Professional Documents
Culture Documents
جمعه ورتّبه:
عبدالغني علي آدم العيني الصومالي
بسم هللا الرحمن الرحيم
ومع ذاك التفنن العجيب ،والجمع المبهر ،واإلمامة في كثير من علوم الوحيين ،ووسائل فهم
األصلين :
فهو منقّح المذهب بالمنازع ،السيما في القرون المتأخرة ،مؤلفاته النافعة هي المرجع لدى من
سالكين ،ومنارات الراغبين المهتمين ،ما بين الطالبين والمفتيين ،تشبع
تأخر عنه ،مصبابيح ال ّ
وتقرب أحكام النوازل ألصحاب اإلجتهادات. ّ أصحاب البدايات ،وتكفي أولي التحقيقات ،
ومن أهم تلك المصنفات النافعات ،اختصاره للكتاب الكبير – فتح العزيز شرح الوجيز –
لإلمام البصير ،الحافظ الناقد إمام الملّة وفقيه زمانه ،الرافعي ،الذي رفع هللا شأنه بين أهل اإلسالم
،رحمة هللا على الجميع .
س ّماه بــــــــــــ :روضة ال ّ
طالبيين وعمدة المفتيين
سلك فيه طريقة متوسطة بين المبالغة في االختصار واإليضاح ،وحذف معظم األدلة وأشار الخفيات
منها ،واستوعب جميع فقه الكتاب المختصر منه ،حتى الوجوه الغريبة ،بل والمنكرات ،واقتصر
على األحكام دون مؤاخذة اللفظيات ،وض ّم إليه في أكثر المواطن تفريعات وتتمات ،وزيادات ،
واستدرك على اإلمام الرافعي في مواضع عدة ،والتزم ترتيب األصل إال في مواضع يسيرة ،
لغرض صالح ،ومقصد حسن )1(.
صله أحاط
أن من ح ّوذكر في مقدمته منبّها لمكانة الكتاب ...... :وأرجو -إن تم هذا الكتاب – ّ
بالمذهب وحصل له أكمل الوثوق به ،وأدرك حكم مايحتاج إليه من المسائل الواقعات ! ()2
حدد المصطلحات الفقهية في المذهب ،بكل دقّة وتحقيق لم يسبق إليه ،فذكر مراده من المصطلحاف
في مقدمة بعض كتبه ،كالروضة ،والمنهاج ،والمجموع ،والتحقيق ،وتوسع في األخير ببسط
المقدمة ووفّر شرحها أكثر من سابقيها .
إإل ّ
أن كثيرا ممن تأخر عنه استشكل عليه مراد اإلمام من مصطلح ( المختار)
ومامقصده منه فأحببت أن أشير في هذه السطور القليلة شيئا مما قيل حول هذا المصطلح ،وخاصة
في الروضة ،فإنّني تعرضت لهذا االستشكال عنماكنت أطالع بعض أجزاء هذا الكتاب المبارك ()3
وعليه جرى األهدل في سلم المتعلم المحتاج( ، )5واسثنى من ذالك :اختياره في عدم كراهية الماء
المش ّمس في الروضة ،فهو وجه ضعيف في المذهب .
ويرى اإلمام األسنوي ،أ ّن المختار في الروضة ليس هو مقابل األكثرين ،بل بمعنى الصحيح
والراجح ونحو ذالك كما في " المهمات " ()6
ويقول الكردي في الفوائد المدنية :مح ّل ما ذكر في التعبير بالمختار في غير "الروضة" أ ّماهي فقد
رأيت في كالم بعضهم ،أنّه حيث عبّر فيها بالمختار ولم ينبّه على أنّه مختار من حيث الدليل ،يكون
مراده أنّه مختار من حيث المذهب ،فهو بمعنى المعتمد من حيث المذهب ،فتنبّه له .
-1مقتبس من كالم اإلمام النووي في مقدمة الروضة ،في صدد الكالم عن منهجه في اختصار الكتاب راجع الروضة ،1 ،
111 ،111
- 2المصد السّابق 111 -1
ي هذا المصطلح أل ّن -1كان سبب كتابة هذه الورقات أنني كنت أطالع بعض أجزاء الروضة ،قبل مدة من الزمن ،فأشكل عل ّ
اإلمام لم يبيّن مراده منه في المقدمة بيان غيره من المصطلحات ،مثل األظهر ،واألصح ،والصحيح ،فلما بحثت ما قيل عنه
كتبته في دفتر ،ومضى الزمن حتى أتاحت لي الفرصة نشره في هذه الورقة ،رجاء النفع ألحد الطلبة الصغار أمثالي ،
وإضافة عالم بالمذهب فوائد جديدة في المقام ،ومعلومات لم نقف عليها.
-4مختصر الفوائد المكية فيمايحتاجه طلبة الشّافعية ،علوي بن أحمد السّقاف ،صـــ41
-5سلّم المتعلم المحتاج إلي معرفة رموز المنهاج ،أحمد ميقري شميلة األهدل ،النسخة المطبوع مع نجم الوهّاج للدميري .
-6المهمات في شرح الروضة والرافعي ،جمال الدين عبدالرحيم األسنوي ،جـــ 6صـــ 515
أن النووي لم يذكر في مقدمة "الروضة" حكم التعبير (بالمختار) كعادته في تعريفويؤيد ذالك ّ
المصطلحات التي يستعملها في الترجيحات .
وقال األسنوي أيضا كما في باب الوقف من "المهمات شرح الروضة والرافعي " في الكالم على
اشتراط القبول من الموقوف عليه ّ :
إن المختار في "الروضة " بمعنى الصحيح والراجح ونحو ذالك
ي أبوزعة العراقي :في "مختصرالمهمات "وقد قرر مثل هذا المعنى الول ّ
أن النووي في " شرح المهذب " ( )7قد يعبر بالصحيح فيما عبّر عنه في "الروضة " ويشهد له ّ
إن الصحيح ّ
أن القيراط الثاني البحصل إال بعد الفراغ من الدفن . بالمختار كقوله في الجنائز منهّ :
ونقال في الطالق عن فتاوى القفال :أنّه لوقال المرأته :يابنيتي ،وقعت الفرقة بينهما " زاد في
الروضة " المختار في هذه أنّه ال تقع به فرقة إذا لم تكن نيّة " وعبّرالناشري( )9في "إيضاحه "
بالصحيح بدل المختار في الروضة وهللا أعلم )10( .
إال ّ
أن األستاذ الدكتور :علي جمعة مفتي الديار المصريّة :
أن المختار والراجح والصواب ،بمعنى واحد فجعل المختار في مقابل المذهب ،والذي يظهر أيضا ّ
عنده ،وأنّه قد تكون في مقابل األص ّح ،فقد عبّر بها جميعا في مسألة واحدة ،وجعلها في مقابل
األصح .
فقال في مسألة الماء المش ّمس من الروضة :والمش ّمس في الحياض والبرك غيرمكروه باالتفاق وفي
الحارة ،واألواني المنطبعة ......قلت الراجح
ّ األواني مكروه على األصح بشرط أن يكون في البالد
من حيث الدليل أنّه اليكره مطلقا .
الصواب الجزم أنّه الكراهة فيه ،وهذا الوجه الذي حكاه المصنف ،وضعّفه ،وليس بضعيف بل هو
صواب الموافق الدليل.. ..... ،والجمهور ( يعني أصحاب المذاهب األخرى )أنّه الكراهة كماهوال ّ
المختار .
هذا ما أردت جمعه في هذه الورقة ،وهللا أعلم ،وصلى هللا وسلم ،وبارك على نبيه ،وآله وصحبه
أجمعين .
-11العالّمة العليجي ،محمد بن إبراهيم العليجي القلهاني ،صاحب الرسالة الماتعة ،تذكرة اإلخوان في بيان مصطلحات
تحفة المحتاج البن حجر الهيتمي .
- 12المدخل إلي دراسة المذاهب الفقهية ،علي جمعة محمد عبدالوهّاب صــــ 56
- 13الروضة ،جـــ 162 -164-5