‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪:‬المبحث األول‬ ‫ضبط المفاهيم ‪.‬‬

‫تعريف الصحابي‪ : .‬األول المطلب‬

‫اللغوي التعريف ‪:‬‬

‫يفسر كل من(لسان العرب) و(تاج العروس) كلمة الصحابي باالتي ‪:‬‬

‫) وصاحبه عاشره والصحب جمع الصاحب‪ ,‬وصحابة بالفتح ‪ ,‬صحب) صحبة يصحبه صحبة (بالضم)‬

‫واألصحاب جماعة الصحب والصاحب المعاشر ال يتعدى تعديا بالفعل إذا استعمل في األسماء كما يمكن‬
‫استعماله كصفة ‪ .‬والجمع (اصاحيب ) و (اصاحب) و(صحبان) و (صاحب) و صحب وصحابة كما‬
‫ذكر انه يمكن تانييث الجمع فقاال (وممكن تأنيث الجمع مثل حديث قيل "خرجت ابتغي الصحابة لرسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم " وهو بالفتح جمع( صاحب )‪.‬ولم يجمع فاعل على فعالة إال هذا ويصحب يمنع‬
‫و يحفظ مثل قوله تعالى "‪ ......‬وال هم منا يصحبون " األنبياء ‪ 43‬اي يمنعون ويقال (صحبك هللا) اي‬
‫‪1‬حفظك و كان لك جار‬

‫هذا والصحابي بمفهومنا هو المسلم الذي امن برسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫وصاحبه ‪.‬‬
‫‪ :‬التعريف االصطالحي‬

‫تعرف كتب السيرة الصحابي عدة تعريفات‬

‫ابن حجرا لعسقالني يعرف الصحابة بقوله (‪....‬واصح ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابي من لقي‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم مؤمنا به ومات على اإلسالم فيدخل ذلك فيمن لقيه من طالت مجالسته له أو‬
‫قصرت ومن روى عنه أو لم يرو ومن غزا معه أو لم يغز و من رآه رؤية ولم يجالسه و من لم يراه‬
‫لعارض كالعمى ويخرج بقيد اإليمان من لقيه كافرا و لو اسلم بعد ذلك إذ لم يجتمع به مرة أخرى ) و‬
‫يقول أيضا ( و يدخل في قولنا "مؤمنا به" كل مؤلف من الجن و اإلنس ثم يقول (وخرج بقولنا "و مات‬
‫على اإلسالم "من لقيه مؤمنا به ثم ارتد ومات على ردته و العياذ باهلل وقد وجد من ذلك عدد يسير كعبيد‬
‫هللا بن جحش الذي كان زوج أم حبيبة وكعبيد هللا بن خطل الذي قتل وهو متعلق بأستاذ الكعبة‪.2‬‬
‫أما ابن حزم األندلسي في كتابه (اإلحكام في أصول األحكام ) فقد قال وليس كل من أدرك النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم ورآه صحابيا ولو كان ذلك لكان أبو جهل من الصحابة ألنه قد رأى النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫و حادثه و جالسه وسمع منه و ليس كل من أدركه عليه السالم و لم يلقه ثم اسلم بعد موته عليه السالم أو‬
‫‪1‬‬
‫ابن المنظور لسان العرب دارصادر بيروت ط‪1414 3‬ه ج‪ 2‬ص‪( 9-7‬فصل الصاد‪-‬حرف الباء)‬
‫‪2‬‬
‫ابن الحجر العسقالني اإلصابة دار الكتب العلمية بيروت ط‪1415 1‬ه ج‪ 1‬ص‪3-2‬‬
 ‫الفصل األول‪:‬‬

‫في حياته إال انه لم يره معدودا في الصحابة و لو كان ذلك لكان كل من كان في عصره عليه السالم‬
‫صحابيا وال خالف بين احد في أن علقمة و األسود ليسا صحابيين وهما من الفضل والعلم والبر بحيث‬
‫هما وقد كانا عالمين جليلين أيام عمر واسلما في أيام النبي صلى هللا عليه وسلم وإنما الصحابة الذين قال‬
‫هللا تعالى فيهم "محمد رسول هللا و الذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ‪ ".....‬الفتح ‪29‬‬
‫لكنه أضاف أن من سمع النبي صلى هللا عليه و سلم يحدث بشيء و السامع كافر ثم اسلم فحدث به و هو‬
‫‪.‬عدل فهو مسند صحيح واجب األخذ به وال خالف بين احد من العلماء في ذلك‬

‫‪ 3‬ثم يستطرد ابن حزم في تعريفه للصحابي‬

‫أما الصحابة رضي هللا عنهم فهو كل من جالس النبي صلى هللا عليه وسلم أمرا يعيه و لم يكن من‬
‫المنافقين الذين اتصل نفاقهم واشتهر حتى ماتوا على ذلك وال مثل من نفاه عليه السالم باستحقاقه كهيث‬
‫‪ .‬المخننث ومن جرى مجراه فمن كان كما وصفنا أوال فهو صاحب‬

‫ثم يضيف بقوله (وإما من أدرك رسول هللا صلى هللا عليه و سلم بعقله و سنه إال انه لم يلقه فليس من‬
‫الصحابة و لكنه من التابعين ‪.......‬وإما من ارتد بعد النبي صلى هللا عليه وسلم و بعد أن لقيه و اسلم و‬
‫حسن حاله كاألشعث بن قيس وعمرو بن معدى كرب و غيرهما فصحبته معدودة وهو بال شك من جملة‬
‫‪"4‬الصحابة لقول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم "أسلمت على ما سلف لك من خيرا‬

‫وقال البخاري "من صحب النبي صلى هللا عليه وسلم أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه وروي عن‬
‫سعيد بن المسيب انه قال "الصحابة ال نعدهم إال من أقام مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم سنة أو سنتين‬
‫‪ "5‬أو غزا معه غزوة أو غزوتين‬

‫وقال العراقي ال يصح عنه (سعيد بن المسيب ) فان في اإلسناد إليه محمد بن عمر الواقدي وهو ضعيف‬
‫‪.‬في الحديث‬

‫وقال الواقدي ورأيت أهل العلم يقولون كل من رأى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وقد ا درك الحلم و‬
‫عقل أمر الدين ورضيه فهو عندنا ممن صحب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم و لو ساعة من النهار‬
‫وقال احمد بن حنبل وذكر عنده أصحاب جدر "وأفضل الناس بعد هؤالء أصحاب رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه و سلم القرن الذي بعث فيهم كل من صحبه سنة أو شهرا أو يوما أو ساعة أو رآه فهو من أصحابه‬
‫‪ " .‬له الصحبة على قدر ماصحبه و كانت سابقته معه وسمع منه ونظرا ليه‬

‫فالمعروف من طريقة أهل الحديث"أن كل مسلم رأى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فهو من الصحابة‬
‫‪"6‬‬

‫‪3‬‬
‫أبو محمد علي بن سعيد بن حزم األندلسي القرطبي الظاهري جمهرة انساب العرب دار الكتب العلمية‪ -‬بيروت ط ‪1983/1‬‬
‫‪ 1403‬ص ‪416-415‬‬
‫‪4‬‬
‫علي بن احمد بن سعيد بن حزم األندلسي اإلحكام في أصول اإلحكام دار األفاق الجديدة بيروت ط‪ 1983-1403 2‬ج‪ 2‬ص ‪-‬‬
‫‪86 87‬‬
‫‪5‬‬
‫أبي عبد هللا احمد بن محمد بن حنبل فضائل الصحابة ط‪1403 1‬ه ‪ 1983‬ص ‪12-11‬‬
‫‪6‬‬
‫ص‪ 175‬مقدمة ابن الصالح في علوم الحديث خرج أحاديثه وعلق عليه مصطفى ديب البغا الجزائر عين مليلة دار الهدى (د‪.‬ط) )‬
‫( د‪.‬ت‬
 ‫الفصل األول‪:‬‬

‫قال البخاري في صحيحه "من صحب النبي صلى هللا عليه وسلم أو رآه من المسلمين فهو من‬
‫‪"7‬أصحابه‬

‫ومنهم من عرفه من المحدثين " هو من لقي النبي صلى هللا عليه وسلم مؤمنا به ولو ساعة سواء روى‬
‫عنه أم ال و إن كانت اللغة تقتضي أن الصاحب هو من كثرت مالزمته فقد ورد ما يدل على إثبات‬
‫الفضيلة لمن لمن لم يحصل منه إال مجرد اللقاء القليل و الرؤية ولو مرة و ال يشترط البلوغ لوجود كثير‬
‫‪ " 8‬من الصحابة الذين أدركوا عصر النبوة و رووا ولم يبلغوا إال بعد موته صلى هللا عليه وسلم‬

‫إما عند جمهور األصوليين " الصحابي هنا من لقي النبي صلى هللا عليه و امن به والزمه زمنا طويال‬
‫‪"9‬حتى صار يطلق عليه اسم الصاحب عرفا‬

‫تعريف الفرقة ‪:‬الثاني المطلب‬

‫التعريف اللغوي‬

‫كلمة الفرقة‬ ‫من حيث مدلولها اللغوي غالبا ما تدل على االختالف واالفتراق قال ابن المنظور‬

‫مصدرا الفتراق‪...‬وفارق الشيء مفارقة وفراقا باينه واالسم الفرقة وتفارق القوم فارق بعضهم بعضا(‬
‫وفارق فالن امرأته مفارقة باينها والفرق والفرقة والفريق الطائفة من الشيء المفترق والفرقة طائفة من‬
‫‪).‬الناس والفريق اكثرمنه‬

‫فمن حيث اللغة فان (الفرقة) تعني طائفة من الناس والبد أن يكون هناك شيئا يجب ان يميز هذه الطائفة‬
‫‪ .‬حتى دعيت به كان تكون مقالة أو مذهب أو رأي‬

‫الفرق موضع المفرق من الرأس وتفريق ما بين الشيئين حتى يفترقا و ينفرقا و الضرب من الشيء يقول‬
‫تمشطت الماشطة كذا فرقا أي ضربا ولونا والقدح واإلناء وقيل أربعة أرطال وجمعه فرقان وتفارق‬
‫الصحبة والفريق الطائفة من الناس والفرقة مصدر االفتراق والفرقان كل كتاب انزله هللا تعالى وفرق به‬
‫‪ .‬بين الحق والباطل‬

‫‪ ".‬وفي القران المجيد "وقرانا فرقناه لتقراه " و قال أيضا " فيها يفرق كل امرئ حكيم‬

‫التعريف االصطالحي ‪:‬‬

‫االصطالح فالفرقة تعني كل طائفة من الناس دعيت إلى معتقد معين‪ 10‬بحيث عرفت به وتميزت من‬

‫صحيح البخاري كتاب فضائل الصحابة باب فصائل أصحابي النبي صلى هللا عليه وسلم ومن صحب النبي أو رآه من المسلمين فهو‬
‫من أصحابه القاهرة مصر (ط‪1400 )1‬ه ج‪ 3‬ص‪5‬‬

‫‪7‬‬

‫‪8‬‬
‫جمال الدين ألقاسمي قواعد التحديث مصطفى شيخ مصطفى سوريا دمشق مؤسسة الرسالة ناشرون (ط‪1433( )1‬ه‪2012-‬م) ص‬
‫‪333-332‬‬
‫‪9‬‬
‫مصطفى الخن اثر االختالف في القواعد األصولية في اختالف الفقهاء سوريا دمشق مؤسسة الرسالة ناشرون (ط‪1433( )1‬ه‬
‫‪2012‬م) ص‪530‬‬
‫‪10‬‬
‫أبو الفرج ابن الجوزي تلبيس إبليس دار القلم بيروت (د‪.‬ط) (د‪.‬ت) ص‪28‬‬
 ‫الفصل األول‪:‬‬

‫عن غيرها و يمكن القول أن هذا المصطلح من حيث مدلوله االصطالحي الصق بأصول العقيدة إذا ما‬
‫أخذنا بنظر االعتبار تفرق الناس فيه وال يدل في معظم األحيان على االفتراق في فروع الدين ولذلك‬
‫نقول فرقو الخوارج آو فرقة المعتزلة الن خالف أهل السنة مع هذه الفرق كان بالمعتقد في حين أننا‬
‫نطلق مصطلح مذهب على الشافعية آو الحنفية وال يصح أن نقول (فرقة الشافعية) أو (فرقة الحنفية) الن‬
‫‪ .‬الخالف بين المذاهب كان في فروع الدين ال في أصوله‬

‫ومن هنا يمكن القول أن تعريف العلماء لمصطلح( الفرقة) له عالقة بالمغزى أالعتقادي لهذه الطائفة‬
‫المتعينة وقد كان ابن حزم اكثردقة من غيره عندما فرق بين مصطلح (الفرقة) الذي يشمل المسلمين و‬
‫غيرهم وبين مصطلح (النحلة)الذي استعمل للداللة على فرق المسلمين و قد تبع الشهرستاني ابن الحزم‬
‫‪ .‬في استعمال هذا المصطلح للتفريق أيضا بين المسلمين و غيرهم فسمى كتابه (الملل و النحل)‬

‫أما عبد القاهر البغدادي فقد تمسك بمصطلح الفرقة واليه يشير كتابه (الفرق بين الفرق)لتعميمه على‬
‫فرقة المسلمين و قد يكون عذر البغدادي في ذلك هو انه لم يضمن كتابه مقاالت لغير المسلمين فاكتفى‬
‫بإطالق هذه التسمية على هذه كتابه وفي فعل البغدادي موضوعية يحمد عليها وجمع محمد بن عمر‬
‫‪.‬الرازي (‪544‬ه) بين فرق ا لمسلمين والمشركين فسمى كتابه (اعتقادات المسلمين و المشركين )‬

‫فضل الصحابي ‪ :.‬الثالث المطلب‬

‫عظم فضل أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وإنهم خير األمة بعد نبينا صلى هللا عليه وسلم مما‬
‫اجمع عليه أهل اإلسالم ممن يعبر قولهم بل هو عقيدة يدينون هللا تعالى بها و هذه العقيدة مصدرها‬
‫‪.‬الكتاب و السنة اللذان تواترت أدلتهما في بيان فضل الصحابة الكرام‬

‫الكتاب‪:‬‬

‫و السابقون األولون من المهاجرين واألنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي هللا عنهم ورضوا عنه"‬
‫‪ ".‬واعد لهم جنات تجري تحتها االنهارخالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم‬

‫محمد رسول هللا والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون ‪ :‬تعالى قوله و‬

‫فضال من هللا ورضوانا سيماهم في وجوههم من اثر السجود ذلك مثلهم في التوراة و مثلهم في اإلنجيل‬
‫كزرع اخرج شطاه فأزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد هللا الذين‬
‫‪ ".‬امنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما‬

‫السنة‪:‬‬

‫عن عمران بن الحصين أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين‬
‫‪".‬يلونهم قال عمران فال ادري اذكر بعد قرونه قرنين أو ثالثة‬

‫و عن آبي سعيد الخدري يقول النبي صلى هللا عليه وسلم "ال تسبوا أصحابي فلو أن أحدا انفق مثل احد‬
‫‪ ".‬ذهبا ما بلغ مد احدهم وال نصيفه‬

‫حدثنا علي بن عبد هللا حدثنا سفيان عن عمرو قال سمعت جابر بن عبد هللا رضي هللا عنهما يقول حدثنا‬
‫أبو سعيد الخذري قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم "يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس‬
 ‫الفصل األول‪:‬‬

‫فيقولون فيكم من صاحب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان‬
‫فيغزو فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحب أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فيقولون نعم‬
‫فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحب أصحاب رسول هللا‬
‫‪".‬صلى هللا عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم‬

‫اجماع ‪:‬‬

‫بإجماع المسلمين فالصحابة رضي هللا عنهم كلهم عدول بتعديل هللا لهم لم يخالف في ذلك إال من ال يعتد‬
‫‪ .‬بقوله كبعض المعتزلة و الخوارج و الشيعة‬

‫عدالة الصحابي‪ :.‬الرابع المطلب‬

‫العدالة مصدر من عدل يعدل فهو عدل والعدالة لغة هو الذي ال يميل به الهوى فيجور في الحكم والعدل‬
‫‪.‬من الناس لمرضى قوله و حكمه ورجل عدل رضى ومقنع في الشهادة‬

‫‪ .‬وفي المعنى نفسه استعملت كلمة العدل في كتاب هللا‬

‫‪ .‬قال تعالى "واشهدوا ذوى عدل منكم " الطالق‪30‬‬

‫‪ ".‬وقال الطبري في تفسيره "وهما اللذان يرضى دينهما وأمانتهما‬

‫‪.‬وقال تعالى "ممن ترضون من الشهداء " البقرة ‪383‬‬

‫‪ ".‬وفسره الطبري بقوله يعني من العدول المرتضى دينهم و صالحهم‬

‫‪ .‬و العدل في اصطالح المحدثين أن يكون الراوي مسلما بالغا سليما من أسباب الفسق وخوارم المروءة‬

‫‪ .‬وسئل بن المبارك عن العدل فقال من كان فيه خمس خصال‬

‫‪ .‬يشهد الجماعة‬

‫‪ .‬وال يشرب من الشراب‬

‫‪ .‬وال تكون في دينه خربة‬

‫‪.‬وال يكذب‬

‫‪.‬وال يكون في عقله شيء‬

‫وهذه المعاني المذكورة كانت متوفرة في أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم على وجه أتم وبدرجة‬
‫أكمل فقد كانوا عدوال مرضين عند هللا وعند رسوله و عند المؤمنين ولم يكونوا يشربون وما كانوا‬
‫يكذبون ووقوع بعض الهفوات ال يخرج اإلنسان من العدالة كما قال الشافعي رحمه هللا "ال اعلم أحدا‬
‫أعطى طاعة هللا حتى لم يخالطها بمعصية هللا إال يحيا بن زكريا عليه السالم وال عصى هللا فلم يخلط‬
‫‪ ".‬بطاعته فإذا كان اغلب الطاعة فهو العدل وإذا كان األغلب المعصية فهو المرجح‬

‫‪ .‬أدلة عدالة الصحابة من كتاب هللا عزوجل‬

 ‫الفصل األول‪:‬‬

‫محمد رسول هللا والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون ‪ :‬تعالى قال"‬

‫فضال من هللا و رضوانا سماهم في وجوههم من اثر السجود ذلك مثلهم في التوراة واإلنجيل كزرع‬
‫اخرج شطاه فأزر فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد هللا الذين امنوا‬
‫‪.‬وعملوا الصالحات منهم مغفرة واجراعظيما "‪.‬الفتح ‪29‬‬

‫والسابقون األولون من المهاجرين واألنصار و الذين اتبعوهم بإحسان رضي هللا عنهم و‪ :‬تعالى وقال"‬

‫ورضوا عنه واعد لهم جنات تجري تحتها األنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم " التوبة ‪100‬‬

‫لقد رضي هللا عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فانزل السكينة ‪:‬تعالى قال"‬

‫‪.‬عليهم وأثابهم فتحا قريبا " الفتح ‪18‬‬

‫‪ .‬وغير ذلك من اآليات الدالة على عدالة الصحابة رضي هللا عنهم‬

‫السنة النبوية ومن ‪:‬‬

‫ال تسبوا صحابي فوالذي نفسي بيده لو إن أحدكم انفق مثل احد ذهبا‪ :‬النبي صلى هللا عليه وسلم قال"‬

‫‪ ".‬ماادرك مد احدهم‬

‫النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد وإنا أمنة ‪:‬وقال النبي صلى هللا عليه وسلم"‬

‫ألصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون وأصحابي أمنة ألمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما‬
‫‪ ".‬يوعدون‬

‫‪ .‬و اجمع أهل السنة و الجماعة على عدالتهم‬

‫و اإلخبار في هذا المعنى تتسع وكلها مطابقة لما ورد في نص القران وجميع ذلك ‪ :‬الخطيب قال"‬

‫يقتضي طهارة الصحابة والقطع على تعديلهم و نزاهتهم فال يحتاج احد منهم مع تعديل هللا تعالى لهم‬
‫المطلع على بواطنهم إلى تعديل احد من الخلق له فهم على هذه الصفة إلى أن يثبت على احد ارتكاب ماال‬
‫يحتمل الى قصد المعصية والخروج من باب التأويل فيحكم بسقوط العدالة وقد براهم هللا من ذلك و رفع‬
‫اقدارهم عنده على انه لو لم يرد من هللا عزوجل و رسوله فيهم شيء مما ذكرنا ألوجبت الحال و قتل‬
‫االباء واالوالد و المناصحة فب الدين و قوة االيمان و اليقين والقطع على عدالتهم واالعتقاد لنزاهتهم‬
‫‪ .‬وانهم افضل من المعدلين و المزكين الذين يجيئون من بعدهم ابدا االبدين‬

‫واما عقيدة المعتزلة و الروافض فتكتفي فيها بذكر قول ابن كثير"والصحابة كلهم عدول عند اهل السنة‬
‫‪.‬والجماعة و قول المعتزلة الصحابة عدول اال من قاتل عليا قول باطل مرذول و مردود‬

‫و اما الطوائف الروافض و جملهم و قلة عقلهم ودعاويهم ان الصحابة كفروا اال سبعة عشر صحابيا‬
‫وسموهم فهو من الهذيان بال دليل اال مجرد الراي الفاسد عن ذهن بارد وهو متبع و هو اقل من ان يرد و‬
‫‪ ".‬البرهان على خالفه اظهر‬
 ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تاريخ نشاة الفرق االسالمية ‪ :.‬الخامس المطلب‬

‫ان االسالم دين التوحيد فاول ما يدعو اليه هو توحيد الخالق وافراده بالعبادة و نبذ الشرك و قد نهى‬
‫االسالم اشد النهي عن الخالف و الفرقة فيقول الدكتور ناصر العقل "اختلف الصحابة رضي هللا عنهم‬
‫بعد الرسول صلى هللا عليه وسلم في مسائل مهمة وخطيرة ولكن اختالفهم كان ينتهي اما باالجماع او‬
‫العمل على ما يترجح او يفصل االمر الخليفة او اهل الحل و العقد او يبقى الخالف سائغافي ذلك كله لم‬
‫‪ .‬يصل االمر الى حد التنازع في الدين وال االفتراق و الخروج عن الجماعة ولم يبلغ بعضهم على بعض‬

‫ولقد ظهر الخالف اول ما ظهر بين الصحابة في مسالة االمام اي من يلي امامة االمة بعد وفاة صلى هللا‬
‫عليه وسلم ولكن هذا الخالف لم يبلغ الى درجة االفتراق وانما حسم بسرعة واجتمع الصحابة كلهم على‬
‫ابي بكرالصديق رضي هللا عنه وكان في ذلك خير و بركة واستمر الحال بدون خالف في خالفة ابي‬
‫بكر الصديق رضي هللا عنه لم يكن هنالك خالف وكان الناس في عهده مشغولين بالجهاد و بالفتوحات‬
‫االسالمية وتبليغ الرسالة الى الناس اضعف الى ذلك ان عمر رضي هللا عنه كان عبقريا فذا و قد من هللا‬
‫‪ .‬عليه بمزايا عدة قل ان توجد في احد جاء بعده‬

‫وبعد وفاة عمر رضي هللا عنه تولى الخالفة عثمان بن عفان رضي هللا عنه وقد مرت السنوات االولى‬
‫من خالفته بدون خالف ولكن في السنوات االخيرة بدات الخالفات تظهر وقد نقم عليه بعض االشياء‬
‫التي ما كان ينبغي ان يصل الخالف الى المبلغ الذي وصل اليه يقول االمام ابو الحسن االشعري غيره‬
‫في حياة ابي بكر رضي هللا عنه وانكر قوم عليه في اخر ايامه كانوا فيما نقمواعليه من ذلك مخطئين‬
‫وعن سنن المحجة خارجين فصار ما انكروه عليه اختالفا الى اليوم ثم قتل رضوان هللا عليه مصيبا في‬
‫‪.‬افعاله قاتلوه ظلما وعدوانا وقال قائلون خالف ذلك وهذا اختالف بين الناس الى اليوم‬

‫ويقول البغدادي( المتوفى ‪429‬ه)"كان المسلمون عند وفاة صلى هللا عليه وسلم على منهاج واحد في‬
‫اصول الدين وفروعه غير من اظهر وفاقا واظمر نفاقا وهناك من يقول بدا ظهور المذاخب االسالمية‬
‫في السياسة و العقائد في عصر صدر االسالم وداب مؤرخوها على تسميتها بالفرق االسالمية ودونوا‬
‫في كتبهم اراء كل فرقة منها واختلف العلماء في تفسير نشاة المذاهب االسالمية وذكروا ان من اسباب‬
‫اختالف المسلمين في العقائد ما ياتي‬

‫فحين توفي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم اختلفوا في من هو اولى الناس بخالفته و ‪-1 :‬السبب السياسي‬

‫االنصار وراسهم سعد بن عبادة للمهاجرين حين قال ابو بكر الصديق رضي هللا عنه ولقد علمت يا سعد‬
‫ان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال وانت قاعد قريش والة هذا االمر فبر الناس تبع لبرهم واهجرهم‬
‫تبع لفاجرهم قال له سعد صدقت نحن الوزاراء وانتم االمراء واشتد الخالف حول الخالفة بعد ذلك‬
‫‪ .‬وكانت النتيجة ظهور الخوارج والشيعة و غيرهم‬

‫ورود المتشابهة في القران الكريم قال تعالى "هو الذي انزل عليك الكتاب منه ايات محكمات ‪....‬وما ‪2-‬‬
‫‪.‬يذكر اال اولواااللباب "ال عمران ‪7‬‬

‫واختلف العلماء في تفسير االيات المتشابهة فمنهم من توقف فيها ومنهم من اولها و المؤولون اختلفوا في‬
‫‪ .‬تاويلها كاختالفهم في امكانية الجمع بينها‬

‫‪ .‬والذي اراه ان هذا من اقوى االسباب التي ادت الى ظهور الفرق والمذاهب العقائدية‬
 ‫الفصل األول‪:‬‬

‫مجاورة المسلمين لكثير من اهل الديانات السابقة دخل في االسالم اناس من المشركين واليهود و‪3-‬‬
‫النصارى والمجوس و غيرهم واثاروا بين المسلمين ما كان يثار في ديانتهم من معتقدات في الجبر‬
‫واالختيار وصفات هللا تعالى و غيرها و من هؤالء من حسن اسالمه لكن كان يعرض افكاره ملتمسا‬
‫الفهم فقط ومنهم من دخل في االسالم ظاهريا كالزنادقة يريد افساد عقيدة المسلمين وابطال دينهم فكان‬
‫‪ .‬ذلك سببا في تشعب االراء وظهور الفرق‬

‫فالعوامل الداخلية هي السبب االول في نشاة المذاهب االسالمية اما العوامل الخارجية فهي اسباب ثانوية‬
‫‪.‬الحقة‬

‫وردت عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم احاديث عديدة تفيد ان االمة االسالمية‪ :‬افتراق االمة حديث‬

‫ستفترق فرقا عديدة منها قال صلى هللا عليه وسلم "تفرقت اليهود على احدى وسبعين او اثنتين وسبعين‬
‫‪ ".‬فرقة و النصارى مثل ذلك وتفترق امتي على ثالث و سبعين فرقة‬