You are on page 1of 19

‫من مخالفات ابن حزم‬

‫لمذهب اهل السنة‬

‫عبد الرحمن بن صالح السديس‬


‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫والشمس ‪ ،‬والقم ِر حسبانا ‪،‬‬


‫ِ‬ ‫وجاعل ِ‬
‫الليل سكنا ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫اإلصباح ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫احلمد هلل ِ‬
‫فالق‬
‫للخلق بشرياً ‪ ،‬ونذيرا ‪ ،‬وداعيا إىل اهلل بإذنه‬ ‫ِ‬
‫املبعوث ِ‬ ‫والصالة ‪ ،‬والسالم ‪ ،‬على‬
‫وسراجا ‪ ،‬منريا أما بعد‪:‬‬

‫فهناك بعض الشباب ‪ ،‬واملبتدئني يف الطلب من يطالع كتب العالمة ابن حزم ‪،‬‬
‫وقد خيفى عليهم ما فيها من خمالفات متعددة ملنهج السلف يف عدد من اجلوانب‬
‫أمهها العقيدة ‪ ،‬فأحببت من باب النصيحة للمسلمني تبيني بعض األمور اليت حُي ذر‪Y‬‬
‫منها يف أقواله ‪ ،‬وكتبه ‪ ،‬وذلك بذكر النقول عن أئمة احملققني من العلماء‬
‫وقبل الشروع يف النقل أحب أن أبني أمرا قد يكون بيّنا وهو ‪:‬‬
‫املذكور هنا من كالم أئمة العلماء يف ابن حزم ـ رمحه اهلل ـ ليس انتقاصا منه ‪،‬‬
‫وال تقليال لشأنه ‪ ،‬ولكن ليحذر اجلاهل من تقليده فيما غلط فيه ‪.‬‬
‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية يف منهاج السنة ‪: 4/543‬‬
‫ومما يتعلق هبذا الباب أن يعلم أن الرجل العظيم يف العلم ‪ ،‬والدين من الصحابة ‪،‬‬
‫والتابعني ومن بعدهم إىل يوم القيامة أهل البيت‪ ، Y‬وغريهم قد حيصل منه نوع من‬
‫االجتهاد مقرونا بالظن ‪ ،‬ونوع من اهلوى اخلفي ‪ ،‬فيحصل بسبب ذلك ماال‬
‫ينبغي اتباعه فيه ‪ ،‬وإن كان من أولياء اهلل املتقني ‪ ،‬ومثل هذا إذا وقع يصري فتنة‬
‫لطائفتني‪ :‬طائفة تعظمه ‪ ،‬فرتيد‪ Y‬تصويب ذلك الفعل ‪ ،‬وابتاعه عليه‪.‬‬
‫وطائفة تذمه ‪ ،‬فتجعل ذلك قادحا يف واليته ‪ ،‬وتقواه ‪ ،‬بل يف بره ‪ ،‬وكونه من‬
‫أهل اجلنة ‪ ،‬بل يف إميانه حىت خترجه عن اإلميان ‪ ،‬وكال هذين الطرفني فاسد ‪.‬‬
‫واخلوارج ‪ ،‬والروافض‪ ، Y‬وغريهم من ذوي األهواء دخل عليهم الداخل من هذا‬
‫‪ ،‬ومن سلك طريق االعتدال عظم من يستحق التعظيم ‪ ،‬وأحبه ‪ ،‬ووااله ‪،‬‬
‫وأعطى احلق حقه ‪ ،‬فيعظم احلق ‪ ،‬ويرحم اخللق ‪ ،‬ويعلم أن الرجل الواحد‪ Y‬تكون‬
‫له حسنان ‪ ،‬وسيئات ؛ فيحمد‪ ، Y‬ويذم ‪ ،‬ويثاب ‪ ،‬ويعاقب‪ ، Y‬وحيب من وجه ‪،‬‬
‫ويبغض من وجه ‪ ،‬هذا هو مذهب أهل السنة واجلماعة خالفا للخوارج ‪،‬‬
‫واملعتزلة ومن وافقهم‪.‬‬

‫وقال ابن القيم‪ Y‬يف أعالم املوقعني ‪: 3/220‬‬


‫فصل‪ :‬والبد‪ Y‬من أمرين أحدمها أعظم من اآلخر ‪ ،‬وهو النصيحة هلل ‪ ،‬ولرسوله ‪،‬‬
‫وكتابه ‪ ،‬ودينه ‪ ،‬وتنزيهه عن األقوال الباطلة املناقضة ملا بعث اهلل به رسوله من‬
‫اهلدى ‪ ،‬والبينات اليت هي خالف احلكمة واملصلحة والرمحة والعدل‪ Y‬وبيان نفيها‬
‫عن الدين وإخراجها منه وإن أدخلها فيه من أدخلها بنوع تأويل ‪ ،‬والثاين معرفة‬
‫فضل أئمة اإلسالم ومقاديرهم وحقوقهم ومراتبهم‪ Y‬وأن فضلهم وعلمهم‬
‫ونصحهم هلل ورسوله ال يوجب قبول كل ما قالوه ‪ ،‬وما وقع يف فتاويهم‪ Y‬من‬
‫املسائل اليت خفي عليهم فيها ما جاء به الرسول ‪ ،‬فقالوا‪ Y‬مببلغ علمهم واحلق يف‬
‫خالفها ال يوجب اطراح أقواهلم مجلة ‪ ،‬وتنقصهم والوقيعة فيهم فهذان طرفان‬
‫جائران عن القصد‪ ، Y‬وقصد‪ Y‬السبيل بينهما فال نؤمث ‪ ،‬وال نعصم ‪ ،‬ـ إىل أن قال ـ‬
‫وال منافاة بني هذين األمرين ملن شرح اهلل صدره لإلسالم ‪ ،‬وإمنا يتنافيان عند‬
‫أحد رجلني جاهل مبقدار األئمة ‪ ،‬وفضلهم ‪ ،‬أو جاهل حبقيقة الشريعة اليت بعث‬
‫اهلل هبا رسوله ‪ ،‬ومن له علم بالشرع ‪ ،‬والواقع‪ Y‬يعلم قطعا أن الرجل اجلليل الذي‪Y‬‬
‫له يف اإلسالم قدم صاحل ‪ ،‬وآثار حسنة ‪ ،‬وهو من اإلسالم ‪ ،‬وأهله مبكان ‪ ،‬قد‬
‫تكون منه اهلفوة ‪ ،‬والزلة هو فيها معذور ‪ ،‬بل ومأجور الجتهاده فال جيوز أن‬
‫يتبع فيها ‪ ،‬وال جيوز أن هتدر‪ Y‬مكانته ‪ ،‬وإمامته ومنزلته من قلوب املسلمني ‪.‬‬
‫وحنوه يف كالم شيخ اإلسالم يف بيان الدليل‪ Y‬على بطالن التحليل ص‪.152‬‬
‫وقال ابن رجب يف احلكم اجلديرة باإلذاعة [اجملموع]‪:1/244‬‬
‫فأما خمالفة بعض أوامر الرسول صلى اهلل عليه وسلم خطأ من غري عمد ‪ ،‬مع‬
‫االجتهاد على متابعته ‪ ،‬فهذا‪ Y‬يقع فيه كثري من أعيان األمة من علمائها ‪،‬‬
‫وصلحائها ‪ ،‬وال إمث فيه ‪ ،‬بل صاحبه إذا اجتهد فله أجر على اجتهاده ‪ ،‬وخطأه‬
‫موضوع عنه ‪ ،‬ومع هذا فلم مينع ذلك من َعلِ َم أمر الرسول الذي خالفه هذا أن‬
‫يبني لألمة أن هذا خمالف ألمر الرسول ‪ ،‬نصيحة هلل ‪ ،‬ولرسوله ولعامة املسلمني ‪،‬‬
‫وهب أن هذا املخالف عظيم له قدر وجاللة ‪ ،‬وهو حمبوب للمؤمنني إال أن حق‬
‫الرسول مقدم على حقه وهو أوىل باملؤمنني من أنفسهم‪. Y‬‬
‫فالواجب على كل من بلغه أمر الرسول ‪ ،‬وعرفه أن يبينه لألمة وينصح هلم ‪،‬‬
‫ويأمرهم باتباع أمره ‪ ،‬وإن خالف ذلك رأي عظيم من األمة ‪ ،‬فإن أمر الرسول‬
‫صلى اهلل عليه وسلم أحق أن يعظم ‪ ،‬ويقتدي به من رأي ُم َعظّم قد خالف أمره‬
‫يف بعض األشياء خطأ ‪.‬‬
‫ومن هنا رد الصحابة ومن بعدهم من العلماء على كل من خالف سنة صحيحة‬
‫‪ ،‬ورمبا أغلظوا يف الرد ال بغضاً له بل هو حمبوب عندهم ‪ ،‬معظم يف نفوسهم‬
‫لكن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أحب إليهم ‪ ،‬وأمره فوق كل أمر خملوق ‪.‬‬
‫فإذا تعارض أمر الرسول صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬وأمر غريه فأمر الرسول صلى اهلل‬
‫عليه وسلم أوىل أن يقدم ويتبع ‪ ،‬وال مينع من ذلك تعظيم من خالف أمره ‪ ،‬وإن‬
‫كان مغفوراً‪ Y‬له ‪ ،‬بل ذلك املخالف املغفور له ال يكره أن خيالف أمره إذا ظهر‬
‫أمر الرسول صلى اهلل عليه وسلم خبالفه ـ إىل أن قال ـ‬
‫فههنا أمران أحدمها ‪ :‬أن من خالف أمر الرسول يف شيء خطأ مع اجتهاده يف‬
‫طاعته ‪ ،‬ومتابعة أوامره فإنه مغفور له ال تنقص درجته بذلك ‪.‬‬
‫والثاين ‪ :‬أنه ال مينعنا تعظيمه ‪ ،‬وحمبته من تبني خمالفة قوله ألمر الرسول صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬ونصيحة األمة تبيني أمر الرسول صلى اهلل عليه وسلم هلم ‪ ،‬ونفس‬
‫ذلك الرجل احملبوب املعظم لو علم أن قوله خمالف ألمر الرسول فإنه ألحب من‬
‫يبني ذلك لألمة ذلك ‪ ،‬ويرشدهم إىل أمر الرسول ‪ ،‬ويردهم يف قوله يف نفسه ‪،‬‬
‫وهذه النكتة ختفى على كثري من اجلهال بسبب غلوهم يف التقليد ‪ ،‬وظنهم أن‬
‫الرد على معظم من عامل ‪ ،‬وصاحل تنقص به ‪ ،‬وليس كذلك‪.‬‬
‫وقال العالمة املعلمي يف التنكيل‪ : 1/6‬من أوسع أودية الباطل الغلو يف األفاضل‬
‫‪ ،‬ومن أمضى أسلحته أن يرمي الغايل كل من حياول رده إىل احلق ببغض أولئك‬
‫األفاضل ومعاداهتم ‪ ،‬يرى بعض أهل العلم أن النصارى أول ما غلوا يف عيسى‬
‫عليه السالم كان الغالة يرمون كل من أنكر عليهم بأنه يبغض عيسى وحيقره‬
‫وحنو ذلك فكان هذا من أعظم ما ساعد على أن انتشار الغلو ألن بقايا أهل احلق‬
‫كانوا يرون أهنم إذا أنكروا على الغالة نسبوا إىل ما هم أشد الناس كراهية له من‬
‫بغض عيسى وحتقريه ‪ ،‬ومقتهم‪ Y‬اجلمهور ‪ ،‬وأوذوا فثبطهم هذا عن اإلنكار ‪،‬‬
‫وخال اجلو للشيطان ‪ ،‬وقريب من هذا حال الغالة الروافض‪ Y‬وحال القبوريني ‪،‬‬
‫وحال غالة املقلدين اهـ‪.‬‬
‫فليحذر غالة ومقلدة الظاهرية من التغاظي عن هذه األمور ‪ ،‬أو حماوالت الرتقيع‬
‫السمجة ؛ تعصبا البن حزم ؛ فاحلق أحق أن ينتصر له ‪.‬‬

‫وهذه بعض النقول املقصودة‪:‬‬

‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية يف درء تعارض العقل والنقل ‪:5/249‬‬
‫وكذلك أبو حممد بن حزم ـ مع معرفته باحلديث ‪ ،‬وانتصاره لطريقة داود ‪،‬‬
‫وأمثاله من نفاة القياس أصحاب الظاهر ـ قد بالغ يف نفي الصفات ‪ ،‬وردها إىل‬
‫العلم مع أنه ال يثبت علما هو صفة ‪ ،‬ويزعم أن أمساء اهلل كالعليم والقدير‪، Y‬‬
‫وحنومها ال تدل على العلم ‪ ،‬والقدرة ‪ ،‬وينتسب إىل اإلمام أمحد وأمثاله من أئمة‬
‫السنة ‪ ،‬ويدعي أن قوله هو‪ :‬قول أهل السنة ‪ ،‬واحلديث ‪ ،‬ويذم األشعري ‪،‬‬
‫وأصحابه ذما عظيما ‪ ،‬ويدعي أهنم خرجوا عن مذهب السنة ‪ ،‬واحلديث يف‬
‫الصفات ‪ ،‬ومن املعلوم الذي ال ميكن مدافعته أن مذهب األشعري ‪ ،‬وأصحابه‬
‫يف مسائل الصفات أقرب إىل مذهب أهل السنة واحلديث من مذهب ابن حزم‬
‫وأمثاله يف ذلك ‪.‬‬

‫وقال يف منهاج السنة ‪ :2/583‬وزعم ابن حزم أن أمساء اهلل تعاىل احلسىن ال‬
‫تدل على املعاين فال يدل عليم على علم وال قدير على قدرة بل هي أعالم حمضة‬
‫! وهذا يشبه قول من يقول‪ :‬بأهنا تقال باالشرتاك اللفظي ‪ .‬وأصل غلط هؤالء‬
‫شيئان‪ :‬إما نفي الصفات والغلو يف نفي التشبيه ‪ ،‬وإما ظن ثبوت الكليات‬
‫املشرتكة يف اخلارج‪.‬‬
‫فاألول هو مأخذ اجلهمية ‪ ،‬ومن وافقهم على نفي الصفات ‪ ،‬قالوا‪ :‬إذا قلنا عليم‬
‫يدل على علم ‪ ،‬وقدير يدل على قدرة لزم من إثبات األمساء إثبات الصفات ‪،‬‬
‫وهذا مأخذ ابن حزم فإنه من نفاة الصفات ‪ ،‬مع تعظيمه للحديث ‪ ،‬والسنة‬
‫واإلمام أمحد ‪ ،‬ودعواه أن الذي يقوله يف ذلك هو مذهب أمحد وغريه ‪.‬‬
‫وغلطه يف ذلك بسبب أنه أخذ أشياء من أقوال الفالسفة ‪ ،‬واملعتزلة عن بعض‬
‫شيوخه ‪ ،‬ومل يتفق له من يبني له خطأهم ‪ ،‬ونقل املنطق باإلسناد عن مىت‬
‫الرتمجان ‪ ،‬وكذلك قالوا‪ :‬إذا قلنا‪ :‬موجود وموجود ‪ ،‬وحي وحي لزم التشبيه‬
‫فهذا أصل غلط هؤالء ‪.‬‬
‫وانظر حنوه يف كتاب ‪ :‬الرد على املنطقيني ص‪. 132- 131‬‬

‫وقال يف العقيدة األصفهانية ص ‪:108-106‬‬


‫‪ ..‬وهبذا يتبني أن احلي القابل للسمع‪ Y‬والبصر والكالم ؛ إما أن يتصف بذلك ‪،‬‬
‫وإما أن يتصف بضده ‪ ،‬وهو الصمم‪ ، Y‬والبكم‪ ، Y‬واخلرس ‪ ،‬ومن قدر خلوه‬
‫عنهما فهو مشابه للقرامطة الذين قالوا‪ :‬ال يوصف بأنه حي وال ميت ‪ ،‬وال عامل‬
‫وال جاهل ‪ ،‬وال قادر وال عاجز ‪ ،‬بل قالوا‪ :‬ال يوصف باإلجياب ‪ ،‬وال بالسلب‬
‫؛ فال يقال‪ :‬هو حي عامل ‪ ،‬وال يقال‪ :‬ليس حبي عامل ‪ ،‬وال يقال‪ :‬هو عليم قدير‬
‫‪ ،‬وال يقال‪ :‬ليس بقدير عليم ‪ ،‬وال يقال‪ :‬هو متكلم مريد ‪ ،‬وال يقال‪ :‬ليس‬
‫مبتكلم مريد ‪ ،‬قالوا‪ :‬ألن يف اإلثبات تشبيها مبا تثبت له هذه الصفات ‪ ،‬ويف‬
‫النفي تشبيه له مبا ينفي عنه هذه الصفات ‪ ،‬وقد قارهبم‪ Y‬يف ذلك من قال من‬
‫متكلمة الظاهرية كابن حزم‪ :‬أن أمساءه احلسىن كاحلي والعليم‪ ، Y‬والقدير‪ Y‬مبنزلة‬
‫أمساء األعالم اليت ال تدل على حياة ‪ ،‬وال علم ‪ ،‬وال قدرة ‪ ،‬وقال‪ :‬ال فرق بني‬
‫احلي ‪ ،‬وبني العليم ‪ ،‬وبني القدير يف املعىن أصال !‬
‫ومعلوم أن مثل هذه املقاالت سفسطة يف العقليات ‪ ،‬وقرمطة يف السمعيات ‪ ،‬فإنا‬
‫نعلم باالضطرار الفرق بني احلي ‪ ،‬والقدير‪ ، Y‬والعليم‪ ، Y‬وامللك ‪ ،‬والقدوس ‪،‬‬
‫والغفور‪ .. Y‬ـ إىل أن قال ـ‬
‫ومل يكن املشركون ميتنعون عن تسمية اهلل بكثري من أمسائه ‪ ،‬وإمنا امتنعوا‪ Y‬عن‬
‫بعضها ‪ ،‬وأيضا‪ :‬فاهلل له األمساء احلسىن دون السوأى‪ ، Y‬وإمنا يتميز االسم احلسن‬
‫عن االسم السيء مبعناه ‪ ،‬فلو كانت كلها مبنزلة األعالم اجلامدات اليت ال تدل‬
‫على معىن ال تنقسم إىل حسىن وسوأى ‪ ،‬بل هذا القائل لو مسى معبوده‪ :‬بامليت‬
‫والعاجز واجلاهل ‪ ،‬بدل احلي والعامل والقادر = جلاز ذلك عنده ! فهذا‪ ، Y‬وحنوه‬
‫قرمطة ظاهرة من هؤالء الظاهرية الذين يدعون الوقوف مع الظاهر ‪ ،‬وقد قالوا‪Y‬‬
‫بنحو مقالة القرامطة الباطنية يف باب توحيد اهلل وأمسائه وصفاته ‪ ،‬مع ادعائهم‬
‫احلديث ‪ ،‬ومذهب السلف ‪ ،‬وإنكارهم على األشعري ‪ ،‬وأصحابه أعظم إنكار ‪،‬‬
‫ومعلوم أن األشعري ‪ ،‬وأصحابه أقرب إىل السلف ‪ ،‬واألئمة ‪ ،‬ومذهب أهل‬
‫احلديث يف هذا الباب من هؤالء بكثري ‪.‬‬
‫وأيضا‪ :‬فهم يدعون أهنم يوافقون‪ Y‬أمحد بن حنبل ‪ ،‬وحنوه من األئمة يف مسائل‬
‫القرآن ‪ ،‬والصفات ‪ ،‬وينكرون على األشعري وأصحابه ‪ ،‬واألشعري وأصحابه‬
‫أقرب إىل أمحد بن حنبل ‪ ،‬وحنوه من األئمة يف مسائل القرآن والصفات منهم‬
‫حتقيقا ‪ ،‬وانتسابا ‪،‬‬
‫أما حتقيقا‪ :‬فمن عرف مذهب األشعري وأصحابه ‪ ،‬ومذهب ابن حزم ‪ ،‬وأمثاله‬
‫من الظاهرية يف باب الصفات = تبني له ذلك ‪ ،‬وعلم هو ‪ ،‬وكل من فهم‬
‫املقالتني أن هؤالء الظاهرية الباطنية أقرب إىل املعتزلة ‪ ،‬بل إىل الفالسفة من‬
‫األشعرية ‪ ،‬وأن األشعرية أقرب إىل السلف ‪ ،‬واألئمة ‪ ،‬وأهل احلديث منهم ‪.‬‬
‫وأيضا‪ :‬فإن إمامهم داود ‪ ،‬وأكابر أصحابه كانوا من املثبتني للصفات على‬
‫مذهب أهل السنة واحلديث ‪ ،‬ولكن من أصحابه طائفة سلكت مسلك املعتزلة ‪،‬‬
‫وهؤالء وافقوا املعتزلة يف مسائل الصفات ‪ ،‬وإن خالفوهم يف القدر والوعيد‪.‬‬

‫ويف ص‪ :110-109‬وهذه اجلمل نافعة فإن كثريا من الناس ينتسب إىل السنة ‪،‬‬
‫أو احلديث ‪ ،‬أو اتباع مذهب السلف ‪ ،‬أو األئمة ‪ ،‬أو مذهب اإلمام أمحد ‪ ،‬أو‬
‫غريه من األئمة ‪ ،‬أو قول األشعري ‪ ،‬أو غريه ‪ ،‬ويكون يف أقواله ما ليس مبوافق‬
‫لقول من انتسب إليهم ‪ ،‬فمعرفة ذلك نافعة جدا كما تقدم يف الظاهرية الذين‬
‫ينتسبون إىل احلديث ‪ ،‬والسنة حىت أنكروا القياس الشرعي املأثور عن السلف ‪،‬‬
‫واألئمة ودخلوا يف الكالم الذي ذمه السلف ‪ ،‬واألئمة حىت نفوا حقيقة أمساء اهلل‬
‫‪ ،‬وصفاته وصاروا‪ Y‬مشاهبني للقرامطة الباطنية حبيث تكون مقالة املعتزلة يف أمساء‬
‫اهلل أحسن من مقالتهم‪ ، Y‬فهم مع دعوى الظاهر يقرمطون يف توحيد اهلل وأمسائه ‪.‬‬

‫وقال اإلمام ابن تيمية كما يف جامع الرسائل ‪[ : 171-1/170‬بعد ذكره‬


‫ألقوال ابن عريب ‪ ،‬وأصحابه ‪ ،‬مث الغزايل يف كتابَيه املضنون هبما على غري أهلهما‬
‫‪ ،‬والفالسفة ] ‪ ..‬وقد يقرب من هؤالء ابن حزم حيث رد الكالم ‪ ،‬والسمع‪، Y‬‬
‫والبصر ‪ ،‬وغري ذلك إىل‪ :‬العلم ‪ ،‬مع أنه ال يثبت صفة هلل هي‪ :‬العلم ‪ ،‬وجيعل‬
‫أمساءه احلسىن إمنا هي أعالم حمضة ! فاحلي ‪ ،‬والعامل ‪ ،‬والقادر‪ ، Y‬والسميع‪، Y‬‬
‫والبصري ‪ ،‬وحنوه كلها أمساء أعالم ال تدل على احلياة ‪ ،‬والعلم ‪ ،‬والقدرة ‪ ،‬وهذا‬
‫يؤول إىل قول القرامطة الباطنية وحنوهم نفاة أمساء اهلل تعاىل الذين يقولون‪:‬‬
‫ال يقال حي وال عامل وال قادر ‪ ،‬وهذا كله من اإلحلاد يف أمساء اهلل ‪ ،‬وآياته قال‬
‫ين يُْل ِح ُدو َن يِف أَمْسَآئِِه } ‪..‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫هِب‬ ‫تعاىل ِ ِ‬
‫{وللّه األَمْسَاء احْلُ ْسىَن فَ ْادعُوهُ َا َو َذ ُرواْ الذ َ‬
‫َ‬
‫اخل‪.‬اهـ‬

‫وكالم ابن حزم املشار إليه يف الفصل ‪3/124‬و‪. 128‬‬

‫وقال يف الرد على األخنائي ص‪ :15‬وقال ابن حزم الظاهري‪ :‬السفر إىل مسجد‬
‫غري املساجد الثالثة حرام ‪ ،‬وأما السفر إىل آثار األنبياء فذلك مستحب ‪ ،‬وألنه‬
‫ظاهري ال يقول بفحوى اخلطاب ‪ ،‬وهو إحدى الروايتني عن داود الظاهري ‪،‬‬
‫فال يقول إن قوله ( فال تقل هلما أف ) يدل على النهي عن الضرب والشتم‪ Y‬وال‬
‫إن قوله تعاىل ( وال تقتلوا أوالدكم خشية إمالق ) يدل على حترمي القتل مع‬
‫الغىن واليسار ‪ ،‬وأمثال ذلك مما خيالفه فيه عامة علماء املسلمني ‪ ،‬ويقطعون خبطأ‬
‫من قال مثل ذلك ‪ ،‬فينسبونه إىل عدم الفهم‪ ، Y‬ونقص العقل‪.‬‬
‫وانظر حنوه يف الفتاوي ‪.27/250‬‬

‫وقال شيخ اإلسالم يف جمموع الفتاوى‪:395 /4Y‬‬


‫فصل ‪ :‬وأما نساء النيب صلى اهلل عليه وسلم فلم يقل إهنن أفضل من العشرة إال‬
‫أبو حممد بن حزم ‪ ،‬وهو قول شاذ مل يسبقه إليه أحد وأنكره عليه من بلغه من‬
‫أعيان العلماء ‪ ،‬ونصوص الكتاب ‪ ،‬والسنة تبطل هذا القول وحجته اليت احتج‬
‫هبا فاسدة ‪ ..‬ـ ذكر حجته ورد عليها مث قال ـ ‪ :‬وباجلملة فهذا قول شاذ مل يسبق‬
‫إليه أحد من السلف ‪ ،‬وأبو حممد مع كثرة علمه وتبحره ‪ ،‬وما يأيت به من‬
‫الفوائد‪ Y‬العظيمة له من األقوال املنكرة الشاذة ما يعجب منه ‪ ،‬كما يعجب مما‬
‫يأيت من األقوال احلسنة الفائقة ‪ ،‬وهذا كقوله إن مرمي نبية ‪ ،‬وإن آسية نبية ‪ ،‬وإن‬
‫أم موسى نبية ‪..‬اهـ [‪..‬مث رد عليه ]‪.‬‬

‫وانظر كالم ابن تيمية يف الصفدية‪ :1/198 Y‬على هذه املسألة ‪ ،‬والرد على ابن‬
‫حزم ‪.‬‬

‫وقال ابن تيمية يف جمموع الفتاوي‪:21/207 Y‬‬


‫ومن مل يلحظ املعاين من خطاب اهلل ورسوله ‪ ،‬وال يفهم تنبيه اخلطاب ‪ ،‬وفحواه‬
‫من أهل الظاهر كالذين يقولون ‪ :‬إن قوله وال تقل هلما أف ال يفيد النهي عن‬
‫الضرب ‪ ،‬وهو إحدى الروايتني عن داود ‪ ،‬واختاره ابن حزم وهذا يف غاية‬
‫الضعف ‪ ،‬بل وكذلك قياس األوىل ‪ ،‬وإن مل يدل عليه اخلطاب لكن عرف أنه‬
‫أوىل باحلكم من املنطوق هبذا‪ Y‬؛ فإنكاره من بدع الظاهرية اليت مل يسبقهم هبا‬
‫أحد من السلف فما زال السلف حيتجون مبثل هذا وهذا‪.‬‬

‫وقال يف درء تعارض العقل والنقل ‪[ :8/61‬يف كالمه على ابن عقيل]‬
‫فيوجد يف كالمه من الكالم احلسن البليغ = ما هو معظم مشكور ‪ ،‬ومن الكالم‬
‫املخالف للسنة واحلق = ما هو مذموم مدحور ‪ ،‬وكذلك يوجد هذا ‪ ،‬وهذا يف‬
‫كالم كثري من املشهورين بالعلم مثل أيب حممد‪ Y‬بن حزم ‪ ،‬ومثل أيب حامد الغزايل‬
‫‪ ،‬ومثل أيب عبد اهلل الرازي وغريهم‪.‬‬
‫قال شيخ اإلسالم يف الصفدية‪ .. :2/178 Y‬ابن حزم ‪ ،‬وهو ممن يعظم الفالسفة‬
‫‪.‬‬

‫يف الفتاوي‪.. :9/274 Y‬وهي الفلسفة األوىل ‪ ،‬واحلكمة العليا عندهم وهم‬
‫يقسمون الوجود إىل‪ :‬جوهر وعرض ‪.‬‬
‫واألعراض جيعلوهنا تسعة أنواع ‪ ،‬هذا هو الذي‪ Y‬ذكره أرسطو وأتباعه جيعلون‬
‫هذا من مجلة املنطق ألن فيه املفردات اليت تنتهي إليها احلدود املؤلفة ‪ ،‬وكذلك‬
‫من سلك سبيلهم ممن صنف يف هذا الباب كابن حزم وغريه‬

‫ويف الفتاوي‪[ :5/282 Y‬ذكر أن ابن حزم] ‪ :‬ينفي الصفات ‪.‬‬

‫ويف الفتاوي‪4/262 Y‬‬


‫فصل‪ :‬مذهب سائر املسلمني بل وسائر أهل امللل إثبات القيامة الكربى وقيام‬
‫الناس من قبورهم‪ Y‬والثواب والعقاب هناك وإثبات الثواب والعقاب يف الربزخ ما‬
‫بني املوت إىل يوم القيامة هذا قول السلف قاطبة وأهل السنة واجلماعة وإمنا أنكر‬
‫ذلك يف الربزخ قليل من أهل البدع ‪ ،‬لكن من أهل الكالم من يقول هذا إمنا‬
‫يكون على البدن فقط ‪ ،‬كأنه ليس عنده نفس تفارق البدن كقول من يقول‬
‫ذلك من املعتزلة واألشعرية ‪.‬‬
‫ومنهم من يقول بل هو على النفس فقط بناء على أنه ليس يف الربزخ عذاب‬
‫على البدن‪ ، Y‬وال نعيم كما يقول ذلك ابن ميسرة وابن حزم ‪ ..‬وانظر ما بعده ‪.‬‬

‫‪ .‬وانظر ‪ ، 5/446 :‬و‪ :525‬وفيه ‪ :‬وهلذا‪ Y‬صار بعض الناس إىل أن عذاب القرب‬
‫إمنا هو على الروح فقط كما يقوله ابن ميسره وابن حزم ‪ ،‬وهذا قول منكر عند‬
‫عامة أهل السنة واجلماعة ‪.‬‬
‫وانظر ‪ :‬الروح البن القيم‪ Y‬ص‪ 42‬فقد استفاض يف املسألة ورد على أيب حممد ابن‬
‫حزم ‪.‬‬

‫ويف الفتاوي‪:8/8 Y‬‬


‫يف مسألة كون الرب قادرا خمتارا ‪ ،‬وما وقع فيها من التقصري الكثري مما ليس هذا‬
‫موضعه ‪ ،‬واملقصود هنا الكالم بني أهل امللل الذين يصدقون الرسل فنقول هنا‬
‫مسائل‪:‬‬
‫املسألة األوىل‪ :‬قد أخرب اهلل أنه على كل شئ قدير ‪ ،‬والناس يف هذا على ثالثة‬
‫أقوال‪:‬‬
‫طائفة تقول هذا عام يدخل فيه املمتنع لذاته من اجلمع بني الضدين ‪ ،‬وكذلك‬
‫دخل يف املقدور‪ ، Y‬كما قال ذلك ‪ :‬طائفة منهم ابن حزم ‪.‬‬
‫وطائفة تقول هذا عام خمصوص‪ Y‬خيص منه املمتنع لذاته ؛ فإنه و إن كان شيئا فإنه‬
‫ال يدخل يف املقدور‪ Y‬كما ذكر ذلك ابن عطية ‪ ،‬و غريه ‪ ،‬وكال القولني خطأ ‪.‬‬
‫و الصواب هو ‪:‬القول الثالث‪ Y‬الذي عليه عامة النظار ‪ ،‬وهو‪ :‬أن املمتنع لذاته‬
‫ليس شيئا ألبتة ‪..‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية يف الفتاوي‪: 4/18 Y‬‬
‫ِّح ِل إمَّنَا يُ ْستَ ْح َم ُد مِب َُوا َف َق ِة‬
‫ن‬ ‫ال‬‫و‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ك أَبو حُم َّم ٍد بن حزٍم فِيما صَّن َفه ِمن الْ ِ‬
‫م‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫‪َ ..‬ك َذل َ ُ َ ْ ُ َ ْ َ َ ُ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السن َِّة ‪ ،‬واحْل ِد ِ‬
‫ك‬ ‫يث ِمثْ َل َما ذَ َكَرهُ يِف َم َسائِ ِل " الْ َق َد ِ‪Y‬ر " َو "اإْلِ ْر َجاء " َوحَنْ ِو َذل َ‬ ‫ُّ َ َ‬
‫الص َحابَِة ‪.‬‬
‫ض ِيل َبنْي َ َّ‬ ‫ف َما ا ْن َفَر َد بِِه ِم ْن َق ْولِِه يِف َّ‬
‫الت ْف ِ‬ ‫خِبِ اَل ِ‬
‫ات"‬ ‫الص َف ِ‬ ‫ك ما ذَ َكرهُ يِف " ب ِ‬
‫اب ِّ‬ ‫و َك َذلِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يث لِ َكونِِه يثْبت يِف اأْل َح ِاد ِ‬ ‫السن َِّة واحْل ِد ِ‬ ‫ِ ِ مِب ِ‬ ‫ِ‬
‫يث‬ ‫َ‬ ‫ْ َُ ُ‬ ‫فَإنَّهُ يُ ْستَ ْح َم ُد فيه َُوا َف َقة أ َْه ِل ُّ َ َ‬
‫ول‪ :‬إنَّهُ ُموافِ ٌق لِإْلِ َم ِام أَمْح َد يِف‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫السلَف ‪ ،‬وأَئِ َّمةَ احْل ِد ِ‬
‫يث‬ ‫م‬ ‫ِّ‬
‫ظ‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫الص ِحيح ِ‬
‫ة‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ َ ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫آن ‪ ،‬و َغ ِ ها ‪ ،‬واَل ريب أَنَّه موافِق لَه ‪ ،‬وهَل م يِف بع ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ض َذل َ‬ ‫َم ْسأَلَة الْ ُق ْر َ رْي َ َ َ ْ َ ُ ُ َ ٌ ُ َ ُ ْ َ ْ‬
‫ي ‪َ ،‬وحَنْ َوهُ أ َْعظَ ُم ُم َوا َف َقةً لِإْلِ َم ِام أَمْح َد بْ ِن َحْنبَ ٍل ‪َ ،‬و َم ْن َقْبلَهُ ِم ْن اأْل َئِ َّم ِة‬ ‫لَ ِك َّن اأْل َ ْش َع ِر َّ‬
‫ان َوالْ َق َد ِ‪Y‬ر‬ ‫ات ‪ ،‬وإِ ْن َكا َن " أَبو حُمَ َّم ٍ‪Y‬د بن حزٍم " يِف مسائِ ِل اإْلِ ميَ ِ‬ ‫الص َف ِ‬ ‫آن َو ِّ‬ ‫يِف الْ ُقر ِ‬
‫ََ‬ ‫ْ ُ َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫يما لَهُ ‪َ ،‬وأِل َْهلِ ِه َم ْن َغرْيِ ِه ‪ ،‬لَ ِك ْن قَ ْد‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫أَْق َو َم م ْن َغرْي ه ‪َ ،‬وأ َْعلَ َم باحْلَديث ‪َ ،‬وأَ ْكَثَر َت ْعظ ً‬
‫صَرفَهُ َع ْن ُم َوا َف َق ِة‬ ‫ط ِمن أَْقو ِال الْ َفاَل ِس َف ِة ‪ ،‬والْمعتَ ِزلَِة يِف مسائِ ِل ِّ ِ‬
‫الص َفات َما َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َخالَ َ ْ َ‬
‫ك ‪َ ،‬فوافَ َق َه ُؤاَل ِء يِف اللَّ ْف ِظ ‪ ،‬و َه ُؤاَل ِء يِف‬ ‫ِ ِ يِف ِ‬ ‫ِ ِ يِف يِن‬
‫َ‬ ‫أ َْه ِل احْلَديث َم َعا َم ْذ َهبه ْم َذل َ َ‬
‫الْ َم ْعىَن ‪.‬‬
‫اع ِه‬
‫يث بِاتِّب ِ‬ ‫ومِبِثْ ِل ه َذا صار ي ُذ ُّمه من ي ُذ ُّمه ِمن الْ ُف َقه ِاء ‪ ،‬واملتكلمني ‪ ،‬وعلَم ِاء احْل ِد ِ‬
‫َ‬ ‫ََُ َ‬ ‫َ َ ََ َ ُ َْ َ ُ ْ َ‬
‫اق ‪َ ،‬و َك َما‬ ‫اطن لَه ‪َ ،‬كما َن َفى الْمعايِن ‪ Y‬يِف اأْل َم ِر ‪ ،‬والنَّه ِي ‪ ،‬وااِل ْشتِ َق ِ‬ ‫اه ِر اَل ب ِ‬ ‫لِظَ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫ات الْ ُقلُ ِ‬
‫وب ‪.‬‬ ‫ات ‪ ،‬وحَنْوه ِمن ِعباد ِ‬ ‫َن َفى خر َق الْعاد ِ‬
‫َ َُ ْ َ َ‬ ‫َْ َ َ‬
‫اف يِف َن ْف ِي الْ َم َعايِن ‪،‬‬ ‫ضموما إىَل ما يِف َكاَل ِم ِه ِمن الْوقِيع ِة يِف اأْل َ َكابِ ِر ‪ ،‬واإْلِ سر ِ‬
‫َ َْ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َم ْ ُ ً‬
‫َو َد ْع َوى ُمتَ َاب َع ِة الظََّو ِاه ِر ‪.‬‬
‫وم الْ َو ِاس َع ِة الْ َكثِ َري ِة َما اَل يَ ْد َفعُهُ إاَّل ُم َكابٌِر‬ ‫ان ‪َ ،‬والدِّي ِن ‪َ ،‬والْعُلُ ِ‪Y‬‬‫وإِ ْن َكا َن لَه ِمن اإْلِ ميَ ِ‬
‫ُ ْ‬ ‫َ‬
‫َح َو ِال ;‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫وج ُد يِف ُكتُبِه م ْن َك ْثَر ِة اإلطالع َعلَى اأْل َ ْق َوال ‪َ ،‬والْ َم ْع ِرفَة بِاأْل ْ‬ ‫; َويُ َ‬
‫الر َسالَِة َما اَل جَيْتَ ِم ُع ِم ْثلُهُ لِغَرْيِ ِه ‪.‬‬‫ب ِّ‬ ‫والت َّْع ِظي ِم لِ َد َعائِ ِم اإْلِ ْساَل ِم ‪ ،‬وجِلَانِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يح ‪.‬‬ ‫اهَر الت َّْر ِج ِ‬ ‫يث ي ُكو ُن جانِبه فِيها ظَ ِ‬
‫َ ُُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فَالْ َم ْسأَلَةُ الَّيِت يَ ُكو ُن ف َيها َحد ٌ َ‬
‫اد َي َق ُع‬ ‫ف َما اَل يَ َك ُ‬ ‫يف َوالْ َم ْع ِرفَِة بِأَ ْق َو ِال َّ‬
‫السلَ ِ‬ ‫يح والضَّعِ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫الصح ِ َ‬
‫ِ‬
‫َولَهُ م ْن الت َّْميِي ِز َبنْي َ‬
‫ِم ْثلُهُ لِغَرْيِ ِه ِم ْن الْ ُف َق َه ِاء ‪.‬اهـ‬

‫قلت ‪ :‬يضاف على كالم اإلمام ابن تيمية قيدين مهمني أعملها هو كثريا‪ ، Y‬وكذا‪Y‬‬
‫‪ ،‬وغريه من العلماء مها‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون كالمه يف التصحيح ‪ ،‬والتضعيف ‪ ،‬والكالم على الرواة موافقا‪Y‬‬
‫ملنهج احملدثني ال مما شذ به عنهم ‪.‬‬
‫‪ -2‬موافقته للسلف فيما يفهم من النص ال مما تفرد به من الغرائب‪. Y‬‬
‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية يف درء تعارض العقل والنقل ‪2/32‬‬
‫وأهل العلم باحلديث أخص الناس مبعرفة ما جاء به الرسول ومعرفة أقوال‬
‫الصحابة والتابعني هلم بإحسان فإليهم‪ Y‬املرجع يف هذا الباب ال إىل من هو أجنيب‬
‫عن معرفته ليس له معرفة بذلك ولوال أنه قلد يف الفقه لبعض األئمة لكان يف‬
‫الشرع مثل آحاد اجلهال من العامة‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬قلت‪ :‬إن أكثر أئمة النفاة من اجلهمية واملعتزلة كانوا قليلي املعرفة مبا‬
‫جاء عن الرسول وأقوال السلف يف تفسري القرآن ‪ ،‬وأصول الدين وما بلغوه عن‬
‫الرسول ففي النفاة كثري ممن له معرفة بذلك ‪ ،‬قيل هؤالء أنواع‪:‬‬
‫نوع ليس هلم خربة بالعقليات ‪ ،‬بل هم يأخذون ما قاله النفاة عن احلكم والدليل‬
‫ويعتقدوهنا‪ Y‬براهني قطعية وليس هلم قوة على االستقالل هبا بل هم يف احلقيقة‬
‫مقلدون فيها وقد اعتقد أقوال أولئك فجميع‪ Y‬ما يسمعونه من القرآن ‪ ،‬واحلديث‬
‫‪ ،‬وأقوال السلف ال حيملونه على ما خيالف ذلك بل إما أن يظنوه موافقا هلم ‪،‬‬
‫وإما أن يعرضوا عنه مفوضني ملعناه ‪ ،‬وهذه حال مثل أيب حامت البسيت ‪ ،‬وأيب‬
‫سعد السمان‪ Y‬املعتزيل ‪ ،‬ومثل أيب ذر اهلروي ‪ ،‬وأيب بكر البيهقي ‪ ،‬والقاضي‬
‫عياض ‪ ،‬وأيب الفرج ابن اجلوزي ‪ ،‬وأيب احلسن علي بن املفضل املقدسي‬
‫وأمثاهلم‪.‬‬
‫والثاين من يسلك يف العقليات مسلك االجتهاد ويغلط فيها كما غلط غريه ‪،‬‬
‫فيشارك اجلهمية يف بعض أصوهلم الفاسدة مع أنه ال يكون له من اخلربة بكالم‬
‫السلف ‪ ،‬واألئمة يف هذا الباب ما كان ألئمة السنة ‪ ،‬وإن كان يعرف متون‬
‫الصحيحني وغريمها ‪ ،‬وهذه حال أيب حممد بن حزم ‪ ،‬وأيب الوليد‪ Y‬الباجي ‪،‬‬
‫والقاضي أيب بكر بن العريب وأمثاهلم ‪ ،‬ومن هذا النوع بشر املريسي ‪ ،‬وحممد‪ Y‬بن‬
‫شجاع الثلجي ‪ ،‬وأمثاهلما‪.‬‬
‫ونوع ثالث مسعوا األحاديث واآلثار‪ Y‬وعظموا‪ Y‬مذهب السلف وشاركوا‪ Y‬املتكلمني‬
‫اجلهمية يف بعض أصوهلم الباقية ‪ ،‬ومل يكن هلم من اخلربة بالقرآن ‪ ،‬واحلديث‬
‫واآلثار ما ألئمة السنة واحلديث ال من جهة املعرفة والتمييز بني صحيحها‬
‫وضعيفها ‪ ،‬وال من جهة الفهم ملعانيها ‪ ،‬وقد ظنوا صحة بعض األصول العقلية‬
‫للنفاة اجلهمية ورأوا ما بينهما من التعارض‪ ، Y‬وهذا حال أيب بكر بن فورك ‪،‬‬
‫والقاضي أيب يعلى ‪ ،‬وابن عقيل ‪ ،‬وأمثاهلم ‪.‬‬

‫وقال يف درء تعارض العقل ‪7/263‬‬


‫وهذا قول ابن حزم ‪ ،‬وأمثاله ممن وافقوا اجلهمية على نفي الصفات وإن كانوا‬
‫منتسبني إىل احلديث والسنة‪.‬‬

‫وقال يف النبوات ‪ :1/129‬فقالت‪ Y‬طائفة‪ :‬ال خترق العادة إال لنيب ‪ .‬وك ّذبوا مبا‬
‫يذكر من خوارق السحرة والكهان ‪ ،‬وبكرامات الصاحلني ‪ .‬وهذه طريقة أكثر‬
‫املعتزلة وغريهم كأيب حممد‪ Y‬بن حزم ‪ ،‬وغريه ‪.‬‬

‫ويف الفتاوي‪482 /22 Y‬‬


‫احلمد هلل هذا القول [ليس هلل إال تسعة وتسعني امسا] ‪ ،‬وإن كان قد قاله طائفة‬
‫من املتأخرين كأيب حممد‪ Y‬ابن حزم وغريه ‪ ،‬فإن مجهور العلماء على خالفه ‪،‬‬
‫وعلى ذلك مضى سلف األمة ‪ ،‬وأئمتها وهو الصواب لوجوه ‪.‬‬

‫قال ابن حزم يف مراتب اإلمجاع ص‪: 15-12‬‬


‫وإمنا نعين بقولنا العلماء من حفظ عنه الفتيا من الصحابة والتابعني وتابعيهم‬
‫وعلماء األمصار وأئمة أهل احلديث ومن تبعهم رضي اهلل عنهم أمجعني ‪.‬‬
‫ولسنا نعين أبا اهلذيل وال ابن األصم وال بشر بن املعتمر وال إبراهيم بن سيار وال‬
‫جعفر بن حرب وال جعفر بن مبشر وال مثامة وال أبا [عفان] وال الرقاشي وال‬
‫األزارقة والصفرية وال جهال اإلباضية وال أهل الرفض فإن هؤالء مل يتعنوا من‬
‫تثقيف اآلثار ومعرفة صحيحها من سقيمها وال البحث عن أحكام القرآن لتمييز‬
‫حق الفتيا من باطلها بطرف حممود بل اشتغلوا عن ذلك باجلدال يف أصول‬
‫االعتقادات ولكل قوم علمهم‬
‫وحنن وإن كنا ال نكفر كثريا‪ Y‬ممن ذكرنا وال نفسق كثريا‪ Y‬منهم بل نتوىل مجيعهم‬
‫حاشا من أمجعت األمة على تكفريه منهم ‪.‬‬

‫قلت‪ :‬احلقيقة تعجب من كالمه رمحه اهلل ال تكفري ‪ ،‬وال تفسيق ‪ ،‬وتويل‬
‫جلميعهم‪ Y‬ما هذه الرقة ألهل البدع ‪ ،‬أين تلك الشدة املعهودة ؟!‬
‫إىل أن قال‪:‬‬
‫ولسنا خنرج من مجلة العلماء من ثبتت عدالته وحبثه عن حدود الفتيا ‪ ،‬وإن كان‬
‫خمالفا لنحلتنا بل نعتد خبالفه كسائر العلماء وال فرق كعمرو بن عبيد وحممد‪ Y‬بن‬
‫إسحاق وقتادة بن دعامة السدوسي وشبابة بن سوار واحلسن بن حيي وجابر بن‬
‫زيد ونظرائهم‪ Y‬وان كان فيهم القدري‪ Y‬والشيعي واإلباضي‪ Y‬واملرجيء ؛ ألهنم‬
‫كانوا أهل علم وفضل وخري واجتهاد ـ رمحهم اهلل ـ وغلط هؤالء مبا خالفونا فيه‬
‫كغلط سائر العلماء يف التحرمي والتحليل وال فرق‪.‬‬

‫قلت‪ :‬وهذا خلط بني من نسب لبدعة هو منها بريء ‪ ،‬وبني من تاب ورجع ‪،‬‬
‫وبني من هو من رؤوس االعتزال ‪.‬‬

‫قال الشيخ سليمان بن عبد اهلل يف شرح كتاب التوحيد ‪546 /1‬‬
‫[يف شرحه حلديث يؤذيين ابن آدم يسب الدهر ‪..‬وراجعه هناك]‬
‫فقد تبني هبذا خطا ابن حزم يف عده الدهر من أمساء اهلل احلسىن ‪ ،‬وهذا غلط‬
‫فاحش ‪ ،‬ولو كان كذلك لكان الذين قالوا‪( :‬وما يهلكنا إال الدهر) مصيبني !‬

‫قال العالمة ابن عبد اهلادي يف طبقات علماء احلديث ‪[ : 3/349‬بعد أن أثىن‬
‫عليه مبا يستحق نقال ‪ ،‬وإنشاء]‬
‫أبو حممد ابن حزم من حبور العلم له اختيارات كثرية حسنة وافق عليها غريه من‬
‫األئمة ‪ ،‬وله اختيارات انفرد هبا يف األصول ‪ ،‬والفروع ومجيع ما انفرد به خطأ ‪،‬‬
‫وهو كثري الوهم‪ Y‬يف الكالم على تصحيح احلديث ‪ ،‬وتضعيفه ‪ ،‬وعلى أحوال‬
‫الرواة ‪.‬اهـ‬
‫ومث قال ابن عبد اهلادي أيضا ‪:3/350‬‬
‫وقد طالعت أكثر كتاب " امللل والنحل" البن حزم ‪ ،‬فرأيته قد ذكر فيه عجائب‬
‫كثرية ‪ ،‬ونقول غريبة ‪ ،‬وهو يدل على قوة ذكاء مؤلفه ‪ ،‬وكثرة اطالعه ‪ ،‬لكن‬
‫تبني يل أنه جهمي جلد ال يثبت من معاين أمساء اهلل احلسىن إال القليل كاخلالق ‪،‬‬
‫واحلق ‪ ،‬وسائر األمساء عنده ال تدل على معىن أصال كالرحيم ‪ ،‬والعليم‪، Y‬‬
‫والقدير ‪ ،‬وحنوها ‪ ،‬بل العلم عنده هو‪ :‬القدرة ‪ ،‬والقدرة هي العلم ‪ ،‬ومها عني‬
‫الذات ‪ ،‬وال يدل العلم على معىن زائد‪ Y‬على الذات‪ Y‬اجملردة أصال ‪ ،‬وهذا عني‬
‫السفسطة ‪ ،‬واملكابرة ‪.‬‬
‫وكان ابن حزم يف صغره قد اشتغل يف املنطق ‪ ،‬والفلسفة ‪ ،‬وأخذ املنطق عن‬
‫حممد بن احلسن املذحجي ‪ ،‬وأمعن يف ذلك فتقرر يف ذهنه هبذا‪ Y‬السبب معاين‬
‫باطلة ‪ ،‬مث نظر يف الكتاب ‪ ،‬والسنة ‪ ،‬ووجد ما فيها من املعاين املخالفة ملا تقرر‬
‫يف ذهنه ‪ ،‬فصار يف احلقيقة حائرا يف تلك املعاين املوجودة يف الكتاب ‪ ،‬والسنة ‪،‬‬
‫فروغ يف ردها روغان الثعلب ‪ ،‬فتارة حيمل اللفظ على غري معناه اللغوي‪ ، Y‬ومرة‬
‫حيمل ويقول‪ :‬هذا اللفظ ال معىن له أصال ‪ ،‬بل هو مبنزلة األعالم ‪ ،‬وتارة يرد ما‬
‫ثبت عن املصدوق كرده احلديث املتفق على صحته يف إطالق لفظ الصفات ‪،‬‬
‫وقول الذي‪ Y‬كان يلزم قراءة قل هو اهلل أحد ألهنا صفة الرمحن عز وجل فأنا‬
‫أحب أن أقرأ هبا ‪ ،‬ومرة خيالف إمجاع املسلمني يف إطالق بعض األمساء على اهلل‬
‫عز وجل ‪ ،‬ويف كالمه على اليهود والنصارى ‪ ،‬ومذاهبهم‪ ، Y‬وتناقضهم‪ Y‬فوائد‬
‫كثرية ‪ ،‬وختليط كثري ‪ ،‬وهجوم عظيم ‪ ،‬فإنه رد كثريا من باطلهم بباطل مثله ‪،‬‬
‫كما رد على النصارى‪ Y‬يف التثليث مبا يتضمن نفي الصفات ‪ ،‬وكثريا‪ Y‬ما يلعن ‪،‬‬
‫ويكفر ‪ ،‬ويشتم مجاعة ممن نقل كتبهم كمىَّت ‪ ،‬ولوقا‪ ، Y‬ويوحنا ‪ ،‬وغريهم ‪،‬‬
‫ويقذع يف القدح فيهم إقذاعا بليغا ‪.‬‬
‫وهو يف اجلملة ‪ :‬لون غريب ‪ ،‬وشيء عجيب ‪ ،‬وقد تكلم على نقل القرآن ‪،‬‬
‫واملعجزات ‪ ،‬وهيئة العامل بكالم أكثره مليح حسن ‪ .‬ومما عيب على ابن حزم‬
‫فجاجة عبارته ‪ ،‬وكالمه يف الكبار‪ .‬اهـ‬

‫وقال ابن كثري يف البداية والنهاية ‪[ :12/92‬بعد ما وصفه بـ‪ :‬اإلمام‪ Y‬احلافظ‬
‫العالمة ‪]..‬‬
‫وكان ابن حزم كثري الوقيعة يف العلماء بلسانه ‪ ،‬وقلمه فأورثه ذلك حقدا يف‬
‫قلوب أهل زمانه ‪ ،‬ـ إىل أن قال ـ والعجب‪ Y‬كل العجب منه أنه كان ظاهريا‬
‫حائرا يف الفروع ال يقول بشئ من القياس ال اجللي ‪ ،‬وال غريه ‪ ،‬وهذا الذي‬
‫وضعه عند العلماء ‪ ،‬وأدخل عليه خطأ كبريا‪ Y‬يف نظره ‪ ،‬وتصرفه ‪.‬‬
‫وكان مع هذا من أشد الناس تأويال يف باب األصول ‪ ،‬وآيات الصفات ‪،‬‬
‫وأحاديث الصفات ‪ ،‬ألنه كان أوال قد تضلع من علم املنطق أخذه عن حممد بن‬
‫احلسن ‪ = ...‬ففسد بذلك حاله يف باب الصفات‪.‬‬
‫وقال ابن القيم‪ Y‬يف أقسام القرآن ص‪ : 152‬وههنا أمر جيب التنبيه عليه غلط فيه‬
‫أبو حممد بن حزم أقبح غلط فذكر يف أمساء الرب تعاىل اهلوي بفتح اهلاء ‪،‬‬
‫واحتج مبا يف الصحيح من حديث عائشة أن رسوله صلى اهلل عليه وسلم كان‬
‫يقول يف سجوده سبحان ريب األعلى اهلوي‪ Y‬فظن أبو حممد‪ Y‬أن اهلوي‪ Y‬صفة للرب‬
‫! وهذا من غلطه رمحه اهلل ‪ ،‬وإمنا اهلوي على وزن فعيل اسم لقطعة من الليل ‪،‬‬
‫يقال‪ :‬مضى هوي من الليل على وزن فعيل ‪ ،‬ومضى هزيع منه أي طرف‬
‫وجانب ‪ ،‬وكان يقول سبحان ريب األعلى يف قطعة من الليل وجانب منه ‪ ،‬وقد‬
‫صرحت بذلك يف اللفظ اآلخر فقالت‪ :‬كان يقول سبحان ريب األعلى اهلوي‪ Y‬من‬
‫الليل"‪.‬‬

‫قال أبو عبد الرمحن بن عقيل الظاهري ـ عن ابن حزم ‪ :‬إنه غري موفق يف كثري من‬
‫مسائل الأمساء والصفات ‪ .‬ابن حزم خالل ألف عام ‪.2/153‬‬

You might also like