You are on page 1of 34

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫الحمد هلل رب الع المين‪ ،‬والص الة والس الم على أش رف األنبي اء و المرس لين‪،‬‬
‫نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليماً كثيراً‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فهذه نبذة مختصرة في ذكر اعتقاد أئمة الهدى من الصوفية‪ :‬اإلمام الجنيد بن‬
‫أردت منه إب راز ما ك ان عليه أئمة الص وفية‬
‫محم د‪ ،‬وس هل التُس تري أنموذج اً‪ُ ،‬‬
‫المتق دمين من س المة المعتق د‪ ،‬وال تزام ُس نن األئمة المتب وعين‪ ،‬وذلك بجمع أق والهم‬
‫المعروفة من مصادرها األصلية دون ما زاده المتأخرون من الصوفية‪ ،‬وما توسعوا في‬
‫نسبته لهم من األقوال والكتب‪ ،‬وعلى هذا انتظم البحث في القضايا اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬ترجمة مختص رة لإلم ام الجنيد رحمه اهلل‪ ،‬مع بي ان ما يصح له من كتب‬
‫ورسائل‪.‬‬
‫‪ -2‬جمع المروي ات عنه في مس ائل االعتق اد ‪ -‬وقد اقتص رت على بعض ها لك ثرة‬
‫ماروي عنه ‪.-‬‬
‫‪ -3‬ترجمة مختصرة لإلمام سهل التستري رحمه اهلل مع بيان ما يصح له من الكتب‬
‫والرسائل‪.‬‬
‫‪ -4‬جمع المرويات عنه في مسائل االعتقاد‪ ،‬والمراد البعض دون الكل‪.‬‬
‫أسأل اهلل السداد في القول والعمل‪.‬‬

‫وكتب‬
‫د‪ .‬عبداهلل بن صالح البراك‬
‫األستاذ المشارك بكلية‬
‫التربية‬
‫جامعة الملك سعود‬

‫‪1‬‬
‫من الصعوبات التي تواجه الباحث في دراسة التصوف والمتصوفة‪:‬‬
‫دم تمي يز بداية التص وف الحقيقي‪ ،‬والتص وف‪ -‬كما ال يخفى‪ -‬لم يكن قبل‬ ‫‪ -‬ع ُ‬
‫اإلسالم ‪,‬ولم يكن أح ٌد من الصحابة أو التابعين صوفياً‪ ،‬وكان تعبير ابن الجوزي‬
‫دقيق اً في كتابه "ص فة الص فوة" لما جعل الص حابة والت ابعين ومن بع دهم زه اداً‪،‬‬
‫وتحول إلى قضايا أخرى‪.‬‬
‫ورتبهم على طبقات‪ ,‬ثم تطور الزهد في أول نشأته‪َّ ،‬‬
‫‪ -‬ال شك أن دخ ول األدعي اء (س لوكاً وق والً) وجعل ما يص در منهم َحكم اً على‬
‫أثر كبير في نقل صورة مشوهة عن أئمة الص وفية المتقدمين(‪ ،)1‬وقد‬
‫الص وفية له ٌ‬
‫َّ‬
‫حذر السراج في مقدمة كتابه من المتشبعين بأهل التصوف(‪.)2‬‬
‫دون تجربته وما‬
‫كل إمام يُ ِّ‬
‫‪ -‬أن أخذ بعض أق وال أئمة التص وف العام ة‪ ،‬وخاصة أن َّ‬
‫يجده هو في نفسه من معايشته لتجربته‪ ...‬يشكل خلطاً عند المتلقي!‪.‬‬
‫‪ ‬بعض المنتسبين و ُكتَّاب المتصوفة جعلوا المروي عن المتأخرين منهم هو األصل‬
‫‪,‬ويحك ون األق وال والقصص المستش نعة ‪,‬فيظن بعض الب احثين أن ه ذا هو دين‬
‫الصوفية كلهم(‪.)3‬‬
‫يقول د‪ .‬محمود النواوي‪" :‬وأما التصوف المخلوط بالشطح والبدع الخارجة‬
‫عن سنن األولين من السلف الصالحين‪ ،‬فإنه شيء إثمه أكبر من نفعه‪.)4("..‬‬
‫قديم جداً‪ ,‬يمكن أن يُمثل بما ذكر السراج في "اللمع"‪ :‬باب في‬
‫وهذا األمر ٌ‬
‫كلمات شطحيات تحكى عن أبي يزيد قد فسر الجنيد طرفاً منها(‪.)5‬‬
‫ومن اآلف ات في كتب التص وف‪ :‬ع دم تح ري الدقة في النقل وض بط األق وال‬
‫والوقائع المروية(‪.)6‬‬

‫‪1‬‬
‫مثل كتابات المستشرقين عن التصوف‪ .‬راجع من قضايا التصوف للجلنيد ص‪.46‬‬ ‫(? )‬
‫‪2‬‬
‫اللمع ص‪ 19‬و ص‪ ،529‬والسهروردي في عوارف المعارف ص‪ 76‬الباب التاسع‪،‬‬ ‫(? )‬
‫والشاطبي في االعتصام ‪.1/90‬‬
‫‪3‬‬
‫راجع الحلية ‪.4-1/3‬‬ ‫(? )‬
‫‪4‬‬
‫مقدمة التعرف ص‪.12-11‬‬ ‫(? )‬
‫‪5‬‬
‫اللمع ص‪.459‬‬ ‫(? )‬
‫‪6‬‬
‫مع المسلمين األوائل‪ ،‬مصطفى حلمي ص‪.118‬‬ ‫(? )‬

‫‪2‬‬
‫قواعد مهمة‪:‬‬
‫ْحظ تأكي دهم رحمهم‬
‫من القواعد المهمة لدراسة اعتق اد أئمة الص وفية أن ُيل َ‬
‫اهلل تع الى على أمر التوحيد والتواصي ب ه‪ ,‬من كما ذكر الكالب اذي في التع رف(‪،)1‬‬
‫والسراج في اللمع(‪.)2‬‬
‫وك ذا ما ي ورده أص حاب كتب العقائد المص نِّفين من الص وفية مثل ما ذكر‬
‫عم رو ابن عثم ان المكي – وهو من ص حب الجنيد – في كتابه "التع رف ب أحوال‬
‫العباد والمتعبدين" من التأكيد على أمر التوحيد وإثبات الصفات هلل تعالى(‪.)3‬‬
‫وقد أورد ابن َخ ِفيف في كتابه "اعتق اد التوحيد بإثب ات األس ماء والص فات"‬
‫أحببت أن أذكر عق ود أص حابنا المتص وفة‬
‫ُ‬ ‫أورد جمالً من االعتقاد ثم ق ال "إال أن ني‬
‫فيما أحدثه طائفة انتسبوا إليهم مما قد تخرصوا من القول مما نزه اهلل المذهب وأهله‬
‫من ذل ك"(‪ ،)4‬ومعمر األص بهاني في وص يته ألص حابه(‪ ،)5‬وأبو نعيم األص بهاني في‬
‫عقيدته(‪.)6‬‬
‫قال القشيري‪" :‬اعلموا أن شيوخ هذه الطائفة َبنَ وا قواعد أمرهم على أصول‬
‫صحيحة في التوحيد صانوا بها عقائدهم عن البدع‪ ،‬ودانوا بما وجدوا عليه السلف‬
‫وأهل السنة من توحيد ليس فيه تمثيل وال تعطيل"(‪.)7‬‬
‫وقد أث نى ابن تيمية على متق دمي الص وفية حيث ق ال‪" :‬وه ؤالء المش ائخ لم‬
‫يخرج وا في األص ول الكب ار عن أص ول (أهل الس نة والجماع ة)‪ ,‬بل ك ان لهم من‬
‫‪1‬‬
‫قال‪ ":‬فأول ما يلزم العبد‪ :‬االجتهاد في طلب هذا العلم وإحكامه على قدر ما أمكنه‬ ‫(? )‬
‫ووس عه طبعه وق وي عليه فهمه بعد إحك ام علم التوحيد والمعرفة على طريق الكت اب والس نة‪،‬‬
‫وإجماع السلف الصالح عليه‪ . ...‬ص‪.102‬‬
‫‪2‬‬
‫(?) قال‪ :‬باب ما ذكره عن المشايخ في اتباعهم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وتخصيصهم‬
‫في ذلك ص‪ ،144‬ومقدمة كتابه ص‪.21‬‬
‫‪3‬‬
‫ذكر هذا عنه‪ :‬أبو نعيم في الحلية ‪ ،292-10/291‬والسلمي في الطبقات ص‬ ‫(? )‬
‫‪ ،202‬والذهبي في العلو‪ 2/1225،‬والشعراني في الطبقات ‪.1/98‬‬
‫‪4‬‬
‫ذكر هذا عن ابن تيمية في الحموية ونقل عنه طويالً ص‪ ،405‬وابن القيم في‬ ‫(? )‬
‫اجتماع الجيوش ص‪.277‬‬
‫‪5‬‬
‫أورد وصيته ابن تيمية في درء التعارض ‪ ،6/256‬والحموية ص‪ ،377‬والذهبي في‬ ‫(? )‬
‫العلو‪2/1308.‬‬
‫‪6‬‬
‫أورد عقيدته ابن تيمية في الفتاوى ‪ ،5/190‬الدرء ‪ ،6/252‬والعلو‪2/1305.‬‬ ‫(? )‬
‫‪7‬‬
‫الرسالة ‪.24-1/23‬‬ ‫(? )‬

‫‪3‬‬
‫الترغيب في أصول أهل السنة والدعاء إليه والحرص على نشرها ومنابذة من خالفها‬
‫مع الدين والفضل والصالح ما رفع إليه به أقدارهم"(‪.)1‬‬
‫منهج الجمع‪:‬‬
‫الجنيد وسهل – رحمهما اهلل‪ -‬على‪:‬‬
‫اعتمدت في إيراد أقوال اإلمام ُ‬
‫ُ‬
‫المسند من أقوالهما‪ ،‬وما نُقل عنهما في الكتب واستفاض شهرة عنهما‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬ما نُقل مما يخ الف المعه ود عنهما(‪ ،)2‬أتوقف في نس بته‪ ،‬وُأوض حه بض مه إلى‬
‫المحكم من أقوالهم‪.‬‬
‫"والكالم المجمل من كالمهم يُحمل على ما يناسب سائر كالمهم"(‪.)3‬‬
‫‪ -‬ما روي من رس ائل مس تغربة فيها ألف اظ منك رة تخ الف المعه ود من األلف اظ‪،‬‬
‫أورد صدور رسائل الجنيد المعهودة عنه‪..‬‬
‫وتخالف ما ذكر صاحب "اللمع "لما َ‬
‫(‪ ،)4‬أو ما في الحلية(‪ ،)5‬وماسوى ذلك فإني أتوقف فيه‪.‬‬
‫ثم معصوم‬
‫والقاعدة التي نحاكم بهاالجنيد وسهالً ومن قبلهم ومن بعدهم‪ :‬أن ما َّ‬ ‫‪-‬‬
‫من الخطأ غ ير الرس ول ص لى اهلل عليه وس لم‪ ،‬وك ٌل يؤخذ من قوله وي ترك إال‬
‫صاحب القبر عليه الصالة والسالم‪ .‬وكما سبق فإن الصوفية أنفسهم قاموا بعملية‬
‫نقد ذاتي(‪.)6‬‬
‫تجمع ل دي مس ائل عدي دة‪ ,‬فه ذا جعل ني أقتصر على بعض‬
‫‪ -‬بعد جمع المروي ات ّ‬
‫المس ائل في مس ائل االعتق اد كما ت راه في ه ذا البحث‪ ،‬وأرج أت جملة من‬
‫المسائل لجزء آخر‪ ،‬منها‪:‬‬
‫الخوف‪ ،‬الرجاء‪ ،‬التوكل‪ ،‬اإلخالص‪ ،‬اإليمان‪ ،‬المحبة‪ ،‬رؤية اهلل‪ ،‬المعية‪ ،‬ال ُق رب‪،‬‬
‫الكرام ة‪ ،‬الس ماع‪ .‬ه ذا بالنس بة للجني د‪ ,‬وأما لإلم ام س هل‪ :‬المحب ة‪ ,‬الرؤي ة‪,‬‬
‫‪1‬‬
‫الفتاوى ‪ .3/377‬وراجع ج‪.11/10‬‬ ‫(? )‬
‫‪2‬‬
‫من صور التميز في المروي عن الجنيد أن ابن تيمية لما ذكر كلمة رويت عن‬ ‫(? )‬
‫الجنيد "انتهى عقل العقالء إلى الحيرة"‪ ...‬قال‪" :‬فهذا ال أعرفه من كالم الجنيد‪ ،‬وفيه نظر هل‬
‫قاله؟ ولعل األشبه أنه ليس من كالمه المعهود" الفتاوى ‪.11/391‬‬
‫‪3‬‬
‫االستقامة ‪.1/113‬‬ ‫(? )‬
‫‪4‬‬
‫اللمع ص‪.314-313‬‬ ‫(? )‬
‫‪5‬‬
‫الحلية ‪.265 ،260 ،10/257‬‬ ‫(? )‬
‫‪6‬‬
‫راجع تاريخ التصوف اإلسالمي‪ ،‬عبدالرحمن بدوي ص‪.83‬‬ ‫(? )‬

‫‪4‬‬
‫الكرامات‬
‫‪ُ -‬أعلق على بعض األق وال – باختص ار – مع اإلش ارة إلى أط راف المس ألة في‬
‫الهامش‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫الجنيد‪:‬‬
‫ُ‬
‫هو الجنيد بن محمد بن الجنيد النهاوندي‪ ،‬ثم البغدادي‪ ،‬ولد ببغداد سنة نيف‬
‫وعشرين ومئتين‪.‬‬
‫قال أبو نعيم‪ :‬كان في أول أمره يتفقه على مذهب أصحاب الحديث مثل أبي‬
‫عبيد وأبي ثور‪ ،..‬قال الخطيب‪ :‬وأسند الحديث عن الحسن بن عرفة‪.‬‬
‫ثم أقبل على ش أنه وتأله وتعبد وص حب الح ارث المحاس بي‪ ،‬وأبا حم زة‬
‫البغدادي "فسلك مسلكهما في التحقيق بالعلم واستعماله" قاله أبو نعيم‪.‬‬
‫قال الخطيب مؤكداً ذلك‪" :‬ثم اشتغل بالعبادة والزمها حتى علت ِسنه‪ ،‬وصار‬
‫شيخ وقته‪ ،‬وفريد عصره في علم األحوال والكالم على لسان الصوفية"‪.‬‬
‫قال ابن المناوي‪ :‬سمع الحديث الكثير من الشيوخ‪ ،‬وشاهد الصالحين‪ ،‬وأهل‬
‫فة وعُ ٍ‬
‫زوف‬ ‫المعرفة‪ ،‬ورزق من ال ذكاء وص واب الج واب‪ ،‬لم ير في زمانه مثله في ِع ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عن الدنيا‪.‬‬
‫يق ول عن نفسه – رحمه اهلل ‪ :-‬كنت ُأف تي في حلقة أبي ث ور الكل بي (م س نة‬
‫‪ )240‬ولي عشرون سنة‪.‬‬
‫وقد أف رد الهج ويري للجنيد فرقة س ماها (الجنيدي ة)‪ ،‬وف ّرق بينه وبين فرقة‬
‫(الطيفوريين) ص‪.419‬‬
‫محنة الجنيد‪:‬‬
‫ال يمكن ل دارس الجنيد أن يمر م رور الك رام على ه ذه الفتن ة‪ ،‬وال تي ط الت‬
‫الص وفية‪ ،‬والجنيد خاص ة‪ ،‬واتهم فيها ب الكفر والزندقة(‪ ...!)1‬وك ان المح ّرض لها‬
‫رجل يُدعى‪ :‬غالم خليل(‪ ،)2‬أنكر على بعض الصوفية قولهم في المحبة‪ ،‬وكان يقول‪:‬‬
‫الخوف أولى بنا‪ ،...‬فطلبهم بأمر الخليفة فاختفى عامتهم‪ ،‬وبعضهم خلّصته العامة‪.‬‬
‫ووص فه‪ -‬أي غالم خلي ل‪ -‬الهج ويري بأنه رجل م رائي‪ ،‬وي دعي التص وف‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫اللمع ص‪.500‬‬ ‫(? )‬
‫‪2‬‬
‫اسمه أحمد بن محمد بن غالب الباهلي البصري‪ ،‬كان رجالً صالحاً إال أنه يروي‬ ‫(? )‬
‫الكذب الفاحش‪ ،‬ويرى وضع الحديث‪ ،‬مات سنة‪275‬هـ‪.‬‬
‫انظر تاريخ بغداد ‪ ،5/78‬السير ‪.13/282‬‬
‫وخبر الفتنة في الحلية ‪.10/249‬و السير ‪ ، ،14/74,71 ، ،13/284‬الكامل ‪/‬‬

‫‪6‬‬
‫وذكر سعيه إلى الخليفة ص‪.349‬‬
‫ويرى صاحب كتاب "اإلمام الجنيد" زهير ظاظا أن القصة مختلقة‪ ،‬ولم يُورد‬
‫ال دليل على ه ذا االختالق‪ ،‬إال ت ردد بعض الم ترجمين في تفاص يل القصة ‪,‬وه ذا ال‬
‫(‪) 1‬‬
‫يكفي في رد القصة والفتنة‪.‬‬
‫وأطبق علماء التراجم على الثناء عليه‪ ،‬وعلى فضله وزهده‪ ,‬فمن ذلك‪:‬‬
‫الجنيد رحمه اهلل ممن أحكم علم ا لشريعة(‪.)2‬‬
‫قال أبو نعيم‪ :‬كان ُ‬
‫مقبول على جميع األلسنة"(‪.)3‬‬
‫ٌ‬ ‫وقال السلمي‪" :‬وهو من أئمة القوم وسادتهم‪،‬‬
‫وقال ابن تيمية‪ " :‬أحد األئمة العارفين" (‪.)4‬‬
‫وقال السبكي‪" :‬سيد الطائفة َّ‬
‫ومقدم الجماعة"(‪.)5‬‬
‫وعلَم األولي اء في‬
‫وق ال ال ذهبي‪" :‬ك ان ش يخ الع ارفين وقُ دوة الس ائرين َ‬
‫زمانه"(‪.)6‬‬
‫كتبه‪:‬‬
‫لم ينص أح ٌد من المتقدمين على الكتب التي تنسب إليه إال ما نجده عند ابن‬
‫الن ديم في "الفهرس ت"‪ ،‬فهو يق ول‪ :‬له من الكتب‪ :‬كت اب المحب ة‪ ،‬الخ وف‪ ،‬ال ورع‪،‬‬
‫الرهبان(‪ ،)7‬ولذا يحيط الشك بنسبتها إليه‪ ،‬ما عدا رسائله التي لم تخل من إضافات‬
‫المتأخرين سيّما العجم منهم(‪.)8‬‬
‫سمى له السراج في اللمع كتاب "تفسيركالم أبي يزيد"(‪.)9‬‬
‫له جملة من الرسائل منها‪:‬‬
‫‪ -‬القصد إلى اهلل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫(?) ص‪44:‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.10/281‬‬ ‫(? )‬
‫‪3‬‬
‫ص‪.155‬‬ ‫(? )‬
‫‪4‬‬
‫الصفدية ‪.1/266‬‬ ‫(? )‬
‫‪5‬‬
‫‪.2/260‬‬ ‫(? )‬
‫‪6‬‬
‫تاريخ اإلسالم ص‪ ،118‬وفيات سنة ‪.298‬‬ ‫(? )‬
‫‪7‬‬
‫ص‪.237‬‬ ‫(? )‬
‫‪8‬‬
‫اإلمام الجنيد ص‪.28‬‬ ‫(? )‬
‫‪9‬‬
‫ص‪ .459‬ويراجع شطحات الصوفية‪ ،‬و مقدمة العقل وفهم القرآن ص‪.111‬‬ ‫(? )‬

‫‪7‬‬
‫‪ -‬السر في أنفاس الصوفية‪.‬‬
‫الفرق بين اإلخالص والصدق(‪.)1‬‬ ‫‪-‬‬
‫وغيرها من الرس ائل‪ ،‬وله أس ئلة موجهة إلى علم اء مثل كت اب الجنيد إلى‬
‫عم رو بن عثم ان المكي(‪,)2‬كتابه الجنيد إلى يوسف بن يح يى وغيره ا‪ ،‬وه ذه قد‬
‫أوردها من المتقدمين أبو نعيم في "الحلية" مما يطمن النفس في نسبة الرسائل إليه‪.‬‬
‫أما ما يتعلق بالكتب‪:‬‬
‫كتاب تصحيح اإلرادة‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫كشف المحجوب ص‪.584‬‬ ‫نص عليه الهجويري في‬
‫رسائل الجنيد‪:‬‬
‫ويمكن أن نمثل لنموذج من النقد الموجه للرسائل‪:‬‬
‫أ‪ -‬رسالة الجنيد إلى أبي يعقوب يوسف بن الحسن الرازي‪.‬‬
‫نشرها د‪ .‬علي حسن عبدالقادر في رسائل الجنيد‪.‬‬
‫وأث ار د‪ .‬مج دي محمد إب راهيم التش كيك في ص حة الرس الة من وج وه؛ ألن‬
‫بعض الفص ول ال يتفق وروح منهجه وأس لوبه في الع رض‪ ،‬وطريقته في اس تخدام‬
‫الجمل‪ ،‬وتركيبات العبارة‪.)3(...‬‬
‫ب‪ -‬رسالة القصد إلى اهلل‪.‬‬
‫ق ال د‪ .‬رجب جم ال‪ ،‬دار خالف‪ :،‬ف يرى نيكلس ون في مجلة إس المكا‪ ،‬أن‬
‫ه ذا الكت اب ليس من عمل الجني د؛ ألن فيه نص اً مؤرخ اً س نة ‪395‬هـ‪ ،‬ثم رأى‬
‫الدكتور أن الخطأ قد يكون من الناسخ! ص‪ 17‬هامش (‪.)1‬‬
‫وفاته‪:‬‬
‫توفي سنة ‪298‬هـ يوم الجمعة في بغداد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ط التعريف بها زهير ظاظا في كتابه "اإلمام الجنيد" ص‪ ،132‬وجعل لها عنواناً‬ ‫سَ‬‫بَ َ‬ ‫(? )‬
‫آخر "كتب منسوبة إلى الجنيد‪".‬‬
‫‪2‬‬
‫جمعها كاملة د‪ .‬جمال رجب سيد في كتاب واحد سماه "رسائل الجنيد" طبع أخيراً‬ ‫(? )‬
‫س نة ‪1425‬هـ‪ .‬وقد طبع بعض ها من قبل علي حسن عب دالقادر (ح والي أحد عشر مخطوط اً)‬
‫لكن جميع المخطوطات التي اعتمد عليها ُكتبت بعد سنة األلف هجرية!!‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫التصوف السني حال الفناء بين الجنيد والغزالي ص‪ 308‬هامش (‪.)1‬‬ ‫(? )‬

‫‪8‬‬
‫أهم مصادر ترجمته‪:‬‬
‫طبقات الصوفية ص‪.155‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬حلية األولياء ‪10/255‬‬
‫تاريخ بغداد ‪.7/241‬‬ ‫‪‬‬
‫طبقات الشافعية ‪.2/260‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬السير ‪.14/66‬‬
‫تاريخ اإلسالم ص‪ ،118‬وفيات سنة ‪.298‬‬ ‫‪‬‬
‫الطبقات الكبرى للشعراني ‪.1/72‬‬ ‫‪‬‬
‫طبقات األولياء البن الملقن ‪.126‬‬ ‫‪‬‬

‫‪9‬‬
‫(‪)1‬‬
‫(لوازم الطريق‪ ،‬وصفات السالكين)‬

‫(‪)2‬‬
‫‪-1‬ق ال الجني د‪" :‬الط رق كلها مس دودةٌ على الخل ق‪ ،‬إال على من اقتفى‬
‫أثر(‪ )3‬الرس ول ص لى اهلل عليه وس لم‪ ،‬واتبع س نته‪ ،‬ول زم طريقت ه‪ ،‬ف إن ط رق الخ يرات‬
‫كلها مفتوحة عليه"(‪.)4‬‬
‫‪-2‬وقال الجنيد‪" :‬من لم يحفظ القرآن‪ ,‬ولم يكتب الحديث ال يُقتدى به في‬
‫هذا األمر؛ ألن علمنا هذا مقيّد بالكتاب والسنة"(‪.)5‬‬
‫وساق في الحلية بسنده‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪-3‬ق ال غ ير م رة‪" :‬علمنا مض بوطٌ‪ :‬الكت اب(‪ )6‬والس نة‪ ،‬من لم يحفظ الق رآن‬
‫ولم يكتب الحديث‪ ،‬ولم يتفقه ال يقتدى به"(‪.)7‬‬
‫‪-4‬وس ئل عن أول مق ام التوحيد فق ال‪ :‬ق ول رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫"كأنك تراه"(‪.)8‬‬
‫التعليق‪:‬‬
‫وه ذه النص وص "تنبه على أنهم ك انوا مجمعين على تعظيم الش ريعة‪ ،‬متص فين‬
‫بس لوك طريقة الرياض ة‪ ،‬متفقين على متابعة الس نة‪ ،‬غ ير مخلِّين بش يء من آداب‬
‫الديان ة‪ .‬وب وب الس راج في اللمع على ذلك بقول ه‪" :‬ب اب ما ذك ره عن المش ايخ في‬

‫‪1‬‬
‫هذه العناوين من تأليفي للتوضيح‪.‬‬ ‫(? )‬
‫‪2‬‬
‫وقفواً‪ ،‬وهو أن يُتبع‬
‫اقتفى‪ :‬من القفو‪ ،‬مصدر قولك‪ :‬قفا يق ُفو قفواً ّ‬ ‫( ?)‬
‫الشيء‪.‬‬
‫اللسان "قفا" والقاموس "قفا"‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫أثر‪ :‬هو بقية الشيء أو هو ما يؤثره الرجل بقدمه في األرض‪.‬‬ ‫(? )‬
‫اللسان "أثر"‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ ،‬الحلية ‪ ،10/257‬وعنه ابن الجوزي في التلبيس ‪ 1/78‬ح‪ ،28‬والخطيب في‬ ‫(? )‬
‫الفقيه والمتفقه ‪ ،1/150‬ورواه السلمي في الطبقات ص‪.159‬و الرسالة ‪1/117‬‬
‫‪5‬‬
‫الرسالة ‪.1/118‬‬ ‫(? )‬
‫ولفظ آخر في اللمع ص‪ ،144‬وتاريخ بغداد ‪" :7/243‬علمنا هذا مشتبك بحديث رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم"‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫في "التلبيس"‪ :‬بالكتاب‪.‬‬ ‫(? )‬
‫‪7‬‬
‫الحلية ‪ ،10/255‬وعنه تاريخ بغداد ‪ ،7/243‬وعنه في التلبيس ‪ 3/989‬ح‪،194‬‬ ‫(? )‬
‫والسبكي في الطبقات ‪ ،2/273‬والذهبي في السير ‪.14/67‬‬
‫‪8‬‬
‫الزهد للبيهقي ح‪ 972‬ص‪.355‬‬ ‫(? )‬

‫‪10‬‬
‫اتباعهم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وتخصيصهم في ذلك" "(‪.)1‬‬
‫فس ر كالم اإلم ام الجنيد وغ يره في التقيد بالكت اب والس نة‪ ،‬أنهم‬
‫‪ ‬ال يقبل أن يُ َّ‬
‫(‪)2‬‬
‫الب بال دليل‬
‫مفس ر كالمه ه ذا التفس ير مط ٌ‬
‫أرادوا دفع المش قة عن النفس ‪ ،‬إلن ِّ‬
‫والبرهان‪.‬‬
‫‪ -5‬قال الهروي في ذم الكالم ‪:‬‬
‫وس اق بس نده إلى الجنيد "أقل ما في الكالم س قوط هيبة ال رب من القلب‪،‬‬
‫والقلب إذا عري عن الهيبة من اهلل‪ ،‬فقد عري من اإليمان"(‪.)3‬‬

‫الكالم ال ذي ح ذر منه اإلم ام الجنيد الم راد به ما دخل على المس لمين من إثب ات‬ ‫‪‬‬
‫العقائد باألدلة العقلية والمقاييس المنطقية البعيدة عن الوحي‪.‬‬
‫وقد روي عن أئمة المذاهب األربعة نحو هذا الكالم‪ ،‬من ذلك‪:‬‬
‫قول اإلمام مالك‪" :‬إياكم والبدع‪ .‬فقيل‪ :‬يا أبا عبداهلل وما البدع؟ قال‪ :‬أهل‬
‫البدع الذين يتكلمون في أسماء اهلل وصفاته وكالمه وعلمه وقدرته‪ ،‬ال يسكتون عما‬
‫سكت عنه الصحابة والتابعون لهم بإحسان"(‪.)4‬‬
‫وقال اإلمام الشافعي‪" :‬إن سألك رجل عن شيء من الكالم فال تجبه"(‪.)5‬‬
‫بل وصل ببعضهم تكفير عوام المسلمين(‪.)6‬‬
‫* وه ذا ال يمنع من المجادلة للمخ الف‪ ،‬فال ريب أن ه ذا قد يك ون واجب اً أو‬
‫مستحباً‪ ،‬وما كان كذلك لم يكن مذموماً في الشرع(‪.)7‬‬

‫‪1‬‬
‫وراجع الرسالة للقشيري ‪.1/186‬‬ ‫(?)ص‪144‬‬
‫‪2‬‬
‫المصادر العامة للتلقي عند الصوفية ص‪ ،183‬وكرره في الخاتمة ص‪.707‬‬ ‫(? )‬
‫‪3‬‬
‫واله روي في ذم الكالم ‪ 4/374‬ح‪ ،1241‬والمنتخب من كتابه للمق ريء ص‪،95‬‬ ‫(? )‬
‫والسير ‪.14/68‬‬
‫‪4‬‬
‫أخرجه الهروي في ذم الكالم ‪ ،4/115‬وأبو القاسم األصبهاني في الحجة‬ ‫(? )‬
‫‪.1/103‬‬
‫‪5‬‬
‫أخرجه الهروي في ذم الكالم ‪ ،4/115‬والبيهقي في مناقب الشافعي ‪.1/460‬‬ ‫(? )‬
‫‪6‬‬
‫حكاه الغزالي في فيصل التفرقة ص‪.140‬‬ ‫(? )‬
‫‪7‬‬
‫درء التعارض ‪.7/156‬‬ ‫(? )‬

‫‪11‬‬
‫(التوحيد)‬

‫إفراد ِ‬
‫القدم من الحدث"(‪.)1‬‬ ‫‪-6‬قال الجنيد‪" :‬التوحي ُد ُ‬
‫‪-7‬وق ال الجني د‪" :‬التوحي د‪ :‬علمك وإق رارك ب أن اهلل ف رد في أزليت ه‪ ،‬ال ث اني‬
‫معه‪ ،‬وال شيء يفعل فعله"(‪.)2‬‬
‫‪-‬وسئل الجنيد عن التوحيد فقال‪:‬‬
‫‪ُ 8‬‬
‫الموحد بتحقيق وحدانيته بكم ال أحديت ه‪ :‬أنه الواح د‪ ،‬ال ذي لم يل د‪،‬‬
‫َّ‬ ‫"إف راد‬
‫ولم يول د‪ ،‬بنفي األض داد‪ ،‬واألن داد‪ ،‬واألش باه‪ ،‬بال تش بيه‪ ،‬وال تك ييف‪ ،‬وال تص وير‪،‬‬
‫وال تمثيل (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)"(‪.)3‬‬
‫وأطول منه في اللمع (‪.)4‬‬

‫التعليق‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫الرسالة ‪ ،29-1/28‬وكشف المحجوب ص‪.521‬‬ ‫(? )‬
‫‪ ،‬وفي اللمع رد على الحلولية ص‪ ،541‬وعين الجمع ص‪.549‬‬
‫قال ابن القيم‪ :‬اإلفراد الذي أشار إليه الجنيد نوعان‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬إفراد في االعتقاد والخبر وذلك نوعان أيضاً‪:‬‬
‫أح دهما‪ :‬إثب ات مباينة ال رب تع الى للمخلوق ات‪ ،‬وعل وه ف وق عرش ه‪ ...‬كما نطقت به الكتب‬
‫اإللهية من أولها إلى آخرها‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬إفراده سبحانه بصفات كماله‪ ...‬كما أثبتها لنفسه‪ ،‬وأثبتها له رسله‪.‬‬
‫والنوع الثاني من اإلفراد‪ :‬إفراد القديم عن المحدث بالعبادة – من التأله‪ ،‬والحب‪ ،‬والخوف‪،‬‬
‫والرجاء‪ ،‬والتعظيم‪ ،‬واإلبانة‪ ،‬والتوكل‪ ،‬واالستعانة‪. ...‬‬
‫إلى أن قال‪" :‬ولذلك كانت عبارة الجنيد عن التوحيد عبارة سادة مسددة" المدارج ‪-3/445‬‬
‫‪.446‬‬
‫قال الهجويري معلقا‪" :‬أي أنك ال ترى القديم محل الحوادث‪ ،‬والحوادث محل القديم‪ ،‬وتعلم‬
‫أنه الحق تعالى قديم‪ ،‬وأنك بالضرورة محدث‪ ،‬وال يتصل به شيء من جنسك‪ ،‬وال يمتزج بك‬
‫أي شيء من صفاته‪ "...‬ص‪.522‬‬
‫‪2‬‬
‫الرسالة ‪.1/35‬‬ ‫(? )‬
‫وقال ابن تيمية‪" :‬هذا المذكور عن الجنيد‪ ...‬حسن وصواب" االستقامة ‪.1/148‬‬
‫‪3‬‬
‫الرسالة ‪ 1/31‬وفي ‪ 2/583‬وأطول منه في اللمع ص‪49‬‬ ‫(? )‬
‫وقال ابن تيمية‪ :‬ولم يسنده – يعني القشيري –‪ .‬االستقامة ‪.1/145‬‬
‫‪4‬‬
‫فسر أبو نصر السراج جواب اإلمام الجنيد في التوحيد؛ بأنه أشار إلى توحيد العامة‬ ‫ّ‬ ‫(? )‬
‫وتوحيد الخاصة‪ . ...‬اللمع ص‪.49‬‬
‫وه ذا يحت اج إلى دليل من كالم الجنيد رحمه اهلل‪ ،‬فأقواله مبثوثة ليس فيها ه ذا التقس يم‪،‬‬
‫فاعتق اد الجنيد ومش ايخ الطريقة في مس ائل أص ول ال دين – إن ثبت النقل عنهم – يُقبل منه ما‬
‫دل عليه الكتاب والسنة‪ ،‬وما وافقوا فيه أئمة المشايخ‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪12‬‬
‫‪ -1‬مقص ود الجنيد التوحيد ال ذي يُش ير إليه المش ايخ وهو التوحيد في القصد‬
‫واإلرادة‪ ،‬وما يَ ْدخل في ذلك من اإلخالص والتوكل والمحب ة‪ ،‬وهو أن ُي ْف َر َد‬
‫الح ّق س بحانه – وهو الق ديم – به ذا كل ه‪ ،‬فال يش ركه في ذلك مح دث‪،‬‬
‫وتمييز الرب من المربوب في اعتقادك وعبادتك‪.)1(...‬‬
‫فهم الجنيد الف رق بين ما ي أمر اهلل ب ه‪ ،‬وما ينهى عن ه‪ ،‬وهو الف رق بين ما يحبه‬
‫ويبغض ه‪ ،‬ومن لم يس لك في الق در مس لكه‪ ،‬بل س وى بين الجمي ع‪ ،‬لزمه أن ال يُف رق‬
‫بين الحس نات والس يئات‪ ،‬فال يق ول‪ :‬إن اهلل يحب ه ؤالء وه ذه األعم ال‪ ،‬وال يبغض‬
‫هؤالء‪ ،‬وهذه األعمال‪ .‬بل جميع الحوادث‪ :‬هو يحبها كما يريدها(‪.)2‬‬
‫‪ -2‬من القواعد المهمة في فهم نص وص األئم ة‪" :‬أن الكالم المجمل من كالمهم‬
‫يُحمل على ما يناسب س ائر كالمهم‪ ،‬وه ؤالء أك ثر ما يُبتل ون باالتحادية‬
‫والحلولية‪ ،‬الذين يجعلون الرب حاالً في المخلوقات محدوداً بحدودها"(‪.)3‬‬
‫ق ال الس راج‪" :‬وال ذي غلط في الحل ول‪ ،‬غلط ألنه لم يحسن أن يم يز بين‬
‫يح ُّل في القلوب‪ ،‬وإنما يُ ِح ُّل‬
‫أوصاف الحق‪ ،‬وبين أوصاف الخلق؛ ألن اهلل تعالى ال ُ‬
‫في القلوب اإليمان به‪ ،‬والتصديق له‪.)4("...‬‬
‫‪-9‬وق ال الجني د‪" :‬س ئل بعض العلم اء عن التوحيد فق ال‪ :‬هو اليقين‪ .‬فق ال‬
‫الس ائل‪ :‬بيّن لي ما ه و؟ فق ال‪ :‬هو معرفتك أن حرك ات الخلق وس كونهم فع ُل اهلل‬
‫وحدته"(‪.)5‬‬
‫وحده ال شريك له‪ ،‬فإذا فعلت ذلك فقد َّ‬

‫‪-10‬وق ال الجني د‪" :‬م تى يتص ُل من ال ش بيهَ له وال نظ ير له بمن له ش بيهٌ‬


‫‪1‬‬
‫االستقامة ‪.1/92‬‬ ‫(? )‬
‫‪2‬‬
‫شذرات البالتين ص‪.286‬‬ ‫(? )‬
‫‪3‬‬
‫االستقامة ‪.1/113‬‬ ‫(? )‬
‫‪4‬‬
‫اللمع ص‪ 542‬في باب ذكر غلط الحلولية‪.‬‬ ‫(? )‬
‫‪5‬‬
‫الرسالة ‪.1/40‬‬ ‫(? )‬
‫"الم راد هنا توحيد الربوبي ة‪ ،‬وأن اهلل رب كل ش يء ومليكه وخالق ه‪ ،‬وفيه ال رد على القدرية‬
‫ال ذين يجعل ون أفع ال العب اد خارجة عن قدرته وخلقه وملك ه‪ ,‬ومقص ود أهل التحقيق كالجنيد‬
‫وغ يره‪ ،‬أن يك ون ه ذا التوحيد للعبد خلقا ومقام اً‪ ،‬بحيث يعطيه ذلك كم ال توكله على اهلل‬
‫تع الى‪ ،‬وتفويضه إلي ه‪ ،‬والص بر لحكم ه‪ ،‬والرضا بقض ائه‪ ،‬ما لم يُخرجه ذلك إلى إس قاط األمر‬
‫والنهي‪ ،‬والثواب والعقاب" االستقامة ‪.1/179‬‬

‫‪13‬‬
‫وهم‪،‬‬
‫ف اللطيف من حيث ال َد ْرك وال ْ‬
‫ظن عجيب إال بما لَطَ َ‬
‫ات‪ ،‬ه ذا ٌ‬
‫ونظ ير؟ هيه ْ‬
‫وال إحاطة إال إشارةُ اليقين وتحقيق اإليمان"(‪.)1‬‬
‫‪-‬وحكي عن الجنيد أنه ق ال‪" :‬أش رف كلمة في التوحيد ق ول أبي بك ر‪:‬‬
‫‪ُ 11‬‬
‫سبحانه لم يجعل للخلق طريقاً إلى معرفته إال العجز عن معرفته"(‪.)2‬‬

‫‪1‬‬
‫الرسالة ‪.1/43‬‬ ‫(? )‬
‫تعرفه‬
‫وق ال ابن تيمية معلق اً‪" :‬ه ذا الكالم يقتضي أن العب اد إنما عرف وا ربهم بما لطف به من ُّ‬
‫إليهم‪،‬وهدايته إياهم بما أعطاهم‪ ،‬ال معرفة إدراك وإحاطة‪ .‬وهذا حسن‪ ،‬وربما يتضمن نوع اً من‬
‫محص الً للمعرفة المطلوب ة" االس تقامة‬
‫ال رد على طريقة أهل النظر ال ذين يجعلونه بمج رده ِّ‬
‫‪.1/184‬‬
‫‪2‬‬
‫اللمع ص‪ ،172‬وكشف المحجوب ص‪.525‬‬ ‫(? )‬
‫وقال الهجويري معلق اً‪" :‬وقد أخطأ العلماء في هذه الكلمة فيخالون أن العجز عن المعرفة هو‬
‫ع دم المعرف ة‪ ،‬وه ذا مح ال؛ ألن العجز يك ون في المح ال الموج ود وال يك ون في الح ال‬
‫المعدوم‪ ،‬كالميت فهو ال يكون عاجزاً في الحياة ويكون عاجزاً في الموت‪ ...‬وكذلك العارف‬
‫فهو ال يكون عاجزاً والمعرفة موجودة‪ ،‬ويكون هذا كضرورة‪ .‬وعلى هذا نحمل قول الصديق‬
‫رضي اهلل عنه" كشف المحجوب ص‪.525‬‬

‫‪14‬‬
‫(ومن منثور كالمه عن التوحيد)‬

‫‪-12‬قال الجنيد‪:‬‬
‫"إن أول ما يحت اج إليه من عقد الحكمة تعريف المص نوع ص انعه‪ ،‬والمح دث‬
‫كيف كان أحدثه‪ ،‬وكيف كان أوله‪،‬وكيف أحدث بعد موته‪ ،‬فيعرف صفة الخالق من‬
‫المخل وق‪ ،‬وص فة الق ديم من المح دث‪ ،‬فيع رف المرب وب رب ه‪ ،‬والمص نوع ص انعه‪،‬‬
‫والعبد الض عيف س يده‪ ،‬فيعب ده ويوح ده‪ ،‬ويعظمه وي ذل لدعوت ه‪ ،‬ويع ترف بوج وب‬
‫طاعت ه‪ ،‬ف إن لم يع رف مالكه لم يع ترف بالملك لمن اس توجبه‪ ،‬ولم يضف الخلق في‬
‫ت دبير إلى وليّ ه‪ ،‬والتوحيد علمك وإق رارك باهلل ف ر ٌد في أوليته وأزليت ه‪ ،‬ال ث اني مع ه‪،‬‬
‫وال ش يء يفعل فعل ه‪ ،‬وأفعاله ال تي أخلص ها لنفس ه‪ :‬أن يعلم أن ليس ش يء يضر وال‬
‫ينف ع‪ ،‬وال يعطي وال يمنع وال يس قم وال ي برى‪ ،‬وال يرفع وال يض ع‪ ،‬وال يخلق وال‬
‫يرزق‪ ،‬وال يميت وال يحيي‪ ،‬وال يسكن وال يحرك غيره جل جالله"(‪.)1‬‬
‫وقال الجنيد في جوابات الشاميين‪:‬‬
‫‪"-13‬التوكل عمل القلب(‪ ،)2‬والتوحيد قول القلب"(‪.)3‬‬
‫‪-14‬وقال الجنيد في موضع آخر وسئل عن المعرفة فقال‪:‬‬
‫"‪ ...‬وأعلم خلقه به أش دهم إق راراً ب العجز عن إدراك عظمت ه‪ ،‬أو تكشف ذاته‬
‫لمعرفتهم بعجزهم عن إدراك من ال شيء مثله‪ ،‬إذ هو القديم وما سواه محدث‪ ،‬وإذ‬
‫هو األزلي وغيره المبدأ‪ ،‬وإذ هو اإلله وما سواه مألوه‪...‬‬

‫‪1‬‬
‫الحلية ‪ .10/256‬وهذا من األسئلة الشامية‪.‬‬ ‫(? )‬
‫‪2‬‬
‫عمل القلب‪ :‬هو النية واإلخالص والمحبة ولوازم ذلك وتوابعه‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫(? )‬
‫(وال تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)‪( ،‬وما ألحد عنده من نعمة تج زى‬
‫إال ابتغاء وجه ربه األعلى)‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫الرسالة ‪.1/47‬‬ ‫(? )‬
‫ذكر الجنيد هنا أن التوحيد قول القلب‪ ،‬فأضاف القول إلى القلب‪ ،‬وهذا مما ال نزاع فيه‪ :‬أن‬
‫القول والحديث ونحوهما مع التقييد يُضاف إلى النفس والقلب‪ .‬االستقامة ‪.1/210‬‬
‫وقول القلب هو‪ :‬تصديقه وإيقانه‪ ،‬كما قال تعالى‪( :‬والذي جاء بالصدق وصدَّق به أولئك هم‬
‫المتقون) الزمر ‪.34-33‬‬
‫وقوله عليه الص الة والس الم في ح ديث الش فاعة‪" :‬يخ رج من الن ار من ق ال ال إله إال اهلل وفي‬
‫قلبه من الخير ما يزن شعيرة" خ‪ ،13/473‬ومسلم ‪.1/177‬‬

‫‪15‬‬
‫وكل عالم فبعلمه َعلِ َم‪ .‬سبحانه األول بغير بداية‪ ،‬والباقي إلى غير نهاية‪ ،‬وال‬
‫يستحق هذا الوصف غيره‪ ،‬وال يليق بسواه‪...‬‬
‫فالش اهد على أدناها – أي المعرفة – اإلق رار بتوحيد اهلل‪ ،‬وخلع األن داد من‬
‫دونه‪ ،‬والتصديق به وبكتابه وفرضه فيه ونهيه"(‪.)1‬‬
‫‪-15‬ق ال أبو محمد الجري ري‪" :‬س معت الجنيد يق ول لرجل ذكر المعرفة‬
‫فقال الرجل‪ :‬أهل المعرفة باهلل يصلون إلى ترك الحركات من باب البر والتقرب إلى‬
‫قول ٍ‬
‫قوم تكلموا بإسقاط األعمال‪ ،‬وهذه عندي عظيمة‪،‬‬ ‫اهلل‪ .‬فقال الجنيد‪ :‬إن هذا ُ‬
‫والذي يسرق ويزني أحسن حاالً من الذي يقول هذا‪.)2("...‬‬
‫‪-16‬ونص آخر يؤكد أهمية العمل عن الجنيد ما ذك ره عند قوله تع الى‪:‬‬
‫(ودرسوا ما فيه) [األعراف ‪ .]169 /‬قال‪" :‬تركوا العمل به"(‪.)3‬‬
‫ويفهم من كالم الجنيد أيضاً أن المزية ال ترفع التكليف‪ ،‬وهذا ما عبر عنه أبو‬
‫زروق إذ ق ال‪" :‬ثب وت المزية ال يقضي برفع األحك ام‪ ،‬ولزومه‬
‫العب اس أحمد بن ّ‬
‫األحك ام ال يرفع خص وص المزيّ ة‪ ،‬فمن ثبت عليه أو لزمه حد وقع علي ه‪ .‬مع حفظ‬
‫حرمته اإليمانية أص الً‪ ،‬فال يُمتهن عرضه إال بحقه على ق در الحق المس وغ ل ه‪ ،‬وإن‬
‫ثبتت مزيّة دينية لم تُرفع إال بموجب رفعها"(‪.)4‬‬
‫وعقد الس َّراج فص الً في اللمع "ب اب في ذكر الفرقة ال تي غلطت في اإلباحة‬
‫والحظر والرد عليهم"‪.‬‬
‫ثم علّق "وإنما غلط وا في ذلك بدقيقة خفيت عليهم‪ ،‬من جهلهم باألص ول‬
‫‪1‬‬
‫الحلية ‪.10/258‬‬ ‫(? )‬
‫ه ذه العب ارات المؤك دة على أحد أرك ان المتص وفة المتحقق ة‪ ،‬وهي ما ع بر عنها أبو نعيم في‬
‫مقدمة كتابه "حلية األولي اء" ق ال‪" :‬ويش تمل كالم المتص وفة على ثالثة أن واع‪ :‬فأولها إش اراتهم‬
‫إلى التوحيد‪ ،‬والثاني كالمهم في المراد ومراتبه‪ ،‬والثالث في المريد وأحواله‪ .‬ثم لكل نوع من‬
‫الثالثة مسائل وفروع يكثر تعدادها‪.1/23 "...‬‬
‫ه ذا ما ظهر في تفص يل اإلم ام الجنيد في تفص يل ما يجب على العبد تج اه خالقه ومالك ه‪،‬‬
‫وتأكيده على أن المعرفة الحقة هي توحيده وخلعه األنداد من دونه‪. ...‬‬
‫‪2‬‬
‫الحلية ‪ ،10/278‬والسلمي في الطبقات ص‪.159‬‬ ‫(? )‬
‫وذُك رت منس وبة إلى كت اب "السر في أنف اس الص وفية" مخط وط نقال عن كت اب" التص وف‬
‫السني ص‪ 318‬هامش (‪.)4‬‬
‫‪3‬‬
‫طبقات الحنابلة ‪.1/128‬‬ ‫(? )‬
‫‪4‬‬
‫قواعد التصوف‪ .‬قاعدة ‪.83/50‬‬ ‫(? )‬

‫‪16‬‬
‫وقلة حظهم من علم الشريعة‪.)1("..‬‬
‫وهو في ذلك يمثل خ ير تمثيل قمة الش رع وقمة العق ل‪ ،‬وغاية ما ينتهي إليه‬
‫التصوف اإليجابي(‪.)2‬‬
‫عمن يس مع‬
‫ويوافق اإلم ام الجنيد أبو علي الروذب اري الص وفي حين س ئل َّ‬
‫المالهي ويق ول هي لي حالل‪ ،‬ألني وص لت إلى درجة ال ت ؤثر في اختالف األح وال‬
‫فقال‪ :‬نعم‪ ،‬وصل ولكن إلى سقر"(‪.)3‬‬

‫‪1‬‬
‫اللمع ص‪.538‬‬ ‫(? )‬
‫‪2‬‬
‫راجع الفلسفة الصوفية د‪ .‬عبدالقادر محمود ص‪.190‬‬ ‫(? )‬
‫‪3‬‬
‫الرسالة ص‪.26‬‬ ‫(? )‬

‫‪17‬‬
‫سهل التستري‪:‬‬
‫س هل بن عبداهلل بن ي ونس‪ ،‬التُس تري‪ ،‬نس بة إلى تُ ْس تَر‪ ،‬وبها مول ده س نة‬
‫‪200‬هـ‪ ،‬وقيل غيرها‪.‬‬
‫سوار‪ ،‬ولقي في الحج ذا النُّون المصري وصحبه‪.‬‬
‫صحب خاله محمد بن ّ‬
‫وك ان له ص لة بأهل الح ديث‪ ،‬وارتبط بهم ارتباط اً وثيق اً‪ ،‬إذ ك انوا موضع‬
‫إعجابه(‪.)1‬‬
‫قال أبو ྘عيم‪" :‬الشيخ المسكين‪ ،‬الناصح األمين‪ ،‬الناطق بالفضل الرصين‪."...‬‬
‫وقال الهجويري‪" :‬وكان من محتشمي أهل التصوف وكبارهم"‪.‬‬
‫وقال السلمي‪" :‬أحد أئمة القوم وعلمائهم‪."..‬‬
‫وقال الذهبي‪" :‬شيخ العارفين‪ ،..‬الصوفي الزاهد"‪.‬‬
‫وق ال في ت اريخ اإلس الم‪" :‬من أعي ان الش يوخ في زمان ه‪ ،‬يعد مع الجني د‪ ،‬وله‬
‫كالم نافع في التصوف والسنة"‪.‬‬
‫ووصف الهجويري طريقته‪ " :‬وطريقه االجتهاد‪ ،‬ومجاهدة النفس والرياضة"‪.‬‬
‫وقال‪" :‬إنه جمع بين الشريعة والحقيقة"‪.‬‬
‫وذكر السمعاني بأنه صاحب كرامات وآيات‪.‬‬
‫وقد ابتلي سهل بإخراجه من تُستر إلى البصرة‪ ،‬فبقي فيها حتى مات‪ ،‬وسبب‬
‫الس راج أنه قال‪" :‬التوبة فريضة على العبد مع كل نفس"(‪ ،)2‬فسعى من‬
‫ذلك كما قال ّ‬
‫سعى وهيج العامة وك ّف ره ونسبه إلى القبائح عند العامة حتى وثبوا عليه‪ ،‬وكان ذلك‬
‫سبب خروجه عن تُستر وانتقاله إلى البصرة رحمه اهلل(‪.)3‬‬
‫‪1‬‬
‫روى الهروي قيل سهل‪ :‬إلى متى يكتب الرجل الحديث؟ قال‪" :‬حتى يموت ويصب‬ ‫(? )‬
‫باقي حبره على قبره" ذم الكالم ‪ 4/383‬ح‪.1255‬‬
‫وروي عنه قوله‪" :‬احتفظوا بالسواد على البياض [عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم]فما أحد‬
‫ترك الظاهر إال خرج إلى الزندقة" ذم الكالم ‪ 4/378‬ح‪.1246‬‬
‫وروي عنه قول ه‪" :‬مثل الس نّة في ال دنيا كمثل الجنة في اآلخ رة‪ ،‬من دخل الجنة في اآلخ رة‬
‫سلم‪ ،‬ومن دخل السنة في الدنيا سلم" ذم الكالم ‪ 4/384‬ح‪.1257‬‬
‫قال الذهبي في تاريخ اإلسالم معلق اً‪" :‬هكذا كان مشايخ الصوفية في حرصهم على الحديث‬
‫سلة" ص‪.187‬‬ ‫الج َهلة البَطَلة اَأل َكلة ال َك َ‬
‫والسنة‪ ،‬ال كمشايخ عصرنا َ‬ ‫‪2‬‬
‫فسر التوبة في مواضع أخرى بأنها التوبة من الغفلة في كل طرفة ونفس‪. ..‬‬ ‫وفد ّ‬ ‫(? )‬
‫انظر قوت القلوب ‪.1/318‬‬
‫‪3‬‬
‫اللمع ص‪.499‬‬ ‫(? )‬

‫‪18‬‬
‫مؤلفاته‪:‬‬
‫لم يؤلف سهل أي مؤلف‪ ،‬ولم يذكر من ترجم له أي كتاب‪ ،‬إال ما نجده عن‬
‫ابن الن ديم حيث س مى له كت اب‪ :‬دق ائق المح بين‪ ،‬مواعظ الع ارفين‪ ،‬جواب ات أهل‬
‫اليقين(‪.)1‬وإنما الذي ُجمع عنه أونُسب له‪ :‬إجابات عن أسئلة أو تفسير لبعض اآليات‬
‫من الكتاب العزيز‪.‬‬
‫ق ال أحمد بن س الم‪" :‬كتب إلى س هل بن عبداهلل بخمسة آالف مس ألة‪ ،‬يع ني‬
‫في علم التوحيد والمعرفة واليقين والرضا والتوك ل‪ ،‬ق ال‪ :‬أنا أحفظه ا‪ ،‬وأحفظ‬
‫الجواب عنها"(‪.)2‬‬
‫ومما طبع له‪:‬‬
‫‪ -1‬تفس ير الق رآن العظيم(‪ ،)3‬لم يتع رض فيه لتفس ير الق رآن آية آي ة‪ ،‬بل تكلم عن‬
‫ات معين ة‪ ،‬وفيه إجاب ات أس ئلة ُوجهت إلى س هل‪ ،‬وهو من أوائل تفس ير‬ ‫آي ٍ‬
‫الص وفية‪ ،‬وفيه أق وال البن س الم(‪ ،)4‬وفيه غلو ب النبي ص لى اهلل عليه وس لم(‪،)5‬‬
‫واعتذار عن إبليس في تركه السجود(‪.)6‬‬
‫‪ -2‬المعارضة والرد على أهل الفرق وأهل الدعاوى في األحوال(‪.)7‬‬
‫هي إجابات ألسئلة وجهت إليه من تلميذه أبي الحسن أحمد بن سالم وغيره‪،‬‬
‫وهو الذي رواها‪ ،‬وموضوعاتها في التوحيد والمعرفة واليقين‪. ...‬‬
‫ولعل ال راوي أبا القاسم بن عب دالرحمن بن عبداهلل الزاهد هو من س ماه به ذا‬
‫‪1‬‬
‫ص‪.237‬‬ ‫(? )‬
‫‪2‬‬
‫المعارضة والرد ص‪.73‬‬ ‫(? )‬
‫‪3‬‬
‫نس به له سزكين في تاريخ التراث ‪ ،130-4/129‬وال زركلي في األعالم ‪،3/143‬‬ ‫(? )‬
‫وغ يرهم من المت أخرين‪ ،‬وعلى خالف ه ؤالء نجد المستش رق ماس نيون يق ول‪" :‬هو تفس ير‬
‫مفتعل" دائرة المعارف ‪.12/315‬‬
‫ف إن ك ان م راده أنه ُجمع بعد وف اة س هل فه ذا ص حيح‪ ،‬وإن أراد أنه مك ذوب ففيه ما هو‬
‫مك ذوب وفيه ما نُسب إلى س هل‪ .‬ولعل ال راوي للكت اب أب ابكر محمد بن أحمد البل دي‬
‫السجزي هو الذي رتب الكتاب لوجود إضافات فيه‪ .‬انظر ص‪.9 ،7 ،6 ،2‬‬
‫‪4‬‬
‫ص ‪. ...69 ،65 ،38‬‬ ‫(? )‬
‫‪5‬‬
‫ص‪.41-40 ،10 ،9‬‬ ‫(? )‬
‫‪6‬‬
‫ص‪.24‬‬ ‫(? )‬
‫‪7‬‬
‫نسبه له فؤاد سزكين وبروكلمان للصقلي‪ ،‬طُبع بتحقيق د‪ .‬محمد كمال جعفر في‬ ‫(? )‬
‫طبعته األولى سنة ‪1400‬هـ‪ ،‬ونسبه لسهل‪ .‬انظر مقدمته ص‪.62-58‬‬

‫‪19‬‬
‫االسم‪ ،‬مع أن المحقق لم يذكر أنه وجد هذا العنوان على المخطوط‪ ،‬وليس‬
‫في الكتاب ر ٌد على الفرق سوى مسائل قليلة جداً(‪.)1‬‬
‫ورواية أحمد بن سالم شيخ السالمية م سنة(‪.)2‬وتلميذ سهل المالزم له تؤيد ما‬
‫ذهب إليه بعض الباحثين من أن ابن سالم (األب) هو الذي جمع الكتب(‪.)3‬‬
‫‪ -3‬كالم س هل(‪ ،)4‬في خمسة أج زاء‪ ،‬وهو كالم مجم وع ال ترابط بين ه‪ ،‬بعضه‬
‫إجابته على سؤال‪ ،‬أو شرح آلية‪ ،‬أو موعظة‪ ،‬وفيه مسائل في التصوف‪ ،‬وليس‬
‫له إس ناد إلى س هل‪ ،‬وي رجح ف ؤاد س زكين أنه جمع في الق رن الس ابع‬
‫الهجري(‪.)5‬‬
‫ويظهر أن الكتاب ُجمع في فترات زمنية‪ ،‬قد يكون أول الكت اب جمعه تالميذ‬
‫س هل‪ ،‬ثم زاد من زاد على الكت اب‪ ،‬وورد فيه بعض ما هو مع روف عن‬
‫سهل(‪.)6‬‬
‫‪ -4‬الشرح والبيان لما أشكل من كالم سهل‪ .‬تأليف عبدالرحمن الصقلي م سنة‬
‫‪380‬هـ(‪ ،)7‬يذكر فيه قول سهل دون إسناد‪ ،‬ثم يشرع في شرحه‪ ،‬وفيه بعض‬
‫األقوال ال يصح إثباتها لسهل بمجرد نسبته(‪.)8‬‬
‫ومما نُسب إليه‪:‬‬
‫‪ -‬سلس بيل س هلية‪ ،‬نس بها إليه السنوسي م س نة ‪1276‬هـ‪ ،‬وهي ص يغ أذك ار ي زعم‬
‫أنها مأثورة عن سهل(‪.)9‬‬
‫رسالة الحروف‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫هذه الرسالة اهتم بها الفالسفة ومن شاكلهم اهتمام اً كبيراً‪ ،‬وقد نُقلت من طريق‬
‫‪1‬‬
‫انظر المقدمة ص‪ ،52‬والكتاب ص‪.81‬‬ ‫(? )‬
‫‪2‬‬
‫السير ‪.16/272‬‬ ‫(? )‬
‫‪3‬‬
‫مقدمة المعارضة ص‪.47‬‬ ‫(? )‬
‫‪4‬‬
‫طُبع بتحقيق د‪ .‬محمد كمال جعفر مع الشرح والبيان في كتاب واحد بعنوان‪:‬‬ ‫(? )‬
‫"الجزء الثاني من تراث التستري الصوفي" من ص‪.315-65‬‬
‫‪5‬‬
‫‪.4/130‬‬ ‫(? )‬
‫‪6‬‬
‫مثل االعتقاد‪ ،‬واألمر بالسنة‪ ،‬ويوافق "المعارضة" في مواضع‪.‬‬ ‫(? )‬
‫‪7‬‬
‫طُبع بتحقيق د‪ .‬محمد كمال جعفر‪ ،‬مكتبة الشباب‪.‬‬ ‫(? )‬
‫‪8‬‬
‫من ص‪.323‬‬ ‫(? )‬
‫‪9‬‬
‫دائرة المعارف ‪ ،12/314‬وراجع من التراث الصوفي ص‪ 82‬ج‪.1‬‬ ‫(? )‬

‫‪20‬‬
‫ابن مس ّرة م س نة ‪ ،)1(319‬وابن ع ربي لينس بوا ب اطلهم إليه ا‪ ،‬ويحتج وا على ص حة‬
‫مذهبهم‬
‫ونشرها الدكتور محمد كمال جعفر‪ ،‬وصحح نسبتها إلى سهل(‪.)2‬‬
‫ويعالج ابن مسرة الحروف ويفسرها على نمط باطني‪ ،‬ذَ َك َر في أولها قوالً لسهل‬
‫فقط ال غير(‪ ،.)3‬وأما رسالة سهل فلم يذكرها أح ٌد من المؤرخين منسوبة لسهل(‪.)4‬‬
‫ومن المعل وم أن لس هل كالم اً ح ول الح روف المقطعة في أوائل الس ور‪ ،‬وهي‬
‫محاولة لتفسير كيفية الخلق(‪.)5‬‬
‫أما من نقل الرسالة كابن مسرة وابن عربي ومن تابعهم فال يقبل من وجوه‪:‬‬
‫لم ت ذكر الرس الة في مؤلف ات س هل‪ ،‬وليست من طريق تالمي ذه‪ ،‬وال‬ ‫‪-1‬‬
‫سند لها(‪.)6‬‬
‫تضمنت الرسالة أقواالً ال يجوز أن تنسب إلى سهل(‪.)7‬‬ ‫‪-2‬‬
‫وذُكر له كتب أخ رى نس بها له من المت أخرين‪ :‬س زكين وبروكلم ان ود‪ .‬محمد‬ ‫‪-‬‬
‫كمال(‪.)8‬‬

‫‪1‬‬
‫وقد ذكروا في ترجمته أنه استتيب وروي عنه شناعات‪.‬‬ ‫(? )‬
‫انظ ر‪ :‬ج ذوة المقتبس ص‪ ،63‬وت اريخ العلم اء وال رواة ‪ ،2/39‬وكت اب من قض ايا الفكر ص‬
‫‪ .185‬وقد رد عليه بعض العلماء‪ .‬انظر من قضايا الفكر ص‪.184‬‬
‫‪2‬‬
‫طبعها د‪ .‬محمد كمال في كتابه "من التراث الصوفي لسهل" ص‪ ،375-366‬ومن‬ ‫(? )‬
‫قضايا الفكر ص‪ ،311‬وفي كتاب "من قضايا الفكر" ص‪ 198‬هامش (‪ )2‬قال‪ :‬تنسب – أي‬
‫لسهل – رسالة في الحروف!‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫من التراث الصوفي ص‪.317‬‬ ‫(? )‬
‫‪4‬‬
‫من التراث الصوفي ص‪.364‬‬ ‫(? )‬
‫‪5‬‬
‫من التراث ص‪.363-361‬‬ ‫(? )‬
‫‪6‬‬
‫راجع رد ابن تيمية على قول روي عن سهل كونه بال إسناد عن سهل‪ .‬االستقامة‬ ‫(? )‬
‫‪.1/208‬‬
‫‪7‬‬
‫مثل قوله‪" :‬الحروف هي القوى الروحانية المفردة‪ ،‬وهي أصل األشياء" خواص‬ ‫(? )‬
‫الحروف من قضايا الفكر ص‪.319‬‬
‫ثم ق ال بع دها‪" :‬وجميع الص فات ال تي وصف بها الخ الق – تع الى – نفسه إنما ُوج دت به ذه‬
‫القوة‪ ،‬وبها تعلقت وبها أحاط" المكونات" من التراث ص‪.368‬‬
‫وفيه‪" :‬كالم اهلل تعالى أعيان قائمة وأنوار روحانية اليحة وهي إرادته" من التراث الصوفي ص‬
‫‪367‬‬
‫‪8‬‬
‫تاريخ التراث ‪ ،4/130‬وتاريخ األدب لبروكلمان ق‪/2‬ص‪ ،401‬ود‪ .‬محمد كمال‬ ‫(? )‬
‫في التراث الصوفي لسهل‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫الثناء عليه‪:‬‬
‫تقدم كالم بعض أهل العلم‪ ،‬وما يضاف أيضاً فيما يتعلق بجانب العقيدة‪:‬‬
‫فقد أثنى ابن تيمية على عقيدته حيث قال‪" :‬وكالم سهل بن عبداهلل في السنة‬
‫وأصول االعتقادات أس ّد وأصوب من كالم غيره"(‪.)1‬‬
‫ويق ول في موضع آخ ر‪" :‬وكالم س هل بن عبداهلل وأص حابه في الس نة‬
‫والصفات والقرآن أشهر من أن يُذكر هنا‪.)2("...‬‬
‫ويمدحه اإلمام ابن القيم بسيد وشيخ الطائفة(‪.)3‬‬
‫وقد ذكر الهجويري ترجمة للفرقة السهلية وما تميزت به(‪.)4‬‬
‫وفاته‪:‬‬
‫ت وفي س هل رحمه اهلل في البص رة في المح رم س نة ثالث وثم انين ومئ تين (‬
‫‪283‬هـ)‪.‬‬
‫أهم مصادر ترجمته‪:‬‬
‫طبقات الصوفية ص‪ ،206‬الفهرست ص‪ 237‬ط‪ .‬دار المسيرة‪ ،‬حلية األولياء‬
‫‪ ،10/189‬األنساب ‪ 3/52‬ط‪ .‬الهند‪ ،‬السير ‪ ،13/330‬تاريخ اإلسالم وفيات سنة‬
‫‪ 283‬ص‪.186‬‬

‫‪1‬‬
‫االستقامة ‪.1/158‬‬ ‫(? )‬
‫‪2‬‬
‫االستقامة ‪.1/208‬‬ ‫(? )‬
‫‪3‬‬
‫المدارج ‪.3/139‬‬ ‫(? )‬
‫‪4‬‬
‫ص‪.426‬‬ ‫(? )‬

‫‪22‬‬
‫(طريق السالكين)‬

‫‪-1‬ق ال س هل‪" :‬ك ُّل فعل يفعله العبد بغ ير اقت ٍ‬


‫داء‪ ،‬طاعة ك ان أو معص ية فهو‬
‫عيش النفس(‪ ،)1‬وكل فعل يفعله باالقتداء فهو عذاب على النفس(‪.)3(")2‬‬
‫‪-2‬وفي التفسير المنسوب له قال في تفسير قوله تعالى‪( :‬ومن يؤت الحكمة‬
‫فقد أوتي خيراً كثيراً) قال سهل‪ :‬الحكمة إجماع العلوم وأصلها السنة(‪.)4‬‬
‫لقد أقام المذهب على طريقة االقتداء‪ ،‬وأعلن أن أصول الزهد الحقيقي تقوم‬
‫على سبعة أسس كما سيأتي برقم (‪ ،) 9‬وهذا الطريق فيه سالمة من اتباع الهوى(‪.)5‬‬
‫وقد عقد الش اطبي فص الً ذكر فيه النقل في ذم الب دع وأهلها عن الص وفية‬
‫وق ال‪" :‬خصص نا ه ذا الموضع بال ذكر؛ ألن كث يراً من الجه ال يعتق دون فيهم – أي‬
‫الصوفية – أنهم متساهلون في االتباع واختراع العبادات‪.)6("...‬‬
‫‪-3‬وقال سهل‪" :‬ليس ألهل المعرفة همة غير هذه الثالثة إذا صلحوا‪ :‬االقتداء‬
‫بالنبي ص لى اهلل عليه وسلم‪ ،‬واالس تعانة باهلل س بحانه وتعالى‪ ،‬واالقت داء هو االفتقار‪،‬‬
‫والصبر على ذلك إلى الممات"(‪.)7‬‬
‫‪-‬وس ئل عن المعرفة فقال‪" :‬ال ينالها أحد إال بعد المكابدة‪ ،‬فيتلذذ بمخالفة‬
‫‪ُ 4‬‬
‫هواه أكثر مما يتلذذ بمتابعة هواه فعند ذلك يعرف"(‪.)8‬‬
‫‪-5‬وق ال‪" :‬وس معت س هالً يق ول‪ :‬ال يطلق روح العبد في معرفة اهلل ح تى‬
‫تستقيم نفسه في طاعة اهلل"(‪.)9‬‬
‫‪-6‬وق ال س هل‪" :‬ال معين إال اهلل‪ ،‬وال دليل إال رس ول اهلل‪ ،‬وال زاد إال‬
‫‪1‬‬
‫يعني باتباع الهوى‪.‬‬ ‫(? )‬
‫‪2‬‬
‫يعني ألنه ال هوى له فيه‪ ،‬واتباع الهوى هو المذموم‪ ،‬ومقصود القوم تركه البتة‪.‬‬ ‫(? )‬
‫‪3‬‬
‫الرسالة ‪.95-1/94‬‬ ‫(? )‬
‫‪4‬‬
‫تفسير سهل ص‪.33‬‬ ‫(? )‬
‫‪5‬‬
‫راجع‪ :‬الزهاد األوائل ص‪.144‬‬ ‫(? )‬
‫‪6‬‬
‫االعتصام ‪.1/89‬‬ ‫(? )‬
‫‪7‬‬
‫الحلية ‪.10/210‬‬ ‫(? )‬
‫‪8‬‬
‫الزهد للبيهقي ح‪322‬‬ ‫(? )‬
‫‪9‬‬
‫الزهد للبيهقي ح‪.323‬‬ ‫(? )‬

‫‪23‬‬
‫التقوى‪ ،‬وال عمل إال الصبر عليه"(‪.)1‬‬
‫‪-7‬وقال سهل‪" :‬فكل َو ْجد ال يشهد له الكتاب والسنة فهو باطل"(‪.)2‬‬
‫التعليق‪:‬‬
‫اختلفت العبارات في تعريف الوجد كما حكاه السراج في اللمع ص‪:375‬‬
‫ومما قيل في تعريف ه‪" :‬الوجد رفع الحج اب‪ ،‬ومش اهدة ال رقيب‪ ،‬وحض ور‬
‫الفهم‪."..‬‬
‫وقيل‪" :‬الوجد أول درجات الخصوص‪ ،‬وهو ميراث التصديق بالغيب‪."..‬‬
‫وقي ل‪" :‬الوجد هو ما ص ادف القلب‪ ،‬من ف زع‪ ،‬أو غم‪ ،‬أو رؤية مع نى من‬
‫أحوال اآلخرة‪ ،‬أو كشف ٍ‬
‫حالة بين العبد واهلل عز جل"(‪.)3‬‬
‫وبعض هم قسم الوجد إلى ثالث درج ات‪ :‬وهي التواج د‪ ،‬ثم الوج د‪ ،‬ثم‬
‫الوجود‪ ،‬وله وسائل وطرق استدعاء مثل السماع(‪.)4‬‬
‫وم علي ه‪ ،‬وليس حاكم اً‪ ،‬فال اعت داد بالوجد إن‬
‫والحقيق ة‪ :‬أن الوجد محك ٌ‬
‫ضل من ضل إال بتحكيمه المواجيد‪،‬‬ ‫خالف الكتاب والسنة – كما قال سهل –‪ ،‬وما َّ‬
‫وجعلها مح ّكاً للحق والباطل‪ .‬كما يفعل أهل السلوك المبتدع‪.‬‬
‫والسماع على أقسام‪:‬‬
‫‪ -1‬حال النبي صلى اهلل عليه وسلم وحال الصحابة رضي اهلل عنهم‪ ،‬وهو الوجد‬
‫الحاصل لهم من سماع القرآن‪ :‬إما وجل القلوب(‪ ،)5‬وإما اقشعرار الجل ود(‪،)6‬‬
‫وإما البكاء ودموع العين(‪.)7‬‬
‫‪ -2‬الظالم لنفسه وهو القاسي القلب ال يلين لسماع القرآن والذكر‪ ،‬فهؤالء فيهم‬
‫شبه من اليهود‪ ،‬قال تعالى‪( :‬وال يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال‬

‫‪1‬‬
‫الحلية ‪ ،10/198‬والزهد للبيهقي ح‪ 898‬ص‪ ،335‬والطبقات للسلمي ص‪.211‬‬ ‫(? )‬
‫‪2‬‬
‫‪ ،‬اللمع ص‪ 376 ،146‬و االستقامة ‪.2/141‬‬ ‫(? )‬
‫‪3‬‬
‫التعرف ص‪.132‬‬ ‫(? )‬
‫‪4‬‬
‫الرسالة للقشيري ‪ ،1/215‬عوارف المعارف ص‪171‬‬ ‫(? )‬
‫‪5‬‬
‫سورة األنفال‪.2/‬‬ ‫(? )‬
‫‪6‬‬
‫سورة الزمر‪.23/‬‬ ‫(? )‬
‫‪7‬‬
‫سورة المائدة‪.83/‬‬ ‫(? )‬

‫‪24‬‬
‫عليهم األمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون)(‪.)1‬‬
‫‪ -3‬حال الم ؤمن التقي‪ ،‬الذي فيه ضعف عن حمل ما يرد على قلبه‪ ،‬فهذا الذي‬
‫يصعق‪ :‬صعق موت‪ ،‬أو صعق غشي‪ ،‬وذلك يكون لقوة الوارد‪ ،‬وضعف القلب‬
‫عن حمله‪ ،‬مثل هذا يحدث في غير سماع القرآن من األمور الدنيوية‪.‬‬
‫فهذه األحوال التي يقترن بها الغشي أو الموت أو الجنون أو السكر أو الفناء‬
‫حتى ال يشعر بنفسه‪ ،‬إذا كانت أسبابها مشروعة‪ ،‬وصاحبها صادقاً عاجزاً عن دفعها‪،‬‬
‫كان محموداً على فعله من الخير‪ ،‬معذوراً فيما عجز عنه‪.‬‬
‫واُألولى أكمل األحوال‪ ،‬وهي من لم يزل عقله معه(‪.)2‬‬
‫نقص‪ ،‬هذا إذا كان سببه‬
‫فإذا تبين ما هو الوجد الشرعي‪ ،‬فكل وجد يخالفه‪ٌ :‬‬
‫الس ماع الش رعي‪ ،‬فكيف إذا انضم إلى الص عق واالض طراب كونه بأس باب محرمة‬
‫كس ماع اآلالت المحرم ة‪ ،‬واألش عار الف اجرة ال تي تتض من الك ذب على اهلل‪،‬‬
‫والتك ذيب ب الحق‪ ،‬مع ما في الس ماع من إث ارة األح وال من ف وت حظه من محبوبه‬
‫وغيرها مما يثيرها السماع باأللحان المطربة والنغمات اللذيذة(‪.)3‬‬
‫وقد أوصى أئمة الطريقة باالستقامة‪:‬‬
‫قال أبو سليمان الداراني (م سنة ‪" :)215‬ربما يقع في قلبي النكتة من نكت‬
‫القوم أياماً فال أقبل منه إال بشاهدين عدلين‪ :‬الكتاب والسنة"(‪.)4‬‬
‫وق ال أحمد بن أبي الح واري (م س نة ‪" :)230‬من عمل عمالً بال اتب اع س نة‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فباطل عمله"(‪.)5‬‬
‫وق ال أبو حفص النيس ابوري (م س نة ‪" :)270‬من لم ي زن أفعاله ك َّل وقت‬
‫بالكتاب والسنة‪ ،‬ولم يتهم خواطره‪ ،‬فال نعده في ديوان الرجال"(‪.)6‬‬

‫‪1‬‬
‫سورة الحديد‪.16/‬‬ ‫(? )‬
‫‪2‬‬
‫راجع الفتاوى البن تيمية ‪.13-11/8‬‬ ‫(? )‬
‫‪3‬‬
‫مسألة السماع البن القيم ص‪ ،155-154‬واالستقامة ‪.1/225‬‬ ‫(? )‬
‫‪4‬‬
‫الرسالة ‪ ،1/96‬وتلبيس إبليس ‪ 3/980‬ح‪ ،189‬والسلمي في الطبقات ص‪-77‬‬ ‫(? )‬
‫‪ ،78‬والبداية ‪ ،10/267‬والسير ‪.10/183‬‬
‫‪5‬‬
‫الرسالة ‪.105/‬‬ ‫(? )‬
‫‪6‬‬
‫الرسالة ‪.1/107‬‬ ‫(? )‬

‫‪25‬‬
‫(اعتقاد التستري المجمل)‬

‫‪-8‬ساقه اإلمام الاللكائي في أصول االعتقاد(‪" :)1‬قال سمعت س هل بن عبداهلل‬


‫يق ول‪ ،‬وقيل له م تى يعلم الرجل أنه على الس نة والجماع ة؟ ق ال‪ :‬إذا ع رف من نفسه‬
‫عشر خصال‪ :‬ال يترك الجماعة‪ ،‬وال يسب أصحاب النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وال‬
‫يخرج على هذه األمة بالسيف‪ ،‬وال يكذب بالقدر‪ ،‬وال يشك في اإليمان‪ ،‬وال يم اري‬
‫في الدين‪ ،‬وال يترك الصالة على من يموت من أهل القبلة بالذنب‪ ،‬وال يترك المسح‬
‫على الخفين‪ ،‬وال يترك (الجماعة)(‪ )2‬خلف كل ٍ‬
‫وال جار أو عدل"‪.‬‬
‫‪-9‬وفي الحلي ة‪" :‬أص ولنا س تة أش ياء‪ :‬التمسك بكت اب اهلل تع الى‪ ،‬واالقت داء‬
‫بسنة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وأكل الحالل‪ ،‬وكف األذى‪ ،‬واجتناب اآلثام‪،‬‬
‫والتوبة‪ ،‬وأداء الحقوق"‪.‬‬
‫‪-10‬وق ال‪" :‬من ك ان اقت داؤه ب النبي ص لى اهلل عليه وس لم لم يكن في قلبه‬
‫اختيار لشيء من األش ياء‪ ،‬وال يجول قلبه س وى ما أحب اهلل ورسوله صلى اهلل عليه‬
‫وسلم"(‪.)3‬‬
‫‪-11‬وس ئل‪ :‬كيف يتخلص العبد من خدعة نفسه وع دوه؟ ق ال‪" :‬يع رف حاله‬
‫فيما بينه وبين اهلل وبعد عرف ان حاله فيما بينه وبين اهلل يع رض نفسه على الكت اب‬
‫واألثر‪ ،‬ويقتدي في األشياء بالسنة‪ ،‬وقال‪ :‬على هذا الخلق من اهلل أن يلزموا أنفسهم‬
‫سبعة أشياء‪ ،‬فأولها األمر والنهي وهو الفرض ثم السنة ثم األدب‪.)4("...‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ 1/182-183‬رقم ‪ ،324‬وورد أيضاً في كالم سهل ص‪.94‬‬ ‫(? )‬
‫‪2‬‬
‫وفي هامش األصل (الجمعة)‪.‬‬ ‫(? )‬
‫‪3‬‬
‫الحلية ‪ ،10/190‬والزهد للبيهقي ح‪ ،942‬والطبقات وقال‪ :‬سبعة ص‪.210‬‬ ‫(? )‬
‫‪4‬‬
‫الحلية ‪.10/190‬‬ ‫(? )‬

‫‪26‬‬
‫المفصلة)‬
‫ّ‬ ‫(عقيدة سهل‬

‫‪-12‬ق ال س هل(‪" :)1‬اإليم ان‪ :‬ق ول وعمل ونية [وما وافق الس نة](‪ )2‬يزيد‬
‫وينقص‪ ،‬ويقوى ويضعف‪ ،‬يقوى بالعلم‪ ،‬ويضعف بالجهل‪ ،‬ذلك بعلمه‪ ،‬وهذا بجهله‪،‬‬
‫الق ول‪ :‬ق ول اللس ان ال إله إال اهلل محمد رس ول اهلل‪ ،‬واإليم ان‪ :‬إيم ان باهلل ومالئكته‬
‫وكتبه ورس له والبعث والنش ور‪ ،‬والعمل ب الجوارح‪ :‬إقامة الص الة‪ ،‬وإيت اء الزك اة‪،‬‬
‫وإقامة األحكام والنية واإلخالص هلل في العمل‪ ،‬لقوله‪" :‬األعمال بالنيات ولكل امرئ‬
‫ما نوى"‪ ،‬والقوة بالعلم والنقصان بالجهل‪.‬‬
‫أصل ما يلزمنا اإليم ان به في ال دنيا‪ :‬اإليم ان باهلل ومالئكته وكتبه ورس له‪،‬‬
‫واإليم ان بقض ائه خ يره وش ره‪ ،‬وحل وه وم ره‪ ،‬ح تى تعلم أن ما أص ابك لم يكن‬
‫ليخطئك‪ ،‬وما أخطأك لم يكن ليصيبك‪ ،‬وأفضل الناس بعد رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي اهلل عنهم‪.‬‬
‫والقرآن كالم‪ ،‬فإن زدت فقل‪ :‬غير مخلوق‪ ،‬والص الة خلف كل بر وفاجر‪،‬‬
‫كفر أحداً من أهل القبلة بذنب‪ ,‬وال تشهد ٍ‬
‫ألحد منهم‬ ‫(يعني األئمة والسلطان) وال تُ ِّ‬
‫بجنة أو نار‪.‬‬
‫وسبعة من أمور اآلخرة من جحدها فهو مبتدع‪ ،‬فإن بينت له بالقرآن واآلثار‬
‫فرد وأنكر يستتاب‪ ،‬فإن أبى فهو كافر وال يصلى عليه إذا مات‪ ،‬وال يعاد إذا مرض‬
‫وال يزوج‪ ،‬وأول ذلك‪ :‬عذاب القبر ونعيمه‪ ،‬والحشر والجمع يوم القيامة‪ ،‬والميزان‬
‫والحس اب‪ ،‬والح وض والش فاعة والص راط‪ ،‬ودخ ول الن ار والخ روج منه ا‪ ،‬ودخ ول‬
‫الجنة والزي ادة‪ ،‬وه و‪ :‬النظر إلى اهلل عز وج ل‪ ،‬من طعن في ه ذا أو أحد منها فهو‬
‫مبتدع(‪.)3‬‬

‫‪1‬‬
‫كذا في المعارضة والرد‪ ،‬وفي كالم سهل‪" :‬قال أبو محمد"‪ ،‬واألصل هو كالم‬ ‫(? )‬
‫سهل‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫كذا في المعارضة وفي كالم سهل‪" :‬وبالسنة"‪.‬‬ ‫(? )‬
‫‪3‬‬
‫كالم سهل ‪ ،193-192‬وراجع المعارضة والرد ص‪.83-82‬‬ ‫(? )‬

‫‪27‬‬
‫‪13‬وق ال‪ :‬معرف ةٌ وإق رار وإيم ان وعمل وخ وف ورج اء وحب وش وق وجنة‬
‫ونار‪.‬‬
‫خوف‪.‬‬
‫فالمعرفة‪ٌ :‬‬
‫واإلقرار‪ :‬رجاء‪.‬‬
‫واإليمان‪ :‬خوف‪.‬‬
‫والعمل‪ :‬رجاء‪.‬‬
‫والخوف‪ :‬رهبة‪.‬‬
‫والحب‪ :‬رجاء‪.‬‬
‫والشوق‪ :‬خوف بعد‪.)1( ..‬‬
‫‪-14‬وذُكر عن س هل رحمه اهلل أنه ك ان يق ول‪" :‬أهل ال إله إال اهلل كث ير‪،‬‬
‫والمخلصون منهم قليل"(‪.)2‬‬
‫‪-15‬وقال‪" :‬ليس في خزائن اهلل أكبر من التوحيد"(‪.)3‬‬
‫‪-16‬وقال‪" :‬اإليمان بالفرائض وعلمها فرض‪ ،‬والعمل بها فرض‪ ،‬واإلخالص‬
‫فيها ف رض‪ ،‬واإليم ان بالس نة ف رض بأنها س نة وعلمها س نة‪ ،‬والعمل بها س نة‪،‬‬
‫واإلخالص فيها فرض‪ ،‬واإلخالص باإليمان العمل به"(‪.)4‬‬

‫‪1‬‬
‫الحلية ‪.10/207‬‬ ‫(? )‬
‫‪2‬‬
‫اللمع ص‪.117‬‬ ‫(? )‬
‫‪3‬‬
‫الحلية ‪.10/196‬‬ ‫(? )‬
‫‪4‬‬
‫الحلية ‪.10/203‬‬ ‫(? )‬

‫‪28‬‬
‫(التوحيد)‬

‫‪-17‬وعن سهل أنه قال‪ :‬ذات اهلل موصوفة بالعلم غير مدركة باإلحاطة‪ ،‬وال‬
‫مرئية باألبص ار في دار ال دنيا‪ ،‬موج ودة بحق ائق اإليم ان‪ ،‬من غ ير ح ٍد وال إحاطة وال‬
‫حلول‪ ،‬وتراه في العقبى ظاهراً وباطن اً في ملكه وقدرته‪ ،‬قد حجب الخلق عن معرفة‬
‫كنه ذات ه‪ ،‬ودلهم عليه بآيات ه‪ ،‬والقل وب تعرف ه‪ ،‬والعق ول ال تدرك ه‪ ،‬ينظر المؤمن ون‬
‫باألبصار من غير إحاطة وال إدراك نهاية"(‪.)1‬‬
‫ثم علق الهجويري بقول‪" :‬وهذا ٌ‬
‫قول جامع لكل أحكام التوحيد"‪.‬‬
‫‪-18‬وقال سهل‪" :‬اعلموا إخواني أن العباد عبدوا اهلل على ثالثة أوجه‪ :‬على‬
‫الخوف‪ ،‬والرجاء‪ ،‬والقرب‪.)2("...‬‬
‫نصوص مؤيدة‪:‬‬
‫‪-19‬وق ال س هل‪" :‬ال يصح اإلخالص إال ب ترك س بعة‪ :‬الزندق ة‪ ،‬والش رك‪،‬‬
‫والكفر‪ ،‬والنفاق‪ ،‬والرياء‪ ،‬والوعيد"(‪.)3‬‬
‫‪-20‬وق ال‪" :‬ال دنيا كلها جهل إال ما ك ان منه العلم‪ ،‬والعلم كله حجه إال ما‬
‫كان العمل به‪ ،‬والعمل كله هباء إال موضع اإلخالص فيه‪ ،‬وأهل اإلخالص على خطر‬
‫عظيم"(‪.)4‬‬
‫(التوكل)‬
‫‪-21‬وقال سهل‪" :‬ومن يتوكل على اهلل فهو حسبه"‪.‬‬
‫‪-22‬ق ال‪" :‬ال يصح التوكل إال لمت ٍق‪ ،‬وال تتم التق وى إال لمتوك ل‪ ،‬لقوله‬
‫تعالى‪( :‬وعلى اهلل فتوكلوا إن كنتم مؤمنين)(‪.)5‬‬
‫‪-23‬وق ال أيض اً‪" :‬من طعن في التوكل فقد طعن في اإليم ان‪ ،‬ومن طعن في‬

‫‪1‬‬
‫كشف المحجوب ص‪.525‬‬ ‫(? )‬
‫‪2‬‬
‫الحلية ‪.10/191‬‬ ‫(? )‬
‫‪3‬‬
‫الحلية ‪.203-10/202‬‬ ‫(? )‬
‫‪4‬‬
‫اللمع ص‪.118‬‬ ‫(? )‬
‫‪5‬‬
‫الحلية ‪.10/192‬‬ ‫(? )‬

‫‪29‬‬
‫التكسب فقد طعن في السنة"(‪.)1‬‬
‫‪-24‬وس ئل س هل عن التوكل فق ال‪" :‬االسترس ال مع اهلل تع الى على ما‬
‫يريد"(‪.)2‬‬
‫‪25‬وسئل أيض اً عن التوكل فقال‪" :‬التوكل وجهٌ كله وليس له قف اً‪ ،‬وال يصح‬
‫إال ألهل المقابر"(‪.)3‬‬
‫‪-26‬وفي لفظ‪" :‬كل المقامات لها وجه وقفاً غير التوكل‪ ،‬فإنه وجه بال قفا"‪.‬‬
‫ق ال الكالب اذي‪" :‬يريد توكل العناية ال توكل الكفاي ة‪ ،‬وهو أن ال يطالبه‬
‫باألعواض"(‪.)4‬‬
‫‪-27‬وقال سهل ‪" :‬من طعن على االكتساب فقد طعن على السنة‪ ،‬ومن طعن‬
‫على التوكل فقد طعن على اإليمان"(‪.)5‬‬
‫‪-28‬وقال في التعرف‪ :‬قال سهل‪" :‬ال يصح الكسب ألهل التوكل إال التباع‬
‫السنة وال لغيرهم إال للتعاون "(‪.)6‬‬
‫التعليق‪:‬‬
‫قال الكالباذي‪ :‬هذا ما تحققناه وصح عندنا من مذاهب القوم‪ ،‬من أقاويلهم‬
‫ابتداء ‪ ،‬وما سمعناه من الثقات‪ ،‬ممن عرف أصولهم‬
‫ً‬ ‫في كتبهم ممن ذكرنا أساميهم‬
‫وتحقق مذاهبهم"(‪.)7‬وعقد فصالً سماه" اعتماد القلب على اهلل"‬
‫إن نص وص اإلم ام س هل واض حةٌومثله ق ول الجنيد عن التوك ل‪" :‬اعتم اد‬
‫القلب على اهلل تعالى"(‪.)8‬‬
‫"وحقيقة التوكل هو ص دق اعتم اد القلب على اهلل عز وجل في اس تجالب‬

‫‪1‬‬
‫الحلية ‪ ،10/195‬وجامع العلوم ‪.2/498‬‬ ‫(? )‬
‫‪2‬‬
‫اللمع ص‪ ،78‬والتعرف ص‪.118‬‬ ‫(? )‬
‫‪3‬‬
‫اللمع ص‪.79‬‬ ‫(? )‬
‫‪4‬‬
‫التعرف ص‪.119‬‬ ‫(? )‬
‫‪5‬‬
‫اللمع ص‪ ،259‬وينظر الحلية ‪.10/195‬‬ ‫(? )‬
‫‪6‬‬
‫ص‪.101‬‬ ‫(? )‬
‫‪7‬‬
‫التعرف ص‪.101‬‬ ‫(? )‬
‫‪8‬‬
‫اللمع ص‪.79‬‬ ‫(? )‬

‫‪30‬‬
‫المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا واآلخرة كلها"(‪.)1‬‬
‫وهو مق ام جليل الق در ‪ ،‬عظيم األثر ‪ ،‬أمر اهلل عب اده به ‪ ،‬وحثهم علي ه‪ ،‬وله‬
‫فصلها العلماء(‪.)2‬‬
‫أنواع َّ‬
‫وال يقتضي التوكل على اهلل ت رك العمل باألس باب‪ ،‬وع دم الس عي في طلب‬
‫الرزق‪ ،‬وقد ساعد على نشر مثل هذا الفهم الخاطئ بعض المنتسبين للمتصوفة ممن‬
‫لم يحكم وا العلم حق معرفت ه‪ .‬ف التجرد من األس باب جملة ممتنع عقالً وش رعاً‬
‫وحساً(‪.)3‬‬
‫فنصوصهم – أعني أئمة الصوفية – جليَّهٌ في هذه المسألة(‪.)4‬‬
‫لكن قد يشط بعض العلماء في بعض مسائل التوكل فال يُتابع في خطئه(‪.)5‬‬

‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫اجتماع الجيوش االسالمية البن القيم تحقيق عواد المعتق ط‪1408‬هـ‬ ‫‪-1‬‬
‫احياء علوم الدين للغزالي ط دار الندوة‬ ‫‪-2‬‬
‫االستقامه البن تيمية تحقيق محمد رشاد طبع جامعة االمام ‪1403‬‬ ‫‪-3‬‬
‫االعتصام للشاطبي تصحيح محمد رشيد طبع دار المعرفة‬ ‫‪-4‬‬
‫األعالم للزركلي طبع دار العلم للماليين ‪1984‬‬ ‫‪-5‬‬
‫االمام الجنيد والتصوف في القرن الثالث تاليف زهير ظاظا طبع دار الخير‬ ‫‪-6‬‬
‫‪1‬‬
‫جامع العلوم والحكم ص‪ 497‬الحديث التاسع واألربعون‪.‬‬ ‫(? )‬
‫‪2‬‬
‫طريق الهجرتين ‪-‬رسالة ماجستير‪-‬ص‪ ،421‬والمدارج ‪.2/114‬‬ ‫(? )‬
‫‪3‬‬
‫المدارج ‪.2/134‬‬ ‫(? )‬
‫‪4‬‬
‫الرسالة ‪.1/415‬‬ ‫(? )‬
‫‪5‬‬
‫من ذلك قول الغزالي عن المتوكل‪" :‬إن كان مشتغالً باهلل مالزماً لمسجد أو بيت‬ ‫(? )‬
‫وهو م واظب على العلم والعب ادة‪ ،‬فالن اس ال يلومونه في ت رك التكسب وال يكلفونه ذل ك"‬
‫اإلحياء ‪.4/290‬‬
‫ثم يق ول‪" :‬إذن عليك بالقناعة ب النزر القليل والرضا ب القوت‪ ،‬فإنه يأتيك ال محالة وإن ف ررت‬
‫منه‪ ،‬وعند ذلك على اهلل أن يبعث إليك رزقك على يدي من ال تحتسب" اإلحياء ‪.4/291‬‬
‫وقوله‪" :‬فاالهتمام بالرزق قبيح بذوي الدِّين‪ "...‬اإلحياء ‪.4/275‬‬

‫‪31‬‬
‫االنساب ألبي سعد السمعاني طبع دائرة المعارف الهند‬ ‫‪-7‬‬
‫تاريخ األدب لبروكلمان الطبعة العربية دار المعارف مصر‬ ‫‪-8‬‬
‫تاريخ االسالم للذهبي تحقيق عمر تدمري طبع دار الكتاب العربي‬ ‫‪-9‬‬
‫تاريخ التراث لفؤاد سزكين طبع جامعة االمام ‪1403‬‬ ‫‪-10‬‬
‫تاريخ بغداد للخطيب البغدادي طبع دار الكتاب العربي‬ ‫‪-11‬‬
‫تاريخ التصوف االسالمي عبد الرحمن بدوي طبع وكالة المطبوعات الكويت‬ ‫‪-12‬‬
‫تاريخ العلماء والرواة البن الفرضي نشر عزة العطار طبع مكتبة الخانجي‬ ‫‪-13‬‬
‫التصوف السني حال الفناء بين الجنيد والغزالي د‪ .‬مجدي محمد إبراهيم‬ ‫‪-14‬‬
‫التصوف طريقة وتجربة ومذهبا د‪ .‬محمد كمال إبراهيم نشر دار المعرفة ‪1980‬‬ ‫‪-15‬‬
‫التعرف لمذهب أهل التصوف للكالباذي حققه محمود النواوي نشر المكتبة األزهرية‬ ‫‪-16‬‬
‫تلبيس إبليس البن الجوزي تحقيق أحمد المزيد طبع دار الوطن‬ ‫‪-17‬‬
‫تفس ير س هل( الق ران العظيم) طبع دار الكتب العربي ة‪ ,‬وطبعة أخ رى نشر محم ود ج يزة اهلل‬ ‫‪-18‬‬
‫طبع الدار الثقافية للنشر القاهرة‬
‫جامع العلوم والحكم البن رجب تحقيق إبراهيم باجس طبع مؤسسة الرسالة‬ ‫‪-19‬‬
‫جذوة المقتبس للحميدي طبع الدار المصرية للتأليف‬ ‫‪-20‬‬
‫الحجة في بي ان المحجة لق وام الس نة تحقيق محمد الم دخلي ومحمد أبو رحيم نشر مكتبة‬ ‫‪-21‬‬
‫الراية‬
‫حلية األولياءألبي نعيم االصبهاني طبع مكتبة الخانجي‬ ‫‪-22‬‬
‫الحموية البن تيمية تحقيق حمد التويجري نشر دار الصميعي‬ ‫‪-23‬‬
‫درء تعارض العقل والنقل البن تيمية تحقيق محمد رشاد سالم طبع جامعة االمام‬ ‫‪-24‬‬
‫ذم الكالم للهروي تحقيق عبد اهلل األنصاري نشر مكتبة الغرباء بالمدينة‬ ‫‪-25‬‬
‫رسائل الجنيد تحقيق د‪ .‬جمال رجب طبع دار إفرأ ‪1425‬هـ‬ ‫‪-26‬‬
‫الرسالة ألبي القاسم القشيري تحقيق عبد الحليم محمود ومحمود بن الشريف مطبعة حسان‬ ‫‪-27‬‬
‫الزهد للبيهقي تحقيق عامر حيدر نشر دار الكتب الثقافية‬ ‫‪-28‬‬
‫السالميه لعبد اهلل السهلي رسالة دكتوراه جامعة االمام‬ ‫‪-29‬‬
‫ش ذرات البالتين من طيب ات كلم ات س لفنا الص الحين البن تيميه جمع حامد الفقي طبع دار‬ ‫‪-30‬‬
‫القلم‬
‫الش رح والبي ان لماأش كل من كالم س هل للص قلي تحقيق محمد كم ال جعفر نشر مكتبة‬ ‫‪-31‬‬
‫الشباب‬
‫شطحات الصوفية عبد الرحمن بدوي طبع وكالة المطبوعات الكويت‬ ‫‪-32‬‬
‫شيخ العارفين االمام التستري = تفسير سهل‬ ‫‪-33‬‬
‫طبقات األولياء البن الملقن تحقيق نور الدين شريبه طبع مكتبة الخانجي‬ ‫‪-34‬‬
‫طبقات األولياء للشعراني طبع دار الجيل‬ ‫‪-35‬‬
‫طبقات الحنابلة البي الحسين محمد بن أبي يعلى تحقيق حامد الفقي‬ ‫‪-36‬‬
‫طبقات الصوفية للسلمي تحقيق نور الدين شريبه طبع مكتبة الخانجي‬ ‫‪-37‬‬
‫طريق الهجرتين رسالة ماجستير جامعة االمام‬ ‫‪-38‬‬
‫عوارف المعارف للسهروردي نشر مكتبة القاهرة‪1393‬‬ ‫‪-39‬‬
‫العلو للعلي العظيم للذهبي تحقيق عبد اهلل البراك طبع دار الوطن‬ ‫‪-40‬‬
‫فتاوى ابن تيميه جمع محمد ابن قاسم توزيع دار االفتاء بالسعودية‬ ‫‪-41‬‬
‫الفلسفة الصوفية في االسالم د‪ .‬عبد القادر محمود طبع دار الفكر العربي‬ ‫‪-42‬‬
‫الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي تحقيق إسماعيل األنصاري‬ ‫‪-43‬‬
‫الفهرست البن النديم طبع دار المسيرة إيران‬ ‫‪-44‬‬
‫فيصل التفرقة للغزالي طبع دار الحكمة‬ ‫‪-45‬‬

‫‪32‬‬
‫قوت القلوب ألبي طالب المكي طبع دار صادر مصورة عن الطبعة الميمنية‬ ‫‪-46‬‬
‫كشف المحجوب للهجويري دراسة إسعاد عبد الهادي طبع دار النهضة العربية‬ ‫‪-47‬‬
‫كالم سهل تحقيق محمد كمال جعفر مع الشرح والبيان طبع مكتبة الشباب‬ ‫‪-48‬‬
‫اللمع ألبي نصر السراج تحقيق عبد الحليم محمود نشر مكتبة الثقافة الدينية‬ ‫‪-49‬‬
‫مدارج السالكين البن القيم تحقيق حامد الفقي طبع دار الكتب العلمية‬ ‫‪-50‬‬
‫مسألة السماع البن القيم تحقيق راشد الحمد طبع دار العاصمة‬ ‫‪-51‬‬
‫المصادر العامة للتلقي عند الصوفية تأليف صادق سليم طبع مكتبة الرشد‬ ‫‪-52‬‬
‫المعارضة وال رد على أهل الف رق وأهل ال دعاوى تحقيق محمد كم ال جعفر ط دار االنس ان‬ ‫‪-53‬‬
‫‪1400‬‬
‫مناقب الشافعي للبيهقي تحقيق ا ‪錉‬مد صقر طبع دار التراث‬ ‫‪-54‬‬
‫من ال تراث الص وفي لس هل التس تري دراسة وتحقيق محمد كم ال جعفر طبع دار المع ارف‬ ‫‪-55‬‬
‫‪1974‬‬
‫من قضايا التصوف في ضوء الكتاب والسنة د‪ .‬محمد السد الجليند طبع دار اللواء ‪1410‬‬ ‫‪-56‬‬
‫من قضايا الفكر االسالمي د محمد كمال جعفر طبع دار العلوم ‪1398‬‬ ‫‪-57‬‬

‫ملحوظة‪:‬‬

‫قُدم البحث للمؤتمر الدولي العاشر للفلسفة االسالمية( التصوف بين الواقع‬
‫والمأمول) ونشر في أبحاثه (‪ )176-145‬سنة ‪2005‬م‬

‫فهرس الموضوعات‬
‫‪1..............................................................‬‬ ‫مقدمة‬
‫الصعوبات التي تواجه الباحث في دراسة التصوف ‪2......................‬‬
‫قواعد مهمة ‪3...........................................................‬‬
‫منهج الجمع ‪4...........................................................‬‬

‫‪33‬‬
‫ترجمة الجنيد ‪8-5..........................................................‬‬
‫المرويات ‪16-9..............................................................‬‬
‫ترجمة سهل التستري ‪21-17..................................................‬‬
‫المرويات ‪29-22.............................................................‬‬

‫‪34‬‬

You might also like