Professional Documents
Culture Documents
الحمد هلل والصالة والسالم على رسول هللا وعلى آله وصحبه ومن وااله
جرحا ً وتعديالً ) واعلم رحمك هللا أن داعي هذا البحث عدة أمور
األول :أن هذه المسألة حيرت الكثير من طلبة العلم إذ أنهم يرون الناس
قد انقسموا في هذا الرجل ما بين مادح مطري ،وقادح مزري بأشد
ألفاظ القدح
السنة لعبد هللا بن أحمد اعترض عليه في شأن أبي حنيفة ،وعدد من
المعلقين على تأويل مختلف الحديث اعترض عليه في شأن أبي حنيفة
وبعض المعلقين على عقيدة حرب الكرماني اعترض عليه في شأن أبي
حنيفة وبعض المعلقين على السنة لاللكائي اعترض عليه في شأن أبي
حنيفة
فكان ال بد من بيان مأخذ هؤالء األئمة ومناقشة هذا المأخذ وبيان قوته
من ضعفه ،فإن مما يوقع الحيرة في نفوس الكثير من طلبة العلم تغليط
كل هؤالء األئمة وإظهارهم في صورة التعامل على إمام جليل من
العقائد ) طعنا ً في عبد هللا بن أحمد لذكره مثالب أبي حنيفة في كتاب
السنة ،وكذلك كتب المعتزلي األردني نايف محمود ذياب طعنا ً في أهل
الحديث لهذا السبب ،وقبلهما كتب الهالك محمد الزاهد الكوثري طعنا ً
في عدد من أعيان األمة في كتابه ( تأنيب الخطيب ) بسبب هذه المسألة
،ولسان حال الكوثري أنه ال يمكن تعديل أبي حنيفة إال بالطعن في
المتكلمين فيه فركب هذا المركب الصعب ذبا ً عن إمام مذهبه ،وطعن
عبد الفتاح أبو غدة في تعليقه على االنتقاء في ابن حبان ووصفه
بالجنون لما ذكره في ترجمة أبي حنيفة ،وطعن بشار عواد معروف
واستغل هذه المسألة في الدعوة إلى مسلكه التمييعي حاتم العوني فدعا
إلى هجر كالم السلف في األشاعرة كما هجرنا كالم السلف في أبي
حنيفة
وهذه األمور كلها تدفعنا إلى النظر الجاد في المسألة لنعلم بما سنجيب
هؤالء
الرابع :أن هذه المسألة عند كثيرين صارت محل والء وبراء وتضليل
مبنية على مقدمة نفسية عند الباحث وهي أن هذا الرجل إمام جليل متفق
على إمامته ثم يتعامل مع اآلثار الواردة في ثلبه بناء على هذه المقدمة ،
المسألة المجاملة في أمر سنة النبي صلى هللا عليه وسلم فضاق صدر
باعهم في باب علم الحديث إذا جاءوا على حديث في سنده أبو حنيفة
وحماد بن أبي سليمان ،يضعفون الخبر بحماد ويتركون أبا حنيفة مع
بل حتى المعلقان على زاد المعاد يحسنان حديث أبي حنيفة !
السادس :ترتب على التسامح في هذه المسألة قول كثيرين أن مرجئة
الفقهاء من أهل السنة ،لئال يلزم من تبديعهم تبديع إمامهم أبي حنيفة ،
وكذلك ترتب عليه التسهيل في مسألة الخالف بين أهل الحديث وأهل
الخالف القديم بين الفريقين يرى تباينا ً منهجيا ً وتضليالً متبادالً ،فكان ال
بد من تحرير هذه المسائل فال زال المرجئة موجودين وال زال أهل
الرأي موجودين
وال شك أننا إذا حكمنا بخروج فئة معينة من السنة فإنه يترتب على ذلك
وقبل الدخول في البحث أود التنبيه على أنني لن آلو جهدا ً في استقصاء
المسألة علميا ً
المجمل
وهو يعدد أقوال أهل العلم في حال تعارض الجرح والتعديل ":القول
األول :تقديم الجرح على التعديل ولو كان المعدلون أكثر ألن الجارح
اطلع على ما لم يطلع عليه المعدل وهذا قول جمهور أهل العلم "
والمتأخرون "
نقلت بنت الشاطيء هذا النص في [ تعليقها على مقدمة ابن الصالح
وجرحه آخرون فالجرح أولى وحكوا في ذلك إجماع العلماء والحجة في
أن المجرح زاد ما لم يعلم المعدل وهو بين وال خالف في هذا إذا كان
قلت :بل هو متروك فقد كذبه اإلمام أحمد و النسائي و ابن المديني و
غيرهم .
و ال تغتر بتوثيق بعض المتعصبين له ممن قدم لبعض كتبه ,و غيره
فإنه على خالف القاعدة المعروفة عند المحدثين :الجرح المبين مقدم
على التعديل
و لذا حكم الكوثري بوضعه كما سيأتي تحت الحديث ( . " ) 25أ هــ
المعدل
الجرح المفسر يرد بإثبات تراجع المجروح أو عدم صحة القول عنه ،
شيء من هذا فإن هذا يترتب عليه الطعن في هذا اإلمام نفسه
قال السخاوي في فتح المغيث "وغاية قول المعدل إنه لم يعلم فسقا ً ولم
يظنه فظن عدالته،إذ العلم بالعدم ال يتصور والجارح يقول :أنا علمت
فسقه ،فلو حكمنا بعدم فسقه كان الجارح كاذبا ً،ولو حكمنا بفسقه كانا
بين
قال شيخ اإلسالم كما في مجموع الفتاوى (َ ": )215/20و ِّإذَا قِّي َل ِّل َهذَا
ضة ً
ار َ اإل َما ُم ْالفُ َالنِّ ُّ
ي ؟ َكان ْ
َت َه ِّذ ِّه ُم َع َ ْال ُم ْست َ ْهدِّي ْال ُم ْست َ ْر ِّش ِّد :أ َ ْن َ
ت أَ ْعلَ ُم أ َ ْم ْ ِّ
عثْ َمانَ َو َع ِّلي ٍ َواب ِّْن َم ْسعُو ٍد وأبي َو ُم َعا ٍذ َون َْح ِّو ِّه ْم إ َلى أَ ِّبي َب ْك ٍر َو ُ
ع َم َر َو ُ
ض أَ ْكفَا ٌء فِّي َم َو ِّار ِّد ْاألَئِّ َّم ِّة َو َغي ِّْر ِّه ْم فَ َك َما أ َ َّن َهؤ َُال ِّء ال َّ
ص َحا َبةَ َب ْع ُ
ض ُه ْم ِّل َب ْع ِّ
سو ِّل
الر ُ عوا فِّي ِّه إلَى َّ
َّللاِّ َو َّ ش ْيءٍ َردُّوا َما تَنَازَ ُ النِّزَ اعِّ ؛ َو ِّإذَا تَنَازَ ُ
عوا فِّي َ
اع زَ الن
ِّ ُ د ار
ِّ و
َ م
َ ك
َ ل
ِّ َ ذ َ
ك َ ف : َر
َ خاض َع أ ُ
ون أ َ ْعلَ َم فِّي َم َو ِّ
ض ُه ْم قَدْ يَ ُك ُ
َو ِّإ ْن َكانَ بَ ْع ُ
ِّ
ع َم َر َواب ِّْن َم ْسعُو ٍد فِّي َم ْسأَلَ ِّة تَيَ ُّم ِّم ْال ُجنُ ِّ
ب بَيْنَ ْاألَئِّ َّم ِّة َوقَدْ ت َ َر َك النَّ ُ
اس قَ ْو َل ُ
سلَّ َم قَا َل َ " :ه ِّذ ِّه َو َه ِّذ ِّه صلَّى َّ
َّللاُ َعلَ ْي ِّه َو َ سنَّ ِّة أ َ َّن النَّ ِّب َّ
ي َ ِّل َما َكانَ َم َعهُ ِّم ْن ال ُّ
ع َم ُر ؟ "
َو ُ
فإذا جاز أن يدرك المفضول الحق وال يدركه الفاضل في مسألة بعينها
فكيف بمسألة تتابع فيها السلف على قول معين ،فخالف جماعة ممن
تأخر
سا ِّئ ُل
وقال شيخ اإلسالم كما في مجموع الفتاوى (َ ": )213 /35و َم َ
ْف َو ْالقَ ْو ُل ِّبتَ ْح ِّر ِّيم ض الت َّ ْق ِّلي ِّد ؛ فَإِّ َّن َهذَا ِّف ْع ُل أَ ْه ِّل ْال َج ْه ِّل َو ْاأل َ ْه َو ِّ
اء َكي َ َم ْح ِّ
س َّن ِّة
ع ِّل َم ِّم ْن ُ
ف ِّل َما ُ
يف ِّجدًّا ُمخَا ِّل ٌ ان َوقَ ْبلَهُ قَ ْو ٌل َ
ض ِّع ٌ ذَ ِّل َك فِّي َهذَا َّ
الز َم ِّ
ان"
س ِّ
ِّبإ ِّ ْح َ
على من أخذ بكالم السلف هو فاعل لفعل أهل الجهل واألهواء ففي حال
فكيف إذا كان العالم المرجح قوله هو أعلم وأجل وأقدم وأورع
فمن في عصرنا يقارن بأحمد ابن حنبل أو سفيان الثوري أو األوزاعي
؟
قال شيخ اإلسالم في اقتضاء الصراط المستقيم ( ": )169 /2أنه من
الممتنع أن تتفق األمة على استحسان فعل لو كان حسنا لفعله المتقدمون
،ولم يفعلوه ،فإن هذا من باب تناقض اإلجماعات ،وهي ال تتناقض ،
وإذا اختلف فيه المتأخرون فالفاصل بينهم :هو الكتاب والسنة ،
وعلى هذا إذا رأينا من ادعى اإلجماع على جرح أبي حنيفة كما ادعاه
ابن أبي داود وحرب الكرماني وابن عبد البر وابن الجوزي ( وسيأتي
ذكر نصوصهم )
كان من الممتنع إذا صححنا هذا اإلجماع أن ينعقد إجماع على خالف
قال ابن عثيمين في شرحه على منظومة القواعد ":س :هذا يقول:
ج :اإلجماع ال يكون في هذا الزمان إذا كان هناك خالف سابق؛ ألنه ال
إجماع مع خالف سابق ،فإذا اختلفت األمة على قولين ،ثم أجمع
المتأخرون على أحد القولين ،فإن ذلك ال يعد إجماعا؛ ألن األقوال ال
تموت بموت قائليها ،وعلى هذا فال يُتصور ورود هذا السؤال لعدم
إمكانه .نعم"
والقول بأن اإلجماع انعقد بعد المائة الفالنية على تعديل شخص أو
جرحه إنما يبنى على القول بإمكان انعقاد إجماع ملزم بعد خالف قديم
بغير نص واضح ،وهذا القول خالفه جمع من العلماء وهذا تقرير ابن
قال شيخ اإلسالم في الفرقان بين الحق والباطل صِّ ": 10ب ِّخ َال ِّ
ف َما
اإل ْج َماعِّ َو ِّإنَّ َما ف فَإِّنَّهُ َال يُ ْم ِّك ُن أ َ ْن يُقَا َل :إنَّهُ ِّخ َال ُ
ف ْ ِّ سلَ ِّ
ف ِّم ْن ِّنزَ اعِّ ال َّ
يُ ْع َر ُ
إحدَا ُه َما " ْال ِّع ْل ُم ِّبأَنَّهُ لَ ْم َيبْقَ فِّي ْاأل ُ َّم ِّة .فَ ِّمثْ ُل َهذَا َم ْبنِّ ٌّ
ي َعلَى ُمقَ ِّد َمتَي ِّْن ْ " :
َم ْن يَقُو ُل ِّبقَ ْو ِّل ْاآلخ َِّر َو َهذَا ُمتَ َعذ ٌِّر .
ع ْال ُمتَأ َ ِّخ ِّرينَ َال يُ ْم ِّك ُن ِّأل َ َّن ِّب ِّه إذَا َكانَ َم َعهُ ُح َّجةٌ ؛ إذْ َ
علَى ِّخ َال ِّف ِّه َ ،و ِّنزَ ا ُ
وإن لم تعلم قائالً به من الخلف ألن الخلف يتعذر جمع كالمهم أصالً
وهذا واضح في منهج شيخ اإلسالم العلمي فإنه قد ذهب إلى جواز
وكذا قال في االعتكاف بقول اشتهر هجره عن المسلمين منذ قرون ،
ويا ليت شعري من يقول ( انعقد اإلجماع بعد المائة السابعة ) هل وقف
على كل المؤلفات بعد المائة السابعة ثم بعد وقوفه عليها قرأها حرفا ً
أهل السنة وجئنا إلى رجل من كبارهم فجعلناه إماما ً في السنة أفال تتسع
صدرونا لمن جرح أبا حنيفة ولم يخالف كتابا ً وال سنة وال إجماعا ً بل
وافق أئمة أعالما ً نحن نقر بأنهم أجل من ذلك الرجل الذي ينافح عنه
بعضنا ،وإذا كان أئمة أهل السنة قد تكلموا في ذلك الرجل حمية على
السنة ومن لم يوافقهم يعتذر لهم بذاك فلم ترتفع الحمية من األرض فال
من القواعد الخبيثة التي ظهرت في هذا العصر قول بعضهم أن قواعد
الجرح والتعديل ال تطبق عند الكالم على عقائد الناس ،وأن أئمة
الجرح والتعديل إنما يتكلمون في أمور الرواية ال شأن لهم في أمر
العقيدة
وهذا باطل وفي مسألتنا المبحوثة هنا أستغرب من عدد الباحثين قبولهم
كالم األئمة في حديث أبي حنيفة تسليما ً لنقدهم في هذا الباب وتركهم
وهذه المقدمات العلمية نبهت عليها ألن عامة من يبحث في هذه المسألة
يتجاهلها بشكل غريب ،مع أنه ربما لو بحث مسألة أخرى لرأيته يقول
بها
وقبل الشروع في البحث أود أن أذكر عدة كلمات أرجو أن تكون منك
فهذا نقل إجماع على التبديع بلفظ التبديع الصريح فهو يقول ( كل )
ويقول ( يبدعونه )
الكلمة الثانية :قال حرب الكرماني في عقيدته ":هذا مذهب أئمة العلم
وأصحاب األثر وأهل السنة المعروفين بها المقتدى بهم فيها ،وأدركت
من أدركت من علماء أهل العراق والحجاز والشام وغيرهم عليها فمن
خالف شيئًا من هذه المذاهب ،أو طعن فيها ،أوعاب قائلها فهو مبتدع
بن منصور ،وغيرهم ممن جالسنا وأخذنا عنهم العلم فكان من قولهم"
ويبطلون الحديث ،ويردون على الرسول ،ويتخذون أبا حنيفة ومن قال
بقوله إما ًما يدينون بدينهم ،ويقولون بقولهم فأي ضاللة بأبين ممن قال
بهذا أو كان على مثل هذا ،يترك قول الرسول وأصحابه ويتبع رأي أبي
الكلمة الثالثة :قال ابن الجوزي في المنتظم ( ": )23/3وبعد هذا فاتفق
الكل على الطعن فيه _ يعني أبا حنيفة _ ،ثم انقسموا على ثالثة أقسام:
فقوم طعنوا فيه لما يرجع إلى العقائد و الكالم في األصول .وقوم طعنوا
في روايته وقلة حفظه وضبطه .وقوم طعنوا لقوله الرأي فيما يخالف
األحاديث الصحاح"
فهذا نقل إجماع على الطعن ينقله حافظ واسع االطالع جداً وهو ابن
الجوزي
ُ
سمعت ابْن أبي الكلمة الرابعة :قال ابن عدي في الكامل (": )241/8
دَ ُاود يَقُول الوقيعة فِّي أبي حنيفة إجماع من العلماء ألَن إمام البصرة
أيوب السختياني وقد تكلم فيه وإمام الكوفة الثَّ ْوري وقد تكلم فيه وإمام
الحجاز َما ِّلك وقد تكلم فيه وإمام مصر اللَّيْث بْن سعد وقد تكلم فيه وإمام
الشام األ َ ْوزا ِّعي وقد تكلم فيه وإمام خراسان َعبد َّ
َّللا بْن ال ُم َبارك وقد
تكلم فيه فالوقيعة فيه إجماع من العلماء فِّي جميع األفاق أو كما قَا َل"
الحكاية موضوعة مجازفة منه وكالم أئمة السنة في ذلك العصر في
فهذا رجل واسع اإلطالع يدعي تواتر ذم األئمة لرأي أبي حنيفة
الكلمة السادسة :قال عبد هللا بن أحمد في السنة : 335حدثني أبو
الفضل ،حدثني أسود بن سالم ،قال :إذا جاء األثر ألقينا رأي أبي
ثم قال لي أسود :عليك باألثر فالزمه أدركت أهل العلم يكرهون رأي
هذا البحث من الفكرة المسبقة تجاه آثار السلف في ذم هذا الرجل ،
خالفية ونبحثها كما تبحث كل مسألة خالفية ولنبدأ أوالً بذكر أسباب
جرح أبي حنيفة عند من جرحه ،ثم نتبع ذلك بأقوال المعدلين له
قال عبد هللا بن أحمد في السنة : 265حدثني إبراهيم ،ثنا أبو صالح
محبوب بن موسى الفراء ،عن يوسف بن أسباط ،قال :قال أبو حنيفة
:لو أدركني رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ألخذ بكثير من قولي .
وهذا إسناد قوي إلى يوسف بن أسباط وقد تابع عبد هللا بن أحمد أحمد
بن علي األبار عند الخطيب في تاريخه ،وأسند الخطيب هذا الخبر عن
قال الخطيب في تاريخ بغداد ( : )530 /15أَ ْخ َب َرنَا ابن رزق ،قَا َل:
أ َ ْخبَ َرنَا أ َ ْح َمد بن جعفر بن سلم ،قَا َلَ :حدَّثَنَا أَ ْح َمد بن علي األبار ،قَا َل:
َحدَّثَنَا إبراهيم بن سعيد ،قَا َلَ :حدَّثَنَا محبوب بن موسى ،قال :سمعت
صلَّى َّ
َّللاُ يوسف بن أسباط ،يقول :قال أَبُو حنيفة :لو أدركني رسول هللا َ
بن واضح قال :حدثنا يوسف بن أسباط ،قال :قال أبو حنيفة :لو أدركني
وهذا مسلك غير مقبول فإنه زاهد معروف وإنما يخطيء في المرفوع
وأما خبر يرويه عن أبي حنيفة مباشرة فهذا يبعد فيه الخطأ ،وسبب
دخول الوهم على يوسف بن أسباط أنه دفن كتبه وأما هذا الخبر فواضح
المسلك الثاني :تأويل هذا الخبر بأن أبا حنيفة يعني أنه لو كان في
عصر النبي صلى هللا عليه وسلم لكانت السنة تأتي بموافقة قوله ألن
يظهر منها إيهام الباطل تنكر على قائلها كما أنكر النبي صلى هللا عليه
ثم إن العبارة حتى مع هذا التأويل ال زالت شنيعة إذ كيف يجزم بأن
رأيه الذي ال يعرف فيه سنة هو قول النبي صلى هللا عليه وسلم والسنة
وإيراد عبد هللا بن أحمد وهو اإلمام ابن اإلمام لهذه العبارة في فصل
قال عبد هللا بن أحمد في السنة : 315حدثنا محمد بن هارون ،نا أبو
صالح ،قال :سمعت الفزاري ،يقول حدثت أبا حنيفة ،بحديث عن
النبي صلى هللا عليه وسلم في رد السيف فقال هذا حديث خرافة .
وقال عبد هللا بن أحمد في السنة : 269حدثني إبراهيم ،ثنا أبو توبة ،
عن أبي إسحاق الفزاري ،قال حدثت أبا حنيفة ،عن رسول هللا صلى
هللا عليه وسلم بحديث في رد السيف فقال :هذا حديث خرافة .
وهذا خبر ثابت
وقال ابن عبد البر في االنتقاء نقالً عن الساجي صَ ": 151و َحدَّثَنَا
العظيم قَا َل نَا أَبُو بَ ْك ِّر ب ُْن أ َ ِّبي األ َ ْس َو ِّد َعن بشر بن ْالفضل قَا َل قُ ْل ُ
ت أل َ ِّبي
يفترقا اال بيع ْال ِّخ َيار) قَا َل َهذَا ِّر ْج ٌز
سال ُم َرأْ َ
سهُ َبيْنَ َح َج َري ِّْن ي َعلَ ْي ِّه ال َّ
النَّ ِّب ُّ
ورجاله ثقات إال شيخي الساجي ما عرفتهما وللخبر سند آخر إلى
محمد بن محمد سمعت أحمد يعني ابن شبويه ،قال :سمعت وكيعا ،
يقول :
قال أبو حنيفة البن المبارك :ترفع يديك في كل تكبيرة كأنك تريد أن
تطير ؟
فقال له ابن المبارك :إن كنت أنت تطير في األولى فإني أطير فيما
سواها .
بن حليم الصائغ بمرو ثنا أبو الموجه أخبرني أبو نصر محمد بن أبي
الخطاب السلمي وكأن رجال صالحا قال أخبرني علي بن يونس ثنا
وكيع قال :صليت في مسجد الكوفة فإذا أبو حنيفة قائم يصلي وابن
المبارك إلى جنبه يصلي فإذا عبد هللا يرفع يديه كلما ركع وكلما رفع
وأبو حنيفة ال يرفع فلما فرغوا من الصالة قال أبو حنيفة لعبد هللا يا أبا
عبد الرحمن رأيتك تكثر رفع اليدين أردت أن تطير فقال له عبد هللا يا
أبا حنيفة قد رأيتك ترفع يديك حين افتتحت الصالة فأردت أن تطير
فسكت أبو حنيفة قال وكيع فما رأيت جوابا أحضر من جواب عبد هللا
ألبي حنيفة
لماذا بلغت السنة ابن المبارك ولم تبلغ أبا حنيفة وهما مجتمعان في
مكان واحد وهذه السنة متواترة ولماذا لم يرجع أبا حنيفة بعد جواب ابن
المبارك هذا ؟
التنوري)
ثنا أبو الفضل ثنا مسلم بن إبراهيم نا عبد الوارث بن سعيد قال نا سعيد
قال :جلست إلى أبي حنيفة بمكة فذكر شيئا ً فقال له رجل :روى عمر بن
الخطاب رضي هللا عنه كذا وكذا قال أبو حنيفة :ذاك قول الشيطان،
وقال له آخر أليس يروى عن رسول هللا صلى هللا عليه وعلى آله وسلم:
«أفطر الحاجم والمحجوم» ،فقال :هذا سجع فغضبت وقلت :إن هذا
قال أبو زرعة الرازي كما في سؤاالت البرذعي وهو يتحدث عن أبي
حنيفة ( ": )719 /2ويقول :القرآن مخلوق ويرد على رسول هللا صلى
هللا عليه وسلم ويستهزىء باآلثار ويدعو إلى البدع والضالالت ثم
وهذا جرح ال يمكن دفعه في الحقيقة إال بالمكابرة إذ لم يحك عنه رجوع
عن ذلك
وقد كفره أبو زرعة بهذا فقال ":وذكر أحاديث قد أوهم فيها وأنكرها
من رواياته ثم قال لي من قال القرآن مخلوق فهو كافر -فيعني بما اسند
الكفار"-
وهذا تكفير من أبي زرعة ألبي حنيفة وكذا قول مالك ( ليس من أهل
ابن عبد البر شيئا ً سوى الدفع بالصدر على عادته في كتابه المذكور
السبب الثالث من أسباب جرح أبي حنيفة :رد سنة النبي صلى
وكثير من الناس يقول في أبي حنيفة أنه لم تبلغه األدلة لذا خالف السنة ،
وهذا القول يحتاج إلى وقفة فإن سفيان الثوري قرين أبي حنيفة لم يسجل
عليه تلك المخالفات للسنة وما من فقيه إال وله مخالفات للسنة ألنها لم
عذره ويقول :ما بلغه الحديث ،وذلك ليس بشيء لوجهين :أحدهما :أنه
ال يجوز أن يفتي من يخفى عليه أكثر األحاديث الصحيحة .والثاني :أنه
وكالم ابن الجوزي هذا قوي جدا ً خصوصا ً أنه قد ثبت عنه السخرية من
بعض األخبار
قال عبد هللا بن أحمد في السنة : 202حدثني محمد بن هارون أبو نشيط
،ثنا أبو صالح الفراء ،سمعت الفزاري يعني أبا إسحاق ،قال :قال لي
األوزاعي :
إنا لننقم على أبي حنيفة أنه كان يجيء الحديث عن النبي صلى هللا عليه
وقد أثبت عليه رد السنة بعد بلوغها إليه اإلمام أحمد ابن حنبل
قال الخطيب في تاريخه ( : )176 /2أَ ْخبَ َرنَا أَبُو بَ ْك ٍر ْالبَ ْرقَانِّ ُّ
ي قَا َل قُ ِّر َ
ئ
َعلَى إسحاق النعالي وأنا أسمع حدثكم عبد هللا ابن إسحاق المدايني قال
يعقوب أبو يوسف متصفا في الحديث ،فأما أبو حنيفة ومحمد بن الحسن
فكانا مخالفين لألثر ،وهذان لهما رأى سوء .يعني أبا حنيفة ،ومحمد بن
الحسن.
وقوله ( مخالفين لألثر ) يعني بعد بلوغه وإال فأبو يوسف أيضا ً كان
عندهم حديث كثير ،فلم نكتب عنهم ،ألنهم معاندون للحديث ،ال يفلح
عبد البر وأبو زرعة ( وتقدم ذكر نصه ) يثبتون على هذا الرجل رد
السنة بعد بلوغها إليه ،وأبو زرعة الرازي كان من أهل الرأي في أول
أمره ،ولو روى عن أبي حنيفة لروى بواسطتين فقط فإذا أثبت قوالً
وكون أبي حنيفة كان له منهج خاص في قبول األخبار فليس هذا عذراً
له فإنه لم يكن من أهل الحديث حتى يكون له منهجه ،ولو اعتذرنا له
والعجيب أنه حتى بعد رد أبي حنيفة لألحاديث واستهزائه بها جاء من
يعتذر له بأنه كان صدوقا ً والكذب انتشر في الكوفة لذا كان يرد
األحاديث
وهذا عذر أقبح من ذنب كما يقال فهذا معناه أنه تسلق سلم النقد وكذب
الثقات وضعف األحاديث الصحيحة ولم يكن أهالً لذلك لذا كثر غلطه
وهو نفسه كان ضعيفا ً فكيف ينقد روايات غيره ،ولو لم يصح عندك
الحديث فهذا ال يبيح لك السخرية منه ألنه قد يكون له طريق صحيح لم
تقف عليه ،وقد ثبتت سخرية أبي حنيفة من أحاديث رد السيف فهل هذه
سليمان وسفيان الثوري الذي كان معاصراً ألبي حنيفة لم يؤثر عن أحد
منهم تكذيب األحاديث الصحيحة والسخرية منها فلم أبو حنيفة وحده
تفرد بهذا ؟
والكوفة كانت مألى بالثقات الحفاظ كشعبة وسفيان ومنصور واألعمش
وكان حديث ابن مسعود وحذيفة وسلمان وعمار وسعد بن أبي وقاص
ولماذا ينكر وكيع على أبي حنيفة كثرة مخالفة األحاديث الثابتة ووكيع
ومن يعرف مذهب أبي حنيفة وكثرة االحتجاج بالواهيات فيه يعلم أن
شيبة كوفي وعامة السنن التي ذكرها مستدركا ً على أبي حنيفة كوفية
المخرج
ولو كانت هذه األعذار مستقيمة العتذر بها السلف ألبي حنيفة فهم أعدل
الناس وأعذرهم
وإذا كنا نعتذر لمن يستهزيء بالسنة ،فال يعظمن أبا حنيفة إلى درجة
ولو جاءتني بعض فتاوى أهل العلم التي ال أقبلها وقلت فيها ( هذا رجز
وقد تقدم نص أبي رزعة في إثبات هذا القول على أبي حنيفة
قال عبد هللا بن أحمد في السنة : 215حدثني أبي ،ثنا شعيب بن حرب
،قال :سمعت سفيان الثوري ،يقول :ما أحب أن أوافقهم على الحق .
قلت ألبي رحمه هللا يعني أبا حنيفة ؟ قال :نعم ،رجل استتيب في
قلت ألبي رحمه هللا :كأن أبا حنيفة المستتيب ؟ قال :نعم .
سمعت أبي رحمه هللا ،يقول :أظن أنه استتيب في هذه اآلية { سبحان
ربك رب العزة عما يصفون } قال أبو حنيفة :هذا مخلوق ،فقالوا له :
تأويل فاسد إذ أن اإلرجاء ليس كفراً ،ولم يرد عن أحد من السلف أنه
العنبري ،قال :سمعت أبي يقول :سمعت سفيان الثوري ،يقول :
الدورقي ،ثنا هيثم بن جميل ،قال :قلت لشريك بن عبد هللا استتيب
أبو حنيفة ؟
استتيب أبو حنيفة من كفره مرتين من كالم جهم ومن اإلرجاء .
وهذه الرواية تبطل تأويل عمرو عبد المنعم سليم لذا أعلها بجهالة
هارون بن سفيان
والجواب :شيوخ عبد هللا بن أحمد ثقات إذ أنه لم يكن يكتب إال عمن
قال ابن حجر في تعجيل المنفعة ( " : )15/1كان عبدهللا ابن أحمد ال
إال عن أهل السنة حتى كان يمنعه ان يكتب عن من أجاب في المحنة "
َّللاِّ ب ُْن أَ ْح َمدَ ب ِّْن َح ْنبَ ٍل ،قَا َل:
وقال الخالل في السنة َ : 810وأ َ ْخبَ َرنَا َع ْبدُ َّ
فعبد هللا يروي عن أبيه بواسطته وال يرضى عبد هللا أن يجعل بينه وبين
بن سعيد القطان ،حدثنا يحيى بن آدم ،حدثنا شريك ،وحسن بن صالح
:
وقال عبد هللا بن أحمد في السنة : 319حدثنا موسى األنصاري ،قال :
سمعت أبا خالد األحمر ،يقول :استتيب أبو حنيفة من األمر العظيم
مرتين .
وذكر الساجي :قال :حدثنا أبو حاتم الرازي :حدثنا عباس بن عبد
بن يونس المصيصي منسوب إلى جده ثقة عابد وهو من شيوخ عباس
محمد بن الوليد قال :سمعت أبا مسهر يقول :قال سلمة بن عمرو
القاضي على المنبر :ال رحم هللا أبا حنيفة ،فإنه أول من زعم أن القرآن
مخلوق.
واألصل فيمن يتولى مثل هذا المنصب العدالة في تلك األزمان ،ولم
بن علي الطاهري ،حدثنا أبو القاسم البغوي ،حدثنا زياد بن أيوب،
َحدَّثَنِّي حسن بن أبي مالك -وكان من خيار عباد هللا -قال :قلت ألبي
يقول القرآن مخلوق .قال :قلت .فأنت يا أبا يوسف؟ فقال ال .قال أَبُو
وأي حسن كان؟! يعني الحسن بن أبي مالك .قال أَبُو القاسم :فقلت
للبرتي هذا قول أبي حنيفة؟ قال :نعم المشئوم .قال :جعل يقول أحدث
بخلقي.
وطعن عمرو بن عبد المنعم بهذا الخبر بحسن بن أبي مالك
وفاته أمران
األول :أن حسن بن أبي مالك وصف في السند بأنه من خيار عباد هللا ،
الثاني :أن البغوي نقل عن البرتي وهو فقيه حنفي تصديقه للخبر في
وإذا كان أبو يوسف والبرتي يثبتان عليه القول بخلق القرآن فهذا
(َ -32 : )274/13وقَا َل النخعيَ :حدَّثَنَا أَبُو َب ْكر المروذي قَا َلَ :
س ِّم ْع ُ
ت
َّللا أ َ ْح َمد بْن حنبل َيقُو ُل :لم يصح عندنا أَ َّن أَ َبا حنيفة َكانَ َيقُو ُل
أ َ َبا َعبْد َّ
وانفرد بعدة أخبار في مناقب أبي حنيفة ال يرويها إال هو ،ومنها هذا
وإذا خالفت روايته رواية عبد هللا ابن اإلمام أحمد رجحت رواية عبد هللا
قال عبد هللا بن أحمد في السنة : 215حدثني أبي ،ثنا شعيب بن حرب
،قال :سمعت سفيان الثوري ،يقول :ما أحب أن أوافقهم على الحق
.
قلت ألبي رحمه هللا يعني أبا حنيفة ؟ قال :نعم ،رجل استتيب في
اإلسالم مرتين يعني أبا حنيفة ،قلت ألبي رحمه هللا :كأن أبا حنيفة
المستتيب ؟ قال :نعم سمعت أبي رحمه هللا ،يقول :أظن أنه
استتيب في هذه اآلية ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون ) قال أبو
وقد قال عمرو ( هذا الحكم ظني فال يعتمد ) واإلمام أحمد إنما شك في
اآلية ولم يشك في أصل القصة وظن إمام حافظ كاإلمام أحمد يساوي
مرتين
ثم إن عجبي ال يكاد ينتهي ممن يحتج بهذا الخبر في تاريخ بغداد ( يعني
قال الخطيب في تاريخه :94أ َ ْخبَ َرنَا البرقاني ،حدثني محمد بن العباس
أبو عمرو الخزاز َ ،حدَّثَنَا أَبُو الفضل جعفر بن ُم َح َّمد الصندلي -وأثنى
عليه أبو عمرو جداَ -حدَّثَنِّي المروذي أَبُو بكر أَ ْح َمد بن الحجاج سألت
أبا عبد هللا -وهو أَ ْح َمد بن حنبل -عن أبي حنيفة وعمرو بن عبيد .فقال:
فبما إنه قد ثبت عنه القول بخلق القرآن ،فهل ثبت عنه الرجوع
رزق ،قَا َلَ :حدَّثَنَا َعلي بن أ َ ْح َمد بن ُم َح َّمد القَ ْز ِّوينِّي ،قَا َلَ :حدَّثَنَا أَبُو َعبْد
ت أَ ْح َمد بن ال َح َ
سن س ِّم ْع ُ الر ِّازي ال َع َّ
طار بالري ،قَا َلَ : ش ْي َبان َّ
هللا ُم َح َّمد بن َ
س ْف َيان بن َ
س ِّعيد ت الحكم بن بشيرَ ،يقُو ُلَ :
س ِّم ْع ُ
ت ُ النرمقي ،قَا َلَ :
س ِّم ْع ُ
الثوري ،والنعمان بن ثابت ،يقوالن :القُ ْرآن كالم هللا غير مخلوق.
قَا َلَ :حدَّثَنَا شجاع الثلجي ،قَا َلَ :حدَّثَنَا ُم َح َّمد بن سماعة ،عن أَ ِّبي يُو ُ
سف،
قَا َل :ناظرت أَبَا حنيفة ستة أشهرَ ،حتَّى قَا َل :من قَا َل :القُ ْرآن مخلوق
فَ ُه َو كافر.
النخعي ،حدثهم قَا َلَ :حدَّثَنَا أَ ْح َمد بن الصلت ،قَا َلَ :حدَّثَنَا ِّب ْشر بن الوليد،
سف ،عن أ َ ِّبي حنيفة ،قَا َل :من قَا َل :القُ ْرآن مخلوق فَ ُه َو
عن أ َ ِّبي يُو ُ
وعلي ابن المديني ،أخبارا جمعها بعد أن صنعها ِّفي مناقب أَ ِّبي حنيفة"
أبي صالح الهمذاني ،عن محمد بن أيوب الرازي ،قال :سمعت محمد
بن سابق ،يقول :سألت أبا يوسف ،فقلت :أكان أبو حنيفة يقول القرآن
مخلوق ؟ ،قال :معاذ هللا ،وال أنا أقوله ،فقلت :أكان يرى رأي جهم
أحمد بن يعقوب الثقفي ،ثنا عبد هللا بن أحمد بن عبد الرحمن بن عبد
هللا الدشتكي ،قال :سمعت أبي يقول :سمعت أبا يوسف القاضي ،
يقول :كلمت أبا حنيفة رحمه هللا تعالى سنة جرداء في أن القرآن
فهو كافر قال أبو عبد هللا رواة هذا كلهم ثقات
فإن صح هذا فقد رجع عن القول بخلق القرآن ولكن ال بد هنا من ثالثة
وقفات
األولى :أن الرجل قد أظهر التوبة من التجهم ثم عاد لذا كانت استتابته
مرتين
الثانية :أن أبا يوسف قد ناظره سنة كاملة ليقنعه بفساد هذا القول وهذا
قال الخطيب في تاريخه ( : )573 /15أَ ْخ َب َرنَا العتيقي ،قَا َلَ :حدَّثَنَا تمام
الر ِّازي بدمشق ،قَا َل :أَ ْخ َب َرنَا أَبُو الميمون َع ْبد
بن ُم َح َّمد بن َعبْد هللا َّ
ت نصر بن ُم َح َّمد ال َب ْغدَادِّي، الر ْح َمن بن َعبْد هللا ال َب َج ِّلي ،قَا َلَ :
س ِّم ْع ُ َّ
،فقد يكون ثبت عند هؤالء األئمة أمر لم نطلع عليه وأنا متوقف في هذه
المسألة
وأبو زرعة وابن معين لهما خصوصية في حال أبي حنيفة فابن معين
كان تلميذا ً لمحمد بن الحسن الشيباني وقرأ عليه كتاب الجامع وأدرك
عددا ً ممن أدرك أبا حنيفة ،بل ادعى جماعة أنه كان على مذهبه في
الفقه
وأما أبو زرعة فكان هو نفسه من أهل الرأي -ثم رجع إلى مذهب أهل
ثقات -فإذا أثبت هو وابن معين على أبي حنيفة شيئا ً كان دفعه شاقا ً
على الدافع
وعادة الباحثين في هذا الباب أنهم يقولون ( المثبت مقدم على النافي ) ،
فيقدم قول ابن معين وأبي زرعة على قول أحمد ( إن صح ) ألن أحمد
ناف وهما مثبتان ،ولكن هذه القاعدة من القواعد التي غيبت أيضا ً في
بحث أبي حنيفة ،بل غاية أمر أحمد إذا قال ( لم يصح ) أنه يضعف
راوي تلك الحكاية أو يجهله فإذا عدله أبو زرعة وابن معين ارتقا إلى
الحجية
الغالي
سمعت رجالً يسأل أبا حنيفة في المسجد الحرام عن رجل قال أشهد أن
الكعبة حق ولكن ال أدري هي هذه أم ال ،فقال :مؤمن حقاً .وسأله عن
رجل قال أشهد أن محمدا ً بن عبد هللا نبي ولكن ال أدري هو الذي قبره
بالمدينة أم ال .قال :مؤمن حقا ً -قال أبو بكر الحميدي :ومن قال هذا فقد
كفر . -
قال أبو بكر :وكان سفيان يحدث عن حمزة بن الحارث حدثنا مؤمل ابن
قال عبد هللا بن أحمد في السنة : 316حدثني محمد بن هارون ،نا أبو
صالح ،قال :سمعت الفزاري وحدثني إبراهيم بن سعيد ،نا أبو توبة ،
عن أبي إسحاق الفزاري ،قال :كان أبو حنيفة يقول إيمان إبليس
وإيمان أبي بكر الصديق رضي هللا عنه واحد ،قال أبو بكر :يا رب ،
وقد روى الشيباني عن أبي حنيفة أنه كان يكره أن يقال ( إيماني كإيمان
جبريل ) يعني من باب التواضع والشيباني متهم بالكذب وال ندري أي
الفقهاء
غير أنه قد ذهب بعض أهل العلم في عصرنا إلى أن مرجئة الفقهاء من
أهل السنة ،وخالفهم غيرهم من أهل العلم ،وصار بعض من يرى أن
مرجئة الفقهاء من أهل السنة ينكر على من ذهب إلى أنهم من أهل البدع
قال عبد هللا بن أحمد في السنة : 594حدثني أبي ،نا هاشم بن القاسم ،
عن محمد يعني ابن طلحة ،عن سلمة بن كهيل ،قال :
وصف ذر اإلرجاء وهو أول من تكلم فيه ،ثم قال :إني أخاف أن يتخذ
هذا دينا ،فلما أتته الكتب من اآلفاق قال فسمعته يقول بعد :وهل أمر
غير هذا ؟
وذر بن عبد هللا هذا كوفي ،وهو أعلى طبقةً من الجهم فإنه من كبار
أتباع التابعين ،وكان عنده من العلم ما حمل بعض الفقهاء كحماد بن
سليمان وغيره على اتباعه ،بخالف الجهم بن صفوان فإن الناس كانوا
وإن كان قول األشعرية في اإليمان مقاربا ً لقول الجهم بل هو قول جهم
على التحقيق
األمر الثاني :أن قول الجهمية في اإليمان كفري عندنا وعند مرجئة
الفقهاء
قال ابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصالة ( ": )324 /2قد جامعتنا
في هذا المرجئة كلها على أن اإلقرار باللسان من اإليمان إال فرقة من
فقط بعد شهادة هللا على قلوب من سماهم كافرين بأنهم عارفون فضادوا
خبر هللا ،وسموا الجاحد بلسانه العارف بقلبه مؤمنا ،وأقرت المرجئة
مرجئة الفقهاء ،ألنهم أقدم في الظهور ،وألن أهل العلم اعتادوا على
ومما يدل على أن السلف إذا أطلقوا ( المرجئة ) أرادوا بذلك مرجئة
الفقهاء
ان قَ ْو ٌل. سئِّ َل َع ِّن ْال ُم ْر ِّجئ َ ِّة َ ,م ْن ُه ْم ؟ قَا َل :الَّذِّينَ يَقُولُونَ ِّ :
اإلي َم ُ َّ
َّللاِّ ُ
أقول :ومرجئة الجهمية ال يدخلون ( القول ) في مسمى اإليمان ،فهم
ليسوا مقصودين بهذا ،بل ما أراد إال مرجئة الفقهاء فإن مرجئة
ص ْل ِّ
ت ،قَا َل : -1قال ابن سعد في الطبقات :9192أ َ ْخبَ َرنَا ُم َح َّمدُ ب ُْن ال َّ
ور ب ُْن أ َ ِّبي األ َ ْس َو ِّد َ ،ع ِّن األ َ ْع َم ِّش ،قَا َل :
ص َُحدَّثَنَا َم ْن ُ
الهمداني الذي أحدث اإلرجاء ولم يدرك بدعة الجهمية لذا ال يحفظ له
كال ٌم فيها ،بل يريد هنا إرجاء الفقهاء الذي وقع فيه فيما بعد تلميذه
-2قال ابن سعد في الطبقات :9188أ َ ْخبَ َرنَا ُم َح َّمدُ ب ُْن َع ْب ِّد هللاِّ قَا َل :
أقول :واألمر بهجرانهم على مقالتهم يدل على أنهم عنده من أهل البدع
-3قال عبد هللا بن أحمد في السنة : 541حدثني أبي ،نا إسماعيل ،
عن أيوب ،قال :قال سعيد بن جبير غير سائله وال ذاكرا ذاك له :
ال تجالس طلقا يعني أنه كان يرى رأي المرجئة .
وسعيد بن جبير من شيوخ ذر الذين نسب إلى إحداث اإلرجاء
قال الخالل في السنة وهو يحكي كتاب اإليمان لإلمام أحمد : 1354
-4قال عبد هللا بن أحمد في السنة : 624حدثني أبي ،نا عبد هللا بن
نمير ،عن جعفر األحمر ،قال :قال منصور بن المعتمر -في شيء :
حدثنا الحسين بن محمد بن حبش المقرئ ،قال :حدثنا أبو محمد عبد
سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين ،وما
فذكرا اعتقادا ً
ومما جاء فيه ":فمن قال :إنه مؤمن حقا فهو مبتدع ،ومن قال :هو
مؤمن عند هللا فهو من الكاذبين ،ومن قال :هو مؤمن باهلل حقا فهو
وكان شريك شديدا ً على المرجئة ،حتى أنه لم يقبل شهادة أبي يوسف
ان ؟.
اإلي َم ِّ
ت ِّمنَ ِّ صالَة ُ لَ ْي َ
س ْ ش َهادَة َ َر ُج ٍل َيقُو ُل :ال َّ ش َهادَتُهُ ,فَقَا َل :أ ُ ِّج ُ
يز َ َ
ت أ َ ْح َمدَ بْنَ َح ْنبَ ٍل ,يَقُو ُل :الَ يُ ْع ِّجبُنَا أ َ ْن نَقُو َل ُ :مؤْ ِّم ٌن َحقًّا َ ,والَ
س ِّم ْع ُ
َ
أقول :قول إسحاق بالتكفير ال أعلم أحداً تابعه عليه ،والمقالة ذكرها
على أنهم من أهل البدع عندهم فإذا قلنا أنهم يهجرون وقولهم بدعة لم
والزكاة ليستا من اإليمان ،فقد أكذبهم هللا عز وجل ،وأبان خالفهم .
واعلموا رحمكم هللا أن هللا عز جل لم يثن على المؤمنين ،ولم يصف ما
برضاه عنهم إال بالعمل الصالح ،والسعي الرابح ،وقرن القول بالعمل
الثالثة ال ينفصل بعضها من بعض ،وال ينفع بعضها دون بعض ،
فنعتهم بالضالل
سلَ ْي َم ُ
ان ب ُْن -8قال الخالل في السنة :1146أ َ ْخبَ َرنَا أَبُو بَ ْك ٍر ْال َم ُّرو ِّذ ُّ
ي َ ,و ُ
صلَّى خ َْلفَهُ.
ف ْال ُم ْر ِّج ِّئ ؟ قَا َل ِّ :إذَا َكانَ دَا ِّع َيةً فَالَ يُ َ
صلَّى خ َْل َ
أل َ ْح َمدَ :يُ َ
ت أَ ْح َمدَ ,يَقُو ُل :الَ َ :1147وأ َ ْخبَ َرنِّي َح ْر ُ
ب ب ُْن ِّإ ْس َما ِّعي َل ,قَا َل َ :
س ِّم ْع ُ
أقول :وأحمد هنا ال يعني إذا مرجئة الفقهاء ،فإن الجهمية عنده كفار ال
تختلف عنه الرواية في ترك الصالة خلفهم متى قدر المرء على ذلك
أبي عن أسد بن عمرو وأبي يوسف فقال أصحاب أبي حنيفة ال ينبغي
قلت :هذا أبلغ في تقرير الحجة ألن اإلرجاء أشد من القول بالرأي
-9قال الخالل في السنة َ :981وأ َ ْخ َب َرنِّي ُم َح َّمدُ ب ُْن َج ْعفَ ٍر ,أَ َّن أَ َبا
اء ,
اإل ْر َج ِّ شبَابَةُ يَدْ ُ
عو ِّإلَى ِّ ث َحدَّث َ ُه ْم ,قَا َل :قَا َل أَبُو َع ْب ِّد َّ
َّللاِّ َ :كانَ َ ْال َح ِّ
ار ِّ
َو َكت َ ْبنَا َع ْنهُ قَ ْب َل أ َ ْن نَ ْعلَ َم أَنَّهُ َكانَ يَقُو ُل َه ِّذ ِّه ْال َمقَالَةَ َ ,كانَ يَقُو ُل ِّ :
اإلي َم ُ
ان
:982أ َ ْخ َب َرنَا ُم َح َّمد ُ ب ُْن َع ِّلي ٍ ,قَا َل َ :حدَّثَنَا أَبُو َب ْك ٍر األَثْ َر ُم ,قَا َل َ :
س ِّم ْع ُ
ت
شبَابَةَ قَ ْو ٌل أ َ ْخبَ ُ
ث ِّم ْن َه ِّذ ِّه اء ,قَا َل َ :وقَدْ ُح ِّك َ
ي َع ْن َ عو ِّإلَى ِّ
اإل ْر َج ِّ يَدْ ُ
المفهمة
وحتى من جهة النظر يلزم تبديعهم ،فأهل السنة يبدعون من يفضل عليا ً
من األدلة على فضل الشيخين على علي ،وعلى ثبوت خالفة علي
عمي ُ
ووجدت في كتب اإلمام ِّ وجاء في ذيل طبقات الحنابلة (": )53/1
بخ َ
طه :قال القاسم بن محمد أبو الحارث :حدثنا يعقوب بن إسحاق
ُ
سمعت هارون الحمال يقول :سمعت أحمد بن حنبل ،وأتاه البغدادي،
فض ُل عمر بن عبد العزيز
رجل فقال :يا أبا عبد َّللا :إن ههنا رجل يُ ِّ
على معاوية بن أبي سفيان ،فقال أحمد :ال تجالسه ،وال تؤاكله وال
س ِّم ْع ُ
ت وقال الخالل في السنة :658أ َ ْخبَ َرنَا أَبُو َب ْك ٍر ْال َم ُّرو ِّذ ُّ
ي ,قَا َل َ :
ب َوقَا َل َ :ما قَ ْو ًما قَالُوا :الَ نَقُو ُل ُ :م َعا ِّويَةُ َخا ُل ْال ُمؤْ ِّمنِّينَ ,فَغ ِّ
َض َ
ث َارونَ َ ,و ُم َح َّمدُ ب ُْن َج ْعفَ ٍر ,أ َ َّن أَ َبا ْال َح ِّ
ار ِّ :659أ َ ْخ َب َرنِّي ُم َح َّمد ُ ب ُْن أ َ ِّبي ه ُ
َحدَّث َ ُه ْم قَا َل َ :و َّج ْهنَا ُر ْق َعةً ِّإلَى أ َ ِّبي َع ْب ِّد َّ
َّللاِّ َ :ما تَقُو ُل َر ِّح َم َك َّ
َّللاُ فِّي َم ْن قَا َل
ب ْال َو ْحي ِّ َ ,والَ أَقُو ُل ِّإنَّهُ خَا ُل ْال ُمؤْ ِّمنِّينَ ,فَإِّنَّهُ
:الَ أَقُو ُل ِّإ َّن ُم َعا ِّويَةَ َكات َ ُ
ْف َغ ْ
ص ًبا ؟ أ َ َخذَهَا ِّبال َّ
سي ِّ
س ْوءٍ َردِّي ٌء ,يُ َجانَبُونَ هَؤُ الَ ِّء ْالقَ ْو ِّم َ ,والَ قَا َل أَبُو َع ْب ِّد َّ
َّللاِّ َ :هذَا قَ ْو ُل َ
فإذا كان من ينكر أن معاوية خال المؤمنين يبدع فكيف بمن يقول أن
األول :قول شيخ اإلسالم كما في مجموع الفتاوى ( ": )394 /7وهذه
الشبهة التي أوقعتهم مع علم كثير منهم وعبادته وحسن إسالمه وإيمانه
ولهذا دخل في إرجاء الفقهاء جماعة هم عند األمة اهل علم ودين ولهذا
لم يكفر أحد من السلف أحدا من مرجئة الفقهاء بل جعلوا هذا من بدع
كل النزاع معهم لفظي ،بل قال ( كثيرا ً ) ،ولم يقل ( كل النزاع )
وقال شيخ اإلسالم كما في مجموع الفتاوى ( ِّ ": )748 /10ب ِّخ َال ِّ
ف
َهؤ َُال ِّء لَ ْم يُ َك ِّف ْر ُه ْم أ َ َحدٌ ِّم ْن ْاأل َ ِّئ َّم ِّة َو ِّإنَّ َما َبدَّ ُ
عو ُه ْم"
في األلفاظ واألسماء ولهذا يسمى الكالم في مسائلهم باب األسماء وهذا
من نزاع الفقهاء لكن يتعلق بأصل الدين فكان المنازع فيه مبتدعا"
س َل ُ
ف" وقال شيخ اإلسالم كما في مجموع الفتاوى (َ ": )556/7و " ال َّ
وقال شيخ اإلسالم كما في مجموع الفتاوى ( ": )414 /35و " ْال ِّبدْ َعةُ
اء َما ا ْشتَ َه َر ِّع ْندَ أَ ْه ِّل ْال ِّع ْل ِّم ِّبال ُّ
سنَّ ِّة الر ُج ُل ِّم ْن أ َ ْه ِّل ْاأل َ ْه َو ِّ
" الَّتِّي يُ َعدُّ ِّب َها َّ
ض َو ْالقَدَ ِّر َّي ِّة سنَّ ِّة؛ َك ِّبدْ َع ِّة ْالخ ََو ِّارجِّ َو َّ
الر َوا ِّف ِّ ُمخَالَفَت ُ َها ِّل ْل ِّكتَا ِّ
ب َوال ُّ
التنبيه الثاني :قد ورد عن بعض مرجئة الفقهاء أنهم يرون السيف ،بل
نسب ذلك بعض الناس للفرقة كلها ،وعلى هذا ال يجوز أن يقال فيمن
يرى السيف أنه سني إذا صح عنه ذلك إذ أن القول بالسيف فيص ٌل بين
بن إبراهيم قال :حدثنا سعيد بن عامر قال :حدثنا سالم بن أبي مطيع
قال :كان أيوب يسمي أصحاب البدع خوارج ،ويقول :إن الخوارج
ضى َو َال ت ُ ْق َب ُل َ
ش َهادَتُهُ َون َْح ُو ذَ ِّل َك" َو َال يُ ْستَ ْق َ
قال عبد هللا بن أحمد في السنة : 352حدثني سويد بن سعيد ،نا عبد هللا
قال ابن حبان في المجروحين ":لم يكن ال َحدِّيث صناعته حدث ِّب ِّمائَة
َوث َ َال ِّثينَ َحدِّيثا مسانيد َما لَهُ َحدِّيث ِّفي الدُّ ْن َيا غَيره أَخ َ
طأ ِّم ْن َها ِّفي مائَة
َوع ْشرين َحدِّيثا ِّإ َّما أَن يكون أقلب ِّإ ْسنَاده أَو غير َمتنه من َحي ُ
ْث َال يعلم
ص َوابه ا ْستحق ترك ِّاال ْحتِّ َجاج ِّب ِّه فِّي ْاأل َ ْخبَار
فَلَ َّما غلب خَط ُؤهُ على َ
ِّفي ِّه خالفًا على أَن أ َ ِّئ َّمة ْال ُمسلمين َوأهل ْال َورع ِّفي الدَّين ِّفي َج ِّميع
سائِّر األقطار جرحوه وأطلقوا َعلَ ْي ِّه ْالقدح ِّإ َّال ْال َو ِّ
احد بعد ْاأل َ ْم َ
صار َو َ
ْال َو ِّ
احد"
قال عبد هللا بن أحمد في السنة : 185حدثني أبو الفضل الخراساني ،
ونحن عنده
إن أبا حنيفة كان مرجئا يرى السيف .فلم ينكر عليه ذلك ابن المبارك
وقال عبد هللا في السنة : 186حدثني أبو الفضل الخراساني ،ثنا
كان أبو حنيفة يرى السيف قلت :فأنت ؟ قال :معاذ هللا .
وهذا النص بعد وفاة أبي حنيفة وأبو يوسف نصه مقدم على كالم
وقال عبد هللا في السنة : 314حدثني محمد بن هارون أبو نشيط ،
حدثني أبو صالح يعني الفراء قال :سمعت أبا إسحاق الفزاري ،يقول :
وقال عبد هللا في السنة : 327حدثني أبو الفضل الخراساني ،نا أحمد
بن الحجاج ،نا سفيان بن عبد الملك ،حدثني ابن المبارك ،قال :
ذكرت أبا حنيفة عند األوزاعي وذكرت علمه وفقهه فكره ذلك
وقال ابن أبي حاتم تقدمة الجرح والتعديل ص 269نا محمد بن احمد بن
ابي عون النسائي نا احمد بن حكيم أبو عبد الرحمن هذا الباب بتمامه
كنت عند هارون امير المؤمنين وأبو يوسف بجنبه إذ دخل عليه أبو
اسحاق الفزاري فأقيم من بعيد قال فنظر إليه هارون فقال انا هلل وانا إليه
راجعون وقع الشيخ موقع سوء ،قال وإذا الرجل عزيم صريم.
قال فقال له هارون :انت الذي تحرم لبس السواد ؟ قال فقال معاذ هللا يا
امير المؤمنين انا من اهل بيت سنة وجماعة ولقد خرجت مرة في بعض
هذه الثغور وخرج اخي مع ابراهيم إلى البصرة فقال لي استاذ هذا [
فيكم ،فلعل هذا الجالس بجنبك اخبرك بهذا ،على هذا وعلى استاذه
قال فما زال هارون يقول له :ادن -حتى اقعده فوق ابي يوسف ،وابو
يوسف منكس رأسه ،قال فقال له يا ابا اسحاق قد امرنا لك بثالثة آالف
فيا ليت شعري البرتي ينكر عليه القول بخلق القرآن وأبو يوسف ينكر
عليه القول بالسيف وسيأتي قول الشيباني فيه ( جاهل بالكتاب جاهل
بالسنة ) فهذا قول أصحابه فيه فهل نحن أعظم توقيراً له من أصحابه ؟!
السبب التاسع من أسباب جرح أبي حنيفة :قوله بالحيل
الحنائي ،قَا َل :أ َ ْخبَ َرنَا ُم َح َّمد بن عبد هللا الشافعي ،قَا َلَ :حدَّثَنَا ُم َح َّمد بن
ِّإ ْس َما ِّعيل السلمي ،قَا َلَ :حدَّثَنَا أَبُو توبة الربيع بن نافع ،قَا َلَ :حدَّثَنَا عبد
هللا ابن المبارك ،قال :من نظر في كتاب الحيل ألبي حنيفة أحل ما حرم
قَا َلَ :حدَّثَنَا أَبُو بكر األثرم ،قالَ :حدَّث َ ِّني زكريا بن سهل المروزي ،قال:
سمعت الطالقاني أبا إسحاق ،يقول :سمعت ابن المبارك ،يقول :من كان
كتاب الحيل في بيته يفتي به أو يعمل بما فيه فهو كافر ،بانت امرأته،
وبطل حجه.
قال :فقيل له :إن في هذا الكتاب إذا أرادت المرأة أن تختلع من زوجها
ارتدت عن اإلسالم حتى تبين ،ثم تراجع اإلسالم ،فقال عبد هللا :من
وضع هذا فهو كافر ،بانت منه امرأته ،وبطل حجه ،فقال له خاقان
المؤذن :ما وضعه إال إبليس ،قال :الذي وضعه عندي أبلس من إبليس.
وقال زكريا :أ َ ْخبَ َرنَا الحسين بن عبد هللا النيسابوري ،قال :أشهد على
عبد هللا ،يعني :ابن المبارك شهادة يسألني هللا عنها ،أنه قال لي :يا
حسين ،قد تركت كل شيء رويته عن أبي حنيفة ،فأستغفر هللا وأتوب
إليه.
وقد أثبت على أبي حنيفة القول بالحيل شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا
تعالى
فيوجب فيه الخمس لكنه ال يوجب ما سوى صدقة الفطر والعشر إال
وذكر ابن القيم في بدائع الفوائد أن من أصول أبي حنيفة القول بالحيل
اإلسالم وأهله :الحيل والمكر والخداع الذى يتضمن تحليل ما حرم هللا،
وأنكروه.
وكذلك الحيل نوعان :نوع يتوصل به إلى فعل ما أمر هللا تعالى به،
ظالماً ،والظالم مظلوماً ،والحق باطالً والباطل حقا ً ،فهذا النوع الذى
فهنا ابن القيم يصرح بأن السلف اتفقوا على ذم الحيل والرأي المحدث
وقد تكلم شيخ اإلسالم في بيان الدليل على إبطال على موضوع الحيل
وتوسع في نقضه وبيان ضاللة أهله وهو في هذا الكتاب إنما يناقش
س ِّمعت بن ْال ُم َب َ
ار ِّك َيقُو ُل َم ْن َكانَ ِّع ْندَهُ ِّكتَ ُ
اب ِّإ ْس َحاق ال َّ
طالقَا ِّني َيقُول َ
ْال ِّح َي ِّل يُ ِّريد ُ أ َ ْن َي ْع َم َل ِّب َما ِّفي ِّه فَ ُه َو َكا ِّف ٌر َو َبان ْ
َت ِّم ْنهُ ْام َرأَتُهُ َو َب َ
ط َل َح ُّجهُ ث ُ َّم
سقَ َ
ط َع ْنهُ الم َ
اإل ْس ِّ ظاه ََر ِّمنَ ا ْم َرأَتِّ ِّه فَ ْ
ارتَدَّ َ
ع ِّن ِّ الن لَ ْو أ َ َّن َر ُجال َ
قَا َل قَا َل فُ ٌ
والحيل في حقيقتها تحليل لما حرم هللا عز وجل ،ومن نظر في حيل
القوم في باب الفروج اقشعر جلده ،وهي سير على طريق اليهود الذين
اعتدوا في السبت
واعجب ممن يحارب القوانين الوضعية ويحارب فقه التيسير وأهله ثم
في الرد على الرافضة ،والقت نفرة عظيمة من العامة فكيف لو علموا
ولهذا كان ابن الهمام الحنفي يفتي بجواز تتبع الرخص كما في فتح
قال الشوكاني في نيل األوطار (َ ": )355/3و َهذَا ت َ ْع ِّوي ٌل َعلَى َرأْي ٍ فَا ِّس ٍد
الرأْي ِّ"
ف ِّم ْن أ َ ْه ِّل َّ
سلَ ُ
ال َّ
أقول :هنا الشوكاني ينقل تحذير السلف من أهل الرأي ،مقراً له بل
كثير من السنة
ويذكر وجهه ،ويرمي أهل الرأي برد ٍ
نقلت هذا الكالم ردا ً على من زعم أن ذم أهل الرأي قد هجره أهل العلم
فالجواب :ال ينطبق مسمى أهل الرأي على أحد من المذاهب الفقهية
لوجدت عبد القادر القرشي كثيرا ً ما يصف أصحابه ب(إمام أهل الرأي
)
وقد صرح الشوكاني بأن الحنفية هم أهل الرأي في السيل الجرار حيث
قال" " :فهذه األحاديث متعاضدة على تقديم الكفارة على الحنث قال ابن
وهو هنا إنما ينقل كالم السلف ،وكل من نظر في كالمهم بعين
وهنا سؤال :هل أهل الرأي من أهل الحديث أم هم قسيم أهل الحديث
والفرقة الناجية بأنهم أهل الحديث حتى قال قائلهم ( إن لم يكونوا أهل
الحديث فال أدري من هم ) ،فإذا كان أهل الرأي من أهل الحديث فهم
والحق أنهم قسيم أهل الحديث ،وقسيم الشيء ال يكون قسما ً منه ،بل ال
"وأَ َّما
وقال شيخ اإلسالم كما في مجموع الفتاوى (َ : )404/30
وقال الخطيب في الفقيه والمتفقه مبينا ً سبب عداوة أهل الرأي ألهل
،فأنا أبين السبب فيه ليعرفه من لم يكن يدريه أما أهل الرأي فجل ما
سئلوا عنها بينوا حالها ،وأظهروا فسادها ،فشق عليهم إنكارهم إياهم ،
ع لَ ْم
ار َ قال شيخ اإلسالم كما في الفتاوى الكبرى ( : )139/5فَإِّ َّن ال َّ
ش ِّ
ش ُرو ُ
ط ط ِّب َه ِّذ ِّه ْاأل َ ْلفَ ِّ
اظ الَّ ِّتي ذَ َك ُروهَاَ ،و َال يُو َجدُ ِّفي َك َال ِّم ِّه ُ اس قَ ُّ
َيد ُ َّل النَّ َ
ْال َبيْعِّ ،أ َ ْو النِّ َكاحَِّ ،كذَاَ ،و َكذَاَ ،و َال َه ِّذ ِّه ْال ِّع َبادَةُ ،أ َ ْو ْال َع ْقدُ َ
ص ِّحي ٌح؛ أَ ْو لَي َ
ْس
فإذا علمت هذا فمسمى الطائفة المنصورة والفرقة الناجية ال يدخل فيه
أهل الكالم وأهل الرأي وأهل التصوف ،وإن كان في أفرادهم من هو
فى قول أحمد" :ال يروى عن أهل الرأى" تكلم عليه ابن عقيل بكالم
كثير قال في رواية عبد هللا أصحاب الرأى ال يروى عنهم الحديث قال
،أنه نوع من الهجرة فانه قد صرح بتوثيق بعض من ترك الرواية عنه
أقول :هذا نص مهم يبين فيه والد شيخ اإلسالم أن اإلمام أحمد كان
يدعو إلى ترك الرواية عن أهل الرأي وإن كانوا ثقات ،وأن هذا من
باب هجران المبتدع ،ويمثل بأبي يوسف القاضي ،وشيخ اإلسالم هنا
آدم بن موسى قال :سمعت محمد بن إسماعيل البخاري قال :أسد بن
عمرو أبو المنذر البجلي كوفي صاحب رأي ليس بذاك عندهم .حدثنا
عبد هللا بن أحمد قال :سألت أبي عن أسد بن عمرو صدوق ؟ قال :
تعالى
وليعلم أن أبا يوسف القاضي من أفضل أهل الرأي -على باليا عظيمة
وقع فيها ، -فقد خالف إمامه في مسائل كثيرة كان الحق فيها معه ،ولم
يصح عنه قول الجهمية بل صح عنه أنه ذم الجهمية والمقاتلية كما في
تاريخ بغداد ،وكان ينكر القول بالسيف ،وكان صدوقا ً في الحديث لم
يكن ضعيفا ً ،ومع ذلك امتثل أصحاب الصحيحين وصية اإلمام أحمد
بترك الرواية عن أهل الرأي كما ذكر والد شيخ اإلسالم بل وامتثلها
فإن قال قائل :أليس قد خرجوا لبعض أهل البدع ممن هم ليسوا في
األول :أن يقال أنهم خرجوا لمن ال يرونه داعيةً ،وقد رأوا هؤالء
الثاني :أن يكون أهل الرأي لقلة عنايتهم باآلثار ال يحتاج إليهم ،مع ما
هم عليه من الحال غير المرضية عند السلف لهذا هجروا روايتهم
وليعلم أن أهل الرأي يعظمون أبا يوسف جداً ويعدونه اإلمام الثاني في
مذهبهم ،ومن أخذ بقوله وخالف قول اإلمام لم يكن عندهم خارجا ً من
المذهب ،فإذا كان األمر كذلك فال شك أن يكرهون ذلك الكالم الذي
وقال ابن القيم في إعالم الموقعين ( ": )207/4وال خالف عنه -يعني
أحمد -في أنه ال يستفتي أهل الرأي المخالفون لسنة رسول هللا -صلى
هللا عليه وسلم -وباهلل التوفيق وال سيما كثير من المنتسبين إلى الفتوى
في هذا الزمان وغيره وقد رأى رجل ربيعة بن أبي عبد الرحمن يبكي
ويقره فليس كالم أحمد مهجورا ً كما يزعم بعضهم ،وإذا كان أحمد ال
الرأْي ا َ ْو ل َه َ
ؤُالء اعني اصحاب ال َحدِّيث على َما قد َكانَ من الصحاب َّ
الرأْي َ
ض ِّعيف قلَّة معرفتهم قَا َل ي ْسأَل اصحاب ال َحدِّيث َال ي ْسأَل اصحاب َّ
وقال ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة في ترجمة الحافظ أحمد بن
الفرات الرازي ( ": )54/1ونقل َع ْن إمامنا أشياء منها قَا َل :قَا َل أَ ْح َمد
من دل َعلَى صاحب رأي ليفتيه فقد أعان َعلَى هدم اإلسالم"
قال أبو إسماعيل الهروي في ذم الكالم : 351أَ ْخ َب َرنَا أَ ْح َمدُ ب ُْن ُم َح َّم ِّد ب ِّْن
ي ْال َحافِّ ُ
ظ ِّب ِّب ِّي َك ْندَ َحدَّثَنَا أَبُو سي َْر َجانِّي ِّ أَ ْخ َب َرنَا أَ ْح َمد ُ ب ُْن َع ِّلي ٍ ال ُّ
سلَ ْي َمانِّ ُّ ال َّ
وقد نص شيخ اإلسالم ابن تيمية على أنهم من أقل الناس نفعا ً في باب
دالة على عامة الفروع الواقعة كما يعرفه من يتحرى ذلك ويقصد
اإلفتاء بموجب الكتاب والسنة وداللتها وهذا يعرفه من يتأمل كمن يفتى
في اليوم بمائة فتيا أو مائتين أو ثالثمائة وأكثر أو أقل وأنا قد جربت
ذلك ومن تدبر ذلك رأى أهل النصوص دائما أقدر على اإلفتاء وأنفع
للمسلمين في ذلك من أهل الرأى المحدث فإن الذى رأيناه دائما أن أهل
رأى الكوفة من أقل الناس علما بالفتيا وأقلهم منفعة للمسلمين مع
كثرة عددهم وما لهم من سلطان وكثرة بما يتناولونه من األموال الوقفية
يجيبوا فيها وإن أجابوا فقل أن يجيبوا بجواب شاف وأما كونهم يجيبون
المسلم من دار الكفر إلى دار اإلسالم ,وهجرة الناس من دار الفجور
للبدع ,كما أمر النبي – صلى هللا عليه وسلم – بهجرة الثالثة الذين
خلفوا ,وأمر عمر بهجر صبيغ بن عسل ,وأمر األئمة بهجران الدعاة
إلى البدع بحيث ال يتخذون حكاما ً وال شهودا ً وال أئمةً وال مفتين وال
محدثين ,وال يجالسون وال يخاطبون ,ونحو ذلك ,كل هذا له
مقصودان :
هجران الذنوب تركها ,قال النبي صلى هللا عليه وسلم :المهاجر من
هجر ما نهى هللا عنه ,والهجرة من دار الحرب ليتمكن المسلم من إقامة
دينه ولوائه الجهاد ,ولئال يقع فيما هم فيه ,وكذلك هجران قرناء السوء
,لئال يرى القبيح ويسمعه فيكون شريكا ً لهم كما قال تعالى { :إنكم إذن
مثلهم } ولئال يوقعوه في بعض ذنوبهم فإن المرء على دين خليله ,
فلينظر أحدكم من يخالل ,فاألول يكون بترك مخالطتهم وقت الذنوب ,
,فإن المعاشرة قد تجر إلى القبيح ,فمن كان مضطراً إلى معاشرتهم أو
المقصود الثاني :تضمنها نهي المهجور وتعزيره وعقوبته فيكون جزا ًء
والتعزيرات لتنكيل المهجور وغيره على ذلك الذنب ,وتلك الهجرة من
شرعت بالمدينة بعد تبوك لما كان اإلسالم في غاية القوة ,فإن الثانية
وهذا إذا كان ممن يؤثر في المهجور حصول المنفعة ,وربما كان فيه
وأهل السنة والحديث يهجرون الداعية إلى البدع من الكالم أو الرأي أو
العبادة ,ولهذا كان أهل السنة قد تجنبوا فيها الرواية عن الدعاة إلى
البدع عندهم من أهل الكالم كعمر بن عبيد وغيره ,ومن أهل الرأي
كأهل الرأي من أهل الكوفة ,وهو فعل أحمد ابن حنبل معهم ,وهذا
وما ذكره شيخ اإلسالم من أن أحمد كان يهجر أهل الرأي ثابت عنه بل
أبي عن أسد بن عمرو صدوق ؟ قال :أصحاب أبي حنيفة ليس ينبغي
أقول :فإذا كان هذا مذهب أحمد في كتابة الحديث عنهم فما عساه أن
إلى اتباع األئمة ولو صدق باتباعهم لعلم أن الرواية ال تختلف عن أئمة
وقد نص الشيخ هنا على تبديع أهل الرأي وهذه نقلها حرب مسألة
إجماع
اس إلَ ْي ِّه َ ،ويُشَنِّ ُع ِّل ُمخَالَفَ ِّة ْال َحدِّي ِّ
ث ض النَّ ِّ اس َ :كذَا َو َكذَا ،يُش ُ
ِّير ِّب َب ْع ِّ النَّ ِّ
س َم ْرقَ ْندَ.
طنَ َ شأ َ ِّبنَ ْي َ
سابُ ْو َرَ ،وا ْستو َ ص ٍر ِّببَ ْغدَادََ ،ونَ َ ِّإ ْس َحاقَ ُ :و ِّلدَ ُم َح َّمد ُ ُ
بن نَ ْ
صلَّى َّ
َّللاُ فرأَي ُ
ْت النَّ ِّب َّ
يَ - سلَّ َم -أَ ْغفَي ُ
ْتَ ، صلَّى َّ
َّللاُ َعلَ ْي ِّه َو َ َم ْس ِّج ِّد النَّ ِّبي ِّ َ -
ي ال َّ
شافِّ ِّعيِّ؟ س ْو َل هللاِّ !أَ ْكت ُ ُ ْ سلَّ َم -فِّي ال َمن َِّام ،فَقُ ْل ُ
َعلَ ْي ِّه َو َ
ب َرأ َ تَ :يا َر ُ
ْت ُكتُ َ
ب ال َّ
شا ِّف ِّعي ِّ" ص َر ،فَ َكتَب ُ ت ِّفي أَث َ ِّر َه ِّذ ِّه ُّ
الرؤ َيا ِّإلَى ِّم ْ فَخ ََر ْج ُ
سلمة الرازي قال :حدثنا عبد الرحمن بن عمر األصبهاني رستة قال :
سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول :حدثني معاذ بن معاذ قال :كنت
عند سوار بن عبد هللا ،فجاء الغالم فقال :زفر بالباب ،فقال :زفر
الرأي ال تأذن له فإنه مبتدع ،فقال له بعض جلسائه :ابن عمك قدم من
سفر لم تأته ومشى إليك ،لو أذنت له ؟ فأذن له ،فدخل فسلم ،فما رأيته
رد عليه ،وأراه مد يده إليه فلم يناوله يده ،وما رأيته نظر إليه حتى قام
وخرج
س َّرا ُج ذَا
وقال الذهبي في سير أعالم النبالء (َ ": )396 /14وقَدْ َكانَ ال َّ
ارةٍَ ،و ِّب ٍر َو َم ْع ُر ْوفٍ َ ،ولَهُ ت َ َعبُّدٌ َوتَ َه ُّجدٌِّ ،إالَّ أَنَّهُ َكانَ ُمنَافِّراً ثَ َ
روةٍ َوتِّ َج َ
قال شيخ اإلسالم ابن تيمية كما في رسالته التي طبعت مؤخراً بعنوان (
فضائل األئمة األربعة )! ص:" 11وأما أهل الرأي :فهم وإن كان لهم
جمل من الكالم في ذلك ،فليس لهم قواعد محررة ال في أصول الدين
وال في أصول فقه ،ولهذا كان المتبعون لهم فيهم من جميع أهل األهواء
"
فمن كانت أصوله ال تنفي البدع ال شك أنها ليست أصول أهل السنة
الرأْي ِّ
اب َّ وقال الطوفي في شرح مختصر الروضة َ ":وا ْعلَ ْم أَ َّن أَ ْ
ص َح َ
الرأْي ِّ
ي َهؤ َُال ِّء أَ ْه َل َّ أ َ ْه ُل ْال ُكوفَ ِّة ،أَبُو َح ِّنيفَةَ َو َم ْن تَا َب َعهُ ِّم ْن ُه ْم َ ،و ِّإنَّ َما ُ
س ِّم َ
اح ٍد فِّي َما تَعُ ُّم ِّب ِّه ْالبَ ْل َوى ،أَ ْو ِّل َك ْونِّ ِّه
ص ِّل ،أَ ْو ِّل َك ْونِّ ِّه َخبَ َر َو ِّ
أَ ْن َك َرهُ َرا ِّوي ْاأل َ ْ
ت َعلَى أَ ْ
ص ِّل ِّه ْم فِّي ذَ ِّل َك َ ،و ِّب ُم ْقتَ َ
ضى َه ِّذ ِّه َو ِّاردًا فِّي ْال ُحد ُو ِّد َو ْال َكفَّ َ
ارا ِّ
صنَّ َ
ف ص َحاحٍ خَالَفَ َها أَبُو َحنِّيفَةَ َ ،و َبالَ َغ َب ْع ُ
ض ُه ْم فِّي التَّ ْشنِّيعِّ َعلَ ْي ِّه َحتَّى َ ِّ
يب النَّ ْف ُ
س ِّب ِّذ ْك ِّر ِّه ف َحتَّى بَلَغُوا فِّي ِّه َم ْبلَغًا َو َال تَ ِّط ُ الط ْع ُن ِّم ْن أَئِّ َّم ِّة ال َّ
سلَ ِّ َعلَ ْي ِّه َّ
ص َمتَهُ ِّم َّما قَالُوهُ َ ،وتَ ْن ِّزي َههُ َع َّما ِّإلَ ْي ِّه نَ َ
سبُوهُ" َ ،وأ َ َبى َّ
َّللاُ ِّإ َّال ِّع ْ
أقول :كالم الطوفي في تلخيص أسباب تركهم للعمل في األحاديث
خمسمائة حديثا ً ثابتا ً أيضا ً نفيس ،وقوله أن أئمة السلف كثر طعنهم
حنبليته وهو من تالميذ شيخ اإلسالم ولكنه على غير عقيدته وله في
عرض الصحابي كما صان عرض إمام أهل الرأي ،وقد كتب بعض
أهل عصرنا كتابا ً يبرئه فيه من تهمة الرفض التي أثبتها عليه ابن رجب
في ذيل طبقات الحنابلة ،وكالمه في المغيرة يوحي أنه مائل إلى هذا
المذهب الخبيث
وبعد هذا كله نعرف سبب تبديع األئمة ألهل الرأي كما نقل حرب
وقد ذكر ابن الجوزي األخبار التي خالف فيها أهل الرأي أحاديث
قال ابن الجوزي في المنتظم ( ": )23/3فأما المسائل التي خالف فيها
وقال أبو حنيفة :يغسل وفي الصحيحين أن رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم أتي بصبي لم يأكل الطعام فبال ،فدعا بماء فرشه عليه.
وقال أبو حنيفة :يجوز وتطهر .وفي صحيح مسلم :من حديث أنس :أن
أبا طلحة سأل النبي صلى هللا عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمراً
وقال أبو حنيفة :ال يجوز .وفي الصحيحين :عن النبي صلى هللا عليه
وسلم :أنه قال " :إن بالل يؤذن بلي ٍل ،فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم
مكتوم" .
لم يسقط عنه القيام وقال أبو حنيفة :يسقط وفي صحيح البخاري :عن
عمران ،عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال " :صل قائماً ،فإن لم
وقال أبو حنيفة :ال يسن .وفي الصحيحين :من حديث ابن عمر :أن
النبي صلى هللا عليه وسلم كان إذا افتتح الصالة رفع يديه حتى تحاذي
منكبيه ،وإذا أراد أن يركع ،وبعد رفع رأسه من الركوع ،وال يرفع بين
السجدتين .وفي الصحيحين :من حديث مالك بن الحويرث مثله .وقد
رواه عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم نحو عشرين صحابي.
وقال أبو حنيفة تبطل صالته .وفي الصحيحين :من حديث أبي هريرة:
أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال " :من أدرك من العصر ركعة
قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها ،ومن أدرك من الصبح ركعة قبل أن
وقال أبو حنيفة :بثالث .وفي الصحيحين :من حديث ابن عمر :أن
وقال أبو حنيفة :ال تسن .وفي الصحيحين :أن رسول هللا صلى هللا عليه
فعل ذلك.
وقال أبو حنيفة :ال يستحب وفي الصحيحين :أن رسول هللا صلى هللا
عليه وسلم قال للواتي غسلن ابنته " :اجعلن في الغسلة األخيرة كافوراً
".
وقال أبو حنيفة ال يسن .وفي صحيح مسلم :من حديث ابن عمر :أن
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان ال يستلم إال الحجر األسود والركن
اليماني.
و قال أبو حنيفة :يكره اإلشعار؛ فإنه مثلة .وقد صح أن رسول هللا صلى
وقال أبو حنيفة :ال يجوز .وفي الصحيحين :من حديث زيد بن ثابت :أن
وقال أبو حنيفة :ال يثبت .وفي الصحيحين :من حديث أبي هريرة :أن
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال " :ال تصروا الغنم ،ومن ابتاعها
فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها إن رضيها أمسكها ،وإن سخطها ردها
وصاعا ً من ٍ
تمر" .
وقال أبو حنيفة :يجوز .وفي الصحيحين :من حديث ابن مسعود أن
وقال أبو حنيفة :يضمن .وقد صح عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
وقال أبو حنيفة :يقتل بالذمي .وفي صحيح البخاري من حديث علي
رضي هللا عنه :عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال " :ال يقتل مسلم
بكافر" .
وقال أبو حنيفة :ال يجب إال فيما له حد ٌ .وفي الصحيحين :من حديث
أنس :أن يهوديا ً رضخ رأس امرأة بين حجرين فقتلها ،فرضخ رسول
وقال أبو حنيفة ال شيء في الجنين ،وفي الصحيحين :عن المغيرة أنه
قال :قضى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بالغرة عبداً أو أمة.
وقال أبو حنيفة :هو شرط .وقد صح عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
أنه رجم يهوديا ً ويهودية.
وقال أبو حنيفة :دينار أو عشرة دراهم .وفي الصحيحين :من حديث
عائشة :أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان يقطع في ربع دينار
فصاعدا ً.
وقال أبو حنيفة :لزمه الضمان .وفي الصحيحين :من حديث سهل بن
سعد قال :اطلع رجل في حجرة من حجر رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم ومعه مدرى يحك به رأسه ،فقال " :لو أعلمك تنظر لطعنت به في
عينيك " .وفي الصحيحين :من حديث أبي هريرة قال :قال رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم " :من اطلع على قوم في بيتهم بغير إذنهم فقد حل
قال أبو حنيفة ال يجوز المن والفداء .وقد صح عن رسول هللا صلى هللا
عليه وسلم أنه من على ثمامة بن أثال ،وفدى األسرى يوم بدر.
وقال أبو حنيفة :يختصون بها .وفي الصحيحين :من حديث أبي حميد:
أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم استعمل رجالً فجاء فقال :هذا لكم
وهذا أهدي إلي .فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم " :ما بال العامل
نبعثه فيقول هذا لكم وهذا أهدي لي ،أفال جلس في بيت أبيه وأمه فينظر
أيهدى إليه أم ال ،والذي نفسي بيده ال يأتي أحد ٌ منكم بشيء إال جاء به
وقال أبو حنيفة :بها إذا كانا منفصلين .وفي الصحيحين :منحديث رافع
بن خديج قال :قلت :يا رسول هللا ،إن مالقو العدو غداً وليست معنا
مدي .فقال " :ما أنهر الدم ،وذكر اسم هللا عليه فكل ليس السن والظفر "
.
وقال أبو حنيفة :ال تحل .وقد صح عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
أنه لم يحرم الضب ،وإنما قذره ،فإن خالد بن الوليد قال له وقد قدم إليه:
أحرام هو؟ قال " :ال ،ولكنه ال يكون بأرض قومي فأجدني أعافه "
وقال أبو حنيفة :ال تحل .وفي الصحيحين :من حديث جابر :أن رسول
هللا صلى هللا عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر ،وأن في لحوم الخيل.
وقال أبو حنيفة :إنما يحرم المسكر منه .وقد صح أن رسول هللا صلى
هللا عليه وسلم قال " :كل مسكر حرام " .وفي حديث عائشة عن النبي
صلى هللا عليه وسلم أنه قال " :ما أسكر الفرق منه فملء الكف منه
حرام" .
وقال أبو حنيفة :يحيله في العقود والفسوخ .وفي الصحيحين :من حديث
أم سلمة :عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه سمع خصومة بباب
حجرته ،فخرج إليهم فقال " :إنما أنا بشر مثلكم ،وإنه يأتيني الحكم فلعل
فليتركها" .
وقال أبو حنيفة :ال يجوز .وقد روى جابر بن عبد هللا أن رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد .ورواه عمر ،وعلي بن
أبي طالب ،وابن عباس ،وابن عمر ،وابن عمرو ،وزيد بن ثابت ،وأبو
مثل هذه األحاديث الصحاح سعوا باأللسن في حقه ،فلم يبق معتبر من
األئمة إال تكلم فيه ،وال يؤثر أن يذكر ما قالوا والعجب منه إذا رأى
فهنا ابن الجوزي عليهم تناقضا ً صارخا ً ففي الوقت الذين يردون به
وليعلم أن مشكلة أبي حنيفة ليست التوسع في القياس فقط ،بل مشكلته
فيه
قال عبد هللا بن أحمد في السنة : 203حدثني محمد بن هارون ،ثنا أبو
ما ولد في اإلسالم على هذه األمة أشأم من أبي حنيفة .
س ِّم ْع ُ
ت َما ِّل َك بْنَ ور ب ُْن أ َ ِّبي ُمزَ ِّ
اح ٍم ،قَا َلَ : ص ُب ُْن أ َ ْح َمدَ ب ِّْن َح ْنبَ ٍلَ ،حدَّثَنِّي َم ْن ُ
س ِّن َي ْو ًماَ ،وذَ َك َر َما ِّل ًكا َوأ َ َبا َح ِّنيفَةَ ،فَقَا َل ِّلي ُم َح َّمدُ ب ُْن ْال َح َ
س ِّنَ :ما َكانَ ْال َح َ
اح َبنَا َي ْعنِّي َما ِّل ًكا َكانَ َعا ِّل ًما ِّب ِّكتَا ِّ
ب َّللاَ ،أَت َ ْعلَ ُم أ َ َّن َ
ص ِّ شدْت ُ َك َّ َما ِّل ًكا ،قُ ْل ُ
ت :نَ َ
قُ ْل ُ
ت :أ َ َكانَ َعاقِّال؟ قَا َل :ال.
احبَ َك يَ ْعنِّي أَبَا َحنِّيفَةََ ،كانَ َجا ِّهال ِّب ِّكتَا ِّ
ب َّللاَ ،أَت َ ْعلَ ُم أ َ َّن َ
ص ِّ شدْت ُ َك َّ قُ ْل ُ
ت :فَنَ َ
قُ ْل ُ
ت :أ َ َكانَ َعا ِّقال؟ ،قَا َل :نَ َع ْم.
صلُ ُح ْالفُتْ َيا ِّإال ِّب َهاَ ،ويُ ِّخ ُّل َو ِّ
احدَةً، اح ِّبنَا ث َ ٌ
الث ال ت َ ْ قُ ْل ُ
ت :فَتَ ْجتَ ِّم ُع ِّفي َ
ص ِّ
اح ِّبنَا أَ ْن يَ ْس ُك َ
ت؟ ! يَت َ َكلَّ َمَ ،وال ِّل َ
ص ِّ
األعين ،ثنا منصور بن سلمة الخزاعي ،قال :سمعت حماد بن سلمة ،
وهذه كلها صحاح عن قائليها ومثلها قول حماد بن سلمة والحميدي ( أبو
جيفة )
الجرح ما اجتمع في هذا الرجل ،بل لم أجد من تكلم فيه هذا العدد
الهائل من األئمة الذين أوصلهم الشيخ الوادعي إلى قرابة المائة إال هذا
الرجل
فال أدري بعد هذا كله كيف يجعل هذا الرجل بعد هذا كله محنة يجرح
الحديث
وتوضيحا لذلك أقول :ذكرت هناك أن اإلمام رحمه هللا قد ضعفه من
فأذكر هنا نصوص األئمة المشار إليهم وغيرهم ممن صح ذلك عنهم ،
ليكون
القاريء على بينة من األمر ،وال يظن أحد منهم أن فيما ذكرنا هناك ما
يمكن أن يدعي مدع أنه اجتهاد منا ،وإنما هو االتباع ألهل العلم
عنه .
:ليس بالقوي في الحديث ،وهو كثير الغلط على قلة روايته .
- 4وقال ابن عدي في " الكامل " ( : ) 2 / 403له أحاديث صالحة ،
ما يرويه ،إال بضعة عشر حديثا ،وقد روى من الحديث لعله أرجح
من ثالثمائة حديث ،من مشاهير وغرائب ،وكله على هذه الصورة ،
ألنه ليس هو من أهل الحديث ،وال يحمل عمن يكون هذه صورته في
الحديث .
- 5قال ابن سعد في " الطبقات " ( : ) 256 / 6كان ضعيفا في
الحديث .
حدثنا حجاج ابن حمزة قال :أنبأنا عبدان بن عثمان قال :سمعت ابن
- 8وقال أبو حفص بن شاهين :وأبو حنيفة ،فقد كان في الفقه ما ال
يدفع من علمه فيه ،ولم يكن في الحديث بالمرضي ،ألنه لألسانيد نقادا
،فإذا لم يعرف اإلسناد ما يكتب وما كذب نسب إلى الضعف .
كذا في فوائد ثبتت في آخر نسخة " تاريخ جرجان " ( ص - 510
. ) 511
- 9قال ابن حبان :وكان رجال جدال ظاهر الورع لم الحديث صناعته
حدث بمئة وثالثين حديثا مسانيد ما له حديث في الدنيا غيرها أخطأ منها
في مئة وعشرين حديثا إما أن يكون أقلب إسناده أو غير متنه من حيث
ال يعلم فلما غلب خطؤه على صوابه استحق ترك االحتجاج به في
األخبار .
- 10وقال الدارقطني في " سننه " وقد ساق عن أبي حنيفة عن موسى
بن أبي عائشة عن عبد هللا بن شداد عن جابر مرفوعا " :من كان له
يسنده عن موسى بن أبي عائشة غير أبي حنيفة ،والحسن بن عمارة ،
من أتباع التابعين فمن بعدهم ،لم يحتج بحديثهم في الصحيح ،وختم
حديث خالد بن علقمة عن عبد خير عن على في وضوئه صلى هللا عليه
وسلم :فمسح برأسه مرة ،وقال عقبه :كذا رواه الحفاظ الثقات عن
خالد ،ورواه أبو حنيفة عن خالد فقال :ومسح رأسه ثالثا .
وال يحتج بأبي حنيفة لضعفه في الحديث .
) 163ونقل تضعيف النسائي وغيره ممن تقدم ذكره وعن الثوري أنه
قال :ليس بثقة وعن النضر ابن شميل :متروك الحديث .
اإلمام رحمه هللا ،قال ابن عدي :عامة ما يرويه غلط وتصحيف
الحديث كثير الغلط والخطأ على قلة روايته ،وقال ابن معين :ال يكتب
حديثه .
وهذا النقل عن ابن معين معناه عنده أن أبا حنيفة من جملة الضعفاء ،
وهو يبين لنا أن توثيق ابن معين لإلمام أبي حنيفة الذي ذكره الحافظ في
" التهذيب " ليس قوال واحدا له فيه ،والحقيقة أن رأى ابن معين كان
ابن محرز عنه في " معرفة الرجال " ( : ) 1 / 6 / 1كان أبو حنيفة ال
بأس به ،وكان ال يكذب ،وقال مرة أخرى :أبو حنيفة عندنا من أهل
طأٌ.
َخ َ
واالعتراف سيد األدلة كما يقال والرجل متروك كما قال النضر بن
زرعة ومسلم
سليمان بن
أما اإلمام أحمد فقال العقيلي في الضعفاء َ -6135حدثنا ُ
سمعت أَحمد
ُ سمعت أَحمد بن ال َحسن التِّ ِّ
رمذي ،قال: ُ داود القزاز ،قال:
ُ
وهذا إسناد صحيح إلى اإلمام أحمد وقد صححه بديع الدين السندي في
وأما أبو زرعة الرازي فقال البرذعي في سؤاالته عن أبي زرعة ":
وجعل يحرد على إبراهيم ويذكر أحاديث من رواية ابي حنيفة ال أصل
لها فذكر من ذلك حديث علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه الدال
على الخير كفاعله وأنكر عليه حديثا آخر يرويه عن سنان اإليمان
شرائع اإليمان وذكر أحاديث قد أوهم فيها وأنكرها من رواياته ثم قال
لي من قال القرآن مخلوق فهو كافر -فيعني بما اسند الكفار -أي قوم
هؤالء"
وهذا الحديث اتهم مسلم أبا حنيفة بأنه زاد فيه زيادة لتقوية مذهبه في
اإلرجاء
قال اإلمام مسلم في التمييز ص ": 35فأما رواية أبي سنان ،عن علقمة،
في متن هذا الحديث إذ قال فيه :إن جبريل عليه السالم حيث قال :جئت
بسبيل .وإنما أدخل هذا الحرف -في رواية هذا الحديث -شرذمة زيادة
في الحرف مثل ضرب النعمان بن ثابت وسعيد بن سنان ومن نحا في
فهنا مسلم ينسبه إلى أقبح الكذب وهو الكذب في نصرة البدعة
وقد اتهم عدد من األئمة أبا حنيفة بسرقة الحديث وهو ضرب من
ضروب الكذب
الرحمن،
قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (َ : )450 /8حدثنا َعبد َّ
ب ِّإلَ َّ
ي ،قَال :حدثني أَخ َبرنا ِّإبراهيم بن يعقوب ال ُج ْ
وز َجاني ،فيما َكتَ َ
س ِّم ُ
عت جريرا يقول :قال محمد بن جابر ِّإسحاق بن راهويه ،قالَ :
قال َعبد هللاَ ،يعني ابن المباركِّ :إ َّن أَصحابي ليلومونني في الرواية َعن
أَبي حنيفة ،وذاك أَنه أخذ كتاب محمد بن جابر ،عن حماد بن أَبي
وليس هذا من التدليس بل الظاهر أنه كان يصرح بالسماع لهذا وصفوه
قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (َ : )499/8حدثنا أَبيَ ،حدثنا
الحميديَ ،حدثنا وكيعَ ،حدثنا أَبو حنيفة أَنه سمع عطاء ِّ ,إن كان سمعه.
هذا مما كتم في حملة تعديل أبي حنيفة ! ،وكتمان الحق فأدى ذلك إلى
المجاملة في السنة فمن الناس من يقوي بأبي حنيفة في الشواهد ،ومن
وإنا هلل وإنا إليه راجعون فبأي وجه سيقابل الكاتمون النبي صلى هللا
وال شك أن لهم نصيبا ً من قوله تعالى ِّ ( :إ َّن الَّذِّينَ يَ ْكت ُ ُمونَ َما أَ ْنزَ ْلنَا ِّمنَ
هذا في الكاتم فكيف المتكلم بالباطل ؟ ،وقد طبع اآلثار ألبي يوسف
واآلثار لمحمد بن الحسن وفي مقدمة كل منهما الرد على أهل الحديث ،
ودعوى استقامة حديث أبي حنيفة وأن الذين عدلوه أكثر من الذين
جرحوه وهللا المستعان ،بل في مقدمة اآلثار ألبي يوسف دعوى أن أبا
حنيفة محسود !
وهنا تنبيه مهم وهو أن قول األلباني ":وإنما هو االتباع ألهل العلم
ب أَبُو ي قَا َل ُ
ض ِّر َ َّللاِّ ب ُْن َع ْم ٍرو َّ
الر ِّق ُّ ي قَا َل نَا أ َ ِّبي قَا َل نَا ُ
عبَ ْيد ُ َّ الر ِّق ُّ
َع ْمرو َّ
اء فَلَ ْم َي ْف َع ْل فَفَ ِّر َح ِّبذَ ِّل َك أ َ ْعدَاؤُ هُ َوقَالُوا ا ْستَتَا َبهُ َحنِّيفَةَ َعلَى ْالقَ َ
ض ِّ
عبد الرحمن بن أسد لم أجد له ترجمة واستتابة أبي حنيفة ثابتة كما تقدم
بل متواترة
الرواية الثانية :قال ابن عبد البر في االنتقاء ص 149قَا َل أَبُو َي ْعقُ َ
وب
ت ِّب ْال ُكوفَ ِّة دَ ْه ًرا فَ َما َولَو َكانَ من َهذَا شئ َما َر ِّ
ضيا ِّب ِّه َوقَدْ ُك ْن ُ
محمد بن يونس الكديمي كذاب ،وهذه الرواية إن صحت فهي سوأة في
حق عبد هللا بن داود فمثل سفيان ال يكذب ،والحسن بن صالح كان
قال عبد هللا بن أحمد في السنة : 320حدثني عبد الرحمن بن صالح ،
نا يحيى بن آدم ،قال :ذكر أبا حنيفة الحسن بن صالح فقال :وددت أنه
وفق فأخبرت شريكا ،فقال :لم قال وددت أنه وفق ال يتعلم مما
ويذكرون عن ابن المبارك أبياتا ً في الثناء عليه ،وقد أنكروا على ابن
ف أَبَا َحنِّيفَةَ.
ئ أَ َحدٌ أ َ ْن يُخَا ِّل َ
يَ ْجتَ ِّر ُ
الر ْح َم ِّن ب ِّْن َم ْه ِّدي ٍ ،فَقَا َل ِّلي ِّ :م ْن ت ِّإلَى َ
ع ْب ِّد َّ ت ْالبَ ْ
ص َرة ََ ،جلَ ْس ُ فَلَ َّما قَ ِّد ْم ُ
الن
ط ِّش ْج ًوا ِّبدُ ُموعٍ يُ َحاد ُِّر ْال َه ْ
َاي َو ْجدًا َو َ
ت َع ْين َ ث ُ َّم فَا َ
ض ْ
آخ ِّرهَا ،قَا َل :فَ َما زَ ا َل اب ُْن َم ْه ِّدي ٍ يَ ْب ِّكيَ ،وأَنَا أ ُ ْن ِّشدُهُ، َوذَ َك َر ْالقَ ِّ
صيدَة َ ِّإلَى ِّ
يرا....
ص ًت َب ِّ َو ِّب َرأْي ِّ النُّ ْع َم ِّ
ان ُك ْن َ
س ِّعيدٍَ ،ما ت َ ْح ِّم ُل َعلَى أَ ِّبي َح ِّنيفَةَ ُك َّل َهذَا ،أَلَ َّما أَنَّهُ َكانَ يَتَ َكلَّ ُم فَقُ ْل ُ
ت َ :يا أ َ َبا َ
الرأْيِّ؟ !
ي يَت َ َكلَّ ُمونَ ِّب َّ
انَ ،واأل َ ْوزَ ا ِّع ُّ الرأْيِّ ،فَقَدْ َكانَ َما ِّل ُك ب ُْن أَن ٍَسَ ،و ُ
س ْفيَ ُ ِّب َّ
ُالء ! َما أَ ْشبَهَ أَبَا َحنِّيفَةَ فِّي أَ ْه ِّل ْال ِّع ْل ِّم إِّال
فَقَا َل :أَتَ ْق ِّر ُن أَبَا َحنِّيفَةَ ِّإلَى َهؤ ِّ
اإل ِّب ُل ُكلُّ َها تَ ْر َعى ِّفي َوا ٍد آخ ََر. ِّبنَاقَ ٍة ش ِّ
َاردَ ٍة فَ ِّ
اردَ ٍة ت َ ْر َعى ِّفي َوا ٍد َجدْ ٍ
بَ ،و ِّ
ولما كان ابن المبارك إماما ً زاهدا ً ورعا ً رجاعا ً إلى الحق رجع عن
قال عبد هللا بن أحمد في السنة : 294حدثني أبو الفضل الخراساني ،
ثنا إبراهيم بن شماس السمرقندي ،ثنا عبد هللا بن المبارك ،بالثغر عن
أبي حنيفة ،قال :فقام إليه رجل يكنى أبا خداش ،فقال :يا أبا عبد
الرحمن ال ترو لنا عن أبي حنيفة ،فإنه كان مرجئا فلم ينكر ذلك عليه
ابن المبارك ،وكان بعد إذا جاء الحديث عن أبي حنيفة ورأيه ضرب
عليه ابن المبارك من كتبه وترك الرواية عنه ،وذلك آخر ما قرأ على
الناس بالثغر ،ثم انصرف ومات ،قال :وكنت في السفينة معه لما
انصرف من الثغر ،وكان يحدثنا فمر على شيء من حديث أبي حنيفة ،
فقال لنا :اضربوا على حديث أبي حنيفة فإني قد خرجت على حديثه
ورأيه ،قال :ومات ابن المبارك في منصرفه من ذلك الثغر ،قال :
وقال رجل البن المبارك ونحن عنده :إن أبا حنيفة كان مرجئا يرى
وهذا إسناد صحيح ويدل على عدم رجوع أبي حنيفة عن هذه المقالة
إلى موته
وقال عبد هللا في السنة : 327حدثني أبو الفضل الخراساني ،نا أحمد
بن الحجاج ،نا سفيان بن عبد الملك ،حدثني ابن المبارك ،قال :
ذكرت أبا حنيفة عند األوزاعي وذكرت علمه وفقهه فكره ذلك
تدري ما تكلمت به تطري رجال يرى السيف على أهل اإلسالم ،فقلت :
إني لست على رأيه وال مذهبه ،فقال :قد نصحتك فال تكره فقلت قد
قبلت
قال الذهبي في سير أعالم النبالء (َ ": )597 /7و َكانَ ِّفي الفُ ُر ْوعِّ َعلَى
ب أَ ِّبي َح ِّن ْيفَةَ ِّ -ف ْي َما َبلَ َغنَاِّ -إذَا لَ ْم َي ِّج ِّد النَّ َّ
ص" َمذْ َه ِّ
فقوله ( ربما ) يدل على قلة ذلك األمر وهذا ال يدل على تمذهب بل يدل
على عكسه
صالح قال :حدثنا علي بن المديني قال :سمعت يحيى بن سعيد يقول :
مر بي أبو حنيفة وأنا في سوق الكوفة ،فقال لي :تيس القياس هذا أبو
حنيفة ،فلم أسأله عن شيء ،قال يحيى :وكان جاري بالكوفة فما قربته
وال سألته عن شيء .قيل ليحيى :كيف كان حديثه ؟ قال :لم يكن
بصاحب الحديث.
وهذا إسناد صحيح كله أئمة فكيف يصح بعد هذا الشتم والسب ألبي
فلم يذكر أبا حنيفة غير أن شيخ اإلسالم تأول هذا النص أنه في تفريع
المعروف اآلن
وفي هذا الكتاب عن الشافعي نصوص عديدة في ذم أبي حنيفة ال أدري
لماذا تجتنب
ْال ِّكتَ َ
اب ُكلَّهُ َعلَ ْي َها.
ون ب ُْن َ
س ِّعي ٍد وقال ابن أبي حاتم في المناقب ص : 130قَا َل أَ ِّبي :ثنا ه ُ
َار ُ
ض َع ْال ُكت ُ َ
ب أَدَ َّل َعلَى َع َو ِّار قَ ْو ِّل ِّه ِّم ْن أَ ِّبي َحنِّيفَةَ. ما أ َ ْعلَ ُم أ َ َحد ًا َو َ
يَقُو ُل:
ْ
ار ٍة ،تَ ُمدُّهُ َه َكذَا فَ َي ِّجي ُء أَ ْ
صفَ َر، َما أُش َِّبهُ َرأ َ
ي أ َ ِّبي َح ِّنيفَةَ ِّإال ِّب َخي ِّْط َ
س َّح َ
وقال ابن أبي حاتم في المناقب ص : 132أَ ْخ َب َرنَا أَ ِّبي ،ثنا َح ْر َملَةُ ب ُْن
نسب عمرو بن عبد المنعم لوكيع أنه كان على مذهب أبي حنيفة اعتماداً
ِّهش ٍَام الدَّ ْست ُ َوائِّيَِّ ،ع ْن قَتَادَة ََ ،ع ْن أ َ ِّبي َحسَّانَ األَع َْرجَِّ ،ع ْن اب ِّْن َعب ٍ
َّاس،
ب َع ْن ِّ
الم ْس َو ِّر ب ِّْن األ َ ْي َم ِّن ِّبذِّي ال ُحلَ ْيفَ ِّةَ ،وأَ َما َ
ط َع ْنهُ الد ََّم» َو ِّفي ال َبا ِّ
ب النَّ ِّبي ِّ األَع َْر ُج :ا ْس ُمهُ ُم ْس ِّل ٌم « َوال َع َم ُل َعلَى َهذَا ِّع ْندَ أَ ْه ِّل ال ِّع ْل ِّم ِّم ْن أَ ْ
ص َحا ِّ
ار َو ُه َو قَ ْو ُل الثَّ ْو ِّريِّ، سلَّ َم َو َغي ِّْر ِّه ْم» َ « ،ي َر ْونَ ِّ
اإل ْش َع َ صلَّى َّ
َّللاُ َعلَ ْي ِّه َو َ َ
الرأْيِّ :أَ ْش َع َر يَقُو ُلُ " :كنَّا ِّع ْندَ َو ِّكيعٍ ،فَقَا َل ِّل َر ُج ٍل ِّع ْندَهُ ِّم َّم ْن يَ ْن ُ
ظ ُر فِّي َّ
صلَّى َّ
َّللاُ َّللاِّ َ شدِّيدًاَ ،وقَا َل :أَقُو ُل لَ َك قَا َل َر ُ
سو ُل َّ ب َغ َ
ضبًا َ َض َ
َو ِّكي ًعا غ ِّ
سلَّ َم َوتَقُو ُل قَا َل ِّإب َْرا ِّهي ُمَ ،ما أ َ َحقَّ َك ِّبأ َ ْن ت ُ ْحبَ َ
س ،ث ُ َّم َال تَ ْخ ُر َج َحتَّى َعلَ ْي ِّه َو َ
فيسميهم أهل الرأي ويحض على ترك النظر في أقوالهم فكيف يكون
منهم
قال عبد هللا بن أحمد في السنة : 348حدثت عن يزيد بن عبد ربه ،قال
:سمعت وكيع بن الجراح ،حين قدم علينا حمص سنة ثالث وتسعين
يقول :
إياكم ورأي أبي حنيفة فإني سمعته يقول :قبل أن نأخذ في القياس ،
ولو صح عن أحد من المحدثين أنه كان على مذهب أهل الرأي فإن هذه
يحتج كثيرون على تبرئة أبي حنيفة من بعض ما نسب بكتابي الفقه
األكبر والفقه األبسط وكالهما ال يثبت ولو ثبتا لكانا دليل إدانة !
والصنع وغير ذلك من صفات الفعل لم يزل وال يزال بأسمائه وصفاته"
القول بأن صفة الكالم ذاتية مشكل بل باطل ألن صفة الكالم ذاتية فعلية
،فاهلل يتكلم بما شاء متى شاء والقول بأنها ذاتية إنما يجري على أصول
الكالبية
والقول بأن صفة الكالم ذاتية إنما يجري على أصول الكالبية القائلين
وهذا الكالم فيه التكذيب للقرآن ولوال التأويل لكانوا كفارا بذلك ،ألن
ت ُ َجا ِّدلُ َك? وإذا كان السماع في الماضي قبل مجيء الكالم وقبل حصوله
وقبل حصول المجادلة بين المرأة وبين رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
النصوص لفظ الماضي ولفظ المضارع فقد يكون في إثبات السمع القديم
البصر القديم دون البصر الحادث والسمع الحادث والكالم الحادث فيه
نفي لدالالت النصوص وفيه تكذيب لها ألن هللا جل وعال يقول ?قَدْ
قد قالت عائشة (سبحان من وسع سمعه األصوات أتت المجادلة إلى
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم تجادله في زوجها وليس بيني وبينها إال
جدار لم أسمعها)
وهذا ما يثبته أهل السنة والجماعة ،هذا وال شك يعظم الصفة في نفس
المؤمن ألنه يعلم أن هللا جل وعال يسمع سره ونجواه ?أَلَ ْم َي ْعلَ ُمواْ أَ َّن َّ
َّللاَ
َي ْعلَ ُم ِّس َّر ُه ْم َون َْج َوا ُه ْم? يسمع جل وعال السر والنجوى فال يخفى عليه
شيء ،سمعه وسع األصوات ،ما من شيء يُ ْس َمع إال وهللا جل وعال
يسمعه ،يسمع صوت دبيب النمل فوق الصفا ،وهذه الصفة يجب
أقول :وهذا الكالم الذي ذكره في صفة السمع والبصر يقال أيضا ً في
نقل شيخ اإلسالم ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية كالما ً البن رشد
الفيلسوف ينقض فيه مذهب المتكلمين القائل بأن هللا عز وجل أراد
من هذا تعلم خطأ الدكتور محمد الخميس حين أورد هذا النص في كتابه
ألبي حنيفة
وهذا قول اللفظية الذين بدعهم السلف ،وهذا من براهين بطالن نسبة
هذه الرسالة ألبي حنيفة فإنه لم يدرك مبحث اللفظ هذا
ومن ذلك قوله في الفقه األكبر َ ":ويَ َراهُ ْال ُمؤْ ِّمنُونَ وهم فِّي ْالجنَّة بأعين
رؤوسهم ِّب َال ت َ ْش ِّبيه َو َال َكيْفيَّة َو َال يكون َبينه َو َبين خلقه َم َ
سافَة"
فنفي وجود المسافة إنما يجري على أصول القائلين بأنه يرى إلى غير
بحسب الوارد بالنصوص ،وقد شبه النبي صلى هللا عليه وسلم رؤية هللا
صغَائِّر والكبائر َو ْالك ْفر والقبائح َوقد َكانَت ِّم ْن ُهم زالت وخطايا"
ال َّ
تَأ َ َّخ َر َويُتِّ َّم ِّن ْع َمتَهُ َعلَي َْك َويَ ْه ِّديَ َك ِّ
ص َرا ً
طا ُم ْستَ ِّقي ًما)
َّللاُ َوا ْستَ ْغ ِّف ْر ِّلذَ ْن ِّب َك َو ِّل ْل ُمؤْ ِّم ِّنينَ
وقوله تعالى ( فَا ْعلَ ْم أَنَّهُ َال ِّإلَهَ ِّإ َّال َّ
َّللاُ َي ْعلَ ُم ُمتَقَلَّ َب ُك ْم َو َمثْ َوا ُك ْم) َو ْال ُمؤْ ِّمنَا ِّ
ت َو َّ
ويخالف األحاديث الكثيرة ومنها قول النبي صلى هللا عليه وسلم ( :فِّي
س ُجو ِّد ِّه اللَّ ُه َّم ا ْغ ِّف ْر ِّلي ذَ ْن ِّبي ُكلَّهُ ِّدقَّهُ َ ،و ِّجلَّهُ َ ،وأَ َّولَهُ َو ِّ
آخ َرهُ َو َعالَ ِّن َيتَهُ ُ
احف َم ْكتُوب وآيات ْالقُ ْرآن ِّفي معنى ْال َك َالم َعلَ ْي ِّه َوسلم َو ُه َو ِّفي ْال َم َ
ص ِّ
ْال َمذْ ُكور مثل آ َية ْال ُك ْر ِّسي ِّألَن ْال َمذْ ُكور فِّي َها جالل هللا تَ َعالَى وعظمته
وقصرها َولَ ِّكن على معنى ْال َك َرا َمة والهوان والمطيع قريب ِّم ْنهُ ِّب َال
المناجي َو َكذَ ِّل َك جواره ِّفي ْالجنَّة َو ْال ُوقُوف يين َيدَ ْي ِّه ِّب َال َكيْفيَّة)
َحتَّى ِّإذَا قَ َّر َرهُ ِّبذُنُو ِّب ِّه َو َرأَى ِّفي نَ ْف ِّس ِّه أَنَّهُ َهلَ َك قَا َل َ
ستَ ْرت ُ َها َعلَي َْك ِّفي
سنَاتِّ ِّه َوأَ َّما ْال َكافِّ ُر َو ْال ُمنَافِّقُونَ الدُّ ْن َيا َوأَنَا أ َ ْغ ِّف ُرهَا لَ َك ْال َي ْو َم فَيُ ْع َ
طى ِّكت َ َ
اب َح َ
َؤُال ِّء الَّذِّينَ َكذَبُوا َعلَى َر ِّب ِّه ْم أَ َال لَ ْعنَةُ َّ
َّللاِّ َعلَى فَيَقُو ُل ْاأل َ ْش َهاد ُ {ه َ
َّ
الظا ِّل ِّمينَ }
وقال الخالل في السنة َ :320حدَّثَنَا أَبُو َب ْك ٍر ,قَا َل َ :حدَّثَنَا أَبُو َب ْك ِّر ب ُْن
ور ,
ص ٍ س ْف َي ُ
ان َ ,ع ْن َم ْن ُ َخالَّ ٍد ْال َبا ِّه ِّل ُّ
ي ,قَا َل َ :حدَّثَنَا َو ِّكي ٌع ,قَا َل َ :حدَّثَنَا ُ
{و ِّإ َّن لَهُ ِّع ْندَنَا لَ ُز ْلفَى} قَا َل :ذَ َك َر
ع َمي ٍْر َ : ع ْن ُ
عبَ ْي ِّد ب ِّْن ُ َع ْن ُم َجا ِّه ٍد َ ,
َ :321حدَّثَنَا أَبُو َب ْك ٍر ,قَا َل َ :حدَّثَنَا ُم َح َّمد ُ ب ُْن ِّب ْش ٍر ,قَا َل َ :حدَّثَنَا َع ْبدُ
اإليمان والواقع أنه يبعد جدا ً صحة نسبة هذا الكتاب لرجل عاش في
ذاك الزمان.
وقد أحسن الدكتور الخميس حيث لم يورد عامة هذه العبارات في كتابه
الكالم والسمع والبصر صفات ذاتية علما ً أنه أخطأ في إهماله لمسألة
واحد إال في مسائل اإليمان غير أن كتاب الفقه األكبر الذي اعتمده
بل وحتى كتاب الفقه األبسط ففيه في الفقه األبسط "َ :يد هللا فَوق أَيْديهم
لَيست كأيدي خلقه َولَ ْي َ
ست جارحة"
وهذه عقيدة الكالبية في صفة اليد يثبتون هلل يدا واحدة وال يقولون
بالتثنية ،وينفون الجارحة وعقيدة أهل السنة أنهم ال ينفون وال يثبتون ما
وهذا مسلك ضعيف في الذب عنه إذ أن الطحاوي لم يدرك أبا حنيفة ،
والقول بالسيف أثبته عليه أبو يوسف وابن المبارك بل كان يذكر
أمامهما بهذا بعد وفاته فال يدافعان عنه بشيء ولو وقع التراجع الشتهر
وهذا الجصاص الحنفي في كتابه أحكام القرآن يثبت على أبي حنيفة
القول بالسيف
ومن أهل الحديث عبد هللا بن اإلمام أحمد والعقيلي وهما معاصران
والذي تقتضيه القواعد العلمية أنه ال يجزم برجوع أبي حنيفة إال بأمرين
األول :صحة الرواية عنه بعدم القول بالسيف ،وهذا متعذر مع
الثاني :معرفة تاريخ هذا القول وأنه متأخر عن القول بالسيف وهذا
للطحاوي ،وكذلك أثبته ابن معين وهو أكبر من الطحاوي وأقرب طبقة
وقد تقدم قول أبي يوسف في رجوع أبي حنيفة عن القول بخلق القرآن
وهللا أعلم فقد روي عنه أن أبا حنيفة موت على القول بخلق القرآن .
كثيرا ً ما يعتمد المدافعون عن أبي حنيفة على بعض ما قال ابن عبد البر
في كتابه االنتقاء والذي احتفى به عبد الفتاح أبو غدة ،ويهملون ما
األول :أن ابن عبد البر شيعي وقد ظهر هذا المسلك في كتبه حتى إنه
اإلجماع !
قال شيخ اإلسالم ابن تيمية في منهاج السنة (َ ": )373/7و ُه َو َي ْر ِّوي ِّفي
ضو َعةً ِّع ْندَ أَ ِّئ َّم ِّة ْال َحدِّيثَِّ ،كقَ ْو ِّل ِّه ِّب ِّقتَا ِّل
ض ِّعيفَةًَ ،ب ْل َم ْو ُ ْاأل َ ْر َب ِّعينَ أَ َحاد َ
ِّيث َ
شيُّ َعهَُ ،وتَ َشيُّ َع أَ ْمثَا ِّل ِّه ِّم ْن أَ ْه ِّل ْال ِّع ْل ِّم النَّا ِّكثِّينَ َ ،و ْالقَا ِّس ِّطينَ َ ،و ْال َم ِّ
ارقِّينَ لَ ِّك َّن ت َ َ
سائِّيَِّ ،واب ِّْن َع ْب ِّد ْالبَ ِّرَ ،وأ َ ْمثَا ِّل ِّه َما َال يَ ْبلُ ُغ ِّإلَى تَ ْف ِّ
ضي ِّل ِّه َعلَى ِّب ْال َحدِّي ِّ
ث َكالنَّ َ
قال ابن الصالح في مقدمته ص ": 64هذا علم كبير قد ألف الناس فيه
كتبا كثيرة ،ومن أجلها وأكثرها فوائد " كتاب االستيعاب " ألبن عبد
البر ،لوال ما شانه به من أيراد كثيرأ ممل شجر بين الصحابة ،وحكاياته
فيما يروونه"
فليته صان لسانه عن الصحابة أو اعتذر لهم كما اعتذر ألبي حنيفة
معيط ":وال يفوتني أن أعلق على بعض ما ورد في كالم بعض أهل
وله أخبار فيها نكارة وشناعة تقطع على سوء حاله وقبح أفعاله ،غفر
هللا لنا وله ،فلقد كان من رجال قريش ظرفا وحلما وشجاعة وأدبا،
وغيرهم يقولون :كان الوليد بن عقبة فاسقا شريب خمر ،وكان شاعرا
أقول :لو أن ابن عبد البر دقق في هذه األخبار ومحصها وتفحصها لم
الكالم السيء
رجل مسلم لم يدركوه فكيف إن كان هذا المسلم من أصحاب النبي صلى
ترجمة الوليد رضي هللا عنه وقال كالما ً يضيق الصدر منه ولم يسع
حتى في الكشف عن أسانيد هذه األخبار وليته لم يثقل كتابه بها فهي وإن
ثبتت ال حاجة لنا بها ،وفي الوقت نفسه يدفع في صدر ما ورد في حق
أبي حنيفة كما في "االنتقاء" ويلمح إلى أنه محسود ويذكر ما ثبت عن
وقد أحسن الحافظ ابن حجر حين قال في ترجمة الوليد في تهذيبه:
"وقد طول الشيخ (أي ابن الجوزي) ترجمته وال طائل فيها من كتاب
ابن عبد البر ،وفيها خطأ وشناعة ،والرجل فقد ثبتت صحبته ،وله
ذنوب أمرها إلى هللا تعالى ،والصواب السكوت ،وهللا تعالى أعلم"
وقد انتقد ابن الصالح كتاب ابن عبد البر "االستيعاب" بسبب مثل هذه
كتاب " االستيعاب " البن عبد البر لوال ما شانه به من إيراده كثيرا مما
كذكره في جامع بيان العلم وفضله في فصل تحاسد العلماء كالم مالك
وقوله في جامع بيان العلم وفضله ( ": )412 /3وأظن الشعبي عوقب
لقوله في الحارث الهمداني ،حدثني الحارث وكان أحد الكذابين ولم يبن
من الحارث"
والحارث هو األعور الرافضي الكذاب يدافع عنه ابن عبد البر ويزعم
انتهى "
وممن تكلم في ابن عقيل مالك وسفيان بن عيينة وعدد كبير من األئمة ،
ومثلها قوله أن ابا حنيفة محسود ،ويا ليت شعري حسدوه على ماذا
وماذا وجدوا عنده مما فقدوا حتى يحسدونه ،وأغلظ كلمات قيلت في
ومثله قوله في أبي جعفر الرازي ":عندهم ثقة عالم بتفسير القرآن"
وابن عبد البر نفسه أثبت على أبي حنيفة رد األخبار برأيه
قال ابن عبد البر في االستذكار ( ": )19/8رد أبو حنيفة هذه اآلثار برأيه وقال
ال بأس بشرب الخليطين من األشربة البسر والتمر والزبيب والتمر وكل ما لو
طبخ على االنفراد حل كذلك إذا طبخ مع غيره وهو قول أبي يوسف اآلخر"
شبهة وجوابها
ولسائل أن يسأل لماذا غاب هذا الكالم عن أبي حنيفة لفترة من الزمن
فالجواب :القول بجرحه حتى لو رجحنا خالفه فهو قول قوي والمقاالت
لمجرد أنه قال بها إمام متبوع ولم نذهب بعيداً .
أبو حنيفة الذي نتحدث عنه له الكثير من المقاالت الضعيفة التي خالف
فيها األحاديث الصحيحة ومع ذلك نجدها منتشرة بين ماليين المسلمين
السر هو سطوة أهل الرأي وتقلد كثير منهم لمنصب القضاء فصاروا
يؤذون كل من يذكر شيئا ً من مثالبه وقد سجل التاريخ عدة حوادث في
هذا
فأخذني أهل الموصل ،وحبسوني ،وأرادوا قتلي من أجل ذكر أبي حنيفة
فيه .فجاءني رجل طويل ومعه سيف ،فقلت :لعل هذا يقتلني وأستريح.
الكراس التي فيها ذكر أبي حنيفة فاشتالها ،فأرسلوا وفتشوا الكتاب فلم
ضرب َعلَى َ
ظ ْه ِّر ِّه" َح ِّن ْيفَةََ ،رأَي ُ
ْت بعي ِّني عالَ َمة ال َّ
ينقل عن ابن أبي حاتم الطعن في أبي حنيفة ،فابن أبي حاتم يصرح بأبي
حنيفة والبيهقي ينقل عنه ويقول :قال أبو فالن ،وال يصرح بأبي حنيفة.
وذلكم الحافظ ابن حجر يقول في «التقريب» في ترجمة أبي حنيفة :فقيه
مشهور ،فهذه حيدة من الحافظ ،فهو لم ينبه على هذا االصطالح في
المقدمة.
وهذا الحكم الذي حكم على أبي حنيفة ال يفيد جرحا ً وال تعديالً"
وتدعيما ً لما ذكره الوادعي أقول :من المعلوم أن أبا حنيفة يقول بالحيل
وقد جعل البخاري رحمه هللا كتابا ً في صحيحه لنقض الحيل رداً على
أبي حنيفة
قال ابن حجر في شرح البخاري (َ ": )417 /19وقَدْ اِّ ْشتَ َه َر ْالقَ ْول
والواقع أن سبب اشتهار ذاك عن الحنفية أن أبا حنيفة صنف فيها ولكن
وهذه الكتب وصلتنا في أيامنا هذه بما فيها من الثلب فهذا يعني أنها ال
وكثير من أهل العلم اكتفى من جرح أبي حنيفة بقوله ( مرجيء ) وهذا
من أبلغ الطعن لو تأملت فاإلرجاء بدعة ونسبته إلى اإلرجاء تبديع
على أن كثيرا ً من أهل العلم خصوصا ً المعاصرين منهم ،ظنوا عدم
اإلجماع على تعديله ،وزامن هذا المجهود الكبير الذي بذل في طمس
ما روي في ثلبه فأحدث ذلك شبهة كبيرة عند عدد من أهل العلم وقالوا
أبي حنيفة ألزمناه بالطعن في جارح أبي حنيفة وهم أكبر وأجل والطعن
فيه ألزم فإن المعدل إنما قال ما قال بتأويل ولكن بعض الجرح ال سبيل
مقارنة يسيرة
الحسن بن صالح بن حي مبتدع كان يرى السيف ،وال أحد ينازع في
ضالله أو جرحه
ولكنه كان زاهدا ً ورعا ً يقارن بسفيان في التقوى والورع وكان ثقة في
الحديث ولم يقل بالحيل أو الرأي ولم يصح عنه أنه رد حديثا ً أو استهزأ
وهذه كلها معكوسة في أبي حنيفة فلماذا ال يكون الحسن بن صالح هو
اآلخر إماما ً ؟
ولماذا يقبل الجرح فيه وال يقبل في أبي حنيفة وكالهما طبقة واحدة ،
ولماذا نذكر سابقة أبي حنيفة وال نذكر سابقة الحسن بن صالح ؟
أما من سيأخذ بكالم السلف في جرح أبي حنيفة فال يرد عليه شيء من
هذه اإلشكاالت
[الشيخ]
في أيش؟
[أحد الحاضرين]
طعن األقران بعضهم في بعض.
[الشيخ]
بوازع عداوة شخصية أم ال فإذا كان االحتمال األول لم يُ ْق َبل وإذا كان
التنافس أكثر مما لو كان المتعاصرين في بلدين بعيدين نأى أحدهما عن
اآلخر هذا مما يلفت النظر أن المسألة تحتاج إلى اجتهاد كذلك إذا جاء
إمام بعد ذلك التعاصر و أيضا ً طعن فيمن طعن فيه قرينه ومعاصره
فيه يستحق الطعن ثم يتأكد األمر فيما إذا تتابع علماء الحديث على تأييد
وهذا مثاله واضح جدا ً في اتفاق جماهير علماء الحديث على تضعيف
اإلمام أبي حنيفة رحمه هللا سواء من كان منهم معاصراً له أو كان ممن
جاء بعده فاتفاقهم على تضعيف أبي حنيفة يبعد إعالل الطعن فيه
الثوري وغيره"
أقول :وكذلك الكالم في عقيدته وفقهه يصعب أن يكون كالم أقران لعدم
السلف كانت لهم أصول واضحة في مسألة االمتحان فال يمكن إال
بالسني المعروف
فهل يجري على أصولهم االمتحان برجل قال بخلق القرآن ثم اختلفوا
عاما ً من المناظرة ؟
وهل يجري على أصولهم االمتحان برجل يرى السيف غاية حجة من
صحاح عنه بأنه يقول بهذا القول بل وترك شهادة صاحبه أبي يوسف
الذي كان يعير في مجلس الرشيد بأن شيخه يقول بالسيف فيسكت وال
وهل يجري على أصول السلف في االمتحان االمتحان برجل ثبت عنه
بل على العكس تماما ً ظاهر نصوصهم جعله محنة في الجرح واإلنكار
على من يعدله
قال الاللكائي في السنة : 282أخبرنا محمد بن رزق هللا ،قال :أخبرنا
أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير قال :حدثنا أبو محمد عبد هللا بن
غنام بن حفص بن غياث النخعي ،قال :حدثنا أبو سعيد يحيى بن أحمد
قال :سمعت أبا عبد هللا محمد بن عبد هللا بن بسطام يقول :سمعت سهل
بن محمد قرأها على علي بن عبد هللا بن جعفر المديني ،فقال له :قلت
السنة الالزمة التي من ترك منها خصلة لم يقلها أو يؤمن بها لم يكن
من أهلها
ثم ذكر اعتقادا ً قال في آخره ":وإذا رأيت الرجل يحب أبا حنيفة ورأيه
والنظر فيه فال تطمئن إليه وإلى من يذهب مذهبه ممن يغلو في أمره
منها ما ذكره أبو َب ْك ٍر الخالل ِّفي كتاب العلم أَ ْخ َب َر ِّني سعيد بْن ُم ْس ِّل ٍم
حنيفة ورأيه والنظر فيه وال يطمئن إليه وال إلى من يذهب مذهبه ممن
قال حرب الكرماني في عقيدته ":هذا مذهب أئمة العلم وأصحاب األثر
وأهل السنة المعروفين بها المقتدى بهم فيها ،وأدركت من أدركت من
علماء أهل العراق والحجاز والشام وغيرهم عليها فمن خالف شيئًا من
هذه المذاهب ،أو طعن فيها ،أوعاب قائلها فهو مبتدع خارج من
الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق ،وهو مذهب أحمد وإسحاق
بن إبراهيم بن مخلد ،وعبد هللا بن الزبير الحميدي وسعيد بن منصور،
ويبطلون الحديث ،ويردون على الرسول ،ويتخذون أبا حنيفة ومن قال
بقوله إما ًما يدينون بدينهم ،ويقولون بقولهم فأي ضاللة بأبين ممن قال
بهذا أو كان على مثل هذا ،يترك قول الرسول وأصحابه ويتبع رأي أبي
وقال الخطيب في تاريخ بغداد ( : )558 /15أَ ْخ َب َرنَا ْال َب ْرقَا ِّني ،قَا َل:
َحدَّث َ ِّني ُم َح َّمد بن العباس أَبُو عمر الخزاز ،قَا َلَ :حدَّثَنَا أَبُو الفضل جعفر
بن ُم َح َّمد الصندلي ،وأثنى عليه أَبُو عمر جدا ،قَا َلَ :حدَّثَنِّي المروذي أَبُو
بكر أ َ ْح َمد بن الحجاج ،قَا َل :سألت أبا عبد هللا ،وهو أَ ْح َمد بن حنبل ،عن
أبي حنيفة وعمرو بن عبيد ،فقال :أبو حنيفة أشد على المسلمين من
قال عبد هللا بن أحمد في السنة : 327حدثني أبو الفضل الخراساني ،نا
أحمد بن الحجاج ،نا سفيان بن عبد الملك ،حدثني ابن المبارك ،قال :
ذكرت أبا حنيفة عند األوزاعي وذكرت علمه وفقهه فكره ذلك
وأنكر ابن مهدي على ابن المبارك مجرد روايته عن أبي حنيفة
قال عبد هللا بن أحمد في السنة : 294حدثني أبو الفضل الخراساني ،
ثنا إبراهيم بن شماس السمرقندي ،ثنا عبد هللا بن المبارك ،بالثغر عن
أبي حنيفة ،قال :فقام إليه رجل يكنى أبا خداش ،فقال :يا أبا عبد
الرحمن ال ترو لنا عن أبي حنيفة ،فإنه كان مرجئا فلم ينكر ذلك عليه
ابن المبارك ،وكان بعد إذا جاء الحديث عن أبي حنيفة ورأيه ضرب
عليه ابن المبارك من كتبه وترك الرواية عنه ،وذلك آخر ما قرأ على
الناس بالثغر ،ثم انصرف ومات ،قال :وكنت في السفينة معه لما
انصرف من الثغر ،وكان يحدثنا فمر على شيء من حديث أبي حنيفة
،فقال لنا :اضربوا على حديث أبي حنيفة فإني قد خرجت على حديثه
ورأيه ،قال :ومات ابن المبارك في منصرفه من ذلك الثغر ،قال :
وقال رجل البن المبارك ونحن عنده :إن أبا حنيفة كان مرجئا يرى
فهذا حاله عند السلف بعد موته فهذه الكلمات عامتها إنما قيل بعد وفاته
على أنني ال أنكر على من يروي عنه وال يثني عليه متأوالً ومتابعا ً
اجتَ َم َع النَّ ُ
اس ُم ْس ِّه ٍر ،يَقُو ُل :قَد َِّم َعلَ ْينَا ِّإب َْرا ِّهي ُم ب ُْن ُم َح َّم ٍد ْالفَزَ ِّار ُّ
ي قَا َل :فَ ْ
يقول:
((كان الحسين بن الشماخ الحافظ ال يدع أحداً من أهل الرأي يكتب عنه؛
فنشده رجل من أهل المغرب باهلل وذكر له طول الرحلة؛ فروى له شيئا ً
ماذا لو رجع ؟
باإلرجاء والقول بالسيف واالستهزاء بالسنة ورد السنة فهل يصيره هذا
إماما ً ؟
والوقوع في كل هذه البدع الخطيرة أمارة قلة تحقيق وقلة العلم ال اتساع
في العلم
يتم إقناعه بأن القول بخلق القرآن كفر يأخذ ذلك منه عاما ً كامالً ويشتهر
كثرة غلطه في الفقه حتى يقول البتي ( :ويحه ما يخطيء مرة فيصيب
)
وهو متروك في الحديث ،فمن أين له أن يستحق اإلمامة في السنة وهو
وصف ثبوتي ليس سلبيا ً فقط يقال ( ليس مرجئا ً وليس جهميا ً وليس كذا
الحديث
ثم إنه صدوق في الحديث وأبو حنيفة متروك وقد اتهم كما تقدم
ولما قال أبو زرعة في أبي حنيفة ( كان جهميا ً ) قال في أبي يوسف (
السلف منه ؟
أحمد كان ينهى عن الرواية عنه ولم يخرج أي حديث ومع أنه كان
من طريقه
ليست من اإليمان )
أستاذ أبي يوسف فيما انتقد عليه ويزيد على أبي يوسف مقاالت أخرى
مستشنعة
ولماذا لم ينعقد اإلجماع على إمامته وعدم جواز ذكر ما قيل فيه هو
حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال :حدثنا بشر بن السري قال :ترحمت
أقول لمن يرد الجرح المذكور في أبي حنيفة قبل أن تردد قاعدة (
تذكر أنك ترد الجرح في المفسر في رجل اجتمع فيه من أسباب الجرح
وتذكر أنك ترد جرحا ً اجتمع عليه سفيان وابن المبارك واألوزاعي
ومالك وأحمد والشافعي ولم يجتمعوا هذا االجتماع على رجل غيره
الوراق لفظا ،قال :في كتابي عن أبي بكر ُم َح َّمد بن عبد هللا بن صالح
األبهري الفقيه المالكي ،قال :سمعت أبا بكر بن أبي داود السجستاني،
يوما وهو يقول ألصحابه :ما تقولون في مسألة اتفق عليها مالك
وأصحابه؟ فقالوا له :يا أبا بكر ،ال تكون مسألة أصح من هذه ،فقال:
إلى جده
قال ابن رجب في شرح علل الحديث ":وقال إسحاق بن إبراهيم (( :
إذا اجتمع سفيان الثوري ومالك ابن أنس واألوزاعي على أمر فهو سنة
اإلسالم أشأم منه " وأما مالك فقال ":كاد الدين كاد الدين كاد الدين
بعض إخواننا -غفر هللا له -جاء بغريبة من الغرائب وهي دعواه أن
نعم قد يقول المرء الكلمة مكرها ً أو خطأ أو متأوالً فينصب الذم على
كالمه ،وهو يعتذر له ولكن من قال بعدة ضالالت ثم دعا إليها فليس
هذا بابه
ثم إن نصوص السلف تكذب هذا الزعم فلعنه والدعاء عليه ودعوى أنه
ويا ليت شعري هل يوجد غير أبي حنيفة يدعى فيه هذه الدعوى ؟
اعتذرت للسلف فقل ( يتكلم في قوله ال فيه ) ووسع باب االعتذار لكي
ليعلم أن قواعد أهل الرأي المحدثة هي التي فتحت الباب ألهل التجهم
فمثالً قاعدتهم بأن خبر الواحد ال يقبل فيما تعم به البلوى هي التي فتحت
فضائل األئمة األربعة )! ص:" 11وأما أهل الرأي :فهم وإن كان لهم
وال في أصول فقه ،ولهذا كان المتبعون لهم فيهم من جميع أهل األهواء
"
وهذا واضح فإن بشرا ً المريسي كان حنفيا ً وكذا ابن أبي دؤاد وابن كرام
وأبو علي الجبائي والزمخشري وحتى ابن سينا كان يظهر التحنف
وقال اإلمام أحمد في الرد على الجهمية والزنادقة ص 97وهو يتكلم عن
وتأول القرآن على غير تأويله ،وكذب بأحاديث رسول هللا -
الجهم َّ ":
صلى هللا عليه وسلم -وزعم أن من وصف هللا بشيء مما وصف به
كافرا ،وكان من المشبهة،
نفسه في كتابه أو حدث عنه رسوله كان ً
فتأمل من اتبعه !
أصحاب األوزاعي إنما اتبعه أصحاب أبي حنيفة وعمرو بن عبيد ألنهم
كانوا بيئة قابلة لمثل هذه المذاهب وأصولهم ال تنفي البدع كما قال شيخ
اإلسالم
وقد ذكر المعلمي وهو يبرر كالم سفيان واألوزاعي الشديد في أبي
حنيفة أنهم استظهروا اآلثار السلبية ألصول أبي حنيفة وكان مصداق ما
األئمة قبلهما وفي عصرهما يريان االرجاء ورد السنة بالرأي والقول
حتى جرت قوما إلى القول بأن أخبار اآلحاد مردودة مطلقا وآخرين إلى
رد األخبار مطلقا كما ذكره الشافعي ثم جرت إلى القول بأن النصوص
الشرعية ال يحتج بها في العقائد ! ثم إلى نسبه الكذب إلى أنبياء هللا عز
إليه األمر فكان كما ظنا وهل كانت المحنة في زمن المأمون والمعتصم
والواثق إال على يدي أصحابكم ينسبون أقوالهم إلى صاحبكم ؟ وفي
المقاالت ؟
فأما سقوط مذهبيهما ،فخيرة اختارها هللا تبارك وتعالى لهما ،فإن
أتباعه عن تقليده هذا التقليد الذي نرى عليه كثيراً من الناس منذ زمان
طويل ،الذي يتعسر أو يتعذر الفرق بينه وبين اتخاذ األحبار والرهبان
أربابا ً من دون هللا ،فقد يلحق المجتهد كفل من تلك التبعات ،فسلم هللا
األتباع في الحق فلهما من ذلك النصيب األوفر بما نشراه من السنة علما ً
واحد ! وقد قال اإلمام أبو عبد هللا محمد بن إسماعيل البخاري في (
تاريخه الكبير ) في ترجمة الثوري (( قال لنا عبدان عن ابن المبارك :
كنت إذا شئت رأيت سفيان مصليا ً ،وإذا شئت رأيته محدثا ً ،وإذا شئت
رأيته في غامض الفقه .ومجلس شهد ( في التاريخ الصغير ص : 187
شهدته ) ما صلي فيه على النبي -صلى هللا عليه وسلم - . -يعني
وقد علمنا كيف انتشر مذهبكم ،أوالً أولع الناس به لما فيه من تقريب
وحفظهما والبحث عن رواتها وعللها وغير ذلك ،إذ رأوا أنه يكفي
قاضيا ً في بلد من بلدان اإلسالم إال على رأيهم ،فرغب الناس فيه
البلدان.
تعمدوا أبا مسهر عبد األعلى بن مسهر عالم الشام وارث فقه األوزاعي
وافمام أحمد ابن حنبل حامل راية فقه الحديث وأبا يعقوب البويطي
خليفة الشافعي وابن عبد الحكيم وغيره من المالكية بمصر ،وفي كتاب
( قضاة مصر ) طرف مما صنعوه بمصر وفي ذلك يقول الشاعر يمدح
قاضيكم بمصر:
وفتى أبي ليلى وقول قريعهم ...زفر القياس أخي الحجاج األنظر
رابعا ً غلبت األعاجم على الدولة فتعصبوا لمذهبكم لعلة الجنسية في
حتى
على النبي -صلى هللا عليه وسلم ، -كما نراه في كتب المناقب.
سابعا ً :تمموا ذلك بالمغالطات التي ضرب فيها الكوثري المثل األقصى
فأما النضج الذي يدعيه األستاذ فيظهر نموذج منه في قسم الفقهات ،بل
وقد كان خيرا ً لألستاذ وألصحابه ولنا وللمسلمين أن يطوي الثوب على
غرة ويقر الطير علي مكناتها ويدع ما في ( تاريخ بغداد ) مدفونا ً فيه
ويذر النزاع الضئيل بين مسلمي الهند مقصوراً عليهم ويتمثل قول
زهير:
وقد جرني الغضب للسنة وأئمتها إلى طرف مما أكره ،وأعوذ باهلل من
شر نفسي وسيء عملي َ ( ،ربَّنَا ا ْغ ِّف ْر لَنَا َو ِّإل ْخ َوانِّنَا الَّذِّينَ َ
س َبقُونَا
ان َوال تَ ْج َع ْل فِّي قُلُو ِّبنَا ِّغالً ِّللَّذِّينَ آ َمنُوا َربَّنَا ِّإنَّ َك َر ٌ
ؤُوف َر ِّحي ٌم" األي َم ِّ
ِّب ِّ
فتأمل قول المعلمي (وهل جر إلى استفحال تلك المقاالت إال تلك المحنة
محو الصحيفة !
َحنِّيفَة
والداني توفي بعد األربعمائة ،وهذه الدعوة منه لعله استفادها من كالم
بعض السلف فإن اإلمام أحمد كان يكره رواية الحديث عنهم فكيف الفقه
؟
الدوري سمعت أ َ ْح َمد بن حنبل يقول عجب ألصحاب الحديث تنزل بهم
المسألة فيها َع ِّن الحسن وابن سيرين وعطاء وطاوس حتى عد عدة
فيذهبون إلى أصحاب الرأي فيسألونهم أال ينظرون إلى علمهم فيتفقهون
به؟"
وقال أيضا ً (ُ ": )263 /1م َح َّمد بْن أَ ْح َمدَ ب ِّْن واصل أَبُو ْال َعبَّاس
سان قَا َل: وذكره أَبُو َب ْك ٍر الخالل فقال :عنده َع ْن أبي عبد َّ
َّللا مسائل َح َّ
وقال أيضا ً (ُ ": )337/1م َح َّمد بْن يس بْن بشر بْن أبي طاهر البلدي أحد
األصحاب.
قَا َل أَبُو بَ ْك ٍر الخالل سمعته يقول سألت أبا َعبْد َّ
َّللاِّ َع ِّن النظر فِّي الرأي
وقد جرى الترمذي طوال جامعه على عدم ذكر أبي حنيفة وإنما يذكر
أهل الرأي أما أبو حنيفة فال يسميه إال في موطن واحد عند ذكر نقد
وكيع له
الحديث قاطبة فإن أهل الحديث هم الذين وصفوا بأنهم على الحق
ظاهرين
ويغفل أن عامة الحنفية مرجئة فهم اتبعوه على الضاللة أصالً ،بل
الرجل وتقليدا ً له فهل مثل هؤالء يصيرون حجة في الحكم على رجل
بالهداية أو الضاللة
وأنا أنزه اإلمام مالك عن أن يقول ( كاد الدين كاد الدين ) في رجل خال
الجرح
وأنا أنزه حرب الكرماني وابن أبي داود وابن عبد البر وابن حبان وابن
أصولها ونحن نؤكد أن خبر الواحد قديما ً وحديثا ً ما كان يفيد إال الظن،
وأبو حنيفة له وجهة نظر معقولة عندما استبعد خبر الواحد في إيجاب
عصرنا قوم يريدون بخبر الواحد إثبات العقائد التي يكفر منكرها وهذا
ضرب من الغلو الممجوج ،وقد ينتهي بالصد عن سبيل هللا ،والحق أن
حديث اآلحاد دليل محترم ما لم يكن هناك دليل أقوى منه وأولى
بالقبول) ا .هـ.
الغزالي من أشهر المعروفين برد الحديث في هذا العصر وقد وجد في
أصول أبي حنيفة في رد خبر الواحد فيما تعم به البلوى ورد خبره إذا
خالف القياس ورد خبره في الحدود متكأ لمنهجه السوء فتأمل هذا
وقال الغزالي في كتابه سر تأخر العرب ص ": 53إن الفقي حلف باهلل
ولعل الفقي حلف باهلل على ضالله فإنه كان له عناية بكتب السلف ،وقد
أخرج طبقات الحنابلة وفيها كالم كثير في ذم أبي حنيفة وكان يسكت
عليه وال يعلق وكذلك أخرج رد الدارمي على المريسي وما كان يعلق
على المواطن المتعلقة بأبي حنيفة ،وله طبعة قديمة لكتاب السنة لعبد
والغزالي هنا يشوش على محمد حامد لينفر الناس من دعوته ،فأعيذ
وال أستغرب أبدا ً من دفاع الغزالي عن أبي حنيفة فلو كنت مكانه لفعلت
ظ أَبُو َ
س ْع ٍد قال الذهبي في سير أعالم النبالء ( ": )518/2قَا َل ال َحافِّ ُ
س ِّم ْع ُ
ت ت الفَ ِّق ْيهَ أَبَا ِّإ ْس َحاقَ الفَي ُْر ْوزَ ابَا ِّد َّ
يَ ، س ِّم ْع ُ الز ْن َجانِّ َّ
ي الفَ ِّق ْيهََ ، بنَ َع ِّلي ٍ َّ
سأ َ َل َع ْن
ي ،فَ َ َاب ُخ َرا َ
سا ِّن ٌّ امعِّ ال َم ْن ُ
ص ْو ِّر ،فَ َجا َء ش ٌّ ُكنَّا ِّفي َم ْج ِّل ِّس النَّ َ
ظ ِّر ِّب َج ِّ
فِّ ْي َها ،فَقَا َل َ -و َكانَ َحنَ ِّفيا ً :-أَبُو ُه َري َْرة َ َغي ُْر َم ْقبُ ْو ِّل ال َح ِّد ْي ِّ
ث.
ي تَتْ َبعُهُ.
اب ِّم ْن َها َو ِّه َ اس ِّم ْن أ َ ْج ِّل َهاَ ،وه ََر َ
ب ال َّ
ش ُّ النَّ ُ
فَ ِّق ْي َل لَهُ :تُبْ تُبْ .
وهذه الجسارة من أهل الرأي على أبي هريرة تفوه بها متقدموهم
غير فقيه بزعمهم وقبلوه إذا كان فقيها ً ،وبمثل هذا ردوا رواية أبي
هريرة إذا خالفت آراءهم ،قالوا لم يكن فقيها ً ،وقد أفتى في زمن عمر
بن الخطاب وأقره على الفتوى ،واستعمله نائبا ً على البحرين وغيرها ،
وغيره من التابعين
قال البخاري :روى العلم عنه ثمان مائة ما بين صاحب وتابع ،وكان
والعربية طبعه ،وكان الصحابة يرجعون إلى روايته ويعملون بها ،
فذكرت الحديث ،فقال هذا خبر رواه أبو هريرة ،وكان الذي جاء به
المسألة ،وقد غضب ابن حزم غضبا ً شديداً على أهل الرأي من أجل
قال ابن حزم في المحلى ( ": )178/8وروينا من طريق أبى عبيد أنه
ناظر في هذه المسألة محمد بن الحسن فلم يجد عنده أكثر من ان قال:
هذا من حديث أبى هريرة قال على :نعم هو وهللا من حديث أبى هريرة
البر الصادق المن حديث مثل محمد ابن الحسن الذى قيل لعبد هللا بن
كذا ابن حزم في المحلى حيث قال ( ": )372 /8وأما احتجاج أبى
حنيفة بحديث المصراة فطامة من طوام الدهر وهو أول مخالف له
وزار عليه وطاعن فيه مخالف كل ما فيه ،فمرة يجعله ذو التورع منهم
يجعلونه كذبا ويعرضون بأبى هريرة وهللا تعالى يجزيهم بذلك في الدنيا
واآلخرة وهم أهل الكذب ال الفاضل البر أبو هريرة رضى هللا عنه
وعن جميع الصحابة وكب الطاعن على أحد منهم لوجهه ومنخريه ثم ال
أكثر
قال الوالد" :األحناف غضاب على أبي هريرة رضي هللا عنه؛ ألن َ
قلت :يعني :أن األحاديث التي رواها تردُّ على أكثر آرائهم التي تخالف
األحاديث.
وفيه أيضا ً قوله : 274سمعته يقول" :إن األحناف يقولون :إن أبا
هريرة رضي هللا عنه :ليس بفقيه وهذه المقالة سبب قولهم لها هو أن أبا
هريرة رضي هللا عنه صاحب حديث كثير والحديث الذي يرويه يقضى
فحكى يعقوب عنه في الجامع الصغير أنه قال :التثويب الذي يثوب
الناس في صبح الفجر بين األذان واإلقامة :حي على الصالة مرتين ،
حي على الفالح مرتين ،وكان كره التثويب في العشاء وفي سائر
الصلوات .
قال أبو بكر :فخالف ما قد ثبتت به األخبار ،عن مؤذن رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم بالل ،وأبي محذورة ،ثم جاء عن ابن عمر ،
وأنس بن مالك ،وما عليه أهل الحرمين من لدن رسول هللا صلى هللا
عليه وسلم إلى يومنا هذا ،يتوارثونه قرنا عن قرن يعملون به في كل
حتى استحسن بدعة محدثة لم ترو عن أحد من مؤذني رسول هللا صلى
هللا عليه وسلم وال عمل به على عهد أحد من أصحابه .
وفي كتاب ابن الحسن :كان التثويب األول بعد األذان :الصالة خير
الفراغ منه فكان ما قال :أن التثويب األول كان بعد األذان محاال ال
،وخالف قول سفيان الثوري ،ثم استحسن أقر أنه محدث ،وكل
األحناف
فبعض هذه تكفي لئن يأخذ المرء المسلم المحب لدينه موقف السلف
وكيف إذا كانوا لم يرووا حديثا ً واحدا ً في كتب اإلسالم المشهورة بل
قال عبد القادر القرشي في كتابه الجواهر المضية في طبقات الحنفية في
ترجمة المريسي (َ ": )165/1وله أ َ ْق َوال فى ْال َمذْهَب غ َِّري َبة ِّم ْن َها َج َواز
هذا االختيار على قبحه وشذوذه يتناسب تماما ً مع أصول أهل الرأي
فمن أصولهم أن الحكم إذا ذكر في القرآن ثم جاءت السنة وزادت على
ما في القرآن لم يقبلوا زيادة السنة بدعوى أن الزيادة نسخ والسنة ال
تنسخ القرآن
ي والمريسي نظر في القرآن فوجد قوله تعالى (قُ ْل َال أ َ ِّجد ُ فِّي َما أ ُ ِّ
وح َ
طا ِّع ٍم َي ْ
ط َع ُمهُ ِّإ َّال أ َ ْن َي ُكونَ َم ْيتَةً أَ ْو دَ ًما َم ْسفُو ًحا أَ ْو لَ ْح َم ي ُم َح َّر ًما َعلَى َ
ِّإلَ َّ
ض ُ
ط َّر َغي َْر َباغٍ َو َال س أ َ ْو فِّ ْسقًا أ ُ ِّه َّل ِّلغَي ِّْر َّ
َّللاِّ ِّب ِّه فَ َم ِّن ا ْ ِّخ ْن ِّز ٍ
ير فَإِّنَّهُ ِّر ْج ٌ
َّللاِّ ِّب ِّه َو ْال ُم ْن َخ ِّنقَةُ َو ْال َم ْوقُوذَة ُ َو ْال ُمتَ َر ِّد َيةُ َوالنَّ ِّطي َحةُ َو َما أ َ َك َل ال َّ
سبُ ُع ِّإ َّال َما َّ
ب َوأ َ ْن ت َ ْست َ ْق ِّس ُموا ِّب ْاأل َ ْز َال ِّم ذَ ِّل ُك ْم فِّ ْس ٌق ْاليَ ْو َم يَ ِّئ َ
س ذَ َّك ْيت ُ ْم َو َما ذ ُ ِّب َح َعلَى النُّ ُ
ص ِّ
ض ُ
ط َّر ِّفي يت َل ُك ُم ْ ِّ
اإل ْس َال َم دِّينًا فَ َم ِّن ا ْ ض ُ َوأَتْ َم ْم ُ
ت َعلَ ْي ُك ْم ِّن ْع َم ِّتي َو َر ِّ
ور َر ِّحي ٌم) ص ٍة َغي َْر ُمت َ َجا ِّنفٍ ِّ ِّإلثْ ٍم فَإ ِّ َّن َّ
َّللاَ َغفُ ٌ َم ْخ َم َ
فلم يجد الحمر األهلية وال يوجد النهي عن الحمر األهلية إال في السنة
فصارت السنة زائدة على القرآن والزيادة نسخ والسنة ال تنسخ القرآن !
فلو كان المريسي أو من على مذهبه أحياء لحاججوا أهل الرأي بهذه
الحجة
ومن أصول أهل الرأي عدم قبول أخبار الواحد فيما تعم به البلوى ،
وعدم قبول خبر الواحد في الحدود وعدم قبوله إذا خالف القياس وكان
وقد سار على هذا المنهج الكوثري في رده لحديث الجارية حيث أن
وكذلك صار على هذا المنهج عبد هللا الغماري الجهمي في كتابه (
هريرة بحجة أنه غير فقيه وال يقبل خبره فيما خالف القياس
اقتراح أطروحة علمية
وأن يقوم بمناقشة هذه األصول واالنتصار لمذهب أهل الحديث ،
الخالف بين أهل الحديث وأهل الرأي بشكل يفهمه جميع طبقات
المتعلمين
ولو عرض الباحث إلى تطور هذه األصول إلى أصول اعتزالية جهمية
هذه الهالة من التشنج التي تحيط ببحث هذه المسألة هي التي حالت بين
مفهوم خاطيء في مسألة معينة ،ثم ال يصوب هذا المفهوم البتة ولو
والفتنة في تسلط أمثال الكوثري وحسن المالكي وأبي غدة على أئمة
شخصيا ً
واألحناف ليس لهم سلطان في بالدنا والحمد هلل ،والفتنة إنما يؤجهها
من يدعي أنه يريد إخماد الفتنة فلو ترك المسألة للبحث العلمي الجاد لم
تحدث فتنة ،ولكنه يشغب ويشوش حتى يصير األمر فتنة حقا ً
وهذا الشيخ مقبل الوادعي صنف كتابا ً خاصا ً في هذه المسألة ودعوته
من أنجح الدعوات المعاصرة ،بل ثلب أبي حنيفة موجود في الكثير من
على جارحيه ال يكون بحثه فتنة ،وأما من انتصر لقول أئمة أهل
حكمت على بحثي باإلعدام احكم على المصادر التي نقل منها هذا
قال الذهبي في تاريخ اإلسالم ( ": )387/5قال الحاكم :نا أبو أحمد بن
أبي الحسن قال :أرسلني ابن خزيمة إلى أبي العباس السراج فقال :قل له
أمسك عن ذكر أبي حنيفة وأصحابه ،فإن أهل البلد قد شوشوا .فأديت
الرسالة فزبرني"
المسألة معكوسة !
يرى البعض أن ذكر جرح أبي حنيفة سيكون ذريعة إلى الطعن في بقية
بل لو عكسنا المسألة وقلنا أن تعديله سيؤدي إلى الطعن فيهم لكان قريبا ً
ألنهم تكلموا فيه بكالم شديد فتكلم فيه سفيان ومالك واألوزاعي
ووصفه بالفقيه األقدم غلط ،فإن فقهاء الصحابة والتابعين كثر وإنما هو
أحمد بن حنبل واإلمام أبي عبد هللا البخاري وغيرهم من األئمة لضر
على أبي حنيفة من كالم هؤالء األئمة فيه ،ولو قال قائل :ال يتأتى
تثبيت أبي حنيفة إال بإزالة الجبال الرواسي لكان أخف على أبي حنيفة
ممن يقول ال يتأتى محاولة ذلك إال بالطعن في هؤالء األئمة ،وإن
صنيع الكوثري ألضر على أبي حنيفة من هذا كله ،ألن الناس يقولون
الكوثري عالم مطلع ،كاتب بارع ،إن أمكن أحدا" الدفاع عن أبي
حنيفة فهو ـ ولو أمكنه ذلك بدون الطعن في هؤالء األئمة ودون ارتكاب
على كتاب السنة لعبد هللا بن أحمد ورد على األئمة الذين جرحوه ،ولو
فتحنا الباب لرد أحكام أئمة الجرح والتعديل واتهامهم بأنهم ظلمة وقساة
يأتون إلى رجل من خيار عباد هللا عز وجل ومن األئمة في الخير
أهل الحديث أنهم تواطؤوا على ظلم محمد بن الحسن الشيباني ألنه من
أهل الرأي
وجاء عصريه ابن عقيل الحضرمي وادعى أن أهل الحديث ظلموا
الرواة الشيعة وذلك في كتابه ( العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل
)
وجاء حسن بن فرحان المالكي وجمع ذلك كله ودونه في كتب ونشرها
في المملكة ووافقه عدد من أهل الضالل ،وابتدأ األمر بذكر أبي حنيفة
فإذا استقر في نفوس الناس أن أهل الحديث ظلمة أكمل طريقه إلى
لعلك لم تعجبك نتيجة البحث ،وأزمعت أن ترد عليه وهذا يسرني حقا ً !
نعم يسرني ألن هذا سيدفعك إلى البحث وإذا بحثت ستصل إلى النتيجة
وإذا أردت نقل شيء عني من هذه الرسالة فال تنقله مجرداً عن حجته
فال تقل ( عبد هللا يقول أبو حنيفة كذا وكذا ) ثم ال تنقل ما احتججت به
وال من سبقني من األئمة فإن هذا ليس من اإلنصاف وقد أمر هللا عز
وكذلك إذا أردت إخبار طالب علم أو عالم بمضمون الرسالة كلف نفسك
تصويرها وتقديمها إليه فإنك إذا كنت تثق بعلمه فلن يضره قراءة هذا
البحث ،والبحث حتى للمخالف ال يخلو من فائدة -إن شاء هللا تعالى -
واعلم وفقك هللا أن هذا الذي كتبته في هذه األوراق التي ربما قرأتها
أنت في جلسة واحدة ،قد أخذ مني فترة طويلة من الزمن وقراءات
كثيرة ،فال تنس الفضل بيني وبينك إذ جهدت بتلخيص هذه المادة لك
واعلم رحمك هللا أن الباحث إذا وصل إلى نتيجة من خالل بحث علمي
موسع فإنه ال يكفي لثنيه عن هذه النتيجة وضع فتيا لمعاصر ،أو
الخاتمة
هذا ما أمكنني كتابته في هذه المسألة ،وعندي كثير لم يكتب غير أن
المنصف يكفيه دليل ،والجاهل الظالم ال يكفيه ألف دليل ومن أراد
مناقشة شيء من البحث فليتفضل بدون تشنج ،فإن إحاطة البحث بهالة
والحق الذين أتدين به بعد بحثي لهذه المسألة فترة ليست قصيرة من
الزمن ،أن هذا الرجل قد اجتمع فيه من أسباب الجرح ما لم يجتمع في
غيره ،وأنك ال تجد في كتب المجروحين رجالً تكلم فيه هذا العدد
الهائل من األئمة على تباعد األقطار إال هذا الرجل ،ولو ثبت عنه سبب
وإذا شئت أن تراهم متكلمين في عقيدته وجدتهم متكلمين بأشد الكالم .
وإذا شئت أن تراهم متكلمين في فقهه وجدتهم متكلمين بأشد الكالم ،
تنزلق رجله من حيث ال يشعر إلى الحط على من تكلم به من األئمة أو
إذا كان هؤالء ساخطين على أبي حنيفة هذا السخط الذي يصوره
األستاذ فليت شعري من بقي غيرهم من أئمة الدين يسوغ أن يقال إنه