Professional Documents
Culture Documents
) ١أصل الكتاب
ق''ال اإلم''ام اإلس''نوي في مقدم''ة كتاب''ه (( :واعلم أن المص نف رحم ه هللا أخ ذ كتاب ه من
الحاصل للفاضل تاج الدين األرموي ،والحاص ل أخ ذه مص نفه من المحص والت لإلم ام
فخر الدين ،والمحصول استمداده من كتابين ال يكاد يخرج عنهما غالبا أح دهما المستص فى
لحجة اإلسالم الغزالي ،والثاني المعتم د ألبي الحس ين البص ري ،ح تى رأيت ه ينق ل منهم ا
الصفحة أو قريبا منها بلفظها وسببه على ما قيل أن ه ك ان يحفظهم ا ،فاعتم دت في ش رحي
لهذا الكتاب مراجعة هذه األصول . )) ...
1
) ٢سبب التأليف
سبب التأليف أنه كان من المشتغلين بهذا الكتاب (( منه اج الوص ول )) ،وك ذلك طالب
العلم ،حيث قال في مقدمة الكتاب (( :ثم إن أكثر المشتغلين به في هذا الزمان قد اقتصروا
من كتبه على المنهاج لإلمام العالمة قاضي القضاة ناصر ال دين البيض اوي رض ي هللا عن ه
لكونه ص غير الحجم كث ير العلم مس تعذب اللف ظ ،وكنت أيض ا ممن الزم ه درس ا وتدريس ا
فاستخرت هللا تع الى في وض ع ش رح علي ه موض ح لمعاني ه ،مفص ح عن مباني ه ،مح رر
ألدلته مقرر ألصوله ،كاشف عن أستاره ،باحث عن أسراره ،منبها فيه على أمور أخ رى
مهمة )) ... 2
2
المصدر السابق . ) ٦ ( ،
األصول الثالث :تبيين مذهب الشافعي بخصوصه ليعرف الشافعي مذهب إمامه في
واإلمالء ،ف إن ظف رت بالمس ألة فيم ا وق ع لي من كتب الش افعي ك األم واألم الي
ومختصر المزني ومختصر البويطي نقلتها منه بلفظها غالبا مبينا الكتاب الذي هي في ه ،ثم
الباب ،وإن لم أظفر بها في كالمه عزوتها إلى ناقلها عنه.
الرابع :ذكر فائدة القاعدة من فروع مذهبنا في المسائل المحتاجة إلى ذلك.
الخامس :التنبيه على المواضع التي خ الف المص نف فيه ا كالم اإلم ام أو كالم اآلم دي أو
كالم ابن الحاجب فإن كل واحد من هؤالء قد صار عمدة التص حيح يأخ ذ ب ه آخ ذون ،ف إن
اضطراب كالم أحد هؤالء نبهت عليه أيضا.
السادس :ما ذكره اإلم ام وابن الح اجب من الف روع األص ولية وأهمل ه المص نف ف أذكره
مجردا عن الدليل غالبا.
السابع :التنبيه على كثير مما وقع فيه الش ارحون من التقري رات ال تي ليس ت مطابق ة وق د
كنت قصدت التصريح بكل ما ذكروه منها ،فرأيت االشتغال به يطول لكثرته حتى رأيت في
بعض شروحه المشهورة ثالثة مواضع يلي بعضها بعضا؛ فل ذلك أض ربت على كث ير منه ا
فلم أذك ره البت ة اكتف اء بتقري ر الص واب وأش رت إلى كث ير منه ا إش ارة لطيف ة وص رحت
بمواضع كثيرة منها.
الثامن :التنبيه على فوائد أخرى مستحسنة كنقول غريبة وأبحاث نافع ة وقواع د مهم ة إلى
غير ذلك فيما ستراه إن شاء هللا تعالى )) .
3
) ٥تعامله مع الخالف
من المالحظ أن اإلمام اإلسنوي يقوم بذكر حجج المخالفين ،ثم يقوم بالرد عليه ا س واء ك ان
ال رد من مؤل ف المنه اج أو ك ان ال رد من الكتب الم أخوذ منه ا المنه اج كالتحص يل أو من
الشارح .
مثاله (( :اعترض الخصم بتسعة أوجه :
أح''دها :أن هللا تع الى رتب الوعي د على الك ل أي :على المجم وع الم ركب من المش اقة
واتباع غير سبيل المؤم نين فيك ون المجم وع ه و المح رم ،وال يل زم من تح ريم المجم وع
تحريم كل واحد من أجزائه كتحريم األختين .
والجواب :أنا ال نسلم أنه رتب الوعيد على الكل ب ل على ك ل واح د ،إذ ل و لم يكن مرتب ا
على كل واحد لكان ذكر مخالفة المؤمنين يعني :اتباع غ ير س بيلهم لغ وا ال فائ دة ل ه ؛ ألن
المشاقة مستقلة في ترتب الوعيد وكالم هللا سبحانه وتعالى يصان عن اللغو ،وه ذا الج واب
ليس في المحصول ،وال في الحاصل وهو أولى مما قااله .
الثاني :سلمنا أن الوعيد مرتب على كل واحد منهما ،لكن النسلم تحريم اتباع غير س بيلهم
مطلقا بل بشرط تبين الهدى ،فإن تبين الهدى شرط في المعطوف عليه ،لقوله تعالى ِ{ :م ْن
َب ْع ِد َم ا َت َب َّي َن َلُه اْلُهَد ى} والشرط في المعطوف عليه شرط في المعطوف ؛ لكون ه في حكم ه ،
والهدى عام القترانه بأل فيكون حرمة اتباع غ ير س بيل المؤم نين متوقف ة على ت بين جمي ع
أنواع الهدى ،ومن جملة أنواع الهدى دليل الحكم الذي أجمع وا علي ه وإذا ت بين اس تغني ب ه
عن اإلجماع ،فال يبقى للتمسك باإلجماع فائدة .
وأجاب المصنف -رحمه هللا -بوجهين أحدهما :ال نسلم أن كل ما كان شرطا في المعط وف
عليه يكون ش رطا في المعط وف ،ب ل العط ف إنم ا يقتض ي التش ريك في مقتض ى العام ل
إعرابا ومدلوال كما تقدم غير مرة .
4
المصدر السابق . ) ٢٤٨ ( ،
الثاني :سلمنا أن الشرط في المعطوف عليه شرط في المعطوف لكن ال يضرنا ذلك ،فإن ه
ال نزاع في أن الهدى المش روط في تح ريم المش اقة إنم ا ه و دلي ل التوحي د والنب وة ال أدل ة
األحكام الفرعية ،فيكون هذا الهدى شرطا في اتباع غير سبيل المؤمنين ،ونحن نسلمه .
االع''تراض الث''الث :س لمنا أن قول ه تع الىَ{ :و َي َّت ِب ْع َغ ْي َر َس ِبيِل اْلُم ْؤ ِمِنيَن } ي وجب تح ريم
المخالفة ،لكن لفظ {َغْي َر } و {َس ِبيِل } مفردان ،والمفرد ال عموم له فال يوجب ذلك تحريم كل
ما غاير سبيلهم ،بل يصدق بصورة وهو الكفر ونحوه مما ال خالف فيه.
والجواب :أنه يقتضي العموم لما فيه من اإلضافة ويدل عليه أنه يصح االستثناء منه فيق ال:
إال سبيل كذا واالستثناء معيار العموم .
واعلم أن إضافة {َغْي َر } ليست للتعريف على المشهور ،وفي التعميم بمثلها نظ ر يحت اج إلى
تأمل ،فقد يقال :إن هذه اإلضافة ال تقتضيه ،ويكون العموم تابعا للتعريف كم ا ك ان اإلطالق
تابعا للتنكير ،وكما لو زيدت الم التعري ف في الجم ع من الجم وع ,فإنه ا ال تقتض ي التعميم
لعدم التعريف.
الرابع :ال نسلم أن السبيل هو قول أهل اإلجماع بل دلي ل اإلجم اع ،وبيان ه :أن الس بيل لغ ة
هو الطريق الذي يمشى فيه ،وقد تعذرت إرادت ه هن ا فتعين الحم ل على المج از ،وه و إم ا
ق ول أه ل اإلجم اع ,أو ال دليل ال ذي ألجل ه أجمع وا ،والث اني أولى لق دم العالق ة بين ه وبين
الطريق ،وهو كون كل واحد منهما موصال إلى المقصد.
وأجاب المصنف بأن الس بيل أيض ا يطل ق على اإلجم اع؛ ألن أه ل اللغ ة يطلقون ه على م ا
يختاره اإلنسان لنفسه من قول أو فعل ,ومنه قوله تعالىُ{ :ق ْل َه ِذِه َس ِبيِلي} [يوس ف]108 :
وإذا كان ك ذلك فحمل ه على اإلجم اع أولى لعم وم فائدت ه ,ف إن اإلجم اع يعم ل ب ه المجته د
والمقلد ،وأما الدليل فال يعمل به سوى المجتهد ،وهذا الجواب ذكره ص''احب الحاص''ل فتبع''ه
المصنف ،وهو أحسن مما قاله اإلمام.
وفي كثير من النسخ التي اعتمد عليها جمع من الشارحين ،جواب غير هذا وهو أنه يل زم
منه أن تكون مخالفة سبيل المؤمنين هي المشاقة؛ ألن دليل اإلجماع هو الكتاب والسنة ,وهذا
الجواب سيأتي في كالم المصنف جواب ا عن س ؤال آخ ر لكن على تق دير آخ ر ,فس قط ذل ك
السؤال مع جواب السؤال الذي نحن اآلن فيه. )) ...
5
5
المصدر السابق . ) ٢٨٧ ، ٢٨٦( ،
من المالحظ أن اإلمام اإلسنوي يذكر األدلة والعلل في سياق شرح مسألة المتن وكذلك أثن اء
ذكره لدليل المعترض ،وأثناء الرد عليها .
مثاله (( :قوله " :لنا " أي :الدليل على كونه حجة من ثالثة أوجه :
األول :وقد تمسك به الشافعي في الرسالة :قوله تعالى { :ومن ُيَش اِقِق الَّر ُسوَل ِم ْن َب ْع ِد َم ا
َت َب َّي َن َلُه اْلُهَد ى َو َي َّت ِبْع َغْي َر َس ِبيِل اْلُمْؤ ِمِنيَن ُنَو ِّل ِه َم ا َت َو َّلى َو ُنْص ِلِه َج َه َّن َم َو َس اَء ْت َمِص يًر ا } ،
[ النساء ، ] 115 :ووجه الداللة أن هللا تعالى جمع بين مش اقة الرس ول واتب اع غ ير س بيل
المؤمنين في الوعيد حيث قال ُ{ :نَو ِّلِه َم ا َت َو َّلى َو ُنْص ِلِه َج َه َّن َم } فيلزم أن يكون إتباع غير سبيل
المؤمنين محرما ؛ ألنه لو لم يكن حراما لما جم ع بين ه وبين المح رم ال ذي ه و المش اقة في
الوعيد ،فإنه ال يحسن الجمع بين حرام وحالل في وعيد بأن تقول مثال :إن زنيت وش ربت
الماء عاقبتك ،وإذا حرم اتباع غير سبيلهم وجب اتباع سبيلهم ؛ ألنه ال مخ رج عنهم ا أي :
ال واسطة بينهما ،ويلزم من وجوب اتباع سبيلهم كون اإلجماع .)) ...
6
مث''ال آخ''ر (( :التاس ع :س لمنا م ا قلتم ،لكن اآلي ة ت دل على وج وب اتب اع س بيل ك ل
المؤمنين ؛ ألن لفظ {اْلُمْؤ ِمِنيَن } جمع محلى باأللف والالم ،فيفيد العم وم وك ل المؤم نين هم
الموجودون إلى يوم القيامة ،فال يكون إجماع أهل العصر الواحد حجة لكونهم بعض األمة.
وأجاب المصنف بأن المراد ب المؤمنين هم الموج ودون في ك ل عص ر ،ف إن هللا تع الى لم ا
علق العقاب على مخالفتهم زجرا عنها وترغيبا في األخ ذ بق ولهم ،علمن ا أن المقص ود ه و
العمل ,فانتفى أن يكون المراد جميع المؤمنين الموجودين إلى يوم القيام ة؛ ألن ه ال عم ل في
يوم القيامة )) . 7
6
المصدر السابق . ) ٢٨٧ ( ،
7
المصدر السابق . ) ٢٨٨ ( ،
وجوابه أن فعل العبد من أفعال هللا تعالى على مذهب أهل الحق لما تق رر في علم الكالم أن
أفعال العباد مخلوقة هلل تعالى . )) ...
مث''ال آخ''ر (( :التاس ع :س لمنا م ا قلتم ،لكن اآلي ة ت دل على وج وب اتب اع س بيل ك ل
المؤمنين ؛ ألن لفظ {اْلُمْؤ ِمِنيَن } جمع محلى باأللف والالم ،فيفيد العم وم وك ل المؤم نين هم
الموجودون إلى يوم القيامة ،فال يكون إجماع أهل العصر الواحد حجة لكونهم بعض األمة.
وأجاب المصنف بأن المراد ب المؤمنين هم الموج ودون في ك ل عص ر ،ف إن هللا تع الى لم ا
علق العقاب على مخالفتهم زجرا عنه ا وترغيب ا في األخ ذ بق ولهم ,علمن ا أن المقص ود ه و
العمل ,فانتفى أن يكون المراد جميع المؤمنين الموجودين إلى يوم القيام ة؛ ألن ه ال عم ل في
يوم القيامة )) .
) ٨اآلراء المخالفة لإلمام البيضاوي
لم أقف على دراسة سابقة في هذا الموضوع .