مايل‬
‫لكن ىذا التّصنيف ال خيلو من صعوبات‪ّ ،‬‬‫ّ‬
‫يف اآلف نفسو‪.‬‬
‫معيار موضوع اغبق‪ :‬حسب ىذا اؼبعيار‪ ،‬تصنّف اغبقوؽ إىل‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫معُت‪.‬‬
‫‪ ‬حقوؽ عينية ‪ :droits réels‬موضوعها عُت أي ماؿ ّ‬
‫‪ ‬حقوؽ شخصية ‪ droits personnels‬سبثّل رابطة إلتزاـ بُت دائن ‪ créancier‬ومدين‬
‫‪.débiteur‬‬
‫جل األحكاـ اؼبتعلقة باغبقوؽ الشخصية‬
‫اؼبشرع ؾبلّة مستقلّة للحقوؽ العينية يف حُت وردت ّ‬
‫خصص ّ‬ ‫وقد ّ‬
‫دبجلّة اإللتزامات والعقود‪.‬‬

‫‪ -‬اصـدر الللنو الذاتية‪ :‬ال يوجد ّ‬


‫اغبق إالّ إذا أباحو القانوف‪ ،‬وديكن إعتبار مصدرين إثنُت‬
‫معُت‪:‬‬
‫لنشأة اغبق لفائدة شخص ّ‬
‫‪ ‬الوقائع القانونية ‪ :les faits juridiques‬ىي أحداث متنوعة ال حصر ؽبا تٌنتج أثرا قانونيا مل‬
‫اغبق ال ّذايت‪ .‬وقد تكوف ىذه الوقائع‪:‬‬
‫يكن اؽبدؼ األساسي لوجودىا لكنّو يؤثّر يف ّ‬
‫اغبق فتنشئو (كاغبمل‪ ،‬اؼبيبلد‪ ،‬القرابة) أو رب ّد منو (عدـ بلوغ‬
‫‪ ‬طبيعيّة‪ :‬والّيت تؤثّر على ّ‬
‫الزمن)‪.‬‬
‫ذمة مالية إىل أخرى (كاؼبوت) أو تقضي عليو (كمرور ّ‬ ‫سن معيّنة) أو تن ّقلو من ّ‬
‫ّ‬
‫‪ ‬إرادية ىي أفعاؿ واقعية صادرة من شخص يتمتّع بإرادة كحوز شيء أو إرتكاب خطأ‬
‫حق اؼبلكية دبوجب إكتماؿ شروط اغبيازة‪.‬‬
‫كحق طلب التّعويض عن اػبطأ أو ّ‬
‫تًتتّب عنها حقوؽ ذاتية ّ‬
‫كل تعبَت عن إرادة يقصد منو‬
‫التصرفات أو األعماؿ القانونية ‪ :les actes juridiques‬ىي ّ‬
‫ّ‬ ‫‪‬‬

‫إنشاء آثار قانونية وىي تنقسم إىل‪:‬‬


‫التقسيم حسب عدد األطراؼ‪ :‬ديكن التفريق بُت‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -‬التصريح باإلرادة اؼبلزمة عبانب واحد ‪la déclaration unilatérale de‬‬


‫‪ volonté‬كالوعد باعبعل ؼبن يأيت بشيء تلف مثبل‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ -‬العقود واإلتفاقيات ‪ :les contrats et les conventions‬فالعقد‬
‫يتكوف بتبلقي إرادة البائع وإرادة اؼبشًتي‬
‫واإلتفاؽ يفًتضاف تبلقي إرادتُت على األقل‪ ،‬فالبيع عقد ألنّو ّ‬
‫كحق‬
‫حق أو حقوؽ ذاتية ّ‬ ‫ويف كلتا اغبالتُت يتعلّق األمر بعمل قانوين ‪ un acte juridique‬يتولّد عنو ّ‬
‫البائع يف تسلّم الثّمن‪.‬‬
‫‪les actes‬‬ ‫للتصرؼ‪ :‬وىي أعماؿ اغبفظ‬‫‪ ‬التقسيم حسب درجة اػبطورة القانونية ّ‬
‫‪les actes‬‬ ‫‪( de conservation‬هتدؼ غبماية اغبق كقطع م ّدة التّقادـ)‪ ،‬أعماؿ اإلدارة‬
‫معُت كتسويغو)‪ ،‬أعماؿ التصرؼ ‪les actes de‬‬ ‫‪( d’administration‬أعماؿ هتدؼ إىل إستغبلؿ ماؿ ّ‬
‫ّ‬
‫‪( disposition‬أعماؿ تفضي إىل التفويت يف اؼباؿ كالبيع أو إىل تعريضو إىل ىذا اػبطر كرىنو)‪.‬‬

‫‪les personnes‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬أصحاب الحق‪ :‬األشخاص‬


‫ينقسم أصحاب اغبقوؽ إىل صنفُت‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الشخص الطبيعي‪:‬‬


‫لكل مواطن التمتّع‬
‫بذمة مالية وشخصيّة قانونية‪ .‬كما أ ّف ال ّدستور ضمن ّ‬ ‫ىو اإلنساف الّذي يتمتّع ّ‬
‫الشخصية القانونية ‪ la personnalité juridique‬والّيت ال حي ّدىا إالّ قانوف يتّخذ‬‫حبقوقو كاملة أي أ ّف لو ّ‬
‫كل شخص واجبات‪.‬‬ ‫يتحمل ّ‬
‫إلحًتاـ حقوؽ الغَت ولصاحل األمن العاـ وال ّدفاع الوطٍت‪ .‬كما ّ‬
‫شخصية القانونية‪:‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬م ّدة ال ّ‬
‫يصعب قانونا ربديد بداية الشخصية وهنايتها وىو ما يدعو لتدقيق معطيات الظّرفُت‪:‬‬

‫أ) بداية الشخصية‪:‬‬


‫اغبق‪ .‬لكن جيب مع ذلك‬
‫ترتبط الشخصية باإلنساف‪ ،‬فبل تستساغ إالّ لدى اإلنساف اؼبولود و ّ‬
‫تفصيل األحكاـ اؼبتعلّقة باعبنُت‪.‬‬

‫الحل األصلي‪ :‬الميالد‪:‬‬


‫ّ‬ ‫‪)1‬‬

‫‪37‬‬
‫ىو واقعة قانونية ‪ .‬وتاريخ الوالدة ىو تاريخ الوضع ويثبت برسم الوالدة الّذي يقيمو ضابط اغبالة‬
‫اؼبدنية‪ .‬فالقانوف يوجب على والد اؼبولود واألطباء والقوابل أو غَتىم فبّن شهد الوضع إعبلـ ضابط اغبالة‬
‫يتم اإلذف يف ذلك من طرؼ‬ ‫اؼبدنية باؼبيبلد خبلؿ العشرة أياـ اليت تليو وإالّ ٌمنع ترسيم الوالدة إىل أف ّ‬
‫أخل بواجب اإلعبلـ‪.‬‬
‫كل شخص ّ‬ ‫رئيس احملكمة اإلدارية باعبهة اليت ولد فيها اؼبولود‪ .‬كما يعاقب جزائيا ّ‬
‫اؼبؤرخ يف ‪ 1‬أوت ‪ 1957‬واؼبتعلّق دبجلّة اغبالة اؼبدنية على أ ّف‬
‫نص الفصل ‪ 27‬من القانوف عدد ‪ّ 3‬‬ ‫وقد ّ‬
‫الشخص الّذي يكشف اللّقيط (الّذي يعثر عليو دوف علم بتاريخ والدتو) أف يسلّمو لضابط اغبالة‬ ‫على ّ‬
‫سن "اللّقيط" حسب‬ ‫ويتم ربديد ّ‬‫الزماف واؼبكاف اليت عثر فيها على اؼبولود ّ‬
‫يصرح بالظّروؼ و ّ‬
‫اؼبدنية وأف ّ‬
‫"الظّاىر" ضمن تقرير خاص‪.‬‬
‫ييسر معرفة بداية الشخصية القانونية‬
‫إىتم القانوف التونسي بتدقيق أحكاـ الوالدة وىو ما ّ‬
‫وبالتايل ّ‬
‫لؤلشخاص الطّبيعيُت‪.‬‬
‫الخاصة بالجنين‪:‬‬
‫ّ‬ ‫األحكام‬ ‫‪)2‬‬

‫رغم ميلو إلعتبار ميبلد اإلنساف حيّا زمن بداية الشخصية القانونية للشخص الطبيعي فإ ّف القانوف‬
‫حق‬
‫الروماف وإعتمدتو ؾبلّة األحواؿ الشخصية عند إقرار ّ‬ ‫عرفو ّ‬
‫كرس مبدأ ّ‬
‫التونسي مل يتجاىل اعبنُت بل ّ‬
‫الصورتاف يف إشًتاط ميبلده حيّا تأثرا باغبديث النبوي‬
‫اعبنُت يف اؼبَتاث وح ّقو يف اإليصاء لو وتتّحد ّ‬
‫إستهل اؼبولود ورث"‪ .‬فاألحكاـ اػباصة باعبنُت تقتضي إثبات وجوده وميبلده حيّا وال تقيّد‬
‫ّ‬ ‫الشريف‪" :‬إذا‬
‫"وجود" اغبمل بأجل‪.‬‬

‫ب)نهاية الشخصية‪:‬‬
‫ستحق‬
‫تنتهي الشخصية القانونية دبوت الشخص وتنتقل ال ّذمة اؼبالية إىل الورثة غبظة الوفاة إذ يٌ ّ‬
‫اؼبورث‪ .‬ولكن وجب التفريق بُت‪:‬‬
‫اإلرث دبوت ّ‬
‫الوفاة الطّبيعية‪:‬‬ ‫‪)1‬‬

‫اؼبوت ىو واقعة قانونية وحسب الفصل ‪ 47‬من ؾبلّة اغبالة اؼبدنية تثبت الوفاة برسم الوفاة الّذي‬
‫كل اإللتزامات‬
‫وتنحل ّ‬
‫ّ‬ ‫اؼبتويف لورثتو‬
‫ذمة ّ‬ ‫ينص على ع ّدة بيانات وبالوفاة تنتهي الشخصية القانونية فتنتقل ّ‬
‫ّ‬
‫الزواج وعن عقد العمل‪...‬‬
‫اؼبرتبطة بشخصو كالّيت تًتتّب عن ّ‬
‫الوفاة الحكيمة‪:‬‬ ‫‪)2‬‬

‫حسب الفصل ‪ 85‬من ؾبلّة األحواؿ الشخصية‪ ،‬ينتج اؼبوت عن الفقداف‪.‬‬


‫الشخص اؼبفقود ىو الّذي "إنقطع خربه وال ديكن‬
‫كما جاء بالفصل ‪ 81‬من نفس اجمللّة‪ ،‬أ ّف ّ‬
‫الكشف عنو حيّا" ‪ .‬فالفقداف حسب ـ‪.‬أ‪.‬ش يقع يف وقت حرب أو يف حاالت إستثنائية يغلب فيها‬
‫‪38‬‬
‫اؼبوت‪ .‬وللحاكم يف ىذه اغباالت أف يضرب أجبل ال يتجاوز العامُت للبحث عن اؼبفقود مثّ حيكم‬
‫بفقدانو‪.‬‬
‫التحري‬
‫يفوض أمر اؼب ّدة الّيت حيكم دبوت اؼبفقود بعدىا إىل اغباكم بعد ّ‬
‫ويف غَت ىاتُت اغبالتُت‪ّ ،‬‬
‫بكل الطّرؽ اؼبوصلة إىل معرفة إف كاف اؼبفقود حيّا أو ميّتا‪.‬‬
‫ّ‬
‫اؼبشرع آثارا‬
‫ينجر عنو اؼبوت وقد رتّب عليو ّ‬
‫فمجرد الغياب ال ّ‬ ‫بالضرورة مفقودا ّ‬ ‫الغيبة‪ :‬الغائب ليس ّ‬
‫زبص الطّبلؽ أو نفي النّسب أو فقداف الوالية أو تعليق التّقادـ‪ .‬ويق ّدـ على الغائب مق ّدـ يضبط مكاسبو‬
‫ّ‬
‫ويديرىا إىل حُت ظهوره‪.‬‬
‫يتحوؿ إىل فقداف وىو ما يبيح للقاضي أف حي ّدد يف شأنو اؼب ّدة‬
‫لكن إذا طاؿ الغياب فإنّو ديكن أف ّ‬
‫الشخص الغائب طوؿ‬ ‫الّيت تصَت فيو الوفاة اغبكيمة مستساغة كأف تتجاوز ىذه اؼب ّدة اؼبضافة إىل عمر ّ‬
‫اغبياة البشرية‪.‬‬
‫كل اغباالت‪ ،‬تثبت الوفاة اغبكيمة حبكم قضائي وبصدور حكم الفقداف يعترب اؼبفقود يف حكم‬ ‫ويف ّ‬
‫األموات‪.‬‬
‫مورثو نصيبو فيو ‪ ،‬فإف ظهر حيّا أخذه وإف مل يظهر وصدر‬
‫يف ىذه اغبالة‪ ،‬يوقف للمفقود ما تركة ّ‬
‫اغبكم دبوتو ٌرّد نصيبو إىل من يستح ّقو من الورثة وقت موت مورثو فإف ظهر حيّا بعد اغبكم دبوتو أخذ ما‬
‫أف يثبت‬ ‫تب ّقى من نصيبو بأيدي الورثة‪ .‬وللمفقود احملكوـ دبوتو والّذي يظهر للوجود بعد ذلك اغبكم‬
‫وجوده ويطلب بالتايل إبطاؿ اغبكم اؼبذكور ويسًتجع مكاسبو حسب اغبالة اليت توجد عليها‪.‬‬
‫جل اغبقوؽ والواجبات إىل‬
‫وبإنتهاء اغبياة طبيعيا أو حكما‪ .‬تنتهي الشخصية القانونية فتنتقل فورا ّ‬
‫اؼبورث حسب طبيعة اإللتزاـ أو حكم القانوف‬
‫الورثة يف حُت تنقضي اغبقوؽ والواجبات اؼبتّصلة بشخص ّ‬
‫أو ؿبتوى العقد‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬خصائص الشخصية‪:‬‬

‫أ) تحديد الشخصية‪:‬‬


‫اؼبقر‪:‬‬
‫يتم ذلك بضبط اعبنسية واإلسم واللّقب و ّ‬
‫ّ‬
‫الجنسية‪:‬‬ ‫‪)1‬‬

‫للجنسية أمهية كربى فهي اليت تسمح للفرد بأف ينتمي لدولة دوف غَتىا‪ .‬وديكن أف تكوف اعبنسية‬
‫التونسية أصلية أو مكتسبة‪.‬‬
‫أصلية تسند دبوجب‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ ‬النّسب‪ :‬إذ يكوف تونسيّا ّأوال من ٌولد ألب تونسي و ثانيا من ٌولد من ّأـ‬
‫تونسية وأب ؾبهوؿ أو ال جنسية لو أو ؾبهوؿ اعبنسية وثالثا من ٌولد بتونس من ّأـ تونسية وأب أجنيب‪.‬‬
‫الوالدة‪ :‬حسب شروط بيّنتها الفصوؿ من ‪ 7‬إىل ‪ 10‬من ؾبلّة اعبنسية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬مكتسبة‪ :‬بفضل القانوف أو عن طريق التجنّس وحسب الفصل ‪ 12‬من القانوف‬


‫اؼبؤرخ يف ‪ 23‬جواف ‪" 1993‬يصبح تونسيا من ولد خارج تونس من ّأـ تونسية وأب أجنيب على أف‬ ‫عدد ‪ّ 62‬‬
‫سن ‪ 19‬فيصبح‬
‫الرشد‪ّ .‬أما قبل بلوغ الطّالب ّ‬
‫لسن ّ‬
‫السابق ّ‬‫الصفة دبقتضى تصريح خبلؿ العاـ ّ‬ ‫يطالب هبذه ّ‬
‫دبجرد تصريح مشًتؾ من ّأمو وأبيو‪ ...‬ويكتسب اؼبعٍت باألمر اعبنسية التونسية من تاريخ تسجيل‬
‫تونسيا ّ‬
‫التصريح"‪.‬‬
‫كما نظّمت ؾبلّة اعبنسية أحكاـ فقداف اعبنسية وإسقاطها وسحبها‪.‬‬
‫اإلسم واللّقب‪:‬‬ ‫‪)2‬‬

‫الشخص‪ ،‬فاللّقب يشمل أفراد العائلة الواحدة‪ ،‬فيحُت دينح (منذ التّصريح‬ ‫يسامهاف يف ربديد ىويّة ّ‬
‫لكل فرد منها إسم‪.‬‬ ‫بالوالدة وإقامة رظبها من طرؼ ضابط اغبالة اؼبدنية) ّ‬
‫لكل‬
‫اؼبؤرخ يف ‪ 26‬ماي ‪ 1959‬أف يكوف ّ‬ ‫‪ ‬األحكام العامة‪ :‬أوجب القانوف عدد ‪ّ 53‬‬
‫اؼبشرع العائبلت اليت إندثرت ألقاهبا من إختيار‬
‫تونسي لقب عائلي وجوبا زيادة على إظبو‪ .‬كما م ّكن ّ‬
‫ؿبل إلتباس أو‬
‫لكل تونسي ليس لو إسم عريب أو مغريب أو كاف لقبو ّ‬ ‫لقب عائلي‪ .‬إضافة إىل ذلك ديكن ّ‬
‫الرظبي للجمهورية التونسية‪.‬‬
‫بالرائد ّ‬
‫سخرية أف يطلب إبداؿ إظبو بأمر ينشر ّ‬
‫وبالتايل‪ ،‬فإ ّف اإلسم واللّقب وجوبيّاف كما أنّو ال ديكن مبدئيّا إحالة اإلسم كما ال يسقط اإلسم‬
‫بالتّقادـ‪.‬‬
‫األحكام الخاصة ببعض الحاالت ‪ :‬األصل ىو أف ينسب اؼبولود ألبيو‪ .‬لكن ما‬ ‫‪‬‬

‫اؼبتبٌت أو اؼبكفوؿ أو اللّقيط أو اؼبهمل ? ‪:‬‬


‫الشخص ّ‬‫حكم لقب ّ‬
‫وينص‬
‫اؼبتبٍت وجيوز لو أف يبدؿ إظبو ّ‬ ‫‪ ‬لقب المتبنى ‪ :‬حيمل ّ‬
‫اؼبتبٌت لقب ّ‬
‫التبٍت جاز اغبكم لفائدة الطّلب اؼبتعلّق بإبداؿ‬
‫الرجوع يف ّ‬
‫اؼبتبٍت وإذا متّ ّ‬
‫التبٍت بطلب من ّ‬‫على ذلك حبكم ّ‬
‫الرجوع إىل اإلسم األصلي‪.‬‬‫التبٍت و ّ‬
‫إسم ّ‬
‫‪ ‬لقب المكفول ‪ :‬الكفالة ىي العقد الّذي يقوـ دبقتضاه شخص رشيد أو‬
‫ىيئة ّبر بكفالة طفل قاصر وال ديكن تبديل إسم ولقب اؼبكفوؿ إذ أ ّف ىذا األخَت حيتفظ جبميع حقوقو‬
‫وباألخص بلقبو‪.‬‬
‫ّ‬ ‫النّاذبة عن نسبو‬

‫‪40‬‬
‫‪ ‬لقب اللّقيط أو المهمل‪ :‬للقيط أو اؼبهمل ويل عمومي وىو أساسا الوايل‬
‫والويل العمومي مكلّف قانونا بإختيار إسم ولقب ؽبؤالء األطفاؿ اللّقطاء أو اؼبهملُت‪.‬‬
‫يقر القانوف وجوب ىذا التّغيَت أي أنّو ال يلزـ‬‫المتزوجة ‪ :‬ال ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬لقب المرأة‬
‫اؼبؤرخ يف ‪ 22‬مارس‬
‫للزوج‪ .‬إالّ أ ّف الفصل ‪ 2‬من القانوف عدد ‪ّ 27‬‬ ‫اؼبتزوجة على إعتماد اللّقب العائلي ّ‬ ‫اؼبرأة ّ‬
‫اؼبًتملة من‬
‫اؼبتزوجة أو ّ‬
‫الزوج بالنّسبة إىل اؼبرأة ّ‬
‫نص على أ ّف لقب ّ‬‫‪ 1993‬واؼبتعلّق ببطاقة التعريف الوطنية ّ‬
‫العناصر احمل ّددة للهويّة الّيت ترد بالبطاقة‪.‬‬
‫المقر‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪)3‬‬

‫حرية إختيار‬
‫أقر ال ّدستور يف فصلو العاشر أ ّف للمواطن ّ‬
‫الشخص وموضع إستقراره‪ .‬وقد ّ‬ ‫ىو موطن ّ‬
‫مقر إقامتو "يف حدود القانوف"‪.‬‬
‫ّ‬
‫وقد وردت يف الفصل ‪ 7‬من ؾبلّة اؼبرافعات اؼبدنية والتّجارية‪ ،‬التفرقة بُت‪:‬‬
‫احملل‬
‫الشخص عادة‪ .‬واؼبقصود ىو ّ‬ ‫المقر األصلي‪ :‬ىو اؼبكاف الّذي يقيم فيو ّ‬‫ّ‬ ‫‪‬‬

‫الشخص ويشغلو فعليّا وبإستمرار‪ .‬كما ّبُت الفصل ‪ 7‬اؼبذكور أ ّف "اؼبكاف الّذي يباشر فيو‬ ‫الّذي يقطن فيو ّ‬
‫مقرا أصليّا بالنّسبة للمعامبلت اؼبتعلّقة بالنّشاط اؼبذكور"‪.‬‬
‫الشخص مهنتو أو ذبارتو يعترب ّ‬
‫ّ‬
‫المقر المختار‪ :‬حسب الفقرة الثانية من الفصل ‪ 7‬اؼبذكور ىو "اؼبكاف الّذي يعيّنو‬
‫ّ‬ ‫‪‬‬

‫اإلتّفاؽ أو القانوف لتنفيذ إلتزاـ أو القياـ بعمل قضائي"‪.‬‬


‫وإما حبكم القانوف‪.‬‬
‫اؼبقر برغبة من األطراؼ اؼبربمة لئلتّفاؽ (وىو ما يلزـ بعضها البعض) ّ‬
‫ويتم إختيار ّ‬
‫ّ‬
‫كل شخص يقع بإظبو ترسيم بسجبلّت اؼبلكيّة العقارية أف‬ ‫أوجب الفصل ‪ 385‬من ـ‪.‬ح‪.‬ع على ّ‬
‫توجو إليو‬
‫مقر بصفة صرحية) وإالّ فإ ّف صبيع اإلعبلمات ّ‬
‫مقرا لو باعبمهورية التونسية (وجوب إختيار ّ‬‫خيتار ّ‬
‫اؼبختصة ترابيّا ذلك أ ّف‬
‫ّ‬ ‫اؼبقر من ربديد احملكمة‬
‫دبركز معتمدية مكاف العقار وتعترب قانونية ودي ّكن ربديد ّ‬
‫اؼبقر األصلي أو اؼبختار للم ّدعي عليو‪.‬‬
‫اؼببدأ يفرض واجب التّقاضي أماـ احملكمة الّيت يوجد بدائرهتا ّ‬
‫ب)حقوق ال ّذات البشرية‪:‬‬
‫حرمة الجسم‪:‬‬ ‫‪)1‬‬

‫ضمن الفصل ‪ 5‬من ال ّدستور "حرمة الفرد" فجسد اإلنساف ال يع ّد ماال وىو ليس ببضاعة‪ .‬فقد ٌمنع‬
‫أي شكل من أشكاؿ اؼبتاجرة باعبسم وكذلك التّعذيب وغَته من ضروب اؼبعاملة القاسية‪.‬‬‫الرؽ و ّ‬
‫ّ‬
‫يتم مقاضاة مرتكيب اعبرائم اؼبتعلّقة باإلعتداءات على جسم اإلنساف ويقضي‬
‫وعلى ىذا األساس‪ّ ،‬‬
‫اؼبؤرخ يف ‪ 25‬مارس ‪1991‬‬
‫بالتعويض عن األضرار البدنية بالتعويض اؼبايل‪ .‬وقد أجاز القانوف عدد ‪ّ 22‬‬
‫اغباالت الّيت ديكن فيها أخذ األعضاء وزرعها مع ضماف اغبرمة اعبسدية لئلنساف‪:‬‬
‫‪41‬‬
‫الضرورية‬ ‫للمتبرع من قبل األحياء ‪ّ :‬‬
‫حيجر ربجَتا مطلقا أخذ األعضاء ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ ‬بالنّسبة‬
‫اؼبشرع حاالت‬
‫للصفات الوراثيّة‪ .‬كما حصر ّ‬
‫اؼبتربع وكذلك أخذ أعضاء اإلقباب اؼبناقلة ّ‬ ‫للحياة ولو برضاء ّ‬
‫الرشداء سليمي اؼبدارؾ العقلية واؼبتمتّعُت باألىلية القانونية مع اإلشًتاط يف اإلذف بذلك إذنا‬
‫األخذ من ّ‬
‫لتربعهم‪.‬‬
‫أي مقابل مايل ّ‬ ‫صرحيا‪ .‬كما منع القانوف بالنّسبة لؤلحياء ّ‬
‫شخص الميّت ‪ :‬أجاز قانوف ‪ 25‬مارس ‪ 1991‬أخذ عضو من جثّة‬ ‫‪ ‬بالنّسبة لل ّ‬
‫معرؼ باإلمضاء عليو‬
‫شخص ميّت لغاية عبلجيّة أو علميّة ما مل حيصل من اؽبالك خبلؿ حياتو كتب ّ‬
‫ومودع لدى كتابة احملكمة اإلبتدائية أو بعد وفاتو من أشخاص أقارب للميّت‪.‬‬
‫وبالتّايل فقد أخرج القانوف اؼبدين مبدئيّا جسم اإلنساف عن التّعامل وال يبيحو إالّ يف صورة العبلج‬
‫كل البعد عن فكرة التّعامل اؼبايل‪.‬‬
‫وىي أسباب تبعد ّ‬
‫وقد ّإزبذت ؿبكمة التعقيب الفرنسية سنة ‪ 1991‬قرارا يعترب األمومة البديلة (اإللتزاـ من طرؼ إمرأة‬
‫على ضبل تًتكو لغَتىا بعد الوضع) عمبل غَت قانوين ؼبخالفتو للنّظاـ العاـ ولعدـ قابلية اعبسم البشري‬
‫للتصرؼ‪.‬‬
‫ّ‬

‫المكونات األدبية لل ّذات‪:‬‬


‫ّ‬ ‫حماية‬ ‫‪)2‬‬

‫اؼبؤرخ يف ‪ 10‬ديسمرب ‪ 1948‬من منع‬


‫تأثّرا دبا جاء بالفصل ‪ 12‬من اإلعبلف العاؼبي غبقوؽ اإلنساف ّ‬
‫حبق الفرد يف حرمة‬
‫‪ّ 9‬‬ ‫اػباصة لشخص ما‪ ،‬قضى ال ّدستور يف فصلو‬‫التعسفي يف اغبياة ّ‬
‫التدخل ّ‬
‫أحد ّ‬
‫باغبرية يف إختيار معتقده‪.‬‬
‫وسرية اؼبراسبلت ويف فصلو ‪ّ 5‬‬
‫اؼبسكن ّ‬
‫اػباصة‬
‫الشراح على إمكانية تطبيق أحكاـ الفصل ‪ 82‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع لفرض ضباية حرمة اغبياة ّ‬ ‫ويتّفق ّ‬
‫مكونات شخصيّتو‬
‫مكوف من ّ‬
‫أي ّ‬‫لؤلشخاص وؼبنع أي تع ّد على شرؼ اإلنساف أو على صورتو أو على ّ‬
‫(كنشر صور دوف إذف صاحبها أو ورثائو‪ ،‬نشر أحواؿ النّاس أو عاداهتم دوف ترخيص منهم)‪.‬‬
‫كل‬
‫لكن الفصل ‪ 82‬اؼبذكور عاـ األحكاـ ويف اآلف ذاتو قاصر على توفَت اغبماية القانونية ض ّد ّ‬
‫و ّ‬
‫اػباصة‪.‬‬
‫أوجو التع ّدي على اغبياة ّ‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬األىلية‪:‬‬
‫ربمل اإللتزامات وعلى إكتساب اغبقوؽ وفبارستها‪.‬‬
‫الشخص على ّ‬
‫ىي قدرة ّ‬
‫يصرح القانوف خببلفو"‬
‫كل شخص ٌّأىل لئللزاـ واإللتزاـ ما مل ّ‬
‫ونص الفصل ‪ 3‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع على أ ّف " ّ‬ ‫ّ‬
‫أي أ ّف اغب ّد من األىلية ال يًتتّب إالّ على القانوف‪.‬‬
‫اؼبشرع بُت صنفُت من األىلية‪:‬‬
‫ويفرؽ ّ‬
‫ّ‬
‫‪42‬‬
‫‪ ‬أىلية التمتّع ‪( capacité de jouissance‬أىلية الوجوب) ‪ :‬ىي القدرة على‬
‫الشخص وتنتهي بنهاية شخصيّتو القانونية وتتحد أىلية التمتّع يف مضموهنا مع‬ ‫اغبق وتنشأ مع ّ‬‫إكتساب ّ‬
‫الشخصية القانونية‪ .‬فاعبنُت لو أىلية التمتّع‬
‫الشخصية القانونية أي أ ّف القضاء عليها كلّيا يعٍت غياب ّ‬
‫فكرة ّ‬
‫الصيب لو أىليّة التمتّع‪.‬‬
‫وإف كانت حقوقو مشروطة وكذلك اجملنوف و ّ‬
‫اغبق‪ .‬وإنعدامها‬
‫‪ ‬أىلية األداء ‪ :capacité d’exercice‬ىي قدرة الفرد على فبارسة ّ‬
‫تصرفو أو يعدمو ضباية لو فبّا يوجب تنظيم نيابة‬
‫الشخص ح ّقو وال شخصيّتو القانونية بل يقيّد ّ‬
‫ال يفقد ّ‬
‫عنو‪ .‬ويف ىذا الصدد‪ ،‬وجب التّفريق بُت‪:‬‬

‫أ) أىلية األداء المنعدمة‪:‬‬


‫الشخص الطّبيعي يف صورتُت تتّحداف يف فقد القدرة على التمييز لدى‬
‫تنعدـ أىلية األداء لدى ّ‬
‫اغبق‪.‬‬
‫صاحب ّ‬
‫الصغير غير المميّز‪:‬‬ ‫‪)1‬‬

‫اؼبشرع التونسي‬
‫الشر وقد ح ّدد ّ‬ ‫التمييز ‪ le discernement‬ىي القدرة على التفريق بُت اػبَت و ّ‬
‫سن التمييز إىل تاريخ بلوغ ‪ 13‬سنة‪ .‬وإنعداـ أىلية األداء ال يعٍت إنعداـ أىلية التمتّع فبّا يوجب تنظيم‬
‫ّ‬
‫للصغَت غَت اؼبميّز وىي والية يقصد هبا ضباية حقوقو‪.‬‬
‫والية ّ‬
‫تحديد الولي ‪ :‬خيضع يف ذلك القاصر للتّدقيق الوارد بالفصل ‪ 154‬من ـ‪.‬أ‪.‬ش اؼبتعلّق بالوالية‪،‬‬
‫األـ أو فقدىا يٌعمل بوصية األب إف وجدت‬ ‫فالقاصر وليّو والده ‪ ،‬وبعد وفاة ىذا األخَت ّأمو وبعد وفاة ّ‬
‫ويف صورة غياب الوصي بعد موت األب واألـ) يٌق ّدـ على القاصر مق ّدـ قضائي ورأينا أ ّف القاصر اللّقيط‬
‫الرضع ومديرو اإلصبلحيات ومآوي‬ ‫متصرفو اؼبستشفيات واؼبآوي ومعاىد ّ‬
‫أو اؼبهمل لو ويل عمومي ‪ّ :‬‬
‫الصور األخرى‪ .‬وللويل العمومي نفس اغبقوؽ الّيت للويل‬ ‫يتعهدوف حبفظهم والوالة يف صبيع ّ‬‫األطفاؿ عندما ّ‬
‫الشرعي وعليو ما على ىذا األخَت من الواجبات‪.‬‬
‫ّ‬
‫األـ يف صورة إسنادىا اغبضانة بصبلحيات الوالية يف ما‬‫وحسب الفصل ‪ 67‬من ـ‪.‬أ‪.‬ش‪ ،‬تتمتّع ّ‬
‫التصرؼ يف حساباتو اؼبالية‪.‬‬
‫يتعلّق بسفر احملضوف ودراستو و ّ‬
‫تعسف‬
‫الويل فبارستها أو ّ‬
‫األـ اغباضنة إذا تع ّذر على ّ‬
‫وديكن للقاضي أف يسند مشموالت الوالية إىل ّ‬
‫يضر دبصلحة احملضوف‪.‬‬
‫اؼبنجرة عنها أو ألي سبب ّ‬
‫فيها أو هتاوف يف القياـ بالواجبات ّ‬
‫الصغَت عدمي التمييز فيمثّلو‬
‫حق ّ‬‫التصرفات يف ّ‬
‫بكل األعماؿ و ّ‬ ‫سلطات الولي ‪ :‬يٌكلّف ّ‬
‫الويل بالقياـ ّ‬
‫ربت رقابة وكيل اعبمهورية وحاكم التقادـ وال يفقد األب مبدئيا واليتو على الصغَت يف صورة الطّبلؽ‬

‫‪43‬‬
‫وإسناد اغبضانة لوالدتو‪ .‬فالوالية زبتلف عن اغبضانة ‪ ،‬حيث ورد بالفصل ‪ 61‬من ـ‪.‬أ‪.‬ش أنّو إذا سافرت‬
‫اغباضنة سفر نقلة ؼبسافة يعسر معها للويل القياـ بواجباهتا كبو منظوره سقطت اغبضانة‪.‬‬
‫وحيق لؤلولياء النّظر يف شأف احملضوف وتأديبو وإرسالو إىل أماكن التعليم‪.‬‬
‫ّ‬
‫الصغَت غَت اؼبميّز الّيت يقوـ هبا بصورة ـبالفة لقواعد‬
‫تصرفات ّ‬
‫كل ّ‬‫وينتج عن ىذه اغبماية بطبلف ّ‬
‫الوالية‪.‬‬

‫المجنون‪:‬‬ ‫‪)2‬‬

‫الشخص الّذي فقد عقلو سواء كاف جنونو مطبقا‬ ‫حسب الفصل ‪ 160‬من ـ‪.‬أ‪.‬ش‪ ،‬اجملنوف ىو " ّ‬
‫يستغرؽ صبيع أوقاتو أو منقطعا تعًتيو فًتات يثوب إليو عقلو فيها"‪ .‬فاعبنوف ىو فقداف التمييز‪.‬‬
‫يتعُت يف حالة اعبنوف حبكم من اغباكم‬
‫نص الفصل ‪ 161‬من ـ‪.‬أ‪.‬ش على أ ّف اغبجر أي اؼبنع ّ‬ ‫كما ّ‬
‫يتوىل إدارة‬
‫وينص اغبكم ذاتو على تعيُت مق ّدـ ّ‬
‫ويعتمد القاضي يف حكمو على أىل اؼبعرفة أي على اػبرباء ّ‬
‫أمواؿ اجملنوف‪ ،‬كما يدير أمواؿ إبنو‪.‬‬
‫تصرفات اجملنوف الّيت يقوـ هبا بنفسو تع ّد غَت نافذة وال مسؤولة مدنيا عليو شأنو‬
‫كل ّ‬‫وبالتايل فإ ّف ّ‬
‫الصغَت غَت اؼبميّز‪.‬‬
‫شأف ّ‬

‫ب)أىلية األداء المقيّدة‪:‬‬


‫ح ّدد الفصل ‪ 6‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع األشخاص الّذين تٌقيّد أىليّتهم وىم‪:‬‬

‫الصغير المميّز القاصر‪:‬‬ ‫‪)1‬‬

‫الرشد بػ ‪ 20‬سنة كاملة وذلك بإشًتاط عدـ صدور حكم بالتحجَت‬ ‫سن ّ‬
‫ح ّدد الفصل ‪ 7‬من ـ‪.‬أ‪.‬ش ّ‬
‫تصرفاتو نافذة‪.‬‬
‫الصغر وبذلك تصبح صبيع ّ‬‫عليو لسبب من األسباب غَت ّ‬
‫مؤىل للقياـ ببعض األعماؿ‬
‫وللقاصر الّذي ديت ّد عمره من ‪ 13‬إىل ‪ 20‬سنة أىلية مقيّدة إذ أنّو ّ‬
‫القانونية ومنها‪:‬‬
‫‪ ‬القدرة على تحسين حالو ولو بدوف مشاركة األب أو الويل بقبوؿ ىبة من شأهنا‬
‫جراء ذلك‪.‬‬‫ذمتو بدوف أف يًتتّب عليو شيء من ّ‬
‫الزيادة يف كسبو أو إبراء ّ‬
‫ّ‬
‫‪ ‬القدرة على أن يكون وكيال لغيره حيث يشًتط يف ّ‬
‫صحة الوكالة أف يكوف اؼبوّكل‬
‫أىبل ألف جيري بنفسو ما وّكل عليو وال يشًتط ذلك يف الوكيل بل يكفيو أف يكوف عاقبل فبيّزا ولو مل يكن‬
‫أىبل إلسباـ ما وّكل عليو‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫القدرة على إبرام عقد ببل إذف من الويل ويلزمو العقد إذا أجازه الويل على الصورة‬ ‫‪‬‬

‫اؼبطلوبة قانونا‪.‬‬
‫‪ -‬ديكن أف يؤاخذ شخصيا عن أفعالو اؼبنتجة ؼبسؤولية مدنية تقصَتية‪:‬‬
‫األـ بعد وفاة األب‪،‬‬
‫يتم تعيينو قانونا من بُت األب‪ّ ،‬‬ ‫حمايتو‪ّ :‬‬
‫تتم بإقرار والية على القاصر الّذي ّ‬
‫الوصي إف وجد‪ ،‬اؼبق ّدـ القضائي أو الويل العمومي أحيانا‪.‬‬
‫ويتدخل الويل إلجازة بعض العقود الّيت أبرمها القاصر لوحده‪ .‬كما يقوـ الويل بإدارة أمبلؾ القاصر‬
‫ّ‬
‫وسبثيلو لدى احملاكم وذلك ربت مراقبة حاكم التّقادـ ووكيل اعبمهورية‪.‬‬
‫بالًتشيد‬ ‫الترشيد‪ :‬ديكن للقاصر الّذي مل يبلغ ّ‬
‫‪ 20‬سنة والّذي ذباوز سنّا معيّنة أف يتمتّع ّ‬
‫سن‬
‫‪ émancipation‬والًتشيد يكوف ّإما‪:‬‬
‫‪-‬الًتشيد اؼبطلق‪ :‬يصدر عن القاضي بالنّسبة للقاصر الّذي بلغ ‪ 18‬سنة يف خصوص أعماؿ التّجارة‪.‬‬
‫سن ‪ 15‬سنة‪.‬‬
‫‪-‬الًتشيد اؼبقيّد‪ :‬يصدر عن القاضي بداية من بلوغ ّ‬
‫الرجوع يف الًتشيد إف قاـ لدى القاضي موجب لذلك‪.‬‬
‫وديكن ّ‬
‫الرشد‪ ،‬يتوقّف على موافقة الويل‬
‫سن ّ‬‫بالزواج دوف ّ‬‫الزواج ‪ :‬يف ما يتعلّق ّ‬
‫تطبيق أحكام األىلية في ّ‬
‫سبسك القاصر برغبتو‪ٌ ،‬رفع األمر للقاضي‪.‬‬
‫األـ عن ىذه اؼبوافقة و ّ‬
‫األـ فإف إمتنع الويل أو ّ‬
‫و ّ‬

‫ضعيف العقل‪:‬‬ ‫‪)2‬‬

‫السيء التدبَت الّذي ال يهتدي إىل‬


‫حسب الفصل ‪ 160‬من ـ‪.‬أ‪.‬ش ىو "الشخص غَت كامل الوعي ّ‬
‫الرائجة ويغنب يف اؼببايعات"‪.‬‬
‫التصرفات ّ‬
‫ّ‬
‫الرضاء وعن مرض اؼبوت‪.‬‬
‫وخيتلف ضعيف العقل عن اجملنوف‪ ،‬عن اؼبرض كعيب من عيوب ّ‬
‫يصدر اغبجر يف شأف ضعيف العقل حبكم يعتمد فيو اغباكم أىل اؼبعرفة‪.‬‬
‫ويتمتّع احملجور لضعف عقلو بأىلية مقيّدة إذ ديكنو ربسُت حالو بقبوؿ ىبة مثبل ويؤاخذ مدنيّا عن‬
‫حيجرىا الويل ووليّو مقيم‬
‫التصرفات األخرى الّيت يقوـ هبا بدوف مساعدة تكوف باطلة إذ مل ّ‬
‫لكن ّ‬ ‫أفعالو‪ّ .‬‬
‫التصرفات الّيت قاـ هبا ضعيف العقل قبل صدور‬
‫اؼبشرع من إبطاؿ ّ‬ ‫يعُت يف حكم اغبجر وقد م ّكن ّ‬ ‫قضائي ّ‬
‫حكم التحجَت إذا كاف مشتهرا بذلك‪.‬‬
‫كما ديكن لضعيف العقل أف يلجأ بنفسو للمحكمة لطلب رفع اغبجر عنو حبكم‪.‬‬
‫السفيو‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪)3‬‬

‫‪45‬‬
‫التصرؼ يف مالو ويعمل فيو بالتبذير‬
‫السفيو ىو "الّذي ال حيسن ّ‬ ‫حسب الفصل ‪ 146‬من ـ‪.‬أ‪.‬ش‪ّ ،‬‬
‫السفيو‪.‬‬
‫يفرؽ اغباكم أحيانا بدقّة بُت ضعيف العقل و ّ‬
‫واإلسراؼ"‪ .‬وقد ال ّ‬
‫السفيو ؼبنعو من مواصلة تبديد أموالو ويػٌتّبع يف التّحجَت نفس اإلجراءات الّيت خيضع‬
‫يتم اغبجر على ّ‬
‫ّ‬
‫ؽبا ربجَت اجملنوف وضعيف العقل أي أنّو جيب اإللتجاء للمحكمة لتصدر حكمها بالتحجَت‪.‬‬
‫تصرفات‬
‫تربع‪ ،‬كما ديكنو أف يربـ ّ‬‫حيسن حالو بقبوؿ ىبة أو ّ‬
‫السفيو مقيّدة حيث ديكن لو أف ّ‬ ‫أىلية ّ‬
‫جييزىا الويل فيما بعد فيمنع عنها البطبلف كما ديكنو أف يكوف مسؤوال مدنيّا عن أفعالو‪ .‬فيما عدا ىذه‬
‫للسفيو مق ّدـ وذلك دبقتضى حكم‪.‬‬ ‫الصور ّ‬‫ّ‬
‫السفيو قبل اغبكم فهي صحيحة ونافذة‪ ،‬لكنّها‬
‫التصرفات الّيت يباشرىا ّ‬
‫ذبدر اإلشارة إىل أ ّف صبيع ّ‬
‫بعد صدور اغبكم يتوقّف نفاذىا على إجازة وليّو‪.‬‬
‫المفلس‪:‬‬ ‫‪)4‬‬

‫حسب الفصل ‪ 6‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع فإ ّف األىلية اؼبقيّدة تشمل أيضا "احملجور عليهم لتفليسهم حيث يًتتّب‬
‫التصرؼ فيها وللمفلس ويل‬
‫عن اغبكم بالتّفليس من تاريخ صدوره رفع يد اؼبدين عن إدارة صبيع مكاسبو و ّ‬
‫وىو أمُت الفلسة الّذي يباشر ما للمفلس من اغبقوؽ وال ّدعاوي اؼبتعلّقة بكسبو وديكن للمفلس أف جيري‬
‫األعماؿ التح ّفظية لصيانة حقوقو‪ ،‬أف يتداخل يف القضايا الّيت يتّبعها األمُت واف ديارس حقوقو الّيت تتناوؿ‬
‫مصلحة أدبية ؿبضة"‪.‬‬
‫التصرفات اليت يربمها بدوف إمضاء أمُت الفلسة فيمكن إبطاؽبا بطلب من‬ ‫اؼبفلس مسؤوؿ مدنيا ّأما ّ‬
‫ىذا األخَت‪.‬‬
‫وبعد ختم الفلسة‪ ،‬ديكن للمفلس أف يطلب إعادة اإلعتبار لو بعريضة يرفعها للمحكمة الّيت صدر‬
‫فيها اغبكم بتفليسو بشرط إيفائو جبميع اؼببالغ الواجبة عليو أصبل وفوائض ومصاريف‪.‬‬
‫بالسجن لم ّدة تتجاوز ‪ 10‬أعوام‪:‬‬
‫المحكوم عليو ّ‬ ‫‪)5‬‬

‫بالسجن‬
‫كل ؿبكوـ عليو يف جناية واحدة ّ‬ ‫نص الفصل ‪ 30‬من اجمللّة اعبنائية على أنّو "يكوف حتما ّ‬‫ّ‬
‫ؼب ّدة تتجاوز ‪ 101‬أعواـ من تاريخ اغبكم عليو إىل إسباـ م ّدة عقابو ربت قيد اغبجز‪ .‬ويعُت لو مق ّدـ للقياـ‬
‫التصرؼ فيها إالّ باإليصاء كما ال ديكنو قبوؿ أي مبلغ ولو جزئي من رحبها‪.‬‬ ‫بإدارة مكاسبو حبيث ال ديكنو ّ‬
‫تصرفو م ّدة تقدديو"‪.‬‬
‫وترجع لو مكاسبو عند إنقضاء م ّدة عقابو وحياسبو حينئذ اؼبق ّدـ على ّ‬

‫شخص المعنوي ‪:la personne morale‬‬


‫المبحث الثاني‪ :‬ال ّ‬

‫‪46‬‬
‫الصنف الثاين من أصحاب اغبقوؽ يف األشخاص اؼبعنويُت‪ :‬ؽبا وجود قانوين أي أنّو يتمتّع‬ ‫يتمثّل ّ‬
‫بالشخصيّة القانونية ولو القدرة على اإللزاـ واإللتزاـ وإكتساب اغبقوؽ وإكساهبا وتنقسم ال ّذوات اؼبعنويّة‬
‫ّ‬
‫إىل‪:‬‬
‫‪ -‬ذوات معنوية عمومية ‪ :les personnes morales publiques‬وىي الدولة‪ ،‬الواليات‪،‬‬
‫البلديات واؼبؤسسات العمومية وزبضع ىذه ال ّذوات إىل القانوف الدستوري والقانوف اإلداري وكذلك إىل‬
‫القانوف اػباص يف بعض أوجو نشاطها‪.‬‬

‫‪ -‬ذوات معنوية خاصة ‪ :les personnes morales privées‬مل يضبط ّ‬


‫اؼبشرع قائمة يف‬
‫الشركة على أ ّهنا‬
‫عرفت ـ‪.‬إ‪.‬ع يف فصلها ‪ّ 1249‬‬ ‫اػباصة الّيت زبضع للقانوف اػباص وقد ّ‬
‫ال ّذوات اؼبعنوية ّ‬
‫يتحصل من رحبها‪.‬‬‫ّ‬ ‫"تعاقد إثنُت أو أكثر على خلط أمواؽبم وأعماؽبم أو أحدمها فقط بقصد اإلشًتاؾ فيما‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الطّبيعة القانونية لل ّذات المعنوية‪:‬‬


‫الشخصية القانونية لل ّذات اؼبعنوية فإختلفوا‪.‬‬
‫حاوؿ الفقهاء اإلجابة على إشكالية معيار إسناد ّ‬
‫(*)‬
‫بالشخصية القانونية ‪.‬‬
‫فالسؤاؿ اؼبطروح يتمثّل يف ربديد أساس اإلعًتاؼ جملموعة معيّنة ّ‬
‫ّ‬
‫خاصة وأّهنا تتمتّع بعنصر وحدة ال ّذات ووجود مصلحة مستقلّة عن‬
‫الشخصية القانونية ّ‬
‫فهل للعائلة ّ‬
‫خاصة بالعائلة ال ينفرد هبا فرد منها‪.‬‬
‫اؼبكونُت ؽبا من أشخاص طبيعيُت ورّدبا أمواؿ ّ‬
‫مصاحل ّ‬
‫(*)‬
‫‪ :‬لئلجابة عن ىذا ّ‬
‫السؤاؿ‪ ،‬ال ب ّد من عرض ىذين النّظريتُت‪:‬‬
‫أ) عرض النّظريتين‪:‬‬

‫اإلفتراضية ‪:la théorie de la personnalité fictive‬‬ ‫شخصية‬


‫نظريّة ال ّ‬ ‫‪)1‬‬

‫باغبق أل ّف البشر وحدىم‬


‫يرى ‪ ( Ihering‬رائد ىذه النّظريّة ) أ ّف ال ّذات اؼبعنويّة ال ديكنها التمتّع ّ‬
‫بالشخصيّة القانونية وباغبقوؽ‪ .‬وما إعًتاؼ القوانُت بال ّذوات اؼبعنوية إالّ إفًتاض ‪une fiction‬‬ ‫يتمتّعوف ّ‬
‫الشخص اؼبعنوي‪.‬‬‫للشخص الطّبيعي على ّ‬ ‫الشخصيّة القانونية ّ‬ ‫اؼبشرع بصفة خيالية فيسحب ّ‬ ‫دينحو ّ‬
‫الشخصية أو رفضها وىو ما ينتج عنها حصر ال ّذوات اؼبعنوية يف‬ ‫اؼبشرع يف ذلك بسلطة منح ّ‬
‫ويتمتّع ّ‬
‫الشخصيّة القانونية‪.‬‬
‫اؼبشرع دبنحهم ّ‬
‫صرح ّ‬ ‫األشخاص الّذين ّ‬
‫شخصية الواقعيّة‪:‬‬
‫نظرية ال ّ‬
‫ّ‬ ‫‪)2‬‬

‫الشخص الطّبيعي‪ .‬فلل ّذات‬


‫للشخص اؼبعنوي واقعا دييّزه جليّا عن واقع ّ‬
‫يرى أنصار ىذه النظريّة أ ّف ّ‬
‫مكونيها من األشخاص الطّبيعيُت وىو واقع يفرض لوحده اإلعًتاؼ‬ ‫اؼبعنوية إرادة مستقلّة زبتلف عن إرادة ّ‬
‫كرس فقو القضاء الفرنسي النظريّة الواقعية إذ إعتربت ؿبكمة‬
‫بالشخصية القانونية وقد ّ‬
‫لل ّذات اؼبعنوية ّ‬
‫‪47‬‬
‫كل ؾبموعة ؽبا القدرة على التعبَت‬
‫الشخصية القانونية ال تنشأ عن التّشريع بل تتمتّع هبا مبدئيّا ّ‬
‫التعقيب أ ّف ّ‬
‫عن إرادة مشًتكة غبماية مصاحل شرعية‪.‬‬

‫ت)موقف القانون التونسي‪:‬‬

‫المشرع يتّبع ‪ 3‬مواقف‪:‬‬


‫ّ‬ ‫المتأمل في القانون التّونسي‪ ،‬يالحظ أ ّن‬
‫إ ّن ّ‬ ‫‪)1‬‬

‫شخصية القانونية صراحة لل ّذات المعنوية‪ ،‬من ذلك‪:‬‬


‫المشرع عادة إسناد ال ّ‬
‫ّ‬ ‫يقر‬
‫‪ّ-‬‬
‫الشخصية اؼبدنية"‪.‬‬
‫كل شركة ما عدا شركة احملاصة ؽبا ّ‬
‫‪ ‬الفصل ‪ 14‬من اجمللّة التجارية " ّ‬
‫بالشخصية اؼبدنية"‪.‬‬
‫الشغل‪" :‬تتمتّع النّقابات اؼبهنية ّ‬
‫‪ ‬الفصل ‪ 244‬من ؾبلّة ّ‬
‫‪ ‬قانوف ‪ 22‬سبتمرب ‪ 1969‬خبصوص التّعاضديّات‪.‬‬
‫شخصية القانونية كالجمعيات‪:‬‬ ‫المشرع أحيانا بصفة ضمنية تمتّع بعض ال ّذوات بال ّ‬
‫ّ‬ ‫يقر‬
‫‪ّ -‬‬
‫اؼبؤرخ يف ‪ 7‬جواف ‪ 1978‬على ما يلي‪" :‬يف صورة بيع عمارة مع ّدة‬ ‫نص الفصل ‪ 5‬من القانوف عدد ‪ّ 39‬‬ ‫ّ‬
‫كل‬
‫للسكٌت صربة واحدة‪ ،‬جيب على اؼبالك أف ينبّو قبل التّفويت بواسطة عدؿ من ّفذ على ّ‬ ‫أساسا ّ‬
‫احملل اؼبشغوؿ بأنّو عليهم أف يكونوا شركة‬
‫احملل مهما كاف إستعماؿ ّ‬‫حبق البقاء يف ّ‬
‫كل اؼبنتفعُت ّ‬ ‫اؼبتسوغُت و ّ‬
‫ّ‬
‫نص‬
‫الشراء"‪ .‬كما ّ‬ ‫تتوىل يف ظرؼ شهرين قبوؿ شراء كامل العقار ودفع تأمُت شبنو أو أف يتخلّوا عن ّ‬ ‫مدنية ّ‬
‫الضمٍت‬
‫الشركة لدى القضاء وىو ما يؤّكد اإلعًتاؼ ّ‬
‫الفصل ‪ 6‬من القانوف الذكور على إمكانية قياـ ّ‬
‫بالشخصية القانونية ؽبا‪.‬‬
‫ّ‬
‫نص الفصل ‪ 89‬من‬ ‫‪-‬اإلتّحاد في ملكية الطّبقات ‪ّ :le syndicat des copropriétaires‬‬
‫يتكوف من‬‫مقسمة إىل طبقات أو شقق ّ‬ ‫ـ‪.‬ج‪.‬ع على ما يلي‪" :‬مهما وجدت ملكية مشًتكة لعمارة ّ‬
‫الرظبي اؼبكلّف بالنّيابة عنو‬
‫اإلرباد ىو الوكيل ّ‬
‫اؼبالكُت قانونا ّإرباد يكوف ىو اؼبمثّل القانوين للجماعة ومدير ّ‬
‫اإلرباد وبُت أحد اؼبالكُت"‪.‬‬
‫لدى القضاء سواء أكاف م ّدعيا أو مدعى عليو ولو كاف النّزاع بُت ّ‬
‫صورة الصمت التشريعي‪:‬‬ ‫‪)2‬‬

‫حىت وإف إمتازت بعض‬


‫الشخصية ّ‬
‫الشأف يؤوؿ عادة يف ّإذباه رفضو إسناد ّ‬
‫اؼبشرع يف ىذا ّ‬
‫إ ّف سكوت ّ‬
‫الشيوع‪.‬‬
‫الًتكة و ّ‬
‫اجملموعات بوحدهتا كالعائلة و ّ‬
‫أقرت احملكمة اإلبتدائية وؿبكمة‬
‫الشركات اؼبدنية بالشخصية القانونية فقد ّ‬
‫ويف ما يتعلّق بتمتّع ّ‬
‫يتم نقض اغبكم‬
‫بالشخصية القانونية قبل أف ّ‬
‫الشركات ّ‬ ‫اإلستئناؼ يف أحكاـ صادرة عنها بعدـ سبتّع ىذه ّ‬
‫اإلستئنايف من قبل ؿبكمة التعقيب‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫بالشخصية القانونية يدعموف رأيهم باإلرادة‬
‫الشركات اؼبدنية ّ‬
‫وبالتايل فإنّنا نبلحظ أ ّف مؤيّدي سبتّع ّ‬
‫للمشرع ال بواقعية مثل ىذه ال ّذوات‪ .‬كما ديكن القوؿ بأ ّف القانوف التونسي دييل كبو تكريس نظرية‬
‫ّ‬ ‫الضمنية‬
‫اإلفًتاض ويعت ّد بالنظريّة الواقعية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الوضعية القانونية لل ّذوات المعنوية‪:‬‬


‫تشبو مبدئيا وضعية ال ّذات اؼبعنوية وضعية ال ّذات الطّبيعية‪ ،‬لكن يوجد فوارؽ جيب إبرازىا‪.‬‬

‫شخصية‪:‬‬
‫أ) م ّدة ال ّ‬
‫النشأة‪:‬‬ ‫‪)1‬‬

‫تدخل ومنو ما يستوجب إجازة أي رخصة إدارية ومنها ما‬


‫أي ّ‬‫منها ما ينشأ بإرادة األطراؼ بدوف ّ‬
‫ينشأ دبفعوؿ القانوف‪.‬‬
‫فالشركة مثبل تنشأ عادة بإبراـ عقد إنشاؤىا أي قانوهنا األساسي ‪ّ ،Statuts‬أما اعبمعية فبل تشأ‬
‫مؤسسيها على ترخيص إداري ( ‪ )Visa‬إضافة إىل إقامة القانوف األساسي ومن‬ ‫قانونا إالّ عند حصوؿ ّ‬
‫كإرباد اؼبالكُت‪.‬‬
‫يتكوف قانونا فيصبح ذاتا معنوية حبكم تنصيص القانوف على ذلك ّ‬
‫ال ّذوات ما ّ‬
‫إنحالل ال ّذات المعنويّة‪:‬‬ ‫‪)2‬‬

‫يعود ذلك إىل ع ّدة أسباب كإستيفاء ال ّذات للم ّدة الّيت أنشأت من أجلها ( هناية إرادية شأهنا شأف‬
‫يقل عن‬
‫الشركاء ّ‬
‫الشركة خفية اإلسم إذ أصبح عدد ّ‬
‫حل ّ‬‫السلطة القضائية ( ّ‬
‫بتدخل ّ‬
‫قرار أعضاء ال ّذات حبلّها )‪ّ ،‬‬
‫حل صبعية ) أو حبدوث واقعة معيّنة كحصوؿ خسارة تفوؽ ¾ رأس ماؿ‬
‫السلطة اإلدارية ( ّ‬
‫بتدخل ّ‬
‫‪ )7‬أو ّ‬
‫الشركات التّجارية‪.‬‬
‫بعض ّ‬
‫الشركة التجارية قائمة‬ ‫آثار اإلنحالل‪ّ :‬‬
‫نص الفصل ‪ 24‬من اجمللّة التجارية على أف "تعترب شخصية ّ‬
‫الشركات إىل أحكاـ ـ‪.‬إ‪.‬ع‪.‬‬
‫كل ّ‬‫بعد إكببلؽبا يف م ّدة التصفية ولضرورة إقبازىا فحسب" وزبضع تصفية ّ‬
‫شخصية المعنوية‪ :‬لل ّذات المعنويّة‪:‬‬
‫ب)خصائص ال ّ‬
‫الذمة المالية‪:‬‬ ‫‪)1‬‬

‫حيق لدائن‬
‫مكوف ؽبا‪ .‬فبل ّ‬
‫كل شخص ّ‬ ‫ذمة ّ‬ ‫الذمة اؼبالية لل ّذات اؼبعنوية مبدئيا مستقلّة عن ّ‬
‫تعترب ّ‬
‫الشركة بوصفها ذاتا مستقلّة‪.‬‬
‫الشركة القياـ ض ّد أعضائها بل عليو القياـ على ّ‬
‫ّ‬
‫اإلسم‪:‬‬ ‫‪)2‬‬

‫‪49‬‬
‫الشركة‬
‫الشركاء متبوعا بكلمة "وشركائهم"‪ّ .‬أـ ّ‬‫للشركة اؼبقارضة إسم صباعي يتألّف من أظباء صبيع ّ‬
‫اػبفيّة اإلسم فهي شركة عارية من اإلسم اعبماعي ولكن ىذا ال يعٍت أ ّهنا ال سبلك تسمية‪.‬‬
‫المقر‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪)3‬‬

‫للشركات وللجمعيات بنظامها األساسي وحسب الفصل ‪ 18‬من اجمللّة التجارية‪،‬‬ ‫اؼبقر بالنّسبة ّ‬
‫حي ّدد ّ‬
‫للشركة‪.‬‬
‫باحملل الّذي بو قياـ اإلدارة الفعلية ّ‬
‫الرئيسي الّذي يكوف كائنا ّ‬
‫الشركة دبركزىا ّ‬
‫مقر ّ‬
‫يكوف ّ‬
‫الجنسية‪:‬‬ ‫‪)4‬‬

‫اؼبؤرخ يف ‪ 30‬أوت ‪ 1961‬شروطا معيّنة ؼبنح ال ّذات اؼبعنوية اعبنسية التونسية‪.‬‬


‫ح ّدد اؼبرسوـ عدد ‪ّ 14‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬إثبات الح ّق‪:‬‬


‫اغبق‪ .‬رأينا أ ّف القاضي يعلم القانوف وحيكم بو بإستثناء إثبات‬
‫اإلثبات ىو إقامة ال ّدليل على وجود ّ‬
‫العرؼ وإثبات اػبطأ البُت‪ّ .‬أما اؼبتقاضي الّذي ي ّدعي وجود حق ذايت أو إنقضاءه فهو ملزـ بإثباتو أي أ ّف‬
‫اغبجة أي أنّو حي ّدد القواعد‬
‫عبء اإلثبات ‪ la charge de la preuve‬وينظّم القانوف كيفية إقامة ىذه ّ‬
‫اؼبتعلّقة بوسائل اإلثبات ‪.les procédés de la preuve‬‬

‫المبحث األول‪ :‬عبء اإلثبات‪:‬‬


‫مهمة اإلثبات‪.‬‬
‫يتحمل ّ‬
‫تشمل مسألة عبء اإلثبات ربديد اػبصم الّذي ّ‬
‫تدخل القاضي‬
‫الصدد‪ ،‬يقوـ القضاء اؼبدين على مبدأ حياد القاضي وىو ما يستدعي عدـ ّ‬
‫يف ىذا ّ‬
‫يف النّزاع فحسب الفصل ‪ 12‬من ـ‪.‬ـ‪.‬ـ‪.‬ت "ليس على احملكمة تكوين أو إسباـ أو إحضار حجج‬
‫للخصوـ"‪.‬‬
‫اإلدعائية ‪ système accusatoire‬أي أ ّف اػبصوـ‬ ‫‪ ‬النّزاع اؼبدين خيضع لنظاـ يتّسم بصبغتو ّ‬
‫اغبجة وعلى القاضي فصل النّزاع على ضوء ما تق ّدـ لو من حجج‪.‬‬
‫مطالبوف بإقامة ّ‬
‫حق تسيَت وإدارة النّزاع اؼبدين حبثا عن اغبقيقة وؽبذا م ّكنت ـ‪.‬ـ‪.‬ـ‪.‬ت القاضي‬
‫اؼبشرع ّ‬
‫أقر ّ‬ ‫كما ّ‬
‫التدخل يف بعض جوانب اػبصومة‪ ،‬حيث ديكن للمحكمة اليت ترى ضرورة يف إجراء أحباث‬ ‫حق ّ‬ ‫اؼبدين من ّ‬
‫أو إسباـ حجج اإلثبات اإلذف بذلك‪.‬‬
‫تدخلو إالّ يف مرحلة متق ّدمة من النّزاع‬
‫ويستنتج فبّا سبق تكريس مبدأ حياد القاضي الّذي ال يبيح ّ‬
‫ربمل عبء اإلثبات من اػبصوـ‪.‬‬ ‫يتم إحًتاـ قواعد ّ‬
‫أي بعد أف ّ‬
‫تحمل الم ّدعي لعبء اإلثبات‪:‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المبدأ‪ّ :‬‬
‫‪50‬‬
‫أ) أساس القاعدة‪:‬‬
‫جاء بالفصل ‪ 420‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع "إثبات اإللتزاـ على القائم بو"‪.‬‬

‫تأصيل القاعدة‪ :‬الفصل ‪ 560‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع "األصل براءة الذمة ّ‬


‫حىت يثبت تعمَتىا" فمن يدعي‬ ‫‪-‬‬

‫‪ 562‬من‬ ‫كرس الفصل‬


‫ذمة شخص آخر عليو دحض ىذه القرينة وإثبات ما يدعيو وقد ّ‬ ‫حقا يعمر بو ّ‬
‫ـ‪.‬إ‪.‬ع "األصل بقاء ما كاف على ما كاف وعلى من ّإدعى تغيَته اإلثبات"‪.‬‬
‫كل من اػبصوـ ولقبو وحرفتو‬ ‫من ىو الم ّدعي ? ىو القائم بال ّدعوى ومق ّدـ عريضتها الّيت ّ‬
‫تبُت ّ‬ ‫‪-‬‬

‫ؾبردة" يه ّددىا‬
‫" ّ‬ ‫ومقره وصفتو ووقائع ال ّدعوى وأدلّتها فال ّدعوى اؼبقامة دوف مؤيّدات وأدلّة ىي دعوى‬
‫ّ‬
‫اغبكم بالطّرح‪.‬‬
‫جيب على اؼب ّدعي أف يثبت مصدر اغبق ال ّذايت أي أف يقيم ال ّدليل على وجود الواقعة القانونية الّذي‬
‫تولّدت عنو اغبق‪.‬‬
‫تتغَت األدوار عند تطبيق القاعدة‪.‬‬
‫فاؼب ّدعي يف النّزاع ىو اؼب ّدعي يف اإلثبات لكن حيدث أف ّ‬
‫ب) تطبيق القاعدة‪:‬‬
‫إذا أثبت اؼب ّدعي وجود اإللتزاـ كانت البينة على من ي ّدعي إنقضاءه أو عدـ لزومو لو (أي على‬
‫اػبصوـ أي اؼب ّدعى عليهم) الّذين يصبحوف بدورىم م ّدعُت يف اإلثبات إف أراد دفع ما أثبتو القائم‬
‫بال ّدعوى‪.‬‬
‫يسمى "خبطر اإلثبات" ‪ le risque de la preuve‬ويعٍت ىذا اإلقًتاف إرتباط‬‫ويقًتف عبء اإلثبات دبا ّ‬
‫بتحمل عبء اإلثبات‪ ،‬ويتّجو تدقيق ىذه اؼبسألة‪:‬‬
‫مآؿ النّزاع ّ‬
‫حجة ؼبا ي ّدعيو‪،‬‬ ‫الصورة األولى ‪ :‬بدءا‪ّ ،‬‬
‫يتحمل اؼب ّدعي عبء اإلثبات ( عند عجزه عن تقدمي ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪-‬‬

‫ؾبردة ) عندىا ال يطالب اؼب ّدعى عليو بإثبات أي أمر ( األصل براءة ال ّذمة ) بل ديكنو اإلكتفاء‬
‫تصَت دعواه ّ‬
‫بإنتظار حصوؿ إثبات ال ّدعوى اؼبقامة ض ّده‪.‬‬
‫يتحمل اؼب ّدعي خطر اإلثبات طاؼبا مل يفلح يف إثبات ما ي ّدعيو‪.‬‬
‫عند اغبكم بعدـ ظباع ال ّدعوى‪ّ ،‬‬
‫الصورة الثانية‪ :‬إذا أثبت اؼب ّدعي وجود اإللتزاـ ّ‬
‫يتحوؿ عبء اإلثبات وتبعا لو خطره إىل اؼب ّدعي‬ ‫‪-‬‬

‫ترجح بُت أحد‬


‫عليو الّذي عليو أف يثبت إنقضاء اإللتزاـ أو عدـ لزومو لو‪ .‬فإذا فعل فعلى احملكمة أف ّ‬
‫اؼبوقفُت وإذا مل يفعل فقد حظوظو وجاز اغبكم ض ّده‪.‬‬
‫يسمى بالقرائن القانونية‪.‬‬
‫يتدخل لتغيَت قواعد توزيع عبء اإلثبات دبا ّ‬
‫اؼبشرع ّ‬
‫لكن ّ‬
‫ّ‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلستثناء‪ :‬القرائن القانونية‪:‬‬

‫‪51‬‬
‫يستدؿ بو القانوف أو اغباكم على أشياء ؾبهولة"‬
‫ّ‬ ‫حسب الفصل ‪ 479‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع القرينة ىي "ما‬
‫وإنطبلقا من ىذا التعريف‪ ،‬نستنتج أ ّف‪:‬‬
‫اؼبشرع إعترب القرينة إستدالال أي إستنتاجا ىدفو توضيح أمر ؾبهوؿ فهي "النّتائج اليت‬
‫ّ‬ ‫‪‬‬

‫يستخلصها القانوف أو القاضي من واقعة معلومة ؼبعرفة واقعة ؾبهولة" ( القانوف الفرنسي )‪ ،‬كما تعترب من‬
‫التقنيات التشريعية القددية‪.‬‬
‫الزوج فهو يستنتج نتيجة‬ ‫الزوجية إىل ّ‬
‫اؼبشرع نسب اؼبولود يف نطاؽ ّ‬
‫ففي قرينة النّسب مثبل‪ ،‬ينسب ّ‬
‫الزوجية ) ؼبعرفة واقعة ؾبهولة ( النّسب‬
‫بالزوج وإعتباره أبا ) من واقعة معلومة ( ميبلد يف إطار ّ‬
‫(إغباؽ النّسب ّ‬
‫اغبقيقي البيولوجي)‪.‬‬
‫‪ ‬التّنصيص على أ ّف اإلستدالؿ يصدر ّإما عن القانوف أو اغباكم وبالتايل التفرقة بُت القرائن‬
‫القانونية والقرائن القضائية‪:‬‬
‫اغبق من عبء اإلثبات‬ ‫القرينة القانونية‪ :‬يقوـ ّ‬
‫اؼبشرع باإلستنتاج ليعفي صاحب ّ‬ ‫‪‬‬

‫نص‬
‫ربمل عبء اإلثبات من اؼب ّدعي ‪ .‬وقد ّ‬ ‫وبالتايل فهذه القرائن ليست وسائل إثبات بل إستثناء ؼببدإ ّ‬
‫الفصل ‪ 480‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع على أ ّف قرينة القانوف ىي ما أناطو القانوف من اغبكم بأمور أو أحواؿ معيّنة‬
‫وتنقسم القرائن القانونية إىل قرائن قانونية قاطعة ‪ présomptions légales irréfragables‬والقرائن‬
‫القانونية غَت القاطعة ‪.présomptions légales simples‬‬
‫القرائن القضائية‪ :‬يعهد للقاضي بإعتماد اإلستدالؿ وإسػتنتاج القرينة فهي‬ ‫‪‬‬

‫حيصرىا القانوف وىو ما يدعو على تسميتها بالقرائن الواقعية ‪présomptions de fait‬‬ ‫بالتايل قرائن مل‬
‫نص الفصل ‪ 486‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع على أ ّف "القرائن اليت مل حيصرىا القانوف موكولة إىل إجتهاد اجمللس عليو‬ ‫وقد ّ‬
‫أف ال يعتمدىا إالّ إذا كانت قوية منضبطة متع ّددة متضافرة"‪.‬‬

‫أ) القرائن القانونية القاطعة‪:‬‬


‫بصفة مطلقة من إثبات‬ ‫ترد بو حيث يعفي اؼبستفيد منها‬ ‫ىي قرائن ال تقبل إثبات عكس ما ّ‬
‫اؼبشرع التونسي معيارا صرحيا للتّفرقة بُت القرينة القاطعة والقرينة البسيطة اليت تقبل إثبات‬
‫موضوعها ومل حي ّدد ّ‬
‫العكس‪.‬‬
‫بكل صورة من صور‬
‫ويف غياب معيار واضح تبقى التفرقة خاضعة يف القانوف التونسي إىل اإلعتداد ّ‬
‫قرينة إتصاؿ القضاء أو ّقوة األمر اؼبقضي بو‬ ‫لعل أبرز قرينة قانونية قاطعة ىي‬
‫القرائن القانونية‪ .‬و ّ‬
‫‪.présomption de la force jugée‬‬
‫لكن وجب التفريق بُت ّقوة األمر اؼبقضي بو ‪ l’autorité de la chose jugée‬اليت تعٍت صدور حكم‬
‫القوة اؼبلزمة‬
‫ال رجوع فيو أي حصل بو إتصاؿ القضاء ‪ passé en force de chose jugée‬اليت تعٍت ّ‬
‫‪52‬‬
‫حق من‬
‫إقبر ؽبم ّ‬
‫للحكم كسند قضائي وىي حجية نسبية إذ ال يتع ّدى أثر اغبكم أطرافو وورثتهم ومن ّ‬
‫األطراؼ‪.‬‬
‫وقوة األمر اؼبقضي بتوفّر ‪ 3‬شروط‪:‬‬
‫وتقوـ قرينة إتّصاؿ القضاء ّ‬
‫أف يكوف موضوع الطّلب واحدا‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫أف بكوف سبب ال ّدعوى واحدا‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫أف تكوف ال ّدعوى بُت نفس اػبصوـ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ومؤداىا أ ّف‬
‫حجية احملكوـ فيو قرينة قانونية ال تقبل ال ّدليل اؼبعاكس ّ‬
‫وقد جاء يف قرار تعقييب أ ّف " ّ‬
‫حق من ناحية اؼبوضوع‪ ،‬والغرض من ىذا اؼببدأ القانوين‬ ‫الشكل وعلى ّ‬‫اغبكم صدر صحيحا من ناحية ّ‬
‫يتكرر وال تتناقض األحكاـ يف اػبصومة الواحدة"‪.‬‬
‫حىت ال ّ‬ ‫وضع ح ّد للنّزاع ّ‬
‫مثال‪ :‬قاـ شخص ض ّد آخر بدعوى فقضت احملكمة بعدـ ظباع ال ّدعوى ومل يقم اؼب ّدعي بالطّعن يف‬
‫السبب ويف نفس اؼبوضوع ض ّد ذلك اػبصم إذ‬ ‫ىذا اغبكم يف اآلجاؿ فبل ديكنو مبدئيا أف يرفع قضية لنفس ّ‬
‫أ ّف اغبكم اإلبتدائي القاضي بعدـ ظباع ال ّدعوى أحرز على ّقوة األمر اؼبقضي وإنبٌت على قرينة قانونية قاطعة‬
‫(قرينة صحة)‪.‬‬

‫ب)القرائن القانونية غير القاطعة (أو البسيطة)‪:‬‬


‫ربمل عبء اإلثبات‪.‬‬
‫ىي قرائن تقبل إثبات عكس ما تورده حيث يعفي القانوف دبقتضاىا اؼب ّدعي من ّ‬
‫حىت يثبت خبلؼ ذلك" وىػو ما يعفي‬ ‫مثال‪" :‬األصل يف ّ‬
‫كل إنساف اإلستقامة وسبلمة النّية ّ‬
‫اؼب ّدعي من إثبات حسن نيّتو‪ ،‬وىي قرينة بسيطة جيوز للم ّدعى عليو دحضها بإثبات سوء النّية لدى‬
‫اؼب ّدعي‪.‬‬
‫والقرينة القانونية البسيطة ال تعفي من اإلثبات بقدر ما تقوـ بنقل عبء اإلثبات من كاىل م ّدعي‬
‫الشراح أ ّف اؼب ّدعي ليس معفى سباما من اإلثبات‬
‫األمر اؼبراد إثباتو إىل كاىل اؼب ّدعي عليو ‪ .‬ولكن يرى بعض ّ‬
‫اؼبشرع على أ ّف‬
‫ينص ّ‬ ‫األقل شروط قياـ القرينة لصاغبو ففي قرينة النّسب مثبل ّ‬
‫إذ عليو أف يثبت على ّ‬
‫"النّسب يثبت بالفراش أو بإقرار األب أو بشهادة شاىدين من أىل الثّقة فأكثر"‪.‬‬
‫الزواج لرأينا أ ّهنا تعفي من إثبات نسب اؼبولود اعبديد‬
‫إذا حصرنا القرينة يف وجود "الفراش" أي ّ‬
‫الزواج وعليو فبل جيرب اإلبن على إثبات نسبو وال األب على اإلقرار بذلك‪ ،‬فقرينة الفراش تعفي‬
‫داخل إطار ّ‬
‫من إثبات النّسب‪ .‬لكن اؼبستفيد من القرينة مطالب بإثبات شروط قيامها أي مطالب بإثبات الفراش أي‬
‫اؼبشرع‬
‫بإثبات العبلقة الزوجية‪ .‬فإذا حصل ذلك إستفاد من القرينة ومن موضوعها‪ .‬وىي قرينة بسيطة أل ّف ّ‬
‫أجاز إثبات عكسها أي نفي النّسب‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬وسائل اإلثبات‪:‬‬
‫اغبق غَت اؼبثبت غَت موجود فبل عجب أف‬
‫تقضي فبارسة اغبق ال ّذايت قضائيا إثباتو وقدديا قيل أ ّف ّ‬
‫اغبق‪.‬‬
‫جل األنظمة القانونية قد نظّمت قواعد إثبات ّ‬ ‫ترى أ ّف ّ‬
‫اؼبشرع التونسي لوسائل اإلثبات األحكاـ الواردة يف ؾباؿ إثبات تعمَت ال ّذمة وبراءهتا واليت‬
‫وخصص ّ‬‫ّ‬
‫تضمنت الفصوؿ من ‪ 422‬إىل ‪ 512‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع‪ .‬وأوضح الفصل ‪ 427‬أ ّف البيانات اؼبقبولة قانونا طبس‬ ‫ّ‬
‫الشهود ‪ ،le témoignage‬القرينة ‪la‬‬ ‫اغبجة اؼبكتوبة ‪ ،l’écrit‬شهادة ّ‬
‫وىي‪ :‬إقرار اػبصم ‪ّ ،l’aveu‬‬
‫‪ ،présomption‬اليمُت واإلمتناع من اغبلف ‪.le serment‬‬
‫اؼبشرع لوسائل اإلثبات يف اػبمس اؼبذكورة يعٍت إتباع القانوف التونسي مذىب اإلثبات اؼبقيّد‬
‫وحصر ّ‬
‫الذي يلزـ األطراؼ بتقدمي طرؽ معيّنة لئلثبات ويلزـ القاضي يعدـ قبوؿ غَتىا‪.‬‬
‫تؤدي إىل إقناع القاضي وجيب أف تكوف الوسيلة‬‫اغبر فيبيح تقدمي أي وسيلة ّ‬
‫ّأما مذىب اإلثبات ّ‬
‫اؼبق ّدمة للقاضي مقبولة قانونا (*) أي ٌدينع اإلستناد إىل وسيلة إثبات وقع اغبصوؿ عليها بصورة غَت قانونية‬
‫اػباصة‪.‬‬
‫كصور إلتقطت خلسة بشكل ديثّل تع ّديا على اغبياة ّ‬
‫(*)‪ :‬فبل يسوغ إثبات اإللتزاـ يف صورتُت‪ :‬األوىل‪ :‬وجود إلتزاـ غَت مباح أو ال قياـ بو قانونا‬
‫والثانية إذا كاف مآلو إثبات ما ال يصلح لل ّدعوى أي أمرا غَت متنازع يف شأنو أو أمرا خارجا عن مناط‬
‫اػبصومة‪.‬‬
‫تصنيف وسائل اإلثبات‪ :‬مل يرتّب ّ‬
‫اؼبشرع الوسائل الّيت ح ّددىا يف الفصل ‪ 427‬يف‬ ‫‪‬‬

‫حُت قاـ الفقو بصنيف وسائل اإلثبات إىل ع ّدة تقسيمات نذكر منها‪:‬‬
‫‪ ‬التفرقة المبيّنة على إتصال ال ّدليل بالواقعة أو األمر المراد إثباتو‪ :‬تعطي ىذه‬
‫الشهادة) وطرؽ اإلثبات غَت اؼبباشرة (كاليمُت والقرائن‬
‫التفرقة الفصل بُت طرؽ اإلثبات اؼبباشرة (كالكتابة و ّ‬
‫تنصب اليمُت أو‬
‫ّ‬ ‫الشهادة تثبت مباشرة الواقعة أو العمل اؼبطلوب إثباتو يف حُت ال‬
‫واإلقرار)‪ .‬فالكتابة و ّ‬
‫تدؿ عليو‪.‬‬
‫القرينة أو اإلقرار على موضوع اإلثبات ذاتو بل على ظروؼ أخرى ّ‬
‫‪ ‬التفرقة المبيّنة على زمن قيام ال ّدليل ‪ :‬ينتج عنها فصل طرؽ اإلثبات اؼبع ّدة‬
‫مسبقا اليت يهيّئها األطراؼ من قبل كالكتابة ووسائل اإلثبات غَت اؼبهيّأة كاليمُت أو القرينة أو اإلقرار‪.‬‬
‫أىم تفرقة أل ّف‬
‫ىي ّ‬ ‫قوتها الثّبوتية‪:‬‬
‫حجية الوسيلة أي ّ‬
‫‪ ‬التفرقة المبيّنة على ّ‬
‫التشريع يتبنّاىا ضمنيا وينتج عنها فصل‪:‬‬
‫اغبجية اؼبلزمة ‪ les moyens de preuve parfaits‬وىي‬ ‫‪ -‬الوسائل ذات ّ‬
‫حبجية مطلقة‬
‫وتضم الكتب بنوعيو‪ ،‬اإلقرار واليمُت اغباظبة‪ .‬وتتمتّع ىذه الوسائل ّ‬
‫وسائل اإلثبات الكاملة ّ‬

‫‪54‬‬
‫كل أمر وال زبضع لتقدير القاضي ويلزـ ىذا األخَت بفصل النّزاع لفائدة من‬
‫ذبعلها قادرة مبدئيّا على إثبات ّ‬
‫إستند إليها‪.‬‬
‫‪les‬‬ ‫اغبجية غَت اؼبلزمة وىي وسائل اإلثبات اؼبنقوصة‬
‫‪ -‬الوسائل ذات ّ‬
‫كل األمور وزبضع للسلطة التقديرية‬‫‪ moyens de preuve imparfaits‬وىي وسائل ال ديكن أف تثبت ّ‬
‫الشهادة‪ ،‬القرائن القضائية واليمُت‬
‫وتضم ىذه الوسائل ّ‬
‫حر يف ترتيب اآلثار الناذبة عنها‪ّ .‬‬
‫للقاضي أي انّو ّ‬
‫اإلستيفائية‪.‬‬

‫للحق مصدراف‪:‬‬ ‫موضوع اإلثبات‪ :‬ىو اغبق الذايت وبصفة ّ‬


‫أدؽ مصدر نشأة اغبق ال ّذايت و ّ‬ ‫‪‬‬

‫الواقعة القانونية والعمل القانوين‪.‬‬


‫هتم موضوع اإلثبات وبإنسجاـ التفرقتُت‬‫وتتكامل التفرقة اعبوىرية اؼبشار إليها آنفا مع تفرقة أخرى ّ‬
‫تتضح اغبلوؿ اؼبعتمدة يف اؼبادة اؼبدنية يف شأف اإلثبات إذ خيضع مبدئيا إثبات العمل القانوين إىل الوسائل‬
‫الكاملة يف حُت خيضع مبدئيا إثبات الواقعة القانونية إىل كافّة منقوصة كانت أو كاملة‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إثبات العمل القانوني‪:‬‬


‫حىت يتل ّقاه‬
‫األمي الّذي ال حيسن الكتابة ال ٌديضي ّ‬
‫ديتاز العمل القانوين بدور ملحوظ لئلرادة فػ"إلتزاـ ّ‬
‫عدوؿ أو غَتىم من اؼبأمورين العموميُت اؼبأذونُت يف ذلك" ( حسب الفصل ‪ 454‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع‪ ،‬يشًتط إقامة‬
‫الرظبية حسب‬
‫باغبجة ّ‬
‫الزواج الّذي ىو عمل قانوين ال يثبت إالّ ّ‬ ‫األمي ) وعقد ّ‬
‫حجة رظبية إلثبات إلتزاـ ّ‬
‫ّ‬
‫اػباصة‪ ،‬فإ ّف أحكاـ إثبات العمل القانوين‬
‫الصورة ّ‬‫الشخصية ويف ماعدا ىذه ّ‬ ‫الفصل ‪ 4‬من ؾبلّة األحواؿ ّ‬
‫زبضع للحلوؿ اآلتية‪:‬‬
‫أ) المبدأ‪ :‬إعتماد الوسائل الكاملة‪:‬‬
‫الشهود ال تكوف بينة يف اإلتفاقيات وغَتىا من‬ ‫نص الفصل ‪ 473‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع على أ ّف "شهادة ّ‬ ‫ّ‬
‫حق أو ربويل ذلك أو تغيَت أو اإلبراء منو إذا كاف قدر‬ ‫األسباب القانونية اليت من شأهنا إحداث إلتزاـ أو ّ‬
‫حجة رظبية أو غَت رظبية للبينة فيو"‪.‬‬
‫اؼباؿ أكثر من ‪ 3‬آالؼ فرنك فيجب حينئذ ربرير ّ‬
‫يعاب على ىذا الفصل أمراف‪ :‬أوؽبما إنعداـ الدقّة يف ربريره إذ أنّو ال يستعمل لفظة إثبات العمل‬
‫القانوين ‪ acte juridique‬بل يلجأ إىل عبارة "اإلتفاقيات وغَتىا من األسباب القانونية اليت من شأهنا‬
‫إحداث إلتزاـ ‪ "...‬وىو ربرير قد يشمل الواقعة القانونية إذ ىي سبب من األسباب القانونية اؼبنشئة لئللتزاـ‬
‫اؼبشرع‪ .‬ويتمثّل ثاين األمرين يف ضعف اؼبقدار الّذي حي ّدد مناط تطبيق‬
‫وىو ما جيعل العبارة ؾباوزة لقصد ّ‬
‫اؼببدأ (‪ 3‬آالؼ دينار)‪.‬‬

‫الكتب‪:‬‬ ‫‪)1‬‬

‫‪55‬‬
‫‪3‬‬ ‫مل يورد الفصل ‪ 473‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع إالّ الكتب إلثبات العمل القانوين الّذي تتجاوز قيمة موضوعو‬
‫الشراح بأ ّف قراءة متكاملة ألحكاـ اإلثبات تبيح قبوؿ اإلقرار واليمُت اغباظبة إلثبات‬
‫دينارات‪ .‬لكن يتّفق ّ‬
‫اؼبعامبلت اؼبذكورة‪.‬‬
‫نص الفصل ‪ 441‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع على أ ّف البيّنة بالكتابة ربصل من اغبجج الرظبية وغَت الرظبية‬
‫وقد ّ‬
‫كل منها من اإلعتبار‬‫يستحق ّ‬
‫ّ‬ ‫(كدفاتر اػبصوـ وقوائم السماسرة اؼبمضاة )‪ .‬ويبقى للمجلس النّظر فيما‬
‫حبسب األحواؿ‪.‬‬
‫الرظبية‬
‫اػباصة باغبجج ّ‬
‫وتطبيقا للتصنيف اؼبذكور للحجج اؼبكتوبة‪ ،‬نظّمت ـ‪.‬إ‪.‬ع األحكاـ ّ‬
‫حجة مكتوبة‬
‫باحملررات اليت تع ّد ّ‬
‫باغبجة غَت الرظبية (ا لفصوؿ ‪ 449‬إىل ‪ّ ،)460‬‬
‫(الفصوؿ ‪ 442‬إىل ‪ّ ،)448‬‬
‫(الفصوؿ ‪ 461‬إىل ‪ )469‬وبنسخ اغبجج (الفصوؿ ‪ 470‬إىل ‪.)472‬‬
‫أىم اغبجج اؼبعتمدة يف القانوف اؼبدين ىي‪:‬‬
‫لعل ّ‬
‫و ّ‬
‫الحجة الرسمية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪‬‬

‫اغبجة اليت يتل ّقاىا اؼبأموروف اؼبنتصبوف لذلك قانونا يف‬


‫الرظبية ىي ّ‬
‫اغبجة ّ‬
‫الفصل ‪ 442‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع‪ّ " :‬‬
‫ؿبل ربريرىا على الصورة اليت يقتضيها القانوف"‪.‬‬
‫ّ‬
‫حيررىا إالّ اؼبأمور العمومي اؼبأذوف يف ذلك‪.‬‬
‫الرظبية ال ّ‬
‫اغبجة ّ‬
‫ويعٍت ذلك أ ّف ّ‬
‫الصفة حسب اغباالت لبعض‬
‫أقر ىذه ّ‬
‫مستقل قائمة اؼبأمورين العموميُت بل ّ‬
‫ّ‬ ‫نص‬
‫اؼبشرع يف ّ‬
‫مل حي ّدد ّ‬
‫األصناؼ‪ ،‬فيع ّد من اؼبأموريُت العموميُت‪:‬‬
‫حجة‬
‫اغبجة يف صورة ربريرىا من العدوؿ ّ‬
‫وتسمى ّ‬ ‫‪ -‬عدوؿ اإلشهاد وعدوؿ التنفيذ ّ‬
‫عادلة ‪ acte notarié‬وىي صنف ىاـ من أصناؼ اغبجج الرظبية‪.‬‬
‫‪ -‬ضابط اغبالة اؼبدنية‪.‬‬
‫حافظ اؼبلكية العقارية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫كل األحكاـ الصادرة عن اجملالس القضائية‬


‫حيرره القضاة رظبيا و ّ‬
‫كما يع ّد من اغبجج الرظبية أيضا ما ّ‬
‫حجة رظبية‪.‬‬
‫حيرره القاضي أو اغبكم ىو عمل قضائي وأيضا ّ‬ ‫التونسية‪ .‬فاحملضر الذي ّ‬
‫الصفة وال‬
‫وال يع ّد مأمورا عموميا احملامي الّذي مل تسند لو أحكاـ القانوف اؼبنظّم ؼبهنة احملاماة ىذه ّ‬
‫الصفة‪.‬‬
‫الكاتب العمومي وال اؼبًتجم احمللّف وال اػببَت الّذي مل يسند لو القانوف ‪ 61‬لسنة ‪ 1993‬ىذه ّ‬
‫حرره أو لعدـ أىلية أو لنقص يف‬
‫وإذا كاف الكتب ال يعترب رظبيا لكوف ربريره من وظيفة غَت الّذي ّ‬
‫الصورة أٌعترب كتبا غَت رظبي إذا كاف بو إمضاء‪.‬‬
‫ّ‬

‫حجيتها‪ :‬للكتب ّ‬
‫الرظبي ميزات‪:‬‬ ‫ّ‬

‫‪56‬‬
‫‪-‬تاريخو‪ :‬تاريخ ثابت بُت األطراؼ ويف حق غَت اؼبتعاقدين ولو ّقوة ثبوتية ال تدحض أالّ‬
‫الزور اعبزائية‪.‬‬
‫بدعوى ّ‬
‫‪-‬مضمونو‪ :‬يتمتّع ّ‬
‫حبجة مطلقة‪ .‬ولكن‪:‬‬
‫الرظبي على‬
‫حرر الكتب ّ‬‫اغبجية تقتصر على األمور والعناصر اليت أشهد هبا اؼبأمور الّذي ّ‬
‫‪ )1‬ىذه ّ‬
‫أ ّهنا وقعت دبحضره وال تنسحب على ما عداىا كمضموف تصرحيات األطراؼ الثابتة لديو وبدفع الثّمن‬
‫بالزور‪.‬‬
‫حبجية الكتب الرظبي اؼبطلقة وال ديكن الطّعن فيها إالّ ّ‬
‫كل ىذه العناصر تتمتّع ّ‬
‫حبضوره‪ ،‬فإ ّف ّ‬
‫زبص عناصر مل ربدث أمامو ودبحضره كأف يدعي‬
‫سجل اؼبأمور العمومي تصرحيات ألحد األطراؼ ّ‬ ‫ّأما إذا ّ‬
‫باغبجية‬
‫اؼبرات‪ ،‬فإ ّف مضموف ىذه التصرحيات (التنبيو) ال يتمتّع ّ‬
‫الطّرؼ أنّو نبّو على الطّرؼ الثاين عديد ّ‬
‫الرظبي‪.‬‬
‫اؼبطلقة للكتب ّ‬
‫الرسم‬
‫الرظبي "إذا وقع الطّعن يف ّ‬
‫القوة الثبوتية للكتب ّ‬
‫الزور لدحض ّ‬ ‫اؼبشرع تفادي دعوى ّ‬‫‪ )2‬أباح ّ‬
‫بالشهادة وحيصل الثّبوت‬
‫الصورة "البينة ّ‬
‫بسبب إكراه أو تدليس أو تلويح أو غلط مادي" فتجوز يف ىذه ّ‬
‫الزور كما جيوز أف تكوف ىذه‬
‫أيضا ولو بالقرائن القوية اؼبنضبطة اؼبتبلئمة بغَت إحتياج إىل القياـ بدعوى ّ‬
‫كل من الفريقُت ومن غَتمها فبّن لو مصلحة مقبولة قانونا"‪.‬‬‫البينة من ّ‬
‫الحجة غير الرسمية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪‬‬

‫الرظبي ويكوف‬
‫كل كتب ال تتوافر فيو شروط الكتب ّ‬
‫اغبجة اػبطّية وتتمثّل يف ّ‬ ‫تعريفها‪ّ :‬‬
‫تسمى ّ‬
‫أىم عنصر لقياـ الكتب اػبطّي إذ ال يشًتط القانوف مثبل أف يكوف‬
‫متضمنا إمضاء الطّرفُت‪ ،‬فاإلمضاء ىو ّ‬
‫ّ‬
‫ؿبررا من طرؼ األطراؼ أو أحدىم‪.‬‬ ‫الكتب ّ‬
‫يتم اإلمضاء بيد العاقد نفسو بأسفل الكتب والطّابع ال يقوـ مقامو حبيث يعترب وجوده‬
‫وجيب أف ّ‬
‫يدؿ على جهل الكتابة وىو‬‫كعدمو كما أ ّف اإلمضاء ال ديكن أف يكوف إالّ كػتابة‪ ،‬فوضع البصػمات ّ‬
‫حجة رظبية‪.‬‬
‫ما يفرض إقامة ّ‬
‫ّأما اإللتجاء إىل شكليّة "التعريف باإلمضاء" مل يفرضو القانوف بل إنّو وسيلة من الوسائل اليت ذبمع‬
‫بُت التأ ّكد من حصوؿ شرط اإلمضاء وإكساب الكتب تارخيا ثابتا‪.‬‬
‫الرظبي وتارخيو ال يكوف ثابتا‬ ‫حجيتو‪ :‬ال يتمتّع الكتب اػبطّي ّ‬
‫باغبجية اؼبطلقة اليت يتمتّع هبا الكتب ّ‬ ‫ّ‬
‫إزاء الغَت إالّ من التواريخ اآلتية الّيت ح ّددىا الفصل ‪ 450‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع‪:‬‬
‫من يوـ تسجيل الكتب بتونس أو بالببلد األجنبية‪.‬‬ ‫‪)1‬‬

‫من يوـ إيداع الكتب ربت يد اؼبأمور العمومي‪.‬‬ ‫‪)2‬‬

‫اغبجة بصفة كونو عاقدا أو بصفة‬


‫‪ )3‬من يوـ الوفاة أو من يوـ العجز الثابت إف كاف الّذي أمضى ّ‬
‫تويف أو عجز عن الكتابة عجزا بدنيّا‪.‬‬
‫كونو شاىدا قد ّ‬
‫‪57‬‬
‫‪ )4‬من يوـ اإلطّبلع على الكتب أو من تاريخ التعريف بو من اؼبأمور العمومي اؼبأذوف بذلك او من‬
‫حاكم بتونس أو بالببلد األجنبية‪.‬‬
‫احملرر من اؼبأمور العمومي‪.‬‬
‫من يوـ تضمُت الكتب بالعقد ّ‬ ‫‪)5‬‬

‫إذا كاف التاريخ ناذبا عن بيانات أخرى يًتتّب عليها الثّبوت التّاـ‪.‬‬ ‫‪)6‬‬

‫الشخصي‪ ،‬فإ ّف‬


‫ّأما يف ما يتعلّق باألطراؼ وورثتهم وخلفائهم اػباصُت غَت القائمُت يف ح ّقهم ّ‬
‫الزور إلثبات‬
‫فحجتو نسبية إذ ال لزوـ لدعوى ّ‬
‫التاريخ الثابت للكتب غَت الرظبي ىو تاريخ مضموف الكتب ّ‬
‫صحة ذلك الكتب ولو بغَت إعًتاؼ‬ ‫عكسها لكن إذا إعًتؼ اػبصم بالكتب اػبطّي أو إذا ثبت قانونا ّ‬
‫تضمنو من شرط وحكاية‪ .‬فإذا أنكر اػبصم خطّو‬ ‫أٌعتمد ككتب رظبي بالنسبة للطّرفُت وغَتمها يف صبيع ما ّ‬
‫أو إمضاءه أذف اغباكم بتحرير حقيقة األمر بنفسو أو باإلختيار‪.‬‬
‫لكن اإلعًتاؼ‬ ‫ّأما إذا إعًتؼ اػبصم خبطّو وبإمضائو أٌعتمد كبوه ككتب رظبي من وجهة ّ‬
‫اغبجية‪ّ .‬‬
‫الصورة"‪.‬‬
‫"ال يسقط ح ّقو يف معارضة الكتب جبميع األوجو الباقية لديو من حيث األصل أو من حيث ّ‬
‫الكتائب األخرى ونسخ الحجج‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫السماسرة‪.‬‬
‫الكتائب ىي حجج مكتوبة كدفاتر التجار ودفاتر ّ‬
‫بصحتها اؼبأموروف‬
‫الرظبية واغبجج اػبطّية‪ ،‬فالنّسخة تعترب كاألصل إذا شهد ّ‬ ‫فتهم اغبجج ّ‬
‫ّأما النّسخ ّ‬
‫الرظبية العادلة وضابط اغبالة اؼبدنية بوصفو‬
‫اغبجة ّ‬
‫العموميُت اؼبأذونوف بذلك أي العدوؿ مثبل بالنّسبة لنسخة ّ‬
‫للصور من اغبجج اػبطّية‪.‬‬
‫حق اإلشهاد باؼبطابقة لؤلصل بالنّسبة ّ‬
‫ـبوال لو ّ‬
‫مأمورا عموميا ّ‬
‫اإلقرار‪:‬‬ ‫‪)2‬‬
‫أنواعو‪:‬‬
‫‪ -‬اإلقرار الحكمي‪ :‬ىو "اإلعًتاؼ لدى اغباكم من خصم أو من وكيلو اؼبأذوف خبصوص‬
‫ذلك بوجود اغبق" ( الفصل ‪ 428‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع ) وينتج ىذا اإلقرار كذلك من "سكوت اػبصم يف ؾبلس‬
‫اغبكم إذا دعاه للجواب" (الفصل ‪ 429‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع)‪.‬‬

‫‪ -‬اإلقرار غير الحكمي‪ :‬ىو "الّذي مل يصدر لدى احملاكم وقد حيصل من ّ‬
‫كل فعل مناؼ‬
‫ؼبا ي ّدعيو اػبصم" (الفصل ‪ 430‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع)‪.‬‬

‫شروطو‪ :‬إلعتماد اإلقرار ال ب ّد من توفّر ّ‬


‫الشروط التالية‪:‬‬
‫الصغَت أو اؼبق ّدـ عليو ال‬
‫‪ -‬أف يصدر من شخص لو أىلية كاملة‪ .‬وإقرار النّائب القانوين عن ّ‬
‫يقر دبا ىو‬
‫للصغَت اؼبأذوف بالتّجارة أف ّ‬
‫ديضي على ىؤالء إالّ يف ما صدر منهم أنفسهم من األعماؿ كما ّ‬
‫تربعا منو بطل‪.‬‬ ‫يف حدود اؼبأذوف فيو وإذا كاف موضوع إقراره ّ‬
‫وتبصر‪.‬‬
‫للرضاء إذ يشًتط أف يكوف اإلقرار عن إختيار ّ‬
‫كل عيب مفسد ّ‬
‫صحة اإلقرار من ّ‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬

‫‪58‬‬
‫موضوع اإلقرار إذ ال يعتمد اإلقرار يف أربع صور‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫حسا أو ثبت خبلفو حبجج ال تقبل الطّعن‪.‬‬


‫إذا كاف بشيء مستحيل ّ‬ ‫‪‬‬

‫قر لو بوجو صحيح‪.‬‬ ‫رده اؼبٌ ّ‬


‫إذا ّ‬ ‫‪‬‬

‫إذا كاف موضوعو ـبالفا للنّظاـ العاـ واألخبلؽ اغبميدة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫إذا كاف يتناقض مع مضموف حكم بات‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫قبزأ‬
‫باغبق فبل ديكن أف ّ‬
‫أقر اػبصم ّ‬ ‫تجزئتو‪ :‬األصل أ ّف اإلقرار ال يٌ ّ‬
‫قسم ( مبدأ عدـ ذبزئة اإلقرار )‪ ،‬فإذا ّ‬
‫إقراره بأف نبقي على ما يفيدنا ونرفض ما ال يفيدنا‪.‬‬
‫ويسهل تطبيق ىذا اؼببدأ إذا كاف اإلقرار "بسيطا" أي إذا تطابق موضوعو مع موضوع الطّلب‪.‬‬
‫اغبق اؼبطالب بو ( أٌ ّقر بأنٍت تسلّمت‬
‫قر الوصف اؼبضفى على ّ‬ ‫غَت اؼبٌ ّ‬
‫إذا كاف اإلقرار موصوفا أي إذا ّ‬
‫اؼباؿ على وجو اؽببة ال كما يزعم اؼب ّدعي على وجو اإلقًتاض ) وكذلك إذا كاف اإلقرار "مرّكبا" أي الّذي‬
‫يتضمن عنصرا آخر مضاؼ إىل موضوع النّزاع (أٌ ّقر بأنٍّت إقًتضت اؼباؿ لكن ّأديت جزء منو)‪.‬‬ ‫ّ‬
‫اؼبشرع ‪ 3‬حاالت للتّجزئة وىي‪:‬‬
‫وبالنّسبة ؽبذين الصنفُت‪ ،‬أجاز ّ‬
‫حبجة أخرى أحد األمور اليت تعلّق هبا اإلقرار‪.‬‬
‫الصورة اليت يثبت فيها ّ‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬

‫متفرقة عن بعضها بعضا‪.‬‬


‫الصورة اليت يكوف فيها اإلقرار متعلّقا بأمور ّ‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬

‫الصورة اليت يكوف فيها اإلقرار ـبالفا ألحكاـ الفصل ‪ 439‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬

‫مثال‪ :‬إقرار بتسلّم اؼبصوغ اؼبطالب بإرجاعو لكن مع نفي تسلّمو على سبيل الفصل وإدعاء تسلّمو على‬
‫قر إثبات العنصػر الثّاين (التسلّم على وجو‬
‫قسم اإلقرار وعلى اؼبٌ ّ‬
‫الصورة يٌ ّ‬
‫وجو التوثقة يف دين‪ .‬يف ىذه ّ‬
‫التوثقة يف دين)‪.‬‬
‫اليمين الحاسمة‪:‬‬ ‫‪)3‬‬

‫تعريفها‪ :‬ىي "اليمُت اليت ّ‬


‫يوجهها أحد اػبصمُت على اآلخر حسما للنّزاع" (الفصل ‪ 492‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع)‪.‬‬
‫شروطها‪ :‬تتعلّق بػ‪:‬‬
‫يوجو اليمُت أىلية التفويت (الفصل ‪ 4949‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع)‪.‬‬
‫األىلية‪ :‬جيب أف تتوفّر يف اػبصم الّذي ّ‬ ‫‪‬‬

‫كل ال ّدعاوي بإستثناء‪:‬‬


‫توجو اليمُت مبدئيا يف ّ‬
‫موضوع اليمُت‪ّ :‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -‬ديُت هتمة أل ّف اليمُت وسيلة إثبات يف القانوف اؼبدين فحسب‪.‬‬


‫الزواج) أو بالتسجيل‪.‬‬
‫حبجة رظبية (كعقد ّ‬
‫‪ -‬لثبوت معاملة يوجب القانوف أف يكوف ثبوهتا ّ‬
‫بقوة ثبوتية مطلقة‪.‬‬
‫‪ -‬لنفي أمر شهدت بو اغبجة الرظبية ويتمتّع ّ‬
‫‪ -‬كاف موضوعها ـبالفا للنّظاـ العاـ واألخبلؽ اغبميدة‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫‪ -‬إلثبات أمر ـبالف ؼبا قضى بو حكم بات‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كانت عددية الفائدة أو يقصد التعنيت‪.‬‬

‫أطرافها‪ :‬ال ّ‬
‫توجو اليمُت إالّ من خصم وعلى خصم يف نفس النّزاع وعلى فعلو اػباص‪ .‬وليس للولد توجيو‬
‫وجهاىا عليو‪.‬‬
‫اليمُت على والديو وإّمنا لو قلبها عليهما إف ّ‬
‫وإما أف‬
‫يؤديها وحيسم النّزاع ّ‬
‫ّ‬ ‫وجهت عليو اليمُت أف‬ ‫إجراءاتها‪ّ :‬‬
‫يوجو اػبصوـ اليمُت على اآلخر وؼبن ّ‬
‫يرفض أداءىا‪.‬‬
‫الرفض‬
‫موجهها ألدائها ) وقد يكوف ّ‬
‫ورفض األداء قد يكوف مقًتنا بقلب اليمُت ( قلبها أي دعوة ّ‬
‫نكوال ( إذا كاف طالبا حسم النّزاع ض ّده وإذا كاف مطلوبا فبل يكفي نكولو إثبات ّ‬
‫حق خصمو إالّ بيمينو وإف‬
‫ّأداىا حكم لو وغن نكل بدوره حكم عليو ولو مع نكوؿ اؼبطلوب)‪.‬‬
‫وتؤدى دبكاف العبادة أو باحملكمة اليت يعيّنها‬
‫وأداء اليمُت عمل شخصي ال ديكن القياـ بو بواسطة ّ‬
‫يؤديها‪.‬‬
‫وجهها وحسب ديانة من ّ‬
‫اػبصم الّذي ّ‬
‫ب)الحاالت اإلستثنائية‪:‬‬
‫الصور اليت جيوز فيها ذباوز القاعدة اؼببينة آنفا‪.‬‬
‫ىي ّ‬
‫حجة مكتوبة‪:‬‬
‫وجود بداية ّ‬ ‫‪)1‬‬

‫الصور اإلستػثنائية اليت تبيػح إدخاؿ إستثناء على قاعدة‬


‫ال تع ّد وسيلة إثبات بل ىي صورة من ّ‬
‫حق فيو‪،‬‬
‫إقبر لو ّ‬
‫كل كتب صدر من اػبصم أو من نائبو أو فبّا ّ‬ ‫الفصل ‪ 473‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع‪ ،‬وىي "عبارة عن ّ‬
‫تضمنتو ال ّدعوى"‪.‬‬
‫يقرب إحتماؿ ما ّ‬
‫اغبجة اؼبكتوبة تتمثّل يف‪:‬‬
‫ويعٍت ذلك أ ّف شروط بداية ّ‬
‫حجة رظبية‪.‬‬
‫حجة خطّية وال ّ‬
‫وجود كتب (رسالة ‪ )...‬ال ديثّل بطبيعة اغباؿ ّ‬ ‫‪‬‬

‫عمن ينوبو‪.‬‬
‫صادر عن اػبصم أو ّ‬ ‫‪‬‬

‫وجيعل أمر اإللتزاـ ؿبتمبل ( مثبل رسالة صادرة عن اػبصم غَت فبضاة ّ‬
‫يتعرض فيها لصعوبات‬ ‫‪‬‬

‫شخصية ربوؿ دوف أداء دين عليو)‪.‬‬


‫تع ّذر الحصول على كتب أو تقديمو‪:‬‬ ‫‪)2‬‬

‫‪478‬‬ ‫نص الفصل‬


‫قد يستحيل أحيانا ألسباب مادية أو معنوية إقامة الكتب أو اغبصوؿ عليو‪ .‬لذا ّ‬
‫من ـ‪.‬إ‪.‬ع على وجود مانع التع ّذر‪:‬‬

‫‪60‬‬
‫التع ّذر المادي‪ :‬حيصل لتقدمي الكتب عندما يفقد اػبصم الكتب بسبب أمر طارئ وجيوز لو‬ ‫‪-‬‬

‫الشهادة‪.‬‬
‫يف ىذه اغبالة اإللتجاء إىل ّ‬
‫التع ّذر المعنوي‪ :‬مل يورده الفصل ‪ 478‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع بصفة صرحية ولكن ديكن اإلعتداد بالقوانُت‬ ‫‪-‬‬

‫أقرت ؿبكمة التعقيب بأنّو‬


‫اؼبقارنة اليت إعتربت التع ّذر اؼبعنوي مانعا شرعيا لعدـ إقامة كتب‪ .‬يف ىذا اجملاؿ‪ّ ،‬‬
‫ذبرأ بنت األخت دبطالبة خاؽبا بتحرير‬
‫ؾبرد مانع" كعدـ ّ‬
‫"ليس اؼبقصود من التع ّذر اإلستحالة اؼبطلقة وغنّما ّ‬
‫الشركة الّيت عقدهتا معو‪.‬‬
‫حجة يف ّ‬ ‫ّ‬
‫تربر‬
‫لكن التع ّذر اؼبعنوي يثَت صعوبة ىامة تتمثّل يف اغب ّد الّذي جيب الوقوؼ عنده‪ ،‬فالقرابة قد ال ّ‬
‫ّ‬
‫دائما وجود التع ّذر اؼبعنوي‪.‬‬
‫وجود فصول مبهمة أو مع ّقدة بالكتب‪:‬‬ ‫‪)3‬‬

‫وتعُت مدلوؽبا‬
‫إذا كاف اؼبراد إثباتو أمور من شأهنا ضبط معٌت فصوؿ مبهمة أو مع ّقدة بالكتب ّ‬
‫وإثبات إجراء العمل هبا‪.‬‬
‫العمل التّجاري‪:‬‬ ‫‪)4‬‬

‫‪473‬‬ ‫بكل الوسائل القانونية ويتأسس ىذا اإلستثناء للفصل‬


‫خيضع العمل التجاري إىل حرية اإلثبات ّ‬
‫من ـ‪.‬إ‪.‬ع على ضرورة تيسَت التعامل التجاري‪.‬‬

‫البند المخالف‪:‬‬ ‫‪)5‬‬

‫جيوز لؤلطراؼ اإلتفاؽ على إدخاؿ إستثناء على قاعدة الفصل ‪ 473‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع إذا إعتربنا أ ّف‬
‫أحكاـ ىذا الفصل متعلّقة دبصلحة اػبصوـ ال بالنّظاـ العاـ‪ .‬لكن يستحيل ىذا اإلستثناء يف اغباالت اليت‬
‫صحة يف اآلف ذاتو‪.‬‬‫يكوف فيها الكتب وسيلة إثبات وشرط ّ‬
‫شهادة‪:‬‬
‫ت)إعتماد ال ّ‬
‫الشهادة إالّ عن شخص أجنيب عن النّزاع وال يتل ّقاىا إالّ القاضي نفسو‪ .‬كما ال يشًتط‬
‫ال تصدر ّ‬
‫الشاىد الواحد‪.‬‬
‫تع ّددىم إذ تكفي شهادة ّ‬
‫الشهادة‬
‫الشروط اليت تبيح للخصوـ قبل حصوؿ ّ‬ ‫الشهود فتتمثّل يف ّ‬
‫ّأما عن شروط التجريح يف ّ‬
‫الشهود وطلب عدـ ظباع شهادهتم ألسباب ـبتلفة كالعداوة الواضحة مع الشاىد أو وجود منفعة‬
‫القدح يف ّ‬
‫شخصية أو قبولو ىدية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إثبات الواقعة القانونية‪:‬‬

‫‪61‬‬
‫يتم‬
‫لكن إثباهتا عادة ما ّ‬
‫بكل الوسائل الواردة بالفصل ‪ 427‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع‪ّ ،‬‬
‫تٌثبت الواقعة القانونية ّ‬
‫اؼبشرع أحيانا إثبات بعض الوقائع بالكتب‪.‬‬
‫بالشهادة والقرائن القضائية واليمُت اإلستيفائية‪ .‬ويوجب ّ‬
‫ّ‬
‫أ) مبدأ جواز كافّة الوسائل‪:‬‬
‫الشهادة‪ ،‬جيوز إثبات الواقعة‬
‫ال تثبت الواقعة بالكتب أو باإلقرار أو باليمُت اغباظبة‪ .‬إىل جانب ّ‬
‫اؼبكملة ؽبا‪.‬‬
‫بالقرائن القضائية وباليمُت اإلستيفائية ّ‬
‫القرائن القضائية‪ :‬ىي اليت يعهد للقاضي بإستخبلصها إذا توفّرت فيها مواصفات معيّنة أي إذا‬
‫كانت قوية ومنضبطة ومتع ّددة ومتضافرة‪.‬‬
‫السرعة‪.‬‬ ‫مثال‪ :‬آثار فرامل ّ‬
‫تدؿ على ّ‬
‫وال جيوز إعتماد القرينة القضائية لوحدىا ولو تعلّق األمر بإثبات واقعة قانونية بل جيب أف تكوف‬
‫مقًتنة مع‪:‬‬
‫يوجهها اغباكم من تلقاء‬ ‫اليمين اإلستيفائية ‪ّ :‬‬
‫ينص الفصل ‪ 492‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع على أ ّف "اليمُت اليت ّ‬
‫موجهة من القاضي ال من اػبصوـ‪ .‬كما أ ّف ال جيوز قلب ىذه اليمُت‬‫نفسو على أحد اػبصمُت فهي ديُت ّ‬
‫نص الفصل ‪ 508‬من ـ‪.‬إ‪.‬ع على أ ّف‬ ‫حبجة منقوصة" ‪ .‬إذ ّ‬‫إذ أ ّف اؽبدؼ منها تأبيد أو توضيح أمر ثبت ّ‬
‫يوجو ديُت اإلستيفاء على أحد اػبصمُت أو عليهما لفصل ال ّدعوى أو لتقدير اؼببلغ الّذي يقع‬
‫"للحاكم أف ّ‬
‫اغبكم بو"‪.‬‬

‫الرسمي‪:‬‬
‫ب)اإلستثناء‪ :‬إشتراط الكتب ّ‬
‫اؼبؤرخ يف ‪ 1‬أوت ‪ 1957‬اؼبتعلّق دبجلّة اغبالة اؼبدنية إثبات واقعتُت‬
‫تشًتط أحكاـ القانوف عدد ‪ّ 3‬‬
‫الرظبية‪.‬‬
‫باغبجة ّ‬
‫ىامتُت‪ :‬اؼبيبلد والوفاة ّ‬
‫قانونيتُت ّ‬

‫‪62‬‬

You might also like