You are on page 1of 11

‫جامعة األزهر الشريف‬

‫كلية الشريعة والقانون ابلقاهرة‬


‫الدراسات العليا‬
‫قسم أصول الفقه‬

‫خطة حبث مقدمة لنيل درجة الدكتوره يف أصول الفقه بعنوان ‪:‬‬

‫" نظرية موازنة النص واملصلحة عند الشافعية "‬

‫إعداد الباحث‬

‫فارسان برمياان مسلم اإلندونسي‬

‫‪4111‬ه‪0202 /‬م‬
‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬

‫احلمد هلل الذي أرسل رسوله ابهلدى ودين احلق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون‪ ،‬ونزل‬
‫عليه القرآن شريعة حمكمة ‪ ،‬ليخرج الناس من الظلمات إىل النور إبذن رهبم إىل صراط العزيز احلميد‪.‬‬

‫والصالة والسالم على سيدان حممد بن عبد هللا‪ ،‬املبعوث يف الناس رسوال من أنفسهم‪ ،‬يتلو‬
‫عليهم اآلايت ويزكيهم ويعلمهم الكتاب واحلكمة وان كانوا من قبل لفي ضالل مبني‪ .‬فصلوات هللا‬
‫وسالمه عليه وعلى آله املطهرين وأصحابه السابقني األولني من املهاجرين واألنصار والذين اتبعوهم‬
‫إبحسان من األئمة اجملتهدين والعلماء العاملني ومن اهتدى هبديهم إىل يوم الدين‪.‬‬

‫أما بعد‪...‬‬

‫فإنه ليشرفين أن أتقدم إىل جملسكم املوقر خبطة حبث لتكون موضوع رسالة الدكتوراه يف أصول‬
‫الفقه وهللا أسأل أن يكتب هلا القبول وأن حتظى مبوافقة أساتذيت األجالء‪.‬‬

‫وعنواهنا‪-:‬‬

‫" نظرية موازنة النص واملصلحة عند الشافعية "‬

‫أمهية املوضوع وأسباب اختياري له‪:‬‬

‫‪ .1‬النزاع بني املقاصد والنصوص‪ ،‬فاملقاصد هي غاايت التشريع‪ ،‬واألحكام إمنا شرعت ملصاحل‬
‫اعتبار للغاية واحلكمة‪ ،‬غري أن ذلك قد يعارض النصوص‬‫ٌ‬ ‫وغاايت معتربة‪ ،‬فاالنطالق منها‬
‫الشرعية –عند بعضهم‪ ،-‬ويتصادم مع األحكام الصرحية‪ ،‬فثم تنازع يف البحث بني مقصود الشرع‬
‫وغاية احلكم‪ ،‬وما حددته النصوص من أحكام‪ ،‬فال يسعنا أن نعرض عن املقاصد والغاايت‪ ،‬وال‬

‫‪1‬‬
‫أيضا أن نكون هذه النصوص خمالفة ملقاصدها‪ .‬وهذه الدراسة يسعى لعرض منهج الشافعية‬
‫يصح ً‬
‫يف معاجلة هذا اإلشكال‪.‬‬
‫‪ .2‬وهتدف هذه الدراسة إىل إثبات صالحية التمذهب لألزمنة احلديثة وتالؤمه مع مقتضيات العصر‪.‬‬
‫‪ .3‬واجهين كثريٌ من األسئلة يف أثناء قراءة كتب املقاصد اليت تتعلق مبنهج الشافعية يف موازنة النص‬
‫واملصلحة‪ ،‬ومل أجد هلا جو ًااب شافيًا يف تلك الكتب‪ ،‬مما دفعين إىل البحث عن إجياد أجوبة هلا‪.‬‬
‫‪ .4‬ومن ضمن األسباب اليت دفعتين إىل البحث يف جمال املقاصد هو أن مباحث هذا العلم تتناول‬
‫قضااي واقعية‪ ،‬فهي ليست قضااي فلسفية‪ ،‬أو ترفًا فكرًاي‪ ،‬بل إهنا تتصف ابلعملية مما ميكن‬
‫فاعال‪ ،‬فال يكون حبثه جمرد مجع لألقوال وأدلتها وترتيبها فقط‪ ،‬مع‬
‫إسهاما ً‬
‫ً‬ ‫للباحث أن يُسهم فيها‬
‫مالحظة أنه قد ال يتمكن الباحث اإلسهام يف مجيع القضااي املطروقة بل بعضها‪.‬‬

‫أصل الفكرة‪:‬‬

‫أكثر اخلطاابت التأويلية املعاصرة من ترديد نظرية تقدمي املصلحة على النص يف قراءة النصوص‬
‫الشرعية‪ ،‬وتلبست بلبوس الشريعة حني حت ّدثت عن اشتمال الشريعة على مراعاة مصلحة املكلفني‪،‬واختذ‬
‫أصحاهبا ذلك االشتمال سلطة أتويلية حياولون مبوجبه إزاحة املعىن من ظاهر النص إىل مستواه التأويلي‬
‫املصلحي‪ ،‬وقد اختزل هذا اخلطاب املصلحة جبانبها املادي واالجتماعي واألخالقي‪ ،‬وبعمارة األرض‬
‫والنهوض احلضاري‪ ،‬متغافال عن املقاصد الشرعية يف جانبها اإلمياين والتكليفي وهو األهم‪ ،‬الذي هو‪:‬‬
‫(إخراج املكلف عن داعية هواه‪ ،‬حىت يكون عبدا هلل اختياراي‪ ،‬كما هو عبد هللا اضطرارا)‪.‬‬

‫وتتابعت اخلطاابت املعاصرة يف تثبيت نظرية تقدمي املصلحة على النص‪ ،‬حماولةً النفوذ مع انفذة‬
‫املقاصد الشرعية‪ ،‬مستصحبة تسويالت الواقع املعاصر احلضاري والثقايف يف تقدمي املنافع الدنيوية على‬
‫النصوص الدينية‪ ،‬كما يدعي الدكتور حسن حنفي أن النيب ‪ ‬يف أحيان كثرية‪( :‬ق ّدم رعاية املصلحة‬
‫على أدلة الشرع إلصالح شأهنم)‪ .‬لقد جاءت آاثر نظرية تقدمي املصلحة على النص معطّلة لدالالت‬
‫كثري من نصوص احلدود واملعامالت واألحكام االجتماعية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫إ ًذا فما الضابط يف تقدمي املصلحة على النص الشرعي؟ أرى أن مدخل اجلواب هو الرجوع إىل‬
‫تراثنا اإلسالمي واستقراء طريق الفقهاء يف إعمال املقاصد يف الفروع‪ ،‬ومالحظة أثر املقصد على‬
‫األحكام يف نظرهم الفقهي يف األبواب كافة‪ ،‬وأخص هذه البحث من خالل تراث الشافعية؛ ألنين على‬
‫حسب اطالعي مل تكثر الدراسة عن هذا املوضوع من جانب املذهب الشافعي مع أن مؤسس الفكر‬
‫املقاصدي منهم‪ ،‬وهتدف هذه الدراسة إىل إثبات صالحية التمذهب لألزمنة احلديثة وتالؤمه مع‬
‫مقتضيات العصر‪.‬‬

‫نصوص الشافعية املتعلقة ابلبحث‪:‬‬

‫توسع يف معىن العلة ليكون املعىن‬


‫إ ّن اإلمام الشافعي ‪ -‬رمحه هللا تعاىل كمؤسس املذهب‪ -‬قد ّ‬
‫خاص تقاس‬
‫ئي ّ‬‫نص جز ّ‬
‫هو "احلكمة" أو املصلحة‪ ،‬ممّا يتيح القول أب ّن القياس عنده جيري وإن مل يتوفّر ّ‬
‫افعي رضي هللا عنه إىل أ ّن‬
‫الش ّ‬
‫نص عليه الزجناين ملا قال‪" :‬ذهب ّ‬
‫ينص عليها‪ ،‬وهو ما ّ‬
‫عليه النازلة اليت مل ّ‬
‫ّ‬
‫اخلاصة املعيّنة جائز"‪.‬‬
‫كلي الشرع وإن مل تكن مستندة إىل اجلزئيات ّ‬
‫التمسك ابملصاحل املستندة إىل ّ‬
‫ّ‬
‫معلوما من الشرع ابلقطع؛ كالنص‪ ،‬أو ابلظن الراجح املقارن‬
‫قال ابن العطار‪( :‬واملعىن إذا كان ً‬
‫معقوال‪ ،‬وتفاصيله‬
‫للنص‪ ،‬فاتباعه وتعليق احلكم به أوىل من اتباع جمرد اللفظ‪ ،‬وإذا كان أصل املعىن ً‬
‫حتتمل التعبد‪ ،‬فال شك أنه حمل نظر) ينظر‪ :‬العدة يف شرح العمدة‪ ،‬دار البشائر اإلسالمية‪.657 /2 ،‬‬

‫ور ب ْني ْاعتِبا ِر الْم ْعىن واتِّب ِاع اللَّ ْف ِظ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫قال ابن دقيق العيد‪( :‬و ْاعل ْم أ َّن أ ْكث ر هذه ْاأل ْحكام‪ :‬ق ْد ت ُد ُ‬
‫اع ِه‪،‬‬
‫ث يظْهر ظُهورا كثِريا فال أبْس ِابتِّب ِ‬ ‫ول ِكن ي ْن بغِي أ ْن ي ْنظر ِيف الْمعىن إىل الظُّهوِر و ْ ِ‬
‫ُ ًُ ً‬ ‫اخلفاء‪ .‬فحْي ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ث َيْفى‪ ،‬وال يظْه ُر ظُ ُه ًورا ق ِوًاي‪ .‬فاتِّباعُ اللَّ ْف ِظ‬ ‫اع ِد الْقيَّ ِ‬
‫يم ِه على ق و ِ‬
‫َّص بِِه‪ ،‬أو ت ع ِم ِ‬ ‫وختْ ِ‬
‫اسني‪ .‬وحْي ُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫يص الن ِّ‬
‫ص ِ‬
‫أ ْوىل) ينظر ‪ :‬إحكام األحكام‪.‬‬

‫وانفع جدا‪ ،‬يقول ابن دقيق العيد‬ ‫ِ‬


‫مبحث فهم مقصود اخلطاب وأثر ذلك على معىن النص مؤثٌّر ٌ‬
‫اص ِد الْكالِم انفِ ٌع ِابلنِّ ْسب ِة إىل النَّظ ِر‪.‬‬
‫الفتًا النظر إىل أمهية هذا املعىن مع قلة العناية به‪( :‬وف هم مق ِ‬
‫ُْ‬
‫اص ِد الْكالِم ‪-‬‬‫ث‪ ،‬ومل ي ن بِه على هذا ح َّق التَّ ْنبِ ِيه ‪ -‬أ ْع ِين ْاعتِبار مق ِ‬
‫ص ِل هذا الْكالِم ْحب ٌ ْ ُ ّ ْ‬ ‫ُصولِيَّ ْ ِ‬
‫ني ِيف أ ْ‬
‫ِ‬
‫ول ْأل ُ‬
‫‪3‬‬
‫ض الْ ُمت و ِّس ِطني ِم ْن‬ ‫اَينا ِمن أ ْه ِل الْم ْغ ِر ِ‬
‫ب‪ ،‬وق ْد ذكرهُ ق ْب لهُ ب ْع ُ‬ ‫ْ‬ ‫وبسط الْق ْول فِ ِيه َّإال أح ُد مشايِ ِخ ب ْع ِ‬
‫ض مش ِِ‬
‫اعدةٌ ص ِحيحةٌ‪ ،‬انفِعةٌ لِلن ِ‬
‫َّاظ ِر ِيف ن ْف ِس ِه‪ ،‬غْي ر أ َّن‬ ‫ْاألُصولِيِني الْمالِ ِكيِني ِيف كِتابِِه ِيف ْاألُصوِل‪ .‬وهو ِعْن ِدي ق ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫ِل‪ :‬ق ْد يُنازعُ ِيف الْم ْف ُه ِوم وي ْع ُس ُر ت ْق ِر ُيرهُ علْي ِه) ينظر‪ :‬إحكام األحكام‪.‬‬
‫اجلدِ َّ‬
‫اظر ْ‬‫الْمن ِ‬
‫ُ‬
‫العز بن عبد السالم فهما لتلك احلقيقة واتّباعا هلا‪ ،‬إذ يقول‪" :‬ومن تتبع مقاصد‬
‫يف عبارة اإلمام ّ‬
‫الشرع يف جلب املصاحل ودرء املفاسد‪ ،‬حصل له من جمموع ذلك اعتقاد أو عرفان أبن هذه املصلحة ال‬
‫جيوز إمهاهلا‪ ،‬وأن هذه املفسدة ال جيوز قرابهنا‪ ،‬وإن مل يكن فيها إمجاع وال نص وال قياس خاص‪ ،‬فإن‬
‫فهم نفس الشرع يوجب ذلك"‬

‫ومن األدلة على اعتبار ِ‬


‫اإلمام الشافعي املصاحل املرسلة ما رواه ابن حجر عنه حيث قال‪" :‬وقال‬
‫الشافعي ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬ما أحدث وخالف كتااب أو سنة أو إمجاعا أو أثرا فهو البدعة الضالة‪ ،‬وما‬
‫أحدث من اخلري ومل َيالف شيئا من ذلك فهو البدعة احملمودة"‬

‫مثّ بني اإلمام الغزاِل رمحه هللا على أنه ال ب ّد يف املصاحل املرسلة من شهادة أصول الشريعة هلا‪،‬‬
‫فقال‪" :‬تبني أن كل مصلحة مرسلة فال ب ّد من أن تشهد أصول الشريعة لردها أو قبوهلا"‬

‫وشهادة األصول هي‪ :‬موافقة معاين الكتاب‪ ،‬والسنة‪ ،‬واإلمجاع للحكم‪ ،‬أو للدليل‪ ،‬أو للعلة‪.‬‬

‫ك أ َّن الت َّْرِجيح ي ْت ب ُع الْمصالِح‪ ،‬ومق ِاد ُيرها‬


‫وقال ابن دقيق العيد يف إحكام األحكام‪( :‬وال ش ّ‬
‫احب الشَّرِع أ ْعلم بِتِْلك الْمق ِادي ِر فِإذا مل ي علم الْمكلَّف ح ِقيقة تِْلك الْمصالِ ِح‪ ،‬ومل يستح ِ‬
‫ض ْر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ ْ ْ‬ ‫ْ ْْ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُْخمتلفةٌ وص ُ ْ‬
‫أ ْعدادها‪ :‬فا ْأل ْوىل اتِّباعُ اللَّ ْف ِظ الْوا ِرِد ِيف الش َّْرِع)‪.‬‬

‫ونفهم من مذهب الشافعي أن االجتهاد قي النص يعين خضوعه لدالالت اللغة العربية وألصول‬
‫افعي لكن اعتبارها ال بد هلا من‬
‫الش ّ‬‫الدالالت الشرعية‪ ،‬واعتبار املصلحة املرسلة حجة يف املذهب ّ‬
‫ضوابط‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫أمثلة تطبيقية موازنة النص واملصلحة عند الشافعية‪:‬‬

‫‪ .1‬يقول السبكي حاكيًا اخلالف بني التمسك ابللفظ أو ختصيصه ابملعىن‪( :‬ومن اعترب اللفظ حرم‬
‫االحتكار يف كل موضع ويف كل سلعة ‪-‬وإن مل يضر‪ -‬وهو املنقول عن مالك‪ ،‬ومن اعترب املعىن‬
‫خصصه بوقت الغالء‪ ،‬وعليه مذهبنا) ينظر‪ :‬األشباه والنظائر‬
‫‪ .2‬ومن فروع الشافعية اليت استندوا يف حكمها إىل املصلحة املرسلة كذلك؛ إجازهتم إتالف شجر‬
‫الكفار وبنائهم‪ ،‬واحليوان الذي يقاتلون عليه؛ حلاجة القتال‪ ،‬والظفر هبم‪ .‬حىت أهنم إن مل حيتاجوا‬
‫الظن أن لن يؤول للمسلمني جاز هلم‬ ‫إىل اإلتالف‪ ،‬لكنّهم رأوا فيه مغايظة هلم مع غلبة ّ‬
‫الظن أنّه يؤول إىل املسلمني كره ومل حيرم على األصح كما نقل‬
‫اإلتالف‪ ،‬فإن غلب على ّ‬
‫النّووي‪ .‬وليس سندهم يف ذلك إال املصلحة املرسلة‪ ،‬حيث قيست املصلحة على املصاحل املعترب‬
‫من جنسها‪ ،‬إذ يف ذلك حفظ ال ّدين على املسلمني‪ ،‬وحفظ نفوسهم‪ ،‬وهي مقاصد الشريعة‪،‬‬
‫فكان ما حي ّققها ويالئمها مصلحة‪.‬‬
‫‪ .3‬ومثلها اإلمام املاوردي‪ :‬ما لو كان امليّت قد ابتلع جوهرة حال حياته‪ ،‬وهي لغريه فإ ّن احلكم أن‬
‫خترج من جوفه‪ ،‬واختلف يف حال كانت له‪ ،‬ففي وجه خترج؛ إذ ذلك مال الورثة "لبقاء عينه‬
‫حق‬
‫شق بطن امليّت رغم شديد حرمته‪ ،‬إلخراج مال هو ّ‬
‫ترجح لديهم ّ‬
‫والقدرة على أخذه"‪ ،‬فقد ّ‬
‫املس حبرمة امليّت‪.‬‬
‫احلي يف حتصيل مال‪ ،‬على مفسدة ّ‬
‫آلخر‪ ،‬وذلك لرتجيح مصلحة ّ‬
‫‪ .4‬وذكر اإلمام السيوطي أنه جيوز دفع املال إىل الك ّفار الذين أحاطوا ابملسلمني‪ ،‬وال مقاومة هبم‪،‬‬
‫أل ّن مفسدة إحاطتهم ابملسلمني أعظم من بذل املال‪ .‬وكذا قوهلم جبواز دفع املال الستنقاذ‬
‫أسرى املسلمني إذا مل ميكن بغريه; ألن مفسدة بقائهم يف أيديهم أعظم من بذل املال‪.‬‬
‫تقرر عندهم كوهنا خمالفة لألصل من منعها‪ّ ،‬أما سند‬
‫‪ .5‬وإجازة الشافعية كثريا من املعامالت وإن ّ‬
‫تتنزل منزلة الضرورة‪ ،‬يف إابحة احملظور‪ ،‬ومن تلك‬
‫العامة‪ ،‬واليت سبق بيان ّأهنا ّ‬
‫إابحتها فاحلاجة ّ‬
‫املعامالت‪ :‬اإلجارة‪ ،‬واجلعالة‪ ،‬واحلوالة‪ ،‬وضمان الدرك وحنوها‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ .6‬محل الفقهاء الشافعية ما جاء يف اآلداب على الكراهة واالستحباب؛ ألن مقصده اإلرشاد‬
‫والتهذيب ال االلزام الشرعي‪ ،‬كاختالفهم يف النهي عن استعمال املاء املشمس‪ ،‬هل هو هني‬
‫كراهة‪ ،‬أو إرشاد؛ هنوا عنه ملفسدة طبّية مع مراعة احلديث‪« :‬د ْع ما ي ِريبُك إىل ما ال ي ِريبُك»‪.‬‬
‫‪ .7‬ومثال آخر يف قوهلم‪( :‬وال يُكْرهُ الطُّ ْه ُر ِمب ِاء زْمزم ل ِك ْن ْاأل ْوىل عد ُم إزال ِة النَّج ِ‬
‫س بِِه)‬
‫‪ .8‬ذهب اإلمام الشافعي إىل استحباب أن َيفي اإلمام واملأموم اجلهر ابلذكر بعد الصالة‪ ،‬إال أن‬
‫ي‬‫يكون إماما يتعلم منه فيجهر به‪ ،‬ومحل ما روي من اجلهر على معىن التعليم‪ .‬قال يف األم‪( :‬وأ ُّ‬
‫اَّلل ِمبا وص ْفت ج ْهًرا‪ ،‬أ ْو ِسًرا‪ ،‬أ ْو بِغ ِْريهِ فحس ٌن وأ ْخت ُار لِ ِْْلم ِام والْمأْ ُم ِوم أ ْن ي ْذ ُكرا َّ‬
‫اَّلل‬ ‫إم ٍام ذكر َّ‬
‫ب أ ْن يُت علَّم ِمْنهُ ف ي ْجهر ح َّىت‬ ‫ِ‬ ‫اف ِم ْن َّ ِ ِ ِ ِ َّ‬ ‫صر ِ‬ ‫ب عد ِاالنْ ِ‬
‫الصالة وَُيْفيان ال ّذ ْكر إال أ ْن ي ُكون إم ًاما جي ُ‬ ‫ْ‬
‫ت ِهبا}‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي رى أنَّهُ ق ْد تُ ُعلِّم ِمْنهُ‪ُ ،‬مثَّ يُ ِسُّر فِإ َّن َّ‬
‫ول‪{ :‬وال ْته ْر بِصالتك وال ُختاف ْ‬ ‫اَّلل عَّز وج َّل ي ُق ُ‬
‫ت ح َّىت ال تُ ْس ِمع ن ْفسك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫[اإلسراء‪ ]111 :‬ي ْع ِين وا ََّّللُ ت عاىل أ ْعل ُم الدُّعاء وال ْته ْر ت ْرف ْع وال ُختاف ْ‬
‫اس ِم ْن‬
‫اَّللُ علْي ِه وسلَّم ‪ -‬وما روى ابْ ُن عبَّ ٍ‬ ‫َّيب ‪ -‬صلَّى َّ‬ ‫الزب ِْري ِم ْن ت ْهلِ ِيل النِ ِّ‬
‫ب ما روى ابْ ُن ُّ‬ ‫وأ ْحس ُ‬
‫ت ْكبِ ِريهِ كما رويْناهُ)‪.‬‬
‫‪ .9‬قيام النسوة الثقات مقام احملرم يف سفر املرأة‪ ،‬فقد احتج الغزاِل جلواز ذهاب املرأة مع النسوة‬
‫الثقات بال حمرم حلج الفريضة ابلقياس على احلكمة‪ ،‬ينظر‪ :‬حتصني املآخذ ‪.136-134 /2‬‬
‫‪ٕ .11‬واجازهتم احملارب األكل من الغنيمة يف دار احلرب‪ ،‬للحاجة‪ ،‬حىت ّأهنم مل يشرتطوا لذلك أن ال‬
‫يكون معه غريه حبيث يصبح ضرورة‪ ،‬بل يظهر من عبارهتم أنه يكفيه يف ذلك مقدار احلاجة‪ .‬إذ‬
‫روري‬
‫ابلض ّ‬
‫يف منعه من ذلك تعريض لقوة املسلمني إىل التّالشي‪ ،‬إبضعاف األفراد‪ ،‬ممّا يلحق خلال ّ‬
‫يف حفظ الدين والنّفس‪ ،‬فكان ذلك استصالحا لدفع احلاجة‪ .‬ينظر ‪ :‬األشباه والنظار للسيوطي‪.‬‬
‫‪ .11‬فقد يرتخص يف يسري بعض املفاسد ما ال يرتخص يف غريه‪ ،‬يقول ابن عطار‪( :‬وليس حترمي اخلمر‬
‫يف معىن حترمي احلرير؛ فإن املعىن يف حترمي اخلمر اإلسكار‪ ،‬واملعىن يف حترمي احلرير التنعم والتزين‬
‫ٍ‬
‫عظيمة؛ خبالف اخلمر؛‬ ‫اخلاص ابإلانث دون الذكور‪ ،‬فاغتفر القليل منه؛ حيث ال جير إىل مفسدةٍ‬

‫فإن املفسدة فيه عظيمة؛ حيث إنه يغطي العقل الذي به م ْدرك كل خري من اإلميان والتوحيد‪،‬‬

‫‪6‬‬
‫ويرتتب على تعاطيه من املفاسد اليت ذكرها هللا تعاىل يف كتابه العزيز‪ ،‬وغريها مما هو مشاهد ما ال‬
‫حيصى)‪.‬‬
‫‪ .12‬ذهب الشافعية إىل أن التعفري ابلرتاب يف جناسة الكلب وال جيزئى عنها األشنان وحنوه من‬
‫املنظفات‪ ،‬وحجتهم‪ :‬أنه ال جيوز أن يستنبط من النص معىن يبطله (حتفة احملتاج)‪ ،‬قال ابن دقيق‬
‫وم مقام‬ ‫ِ‬
‫الصابُون و ْاألُ ْشنان والْغ ْسلةُ الثَّامنةُ‪ ،‬ت ُق ُ‬ ‫إن َّ‬ ‫ب الشَّافِعِ ِي ق ْوٌل ‪ -‬أ ْو و ْجهٌ ‪َّ -‬‬ ‫العيد‪( :‬وِيف م ْذه ِ‬
‫ّ‬
‫الصابون و ْاألُ ْشنان ي ُقوم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ان مقامهُ ِيف‬ ‫صود ابلتُّراب‪ِ :‬زايدةُ التَّ ْنظيف‪ ،‬وأ َّن َّ ُ‬ ‫التُّراب‪ ،‬بِناءً على أ َّن الْم ْق ُ‬
‫ص بِذلِك الش ِ‬ ‫َّص إذا ورد بِشي ٍء ُمع َّ ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ذلِك‪ .‬وهذا ِعْندان ضعِيف؛ ِ‬
‫َّيء ملْ‬‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ت‬ ‫َي‬
‫ْ‬ ‫ىن‬‫ً‬ ‫ع‬‫ْ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫م‬‫ت‬ ‫اح‬
‫ْ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ني‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫أل‬ ‫ٌ‬
‫اب ‪ -‬وإِ ْن كان ُْحمت ِم ًال لِما ذك ُروهُ‪ ،‬و ُهو‬ ‫ني فِيهِ‪ .‬و ْاأل ْمر ِابلتُّر ِ‬
‫ُ‬
‫وص الْمع َّ ِ‬
‫ص ِ ُ‬ ‫اح ُخ ُ‬
‫جيز إلْغاء الن ِ ِ‬
‫َّص‪ ،‬واطّر ُ‬
‫ُْ ُ ّ‬
‫ني ذلِك الْم ْعىن‪ .‬فِإنَّهُ يُز ِامحُهُ م ْع ًىن آخ ُر‪ ،‬و ُهو ْ‬
‫اجل ْم ُع ب ْني ُمط ِّهريْ ِن‪،‬‬ ‫يف ‪ -‬فال ْجن ِزُم بِت ْعيِ ِ‬ ‫ِزايدةُ التَّ ْن ِظ ِ‬
‫ضا‪ ،‬فِإ َّن ه ِذهِ الْمع ِاين الْ ُم ْست ْن بطة‬ ‫ِ‬ ‫ود ِيف َّ ِ‬
‫الصابُون و ْاألُ ْشنان‪ .‬وأيْ ً‬ ‫أ ْع ِين الْماء والتُّراب‪ ،‬وهذا الْم ْعىن م ْف ُق ٌ‬
‫ت‪،‬‬ ‫إذا مل ي ُكن فِيها ِسوى ُجمَّرِد الْمناسب ِة‪ ،‬ف ليست بِذلِك ْاألم ِر الْق ِو ِي‪ .‬فِإذا وق ع ِ ِ ِ‬
‫ت فيها اال ْحتماال ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ْ‬
‫َّص إبِِبط ٍال أو ختْ ِ‬ ‫الصو ِ‬
‫يص‪:‬‬‫ص ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ضا‪ ،‬فِإ َّن الْم ْعىن الْ ُم ْست ْن بط إذا عاد على الن ِّ ْ‬ ‫َّص‪ .‬وأيْ ً‬ ‫اب اتّباعُ الن ِّ‬
‫ف َّ ُ‬
‫ُصولِيِّني)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫مرد ٌ ِ‬
‫ود عْند مجْ ٍع م ْن ْاأل ُ‬ ‫ُْ‬
‫الدراسات السابقة‬

‫‪ .1‬مقاصد الشريعة عند اإلمام الشافعي‪ ،‬للدكتور أمحد وفاق بن خمتار‪ ،‬رسالة علمية انل هبا‬
‫صاحبها درجة الدكتوره‪ ،‬يف كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية مكناس‪ ،‬ابملغرب‪.‬‬
‫‪ .2‬مقاصد الشريعة يف املذاهب اإلسالمية (جمموعة حبوث)‪ ،‬نُشر يف مؤسسة الفرقان للرتاث‬
‫اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ .3‬مقاصد الشريعة عند إمام احلرمني وآاثرها يف التصرفات املالية‪ ،‬للدكتور هشام بن سعيد أزهر‪،‬‬
‫رسالة علمية انل هبا صاحبها درجة الدكتوره‪ ،‬يف كلية الدراسات العليا جبامعة األردن‪.‬‬
‫‪ .4‬بناء األحكام على املقاصد‪ ،‬للدكتور فهد بن صاحل العجالن‪ ،‬نُشر يف مكتبة آفاق املعرفة‪،‬‬
‫رايض‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫منهج البحث‬

‫وأما منهجي يف هذا البحث فكالتاِل ‪:‬‬

‫‪ .1‬مجع املصادر القدمية واحلديثة‪ ،‬والبحوث وبعض اجملالت املتعلقة مبوضوع األطروحة‪.‬‬
‫‪ .2‬قراءة كتب املتقدمني مث أنتقل إىل كتب املعاصرين‪.‬‬
‫‪ .3‬استقراء أقوال السادة الشافعية املتعلقة هبذه األطروحة‪.‬‬
‫مير يب من الفوائد‪ ،‬مث تدوين املعلومات واألحباث من املصادر املتفرقة‪.‬‬
‫‪ .4‬كتابة كل ما ُّ‬
‫أبني منشأ اخلالف وحترير حمل النزاع‪.‬‬
‫‪ .7‬العناية بتصوير املسألة و ّ‬
‫‪ .6‬سأتعرض للمذاهب األخرى بل لرأي املعاصرين‪.‬‬
‫‪ .5‬أذكر األدلة اليت اعتمدها كل مذاهب مع املقارنة بينها يف مناقشة األدلة‪.‬‬
‫‪ .8‬أحرص على ذكر األمثلة التطبيقية للمسائل املطروقة‪ ،‬كي ال يكون النقاش نظرًاي فقط‪ ،‬وهذا يف‬
‫غالب األحيان‪.‬‬
‫‪ .9‬أختار القول الراجح يف املسألة بناء على ما ترجح ِل من األدلة‪.‬‬
‫‪ .11‬أسلك املنهج التحليلي ‪ :‬حيث يقوم الباحث بعد مجع آراء العلماء بتحليلها والنظر ىف مبناها‬
‫واألسس الىت قامت عليها ومعرفة أسباب االختالف مث استخالص نتائج االختالف ببيان‬
‫مناهج العلماء وأسسها‪ ،‬مث بيان أثر االختالفات‪.‬‬
‫‪ .11‬أقوم بعزو اآلايت القرآنية وختريج األحاديث النبوية وترمجة املبهم من األعالم وتوثيق اآلراء‬
‫األصولية والفقهية واملقاصدية من مصادرها‪.‬‬
‫‪ .12‬أقوم إبعداد فهارس علمية تشتمل على‪:‬‬

‫‪ ‬فهرس لآلايت القرآنية‬


‫‪ ‬فهرس لألحاديث النبوية واآلاثر‬
‫‪ ‬فهرس للمسائل املقاصدية‬
‫‪ ‬فهرس للفروع الفقهية‬
‫‪8‬‬
‫‪ ‬فهرس األعالم‬

‫‪ ‬فهرس للمصادر واملراجع‬


‫‪ ‬فهرس للموضوعات‬
‫خطة البحث‬

‫يشتمل هذا البحث على مقدمة واببني و لكل منهما فصول ومباحث وخامتة وفهارس‪.‬‬

‫املقدمة ‪ :‬وهي تشتمل االفتتاحية‪ ،‬وأسباب اختيار املوضوع‪ ،‬والدراسات السابقة‪ ،‬ومنهج البحث‪.‬‬

‫الباب األول‪ :‬يف مفهوم النظرية‪ ،‬ومفهوم موازنة‪ ،‬ومفهوم النص‪ ،‬ومفهوم املصلحة‪.‬‬

‫الباب الثاين‪ :‬مستوايت النص‪ ،‬وطرق الداللة‪ ،‬وعالقة الشريعة اإلسالمية ابملصلحة‪ ،‬وطوابط املصلحة‬
‫الشرعية‪ ،‬ونظرية موازنة النص واملصلحة عند الشافعية‪ ،‬وتطبيقاهتم عليها‪.‬‬

‫اخلامتة‪ :‬ويشتمل على أهم النتائج اليت انتهى إليها البحث والتوصيات لبعض األمور اليت حتتاج إىل‬
‫الدراسة والتحليل‬

‫الفهارس‪ :‬وتشمل على الفهارس اآلتية‪:‬‬

‫‪ :‬فهرس األايت القرآنية الكرمية‬ ‫أوال‬


‫ً‬
‫‪ :‬فهرس النبوية الشريفة واألاثر‬ ‫اثنيًا‬
‫‪ :‬فهرس للمسائل املقاصدية‬ ‫اثلثًا‬
‫‪ :‬فهرس للفروع الفقهية‬ ‫ابعا‬
‫رً‬
‫خامسا ‪ :‬فهرس األعالم‬
‫ً‬
‫ادسا ‪ :‬فهرس املراجع واملصادر‬
‫س ً‬
‫سابعا ‪ :‬فهرس املوضوعات‬
‫ً‬

‫‪9‬‬
‫وختاما‪ ،‬فهذا البحث املتواضع قابل للتعديل والتقدمي والتأخري حبسب مقتضيات البحث وتوجيهات‬
‫ً‬
‫جلنة اإلشراف العلمي‪ ،‬وما توفيقي إال ابهلل‪ ،‬عليه توكلت وإليه أنيب‪.‬‬

‫حتريرا ابلقاهرة ‪ 3 ،‬شعبان ‪1444‬ه‬

‫‪ 25‬فربأير ‪2123‬م‬

‫إعداد الباحث ‪ :‬فارسان برمياان مسلم اإلندونسي‬

‫‪11‬‬

You might also like