You are on page 1of 48

‫تبصي ر طالبي الع رلى‬

‫على قاعدة العا دة و اإلعمال والقواعد الصغرى‬


‫)وهو مهذب من "وجيز" العالمة البورنو‪-‬رحمه الل‪(-‬‬

‫أع د ه‪:‬‬
‫محمد إحسان بن زين الدين البوقس ي‬

‫المحاضرة األولى‪:‬‬
‫قاعدة "العادة محكمة"‬

‫دليل القاعدة‪@:‬‬
‫ميكن أن يستدل هلذه القاعدة بأدلة أخرى من الكتاب والسنة‪ ،‬نعم مل يرد يف الكتاب العزيز‬
‫لفظ العرف واملعروف‪ ،‬كما ورد يف السنة لفظ املعروف‪ ،‬كما وردت أخبار كثرية يستفاد منها أثر‬
‫العادة يف بناء األحكام ‪:‬‬
‫من القرآن‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ربني بِلم ْعروف َحقاً َعلى املتق َ‬
‫ني( ‪ .‬سورة البقرة‪ ،‬آية‬ ‫واألق َ‬ ‫)الو ِصيةُ ل ْل َ‬
‫والدي ِن ْ‬ ‫قوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫(‪) 180‬‬
‫روف( ‪ .‬سورة البقرة‪ ،‬آية )‪. (228‬‬ ‫وقوله تعاىل‪) :‬وهَل َّن ِمثل الذي علي ِه َّن بِلمع ِ‬ ‫‪-2‬‬
‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ُن بِ ْ‬
‫لمعروف( ‪ .‬سورة البقرة‪ ،‬آية )‪( 233‬‬ ‫وكسوتُ َّ‬
‫َ‬ ‫رزق ُه َّن‬
‫املولود لهُ ُ‬
‫)و َعلى ْ‬ ‫قوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫‪-3‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫من السنة المطهرة‪:‬‬
‫قول ه ص لى اهلل علي ه وس لم هلن د زوج ه أيب س فيان رض ي اهلل عنهم ا‪) :‬خ ذي م ا يكفي ك‬ ‫‪-1‬‬
‫وولدك بِلمعروف( ‪ .‬البخاري يف البيوع والنفقات واألقضية وغريها وعند مسلم وغريه‪.‬‬
‫وقول ه علي ه الص الة والس الم‪) :‬ال جن اح على من َوليه ا أن يأك ل بِلمع روف( ‪ .‬البخ اري‬ ‫‪-2‬‬

‫ومسلم وغريمها معنى القاعدة‪@:‬‬

‫العادة يف اللغة‪ :‬مأخوذة من العود أو املعاودة مبعىن التكرار‪ ،‬ومادة العادة تقتضي تكرار الشيءوعوده‬
‫تكراراً كثرياً حىت خيرج عن كونه واقعاً بطرق االتفاق‪.‬‬
‫أم ا عن د الفقه اء فهي" عب ارة عم ا يس تقر يف النف وس من األم ور املتك ررة املعقول ة عن د الطب اع‬
‫السليمة"‪.‬‬
‫)حمك م ة( فهي اس م مفع ول مت التحكيم‪ ،‬ومع ىن التحكيم القض اء والفص ل بني‬
‫وأم ا كلم ة َّ‬
‫الناس‪ ،‬أي أن )العادة هي املرجع للفصل عند التنازع( ‪.‬‬
‫وأما معىن العرف‪) :‬فهو املعروف من اإلحسان( واملعروف‪" :‬اسم لكل فعل يعرف بِلعقل أو‬
‫الشرع ُح ْسنه"‪ ،‬واملنك ر‪" :‬ما ينكر هبم ا" ‪.‬‬
‫وقد قال بعض العلماء‪ ":‬العادة والعرف ما استقر يف النفوس من جهة العقول وتلقته الطباع السليمة‬
‫بِلقبول"‪.‬‬
‫فعلى هذا فالعرف هو العادة املعروفة‪ ،‬فالعرف والعادة لفظان مبعىن واحد‪ ،‬وإن كان خمتلفني ن حيث‬
‫املفهوم اللغوي‪-‬حيث أن العادة هي العود والتكرار‪ ،‬والعرف هو املتعارف‪.‬‬
‫فيكون معنى القاعدة@ في االصطالح الفقهي‪" @:‬إن العادة جتعل َح َك َم اً إلثبات حكم شرعي"؛‬
‫أي أن "للعادة يف نظر الشارع حاكمية ختضع هلا أحكام التصرفات‪ ،‬فتثبت تلك األحكام على‬
‫وفق ما تقضي به العادة أو العرف إذا مل يكن هناك نص شرعي خمالف لتلك العادة" ‪.‬‬

‫أنواع العادة@ والعرف وأقسامها‪:‬‬


‫أوال‪ :‬من حيث العموم والخصوص‪ ،‬تنقسم العادة والعرف إىل ثالثة أقسام‪:‬‬
‫عادة عرفية عامة؛ وهي عرف هيئة غري خمصوصة بطبقة من طبقاتُا وواضعه غري متعني ‪،‬وهو‬ ‫‪-1‬‬
‫الع رف اجلاري من ذ عه د الص حابة رض وان اهلل عليهم ح ىت زمانن ا‪ ،‬وه و الع رف ال ذي قبل ه‬
‫اجملتهدون وعملوا به ‪ -‬ولو كان خمالفاً للقياس ويثبت به حكم عام‪ ،‬وختص به‬
‫النص وص‪ .‬ولكن ال يعت ب ذل@ @ @ @ك@ الع @ @ @@رف إال يف زمن الرس الة‪ .‬وأم ا األع راف‬
‫عمت ‪ ،‬فال خُت ص هبا النصوص وال يرتك هبا القيا س ‪.‬‬
‫املستجدة بعدزمن الرسالة مهما َّ‬
‫من أمثلته ا‪ :‬تع ارف الن اس على عق د االستص ناع‪ ،‬وك ذا تع ارفهم على أن املراد حل ف‬
‫اإلنسان على أالّ يضع قدمه يف دار فالن هو الدخول وليس جمرد وضع قدم فقط‪.‬‬
‫ع@@ادة عرفي@@ة خاص@@ة‪ :‬وهي" م ا ك ان عرف اً إلقليم خ اص‪ ،‬أو طائف ة خمصوص ة‪ ،‬أو اص طالحاً‬ ‫‪-2‬‬
‫لطائفة خمصوصة"‪ .‬مثل‪ :‬ال رفع عند النحاة‪ ،‬فإنه عندهم اسم ملا هو علم الفاعلية‪.‬‬
‫ع @@ادة عرفي @@ة ش @@رعية )الع @@رف الش @@رعي‪ (:‬وهي" املص طلحات الش رعية ال يت ت ركت معانيه ا‬ ‫‪-3‬‬
‫اللغوية مبعانيها الشرعية"‪ .‬مثل مصطلحات الصالة والزكاة والصوم واحلج وغريها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬من حيث العمل والقول‪ @:‬ينقسم إىل قسمني‪:‬‬


‫الع رف العملي‪ :‬وه و م ا ج رى علي ه عم ل الن اس يف تص رفامُت واعتي ادهم على ش يء من‬ ‫‪-1‬‬
‫األفعال العادية أو التصرفات املنشئة لاللتزاما ت‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬اعتياد الناس تعطيل بعض أيام األسبوع عن العمل‪ ،‬وكاعتيادهم أكل نوع‬
‫خاص من املآكل‪ ،‬أو تعارف بعض البلدان واألقطار تقسيم املهر يف الزواج إىل مقدم‬
‫ومؤخر‪ ،‬وإن الذي جيب دفعه قبل الزواج هو املقدم‪ ،‬وأما الثاين فال جيب إال بِلموت‬
‫أو الطالق أيهما أقر ب‪.‬‬
‫والع رف العملي عن د احلنفي ة يعت رب خمصص اً إذا ك ان عام اً خالف اً للجمه ور حيث ال‬
‫يعتربون العرف خمصصاً إال إذا كان قويل اً ‪.‬‬
‫العرف القويل‪ :‬وهو "اصطالح مجاعة على لفظ يستعملونه يف معىن خمصوص حىت يتبادر‬ ‫‪-2‬‬
‫معن اه إىل ذهن أح دهم مبج رد مساعه"‪ .‬وه ذا الع رف إذا ك ان عام اً فه و عن د اجلمي ع‬
‫يسمى عرفاً خمصص اً‪.‬‬
‫مث ال ذل ك‪ :‬من ق ال آلخ ر اش رت يل داب ة‪ ،‬واملتع ارف عن دهم أن لف ظ الداب ة يطل ق‬
‫علىاحلمار مثالً فليس له أن يشرتي فرساً أو بغالً ‪.‬‬

‫متى تكون العادة والعرف حجة وحكما؟‬

‫إمنا يعت رب الع رف والع ادة حج ة وحكم اً عن د ع دم خمالفت ه لنص ش رعي أو ش رط ألح د‬
‫املتعاق دين‪ ،‬ويف حال ة انع دام النص املواف ق ل ه‪ ،‬ألن ه إذا وج د نص مواف ق للع رف‪ ،‬ف املعترب النص دون‬
‫العرف‪.‬‬
‫فلو استأجر شخص آخر ليعمل له من الظهر إىل العصر فقط بأجرة معينة‪ ،‬فليس للمستأجر أن‬
‫يل زم األج ري بِلعم ل من الص باح إىل املس اء حبج ة أن ع رف البل دة ك ذلك‪ ،‬ب ل يتب ع املدة املش روطة‬
‫بينهما ‪.‬‬
‫وقد اعتمد الفقهاء على العرف يف مسائل كثرية جداً منها‪ :‬أقل سن احليض والبلوغ‪ ،‬ويف قدر‬
‫احليض والنفاس أقله وأكثره وأغلبه‪ ،‬ويف حرز املال املسروق‪.‬‬

‫حاالت@ العرف والعادة أمام النصوص الشرعية‪:‬‬


‫أوالً ‪ :‬إذا وافق العرف والعادة الدليل الشرعي فيجب مراعاته وتطبيقه؛ ألن العمل يف احلقيقة‬
‫بِلدليل الشرعي ال بِلعرف وإمنا يستأنس بِلعرف فقط ‪.‬‬
‫ثاني اً ‪ :‬إذا خالف العرف الدليل الشرعي فالنظر إىل ذلك من أوجه‪:‬‬
‫أن يخ@@الف الع@@رف ال@@دليل@ الش@@رعي من ك@@ل وجه‪ ،‬وهو ما يعرب عنه مبصادمة النص؛‬ ‫‪-1‬‬
‫فه ذا ال ش ك يف رده وع دم اعتب اره ‪ .‬مث ال ذل ك‪ :‬تع ارف الن اس كث رياً من احملرم ات‬
‫لرب وفوائد البنوك وشرب اخلمر والتربج‪.‬‬‫كاملعاملة بِ ِ‬
‫أن تك@@ون مخالف@@ة الع@@رف لل@@دليل الش@@رعي ال من ك@@ل وجه‪ ،‬وذل ك ب أن ي رد ال دليل‬ ‫‪-2‬‬
‫عام اًوالعرف خالفه يف بعض أفراده‪ ،‬أو كان الدليل قياس اً‪ ،‬فإن العرف يعترب إذا كان‬
‫عرفاً عام اً‪ .‬وذلك كما يف جواز السلم واالستصناع‪ ،‬ودخول احلمام‪.‬‬
‫أن يكون النص الذي@ جاء العرف بمخالفته@ مبنياً على العرف والعادة@ السائدين@ في‬ ‫‪-3‬‬
‫زمان نزوله ؛ فإنه عند بعض األئمة يرتك النص ويصار إىل العرف والعادة إذا تبدلت‬
‫بتبدل الزمان‪ .‬وه@@ذا مب@@ني على قاع@@دة )ال ينك@@ر تغي األحك@@ام بتغي األزم@@ان( ‪.‬وهلذا‬
‫قالوا يف شروط االجتهاد‪ :‬إنه ال بد فيه من معرفة عادات الناس‪ ،‬فكثري من األحكام‬
‫خيتلف خِب تالف الزمان لتغري عرف أهله‪ ،‬أو حلدوث ضرورة‪ ،‬حبيث لو بقي احلكم على‬
‫ما كان عليه أوالً للزم منه املشقة والضرر بِلناس‪ ،‬وخلالف قواعد الشريعة املبنية على‬
‫التخفيف والتيسري ودفع الضرر والفساد‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬إفتاؤهم جبواز االستئجار على تعليم القرآن وحنوه النقطاع عطاء املعلمني‪،‬‬
‫إذ لو اشغل املعلمون بِلتعليم بال أجرة يلزم ضياعهم وضياع عياهلم‪ ،‬ولو اشتغلوا‬
‫بِالكتساب من حرفة أو صناعة يلزم ضياع القرآن والدين ‪.‬‬
‫المحاضرة الثانية‪:‬‬
‫القواعد المندرجة تحت قاعدة "العادة محكمة"‬
‫قاعدة‪ :‬استعمال الناس حجة يجب العمل به ا‬
‫ه ذه القاع دة مبع ىن القاع دة الك ربى )الع ادة حمكم ة ( ومبين ة هلا وهي ش املة للع رف الق ويل‬
‫والعرف العملي‪.‬‬

‫معنى القاعدة‪@:‬‬
‫إن عادة الناس‪ ،‬إذا مل تكن خمالفة للشرع‪ ،‬حجة ودليل جيب العمل مبوجبها‪ ،‬ألن العادة‬
‫َّ‬
‫حمكمة‪ .‬واستع مال الناس إن كان عاماً يع ّد حجة يف حق العموم‪ .‬وأما إذا كان العرف‬
‫خاصاً ببلدة مثالً‪ ،‬فقد رأينا أن مجهور احلنفية والشافعية ال يعدُّونه حجة ختصص النص العام‬
‫أو القياس ‪.‬‬
‫ق د يعت رب اس تعمال الن اس املخ الف لنص وص الفقه اء إذا ك انت ه ذه النص وص مبني ة على‬
‫الع رف أو على ض رب من االجته اد وال رأي‪ ،‬فبتب دل الع رف ال م انع من تب دل احلكم إذا‬
‫كان االستمرار على احلكم السابق فيه ضرر ومشقة تصيب العباد‪.‬‬

‫فروع القاعدة‪@:‬‬
‫لو اتفق إنسان مع مقاول أن يبين له بيت اً طبق اً ملخطط مرسوم ومواصفات خاصة بثمن‬ ‫‪-1‬‬
‫مبني وشروط واضحة‪ ،‬انعقد االستصناع وجازت املعاملة‪.‬‬
‫لو استأجر أجرياً يعمل له مدة معينة‪ُُِ ،‬حل على ما جرت العادة بِلعمل فيه من الزمان دون‬ ‫‪-2‬‬
‫غريه‪ ،‬بغري خالف‪ ،‬إال إذا نص يف العقد على زمن خمصوص‪.‬‬
‫قاعدة‪" :‬إنما تعتب العادة إذا اطردت أو غلب‬
‫ت " ؛ أو "العبة للغالب الشائع ال‬
‫النادر "‬
‫هات ان القاع دتان تع ربان عن بعض ش رائط الع رف لكي يعت رب‪ .‬وهي ش رائط‪ :‬االط راد‪،‬‬
‫والغلبة ‪،‬والشيوع‪ .‬والم@@راد من اط@@راد الع@@ر ف هنا‪ :‬أن يكون العمل به مستمراً يف مجيع األوقات‬
‫واحلوادث‪ ،‬حبيث ال يتخل ف إال بِلنص على خالف ه ‪ .‬والم @@راد من الغلب ة هن ا‪ :‬أن يك ون جري ان‬
‫أهل ه علي ه حاص الً يف أك ثر احلوادث أو عن د أك ثر الن اس‪ .‬والم@@راد من الش@@يو ع هن ا‪ :‬اش تهار العم ل‬
‫بذلك العرف وانتشاره بني النا س ‪.‬‬
‫وأما إذا كان العرف خاص@ اً‪ ،‬فقد رأينا أنه ال يعتد به يف األصح يف ختصيص النص أو األثر‪،‬‬
‫فأوىل بذلك العرف النادر استعماله‪.‬‬
‫وأما إذا تساوى عمل الناس وعدمه بالعادة@ أو العرف فيسمى حينئذ عرف اً مشرتكاً‪ ،‬والعرف‬
‫المش @@ترك ال يعتب في مع @@امالت الن @@اس وال يص لح مس تنداً ودليالً للرج وع إلي ه يف حتدي د احلق وق‬
‫والواجبات املطلقة؛ ألن عملهم أحيانا وتركهم أحيانا ينقضان هذه الداللة‪.‬‬

‫قاعدة‪ :‬الحقيقة تترك بداللة العاد ة‬


‫هذه القاعدة تتعلق بِعتبار العرف اللفظي وما يقوم مقامه عرفاً يف التعبري كالكتابة واإلشارة ‪.‬‬
‫هذه القاعدة تدخل حتت مسألة تعارض اللغة مع العرف‪ .‬واملراد بِلحقيقة هنا‪ :‬داللة اللفظ يف‬
‫أصل وضع اللغة‪.‬‬
‫ول حلقيقة أربعة أنواع‪:‬‬
‫احلقيق ة اللغوي ة‪ :‬وهي األلف اظ املس تعملة فيم ا وض عت ل ه لغ ة‪ ،‬كلف ظ األس د للحي وان‬ ‫‪-1‬‬
‫املفرتس‪.‬‬
‫احلقيق ة الش رعية‪ :‬وهي األلف اظ ال يت وض عها الش ارع للدالل ة على معانيه ا اخلاص ة‬ ‫‪-2‬‬
‫كالصالة‪.‬‬
‫احلقيق ة العرفي ة العام ة‪ :‬وهي اللف ظ ال ذي غلب اس تعماله يف غ ري مس ماه اللغ وي‪ ،‬كلف ظ‬ ‫‪-3‬‬
‫الدابة يف ذوات األربع ‪.‬‬
‫احلقيق ة العرفي ة اخلاص ة‪ :‬وهي األلف اظ ال يت يس تعملها بعض الطوائ ف كاص طالح‬ ‫‪-4‬‬
‫هلم ‪،‬كلفظ الفعل والفاعل عند النحاة ‪.‬‬

‫معنى القاعدة اصطالحاً‪:‬‬


‫إن دالل ة اللف ظ احلقيقي ة ت رتك وال تعت رب إذا دل الع رف والع ادة على اس تعمال ه ذه اللفظ ة‬
‫استعماالً مغايراً ملعناها احلقيقي‪ ،‬ويبين احلكم على املعىن الذي دل عليه العرف والعادة‪.‬‬

‫فروع القاعدة‪@:‬‬
‫لو حلف ال يضع قدمه يف دار فالن‪ ،‬إذ ينصرف املعىن إىل الدخول بأي وجه كان راكب اً ما‬
‫ماشياً‪ ،‬حافياً أو منتعالً ألنه هو املتعارف‪ ،‬ال املعىن احلقيقي‪.‬‬
‫المحاضرة الثالث ة ‪:‬‬
‫القواعد المندرجة تحت قاعدة "العادة محكمة"‬

‫قاعدة‪ :‬الكتاب كالخطاب‬


‫ه ذه القاع دة أيض ا تتعل ق بِعتب ار الع رف اللفظي وم ا يق وم مقام ه عرف اً يف التعب ري كالكتاب ة‬
‫واإلش ارة‪ .‬فتفي د أن العب ارات الكتابي ة كاملخاطب ات الش فهية‪ ،‬ألن املراد بِلخط اب هن ا املخاطب ة‬
‫واملكاملة‪ ،‬فما يرتتب على املكاملات الشفوية يرتتب على املكاملة الكتابية ‪.‬‬

‫دليل القاعدة‪@:‬‬
‫أن الرسول صلى اهلل عليه وسلم كان مأموراً بتبليغ الرسالة إىل الناس كافة وبلغهم بِلكتاب‬
‫مرة وبِلخطاب أخرى‪ ،‬والقرآن أصل الدين قد وصل إلينا بِلكتاب بعد عن ثبت بِلحجة ‪ .‬والبد أن‬
‫تكو ن الكتاب ة مستبينة (واضحة) ومعنونة‪.‬‬

‫فروع القاعدة‪@:‬‬
‫لو كان رجل يف مكة فكتب إىل آخر يف دمشق‪ :‬بعتك داري الكائنة يف دمشق أو‬ ‫‪-1‬‬
‫غريها وذكر أوصافها وحدودها واملبلغ الذي سيبيعها به‪ ،‬فكتب إليه اآلخر‪ :‬اشرتيت‬
‫منك الدار املذكورة‪ ،‬فيعقد البيع بينهما كاملشافهة ‪.‬‬
‫وعلى هذا سائر التصرفات املالية والعقود من كفالة أو حوالة أو إجيار أو نكاح‪ ،‬إخل‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫غري أن صحة عقد النكاح تتوقف على أن يقرأ املكتوب إليه الكتاب (شرطة األول) و‬
‫يعلن املوافقة مبحضر من الشهود (شرطة الثاين)‪.‬‬

‫قاعدة‪ :‬المعروف عرفا كالمشروط شرطا‬


‫هذه القاعدة تعرب عن سلطان العرف العملي‪ ،‬فللعرف العملي يف نطاق أفعال العباد وتصرفامُت‬
‫العادية‪ ،‬ومعامالمُت احلقوقية سلطاناً يف فرض األحكام وتقييد آثار العقود‪ ،‬ما مل يصادم ذلك العرف‬
‫نصاً شرعي اً ‪.‬‬

‫معنى القاعدة‪:‬‬
‫إن ما تعرف عليه الناس يف معامالهتم وإن مل يذكر صرحياً‪ ،‬هو قائم مقام الشرط يف االلتزام‬
‫والتقييد‪.‬‬

‫من فر وع (االمثلة) القاعدة‪@:‬‬


‫إذا اش رتى س يارة دخ ل فيه ا عُ ّدهُت ا ومفاتيحه ا وعجله ا االحتي اطي (‪)ban serep‬‬ ‫‪-1‬‬
‫بدون ذكر يف العقد للعرف املتداول والعادة اجلارية‪ ،‬إال إذا نص على خالفه ‪.‬‬
‫وإن نفق ة الزوج ة على زوجه ا يك ون بِلق در املتع ارف املعت اد بني أمثاهلا من الن اس و‬ ‫‪-2‬‬
‫حبسب حاهلما غىن ووفقاً‪.‬‬

‫قاعدة‪ :‬ال ينكر تغي األحكام بتغي األزمان‬

‫إن تغري األوضاع واألحوال الزمنية له تأثري كبري يف كثري من األحكام الشرعية االجتهادية‪ ،‬ألن‬
‫م ا ك ان من األحك ام الش رعية مبني اً على ع رف الن اس وع اداهتم تتغ ري كيفي ة العم ل مبقتض ى احلكم‬
‫خِب تالف العادة عن الزمن السابق‪.‬‬
‫وأما أصل احلكم الثابت بِلنص فال يتغري‪ .‬وعلى ذلك فاألحكام النصية ثابتة ال تقبل التغيري وال‬
‫ت دخل حتت ه ذه القاع دة‪ ،‬ول ذلك رأى بعض هم أن يك ون نص القاع دة‪ ( :‬ال ينك ر تغ ري األحك ام‬
‫االجتهادية بتغري األزمان ) دفعاً هلذا اللبس‪ ،‬وهذا قيد حسن‪.‬‬

‫تغير األحكام‪:‬‬
‫العوامل التي تسبب َ‬
‫العوامل اليت ينشأ عنها تغري األحكام نوعان‪:‬‬
‫واحنراف أهل ه عن اجلادة‪ ،‬حيث ينش أ عن ذل ك تب دل وتش دد يف‬
‫ُ‬ ‫الن@@وع األول‪ :‬فس اد الزم ان‬
‫كث ري من األحك ام‪ .‬مث ال ذل ك‪ :‬أن ه من املق رر يف أص ول م ذهب احلنفي ة أن املدين تنف ذ تص رفاتُه يف‬
‫والوقف وسائر وجوه التربع‪ ،‬ولو كانت ديونه مستغرقةً أمواله كلها‪ .‬لكن ملا فسد الزمان‬‫ِ‬ ‫أمواله بِلهبة‬
‫وكثر الطمع وقل الورع‪ ،‬وأصبح املدينون يعمدون إىل تُ ريب أمواهلم عن طريق وقفها أو هبتها ملن‬
‫يثِقون به من قريب أو صديق‪ ،‬أفىت املتأخرون من فقهاء احلنفية واحلنابلة يف وجه عندهم بعدم نَفاذ‬
‫هذه التصرفات من املدين‪ ،‬إال فيما يزيد عن وفاء الدين من أمواله‪.‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬تغري العادات وتبدل األعراف وتطور الزمن‪ .‬مثال ذلك‪ :‬كتابة القرآن الكرمي يف‬
‫الورق مث طباعته بعد ذلك وإعجامه بعد أن كان جمرداً (كان بدون التشكيل و اآلن وضعت احلركات‬
‫و التش كيل والنق اط يف الق رآن لتك ون تس هيال الق راءة) ألن ال ينك ر تغ ري األحك ام م ع تغ ري األزم ان‪.‬‬
‫وكذل ك إنشاء املدارس ومراحل التعليم املختلفة واجلامعات بأنواعها ونُظمها املختلفة‪.‬‬

‫المحاضر ة الرابع ة ‪:‬‬


‫قاعدة "إعمال الكالم أولى من إهماله"‬
‫ه ذه القاع دة ذات مكان ة عظيم ة وفوائ د عميم ة ذكره ا ك ل من كتب يف القواع د أو ص نف‬
‫فيه ا‪ ،‬ولكن العلم اء ال ذين دون وا القواع د مل يعتربوه ا من القواع د الك ربى؛ م ع أن ه ذه القاع دة من‬
‫حقها أن تكون سادسة القواعد الكلية الكربى ‪.‬‬

‫أهمية هذه القاعدة‪@:‬‬


‫أهنا حمل اتفاق عند مجيع العلماء كما يظهر من تفريعامُت عليها وتعليالتُا هبا‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أهنا تتعل ق بتص رفات املكل ف القولي ة كله ا وتص حيحها‪ ،‬وه ذا أم ر ض روري عن د مجي ع‬ ‫‪-2‬‬
‫األئمة ألن تصحيح الكالم مبدأ أخذ به اجلميع د ون استثناء‪.‬‬
‫أهنا تتعل ق بِلدرج ة األوىل خبط ابِت الش ارع احلكيم‪ ،‬كم ا تتعل ق بِلكالم الص ادر عن‬ ‫‪-3‬‬
‫املكلف من حيث كونه جيب صونه عن اإلمهال واإللغاء‪.‬‬

‫معنى القاعدة‪:‬‬
‫إعمال الكالم‪ :‬أي إعطاؤه حكماً مفيداً حسب مقتضاه اللغوي‪.‬‬
‫وإمهال الكالم‪ :‬عدم ترتب مثرة عملية عليه بإلغاء مقتضاه ومضم ونه‪.‬‬
‫فالعاقل يصان كالمه عن اإللغاء ما أمكن‪ ،‬بأن ينظر إىل الوجه املقتضي لتصحيح كالمه‬
‫فريجح‪ ،‬سواء كان بِلحمل على احلقيقة أم اجملاز‪ ،‬إال عند عدم اإلمكان فيلغى‪ .‬فمن بِب أ وىل اللفظ‬
‫الصادر يف مقام التشريع‪ :‬فالواجب ُحله على املعىن املفيد للحكم‪ ،‬ألن خالفه إمهال وإلغاء‪ .‬أما إذا مل‬
‫يوجد إمكان حلمل الكالم على احلقيقة أو اجملاز فيلغى ويهمل ‪.‬‬

‫فروع القاعدة‪@:‬‬
‫من حلف ال يأكل من هذه النخلة شيئاً‪ ،‬مث أكل من مثرها أو مُج ارها أو طلعها أو‬ ‫‪-1‬‬
‫يسرها أو الدبس الذي خيرج من رطبها حنث‪ ،‬ألن النخلة ال يتأتى أكل عينها فحمل‬
‫على ما يتولد منها ‪.‬‬
‫لو حلف ال يأكل من هذا القدر حيمل على ما يطبخ فيه ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫القواعد المت فرعة@ على قاعدة "إعمال الك الم أولى من إهماله"‬

‫قاعدة‪ :‬األصل في الكالم‬


‫الحقيقة المعنى الفقهي@ للقاعدة‪:‬‬
‫إن إعم ال كالم املتكلم من ش ارع أو عاق د أو ح الف أو غ ريهم‪ ،‬إمنا يك ون حبم ل ألفاظ ه‬
‫على معانيها احلقيقية عند اخللو عن القرائن اليت ترجح إرادة اجملاز ‪.‬‬

‫فروع القاعدة‪@:‬‬
‫إذا قال شخص آلخر‪ :‬وهبتك هذا الشيء‪ ،‬فأخذه املخاطب مث ادعى القائل أنه أراد‬ ‫‪-1‬‬
‫بلف ظ اهلب ة ال بيع جمازاً مثن اً‪ ،‬فال يقب ل قول ه؛ ألن األص ل يف الكالم احلقيق ة‪ ،‬وحقيق ة‬
‫اهلبة متليك بدون عوض‪.‬‬
‫إذا وقف شخص على أوالده دخل األبناء مع البنات‪ ،‬ألن لفظ الولد يشملهم مجيعاً‬ ‫‪-2‬‬
‫حقيقة‪.‬‬
‫وإذا قال‪ :‬هذه الدار لزيد‪ ،‬كان إقراراً له بِلملك‪ ،‬حىت لو قال‪ :‬أردت أهنا مسكنه مل‬ ‫‪-3‬‬
‫يسمع قوله ‪.‬‬
‫قاعدة‪ :‬إذا تعذ‬
‫رت الحقيقة يصار إلى المجا ز‬
‫احلقيقة هي األصل الراجح املقدم يف االعتبار‪ ،‬واجملاز فرع احلقيقة‪ ،‬فإن احتمل اللفظ احلقيقة‬
‫واجملاز وال يوجد مرجح تتعني احلقيقة ألهنا األصل‪.‬‬
‫ويش@ @ @@ترط يف اللف ظ املس تعمل يف معن اه اجملازي‪ :‬وج ود قرين ة مانع ة من إرادة املع ىن‬
‫احلقيقي ‪،‬كاستحالة احلقيقة وتعذرها‪ ،‬أو يكون املعىن احلقيقي مهجوراً شرعاً أو عرف اً ‪.‬‬
‫ف روع القاعدة‪:‬‬
‫من ق ال ألجنبي ة‪ :‬إن نكحت ك فل ك ك ذا ينص رف إىل اجملاز عن د احلنفي ة‪ ،‬وه و العق د‬ ‫‪-1‬‬
‫دون الوطء‪ ،‬ألن املعىن احلقيقي وهو الوطء مهجور شرعاً حلرمة وطء األجنبية ‪.‬‬
‫وإذا حلف ليأكلن من هذه الشجرة‪ ،‬فإن حقيقة األكل منها هو أكل خشبها وذلك‬ ‫‪-2‬‬
‫مهج ور عرف اً‪ ،‬ألن ه متعس ر‪ ،‬فيك ون قرين ة على إرادة اجملاز وه و األك ل من مثره ا‪،‬‬
‫فينصرف إليه ‪.‬‬
‫قاعدة‪:‬إذا تعذر‬
‫إعمال الكالم يهمل‪ ،‬معنى القاعدة‪:‬‬
‫إذا استحال ُحله على معىن صحيح حقيقي أو جمازي‪ ،‬فحينئذ يعترب لغواً فيهمل‪ .‬أي يلغى‬
‫وال يعتد به ‪.‬‬

‫من أسباب إهمال@ الكالم وإلغائه‪@:‬‬


‫تع @@ذر إرادة ك @@ل من المعن @@يين جميع@ @اً الحقيقي والمج @@ازي ؛ كم ا يف قول ه لزوجت ه‬ ‫‪-1‬‬
‫األكرب منه سناً املعروفة النسب من غريه‪ :‬هذه بنيت ‪.‬‬
‫تع @@ذر ص @@حة الكالم ش @@رع اً؛ كم ا ل و ق ال إلح دى زوجتي ه ‪" :‬أنت ط الق أرب ع اً "‬ ‫‪-2‬‬
‫فقالت‪:‬‬
‫"الثالث تكفيين"‪ .‬فقال‪" :‬أوقعت الزيادة على فالنة زوجته األخرى"‪ ،‬ال يقع على‬
‫األخرى شيء‪ ،‬ألهنا ملا مل تصح الرابعة على األوىل أصبحت لغو اً‪ ،‬فلم تقع على‬
‫األخرى؛ ألن الشرع مل يوقع الطالق بأكثر من الثال ث‪.‬‬
‫م@@ا يكذب@@ه الظ@@اهر@؛ كمن ادعى على إنسان أنه قطع يده فإذا هي غري مقطوعة‪ ،‬أو أنه‬ ‫‪-3‬‬
‫قتل شخصاً فإذا هو حي‪.‬‬

‫المحاضر ة الخامس ة ‪:‬‬


‫القواعد@ المت فرعة على قاعدة "إعمال الك الم أولى من إهماله"‬

‫قاعدة‪:‬ذكر بعض ما ال يتجزأ كذكر‬


‫كل ه معنى القاعدة‪:‬‬
‫إذا كان إعمال اللفظ أوىل من إمهاله فكل ما ال يقبل التجزئة فذكر بعضه يف احلكم كذكر‬
‫كله ‪،‬ووجود بعضه كوجود كله‪ ،‬إذ ال خيلو إما أن جيعل ذكر البعض كذكر الكل فيعمل الكالم‪،‬‬
‫وإما ال فيهمل‪ ،‬لكن اإلعمال أوىل من اإلمهال‪.‬‬

‫فروع القاعدة‪@:‬‬
‫إذا طل ق رج ل نص ف امرأت ه أو ربعه ا تطل ق كله ا‪ ،‬أو طلقه ا نص ف تطليق ة‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫فتعترب تطليقة كاملة عند اجلميع‪.‬‬
‫ويف الكفالة بِلنفس إن كفل ربع الشخص أو نصفه كان كفيالً به كله‪ ،‬لعدم‬ ‫‪-2‬‬
‫إمكان جتزئ الشخص‪ ،‬خبالف الكفالة بِلمال ‪.‬‬
‫أن املرأة إذا طه رت من حيض تها أو نفاس ها آخ ر ال وقت‪ ،‬وق د بقي من ال وقت‬ ‫‪-3‬‬
‫مقدار ما ميكنها من االغتسال فيه والتحرمية للصالة لزمها صالة ذلك الوقت‬
‫ألن الواجب ال يتبعض‪.‬‬

‫قاعدة‪ :‬المطلق يجري على إطالقه ما لم يقم دليل التقييد نصا أو‬
‫دالل@ ة معنى@ القاعدة‪@:‬‬
‫إن اللفظ املطلق يعمل به على إطالقه حىت يقوم دليل التقييد إما بِلنص عليه أو بداللة احلال‪،‬‬
‫وأما عند أيب حنيفة يتقيد بداللة العرف إال بوجود مُت ة أو خيان ة ‪.‬‬

‫حاالت@ التقييد‪:‬‬
‫التقييد بالنص‪ :‬وهو اللفظ الدال على القيد‪ ،‬كما لو قال املوكل لوكيله مثالً‪ :‬بع بعشرين‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫فال ينفذ بيع الوكيل بأقل‪ ،‬أو قال‪ :‬بيع بِلنقد‪ ،‬فليس له البيع نسيئة‪.‬‬
‫التقيي@@د بالدالل@@ة‪ @:‬واملراد بِلدالل ة غ ري اللف ظ‪ ،‬فق د تك ون عرفي ة أو حالي ة‪ ،‬كم ا ل و وك ل‬ ‫‪-2‬‬
‫ط الب علم ش رعي آخ ر بش راء بعض الكتب‪ ،‬فاش رتى ل ه كتب اً يف الفن أو اهلندس ة أو‬
‫الطلب‪ ،‬فإنه ال يلزمه ما اشرتاه‪ ،‬ألن حالته تنبئ أن مراده كتب العلم الشرعي‪.‬‬

‫من فروع القاعدة‪:‬‬


‫من وكل شخصاً بشراء فرس أو سيارة فاشرتاها له ُحراء أو بيضاء‪ .‬فقال‪ :‬أردت سوداء‪ ،‬يلزم‬
‫مبا اشرتاه الوكيل‪ ،‬ألن كالمه مطلق فيجري على إطالقه‪.‬‬

‫قاع@ @ @ @@دة‪:‬الوص@ @ @ @@ف في‬


‫الحاضر لغو و في الغائب معت ب معنى القاعدة‪:‬‬
‫وصف الشيء احلاضر مع اإلشارة إليه ال اعتبار به؛ ألن اإلشارة إليه أقوى‪ ،‬وأما يف الشيء‬
‫الغ ائب فالوص ف يعت د ب ه ألن ه مييزه‪ .‬والوص ف املراد ب ه هن ا ه و الوص ف ال ذي يع رف املوص وف‬
‫تعريف اً ‪.‬‬

‫مجال هذه القاعدة‪@:‬‬


‫هذه القاعدة جتري يف س ائر عقود املبادل ة ك البيع واإلج ارة والنك اح‪ ،‬حيث يشرتط لصحتها‬
‫معرفة البدلني وانتفاء اجلهالة‪ ،‬وذلك يكون بتمييز الشيء عن غريه جبنسه ونوعه وصفته‪ ،‬وحيصل هذا‬
‫اإلشارة إليه حساً إذا كان هذا الشيء حاضراً‪ ،‬أو بِلذكر إذا كان غائب اً ‪.‬‬

‫فروع القاعدة‪@:‬‬
‫إذا قال‪ :‬بعتك هذا الفرس األبيض‪ ،‬وأشار إليه‪ ،‬وكان أسود‪ ،‬صح البيع إذا قبل املشرتي‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫وألغي الوصف ‪.‬‬
‫وأما إذا كان الفرس غائباً فذكر أنه بِعه فرساً أبيض مث ظهر أنه أسود‪ ،‬فاملشرتي بِلخيار ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫قاعدة‪:‬السؤال@‬
‫معاد@ في الجواب أو كالمعاد معنى القاعدة‪:‬‬
‫إذا ورد جواب بإحدى أدواته‪) :‬نعم‪ ،‬بلى‪ ،‬أجل( بعد سؤال مفصل‪ ،‬يعترب اجل واب مشتمالً‬
‫على مضمون السؤال‪ ،‬ألن مدلوالت هذه األدوات تعتمد على ما قبلها من تفصيل؛ وألن اجلواب غري‬
‫مستقل بنفسه يف اإلفادة‪.‬‬
‫وقد يكون املراد بِلسؤال هنا أعم من االستخبار؛ فيشمل اإلخبار واإلنشاء ‪.‬‬

‫فروع القاعدة‪@:‬‬
‫من سئل‪ :‬هل أخذت من فالن ماال؟ فأجاب‪ :‬بنعم‪ .‬كان جوابه متضمناً إقراره بِألخذ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫من سئل‪ :‬أمل تقتل فالنا؟ فأجابه‪ :‬ببلى‪ .‬كان مقراً بِلقتل‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫لو بِع شخص فضويل ماالً من آخر‪ ،‬وبلغ صاحب املال‪ ،‬وحينما وصله اخلرب قال‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫رضيت‪ ،‬فيعترب قوله‪ :‬رضيت إذناً وصح البيع ‪.‬‬

‫قاعدة‪:‬التأسيس أولى من التأكي د‬

‫معنى القاعدة االصطالحي‪:‬‬


‫إن الكالم إذا دار بني أن يفي د مع ىن جدي داً وبني أن يؤك د مع ىن س ابقاً‪ ،‬ك ان ُحل ه على إف ادة‬
‫املعىن اجلديد أوىل من ُحله على التأكيد‪ ،‬وكما قالوا‪) :‬اإلفادة خري من اإلعادة(‪.‬‬

‫من فروع القاعدة‪:‬‬


‫من قال لزوجته‪ :‬أنت طالق طالق طالق‪ ،‬طلقت ثالثا‪ .‬فإن قال‪ :‬أردت به التأكيد‪ ،‬صدق ديانة‬
‫رحهما اهلل‪ ،‬وقال الشافعي‬ ‫ِ‬
‫ال قضاء‪ ،‬ألن القاضي مأمور بتباع الظاهر‪ .‬وهذا عند أيب حنيفة ومالك ُ‬
‫رحهما اهلل‪ ،‬ال يلزمه إال واحدة ‪.‬‬
‫وأحد ُ‬
‫ُ‬

‫المحاضرة السادس ة ‪:‬‬


‫ال قاعد ة الكلية الصغرى‪ :‬التابع‬
‫تاب ع معنى القاعدة‪@:‬‬
‫إن م ا ك ان تابع اً لغ ريه يف الوج ود ال ينف رد بِلحكم‪ ،‬ب ل ي دخل يف احلكم م ع متبوع ه‪ .‬واملراد‬
‫بِلتابع هنا‪ :‬ما ال يوجد مستقال بنفسه‪ ،‬بل وجوده تابع لوجود غريه‪ ،‬فهذا ال ينفك حكمه عن حكم‬
‫متبوعه ‪.‬‬
‫فروع القاعدة‪@:‬‬
‫اخلطاب للنيب صلى اهلل عليه وسلم واملراد هو وأتباعه‪ ،‬إذ التابع ال ينفك عن املتبوع ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫فإذا بيعت دابة ويف بطنها ُحل يدخل احلمل يف البيع تبعاً ألمه‪ ،‬وال جيوز إفراده بِلبيع ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫القفل يدخل يف البيع مفتاحه‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫وك ذلك تواب ع املبيع املتص لة ب ه اتص ال ق رار؛ ك األبواب والنواف ذ واألح واض يف بي ع ال دور‪،‬‬ ‫‪-4‬‬
‫واألشجار يف بيع احلدائق والبساتني‪.‬‬

‫من مستثنيات القاعدة‪@:‬‬


‫لو أسقط املرتُن حقه يف حبس الرهن‪ ،‬جاز مع بقاء الدين‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫لو أبرأ الدائن الكفيل صح مع بقاء الدين كذلك‪ ،‬مع أن الرهن والكفيل تابعان‬ ‫‪-2‬‬
‫للدين‪.‬‬

‫من القواعد المندرجة تحت قاعدة "التابع‬


‫تابع‪ -1 " :‬من َملك شيئاً ملك ما هو من‬
‫ضروراته ‪.‬‬
‫التابع يسقط بسقوط املتبوع ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫يغتفر يف التوابع ما ال يغتفر يف غريها‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫ال قاعد ة الكلية الصغرى‪ :‬تبدل سبب الملك قائم مقام تبدل الذا@ ب‬
‫معنى القاعدة‪:‬‬
‫إذا تبدل سبب متلك شيء ما ي َع ّد ذلك الشيء متبدالً حكماً‪ ،‬وإن مل يتبدل هو حقيقة ‪.‬‬

‫ودليل القاعدة‪@:‬‬
‫م ا يف احلديث الش ريف‪" :‬أن رس ول اهلل ص لى اهلل علي ه وس لم دخ ل يوم اً على بري رة معتق ة‬
‫عائشة رضي اهلل عن أبيها وعنها‪ ،‬فقدمت إليه متراً وكان القدر يغلي من اللحم فقال عليه السالم‪ :‬أال‬
‫علي‪ .‬فقال عليه الصالة والسالم‪:‬‬
‫جتعلني يل نصيبا من اللحم؟ فقالت‪ :‬يا رسول اهلل إنه حلم تصدق به َّ‬
‫لك صدقة ولنا هدية" ‪.‬‬
‫فدل هذا احلديث على أن تبدل امللك يوجب تبديالً يف العني‪.‬‬

‫فروع القاعدة‪@:‬‬
‫الفق ري إذا أخ ذ زك اة أو ص دقة مث وهبه ا أو أه داها لغ ين أو هامشي أو بِعه ا منهم ا ح ل‬ ‫‪-1‬‬
‫ذلك هلما؛ لتبدل العني بتبدل سبب امللك‪.‬‬
‫إذا تصدق رجل على قريبه أو أعطاه زكاة ماله مث مات املتصدق عليه‪ ،‬وعاد ت الصدقة‬ ‫‪-2‬‬
‫للمعطي بِلوراثة‪ ،‬ملكها وما ضاع ثوابه ‪.‬‬

‫ال قاعد ة الكلية الصغرى‪:‬‬


‫التصرف على الرعية منوط با لمصلح ة‬
‫أصل هذه القاعدة‪ :‬قول الشافعي رضي اهلل عن ه‪" :‬منزلة اإلمام من الرعية منزلة الويل من اليتيم"‪.‬‬
‫وأص له ق ول عم ر رض وان اهلل علي ه‪" :‬إين أن زلت نفس ي من م ال اهلل مبنزل ة وإىل الي تيم‪ ،‬إن احتجت‬
‫أخذت منه‪ ،‬فإذا أيسرت رددته‪ ،‬فإن استغنيت استعففت" )أخرجه الدارمي يف سننه (‬
‫معنى القاعدة‪:‬‬
‫إن تصرف اإلمام وكل من ويل شيئاً من أمور املسلمني جيب أن يكون مبنياً ومعلقاً ومقصوداً‬
‫به املصلحة العامة‪ ،‬أي مبا فيه نفع لعموم من حتت يدهم‪ ،‬وما مل يكن كذلك مل يكن صحيحاً وال‬
‫نافذاً شرع اً‪.‬‬
‫فهذه القاعدة تضبط احلدود اليت يتصرف يف نطاقها كل من ويل شيئاً من أمور العامة من إمام‬
‫أو ٍ‬
‫وال أو أمري أو وقاض أو موظف؛ ألهنم ليسوا عماالً ألنفسهم إمنا هو وكالء على األمة يف القيام‬
‫بشؤوهنا‪ ،‬فعليهم أن يراعوا خري التدابري إلقامة العدل وإزالة الظلم‪.‬‬

‫ومن أدلة@ القاعدة‪@:‬‬


‫قوله صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬ما من عبد يسرتعيه اهلل عز وجل رعية ميو ت وهو غاش رعيته إال‬
‫حرم اهلل عليه اجلنة" ‪.‬‬

‫فروع القاعدة‪@:‬‬
‫إذا مل يكن إلنسان وارث بقرابة أو والء أو مواالة إذا مات فرتكته لبيت مال املسلمني‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫وإذا قتله أحد عمداً فوليه السلطان لقوله عليه الصالة والسالم‪) :‬السلطان ويل من ال ويل‬ ‫‪-2‬‬
‫له( ‪ .‬وليس للسلطان أن يعفو عن قاتله‪ ،‬ألن القصاص حق املسلمني ‪.‬‬

‫المحاضرة السابعة‪:‬‬
‫ال قاعد ة الكلية الصغرى ‪:‬‬
‫الثابت بالبهان كالثابت بالعيا ن‬
‫معنى القاعدة‪:‬‬
‫الشيء الثابت بِلبينة أو الدليل الش رعيني يعترب كالثابت بِلمعاينة واملشاهدة يف اإللزام‪.‬‬

‫أدلة القاعدة‪:‬‬
‫املوت حني الوص ية اثن ان ذوا ع ٍ‬
‫دل‬ ‫قول ه تع اىل‪) :‬ش هادةُ بينكم إذا حض ر أح دكم ُ‬ ‫‪-1‬‬
‫منكم( ‪.‬‬
‫املائدة‪ ،‬آية) ‪. (106‬‬
‫قوله صلى اهلل عليه وسلم‪) :‬البينة على املدعي واليمني على املدعى عليه(‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫فه ذه األدل ة ت دل على أن البين ة ل و مل تكن حج ة وقائم ة مق ام املعاين ة ملا أم ر اهلل ع ز وج ل‬
‫بِالستشهاد‪ ،‬وملا أمر رسوله عليه الصالة والسالم بِلبينة واليمني‪ ،‬وملا قضى عليه الصالة والسالم هبما‪،‬‬
‫فدل كل ذلك على أن الثابت بِلدليل قائم مقام الثابت بِلمشاهدة ‪.‬‬

‫فروع القاعدة‪@:‬‬
‫من ق ال تكفلت مبا ل ك علي ه‪ ،‬بال تع يني ق در املال‪ ،‬مث اختلف ا في ه ف ربهن الط الب‬ ‫‪-1‬‬
‫على ألف‪ ،‬لزم الكفيل؛ ألن الثابت بِلبينة كالثابت معاينته ‪.‬‬
‫من ُش ِهد عليه بإتالف مال لغريه أو غصبه منه أو سرقته وثبت ذلك بِلبينة العادلة‬ ‫‪-2‬‬
‫وقضى به عليه‪ ،‬فال يقبل إنكاره بعد ذلك الثبو ت ‪.‬‬

‫ال قاعد ة الكلية الصغرى ‪:‬‬


‫المرء مؤاخذ بإقرار ه‬
‫معنى القاعدة‪:‬‬
‫اإلق رار ش رعاً‪ :‬إخب ار عن ثب وت ح ق للغ ري على نفس ه‪ .‬فيك ون مع ىن القاع دة‪) :‬إن اإلنس ان‬
‫مؤاخذ ومصدق يف إخباره عن ثبوت حق للغري على نفسه(‪.‬‬

‫أدلة القاعدة‪:‬‬
‫يبخس منه شيئاً( ‪ .‬البقرة‪ ،‬آية‬ ‫ليملل الذي عليه احلق ِ‬
‫وليتق اهلل ربهُ وال َ‬ ‫)و ِ‬ ‫قوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫‪-1‬‬
‫)‪ . (282‬واإلمالل هو اإلمالء‪ ،‬أي فليملل املدين الذي عليه احلق على الكاتب ألنه‬
‫املشهود عليه‪ ،‬واإلمالء هنا ال يتحقق إال بِإلقرار‪ ،‬ألنه لو مل يقر بِلحق مل ميلل‪.‬‬
‫ألن العاقل ال يقر بضرر على نفسه دون حق‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫وألن اعتبار اإلقرار إعمال للكالم وهو أوىل من إمهاله‬ ‫‪-3‬‬

‫شروط اإلقرار على النفس‪:‬‬


‫يش رتط يف املق ر أن يك ون ع اقالً بِلغ اً‪ ،‬فال يص ح إق رار الص غري والص غرية واجملن ون واجملنون ة‬
‫واملعتوه واملعتوهة‪ .‬كما يشرت ُط رضا املقر فال يصح اإلقرار الواقع بِلجرب ألنه ال إقرار مع اإلكراه‪.‬‬

‫ال قاعد ة الكلية الصغرى ‪:‬‬


‫اإلقرار حجة قاصر‬
‫ة معنى القاعدة‪:‬‬
‫معىن قاصرة هنا‪ :‬أي حابسة أثر اإلقرار عن غري املقر وعلى املقر فقط ‪.‬‬
‫أما معىن القاعدة اصطالحاً ‪:‬‬
‫إذا أثبت اإلنس ان حق اً لغ ريه على نفس ه‪ ،‬ف إن إق راره مل زم ل ه فق ط وال يتع داه إىل غ ريه؛ ألن‬
‫اإلقرار ال يتوقف على القضاء بل حجة يف نفسه‪.‬‬
‫ويقاب ل اإلق رار البين ة واملراد هبا الش هود وم ا يثبت احلق غ ري اإلق رار‪ ،‬ف إذا ك ان اإلق رار حج ة‬
‫قاصرة فإن البينة حجة متعدية؛ ألن الثابت بِلربهان كالثابت بِلعيان كما مر قريباً‪ ،‬ولذلك فقد صيغت‬
‫القاعدة التالية‪) :‬البينة حجة متعدية واإلقرار حجة قاصرة( ‪.‬‬

‫فرو ع القاعدة‪@:‬‬
‫من أق ر ب دين مش رتك علي ه وعلى غ ريه ف إن إق راره ه ذا ينف ذ يف ح ق نفس ه فق ط‬ ‫‪-1‬‬
‫فيؤاخذ به يف ماله وال يتعداه إىل شريكه ما مل يصدقه أو تقوم البينة ‪.‬‬
‫ولو أقر عبد بِلدين ال يؤخذ من مواله‪ ،‬بل يؤخذ به العبد بعد عتقه‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫من مستثيات القاعدة‪@:‬‬


‫لو أقرت الزوجة بدين فللدائن حبسها‪ ،‬وإن فات حق الزوج بسبب احلبس‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫لو أقرت اجملهولة النسب بأنه بنت أب الزوج وص دقها األب انفسخ النكاح بينهما؛‬ ‫‪-2‬‬
‫ألن تصديق األب أثبت بنوتُا له وأخوتُا للزوج فينفسخ النكاح‪.‬‬

‫ال قاعد ة الكلية الصغرى ‪:‬‬


‫اإلقرار ال يرتد بالر د‬

‫معنى القاعدة‪:‬‬
‫أقر به ِ‬
‫املق ّر‪ ،‬وهل‬ ‫للمقر له رد اإلقرار‪ ،‬أي إنكار ما َّ‬
‫إذا أقر إنسان عاقل مكلف بأمر ما‪ ،‬فهل ُ‬
‫ُ‬
‫يرتتب على ذلك الرد عدم اعتبار اإلقرار وإلغائه ؟‬
‫قر به ال يخلو أن يكون أحد أمرين@ ‪:‬‬
‫المر ُّ‬
‫َ‬
‫األمر األول‪ @:‬أن يكون مما حيتمل اإلبطال واإللغاء‪ ،‬فهو يرتد برد املق ِّر وال يثبت يف ذمة ِ‬
‫املق ِّر‬ ‫ّ‬
‫إال بإقرار جديد أو بينة‪.‬‬
‫علي ألف درهم‪ ،‬فقال اآلخر امل َق ُّر له‪ ،‬ليس يل عليك شيء‪ ،‬مث‬
‫مثال ذلك‪ :‬من قال آلخر لك َّ‬
‫قال يف جملسه‪ :‬نعم يل عليك ألف درهم‪ .‬فال يقبل قوله بغري حجة أو إقرار جديد‪ ،‬ألن املقر أقر مبا‬
‫حيتمل اإلبطال‪.‬‬
‫األم@@ر الث@@اني‪ @:‬أن يكون امل َق ُّر به مما ال حيتمل اإلبطال‪ ،‬كاحلرية والرق والطالق والعتق ووالء‬
‫العتاق ة والوق ف والنس ب‪ ،‬فه ذا ال يرت د بُِل رد فل و أنك ر امل ّق ُّر ل ه ش يئاً من ذل ك ال يعت رب إنك اره رداً‬
‫ُ‬
‫لإلقرار‪ ،‬وال يعترب اإلقرار هبذا الرد بِط الً‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬ومن قالت لزوجها‪ :‬إين طالق من ك‪ ،‬فقال الزوج‪ :‬ال مث قال‪ :‬نعم‪ ،‬يعترب تصديقه‬
‫وال يرتد برده ‪.‬‬

‫ال قاعد ة الكلية الصغرى ‪:‬‬


‫من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود علي ه‬

‫معنى هذه القاعدة‪:‬‬


‫أنه إذا عمل شخص على نقض ما أجراه ومت من جهته خِب تياره ورضاه فال اعتبار لنقضه ونكثه‬
‫‪ .‬واحلكمة من ذلك ملا يف عمله من التعارض واملنافاة بني الشيء الذي مت من قبله وبني سعيه األخري‬
‫يف نقض ه‪ ،‬وه ذا ت دافع بني كالمني متناقض ني مين ع اس تماع ال دعوى فيكون س عيه م ردوداً علي ه وغ ري‬
‫معترب‪.‬‬
‫وشرط اعتبار هذا@ التناقض أن يكون أمام خصم منازع‪ ،‬وإال ال يعترب متناقضاً ويسمع ‪.‬‬

‫من فروع القاعدة‪:‬‬


‫إذا بِع عبداً وقبضه املشرتي وذهب به إىل منزله والعبد ساكت‪ ،‬وهو ممن يعرب عن نفسه‪ ،‬فهو‬
‫إقرار منه بِلرق‪ ،‬فال يصدق يف دعوى احلرية بعده‪ ،‬لسعيه يف نقض ما مت من جهته إال أن يربهن ‪.‬‬

‫مما يستثنى من القاعدة‪@:‬‬


‫اشرتى عبدا وقبضه‪ ،‬مث ادعى أن البائع بِعه قبله من فالن الغائب بكذا وبرهن على ذلك‪ ،‬فإنه‬
‫تقبل دعواه ويفسخ البيع ‪.‬‬
‫المحاضرة الثامنة‪:‬‬
‫ال قاعد ة الكلية الصغرى ‪:‬‬
‫الجواز الشرعي ينافي الضما ن‬

‫معنى القاعدة‪:‬‬
‫فاإلنسان ال يؤاخذ بفعل ما ميلك أن يفعله شرعاً‪ ،‬فإذن الشارع مينع املؤاخذة ويدفع الضمان‬
‫إذا وقع بسبب الفعل املأذون فيه ضرر لآلخرين ‪.‬‬

‫فروع القاعدة‪@:‬‬
‫من حف ر يف م لك ه‪ ،‬من أرض أو دار‪ ،‬حف رة فوق ع هبا إنس ان أو حي وان‪ ،‬فاحلافر هن ا غ ري‬ ‫‪-1‬‬
‫ضامن؛ ألنه غري متعد‪ ،‬ولكن له حفر يف الطريق حفرة فوقع فيها إنسان‪ ،‬أو حيوان فهو‬
‫ضامن؛ ألن احلفر يف الطريق غري مأذون فيه ‪.‬‬
‫وحلها ُحالً معتاداً فهلكت ال يضمن ألنه غري متعد‪ ،‬خبالف ما لو ُحلها‬
‫من استأجر دابة ُ‬ ‫‪-2‬‬
‫أكثر من املعتاد فإنه يضمن‪.‬‬
‫مما يستثنى من القاعدة‪@:‬‬
‫لو تصدق امللتقط بِللقطة فجاء رهبا بعد ذلك فله تضمني امللتقط أو الفقري الذي تصدِّق هبا‬
‫علي ه‪ ،‬إذا هلكت اللقط ة أو اس تهلكت‪ ،‬وإال فل ه اس رتدادها‪ ،‬م ع أن تص رف امللتق ط مس تند إىل إذن‬
‫مال الغري بال عقد وال عوض حرام‪ ،‬فقوبل بِلضمان ‪.‬‬ ‫الشرع‪ .‬وإمنا وجب الضمان هنا؛ ألن أخذ ِ‬

‫ال قاعد ة الكلية الصغرى ‪:‬‬


‫الخراج بالضما ن‬
‫هذه القاعدة قد تعرب عنها بقوهلم‪) :‬الغ رم بِلغنم(‪ ،‬وقوهلم‪) :‬النعمة بقدر النقمة‪ ،‬والنقمة بقدر‬
‫وأح د وأب و داود‬ ‫ِ‬
‫النعم ة(‪ .‬ونص القاع دة )اخلراج بلض مان( نص ح ديث نب وي ك رمي رواه الش افعي ُ‬
‫والرتمذي والنسائي وابن ماجة وابن حبان من حديث عائشة رضي اهلل عنها ‪.‬‬

‫معنى القاعدة‪:‬‬
‫"خراج الشيئ" ما خرج من ه‪-‬من مثرة‪ ،‬أو غلة‪ ،‬أو نسل‪.-‬‬
‫و"الضمان" هو املؤونة كاإلنفاق واملصاريف وحتمل التلف واهلالك واخلسارة والنقص‪.‬‬
‫فيكون معىن القاعدة‪ :‬إن من يضمن شيئاً إذا تلف يكون نفع ذلك الشيء له يف مقابلة ضمانه‬
‫حال التلف‪.‬‬

‫فروع القاعدة‪@:‬‬
‫إذا رد املشرتي حيوان اً أو سيارة‪ ،‬أو داراً خبي ار العيب بعد قبضه واستعماله غري عامل بِلعيب‪،‬‬
‫وكان قد استعمل املشرتي مدة‪ ،‬بنفسه أو آجره من غريه وقبض أجرته‪ ،‬ال يلزم رد ذلك للبائع معه‬
‫لكونه يف ضمان املشرتي ‪.‬‬

‫ال قاعد ة الكلية الصغرى ‪:‬‬


‫الساقط ال يعو د‬
‫معنى القاعدة‪:‬‬
‫املراد بِلس اقط هن ا‪ :‬احلكم أو التص رف ال ذي متَّ ؛ وإس قاطه يك ون بفع ل املكل ف أو بِإلس قاط‬
‫الشرعي‪ .‬ومعىن )ال يعود(‪ :‬أي يصب؛ كاملعدوم ال سبيل إلعادته إال بسبب جديد يعيد مثله ال عني‬
‫ه ‪ .‬جيري اإلس قاط يف حق وق العب اد اجملردة‪-‬ألن حق وق اهلل تع اىل ال تقب ل اإلس قاط من العب د‪-‬‬
‫كاخليارات‪ ،‬والشفعة‪ ،‬واإلبراء عن الدعاوى‪ ،‬وإبراء الذمم‪.‬‬

‫لإلسقاط طرق متنوعة ‪ ،‬منها‪ :‬اإلسقاط الصريح كإبراء الدائن مدينه عن الدين ومنها اإلسقاط‬
‫بِاللتزام‪ ،‬أو بِإلشارة‪ ،‬أو بِلداللة‪.‬‬

‫من فروع القاعدة‪:‬‬


‫من اشرتى شيئاً قبل أن يراه فباعه أو رهنه أو آجره سقط خياره‪ ،‬فلو حكم عليه بِلرد‬ ‫‪-1‬‬
‫خبي ار العيب‪ ،‬أو ه و أفتك ه من املرتُن‪ ،‬أو انقض ت م دة اإلج ارة‪ ،‬ال يع ود خي اره ألن‬
‫الساقط ال يعود‪.‬‬
‫لو كان ألحد حق يف مسيل أو مرور يف أرض آخر ‪ ،‬فأسقط حقه من ذلك‪ ،‬أو أذن‬ ‫‪-2‬‬
‫لصاحب األرض أن حيدث بناء على ذلك املمر سقط حقه‪ ،‬وليس له بعد حق الرجوع‬
‫‪.‬‬
‫المحاضرة التاس عة‪:‬‬
‫ال قاعد ة الكلية الصغرى ‪:‬‬
‫على اليد ما أخذت حتى تؤدي ه‬

‫معنى الحديث‪:‬‬
‫أح د يف مسنده‪ ،‬وأصحاب السنن األربعة ‪،‬عن‬
‫هذه القاعدة نص حديث نبوي كرمي رواه ُ‬
‫مسرة بن جندب رضي اهلل عنه‪ ،‬وحسنه الرتمذي‪.‬‬
‫معىن هذا احلديث‪) :‬إن من أخذ شيئاً بغري حق كان ضامناً له وال تربأ ذمته حىت يرده(‪.‬‬
‫املراد بِليد هنا‪ :‬صاحبها من إطالق البعض وإرادة الكل‪ ،‬وعرب بِليد ألن هبا األخذ واإلعطاء‪.‬‬
‫الض مان نوع ان‪) :‬ا( ض مان عق د‪ ،‬و)ب( ض مان ي د‪ .‬فض مان العق د م رده م ا اتف ق علي ه‬
‫املتعاقدان أو بدله‪ .‬وضمان اليد مرده املثل أو القيمة‪ .‬والمقصود في القاعدة@ ضمان اليد ال العقد‪.‬‬
‫من فروع القاعدة‪:‬‬
‫من أخذ بدل صلح مث اعرتف قابضه بعد الصلح أنه ال حق له فيه وجب عليه رد ما‬ ‫‪-1‬‬
‫أخذ‪.‬‬
‫لو دفع إنسان ماالً على ظن أنه مدين به مث تبني له خطؤه فعلى اآلخذ الرد‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫ال قاعد ة الكلية الصغرى ‪:‬‬


‫ليس لعرق ظالم ح ق‬

‫معنى القاعدة‪:‬‬
‫هذه القاعدة أيضاً جزء من حديث نبوي كرمي رواه أبو داود والنسائي والرتمذي وغريهم ‪.‬‬
‫ومع ىن )الع رق الظ امل(‪ :‬أن جييء الرج ل إىل أرض ق د أحياه ا قبل ه رج ل فيغ رس فيه ا غرس اً‬
‫غص باً أو ي زرع أو حيدث فيه ا ش يئاً ليس توجب ب ه األرض‪ ،‬وإن ه إمنا ص ار ظاملاً ألن ه غ رس يف األرض‬
‫وه و يعلم أهنا مل ك لغ ريه‪ .‬وه ذا احلديث أس اس يف أ ن الع دوان ال يكس ب املعت دي ح ق اً‪ .‬وعلي ه‪،‬‬
‫فيكو ن معىن احلديث اصطالحاً‪) :‬إن الظلم ال يكسب الظامل حقاً(‪.‬‬

‫من فروع القاعدة‪:‬‬


‫من غصب أرضاً فزرع فيها أو غرس أو بىن فال يستحق متلكها بِلقيمة أو البقاء فيها بأجر املثل‬
‫إال أن يرضى ربه ا‬
‫ال قاعد ة الكلية الصغرى ‪:‬‬
‫ال يتم التبع إال بالقبض‬
‫معنى القاعدة‪:‬‬
‫أصل هذه القاعدة‪ :‬قوله صلى اهلل عليه وسلم‪) :‬ال جتوز اهلبة إال مقبوضة( ‪ ،‬أي ال متلك إال‬
‫بِلقبض‪ .‬و "التربع "‪ :‬هو متليك للحال جماناً بال مقابل‪ ،‬فيشتمل اهلبة واهلدية والصدقة‪.‬‬
‫فيكون معىن القاعدة‪) :‬ألنه ال ميلك أحد إثبات ملك لغريه بال رضى منه واختيار كان ال بد‬
‫من رضاء املوهوب له أو املهدي إليه أو املتصدق عليه مبا يعطى‪ ،‬وإمنا يتم ذلك ويظهر بقبض اململك‬
‫وتسلمه( ‪.‬‬

‫من فروع القاعدة‪:‬‬


‫إذا ت ويف ال واهب أو املوه وب ل ه قب ل القبض تبط ل اهلب ة‪ ،‬ولل واهب أن يرج ع عن هبت ه قب ل‬
‫القبض بدون رضاء املوهوب له‪ ،‬وكذلك املهدي واملتصدق ‪.‬‬

‫مما يستثنى من القاعدة‪@:‬‬


‫الوص ية م ع أهنا ت ربع‪ ،‬فإهنا ختالف اهلب ة من حيث إهنا‪ ،‬أي الوص ية‪ ،‬متلي ك مض اف ملا بع د‬
‫رحة بِلناس لتدارك اخلري وابتغاء األج ر‪.‬‬
‫املوت‪ ،‬ولذلك جوزت ُ‬
‫المحاضرة العاش رة‪:‬‬
‫ال قاعد ة الكلية الصغرى ‪:‬‬
‫يضاف الفعل إلى الفاعل ال اآلمر مالم يكن مجب ا‬

‫معنى القاعدة‪:‬‬
‫إن م ا يص در من فع ل عن فاع ل م ا جيع ل ذل ك الفاع ل مس ؤوالً عم ا ص در من ه م ا مل يكن‬
‫مكرهاً‪ ،‬أما إذا فعل ما فعله على سبيل اإلكراه واإللزام فاملسؤولية على اآلمر املكره‪ .‬فاآلمر ال يضمن‬
‫بسبب أمره ألنه غري ملزم‪ ،‬بل هو جمرد طالب من املأمور إيقاع الفعل خِب تياره فيضاف احلكم إليه دون‬
‫اآلمر‪.‬‬
‫والض ابط ل ذلك‪ :‬أن ك ل م ا ال يص ح يف األم ر فالض مان على املأمور ال اآلم ر‪ ،‬وك ل موض ع‬
‫يصح فيه األمر فيجب الضمان على اآلمر‪.‬‬
‫من فروع القاعدة‪:‬‬
‫لو أمره بأخذ مال غريه أو إتالفه أو ختريق ثوبه‪ ،‬فالضمان على املأمور‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫إذا أم ره حبف ر بِب يف حائ ط الغ ري ففع ل‪ ،‬فالض مان على احلافز وال يرج ع على‬ ‫‪-2‬‬
‫ب يف حائطي هذا" ‪ ،‬مث ظهر أن احلائط ليس ل‬ ‫ِِ‬
‫اآلمر‪ ،‬إال إذا قال اآلمر‪" :‬احفر ب ً‬
‫ه‪ ،‬فالضمان على اآلمر‪.‬‬

‫من المستثنيات‪:‬‬
‫ِ‬
‫أب ف أمر ابن ه ب إتالف م ال لغ ريه‪ ،‬ف األب اآلم ر ض امن‪ ،‬أو غ ري األب إذا ك ان‬
‫إذا ك ان اآلم ر ً‬
‫املأمور صيب اً ‪.‬‬

‫ال قاعد ة الكلية الصغرى ‪:‬‬


‫األمر بالتصرف في ملك الغي باط ل‬

‫معنى القاعدة‪:‬‬
‫امللك ما ميلكه اإلنسان سواء كان أعيان اً أم منافع‪ ،‬وقد أثبت الشرع لصاحبه فقط قدرة على‬
‫التصرف به‪ ،‬ومنع غري املالك من التصرف بغري إذن املال ك‪ .‬فإذا كان التصرف يف ملك الغري ال جيوز‬
‫بغري إذنه فكذلك األمر بِلتصرف بِطل بغري إذن املال ك‪.‬‬
‫من فروع القاعدة‪:‬‬
‫ل و أم ر أح د رجالً أن يأخ ذ م ال آخ ر ويلقي ه يف البح ر أو يه دم بيت ه أو ميزق ثوب ه ففع ل‪،‬‬
‫فالضمان على الفاعل؛ ألن األمر الصادر إليه بِطل‪ ،‬إال إذا كان الفاعل مكره اً‪.‬‬

‫المحاضرة ا لحادية عش ر ة ‪:‬‬


‫ال قاعد ة الكلية الصغرى ‪:‬‬
‫ال مساغ لالجتهاد في مورد الن ص‬

‫معنى القاعدة‪:‬‬
‫االجته اد نوع ان‪ (1) :‬اجته اد يف فهم النص وص إلمك ان تطبيقه ا ‪ ،‬وه ذا واجب على ك ل‬
‫جمتهد ؛ و)‪ :( 2‬اجتهاد عن طريق القياس والرأي‪ ،‬وهذا ال جيوز االلتجاء إليه إال بعد أال جند حكم‬
‫املسألة املبحوث عنها يف الكتاب أو السنة أو اإلمجاع‪ ،‬وهو املقصود هنا‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فمعىن القاعدة‪) :‬ال جيوز االجتهاد بِستعمال الرأي والقياس إلجياد حكم ملسألة ما قد‬
‫ورد فيها نص شرعي من كتاب أو سنة أو إمجاع صحيح( ‪.‬‬

‫من أدلة@ القاعدة‪@:‬‬


‫قوله تعاىل‪) :‬وما كا َن ملؤمن وال ٍ‬
‫مؤمنة إذا قضى اهلل ورسوله أمراً أن يكون هلم اخلرية من أمرهم( ‪.‬‬
‫سورة األحزاب‪ ،‬آية) ‪( 36‬‬

‫من فروع القاعدة‪:‬‬


‫لو قضى حاكم بعدم صحة رجعة الزوجة الرجعية بدون رضاها‪ ،‬ال ينفذ ذلك القضاء ألنه‬
‫برد ِه َّن( ‪ .‬سورة البقرة‪ ،‬آية )‪. (228‬‬
‫)وبعولت ُه َّن أحق ِّ‬
‫ُ‬ ‫خمالف لقوله تعاىل‪:‬‬

‫ال قاعد ة الكلية الصغرى ‪:‬‬


‫االجتهاد ال ينقض باالجتها د‬

‫معنى القاعدة‪:‬‬
‫)إذا اجتهد جمتهد يف مسألة ما من املسائل الشرعية االجتهادية وعمل جِب تهاده‪ ،‬مث بِن له رأي‬
‫آخر فعدل عن األول يف مسألة أخرى‪ ،‬فال ينقض اجتهاده الثاين حكمه الناشئ عن اجتهاده األول( ‪.‬‬
‫وذلك ألن االجتهاد الثاين ليس بأقوى من األول‪ ،‬وإنه يؤدي إىل أن ال يستقر حكم؛ ألنه لو نقض‬
‫األول بِلثاين ونقض الثاين بغريه‪.‬‬
‫واملراد ب )االجتهاد( هنا هو املعىن األعم واألمشل الذي يشمل‪:‬‬
‫)‪ (1‬االجتهاد يف املسائل الظنية؛ مثل‪ :‬اجملتهد إذا أداه اجتهاده إىل أن اخللع فسخ ال طالق‪،‬‬
‫فنكح امرأة خالعها ثالثاً مث تغري اجتهاده )أي رأى أن اخللع طالق( لزمه تسرحيها ومل‬
‫جيز له إمساكها على خالف اجتهاده ‪.‬‬
‫)‪ (2‬احلادث ة ال يت قض ى فيه ا القاض ي؛ مث ل‪ :‬ل و حكم القاض ي ب رد ش هادة فاس ق مث ت اب‬
‫وأعادها‪ ،‬مل تقبل؛ خبالف شهادة الصيب والعبد ‪.‬‬
‫)‪ (3‬مسائل التحري؛ مثل‪ :‬لو تغري اجتهاده يف القبلة عمل بِلثاين‪ ،‬ومل يبطل األول‪ ،‬حىت لو صلى‬
‫أربع ركعات إىل أربع جهات بِالجتهاد صحت صالته وال قضاء عليه وال إعادة‪.‬‬

‫دليل هذه القاعدة‪@:‬‬


‫اإلمجاع‪ :‬حيث إن ِ‬
‫أب بك ر رضوان اهلل علي ه ق د حكم يف مس ائل خالف ه هبا عم ر رض وان اهلل‬
‫عليه‪ ،‬وملا توىل مل ينقض حكم أيب بكر ‪.‬‬

‫استثناء‪:‬‬
‫وم ع ذل ك فإن ه جيوز نقض االجته اد إذا ت بني اخلط أ بيقني‪ ،‬كم ا ل و وج دت مص لحة عام ة‬
‫تقتضي نقض اجتهاد ‪ .‬وكذا لو لو قضى حبكم خمالف للنص أو لإلمجاع أو خالف قياس اً جلي اً‪ ،‬أو‬
‫خالف املذاهب األربعة‪.‬‬
‫المحاضرة الثانية عش ر ة‪:‬‬
‫ال قاعد ة الكلية الصغرى ‪:‬‬
‫)ما حرم أخذه حرم إعطاؤ ه( و)ما حرم فعله حرم طلب‬
‫ه( و)ما حرم استعماله حرم اتخاذ ه(‬

‫دليل القاعدة‪@:‬‬
‫ح ديث رس ول اهلل ص لى اهلل علي ه وس لم القائ ل‪) :‬لعنت اخلم ر على عش رة أوج ه‪ :‬بعينه ا‪،‬‬
‫وعاصرها‪ ،‬ومعتصرها‪ ،‬وبِئعها‪ ،‬ومبتاعها‪ ،‬وحاملها‪ ،‬واحملمولة إليه‪ ،‬وآكل مثنها‪ ،‬وشارهبا وساقيها( ‪.‬‬

‫من فروع القاعدة‪:‬‬


‫ِ‬
‫الرب ال جيوز أخذه وال إعطاؤه ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫وكما حرم شرب اخلمر وحرم الزنا والقتل وغريه ِحرم طلب ذلك الفعل من غريه على‬ ‫‪-2‬‬
‫أي وجه كان‪ ،‬إذ احلرام ال جيوز فعله وال األمر بفعله‪.‬‬

‫مما يستثنى من القاعدة‪@:‬‬


‫استثىن جواز إعطاء الرشوة للحاكم أو ملن مينع احلق إال هبا؛ لكي يصل املعطي إىل حقه واإلمث‬
‫على اآلخذ‪.‬‬

‫ال قاعد ة الكلية الصغرى ‪:‬‬


‫ال يجوز ألحد أن يتصرف في ملك الغي بال إذ ن‬

‫وذل@@ك‪ :‬ألن يف التص رف ب دون إذن اعت داء على ح ق املال ك‪ .‬وع دم اجلواز ش امل هن ا جلمي ع‬
‫أنواع التص رف )فعل يّ ا كان أو قول يّ ا( من استعمال أو إع ارة أو إجارة أو هب ة أو بي ع أو ه دم أو‬
‫بناء‪ .‬لكن ما أجراه من عقود متليك اً بعوض أو بغريه يتوقف على إجازة املالك‪ ،‬فإن أجاز نفذ وإال‬
‫بطل‪.‬‬
‫ففي حال ة التص رف الف ع يل دون إذن املال ك يك ون مع ىن ع دم اجلواز املن ع املوجب للض مان‪،‬‬
‫وأما يف حالة التصرف القويل فمعناه عدم النفاذ ‪.‬‬

‫من فروع القاعدة‪:‬‬


‫ال جيوز املشي يف ملك الغري بال إذنه داراً كان أو بستاناً أو أرضاً مزروعة أو حمروثة‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ال جيوز إجابة دعوة من سكن يف دار مغصوبة وال عيادته ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫وإن قي دت املض اربة ببل د أو س لعة أو وقت أو معام ل فليس ل ه أن يتج اوز تل ك‬ ‫‪-3‬‬
‫القيود ‪،‬وإن جتاوز ضمن ما شراه والربح له ‪.‬‬

‫مما يستثنى من القاعدة‪@:‬‬


‫لو سقط ثوبه يف بيت غريه وخاف لو أعلمه أخذه‪ ،‬فله الدخول ألخذه ولو بدون علم‬ ‫‪-1‬‬
‫صاحب البيت ‪.‬‬
‫جيوز للولد والوالد إذا مرض أحدمها الش راء من مال املريض ما حيتاج إليه املريض بال‬ ‫‪-2‬‬
‫إذنه ‪.‬‬

‫المحاضرة الثالثة عشر ‪:‬‬


‫ال قاعد ة الكلية الصغرى ‪:‬‬
‫ما ال يتم الواجب إال به فهو واج ب‬

‫هذه يف احلقيقة قاعدة أصولية ال قاعدة فقهية‪ ،‬وهي املسماة مبقدمة الواجب‪.‬‬
‫وقد اختلف العلماء يف ضبط املقصود هبذه القاعدة‪ ،‬ويف حكمه‪ ،‬وأرجح األقوال يف ذلك‪ ،‬أن‬
‫ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب مطلقاً سواء كان شرطاً أم سبب اً ‪.‬‬
‫يشترط في وجوب ما ال يتم الواجب إال به شرطان‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن يكون الوجوب مطلقاً أي غري معلق على حصول ما يتوقف عليه‪ ،‬فإن كان معلق اً‬
‫على حصول ما يتوقف عليه فهو غري ملزم‪.‬‬
‫الثاني@‪ :‬أن يكون ما يتوقف عليه الواجب مقدوراً للمكلف‪ .‬فإن مل يكن مقدوراً للمكلف فال‬
‫جيب عليه حتصيله‪.‬‬

‫من فروع القاعدة‪:‬‬


‫إذا اشتبهت زوجته بأجنبية‪ ،‬فيجب الكف عن اجلميع‪ ،‬أو طلق معينة من زوجتيه طالقا بِئن اً‬ ‫‪-1‬‬
‫مث نسيها‪ ،‬حرم عليه قربِن أي منهم ا ‪.‬‬
‫إذا وقع بول يف ماء قليل حرم الكل لتعذر اإلقدام ع ىل تناول املباح الختالط احملرم به ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫لو اختلط موتى املسلمني مبوتى الكفار‪ ،‬فإنه يغسل اجلميع ويكفنون ويصلى عليهم مجيع اً‪،‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ينوي بِلصالة املسلم‪.‬‬

‫ال قاعد ة الكلية الصغرى ‪:‬‬


‫الميسور ال يسقط بالمعسو ر‬
‫معنى هذه القاعدة‪@:‬‬
‫)إن األمر الذي يستطيع املكلف فعله وهو يسري عليه ال يسقط مبا شق فعله عليه أو عسر(‪.‬‬
‫وهذه القاعدة من األصول الشائعة اليت ال تكاد تنسى ما أقيمت أصول الشريعة ‪.‬‬

‫دليل هذه القاعدة‪@:‬‬


‫سع َها( ‪ .‬البقرة‪ ،‬آية )‪. (286‬‬
‫يكلف اهلل نفساً إال ُو َ‬
‫ُ‬ ‫قوله تعاىل‪) :‬ال‬ ‫‪-1‬‬
‫قوله صلى اهلل عليه وسلم‪) :‬إذا أمرتكم بشيء فخذوا منه ما استطعتم( ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫من فروع القاعدة‪:‬‬


‫القادر على بعض السرتة يسرت به القدر املمكن جزم اً‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫إذا تعسر على إنسان قراءة كل الفاحتة وهو حيفظ بعضها فليأت بِلبعض الذي حيفظه وال‬ ‫‪-2‬‬
‫جيوز له أن يرتكه ألنه ال حيفظها كلها‪.‬‬
‫مقطوع بِقي األطراف جيب عليه غسل الباقي‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫المحاضرة الراب عة عشر ‪:‬‬
‫ال قاعد ة الكلية الصغرى ‪:‬‬
‫ما ثبت بالشرع مقدم على ما ثبت بالشر ط‬

‫معنى القاعدة‪:‬‬
‫ه ذه القاع دة أص لها ودليله ا ح ديث رس ول اهلل ص لى اهلل علي ه وس لم‪) :‬ك ل ش رط ليس يف‬
‫كتاب اهلل فهو بِطل( ‪.‬‬
‫تفيد هذه القاعدة أن الشرط إذا ثبت منافاته ملقتضيات الشرع حبيث تتعطل الغاية الشرعية من‬
‫العقد إن كان يف العقود ‪،‬فعندئذ يبطل العقد@ أو الشرط‪:‬‬
‫فيبطل العقد إذا كان الشرط يعطل ركن اً من أركانه‪ ،‬أو يعارض مقصوداً أصلياً للعقد ‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫كاش رتاط ع دم ح ل الزوج ة لزوجه ا يف عق د ال زواج مثالً‪ ،‬أو مين ع أح د املتب ايعني من‬
‫االنتفاع بِلمبيع‪ ،‬فهنا يبطل العقد‪.‬‬
‫وق د يبط ل الش رط فق ط إذا ك ان ال يعط ل ركن اً من أرك ان العق د‪ ،‬كمن يش رتط ع دم‬ ‫‪-2‬‬
‫الدخول بِلمرأة بِلنسبة لعقد النكاح‪ .‬فهنا يلغو الشرط ويصح العقد‪.‬‬

‫من فروع القاعدة‪:‬‬


‫عدم صحة نذر الواجب‪ ،‬ألن الواجب إمنا ثبت بِلشرع وهو سابق ومقدم على النذر ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫من مل حيج إذا أحرم بتطوع أو نذر وقع عن حجة اإلسالم؛ ألنه يتعلق بِلشرع ووقوعه‬ ‫‪-2‬‬
‫عن التطوع والنذر بإيقاعه عنهما ‪.‬‬
‫ال قاعد ة الكلية الصغرى ‪:‬‬
‫المعلق بالشرط يجب ثبوته عند ثبوت الشر ط‬

‫معنى القاعدة‪:‬‬
‫أن الشيء املعلق على شرط يكون معدوماً قبل ثبوت شرطه ويكون متحقق اً واجب التنفيذ‬
‫عند ثبوت الشرط وحتققه‪ .‬ومعىن تعليقه بِلشرط‪ :‬أي الشرط الذي يصح شرعاً تعليقه به ‪.‬‬
‫وذلك ألن التصرفات القولية ‪-‬ومنها العقود‪ -‬هلا حالتان عامتان‪:‬‬
‫حال ة اإلطالق‪ :‬عن دما تص در العب ارة عن املتكلم منج زة ومطلق ة من ك ل قي د وش رط‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ففي هذه احلالة يعترب التصرف أو العقد شرعاً‪ ،‬وترتتب عليه أحكامه وآثاره ‪.‬‬
‫حال ة التقيي د أو التعلي ق ب أمر يرب ط وج ود العق د بوج ود ش يء آخ ر أو تقيي د حكم ه‬ ‫‪-2‬‬
‫وآث اره‪ ،‬أو ت أخريه مفعول ه إىل زمن مس تقبل‪ .‬ويش رتط لكي يك ون العق د معل ق اً‪) :‬‬
‫‪ (1‬أن يك ون ال ش رط املعل ق علي ه حص ول العق د مع دوماً حني العق د‪ (2) ،‬ممكن‬
‫احلصول بعد ذل ك‪.‬‬
‫وهلذا ل و عل ق على ش يء موج ود متحق ق يف احلال ك ان العق د منج زاً ال معل ق اً‪ .‬ول و ك ان‬
‫الشرط مستحيل الوقوع كان العقد بِط الً ‪.‬‬

‫من فروع القاعدة‪:‬‬


‫إذا ق ال اإلم ام‪ :‬من قت ل قتيالً فل ه س لبه‪ ،‬أو إن وص لت بل دة ك ذا فق د وليت ك قض اءها‪ ،‬أو‬ ‫‪-1‬‬
‫أمارتُا‪ ،‬أو إن وصل إليك كتايب هذا فقد عزلت ك‪.‬‬
‫إذا قال املوىل لعبده‪ :‬أذنت لك يف التجارة إن قبضت األلف اليت يل على فالن ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫المحاضرة ا لخامسة عشر ‪:‬‬
‫ال قاعد ة الكلية الصغرى ‪:‬‬
‫يلزم مراعة الشرط بقدر اإلمكان‬

‫معنى القاعدة‪:‬‬
‫إن الشرط يراعى بقدر االستطاعة وما زاد عن الطاقة فال جيب مراعاته وال اعتباره واألصل يف‬
‫الش روط اعتباره ا م ا أمكن ذل ك‪ .‬فالش رط إذ إمنا ي راعى بق در االس تطاعة‪ ،‬وأم ا م ا زاد عليه ا فال‬
‫مؤاخ ذة علي ه ‪،‬والم@ @@راد به@ @@ذه القاع@ @@دة الش@ @@رط التقيي@ @@دي وه@ @@و ال@ @@ذي يل@ @@زم مراعات @ @ه@ ال الش@ @@رط‬
‫التعليقي ‪.‬‬

‫أصل هذه القاعدة ودليلها‪ :‬قوله صلى اهلل عليه وسلم )املسلمون عند شروطهم( ‪.‬‬

‫من فروع القاعدة‪:‬‬


‫فلو قال املودع للوديع‪ :‬أمسك الوديعة بيدك وال تضعها ليالً وال هناراً‪ ،‬فوضعها يف بيته‬ ‫‪-1‬‬
‫فهلكت‪ ،‬مل يضمنها‪ ،‬ألن ما شرطه عليه ليس يف وسعه بِعتبار العادة ‪.‬‬
‫ولو قال‪ :‬ال خترج بِلوديعة من الرياض‪ ،‬فخرج هبا إىل جدة مثالً فهلكت‪ ،‬كان ضامن اً‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ .‬فأما إذا انتقل الوديع من الرياض إىل جدة ألمر مل يكن منه بِ ّد ‪-‬كأن انتقل عمله أو‬
‫أهله‪ ،-‬فهلكت الوديعة فال ضمان عليه‪ ،‬ألن الشرط يراعى بقدر اإلمكان ‪.‬‬
‫تم هذا التهذيب‪،‬‬
‫وبهذا َّ‬
‫الطالب والمه ذب‪.‬‬
‫َ‬ ‫نفع الل به‬

You might also like