Professional Documents
Culture Documents
قام بـجمعها:
احلمد هلل رب العاملني ،والصالة والسالم على من أرسله اهلل رمحةً للعاملني،
وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إىل يوم الدين.
أما بعد:
فهذه تعليقات يسرية لشيخنا العالمة احملدث حممد ناصر الدين األلباين
على كتاب نزهة النظر يف توضيح خنبة الفكر للحافظ ابن حجر كتب منها
يتمها ،رمحةً واسعة.
إىل آخر حبث (احلديث احلسن) ،ومل َّ
وقد حوت تعليقاته تنبيهات لطيفة ،وفوائد ظريفة على وجازهتا واختصارها.
3
وبعد اطالعي على هذه التعليقات اليسرية؛ قمت بفصلها عن الكتاب اليت
ضمنت فيه ،وأفردتـها يف جزئية منفصلة ،تيسرياً على الطلبة للرجوع إليها دون
-ومنها الرجوع إىل الكتاب السابق ،ونشراً لُتاث شيخنا الشيخ األلباين
هذه التعليقات اليسرية على النزهة؛ اليت غابت على بعض الطلبة املشتغلني بعلم
مصطلح احلديث.-
وقد اعتمدت يف كـتابة منت «نزهة النظر» على طبعة «دار ابن كثري» بتحقيق :حممد
مرايب -وهي من أفضل الطبعات الـمحققة لنزهة النظر ،-واكتفيت بذكر رقم الصفحة
( )
*، واملوضع الذي علَّق عليه شيخنا ،وقد رمزت للموضع الـمعلَّق عليه بـ:
طلباً لإلجياز واالختصار ،واإلقتصار على تعليقات الشيخ األلباين .
وأسأل اهلل أن ينفع هبذه التعليقات املختصرة ،وجيعلها خالصةً لوجهه الكرمي،
ثقيلةً يف ميزان أعمالنا يوم نلقى ربَّـنا .
وصلى اهلل وسلم على نبينا حممد وعلى آله وصحبه أمجعني.
4
ـحمد
قال املصنف " :فمن َّأول من صنَّف يف ذلك-١ :القاضي أبو م َّ
1
[ص]٨٤: ي يف كتابه «الـمحدث الفاصل» ،لكنَّه مل يستـ ْوعب*".
ال َّـرامهرمز ُّ
قال شيخنا " :أي :مل يأت باالصطالحات كلها؛ ألنه من أول من
صنَّف يف هذا العلم ،وأما َّأول من صنَّف يف علم احلديث؛ فاألكثر على أنه ابن
جريج ،وقيل :مالك ،وقيل :ربيع بن صبيح".
5
تقي الدين أبو ع ْمرو عثمان
قال املصنف " :إىل أن جاء احلافظ الفقيه ُّ
وري -نزيل دمشق ،-فجمع ل َّـما ويل تدريسالصالح عبد الرمحن الشَّهرز ُّ بن َّ
احلديث بالـمدرسة األشرف ـيَّة -كتاب ـه الـمشهور*َّ ،
فهذب فنونه ،وأماله شيئاً بعد
الـمناسب"[ .ص]٦٢: شيء ،فلهذا مل حيصل ترتيبه على الوضع
قال شيخنا " :طبع أكثر من طبعة ،من أتقنها طبعة حلب سنة ١٥٨١ه؛
بتحقيق شيخي -إجازًة -الشيخ الفاضل حممد راغب احلليب تعاىل".
6
ت (بال) حصر
قال املصنف " :وتلك الكثرة أحد شروط الـمتواتر إذا ورد ْ
ت تواطؤهم على الكذب ،وكذا وقوعه
(عدد مع َّني) ،بل تكون العادة قد أحال ْ
منهم اتفاقاً من غري قصد.
تدريب الراوي يف شرح تقريب النواوي ،احلافظ السيوطي ،حتقيق :الفاريايب ،ص (.)٦٢٧/٢ -1
7
واألمثلة على ذلك كثرية ،ال مـجال لذكرها اآلن يف هذا التعليق ،فحسيب أن
أقدم إىل القارئ الكرمي واحداً منها:
فهذا هو اإلمام البخاري -رمحه اهلل تعاىل -يقول يف مطلع «جزء القراءة» (ص:)٨
"وتواتر اخلرب عن رسول اهلل ( :ال صالة إَّال بأم القرآن) ،واحلنفيَّة يزعمون أنه
خرب آحاد !! ولذلك يأبـ ْون األخذ بظاهره الدال على بطالن صالة من مل يقرأ
بفاحتة الكتاب؛ ألنه خمالف لظاهر قوله تعاىل" " :
[املزمل ،]٢١:وتقييدها باحلديث ال جيوز مادام آحادا عندهم! مع أهنم قيَّدوها
تصح الصالة إال بآية طويلة أو ثالث آيات قصار !!
بآرائهم ،فقالوا ال ُّ
على أن اآلية ليس هلا عالقة البتة يف موضوع القراءة؛ فإهنا على أسلوب إطالق
" اجلزء وإرادة الكل؛ أي :فصلُّوا ما َّ
تيسر من صالة الليل؛ كقوله تعاىل:
[ " اإلسراء]٧٤:؛ أي :صالة الفجر !!".
8
قال املصنف " :وتـم َّسك ك ُّل قائل بدليل جاء فيه ذكر ذلك العدد،1
فأفاد العلم ،وليس بالزم أن يطَّرد 2يف غ ْريه؛ الحتمال االختصاص.
3
فإذا ورد الـخبـر كذلك ،وانضاف إليه أن يستوي األمر فيه يف الكثرة املذكورة
انتهائه[ ."...ص]٧٥-٧٢: من ابتدائه إىل
قال شيخنا " :وهذا م َّـما يؤيده ما ذكرته سابقاً من أن العمدة يف معرفة
النقاد و َّ
احلفاظ ...ويؤيده -أيضا -قول الـمتواتر إنـما هم أهل احلديث من األئمة َّ
أمر نسب ٌّـي؛ فقد يشتهر
احلافظ ابن كثري يف «اختصار علوم احلديث»" :والشُّهرة ٌ
عند أهل احلديث ،أو يتواتر ما ليس عند غريهم بالكليَّة"." 1
إختصار علوم احلديث البن كثري ،حتقيق :ماهر الفحل ،ط :دار امليمان ،ص.٢٨٨ -1
9
قال املصنف " :ث َّـم الـمشهور ي طل ق على م ا ح رر ه ن ا ،وعلى ما
اشت ه ر على األلسنة ،فيشمل ما له إسنادٌ واح ٌد فصاع داً ،بل ما ال يوج د له
إسنادٌ أصالً"[ .ص]٤٨:
-تعليقا على هذا املوضع ،وبياناً للكتب اليت ألفت يف قال شيخنا
األحاديث املشتهرة على األلسنة" :-واملشهور يف الباب كتاب احلافظ السخاوي
«الـمقاصد احلسنة يف بيان كثري من األحاديث الـمشتهرة على األلسنة» ،وهو
عمدة كل من جاء بعده وألّف فيه ،وال نظري له يف التحقيق والتدقيق ،وكيف ال!
وهو تلميذ الـمؤلف -تعاىل."-
10
قال املصنف " :وتـلقي العلماء ل ـ«كتابيهما» بالقبول ،وهذا التَّلقي
التَّواتر"[ .ص]٧٧: وحده أقوى يف إفادة العلم من مـجـ َّـرد كثرة الطُّرق القاصرة عن
قال شيخنا " :وقد غفل عن هذا التلقي وأمهيته كثري من الناس يف العصر
احلاضر ،الذين كلَّما أشكل عليهم حديث صحيح اإلسناد؛ لـجؤوا إىل رده بـح َّجة
أنه ال يفيد القطع واليقني! فهم ال يقيمون وزناً ألقوال األئمة املتخصصني الذين
الظن بقيود؛ منها :إذا كان مـختلـفاً يف قبوله،
قيَّدوا قوهلم بأن حديث اآلحاد يفيد َّ
أما إذا كان متل ّقى من األمة بالقبول ،ال سيما إذا كان يف «الصحيحني» -على ما
بيَّنه الـمؤلف -؛ فهو يفيد العلم واليقني عندهم ،ذلك ألن األمة معصومة
صحته ،ووجب
عن الـخطأ؛ لقوله ( :ال تـجتمع َّأميت على ضاللة) ،فما ظنَّت َّ
العالمة أبو عليها العمل به؛ فال َّ
بد أن يكون صحيحا يف نفس األمر؛ كما قال ّ
عمرو ابن الصالح يف «مقدمته» (ص ،)٢٧وتبعه احلافظ ابن كثري وغريه."...
11
التفرد يف مجيع رواته أو أكثرهم ،ويف «مسند
قال املصنف " :وقد يستمُّر ُّ
أمثلةٌ كثريةٌ لذلك"[ .ص]١١٦: البـَّزار» و«الـمعجم األوسط»* للطَّرباين
قال شيخنا " :هو ابن يسار ،صاحب «الـمغازي» ،وهو معروف
صرح بالتحديث ،فلو قال الـمصنّف:
بالتدليس ،فال يكون إسناده حسناً؛ إال إذا َّ
فتأمل".
«حدَّثنا عاصم بن عمر عن جابر»؛ لكان أقرب إىل الصوابَّ ،
12
الراوي إذا ثبت له اللقاء قال املصنف " :وما ألزمه به ليس بالزم؛ َّ
ألن َّ
مرًة؛ ال يـجري يف روايـاته احتمال أال يكون مسع [منه]؛ ألنَّه يلزم من جريانه أن
َّ
الـمدلس*"[ .ص]١٢٥: يكون مدلساً ،والـمسألة مفروضةٌ يف غري
قال شيخنا " :هذا اجلواب صحيح وسديد جداً ،ولكنك لو تأملت
فيه؛ لرأيت أنه من صالـح اإلمام مسلم تعاىل؛ َّ
ألن له أن يقول :إذا كانت
البخاري رواية الـمعاصر على غري
ُّ الـمسألة مفروضةً يف غري الـمدلّس؛ فلماذا يـحمل
االتصال مع أنه غري مدلّس!
فإن قال :يـحتمل أنه لقيه؟ قلنا :باالحتمال ال يسوغ الغمز يف الرجال ،أال
عمن لقيه بصيغة ترى أنه يرد مثله على البخاري ،فـيقال عليهَّ :
إن رواية الـمالقي َّ
العنعنة يرد عليه [عليها] مثل ما أورده على الـمعاصر[ ،ف] يـحتمل أنه مل يسمع
منه هذا احلديث؟
فإن أجاب بـما سبق عن احلافظ ،وهو قوله« :يلزم من جريانه أن يكون
مدلساً ،والـمسألة مفروضةٌ يف غري املدلس»؛ كان هو اجلواب بعـ ْـيــنـه عن مسلم،
فحينئذ لزم البخاري أن يوافقه على االحتجاج برواية الـمعاصر ،وحـملها على
مسلم ،وهذا مما ال يقول
االتصال ،أو أن ال يقبل الـمعنعن أصالً ،وهو ما ألزمه به ٌ
فتأمل".
به البخاري وال غريه ،فثبت اإللزامَّ ،
13
قال املصنف " :ث َّـم يـقدَّم يف األرجحيَّة من حيث األصحيَّة ما وافقه
ألن الـمراد به رواتـهما مع باق شروط الصحيح ،ورواتـهما قد حصلشرطهما؛ َّ
االتفاق على القول بتعديلهم بطريق اللُّزوم ،فهم مقدَّمون على غريهم يف رواياهتم،
بدليل*"[ .ص]١٢٦: أصل ال يـخرج عنه إال
وهذا ٌ
قال شيخنا " :فيه إشارة لطيفة إىل أن الُتجيح الــمذكور يـمكن أن ال
العملي على أنه
َّ -قريباً -الدليل يضطرد ،لكن بدليل ،وسيذكر الـمصنف
ليس مضطرداً".
14
ف القوم قل -يـقال :خ َّ
ف الضَّبط)؛ أيَّ : قال املصنف (" :فإن خ َّ
خفوفاً[ :إذا] قـلُّوا ،-والـمراد مع بقـيَّـة الشُّروط الـمتقدمة يف حد َّ
الصحيح؛ (ف ـ ـ ـ)
لذاته)*"[ .ص]١٢٧: هو (الـحسن
وقد اضطربوا فيه اضطراباًكثرياً؛ كما يتـبـيَّـن من الرجوع إىل «الباعث احلثيث» ،وغريه.
وأنت إذا حفظت هذا؛ سهل عليك التوفـيق بني من يقول يف حديث ما:
«إسناده حسن» ،ومن يقول فيه« :فيه ضعف»؛ فهو حسن باعتبار أنه فوق
ضعف بالنظر إىل أنه دون الصحيح.
ٌ الضعيف ،وهو فيه
15
وإذا عرفت ذلك؛ فاعلم أن متييز أحد النوعني عن اآلخر هو من أدق علوم
احلديث وأصعبها ،وذلك لصعوبة تـحديد نوع ضعف الراوي؛ هل هو يسري؛
فيكون حديثه حسناً؟ أو كثري؛ فيكون حديثه ضعيفا! فال جرم أن تـختلف فيه آراء
العلماء ،بل رأي العالـم الواحد ،ولـهذا قال احلافظ الذهيب يف رسالته الـمذكورة:
«ثـم ال تطمع َّ
بأن للحسن قاعدة تندرج تـحتها كل األحاديث الـحسان فيها ،فأنا
تردد فيه َّ
احلفاظ :هل هو حسن ،أو على إياس من ذلك ،فكم من حديث َّ
يتغري اجتهاده يف احلديث الواحد؛ يوماً
ضعيف ،أو صحيح! بل احلافظ الواحد َّ
حق؛ فإن احلديث
يصفه بالص َّحة ،ويوماً يصفه بالـحسن ،وربَّـما استضعفه ،وهذا ٌّ
احلسن يستضعفه احلافظ عن أن يرقيه إىل رتبة الصحيح؛ فبهذا االعتبار فيه ضعف
لصح باتفاق».1
انفك عن ذلك؛ َّ
ينفك عن ضعف ما ،ولو َّ
ما؛ إذ الـحسن ال ُّ
النص من هذا اإلمام الفريد؛ فإنه نفيس عزيز ،ال جتده يف غريه»".
فاحفظ هذا َّ
هذا آخر ما وقف عليه من تعليقات شيخنا على «النزهة» -بـخطه -ومل يـتمه .
- -
املرجع السابق ،ص.٢٧-٢٤ -1
16