You are on page 1of 78

‫فهرس‬

‫مقدمة املؤلف ‪1............................... ................................‬‬

‫معنى السلفية يف اللغة ويف استعامل العلامء ‪3.....................................‬‬

‫السلفية منهج وحزب وطائفة وفرقة ‪5.......... ................................‬‬

‫(املهمة األوىل)‪ :‬السلفية هي اإلسالم الذي كان عليه الصحابة والتابعون ‪8.......‬‬

‫(املهمة الثانية)‪ :‬السلفية هي اإلسالم اخلايل من البدع ‪9..........................‬‬

‫(املهمة الثالثة)‪ :‬التسمي بالسلفية ‪11 ........... ................................‬‬

‫(املهمة الرابعة)‪ :‬سبيل معرفة مذهب السلف ‪14 ...............................‬‬

‫(املهمة اخلامسة)‪ :‬السلفية منهج حُمكَم ‪17 ......................................‬‬

‫(املهمة السادسة)‪ :‬التسمي بالسلفي ليس تزكية ‪19 .............................‬‬

‫(املهمة السابعة)‪ :‬براءة السلفية من الغلو والتطرف ‪21 ..........................‬‬

‫أمور نحسبت للمنهج السلفي وهو منها براء ‪22 .................‬‬


‫(املهمة الثامنة)‪ٌ :‬‬

‫‪ )1( -‬التكفري باحلكم بغري ما أنزل اهلل مطل ًقا ‪22 .............................‬‬

‫‪ -‬من التناقض الشنيع عند من يسمون بـ(سلفية اإلسكندرية) ‪29 ............‬‬

‫‪ )2( -‬عدم السمع والطاعة للحاكم املسلم الفاسق ‪29 .......................‬‬

‫‌ ‌أ‬
‫‪ )3( -‬عدم الرباءة من البدعة وأهلها‪31 .....................................‬‬

‫‪ )4( -‬التنظيامت والتحزُّبات‪33 .............................................‬‬

‫‪ -‬خالصة الفرق بني التنظيم اجلائز وغري اجلائز‪33 ...........................‬‬

‫‪ )5( -‬السلفية والسياسة‪36 .................................................‬‬

‫أساسات يف براءة الدعوة السلفية من التُّهم املحلصقة هبا ‪42 ......................‬‬

‫‪( -‬األساس األول)‪ :‬التوحيد‪42 ............................................‬‬

‫‪( -‬األساس الثاين)‪ :‬التحذير من البدع ‪44 ...................................‬‬

‫‪( -‬األساس الثالث)‪ :‬عداء الكفار ‪46 .......................................‬‬

‫‪( -‬األساس الرابع) التكفري‪50 ..............................................‬‬

‫‪( -‬األساس اخلامس)‪ :‬اجلهاد‪54 ............................................‬‬

‫‪( -‬األساس السادس)‪ :‬التفجريات يف بالد الكفار‪56 ........................‬‬

‫‪( -‬األساس السابع)‪ :‬السمع والطاعة لوالة األمور املسلمني ولو فسا ًقا ‪59 ...‬‬

‫‪( -‬األساس الثامن)‪ :‬املظاهرات ‪61 .........................................‬‬

‫‪( -‬األساس التاسع)‪ :‬أنواع املسائل املُخ َت َلف فيها‪63 .........................‬‬

‫‪( -‬األساس العارش)‪ :‬األخالق ‪66 ..........................................‬‬

‫‪( -‬األساس احلادي عرش)‪ :‬الرد عىل املخالف ‪70 ............................‬‬

‫‌ب‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫سالم عليكم ورمحة اهلل وبركاته‪ ....‬أما بعد‪:‬‬

‫فإن السلفية هي مجاعة احلق وما سواها ضالة‪ ،‬ألهنا حمدثة‪ ،‬أما السلفية‬
‫أثرية متصلة اإلسناد برسول اهلل ﷺ وصحابته الكرام‪ ،‬فلام كانوا أهل‬
‫احلق دخل فيهم ما ليس منهم‪ ،‬فاغرت الناس هبم‪ ،‬فأردت أن أكتب هذا‬
‫املخترص ألبني ما تيرس من حقيقة الدعوة السلفية وبراءهتا من الدخالء‬
‫زورا‪ ،‬وأكثرت النقل عن العلامء املعارصين لقطع الطريق‬
‫واملنتسبني إليها ً‬
‫عىل من يريد الطعن يف السلفية املعارصة‪،‬‬

‫ومن العدل واإلنصاف وجوب التفريق بني أصول الدعوة السلفية وبني‬
‫أفعال بعض السلفيني فالدعوة السلفية معصومة ألهنا وحي بخالف‬
‫أفعال بعض السلفيني فمن أراد نقد السلفية فلينقدها يف أصوهلا –بعد‬
‫التأكد أنه من أصوهلا‪-‬ال أن ينقدها بأفعال بعض أفرادها وهذا متا ًما مثل‬
‫اإلسالم فإنه ال يصح أن ينقد بالنظر ألفعال بعض املسلمني وإنام بالنظر‬
‫يف أصوله‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وأخريا‪،‬‬
‫ً‬
‫ومجع ُم ر‬
‫ترص لتقريب الدعوة السلفية وتوضيحها‬ ‫ُ‬ ‫هذه الرسالة جهد ُمقل‪،‬‬
‫وكشف شبهات املغربين عىل الدعوة السلفية بشبهات عرصية وأسميتها‪:‬‬

‫(حقيقة الدعوة السلفية‪ ،‬وكشف الشبهات العرصية)‬

‫اهلل أسأل القبول والرضا‪ ،‬وأن ينفع هبا عباده‬

‫د‪ .‬عبد العزيز بن ريس الريس‬

‫املرشف عىل شبكة اإلسالم العتيق‬

‫(‪)1‬‬
‫‪1442 /11 / 11‬هـ‬

‫(‪ )1‬كتاب قديم لكن جدد ونقح وزيد فيه هبذا التاريخ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫السلفية لغة‪:‬‬
‫َاه ْم َس َل ًفا‬
‫قال الراغب األصفهاين‪" :‬السلف‪ :‬املتقدم‪ ،‬قال تعاىل ( َف َج َع ْلن ح‬
‫ِ ِ‬
‫ين) ‪ ...‬ولفالن سلف كريم‪ :‬أي آباء متقدمون" (‪.)1‬‬ ‫َو َم َث ًال ل ْْلخ ِر َ‬

‫وقال الفريوز آبادي‪" :‬والسلف‪ ... :‬وكل من تقدمك من آبائك‬


‫وقرابتك" (‪.)2‬‬

‫أيضا‪ :‬من تقدمك من آبائك وذي قرابتك‬


‫ونقل ابن منظور‪" :‬والسلف ً‬
‫الذين هم فوقك يف السن والفضل‪ ...‬وهلذا سمي الصدر األول من‬
‫التابعني‪ :‬السلف الصالح" (‪.)3‬‬

‫والسلفية يف استعمال العلماء‪ :‬هم الصحابة والتابعون هلم بإحسان‬


‫وبعضهم جيعل تابعيهم من السلف‪:‬‬

‫(‪ )1‬املفردات يف غريب القرآن ص‪.244‬‬

‫(‪ )2‬القاموس املحيط (‪)158/3‬‬

‫(‪ )3‬لسان العرب (‪)2069‬‬

‫‪3‬‬
‫وقد بوب البخاري يف صحيحه‪" :‬باب الركوب عىل الدابة الصعبة‪،‬‬
‫والفحولة من اخليل"‪ ،‬وقال راشد بن سعد‪" :‬كان السلف يستحبون‬
‫الفحولة ألهنا أجرى وأجرس"‪.‬‬

‫قال ابن حجر‪" :‬قوله كان السلف أي من الصحابة فمن بعدهم" (‪.)1‬‬

‫قال القايض عياض‪ " :‬بني السلف اختالف كبري يف كتابة العلم من‬
‫الصحابة والتابعني " (‪.)2‬‬

‫قال النووي‪ " :‬وقد تكنى مجاعات من أفاضل سلف األمة من الصحابة‬
‫والتابعني فمن بعدهم بأيب فالنة " (‪.)3‬‬

‫وقال‪" :‬ومن أحسن ما جاء عن السلف يف الدعاء‪ ،‬ما حكي عن‬


‫األوزاعي رمحه اهلل تعاىل قال‪ :‬خرج الناس يستسقون‪ ،‬فقام فيهم بالل بن‬
‫سعد‪ ،‬فحمد اهلل تعاىل وأثنى عليه ثم قال‪ :‬يا معرش من حرض‪ :‬ألستم‬
‫(ما َع َىل‬
‫مقرين باإلساءة؟ قالوا‪ :‬بىل‪ ،‬فقال‪ :‬اللهم إنا سمعناك تقول‪َ :‬‬

‫(‪ )1‬فتح الباري (‪)66 / 6‬‬

‫(‪ )2‬إكامل املعلم (‪)553 /8‬‬

‫(‪ )3‬األذكار (‪)296 / 1‬‬

‫‪4‬‬
‫ني ِم ْن َسبِ ٍ‬
‫يل) وقد أقررنا باالساءة‪ ،‬فهل تكون مغفرتك إال ملثلنا؟‬ ‫املْح ْح ِسن ِ َ‬
‫اللهم اغفر لنا وارمحنا واسقنا‪ ،‬فرفع يديه ورفعوا أيدهيم فسقوا" (‪.)1‬‬

‫قال السمعاين‪ " :‬السلفي‪ :‬بفتح السني والالم‪ ،‬ويف آخرها فاء‪ ،‬هذه‬
‫النسبة إىل السلف‪ ،‬وانتحال مذهبهم عىل ما سمعت " (‪.)2‬‬

‫وبعد بيان معنى السلفية فإن السلفية منهج وحزب وطائفة وفرقة كام‬
‫قال تعاىل‪ُ ( :‬أو َلئ َك ح ْز ُب اهلله َأ َال إ هن ح ْز َب اهلله ُه ُم املُْ ْفل ُح َ‬
‫ون) وأخرج‬
‫الشيخان عن املغرية بن شعبة‪ ،‬ومعاوية بن أيب سفيان – ريض اهلل عنها ‌‬
‫–‬
‫أن النبي ﷺ قال‪« :‬اليزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر اهلل‬
‫وهم ظاهرون» (‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬األذكار (‪)398 / 1‬‬

‫(‪ )2‬األنساب (‪ ) 273/3‬ينظر كتاب املنهج السلفي عند الشيخ نارص الدين األلباين‪ .‬ملؤلفه‬

‫عمرو عبد املنعم‪.‬‬

‫(‪)3‬صحيح البخاري – كتاب املناقب ‪ -‬باب سؤال املرشكني أن يرهيم النبي صىل اهلل عليه‬

‫وسلم آية – رقم (‪ ،)7311( )3442( ،)3441‬صحيح مسلم – كتاب اإلمارة ‌– باب قوله‬

‫" ال تزال طائفة‪ –‌ "..‬رقم (‪.)1037‬‬

‫‪5‬‬
‫وثبت عند أمحد‪ ،‬وأيب داود عن معاوية بن أيب سفيان أن رسول اهلل ﷺ‬
‫قال‪« :‬وإن هذه األمة ستفرتق عىل ثالث وسبعني‪ ،‬ثنتان وسبعون يف النار‬
‫وواحدة يف اجلنة وهي اجلامعة» (‪.)1‬‬

‫لكنها ليست حز ًبا تتحزب عىل أشخاص مهام عظموا ال باسم التقليد‬
‫وال غريه‪ ،‬وإنام تتحزب عىل منهج وطريقة‪ ،‬فإنه ال رأس هلم سوى رسول‬
‫اهلل ﷺ‪ ،‬كام قال أبو املظفر السمعاين ونقله ابن القيم فقال‪" :‬إهنم ال‬
‫ينتسبون إىل مقالة معينة وال إىل شخص معني غري الرسول ﷺ‪ ،‬فليس هلم‬
‫لقب يعرفون به وال نسبة ينتسبون إليها إذا انتسب سواهم إىل املقاالت‬

‫(‪ )1‬سنن أيب داود ‌– كتاب السنة ‪ -‬باب رشح السنة – رقم (‪ ،)4597‬مسند أمحد (‪.)102 /4‬‬

‫وقد صحح أحاديث االفرتاق مجع من العلامء فقد روي حديث االفرتاق عن مجع من الصحابة‬

‫ومنهم الرتمذي يف السنن (‪ )25/5‬والاللكائي يف أهل اعتقاد السنة (‪ ،)100/1‬وابن تيمية‬

‫السنن واملسانيد‪ .،‬والشاطبي‬


‫مشهور يف ّ‬
‫ٌ‬ ‫صحيح‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫احلديث‬ ‫يف جمموع الفتاوى (‪)345/3‬إذ قال‪:‬‬

‫يف االعتصام (‪ .)189/2‬واحلافظ إذ قال عن حديث معاوية يف ختريج أحاديث الكشاف (ص‬

‫حس ٌن‪.‬‬
‫‪َ :)63‬‬
‫واحلديث صحيح ‪ -‬إن شاء اهلل‪ -‬بكثرة شواهده ا‪.‬هـ وابن كثري إذ قال يف «تفسريه»‬

‫بعضا‪ّ " :‬‬


‫أن‬ ‫بعضها ً‬ ‫املروي يف املسانيد والسنن من ُط ر‬
‫رق يشدّ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫(‪ :)482/2‬كام جا َء يف احلديث‬
‫ّ‬
‫رت َقت‪ ." ...‬واأللباين يف السلسلة الصحيحة (‪)203‬‬
‫اليهو َد اف َ‬
‫ُ‬

‫‪6‬‬
‫املحدثة وأرباهبا – ثم قال – وأهل البدع ينتسبون إىل املقالة تارة كالقدرية‬
‫واملرجئة وإىل القائل تارة كاهلاشمية والنجارية والرضاوية‪ ،‬وإىل الفعل تارة‬
‫كاخلوارج والروافض‪ ،‬وأهل السنة بريئون من هذه النسب كلها‪ ،‬وإنام‬
‫نسبتهم إىل احلديث والسنة" (‪.)1‬‬

‫فبهذا يعلم الفرق الكبري بني الدعوة السلفية والدعوات البدعية‬


‫رؤوسا أحدثوا طر ًقا جديدة حتى خالفوا‬
‫ً‬ ‫األخرى‪ ،‬فإن هلذه الدعوات‬
‫السلفية ‪-‬اإلسالم الصايف‪ -‬كام هو حال اجلهمية واملعتزلة واألشاعرة‬
‫واإلخوان املسلمني ومجاعة التبليغ‪.‬‬

‫ويف هذا املسطور سيكون الكالم – إن شاء اهلل – عن السلفية يف مهامت‪:‬‬

‫(‪ )1‬مترص الصواعق املرسلة ص‪500‬‬

‫‪7‬‬
‫املهمة األوىل‪ :‬السلفية تعين اإلسالم الذي كان عليه الصحابة‬
‫والتابعون‪:‬‬
‫إن السلفية تعني اتباع الكتاب العزيز والسنة الصحيحة بفهم سلف‬
‫ول ِم ْن َب ْع ِد َما َت َب َّ َ‬ ‫ِ‬
‫ني َل حه ْحاهلدَ ى َو َي َّتبِع َغ ْ َري‬ ‫الر حس َ‬‫األمة قال تعاىل‪َ ﴿ :‬و َمن حي َشاق ِق َّ‬
‫ين َو ْاألَن َْص ِ‬
‫ار‬ ‫اج ِر َ‬ ‫ون ِم َن املْح َه ِ‬ ‫ون ْاألَ َّو حل َ‬‫السابِ حق َ‬
‫ني﴾ وقال‪َ ﴿ :‬و َّ‬ ‫يل املْح ْؤ ِمن ِ َ‬
‫َسبِ ِ‬
‫ان ر ِِض اهللَّح عن حْهم ور حضوا عنْه و َأعدَّ َحهلم جن ٍ‬
‫َّات‬ ‫وهم بِإِ ْح َس ٍ‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ت‬
‫َّ‬ ‫ا‬ ‫ين‬ ‫وا َّل ِ‬
‫ذ‬
‫ْ َ‬ ‫َ ح َ َ‬ ‫َ ْ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ين فِ َيها َأ َبدً ا َذلِ َ‬ ‫ِِ‬
‫يم﴾‪.‬‬‫ك ا ْل َف ْو حز ا ْل َعظ ح‬ ‫َ َْت ِري َ َْتت ََها ْاألَ ْهنَ حار َخالد َ‬

‫قال اإلمام أمحد يف أصول السنة‪" :‬أصول السنة عندنا التمسك بام كان‬
‫عليه أصحاب رسول اهلل ﷺ واالقتداء هبم"‪.‬‬

‫قال ابن تيمية‪" :‬وإنام املتبع يف إثبات أحكام اهلل‪ :‬كتاب اهلل وسنة رسوله‬
‫ﷺ‪ ،‬وسبيل السابقني أو األولني‪ ،‬ال جيوز إثبات حكم رشعي بدون هذه‬
‫نصا واستنبا ًطا بحال" (‪.)1‬‬
‫األصول الثالثة‪ً ،‬‬

‫إذا كان كذلك فهو منهج معصوم؛ ألنه منهج إهلي رباين‪ ،‬قال ابن‬
‫تيمية‪" :‬ال عيب عىل من أظهر مذهب السلف‪ ،‬وانتسب إليه‪ ،‬واعتزى إليه‪،‬‬

‫(‪ )1‬اقتضاء الرصاط املستقيم (‪)344 / 1‬‬

‫‪8‬‬
‫بل جيب قبول ذلك منه باالتفاق‪ ،‬فإن مذهب السلف ال يكون إال‬
‫ح ًقا"(‪.)1‬‬

‫وهذا األصل الثالث وهو فهم الكتاب والسنة بفهم السلف هو الذي‬
‫ميز السلفيني عن غريهم‪.‬‬

‫املهمة الثانية‪ :‬السلفية هي اإلسالم اخلالي من البدع‪:‬‬


‫السلفية تعني اإلسالم الصايف؛ ألهنا اإلسالم الذي كان عليه النبي ﷺ‬
‫والتابعون هلم بإحسان‪ ،‬وتارك السلفية من املسلمني واقع يف اإلسالم‬
‫املشوه الذي أحلق به ما ليس منه‪.‬‬

‫كام قال ﷺ‪« :‬ستفرتق أمتي عىل ثالث وسبعني فرقة كلها يف النار إال‬
‫واحدة»‪ ،‬وهذه الفرق مسلمة وليست كافرة‪ ،‬فمجرد ذكر الوعيد ال يدل‬
‫عىل كفرها‪.‬‬

‫قال اخلطايب‪" :‬فيه داللة عىل أن هذه الفرق كلها غري خارجة من الدين‪،‬‬
‫إذ قد جعلهم النبي ﷺ كلهم من أمته" (‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬جمموع الفتاوى (‪)149 / 4‬‬

‫(‪ )2‬معامل السنن (‪)4/7‬‬

‫‪9‬‬
‫قال الشاطبي‪" :‬وظاهر احلديث يقتيض أن ذلك االفرتاق إنام هو مع‬
‫كوهنم من األمة وإال فلو خرجوا من األمة إىل الكفر مل يعدوا منها البتة ‪-‬‬
‫كام تبني ‪ -‬وكذلك الظاهر يف فرق اليهود والنصارى إن التفرق فيهم‬
‫حاصل مع كوهنم هودا ونصارى" (‪.)1‬‬

‫كفارا فقال‪" :‬ومن‬


‫بل وحكى ابن تيمية اإلمجاع عىل أن مجيعهم ليسوا ً‬
‫قال‪ :‬إن الثنتني والسبعني فرقة كل واحد منهم يكفر كفرا ينقل عن امللة‬
‫فقد خالف الكتاب والسنة وإمجاع الصحابة رضوان اهلل عليهم أمجعني بل‬
‫وإمجاع األئمة األربعة وغري األربعة فليس فيهم من كفر كل واحد من‬
‫الثنتني وسبعني فرقة وإنام يكفر بعضهم بعضا ببعض املقاالت كام قد بسط‬
‫الكالم عليهم يف غري هذا املوضع" (‪.)2‬‬

‫تكفريا‪ ،‬لكنهم‬
‫ً‬ ‫وهذا يدل عىل أن اخلروج للثنتني والسبعني ال يقتيض‬
‫يف اإلسالم املشوه الذي أحلق به ما ليس منه‪ ،‬فأصحابه مسلمون‪ ،‬لكنهم‬
‫مبتدعة فليس معنى ترك السلفية الكفر واخلروج عن اإلسالم‪ ،‬لكن معناه‬
‫ترك اإلسالم الصايف إىل إسالم مشوب بالبدع‪ .‬قال ابن تيمية يف العقيدة‬

‫(‪ )1‬االعتصام (‪)714/2‬‬

‫(‪ )2‬جمموع الفتاوى (‪)218 /7‬‬

‫‪10‬‬
‫الواسطية‪" :‬لكن ملا أخرب النبي ﷺ أن أمته ستفرتق عىل ثالث وسبعني‬
‫فرقة كلها يف النار إال واحدة وهي اجلامعة ويف حديث عنه أنه قال‪« :‬هم‬
‫من كان عىل مثل ما أنا عليه اليوم وأصحايب» (‪ )1‬صار املتمسكون باإلسالم‬
‫املحض اخلالص عن الشوب هم أهل السنة واجلامعة" (‪.)2‬‬

‫املهمة الثالثة‪ :‬التسمي بالسلفية‪.‬‬


‫يردد كثري ممن ال يدري حقيقة أمر السلفية‪ :‬أن التسمي باإلسالم كاف‬
‫ني ِم ْن َق ْب حل﴾ وهذا‬
‫دائام ألن اهلل سامنا به كام قال تعاىل‪ ﴿ :‬حه َو َس َّامك ححم املْح ْسلِ ِم َ‬
‫ً‬
‫غري صحيح ألبته ملا ييل‪:‬‬

‫ً‬
‫أوال‪ /‬أصحاب الثنتني والسبعني فرقة يسمون مسلمني وإن كانوا أهل‬
‫بدع‪ ،‬فلذا التسمي باإلسالم يشملهم فالتسمي باإلسالم ال يميز أهل احلق‬
‫من أهل الباطل‪ ،‬والتميز عن أهل البدع أمر مطلوب رش ًعا ليعرف الناس‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫يث ِم َن ال َّط ِّي ِ‬ ‫أهل احلق من غريهم كام قال تعاىل‪﴿ :‬لِ َي ِمي َز اهللَّح َْ‬
‫اخلبِ َ‬

‫(‪ )1‬سنن الرتمذي – كتاب اإليامن ‪ -‬ما جاء يف افرتاق األمة ‌– رقم (‪)2641‬‬

‫(‪ )2‬ص‪.32‬‬

‫‪11‬‬
‫ثان ًيا‪ /‬إن سلفنا الكرام متيزوا عن أهل البدع باسم أصحاب احلديث‬
‫وأصحاب األثر مقابل أصحاب الرأي‪ ،‬وأهل السنة مقابل أهل البدعة‪،‬‬
‫فلم يكتفوا باسم اإلسالم واملسلمني‪ ،‬وكل خري يف اتباع من سلف‪.‬‬

‫ثال ًثا‪ /‬الذين يدعون إىل االكتفاء باسم اإلسالم متناقضون؛ ألهنم مل‬
‫يكتفوا باسم اإلسالم‪ ،‬بل تسموا بأهل السنة! فإن قيل‪ :‬ملاذا ال ُيكتفى‬
‫كثريا من أهل البدع أدخلوا‬
‫بالتسمي بأهل السنة دون السلفية‪ ،‬فيقال‪ :‬ألن ً‬
‫أنفسهم يف لقب أهل السنة كاألشاعرة وغريهم‪ ،‬فلذا البد من اسم يميز‬
‫أهل احلق عن غريهم‪ .‬فإن قيل‪ :‬إنه بإمكان أهل البدع أن يتسموا باسم‬
‫السلفية‪ .‬فيقال‪ :‬إن هذا ال يمكن بل هو أرسع طريق لفضحهم؛ ألن معنى‬
‫اج بطريقة السلف ‪-‬وسيأيت‬
‫السلفية اتباع السلف‪ ،‬فمن ادعى أنه سلفي ُُي ُّ‬
‫إن شاء اهلل إيضاح هذا‪ -‬بخالف السنة فهي واسعة فقد يتمسك بعموماهتا‬
‫وجممالهتا‪.‬‬

‫وقد انتسب علامء أهل السنة للسلفية ونسبوا وجوزوا ذلك وقرروه‪،‬‬
‫ومل يروا يف ذلك عي ًبا أو حتز ًبا‪ ،‬وتقدم قول ابن تيمية‪" :‬ال عيب عىل من‬

‫‪12‬‬
‫أظهر مذهب السلف‪ ،‬وانتسب إليه‪ ،‬واعتزى إليه‪ ،‬بل جيب قبول ذلك منه‬
‫باالتفاق‪ ،‬فإن مذهب السلف ال يكون إال ح ًقا" (‪.)1‬‬

‫وقال الذهبي عن الدارقطني‪" :‬كان سلف ًيا" (‪.)2‬‬

‫وقال الذهبي عن ابن عبد الرب‪" :‬وكان سلفي االعتقاد متني‬


‫الديانة"(‪.)3‬‬

‫وقال الشيخ عبد الرمحن بن حسن‪" :‬والشيخ أمحد بن مرشف يسامي‬


‫األكابر‪ ،‬ومثلهم ما ينسب له‪ ،‬والذي نعلم عنه‪ :‬صحة املعتقد يف توحيد‬
‫األنبياء واملرسلني‪ ،‬الذي جهله أكثر الطوائف‪ .‬كذلك‪ :‬هو رجل‬
‫سلفي"(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬جمموع الفتاوى (‪)149 / 4‬‬

‫(‪ )2‬سري أعالم النبالء (‪)457 /16‬‬

‫(‪ )3‬تاريخ اإلسالم (‪)142 / 31‬‬

‫(‪ )4‬الدرر السنية (‪)319 / 1‬‬

‫‪13‬‬
‫وقال العالمة األلباين‪" :‬فأنا ‪ -‬واحلمد هلل ‪ -‬معروف بني الناس مجيعا‬

‫أنني سلفي أدعو إىل اتباع السلف الصالح لسا ًنا ً‬


‫وقلام" (‪.)1‬‬

‫وسيأيت جواب الشيخ العالمة صالح الفوزان يف االنتساب للسلفية‪.‬‬

‫املهمة الرابعة‪ :‬سبيل معرفة مذهب السلف‪.‬‬


‫يشكك بعض أهل البدع يف نسبة بعض األفعال واالعتقادات إىل‬
‫السلف بحجج واهية‪ ،‬وشبهات هالكة‪ ،‬ومن تلك احلجج قوهلم‪ :‬وما‬
‫يدريك أن السلف عىل هذا‪ ،‬وهل قول الواحد أو االثنني أو العرشة من‬
‫السلف قول للسلف كلهم‪.‬‬

‫والزم هذا التشكيك أننا ال نستطيع أن نعرف سبيل املؤمنني الذي أمرنا‬
‫اهلل بالتمسك به‪ ،‬وال معرفة اتباع سبيل السابقني األولني من املهاجرين‬
‫واألنصار والتابعني هلم بإحسان الذين أثنى اهلل عليهم‪ ،‬وهذا حمال فكيف‬
‫ً‬
‫سبيال للنجاة ويعميه عنا؛ لذا سبيل املؤمنني وسبيل‬ ‫جيعل اهلل طري ًقا‬
‫املهاجرين واألنصار يعرف بطرق‪:‬‬

‫الطريق األوىل ‪ /‬أن يذكر أحد أهل العلم واإليامن من ذوي االستقراء‬
‫واملعرفة أن هذا سبيل السابقني أو طريق السلف‪ ،‬أو هذا مما أمجعوا عليه‬

‫(‪ )1‬متام املنة (ص‪)255‬‬

‫‪14‬‬
‫دونه أئمة السنة يف كتب االعتقاد كأصول اعتقاد‬
‫وهكذا‪ ،‬وهذا يعرف بام ّ‬
‫السنة لإلمام أمحد واإلبانة الكربى والصغرى البن بطة والرشيعة‬
‫لآلجري وهكذا‪..‬‬

‫الطريق الثانية‪ /‬اآلثار املروية بني أيدينا يف كتب السنة‪ ،‬فمحال أن جيعل‬
‫اهلل سبيل السابقني حجة وينقل لنا عنهم القول املرجوح دون الراجح‪ ،‬بل‬
‫حمال أن جيعلنا خري أمة بسبب األمر باملعروف والنهي عن املنكر فينقل لنا‬
‫القول املرجوح الذي هو منكر دون أن ينقل من ينكر عليه‪.‬‬

‫قال اإلمام ابن القيم‪" :‬فلو كانت احلادثة يف زماهنم مل يفت فيها إال من‬
‫أخطأ منهم مل يكن أحد منهم قد أمر فيها بمعروف وال هنى فيها عن منكر‪،‬‬
‫إذ الصواب معروف بال شك واخلطأ منكر من بعض الوجوه ولوال ذلك‬
‫ملا صح التمسك هبذه اآلية عىل كون اإلمجاع حجة‪ ،‬وإذا كان هذا باطال‬
‫علم أن خطأ من يعلم منهم يف العلم إذا مل خيالفه غريه ممتنع‪ ،‬وذلك يقتيض‬
‫أن قوله حجة" (‪.)1‬‬

‫وما أحسن ما كتب شيخ اإلسالم ابن تيمية يف مقدمة الفتوى احلموية‬
‫حول هذا املوضوع فلرياجعه من ال يزال يف قلبه شك وريب‪.‬‬

‫(‪ )1‬إعالم املوقعني (‪)131 / 4‬‬

‫‪15‬‬
‫ومن العجب مكابرة بعضهم واشرتاطه أن ينطق كل واحد من‬

‫السلف‪ ،‬وقد رد هذا اجلصاص فقال‪" :‬ثم ال خيلو من ينعقد به اإلمجاع‪:‬‬

‫من أن يكون وجود إمجاعه معتربا‪ ،‬بأن نعرف قول كل واحد منهم بعينه‪،‬‬

‫أو أن يظهر القول من بعضهم‪ ،‬وينترش يف كافتهم من غري إظهار خالف‬

‫من الباقني عليهم‪ ،‬وال نكري عىل القائلني به‪ ،‬وغري جائز أن تكون صحة‬

‫اإلمجاع موقوفة عىل وجود القول يف املسألة من كل واحد منهم‪ ،‬بوفاق‬

‫اآلخرين؛ ألن ذلك لو كان رشط اإلمجاع ملا صح إمجاع أبدا‪ ،‬إذ ال يمكن‬

‫ألحد من الناس أن حيكي يف يشء من األشياء قول كل أحد من أهل عرص‬

‫انعقد إمجاعهم عىل يشء‪ ،‬إن شئت من الصدر األول‪ ،‬وإن شئت ممن‬

‫بعدهم‪.‬‬

‫فلام ثبت عندنا صحة إمجاع األمة بام قدمنا من الدالئل وامتنع وجود‬

‫اإلمجاع بإثبات قول كل أحد من الصحابة والتابعني يف مسألة‪ ،‬علمنا‪ :‬أن‬

‫‪16‬‬
‫هذا ليس برشط" (‪ )1‬وقال‪" :‬فوجب هبذا أن يكون سكوهتم بعد ظهور‬

‫القول وانتشاره‪ :‬داللة عىل املوافقة‪.‬‬

‫ولو مل يصح اإلمجاع من هذا الوجه‪ ،‬ملا صح إمجاع أبدا‪ ،‬إذ غري ممكن أن‬
‫يضاف يشء من األشياء بقول إىل مجيع األمة‪ :‬عىل أهنا قد قالته ولفظت به‪،‬‬
‫وإنام يعتمدون فيه عىل ظهور القول فيهم‪ ،‬من غري خمالف هلم" (‪.)2‬‬

‫وقال ابن قدامة يف روضة الناظر يف مسألة مشاهبة فقال‪" :‬ومن وجه‬
‫آخر أنه لو مل يكن هذا إمجا ًعا لتعذر وجود اإلمجاع؛ إذ مل ينقل إلينا يف مسألة‬
‫مرصحا به" (‪.)3‬‬
‫ً‬ ‫قول كل علامء العرص‬

‫وغاية األمر أن ينطق ولو واحدً ا ويشتهر وال ينكره آخرون‪.‬‬

‫املهمة اخلامسة‪ :‬السلفية منهج حمكم‪:‬‬


‫إن منهج السلف منهج حمكم ال يستطيع أحد أن يدخل فيه ما ليس منه‪،‬‬
‫وال أن خيرج منه ما هو منه‪ ،‬فإن كل من فعل ذلك ُياج بطريقة السلف‬
‫املدونة‪ ،‬قال السجزي‪" :‬وإذا كان األمر كذلك فكل حمدَّ ٍع للسنة َجيب أن‬

‫(‪ )1‬الفصول يف األصول (‪)286-285 /3‬‬

‫(‪ )2‬الفصول يف األصول (‪)290 /3‬‬

‫(‪ )3‬روضة الناظر (‪)153 / 1‬‬

‫‪17‬‬
‫حيطالب بالنقل الصحيح بِام يقوله‪ ،‬فإن أتى بذلك حعلم صدقه و حقبل قوله‪،‬‬
‫وإن َمل ْ يتمكن من نقل ما يقوله عن السلف حعلم أنه حُمدث زائغ‪ ،‬وأنه ال‬
‫يستحق أن حيصغى إليه أو حيناظر ِيف قوله" (‪.)1‬‬

‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪" :‬أما أن يكون انتحال السلف من شعائر‬
‫أهل البدع‪ :‬فهذا باطل قط ًعا‪ .‬فإن ذلك غري ممكن إال حيث يكثر اجلهل‬
‫ويقل العلم" (‪.)2‬‬

‫ويف كالم اإلمام ابن تيمية إشارة إىل أمر دقيق وهو أنه ال يمكن أن‬
‫ينسب للسلف ما ليس منه إال عند غلبة اجلهل‪ ،‬فال يعرف الناس ما عليه‬
‫اج بطريقة السلف‬
‫السلف‪ ،‬فكل من يدعي أنه سلفي ومن ليس كذلك ُُي ّ‬
‫فهو ما بني أن يرجع عن طريقته اخللفية‪ ،‬فيكون سلف ًيا‪ ،‬أو يستمر عىل‬
‫طريقته اخللفية فال يكون سلف ًيا‪ .‬وهذا التأصيل نافع جدً ا يف تعرية كل من‬
‫يدعي أنه سلفي وليس كذلك كالغالة يف اجلهاد ً‬
‫مثال‪.‬‬

‫(‪ )1‬رسالته إىل أهل زبيد (ص‪)100‬‬

‫(‪ )2‬جمموع الفتاوى (‪)156 / 4‬‬

‫‪18‬‬
‫املهمة السادسة‪ :‬التسمية بالسلفي ليس تزكية‪.‬‬
‫إن التسمي بالسلفية ألجل التميز – كام تقدم – وليس ألجل التزكية‬
‫كام ُياول طائفة أن ينفروا منها هبذه الطريقة وهي متا ًما كالتسمي باإلسالم‬
‫والسنة‪ ،‬فليست تزكية وإنام من باب التمييز ليتميز أهل احلق من أهل‬
‫الباطل‪ ،‬سئل الشيخ العالمة عبد العزيز بن باز‪" :‬هل صحيح أن احلنابلة‬
‫هم السلفيون فقط؟ وما حقيقة السلفية‪ ،‬هل هي قرينة التشدد والتزمت‬
‫كام يروج البعض؟‬

‫ج‪ :‬ليس هذا القول بصحيح‪ .‬وإنام السلف الصالح هم الصحابة رِض‬
‫اهلل عنهم ومن سلك سبيلهم من التابعني وأتباع التابعني من احلنفية‬
‫واملالكية والشافعية واحلنابلة وغريهم ممن سار عىل احلق ومتسك بالكتاب‬
‫العزيز والسنة املطهرة‪ ،‬يف باب التوحيد‪ ،‬وباب األسامء والصفات‪ ،‬ويف‬
‫مجيع أمور الدين" (‪.)1‬‬

‫السلف ّية‬
‫أن ّ‬‫وسئل الشيخ العالمة صالح الفوزان‪" :‬يزعم بعض الناس ّ‬
‫الساحة‪ ،‬وحكمها حكم باقي‬
‫تعترب مجاعة من اجلامعات العاملة عىل ّ‬
‫اجلامعات؛ فام هو تفنيدح كم هلذا الزّعم؟‬

‫(‪ )1‬جمموع فتاواه (‪)238 / 9‬‬

‫‪19‬‬
‫احلق‪ ،‬وهي‬
‫ج‪ :‬ذكرنا أن اجلامعة السلفية هي اجلامعة األصيلة‪ ،‬التي عىل ِّ‬
‫التي جيب االنتامء إليها والعمل معها واالنتساب إليها‪ ،‬وما عداها من‬
‫حعترب من مجاعات الدَّ عوة؛ ألهنا خمالفة‪ ،‬وكيف ن َّتبِ حع‬
‫اجلامعات جيب أال ت َ‬
‫الصالح؟!‬
‫السلف ّ‬
‫السنَّة وهدي ّ‬
‫فرقة خمالفة جلامعة أهل ُّ‬

‫فالقول‪ :‬إن اجلامعة السلفية واحدة من اجلامعات اإلسالمية! هذا غلط‪،‬‬


‫فاجلامعة السلفية هي اجلامعة الوحيدة التي جيب اتباعها والسري عىل‬
‫منهجها واالنضامم إليها واجلهاد معها‪ ،‬وما عداها؛ فإنه ال جيوز للمسلم‬
‫ينضم إىل‬
‫َّ‬ ‫االنضامم إليه؛ ألنه من الفرق الضالة‪ ،‬وهل يرىض اإلنسان أن‬
‫الفرق الضالة؟ ! والرسول ﷺ يقول‪« :‬عليكم بسنّتي وسنّة اخللفاء‬
‫الراشدين املهد ّيني من بعدي»(‪.)2( " )1‬‬
‫ّ‬

‫وألهنا طريقة حق فهي مما يزكى الرجل هبا ال أنه يزكي نفسه هبا‪،‬‬

‫(‪ )1‬سنن الرتمذي – كتاب العلم ‪ -‬ما جاء يف االخذ بالسنة واجتناب البدع – رقم (‪،)2676‬‬

‫مسند أمحد (‪)126/4‬‬

‫(‪ )2‬املنتقى من فتاوى الفوزان (‪)26/1‬‬

‫‪20‬‬
‫املهمة السابعة‪ :‬براءة السلفية من الغلو والتطرف‪:‬‬
‫السلفية براء من الغلو يف اجلهاد والتكفري ومن التفجري ونقض األمان‬
‫والعهد مع الكفار ً‬
‫فضال عن أهل اإلسالم‪ ،‬ومن سفك دماء الكفار غري‬
‫احلربيني ً‬
‫فضال عن قتال املسلمني‪.‬‬

‫وقد نقلت عدة نقوالت عن أئمة العرص الثالثة؛ اإلمام عبد العزيز بن‬
‫باز واإلمام حممد نارص الدين األلباين واإلمام حممد بن صالح العثيمني ‌‬
‫–‬
‫رمحهم اهلل – ومن بعض املعارصين‪ ،‬مثل الشيخ صالح الفوزان ما يربئ‬
‫السلفيني من هذه التهم يف درس مسجل بعنوان‪( :‬تربئة السلفيني األخيار‬
‫من األدعياء املخالفني والثوار)‪:‬‬

‫‪https://www.islamancient.com/?p=17481‬‬

‫وحرصت أن تكون أكثر النقوالت عن املعارصين الذين ماتوا أو بعض‬


‫األحياء قبل اهلجمة الرضوس اإلعالمية احلالية‪ ،‬ليعلم أن الكالم املنقول‬
‫عنهم ليس ردة فعل وإنام تأصيل وتقرير يعتقده السلفيون وعلامؤهم‬
‫ويدعون إليه‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫املهمة الثامنة‪ :‬ذكر بعض املسائل اليت يراد نسبتها إىل املنهج السلفي‬
‫واملنهج السلفي منها براء‪:‬‬
‫املسألة األوىل‪ :‬التكفري باحلكم بغري ما أنزل اهلل مطل ًقا أو فيام يسمى‬
‫بالترشيع العام؛ فقد ذكر اآلجري وابن عبد الرب وغريمها أن منهج السلف‬
‫عدم التكفري باحلكم بغري ما أنزل اهلل وأنه كفر أصغر‪ ،‬بل وذكر طائفة من‬
‫أهل العلم أن اخلوارج هم الذين كفروا باحلكم بغري ما أنزل اهلل وقال‬

‫اآلجري‪" :‬ومما يتبع احلرورية من املتشابه قول اهلل عز وجل‪َ ﴿ :‬و َم ْن َمل ْ‬
‫ِ‬ ‫ك حه حم ا ْلكَافِ حر َ‬
‫حيك ْحم بِ َام َأ ْنز ََل اهللَّح َف حأو َلئِ َ‬
‫ين َك َف حروا‬‫ون﴾ ويقرأون‪ ﴿ :‬حث َّم ا َّلذ َ‬ ‫َْ‬
‫بِ َر ِّهبِ ْم َي ْع ِد حل َ‬
‫ون﴾ فإذا رأوا اإلمام احلاكم حيكم بغري احلق قالوا‪ :‬قد كفر‪،‬‬
‫ومن كفر عدل بربه فقد أرشك‪ ،‬فهؤالء األئمة مرشكون‪ ،‬فيخرجون‬
‫فيفعلون ما رأيت؛ ألهنم يتأولون هذه اآلية" (‪.)1‬‬

‫وقال ابن عبد الرب‪" :‬وقد ض َّلت مجاعة من أهل البدع من اخلوارج‬
‫واملعتزلة يف هذا الباب فاحتجوا بآيات من كتاب اهلل ليست عىل ظاهرها‬
‫ك حه حم ا ْلكَافِ حر َ‬
‫ون﴾" (‪.)2‬‬ ‫حيك ْحم بِ َام َأ ْنز ََل اهللَّح َف حأو َلئِ َ‬
‫مثل قوله تعاىل‪َ ﴿ :‬و َم ْن َمل ْ َ ْ‬

‫(‪ )1‬الرشيعة (ص‪)27‬‬

‫(‪ )2‬التمهيد (‪)16/17‬‬

‫‪22‬‬
‫وقال اجلصاص‪" :‬وقد تأولت اخلوارج هذه اآلية عىل تكفري من ترك‬
‫احلكم بام أنزل اهلل من غري جحود" (‪.)1‬‬

‫وقال أبو حيان‪" :‬واحتجت اخلوارج هبذه اآلية عىل أن كل من عىص اهلل‬
‫كافر‪ ،‬وقالوا هي نص يف كل من حكم بغري ما أنزل اهلل فهو‬
‫تعاىل فهو ٌ‬
‫كافر" (‪.)2‬‬

‫فإن قيل‪ :‬إن هذه اإلمجاعات ليست يف الترشيع العام‪ ،‬ألنه مل يكن‬
‫معرو ًفا فيمن سلف‪ .‬فيقال‪ :‬إنه وإن مل يكن معرو ًفا يف حق من سلف لكنه‬
‫من احلكم بغري ما أنزل اهلل‪ ،‬واألدلة عىل التكفري به أدلة تكفري من حكم‬
‫حيك ْحم بِ َام َأ ْنز ََل اهللَّح َف حأو َلئِ َ‬
‫ك حه حم‬ ‫بغري ما أنزل اهلل كقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬و َم ْن َمل ْ َ ْ‬
‫ا ْلكَافِ حر َ‬
‫ون﴾‪.‬‬

‫لذا هو صورة من صور احلكم بغري ما أنزل‪ ،‬مثله مثل فعل الزنى‪،‬‬
‫كفرا مهام استحدثت فيه طرق وعمم ما مل تكن‬
‫ورشب اخلمر‪ ،‬فهو ليس ً‬
‫صورته صورة كفرية نطق هبا القرآن أو السنة أو أمجع عليها أهل العلم‬

‫(‪ )1‬أحكام القرآن (‪)534/2‬‬

‫(‪ )2‬البحر املحيط (‪)493/3‬‬

‫‪23‬‬
‫كالتبديل واالستحالل وغريمها‪ .‬فإن قيل‪ :‬أليس املرص عىل ترك واجب‬
‫يعد جاحدً ا فيكفر باجلحود الذي ك هفر به العلامء‪.‬‬

‫فيقال‪ :‬إن حقيقة هذا القول قول اخلوارج املكفرين باملعايص‪ ،‬لكنه‬
‫أخرج الباطل يف ثوب جديد لريوج ويغرت به‪ .‬وصدق اهلل القائل‪﴿ :‬ي ِ‬
‫وحي‬ ‫ح‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫َب ْع حض حه ْم إِ َىل َب ْع ٍ‬
‫ورا﴾‪.‬‬‫ض زحخْ حرفَ ا ْل َق ْول حغ حر ً‬

‫إن كتب االعتقاد ألهل السنة تقرر أنه ال يكفر أحد بذنب ومل تذكر أن‬
‫اإلرصار كفر‪ ،‬بل ثبت عن ابن عباس كام خرجه ابن جرير يف تفسريه‪ :‬أنه‬
‫ال صغرية مع اإلرصار‪ .‬أي أهنا مع اإلرصار تكون كبرية‪ ،‬فلم جيعل‬
‫كفرا‪ ،‬فكيف يقرر هذا ويزعم أنه منهج سلفي‪ ،‬والسلف مل‬
‫اإلرصار ً‬
‫يذكروه يف كتبهم‪ ،‬بل تأصيالهتم وتقريراهتم أن اخلوارج هم الذين‬
‫يكفرون بالذنوب‪ ،‬وهذا من مجلة الذنوب إذ ال نقل أثري عن السلف‬
‫خيرجه من الذنوب إىل املكفرات‪ ،‬وما ظنوه من تكفري ابن تيمية لعدم‬
‫االلتزام ً‬
‫دليال هلم‪ ،‬هذا من اجلهل أو العناد ألن مراده بعدم االلتزام ترك‬
‫الطاعة لدافع عقدي كفري كاإلباء والتكفري واإلعراض كام بينه ابن تيمية‬
‫نفسه فليس مراد ًفا للرتك املستمر كام يتصوره بعضهم قال ‪:‬‬
‫"وتكفري تارك الصالة هو املشهور املأثور عن مجهور السلف من الصحابة‬

‫‪24‬‬
‫والتابعني‪ .‬ومورد النزاع هو فيمن أقر بوجوهبا والتزم فعلها ومل‬
‫يفعلها"(‪.)1‬‬

‫تأمل قوله " التزم فعلها ومل يفعلها " يفيد أن معنى االلتزام غري معنى‬
‫املداومة عىل الفعل فقد يكون الرجل ملتز ًما هلا لكنه ال يفعلها‪ ،‬فااللتزام‬
‫أمر عقدي قلبي ال فعيل؛ لذا ملا أراد ابن‬
‫الذي ينبني عىل تركه الكفر األكرب ٌ‬
‫تيميه التعبري بااللتزام الفعيل قيده بوصف (الفعيل) ثم مل جيعله ُمك ِّف ًرا لذاته‬
‫بل ألمر آخر عقدي وقال – بعد النقل املتقدم ‪" :-‬أن ال جيحد وجوهبا‪،‬‬
‫بغضا هلل ورسوله‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫كربا أو حسدً ا أو ً‬
‫لكنه ممتنع من التزام فعلها ً‬
‫اعلم أن اهلل أوجبها عىل املسلمني‪ ،‬والرسول صادق يف تبليغ القرآن‪ ،‬ولكنه‬
‫استكبارا أو حسدً ا للرسول‪ ،‬أو عصبية لدينه‪ ،‬أو‬
‫ً‬ ‫ممتنع عن التزام الفعل‬
‫أيضا كفر باالتفاق‪ ،‬فإن إبليس ملا ترك‬
‫بغضا ملا جاء به الرسول‪ ،‬فهذا ً‬
‫ً‬
‫السجود املأمور به مل يكن جاحدً ا لإلجياب‪ ،‬فإن اهلل تعاىل بارشه باخلطاب‪،‬‬
‫وإنام أبى واستكرب وكان من الكافرين"‪.‬‬
‫مكفرا لذاته‪ ،‬بل لالعتقاد‬
‫ً‬ ‫فالحظ أنه مل جيعل ترك االلتزام الفعيل‬
‫الكفري الذي احتف به‪ ،‬وهو الكرب واحلسد أو بغض اهلل ورسوله‪.‬‬

‫(‪ )1‬الفتاوى (‪.)97/20‬‬

‫‪25‬‬
‫فبهذا يتبني بجالء أن ترك االلتزام ليس تر ًكا للفعل بل تر ًكا لالعتقاد‪،‬‬
‫فإن قيل‪ :‬ما معنى (عدم االلتزام)؟‬
‫فيقال معناه‪ :‬ترك الفعل لدافع عقدي كاإلباء واالستكبار ال جمرد الرتك‬
‫ربا‬
‫كام تقدم يف عبارة اإلمام ابن تيمية ملا قال‪ :‬لكنه ممتنع من التزام فعلها ك ً‬
‫بغضا هلل ورسوله ﷺ‪.‬‬
‫أو حسدً ا أو ً‬
‫وفصلت هذا ووثقته يف كتايب‪ :‬تطهري األرجاء من مالفات سفر احلوايل‬
‫يف كتابه ظاهرة اإلرجاء‪.‬‬

‫‪https://www.islamancient.com/?p=15314‬‬

‫فلرياجعه من شاء‬

‫وذكر الشيخ األلباين أن ترك احلكم بغري ما أنزل اهلل كفر أصغر ومل يفرق‬
‫بني الترشيع العام وغريه ووافقه الشيخ عبد العزيز ابن باز بل ورصح أن‬
‫هذا سبيل املؤمنني فقال يف تعليقه عىل فتوى الشيخ األلباين‪ " :‬اطلعت عىل‬
‫اجلواب املفيد القيم الذي تفضل به صاحب الفضيلة الشيخ ُممد ناص‬
‫الدين األلباين –وفقه اهلل‪ -‬املنشور يف جريدة الرشق األوسط وصحيفة‬
‫املسلمون الذي أجاب به فضيلته من سأله عن تكفري من حكم بغري ما أنزل‬
‫اهلل من غري تفصيل‪ ،‬فألفيتها كلمة قيمة قد أصاب فيها احلق‪ ،‬وسلك فيها‬

‫‪26‬‬
‫سبيل املؤمنني‪ ،‬وأوضح –وفقه اهلل‪ -‬أنه ال جيوز ألحد من الناس أن يكفر‬
‫من حكم بغري ما أنزل اهلل بمجرد الفعل من دون أن يعلم أنه استحل ذلك‬
‫بقلبه‪ ،‬واحتج بام جاء يف ذلك عن ابن عباس –رِض اهلل عنهام – وغريه من‬

‫(و َم ْن َمل ْ‬‫سلف األمة‪ .‬وال شك أن ما ذكره يف جوابه يف تفسري قوله تعاىل‪َ :‬‬
‫حيك ْحم بِ َام َأ ْنز ََل اهللَّح‬
‫(و َم ْن َمل ْ َ ْ‬ ‫ك حه حم ا ْلكَافِ حر َ‬
‫ون)‪َ ،‬‬ ‫حيك ْحم بِ َام َأ ْنز ََل اهللَّح َف حأو َلئِ َ‬
‫َْ‬
‫ك هم ا ْل َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك حه حم ال َّظاملح ِ َ‬
‫َف حأو َلئِ َ‬
‫اس حق َ‬
‫ون)‬ ‫حيك ْحم بِ َام َأ ْنز ََل اهللَّح َف حأو َلئ َ ح ح‬
‫(و َم ْن َمل ْ َ ْ‬
‫ون)‪َ ،‬‬
‫هو الصواب‪ ،‬وقد أوضح –وفقه اهلل – أن الكفر كفران أكرب وأصغر‪ ،‬كام‬
‫أن الظلم ظلامن‪ ،‬وهكذا الفسق فسقان أكرب وأصغر‪ ،‬فمن استحل احلكم‬
‫بغري ما أنزل اهلل أو الزنا أو الربا أو غريمها من املحرمات املجمع عىل‬
‫كفرا‬
‫كفرا أكرب‪ ،‬ومن فعلها بدون استحالل كان كفره ً‬
‫َتريمها فقد كفر ً‬
‫ظلام أصغر‪ ،‬وهكذا فسقه" (‪.)1‬‬
‫أصغر وظلمه ً‬

‫بل وذكر الشيخ عبد العزيز ابن باز أن التكفري به قول اخلوارج كام يف‬
‫رشيط الدمعة البازية وذكر عن شيخه الشيخ العالمة حممد بن إبراهيم أن‬

‫(‪ )1‬جريدة الرشق األوسط العدد ‪ 6156‬تاريخ ‪1416/5/12‬هـ وهي موجودة يف جمموع‬

‫فتاواه (‪)124/9‬‬

‫‪27‬‬
‫قوله كقول بقية أهل السنة ال يكفر إال املستحل فقال‪ :‬ملا سئل هل الشيخ‬
‫حممد بن إبراهيم ‪ ‬يرى تكفري احلكام عىل اإلطالق؟‬

‫اجلواب‪" :‬يرى تكفري من استحل احلكم بغري ما أنزل اهلل فإنه يكون‬
‫كافرا‪ .‬هذه أقوال أهل العلم مجي ًعا‪ :‬من استحل احلكم بغري ما أنزل‬
‫بذلك ً‬
‫كفرا‬
‫اهلل كفر‪ ،‬أما من فعله لشبهة أو ألسباب أخرى ال يستحله‪ ،‬يكون ً‬
‫دون كفر"(‪.)1‬‬

‫فإن قيل‪ :‬أليس من علامء السنة املعارصين من قرر أنه كفر أكرب فيقال‪:‬‬
‫بىل‪ .‬ولكنه مالف ملا أمجع عليه أهل السنة السابقون‪ ،‬فهذه زلة عامل ال يتابع‬
‫عليها‪ ،‬ويف املقابل ُيفظ له قدره لكن ال تكون ً‬
‫سبيال ألن يدخل يف منهج‬
‫السلف ما ليس منه‪.‬‬

‫وللمزيد راجع كتايب تبديد كواشف العنيد‪:‬‬

‫‪https://www.islamancient.com/?p=15320‬‬

‫وردي عىل املحمود وآل عبد اللطيف‪:‬‬

‫‪https://www.islamancient.com/?p=17721‬‬

‫(‪ )1‬يف جمموع فتاواه ومقاالته (‪)271/28‬‬

‫‪28‬‬
‫وقرر هذا التأصيل شيخ اإلسالم ابن تيمية يف قصة نقلها عن ابن‬
‫املبارك (‪ )1‬وابن القيم (‪.)2‬‬

‫ومن التناقض الشنيع عند من يسمون بسلفية اإلسكندرية‪ :‬أهنم كانوا‬


‫َي ْست َْخفون وخيدعون من يتابعهم بجهل بأهنم يقولون ال نكفر احلاكم إذا‬
‫حكم بغري ما أنزل اهلل وال نعتقد له بيعة!!‬

‫مسلام وله بيعة أو غري مسلم وال‬


‫ً‬ ‫ووجه التناقض أهنم ما بني أن يروه‬
‫بيعة له‪ ،‬فلام مل يستطيعوا التكفري حتى ال يظهر غلوهم استخفوا بمثل هذا‪.‬‬

‫املسألة الثانية‪ /‬عدم السمع والطاعة للحاكم املسلم الفاسق‪ :‬تواترت‬


‫النصوص النبوية يف األمر بالسمع والطاعة للحاكم املسلم ولو كان‬
‫فاس ًقا‪ ،‬فقد أخرج الشيخان عن عبد اهلل بن مسعود قال‪ :‬قال رسول اهلل‬
‫وأمورا تنكروهنا»‪ .‬قالوا‪ :‬فام تأمرنا يا رسول‬
‫ً‬ ‫ﷺ‪« :‬إنكم سرتون بعدي أثرة‬

‫(‪ )1‬بيان الدليل يف بطالن التحليل (‪.)111/1‬‬

‫(‪ )2‬أعالم املوقعني (‪.)284 /3‬‬

‫‪29‬‬
‫اهلل؟ قال‪« :‬أدوا إليهم حقهم وسلوا اهلل حقكم» (‪ )1‬وأخرج مسلم عن‬
‫عوف بن مالك ‪ ‬أن رسول اهلل ﷺ قال‪« :‬أال من ويل عليه وال فرآه‬
‫يأيت شيئًا من معصية اهلل فليكره ما يأيت من معصية اهلل وال ينزعن يدً ا من‬
‫طاعة» (‪.)2‬‬

‫وهذا األصل يقرره أهل السنة يف كتب االعتقاد‪ ،‬قال اإلمام أمحد يف‬
‫أصول السنة‪" :‬والسمع والطاعة لألئمة وأمري املؤمنني الرب والفاجر‪ ،‬ومن‬
‫ويل اخلالفة واجتمع الناس عليه ورضوا به‪ ،‬ومن غلبهم بالسيف حتى‬
‫صار خليفة" (‪ ،)3‬وملا خالف يف هذا األصل احلسن بن صالح ضلله‬
‫سفيان الثوري واإلمام أمحد وغريمها‪.‬‬

‫راجع كتايب احلقوق الرشعية لوالة أمور املسلمني من رب الربية‪:‬‬


‫‪https://www.islamancient.com/?p=15342‬‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري – كتاب الفتن ‪ -‬باب قول النبي صىل اهلل عليه وسلم (سرتون بعدي‬

‫أمورا تنكروهنا) – رقم (‪ ،)7052‬صحيح مسلم ‌– كتاب اإلمارة ‪ -‬باب الوفاء ببيعة – رقم‬

‫(‪)1843‬‬

‫(‪ )2‬صحيح مسلم – كتاب اإلمارة ‪ -‬باب خيار األئمة – رقم (‪)1855‬‬

‫(‪ )3‬ص ‪.64‬‬

‫‪30‬‬
‫فائدة‪ :‬خيطئ من ينسب ألمحد بن نرص اخلزاعي أنه قتل ألجل اخلروج‪،‬‬
‫بل ألجل ثباته عىل القول بأن القرآن كالم اهلل غري ملوق ‪.‬‬

‫املسألة الثالثة‪ /‬عدم الرباءة من البدعة وأهلها‪:‬‬

‫ومما تقرره كتب االعتقاد الرباءة من أهل البدع‪ ،‬ففي أصول اعتقاد أهل‬
‫السنة لاللكائي قال الفضيل بن عياض‪" :‬أدركت خيار الناس كلهم‬
‫أصحاب سنة وينهون عن أصحاب البدع" (‪.)1‬‬
‫وقال أبو عثامن الصابوين‪" :‬ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا يف‬
‫الدين ما ليس منه‪ ،‬وال حيبوهنم وال يصحبوهنم وال يسمعون كالمهم وال‬
‫جيالسوهنم – ثم قال ‪ -‬واتفقوا مع ذلك عىل القول بقهر أهل البدع‬
‫وإذالهلم وإخزائهم وإبعادهم وإقصائهم‪ ،‬والتباعد منهم ومن مصاحبتهم‬
‫ومعارشهتم‪ ،‬والتقرب إىل اهلل عز وجل بمجانبتهم ومهاجرهتم‪ .‬وأنا‬
‫بفضل اهلل عز وجل ومنّه متبع آلثارهم مستيضء بأنوارهم‪ ،‬ناصح‬
‫إلخواين وأصحايب أن ال يزلقوا عن منارهم‪ ،‬وال يتبعوا غري أقواهلم‪ ،‬وال‬
‫يشتغلوا هبذه املحدثات من البدع التي اشتهرت فيام بني املسلمني‪،‬‬
‫واملناكري من املسائل التي ظهرت وانترشت‪ ،‬ولو جرت واحدة منها عىل‬

‫(‪ )1‬أصول اعتقاد أهل السنة لاللكائي (‪.)138/1‬‬

‫‪31‬‬
‫لسان واحد يف عرص أولئك األئمة هلجروه وبدعوه‪ ،‬ولكذبوه وأصابوه‬
‫يغرن إخواين – حفظهم اهلل – كثرة أهل البدع‬
‫بكل سوء ومكروه‪ ،‬وال ّ‬
‫ووفور عددهم‪ ،‬فإن وفور أهل الباطل وقلة عدد أهل احلق من عالمات‬
‫اقرتاب اليوم احلق‪ ،‬فإن ذلك من أمارات اقرتاب الساعة‪ ،‬إذ الرسول‬
‫املصطفى ﷺ قال‪« :‬إن من عالمات الساعة واقرتاهبا أن يقل العلم ويكثر‬
‫اجلهل» (‪ )1‬والعلم هو السنة‪ ،‬واجلهل هو البدعة" (‪.)2‬‬
‫وأصل هذا التحذير والعداء ألهل البدع مأخوذ مما أخرج الشيخان عن‬
‫عائشة أن رسول اهلل ﷺ قال‪« :‬إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك‬
‫الذين سمى اهلل فاحذروهم» (‪.)3‬‬

‫لذا األصل هجرهم وال ينتقل عن هذا إال ملصلحة‪.‬‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري – كتاب العلم ‪ -‬باب رفع العلم وظهور اجلهل– رقم (‪ )81‬من حديث‬

‫أنس بن مالك‪.‬‬

‫(‪ )2‬عقيدة السلف وأصحاب احلديث (ص‪)113‬‬

‫(‪ )3‬صحيح البخاري ‌– كتاب التفسري ‪ -‬باب (منه آيات حمكامت) ‌– رقم (‪ ،)4273‬صحيح‬

‫مسلم – كتاب العلم ‪ -‬باب النهى عن اتباع متشابه القرآن والتحذير من متبعيه والنهى عن‬

‫االختالف يف القرآن ‌– رقم (‪)2665‬‬

‫‪32‬‬
‫والتحزبات‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫املسألة الرابعة ‪ /‬التنظيامت‬

‫ً‬
‫مسئوال‬ ‫إن هناك فر ًقا بني أن يتفق مجاعة عىل عمل دعوي وجيعلوا هلم‬
‫ويكون العمل مرشو ًعا فهذا تنظيم وترتيب كأن يتفق مجاعة عىل ترتيب‬
‫الدروس واملواعظ يف أحد األحياء أو تتفق مجاعة عىل ترتيب وتنظيم‬
‫توزيع بعض املسجالت الصوتية أو الكتب واملطويات وهكذا‪ ،‬فهذا‬

‫حممود رش ًعا وداخل يف عموم قوله تعاىل‪َ ﴿ :‬و َت َع َاونحوا َع َىل ا ْل ِ ِّ‬
‫رب َوال َّت ْق َوى‬
‫تنظيام‬
‫ً‬ ‫اإل ْث ِم َوا ْل حعدْ َو ِ‬
‫ان﴾ فرق بني هذا وبني أن جيعلوا‬ ‫َو َال َت َعا َونحوا َع َىل ْ ِ‬

‫يتحزبون عليه ويوالون ويعادون عىل هذا التحزب‪ ،‬واملسئول ال جتوز‬


‫مالفته وبعضهم يرصح بأخذ البيعة باسمها أو باسم العهود واملواثيق أو‬
‫بغريها من األسامء‪ ،‬فكم لبس أهل الباطل بني هذين التنظيمني‪.‬‬

‫وخالصة الفرق بني التنظيم إلجناز عمل مشروع والتنظيم للتحزب‬


‫البدعي ما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬أن التنظيم البدعي جيعل الوالء والرباء واحلب والبغض عىل احلزب‬
‫بخالف التنظيم الدعوي فليس كذلك‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ .2‬أن ألفراد التنظيم الدعوي أال يعملوا بام ال يقتنعون به رش ًعا‬
‫بخالف التنظيم احلزيب فهو مأمور بالسمع والطاعة للمسئول سواء‬
‫اقتنع أو مل يقتنع‪.‬‬
‫ُيا أو عمل ًيا رئيس احلزب فإذا‬
‫‪ .3‬أن التنظيم احلزيب جيعل ويل أمره ترص ً‬
‫تعارض قول رئيس احلزب مع احلاكم ويل األمر قدموا قوله عىل‬
‫قول ويل األمر بخالف التنظيم الدعوي فهم يسمعون للمسئول يف‬
‫التنظيم يف حدود العمل مع اعتقادهم أن اجلميع حتت والية ويل‬
‫أمره العام‪.‬‬
‫تنظيام مشا ًقا لويل األمر صار كثري من‬
‫ً‬ ‫‪ .4‬أنه ملا كان التنظيم احلزيب‬
‫أعامله رس ًيا بخالف التنظيم الدعوي فليس كذلك‪.‬‬
‫‪ .5‬أن السمع والطاعة لرئيس احلزب البدعي واجبة‪ ،‬وقد يوردون‬
‫أحاديث السمع والطاعة لويل األمر بخالف السمع والطاعة‬
‫للمسئول يف التنظيم الدعوي فهو ليس واج ًبا ألن له أن يرتك العمل‬
‫معهم‪ ،‬بل وله أال يفعل ما ال يقتنع به رش ًعا وتبقى املحبة واأللفة‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫وبعد هذا فإن التنظيم احلزبي حمرم شرعًا ألسباب‪:‬‬

‫السبب األول‪ /‬أنه بدعة وضاللة وطريقة مل يسلكها السلف الصالح‬


‫خريا لسبقوا إليه‪ ،‬وانظر ً‬
‫مقاال كتبته‬ ‫حتى يف مثل عهد املعتصم‪ ،‬ولو كان ً‬
‫بعنوان‪ :‬معاذ بن جبل ووسائل الدعوة‬

‫‪https://www.islamancient.com/?p=21005‬‬

‫والضابط للبدع يف الوسائل أن الوسيلة التي مل يفعلها السلف‪ ،‬مع‬


‫خريا‬
‫وجود املقتيض وانتفاء املانع فإن فعلها من البدع املحرمة ألنه لو كان ً‬
‫لسبقونا إليه كام قرر هذا ابن تيمية (‪.)1‬‬

‫السبب الثاين‪ /‬أن كل والء وبراء ديني عىل خالف ما جاءت به الرشيعة‬
‫بدعة تضلل هبا الطائفة وخترج من الفرقة الناجية وهذا هو حقيقة التنظيم‬
‫البدعي‪ ،‬وانظر رشح ابن تيمية حلديث االفرتاق يف (جمموع الفتاوى) (‪.)2‬‬

‫السبب الثالث‪ /‬أنه مالف لقوله ﷺ حلذيفة‪« :‬تلزم مجاعة املسلمني‬


‫وإمامهم»‪ .‬فقال حذيفة‪ :‬فإن مل تكن هلم مجاعة وال إمام؟ قال‪« :‬فاعتزل‬

‫(‪ )1‬اقتضاء الرصاط املستقيم (‪)598/2‬‬

‫(‪ )2‬جمموع الفتاوى (‪)345/3‬‬

‫‪35‬‬
‫تلك الفرق كلها ولو أن تعض عىل أصل شجرة حتى يدركك املوت وأنت‬
‫عىل ذلك» أخرجه البخاري ومسلم (‪.)1‬‬

‫املسألة اخلامسة‪ /‬السلفية والسياسة‪:‬‬

‫إن السياسة التي هي بمعنى تتبع أخبار الدول أو أخبار دولة ألهداف‬
‫منها‪ :‬معرفة ما جيري وُياك‪ ،‬ومنها التأثري واإلصالح‪ ،‬ومن ذلك السعي‬
‫للوصول إىل منصة احلكم لإلصالح أو ختفيف الرش وهكذا‪..‬‬

‫إنه ينظر إىل هذه السياسة من جهات‪:‬‬

‫اجلهة األوىل‪ :‬أن مصادر السياسة غري موثقة لعامة الناس بخالف أهل‬
‫احلل والعقد؛ ألن السياسة يف الغالب ما بني نقل غري مصدق واهلل يقول‪:‬‬
‫﴿إِ ْن جاءكحم َف ِ‬
‫اس ٌق بِنَ َبإٍ َف َت َب َّينحوا﴾‪ ،‬أو حتليالت عقلية ال تعد أن تكون ظنو ًنا‬ ‫َ َ ْ‬
‫وأخرج الشيخان عن أيب هريرة ‪ ‬أن رسول اهلل ﷺ قال‪« :‬إياكم‬

‫(‪)1‬صحيح البخاري – كتاب الفتن ‪ -‬باب كيف األمر إذا مل تكن مجاعة ‌– رقم (‪،)7084‬‬

‫صحيح مسلم – كتاب األمارة ‪ -‬باب األمر بلزوم اجلامعة عند ظهور الفتن وحتذير الدعاة إىل‬

‫الكفر ‌– رقم (‪)1847‬‬

‫‪36‬‬
‫والظن فإن الظن أكذب احلديث» (‪ )1‬فأقل أحواهلا ً‬
‫تنزال بالنسبة إىل عامة‬
‫الناس من العلم الذي ال ينفع‪ ،‬وقد استعاذ منه رسول اهلل ﷺ كام يف‬
‫صحيح مسلم عن زيد بن أرقم أن رسول اهلل ﷺ قال‪« :‬اللهم إين أعوذ‬
‫بك من علم ال ينفع ومن قلب ال خيشع ومن نفس ال تشبع ومن دعوة ال‬
‫ومن تقديم املفضول عىل الفاضل وهو من مداخل‬ ‫(‪)2‬‬
‫يستجاب هلا»‬
‫أخريا ليس يف أيدي عامة الناس‬
‫الشيطان كام قرره ابن القيم ‪ . ‬ثم ً‬
‫(‪)3‬‬

‫اختاذ قرار‪.‬‬

‫اجلهة الثانية‪ :‬إن السياسة فيام يتعلق بالدول مناطة بويل األمر فإن بيده‬
‫القرار ويستطيع الوصول إىل أكرب مصداقية ممكنة من األخبار السياسية‪.‬‬

‫اجلهة الثالثة‪ :‬دخول الذين يريدون اإلصالح يف مقارعة األحزاب‬


‫السياسية يف دولة ما للوصول إىل منصة احلكم أو منصة التأثري يف الدولة‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري – كتاب النكاح ‪ -‬باب ال خيطب من خطب أخيه حتى ينكح أو يدع ‌–‬

‫رقم (‪ ،)5143‬صحيح مسلم – كتاب الرب والصلة‪ -‬باب حتريم الظن والتجسس والتنافس‬

‫والتناجش ونحوها – رقم (‪)2563‬‬

‫(‪ )2‬صحيح مسلم – كتاب الذكر والدعاء والتوبة ‪ -‬باب التعوذ من رش ما عمل ومن رش ما‬

‫مل يعمل – رقم (‪.)2722‬‬

‫(‪ )3‬بدائع الفوائد (‪.)801 /2‬‬

‫‪37‬‬
‫كمجلس األمة أو جملس الشعب أو غري ذلك عن طريق االنتخابات‬
‫وكسب صوت األكثر‪ ،‬هذا ما ال تقره الدعوة السلفية ألمور‪:‬‬

‫األمر األول‪ /‬إن طريق اإلصالح يف الدعوة السلفية يبدأ من الشعوب‬


‫وعامة الناس ال من الرؤوس والقمم‪ ،‬واحلكام صورة من صور الناس‬
‫ك ن َحو ِّيل َب ْع َض ال َّظامل ِ َ‬
‫ني َب ْع ًضا بِ َام كَانحوا‬ ‫صالحا وفسا ًدا قال تعاىل‪َ ﴿ :‬وك ََذلِ َ‬
‫ً‬
‫حاكام عىل دولة نرصانية عظيمة وما‬ ‫ً‬ ‫مسلام‬
‫ً‬ ‫ون﴾ والنجايش كان‬ ‫َيك ِْس حب َ‬
‫استطاع أن يفعل شي ًئا‪ ،‬وكفار قريش يعرضون عىل رسول اهلل ﷺ امللك‬
‫يف مكة فيعرض عنهم ويشتغل بإصالح الشعوب‪ ،‬وانظر ً‬
‫مقاال كتبته‬
‫بعنوان‪ :‬تركيا بني اإلسالميني والعلامنيني‪:‬‬

‫‪https://www.islamancient.com/?p=20967‬‬

‫األمر الثاين‪ /‬أن طريقة مناقشة السياسيني للوصول إىل منصة احلكم أو‬
‫منصة التأثري حتتاج إىل تنازالت رشعية كثرية يف نتائج مظنونة‪ ،‬وال جيوز‬
‫أن ترتكب املحرمات ملصالح مظنونة متومهة‪ ،‬ثم إن حتقق بعضها فهي أقل‬
‫من املفاسد العظيمة التي ارتكبت من اإلقرار بالديمقراطية والتي حقيقتها‬
‫حتكيم الشعوب دون رب الشعوب وكتابه القرآن وسنة رسوله ﷺ‪،‬‬
‫كثريا من الذين‬ ‫ً‬
‫فضال عن منكرات كثرية تصحب هذا املنكر مما جعل ً‬

‫‪38‬‬
‫دخلوا ‪ -‬إن مل يكن كلهم ‪ -‬تغريوا يف تدينهم وأحواهلم‪ ،‬والواقع خري‬
‫شاهد‪.‬‬

‫األمر الثالث‪ /‬أن هذه الطريقة تستلزم مؤاخاة األحزاب األخرى‬


‫الضالة وعدم معاداهتا سواء كانت بدعية أو رافضية أو ليربالية بحسب ما‬
‫تقتضيه املصلحة احلزبية السياسية‪ ،‬وقد رأيت صور أعضاء مجعيات كانت‬
‫تنتسب إىل السلفية جيالسون الرافضة وجيتمعون هبم اجتامع أخوة وألفة‬
‫وتعاون‬

‫األمر الرابع‪ /‬أن هذه الطريقة تستلزم عدم إنكار املنكرات املألوفة عند‬
‫العامة ولو كانت الرشك األكرب من التقرب إىل األموات واالعتقاد يف‬
‫الصاحلني ألن قوة هذه األحزاب السياسية يف كسب صوت اجلامهري؛ لذا‬
‫يضطر للتنازل عن ذلك‪ ،‬فبهذا يرتك الوظيفة الكربى للمصلحني والتي‬
‫هي طريقة الرسل وهي إخراج الناس من هواهم إىل ما يريده موالهم‪،‬‬
‫وأعظم ذلك إخراجهم من الرشك األكرب إىل التوحيد ثم من البدعة إىل‬
‫السنة‪ ،‬ومن سلك جادة الرسل فالبد أن يعارضه أكثر الناس ألنه خيالف‬
‫أهواءهم‪ ،‬لذا أعقب اهلل األمر باملعروف والنهي عن املنكر بالصرب عىل‬

‫‪39‬‬
‫األذى قال تعاىل‪﴿ :‬يا بنَي َأقِ ِم الص َال َة و ْأمر بِاملَْعر ِ‬
‫وف َوا ْن َه َع ِن املْحنْك َِر‬ ‫ْح‬ ‫َ حْ‬ ‫َّ‬ ‫َ ح َّ‬
‫ك ِم ْن َع ْز ِم ْاألح حم ِ‬
‫ك إِ َّن َذلِ َ‬
‫رب َع َىل َما َأ َصا َب َ‬
‫ور﴾‪.‬‬ ‫اص ِ ْ‬
‫َو ْ‬

‫يا سبحان اهلل كيف جتتمع هذه الدعوات السياسية التي هدفها الوصول‬
‫إىل منصة احلكم أو منصة التأثري بكسب صوت األكثر مع تبليغ رشيعة‬
‫رب العاملني التي ختالف أهواء أكثر العاملني‪.‬‬

‫إن السعي للوصول إىل املناصب بحجة اإلصالح يف دولة ديمقراطية‬


‫حتكم أصوات اجلامهري فساد لدين املرء وفتنة للعامة فهل من يعقل؟‬

‫وقد حاول أقوا ٌم تسويغ التحزبات السياسية مستدلني بقول يوسف‬


‫اج َع ْلنِي َع َىل‬ ‫ني َأ ِم ٌ‬
‫ني‪َ .‬ق َال ْ‬ ‫َّك ا ْل َي ْو َم َلدَ ْينَا َمكِ ٌ‬
‫عليه السالم ملا قيل له‪﴿ :‬إِن َ‬
‫َخزَائِ ِن ْاألَرض﴾ وهذا استدالل باطل من أوجه‪:‬‬

‫الوجه األول‪ :‬أن يوسف – عليه السالم‪ -‬ما قال هذا إال ملا عرض عليه‬
‫ني﴾ فهو مل يسلك طر ًقا غري‬ ‫ني َأ ِم ٌ‬
‫َّك ا ْل َي ْو َم َلدَ ْينَا َمكِ ٌ‬
‫احلاكم بقوله‪﴿ :‬إِن َ‬
‫فضال عن أن يسلك طر ًقا مالفة للرشيعة‬
‫رشعية للوصول إىل هذه املنصة ً‬
‫ملصالح مظنونة‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫حمتاجا إىل إرضاء‬
‫ً‬ ‫الوجه الثاين‪ :‬أن يوسف ‪-‬عليه السالم‪ -‬ليس‬
‫الشعوب والتنازل عن الرشيعة ألجلهم ألنه ممكن من احلاكم؛ لذا استطاع‬
‫أن خيفف املنكرات بأن يقيم العدل بخالف واقع هذه األحزاب السياسية‪.‬‬

‫الوجه الثالث‪ :‬أنه لو قدر – معاذ اهلل ‪ -‬أن طريقة يوسف‪-‬عليه‬


‫السالم‪ -‬تدل عىل ارتكاب الطرق املخالفة للرشيعة ملصالح مظنونة فهي‬
‫مالفة للرشيعة‪ ،‬ورشع من قبلنا ليس رش ًعا لنا إذا خالف رشعنا إمجا ًعا‪.‬‬

‫وبعد هذا كله يعلم أن السلفية بريئة من هذه التحزبات السياسية‪،‬‬


‫وصدق العالمة األلباين ملا قال‪ :‬من السياسة ترك السياسة‪ .‬وليس معنى‬
‫هذا مشاهبة الليرباليني العلامنيني ‪ -‬التي حقيقتها فصل الدين عن الدولة‬
‫– كام يقوله الباغضون هلذا العالمة من اإلسالميني غالة السياسة‪.‬‬

‫فإن الدين حكم عىل السياسة‪ ،‬وسياسة بال دين سياسة باطلة رش ًعا‪،‬‬
‫وإنام املراد أنه ملا مل يتمكن من الوصول إىل هذه السياسة إال هبذه الطرق‬
‫املحرمة واملصادمة لدعوة الرسل‪ ،‬ثم بعد ذلك ال يتمكن من حتقيق‬
‫املطلوب صار دخوهلا حمر ًما محاية للدين‪ ،‬أما احلاكم الرشعي فهو مطالب‬
‫رش ًعا أال يصادم سياسة للرشيعة اإلسالمية وهو وسياسته حمكومون‬
‫بالرشيعة اإلسالمية رشيعة رب الربية‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫أساسات يف براءة الدعوة السلفية من التُّهم املُلصقة بها‪:‬‬

‫إليك نقوالت عن علامء السلفيني املاضني واملعارصين وقبل هذه‬


‫وزورا بالسلفية من بعض‬
‫ً‬ ‫األحداث الثورية املعارصة امللصقة كذ ًبا‬
‫الرجاالت وإعالم بعض الدول واجلهات املشبوهة ليعلم براءة الدعوة‬
‫السلفية الربانية املعصومة من كل غلو وحرصت النقل عن علامء أكثرهم‬
‫ميتون وبعضهم من األحياء قبل هذه الفتنة املعارصة وسيكون النقل يف‬
‫تقرير عدة أساسيات ومهامت‪:‬‬

‫األساس األول ‪ /‬التوحيد‪:‬‬


‫إن أهم مزايا الدعوة السلفية الدعوة إىل التوحيد وهو إفراد اهلل بالعبادة‬
‫كالذبح والنذر والدعاء‪ ،‬وهي أهم ما بعثت من أجله الرسل كام قال‬
‫وت﴾‪.‬‬‫اجتَن ِ حبوا ال َّطا حغ َ‬ ‫تعاىل‪َ ﴿ :‬و َل َقدْ َب َع ْثنَا ِيف ك ِّحل حأ َّم ٍة َر حس ً‬
‫وال َأ ِن ا ْع حبدح وا اهللََّ َو ْ‬

‫قال الشيخ العالمة عبد العزيز ابن باز‪ :‬والتوحيد معناه توحيد اهلل يعني‬
‫االعتقاد أنه واحد ال رشيك له‪ .‬ومن اآليات الدالة عىل ذلك قوله سبحانه‪:‬‬
‫ون) وقوله سبحانه‪َ ( :‬و َما َأ ْر َس ْلنَا ِم ْن‬ ‫اإلن َْس إِ َّال لِ َي ْع حبدح ِ‬ ‫ت ِْ‬
‫اجل َّن َو ْ ِ‬ ‫( َو َما َخ َل ْق ح‬
‫ون) واآليات يف هذا‬ ‫حوحي إِ َل ْي ِه َأ َّن حه َال إِ َل َه إِ َّال َأنَا َفا ْع حبدح ِ‬
‫ول إِ َّال ن ِ‬
‫ك ِم ْن رس ٍ‬
‫َ ح‬ ‫َق ْبلِ َ‬
‫املعنى كثرية‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫وأما األحاديث فمنها‪ :‬ما ثبت يف صحيح البخاري عن ابن عباس رِض‬
‫اهلل تعاىل عنهام‪ ،‬أن النبي ﷺ قال ملعاذ رِض اهلل عنه ملا بعثه إىل اليمن‪" :‬‬
‫ادعهم إىل أن يوحدوا اهلل " هبذا اللفظ رواه البخاري يف الصحيح (‪ ،)1‬ويف‬
‫صحيح مسلم عن طارق بن أشيم األشجعي رِض اهلل عنه عن النبي ﷺ‬
‫أنه قال‪ " :‬من وحد اهلل وكفر بام يعبد من دون اهلل حرم ماله ودمه‪ ،‬وحسابه‬
‫عىل اهلل " (‪ )2‬فرصح بقوله‪ :‬وحد اهلل فدل ذلك عىل أن هذا هو معنى ال إله‬
‫إال اهلل‪.‬‬

‫ومن ذلك ما ثبت يف صحيح مسلم عن ابن عمر رِض اهلل عنهام‪ :‬أن‬
‫النبي ﷺ قال‪ " :‬بني اإلسالم عىل مخس‪ ،‬عىل أن يوحد اهلل " (‪ )3‬احلديث‪،‬‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري – كتاب التوحيد ‪ -‬باب ما جاء يف دعاء النبي صىل اهلل عليه وسلم أمته‬

‫إىل توحيد اهلل تبارك وتعاىل ‌– رقم (‪)7372‬‬

‫(‪ )2‬صحيح مسلم ‌– كاب اإليامن ‪ -‬باب األمر بقتال الناس حتى يقولوا ال إله إال اهلل حممد‬

‫رسول اهلل – رقم (‪)23‬‬

‫(‪ )3‬صحيح مسلم ‌– كاب اإليامن ‪ -‬باب قول النبي ‪-‬صىل اهلل عليه وسلم‪ « -‬بنى اإلسالم‬

‫عىل مخس » ‪-‬رقم (‪)16‬‬

‫‪43‬‬
‫وذلك تفسري لقوله ﷺ يف الرواية األخرى‪ " :‬بني اإلسالم عىل مخس‬
‫شهادة أن ال إله إال اهلل‪ ،‬وأن ُممدا رسول اهلل " (‪ )1‬احلديث" (‪.)2‬‬

‫األساس الثاني ‪ /‬التحذير من البدع‪:‬‬


‫إن من أهم مزايا الدعوة السلفية تنقية الدين من كل ما دخل فيه مما‬
‫ليس منه وهي البدع‪.‬‬

‫قال اإلمام أمحد يف أصول السنة‪" :‬أصول السنة عندنا التمسك بام كان‬
‫عليه أصحاب رسول اهلل ﷺ واالقتداء هبم وترك البدع وكل بدعة فهي‬
‫ضاللة"‪.‬‬

‫قال أبو بكر اإلسامعييل يف عقيدة أئمة احلديث‪" :‬ويرون جمانبة البدعة"‪.‬‬

‫(‪)1‬صحيح البخاري – كتاب اإليامن ‪ -‬باب اإليامن وقول النبي صىل اهلل عليه وسلم (بني‬

‫اإلسالم عىل مخس) ‌– رقم (‪ ،)8‬صحيح مسلم ‌– كتاب اإليامن ‪ -‬باب قول النبي ‪-‬صىل اهلل‬

‫عليه وسلم‪ « -‬بنى اإلسالم عىل مخس » ‪ -‬رقم (‪)16‬‬

‫(‪ )2‬جمموع فتاواه (‪)140 / 3‬‬

‫‪44‬‬
‫ففي فتاوى اللجنة الدائمة برئاسة العالمة ابن باز‪ :‬يقول السائل‪:‬‬
‫اختلف علامؤنا يف البدعة‪ ،‬فقال بعضهم‪ :‬البدعة منها ما هو حسن ومنها‬
‫ما هو قبيح فهل هذا صحيح؟‬

‫اجلواب‪ :‬البدعة‪ :‬هي كل ما أحدث عىل غري مثال سابق‪ ،‬ثم منها ما‬
‫يتعلق باملعامالت وشئون الدنيا‪ ،‬كاخرتاع آالت النقل من طائرات‬
‫وسيارات وقاطرات‪ ،‬وأجهزة الكهرباء‪ ،‬وأدوات الطهي‪ ،‬واملكيفات التي‬
‫تستعمل للتدفئة والتربيد‪ .‬وآالت احلرب من قنابل وغواصات‬
‫ودبابات‪ ...‬إىل غري ذلك مما يرجع إىل مصالح العباد يف دنياهم فهذه يف‬
‫نفسها ال حرج فيها وال إثم يف اخرتاعها ثم قالوا‪ -‬وقد تكون البدعة يف‬
‫الدين عقيدة أو عبادة قولية أو فعلية‪ ،‬كبدعة نفي القدر‪ ،‬وبناء املساجد عىل‬
‫القبور‪ ،‬وإقامة القباب عىل القبور‪ ،‬وقراءة القرآن عندها لألموات‪،‬‬
‫واالحتفال باملوالد إحياء لذكرى الصاحلني والوجهاء‪ ،‬واالستغاثة بغري‬
‫اهلل والطواف حول املزارات‪ ،‬فهذه وأمثاهلا كلها ضالل؛ لقول النبي ﷺ‪:‬‬
‫" إياكم وُمدثات األمور‪ ،‬فإن كل ُمدثة بدعة‪ ،‬وكل بدعة ضاللة "(‪- )1‬‬

‫(‪ )1‬مسند أمحد (‪ ،)126/4‬سنن أبى داود ‌– كتاب السنة ‪ -‬باب ِف ُلزُ وم ُّ‬
‫السنهة – رقم‬

‫(‪ ،)4607‬سنن ابن ماجه ‪ -‬باب اتباع سنة اخللفاء الراشدين املهديني‪ –‌ .‬رقم (‪ )42‬من حديث‬

‫العرباض بن سارية‬

‫‪45‬‬
‫ثم قالوا‪ -‬وال تنقسم البدع يف العبادات إىل األحكام اخلمسة كام زعم‬
‫بعض الناس؛ لعموم حديث‪ " :‬كل بدعة ضاللة " (‪.)1‬‬

‫األساس الثالث ‪ /‬عداء الكفار‪:‬‬


‫إن مما امتدح به إبراهيم ‪-‬عليه السالم‪ -‬وأمرنا اهلل االقتداء به هو عداء‬
‫َت َلك ْحم حأ ْس َو ٌة َح َسنَ ٌة ِيف‬ ‫الكافرين ألجل كفرهم كام قال تعاىل‪َ ﴿ :‬قدْ كَان ْ‬
‫ون‬ ‫ون ِم ْن حد ِ‬ ‫آء ِمنْك ْحم َو ِممَّا َت ْع حبدح َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين َم َع حه إِ ْذ َقا حلوا ل َق ْوم ِه ْم إِنَّا حب َر ح‬
‫ِ‬
‫يم َوا َّلذ َ‬
‫ِ‬
‫إ ْب َراه َ‬
‫اء َأ َبدً ا َحتَّى ت ْحؤ ِمنحوا بِاهللَِّ‬
‫اهللَِّ َك َف ْرنَا بِك ْحم َو َبدَ ا َب ْينَنَا َو َب ْينَك ححم ا ْل َعدَ َاو حة َوا ْل َبغ َْض ح‬
‫َو ْحدَ حه﴾‪.‬‬

‫ون ِم ْن‬
‫آء ِمنْك ْحم َو ِممَّا َت ْع حبدح َ‬ ‫ِ ِ‬
‫قال الطربي‪" :‬وقوله‪﴿ :‬إِ ْذ َقا حلوا ل َق ْوم ِه ْم إِنَّا حب َر ح‬
‫ون اهللَِّ﴾ يقول‪ :‬حني قالوا لقومهم الذين كفروا باهلل‪ ،‬وعبدوا الطاغوت‪:‬‬ ‫حد ِ‬
‫ون ِم ْن حد ِ‬
‫ون اهللَِّ﴾ من اآلهلة‬ ‫آء ِمنْك ْحم﴾‪ ،‬ومن الذين ﴿ َت ْع حبدح َ‬
‫أهيا القوم ﴿إِنَّا حب َر ح‬
‫اء َأ َبدً ا﴾ عىل كفركم‬ ‫واألنداد‪ ،...‬وظهر ﴿ َب ْينَنَا َو َب ْينَك ححم ا ْل َعدَ َاو حة َوا ْل َبغ َْض ح‬
‫باهلل‪ ،‬وعبادتكم ما سواه‪ ،‬وال صلح بيننا وال هوادة‪َ ﴿ ،‬حتَّى ت ْحؤ ِمنحوا بِاهللَِّ‬
‫َو ْحدَ حه﴾ يقول‪ :‬حتى تصدقوا باهلل وحده‪ ،‬فتوحدوه‪ ،‬وتفردوه بالعبادة" ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫(‪ )1‬فتوى برقم (‪)948‬‬

‫(‪ )2‬تفسري الطربي (‪.)566 /22‬‬

‫‪46‬‬
‫قال الشيخ العالمة عبد العزيز ابن باز‪" :‬الوالء والرباء معناه ُمبة‬
‫املؤمنني ومواالهتم وبغض الكافرين ومعاداهتم والرباءة منهم ومن دينهم‬
‫َت‬ ‫هذا هو الوالء والرباء كام قال اهلل سبحانه يف سورة املمتحنة‪َ ( :‬قدْ كَان ْ‬
‫آء ِمنْك ْحم َو ِممَّا‬ ‫ِ ِ‬
‫ين َم َع حه إِ ْذ َقا حلوا ل َق ْوم ِه ْم إِنَّا حب َر ح‬
‫ِ‬
‫يم َوا َّلذ َ‬
‫ِ‬
‫َلك ْحم حأ ْس َو ٌة َح َسنَ ٌة ِيف إِ ْب َراه َ‬
‫اء َأ َبدً ا‬ ‫ون ِم ْن حد ِ‬
‫ون اهللَِّ َك َف ْرنَا بِك ْحم َو َبدَ ا َب ْينَنَا َو َب ْينَك ححم ا ْل َعدَ َاو حة َوا ْل َبغ َْض ح‬ ‫َت ْع حبدح َ‬
‫َحتَّى ت ْحؤ ِمنحوا بِاهللَِّ َو ْحدَ حه) اآلية‪ .‬وليس معنى بغضهم وعداوهتم أن تظلمهم‬
‫أو تتعدى عليهم إذا مل يكونوا ُماربني‪ ،‬وإنام معناه أن تبغضهم يف قلبك‬
‫وتعادهيم بقلبك وال يكونوا أصحابا لك‪ ،‬لكن ال تؤذهيم وال ترضهم وال‬
‫تظلمهم فإذا س َّلموا ترد عليهم السالم وتنصحهم وتوجههم إىل اخلري كام‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اد حلوا َأ ْه َل ا ْلكِت ِ‬
‫قال اهلل عز وجل‪( :‬و َال ح ََت ِ‬
‫َاب إِ َّال بِا َّلتي ه َي َأ ْح َس حن إِ َّال ا َّلذ َ‬
‫ين‬ ‫َ‬
‫َظ َل حموا ِمن حْه ْم) اآلية" (‪.)1‬‬

‫وقال الشيخ العالمة ابن عثيمني‪" :‬ال شك أن املسلم جيب عليه أن‬
‫يبغض أعداء اهلل‪ ،‬ويتربأ منهم؛ ألن هذه هي طريقة الرسل وأتباعهم قال‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين َم َع حه إِ ْذ َقا حلوا‬ ‫يم َوا َّلذ َ‬ ‫َت َلك ْحم حأ ْس َو ٌة َح َسنَ ٌة ِيف إِ ْب َراه َ‬ ‫اهلل تعاىل‪َ ( :‬قدْ كَان ْ‬
‫ون ِم ْن حد ِ‬
‫ون اهللَِّ َك َف ْرنَا بِك ْحم َو َبدَ ا َب ْينَنَا َو َب ْينَك ححم‬ ‫آء ِمنْك ْحم َو ِممَّا َت ْع حبدح َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ل َق ْوم ِه ْم إِنَّا حب َر ح‬

‫(‪ )1‬جمموع فتاواه (‪)246 / 5‬‬

‫‪47‬‬
‫َتدح َق ْو ًما‬ ‫اء َأ َبدً ا َحتَّى ت ْحؤ ِمنحوا بِاهللَِّ َو ْحدَ حه) وقال تعاىل‪َ ( :‬ال َ ِ‬ ‫ا ْل َعدَ َاو حة َوا ْل َبغ َْض ح‬
‫ون َم ْن َحا َّد اهللََّ َو َر حسو َل حه َو َل ْو كَانحوا آ َب َ‬
‫اء حه ْم‬ ‫حون بِاهللَِّ َوا ْل َي ْو ِم ْاآل ِخ ِر حي َوا ُّد َ‬
‫حي ْؤ ِمن َ‬
‫اإل َيام َن َو َأ َّيدَ حه ْم‬ ‫َب ِيف حق حل ِ‬
‫وهبِ حم ْ ِ‬ ‫ك َكت َ‬ ‫َاء حه ْم َأ ْو إِ ْخ َو َاهنح ْم َأ ْو َع ِش َري َ حهت ْم حأو َلئِ َ‬
‫َأ ْو َأ ْبن َ‬
‫بِ حروحٍ ِمنْ حه) وعىل هذا ال حيل ملسلم أن يقع يف قلبه ُمبة ومودة ألعداء اهلل‬
‫الذين هم أعداء له يف الواقع‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬يا َأهيا ا َّل ِذين آمنحوا َال َتت ِ‬
‫َّخ حذوا‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُّ َ‬
‫اءك ْحم ِم َن‬ ‫ِ‬
‫ون إِ َل ْي ِه ْم بِاملَْ َو َّدة َو َقدْ َك َف حروا بِ َام َج َ‬
‫ِ‬
‫َعدح ِّوي َو َعدح َّوك ْحم َأ ْول َي َ‬
‫اء حت ْل حق َ‬
‫َْ‬
‫احل ِّق)‪.‬‬

‫أما كون املسلم يعاملهم بالرفق واللني طم ًعا يف إسالمهم وإيامهنم‪ ،‬فهذا‬
‫ال بأس به؛ ألنه من باب التأليف عىل اإلسالم‪ ،‬ولكن إذا يئس منهم‬
‫عاملهم بام يستحقون أن يعاملهم به‪ ،‬وهذا مفصل يف كتب أهل العلم‪ ،‬وال‬
‫سيام كتاب "أحكام أهل الذمة" البن القيم رمحه اهلل" (‪.)1‬‬

‫وقال‪" :‬راب ًعا‪ :‬املستأمنون الذين طلبوا األمان عىل أنفسهم وعىل أمواهلم‬
‫ملدة معينة‪ ،‬فهؤالء دون املعاهدين‪ ،‬ودون أهل الذمة‪ ،‬وفوق احلربيني‪،‬‬
‫وهلذا يصح األمان حتى من غري اإلمام؛ لقول النبي ـ عليه الصالة والسالم‬

‫(‪ )1‬جمموع فتاواه ورسائله (‪)31 / 3‬‬

‫‪48‬‬
‫ـ‪ " :‬قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ "(‪ ،)1‬فيمكن ألي واحد من الناس أن‬
‫ؤمنًا له فإنه ال‬ ‫يدخل أحدً ا من الكفار إىل بالد اإلسالم بأمان‪ ،‬وما دام حم ِّ‬
‫جيوز ألحد أن يعتدي عليه‪ ،‬ودليل هذا قوله تبارك وتعاىل‪َ ( :‬وإِ ْن َأ َحدٌ ِم َن‬
‫ال َم اهللَِّ حث َّم َأ ْبلِ ْغ حه َم ْأ َمنَ حه)" (‪.)2‬‬
‫است ََج َار َك َف َأ ِج ْر حه َحتَّى َي ْس َم َع َك َ‬ ‫رشكِ َ‬
‫ني ْ‬ ‫املْح ْ ِ‬

‫وقال‪" :‬والنفس املحرمة أربعة أنفس‪ ،‬هي‪ :‬نفس املؤمن‪ ،‬والذمي‪،‬‬


‫واملعاهد‪ ،‬واملستأمن؛ بكرس امليم‪ :‬طالب األمان" (‪.)3‬‬

‫وقال الشيخ حممد بن عبد اللطيف‪ ،‬والشيخ عبد اهلل العنقري‪" :‬وأما‬
‫األدلة الواردة يف األمر بقتال الكفار‪ ،‬فاملراد هبا من ال ذمة له منهم وال عهد‪،‬‬

‫(‪)1‬صحيح البخاري ‌– أبواب الصالة يف الثياب ‪ -‬باب الصالة يف الثوب الواحد ملتحفا به ‌–‬

‫رقم (‪ ،)357‬صحيح مسلم – كتاب صالة املسافرين ‪ -‬باب استحباب صالة الضحى ‌– رقم‬

‫(‪)336‬‬

‫(‪ )2‬الرشح املمتع عىل زاد املستقنع (‪)250 / 15‬‬

‫(‪ )3‬جمموع فتاواه (‪)499 / 9‬‬

‫‪49‬‬
‫وهم املحاربون‪ ،‬وأما من له ذمة أو عهد من الكفار‪ ،‬فقد قال النبي ﷺ‪:‬‬
‫«من قتل معاهدً ا مل يرح رائحة اجلنة»(‪.)2( " )1‬‬

‫األساس الرابع ‪ /‬التكفري‪:‬‬


‫الدعوة السلفية دعوة اعتدال يف التكفري بام يريده اهلل بال إفراط وال‬
‫تفريط فمن مل يكفر الكافر األصيل كاليهود والنصارى فهو كافر‪،‬‬

‫والتكفري حق هلل فال يكفر إال من كفره اهلل‬

‫قال ابن تيمية ‪" :‬فلهذا كان أهل العلم والسنة ال يكفرون من‬
‫خالفهم‪ ،‬وإن كان ذلك املخالف يكفرهم؛ ألن الكفر حكم رشعي فليس‬
‫لإلنسان أن يعاقب بمثله‪ ،‬كمن كذب عليك وزنى بأهلك ليس لك أن‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري ‌– أبواب اجلزية واملوادعة ‪ -‬باب إثم من قتل معاهدا بغري جرم ‌– رقم‬

‫(‪ )3166‬من حديث عبد اهلل بن عمرو‬

‫(‪ )2‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية (‪)345 / 9‬‬

‫‪50‬‬
‫تكذب عليه وتزين بأهله ألن الكذب والزنا حرام حلق اهلل تعاىل‪ ،‬وكذلك‬
‫التكفري حق اهلل تعاىل فال يكفر إال من كفره اهلل ورسوله" (‪.)1‬‬

‫وقال ابن القيم يف النونية‪:‬‬

‫بالرشع يثبت ال بقول فـالن‬ ‫الكفر حـق اهلل ثم رسـولـه‬

‫(‪)2‬‬
‫قـد كفراه فذاك ذو الكفران‬ ‫من كان رب العاملني وعبده‬

‫وليس كل من وقع يف الكفر كفر بل ال يكفر إال بعد توافر الرشوط‬


‫وانتفاء املوانع‬

‫قال ابن تيمية‪" :‬أو حيمل األمر عىل التفصيل‪ .‬فيقال‪ :‬من ك ّفر بعينه‬
‫فلقيام الدليل عىل أنه وجدت فيه رشوط التكفري وانتفت موانعه ومن مل‬
‫يكفره بعينه فالنتفاء ذلك يف حقه هذا مع إطالق قوله بالتكفري عىل سبيل‬
‫العموم‪ .‬والدليل عىل هذا األصل‪ :‬الكتاب والسنة واإلمجاع واالعتبار"(‪.)3‬‬

‫)‪ ) 1‬الرد عىل البكري ص‪ ،259‬وانظر جمموع الفتاوى (‪ )245/3‬ومنهاج السنة‬

‫(‪ ،)92،244/5‬وانظر الفصل البن حزم (‪.)248،249/3‬‬

‫)‪ (2‬وانظر مترص الصواعق ص‪. 494‬‬

‫(‪ )3‬جمموع الفتاوى (‪. )489/12‬‬

‫‪51‬‬
‫قال الشيخ العالمة حممد ابن عثيمني‪" :‬فإن قال قائل‪ :‬هل تكفرون أهل‬
‫التأويل أو تفسقوهنم؟‬

‫قلنا‪ :‬احلكم بالتفكري والتفسيق ليس إلينا‪ ،‬بل هو إىل اهلل تعاىل ورسوله‬
‫ﷺ‪ ،‬فهو من األحكام الرشعية التي مردها إىل الكتاب والسنة‪ ،‬فيجب‬
‫التثبت فيه غاية التثبت‪ ،‬فال يكفر وال يفسق إال من دل الكتاب والسنة عىل‬
‫كفره أو فسقه‪.‬‬

‫واألصل يف املسلم الظاهر العدالة بقاء إسالمه وبقاء عدالته‪ ،‬حتى‬


‫يتحقق زوال ذلك عنه بمقتىض الدليل الرشعي‪ ،‬وال جيوز التساهل يف‬
‫تكفريه أو تفسيقه ألن يف ذلك ُمذورين عظيمني‪:‬‬

‫أحدمها‪ :‬افرتاء الكذب عىل اهلل تعاىل يف احلكم وعىل املحكوم عليه يف‬
‫الوصف الذي نبزه به‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬الوقوع فيام نبز به أخاه إن كان ساملًا منه‪ ،‬ففي صحيح مسلم عن‬
‫عبد اهلل بن عمر رِض اهلل عنهام أن النبي ﷺ قال‪" :‬إذا كفر الرجل أخاه‬

‫‪52‬‬
‫فقد باء هبا أحدمها"(‪ ،)1‬ويف رواية‪" :‬إن كان كام قال وإال رجعت‬
‫عليه"(‪ ،)2‬وفيه عن أيب ذر رِض اهلل عنه عن النبي ﷺ‪« :‬ومن دعا ً‬
‫رجال‬
‫بالكفر‪ ،‬أو قال عدو اهلل‪ ،‬وليس كذلك إال حار عليه» " (‪.)3‬‬

‫وعىل هذا فيجب قبل احلكم عىل املسلم بكفر أو فسق أن ينظر يف أمرين‪:‬‬

‫‪ -‬أحدمها‪ :‬داللة الكتاب أو السنة عىل أن هذا القول أو الفعل موجب‬


‫للكفر أو الفسق‪.‬‬
‫‪ -‬الثاين‪ :‬انطباق هذا احلكم عىل القائل املعني أو الفاعل املعني‪ ،‬بحيث‬
‫تتم رشوط التكفري أو التفسيق يف حقه‪ ،‬وتنتفي املوانع‪.‬‬

‫(‪)1‬صحيح البخاري – كتاب األدب ‪ -‬باب من أكفر أخاه بغري تأويل فهو كام قال – رقم‬

‫(‪ ،)6104‬صحيح مسلم – كتاب اإليامن ‪ -‬باب بيان حال إيامن من قال ألخيه املسلم يا كافر‬

‫– رقم (‪)60‬‬

‫(‪ )2‬صحيح مسلم ‪ -‬كتاب اإليامن ‪ -‬باب بيان حال إيامن من قال ألخيه املسلم يا كافر – رقم‬

‫(‪)60‬‬

‫(‪ )3‬صحيح مسلم ‪ -‬كتاب اإليامن ‪ -‬باب بيان حال إيامن من رغب عن أبيه وهو يعلم ‌– رقم‬

‫(‪)61‬‬

‫‪53‬‬
‫كافرا‬
‫ومن أهم الرشوط‪ :‬أن يكون عاملا بمخالفته التي أوجبت أن يكون ً‬
‫أو فاس ًقا " (‪.)1‬‬

‫األساس اخلامس ‪ /‬اجلهاد‪:‬‬


‫الدعوة السلفية تعتقد اجلهاد وسيلة عظيمة إلعالء كلمة اهلل وأنه‬
‫مرشوع من باب الوسائل ال الغايات‪ ،‬فإن مل يكن اختاذه مفيدً ا كحاالت‬
‫الضعف فإنه ال يرشع كحال رسول اهلل ﷺ يف مكة‪.‬‬

‫قال الشيخ العالمة حممد ابن عثيمني عند الكالم عىل اجلهاد‪" :‬ال بد فيه‬
‫من رشط‪ ،‬وهو أن يكون عند املسلمني قدرة وقوة يستطيعون هبا القتال‪،‬‬
‫فإن مل يكن لدهيم قدرة فإن إقحام أنفسهم يف القتال إلقاء بأنفسهم إىل‬
‫التهلكة‪ ،‬وهلذا مل يوجب اهلل ـ سبحانه وتعاىل ـ عىل املسلمني القتال وهم‬
‫وكونوا الدولة‬
‫يف مكة؛ ألهنم عاجزون ضعفاء‪ ،‬فلام هاجروا إىل املدينة ّ‬
‫اإلسالمية وصار هلم شوكة حأمروا بالقتال‪ ،‬وعىل هذا فال بد من هذا‬
‫الرشط‪ ،‬وإال سقط عنهم كسائر الواجبات؛ ألن مجيع الواجبات يشرتط‬

‫(‪ )1‬القواعد املثىل يف صفات اهلل وأسامئه احلسنى (ص ‪)86‬‬

‫‪54‬‬
‫فيها القدرة‪ ،‬لقوله تعاىل‪َ ( :‬فا َّت حقوا اهللََّ َما ْاس َت َط ْعت ْحم)‪ ،‬وقوله‪( :‬الَ حي َك ِّلفح اهللَّح‬
‫َن ْف ًسا إِالَّ حو ْس َع َها)" (‪.)1‬‬

‫ومن كلامت الشيخ العالمة حممد بن صالح العثيمني‪ ":‬اآلن ملاذا ال‬
‫نحارب أمريكا وروسيا وفرنسا وإنجلرتا؟!! ملاذا؟! لعدم القدرة‪،‬‬
‫األسلحة ا َّلتِي قد ذهب عرصها عندهم هي ا َّلتِي ِيف أيدينا‪ ،‬وهي عند‬
‫أسلحتهم بِمنْزلة سكاكني املوقد عند الصواريخ‪ ،‬ما تفيد شيئًا‪ ،‬فكيف‬
‫حيمكن أن نقاتل هؤالء‪ ،‬وهلذا أقول‪ :‬إنه من احلمق أن يقول قائل‪ :‬إنه جيب‬
‫علينا أن نقاتل أمريكا وفرنسا وإنجلرتا وروسيا!! كيف نقاتل؟! هذا تأباه‬
‫حكمة اهلل تعاىل ويأباه رشعه؛ لكن الواجب علينا أن نفعل ما أمر اهلل به‪:‬‬
‫(أ ِعدُّ وا َحهلم ما استطعتم ِمن حق ٍ‬
‫وة) هذا الواجب علينا أن نعد َهلم ما استطعنا‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫من قوة‪ ،‬وأهم قوة نعدها‪ :‬هو اإل ْيامن والتقوى‪.)2( "...‬‬
‫وللمزيد راجع كتايب مهامت يف اجلهاد‪.‬‬
‫‪HTTPS://WWW.ISLAMANCIENT.COM/?P=15297‬‬

‫(‪ )1‬الرشح املمتع عىل زاد املستقنع (‪)7 / 8‬‬

‫(‪ )2‬رشح بلوغ املرام من كتاب اجلهاد ‪-‬الرشيط األول‪ ،‬الوجه (أ)‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫األساس السادس ‪ /‬التفجريات يف بالد الكفار‬
‫إن مما رصح بإنكاره علامء الدعوة السلفية هذه التفجريات التي قام هبا‬
‫بعض ذوي اجلهل واحلامسة وأيدهم دعاة الفتنة‪.‬‬

‫قال الشيخ العالمة حممد ابن عثيمني‪" :‬أولئك الذين يلقون املتفجرات‬
‫زعام منهم أن هذا من اجلهاد يف سبيل اهلل‪ ،‬واحلقيقة أهنم‬
‫يف صفوف الناس ً‬
‫أساءوا إىل اإلسالم أو ازدادوا نفرة منه؟‬

‫وأهل اإلسالم يكاد اإلنسان يغطي وجهه لئال ينسب إىل هذه الطائفة‬
‫املرجفة املروعة واإلسالم بريء منها حتى بعد أن فرض اجلهاد ما كان‬
‫الصحابة يذهبون إىل جمتمع الكفار يقتلوهنم أبدً ا إال بجهاد له راية من ويل‬
‫قادر عىل اجلهاد‪.‬‬

‫أما هذا اإلرهاب فهو واهلل نقص عىل املسلمني أقسم باهلل ألننا ال نجد‬
‫نتائجه أبدً ا‪ ،‬بل هو العكس فيه تشويه السمعة ولو أننا سلكنا احلكمة‬
‫فاتقينا اهلل يف أنفسنا وأصلحنا أنفسنا ً‬
‫أوال ثم حاولنا إصالح غرينا بالطرق‬
‫الرشعية لكان نتيجة هذا نتيجة طيبة" (‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬الرشيط األول من رشح أصول التفسري الوجه األول‬

‫‪56‬‬
‫ويف بيان هيئة كبار العلامء حول حادث التفجري الذي وقع يف اخلرب‬
‫واملعقود بمدينة الطائف السبت ‪1417/2/13‬هـ قرر ما ييل‪:‬‬

‫" ً‬
‫أوال‪ :‬إن هذا التفجري عمل إجرامي بإمجاع املسلمني وذلك لألسباب‬
‫اآلتية‪:‬‬

‫‪ -1‬يف هذا التفجري هتك حلرمات اإلسالم املعلومة بالرضورة‪ :‬هتك‬


‫حلرمة األنفس املعصومة وهتك حلرمة األموال وهتك حلرمات األمن‬
‫واالستقرار وحياة الناس اآلمنني املطمئنني يف مساكنهم ومعايشهم ‪...‬‬

‫‪ -2‬أن النفس املعصومة يف حكم رشيعة اإلسالم هي كل مسلم‪ ،‬وكل‬


‫(و َم ْن َي ْقت ْحل حم ْؤ ِمنًا حم َت َع ِّمدً ا‬
‫من بينه وبني املسلمني أمان كام قال تعاىل‪َ :‬‬
‫ب اهللَّح َع َل ْي ِه َو َل َعنَ حه َو َأ َعدَّ َل حه َع َذا ًبا َعظِ ًيام)‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َف َج َزاؤح حه َج َهن حَّم َخالدً ا ف َيها َو َغض َ‬
‫َان ِم ْن َق ْو ٍم َب ْينَك ْحم‬
‫(وإِ ْن ك َ‬ ‫وقال سبحانه يف حق الذمي يف حكم قتل اخلطأ‪َ :‬‬
‫اق َف ِد َي ٌة حم َس َّل َم ٌة إِ َىل َأ ْهلِ ِه َو َ َْت ِر حير َر َق َب ٍة حم ْؤ ِمن ٍَة)‬
‫َو َب ْين حَه ْم ِمي َث ٌ‬

‫فإن كان الكافر الذي له أمان إذا قتل خطأ ففيه الدية والكفارة‪ ،‬فكيف‬
‫إذا قتل عمدً ا؟ فإن اجلريمة تكون أعظم واإلثم يكون أكرب وقد صح عن‬

‫‪57‬‬
‫رسول اهلل ﷺ أنه قال‪ ":‬من قتل معاهدً ا مل يرح رائحة اجلنة " رواه‬
‫(‪)1‬‬
‫البخاري‬

‫فال جيوز التعرض ملستأمن بأذى ً‬


‫فضال عن قتله يف مثل هذه اجلريمة‬
‫الكبرية النكراء‪ ،‬وهذا وعيد شديد ملن قتل معاهدً ا وأنه كبرية من الكبائر‬
‫املتوعد عليها بعدم دخول القاتل اجلنة نعوذ باهلل من اخلذالن‪...‬‬

‫ثان ًيا‪ :‬إن املجلس إذ يبني َتريم هذا العمل اإلجرامي‪ ،‬فإنه يبني للعامل أن‬
‫اإلسالم برئ من هذا العمل وهكذا كل مسلم يؤمن باهلل واليوم اآلخر‬
‫بريء منه‪ ،‬وإنام هو ترصف من صاحب فكر منحرف وعقيدة ضالة فهو‬
‫حيمل إثمه وجرمه فال حيتسب عمله عىل اإلسالم وال عىل املسلمني‬
‫املهتدين هبدي اإلسالم املعتصمني بالكتاب والسنة واملتمسكني بحبل اهلل‬
‫املتني‪ .‬وإنام هو ُمض إفساد وإجرام تأباه الرشيعة والفطرة"‪.‬‬

‫وللمزيد راجع كتايب‪( :‬الربهان املنري يف دحض شبهات أهل التكفري‬


‫والتفجري)‪https://www.islamancient.com/?p=15350 :‬‬

‫وكتايب (تبديد كواشف العنيد يف تكفريه لدولة التوحيد)‪:‬‬

‫‪https://www.islamancient.com/?p=15320‬‬

‫(‪ )1‬سبق خترجيه‬

‫‪58‬‬
‫األساس السابع ‪ /‬السمع والطاعة لوالة األمور املسلمني ولو فساقًا‪:‬‬
‫من أسس الدين تقرير عقيدة السمع والطاعة للحكام املسلمني ولو‬
‫كانوا فسا ًقا كام تقرره كتب اعتقاد أهل السنة وقرر هذا علامؤنا‪.‬‬

‫قال الشيخ العالمة عبد العزيز ابن باز‪" :‬واملقصود أنه إذا أمرك العامل أو‬
‫األمري بيشء من معايص اهلل فال تطعه يف معايص اهلل إنام الطاعة يف املعروف‬
‫كام قال النبي ﷺ‪ " :‬ال طاعة ملخلوق يف معصية اخلالق " (‪ ،)1‬لكن ال جيوز‬
‫اخلروج عىل األئمة وإن عصوا بل جيب السمع والطاعة يف املعروف مع‬
‫املناصحة وال تنزعن يدا من طاعة لقول النبي ﷺ‪« :‬عىل املرء السمع‬
‫والطاعة يف املنشط واملكره وفيام أحب وكره ما مل يؤمر بمعصية اهلل فإن أمر‬
‫بمعصية اهلل فال سمع وال طاعة» (‪ )2‬ويقول عليه الصالة والسالم‪« :‬من‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري – كتاب أخبار اآلحاد ‪ -‬باب ما جاء يف إجازة خرب الواحد الصدوق يف‬

‫األذان – رقم (‪ ،)7257‬صحيح مسلم ‌– كتاب اإلمارة ‪ -‬باب وجوب طاعة األمراء يف غري‬

‫معصية وحتريمها يف املعصية – رقم (‪ )1840‬بلفظ " ال طاعة يف معصية اهلل إنام الطاعة يف‬

‫املعروف‪ ،‬من حديث عيل بن أيب طالب ريض اهلل عنه‪.‬‬

‫(‪)2‬صحيح البخاري – كتاب األحكام ‪ -‬باب السمع والطاعة لإلمام ما مل تكن معصية ‌– رقم‬

‫(‪ ،)7144‬صحيح مسلم – كتاب اإلمارة ‪ -‬باب وجوب طاعة األمراء ِف غري معصية‬

‫وحتريمها ِف املعصية ‌– رقم (‪ )1839‬من حديث عبداهلل بن عمر ريض اهلل عنهام ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫رأى من أمريه شيئًا من معصية اهلل فليكره ما يأيت من معصية اهلل وال ينزعن‬
‫يدً ا من طاعة فإنه من فارق اجلامعة مات ميتة جاهلية» (‪ ،)1‬وقال عليه‬
‫الصالة والسالم‪ " :‬من أتاكم وأمركم مجيع يريد أن يفرق مجاعتكم وأن‬
‫يشق عصاكم فاقتلوه كائنًا من كان "(‪ ،)2‬واملقصود أن الواجب السمع‬
‫والطاعة يف املعروف لوالة األمور من األمراء والعلامء ‪ -‬وهبذا تنتظم‬
‫األمور وتصلح األحوال ويأمن الناس وينصف املظلوم ويردع الظامل‬
‫وتأمن السبل‪ ،‬وال جيوز اخلروج عىل والة األمور وشق العصا إال إذا وجد‬
‫منهم كفر بواح عند اخلارجني عليه من اهلل برهان ويستطيعون بخروجهم‬
‫أن ينفعوا املسلمني وأن يزيلوا الظلم وأن يقيموا دولة صاحلة‪ .‬أما إذا كانوا‬
‫بواحا‪ .‬ألن خروجهم يرض‬
‫كفرا ً‬
‫ال يستطيعون فليس هلم اخلروج ولو رأوا ً‬
‫الناس ويفسد األمة ويوجب الفتنة والقتل بغري احلق ‪ -‬ولكن إذا كانت‬
‫عندهم القدرة والقوة عىل أن يزيلوا هذا الوايل الكافر فليزيلوه وليضعوا‬

‫(‪)1‬البخاري ‌– كتاب الفتن ‪ -‬باب قول النبي صىل اهلل عليه وسلم (سرتون بعدي أمورا‬

‫تنكروهنا) – رقم (‪ ،)7054‬أخرج مسلم – كتاب اإلمارة ‪ -‬باب األمر بلزوم اجلامعة عند‬

‫ظهور الفتن– رقم (‪ )1849‬عن ابن عباس بمعناه‬

‫(‪ )2‬صحيح مسلم ‌– كتاب اإلمارة ‪ -‬باب حكم من فرق أمر املسلمني وهو جمتمع – رقم‬

‫(‪ )1852‬من حديث عرفجة ‪ -‬ريض اهلل عنه ‪. -‬‬

‫‪60‬‬
‫بواحا عندهم‬
‫كفرا ً‬ ‫ً‬
‫صاحلا ينفذ أمر اهلل‪ ،‬فعليهم ذلك إذا وجدوا ً‬ ‫مكانه وال ًيا‬
‫من اهلل فيه برهان وعندهم قدرة عىل نرص احلق وإجياد البديل الصالح‬
‫وتنفيذ احلق" (‪.)1‬‬

‫األساس الثامن ‪/‬املظاهرات‬


‫أنكر علامؤنا املعارصون هذه املظاهرات وبينوا عدة أوجه رشعية مقنعة‬
‫يف حتريمها ومل يفرقوا بني املظاهرات يف السعودية وال غريها فإن دين اهلل‬
‫واحد‪ ،‬وقد حاول بعض املش ّغبني التشويش عىل كالم علامئنا هذا بشبهات‬
‫واهية ليس املقام مقام الرد عليها‪.‬‬
‫قال الشيخ العالمة األلباين‪" :‬فاخلروج للتظاهرات أو املظاهرات‪،‬‬
‫وإعالن عدم الرضا‪ ،‬أو الرضا وإعالن التأييد أو الرفض لبعض القرارات‬
‫أو بعض القوانني‪ ،‬هذا نظام يلتقي مع احلكم الذي يقول احلكم للشعب‪،‬‬
‫من الشعب وإىل الشعب‪ ،‬أما حينام يكون املجتمع إسالم ًيا فال حيتاج األمر‬
‫إىل مظاهرات‪ ،‬وإنام حيتاج إىل إقامة احلجة عىل احلاكم الذي خيالف رشيعة‬
‫اهلل‪ -.‬ثم قال‪ -‬أقول عن هذه املظاهرات ليست وسيلة إسالمية تنبئ عن‬
‫الرضا‪ ،‬أو عدم الرضا من الشعوب املسلمة؛ ألنه هناك وسائل أخرى‬
‫وأخريا‪ ،‬هل صحيح أن هذه‬
‫ً‬ ‫باستطاعتهم أن يسلكوها – ثم قال‪-‬‬

‫(‪ )1‬جمموع فتاواه (‪)118 / 7‬‬

‫‪61‬‬
‫املظاهرات تغري من نظام احلكم إذا كان القائمون مرصين عىل ذلك؟ ال‬
‫ندري كم وكم من مظاهرات قامت‪ ،‬وقتل فيها قتىل كثريون جدً ا‪ ،‬ثم بقي‬
‫األمر عىل ما بقي عليه قبل املظاهرات‪ ،‬فال نرى أن هذه الوسيلة تدخل يف‬
‫قاعدة أن األصل يف األشياء اإلباحة؛ ألهنا من تقاليد الغربيني" (‪.)1‬‬

‫وسئل الشيخ العالمة حممد بن صالح ابن عثيمني فقال‪" :‬فإن‬


‫املظاهرات أمر حادث‪ ،‬مل يكن معرو ًفا يف عهد النبي ﷺ‪ ،‬وال يف عهد‬
‫اخللفاء الراشدين‪ ،‬وال عهد الصحابة – رِض اهلل عنهم ‪.-‬‬

‫ثم إن فيه من الفوىض والشغب ما جيعله أمرا ممنو ًعا؛ حيث حيصل فيه‬
‫أيضا اختالط الرجال‬
‫تكسري الزجاج واألبواب وغريها‪ ،‬وحيصل فيه ً‬
‫بالنساء‪ ،‬والشباب بالشيوخ‪ ،‬وما أشبه ذلك من املفاسد واملنكرات‪ ،‬وأما‬
‫مسألة الضغط عىل احلكومة فهي إن كانت مسلمة فيكفيها واع ًظا كتاب‬
‫اهلل وسنة رسوله ﷺ‪ ،‬وهذا خري ما يعرض عىل املسلم‪ ،‬وإن كانت كافرة‪،‬‬
‫فإهنا ال تبايل هبؤالء املتظاهرين وسوف َتاملهم ظاه ًرا وهي ما هي عليه‬
‫من الرش يف الباطن‪ ،‬لذلك نرى أن املظاهرات أمر منكر ‪.‬‬

‫(‪ )1‬سلسلة اهلدى والنور رشيط رقم ‪210‬‬

‫‪62‬‬
‫وأما قوهلم إن هذه املظاهرات سلمية‪ ،‬فهي قد تكون سلمية يف أول‬
‫األمر‪ ،‬أو يف أول مرة‪ ،‬ثم تكون ختريبية‪ ،‬وأنصح الشباب أن يتبعوا سبيل‬
‫من سلف فإن اهلل ـ سبحانه وتعاىل ـ أثنى عىل املهاجرين واألنصار وأثنى‬
‫عىل الذين اتبعوهم بإحسان " (‪.)1‬‬
‫راجع مقال (كشف شبهات جموزي املظاهرات)‪:‬‬
‫‪https://www.islamancient.com/?p=20927‬‬

‫األساس التاسع ‪ /‬أنواع املسائل املختلف فيها‪:‬‬


‫إن مسائل اخلالف ليست عىل درجة واحدة‪ ،‬بل منها مسائل يسوغ‬
‫اخلالف فيها ومسائل ال يسوغ اخلالف فيها فال يصح أن تعامل املسائل‬
‫التي يسوغ اخلالف فيها معاملة ما ال يسوغ اخلالف فيه وال العكس‬
‫والذي يضلل به املخالف بحسب ضوابط رشعية فيام ال يسوغ اخلالف‬
‫فيه‪.‬‬

‫قال ابن تيمية‪ :‬وقوهلم مسائل اخلالف ال إنكار فيها ليس بصحيح فإن‬
‫اإلنكار‪ ،‬إما أن يتوجه إىل القول باحلكم أو العمل أما األول فإذا كان القول‬
‫خيالف سنة‪ ،‬أو إمجاعا قديام وجب إنكاره وفاقا‪ ،‬وإن مل يكن كذلك فإنه‬
‫ينكر بمعنى بيان ضعفه عند من يقول املصيب واحد وهم عامة السلف‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬اجلواب األهبر ص ‪.75‬‬

‫‪63‬‬
‫والفقهاء – ثم قال ‪ -‬وأما إذا مل يكن يف املسألة سنة وال إمجاع ولالجتهاد‬
‫فيها مساغ ينكر عىل من عمل هبا جمتهدا‪ ،‬أو مقلدا‪ ،‬وإنام دخل هذا اللبس‬
‫من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل اخلالف هي مسائل االجتهاد كام اعتقد‬
‫ذلك طوائف من الناس" (‪.)1‬‬

‫قال الشيخ العالمة حممد ابن عثيمني‪ :‬فإن من أصول أهل السنة‬
‫صادرا عن اجتهاد وكان‬
‫ً‬ ‫واجلامعة يف املسائل اخلالفية أن ما كان اخلالف فيه‬
‫بعضا باخلالف وال حيمل بعضهم‬
‫مما يسوغ فيه االجتهاد فإن بعضهم يعذر ً‬
‫عىل بعض حقدً ا‪ ،‬وال عداوة‪ ،‬وال بغضاء بل يعتقدون أهنم إخوة حتى وإن‬
‫حصل بينهم هذا اخلالف‪ ،‬حتى أن الواحد منهم ليصيل خلف من يرى أنه‬
‫ليس عىل وضوء ويرى اإلمام أنه عىل وضوء‪ ،‬مثل أن يصيل خلف شخص‬
‫أكل حلم إبل وهذا اإلمام يرى أنه ال ينقض الوضوء‪ ،‬واملأموم يرى أنه‬
‫ينقض الوضوء فريى أن الصالة خلف ذلك اإلمام صحيحة وإن كان هو‬
‫لو صالها بنفسه لرأى أن صالته غري صحيحة‪ ،‬كل هذا ألهنم يرون أن‬
‫اخلالف الناشئ عن اجتهاد فيام يسوغ فيه االجتهاد ليس يف احلقيقة‬
‫بخالف‪ ،‬ألن كل واحد من املختلفني قد تبع ما جيب عليه اتباعه من الدليل‬

‫(‪ )1‬بيان الدليل عىل بطالن التحليل ص ‪. 145‬‬

‫‪64‬‬
‫الذي ال جيوز له العدول عنه‪ ،‬فهم يرون أن أخاهم إذا خالفهم يف عمل ما‬
‫اتبا ًعا للدليل هو يف احلقيقة قد وافقهم‪ ،‬ألهنم يدعون إىل اتباع الدليل أينام‬
‫كان‪ ،‬فإذا خالفهم موافقة لدليل عنده فهو يف احلقيقة قد وافقهم‪ ،‬ألنه متشى‬
‫عىل ما يدعون إليه وهيدون إليه من َتكيم كتاب اهلل تعاىل وسنة رسوله‬
‫ﷺ‪.‬‬

‫أما ما ال يسوغ فيه اخلالف فهو ما كان خمال ًفا ملا كان عليه الصحابة‬
‫والتابعون‪ ،‬كمسائل العقائد التي ضل فيها من ضل من الناس‪ ،‬ومل حيصل‬
‫فيها اخلالف إال بعد القرون املفضلة‪-‬أي مل ينترش اخلالف إال بعد القرون‬
‫املفضلة – ثم قال ‪ -‬فالقرون املفضلة انقرضت ومل يوجد فيها هذا اخلالف‬
‫الذي انترش بعدهم يف العقائد‪ ،‬فمن خالف ما كان عليه الصحابة‬
‫والتابعون فإنه عليه وال يقبل خالفه‪.‬‬

‫أما املسائل التي وجد فيها اخلالف يف عهد الصحابة وكان فيها مساغ‬
‫لالجتهاد فال بد أن يكون اخلالف فيها باق ًيا قال النبي ﷺ‪ " :‬إذا حكم‬

‫‪65‬‬
‫احلاكم فاجتهد فأصاب فله أجران‪ ،‬وإن اجتهد فأخطأ فله أجر "(‪ )1‬فهذا‬
‫هو الضابط‪.‬‬

‫فالواجب عىل املسلمني مجي ًعا أن يكونوا أمة واحدة وأن ال حيصل بينهم‬
‫تفرق وَتزب بحيث يتناحرون فيام بينهم بأسنة األلسن ويتعادون‬
‫ويتباغضون من أجل اختالف يسوغ فيه االجتهاد " (‪.)2‬‬

‫األساس العاشر ‪ /‬األخالق‪:‬‬


‫مما تعتني به الدعوة السلفية تعامل العباد مع بعضهم كام تعتني بتعامل‬
‫العباد مع رهبم فهي تعتني باألخالق احلسنة وذكرها طائفة من أهل العلم‬
‫يف كتب االعتقاد ألمهيتها‪.‬‬

‫قال أبو بكر اإلسامعييل يف عقيدة أئمة احلديث‪" :‬ويرون جمانبة البدعة‬
‫واآلثام‪ ،‬والفخر‪ ،‬والتكرب‪ ،‬والعجب‪ ،‬واخليانة‪ ،‬والدغل‪ ،‬والسعاية‪،‬‬

‫(‪)1‬صحيح البخاري – كتاب االعتصام والسنة ‪ -‬باب أجر احلاكم إذا اجتهد فأصاب أو‬

‫أخطأ‪ -‬رقم (‪ ،)7352‬صحيح مسلم – كتاب األقضية ‪ -‬باب بيان أجر احلاكم إذا اجتهد‬

‫فأصاب أو أخطأ ‌– رقم (‪ )1716‬من حديث عمرو بن العاص‬

‫(‪ )2‬جمموع فتاواه (‪)122 / 7‬‬

‫‪66‬‬
‫ويرون كف األذى وترك الغيبة إال ملن أظهر بدعة وهو يدعو إليها‪ ،‬فالقول‬
‫فيه ليس بغيبة عندهم"‪.‬‬

‫قال أبو عثامن الصابوين يف عقيدة السلف أصحاب احلديث‪:‬‬


‫"ويتواصون بقيام الليل للصالة بعد املنام‪ ،‬وبصلة األرحام وإفشاء السالم‬
‫وإطعام الطعام‪ ،‬والرمحة عىل الفقراء واملساكني واأليتام‪ ،‬واالهتامم بأمور‬
‫املسلمني‪ ،‬والتعفف يف املأكل واملرشب وامللبس واملنكح واملرصف‪ ،‬واألمر‬
‫باملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬والبدار إىل فعل اخلريات أمجع‪ .‬ويتحابون يف‬
‫الدين ويتباغضون فيه‪ ،‬ويتقون اجلدال يف اهلل‪ ،‬واخلصومات فيه "‪.‬‬

‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة الواسطية‪" :‬ويدينون‪:‬‬


‫بالنصيحة لألمة‪ .‬ويعتقدون‪ :‬معنى قوله ﷺ‪« :‬املؤمن للمؤمن كالبنيان‪،‬‬
‫يشد بعضه بعضا» (‪ )1‬وشبك بني أصابعه ﷺ‪ .‬وقوله ﷺ‪« :‬مثل املؤمنني‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري – كتاب الصالة ‪ -‬باب تشبيك األصابع يف املسجد ‪ ،)481( -‬أخرجه‬

‫مسلم – كتاب الرب والصلة ‪ -‬باب تراحم املؤمنني وتعاطفهم وتعاضدهم – رقم (‪ )2585‬من‬

‫حديث أيب موسى – ريض اهلل عنه ‪.-‬‬

‫‪67‬‬
‫يف توادهم وترامحهم وتعاطفهم؛ كمثل اجلسد‪ ،‬إذا اشتكى منه عضو؛‬
‫تداعى له سائر اجلسد باحلمى والسهر» " (‪. )1‬‬

‫ويأمرون‪ :‬بالصرب عىل البالء‪ .‬والشكر عند الرخاء‪ .‬والرضا بمر‬


‫القضاء‪ .‬ويدعون إىل‪ :‬مكارم األخالق‪ .‬وُماسن األعامل‪.‬‬

‫ويعتقدون‪ :‬معنى قول النبي ﷺ‪« :‬أكمل املؤمنني إيامنا أحسنهم‬


‫خلقا»(‪ . )2‬ويندبون إىل‪ :‬أن تصل من قطعك‪ .‬وتعطي من حرمك‪ .‬وتعفو‬
‫عمن ظلمك"‪.‬‬

‫قال ابن القيم‪" :‬الدين كله خلق‪ ،‬فمن زاد عليك يف اخللق‪ :‬زاد عليك‬
‫يف الدين" (‪.)3‬‬

‫ويف فتاوى اللجنة الدائمة برئاسة العالمة عبد العزيز ابن باز‪:‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه مسلم ‌– كتاب الرب والصلة ‪ -‬باب تراحم املؤمنني وتعاطفهم وتعاضدهم – رقم‬

‫(‪ )2586‬من حديث النعامن بن بشري ‪ -‬ريض اهلل عنه ‪. -‬‬

‫(‪ )2‬أخرجه أبو داود ‪ -‬كتاب السنة ‪ -‬باب الدليل عىل زيادة اإليامن ونقصانه – رقم (‪،)4682‬‬

‫والرتمذي – أبواب الرضاع ‪ -‬باب ما جاء يف حق املرأة عىل زوجها – رقم (‪ )1162‬من‬

‫حديث أيب هريرة ريض اهلل عنه‪.‬‬

‫(‪ )3‬مدارج السالكني (‪)294 /2‬‬

‫‪68‬‬
‫"عىل املسلم االلتزام بمكارم األخالق وحسن العرشة يف معاملة‬
‫املسلمني‪ ،‬وذلك يف حدود ما رشعه اهلل‪ ،‬فال يعتدي عىل أحد بدم أو مال‬
‫ِ‬
‫ب‬‫أو عرض أو غريها؟ لقوله تعاىل‪َ ( :‬و َال َت ْعتَدح وا إِ َّن اهللََّ َال ححي ُّ‬
‫ِ‬
‫املْح ْعتَد َ‬
‫ين)"(‪.)1‬‬

‫وقال الشيخ العالمة حممد ابن عثيمني عند ذكر طريقة أهل السنة‬
‫‪..‬خامسا‪ :‬الدعوة إىل مكارم األخالق‬
‫ً‬ ‫واجلامعة يف سريهتم وعملهم‪." :‬‬
‫وُماسن األعامل كالصدق والرب واإلحسان إىل اخللق والشكر عند النعم‬
‫والصرب عىل البالء وحسن اجلوار والصحبة وغري ذلك من األخالق‬
‫املحمودة رش ًعا وعر ًفا‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬النهي عن مساوئ األخالق‪ :‬كالكذب والعقوق واإلساءة إىل‬


‫ً‬
‫اخللق والتسخط من القضاء والكفر بالنعمة واإلساءة إىل اجلريان‬
‫واألصحاب وغري ذلك من األخالق املذمومة رش ًعا أو عر ًفا" (‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬الفتوى رقم (‪)8130‬‬

‫(‪ )2‬جمموع فتاواه (‪)313 / 4‬‬

‫‪69‬‬
‫األساس احلادي عشر ‪ /‬الرد على املخالف‪:‬‬
‫ملا كانت مصلحة الدين مقدمة عىل مصلحة كل أحد كان الرد عىل خطأ‬
‫املخطئني دين ًيا واج ًبا حتى ال يظن خطؤه من الدين‪ ،‬وهذا نوع من األمر‬
‫باملعروف والنهي عن املنكر وقد اجتهد فيه السلفيون طاعة لرهبم ومحاية‬
‫للدين الذي هو أهم املهامت عىل اإلطالق‪.‬‬

‫جلست َإىل قتادة فذكر َعمرو بن حعبيد فوقع فيه‬


‫ح‬ ‫قال عاصم األحول‪" :‬‬
‫يقع بعضهم ِيف بعض؟!‬ ‫َ‬
‫ونال منه‪ ،‬فقلت‪ :‬أبا اخلطاب‪ ،‬أال أرى العلامء ح‬

‫فقال‪ :‬يا أحول‪َ ،‬أوال تدري أن الرجل إذا ابتدع فينبغي له أن حيذكر َحتَّى‬
‫(‪)1‬‬
‫ححيذر"‪.‬‬

‫قال الشاطبي ‪ ‬معل ًقا عىل هذا األثر‪" :‬فمثل هؤالء البد من ذكرهم‪،‬‬
‫والتشهري ِهبم؛ ألن ما يعو حد عىل املْحسلمني من رضرهم إذا تحركوا أعظم من‬
‫الرضر َْ‬
‫احلاصل بذكرهم‪ ،‬والتنفري عنهم‪ ،‬إذا كان سبب ترك التعيني‬
‫شك أن التفرق بني املْحسلمني والداعني‬ ‫َْ‬
‫اخلوف من التفرق والعداوة‪ ،‬وال َ‬
‫أقيم عليهم أسهل من التفرق بني املسلمني ومن‬
‫للبدعة وحدهم إذا َ‬
‫شايعهم واتبعهم‪ ،‬وإذا تعارض الرضران فاملرتكب أخفهام وأسهلهام‪،‬‬

‫(‪ )1‬احللية (‪)335/2‬‬

‫‪70‬‬
‫الرش أهون من َمجيعه‪ ،‬كقطع اليد املْحتآكلة‪ ،‬إتالفها أسهل من إتالف‬
‫وبعض ِّ‬
‫النفس‪ ،‬وهذا شأن الرشع أبدً ا‪ :‬أن يطرح حكم األخفِّ وقاي ًة من‬
‫األثقل"(‪.)1‬‬

‫قال الشيخ العالمة عبد العزيز ابن باز ‪" :‬لو سكت أهل احلق‬
‫عن بيان احلق الستمر املخطئون عىل أخطائهم‪ ،‬وق ّلدهم غريهم يف ذلك‪،‬‬
‫ِ‬
‫ين‬ ‫وباء الساكتون بإثم الكتامن الذي تو ّعدهم اهلل يف قوله سبحانه‪( :‬إِ َّن ا َّلذ َ‬
‫َاب‬ ‫َّاس ِيف ا ْلكِت ِ‬ ‫َات َو ْحاهلدَ ى ِمن َب ْع ِد َما َب َّينَّا حه لِلن ِ‬
‫ون ما َأن َز ْلنَا ِمن ا ْلبين ِ‬
‫َ َ ِّ‬ ‫َي ْكت ححم َ َ‬
‫ين تَا حبو ْا َو َأ ْص َل ححو ْا َو َب َّينحو ْا‬ ‫ِ‬ ‫الال ِعن َ‬ ‫حأو َلئِ َ‬
‫حون‪ .‬إِالَّ ا َّلذ َ‬ ‫ك َيل َعن ححه حم اهللّح َو َي ْل َعن ححه حم َّ‬
‫يم)‪ ،‬وقد أخذ اهلل عىل علامء أهل‬ ‫ك َأتحوب ع َلي ِهم و َأنَا التَّواب ِ‬
‫َف حأ ْو َلئِ َ‬
‫الرح ح‬
‫َّ ح َّ‬ ‫ح َ ْ ْ َ‬
‫وذمهم عىل نبذه وراء‬
‫الكتاب امليثاق لتبيننه للناس وال تكتمونه‪ّ ،‬‬
‫ظهورهم‪ ،‬وحذرنا من اتّباعهم‪ ،‬فإذا سكت أهل السنة عن بيان أخطاء من‬
‫خالف الكتاب والسنة شاهبوا بذلك أهل الكتاب املغضوب عليهم‬
‫والضالني"(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬االعتصام (‪)731 /2‬‬

‫(‪ )2‬جمموع فتاواه (‪)72/3‬‬

‫‪71‬‬
‫وختا ًما فإن أعداء دعوة احلق ينبزون أهل احلق بألقاب لينفروا الناس‬
‫فقديام وصفوا أهل السنة بأهنم مشبهة جمسمة‪ ،‬قال الصابوين‪:‬‬
‫ً‬ ‫منهم‪،‬‬
‫"وعالمات البدع عىل أهلها بادية ظاهرة‪ ،‬وأظهر آياهتم وعالماهتم شدة‬
‫معاداهتم حلملة أخبار النبي ﷺ‪ ،‬واحتقارهم هلم وتسميتهم إياهم حشوية‬
‫وجهلة وظاهرية ومشبهة‪ ،‬اعتقا ًدا منهم يف أخبار الرسول ﷺ أهنا بمعزل‬
‫عن العلم‪ ،‬وأن العلم ما يلقيه الشيطان إليهم من نتاج عقوهلم الفاسدة‪،‬‬
‫ووساوس صدورهم املظلمة‪ ،‬وهواجس قلوهبم اخلالية من اخلري وحجج!‬
‫العاطلة بل شبههم الداحضة الباطلة‪ .‬أولئك الذين لعنهم اهلل‪ ،‬فأصمهم‬
‫وأعمى أبصارهم‪ .‬ومن هين اهلل فامله من مكرم إن ا هلل يفعل ما يشاء‪ .‬رأيت‬
‫أهل البدع يف هذه األسامء التي لقبوا هبا أهل السنة سلكوا معهم مسلك‬
‫املرشكني مع رسول اهلل ﷺ‪ ،‬فإهنم اقتسموا القول فيه‪ ،‬فسامه بعضهم‬
‫شاعرا‪ ،‬وبعضهم جمنونًا‪ ،‬وبعضهم‬
‫ً‬ ‫ساحرا وبعضهم كاهنًا‪ ،‬وبعضهم‬
‫ً‬
‫مفتونًا‪ ،‬وبعضهم مفرت ًيا خمتل ًقا كذا ًبا‪ ،‬وكان النبي ﷺ من تلك املعايب‬
‫رسوال مصطفى نب ًيا‪ ،‬قال اهلل عز وجل‪( :‬ا ْن حظ ْر‬ ‫ً‬ ‫بعيدً ا بريئًا‪ ،‬ومل يكن إال‬
‫ون َسبِ ًيال)‪ .‬كذلك املبتدعة‬‫ك ْاألَ ْم َث َال َف َض ُّلوا َف َال َي ْستَطِي حع َ‬
‫رض حبوا َل َ‬
‫َك ْيفَ َ َ‬
‫خذهلم اهلل اقتسموا القول يف محلة أخباره‪ ،‬ونقلة آثاره ورواة أحاديثه‬
‫املقتدين به املهتدين بسنته‪ ،‬فسامهم بعضهم حشوية‪ ،‬وبعضهم مشبهة‪،‬‬

‫‪72‬‬
‫وبعضه منابتة‪ ،‬وبعضه مناصبة‪ ،‬وبعضه جمربية‪ ،‬وأصحاب احلديث‬
‫عصامة من هذه املعايب بريئة زكية نقية‪ ،‬وليسوا إال أهل السنة املضية‬
‫والسرية املرضية والسبل السوية واحلجج البالغة القوية‪ ،‬قد وفقهم اهلل جل‬
‫جالله التباع كتابه ووحيه وخطابه‪ ،‬واالقتداء برسوله ﷺ يف أخباره التي‬
‫أمر فيها أمته باملعروف من القول والعمل‪ ،‬وزجرهم فيها عن املنكر منهام‪،‬‬
‫وأعاهنم عىل التمسك بسريته واالهتداء بمالزمة سنته‪ ،‬ورشح صدورهم‬
‫قوما فهو معهم يوم‬
‫ملحبته‪ ،‬وُمبة أئمة رشيعته‪ ،‬وعلامء أمته‪ ،‬ومن أحب ً‬
‫القيامة بحكم رسول اهلل ﷺ‪" :‬املرء مع من أحب"(‪.)2(" )1‬‬

‫وروى الاللكائي عن إسحاق بن راهويه أنه قال‪" :‬عالمة جهم‬


‫وأصحابه دعواهم عىل أهل اجلامعة‪ ،‬وما أولعوا به من الكذب أهنم مشبهة‬
‫بل هم املعطلة‪ ،‬ولو جاز أن يقال هلم‪ :‬هم املشبهة الحتمل ذلك" (‪.)3‬‬

‫(‪)1‬صحيح البخاري – كتاب األدب ‪ -‬باب عالمة احلب يف اهلل عز وجل ‌– رقم (‪،)6168‬‬

‫صحيح مسلم – كتاب الرب والصلة ‪ -‬باب املرء مع من أحب – رقم (‪ )2640‬من حديث ابن‬

‫مسعود‬

‫(‪ )2‬عقيدة السلف أصحاب احلديث (ص ‪)35‬‬

‫(‪)532 /3( )3‬‬

‫‪73‬‬
‫وروى الاللكائي عن اإلمام أيب حاتم أنه قال‪" :‬وعالمة الزنادقة‪:‬‬
‫تسميتهم أهل السنة حشوية‪ ،‬يريدون إبطال اآلثار‪ ،‬وعالمة اجلهمية‪:‬‬
‫تسميتهم أهل السنة مشبهة" (‪.)1‬‬

‫وقال اإلمام أبو حممد الربهباري‪" :‬وإن سمعت الرجل يقول‪ :‬فالن‬
‫مشبه‪ ،‬وفالن يتكلم يف التشبيه‪ ،‬فاهتمه واعلم أنه جهمي" (‪.)2‬‬

‫وطريقة الرد عىل أهل البدع يف نبزهم أهل السنة باأللقاب التنفريية هو‬
‫االستفصال منهم وكشف إمجاهلم الذي يلبسون به احلق بالباطل‪ ،‬فإذا‬
‫استفصلت من أحدهم عن سبب نبز أهل السنة بأهنم جمسمة؟ قالوا‪ :‬إهنم‬
‫يثبتون هلل يدين‪ ،‬فعىل هذا تكون مشاهبتني ليد اخللق فإذا استفصلت‬
‫وقلت‪ :‬هل يقولون بأن يديه كيدي اخللق؟‬

‫فإن كان صاد ًقا اعرتف باحلقيقة وبني أهنم يثبتون هلل يدين تليق به عىل‬
‫مدحا وثناء‪ ،‬وهكذا أهل‬
‫ما جاء به القرآن‪ ،‬فعندها ينقلب ذمهم وقدحهم ً‬
‫البدع يف كل زمان ومكان‬

‫(‪)179 /1( )1‬‬

‫(‪ )2‬رشح السنة ص ‪109‬‬

‫‪74‬‬
‫ومن األلقاب التنفريية التي ينبز هبا أهل البدعة أهل السنة‪ :‬لقب‬
‫(الوهابية) يريدون هبذا النبز والطعن يف دعوة التوحيد التي قام هبا اإلمام‬
‫حممد بن عبد الوهاب ‪ ‬ومن معه وبعده من فرسان التوحيد‬
‫وعساكره‪ ،‬وقد بني أئمة الدعوة النجدية السلفية وغريهم من السلفيني‬
‫سخف املطاعن املكذوبة عىل دعوة التوحيد التي قام هبا اإلمام املجدد‬
‫حممد بن عبد الوهاب‪ ،‬وأن لقب (الوهابية) جاء به أعداء دعوة التوحيد‬
‫لتنفري الناس من التوحيد الصايف‪.‬‬

‫ويف هذه السنوات يعيد الزمان نفسه‪ ،‬ويصوب أعداء الدعوة السلفية‬
‫سهامهم ومطاعنهم عىل الدعوة السلفية بألقاب أخرى كلقب اجلامية‬
‫فكونوا فطنني‪.‬‬

‫أسأل اهلل أن ُييينا عىل السلفية حتى نلقاه راض ًيا عنا‪.‬‬

‫والسالم عليكم ورمحة اهلل وبركاته‬

‫‪75‬‬

You might also like