You are on page 1of 153

‫سلسلة املدرسة الشافعية‬

‫(‪)1‬‬

‫أتليف‬

‫حممود حممد الشبلي‬

‫دار األرخبيل‬
‫‪2‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫إن احلمد هلل حنمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ ابهلل من‬


‫شرورو أنفسنا وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده هللا فال مضل له‪،‬‬
‫ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال‬
‫شريك له‪ ،‬وأشهد أن حممدا عبده ورسوله‪.‬‬
‫أما بعد ‪...‬‬
‫فإن أوىل ما بذلت فيه اجلهود‪ ،‬وأنفقت فيه األوقات‪ ،‬هو‬
‫نشر العلم وتبليغه‪ ،‬والدعوة إليه‪ ،‬اترة ابلكالم واللسان‪ ،‬واترة‬
‫ابلقلم والبنان‪ ،‬وهو مما ال ينقطع أجره‪ ،‬وجراين ثوابه‪ ،‬مع‬
‫انتهاء احلياة‪ ،‬وانقضاء اآلجال‪.‬‬
‫وإذا كان العلم كثري األبواب‪ ،‬فإن الفقه العملي من أفضل‬
‫أبوابه‪ ،‬لكثرة احلاجة إليه كما قال األهدل يف الفرائد البهية‪:‬‬
‫وبعد فالعلم عظيم اجلدوى السيما الفقه أساس التقوى‬
‫إذ هو للخصوص والعموم‬ ‫فهو أهم سائر العلوم‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪3‬‬

‫ويف حديث معاية بن أيب سفيان رضي هللا عنهما مرفوعا‪":‬‬


‫من يرد هللا به خريا يفقهه يف الدين " (‪.)1‬‬
‫ويف حديث مجاعة من الصحابة‪ ":‬فرب حامل فقه غري فقيه‪،‬‬
‫ورب حامل فقه إىل من هو أفقه منه " (‪.)2‬‬
‫وملا كان قطران على مذهب اإلمام الشافعي رمحه هللا تعاىل‪،‬‬
‫كانت العناية بتصحيح مسائله‪ ،‬وتوضيح دالئله من أشد ما‬
‫متس إليه احلاجة‪.‬‬
‫وملا كان أيضا كتاب " سفينة النجا " للعامل املعلم الفقيه سامل‬
‫ابن عبد هللا احلضرمي هو مفتاح دراسة املذهب‪ ،‬والذي‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري (رقم ‪ )71‬ومسلم (رقم ‪.)1037‬‬


‫(‪ )2‬وهو حديث مروي عن مجاعة من الصحابة منهم ابن مسعود وزيد بن‬
‫اثبت وجبري بن معطم والنعمان بن بشري وأنس بن مالك وغريهم‪ ،‬وهو خمرج‬
‫يف السلسلة الصحيحة لأللباين (رقم ‪ )403‬فانظر فيه‪.‬‬
‫‪4‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫يتخرج عليه املبتدئون فيه‪ ،‬كان أيضا من أهم الكتب يف‬


‫املذهب للطالب املبتدئ‪.‬‬
‫وهذا الكتاب من الكتب اليت اعتىن هبا العلماء شرحا ونظما‬
‫كما سيأيت قريبا إن شاء هللا تعاىل‪ ،‬وقد نظرت يف اجلهود‬
‫اليت بذلت خلدمة هذا الكتاب فلم أجد فيها من اعتىن‬
‫بدالئل مسائله‪ ،‬مبا يليق مبقامه‪ ،‬فأدرت بيان دالئل مسائل‬
‫الكتاب من القرآن والسنة واآلاثر والقياس والتعليالت األخرى‬
‫املذكورة يف كتب الفقهاء على وجه االختصار‪ ،‬ليتمم هذا‬
‫اجلهد ما بذله علماؤان من العناية هبذا الكتاب‪.‬‬
‫ومن فوائد ذلك‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تربية صغار الطلبة على معرفة قدر العلماء والفقهاء‪،‬‬
‫وأهنم وإن مل يذكروا الدالئل‪ ،‬فإن ذلك ليس لعدم الدليل‪،‬‬
‫وإمنا هو بقصد االختصار والتسهيل على الطالب املبتدئ‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪5‬‬

‫اثنيا‪ :‬تربية الطالب املبتدئ يف املذهب على النظر يف الدليل‬


‫واملستند مما يكون عوان له على ترك التعصب املذهيب‪ ،‬ألن‬
‫هذا الباب يفتح املقارنة بني املسائل وترجيح غري املذهب يف‬
‫بعض املسائل‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬تقريب الدالئل للمعلمني واملدرسني‪ ،‬وتسهيل الطريق‬
‫ملن رغب يف ذلك ليطمئن قلبه إىل مسائل الكتاب اليت ثبتت‬
‫دالئلها حىت يكون على بينة من أمره على وجه االختصار‪.‬‬
‫وفيه فوائد غري هذا‪ ،‬وقد مسيته ب ـ ـ ـ ( اجلواهر الثمينة يف أدلة‬
‫السفينة )‪.‬‬
‫وقد اجتهدت يف االختصار على أصح ما وقفت عليه‬
‫وأصرحها من الدالئل‪ ،‬ومل آل جهدا يف ذلك‪ ،‬ومل أدخل غالبا‬
‫يف البسط والتفصيل‪ ،‬واملناقشة والتحليل نظرا ملراعاة كتاب "‬
‫السفينة" وكونه خمتصرا للمبتدئني‪.‬‬
‫‪6‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫وفيما يتعلق ابلتصحيح والتضعيف فقد اعتمدت يف الغالب‬


‫على تصحيح العالمة حمدث العصر حممد انصر الدين األلباين‬
‫يف مؤلفاته‪ ،‬وقد ذكرت يف مواضع كثرية تصحيح غريه من‬
‫العلماء كالنووي واحلاكم والرتمذي وغريهم‪.‬‬
‫وهللا أسأل أن جيعله خالصا لوجهه‪ ،‬وأن ينفع به كاتبه وقارئه‬
‫إنه نعم املوىل ونعم النصري‪.‬‬

‫كتبه‪ /‬أبو عبد الباري‬


‫حممود حممد الشبلي‬
‫‪Shibli011@gmail.com‬‬
‫‪WWW. Mshibli.com‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪7‬‬

‫ترمجة موجزة للمؤلف‪:‬‬


‫هو الشيخ الفقيه املعلم سامل بن عبد هللا بن سعد بن عبد هللا‬
‫بن مسري احلضرمي الشافعي‪ ،‬ولد يف قرية " ذي إصبح " من‬
‫قرى وادي حضرموت‪.‬‬
‫ترىب وتعلم لدى أبيه الشيخ العالمة املعلم عبد هللا بن سعد‬
‫ابن عبد هللا بن مسري‪ ،‬وقرأ القرآن الكرمي‪ ،‬وأتقن أوجه أدائه‪ ،‬مث‬
‫اشتغل إبقرائه فسمي معلما‪ ،‬ودرس العلوم الشرعية على‬
‫والده‪ ،‬وعلى مجع من العلماء الذين امتأل هبم وادي‬
‫حضرموت يف القرن الثالث عشر اهلجري‪.‬‬
‫نشر العلوم ودرسها وأقبل عليه الطالب ينهلون من معينه‪،‬‬
‫وكان من أجلهم السيد احلبيب عبد هللا بن طه اهلدار احلداد‪،‬‬
‫والشيخ الفقيه علي بن عمر ابغورة‪ ،‬وسريت إليه قصائد‬
‫‪8‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫املدائح ممن هم يف رتبة شيوخه مثل الشيخ العالمة عبد هللا‬


‫ابن أمحد ابسودان‪.‬‬
‫وقام منتداب للدولة الكثريية إىل اهلند واختار هلا خبريا عسكراي‬
‫وأرسله‪ ،‬واشرتى هلا بعض أنواع الذخرية من سنغافورة ملا كان‬
‫له من اخلربات العسكرية‪.‬‬
‫واختري الشيخ مستشارا للسلطان عبد هللا بن حمسن‪ ،‬مث‬
‫اختلف مع السلطان فلم يسمع له رأاي‪ ،‬فهاجر من اليمن إىل‬
‫اهلند ومنها إىل إندونسيا واستقر يف جاوة (‪ ،)3‬حىت تويف‬
‫بقرية " بتاوي " من جزيرة " جاوة " سنة ‪1271‬هـ‪.‬‬
‫وقد ذكر له من املؤلفات كتابني‪:‬‬

‫(‪ )3‬جزيرة " جاوة " هي أكرب جزر " إندونيسيا " وفيها تقع العاصمة "‬
‫جاكرات " ويقدر عدد سكاهنا بـ‪ 127‬مليون نسمة‪ ،‬ما يقر ب ‪ %93‬منهم‬
‫مسلمون‪ ،‬و‪ 2‬إىل ‪ %3‬مسيحيون‪ ،‬والباقي دايانت وثنية مثل البوذية وغريها‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪9‬‬

‫األول‪ :‬سفينة النجا‪ ،‬وهو كتابنا هذا‪ ،‬وسيأيت الكالم عليه‪.‬‬


‫الثاين‪ :‬الفوائد اجللية يف الزجر عن تعاطي احليل الربوية " ومل‬
‫أقف له على خرب (‪.)4‬‬
‫عناية العلماء هبذا الكتاب‪:‬‬
‫قد اعتىن العلماء السيما علماء الشافعية من بعد املؤلف‬
‫بكتابه‪ ،‬وتنوعت عنايتهم ما بني شرح ونطم واختصار‪،‬‬
‫وسنذكر هنا ما ذكره أهل العلم من هذه العناية مع بيان ما‬
‫وقفنا عليه من هذه اجلهود الكثرية اليت غاب عنا أكثرها‪:‬‬
‫فمن الشروح‪:‬‬
‫أوال‪ ( :‬كاشفة السجا شرح سفينة النجا )‪ ،‬وهو شرح‬
‫موسع للعالمة الفقيه الشافعي حممد بن عمر بن نواوي‬

‫(‪ )4‬هذه الرتمجة مأخوذة ابختصار وتصرف يسري من مقدمة " غاية املىن‬
‫شرح سفينة النجا " للشيخ ابعطية (ص ‪.)11-10‬‬
‫‪10‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫اجلاوي مولدا سنة ‪1230‬هـ‪ ،‬واملكي مستقرا ووفاة سنة‬


‫‪1314‬هـ‪ ،‬وهو شرح كثري املسائل والفوائد‪ ،‬وهو مطبوع‬
‫متداول‪.‬‬
‫اثنيا‪ ( :‬نيل الرجاء بشرح سفينة النجاء )‪ ،‬وهو شرح لطيف‬
‫سهل العبارة‪ ،‬وضعه مؤلفه حلل ألفاظ السفينة وبياهنا‪ ،‬وهو‬
‫للعالمة الفقيه الشافعي السيد أمحد بن عمر الشاطري املتوىف‬
‫سنة ‪1312‬هـ‪ ،‬وهو مؤلف " الياقوت النفيس يف مذهب ابن‬
‫إدريس "‪ ،‬وهو مطبوع متداول‪.‬‬
‫اثلثا‪ ( :‬نسيم احلياة على سفينة النجاة ) وهو شرح وجيز‬
‫مفيد للعالمة الفقيه الشافعي عبد هللا بن عوض بن مبارك‬
‫وتويف سنة ‪1399‬هـ‪ .‬وهو مطبوع‬ ‫سنة‪1314‬هـ‬ ‫بكري‪ ،‬ولد‬
‫متداول‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪11‬‬

‫رابعا‪ ( :‬وسيلة الرجا بشرح سفينة النجا ) للشيخ عثمان‬


‫ابن حممد بن سعيد تنكل املتوىف سنة ‪1320‬هـ‪ ،‬ومل أقف عليه‪،‬‬
‫وال رأيت من ذكره مطبوعا‪.‬‬
‫خامسا‪ ( :‬غاية املىن شرح سفينة النجا ) للشيخ الفقيه‬
‫حممد بن علي بن حممد ابعطية الدوعين‪ ،‬وهو شرح موسع‪،‬‬
‫ذكر فيه املؤلف كثريا من التتمات والتعليالت والزايدات‪ ،‬وزاد‬
‫كتاب احلج فتم بذلك ربع العبادات‪.‬‬
‫صفحة من القطع الكبري‪ ،‬وقد طبع‬ ‫‪724‬‬ ‫والكتاب يقع يف‬
‫وقد نقلت عنه يف مواضع‬ ‫‪2008‬م‪،‬‬ ‫املوافق سنة‬ ‫‪1429‬هـ‬ ‫سنة‬
‫من كتابنا هذا‪ ،‬واملؤلف اليزال على قيد احلياة حفظه هللا‬
‫تعاىل‪ ،‬وقرظ كتابه جمموعة من املشايخ منهم الشيخ أاب‪ ،‬حممد‬
‫أمحد الشيخ حممود الصومايل‪.‬‬
‫‪12‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫سادسا‪ ( :‬الدرة الثمينة حاشية على السفينة ) للفقيه‬


‫العالمة أمحد بن حممد احلضراوي املكي‪ ،‬بدأ التعليق وهو يف‬
‫" مصوع " أبمر من شيخه حممد الشاذيل املغريب‪ ،‬وأهناه وهو‬
‫يف الطائف‪ ،‬ولد سنة ‪1252‬هـ ابالسكندرية‪ ،‬وتويف مبكة سنة‬
‫‪1327‬هـ‪ ،‬ومل أقف عليه وال علمت أنه مطبوع‪.‬‬
‫واملؤلف مؤرخ مشهور‪ ،‬له " العقد الثمني يف فضائل البلد‬
‫األمني " وغريها من الكتب املصنفة يف علم التاريخ‪.‬‬
‫فهذه هي الشروح اليت وجدهتا يف كالم أهل العلم‪ ،‬وقد‬
‫وقفت على أربعة منها‪ ،‬ومل أقف على اثنني‪.‬‬
‫ومن النظم‪:‬‬
‫وقد اعتىن ابلكتاب آخرون من أهل العلم فنظموه ليسهل‬
‫على الطالب حفظه‪ ،‬ومل أقف على شيء من ذلك‪ ،‬وإمنا‬
‫أذكرها كما ذكروها فقط‪:‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪13‬‬

‫أوال‪ :‬نظم السيد العالمة عبد هللا بن علي بن حسن احلداد‬


‫اثنيا‪ :‬نظم السيد العالمة حممد بن أمحد علوي ابعقيل‬
‫اثلثا‪ :‬نظم الشيخ العالمة صديق بن عبد هللا الالمسي‬
‫رابعا‪ ( :‬تنوير احلجا نظم سفينة النجا ) للعالمة أمحد بن‬
‫وله عليه‬ ‫‪1343‬هـ‬ ‫صديق الالمسي‪ ،‬انتهى من نظمه سنة‬
‫زايدات يف أوله وخامتة‪.‬‬
‫خامسا‪ ( :‬اللؤلؤ الثمينة نظم السفينة ) للعالمة حممد بن‬
‫علي زاكن ابحنان الكندي‪.‬‬
‫سادسا‪ ( :‬السبحة الثمينة نظم السفينة ) للعالمة أمحد‬
‫مشهور بن طه احلداد‪ ،‬وهو حنو ‪ 300‬بيت‪.‬‬
‫سابعا‪ ( :‬إانرة الدجى بتنوير احلجا بنظم سفينة النجا )‬
‫‪1287‬هـ‬ ‫للعالمة حممد بن علي بن حسني املالكي‪ ،‬ولد سنة‬
‫وتويف سنة ‪1368‬هـ‪.‬‬
‫‪14‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫هذا ما وقفت على ذكره من عناية العلماء هبذا الكتاب مما‬


‫يدل على ما حازه من األمهية واملكانة‪.‬‬

‫□□□‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪15‬‬

‫(‪)5‬‬
‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬

‫(‪ )5‬يستدل على االفتتاح ابلبسملة أمور‪:‬‬


‫أوهلا‪ :‬افتتاح النيب ﷺ كتبه بذلك كما يف الصحيحني يف قصة هرقل‪ ،‬وفيها‬
‫‪ ":‬بسم هللا الرمحن الرحيم من حممد عبد هللا ورسوله إىل هرقل عظيم الروم‪:‬‬
‫سالم على من اتبع اهلدى‪ ،‬أما بعد ‪ ...‬احلديث" رواه البخاري (رقم ‪)7‬‬
‫ومسلم (رقم ‪ )1773‬وغريمها من حديث ابن عباس عن أيب سفيان رضي هللا‬
‫عنهم‪.‬‬
‫اثنيها‪ :‬افتتاحه ﷺ فيما يكتب من معاهداته كصلح احلديبية كما روى مسلم‬
‫(رقم ‪ )1784‬من حديث أنس وفيه أن النيب ﷺ قال لعلي‪ ":‬اكتب‪ ،‬بسم هللا‬
‫الرمحن الرحيم "‪ ،‬قال سهيل‪ :‬أما ابسم هللا‪ ،‬فما ندري ما بسم هللا الرمحن‬
‫الرحيم‪ ،‬ولكن اكتب ما نعرف‪ :‬ابمسك اللهم ‪ ...‬احلديث‪.‬‬
‫اثلثها‪ :‬االبتداء ابلبسملة يف كثري من ابتداء األفعال كالتسمية يف الطعام‬
‫والذبح ودخول البيت واملسجد‪ ،‬وهي أخبار معروفة يف مواضعها‪ ،‬وكلها‬
‫بداايت‪ ،‬فدل ذلك على استحباب التسمية يف البداايت وإن مل يكن فيها‬
‫زايدة ( الرمحن الرحيم )‪.‬‬
‫رابعها‪ :‬ما جاء من األحاديث الضعيفة عند من يرى العمل ابلضعيف يف‬
‫فضائل األعمال‪ ،‬ومن هذه األحاديث ما رواه أبو داود (رقم ‪ )4840‬وأمحد‬
‫‪16‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫(رقم ‪ )8712‬وابن ماجه (رقم ‪ )1894‬وابن حبان (رقم ‪ )2-1‬من حديث‬


‫أيب ه ريرة رضي هللا عنه‪ ،‬وقد أطال يف خترجيه وبيان ضعفه العالمة األلباين‬
‫رمحه هللا يف إرواء الغليل (رقم ‪ )2-1‬فراجعه‪.‬‬
‫هذا وقد عقد البخاري هلذا اباب يف كتابه " األدب املفرد " فقال‪ ( :‬ابب‬
‫صدر الرسائل‪ :‬بسم هللا الرمحن الرحيم ) وذكر آاثرا كثرية عن السلف صحح‬
‫األلباين يف صحيح األدب املفرد مجلة منها يف هذا الباب وغريه من هذا‬
‫الكتاب‪:‬‬
‫‪ -‬فعن أنس بن سريين أنه كتب البن عمر فقال‪ :‬اكتب (بسم هللا الرمحن‬
‫الرحيم) ‪ ،‬أما بعد‪ :‬إىل فالن" وقال‪ :‬صحيح اإلسناد (رقم‬
‫‪.)1125/862‬‬
‫‪ -‬وعن كرباء آل زيد بن اثبت؛ [أن زيد بن اثبت] كتب هبذه الرسالة‪" :‬‬
‫(بسم هللا الرمحن الرحيم) لعبد هللا؛ معاوية أمري املؤمنني‪ ،‬من زيد بن‬
‫اثبت؛ سالم عليك أمري املؤمنني ورمحة هللا؛ فإين أمحد إليك هللا الذي ال‬
‫إله إال هو‪ ،‬أما بعد" وقال‪ :‬حسن اإلسناد (رقم ‪.)1122/859‬‬
‫‪ -‬وعن أيب مسعود اجلريري قال‪ :‬سأل رجل احلسن‪ :‬عن قراءة بسم هللا‬
‫الرمحن الرحيم؟ قال‪" :‬تلك صدور الرسائل"‪ .‬وقال‪ :‬صحيح اإلسناد (رقم‬
‫‪.)1123/860‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪17‬‬

‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وبه نستعني على أمور الدنيا والدين‬


‫(‪ ،)6‬وصلى هللا وسلم على سيدان حممد خامت النبيني (‪،)7‬‬
‫وآله(‪ )8‬وصحبه أمجعني (‪ ،)9‬والحول وال قوة إال ابهلل العلي‬
‫العظيم (‪.)10‬‬

‫ويف حديث فرائض الصدقة يف صحيح البخاري عن أنس بن مالك أن أاب‬


‫بكر رضي هللا عنه كتب له عند ما بعثه إىل البحرين‪ ":‬بسم هللا الرمحن الرحيم‬
‫هذه فريضة الصدقة اليت فرض رسول هللا ﷺ على املسلمني"‪.‬‬
‫(‪ )6‬لقوله تعاىل { إايك نعبد وإايك نستعني } ويف حديث ابن عباس عند‬
‫الرتمذي (رقم ‪ )2516‬مرفوعا وفيه‪ ":‬وإذا استعنت فاستعن ابهلل " وصححه‬
‫الرتمذي وهو كما قال‪.‬‬
‫(‪ )7‬قال تعاىل { ما كان حممد أاب أحد من رجالكم ولكن رسول هللا وخامت‬
‫النبيني }‪.‬‬
‫(‪ )8‬هم بنو هاشم وبنو املطلب حلديث جبري بن مطعم رضي هللا عنه‬
‫مرفوعا‪ ":‬إمنا بنو هاشم‪ ،‬وبنو املطلب شيء واحد " قال جبري‪ :‬ومل يقسم لبين‬
‫عبد مشس‪ ،‬وال لبين نوفل‪ ،‬من ذلك اخلمس كما قسم لبين هاشم‪ ،‬وبين‬
‫‪18‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫املطلب ‪ .‬رواه أبو داود (رقم ‪ )2978‬وصححه األلباين يف اإلرواء (رقم‬


‫‪.)1242‬‬
‫(‪ )9‬وهذا من االمتثال لقوله تعاىل {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا‬
‫اغفر لنا وإلخواننا الذين سبقوان ابإلميان وال جتعل يف قلوبنا غال للذين آمنوا}‬
‫(‪ )10‬لعل املؤلف اختار هذه احلوقلة لعظيم فضلها‪ ،‬ويف ذلك أحاديث‬
‫منها‪:‬‬
‫‪ -‬ففي البخاري (رقم ‪ )6384‬ومسلم (رقم ‪ )2704‬من حديث أيب موسى‬
‫األشعري رضي هللا عنه مرفوعا‪ ":‬أيها الناس اربعوا على أنفسكم‪ ،‬فإنكم‬
‫ال تدعون أصم وال غائبا‪ ،‬ولكن تدعون مسيعا بصريا» مث أتى علي وأان‬
‫أقول يف نفسي‪ :‬ال حول وال قوة إال ابهلل‪ ،‬فقال‪ " :‬اي عبد هللا بن قيس‪،‬‬
‫قل‪ :‬ال حول وال قوة إال ابهلل‪ ،‬فإهنا كنز من كنوز اجلنة "‪.‬‬
‫‪ -‬ويف مسند أمحد (رقم ‪ )23552‬وصحيح ابن حبان (رقم ‪ )821‬من‬
‫حديث أيب أيوب رضي هللا عنه أن إبراهيم عليه السالم قال له ليلة‬
‫اإلسراء‪ ":‬مر أمتك فليكثروا من غراس اجلنة‪ ،‬فإن تربتها طيبة‪ ،‬وأرضها‬
‫واسعة قال‪ :‬وما غراس اجلنة؟ قال‪ :‬ال حول وال قوة إال ابهلل " وهو خمرج‬
‫يف الصحيحة لأللباين (رقم ‪.)105‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪19‬‬

‫(فصل) أركان اإلسالم مخسة‪ :‬شهادة أن الإله إالهللا وأن‬


‫حممدا رسول هللا‪ ،‬وإقام الصالة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬و صوم‬
‫رمضان‪ ،‬وحج البيت من استطاع إليه سبيال (‪.)11‬‬
‫(فصل) أركان اإلميان ستة‪ :‬أن تؤمن ابهلل‪ ،‬ومالئكته‪ ،‬وكتبه‪،‬‬
‫ورسله‪ ،‬واليوم اآلخر‪ ،‬وابلقدر خريه وشره من هللا تعاىل (‪.)12‬‬

‫(‪ )11‬حلديث ابن عمر رضي هللا عنهما عند البخاري (رقم ‪ )8‬ومسلم (رقم‬
‫‪ )16‬مرفوعا‪ ":‬بين اإلسالم على مخس‪ :‬شهادة أن ال إله إال هللا وأن حممدا‬
‫رسول هللا‪ ،‬وإقام الصالة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬واحلج‪ ،‬وصوم رمضان "‪.‬‬
‫وروى مسلم يف صحيحه (رقم ‪ )8‬وغريه من حديث عمر رضي هللا عنه يف‬
‫قصة جميئ جربيل وسؤاله وفيه أن جربيل قال للنيب ﷺ‪ :‬اي حممد أخربين عن‬
‫اإلسالم‪ ،‬فقال رسول هللا ﷺ‪ ":‬اإلسالم أن تشهد أن ال إله إال هللا وأن‬
‫حممدا رسول هللا ﷺ‪ ،‬وتقيم الصالة‪ ،‬وتؤيت الزكاة‪ ،‬وتصوم رمضان‪ ،‬وحتج‬
‫البيت إن استطعت إليه سبيال " قال‪ :‬صدقت ‪ ...‬احلديث‪.‬‬
‫(‪ )12‬روى مسلم يف صحيحه (رقم ‪ )8‬وغريه من حديث عمر رضي هللا عنه‬
‫يف قصة جميئ جربيل وسؤاله وفيه أن جربيل قال للنيب ﷺ‪ :‬أخربين عن‬
‫‪20‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫(فصل) ومعىن الإله إال هللا‪ :‬المعبود حبق يف الوجود إال هللا‪.‬‬
‫(فصل ) عالمات البلوغ ثالث‪:‬‬
‫‪ .1‬متام مخس عشرة سنة يف الذكر واألنثى (‪.)13‬‬
‫‪ .2‬واالحتالم يف الذكر واألنثى لتسع سنني (‪.)14‬‬

‫اإلميان‪ ،‬قال‪ ":‬أن تؤمن ابهلل‪ ،‬ومالئكته‪ ،‬وكتبه‪ ،‬ورسله‪ ،‬واليوم اآلخر‪ ،‬وتؤمن‬
‫ابلقدر خريه وشره "‪ ،‬قال‪ :‬صدقت "‪ ...‬احلديث‪.‬‬
‫(‪ )13‬حلديث ابن عمر رضي هللا عنهما قال‪ " :‬عرضين رسول هللا ﷺ يوم‬
‫أحد يف القتال‪ ،‬وأان ابن أربع عشرة سنة‪ ،‬فلم جيزين‪ ،‬وعرضين يوم اخلندق‪،‬‬
‫وأان ابن مخس عشرة سنة‪ ،‬فأجازين" رواه البخاري (رقم ‪ )2664‬ومسلم (رقم‬
‫‪ 1868‬واللفظ له)‪.‬‬
‫(‪ )14‬لقوله تعاىل { وإذا بلغ األطفال منكم احللم فليسـأذنوا كما استأذن‬
‫الذين من قبلهم } وقوله تعاىل { وابتلوا اليتامى حىت إذا بلغوا النكاح فإن‬
‫آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أمواهلم }‪.‬‬
‫وحلديث علي رضي هللا عنه مرفوعا‪ ":‬رفع القلم عن ثالثة ‪...‬إىل أن قال‪":‬‬
‫وعن الصيب حىت حيتلم " رواه أبو داود (رقم ‪ )4401‬واحلاكم (‪ 389/1‬رقم‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪21‬‬

‫‪ .3‬و احليض يف األنثى لتسع سنني (‪.)15‬‬


‫(فصل) شروط إجزاء احلَ َجر مثانية‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يكون بثالثة أحجار (‪.)16‬‬
‫‪ .2‬وأن يـنقي احملل (‪.)17‬‬

‫‪ )949‬وقال‪ :‬هذا حديث صحيح على شرط الشيخني‪ ،‬ومل خيرجاه " ووافقه‬
‫الذهيب واأللباين يف اإلرواء (‪ 6/2‬حتت رقم ‪.)297‬‬
‫(‪ )15‬حلديث عن عائشة‪ ،‬عن النيب ﷺ أنه‪ ،‬قال‪ ":‬ال يقبل هللا صالة‬
‫حائض إال خبمار " رواه أبو داود (رقم ‪ )641‬والرتمذي (رقم ‪ )378‬وابن‬
‫ماجه (رقم ‪ )655‬واحلاكم (‪ 380 /1‬رقم ‪ )917‬وصححه احلاكم على شرط‬
‫مسلم ووافقه الذهيب‪ ،‬وصححه األلباين يف اإلرواء (رقم ‪.)196‬‬
‫(‪ )16‬ملا رواه مسلم (رقم ‪ )262‬عن سلمان الفارسي رضي هللا عنه قال‪ :‬قيل‬
‫له‪ :‬قد علمكم نبيكم ﷺ كل شيء حىت اخلراءة قال‪ :‬فقال‪ :‬أجل‪ ،‬لقد هناان‬
‫أن نستقبل القبلة لغائط‪ ،‬أو بول‪ ،‬أو أن نستنجي ابليمني‪ ،‬أو أن نستنجي‬
‫أبقل من ثالثة أحجار‪ ،‬أو أن نستنجي برجيع أو بعظم "‪.‬‬
‫(‪ )17‬ألن املقصود من االستنجاء هو تنقية احملل وتنظيفه من آاثر النجاسة‬
‫وعينها‪.‬‬
‫‪22‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .3‬وأن ال جيف النجس (‪.)18‬‬


‫‪ .4‬وال ينتقل (‪.)19‬‬
‫‪ .5‬وال يطرأ عليه آخر (‪.)20‬‬
‫‪ .6‬وال جياوز صفحته وحشفته (‪.)21‬‬
‫‪ .7‬وال يصيبه ماء (‪.)22‬‬
‫‪ .8‬وأن تكون األحجار طاهرة (‪.)23‬‬

‫(‪ )18‬ألنه إذا جف مل يكن احلجر كافيا يف تنقيته‪ ،‬وألنه اندر ال تعم به‬
‫البلوى الذي ألجله أجيز االستنجاء ابحلجر‪ ،‬والنادر ال حكم له‪.‬‬
‫(‪ )19‬ألن الرخصة إمنا تعلقت ابحملل الذي تعم به البلوى‪ ،‬وما جاوزه اندر ال‬
‫تتعلق به الرخصة فال حكم له‪.‬‬
‫(‪ )20‬ألن الرخصة تعلقت ابخلارج من السبيل ألن البلوى تعم به‪ ،‬واألجنيب‬
‫الطارئ اندر ال حكم له وال تتعلق به الرخصة‪.‬‬
‫(‪ )21‬ألن هذا هو حمل الرخصة وعموم البلوى فيه‪ ،‬وما جاوزه اندر ال‬
‫حكم له‪.‬‬
‫(‪ )22‬هذا داخل فيما تقدم يف حكم الطارئ على احملل‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪23‬‬

‫( فصل ) فروض الوضوء ستة‪:‬‬


‫األول‪ :‬النية (‪.)24‬‬
‫الثاين‪ :‬غسل الوجه‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬غسل اليدين مع املرفقني‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬مسح الرأس‪.‬‬
‫اخلامس ‪ :‬غسل الرجلني مع الكعبني (‪.)25‬‬

‫(‪ )23‬ألن النجس ال يطهر غريه‪ ،‬وحلديث عبد هللا بن مسعو رضي هللا عنه‬
‫قال‪ :‬خرج النيب ﷺ حلاجته‪ ،‬فقال‪ ":‬التمس يل ثالثة أحجار"‪ ،‬قال‪ :‬فأتيته‬
‫حبجرين وروثة‪ ،‬فأخذ احلجرين‪ ،‬وألقى الروثة‪ ،‬وقال‪ ":‬إهنا ركس " رواه‬
‫الرتمذي (رقم ‪ )17‬وابن ماجه (رقم ‪ ) 314‬وأمحد (رقم ‪ )3685‬وغريهم‪،‬‬
‫(‪ )24‬حلديث عمر رضي هللا عنه مرفوعا‪ ":‬إمنا األعمال ابلنيات "‪.‬‬
‫(‪ )25‬هذه األركان األربعة هي املذكورة يف قوله تعاىل { فاغسلوا وجوهكم‬
‫وأيديكم إىل املرافق وأمسحوا برؤسكم وأرجلكم إىل الكعبني }‪.‬‬
‫واملراد من كلمة ( إىل ) يف املوضعني مبعىن ( مع )‪ ،‬ويدل على ذلك ما رواه‬
‫الدارقطين (‪ )142/1‬ومن طريقه البيهقي (‪ )93/1‬من حديث جابر رضي هللا‬
‫‪24‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫السادس ‪ :‬الرتتيب (‪.)26‬‬


‫(‪)27‬‬
‫(فصل) النية‪ :‬قصد الشيء مقرتان بفعله‪ ،‬وحملها‪ :‬القلب‬
‫والتلفظ هبا‪ :‬سنة (‪ ،)28‬ووقتها‪ :‬عند غسل أول جزء من‬
‫الوجه‪.‬‬

‫عنه قال‪ :‬كان رسول هللا ﷺ إذا توضأ أدار املاء على مرفقيه " وحسنه‬
‫األلباين يف الصحيحة (رقم ‪.)2067‬‬
‫ويؤيد ذلك ما تقرر عند العلماء يف قاعدة " ما ال يتم الواجب إال به فهو‬
‫واجب " وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )26‬ألن الوضوء عبادة غري معقولة املعىن‪ ،‬ومل يرد عن النيب ﷺ الوضوء إال‬
‫مرتبا فلزم الوقوف مع الوارد وهو الرتتيب وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )27‬وهذا اتفاق كما قال األهدل يف الفرائد البهية‪:‬‬
‫يف كل موضع بال مناوي‪.‬‬ ‫أما حملها فقلب الناوي‬
‫(‪ )28‬وذلك ليقوي اللسان ما يف القلب‪ ،‬ونقل اخلطيب الشربيين يف مغين‬
‫احملتاج (‪ )255 /1‬عن الشهاب األذرعي أنه قال‪ :‬وال دليل للندب‪ ،‬وتعقبه‬
‫فقال‪ :‬وهو ممنوع‪ ،‬بل قيل بوجوب التلفظ ابلنية يف كل عبادة اهـ ومل يذكر‬
‫الدليل على املنع وال على الندب وهللا أعلم‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪25‬‬

‫والرتتيب‪ :‬أن ال يقدم عضو على عضو ‪.‬‬


‫(فصل ) املاء قليل وكثري‪ :‬القليل مادون القلتني ‪ ،‬والكثري‬
‫قلتان فأكثر‪ .‬والقليل يتنجس بوقوع النجاسة فيه وإن مل يتغري‬
‫(‪ .)29‬واملاء الكثري ال يتنجس إال إذا تغري طعمه أو لونه أو‬
‫رحيه (‪.)30‬‬

‫(‪ )29‬والدليل عليه مفهوم حديث ابن عمر رضي هللا عنهما مرفوعا‪ ":‬إذا‬
‫بلغ املاء قلتني مل حيمل اخلبث " ويف رواية ‪ ":‬مل ينجس " رواه أبو داود (رقم‬
‫‪ )63‬والرتمذي (رقم ‪ )67‬والنسائي (‪ )175/1‬وابن ماجه (رقم ‪ )517‬وأمحد‬
‫(رقم ‪ )4605‬واحلاكم (‪ )133/1‬وصححه احلاكم على شرط الشيخني ووافقه‬
‫الذهيب‪ ،‬وصححه النووي يف اجملموع (‪ )113 /1‬واأللباين يف اإلرواء (رقم‬
‫‪.)23‬‬
‫(‪ )30‬أي بنجاسة‪ ،‬وقد حكى ابن املنذر اإلمجاع على ذلك فقال يف‬
‫اإلمجاع (ص ‪ 35‬فقرة ‪ ":)11‬وأمجعوا على أن املاء القليل‪ ،‬والكثري إذا‬
‫وقعت فيه جناسة‪ ،‬فغريت للماء طعما‪ ،‬أو لوان‪ ،‬أو رحيًا‪ :‬أنه جنس ما دام‬
‫كذلك "اهـ‪.‬‬
‫‪26‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫( فصل ) موجبات الغسل ستة‪:‬‬


‫‪ .1‬إيالج احلشفة يف الفرج (‪.)31‬‬
‫‪ .2‬وخروج املىن (‪.)32‬‬

‫(‪ )31‬حلديث أيب موسى األشعري رضي هللا عنه مرفوعا‪ ":‬إذا جلس بني‬
‫شعبها األربع‪ ،‬ومس اخلتان اخلتان‪ ،‬فقد وجب الغسل " رواه ملسم (رقم‬
‫‪.)349‬‬
‫(‪ )32‬حلديث أيب سعيد اخلدري رضي هللا عنه مرفوعا‪ ":‬املاء من املاء " رواه‬
‫مسلم (رقم ‪.)343‬‬
‫ويؤيده حديث أم سلمة رضي هللا عنها‪ :‬جاءت أم سليم إىل رسول هللا ﷺ‬
‫فقالت‪ :‬اي رسول هللا إن هللا ال يستحيي من احلق‪ ،‬فهل على املرأة من غسل‬
‫إذا احتلمت؟ قال النيب ﷺ‪ ":‬إذا رأت املاء " فغطت أم سلمة‪ ،‬تعين وجهها‪،‬‬
‫وقالت‪ :‬اي رسول هللا أوحتتلم املرأة؟ قال‪ ":‬نعم‪ ،‬تربت ميينك‪ ،‬فبم يشبهها‬
‫ولدها" رواه البخاري (رقم ‪ )130‬ومسلم (رقم ‪.)313‬‬
‫ويف مسند أمحد (رقم ‪ )847‬من حديث علي رضي هللا عنه مرفوعا‪ ":‬إذا‬
‫حذفت املاء فاغتسل من اجلنابة " وحسنه األلباين يف الثمر املستطاب‬
‫(‪.)23/1‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪27‬‬

‫‪ .3‬واحليض والنفاس (‪.)33‬‬


‫‪ .4‬والوالدة (‪.)34‬‬
‫‪ .5‬واملوت (‪.)35‬‬
‫(فصل ) فروض الغسل اثنان‪:‬‬
‫‪ .1‬النية (‪.)36‬‬

‫(‪ )33‬حلديث عائشة رضي هللا عنها مرفوعا‪ ":‬فإذا أقبلت احليضة‪ ،‬فدعي‬
‫الصالة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي " رواه البخاري (رقم ‪ )320‬ومسلم (رقم‬
‫‪.)334‬‬
‫هذا يف احليض‪ ،‬والنفاس ملحق به وفاقا‪.‬‬
‫(‪ )34‬ألنه مين منعقد‪ ،‬وألنه ال خيلوا من بلل وإن كنا ال نشاهده‪.‬‬
‫(‪ )35‬احلديث أم عطية عند البخاري (رقم ‪ )1254‬ومسلم (رقم ‪)939‬‬
‫وفيه‪ ":‬اغسلنها ثالاث أو مخسا أو أكثر من ذلك مباء وسدر‪ ،‬واجعلن يف‬
‫اآلخرة كافورا "‪.‬‬
‫وحديث ابن عباس رضي هللا عنهما عند البخاري ‪0‬رقم ‪ )1267‬ومسلم‬
‫(رقم ‪ ) 1206‬يف الذي وقصته انقته وفيه‪ ":‬اغسلوه مباء وسدر‪ ،‬وكفنوه يف‬
‫ثوبيه‪ ،‬وال متسوه طيبا وال ختمروا رأسه‪ ،‬فإن هللا يبعثه يوم القيامة ملبيا "‪.‬‬
‫‪28‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .2‬وتعميم البدن ابملاء (‪.)37‬‬


‫(فصل ) شروط الوضوء عشرة‪:‬‬
‫‪ .1‬اإلسالم (‪.)38‬‬

‫(‪ )36‬حلديث عمر رضي هللا عنه مرفوعا‪ ":‬إمنا األعمال ابلنيات‪ ،‬وإمنا لكل‬
‫امرئ ما نوى " وقد تقدم‪ ،‬والغسل عبادة تشبه العادة فتجب النية للتمييز‬
‫بينهما كما قال األهدل يف الفرائد البهية يف مقصود النية‪:‬‬
‫مما يكون شبهها يف العادة‬ ‫مقصودها التمييز للعبادة‬
‫يف رتب كالغسل والتوضي‬ ‫كما متيز بعضها من بعض‬
‫(‪ )37‬وهذا متفق عليه بني الفقهاء‪ ،‬وحكى النووي يف اجملموع (‪)181/2‬‬
‫عدم اخلالف يف ذلك‪.‬‬
‫ومما يدل عليه حديث عائشة رضي هللا عنها أن النيب ﷺ‪ :‬كان إذا اغتسل‬
‫من اجلنابة‪ ،‬بدأ فغس ل يديه‪ ،‬مث يتوضأ كما يتوضأ للصالة‪ ،‬مث يدخل أصابعه‬
‫يف املاء‪ ،‬فيخلل هبا أصول شعره‪ ،‬مث يصب على رأسه ثالث غرف بيديه‪ ،‬مث‬
‫يفيض املاء على جلده كله " رواه البخاري (رقم ‪ )248‬ومسلم (رقم ‪.)316‬‬
‫(‪ )38‬ألن الوضوء عبادة‪ ،‬والكافر ليس أهال للعبادة وال للنية الصحيحة فال‬
‫تقبل طهارته قبل إسالمه‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪29‬‬

‫‪ .2‬والتمييز (‪.)39‬‬
‫‪ .3‬والنقاء عن احليض والنفاس (‪.)40‬‬
‫‪ .4‬وعما مينع وصول املاء إىل البشرة (‪.)41‬‬
‫‪ .5‬وأن ال يكون على العضو ما يغري املاء (‪.)42‬‬

‫قال تعاىل { ومن يبتغ غري اإلسالم دينا فلن يقبل منه }‪.‬‬
‫(‪ )39‬ألن من ال متييز له ال تصح نيته‪ ،‬وليس هو من أهل العبادات‪،‬‬
‫والوضوء عبادة يشرتط هلا النية الصحيحة‪.‬‬
‫(‪ )40‬ألن الوضوء مع احليض ال أثر له‪ ،‬فال يستباح هبا صالة وال قراءة كما‬
‫سيأيت‪ ،‬وال يزول ابلوضوء حدث احليض والنفاس‪ ،‬ومع بقاء احلدث فال معىن‬
‫للوضوء وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )41‬ألن املتوضئ مأمور بغسل األعضاء‪ ،‬ومع الساتر املانع من وصول املاء‬
‫ال يصدق عليه أنه غسل العضو أو األعضاء‪ ،‬فال يصح وضوءه مع املانع من‬
‫وصول املاء حملل الفرض‪.‬‬
‫(‪ )42‬ألن املاء إذا تغري لونه أو طعمه أو رحيه خرج عن كونه طهورا‪ ،‬واملاء‬
‫الذي يصح به الوضوء هو الطهور لقوله تعاىل { وأنزلنا من السماء ماء‬
‫طهورا }‪.‬‬
‫‪30‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .6‬والعلم بفرضيته‪.‬‬
‫‪ .7‬وأن ال يعتقد فرضا من فروضه سنة (‪.)43‬‬
‫‪ .8‬واملاء الطهور (‪.)44‬‬
‫‪ .9‬ودخول الوقت‪.‬‬
‫‪ .10‬واملواالة لدائم احلدث (‪.)45‬‬

‫(‪ )43‬ألن عدم العلم ابلفرضية أو اعتقاد بعض الفرائض سنة مينع من النية‬
‫الصحيحة‪ ،‬وقد شرعت النية للتمييز بني مراتب العبادة‪ ،‬ومن شروطها العلم‬
‫ابملنوي‪ ،‬فمن ال يعلم فرضية الوضوء ال ميكنه النية ابلفرض وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )44‬لقوله تعاىل { وأنزلنا من امسماء ماء طهورا }‪.‬‬
‫(‪ )45‬ألن طهارة أصحاب احلدث الدائم مبنية على الضرورة لبقاء الناقض‪،‬‬
‫والضرورة تقدر بقدرها عند أهل العلم‪ ،‬وال ضرورة هبم قبل دخول الوقت‪ ،‬وال‬
‫يف الفصل بني األعضاء فوجب يف حقهم دخول الوقت واملواالة وهللا أعلم‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪31‬‬

‫( فصل )‪ :‬نواقض الوضوء أربعة أشياء‪:‬‬


‫األول‪ :‬اخلارج من أحد السبيلني من قبل أو دبر ريح أو غريه‬
‫إال املىن (‪.)46‬‬

‫(‪ )46‬ملا جاء يف ذلك من النصوص ومنها‪:‬‬


‫‪ -‬قوله تعاىل { أو جاء أحد منكم من الغائط ‪ ...‬اآلية} فنصت على أن‬
‫الغائط انقض للوضوء‪.‬‬
‫‪ -‬ويف حديث عبد هللا بن زيد عند البخاري (رقم ‪ )177‬ومسلم (رقم‬
‫‪ )361‬يف الريح مرفوعا‪ ":‬ال ينصرف حىت يسمع صوات أو جيد رحيا "‬
‫فنص على أن الريح انقض للوضوء‪.‬‬
‫‪ -‬ويف حديث صفوان بن عسال عند الرتمذي (رقم ‪ )96‬والنسائي (‪83/1‬‬
‫رقم ‪ )127‬وابن ماجه (رقم ‪ )478‬وأمحد (رقم ‪ )18091‬وغريهم‬
‫مرفوعا‪ ":‬ولكن من غائط وبول ونوم " وحسنه األلباين يف اإلرواء (رقم‬
‫‪ )104‬فنص على أن البول انقض للوضوء‪.‬‬
‫‪ -‬ويف حديث عائشة عند البخاري (رقم ‪ )228‬مرفوعا‪ ":‬وتوضئي لكل‬
‫صالة " فنص على أن االستحاضة انقضة للوضوء‪.‬‬
‫‪32‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫الثاين‪ :‬زوال العقل بنوم أو غريه إال نوم قاعد ممكن مقعده من‬
‫األرض (‪.)47‬‬

‫‪ -‬ويف حديث علي يف املذي عند البخاري (رقم ‪ )269‬ومسلم (رقم ‪)303‬‬
‫قال‪ :‬كنت رجال مذاء فأمرت رجال أن يسأل النيب ﷺ‪ ،‬ملكان ابنته‪،‬‬
‫فسأل فقال‪ ":‬توضأ واغسل ذكرك " فنص على أن املذي انقض‬
‫للوضوء‪.‬‬
‫وكل ما ذكر من اخلارج من السبيلني‪ ،‬فيقاس ما مل أيت يف خصوصه دليل‬
‫على هذه الدالئل املذكورة وغريها مما يف معناها وهللا أعلم‪.‬‬
‫وأما املين فيدل على طهارته أمران‪:‬‬
‫األول‪ :‬حديث فرك املين‪ ،‬وهو ما رواه مسلم (رقم ‪ )290‬من حديث عائشة‬
‫أهنا قالت‪ :‬لقد رأيتين وإين ألحكه من ثوب رسول هللا ﷺ ايبسا بظفري "‬
‫فلو كان جنسا لزم غسله ال سيما بعد جفافه وهللا أعلم‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أن هللا كرم ابن آدم كما قال تعاىل { ولقد كرمنا بين آدم } وال يليق‬
‫هذا التكرمي إال ابلقول بطهارة املين اليت خلق منها بنوا آدم وفيهم الرسل‬
‫واألنبياء خبالف القول بنجاستها وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )47‬ويدل على أن النوم انقض للوضوء أحاديث منها‪:‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪33‬‬

‫الثالث‪ :‬التقاء بشريت رجل وامرأة كبريين أجنبيني من غري‬


‫حائل (‪.)48‬‬

‫‪ -‬حديث صفوان بن عسال وفيه‪ ":‬ولكن من غائط وبول ونوم " وهو‬
‫حديث حسن تقدم يف الذي قبله‪.‬‬
‫وحديث علي رضي هللا عنه عند أيب داود (رقم ‪ )203‬وابن ماجه (رقم ‪477‬‬
‫واللفظ له) وغريمها مرفوعا‪ ":‬العني وكاء السه فمن انم فليتوضأ " وحسنه‬
‫األلباين يف اإلرواء (رقم ‪.)113‬‬
‫ويف هذا احلديث دليل على أن النوم مظنة نواقض الوضوء‪ ،‬فوضعت املظنة‬
‫موضع الناقض‪ ،‬وهلذا استثين من ذلك ما ضعفت فيه املظنة كنوم املمكن‬
‫مقعده من األرض‪ ،‬ويدل على ذلك ما رواه مسلم (رقم ‪ )376‬من حديث‬
‫أنس رضي هللا عنه قال‪ :‬كان أصحاب رسول هللا ﷺ ينامون مث يصلون وال‬
‫يتوضئون"‪.‬‬
‫واملراد ابلنوم أي مع اجللوس لرواية أيب داود (رقم ‪ )200‬والرتمذي (رقم‬
‫‪ ":)3794‬كان أصحاب رسول هللا ﷺ ينتظرون العشاء حىت ختفق رؤوسهم‬
‫مث يصلون وال يتوضؤون " وهو يف صحيح أيب داود لأللباين (رقم ‪.)196‬‬
‫(‪ )48‬ويدل على أن اللمس انقض للوضوء قوله تعاىل { أو المستم النساء‬
‫فلم جتدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا }‬
‫‪34‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫الرابع‪ :‬مس قبل اآلدمي أو حلقة دبره ببطن الراحة أو بطون‬


‫األصابع (‪.)49‬‬

‫وأما اشرتاط عدم احلائل فألن حقيقة اللمس يف التقاء البشرتني‪ ،‬وأما مع‬
‫احلائل فليس ملسا حقيقيا‪ ،‬ويشهد هلذا ما أييت يف مس الفرج بدون حائل من‬
‫حديث أيب هريرة رضي هللا عنه وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )49‬جاءت عدة أحاديث يف أن مس الفرج ينقض الوضوء منها‪:‬‬
‫‪ -‬حديث بسرة بنت صفوان مرفوعا‪ ":‬من مس ذكره فليتوضأ " رواه أمحد‬
‫(رقم ‪ )27293‬وأبو داود (رقم ‪ )181‬والرتمذي (رقم ‪ )82‬والنسائي‬
‫(‪ 216/1‬رقم ‪ )447‬وغريهم وصححه األلباين يف اإلرواء (رقم ‪.)116‬‬
‫‪ -‬وحديث أم جبيبة مرفوعا‪ ":‬من مس فرجه فليتوضأ " رواه أمحد (رقم‬
‫‪ )21689‬وابن ماجه (رقم ‪ )481‬وصححه األلباين يف اإلرواء (رقم‬
‫‪.)117‬‬
‫وأما حلقة الدبر‪ :‬فقياسا على الفرج جبامع أن كال منهما خيرج منه ما ينقض‬
‫الوضوء‪ ،‬وأن مسهما ابليمني منهي عنه‪ ،‬وكالمها سوءة يف العورة وهللا أعلم‪.‬‬
‫وأما التفريق بني بطن الكف وظهره‪ :‬فلحديث‪ ":‬إذا أفضى أحدكم بيده إىل‬
‫فرجه‪ ،‬وليس بينهما سرت وال حجاب‪ ،‬فليتوضأ " رواه ابن حبان (رقم ‪)1118‬‬
‫وغريه وصححه األلباين يف صحيحته ( حتت رقم ‪.)1235‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪35‬‬

‫قال الشافعي يف األم (‪ ":)34/1‬فإن قال قائل‪ :‬فما فرق بني ما وصفت؟‬
‫قيل‪ :‬اإلفضاء ابليد إمنا هو ببطنها كما تقول أفضى بيده مبايعا وأفضى بيده‬
‫إىل األرض ساجدا أو إىل ركبتيه راكعا‪ ،‬فإذا كان النيب ‪ -‬ﷺ ‪ -‬إمنا أمر‬
‫ابلوضوء منه إذا أفضى به إىل ذكره فمعلوم أن ذكره مياس فخذيه وما قارب‬
‫من ذلك من جسده فال يوجب ذلك عليه بداللة السنة ‪ -‬وضوءا فكل ما‬
‫جاوز بطن الكف كما ماس ذكره مما وصفت "اهـ‬
‫وقال املاوردي يف احلاوي (‪ ":)197/1‬قال الشافعي رضي هللا عنه‪ :‬واإلفضاء‬
‫ال يكون إال بباطن الكف‪.‬‬
‫وألن املعىن الذي اختصت به اليد يف مسه ينقض الوضوء دون سائر اجلسد‪،‬‬
‫إما أن يكون حلصول اللذة املقتضي إىل نقض الطهر‪ ،‬وإما ألن اليد آلة‬
‫الطعام فخيف تنجسها آباثر االستنجاء‪ ،‬وكال املعنيني خمتص بباطن الكف‬
‫دون ظاهرها كما كان خمتصا ابليد دون غريها‪ ،‬وفيه مع االستدالل انفصال‪،‬‬
‫فإذا ثبت اختصاص نقض الوضوء يف مس الفرج بباطن الكف دون ظاهره‬
‫فال فرق بني بطون الراحة أو بطون األصابع الستواء ذلك كله من االلتذاذ‬
‫مبسه "اهـ‪.‬‬
‫وقال العمراين يف البيان (‪":)186 /1‬و (اإلفضاء) ـ عند أهل اللغة ـ‪ :‬بباطن‬
‫ساجدا‪.‬‬
‫ً‬ ‫مبايعا‪ ،‬وأفضيت بيدي‬
‫الكف‪ ،‬تقول العرب‪ :‬أفضيت بيدي ً‬
‫‪36‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫(فصل ) من انتقض وضوءه حرم عليه أربعة أشياء‪:‬‬


‫‪ .1‬الصالة (‪.)50‬‬
‫‪ .2‬والطواف (‪.)51‬‬
‫‪ .3‬ومس املصحف‪.‬‬
‫‪ .4‬ومحله (‪.)52‬‬

‫(‪ )50‬ملا رواه البخاري (رقم ‪ )135‬ومسلم (رقم ‪ )225‬من حديث أيب هريرة‬
‫رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪ ":‬ال تقبل صالة من أحدث حىت‬
‫يتوضأ "‪.‬‬
‫(‪ )51‬حلديث ‪ ":‬الطواف ابلبيت صالة إال أن هللا أابح فيه الكالم "‬
‫(‪ )52‬لقوله تعاىل { ال ميسه إال املطهرون } وما رواه مالك (رقم ‪ )1‬عن‬
‫عبد هللا بن أيب بكر بن حزم أن يف الكتاب الذي كتبه رسول هللا ﷺ لعمرو‬
‫بن حزم‪ ":‬أن ال ميس القرآن إال طاهر " ورواه الدارمي يف سننه (رقم ‪2312‬‬
‫) وهو مرسل صحيح كما يف إرواء الغليل (رقم ‪.)110‬‬
‫وإذا كان هذا حكم مس املصحف‪ ،‬فحمله من ابب أوىل ألنه مس وزايدة‬
‫وهللا أعلم‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪37‬‬

‫وحيرم على اجلنب ستة أشياء‪:‬‬


‫‪ .1‬الصالة‬
‫‪ .2‬والطواف‬
‫‪ .3‬ومس املصحف‬
‫‪ .4‬ومحله (‪.)53‬‬
‫‪ .5‬واللبث يف املسجد (‪.)54‬‬
‫‪ .6‬وقراءة القرآن (‪.)55‬‬

‫(‪ )53‬تقدم ذكر الدليل على األربعة املذكورة فيما حيرم على احملدث قريبا‪.‬‬
‫(‪ )54‬لقوله تعاىل { وال جنبا إال عابري سبيل حىت تغتسلوا } فدل على‬
‫املنع من لبث اجلنب يف املسجد‪.‬‬
‫(‪ )55‬ملا روى أبو داود (رقم ‪ )229‬والرتمذي (رقم ‪ )146‬والنسائي (‪144/1‬‬
‫رقم ‪ )265‬وابن ماجه (رقم ‪ )594‬وابن حبان (رقم ‪ 799‬و‪ )800‬واحلاكم‬
‫(‪152/1‬؛ ‪ )107/4‬وغريمها من حديث علي بن أيب طالب رضي هللا عنه‬
‫‪38‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫وحيرم ابحليض عشرة أشياء‪:‬‬


‫‪ .1‬الصالة‬
‫‪ .2‬والطواف‬
‫‪ .3‬ومس املصحف‬
‫‪ .4‬ومحله‬
‫‪ .5‬واللبث يف املسجد‬

‫قال‪ ":‬إن رسول هللا ﷺ‪ ،‬كان خيرج من اخلالء فيقرئنا القرآن‪ ،‬وأيكل معنا‬
‫اللحم ومل يكن حيجبه ‪ -‬أو قال‪ :‬حيجزه ‪ -‬عن القرآن شيء ليس اجلنابة "‪.‬‬
‫قال الرتمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫وقال احلاكم‪ :‬هذا حديث صحيح اإلسناد‪ ،‬والشيخان مل حيتجا بعبد هللا بن‬
‫سلمة‪ ،‬ومدار احلديث عليه‪ ،‬وعبد هللا ابن سلمة‪ :‬غري مطعون فيه اهـ‪.‬‬
‫وضعفه بعض العلماء بعبد هللا سلمة – بكسر الالم – ألنه تغري أبخرة ومنه‬
‫األلباين يف اإلرواء (رقم ‪ )485‬فراجعه‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪39‬‬

‫‪ .6‬وقراءة القرآن (‪.)56‬‬


‫‪ .7‬والصوم (‪.)57‬‬
‫‪ .8‬والطالق (‪.)58‬‬
‫‪ .9‬واملرور يف املسجد إن خافت تلويثه (‪.)59‬‬
‫‪ .10‬واالستمتاع مبا بني السرة والركبة (‪.)60‬‬

‫(‪ )56‬تقدم ذكر الدليل على األربعة األوىل فيما حيرم على احملدث‪ ،‬واألخريان‬
‫يف ما حيرم على اجلنب قريبا‪.‬‬
‫(‪ )57‬حلديث أيب سعيد اخلدري عند البخاري (رقم ‪ )1951‬ومسلم (رقم‬
‫‪ )132‬وفيه‪ ":‬أليس إذا حاضت مل تصل ومل تصم ؟ فذلك نقصان دينها "‪.‬‬
‫(‪ )58‬حلديث ابن عمر رضي هللا عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض‪ ،‬على‬
‫عهد رسول هللا ﷺ‪ ،‬فسأل عمر بن اخلطاب رسول هللا ﷺ عن ذلك‪ ،‬فقال‬
‫رسول هللا ﷺ‪ ":‬مره فلرياجعها‪ ،‬مث ليمسكها حىت تطهر‪ ،‬مث حتيض مث تطهر‪،‬‬
‫مث إ ن شاء أمسك بعد‪ ،‬وإن شاء طلق قبل أن ميس‪ ،‬فتلك العدة اليت أمر هللا‬
‫أن تطلق هلا النساء " رواه البخاري (رقم ‪ )5251‬ومسلم (رقم ‪.)1471‬‬
‫(‪ )59‬وذلك لتحرمي تنجيس املسجد ووجوب تنظيفه وتطهريه من النجاسة‪.‬‬
‫‪40‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫(فصل) أسباب التيمم ثالثة‪:‬‬


‫‪ .1‬فقد املاء (‪.)61‬‬
‫‪ .2‬واملرض (‪.)62‬‬

‫(‪ )60‬حلديث عائشة رضي هللا عنها قالت‪ :‬كانت إحداان إذا كانت حائضا‪،‬‬
‫فأراد رسول هللا ﷺ أن يباشرها " أمرها أن تتزر يف فور حيضتها‪ ،‬مث يباشرها‪،‬‬
‫قالت‪ :‬وأيكم ميلك إربه‪ ،‬كما كان النيب ﷺ ميلك إربه " رواه البخاري (رقم‬
‫‪.)302‬‬
‫لكن روى مسلم يف صحيحه (رقم ‪ )302‬من حديث أنس رضي هللا عنه أن‬
‫النيب ﷺ قال‪ ":‬اصنعوا كل شيء إال النكاح " فاألول حممول على االحتياط‬
‫وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )61‬لظاهر االية وهي قوله تعاىل { فلم جتدوا ماء فتيمموا}‬
‫(‪ )62‬حلديث جابر رضي هللا عنه قال‪ :‬خرجنا يف سفر فأصاب رجال منا‬
‫حجر فشجه يف رأسه‪ ،‬مث احتلم فسأل أصحابه فقال‪ :‬هل جتدون يل رخصة‬
‫يف التيمم؟ فقالوا‪ :‬ما جند لك رخصة وأنت تقدر على املاء فاغتسل فمات‪،‬‬
‫فلما قدمنا على النيب ﷺ أخرب بذلك فقال‪ " ":‬قتلوه قتلهم هللا أال سألوا إذ‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪41‬‬

‫‪ .3‬واالحتياج إليه لعطش حيوان حمرتم (‪.)63‬‬


‫غري احملرتم ستة‪:‬‬
‫‪ .1‬اترك الصالة (‪.)64‬‬

‫مل يعلموا فإمنا شفاء العي السؤال " رواه أبو داود (رقم ‪ )336‬وحسن األلباين‬
‫يف صحيح أيب داود (رقم ‪ )364‬هذا القدر من احلديث‪.‬‬
‫ويؤيده ما رواه أبو داود (رقم ‪ )334‬عن عمرو بن العاص قال‪ :‬احتلمت يف‬
‫ليلة ابردة يف غزوة ذات السالسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت‪،‬‬
‫مث صليت أبصحايب الصبح فذكروا ذلك للنيب ﷺ فقال‪ ":‬اي عمرو صليت‬
‫أبصحابك وأنت جنب؟" فأخربته ابلذي منعين من االغتسال وقلت إين‬
‫مسعت هللا يقول‪ { :‬وال تقتلوا أنفسكم إن هللا كان بكم رحيما} فضحك‬
‫رسول هللا ﷺ ومل يقل شيئا " وصححه األلباين يف اإلرواء (رقم ‪.)154‬‬
‫(‪ )63‬وذلك إنزاال للضرورة إىل املاء منزلة فقدان املاء‪ ،‬ألن ذلك قد يفضي‬
‫إىل هالك النفس‪ ،‬وقد عرف من جواز التيمم للخوف على النفس من املاء‬
‫يف الربد أتثري اخلوف يف جواز ذلك وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )64‬الستحقاقه القتل لقوله تعاىل { فإن اتبوا وأقاموا الصالة وآتوا الزكاة‬
‫فخلوا سبيلهم } فال يستحق اإلحياء‬
‫‪42‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .2‬والزاين احملصن‪.‬‬
‫‪ .3‬واملرتد (‪.)65‬‬
‫‪ .4‬والكافر احلريب (‪.)66‬‬
‫‪ .5‬والكلب العقور (‪.)67‬‬
‫‪ .6‬واخلنزير (‪.)68‬‬

‫(‪ )65‬حلديث ابن مسعود عند البخاري (رقم ‪ ) 6878‬ومسلم (رقم ‪)1676‬‬
‫مرفوعا‪ ":‬ال حيل دم امرئ مسلم‪ ،‬يشهد أن ال إله إال هللا وأين رسول هللا‪ ،‬إال‬
‫إبحدى ثالث‪ :‬الثيب الزاين‪ ،‬والنفس ابلنفس‪ ،‬والتارك لدينه املفارق للجماعة‬
‫"‪ .‬فدل هذا على استحقاق الزاين احملصن واملرتد للقتل‪.‬‬
‫ويؤيد لزوم قتل املرتد قوله ﷺ‪ ":‬من بدل دينه فاقتلوه " رواه البخاري (رقم‬
‫‪.)3017‬‬
‫(‪ )66‬لألمر بقتله يف قوله تعاىل { فاقتلوهم حيث وجدمتوهم }‪.‬‬
‫(‪ )67‬لقوله ﷺ يف حديث عائشة عند مسلم (رقم ‪ ": )1198‬أربع كلهن‬
‫فاسق‪ ،‬يقتلن يف احلل واحلرم‪ :‬احلدأة‪ ،‬والغراب‪ ،‬والفأرة‪ ،‬والكلب العقور "‪.‬‬
‫وإحلاق بقية األربعة وابقي ما ورد األمر بقتله سائغ وهللا أعلم‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪43‬‬

‫(فصل ) شروط التيمم عشرة‪:‬‬


‫‪ .1‬أن يكون برتاب (‪.)69‬‬
‫‪ .2‬وان يكون الرتاب طاهرا (‪.)70‬‬
‫‪ .3‬وأن ال يكون مستعمال (‪.)71‬‬

‫(‪ )68‬حلديث هريرة رضي هللا عنه مرفوعا‪ ":‬والذي نفسي بيده‪ ،‬ليوشكن أن‬
‫ينزل فيكم ابن مرمي حكما مقسطا‪ ،‬فيكسر الصليب‪ ،‬ويقتل اخلنزير‪ ،‬ويضع‬
‫اجلزية‪ ،‬ويفيض املال حىت ال يقبله أحد" رواه البخاري (رقم ‪ )2222‬ومسلم‬
‫(رقم ‪.)155‬‬
‫ويف احلديث قتل اخلنزير مما يدل على أنه ال حرمة له‪.‬‬
‫(‪ )69‬حلديث حذيفة رضي هللا عنه عند مسلم (رقم ‪ )522‬مرفوعا‪ ":‬فضلنا‬
‫على الناس بثالث‪ :‬جعلت صفوفنا كصفوف املالئكة‪ ،‬وجعلت لنا األرض‬
‫كله ا مسجدا‪ ،‬وجعلت تربتها لنا طهورا‪ ،‬إذا مل جند املاء "‪ .‬فدل على‬
‫ختصيص الطهارة ابلرتاب وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )70‬لقوله تعاىل { فتيمموا صعيدا طيبا } أي طاهرا حالال‪.‬‬
‫(‪ )71‬قياسا على الوضوء‪ ،‬ألن املاء اقوى يف الطهارة من الرتاب‪ ،‬فإذا امتنع‬
‫أن يكون ماء الوضوء مستعمال كان الرتاب أوىل ابملنع منه‪.‬‬
‫‪44‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .4‬وال خيالطه دقيق وحنوه (‪.)72‬‬


‫‪ .5‬وأن يقصده (‪.)73‬‬
‫‪ .6‬وأن ميسح وجهه ويديه بضربتني (‪.)74‬‬
‫‪ .7‬وأن يزيل النجاسة أوال‪.‬‬
‫‪ .8‬وأن جيتهد يف القبلة قبله‪.‬‬
‫‪ .9‬وأن يكون التيمم بعد دخول الوقت (‪.)75‬‬
‫‪ .10‬وأن يتيمم لكل فرض (‪.)76‬‬

‫(‪ )72‬ألن ما خالطه الدقيق ليس ترااب خالصا فأشبه املاء املتغري ابلطاهر فال‬
‫جيزئ يف التيمم كما ال جيزئ ذلك املاء يف الوضوء‪.‬‬
‫(‪ )73‬ألن النقل للعبادة عبادة فال بد من القصد أي النية‬
‫(‪ )74‬سيأيت الكالم على الضربتني يف أركان التيمم قريبا إن شاء هللا تعال‬
‫(‪ )75‬ألن التيمم شرع للضرورة فيجب االستعداد الكامل قبله من إزالة‬
‫جناسة واستقبال قبلة ودخول وقت ألن الضرورة تقدر بقدرها‪.‬‬
‫(‪ )76‬ألن التيمم شرع للضرورة‪ ،‬وال مشقة يف جتديد التيمم خبالف الوضوء‬
‫فينقض بزوال الضرورة ابلصالة وهللا أعلم‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪45‬‬

‫(فصل) فروض التيمم مخسة ‪:‬‬


‫األول‪ :‬نقل الرتاب (‪.)77‬‬
‫الثاين‪ :‬النية (‪.)78‬‬
‫الثالث‪ :‬مسح الوجه‬
‫الرابع‪ :‬مسح اليدين إىل املرفقني (‪.)79‬‬

‫(‪ )77‬احرتازا من املسح ابلرتاب املتطاير عليه بسبب ريح وحنوه‪ ،‬وذلك أن‬
‫النقل عبادة حتتاج للقصد والنية كما تقدم‪.‬‬
‫(‪ )78‬لعموم حديث عمر رضي هللا عنه مرفوعا‪ ":‬إمنا األعمال ابلنيات‪ ،‬وإمنا‬
‫لكل امرئ ما نوى ‪ " ...‬احلديث‪.‬‬
‫(‪ )79‬لقوله تعاىل {فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه}‪.‬‬
‫أصح ما ورد يف ذلك مما وقفت عليه ما رواه احلاكم (‪ 288 /1‬رقم ‪،637‬‬
‫‪ )638‬من طريق عن عزرة بن اثبت عن أيب الزبري عن جابر رضي هللا عنه‬
‫مرفوعا‪ ":‬التيمم ضربتان‪ :‬ضربة للوجه‪ ،‬وضربة لليدين إىل املرفقني " حنوه‬
‫وصححه ووافقه الذهيب‪.‬‬
‫‪46‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫وقال ابن اجلوزي يف التحقيق (‪ ":)237/1‬وأما حديث جابر فقد تكلم يف‬
‫عثمان بن حممد اهـ‪.‬‬
‫وتعقبه ابن عبد اهلادي يف تنقيح التحقيق (‪ )378/1‬فقال‪ ":‬وأما حديث‬
‫جابر‪ :‬فلم يذكر املؤلف من تكلم يف عثمان بن حممد‪ ،‬وقد روى عنه أبو‬
‫داود وأبو بكر بن أيب عاصم وغريمها‪ ،‬وذكره ابن أيب حامت يف كتابه‪ ،‬ومل يذكر‬
‫فيه جرحا‪.‬‬
‫وقد روى احلديث‪ :‬البيهقي والدارقطين وقال‪ :‬كلهم ثقات‪ ،‬والصواب موقوف‬
‫اهـ‪.‬‬
‫وقال ابن امللقن يف البدر املنري (‪ ":)648/2‬وعثمان املذكور ال أعلم من وثقه‬
‫وال من جرحه‪ ،‬وقد ذكره ابن أيب حامت ومل يذكر فيه جرحا وال تعديال‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وقد رواه إبراهيم بن إسحاق احلريب‪ ،‬عن (إبراهيم) عن (عزرة) كما‬
‫أسلفنا ذلك عن رواية احلاكم وتصحيحه (فلم) ينفرد عثمان به‪" .‬اهـ‪.‬‬
‫وقال احلافظ يف التلخيص احلبري (‪":)405/1‬ضعف ابن اجلوزي هذا احلديث‬
‫بعثمان بن حممد وقال إنه متكلم فيه وأخطأ يف ذلك‪.‬‬
‫قال ابن دقيق العيد مل يتكلم فيه أحد نعم روايته شاذة ألن أاب نعيم رواه عن‬
‫عزرة موقوفا أخرجه الدارقطين واحلاكم أيضا‬
‫قلت‪ :‬وقال الدارقطين يف حاشية السنن عقب حديث عثمان بن حممد ‪:‬‬
‫كلهم ثقات والصواب موقوف اهـ‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪47‬‬

‫اخلامس‪ :‬الرتتيب بني املسحتني (‪.)80‬‬


‫(فصل) مبطالت التيمم ثالثة‪:‬‬
‫‪ .1‬ما أبطل الوضوء (‪.)81‬‬
‫‪ .2‬والردة (‪.)82‬‬
‫‪ .3‬وتوهم املاء إن تيمم لفقده (‪.)83‬‬
‫(فصل ) الذي يطهر من النجاسات ثالث ‪:‬‬
‫‪ .1‬اخلمر إذا ختللت بنفسها (‪.)84‬‬

‫قال أبو عبد الباري‪ :‬رواية أيب نعيم عند احلاكم مرفوعا وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )80‬ألن التيمم فرع عن الوضوء‪ ،‬وكالمها ورد يف لفظ اآلية مرتبا‪،‬‬
‫والعبادات مبناها التوقيف‪.‬‬
‫(‪ )81‬ألن الوضوء أقوى من التيمم فما ابطل الوضوء أبطل التيمم من ابب‬
‫أوىل‪ ،‬وألن التيمم فرع عن الوضوء وما أزال األصل كان على إزالة الفرع أقوى‬
‫وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )82‬ألهنا حتبط األعمال‪ ،‬وألن التيمم أضعف من الوضوء فافرتقا‪.‬‬
‫(‪ )83‬وذلك لوجوب الطلب ولزوم اليقني‪ ،‬وإذا لزم الطلب بطل التيمم‪.‬‬
‫‪48‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .2‬وجلد امليتة إذا دبغ (‪.)85‬‬


‫‪ .3‬وما صار حيواان (‪.)86‬‬

‫(‪ )84‬ألن التحرمي والنجاسة فرع عن اإلسكار‪ ،‬واحلكم يدور مع علته وجودا‬
‫وعدما‪ ،‬فإذا زال اإلسكار زال ما تفرع عنه من التحرمي والنجاسة‪.‬‬
‫وحلديث عائشة رضي هللا عنها عند مسلم (رقم ‪ )2051‬مرفوعا‪ ":‬نعم اإلدام‬
‫اخلل "‪.‬‬
‫ورواه مسلم أيضا (رقم ‪ )2052‬عن جابر بن عبد هللا‪ ،‬أن النيب ﷺ سأل‬
‫أهله األدم‪ ،‬فقالوا‪ :‬ما عندان إال خل‪ ،‬فدعا به‪ ،‬فجعل أيكل به‪ ،‬ويقول‪":‬‬
‫نعم األدم اخلل‪ ،‬نعم األدم اخلل "‪.‬‬
‫وجه ذلك‪ :‬أنه ال جيتمع كونه جنسا مع الثناء عليه‪ ،‬ألن النجس حرام فال‬
‫يثين عليه النيب ﷺ‪.‬‬
‫(‪ )85‬ملا رواه البخاري (رقم ‪ )1492‬ومسلم (رقم ‪ )363‬عن ابن عباس رضي‬
‫هللا عنهما قال‪ ":‬وجد النيب ﷺ شاة ميتة‪ ،‬أعطيتها موالة مليمونة من‬
‫الصدقة‪ ،‬فقال النيب ﷺ‪ ":‬هال انتفعتم جبلدها؟" قالوا‪ :‬إهنا ميتة‪ :‬قال‪ ":‬إمنا‬
‫حرم أكلها "‪.‬‬
‫وما رواه مسلم (رقم ‪ )366‬من حديث عبد هللا بن عباس رضي هللا عنهما‬
‫قال‪ :‬مسعت رسول هللا ﷺ يقول‪ ":‬إذا دبغ اإلهاب فقد طهر "‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪49‬‬

‫(فصل) النجاسات ثالث ‪:‬‬


‫‪ .1‬مغلظة‬
‫‪ .2‬وخمففة‬
‫‪ .3‬ومتوسطة ‪.‬‬
‫املغلظة‪ :‬جناسة الكلب واخلنزير وفرع أحدمها ‪.‬‬
‫واملخففة ‪ :‬بول الصيب الذي مل يطعم غري اللنب ومل يبلغ‬
‫احلولني‪.‬‬
‫واملتوسطة ‪ :‬سائر النجاسات‪.‬‬

‫(‪ )86‬وهذا من ابب االستحالة‪ ،‬وعمدة هذا الباب هو قاعدة دوران احلكم‬
‫مع علته‪ ،‬فإن العني إذا تبدلت أوصافها وصارت عينا غري اليت ورد احلكم‬
‫بتحرميها أو جناستها فإن احلكم املرتتب عن العلة الزائلة يزول ال حمالة‪.‬‬
‫‪50‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫(فصل ) املغلظة‪ :‬تطهر بسبع غسالت بعد إزالة عينها‪،‬‬


‫إحداهن برتاب (‪ .)87‬واملخففة‪ :‬تطهر برش املاء عليها مع‬
‫الغلبة وإزالة عينها (‪.)88‬‬
‫واملتوسطة‪ :‬تنقسم إىل قسمني‪ :‬عينية‪ ،‬وحكميه ‪.‬‬

‫(‪ )87‬ملا رواه البخاري (رقم ‪ )172‬ومسلم (رقم ‪ )279‬من حديث عن أيب‬
‫هريرة‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪ ":‬إذا ولغ الكلب يف إانء أحدكم فلريقه مث‬
‫ليغسله سبع مرار "‪.‬‬
‫ويف رواية أليب داود (رقم ‪ )71‬وغريه‪ ":‬طهور إانء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب‪،‬‬
‫أن يغسل سبع مرار‪ ،‬أوالهن برتاب " وصحح سندها األلباين يف اإلرواء‬
‫(‪.)61/1‬‬
‫(‪ )88‬حلديث عن أم قيس بنت حمصن أهنا أتت اببن هلا صغري‪ ،‬مل أيكل‬
‫الطعام‪ ،‬إىل رسول هللا ﷺ‪ ،‬فأجلسه رسول هللا ﷺ يف حجره‪ ،‬فبال على‬
‫ثوبه‪ ،‬فدعا مباء‪ ،‬فنضحه ومل يغسله " رواه البخاري (رقم ‪ )223‬ومسلم (رقم‬
‫‪.)287‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪51‬‬

‫العينية‪ :‬هي اليت هلا لون وريح وطعم‪ ،‬فال بد من إزالة لوهنا‬
‫ورحيها وطعمها ‪.‬‬
‫واحلكمية‪ :‬هي اليت ال لون وال ريح والطعم هلا‪ ،‬يكفيك جري‬
‫املاء عليها ‪.‬‬
‫(‪)90‬‬
‫(فصل) أقل احليض‪ :‬يوم وليله (‪ )89‬وغالبه ست أوسبع‬
‫وأكثره مخسة عشرة يوما بلياليها (‪.)91‬‬

‫(‪ )89‬العمدة يف هذا التحديد هو العرف‪ ،‬وهو أقل ما وقفوا عليه يف زماهنم‪،‬‬
‫وقد تقرر أن ما جاء يف الشرع ومل حيدد فيه وال له يف اللغة حتديد كهذه‬
‫املسألة أنه يرد إىل العرف ألن العادة حمكمة‪.‬‬
‫(‪ )90‬حلديث محنة بنت جحش رضي هللا عنها يف االستحاضة وهو طويل‬
‫وفيه‪ ":‬إمنا هذه ركضة من ركضات الشيطان فتحيضي ستة أايم أو سبعة أايم‬
‫يف علم هللا‪ ،‬مث اغتسلي حىت إذا رأيت أنك قد طهرت‪ ،‬واستنقأت فصلي‬
‫ثالاث وعشرين ليلة أو أربعا وعشرين ليلة وأايمها وصومي‪ ،‬فإن ذلك جيزيك‪،‬‬
‫وكذلك فافعلي يف كل شهر كما حتيض النساء‪ ،‬وكما يطهرن ميقات‬
‫حيضهن وطهرهن ‪ " ...‬احلديث‪ .‬رواه أبو داود (رقم ‪ )287‬والرتمذي (رقم‬
‫‪52‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫أقل الطهر بني احليضتني‪ :‬مخسة عشرة يوما‪ ،‬وغالبه‪ :‬أربعة‬


‫وعشرون يوما‪ ،‬أو ثالثة وعشرون يوما‪ ،‬والحد ألكثرة (‪.)92‬‬
‫أقل النفاس‪ :‬جمة‪ ،‬وغالبه‪ :‬أربعون يوما‪ ،‬وأكثرة‪ :‬ستون يوما‬
‫(‪.)93‬‬

‫‪ )128‬وقال‪ :‬هذا حديث حسن صحيح‪ ،‬وصححه األلباين يف اإلرواء (رقم‬


‫‪.)188‬‬
‫(‪ )91‬ألن الشهر البد أن يشمل على حيض وطهر‪ ،‬ومل أيت يف الشرع وال‬
‫يف اللغة حتديد مدة كل منهما فكان ابلتنصيف بينهما على قاعدة املشرتك‬
‫اجملهول وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )92‬تقدم ذلك يف حديث محنة بنت جحش رضي هللا عنها يف غالب‬
‫احليض‪.‬‬
‫(‪ )93‬أما أقل النفاس‪ :‬فهو ما وقف عليه العلماء‪.‬‬
‫وأما غالبه‪ :‬فلحديث أم سلمة رضي هللا عنها قالت‪ :‬كانت النفساء على‬
‫عهد رسول هللا ﷺ جتلس أربعني يوما‪ ،‬وكنا نطلي وجوهنا ابلورس من‬
‫الكلف " رواه أبو داود (رقم ‪ )311‬والرتمذي (رقم ‪ )139‬وابن ماجه (رقم‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪53‬‬

‫(فصل ) أعذار الصالة اثنان‪ :‬النوم والنسيان (‪.)94‬‬


‫(فصل) شروط الصالة مثانية‪:‬‬
‫‪ .1‬طهارة احلدثني (‪.)95‬‬
‫‪ .2‬والطهارة عن النجاسة يف الثوب والبدن واملكان (‪.)96‬‬
‫‪ .3‬وسرت العورة (‪.)97‬‬

‫‪ )648‬واحلاكم (‪ 283/1‬رقم ‪ )622‬وقال‪ :‬وقال احلاكم‪ " :‬حديث صحيح‬


‫اإلسناد "‪ .‬ووافقه الذهىب‪ ،‬وحسنه األلباين يف اإلرواء (رقم ‪.)201‬‬
‫(‪ )94‬ملا رواه مسلم (رقم ‪ )684‬من حديث أنس رضي هللا عنه مرفوعا‪ ":‬إذا‬
‫رقد أحدكم عن الصالة‪ ،‬أو غفل عنها‪ ،‬فليصلها إذا ذكرها ‪ ،‬فإن هللا يقول‪:‬‬
‫{أقم الصالة لذكري}"‪.‬‬
‫(‪ )95‬لقوله ﷺ‪ ":‬ال تقبل صالة من أحدث حىت يتوضأ " رواه البخاري‬
‫(رقم ‪ )135‬ومسلم (رقم ‪ )225‬من حديث أيب هريرة رضي هللا عنه‪.‬‬
‫(‪ )96‬لقوله تعاىل يف اللباس { وثيابك فطهر }‪ ،‬وحلديث أمر النيب صلى‬
‫هللا بغسل املسجد عند ما ابل فيه األعرايب رواه البخاري (رقم ‪)6025‬‬
‫ومسلم (رقم ‪ )284‬من حديث أنس رضي هللا عنه‪.‬‬
‫‪54‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .4‬واستقبال القبلة (‪.)98‬‬


‫‪ .5‬ودخول الوقت (‪.)99‬‬
‫‪ .6‬والعلم بفرضيتها‪.‬‬
‫‪ .7‬وأن اليعتقد فرضا من فروضها سنة (‪.)100‬‬
‫‪ .8‬واجتناب املبطالت (‪.)101‬‬

‫(‪ )97‬حلديث عائشة رضي هللا عنها مرفوعا‪ ":‬ال يقبل هللا صالة حائض إال‬
‫خبمار" وحسنه الرتمذي وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهيب‪ ،‬وصححه‬
‫األلباين يف اإلرواء (رقم ‪.)196‬‬
‫(‪ )98‬لقوله تعاىل { وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره }‪.‬‬
‫(‪ )99‬لقوله تعاىل { إن الصالة كانت على املؤمنني كتااب موقوات } وملا‬
‫سيأيت يف فصل أوقات الصالة من صالة جربيل ابلنيب ﷺ مرتني وقوله له‪":‬‬
‫الوقت ما بني هذين الوقتني "‪.‬‬
‫(‪ )100‬ألن من شروط صحة النية العلم ابملنوي‪ ،‬وألن النية شرعت للتمييز‬
‫بني مراتب العبادات‪ ،‬فمن مل يعلم ابلفرضية مجلة‪ ،‬أو ظن بعض الفرائض سنة‬
‫مل تصح نيته بذلك‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪55‬‬

‫األحداث اثنان‪ :‬أصغر وأكرب ‪ .‬فاألصغر ماأوجب الوضوء ‪.‬‬


‫واألكرب ماأوجب الغسل‬
‫العورات أربع‪:‬‬
‫‪ .1‬عورة الرجل مطلقا واألمة يف الصالة‪ :‬ما بني السرة‬
‫والركبة (‪.)102‬‬

‫(‪ )101‬ألن من ارتكب مبطالت الصالة كانتقاض الوضوء‪ ،‬أو نزول احليض‬
‫وحنو ذلك مما أييت يف فصل مبطالت الصالة‪ ،‬بطلت صالته‪.‬‬
‫(‪ )102‬أما عورة الرجل‪ :‬فيدل عليه حديث أيب هريرة رضي هللا عنه عند‬
‫البخاري (رقم ‪ )358‬ومسلم (رقم ‪ )515‬أن سائال سأل رسول هللا ﷺ عن‬
‫الصالة يف الثوب الواحد؟ فقال‪ ":‬أولكلكم ثوابن "؟‪.‬‬
‫والثوب الواحد هو اإلزار وهو يسرت على العادة ما بني السرة والركبة‪.‬‬
‫ويؤيده حديث ابن عباس رضي هللا عنهما مرفوعا‪ ":‬غط فخذك‪ ،‬فإن فخذ‬
‫الرجل من عورته " رواه أمحد (رقم ‪ )2493‬والرتمذي (رقم ‪ )2796‬وحسنه‬
‫حمققوا املسند بشواهده‪.‬‬
‫‪56‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫وأما األمة‪ :‬فاستدلوا مبا رواه أبو داود (رقم ‪ )4114 ،4113‬من حديث عبد‬
‫هللا بن عمرو رضي هللا عنهما مرفوعا‪ ":‬إذا زوج أحدكم عبده أمته فال ينظر‬
‫إىل عورهتا " ويف الرواية الثانية‪ ":‬فال ينظر إىل ما دون السرة وفوق الركبة "‬
‫وحسنه األلباين يف اإلرواء (رقم ‪.)1803‬‬
‫وجهه‪ :‬إذا جاز للسيد النظر إىل ما فوق السرة ودون الركبة مل يكن عورة‬
‫بداللة الرواية الثانية " فال ينظر عورهتا "‪.‬‬
‫وقالوا أيضا‪ :‬كان اإلماء يكشفن رؤوسهن يف عهد عمر رضي هللا عنه بال‬
‫نكري كما جاء يف اآلاثر الصحيحة‪ ،‬وملا مل تكن رؤوسهن عورة كالرجال مل‬
‫تكن عورهتن إال عورة الرجال وهللا أعلم‪.‬‬
‫قال أبو عبد الباري‪:‬‬
‫روى أبو داود (رقم ‪ )641‬وأمحد (رقم ‪ )25167‬والترمذي (‪ )377‬وابن‬
‫ماجه (‪ )655‬ابن خزمية (‪ ، )775‬وأبن حبان (‪ )1711‬و (‪، )1712‬‬
‫واحلاكم (‪ ) 251/1‬وغريهم من حديث عائشة رضي هللا عنها مرفوعا‪ ":‬ال‬
‫يقبل هللا صالة حائض إال خبمار " وحسنه الرتمذي وصححه على شرط‬
‫مسلم ووافقه الذهيب‪ ،‬وصححه األلباين يف اإلرواء (رقم ‪.)196‬‬
‫وهذ ا احلديث يدل على وجوب سرت الرأس على املرأة البالغة يف الصالة‪،‬‬
‫وليس مع من خصصه ابحلرة دليل نعلمه‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪57‬‬

‫ومل يذكروا خربا صحيحا يف صالة اإلماء مع كشف رؤوسهن يف عهد النيب‬
‫ﷺ مع كثرهتن وعموم البلوى بذلك‪.‬‬
‫ومن جهة النظر‪ :‬فإن حكمة األمر ابحلجاب هي الوقاية من الفتنة يف‬
‫كشفهن للزينة والعورات واحلرة واألمة يف ذلك سواء‪.‬‬
‫وذكر الدمريي يف النجم الوهاج (‪ )119/2‬أن بعض فقهاء الشافعية منهم‬
‫املارودي وابن أيب عصرون والشاشي ذهبوا إىل أهنا كاحلرة يف العورة ملا يف‬
‫ذلك من االحتياط‪.‬‬
‫كذا قال‪ ،‬والذي يف احللية للشاشي (‪ :)166/1‬وأما األمة فعورهتا كعورة‬
‫الرجل على ظاهر املذهب اهـ‪.‬‬
‫وأما حديث عبد هللا بن عمرو‪ :‬فقد رد البيهقي االستدالل به على حد‬
‫عورة األمة فقال يف السنن اكربى (‪ 320/2‬بعد ذكر رواييت احلديث)‪":‬‬
‫وهذه الرواية إذا قرنت برواية األوزاعي دلنا على أن املراد ابحلديث هني السيد‬
‫عن النظر إىل عورهتا إذا زوجها‪ ،‬وأن عورة األمة ما بني السرة والركبة‪ ،‬وسائر‬
‫طرق هذا احلديث يدل وبعضها ينص على أن املراد به هني األمة عن النظر‬
‫إىل عورة السيد بعد ما زوجت أو هني اخلادم من العبد أو األجري عن النظر‬
‫إىل عورة السيد بعد ما بلغا النكاح‪ ،‬فيكون اخلرب واردا يف بيان مقدار العورة‬
‫من الرجل ال يف بيان مقدارها من األمة " اهـ‪.‬‬
‫‪58‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .2‬وعورة احلرة يف الصالة‪ :‬مجيع بدهنا ما سوى الوجه‬


‫الكفني (‪.)103‬‬
‫‪ .3‬وعورة احلرة واألمة عند األجانب‪ :‬مجيع البدن‬
‫(‪.)104‬‬

‫وأما ما ذكر من اآلاثر‪ :‬فال يصح االستدالل هبا على أصل املذهب يف أن‬
‫قول الصحايب ليس حبجة وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )103‬يدل على جواز كشف الوجه للمرأة يف الصالة‪ :‬ما رواه الرتمذي‬
‫(رقم ‪ )3122‬والنسائي (‪ 118/2‬رقم ‪ )870‬وابن ماجه (رقم ‪ )1046‬وأمحد‬
‫(رقم ‪ )2783‬وابن حبان (رقم ‪ )401‬واحلاكم (‪ 384/2‬رقم ‪ )3346‬من‬
‫حديث ابن عباس‪ ،‬قال‪ ":‬كانت امرأة تصلي خلف رسول هللا ﷺ حسناء‬
‫من أحسن الناس‪ ،‬فكان بعض القوم يتقدم حىت يكون يف الصف األول لئال‬
‫يراها‪ ،‬ويستأخر بعضهم حىت يكون يف الصف املؤخر‪ ،‬فإذا ركع نظر من‬
‫حتت إبطيه"‪ ،‬فأنزل هللا تعاىل {ولقد علمنا املستقدمني منكم ولقد علمنا‬
‫املستأخرين}"‪.‬‬
‫قال احلاكم‪ :‬هذا حديث صحيح اإلسناد ومل خيرجاه اهـ ووافقه الذهيب‪ ،‬وذكره‬
‫األلباين يف الصحيحة له (رقم ‪.)2472‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪59‬‬

‫‪ .4‬وعند حمارمها والنساء‪ :‬ما بني السرة والركبة (‪.)105‬‬


‫(فصل ) أركان الصالة سبعة عشر‪:‬‬
‫األول‪ :‬النية (‪.)106‬‬
‫الثاين‪ :‬تكبرية اإلحرام (‪.)107‬‬
‫الثالث‪ :‬القيام على القادر يف الفرض (‪.)108‬‬
‫الرابع‪ :‬قراءة الفاحتة (‪.)109‬‬

‫(‪ )104‬املعروف يف املذهب التسوية يف حق احلرة بني عورهتا يف الصالة‬


‫وعند الرجال األجانب‪.‬‬
‫(‪ )105‬قياسا على عورة الرجل مع الرجل‪.‬‬
‫(‪ )106‬حلديث عمر رضي هللا عنه مرفوعا‪ ":‬إمنا األعمال ابلنيات‪ ،‬وإمنا‬
‫لكل امرئ ما نوى "‪.‬‬
‫(‪ )107‬حلديث أيب هريرة يف املسيء يف صالته ‪ ":‬إذا قمت إىل الصالم‬
‫فكرب " رواه البخاري (رقم ‪ )757‬ومسلم (رقم ‪.)397‬‬
‫(‪ )108‬حلديث عمران بن حصني رضي هللا عنه مرفوعا‪ ":‬صل قائما‪ ،‬فإن مل‬
‫تستطع فقاعدا‪ ،‬فإن مل تستط فعلى جنب " رواه البخاري (رقم ‪.)1117‬‬
‫‪60‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫اخلامس‪ :‬الركوع‪.‬‬
‫السادس‪ :‬الطمأنينة فيه (‪.)110‬‬
‫السابع‪ :‬االعتدال‪.‬‬
‫الثامن‪ :‬الطمأنينة فيه (‪.)111‬‬
‫التاسع‪ :‬السجود مرتني‪.‬‬
‫العاشر‪ :‬الطمأنينة فيه (‪.)112‬‬
‫احلادي عشر‪ :‬اجللوس بني السجدتني‪.‬‬

‫(‪ )109‬حلديث عبادة بن الصامت رضي هللا عنه مرفوعا‪ ":‬ال صالة ملن مل‬
‫يقرأ بفاحتة الكتاب " رواه البخاري ( رقم ‪ )756‬ومسلم (رقم ‪.)394‬‬
‫(‪ )110‬حلديث أيب هريرة يف املسيء يف صالته وفيه‪ ":‬مث اركع حىت تطمئن‬
‫راكعا " فدل على الركنني " الركوع والطمأنينة فيه " وتقدم قريبا‪.‬‬
‫(‪ )111‬حلديث أيب هريرة يف املسيئ يف صالته وفيه‪ ":‬مث ارفع حىت تعدل‬
‫قائما " فدل على الركنني " االعتدال والطمأنينة فيه " وقد تقدم قريبا‪.‬‬
‫(‪ )112‬حلديث أيب هريرة يف املسيئ يف صالته وفيه‪ ":‬مث اسجد حىت تطمئن‬
‫ساجدا " فدل على الركنني " السجود والطمأنينة فيه " وقد تقدم قريبا‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪61‬‬

‫الثاين عشر‪ :‬الطمأنينة فيه (‪.)113‬‬


‫الثالث عشر‪ :‬التشهد األخري (‪.)114‬‬
‫الرابع عشر‪ :‬القعود فيه (‪.)115‬‬
‫اخلامس عشر‪ :‬الصالة على النيب ﷺ فيه (‪.)116‬‬

‫(‪ )113‬حلديث أيب هريرة يف املسيئ يف صالته وفيه‪ ":‬مث ارفع حىت تطمئن‬
‫جالسا " فدل على الركنني " اجللوس بني السجدتني والطمأنينة فيه " وقد‬
‫تقدم قريبا‪.‬‬
‫(‪ )114‬حلديث ابن مسعود رضي هللا عنه مرفوعا‪ ":‬إذا قعد أحدكم يف‬
‫الصالة فليقل‪ :‬التحيات هلل والصلوات والطيبات السالم عليك أيها النيب‬
‫ورمحة هللا وبركاته‪ ،‬السالم علينا وعلى عباد هللا الصاحلني‪ ،‬فإذا قاهلا أصابت‬
‫كل عبد هلل صاحل يف السماء واألرض‪ ،‬أشهد أن ال إله إال هللا‪ ،‬وأشهد أن‬
‫حممدا عبده ورسوله‪ ،‬مث يتخري من املسألة ما شاء " رواه البخاري (رقم‬
‫‪ )6230‬ومسلم (رقم ‪.)402‬‬
‫(‪ )115‬عليه حديث ابن مسعود يف الركن السابق أي التشهد‪.‬‬
‫(‪ )116‬حلديث فضالة بن عبيد رضي هللا عنه قال‪ :‬مسع رسول هللا ﷺ رجال‬
‫يدعو يف صالته مل ميجد هللا تعاىل‪ ،‬ومل يصل على النيب ﷺ‪ ،‬فقال رسول هللا‬
‫‪62‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫السادس عشر‪ :‬السالم (‪.)117‬‬


‫السابع عشر‪ :‬الرتتيب (‪.)118‬‬

‫ﷺ‪ ":‬عجل هذ "‪ ،‬مث دعاه فقال له‪ - :‬أو لغريه ‪ ": -‬إذا صلى أحدكم‪،‬‬
‫فليبدأ بتمجيد ربه جل وعز‪ ،‬والثناء عليه‪ ،‬مث يصلي على النيب ﷺ‪ ،‬مث يدعو‬
‫بعد مبا شاء "‪ .‬رواه أبو داود (رقم ‪ )1481‬والرتمذي (رقم ‪ )3477‬وأمحد‬
‫(رقم ‪ )23937‬وابن حبان (رقم ‪ )1957‬واحلاكم (‪ 354/1‬رقم ‪.)840‬‬
‫قال الرتمذي‪ :‬هذا حديث حسن صحيح‪ ،‬وقال احلاكم‪ :‬هذا حديث‬
‫صحيح على شرط مسلم‪ ،‬ومل خيرجاه‪ ،‬ووافقه الذهيب‪ ،‬وصححه األلباين يف‬
‫صحيح أيب داود (رقم ‪.)1331‬‬
‫(‪ )117‬حلديث علي رضي هللا عنه مرفوعا‪ ":‬مفتاح الصالة الطهور‪ ،‬وحترميها‬
‫التكبري‪ ،‬وحتليلها التسليم "رواه أبو داود (رقم ‪ )61‬والرتمذي (رقم ‪ )3‬وابن‬
‫ماجه (رقم ‪ )275‬وغريهم‪ ،‬وصححه األلباين يف اإلرواء (رقم ‪.)301‬‬
‫(‪ )118‬يدل على الرتتيب حديث أيب هريرة يف املسيئ يف صالته‪ ،‬ألن فيه‬
‫الرتتيب حبرف ( مث ) كما تقدم مقطعا يف األركان‪.‬‬
‫وألن الصالة عبادة توقيفية جتب فيها املتابعة‪ ،‬وقد دل حديث مالك بن‬
‫احلويرث عند البخاري مرفوعا‪ ":‬صلوا كما رأيتموين أصلي " وسيأيت مرارا‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪63‬‬

‫(فصل) النيه ثالث درجات‪:‬‬


‫‪ .1‬إن كانت الصالة فرضا‪ :‬وجب قصد الفعل والتعيني‬
‫والفرضية‪.‬‬
‫‪ .2‬وإن كانت انفلة مؤقتة كراتبة أو ذات سبب‪ :‬وجب‬
‫قصد الفعل والتعيني‪.‬‬
‫‪ .3‬وان كانت انفلة مطلقة‪ :‬وجب قصد الفعل فقط‪.‬‬
‫الفعل ‪:‬أصلي‪ ،‬والتعيني‪ :‬ظهرا أو عصرا‪ ،‬و الفرضية‪ :‬فرضا ‪.‬‬
‫(فصل) شروط تكبرية اإلحرام ستة عشر‪:‬‬
‫‪ .1‬أن تقع حالة القيام يف الفرض (‪.)119‬‬
‫‪ .2‬وأن تكون ابلعربيه (‪.)120‬‬

‫(‪ )119‬ملا تقدم قي حديث املسيئ يف صالته ‪ ":‬إذا قمت إىل الصالة فكرب‬
‫" فدل على وقوعها حالة القيام‪.‬‬
‫(‪ )120‬لالتباع‪ ،‬فإن النيب ﷺ علم لفظ التكبري‪ ،‬وألنه ال مشقة يف ذلك‪.‬‬
‫‪64‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .3‬وأن تكون بلفظ اجلاللة‪.‬‬


‫‪ .4‬وبلفظ أكرب (‪.)121‬‬
‫‪ .5‬والرتتيب بني اللفظني (‪.)122‬‬
‫‪ .6‬وأن الميد مهزة اجلاللة‪.‬‬
‫‪ .7‬وعدم مد ابء أكرب‪.‬‬
‫‪ .8‬وأن ال يشدد الباء‪.‬‬
‫‪ .9‬وأن اليزيد واواً ساكنة أو متحركة بني الكلمتني‪.‬‬
‫‪ .10‬وأن اليزيد واواً قبل اجلاللة (‪.)123‬‬

‫(‪ )121‬ألن هذه الصيغة هي الواردة عن النيب ﷺ‪ ،‬وقد تقدم يف أركان‬


‫الصالة حديث علي وفيه" حترميها التكبري "‪.‬‬
‫(‪ )122‬ألن الرتتيب هو الذي ثبت عن النيب ﷺ فوجبت متابعته على‬
‫ذلك‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪65‬‬

‫‪ .11‬وأن اليقف بني كلميت التكبري وقفة طويلة وال قصرية‬


‫(‪.)124‬‬
‫‪ .12‬وأن يسمع نفسة مجيع حروفها (‪.)125‬‬
‫‪ .13‬ودخول الوقت يف املؤقت (‪.)126‬‬

‫(‪ )123‬ألن هذه الشروط اخلمسة من السادس وحىت العاشر وضعت لئال‬
‫خترج الصيغة عن قاعدة اللغة العربية‪ ،‬وزايدة هذه املذكورات خترجها عن حد‬
‫اللغة وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )124‬ألن الفصل بينهما ابلسكوت يشعر ابإلعراض ويقطع املواالة‪ ،‬وليس‬
‫مما حيتاج للتنفس بينهما وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )125‬ألن ما نزل عن حد إمساع النفس ليس كالما‪ ،‬وإمنا هو من حديث‬
‫النفس الذي ال جيري عليه القلم‪ ،‬حلديث أيب هريرة مرفوعا‪ ":‬إن هللا جتاوز‬
‫عن أميت ما حدثت به أنفسها‪ ،‬ما مل تعمل أو تتكلم " رواه البخاري (رقم‬
‫‪ )5269‬ومسلم (رقم ‪ )127‬ففرق يف احلديث بني الكالم وحديث النفس‬
‫وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )126‬ألن من شروط املؤقت من الصلوات دخول وقته‪ ،‬وقد قال تعاىل‬
‫{إن الصالة كانت على املؤمنني كتااب موقوات}‪.‬‬
‫‪66‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .14‬وإيقاعها حال االستقبال (‪.)127‬‬


‫‪ .15‬وأن ال خيل حبرف من حروفها (‪.)128‬‬
‫‪ .16‬وأتخري تكبرية املأموم عن تكبرية اإلمام (‪.)129‬‬
‫(فصل ) شروط الفاحتة عشرة‪:‬‬
‫‪ .1‬الرتتيب‬
‫‪ .2‬واملواالة (‪.)130‬‬

‫(‪ )127‬ملا يف حديث املسيئ يف صالته‪ ":‬إذا قمت إىل الصالة فأسبغ‬
‫الوضوء‪ ،‬مث استقبل القبلة فكرب " رواه البخاري (رقم ‪ )6251‬ومسلم (رقم‬
‫‪ )397‬فدل على أن التكبري يقع يف حال االستقبال‪.‬‬
‫(‪ )128‬ألن نقص حرف من حروفها يقتضي تغيري املعىن وخروج الكلمة عن‬
‫االتباع فامتنع ذلك‪.‬‬
‫(‪ )129‬حلديث أنس بن مالك رضي هللا عنه عند مسلم (رقم ‪)411‬‬
‫مرفوعا‪ ":‬إمنا جعل اإلمام لي ؤمت به‪ ،‬فإذا كرب فكربوا " فدل على أن تكبري‬
‫املأموم بعد تكبري اإلمام‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪67‬‬

‫‪ .3‬ومراعاة حروفها‪.‬‬
‫‪ .4‬ومراعاة تشديداهتا (‪.)131‬‬
‫‪ .5‬وأن ال يسكت سكتة طويلة (‪ )132‬وال قصرية يقصد‬
‫هبا قطع القراءة (‪.)133‬‬
‫‪ .6‬وقراءة كل آايهتا ومنها البسملة (‪.)134‬‬

‫(‪ )130‬ألن الفاحتة وردت على الرتتيب واملواالة‪ ،‬وهكذا كان النيب ﷺ‬
‫يقرأها يف صالته فوجب االتباع ألمره ﷺ بذلك يف حديث مالك بن‬
‫احلويرث مرفوعا‪ ":‬صلوا كما رأيتموين أصلي " رواه البخاري (رقم ‪.)631‬‬
‫(‪ )131‬ألن احلرف املشدد حرفان أدغم أحدمها يف اآلخر فيجب مراعاة‬
‫ذلك لئال خيل ببعض حروف الفاحتة‪.‬‬
‫(‪ )132‬ألن السكوت الطويل ينايف شرط املواالة وقد تقدم أن املواالة هي ما‬
‫عهد عن النيب ﷺ يف صلواته‪.‬‬
‫(‪ )133‬ألن األعمال ابلنيات‪ ،‬فإذا نوى قطع القراءة كان له ما نوى ملا ورد‬
‫يف اخلرب الصحيح عن عمر‪ ":‬إمنا األعمال ابلنيات‪ ،‬وإمنا لكل امرئ ما نوى"‬
‫‪68‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .7‬وعدم اللحن املخل ابملعىن (‪.)135‬‬


‫‪ .8‬وأن تكون حالة القيام يف الفرض (‪.)136‬‬
‫‪ .9‬وأن يسمع نفسه القراءة (‪.)137‬‬

‫(‪ )134‬حلديث عبادة بن الصامت‪ ":‬ال صالة ملن مل يقرأ بفاحتة الكتاب "‬
‫فلم يستثن من آايت الفاحتة شيئا‪,‬‬
‫ويدل على أن البسملة من آايت الفاحتة حديث أم سلمة رضي هللا عنها أهنا‬
‫ذكرت أو كلمة غريها " قراءة رسول هللا ﷺ‪ { :‬بسم هللا الرمحن الرحيم‪.‬‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ .‬الرمحن الرحيم‪ .‬ملك يوم الدين } يقطع قراءته آية آية‬
‫" رواه أبو داود (رقم ‪ 4001‬واللفظ له) وأمحد (رقم ‪ ) 26583‬وصححه‬
‫األلباين يف اإلرواء (رقم ‪.)343‬‬
‫(‪ )135‬ألن اللحن إذا غري املعىن كضم اتء { أنعمت } أو كسرها بطل‬
‫كوهنا قرآان فضال عن كوهنا فاحتة الكتاب‪ ،‬فال تصح هبا القراءة‪.‬‬
‫(‪ )136‬أي للقادر‪ ،‬ألن حمل الفاحتة قبل الركوع‪ ،‬فمن وجب عليه القيام‬
‫وجب عليه قراءة الفاحتة يف القيام أيضا‪.‬‬
‫(‪ )137‬ألن ما نزل عن حد إمساع النفس ليس كالما‪ ،‬وإمنا هو من حديث‬
‫النفس الذي ال جيري عليه القلم‪ ،‬حلديث أيب هريرة مرفوعا‪ ":‬إن هللا جتاوز‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪69‬‬

‫‪ .10‬وأن ال يتخللها ذكر أجنيب (‪.)138‬‬


‫(فصل) تشديدات الفاحتة أربع عشرة‪.)139( :‬‬
‫‪ { .1‬بسم هللا } فوق الالم‪.‬‬
‫‪ { .2‬الرمحن } فوق الراء‪.‬‬
‫‪ { .3‬الرحيم } فوق الراء‪.‬‬

‫عن أميت ما حدثت به أنفسها‪ ،‬ما مل تعمل أو تتكلم " رواه البخاري (رقم‬
‫‪ )5269‬ومسلم (رقم ‪ )127‬ففرق يف احلديث بني الكالم وحديث النفس‬
‫وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )138‬ألن ذلك يقطع املواالة وهي شرط لصحة قراءة الفاحتة كما تقدم‪.‬‬
‫(‪ )139‬االعتناء ابلتشديدات املذكورة يف هذا الفصل وما بعده من الفصول‬
‫فإمنا هو لعدم االخالل ابحلروف‪ ،‬وذلك أن التشديد فيه إدغام حرف حبرف‪،‬‬
‫واحلرف املشدد يف احلقيقة حرفان‪ ،‬فإن ترك القارئ التشديد فقد ترك حرفا‬
‫من حروف الفاحتة‪ ،‬ومن ترك حرف من هذه احلروف فلم أيت ابملأمور به‪،‬‬
‫ومثل ما قلنا يف تشديدات الفاحتة يقال يف تشديدات التشهد والتسليم‬
‫وحنوها‪ ،‬والتسليم والصالة على النيب ﷺ غريها وهللا أعلم‪..‬‬
‫‪70‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ { .4‬احلمد هلل } فوق الم اجلاللة‪.‬‬


‫رب العاملني } فوق الباء‪.‬‬
‫‪ُّ { .5‬‬
‫‪ { .6‬الرمحن } فوق الراء‪.‬‬
‫‪ { .7‬الرحيم } فوق الراء‪.‬‬
‫‪ { .8‬مالك يوم الدين } فوق الدال‪.‬‬
‫‪ { .9‬إايك نعبد } فوق الياء‪.‬‬
‫‪ { .10‬وإايك نستعني } فوق الياء‪.‬‬
‫‪ { .11‬اهدان الصراط املستقيم } فوق الصاد‪.‬‬
‫‪ { .12‬صراط الذين } فوق الالم‪.‬‬
‫‪ { .14-13‬أنعمت عليهم غري املغضوب عليهم وال‬
‫الضالني } فوق الضاد والالم‪.‬‬
‫(فصل) يسن رفع اليدين يف أربعة مواضع‪:‬‬
‫‪ .1‬عند تكبرية اإلحرام‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪71‬‬

‫‪ .2‬وعند الركوع‬
‫‪ .3‬وعند االعتدال‬
‫‪ .4‬وعند القيام من التشهد األول (‪.)140‬‬
‫(فصل) شروط السجود سبعة‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يسجد على سبعة أعضاء (‪.)141‬‬
‫‪ .2‬وأن تكون جبهته مكشوفة (‪.)142‬‬

‫(‪)140‬هذه املواضع األربعة اثبتة يف حديث ابن عمر رضي هللا عنهما عند‬
‫البخاري (رقم ‪ )739‬مرفوعا‪ ":‬كان إذا دخل يف الصالة كرب ورفع يديه‪ ،‬وإذا‬
‫ركع رفع يديه‪ ،‬وإذا قال‪ :‬مسع هللا ملن محده‪ ،‬رفع يديه‪ ،‬وإذا قام من الركعتني‬
‫رفع يديه "‪.‬‬
‫(‪ )141‬حلديث ابن عمر يف الصحيحني وسيأيت قريبا يف ذكر هذه األعضاء‬
‫السبعة بعد الشروط‪.‬‬
‫(‪ )142‬حلديث أنس رضي هللا عنه عند مسلم (رقم ‪ )620‬قال‪ ":‬كنا نصلي‬
‫مع رسول هللا ﷺ يف شدة احلر‪ ،‬فإذا مل يستطع أحدان أن ميكن جبهته من‬
‫األرض‪ ،‬بسط ثوبه‪ ،‬فسجد عليه "‪.‬‬
‫‪72‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫فدل هذا احلديث على أهنم كانوا يسجدون وجبهتهم مكشوفة إال لضرورة‬
‫شدة احلر‪.‬‬
‫وروى مسلم (رقم ‪ )619‬من حديث خباب بن األرت رضي هللا عنه قال‪":‬‬
‫شكوان إىل رسول هللا ﷺ الصالة يف الرمضاء‪ ،‬فلم يشكنا " فيدل على ما‬
‫دل عليه حديث أنس‪.‬‬
‫ويوضح ذلك ما جاء يف رواية للبيهقي (‪ )151/2‬والبغوي يف شرح السنة‬
‫(رقم ‪ )358‬من حديث خباب هذا وفيه‪ ":‬شكوان إىل رسول هللا ﷺ شدة‬
‫الرمضاء يف جباهنا وأكفنا فلم يشكنا "‪.‬‬
‫قال البيهقي يف خمتصر اخلالف (‪ :)208/2‬ورواه أبو زكراي بن أيب زائدة عن‬
‫أيب إسحق قال فيه عنه‪ " :‬شكوان إىل رسول هللا ‪ -‬ﷺ ‪ -‬شدة الرمضاء يف‬
‫جباهنا وأكف نا فلم يشكنا "‪ ،‬زكراي بن أيب زائدة جممع على عدالته وكذلك‬
‫الطريق إليه سديد والزايدة من الثقة مقبولة اهـ‪.‬‬
‫وقال البغوي‪ :‬هذا حديث صحيح‪ ،‬وقال النووي يف اجملموع (‪:)422/3‬‬
‫إسناده جيد‪ ،‬ويف خالصة األحكام (رقم ‪ )1293‬ويف رواية للبيهقي إبسناد‬
‫حسن فذكرها‪.‬‬
‫وصحح سنده ابن امللقن يف البدر املنري (‪ )649/3‬وحتفة احملتاج (‪ 309/1‬رقم‬
‫‪)277‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪73‬‬

‫‪ .3‬والتحامل برأسه (‪.)143‬‬


‫‪ .4‬وعدم اهلوى لغريه (‪.)144‬‬
‫‪ .5‬وأن اليسجد على شيء يتحرك حبركته (‪.)145‬‬
‫‪ .6‬وارتفاع أسافله على أعاليه (‪.)146‬‬

‫وأما األلباين فقال يف الضعيفة (رقم ‪ :)4813‬منكر‪ ،‬أي هبذه الزايدة ( يف‬
‫جباهنا وأكفنا ) ‪.‬‬
‫(‪ )143‬ألن هذه هي صفة السجود‪ ،‬ويكون ذلك ابرتفاع أسافله على‬
‫أعاليه كما أييت يف الشرط السادس من شروط السجود هذه‪.‬‬
‫ويؤيد ذلك ما رواه ابن حبان يف صحيحه (رقم ‪ )1887‬من حديث ابن عمر‬
‫رضي هللا عنهما مرفوعا وفيه‪ ":‬وإذا سجدت فمكن جبهتك من األرض و‬
‫تـنـقر نقراً " وحسنه األلباين لغريه يف صحيح الرتغيب (‪.)130-129/2‬‬
‫(‪ )144‬ألن اهلوي للسجود عبادة فعلية فتفتقر للنية لعموم حديث " إمنا‬
‫األعمال ابلنيات "‪.‬‬
‫(‪ )145‬ألن املتحرك حبركة املصلي كاجلزء منه فال يصح على بعض جزء‬
‫املصلي لغري ضرورة‪.‬‬
‫‪74‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .7‬والطمأنينة فيه (‪.)147‬‬


‫(خامتة) أعضاء السجود سبعة‪ :‬اجلبهة‪ ،‬وبطون الكفني‪،‬‬
‫والركبتان‪ ،‬وبطون األصابع الرجلني (‪.)148‬‬
‫(فصل) تشديدات التشهد إحدى وعشرون‪ :‬مخس يف‬
‫أكمله‪ ،‬وست عشرة يف أقله ‪ ( :‬التحيات ) على التاء والياء‬

‫(‪ )146‬ملا رواه أبو داود (رقم ‪ )896‬والنسائي (‪ 212/2‬رقم ‪ )1104‬وابن‬


‫خزمية (رقم ‪ )646‬وغريهم من طريق أيب إسحاق السبيعي قال‪ :‬وصف لنا‬
‫الرباء بن عازب فوضع يديه‪ ،‬واعتمد على ركبتيه‪ ،‬ورفع عجيزته‪ ،‬وقال‪":‬‬
‫هكذا كان رسول هللا ﷺ يسجد " وحسنه النووي يف اجملموع (‪)436/3‬‬
‫ووافقه األلباين يف أصل صفة الصالة (‪.)726/2‬‬
‫(‪ )147‬تقدم الكالم على أن الطمانينة ركن من أركان الصالة وهنا تقدم‬
‫ذكر الدليل عليها‪.‬‬
‫(‪ )148‬روى البخاري (رقم ‪ )812‬ومسلم (رقم ‪ 490‬واللفظ له) عن ابن‬
‫عباس أن رسول هللا ﷺ قال‪« :‬أمرت أن أسجد على سبعة أعظم اجلبهة‪،‬‬
‫وأشار بيده على أنفه واليدين‪ ،‬والرجلني‪ ،‬وأطراف القدمني‪ ،‬وال نكفت‬
‫الثياب‪ ،‬وال الشعر "‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪75‬‬

‫( املباركات الصلوات ) على الصاد ‪ ( ،‬الطيبات ) على الطاء‬


‫والياء‪ ( ،‬هلل ) على الم اجلاللة‪( ،‬السالم ) على السني‪،‬‬
‫(عليك أيها النيب ) على الياء والنون والياء ‪ ( ،‬ورمحة هللا )‬
‫على الم اجلالله ‪ ( ،‬وبركاته السالم ) على السني ‪ ( ،‬علينا‬
‫وعلى عباد هللا ) على الم اجلالله‪ ( ،‬الصاحلني ) على الصاد‪،‬‬
‫( أشهد أن الإله ) على الم ألف ‪ (،‬إال هللا ) على الم ألف‬
‫والم اجلالله‪ ( ،‬وأشهدأن ) على النون ‪ ( ،‬حممدا رسول هللا )‬
‫على ميم حممدا وعلى الراء وعلى الم اجلالله‪.‬‬
‫(فصل ) تشديدات أقل الصالة على النيب أربع‪ ( :‬اللهم )‬
‫على الالم وامليم ‪ ( ،‬صل ) على الالم ‪ ( ،‬على حممد ) على‬
‫امليم ‪.‬‬
‫وأقل السالم‪ ( :‬السالم عليكم ) تشديد السالم على‬
‫السني‪.‬‬
‫‪76‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫(فصل) أوقات الصالة مخسة‪:‬‬


‫‪ .1‬أول وقت الظهر‪ :‬زوال الشمس‪ ،‬وآخره‪ :‬مصري ظل‬
‫الشيء مثله غري ظل االستواء‪.‬‬
‫‪ .2‬وأول وقت العصر‪ :‬إذا صار ظل كل شيء مثله وزاد‬
‫قليال‪ ،‬وآخره‪ :‬عند غروب الشمس‪.‬‬
‫‪ .3‬وأول وقت املغرب‪ :‬غروب الشمس‪ ،‬وآخره‪ :‬غروب‬
‫الشفق األمحر‪.‬‬
‫‪ .4‬وأول وقت العشاء‪ :‬غروب الشفق األمحر‪ ،‬وآخره‪:‬‬
‫طلوع الفجر الصادق‪.‬‬
‫‪ .5‬وأول وقت الصبح‪ :‬طلوع الفجر الصادق‪ ،‬وآخره‪:‬‬
‫طلوع الشمس (‪.)149‬‬

‫(‪ )149‬روى أبو داود (رقم ‪ )393‬الرتمذي (رقم ‪ 149‬واللفظ له) وغريمها‬
‫عن ابن عباس رضي هللا عنهما أن النيب ﷺ قال‪ ":‬أمين جربيل عند البيت‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪77‬‬

‫مرتني‪ ،‬فصلى الظهر يف األوىل منهما حني كان الفيء مثل الشراك‪ ،‬مث صلى‬
‫العصر حني كان كل شيء مثل ظله‪ ،‬مث صلى املغرب حني وجبت الشمس‬
‫وأفطر الصائم‪ ،‬مث صلى العشاء حني غاب الشفق‪ ،‬مث صلى الفجر حني برق‬
‫الفجر‪ ،‬وحرم الطعام على الصائم‪ ،‬وصلى املرة الثانية الظهر حني كان ظل‬
‫كل شيء مثله لوقت العصر ابألمس‪ ،‬مث صلى العصر حني كان ظل كل‬
‫شيء مثليه‪ ،‬مث صلى املغرب لوقته األول‪ ،‬مث صلى العشاء اآلخرة حني ذهب‬
‫ثلث الليل‪ ،‬مث صلى الصبح حني أسفرت األرض‪ ،‬مث التفت إيل جربيل‪،‬‬
‫فقال‪ :‬اي حممد‪ ،‬هذا وقت األنبياء من قبلك‪ ،‬والوقت فيما بني هذين الوقتني‬
‫"‪.‬‬
‫وهذا احلديث من أمجع األحاديث ألوقات الصلوات وإن كان يف غريه من‬
‫صحاح األخبار زايدات على ما تضمنه هذا احلديث كما سنذكره قريبا إن‬
‫شاء هللا‪ ،‬وهذا بيان ما فيه من األوقات مع بعض الزايدات‪:‬‬
‫األول‪ :‬وقت الظهر‪ :‬وأوله وقته زوال الشمس وهو املراد بقوله " حني كان‬
‫الفيء مثل الشراك " وآخره إذا صار ظل الشيء مثله وهو املذكور بقوله "‬
‫وصلى املرة الثانية الظهر حني كان ظل كل شيء مثله "‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬وقت العصر‪ :‬وأوله إذا صار ظل كل شيء مثله لقوله " مث صلى‬
‫العصر حني كان كل شيء مثل ظله " وآخره يف االختيار إذا صار ظل كل‬
‫شيء مثليه لقوله " مث صلى العصر حني كان ظل كل شيء مثليه "‪.‬‬
‫‪78‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫وهذا هو معىن ما رواه مسلم (رقم ‪ )612‬من حديث عبد هللا بن عمرو رضي‬
‫هللا عنهما مرفوعا‪ ":‬وقت الظهر ما مل حيضر العصر‪ ،‬ووقت العصر ما مل‬
‫تصفر الشمس‪ ،‬ووقت املغرب ما مل يسقط ثور الشفق‪ ،‬ووقت العشاء إىل‬
‫نصف الليل‪ ،‬ووقت الفجر ما مل تطلع الشمس "‪.‬‬
‫فقوله " ووقت العصر ما مل تصفر الشمس " أي وقت االختيار والفضيلة‬
‫وهللا أعلم‪.‬‬
‫وأما وقت االضطرار فحىت غروب الشمس ويدل على ذلك ما رواه البخاري‬
‫(رقم ‪ )579‬ومسلم (رقم ‪ )608‬عن أيب هريرة أن رسول هللا ﷺ قال‪ ":‬من‬
‫أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح‪ ،‬ومن أدرك‬
‫ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس‪ ،‬فقد أدرك العصر "‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬وقت املغرب‪ :‬وأوله من غروب الشمس كما يف حديث ابن عباس‬
‫" مث صلى املغرب حني وجبت الشمس وأفطر الصائم "‪ ،‬وآخره غروب‬
‫الشفق األمحر ملا يف حديث عبد هللا بن عمرو عند مسلم (رقم ‪ )612‬وقد‬
‫تقدم قريبا وفيه " ووقت املغرب ما مل يسقط ثور الشفق " ويف رواية منه ملسلم‬
‫‪ ":‬ووقت صالة املغرب إذا غابت الشمس‪ ،‬ما مل يسقط الشفق "‪.‬‬
‫والرابع‪ :‬وقت العشاء‪ :‬وأوله إذا غاب الشفق األمحر ملا يف حديث ابن‬
‫عباس املذكور " مث صلى العشاء حني غاب الشفق " وآخره يف االختيار‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪79‬‬

‫والفضيلة إىل ثلث الليل ملا يف حديث ابن عباس املذكور " مث صلى العشاء‬
‫اآلخرة حني ذهب ثلث الليل "‪.‬‬
‫ويؤيد ذلك ما رواه الرتمذي (رقم ‪ )23‬وغريه عن زيد بن خالد اجلهين‪ ،‬قال‪:‬‬
‫مسعت رسول هللا ﷺ‪ ،‬يقول‪ ":‬لوال أن أشق على أميت ألمرهتم ابلسواك عند‬
‫كل صالة‪ ،‬وألخرت صالة العشاء إىل ثلث الليل " وهو صحيح‪.‬‬
‫وكذلك ما رواه البخاري (رقم ‪ )541‬ومسلم (رقم ‪ 647‬واللفظ له) من‬
‫حديث أيب برزة األسلمي أنه كان يقول‪ ":‬كان رسول هللا ﷺ يؤخر العشاء‬
‫إىل ثلث الليل‪ ،‬ويكره النوم قبلها‪ ،‬واحلديث بعدها "‪.‬‬
‫وآخره يف االضطرار إىل طلوع الفجر الصادق لعموم حديث أيب قتادة‬
‫مرفوعا‪ ":‬أما إنه ليس يف النوم تفريط‪ ،‬إمنا التفريط على من مل يصل الصالة‬
‫حىت جييء وقت الصالة األخرى " رواه مسلم (رقم ‪ )681‬وغريه‪.‬‬
‫قال أبو عبد الباري‪ :‬أكثر األحاديث إىل نصف الليل وهللا أعلم‪.‬‬
‫اخلامس‪ :‬وقت الصبح‪ :‬وأوله حني طلوع الفجر الصادق‪ ،‬ملا يف حديث ابن‬
‫عباس املذكور " مث صلى الفجر حني برق الفجر‪ ،‬وحرم الطعام على الصائم‬
‫" وآخره يف االختيار والفضيلة إىل اإلسفار ملا يف حديث ابن عباس املذكور "‬
‫مث صلى الصبح حني أسفرت األرض "‪ ،‬وأما وقت االضطرار فيمتد إىل‬
‫طلوع قرن الشمس األول حلديث أيب هريرة عند البخاري (رقم ‪ )579‬ومسلم‬
‫‪80‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫األشفاق ثالثة‪ :‬أمحر وأصفر وأبيض‪ ،‬األمحر‪ :‬مغرب‪،‬‬


‫ويندب أتخري صاله العشاء‬ ‫(‪)150‬‬
‫واألصفر واألبيض‪ :‬عشاء‬
‫إىل أن يغيب الشفق األصفر واألبيض (‪.)151‬‬

‫(رقم ‪ )608‬أن رسول هللا ﷺ قال‪ ":‬من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع‬
‫الشمس فقد أدرك الصبح "‪.‬‬
‫(‪ )150‬تفسري الشفق ابحلمرة وأن ذلك هو الفاصل بني املغرب والعشاء‬
‫هو املشهور عند أهل العلم‪ ،‬وقد جاء ذلك موقوفا على ابن عمر بسند‬
‫صحيح رواه الدارقطين والبيهقي بلفظ ‪ ":‬الشفق احلمرة "‪ .‬وانظر خترجيا‬
‫مستفيضا يف السلسلة الضعيفة لأللباين (رقم ‪.)3759‬‬
‫(‪ )151‬وذلك للخروج من اخلالف‪ ،‬والقاعدة أن " اخلروج من اخلالف‬
‫مستحب " ألن بعض العلماء ذهبوا إىل أن وقت العشاء من مغيب الشفق‬
‫األبيض حني يسوُّد األفق‪.‬‬
‫ففي املوسوعة الفقهية الكويتية (‪ :)175/7‬ذهب أبو حنيفة إىل أن الشفق‬
‫هو البياض الذي يظهر يف جو السماء بعد ذهاب احلمرة اليت تعقب غروب‬
‫الشمس‪ ،‬وذهب الصاحبان إىل أن الشفق هو احلمرة‪ ،‬وهو مذهب مجهور‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪81‬‬

‫(فصل) حترم الصالة اليت ليس هلا سبب متقدم وال مقارن‬
‫يف مخسة أوقات (‪ :)152‬عند طلوع الشمس حىت ترتفع قدر‬

‫الفقهاء‪ ،‬والفرق بني الشفقني يقدر بثالث درجات‪ ،‬وهي تعدل اثنيت عشرة‬
‫دقيقة اهـ‪.‬‬
‫وفيها أيضا‪ ":‬استدل أبو حنيفة على أن الشفق هو البياض‪ ،‬مبا روي عن أيب‬
‫هريرة يف حديث‪ :‬إن آخر وقت املغرب حني يسود األفق‪ ،‬وإمنا يسود إذا‬
‫خفيت الشمس يف الظالم‪ ،‬وهو وقت مغيب الشفق األبيض اهـ‪.‬‬
‫مث ذكروا يف اهلامش ما يلي‪ :‬حديث‪ " :‬إن آخر وقت املغرب حني يسوُّد‬
‫األفق‪ " . . .‬أورده الزيلعي يف نصب الراية بلفظ‪ " :‬آخر وقت املغرب إذا‬
‫اسود األفق " واستغربه‪ ،‬وقال ابن حجر يف الدراية‪ :‬مل أجده لكن يف حديث‬
‫أيب مسعود عند أيب داود‪ :‬ويصلي املغرب حني تسقط الشمس ويصلي‬
‫العشاء حني يسوُّد األفق (نصب الراية ‪ ،234 / 1‬والدراية ‪ ،103 / 1‬وعون‬
‫املعبود ‪ 152 / 1‬ط اهلند) اهـ‪.‬‬
‫قال أبو عبد الباري‪ :‬هذا احلديث رواه أبو داود (رقم ‪ )394‬وحسنه األلباين‬
‫يف صحيح أيب داود (رقم ‪.)418‬‬
‫(‪ )152‬روى مالك يف املوطأ (رقم ‪ )48‬ومن طريقه الشافعي يف األم‬
‫(‪ )172/1‬ومسلم يف صحيحه (رقم ‪ ) 285 /825‬من طريق األعرج عن أيب‬
‫‪82‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫هريرة أن رسول هللا ﷺ هنى عن الصالة بعد العصر حىت تغرب الشمس‪،‬‬
‫وعن الصالة بعد الصبح حىت تطلع الشمس"‪.‬‬
‫ورواه البخاري (رقم ‪ )588 ، 584‬من طريق حفص بن عاصم عن أيب هريرة‬
‫به‪.‬‬
‫وروى مالك يف املوطأ (رقم ‪ )47‬ومن طريقه الشافعي (‪ )172/1‬والبخاري‬
‫(رقم ‪ )585‬ومسلم (رقم ‪ ) 289/828‬عن انفع عن ابن عمر أن النيب ‪ -‬ﷺ‬
‫‪ -‬قال‪ ":‬ال يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس‪ ،‬وال عند غروهبا "‪.‬‬
‫وروى مسلم (رقم ‪ )293/831‬وأبو داود (رقم ‪ )3192‬والرتمذي (رقم‬
‫‪ )1030‬وغريهم من حديث عقبة بن عامر اجلهين أنه كان يقول‪ ":‬ثالث‬
‫ساعات كان رسول هللا ﷺ ينهاان أن نصلي فيهن‪ ،‬أو أن نقرب فيهن مواتان‪:‬‬
‫حني تطلع الشمس ابزغة حىت ترتفع‪ ،‬وحني يقوم قائم الظهرية حىت متيل‬
‫الشمس‪ ،‬وحني تضيف الشمس للغروب حىت تغرب"‪.‬‬
‫قال أبو عبد الباري‪:‬‬
‫وهذه األحاديث تضمنت النهي عن مخسة أوقات هي‪:‬‬
‫األول‪ :‬النهي عن الصالة بعد الصبح‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬النهي عن الصالة بعد العصر‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬النهي عن الصالة عند غروب الشمس‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪83‬‬

‫الرابع‪ :‬النهي عن الصالة عند طلوع الشمس‪.‬‬


‫واخلامس‪ :‬النهي عن الصالةعند االستواء‪ ،‬وهو عند ما يقوم قائم الظهرية‪.‬‬
‫لكن يستثىن من ذلك الصالة مبكة املكرمة حلديث جبري بن مطعم عن النيب‬
‫ﷺ أنه قال‪ ":‬اي بين عبد مناف‪ ،‬ال متنعوا أحدا طاف هبذا البيت‪ ،‬وصلى أية‬
‫ساعة شاء من ليل أو هنار " رواه أبو داود (رقم ‪ )1894‬والرتمذي (رقم‬
‫‪ )868‬وقال الرتمذي‪ :‬حديث جبري حديث حسن صحيح‪ ،‬وصححه‬
‫األلباين يف اإلرواء (ررقم ‪.)481‬‬
‫وله شاهد من حديث أيب ذر وابن عباس كما قال الرتمذي عقبه‪ :‬ويف الباب‬
‫عن ابن عباس‪ ،‬وأيب ذر‪ ،‬وقد أطال يف خترجيهما األلباين يف السلسلة‬
‫الصحيحية ( رقم ‪ )3412‬وصحح حديث أيب ذر بلفظ ‪ ":‬ال صالة بعد‬
‫العصر حىت تغرب الشمس‪ ،‬وال بعد الفجر حىت تطلع الشمس إال مبكة‪ ،‬إال‬
‫مبكة‪[ ،‬إال مبكة] "‬
‫‪84‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫رمح‪ ،‬وعند االستواء يف غري يوم اجلمعة حىت تزول (‪،)153‬‬


‫وعند اإلصفرار حىت تغرب‪ ،‬وبعد صالة الصبح حىت تطلع‬
‫الشمس‪ ،‬وبعد صالة العصر حىت تغرب‪.‬‬

‫(‪ )153‬وذلك الستحباب الصالة ملن جاء إىل اجلمعة حىت خيرج اإلمام‪ ،‬ويف‬
‫حديث سلمان الفارسي عند البخاري يف صحيحه (رقم ‪ )883‬عن النيب ﷺ‬
‫أنه قال‪ ":‬ال يغتسل رجل يوم اجلمعة‪ ،‬ويتطهر ما استطاع من طهر‪ ،‬ويدهن‬
‫من دهنه‪ ،‬أو ميس من طيب بيته‪ ،‬مث خيرج فال يفرق بني اثنني‪ ،‬مث يصلي ما‬
‫ك تب له‪ ،‬مث ينصت إذا تكلم اإلمام‪ ،‬إال غفر له ما بينه وبني اجلمعة األخرى‬
‫"‪.‬‬
‫وفيه احلث على الصالة واملواظبة عليها‪ ،‬ومل مينعه عنها إال يف وقت خروج‬
‫اإلمام‪.‬‬
‫وألن الناس يكونون يف املسجد ويتشاغلون ابلصالة وال يشعرون بوقت الزوال‬
‫إال أن خيرج الرجل ويتخطى رقاب الناس‪ ،‬حىت ينظر إىل الشمس وقد جاء‬
‫النهي عن ختطي رقاب الناس‪.‬‬
‫قال الشافعي يف األم (‪ :)175/1‬ألن من شأن الناس التهجري للجمعة‬
‫والصالة إىل خروج اإلمام" اهـ‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪85‬‬

‫ويؤيد هذا ما رواه أبو داود يف سننه (رقم ‪ 1083‬ابب الصالة يوم اجلمعة‬
‫قبل الزوال) من حديث أيب قتادة رضي هللا عنه عن النيب ﷺ‪ :‬أنه كره‬
‫الصالة نصف النهار؛ إال يوم اجلمعة‪ .‬وقال‪ ":‬إن جهنم تسجر؛ إال يوم‬
‫اجلمعة "‪.‬‬
‫قال أبو داود‪ " :‬هو مرسل؛ جماهد أكرب من أيب اخلليل‪ ،‬وأبو اخلليل مل يسمع‬
‫من أيب قتادة "‪.‬‬
‫وقال األلباين يف ضعيف أيب داود (رقم ‪ : )200‬هو مع إرساله ضعيف؛‬
‫ليث‪ -‬هو ابن أيب سليم‪ -‬وكان اختلط مث ذكر أن اإلسناد فيه علتان فقال‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬االنقطاع بني أيب اخلليل وأيب قتادة‪ -‬كما ذكر املؤلف‪ ،‬وأقره املنذري‬
‫يف "خمتصره " (‪.)15/2‬‬
‫واألخرى‪ :‬ليث‪ -‬وهو ابن أيب سليم‪ -،‬وهو ضعيف لسوء حفظه واختالطه "‬
‫اهـ‪.‬‬
‫قال ابن القيم يف زاد املعاد (‪ ":)367/1‬واملرسل إذا اتصل به عمل‪ ،‬وعضده‬
‫قياس‪ ،‬أو قول صحايب‪ ،‬أو كان مرسله معروفا ابختيار الشيوخ ورغبته عن‬
‫الرواية عن الضعفاء واملرتوكني وحنو ذلك مما يقتضي قوته عمل به " اهـ‪.‬‬
‫وروى الشافعي يف األم (‪ )226/1‬عن إبراهيم بن حممد قال‪ :‬حدثين إسحاق‬
‫ابن عبد هللا عن سعيد املقربي عن حديث أيب هريرة أن رسول هللا ﷺ هنى‬
‫عن الصالة نصف النهار حىت تزول الشمس؛ إال يوم اجلمعة "‪.‬‬
‫‪86‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫وهذا سند اتلف من أجل إبراهيم بن حممد وهو ابن أيب حيىي األسلمي‪ ،‬كذبه‬
‫غري واحد من أهل العلم‪ ،‬ويف تقريب التهذيب‪ ":‬مرتوك من السابعة مات‬
‫سنة أربع ومثانني وقيل إحدى وتسعني " اهـ‪.‬‬
‫لكن قال البيهقي يف معرفة السنن واآلاثر (‪ 437/3‬رقم ‪ :)5226‬ورواه أبو‬
‫خالد األمحر عن شيخ من أهل املدينة يقال له‪ :‬عبد هللا عن سعيد عن أيب‬
‫هريرة‪ ،‬عن النيب ﷺ‪.‬‬
‫ورواه أيضا يف املعرفة ( رقم ‪ ) 5228‬من طريق حممد بن شعيب قال‪ :‬أخربان‬
‫عبد الرمحن بن سليمان عن ابن أيب اجلون العنسي عن عطاء بن عجالن‬
‫البصري أنه حدثه عن أيب نضرة العبدي أنه حدثه عن أيب سعيد اخلدري وأيب‬
‫هريرة‪ .‬الدوسي‪ ،‬صاحيب رسول هللا ﷺ قاال‪ ":‬كان رسول هللا ﷺ‪ ،‬ينهى عن‬
‫الصالة نصف النهار‪ ،‬إال يوم اجلمعة "‪.‬‬
‫مث قال البيهقي بعد ذكر بعض الرواايت‪ ":‬ورواية أيب هريرة‪ ،‬وأيب سعيد يف‬
‫إسنادمها من ال حيتج به‪ ،‬ولكنها إذا انضمت إىل رواية أيب قتادة أخذت‬
‫بعض القوة " اهـ كالمه‪.‬‬
‫واستدل الشافعي على ذلك ببعض اآلاثر فقال يف األم (‪ :)227/1‬أخربان‬
‫مالك عن ابن شهاب عن ثعلبة بن أيب مالك أنه أخربه أهنم كانوا يف زمان‬
‫عمر بن اخلطاب ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬يوم اجلمعة يصلون حىت خيرج عمر بن‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪87‬‬

‫(فصل) سكتات الصالة ست‪ :‬بني تكبرية اإلحرام ودعاء‬


‫االفتتاح‪ ،‬وبني دعاء االفتتاح والتعوذ‪ ،‬وبني الفاحتة والتعوذ‪،‬‬

‫اخلطاب فإذا خرج عمر وجلس على املنرب وأذن املؤذن جلسوا يتحدثون حىت‬
‫إذا سكت املؤذن وقام عمر سكتوا ومل يتكلم أحد‪.‬‬
‫( قال الشافعي) ‪ :‬وحدثين ابن أيب فديك عن ابن أيب ذئب عن ابن شهاب‬
‫قال حدثين ثعلبة بن أيب مالك أن قعود اإلمام يقطع السبحة وأن كالمه‬
‫يقطع الكالم وأهنم كانوا يتحدثون يوم اجلمعة وعمر جالس على املنرب فإذا‬
‫سكت املؤذن قام عمر فلم يتكلم أحد حىت يقضي اخلطبتني كلتيهما فإذا‬
‫قامت الصالة ونزل عمر تكلموا "‪.‬‬
‫قال أبو عبد الباري‪ :‬وهذا إسناد صحيح من الوجهني‪ ،‬ورجاله ثقات‪.‬‬
‫مث قال الشافعي‪ ":‬فإذا راح الناس للجمعة صلوا حىت يصري اإلمام على املنرب‬
‫فإذا صار على املنرب كف منهم من كان صلى ركعتني فأكثر تكلما حىت‬
‫أيخذ يف اخلطبة فإذا أخذ فيها أنصت استدالال مبا حكيت وال ينهى عن‬
‫الصالة نصف النهار من حضر يوم اجلمعة "اهـ‪.‬‬
‫‪88‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫وبني آخر الفاحتة وآمني‪ ،‬وبني آمني والسورة‪ ،‬وبني السورة‬


‫والركوع (‪.)154‬‬

‫(‪ )154‬روى أبو داود (رقم ‪ )777‬من طريق يونس عن احلسن البصري قال‪:‬‬
‫قال مسرة‪ :‬حفظت سكتتني يف الصالة‪ ،‬سكتة إذا كرب اإلمام حىت يقرأ‪،‬‬
‫وسكتة إذا فرغ من فاحتة الكتاب وسورة عند الركوع "‪ ،‬قال‪ :‬فأنكر ذلك‬
‫عليه عمران بن حصني‪ ،‬قال‪ :‬فكتبوا يف ذلك إىل املدينة إىل أيب فصدق‬
‫مسرة‪ ،‬قال أبو داود‪ :‬كذا قال محيد‪ ،‬يف هذا احلديث «وسكتة إذا فرغ من‬
‫القراءة»‬
‫مث رواه ( رقم ‪ )778‬من طريق أشعث‪ ،‬عن احلسن‪ ،‬عن مسرة بن جندب‪ ،‬عن‬
‫النيب ﷺ أنه " كان يسكت سكتتني‪ :‬إذا استفتح وإذا فرغ من القراءة كلها‬
‫"‪.‬‬
‫مث رواه (رقم ‪ ) 779‬من طريق قتادة‪ ،‬عن احلسن أن مسرة بن جندب وعمران‬
‫بن حصني‪ ،‬تذاكرا فحدث مسرة بن جندب‪ ،‬أنه حفظ عن رسول هللا ﷺ "‬
‫سكتتني‪ :‬سكتة إذا كرب‪ ،‬وسكتة إذا فرغ من قراءة {غري املغضوب عليهم وال‬
‫الضالني} "‪ ،‬فحفظ ذلك مسرة وأنكر عليه عمران بن حصني فكتبا يف ذلك‬
‫إىل أيب بن كعب فكان يف كتابه إليهما أو يف رده عليهما‪ :‬أن مسرة قد حفظ‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪89‬‬

‫ورواه (رقم ‪ )780‬من طريق عن قتادة‪ ،‬عن احلسن‪ ،‬عن مسرة‪ ،‬قال‪ :‬سكتتان‬
‫حفظتهما عن رسول هللا ﷺ‪ ،‬قال فيه‪ :‬قال سعيد‪ :‬قلنا لقتادة‪ :‬ما هااتن‬
‫السكتتان؟ قال‪ " :‬إذا دخل يف صالته‪ ،‬وإذا فرغ من القراءة‪ ،‬مث قال‪ :‬بعد‪،‬‬
‫وإذا قال‪{ :‬غري املغضوب عليهم وال الضالني}"‪.‬‬
‫واحلديث حسنه الرتمذي فقال‪ :‬هذا حديث حسن‪ ،‬وضعفه الدارقطين‬
‫وآخرون‪ ،‬واطال األلباين يف خترجيه يف "رواء الغليل" (رقم ‪ )505‬وضعفه‬
‫فراجع فيه خترجيه‪.‬‬
‫قال أبو عبد الباري‪ :‬هذه السكتات املذكورة فقد أخذ نصفها من رواايت‬
‫هذا احلديث‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬وهي بني التكبري ودعاء االفتتاح فلرواية (‪ " )779‬سكتة إذا كرب "‪.‬‬
‫الرابعة‪ :‬وهي بني الفاحتة والتأمني‪ ،‬فلرواية (‪ ")779‬وسكتة إذا فرغ من قراءة‬
‫{غري املغضوب عليهم وال الضالني} "‪.‬‬
‫السادسة‪ :‬وهي بني السورة والركوع‪ ،‬فلرواية (‪ " )778‬وإذا فرغ من القراءة‬
‫كلها "‪.‬‬
‫واحلديث صححه غري واحد من أهل العلم كما تقدم‪ ،‬وعلى فرض ضعفه‬
‫فهذا من ابب الفضائل اليت جيوز العمل ابحلديث الضعيف فيها ما مل يشتد‬
‫ضعفه وهو هنا كذلك‪.‬‬
‫‪90‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫(فصل) األركان اليت تلزم فيها الطمأنينة أربعة‪ :‬الركوع‪،‬‬


‫واالعتدال‪ ،‬والسجود‪ ،‬واجللوس بني السجدتني (‪.)155‬‬
‫والطمأنينة هي‪ :‬سكون بعد حركة حبيث يستقر كل عضو‬
‫حمله بقدر سبحان هللا‪.‬‬
‫(فصل) أسباب سجود السهو أربعة‪:‬‬
‫األول‪ :‬ترك بعض من أبعاض الصالة‪ ،‬أو بعض البعض‬
‫(‪.)156‬‬

‫والثالثة الباقية وهي‪:‬‬


‫الثانية‪ :‬وهي بني االفتتاح والتعوذ‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬وهي بني التعوذ والفاحتة‪.‬‬
‫اخلامسة‪ :‬وهي بني آمني والسورة‪.‬‬
‫على طريق القياس على الثالثة املذكورة جبامع الفصل بينها وبني ما بعدها‬
‫وهللا اعلم‬
‫(‪ )155‬تقدم الكالم على دليل ذلك يف أركان الصالة حيث ذكرها املؤلف‬
‫فانظر هناك‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪91‬‬

‫الثاين‪ :‬فعل مايبطل عمده واليبطل سهوه إذا فعله انسيا‬


‫(‪.)157‬‬

‫(‪ )156‬ملا رواه البخاري ( رقم ‪ 829‬واللفظ له) ومسلم (رقم ‪ )87/570‬من‬
‫حديث عبد هللا بن مالك ابن حبينة األزدي أن النيب ﷺ صلى هبم الظهر‪،‬‬
‫فقام يف الركعتني األوليني مل جيلس‪ ،‬فقام الناس معه حىت إذا قضى الصالة‬
‫وانتظر الناس تسليمه كرب وهو جالس‪ ،‬فسجد سجدتني قبل أن يسلم‪ ،‬مث‬
‫سلم "‪.‬‬
‫ويف رواية هلما‪ ":‬فكرب يف كل سجدة وهو جالس قبل أن يسلم‪ ،‬وسجدمها‬
‫الناس معه مكان ما نسي من اجللوس "‬
‫قال أبو عبد الباري‪ :‬وهذا احلديث يف ترك التشهد األول وجلوسه‪ ،‬وهو يف‬
‫املذهب من أبعاض الصالة‪ ،‬وقيس عليه سائر األبعاض ألهنا مبنزلة واحدة يف‬
‫التأكيد وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )157‬ملا رواه البخاري (رقم ‪ 1226‬واللفظ له) ومسلم ( رقم ‪ )572‬وأبو‬
‫داود (رقم ‪ )1019‬عن عبد هللا رضي هللا عنه‪ :‬أن رسول هللا ﷺ صلى‬
‫الظهر مخسا‪ ،‬فقيل له‪ :‬أزيد يف الصالة؟ فقال‪ :‬وما ذاك؟ قال‪ :‬صليت‬
‫مخسا‪ ،‬فسجد سجدتني بعد ما سلم "‪.‬‬
‫‪92‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫الثالث‪ :‬نقل ركن قويل إىل غري حمله (‪.)158‬‬


‫الرابع‪ :‬إيقاع ركن فعلي مع احتمال الزايدة (‪.)159‬‬

‫(‪ )158‬قياس على زايدة ركن فعلي نسياان جبامع أن كال منهما زايدة ركن ال‬
‫تبطل الصالة‪ ،‬فيستحب السجود له كما يستحب لآلخر‪.‬‬
‫(‪ )159‬ملا رواه البخاري (رقم ‪ 1231‬واللفظ له) ومسلم (رقم ‪ )83/389‬من‬
‫حديث أيب هريرة رضي هللا عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪ ":‬إذا نودي‬
‫ابلصالة أدبر الشيطان‪ ،‬وله ضراط حىت ال يسمع األذان‪ ،‬فإذا قضي األذان‬
‫أقبل‪ ،‬فإذا ثوب هبا أدبر‪ ،‬فإذا قضي التثويب‪ ،‬أقبل حىت خيطر بني املرء‬
‫ونفسه‪ ،‬يقول‪ :‬اذكر كذا وكذا‪ ،‬ما مل يكن يذكر‪ ،‬حىت يظل الرجل إن يدري‬
‫كم صلى‪ ،‬فإذا مل يدر أحدكم كم صلى ثالاث أو أربعا‪ ،‬فليسجد سجدتني‬
‫وهو جالس"‪.‬‬
‫وملا رواه مسلم يف صحيحه أيضا (رقم ‪ )88/571‬من حديث أيب سعيد‬
‫اخلدري رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪ ":‬إذا شك أحدكم يف صالته‪،‬‬
‫فلم يدر كم صلى ثالاث أم أربعا‪ ،‬فليطرح الشك ولينب على ما استيقن‪ ،‬مث‬
‫يسجد سجدتني قبل أن يسلم‪ ،‬فإن كان صلى مخسا شفعن له صالته‪ ،‬وإن‬
‫كان صلى إمتاما ألربع كانتا ترغيما للشيطان"‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪93‬‬

‫(فصل) أبعاض الصالة سبعة‪ :‬التشهد األول وقعوده‬


‫والصاله على النيب صلى هللا عليه وسلم فيه‪ ،‬والصاله على‬
‫اآلل يف التشهد األخري‪ ،‬والقنوت وقيامه‪ ،‬والصالة على النيب‬
‫صلى هللا عليه وسلم وآله فيه‪.‬‬
‫( فصل ) تبطل الصالة أبربع عشرة خصلة‪:‬‬
‫‪ .1‬ابحلدث (‪.)160‬‬
‫‪ .2‬وبوقوع النجاسة إن مل تلق حاال من غري محل (‪.)161‬‬

‫(‪ )160‬ملا رواه البخاري (رقم ‪ )135‬ومسلم (رقم ‪ )225‬من حديث أيب‬
‫هريرة رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪ ":‬ال تقبل صالة من أحدث‬
‫حىت يتوضأ "‪.‬‬
‫ويؤيده حديث علي بن طلق قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪ ":‬إذا فسا أحدكم يف‬
‫الصالة؛ فلينصرف فليتوضأ‪ ،‬وليعد الصالة " رواه ابو داود (رقم ‪)205‬‬
‫والرتمذي (رقم ‪ )1164‬وسنده ضعيف‪ ،‬ألن فيه مسلم بن سالم الراوي عن‬
‫علي بن طلق‪ ،‬ومسلم هذا جمهول‪ ،‬وبه ضعفه غري واحد من أهل العلم كما‬
‫فصله األلباين يف ضعيف أيب داود (رقم ‪.)27‬‬
‫‪94‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .3‬وانكشاف العورة إن مل تسرت حاال (‪.)162‬‬


‫‪ .4‬والنطق حبرفني‪ ،‬أو حرف مفهم عمدا (‪.)163‬‬

‫(‪ )161‬ألن الطهارة شرط من شروط صحة الصالة‪ ،‬ومعىن الشرط عدم‬
‫املشروط عند عدمه‪ ،‬فإذا فقدت هذه الشروط بطلت الصالة‪.‬‬
‫(‪ )162‬ألن سرت العورة من شروط صحة الصالة وقد تقدم الدليل على‬
‫ذلك يف شروط الصالة‪ ،‬فتبطل الصالة بعدمه كسائر الشروط‪.‬‬
‫(‪ )163‬لقوله تعاىل {وقوموا هلل قانتني} مع حديث زيد بن أرقم‪ :‬كنا نتكلم‬
‫يف الصالة يكلم الرجل صاحبه وهو إىل جنبه يف الصالة حىت نزلت {وقوموا‬
‫هلل قانتني} فأمران ابلسكوت‪ ،‬وهنينا عن الكالم "رواه البخاري (رقم ‪)1200‬‬
‫ومسلم (رقم ‪.)539‬‬
‫وروى مسلم يف صحيحه (رقم ‪ )537‬من حديث معاوية بن احلكم السلمي‬
‫عن النيب ﷺ‪ ":‬إن هذه الصالة ال يصلح فيها شيء من كالم الناس‪ ،‬إمنا هو‬
‫التسبيح والتكبري وقراءة القرآن "‪.‬‬
‫وفيه من الفوائد أن اجلاهل ابلتحرمي ال تبطل صالته ابلكالم كما مل تبطل‬
‫صالة معاوية بن احلكم ألنه كان جاهال ابلتحرمي وهللا أعلم‪.‬‬
‫وروى أبو داود (رقم ‪ )924‬والبخاري معلقا جمزوما به (‪ )152/9‬من حديث‬
‫عبد هللا‪ ،‬قال‪ :‬كنا نسلم يف الصالة وأنمر حباجتنا‪ ،‬فقدمت على رسول هللا‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪95‬‬

‫‪ .5‬وابملفطر عمدا (‪.)164‬‬


‫‪ .6‬وابألكل الكثري انسيا (‪.)165‬‬

‫ﷺ وهو يصلي‪ ،‬فسلمت عليه فلم يرد علي السالم‪ ،‬فأخذين ما قدم وما‬
‫حدث‪ ،‬فلما قضى رسول هللا ﷺ الصالة قال‪ ":‬إن هللا حيدث من أمره ما‬
‫يشاء‪ ،‬وإن هللا جل وعز قد أحدث من أمره أن ال تكلموا يف الصالة "‪ ،‬فرد‬
‫علي السالم "‪ .‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود (رقم ‪.)857‬‬
‫وأما الناسي فلحديث ابن عباس رضي هللا عنهما مرفوعا‪ ":‬إن هللا وضع عن‬
‫أميت اخلطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " رواه ابن ماجه (رقم ‪)2045‬‬
‫وصححه األلباين بطرقه يف إرواء الغليل (رقم ‪.)82‬‬
‫(‪ )164‬ألن هذا يبطل الصوم فالصالة أوىل‪ ،‬وذلك أن الصوم ال يبطل‬
‫ابألفعال خبالف الصالة فكانت أوىل بذلك منه‪ ،‬ذكره يف " غاية املىن" (ص‬
‫‪.)378‬‬
‫(‪ )165‬قال يف " غاية املىن " (ص ‪ :)378‬وأراد املصنف أن الصالة تبطل‬
‫ابألكل الكثري ولو من الناسي أو اجلاهل املعذور‪ ،‬وفارقت الصالة الصوم هنا‬
‫حيث إهنا تبطل به وال يبطل به الصوم‪ ،‬أن الصالة ذات أفعال منظومة‪،‬‬
‫والكثري من ذلك يقطع نظم الصالة‪ ،‬خبالف الصوم فإنه كف "اهـ‪.‬‬
‫‪96‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .7‬وثالث حركات متواليات ولو سهوا (‪.)166‬‬


‫‪ .8‬والوثبة الفاحشة‪.‬‬
‫‪ .9‬والضربة املفرطة‪.‬‬
‫‪ .10‬وزايدة ركن فعلي عمدا (‪.)167‬‬

‫(‪ )166‬ألن الثالث عمل كثري إذا كانت متوالية‪ ،‬والكثري يقطع نظم الصالة‪،‬‬
‫وال تدعو إليه احلاجة‪ ،‬وقد جاء اعتبار الثالث يف الكثرة من وجوه منها‪:‬‬
‫أالول‪ :‬أن الثالث أقل اجلمع‪ ،‬واألصل يف اجلمع الكثرة‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أن كثريا من موارد الشرع اعتربت الثالث مقياسا للكثرة منها حديث‬
‫سعد بن أيب وقاص يف الوصية‪ ،‬وفيه‪ ":‬الثلث‪ ،‬والثلث كثري" رواه البخاري‬
‫(رقم ‪ )2742‬ومسلم (رقم ‪.)1628‬‬
‫ومنها حديث أيب سعيد اخلدري وأيب موسى األشعري مرفوعا‪ ":‬إذا استأذن‬
‫أحدكم ثالاث فلم يؤذن له فلريجع" رواه البخاري (رقم ‪ )6245‬ومسلم (رقم‬
‫‪ )2153‬وغري ذلك‪ ،‬فكانت أصوب األقوال يف معرفة الكثرة‪.‬‬
‫(‪ )167‬وذلك ملنافاهتا هي واللتان قبلها للصالة وخشوعها‪ ،‬وألن ذلك‬
‫يقطع نظم الصالة وال تدعو إليه احلاجة‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪97‬‬

‫‪ .11‬والتقدم على إمامه بركنني فعليني‪ ،‬والتخلف هبما‬


‫بغري عذر (‪.)168‬‬
‫‪ .12‬ونية قطع الصالة‪.‬‬
‫‪ .13‬وتعليق قطعها بشيء‪.‬‬
‫‪ .14‬والرتدد يف قطعها (‪.)169‬‬

‫وأما األحاديث الوراة على احلركة حديث محل أمامة‪ ،‬وقتل الوزغ وحنوه‬
‫والنزول من املنرب على القهقرى فهي يف املذهب حممولة على العمل اليسري أو‬
‫غري املتوايل‪.‬‬
‫(‪ )168‬وذلك لفحش املخالفة يف هذا والذي قبله فهو متالعب‪ ،‬ألن‬
‫املأموم مأمور ابملتابعة حلديث أيب موسى يف الصحيح‪ ":‬إمنا جعل اإلمام ليؤمت‬
‫به "‪.‬‬
‫وحمل ذلك إذا مل يكن عذر‪ ،‬فإن كان له عذر كبطء قراءة املأموم مع سرعة‬
‫قراءة اإلمام فاملذهب أنه يتمها خلفه ما مل يسبق أبكثر من ثالثة اركان‬
‫مقصودة أي طويلة‪ ،‬ويغتفر له ذلك لعدم تقصريه‪ ،‬فإن سبق اتبعه فيما هو‬
‫فيه ويتدارك بعد سالم اإلمام‪.‬‬
‫‪98‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫( فصل ) الذي يلزم فيه نية اإلمامة أربع‪:‬‬


‫‪ .1‬اجلمعة‪.‬‬
‫‪ .2‬واملعادة‪.‬‬
‫‪ .3‬واملنذورة مجاعة‪.‬‬
‫‪ .4‬واملتقدمة يف املطر (‪.)170‬‬

‫(‪ )169‬الدليل على الثالثة األخرية حديث عمر رضي هللا عنه يف الصحيح‬
‫مرفوعا‪ ":‬إمنا األعمال ابلنيات‪ ،‬وإمنا لكل امرئ ما نوى " والنية البد هلا من‬
‫جزم‪ ،‬فإن نوى قطع الصالة فهو على نيته‪ ،‬وإن تردد أو علقها بشيء آخر مل‬
‫تكن نية جمزوما هبا فتبطل لفقد شرط من شروط صحتها‪.‬‬
‫(‪ )170‬ألن اجلماعة شرط يف هذه الصلوات األربعة‪ ،‬فتلزم نية اإلمامة على‬
‫اإلمام لتصح صالته‪:‬‬
‫أما اجلمعة فألن اجلماعة شرط يف صحتها‪ ،‬وال تصح من املنفرد‪.‬‬
‫وأما املعادة فلحديث ابن عمر رضي هللا عنهما مرفوعا‪ ":‬ال تصلوا صالة يف‬
‫يوم مرتني" رواه أمحد وأبو داود والنسائي وهو خمرج يف صحيح أيب داود‬
‫لأللباين (رقم ‪.) 592‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪99‬‬

‫( فصل ) شروط القدوة أحد عشر‪:‬‬


‫‪ .1‬أن ال يعلم بطالن صالة إمامه حبدث أو غريه(‪.)171‬‬
‫‪ .2‬وأن ال يعتقد وجوب قضائها عليه (‪.)172‬‬

‫وإمنا جازت اإلعادة ألجل اجلماعة فإذا مل ينوها كانت صالة منفرد فيقع يف‬
‫النهي املذكور‪ ،‬فلزمت نية اإلمامة وهللا أعلم‪.‬‬
‫وأما املنذورة مجاعة فألنه نذر طاعة فوجب اإلتيان به كما وجب‪.‬‬
‫وأما املتقدمة يف املطر فإمنا جاز تقدميها عن وقتها ملصلحة اجلماعة فإذا مل‬
‫ينو ذلك كان قدم صالة منفرد يف املطر وذلك ال يصح وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )171‬ألنه ليس يف صالة‪ ،‬فكيف يقتدي به وهو متالعب بصالته‪.‬‬
‫(‪ )172‬ألن صالته ال جتزئ عن الفريضة فكانت كالفاسدة‪.‬‬
‫مثال ذلك صالة املقيم خلف املقيم املتيمم لفقد املاء‪ ،‬فهذا تصح صالته‬
‫حلرمة الوقت‪ ،‬وال جتزئ عن الفريضة يف املذهب‪ ،‬وذلك لندرة هذا العذر‪،‬‬
‫والنادر ال عربة به‪.‬‬
‫وحنوه فاقد الطهورين إذا دخل الوقت صلى حلرمة الوقت يف املذهب وجتب‬
‫عليه اإلعادة‪ ،‬فهي يف احلقيقة كالفاسدة‪.‬‬
‫وانظر‪ :‬غاية املىن (ص ‪.)403-402‬‬
‫‪100‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .3‬وأن ال يكون مأموما (‪.)173‬‬


‫‪ .4‬وال أميا (‪.)174‬‬

‫(‪ )173‬وذلك ألن املأموم جتب عليه متابعة غريه وهو اإلمام‪ ،‬وال يستقل‬
‫أبعماله فال يصلح لإلمامة ويلحقه سهو غريه‪ ،‬وشأن اإلمام االستقالل‪،‬‬
‫وحتمل سهو غريه‪ ،‬ومها صوراتن ال جتتمعان‪.‬‬
‫وأما حديث عائشة يف الصحيحني يف صالته ﷺ ابلناس يف مرض موته‪":‬‬
‫يقتدي أبو بكر بصالة رسول هللا ﷺ‪ ،‬والناس مقتدون بصالة أيب بكر "‬
‫فاملراد به أنه مبلغ عن النيب ﷺ وليس أبنه هو اإلمام‪ ،‬ويدل عليه رواية‬
‫هلما‪ ":‬يسمع أبو بكر الناس التكبري" فدل ذلك على أنه كان مبلغا للحاجة‪.‬‬
‫(‪ )174‬ألنه ال يصلح لتحمل القراءة عنه إذا أدركه راكعا‪ ،‬وقد تقدم أن من‬
‫شأن اإلمام أن يتحمل عن غريه‪.‬‬
‫وملا رواه مسلم (رقم ‪ 290/673‬واللفظ له) وأبو داود (رقم ‪ )582‬والرتمذي‬
‫(رقم ‪ )235‬وغريهم عن أيب مسعود األنصاري قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪ ":‬يؤم‬
‫القوم أقرؤهم لكتاب هللا ‪ "...‬احلديث‪.‬‬
‫فدل هذا احلديث على أن اإلمامة للقارئ وليست لغريه حق إمامة على‬
‫الناس‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪101‬‬

‫‪ .5‬وأن اليتقدم على إمامه يف املوقف (‪.)175‬‬


‫‪ .6‬وأن يعلم انتقاالت إمامه (‪.)176‬‬
‫‪ .7‬وأن جيتمعا يف مسجد‪ ،‬أو يف ثلثمائة ذراع تقريبا‬
‫(‪.)177‬‬

‫(‪ )175‬لظاهر قول النيب ﷺ ‪ ":‬إمنا جعل اإلمام ليؤمت به فال ختتلفوا عليه "‬
‫رواه الشيخان من حديث أنس بن مالك‪.‬‬
‫واإلئتمام هو االتباع‪ ،‬واملتقدم ليس بتابع‪ ،‬وألنه مل ينقل عن املقتدين ابلنيب‬
‫ﷺ واخللفاء الراشدين التقدم عليهم‪ ،‬ومبىن العبادات التوقيف وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )176‬ألن ذلك ميكنه من املتابعة املأمور هبا يف احلديث الصحيح املتقدم‬
‫‪ ":‬إمنا جعل اإلمام ليؤمت به ‪ ...‬احلديث "‪.‬‬
‫ويعلم انتقاالت إمامه أبن يراه أو بعض الصف‪ ،‬وقد يعلم بسماع صوته أو‬
‫صوت املبلغ عنه وحنو ذلك‪.‬‬
‫(‪ )177‬أما املسجد فألنه كله مبين للصالة‪ ،‬فاجملتمعون فيه جمتمعون إلقامة‬
‫اجلماعة‪.‬‬
‫‪102‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .8‬وأن ينوي القدوة أو اجلماعة (‪.)178‬‬


‫‪ .9‬وأن يتوافق نظم صالتيهما (‪.)179‬‬
‫‪ .10‬وأن ال خيالفه يف سنة فاحشة املخالفة (‪.)180‬‬

‫وأما املسافة املذكورة فهي مأخوذة من صالة النيب ﷺ يف اخلوف‪ ،‬وذلك أنه‬
‫احناز ابجلما عة إىل حيث ال تبلغه سهام العدو‪ ،‬وسهام العرب إمنا تبلغ إىل‬
‫هذه الغاية غالبا ذكره يف النجم الوهاج (‪.)377/2‬‬
‫(‪ )178‬ألن متابعة اإلمام عمل فافتقر إىل النية‪ ،‬وليس له العمل بغري نية وال‬
‫له غري ما نوى‪.‬‬
‫(‪ )179‬لوجوب املتابعة‪ ،‬وذلك ال ميكن إذا اختلف نظم الصالتني‪ ،‬ومثال‬
‫ذل ك‪ :‬صالة اجلنازة مع غريها من الصلوات‪ ،‬فإنه ليس يف اجلنازة ركوع وال‬
‫سجود فتتعذر املتابعة مع اإلمامة‪.‬‬
‫مثال آ خر‪ :‬صالة الكسوف واخلسوف مع غريها من الصلوات‪ ،‬ألن فيها‬
‫زايدة ركوع وقيام فتتعذر املتابعة مع احملافظة على نظم الصالة فامتنع االقتداء‬
‫هنا وهللا أعلم‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪103‬‬

‫‪ .11‬وأن يتابعه (‪.)181‬‬


‫( فصل ) صور القدوة تسع‪:‬‬
‫تصح يف مخس‪:‬‬
‫‪ .1‬قدوة رجل برجل‪.‬‬
‫‪ .2‬وقدوة امرأة برجل‪.‬‬
‫‪ .3‬وقدوة خنثى برجل (‪.)182‬‬

‫(‪ )180‬ألن خمالفته يف ذلك تنفي املتابعة املأمور هبا يف الصالة‪ ،‬واملخالفة‬
‫مثل سجود السهو والتالوة والتشهد األول ألن هذه املخالفة ظاهرة تنايف‬
‫املتابعة‪.‬‬
‫(‪ )181‬ألن املتابعة هي أساس القدوة‪ ،‬وقد تقدم غري مرة األمر هبا يف‬
‫األحاديث الصحيحة‪ ،‬وعدم املتابعة ينايف القدوة‪.‬‬
‫(‪ )182‬صحت القدوة يف هذه الصور الثالثة‪ ،‬ألن إمامة الرجل هي األصل‪،‬‬
‫ويدل على ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬أن النيب ﷺ كان يؤم املسلمني ومن بعده اخللفاء الراشدون وهذا معلوم‬
‫متواتر‪.‬‬
‫‪104‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .4‬وقدوة امرأة خبنثى‪.‬‬


‫‪ .5‬وقدوة امرأة ابمرأة (‪.)183‬‬
‫وتبطل يف أربع‪:‬‬
‫‪ .1‬قدوة رجل ابمرأة‪.‬‬
‫‪ .2‬وقدوة رجل خبنثى‪.‬‬
‫‪ .3‬وقدوة خنثى ابمرأة‪.‬‬

‫‪ -‬أن موقف املرأة يف الصفوف املتأخرة حلديث أنس رضي هللا عنه أنه قال‪:‬‬
‫صففت أان واليتيم وراءه‪ ،‬واملرأة خلفنا فصلى بنا ركعتني" رواه الشيخان‪،‬‬
‫فدل على أتخر موقفها وشواهده كثرية‪.‬‬
‫‪ -‬وألن الرجل أكمل من املرأة واخلنثى ومساو للرجل‪.‬‬
‫(‪ )183‬حلديث أم ورقة بنت نوفل رضي هللا عنها أن رسول هللا ﷺ كان‬
‫يزورها يف بيتها‪ ،‬وجعل هلا مؤذان يؤذن هلا‪ ،‬وأمرها أن تؤم أهل دارها" رواه أبو‬
‫داود والبيهقي وحسنه األلباين يف صحيح أيب داود (رقم ‪.)600‬‬
‫وذكر األلباين يف متام املنة (ص ‪ )155-153‬آاثرا عن عائشة وأم سلمة رضي‬
‫هللا عنهما أهنما صلتا ابلنساء يف مجاعة وصحح بعض هذه اآلاثر‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪105‬‬

‫‪ .4‬وقدوة خنثى خبنثى (‪.)184‬‬

‫(‪ )184‬وإمنا مل تصح يف هذه الصور ملا يلي‪:‬‬


‫أوال‪ :‬ألن ف يها إمامة انقص لكامل‪ ،‬ألن الرجل أكمل من املرأة‪ ،‬واخلنثى‬
‫أنقص من الرجل الحتمال األنوثة فيه‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬وألن مقام املرأة يف صالة اجلماعة يف الصفوف األخرية كما تقدم‪،‬‬
‫وإمامتها تنقض ذلك‪.‬‬
‫اثلثا ‪ :‬وألن اإلمامة نوع من الوالية‪ ،‬ويف حديث أيب بكرة رضي هللا عنه يف‬
‫صحيح البخاري (رقم ‪ )7099‬مرفوعا‪ ":‬لن يفلح قوم ولوا امرهم امرأة "‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬حكى الرملي يف هناية احملتاج (‪ )173/2‬اإلمجاع على بطالن اقتداء‬
‫الرجل ابملرأة وهللا أعلم‪.‬‬
‫وأما إعطاء اقتداء اخلنثى مبثله‪ ،‬واقتدائه ابملرأة هذا احلكم‪ ،‬فألن اخلنثى حيتمل‬
‫الذكورة واألنوثة‪ ،‬فإذا اقتدى مبثله احتمل يف املأموم منهما أن يكون ذكرا يف‬
‫حقيقته‪ ،‬ويف اإلمام منهما أن يكون يف احلقيقة أنثى‪ ،‬كما حيتمل يف حال‬
‫اقتدائه ابملرأة أن يكون اخلنثى ذكرا يف احلقيقة‪ ،‬فتكون القدوة يف هاتني‬
‫احلالتني من ابب اقتداء الرجل ابملرأة وهللا أعلم‪.‬‬
‫‪106‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫(فصل) شروط مجع التقدمي أربعة‪:‬‬


‫‪ .1‬البداءة ابألوىل (‪.)185‬‬
‫‪ .2‬ونية اجلمع (‪.)186‬‬
‫‪ .3‬واملواالة بينهما (‪.)187‬‬

‫(‪ )185‬ويدل على ذلك أمران‪:‬‬


‫األول‪ :‬أن الوقت لألوىل‪ ،‬والثانة تبع هلا‪ ،‬والتابع ال يتقدم على متبوعه كما‬
‫تقدم يف اإلمام واملأموم‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أن هذا هو املعهود من فعل النيب ﷺ يف اجلمع بني الصالتني‪ ،‬وقد‬
‫قال ﷺ‪ ":‬صلوا كما رأيتموين أصلي " متفق عليه من حديث مالك بن‬
‫احلويرث رضي هللا عنه‪.‬‬
‫(‪ )186‬ملا يف حديث عمر رضي هللا عنه مرفوعا‪ ":‬إمنا األعمالب ابلنيات‪،‬‬
‫وإمنا لكل امرئ ما نوى " واجلمع الذي هو ضم صالة إىل صالة عمل فافتقر‬
‫للنية كسائر األعمال التعبدية‪.‬‬
‫(‪ )187‬وذلك اتباعا للنيب ﷺ ألنه مل يكن يفرق بينهما يف مجع التقدمي‪ ،‬ويف‬
‫حديث جابر بن عبد هللا رضي هللا عنهما عند مسلم يف صحيحه أن النيب‬
‫ﷺ مجع بني الصالتني ابملزدلفة ومل يسبح بينهما‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪107‬‬

‫‪ .4‬ودوام العذر (‪.)188‬‬


‫(فصل) شروط مجع التأخري اثنان‪:‬‬
‫‪ .1‬نية التأخري وقد بقي من وقت األوىل مايسعها (‪.)189‬‬
‫‪ .2‬ودوام العذر إىل متام الثانية (‪.)190‬‬
‫(فصل) شروط القصر سبعة‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يكون سفره مرحلتني (‪.)191‬‬

‫(‪ )188‬ألن احلكم يدور مع علته وجودا وعدما‪ ،‬فإذا زالت العلة زال احلكم‬
‫تبعا للعلة يف األصل‪.‬‬
‫(‪ )189‬وذلك ليتميز عن التأخري احملرم‪ ،‬وألن التأخري عن أول الوقت إمنا‬
‫جاز بشرط العزم على االفعل‪ ،‬فلزومه يف التأخري عن كل الوقت أوىل وهللا‬
‫أعلم‪.‬‬
‫(‪ )190‬أي أن زوال العذر قبل اكتماهلما جيعل األوىل قضاء لتبعيتها يف‬
‫األداء والعذر‪ ،‬لكن كما يف غاية املىن (ص ‪ )430‬ال أيمث سواء صالها قبل‬
‫الثانية أو بعدها‪.‬‬
‫(‪ )191‬وذلك أن السفر له مسافة بداللة أثر ابن عمر وابن عباس‬
‫‪108‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .2‬وأن يكون مباحا (‪.)192‬‬


‫‪ .3‬والعلم جبواز القصر (‪.)193‬‬
‫‪ .4‬ونيه القصر عند اإلحرام (‪.)194‬‬
‫‪ .5‬وأن تكون الصالة رابعية (‪.)195‬‬

‫قال البخارى‪ ":‬وكان ابن عباس وابن عمر يقصران ويفطران ىف أربعة برد وهى‬
‫ستة عشر فرسخاً " ووصله البيهقي وغريه وسنده صحيح كما قال النووي‬
‫يف اجملموع (‪ )328/4‬قالوا‪ :‬وال يعرف هلما خمالف‪.‬‬
‫واملرحلتان تساوي عند اجلمهور على ‪ 89‬كم‪ ،‬وعند احلنفية ‪ 81‬كم‪.‬‬
‫(‪ )192‬ألن القاعدة الفقهية تقول‪ :‬الرخص ال تناط ابملعاصي‪ ،‬وعليه‬
‫يشرتط أن يكون السفر مباحا‪.‬‬
‫(‪ )193‬ألن قصر من هو جاهل جبواز القصر عبث‪ ،‬ويف اعتقاده غري مصل‪.‬‬
‫(‪ )194‬ألن األصل اإلمتام فاحتاج لصارف عنه‪ ،‬وألنه ملا كان خالف‬
‫األصل لزمه القصد والنية‪ ،‬وألن يف حديث‪ ":‬إمنا األعمال ابلنيات ‪ ،‬وإمنا‬
‫لكل امرئ ما نوى " احلديث‪.‬‬
‫(‪ )195‬وذلك للنص واإلمجاع‪:‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪109‬‬

‫‪ .6‬ودوام السفر إىل متامها (‪.)196‬‬


‫‪ .7‬وأن اليقتدي مبتم يف جزء من صالتة (‪.)197‬‬

‫‪ -‬أما النص فلحديث عائشة رضي هللا عنها عند أمحد ( رقم ‪)57967‬‬
‫والطحاوي يف معاين اآلاثر وغريمها مرفوعا‪ ":‬عائشة‪ ،‬قالت‪ :‬قد "‬
‫فرضت الصالة ركعتني ركعتني مبكة‪ ،‬فلما قدم رسول هللا ﷺ املدينة زاد‬
‫مع كل ركعتني ركعتني إال املغرب‪ ،‬فإهنا وتر النهار ‪ " ...‬احلديث وهو‬
‫خمرج يف السلسلة الصحيحة لأللباين (رقم ‪.)2814‬‬
‫‪ -‬وروى مسلم يف صحيحه (رقم ‪ )1288‬عن ابن عمر رضي هللا عنهما‬
‫قال‪ :‬مجع رسول هللا ﷺ بني املغرب والعشاء جبمع‪ ،‬صلى املغرب ثالاث‬
‫والعشاء ركعتني إبقامة واحدة "‪.‬‬
‫‪ -‬وأما اإلمجاع فحكاه ابن املنذر يف األوسط (‪ )331/4‬فقال‪ :‬وأمجعوا على‬
‫أن ال تقصر يف صالة املغرب اهـ‪.‬‬
‫(‪ )196‬وذلك لزوال سبب الرخصة وعلتها‪ ،‬واحلكم يدر مع علته وجودا‬
‫وعدما‪ ،‬فيجب عليه اإلمتام رجوعا لألصل‪.‬‬
‫(‪ )197‬وذلك حلديث موسى بن سلمة قال‪ " :‬كنا مع ابن عباس مبكة‬
‫فقلت‪ :‬إان إذا كنا معكم صلينا أربعا‪ ،‬وإذا رجعنا إىل رحالنا صلينا ركعتني؟‬
‫قال‪ :‬تلك سنة أىب القاسم ﷺ "‪.‬‬
‫‪110‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫(فصل) شروط صحة اجلمعة ستة‪:‬‬


‫‪ .1‬أن تكون كلها يف وقت الظهر (‪.)198‬‬
‫‪ .2‬وأن تقام يف ُّخطة البلد (‪.)199‬‬
‫‪ .3‬وأن تصلي مجاعة (‪.)200‬‬

‫رواه أمحد وغريه‪ ،‬وهو خمرج يف إرواء الغليل لأللباين (رقم ‪.)571‬‬
‫والقاعدة يف ذلك‪ :‬إذا اجتمع جانب السفر وجانب احلضر غلب جانب‬
‫احلضر"‪.‬‬
‫(‪ )198‬حلديث أنس عند البخاري (رقم ‪ )904‬أن النيب ﷺ كان يصلي‬
‫اجلمعة حني متيل الشمس‪.‬‬
‫وحلديث جابر عند مسلم (رقم ‪ )858‬قال‪ :‬كنا نصلي مع رسول هللا ﷺ‬
‫اجلمعة مث نرجع فنريح نواضحنا‪ ،‬قال حسن – أحد رواة احلديث – فقلت‬
‫جلعفر‪ :‬يف أي ساعة تلك؟ قال‪ :‬زوال الشمس "‪.‬‬
‫(‪ )199‬ألن اجلمعة مل تقم يف عهد النيب ﷺ إال يف مواضع اإلقامة‪ ،‬وقد قال‬
‫النيب ﷺ يف حديث مالك بن احلويرث‪ ":‬صلوا كما رأيتموين أصلي " كما‬
‫تقدم‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪111‬‬

‫‪ .4‬وأن يكونوا أربعني أحراراً ذكوراً ابلغني مستوطنني‬


‫(‪.)201‬‬

‫(‪ )200‬حلديث طارق بن شهاب عند أيب داود (رقم ‪ )1067‬وغريه مرفوعا‪:‬‬
‫" اجلمعة حق واجب على كل مسلم يف مجاعة إال أربعة‪ :‬عبد مملوك‪ ،‬أو‬
‫امرأة‪ ،‬أو صيب‪ ،‬أو مريض " وصححه األلباين يف صحيح أيب داود (رقم‬
‫‪.)978‬‬
‫وذكر النووي يف اجملموع (‪ )504/4‬أن األمة أمجعت على اشرتاط العدد يف‬
‫اجلمعة‪.‬‬
‫(‪ )201‬أما اشرتاط احلرية والذكورة فقد تقدم يف الشرط الثالث حديث‬
‫طارق بن شهاب وفيه استثناء اململوك واملرأة‪.‬‬
‫واما اشرتاط اإلقامة واالستيطان فلما تقدم يف الشرط الثاين‪.‬‬
‫وأما اشرتاط األربعني فلحديث كعب بن مالك رضي هللا عنه عند أيب داود‬
‫(رقم ‪ )1069‬وغريه أنه كان إذا مسع النداء ترحم ألسعد بن زرارة‪ ،‬فقلت له‪:‬‬
‫إذا مسعت النداء ترمحت ألسعد بن زرارة‪ ،‬قال‪ ":‬ألنه أول من مجع بنا يف هزم‬
‫النبيت من حرة بين بياضة يف نقيع‪ ،‬يقال له‪ :‬نقيع اخلضمات "‪ ،‬قلت‪ :‬كم‬
‫أنتم يومئذ‪ ،‬قال‪ :‬أربعون‪.‬‬
‫وحسنه األلباين يف اإلرواء (رقم ‪ )600‬وصحيح أيب داود (رقم ‪.)980‬‬
‫‪112‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .5‬وأن ال تسبقها وال تقارهنا مجعة يف ذلك البلد (‪.)202‬‬


‫‪ .6‬وأن يتقدمها خطبتان (‪.)203‬‬

‫ووجه االستدالل به أن يقال‪ :‬أمجعت األمة على اشرتاط العدد‪ ،‬واألصل‬


‫الظهر‪ ،‬فال تصح اجلمعة إال بعدد ثبت فيه التوقيف‪ ،‬وقد ثبت جوازها‬
‫أبربعني فال جيوز أبقل منه إال بدليل صريح ‪ .‬انظر معىن ذلك يف اجملموع‬
‫للنووي (‪.)504/4‬‬
‫(‪ )202‬ألن اجلمعة مل تـقم يف عهد النيب ﷺ واخللفاء الراشدين ابملدينة إال‬
‫واحدة‪.‬‬
‫وروى البخاري يف صحيحه (رقم ‪ )892‬عن ابن عباس‪ :‬أنه قال‪ :‬إن أول‬
‫مجعة مجعت بعد مجعة يف مسجد رسول هللا ﷺ‪ ،‬يف مسجد عبد القيس‬
‫جبواثى من البحرين "‪.‬‬
‫و " جواثى " على وزن ( فـعاىل ) قرية أو حصن لعبد القيس يف أرض‬
‫البحرين‪.‬‬
‫(‪ )203‬حلديث ابن عمر رضي هللا عنهما عند البخاري (رقم ‪ )928‬ومسلم‬
‫(رقم ‪ )861‬مرفوعا‪ ":‬كان النيب ﷺ خيطب خطبتني يقعد بينهما "‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪113‬‬

‫(فصل)‪ :‬أركان اخلطبتني مخسة‪:‬‬


‫‪ .1‬محد هللا فيهما (‪.)204‬‬
‫‪ .2‬والصالة على النيب صلى هللا علية وسلم فيهما (‪.)205‬‬
‫‪ .3‬والوصية ابلتقوى فيهما (‪.)206‬‬
‫‪ .4‬وقراءة آية من القرآن يف إحدامها (‪.)207‬‬

‫(‪ )204‬ملا رواه مسلم يف صحيحه (رقم ‪ )867‬من حديث جابر رضي هللا‬
‫عنه قال‪ ":‬كان رسول هللا ﷺ خيطب الناس‪ ،‬حيمد هللا ويثين عليه مبا هو‬
‫أهله‪ ،‬مث يقول‪ ":‬من يهده هللا فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬وخري‬
‫احلديث كتاب هللا "‪.‬‬
‫(‪ )205‬حلديث أيب هريرة عند أمحد (رقم ‪ )10277‬والرتمذي (رقم ‪3380‬‬
‫وحسنه) واحلاكم (‪ 496/1‬وصححه) والبيهقي (‪ )209/3‬مرفوعا‪ ":‬ما جلس‬
‫قوم جملسا مل يذكروا هللا تعاىل فيه ومل يصلوا على نبيهم إال كان عليهم ترة‪،‬‬
‫فإن شاء عذهبم وإن شاء غفر هلم " وهو خمرج يف الصحيحة لأللباين (رقم‬
‫‪..)74‬‬
‫(‪ )206‬ألهنا املقصود األعظم من اخلطبة‪.‬‬
‫‪114‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .5‬والدعاء للمؤمنني واملؤمنات يف األخرية (‪.)208‬‬


‫(فصل) شروط اخلطبتني عشرة‪:‬‬
‫‪ .1‬الطهارة عن احلدثني األصغر واألكرب ‪.‬‬
‫‪ .2‬والطهارة عن النجاسة يف الثوب والبدن واملكان‪.‬‬
‫‪ .3‬وسرت العورة (‪.)209‬‬

‫(‪ )207‬ملا جاء يف حديث يعلى بن أمية عند البخاري (رقم ‪ )4819‬ومسلم‬
‫(رقم ‪ )871‬قال‪ :‬مسعت النيب ﷺ يقرأ على املنرب {واندوا اي مالك ليقض‬
‫علينا ربك }‪.‬‬
‫وروى مسلم ( رقم ‪ )872‬من حديث عمرة بنت عبد الرمحن عن أخت هلا‬
‫قالت‪ ":‬أخذت { ق والقرآن اجمليد } من يف رسول هللا ﷺ يوم اجلمعة‪،‬‬
‫وهو يقرأ هبا على املنرب يف كل مجعة "‪.‬‬
‫(‪ )208‬وذلك لنقل اخللف عن السلف‪ ،‬وإمنا كانت يف الثانية ألن اخلواتيم‬
‫أليق ابلدعاء وهللا أعلم‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪115‬‬

‫‪ .4‬والقيام على القادر‪.‬‬


‫‪ .5‬واجللوس بينهما فوق طمأنينة الصالة (‪.)210‬‬
‫‪ .6‬واملواالة بينهما‪.‬‬
‫‪ .7‬واملواالة بينهما وبني الصالة (‪.)211‬‬

‫(‪ )209‬ألن هذه الثالثة من شروط صحة الصالة‪ ،‬واخلطبة كاجلزء من‬
‫الصالة فوجب فيها مراعاة ذلك‪ ،‬وألن املواالة بينها وبني الصالة شرط كما‬
‫سيأيت وال يتأتى ذلك إال ابلطهارة من احلدث واخلبث أي النجاسة‪.‬‬
‫وألن االنيب صلى هللا عليه وسلك كان يصلي كذلك‪ ،‬وقد قال يف حديث‬
‫مالك بن احلويرث‪ ":‬صلوا كما رأيتموين أصلي " وقد تقدم مرارا‪.‬‬
‫(‪ )210‬ويدل على الرابع وااخلامس حديث ابن عمر رضي هللا عنهما عند‬
‫مسلم (رقم ‪ )861‬قال‪ :‬كان رسول هللا ﷺ خيطب يوم اجلمعة قائما‪ ،‬مث‬
‫جيلس‪ ،‬مث يقوم كما تفعلون اليوم "‪.‬‬
‫واستدل بعض العلماء بقوله تعاىل { وإذا رأوا جتارة أو هلوا انفضوا إليها‬
‫وتركوك قائما } ألن ذلك كان يف اخلطبة‪.‬‬
‫(‪ )211‬ويستدل على ذلك أمور‪:‬‬
‫‪116‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .8‬وأن تكون ابلعربية (‪.)212‬‬


‫‪ .9‬وأن يسمعها أربعون (‪.)213‬‬

‫أوهلا‪ :‬االتباع لألثر‪ ،‬ألهنا مل تقع يف عهده ﷺ وعهد اخللفاء إال هكذا‪ ،‬وهو‬
‫نقل اخللف عن السلف‪.‬‬
‫اثنيها‪ :‬القياس على اجلمع بني الصالتني‪ ،‬وقد تقدم اشرتاط املوالة بينهما‪،‬‬
‫وذلك ألن اخلطبة والصالة شبيهتان بصالة اجلمع‪.‬‬
‫اثلثها‪ :‬وألن يف املواالة أثرا على القلوب يف استمالتها حبيث تتواصل املوعظة‬
‫وال تنقطع مث يصلي والقلب مل يزل متأثرا ابخلطبة فيكون أقرب للخشوع‪.‬‬
‫(‪ )212‬التباع السلف واخللف‪ ،‬وألنه ذكر مفروض فكان كالتشهد وتكبرية‬
‫اإلحرام والتسليم‪.‬‬
‫وحمل ذلك إذا كان فيهم من حيسن العربية‪ ،‬وإال فمراعاة املقصود األعظم‬
‫للخطبة – وهي الوصية ابلتقوى واملوعظة – أوىل‪ ،‬وفارقت التشهد وحنوه ألنه‬
‫ليس هلا ألفاظ توقيفية كالتشهد وحنوه‪ ،‬وألن العجز يسقط الوجوب وهللا‬
‫أعلم‪.‬‬
‫(‪ )213‬تقدم يف الشرط الرابع من شروط صحة اجلمعة بيان الدليل على‬
‫اشرتاط ذلك يف الصالة‪ ،‬واخلطبة من الصالة‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪117‬‬

‫‪ .10‬وأن تكون كلها يف وقت الظهر (‪.)214‬‬


‫(فصل) الذي يلزم للميت أربع خصال‪:‬‬
‫‪ .1‬غسله (‪.)215‬‬

‫وأما حديث انفضاضهم فلو يبق منهم إال اثنا عشر فمحمول على أهنم عادوا‬
‫وحضروا أركان اخلطبة والصالة‪ ،‬ذكرمعىن ذلك النووي يف اجملموع (‪.)504/4‬‬
‫(‪ )214‬تقدم يف الشرط األول من شروط صحة اجلمعة حديث أنس بن‬
‫مالك رضي هللا عنه أن النيب ﷺ كان يصلي اجلمعة حني متيل الشمس "‬
‫واخلطبة من اجلمعة‪.‬‬
‫(‪ )215‬والدليل على ذلك أحاديث منها‪:‬‬
‫‪ -‬حديث ابن عباس رضي هللا عنهما عند البخاري (رقم ‪ )1267‬ومسلم‬
‫(رقم ‪ )1206‬يف الذي وقصته انقته وفيه‪ ":‬اغسلوه مباء وسدر‪ ،‬وكفنوه‬
‫يف ثوبيه‪ ،‬وال متسوه طيبا وال ختمروا رأسه‪ ،‬فإن هللا يبعثه يوم القيامة ملبيا‬
‫"‪.‬‬
‫‪ -‬وحديث أم عطية عند البخاري (رقم ‪ )1254‬ومسلم (رقم ‪)939‬‬
‫وفيه‪ ":‬اغسلنها ثالاث أو مخسا أو أكثر من ذلك مباء وسدر‪ ،‬واجعلن يف‬
‫اآلخرة كافورا "‪.‬‬
‫‪118‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .2‬وتكفينة (‪.)216‬‬
‫‪ .3‬والصالة عليه (‪.)217‬‬

‫واألمر يدل على الوجوب‪ ،‬وال قرينة تصرفه عن هذا املعىن فوجب غسل‬
‫امليت وهللا أعلم‪ ،‬وقد حكى النووي يف اجملموع (‪ )128/5‬اإلمجاع على‬
‫وجوب غسل امليت‪.‬‬
‫ويستثىن من ذلك‪ :‬الشهيد حلديث جابر رضي هللا عنه عند البخاري (رقم‬
‫‪ )1346‬وغريه قال‪ :‬قال النيب ﷺ‪ ":‬ادفنوهم يف دمائهم " ‪ -‬يعين يوم أحد‬
‫‪ -‬ومل يغسلهم "‪.‬‬
‫(‪ )216‬تقدم يف الذي قبله وهو غسل امليت أمر النيب ﷺ ابلتكفني وقوله‬
‫يف الذي وقصته انقته" وكفنوه يف ثوبيه "‪.‬‬
‫(‪ )217‬وقد جاءت بذلك األوامر اليت تفيد الوجوب‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -‬حديث سلمة بن األكوع عند البخاري (رقم ‪ )2289‬وفيه‪ ":‬صلوا على‬
‫صاحبكم "‪ .‬وكان ذلك قبل أن يتحمل دينه أبو قتادة رضي هللا عنه‪.‬‬
‫‪ -‬حديث أيب هريرة عند البخاري (رقم ‪ :)2298‬أن رسول هللا ﷺ كان‬
‫يؤتى ابلرجل املتوىف‪ ،‬عليه الدين‪ ،‬فيسأل‪ ":‬هل ترك لدينه فضال ؟"‪ ،‬فإن‬
‫حدث أنه ترك لدينه وفاء صلى‪ ،‬وإال قال للمسلمني‪ ":‬صلوا على‬
‫صاحبكم "‪ ،‬فلما فتح هللا عليه الفتوح‪ ،‬قال‪ ":‬أان أوىل ابملؤمنني من‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪119‬‬

‫‪ .4‬ودفنه (‪.)218‬‬

‫أنفسهم‪ ،‬فمن تويف من املؤمنني فرتك دينا‪ ،‬فعلي قضاؤه‪ ،‬ومن ترك ماال‬
‫فلورثته "‪.‬‬
‫ويستثىن من وجوب ذلك الشهيد والصيب‪:‬‬
‫أما الشهيد فلحديث جابر بن عبد هللا رضي هللا عنهما عند البخاري (رقم‬
‫‪ ،)1343‬قال‪ :‬كان النيب ﷺ جيمع بني الرجلني من قتلى أحد يف ثوب‬
‫واحد‪ ،‬مث يقول‪ ":‬أيهم أكثر أخذا للقرآن "‪ ،‬فإذا أشري له إىل أحدمها قدمه‬
‫يف اللحد‪ ،‬وقال‪ ":‬أان شهيد على هؤالء يوم القيامة "‪ ،‬وأمر بدفنهم يف‬
‫دمائهم‪ ،‬ومل يغسلوا‪ ،‬ومل يصل عليهم"‪.‬‬
‫وأما الصيب فألن النيب ﷺ مل يصل على ابنه إبراهيم وكان ابن مثانية عشر‬
‫شهرا رواه أبو داود (رقم ‪ )3187‬وأمحد (رقم ‪ ) 26305‬وغريمها من حديث‬
‫عائشة‪ ،‬وسنده حسن‪.‬‬
‫(‪ )218‬تقدم يف أدلة وجوب غسل امليت حديث األمر بدفن الشهيد بدمه‪،‬‬
‫وهذا األمر يدل على الوجوب‪.‬‬
‫ويف حديث أيب طلحة األنصاري رضي هللا عنه عند البخاري (رقم ‪)3976‬‬
‫ومسلم (رقم ‪ ) 2875‬أن النيب ﷺ أمر بدفن قتلى قريش يوم بدر ورميهم يف‬
‫القليب‪.‬‬
‫‪120‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫(فصل) أقل الغسل‪ :‬تعميم بدنه ابملاء (‪.)219‬‬


‫وأكمله‪ :‬أن يغسل سوأتيه (‪ ،)220‬وأن يزيل القذر من أنفه‬
‫(‪ ،)221‬وأن يوضئه (‪ ،)222‬وأن يدلك بدنه ابلسدر‪ ،‬وأن‬
‫يصب املاء عليه ثالاث (‪.)223‬‬

‫ويف حديث علي بن أيب طالب رضي هللا عنه عند أيب داود (رقم ‪)3214‬‬
‫والنسائي (رقم ‪ )2006‬وأمحد (رقم ‪ )1093‬وغريهم أن النيب ﷺ قال له ملا‬
‫تويف أبو طالب‪ ":‬اذهب فواره " وهو صحيح‪.‬‬
‫(‪ )219‬ألن ذلك هو الفرض يف غسل اجلنابة وحنوها للحي فامليت أوىل‬
‫بذلك‪.‬‬
‫(‪ )220‬قياسا على احلي يف االستنجاء بعد قضاء احلاجة‪.‬‬
‫(‪ )221‬وذلك الستحباب املضمضة واالستنشاق قبل الوضوء‪.‬‬
‫(‪ )222‬حلديث أم عطية يف غسل بنت النيب ﷺ عند البخاري (رقم ‪)167‬‬
‫ومسلم (رقم ‪ )939‬وفيه‪ ":‬ابدأن مبيامنها ومواضع الوضوء منها "‪.‬‬
‫(‪ )223‬تقدم يف مسألة وجوب غسل امليت من حديث أم عطية يف‬
‫الصحيحني‪ ،‬وحديث احملرم الذي وقصته انقته األمر ابستعمال السدر يف‬
‫الغسل‪ ،‬ويف حديث أم عطية استحباب التثليث فيه‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪121‬‬

‫(فصل) أقل الكفن‪ :‬ثوب يعمه (‪ ،)224‬وأكمله للرجل‪:‬‬


‫ثالث لفائف (‪ ،)225‬وللمرأة قميص ومخار وإزار ولفافتان‬
‫(‪.)226‬‬

‫(‪ )224‬ويدل على ذلك حديث خباب رضي هللا عنه يف قصة مصعب بن‬
‫عمري ملا قتل يوم أحد‪ ،‬قال‪ :‬فلم جند ما نكفنه به‪ ،‬فإذا غطينا هبا رأسه‬
‫خرجت رجاله‪ ،‬وإذا غطينا هبا رجليه خرج رأسه‪ ،‬فأمران النيب ﷺ أن نغطي‬
‫رأسه‪ ،‬وأن جنعل على رجليه من اإلدخر " رواه البخاري (رقم ‪ )1276‬ومسلم‬
‫(رقم ‪.)940‬‬
‫واحلديث يدل على وجوب سرت مجيع بدن امليت وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )225‬حلديث عائشة عند البخاري (رقم ‪ )1273‬ومسلم (رقم ‪)941‬‬
‫قالت‪ :‬كفن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يف ثالثة أثواب ميانية بيض ليس‬
‫فيها قميص وال عمامة "‪.‬‬
‫(‪ )226‬ملا رواه أبو داود (رقم ‪ )3157‬وأمحد (رقم ‪ )27135‬من حديث‬
‫ليلى بنت قانف الثقفية‪ ،‬قالت‪ ":‬كنت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول هللا‬
‫ﷺ عند وفاهتا‪ ،‬فكان أول ما أعطاان رسول هللا ﷺ احلقاء‪ ،‬مث الدرع‪ ،‬مث‬
‫اخلمار‪ ،‬مث امللحفة‪ ،‬مث أدرجت بعد يف الثوب اآلخر "‪ ،‬قالت‪ ":‬ورسول هللا‬
‫‪122‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫(فصل) أركان صالة اجلنازة سبعة‪:‬‬


‫األول‪ :‬النية (‪.)227‬‬
‫الثاين‪ :‬أربع تكبريات (‪.)228‬‬

‫ﷺ جالس عند الباب معه كفنها يناولناها ثواب ثواب"‪.‬وسنده ضعيف‪ ،‬فيه‬
‫نوح بن حكيم الثقفي وهو جمهول‪ ،‬وهو الذي مل يتحققه النووي كما يف‬
‫اجملموع ( ‪ ) 205/05‬حيث حسن سنده إال رجال مل يتحققه‪.‬‬
‫لكن ضع فه يسري فيستدل به يف فضائل األعمال عند مجهور الفقهاء وهللا‬
‫أعلم‪.‬‬
‫(‪ )227‬حلديث عمر رضي هللا عنه‪ ":‬إمنا األعمال ابلنيات ‪ " ...‬احلديث‪،‬‬
‫وقد تقدم مرارا‪.‬‬
‫(‪ )228‬حلديث أيب هريرة رضي هللا عنه عند البخاري (رقم ‪1318‬واللفظ له)‬
‫والرتمذي (رقم ‪ ) 1022‬وغريمها قال‪ :‬نعى النيب ﷺ إىل أصحابه النجاشي‪،‬‬
‫مث تقدم‪ ،‬فصفوا خلفه‪ ،‬فكرب أربعا "‪.‬‬
‫قال الرتمذي عقبه‪ ":‬والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب‬
‫النيب ﷺ وغريهم‪ :‬يرون التكبري على اجلنازة أربع تكبريات‪ ،‬وهو قول سفيان‬
‫الثوري‪ ،‬ومالك بن أنس‪ ،‬وابن املبارك‪ ،‬والشافعي‪ ،‬وأمحد‪ ،‬وإسحاق "اهـ‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪123‬‬

‫الثالث‪ :‬القيام على القادر (‪.)229‬‬


‫الرابع‪ :‬قراءة الفاحتة (‪.)230‬‬
‫اخلامس‪ :‬الصالة على النيب ﷺ بعد الثانية (‪.)231‬‬

‫(‪ )229‬حلديث عمران بن حصني عند البخاري (رقم ‪ )1117‬مرفوعا‪ ":‬صل‬


‫قائما‪ ،‬فإن مل تستطع فقاعدا‪ ،‬فإن مل تستطع فعلى جنب " ‪.‬‬
‫واجلنازة صالة فتدخل يف هذا العموم للقادر عليه‪ ،‬مع ما أييت من صالته ﷺ‬
‫قائما‪.‬‬
‫(‪ )230‬لعموم حديث عبادة بن الصامت عند البخاري (رقم ‪ )756‬ومسلم‬
‫(رقم ‪ )394‬مرفوعا‪ ":‬ال صالة ملن مل يقرا بفاحتة الكتاب " واجلنازة صالة‬
‫فتدخل يف هذا العموم‪.‬‬
‫وملا رواه البخاري يف صحيحه (رقم ‪ )1335‬عن طلحة بن عبد هللا بن‬
‫عوف‪ ،‬قال‪ :‬صليت خلف ابن عباس رضي هللا عنهما على جنازة فقرأ بفاحتة‬
‫الكتاب قال‪ ":‬ليعلموا أهنا سنة "‪.‬‬
‫(‪ )231‬حلديث أيب أمامة بن سهل أنه أخربه رجل من أصحاب النيب‬
‫ﷺ‪ ":‬أن السنة يف الصالة على اجلنازة أن يكرب االمام‪ ،‬مث يقرأ بفاحتة‬
‫الكتاب بعد التكبرية األوىل سرا يف نفسه‪ ،‬مث يصلي على النيب ﷺ‪ ،‬وخيلص‬
‫‪124‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫السادس‪ :‬الدعاء للميت بعد الثالثة (‪.)232‬‬


‫السابع‪ :‬السالم (‪.)233‬‬

‫الدعاء للجنازة يف التكبريات (الثالث)‪ ،‬ال يقرأ يف شئ منهم‪ ،‬مث يسلم سرا‬
‫يف نفسه (حني ينصرف (عن ميينه)‪ ،‬والسنة أن يفعل من وراءه مثلما فعل‬
‫إمامه) "‪.‬‬
‫رواه الشافعي يف األم (‪ )308/1‬واملسند (رقم ‪ )581‬ومن طريقه البيهقي يف‬
‫الكربى (‪ )65/4‬واحلاكم (‪ 512/1‬رقم ‪ )1331‬وصححه احلاكم على شرط‬
‫الشيخني ووافقه الذهيب واأللباين يف أحكام اجلنائز (ص ‪ 122‬فقرة ‪ 78‬ومنه‬
‫نقلت هذا اللفظ)‪.‬‬
‫(‪ )232‬حلديث أيب أمامة بن سهل السابق يف الركن الذي قبله‪.‬‬
‫وحلديث أيب هريرة عند أيب داود (رقم ‪ )3199‬وابن ماجه (رقم ‪)1497‬‬
‫وغريمها مرفوعا وفيه‪ ":‬إذا صليتم على امليت فأخلصوا له ابلدعاء " وهو‬
‫حديث حسن‪.‬‬
‫وألهنا املقصود األعظم من صالة اجلنازة على امليت‪.‬‬
‫(‪ )233‬حلديث عبد هللا بن مسعود رضي هللا عنه قال‪ ":‬ثالث خالل كان‬
‫رسول هللا ﷺ يفعلهن تركهن الناس‪ ،‬إحداهن التسليم على اجلنازة مثل‬
‫التسليم يف الصالة "‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪125‬‬

‫(فصل) أقل القرب‪ :‬حفرة تكتم رائحته وحترسه من السباع‬


‫(‪ .)234‬وأكمله قامة وبسطة (‪ ،)235‬وأن يوضع خده على‬
‫األرض (‪ )236‬وجيب توجيهه إىل القبلة (‪.)237‬‬

‫قال األلباين يف أحكام اجلنائز (ص‪ 127‬فقرة ‪ :) 83‬أخرجه البيقهي (‪/4‬‬


‫‪ )43‬إبسناد حسن‪ ،‬وقال النووي (‪ ":)239 /5‬إسناد جيد‪ ،‬ويف " جممع‬
‫الزوائد " (‪ " :)34 /3‬رواه الطرباين يف " الكبري " ورجاله ثقات "اهـ‪.‬‬
‫(‪ )234‬ألن حكمة الدفن هي عدم انتهاك حرمته ابنتشار رائحته واستقذار‬
‫جثته وأكل السبع له فيكون الواجب ما يويف هذا الغرض‪.‬‬
‫(‪ )235‬ويستدل على ذلك أمور‪:‬‬
‫أوهلا‪ :‬حديث هشام بن عامر عند أيب داود (رقم ‪ )3215‬والرتمذي (رقم‬
‫‪ )1713‬والنسائي (‪ 80/4‬رقم ) وابن ماجه (رقم ‪ )1560‬أن النيب ﷺ قال‬
‫هلم يوم أحد‪ ":‬احفروا وأعمقوا وأحسنوا وادفنوا االثنني والثالثة يف قرب واحد‪،‬‬
‫قالوا‪ :‬فمن نقدم اي رسول هللا ؟ قال‪ :‬قدموا أكثرهم قرآان " وصححه الرتمذي‬
‫ووافقه األلباين يف اإلرواء (رقم ‪.)743‬‬
‫اثنيها‪ :‬ما رواه أمحد (رقم ‪ )23465‬والبيهقي (‪ )580/3‬عن رجل من‬
‫األنصار أن النيب ﷺ جلس على حفرية القرب‪ ،‬فجعل يوصي احلافر‪ :‬أوسع‬
‫‪126‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫من قبل الرأس‪ ،‬وأوسع من قبل الرجلني " وصححه النووي يف اجملموع‬
‫(‪ )286/5‬واحلافظ يف التلخيص (‪ )201/5‬واأللباين يف أحكام اجلنائز (ص‬
‫‪ 144‬فقرة ‪.)93‬‬
‫اثلثها‪ :‬وروى ابن أيب شيبة يف مصنفه (‪ 16/13‬رقم ‪ )11663‬حدثنا أبو‬
‫أسامة عن حممد بن سليم عن احلسن قال‪ :‬أوصى عمر أن جيعل قربه قامة‬
‫وبسطة " وسنده ضعيف‪.‬‬
‫(‪ )236‬ويف بعض النسخ " على الرتاب" ومها مبعىن متقارب‪.‬‬
‫وذلك ملا رواه أمحد يف مسنده ( رقم ‪ )19547‬وابن حبان يف صحيحه (رقم‬
‫‪ )3150‬والبيهقي (‪ )554 /3‬عن أيب موسى أنه أوصى حني حضره املوت‬
‫فقال‪ :‬إذا انطلقتم جبنازيت فأسرعوا املشي‪ ،‬وال يتبعين جممر‪ ،‬وال جتعلوا يف‬
‫حلدي شيئا حيول بيين وبني الرتاب‪ ،‬وال جتعلوا على قربي بناء‪ ،‬وأشهدكم أين‬
‫بريء من كل حالقة أو سالقة أو خارقة " قالوا‪ :‬أومسعت فيه شيئا؟ قال‪ :‬نعم‬
‫من رسول هللا ﷺ "‪.‬‬
‫وقال األلباين يف حتذير الساجد (ص ‪ :)79‬وإسناده قوي‪.‬‬
‫(‪ )237‬لعموم حديث عبيد بن عمري عن أبيه أن النيب ﷺ وصف البيت‬
‫احلرام أنه‪ ":‬قبلتكم أحياء وأمواات " رواه أبو داود (رقم ‪ )2875‬واحلاكم يف‬
‫املستدرك (‪ 127/1‬رقم ‪ )197‬وقال‪ :‬هذا حديث صحيح اإلسناد ومل خيرجاه‬
‫" ووافقه الذهيب‪ ،‬والبيهقي (‪ )573/3‬وبوب عليه " ابب ما جاء يف استقبال‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪127‬‬

‫(فصل) ينبش امليت ألربع خصال‪:‬‬


‫‪ .1‬للغسل إذا مل يتغري‪.‬‬
‫‪ .2‬ولتوجيهه إىل القبلة (‪.)238‬‬
‫‪ .3‬وللمال إذا دفن معه (‪.)239‬‬
‫‪ .4‬وللمرأة إذا دفن جنينها معها وأمكنت حياته (‪.)240‬‬
‫(فصل) االستعاانت أربع خصال‪:‬‬
‫‪ .1‬مباحة‪.‬‬
‫‪ .2‬وخالف األوىل‪.‬‬

‫القبلة ابملوتى "‪ .‬وحسنه األلباين يف اإلرواء (رقم ‪ .)690‬وحكى بعض العلماء‬
‫اتفاق الفقهاء على ذلك‪.‬‬
‫(‪ )238‬ألن الغسل والدفن للقبلة واجب‪ ،‬فيجب نبشه تدراكا للواجب ما مل‬
‫يتغري‪.‬‬
‫(‪ )239‬ليصل املالك حلقه‪ ،‬وألن يف تركه إضاعة للمال‪.‬‬
‫(‪ )240‬وذلك إلنقاذ حياة اجلنني‪ ،‬وهي أوىل من مراعاة حرمة امليت‪.‬‬
‫‪128‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .3‬ومكروهة‪.‬‬
‫‪ .4‬وواجبة‪.‬‬
‫فاملباحة هي‪ :‬تقريب املاء (‪.)241‬‬
‫وخالف األوىل هي‪ :‬صب املاء على حنو املتوضئ (‪.)242‬‬

‫(‪ )241‬وقد جاءت هبذا املعىن أحاديث منها‪:‬‬


‫حديث املغرية بن شعبة رضي هللا عنه عند البخاري (رقم ‪ )206‬ومسلم (رقم‬
‫‪ )274‬وفيه أنه أهوى لينزع خفي النيب ﷺ فقال له‪ ":‬دعهما فإين أدخلتهما‬
‫طاهرتني " وهذا مبعىن تقريب املاء‪.‬‬
‫وحديث أنس رضي هللا عنه عند البخاري ( رقم ‪ )152‬ومسلم (رقم ‪)271‬‬
‫قال‪ :‬كان رسول هللا ﷺ يدخل اخلالء‪ ،‬فأمحل أان وغالم إداوة من ماء‬
‫وعنزة‪ ،‬يستنجي ابملاء "‪.‬‬
‫(‪ )242‬ما ذكره هنا عللوه أبنه ترفه ال يليق حبال املتعبد ما مل يكن قصده‬
‫التعليم‪ ،‬وأتولوا ما جاء من األخبار على خالف ذلك أبهنا للتعليم أو لبيان‬
‫اجلواز‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪129‬‬

‫واملكروهة هي‪ :‬ملن يغسل أعضاءه (‪.)243‬‬


‫والواجبة هي‪ :‬للمريض عند العجز (‪.)244‬‬

‫قال أبو عبد الباري‪ :‬ال ضرورة هلذا التأويل‪ ،‬فمع اجلواز واإلابحة األصلية‬
‫فقد جاء يف اخلرب ما يدل على اإلابحة ويؤكدها‪ ،‬وذلك فيما رواه أبو داود‬
‫(رقم ‪ )2381‬والرتمذي (رقم ‪ )87‬وأمحد (رقم ‪ )27502‬وغريهم من حديث‬
‫أيب الدرداء أن رسول هللا ﷺ قاء فأفطر‪ ،‬فلقيت ثوابن موىل رسول هللا ﷺ‬
‫يف مسجد دمشق‪ ،‬فقلت إن أاب الدرداء حدثين أن رسول هللا ﷺ قاء فأفطر‪،‬‬
‫قال‪ :‬صدق‪ ،‬وأان صببت له وضوءه ﷺ" وسنده صحيح‪ ،‬وصححه احلاكم‬
‫على شرط الشيخني‪ ،‬وصححه األلباين يف اإلرواء (رقم ‪.)111‬‬
‫(‪ )243‬ألن ذلك من الرتفه والتزين الذي ال يليق حبال املتعبد ما مل يكن‬
‫قصده التعليم‪ ،‬وألن بعض العلماء قال ابلتحرمي‪ ،‬والقاعدة أن " اخلروج من‬
‫اخلالف مستحب "‪.‬‬
‫(‪ )244‬ألن ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب‪ ،‬فإذا عجز بنفسه عن‬
‫الطهارة والتيمم وهو قادر على ذلك ابالستعانة بغريه وجب ذلك للقاعدة‬
‫املذكورة وهللا أعلم‪.‬‬
‫‪130‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫( فصل ) األموال اليت تلزم فيها الزكاة ستة أنواع‪:‬‬


‫‪ .1‬النـعم (‪.)245‬‬
‫‪ .2‬والنـقدان (‪.)246‬‬

‫(‪ )245‬املراد ابلنعم هو‪ :‬اإلبل والبقر والغنم‪ ،‬ووجوب الزكاة يف هذه‬
‫األصناف الثالثة اثبت ابلنص واإلمجاع‪.‬‬
‫أما اإلبل والغنم‪ :‬فلحديث أنس بن مالك رضي هللا عنه أن أاب بكر رضي‬
‫هللا عنه كتب له هذا الكتاب ملا وجهه إىل البحرين‪ :‬بسم هللا الرمحن الرحيم‪،‬‬
‫هذه فريضة الصدقة اليت فرض رسول هللا ﷺ على املسلمني‪ ،‬واليت أمر هللا هبا‬
‫رسوله‪ ،‬فمن سئلها من املسلمني على وجهها‪ ،‬فليعطها ومن سئل فوقها فال‬
‫يعط ‪ ...‬مث ذكر صدقة اإلبل والغنم‪ .‬رواه البخاري (رقم ‪ )1454‬وغريه‪.‬‬
‫وأما البقر‪ :‬فلحديث معاذ بن جبل رضي هللا عنه قال‪ :‬بعثين النيب ﷺ إىل‬
‫اليمن‪ ،‬فأمرين أن آخذ من كل ثالثني بقرة تبيعا أو تبيعة‪ ،‬ومن كل أربعني‬
‫مسنة‪ ،‬ومن كل حامل دينارا‪ ،‬أو عدله معافر "‪.‬‬
‫رواه أبو داود (رقم ‪ )1576‬والرتمذي (رقم ‪ 623‬وحسنه ) والنسائي (‪25/5‬‬
‫رقم ‪ )2450‬وابن ماجه (رقم ‪ )1803‬واحلاكم (‪ 398/1‬وصححه على شرط‬
‫الشيخني ووافقه الذهيب ) واأللباين يف إرواء الغليل (رقم ‪.)795‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪131‬‬

‫‪ .3‬واملعشرات (‪.)247‬‬
‫‪ .4‬وأموال التجارة‪ ،‬وواجبها ربع عشر قيمة عروض‬
‫التجارة (‪.)248‬‬

‫(‪ )246‬ويدل على ذلك قوله تعاىل { والذين يكنزون الذهب والفضة وال‬
‫ينفقوهنا يف سبيل هللا فبشرهم بعذاب أليم } ونقل النووي يف اجملموع (‪)5/6‬‬
‫اإلمجاع على وجوب الزكاة يف النقدين‪.‬‬
‫(‪ )247‬ويدل على ذلك قوله تعاىل { وآتوا حقه يوم حصاده } وقوله تعاىل‬
‫{ اي أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من‬
‫األرض }‪.‬‬
‫وروى البخاري يف صحيحه (رقم ‪ )1483‬عن ابن عمر رضي هللا عنهما‬
‫مرفوعا‪ ":‬فيما سقت السماء والعيون أو كان عثراي العشر‪ ،‬وما سقي ابلنضح‬
‫نصف العشر "‪.‬‬
‫(‪ )248‬يدل على ذلك عموم قوله تعاىل {خذ من أمواهلم صدقة تطهرهم‬
‫وتزكيهم هبا} وقوله تعاىل {اي أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم}‬
‫وقال الطحاوي يف خمتصر اخلالف (‪ :)432/1‬روي عن عمر وابن عمر زكاة‬
‫عروض التجارة من غري خالف اهـ‪.‬‬
‫‪132‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .5‬والركاز (‪.)249‬‬
‫‪ .6‬واملعدن (‪.)250‬‬
‫(فصل) جيب صوم رمضان أبحد أمور مخسة‪:‬‬
‫(أحدها)‪ :‬ابستكمال شعبان ثالثني يوما‪.‬‬
‫(واثنيها)‪ :‬برؤية اهلالل يف حق من رآه وإن كان فاسقا (‪.)251‬‬

‫والقياس يقتضي ذلك ألهنا يف معىن النقود‪ ،‬وقد أفاض يف ذلك ابن عبد الرب‬
‫يف االستذكار (‪ 163/3‬وما بعده) فراجعه‪.‬‬
‫(‪ )249‬حلديث أيب هريرة رضي هللا عنه عند البخاري (رقم ‪ )1499‬ومسلم‬
‫(رقم ‪ )1710‬مرفوعا وفيه‪ ":‬ويف الركاز اخلمس "‪.‬‬
‫(‪ )250‬لعموم قوله تعاىل {اي أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم}‬
‫(‪ )251‬يدل على هذا والذي قبله حديث أيب هريرة رضي هللا عنه عند‬
‫البخاري (رقم ‪ )1909‬ومسلم (رقم ‪ )1081‬مرفوعا‪ ":‬صوموا لرؤيته وأفطروا‬
‫لرؤيته‪ ،‬فإن غيب عليكم فأكملوا عدة شعبان ثالثني "‪.‬‬
‫فدل هذا احلديث على أن دخول شهر رمضان يثبت اترة ابلرؤية واترة‬
‫إبكمال شعبان ثالثني‪ ،‬ومها األمران األوالن عند املصنف‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪133‬‬

‫(واثلثها)‪ :‬بثبوته يف حق من مل يره بعدل شهادة‪.‬‬


‫(ورابعها)‪ :‬إبخبار عدل رواية موثوق به سواء وقع يف القلب‬
‫صدقه أم ال‪ ،‬أوغري موثوق به إن وقع يف القلب صدقه (‪.)252‬‬
‫(وخامسها)‪ :‬بظن دخول رمضان ابالجتهاد فيمن اشتبه عليه‬
‫ذلك (‪.)253‬‬

‫(‪ )252‬حلديث ابن عمر رضي هللا عنهما قال‪ :‬تراءى الناس اهلالل فأخربت‬
‫رسول هللا ﷺ أين رأيته فصام وأمر الناس بصيامه " رواه أبو داود (رقم‬
‫‪ )3242‬وابن حبان (رقم ‪ )3438‬وصححه النووي يف اجملموع (‪ )276/6‬على‬
‫شرط مسلم‪ ،‬وصححه األلباين يف اإلرواء (رقم ‪.)908‬‬
‫وهذا احلديث يدل على األمرين الثالث والرابع عند املصنف‪ ،‬ووجه وجوب‬
‫الصيام يف حالة وقوع صدقه يف القلب مع كونه غري موثوق به أن الفاسق قد‬
‫يصدق والعربة بغلبة الظن‪ ،‬وقد حصلت بوقوع الصدق يف القلب فيحتاط‬
‫للصيام‪.‬‬
‫(‪ )253‬ألن العمل ابلظن الغالب واجب السيما عند تعذر اليقني‪ ،‬وهو هنا‬
‫كذلك‪.‬‬
‫‪134‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫(فصل) شروط صحته أربعة أشياء‪:‬‬


‫‪ .1‬إسالم (‪.)254‬‬
‫‪ .2‬وعقل (‪.)255‬‬
‫‪ .3‬ونقاء من حنو حيض (‪.)256‬‬
‫‪ .4‬وعلم بكون الوقت قابال للصوم (‪.)257‬‬

‫(‪ )254‬لقوله تعاىل { ومن يبتغ غري اإلسالم دينا فلن يقبل منه } وقوله‬
‫تعاىل { وقدمنا إىل ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا }‪.‬‬
‫(‪ )255‬ألنه رفع عنه القلم وال يصح قصده وال نيته‪ ،‬ويف حديث علي رضي‬
‫هللا عنه مرفوعا‪ ":‬رفع القلم عن ثالثة‪ :‬عن اجملنون املغلوب على عقله حىت‬
‫يفيق ‪ ...‬احلديث " رواه أبو داود (رقم ‪ )4401‬واحلاكم (‪ 389/1‬رقم ‪)949‬‬
‫وقال‪ :‬هذا حديث صحيح على شرط الشيخني‪ ،‬ومل خيرجاه " ووافقه الذهيب‬
‫واأللباين يف اإلرواء (‪ 6/2‬حتت رقم ‪.)297‬‬
‫(‪ )256‬حلديث أيب سعيد اخلدري عند البخاري (رقم ‪ )1951‬ومسلم (رقم‬
‫‪ )132‬وفيه‪ ":‬أليس إذا حاضت مل تصل ومل تصم ؟ فذلك نقصان دينها "‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪135‬‬

‫(فصل) شروط وجوبه مخسة‪:‬‬


‫‪ .1‬إسالم (‪.)258‬‬
‫‪ .2‬وتكليف (‪.)259‬‬
‫‪ .3‬وإطاقة (‪.)260‬‬

‫(‪ )257‬ألن العلم شرط للنية‪ ،‬فال تنعقد النية بدون علم املنوي‪ ،‬والبد للنية‬
‫من اجلزم‪ ،‬وهلذ منع من نية الرتدد يف يوم الشك كما يف حديث عمار بن‬
‫ايسر ‪ :‬من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أاب القاسم ﷺ" رواه أبو‬
‫داود (رقم ‪ )2334‬والرتمذي (رقم ‪ )686‬والنسائي (‪ 153/4‬رقم ‪ )2188‬وابن‬
‫ماجه (رقم ‪ )1645‬وهو صحيح‪.‬‬
‫(‪ )258‬ألنه ال يؤمر به‪ ،‬وال يطالب بقضائه إذا اسلم‪ ،‬وال يصح منه إذا‬
‫صام‪ ،‬ألنه ليس أهال للعبادة والنية الشرعية‪.‬‬
‫(‪ )259‬أي العقل والبلوغ ألهنما شرط التكليف‪ ،‬ويدل على ذلك حديث‬
‫علي مرفوعا‪ ":‬رفع القلم عن ثالثة‪ :‬عن اجملنون املغلوب على عقله حىت يفيق‬
‫وعن النائم حىت يستيقظ‪ ،‬وعن الصيب حىت حيتلم " وهو صحيح كما تقدم‬
‫قريبا‪.‬‬
‫‪136‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .4‬وصحة ‪.‬‬
‫‪ .5‬وإقامة (‪.)261‬‬
‫(فصل) أركانه ثالثة‪:‬‬
‫‪ .1‬نية ليال لكل يوم يف الفرض (‪.)262‬‬
‫‪ .2‬وترك مفطر ذاكراً خمتاراً غري جاهل معذور (‪.)263‬‬

‫(‪ )260‬لقوله تعاىل {ال يكلف هللا نفسا إال وسعها} وقوله تعاىل {فاتقوا‬
‫هللا ما استطعتم }‪.‬‬
‫(‪ )261‬والدليل عليه وعلى الذي قبله قوله تعاىل { فمن كان منكم مريضا‬
‫أو على سفر فعدة من أايم أخر }‪.‬‬
‫(‪ )262‬حلديث حفصة رضي هللا عنها مرفوعا‪ ":‬من مل يبيت الصيام فال‬
‫صيام له " رواه أبو داود (رقم ‪ )2454‬والرتمذي (رقم ‪ ) 730‬والنسائي‬
‫(‪ 196/4‬رقم ‪ )2331‬وصححه النووي يف اجملموع (‪ )289/6‬واأللباين يف‬
‫اإلرواء (رقم ‪.)914‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪137‬‬

‫(‪ )263‬أما ترك املفطر فألن ذلك حقيقة الصوم كما قال تعاىل { وكلوا‬
‫واشربوا حىت يتبني لكم اخليط األبيض من اخليط األسود من الفجر مث أمتوا‬
‫الصيام إىل الليل }‪.‬‬
‫وأما قيد الذكر‪ :‬أي عدم النسيان فلحديث أيب هريرة رضي هللا عنه‪ ،‬عن‬
‫النيب ﷺ‪ ،‬قال‪ ":‬إذا نسي فأكل وشرب‪ ،‬فليتم صومه‪ ،‬فإمنا أطعمه هللا وسقاه‬
‫" رواه البخاري (رقم ‪ )1933‬ومسلم (رقم ‪.)1155‬‬
‫وأما قيد االختيار‪ :‬فلكون املكره معذورا لقوله ﷺ‪ ":‬إن هللا وضع عن أميت‬
‫اخلطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " رواه ابن ماجه (رقم ‪ )2045‬واحلاكم‬
‫(‪ 216/2‬رقم ‪ ) 2801‬وصححه احلاكم على شرط الشيخني ووافقه الذهيب‪،‬‬
‫وصححه األلباين يف اإلرواء (رقم ‪.)82‬‬
‫وأما قيد اجلاهل‪ :‬فلحديث عدي رضي هللا عنه عند البخاري (رقم ‪)4509‬‬
‫ومسلم (رقم ‪ )1090‬قال‪ :‬أخذ عدي عقاال أبيض‪ ،‬وعقاال أسود حىت كان‬
‫بعض الليل نظر فلم يستبينا‪ ،‬فلما أصبح قال اي رسول هللا‪ :‬جعلت حتت‬
‫وسادي عقالني‪ ،‬قال‪ :‬إن وسادك إذا لعريض أن كان اخليط األبيض‪،‬‬
‫واألسود حتت وسادتك " واللفظ للبخاري‪.‬‬
‫فهذا احلديث يدل على عذر اجلاهل‪ ،‬ألن عداي مل يؤمر ابلقضاء وهللا أعلم‪.‬‬
‫‪138‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .3‬وصائم (‪.)264‬‬
‫(فصل)‪ :‬وجيب مع القضاء للصوم الكفارة العظمى والتعزير‬
‫على من أفسد صومه يف رمضان يوما كامال جبماع اتم أمث به‬
‫للصوم (‪.)265‬‬

‫(‪ )264‬أي شخص صائم‪ ،‬ألن األوامر إمنا تتعلق بشخص تتوفر فيه شروط‬
‫الوجوب وقد تقدم ذكر هذه الشروط قريبا‪.‬‬
‫(‪ )265‬حلديث أيب هريرة رضي هللا عنه‪ ،‬قال‪ :‬أتى النيب ﷺ رجل‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫هلكت‪ ،‬قال‪ ":‬ومل؟" قال‪ :‬وقعت على أهلي يف رمضان‪ ،‬قال‪" :‬فأعتق رقبة "‬
‫قال‪ :‬ليس عندي‪ ،‬قال‪ ":‬فصم شهرين متتابعني " قال‪ :‬ال أستطيع‪ ،‬قال‪":‬‬
‫فأطعم ستني مسكينا " قال‪ :‬ال أجد‪ ،‬فأيت النيب ﷺ بعرق فيه متر‪ ،‬فقال‪":‬‬
‫أين السائل؟" قال‪ :‬ها أان ذا‪ ،‬قال‪ ":‬تصدق هبذا " قال‪ :‬على أحوج منا اي‬
‫رسول هللا‪ ،‬فوالذي بعثك ابحلق‪ ،‬ما بني البتيها أهل بيت أحوج منا‪،‬‬
‫فضحك النيب ﷺ حىت بدت أنيابه‪ ،‬قال‪ ":‬فأنتم إذا "‪ .‬رواه البخاري (رقم‬
‫‪.)5368‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪139‬‬

‫وجيب مع القضاء اإلمساك للصوم يف ستة مواضع‪:‬‬


‫األول‪ :‬يف رمضان اليف غريه على متعد بفطره‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬على اترك النية ليال يف الفرض‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬على من تسحر ظاان بقاء الليل فبان خالفه‬
‫والرابع‪ :‬على من أفطر ظاان الغروب فبان خالفه أيضا‪.‬‬
‫واخلامس‪ :‬على من ابن له يوم ثالثني شعبان أنه من رمضان‪.‬‬
‫والسادس‪ :‬على من سبقه ماء املبالغة من مضمضة واستنشاق‬
‫(‪.)266‬‬

‫ويدل على وجوب القضاء مع الكفارة زايدة البن ماجه (رقم ‪ )1671‬وهي‪":‬‬
‫وصم يوما مكانه " وقال األلباين يف اإلرواء (رقم ‪ :)940‬صحيح مبجموع‬
‫طرقه وشواهده‪.‬‬
‫(‪ )266‬األصل يف هذا الباب حديث الربيع بنت معوذ بن عفراء عند‬
‫البخاري (رقم ‪ )1960‬ومسلم (رقم ‪ )1136‬مرفوعا يف قصة يوم عاشوراء‪":‬‬
‫من أصبح مفطرا‪ ،‬فليتم بقية يومه‪ ،‬ومن أصبح صائما‪ ،‬فليصم "‪.‬‬
‫‪140‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫وحيض ونفاس أو والدة‬ ‫(‪)267‬‬


‫(فصل) يبطل الصوم‪ :‬بردة‬
‫وإبغماء وسكر تعدى به إن‬ ‫(‪)269‬‬
‫وجنون ولو حلظة‬ ‫(‪)268‬‬

‫عما مجيع النهار (‪.)270‬‬

‫وجه الداللة ‪ :‬أن األمر إبمساك بقية اليوم ملن أصبح مفطرا مراعاة حرمة‬
‫اليوم‪ ،‬وقد كان حينذاك واجبا قبل فرض رمضان‪ ،‬فدل ذلك على أن من‬
‫فسد صومه بسبب مل أيمث فيه وكان من أهل فرض الصيام يلزمه اإلمساك بقية‬
‫يومه حلرمة اليوم‪ ،‬وإذا كان ذلك فيمن مل أيمث بفطره كان من أمث بفطره أوىل‬
‫ابإلمساك منه وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )267‬ألن اإلسالم شرط صحة للصوم‪ ،‬ومقتضى عدم شرط الصحة عدم‬
‫صحة املشروط وهو هنا كذلك‪.‬‬
‫(‪ )268‬ألن من شروط صحة الصوم النقاء من احليض وحنوه‪ ،‬واملراد بذلك‬
‫النفاس والوالدة‪ ،‬وقد تقدم ذلك يف فصل شروط صحة الصوم‪ ،‬وإذا فقد‬
‫شرط النقاء مل يصح الصيام‪.‬‬
‫(‪ )269‬ألن اجلنون مسقط للتكليف كما تقدم‪ ،‬وال يصح قصد ونية اجملنون‬
‫فال يصح صومه كسائر عباداته‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪141‬‬

‫(فصل) اإلفطار يف رمضان أربعة أنواع‪:‬‬


‫‪ .1‬واجب كما يف احلائض والنفساء (‪.)271‬‬
‫‪ .2‬وجائز كما يف املسافر واملريض (‪.)272‬‬

‫(‪ )270‬أما اإلغماء‪ :‬فألنه مرتبة بني النوم واجلنون‪ ،‬والنوم ال يبطل الصيام‬
‫ولو استغرق اليوم‪ ،‬واجلنون يبطله ولو كان حلظة كما تقدم‪ ،‬فيجب أن‬
‫يتوسط حكم اإلغماء بينهما‪ ،‬ويرتجح شبهه ابجلنون وهللا أعلم‪.‬‬
‫الس ْكر‪ :‬فألنه يبقى مؤاخذا على أفعاله فيدل على بقاء تكليفه معاقبة‬
‫وأما ُ‬
‫له على تعديه‪ ،‬لكنه ال يزال شبهه ابجلنون‪ ،‬فإذا استغرق يومه مل يصح قصده‬
‫ونيته فال يصح صومه وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )271‬ألن الصوم ال يصح عنهما‪ ،‬وقد سبق أن من شروط صحة الصوم‬
‫النقاء من احليض وحنوه‪ ،‬فيكون صومهما عبثا‪ ،‬وال جيوز ذلك يف العبادات‬
‫وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )272‬لقوله تعاىل { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أايم‬
‫أخر } أي فأفطر‪.‬‬
‫‪142‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫‪ .3‬وال‪ ،‬وال‪ ،‬كما يف اجملنون (‪.)273‬‬


‫‪ .4‬وحمرم ‪:‬كمن أخر قضاء رمضان حىت ضاق الوقت‬
‫عنه (‪.)274‬‬
‫وأقسام اإلفطار أربعة أيضا‪:‬‬
‫أوهلا‪ :‬ما يلزم فيه القضاء والفدية وهو اثنان‪:‬‬
‫األول‪ :‬اإلفطار خلوف على غريه (‪.)275‬‬

‫ويدل على جواز الصوم للمسافر حديث محزة بن عمرو األسلمي قال للنيب‬
‫ﷺ‪ :‬أأصوم يف السفر؟ ‪ -‬وكان كثري الصيام ‪ ،-‬فقال‪ ":‬إن شئت فصم‪،‬‬
‫وإن شئت فأفطر " روا البخاري (رقم ‪ )1943‬ومسلم (رقم ‪.)1121‬‬
‫(‪ )273‬ألن اجملنون ليس مكلفا ابلصيام‪ ،‬وليس ألفعاله حكم تكليفي‪ ،‬وإمنا‬
‫أحكام أفعاله ما كان من ابب احلكام الوضعية وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )274‬حلديث عائشة رضي هللا عنها قال‪ :‬كان يكون علي الصوم من‬
‫رمضان فما أستطيع أن أقضي إال يف شعبان‪ .‬الشغل من رسول هللا أو برسول‬
‫هللا ﷺ " رواه البخاري (رقم ‪ ) 1950‬ومسلم (رقم ‪ 1146‬واللفظ له)‪.‬‬
‫(‪ )275‬ألن القضاء واجب ابلقياس‪ ،‬والفدية واجبة ابآلاثر‪:‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪143‬‬

‫والثاين‪ :‬اإلفطار مع أتخري قضاء مع إمكانه حىت أييت رمضان‬


‫آخر (‪.)276‬‬

‫أما القياس‪ :‬فألن عذرمها زائل كاملسافر واملريض واحلائض والنفساء وحنو‬
‫ذلك‪ ،‬وقد جاءت األخبار فيمن يزول عذره بوجوب القضاء عليه عند زوال‬
‫عذره وهو هنا كذلك‪.‬‬
‫وأما اآلاثر‪ :‬فروى أبو داود (رقم ‪ )2318‬والبيهقي (‪ )271/4‬عن ابن عباس‬
‫رضي هللا عنهما يف قوله تعاىل {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكني}‪":‬‬
‫واحلبلى واملرضع إذا خافتا " وسنده صحيح‪ ،‬قال أبو داود‪ :‬يعين‪ :‬إذا خافتا‬
‫على أوالدمها أفطرات وأطعمتا "‬
‫والنظر الصحيح يقتضي ذلك‪ :‬وهو أنه فطر ارتفق به شخصان‪ ،‬فوجب‬
‫األمران أي القضاء واإلطعام وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )276‬ملا رواه عبد الرزاق يف مصنفه (رقم ‪ )7621 ،7620‬والدراقطين‬
‫(‪ )197/2‬والبيهقي (‪ )253/4‬عن أيب هريرة رضي هللا عنه يف رجل مرض‬
‫يف رمضان مث صح فلم يصم حىت أدركه رمضان آخر ؟ قال‪ ":‬يصوم الذي‬
‫فرط فيه‪ ،‬ويطعم لكل يوم مسكينا "‪ .‬قال الدراقطين‪ :‬إسناد صحيح موقوف‪.‬‬
‫قال عبد الرزاق عقب املوضع األول‪ :‬قال معمر‪ :‬وال أعلم كلهم إال يقولون‬
‫هذا يف هذا " اهـ‪.‬‬
‫‪144‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫واثنيها‪ :‬مايلزم فيه القضاء دون الفدية وهو يكثر كمغمى‬


‫عليه (‪.)277‬‬

‫وعن ابن عباس رضي هللا عنهما‪ ":‬يصوم هذا الذي أدركه‪ ،‬ويصوم الذي‬
‫عليه‪ ،‬ويطعم لكل يوم مسكينا‪ :‬نصف صاع " رواه ابن اجلعد يف مسنده‬
‫(رقم ‪ )235‬بسند على شرط مسلم‪ ،‬وحنوه لعبد الرزاق (رقم ‪ )17628‬بسند‬
‫حسن‪.‬‬
‫وروى ابن وهب يف جامعه (‪ 175-174 /1‬رقم ‪ )293‬عن مالك عن عبد‬
‫الرمحن بن القاسم بن حممد حدثه عن أبيه أنه كان يقول‪ :‬من كان عليه صيام‬
‫من رمضان‪ ،‬فلم يصمه حىت دخل عليه رمضان من عام قابل‪ ،‬فليصم الذي‬
‫دخل عليه‪ ،‬وليقض اآلخر‪ ،‬فإن كان فرط وترك القضاء فيما بينهما‪ ،‬ولو شاء‬
‫أن يصوم صام فعليه مع القضاء أن يطعم عن كل يوم مسكيناً‪ .‬وسنده‬
‫صحيح ‪.‬‬
‫وألن احلقوق املالية ال تتداخل‪ ،‬وهلذا تتكرر الفدية بتكرر سببها‪ ،‬فإذا أخر‬
‫لرمضان اثن واثلث تكررت الفدية وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )277‬وحنوه املريض واملسافر ومن كان من أهل األعذار الزائلة‪ ،‬واإلغماء‬
‫من املرض‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪145‬‬

‫واثلثها‪ :‬ما يلزم فيه الفدية دون القضاء‪ ،‬وهو شيخ كبري‬
‫(‪.)278‬‬
‫ورابعها‪ :‬ال‪ ،‬وال‪ ،‬وهو اجملنون الذي مل يتعد جبنونه (‪.)279‬‬

‫ويدل على هذا قوله تعاىل { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من‬
‫أايم أخر } فأوجب هللا على من أفطر من هؤالء القضاء‪.‬‬
‫ويدل عليه أيضا وجوب القضاء على احلائض والنفساء حلديث معاذة‪،‬‬
‫قالت‪ :‬سألت عائشة فقلت‪ :‬ما ابل احلائض تقضي الصوم‪ ،‬وال تقضي‬
‫الصالة‪ .‬فقالت‪ :‬أحرورية أنت؟ قلت‪ :‬لست حبرورية‪ ،‬ولكين أسأل‪ .‬قالت‪:‬‬
‫كان يصيبنا ذلك‪ ،‬فنؤمر بقضاء الصوم‪ ،‬وال نؤمر بقضاء الصالة " رواه‬
‫مسلم يف صحيحه (رقم ‪.)335‬‬
‫(‪ )278‬لقوله تعاىل { وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكني }‪.‬‬
‫قال ابن عباس‪ :‬ليست مبنسوخة هو الشيخ الكبري‪ ،‬واملرأة الكبرية ال‬
‫يستطيعان أن يصوما‪ ،‬فيطعمان مكان كل يوم مسكينا " رواه البخاري (رقم‬
‫‪.)4505‬‬
‫وألنه صاحب عذر دائم وال يستطيع القضاء فكان واجبه الفدية‪ ،‬وال سبيل‬
‫إلجياب القضاء عليه للعجز‪.‬‬
‫‪146‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫(فصل) الذي ال يفطر مما يصل إىل اجلوف سبعة أفراد ‪:‬‬
‫‪ .1‬مايصل إىل اجلوف بنسيان (‪.)280‬‬
‫‪ .2‬أو جهل (‪.)281‬‬
‫‪ .3‬أو إكراه (‪.)282‬‬
‫‪ .4‬وجبراين ريق مبا بني أسنانه‪ ،‬وقد عجز عن جمه لعذره‪.‬‬

‫(‪ )279‬ألن فعل اجملنون ال حكم له فهو اشبه بفعل البهائم ألنه رفع عنه‬
‫القلم كما سبق يف حديث علي بن أيب طالب رضي هللا عنه‪ ،‬وإمنا يؤخذ من‬
‫فعله ما كان من ابب اإلتالف‪ ،‬ألنه ليس تكليفا‪ ،‬وإمنا من األحكام الوضعية‬
‫وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )280‬تقدم يف حديث أيب هريرة يف الصحيحني أن من أكل انسيا ال‬
‫يبطل صومه‪ ،‬وأنه يتم صومه ألنه معذور ابلنسيان‪.‬‬
‫(‪ )281‬ألن اجلاهل معذور كما تقدم يف حديث عدي بن حامت يف‬
‫الصحيحني وقول النيب ﷺ له‪ ":‬إن وسادتك إذاً لعريضة "‪.‬‬
‫(‪ )282‬ألن اإلكراه يسقط التكليف‪ ،‬وال فعل للمكره وال يؤاخذ بعمله كما‬
‫تقدم مرارا‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪147‬‬

‫‪ .5‬وما وصل إىل اجلوف وكان غبار طريق‪.‬‬


‫‪ .6‬وما وصل إليه وكان غربلة دقيق‪.‬‬
‫‪ .7‬أوذاباب طائرا أو حنوه (‪.)283‬‬
‫الوسيم‬ ‫(‪)284‬‬
‫وهللا أعلم ابلصواب‪ ،‬نسأل هللا الكرمي جباه نبيه‬
‫(‪ ،)285‬أن خيرجين من الدنيا مسلما(‪ ،)286‬ووالدي وأحبائي‬

‫(‪ )283‬هذه األربعة األخرية جيمعها العجز عن االحرتاز‪ ،‬والقاعدة أنه ال‬
‫وجوب مع العجز‪ ،‬كما أنه ال حمرم مع االضطرار‪ ،‬وقد كثر يف نصوص‬
‫الشريعة وقواعدها التخفيف فيما تعم به البلوى‪ ،‬ويعسر االحرتاز عنه وهللا‬
‫أعلم‪.‬‬
‫(‪ )284‬اليصح يف هذا التوسل خرب يعتمد عليه‪ ،‬وكل ما جاء فيه ال يصح‪،‬‬
‫وانظر تفصيال مجيال يف " التوسل أنواعه وأحكامه " للعالمة احملدث حممد‬
‫انصر الدين األلباين‪.‬‬
‫(‪ )285‬أي اجلميل‪ ،‬وقد جاء يف وصف النيب ﷺ ما رواه ابن حبان (رقم‬
‫‪ )6252‬وغريه من حديث الرباء بن عازب رضي هللا عنه قال‪ ":‬كان أحسن‬
‫‪148‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫ومن إيل انتمي (‪ ،)287‬وأن يغفر يل وهلم مقحمات وملما‬


‫(‪ ،)288‬وصلى هللا على سيدان حممد بن عبد هللا بن عبد‬
‫املطلب بن هاشم بن عبد مناف رسول هللا إىل كافة اخللق‬
‫اخلامت‬ ‫(‪)291‬‬
‫(‪ ،)289‬رسول املالحم (‪ ،)290‬حبيب هللا الفاتح‬
‫(‪ )292‬وآله وصحبه أمجعني‪ ،‬واحلمد هلل رب العاملني (‪.)293‬‬

‫الناس وجها وأحسنهم خلقا ليس ابلطويل البائن وال ابلقصري " وهو يف‬
‫صحيح اجلامع الصغري لأللباين (رقم ‪.)4635‬‬
‫(‪ )286‬لعله يشري هبذا إىل دعاء يوسف عليه الصالة والسالم { رب قد‬
‫آتيتين من امللك وعلمتين من أتويل األحاديث فاطر السموات واألرض أنت‬
‫وليي يف الدنيا واآلخرة توفين مسلما وأحلقين ابلصاحلني }‪.‬‬
‫(‪ )287‬لعله يشري هبذا إىل دعاء نوح عليه الصالة والسالم { رب اغفر يل‬
‫ولوالدي وملن دخل بييت مؤمنا وللمؤمنني واملؤمنات }‪.‬‬
‫(‪ )288‬لعله يشري هبذا إىل قوله تعاىل { والذين جيتنبون كبائر اإلمث‬
‫والفواحش إال اللمم إن ربك واسع املغفرة }‪.‬‬
‫(‪ )289‬قال تعاىل { وما أرسلناك إال كافة للناس بشريا ونذيرا }‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪149‬‬

‫(‪ )290‬وصف النيب ﷺ بنيب املالحم جاء يف حديث حذيفة رضي هللا عنه‬
‫عند الرتمذي يف الشمائل عن حذيفة قال‪ :‬لقيت النيب ﷺ يف بعض طرق‬
‫املدينة فقال‪ ":‬أان حممد وأان أمحد وأان نيب الرمحة ونيب التوبة وأان املقفى وأان‬
‫احلاشر ونيب املالحم " وصححه ابن امللقن يف شرح البخاري (‪)98 /20‬‬
‫وحسنه األلباين يف خمتصر الشمائل (رقم ‪ )316‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫نيب امللحمة‪،‬‬
‫ومعىن ذلك كما قال ابن القيم يف زاد املعاد (‪ :)96-95/1‬وأما ُّ‬
‫نيب وأمته قط ما جاهد رسول‬ ‫فهو الذي بعث جبهاد أعداء هللا‪ ،‬فلم جياهد ٌّ‬
‫هللا ‪ -‬ﷺ ‪ -‬وأمته‪ ،‬واملالحم الكبار اليت وقعت وتقع بني أمته وبني الكفار مل‬
‫نيب الرمحة‪ ،‬فهو الذي أرسله هللا رمحةً للعاملني‪ ،‬فرحم به‬
‫يعهد مثلها قبله‪ ،‬وأما ُّ‬
‫أهل األرض كلهم؛ مؤمنهم وكافرهم‪ ،‬أما املؤمنون‪ ،‬فنالوا النصيب األوفر من‬
‫الرمحة‪ ،‬وأما الكفار‪ ،‬فأهل الكتاب منهم عاشوا يف ظله‪ ،‬وحتت حبله وعهده‪،‬‬
‫وأما من قـتله منهم هو وأمته‪ ،‬فإهنم عجلوا به إىل النار‪ ،‬وأراحوه من احلياة‬
‫الطويلة اليت ال يزداد هبا إال شدة العذاب يف اآلخرة "اهـ‪.‬‬
‫(‪ )291‬مل أقف على خرب صحيح يف هذه التسمية‪.‬‬
‫لكن قال القاضي عياض يف الشفا (‪ ":)465-464/1‬ومسى هللا تعاىل نبيه‬
‫حممدا ﷺ ب ـ ـ ــ"الفاتح " يف حديث اإلسراء الطويل من رواية الربيع بن أنس‬
‫عن أيب العالية وغريه عن أيب هريرة رضي هللا عنه وفيه من قول هللا تعاىل‪":‬‬
‫وجعلتك فاحتا وخامتا " ‪.‬‬
‫‪150‬‬ ‫اجلواهر الثمينة ف ــي أدلـ ــة ال ـس ـف ـي ـنــة‬

‫وفيه من قول النيب ﷺ يف ثنائه على ربه وتعديد مراتبه‪ ":‬ورفع يل ذكري‪،‬‬
‫وجعلين فاحتا وخامتا "‪.‬‬
‫قال أبو عبد الباري‪:‬‬
‫أما حديث الربيع بن أنس فذكره اهليثمي يف جممع الزوائد (‪ )72 /1‬يف‬
‫حديث طويل جدا‪ ،‬وقال‪ ":‬رواه البزار‪ ،‬ورجاله موثقون‪ ،‬إال أن الربيع بن‬
‫أنس قال‪ :‬عن أيب العالية أو غريه‪ .‬فتابعيُّه جمهول اهـ‪.‬‬
‫ومن هنا يلزم تصحيح ما يف " الشفا" يف قوله "وغريه" والصواب" أو غريه "‪.‬‬
‫وذكر األلباين يف الضعيفة (رقم ‪ )2864‬حديثا عن عمر رضي هللا عنه‬
‫مرفوعا‪ ":‬إمنا بعثت فاحتا وخامتا‪ ،‬وأعطيت جوامع الكلم وفواحته‪ ،‬واختصر يل‬
‫احلديث اختصارا‪ ،‬فال يهلكنكم املتهوكون "‬
‫وعزاه للهروي يف " ذم الكالم " (‪ )1/64/3‬والبيهقي يف " الشعب "‬
‫(‪ )1/98/2‬عن عبد الرزاق؛ وهذا يف " املصنف " (‪ : )20062‬أنبأ معمر‬
‫عن أيوب عن أيب قالبة أن عمر ‪ ...‬وضعف احلديث ابالنقطاع بني عمر‬
‫وأيب قالبة فقال‪ ":‬قلت‪ :‬ورجاله ثقات؛ لكنه منقطع بني أيب قالبة وعمر‪،‬‬
‫فهو ضعيف " اهـ‪.‬‬
‫وقال القاضي عياض يف معىن " الفاتح " فيكون الفاتح هنا‪ :‬مبعىن احلاكم‪،‬‬
‫أو الفاتح ألبواب الرمحة على أمته‪ ،‬والفاتح لبصائرهم مبعرفة احلق‪ ،‬اإلميان‬
‫ابهلل‪ ،‬أو الناصر للحق‪ ،‬أو املبتدىء هبداية األمة‪ ،‬أو املبدأ املقدم يف األنبياء‪.‬‬
‫حممود حممد الشبلي‬ ‫‪151‬‬

‫(‪ )292‬وصف النيب ﷺ ابخلامت لقوله تعاىل { ما كان حممد أاب أحد من‬
‫رجالكم ولكن رسول هللا وخامت النبيني }‪.‬‬
‫(‪ )293‬قال تعاىل عن أهل اجلنة {وآخر دعواهم أن احلمد هلل رب‬
‫العاملني}‪.‬‬
‫كان ابتداء التأليف‪ :‬يوم األربعاء ‪ /11‬ذي احلجة لعام ‪1434‬هـ املوافق ‪16‬‬
‫أكتوبر‪ ،‬لعام ‪2013‬م‪ .‬بنريويب – كينيا‪.‬‬
‫وكان االنتهاء منه‪ :‬يوم األحد ‪ 22‬ذي احلجة لعام ‪1434‬هـ املوافق ‪27‬‬
‫أكتوبر‪ ،‬لعام ‪2013‬م‪.‬‬

You might also like