You are on page 1of 4

‫الفرق بين اإلبهاج ونهاية السول‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬


‫تعددت شروح منهاج الوصول إلى علم األصول من أهم الش روح اإلبه اج نهاي ة الس ول ومن‬
‫خالل هذين الكتابين سأبين أهم الفروقات وذلك كالتالي ‪:‬‬
‫‪ ) ١‬التطويل في الشرح‬
‫يتسم كتاب اإلبهاج بالتطويل في الشرح ‪ ،‬بخالف كتاب نهاية السول ‪.‬‬
‫مثال ‪:‬‬
‫قال ابن السبكي في اإلبه اج ‪ (( :‬اتف ق أك ثر المس لمين على أن اإلجم اع حج ٌة ش رعية يجب‬
‫العمل به على كل مسلم ‪ ،‬وخالف في ذلك الشيعة والخ وارج والَّن َّظ ام ‪ ،‬ونق ل ابن الح اجب أَّن‬
‫النظام ُيحيل اإلجماع ‪ ،‬وهو خالف نقل الجمهور عن ه ‪ ،‬وق د ص رح الش يخ أب و إس حاق في "‬
‫شرح اللمع " بأنه ال ُيحيله ‪ ،‬وهو أصح النقلين‪.‬‬
‫واعلم أن النظام المذكور ه و أب و إس حاق إب راهيم بن س يار النظام ك ان َي ْن ِظ م الخ رز بس وق‬
‫البصرة ‪ ،‬وكان ُيظِه ر االعتزال ‪ ،‬وهو الذي ُتنسب إلي ه الفرق ة النظامي ة من المعتزل ة ‪ ،‬لكن ه‬
‫كان زنديًق ا ‪ ،‬وإنما أنكر اإلجماع لَقْص ده الطعن في الشريعة ‪ ،‬وكذلك أنكر الخبر المت واتر م ع‬
‫خروج رواته عن حِّد الَح ْص ر ‪ ،‬هذا م ع قول ه ب أن خ بر الواح د ق د يفي د العلم ‪ ،‬ف أعجب له ذا‬
‫الِخْذ الن ‪ ،‬وأنكر القياس كما سيأتي إن شاء هللا تعالى ‪ ،‬وكل ذلك زندقة ‪ ،‬لعنه هللا ‪ ،‬وله كت اب‬
‫في نصر التثليث على التوحيد ‪ ،‬وإنما أظهر االعتزال خوًف ا من س يف الش رع ‪ ،‬ول ه فض ائح‬
‫عديدة ‪ ،‬وأكثرها طعن في الشريعة المطَّهرة ‪ ،‬وليس هذا موضع بسطها )) ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وقال اإلسنوي في نهاية السول ‪ (( :‬أقول ‪ :‬ذهب الجمهور إلى أن اإلجماع حجة يجب العم ل‬
‫به ‪ ،‬خالفا للنظام والش يعة والخ وارج ‪ ،‬فإن ه وإن نق ل عنهم م ا يقتض ي الموافق ة لكنهم عن د‬
‫التحقيق مخالفون ‪.‬‬
‫اآلمدي ‪:‬‬ ‫أما النظام فإنه لم يفسر اإلجماع بإتفاق المجتهدين كما قلنا بل قال كما نقله عنه‬
‫إن اإلجماع هو كل قول يحتج به ‪.‬‬
‫وأما الشيعة فإنهم يقولون ‪ :‬إن اإلجماع حجة ال لكونه إجماعا ‪)) ...‬‬
‫‪2‬‬

‫فمن خالل النصين يتبين لك صحة ما قلته ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫اإلبهاج ‪ ،‬السبكي ‪. ) ٢٠٣٥ / ٥ ( ،‬‬

‫‪2‬‬
‫نهاية السول ‪ ،‬اإلسنوي ‪. ) ٢٨٣ ( ،‬‬
‫‪ ) ٢‬عرضه للخالف‬
‫منهج ابن السبكي أنه يحرر موضع النزاع بدقة بخالف اإلمام اإلسنوي ‪.‬‬
‫ق ال ابن الس بكي ‪ (( :‬الثالث ة‪ :‬ق ال مال ك ‪ :‬إجم اع أه ل المدين ة حج ة ؛ لقول ه علي ه الص الة‬
‫والسالم ‪ " :‬إَّن المدينة لتنفي َخ َب َث ها " وهو ضعيف‪.‬‬
‫ذهب األكثرون إلى أَّن البقاع ال ُتؤِّث ر في كون األقوال حجة ‪ ،‬وذهب مال ك بن أنس رحم ه هللا‬
‫إلى أَّن إجماع أهل المدينة حجة ‪ ،‬فمنهم َم ْن قال ‪ :‬إنما أراد بذلك ت رجيح روايتهم على رواي ة‬
‫غيرهم‪.‬‬
‫ومنهم َم ْن قال ‪ :‬أراد بذلك أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫وقال ابن الحاجب ‪ :‬الصحابَة والتابعين ‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬محمول على المنقوالت الُم ْش َت َه رة ك األذان واإلقام ة دون غيره ا ‪ ،‬وذهب إلى الحم ل‬
‫على هذا القرافي في شرح " المنتخب " ‪.‬‬
‫وقرر اإلمام مذهَب مالٍك وقال‪ " :‬ليس ُيْس تبعد كما اعتقده جمهوُر أهل األصول " ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وال ينبغي أن ُيخ اَلف مال ك في ذل ك إْن أراد ب ه ت رجيَح روايتهم على رواي ة غ يرهم‬
‫وكانوا من الصحابة ؛ ألنهم شاهدوا التنزيل‪ ،‬وسمعوا التأويل‪ ،‬وال ريب في أنهم أَخ ْبُر ب أحوال‬
‫النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ ،-‬وهذا ضرب من الترجيح ال ُيْد فع‪.‬‬
‫وال ينبغي أن يظن ظاٌّن أَّن مالًك ا ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬يقول بإجماع أهل المدين ة ل ذاتها في ك ل‬
‫زمان‪ ،‬وإنما هي من زمان رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وس لم ‪ -‬إلى زم ان مال ٍك لم ت برح داَر‬
‫العلم ‪ ،‬وآثاُر النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬بها أكثر‪ ،‬وأهُلها بها أعرف )) ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫وفي نهاية السول ما نصه ‪ (( :‬أقول ‪ :‬ذهب اإلمام مالك إلى أن إجماع أهل المدينة حج ة أي‪:‬‬
‫إذا كانوا من الصحابة أو التابعين دون غيرهم ‪ ،‬كما نب ه علي ه ابن الح اجب ‪ ،‬ق ال ‪ :‬واختلف وا‬
‫في المراد من كونه حجة ؛ فمنهم من قال ‪ :‬الم راد أن روايتهم راجح ة على رواي ة غ يرهم ؛‬
‫لكونهم أخبر بأحوال الرسول صلى هللا عليه وس لم ‪ ،‬ومنهم من ق ال ‪ :‬الم راد أن إجم اعهم‬
‫والص اع والم ّد دون غيره ا ‪،‬‬ ‫حجة في المنقوالت المشتهرة خاص ة ‪ ،‬ك األذان واإلقام ة‬

‫‪3‬‬
‫اإلبهاج شرح المنهاج ‪. ) ٢٠٦٢ - ٢٠٥٩ / ٥ ( ،‬‬
‫ورجحه القرافي في تنقيحه ‪ ،‬قال ‪ :‬والصحيح التعميم في هذا وفي غ يره ؛ ألن العادة تقض ي‬
‫بأن مثل هؤالء ال يجتمعون إال على دليل راجح )) ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫‪ ) ٣‬عرض األقوال‬
‫نهاية السول أفضل من اإلبهاج من حيث عرض األقوال ‪.‬‬
‫قال اإلس نوي ‪ (( :‬أق ول ‪ :‬اختلف وا في ج واز االجته اد للن بي ‪-‬ص لى هللا علي ه وس لم‪ -‬ف ذهب‬
‫الجمهور إلى ج وازه ونقل ه اإلم ام عن الش افعي ‪ ،‬واخت اره المص نف وهو مقتض ى اختي ار‬
‫اإلمام أيضا ؛ ألنه استدل له ‪ ،‬وأجاب عن مقابله ‪ ،‬وذهب أبو علي الجب ائي وابن ه أب و هاش م‬
‫إلى المنع ‪ ،‬وحكى في المحصول قوال ثالثا ‪ :‬أنه يج وز فيم ا يتعل ق ب الحروب دون غيره ا ‪،‬‬
‫ورابعا نقله عن أكثر المحققين وهو التوقف في هذه الثالثة ‪.‬‬
‫وإذا قلنا بالجواز ‪ ،‬فقال الغزالي ‪ :‬قيل ‪ :‬وقع وقيل ‪ :‬ال ‪ ،‬وقيل بالوقوف ‪ ،‬واألول هو الوق وع‬
‫األدل ة ال تي‬ ‫واختاره اآلمدي وابن الحاجب ‪ ،‬وهو مقتض ى اختي ار اإلم ام وأتباع ه ‪ ،‬ف إن‬
‫ذكروها تدل عليه ومحل الخالف على ما قاله القرافي في شرح المحصول في الفتاوى‪.‬‬
‫أما األقضية فيجوز االجتهاد فيها باإلجماع )) ‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫ق ال ابن الس بكي ‪ (( :‬اختلفوا في أّن الَّر س ول ‪ -‬ص لى هللا علي ه وس لم ‪ -‬ه ل ك ان يج وز ل ه‬
‫االجتهاد فيما ال نّص فيه؟‬
‫فذهب الشافعي وأكثر األصحاب ‪ ،‬وأحمد والقاضيان أبو يوسف وعبد الجبار وأبو الحسين إلى‬
‫جوازه ‪.‬‬
‫ثّم منهم من قال ‪ :‬بوقوعه وهو اختيار اآلمدي وابن الحاجب ‪.‬‬
‫ومنهم من أنكر وقوعه ‪.‬‬
‫وتوقف فيه جمهور المحققين‪.‬‬
‫وذهب أبو علي وابنه أبو هاشم إلى أَّن ه لم يكن متعبًد ا به ‪.‬‬
‫وشّذ قوم فقالوا ‪ :‬بامتناعه عقاًل ‪ ،‬كما حكاه القاضي في التلخيص إلمام الحرمين ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫نهاية السول ‪ ،‬اإلسنوي ‪. ) ٢٨٨ ( ،‬‬

‫‪5‬‬
‫المصدر السابق ‪. ) ٣٩٥ ( ،‬‬
‫ومنهم من جوزه في أمور الحرب دون األحكام الشرعية )) ‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫كتبه ‪ :‬أحمد صالح أحمد باشريف‬

‫‪6‬‬
‫اإلبهاج ‪ ،‬السبكي ( ‪. ) ٢٨٧١‬‬

You might also like