Professional Documents
Culture Documents
الفرقة األولى
تحت اإلشراف
األستاذ د /إمام سوجوكو
0
2020م ـ 1442 /ه ـ
النكاح في الفقه اإلسالمي
ق د رغب اإلس الم في النك اح بص ور متع ددة ,إم ا ي ذكر أن ه س نة من س نن الن بي
ّ
صلى هللا غليه وسلم و أحيانا يتحدث بذكر أنه أية من أيات هللا تعالى وغير ذلك .فال بد
من مش روعية النك اح غاي ة كث يرة .فمنه ا لإلس تمرار الحي اة و للتوال د و التك اثر بع د أن
غيرها .فجعل إتصال بين الرجل و املرأة إتصاال كريما ومبنيا على رضاه وعلى إيجاب و
يشذ عنها عالم اإلنسان وعالم الحيوان وغيرها من املخلوقات .كما قال هللا تعالى ( ومن
ّ ّ
كل شيئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ) الذاريات 49 :
وأستعملت كلمة " النكاح" في معنييين العقد و الوطء وكذلك الضم و الجمع .
ّ
وأم ا النكاح شرعا فهو عقد التزويج كما قاله اإلمام ابن قدامة في كتابه املغني .1وقال
اإلمام تقي الدين أن النكاح شرعا هو عبارة عن عقد املشهور املشتمل على األركان و
2
الشروط
1أبو محمد موفق الدين عبد هللا بن أحمد بن محمد بن قدامة ,املغني إلبن قدامةـ( ,مكتبة القاهرة) ,ص3
ج7
أبو بكر بن محمد بن عبد املؤمن بن حريز بن معلى الحسيني الحصني ،تقي الدين الشافعي ,كفاية 2
1
وأم ا النك اح لغ ة ه و الض م وال وطء .وش رعا عق د يتض من إباح ة وطء بلف ظ
3
إنكاح أو تزويج،
ومع نى النك اح في كت اب مدون ة الفق ه املالكي وأدلت ه يطل ق النك اح على ال وطء،
كما في قول هللا تعالى :
4ويطلق على العقد وهو الكثير والغالب في القرآن ،قال تعالى :
. 5والنك اح في الش رع ه و عق د بين الرج ل وامل رأة ،ي بيح اس تمتاع ك ل منهم ا
باآلخر ،ويبين ما لكل منهما من حقوق وما عليه من واجبات ،ويقصد به حفظ النوع
6
واإلنساني.
بصيغة
-قال الشافعية :النكاح عقد يتضمن إباحة وطء بلفظ إنكاح أو تزويج أو ترجمته
-قال الحنابلة :النكاح عقد التزويج أي عقد يعتبر فيه لفظ نكاج أو تزويج أو ترجمته
-قال الحنفية :النكاح غقد يفيد استمتاع الرجل من امرأة لم يمنع من نكاحها مانع
شرعي
3أحمد سالمة القليوبي وأحمد البرلسي عميرة ,حاشيتا قيلوبي وعميرة (بيروت :دار الفكر) ,ص 207ج 3
4
سورة البقرة اآلية 230
5
سورة األحزاب اآلية 49
6
الصادق عبد الرحمن الغرياني ،مدونة الفقه المالكي وأدلته( ،مؤسسة الريان) صـ ،491جـ 2
2
الرأي الثاني :أن النكاح حقيقة في العقد مجاز في الوطء (الشافعية ) وهو أصح
7
حقيقة في كل من العقد و الوطء الرأي الثالث :أن النكاح
وقد شرع النكاح في الكتاب والسنة واإلجماع .أما الكتاب فقول هللا تعالى :
: .8 وقوله تعالى
.
9
وأما السنة فقول النبي صلى هللا عليه وسلم :يا معشر الشباب من استطاع منكم
الباءة فليتزوج ،فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فليصم فإن الصوم
أوال :الوجوب
يجب النك اح على من ق در علي ه وت اقت نفس ه إلي ه وخش ي العنت .ألن ص يانة
النفس وإعفافها عن الحرام واجب ،وال يتم ذلك إال بالزواج .قال القرطبي :املستطيع
الذي يخاف الضرر على نفسه ودينه من العزوبة ال يرتفع عنه ذلك إال بالزواج.
فإن تاقت نفسه إليه وعجز عن اإلنفاق على الزوجة فإنه يسعه قول هللا تعالى :
الن ور ،33 :وملا رواه الجماع ة عن ابن مس عود رض ي هللا عن ه أن رس ول هللا ص لى هللا
أ.د فرج علي السيد عنبر ,محاضرات في أحوال الشخصية ,ص 1 7
9
سورة النور اآلية 32
10عبد هللا بن عبد الحسن التركي ،المغني 1306 ،هـ 1986/مـ (دار علم الكتب :الرياض) صـ ،340جـ 9
3
عليه وسلم قال :يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ،فإنه أغض للبصر
11
وأحصن للفرج ومن لم يستطع فليصم فإن الصوم له وجاء.
قال الحنفية :النكاح يكون واجبا عند التوقان ،أي شدة االشتياق بحيث يخاف
الوقوع في الزنا لو لم يتزوج ،إذ ال يلزم من االشتياق إلى الجماع :الخوف املذكور.
و ق ال املالكي ة :يجب النك اح على ال راغب إن خش ي على نفس ه الزن ا إذا لم
ي تزوج ،و إن أدى إلى االتف اق عليه ا من ح رام ،أو أدى إلى ع دم االتف اق عليها مع وج وب
و قال الشافعية :يجب النكاح لو خاف العنت و تعين طريقا لدفعه مع قدرته .و
قي ل :مطلق ا ألن اإلحص ان ال يوج د إال ب ه ،و قي ل :إن لم ي رد التس ري ،و تلح ق املرأة
بالرجل في هذا الحكم فيجب النكاح على املرأة التي ال يندفع عنها الفجرة إال بالنكاح.
و قال الحنابلة :يجب النكاح على من يخاف الزنا بترك النكاح من رجل و امرأة
س واء ك ان خوف ه ذل ك علم ا أو ظن ا ،ألن ه يلزم ه إعف اف نفس ه و ص رفها عن الح رام و
طريق ة النك اح ،و يق دم حينئ ذ على حج واجب نص ا لخش ية املحظ ور بت أخيره بخالف
الحج.
ثانيا :الندب
أما من كان تائقا له وقادرا عليه ولكنه يأمن على نفسه من اقتراف ما حرم هللا
11السيد السابق ،فقه السنة 1403 ،هـ 1983 -مـ (دار الفكر :لبنان ،بيروت) ص ،12جـ 2
4
ق ال الحنفي ة :النك اح س نة مؤك دة في األص ح و ه و محم ل الق ول باالس تحباب
في أثم بترک ه ،ألن الص حيح أن ت رك الس نة املؤك دة م ؤثم ،و يث اب إن ن وى ول دا و
تحصينا ،أي منع نفسه و نفسها عن الحرام ،و هذا الحكم في حال االعتدال ،أي القدرة
على وطء و مه ر و نفق ة ،أم ا الق درة على امله ر و النفق ة فالن العج ز عنهم ا يس قط
خشي على نفسه الزنا إذا لم يتزوج وجب عليه ،و إن لم يخش على نفسه الزنا ندب له
و قال الشافعية :النكاح مستحب ملحتاج إليه ،أي تائق له ،بأن تتوق نفسه إلى
الوطء و لو خصيا كما اقتضاه كالم اإلحياء يجد أهبته من مهر و كسوة و نفقة يومه و
إن كان متعبدا تحصينا لدينه ،و ملا فيه من بقاء النسل و حفظ النسب ،و لالستعانة
على املصالح ،و لخبر الصحيحين " :يا معشر الشباب ،من استطاع منكم الباءة فليتزوج،
فإنه أغض للبصر و أحصن للفرج ،و من لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" أي
قاطع.
و قال الحنابلة :من له شهوة و ال يخاف الزنا يسن له النكاح ،لقوله صلى هللا
علي ه وس لم "ي ا معش ر الش باب من اس تطاع منكم الب اءة فلي تزوج فإن ه أغض للبص ر و
أحصن للفرج" .وجه الداللة من الحديث :على أمره بأنه أغض للبصر و أحصن للفرج،
و خ اطب الش باب ألنهم أغلب ش هوة ،و ذك ره بأفع ل التفض يل ،ف دل على أن ذل ك أولى
5
ثالثا :الكراهة
قال الحنفية :يكون النكاح مكروها -أي تحريما -لخوف الجور ،فإن تعارض
خوف الوقوع في الزنا لو لم يتزوج و خوف الجور لو تزوج قسم الثاني ،فال إفتراض بل
يكره ،ألن الجور معصية متعلقة بالعباد ،و املنع من الزنا من حقوق هللا تعالى ،و حق
و قال املالكية :يكره النكاح ملن ال يشتهيه و يقطعه عن عبادة غير ولجية.
و قال الشافعية :من لم يحتج للنكاح بأن لم تتق نفسه له من أصل الخلقة ،أو
لعارض كمرض أو عجز ،كره له إن فقد األهبة ،ملا فيه من التزام ما ال يقدر على القيام
به من غير حاجة .و حكم االحتياج للترويج لغرض صحيح غير النكاح كخدمة و تأنس
الحاجة ،أما من ال يصح مع عدم الحاجة كالسفيه فإنه يحرم عليه النكاح حينئذ.
و قال الحنابلة في رأي عندهم :يكره النكاح ملن ال شهوة له ،و ما هو ببعيد عن
ه ذه األزمن ة ملن ع من يتزوجه ا من التحص ين بغ يره ،و يض رها بحبس ها على نفس ه ،و
يعرض نفسه لواجبات و حقوق لعله ال يقوم بها ،و يشتغل عن العلم و العبادة بما ال
فائدة فيه.
رابعا :الحرمة
وتوقانه إليه.
6
ق ال الحنفي ة :يك ون النك اح حرام ا إن تيقن الج ور ،ألن النك اح إنم ا و ش رع
ملصلحة تحصين النفس و تحصيل الثواب بالولد الذي يعبد هللا و يوحده و بالجور يأثم
و قال املالكية :يحرم عليه النكاح إذا لم يخش الزنا ،و كان نكاحه يضر باملرأة
لع دم قدرت ه على ال وطء أو لع دم النفق ة ،أو التكس ب من ح رام ،أو ت أخير الص الة عن
و قال الشافعية :من ال يصح نكاحه مع عدم الحاجة إليه كالسفيه فإنه يحرم
عليه النكاح حينئذ .و من ال تحتاج من النساء إلى النكاح و علمت من نفسها عدم القيام
و قال الحنابلة :ليس ملسلم دخل دار كفار بأمان أن يتزوج بها إال لضرورة ،و ال
يتس رى إال لض رورة ،و ال يط أ زوجت ه إن ك انت مع ه و ال أمت ه و ال اش تراها منهم ب دار
خامسا :اإلباحة
ويب اح فيم ا إذا انتفت ال دواعي واملوان ع .ق ال الحنفي ة :يك ون النك اح مباح ا إن
واس تظهر این عاب دين :أن ه إذا لم يقص د إقام ة الس نة ،ب ل قص د مج رد التوص ل إلى
قضاء الشهوة ،و لم يخف شيئا لم يثب عليه ،إذ ال ثواب إال بالنية ،فيكون مباحا.
قال املالكية :يباح النكاح ملن ال يولد له و ال يرغب في النساء ،قال اللخمي :إذا
7
ف ان ،أو عقيم ق د علم ذل ك من نفس ه ،ك ان مباح ا و يقي د ه ذا بم ا إذا لم يقطع ه عن
وق ال الحنابل ة :يب اح النك اح في الص حيح من املذهب ملن ال ش هوة ل ه ک العنين و
املريض و الكبير ،ألن العلة التي يجب لها النكاح أو يستحب ،و هي خوف الزنا أو وجود
الش هوة مفق ودة في ه ،و ألن املقص ود من النك اح الول د و ه و فيمن ال ش هوة ل ه غ ير
موجودة ،فال ينصرف إليه الخطاب به إال أن يكون مباحا في حقه كسائر املباحات لعدم
و صرح املالكية و الشافعية و الحنابلة :أن املرأة مساوية للرجل في هذه األحكام إال أنه
12
ليس لها أن تتسری.
12فرج علي السيد عنبر ،محاضرات في األحوال الشخصية 1434 ،هـ 2013 -مـ (جامعة األزهر بالقاهرة) صـ
12
8