You are on page 1of 24

‫أثر العدول عن الِخ طبة‬

‫فضيلة المفتي حسان أبو عرقوب‬

‫احلم د هلل رب الع املني‪ ،‬والص الة والس الُم على املبع وث رمحة للع املني‪ ،‬س يدنا وموالن ا حمم د الص ادق‬
‫األمني‪ ،‬وعلى آله وأصحابه‪ ،‬وأحبابه وأتباعه‪ ،‬صالًة وسالًم ا دائمني متالزمني إىل يوم الدين‪.‬‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫فقد أوىل اإلسالم الزواَج أمهي ًة خاصة يف تشريعاته‪ ،‬واعترب عقد الزواج واح ًد ا من أخطر العقود‪ ،‬إن‬
‫مل يكن أخطَر ها؛ ألنه الطريق املستقيم املوصل إىل استحالل ما كان حراًم ا قبله‪.‬‬

‫ل ذلك جند أن الفقه اء يس ريون ض من ح دود ال ي ربحون أرض ها وال جياوزوهنا أال وهي‪" :‬األص ُل يف‬
‫األبضاع احلرمة‪ ،‬وحُي تاط فيها ما ال حيتاط يف األموال"([‪.)]1‬‬
‫وما ذاك إال لتحقيق مقصٍد مهٍم من مقاصد الشريعة الغراء هو حفظ النسب‪.‬‬

‫وال خيفى أن األص ل يف عق د ال زواج التأبي ُد ‪ ،‬وه ذا راف ٌد آخ ر يؤك د خط ورة ه ذا العق د؛ ألن على‬
‫اإلنسان أن يتحمل آثار هذا العقد ما أبقى عليه‪ ،‬واألصل أن يبقَي عليه مدة حياته‪.‬‬

‫ومن املعل وم أن مثرة ال زواج هي تك ويُن األس رة‪ ،‬واألس رة هي اللبن ة األوىل يف بن اء اجملتم ع‪ ،‬فاس تقرار‬
‫اجملتمع كله متوقف على استقرار األسر املكونة له‪ ،‬وهذا يؤكد خطورة عقد النكاح‪.‬‬
‫ِخل‬
‫من أجل كل ما تقدم من بيان خلطورة عقد النكاح ُش رعت ا طبةُ كمقدمة تسبق هذا العق َد اخلط َري‬
‫كي ترتّتَب على العقِد آثاُر ُه بعد َر ِو َّيٍة ونظٍر ‪.‬‬

‫وبذلك يتأبد الزواج‪ ،‬وحُي افُظ على كيان األسرةِ‪ ،‬ومن ّمَث حُي افظ على اجملتمع كله‪.‬‬

‫أم ا إذا مل ينس جم اخلاطب م ع خمطوبت ه‪ ،‬فيع دل أح دمها أو كالمها عن اِخلطب ة بع د مض ي ف رتة من‬
‫ال زمن‪ ،‬تب ادال فيه ا اهلدايا واهلب ات‪ ،‬ب ل رمبا ق دم اخلاطُب ملخطوبت ه مبلًغ ا من املال على حس اب امله ر‬
‫لتجهز نفسها بشراء املالبس وغري ذلك‪ ،‬فما مصري هذا املال وتلك اهلدايا؟‬
‫وق د يثم ُر ع دوُل أح د اخلاطبني عن اخلطب ة إحلاَق الض رر املادي أو املعن وي ب الطرف اآلخ ر‪ ،‬فه ل‬
‫للمتضرر تعويض؟‬

‫واخلالصة‪ :‬ما هو األثر املرتتب على العدول عن اِخلطبة؟‬

‫إن ه ذا البحث املتواض ع حماول ٌة لإلجاب ة عن ه ذا الس ؤال‪ ،‬عن طري ق ع رض املش كلة‪ ،‬وبي ان آراء‬
‫الفقهاء املختلفة‪ ،‬مث مناقشة األدلة‪ ،‬وترجيح ما تركن إليه النفس لقوة دليله‪.‬‬

‫وتكمُن أمهي ُة ه ذا البحِث يف أن ه ي بني احلق وق الش رعية ال يت حتمله ا األحك اُم التكليفي ة لك ل خ اطب‬
‫وخمطوب ة أع رَض أح ُد مها عن ص احبه‪ ،‬مما ينش ر ال وعي بني اخلاطب وخمطوبت ه‪ ،‬ويتس ىن لك ل واح د‬
‫منهما أن يعامل صاحبه وفق ميزان الشريعة الغراء‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬تعريف الِخ طبة وأحكامها‪.‬‬


‫المطلب األول‪ :‬تعريف الخطبة لغة واصطالحًا‪:‬‬
‫يقال‪" :‬خطب املرأة إىل القوم‪ :‬إذا طلب أن يتزوج منهم"([‪.)]2‬‬
‫وخطَب املرأَة خيُطُبه ا ‪-‬بالض م‪َ -‬خ طْـًبا وِخ طَب ًة‪ ،‬فال يص ح اس تعمال املص در الش ائع وه و اخلطوب ة‪،‬‬
‫ومجع اخلاطب ُخ ّطاب([‪.)]3‬‬
‫فاِخلطبة لغة‪ :‬هي طلب الرجل املرأة للزواج‪.‬‬

‫وليس املعىن الشرعي االصطالحي للخطبة عن املعىن اللغوي ببعيد‪.‬‬

‫فاخلطبة شرعًا‪ :‬طلب الرجل الزواج بامرأة معينة حتل له شرًعا([‪.)]4‬‬


‫المطلب الثاني‪ :‬دليُل مشروعيِة الِخ طبة‪:‬‬
‫لقد ثبتت مشروعية اخلطبة بالكتاب العزيز والسنة النبوية املطهرة‪:‬‬

‫أوًال‪ :‬الدليل من الكتاب العزيز‪:‬‬

‫قول احلق سبحانه‪( :‬وال ُج ناَح عليكم فيما عّر ضتم به من ِخ طبة النساء أو أكننتم يف أنفسكم علَم اهلل‬
‫أنكم ستذكروهنّن ولكنْ ال تواعدوهّن س ًر ا إال أن تقولوا قوًال معروًفا وال تعزموا عقدة النكاح حىت‬
‫يبلَغ الكتاُب أجله) البقرة‪.235/‬‬
‫وجه الداللة‪:‬‬

‫ج واز خطب ة املعت دة من وف اة تعريًض ا وتلميًح ا‪ ،‬وج واز ذل ك بع د انته اء ع دهتا تص رًحيا ب املفهوم‬
‫املخالف‪ ،‬وجواز ذلك يف غري احملرمات من النساء غري املعتدات باملفهوم أيًض ا‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬الدليل من السنة النبوية املطهرة‪:‬‬

‫أ‪ -‬عن ابن ُعَم َر ‪-‬رض ى اهلل عنهم ا‪ -‬أن ه ك ان َيُق وُل ‪َ :‬نَه ى الَّنُّىِب ‪-‬ص لى اهلل علي ه وس لم‪ -‬أْن َيِبي َع‬
‫ِط‬ ‫ِخ ِة ِخ ِه‬
‫َبْع ُض ُك ْم َعَلى َبْي ِع َبْع ٍض ‪َ ،‬و ال ْخَيُطَب الَّر ُج ُل َعَلى ْطَب َأ ي ‪َ ،‬ح ىَّت َيْتُر َك اَخْلا ُب َقْبَل ُه‪َ ،‬أْو َي ْأَذَن َل ُه‬
‫اَخْلاِط ُب ([‪.)]5‬‬
‫وجه الداللة‪:‬‬

‫إن للخاطب األول حًق ا يف املخطوبة‪ ،‬وال يسقط إال بإذنه أو برتك اخلطبة‪ ،‬وهذا احلق مل يكن ليعترب‬
‫لوال مظنة اخلطبة اليت اعتربها الشارع ورتب حق اخلاطب عليها‪ ،‬ويف هذا دليل على جواز اخلطبة‬
‫واحرتام حق اخلاطب األول يف خطبته([‪.)]6‬‬
‫ب‪ -‬فعل النيب األعظم ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪-‬‬

‫فقد خطب النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬نساءه‪ ،‬ويف احلديث أن رسول اهلل ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪-‬‬
‫خطب أم سلمة([‪.)]7‬‬
‫وجه الداللة‪:‬‬

‫خطب ة الن يب األعظم ‪-‬ص لى اهلل علي ه وس لم‪ -‬للس يدة أم س لمة ‪-‬رض ي اهلل عنه ا‪ -‬دلي ل على ج واز‬
‫اخلطبة وبيان ملشروعيتها‪ ،‬ولوال جوازها ملا أقدم النيب األعظم ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬على فعلها‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬حكمة مشروعية الِخ طبة‪:‬‬


‫إن من حكمة اخلالق ‪-‬عّز و جّل‪ -‬أْن ُش رعت اِخلطبة قبل عقد الزواج وذلك‪:‬‬

‫‪ -1‬إلعطاء أهل املخطوبة الفرتة الكافية للسؤال عن اخلاطب ومعرفة أحواله‪ ،‬والعكس‪.‬‬

‫‪ -2‬لتكوين صورة واضحة عن أخالق اخلاطب ومعرفة مشائله‪ ،‬والعكس‪.‬‬


‫‪ -3‬ليتعرف اخلاطب عن كثب على شخصية املخطوبة‪ ،‬والعكس‪.‬‬

‫‪ -4‬للتنويه على أمهية عقد النكاح؛ ألن يف اخلطوبة تنويًه ا على ذلك‪ ،‬إذ هي املقدمة إلبرام‬

‫العقد([‪.)]8‬‬
‫‪ -5‬للتهيؤ إلجراء الزواج‪.‬‬

‫‪ -6‬حىت ال ُيقدم آخر على خطبة هذه املرأة اليت يرغب هبا‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ُ :‬ح كُم الِخ طبِة‪:‬‬


‫اخلطبة عند مجهور العلماء جائزة([‪ ،)]9‬واملعتمد عند الشافعية أهنا مستحبة([‪ ،)]10‬ومثة قول ثالث وهو‪:‬‬
‫أن اخلطبة كالنكاح تأخُذ حكَم ُه إباحًة وحرمًة ووجوًبا([‪.)]11‬‬
‫وتركن النفس إىل القول باالستحباب متّس ًك ا بفعل النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬وأصحابه ‪-‬رضي‬
‫اهلل تعاىل عنهم‪ ،-‬وللمعقول‪:‬‬

‫أوًال‪ :‬فعل النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪:-‬‬

‫إن الن يب ‪-‬ص لى اهلل علي ه وس لم‪ -‬خطب أَّم س لمة([‪ ،)]12‬وخطَب حفص َة([‪ ،)]13‬وخطَب زينب على‬
‫زيد([‪.)]14‬‬
‫ثانيًا‪ :‬فعل الصحابة ‪-‬رضي اهلل عنهم‪:-‬‬

‫خطب أبو بكر وعمر ‪-‬رضي اهلل عنهما‪ -‬فاطمة([‪ ،)]15‬وخطب احلسن بن علي ‪-‬رضي اهلل عنهما‪-‬‬
‫إىل منصور الفزاري ابنته([‪.)]16‬‬
‫ثالثًا‪ :‬املعقول‪:‬‬

‫إّن يف اخلطبة زيادَة تعريٍف غالًبا ما تكون مانعًة من اهنياِر عقد الزواج‪ ،‬فال أقّل من أْن تكوَن مستحّبًة؛‬
‫لتحق ق مقص د الش ارع يف حف ظ النس ل عن طري ق حف ظ األس رة‪ ،‬والس المة من أه وال الطالق‬
‫والفراق‪ ،‬مث إن لكل أمر خطري مقدماته‪ ،‬اليت متهد له‪ ،‬كي يستعد له‪ ،‬واخلطبة إمنا هي متهيد إلجراء‬
‫عقد النكاح‪.‬‬

‫المطلب الخامس‪ :‬التكييُف الفقهّي للِخ طبة‪:‬‬


‫اخلطبة وعٌد بالزواج‪ ،‬وهذا الوعُد غُري ملزمٍ عند مجهورِ الفقهاء([‪.)]17‬‬
‫كما ال نْع َد ُم مْن يقول‪ :‬إّن اخلطبة ليسْت وعًد ا بالزواج‪ ،‬وإمّن ا هي جمرُد الطلب([‪.)]18‬‬
‫ولكّن اجلميع متفٌق على أهنا ليست عقًد ا‪ ،‬وال حتّل حراًم ا([‪.)]19‬‬
‫([‪)]20‬‬
‫وال ُيلتفُت إىل م ا ذك َر ه أح ُد املعاص رين مْن أّن اخلطب ة "عق ٌد رض ائّي " ؛ ألن ه ق ال بع دها‪" :‬إّن‬
‫([‪)]21‬‬
‫ٌو‬ ‫سه‬ ‫البداية‬ ‫يف‬ ‫ره‬ ‫ذك‬ ‫ما‬ ‫ّل‬ ‫ولع‬ ‫‪.‬‬ ‫أقصى ما تؤديه اخلطبة إذا ّمتْت أن تكوَن وع ًد ا بعقد الزواج"‬
‫منه‪ .‬وإذا تأملنا يف اِخلطبة جند أهنا متّر مبرحلتني‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬هي مرحلة الطلب‪ ،‬وفيها يطلب الرجل الزواج من فتاة معينة حتّل له شرًعا‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬املوافقة الصرحية على طلب اخلاطب؛ فترتتب عليها األحكام اخلاصة باِخلطبة([‪.)]22‬‬
‫فمرحلة طلب الرجل الزواج باملرأة حتمل وعًد ا منه بالزواج منها‪ ،‬وإالّ فلماذا تق ّد م ِخلطبتها؟! فإن مل‬
‫نعترب هذا الطلَب وعًد ا بالزواج مل يكن للِخ طبة معىن أو فائدة‪.‬‬

‫واملرحلة الثانية كذلك حتمُل وع ًد ا بتزويج اخلاطب‪ ،‬وإال فما معىن املوافقة على اخلطبة؟ ليست هذه‬
‫املوافقة إال موافقًة على طلب التزويج يف املستقبل‪ ،‬وهذا هو الوعد‪.‬‬

‫ف الراجح أّن اِخلطب ة وع ٌد ب الزواج؛ أي هي وع د بالعق د وليس ت عق ًد ا‪ ،‬فال ِحُت ُّل حراًم ا‪ ،‬وال حُت ِّر م‬
‫حالًال‪.‬‬

‫ومن هن ا نفهم أن اخلطب ة وع د ب الزواج‪ ،‬وال ينعق د هبا ال زواج‪ ،‬وق د نص ت املادة (‪ )3‬من ق انون‬
‫األحوال الشخصية األردين على ذلك‪" :‬ال ينعقد الزواج باخلطبة‪ ،‬وال بالوعد‪ ،‬وال بقراءة الفاحتة‪ ،‬وال‬
‫بقبض أي شيء على حساب املهر‪ ،‬وال بقبول اهلدية"‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اآلثار المترتبة على العدول عن الخطبة‪.‬‬


‫المطلب األول‪ :‬معنى العدول عن الخطبة وحكمه‪:‬‬
‫أوًال‪ :‬معىن العدول‪:‬‬

‫أ‪ -‬العدول لغًة‪:‬‬

‫ُيقال‪َ :‬عَد َل عن الشيء َيْع ِدُل َعْدًال وُعدوًال‪ :‬حاد([‪.)]23‬‬


‫ب‪ -‬العدول اصطالًح ا([‪:)]24‬‬
‫هو‪" :‬أن يرتاجع اخلاطبان أو أحدمها عن اخلطبة بعد متامها وحصول الرضا منهما"([‪.)]25‬‬
‫ثانيًا‪ :‬حكم العدول‪:‬‬

‫تق دم أّن اخلطب ة وع د ب الزواج‪ ،‬وأن ه يك ره خل ف الوع د عن د اجلمه ور‪ ،‬فينبغي أن يك ون احلكم يف‬
‫العدول عن اخلطبة أنه مكروه‪ ،‬وهذا ما ذهب إليه املالكية([‪.)]26‬‬
‫([‬
‫وذهب احلنفية واحلنابلة إىل جواز العدول‪ ،‬غري أن احلنابلة قالوا بالكراهة إن كان العدول لغري غرض‬
‫‪ .)]27‬فإن كان العدول لغرض مشروع فاجلميع على عدم الكراهة‪.‬‬
‫األدلة واملناقشة‪:‬‬

‫اس تدّل املالكي ة على كراه ة الع دول عن اخلطب ة باألدل ة املانع ة من خل ف الوع د نفس ها الدال ة على‬
‫كراهته ‪-‬ألن اخلطبة وعد بالزواج‪ -‬وهي من الكتاب العزيز والسنة املطهرة‪:‬‬

‫أوًال‪ :‬الدليل من الكتاب العزيز‪:‬‬

‫قول احلق سبحانه‪( :‬وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤوًال) اإلسراء‪.34/‬‬

‫وجه الداللة‪:‬‬

‫إّن العهد ُيطلب الوفاء به‪ ،‬وهي من األمور اليت يسأل اهلل تعاىل عنها العب َد يوم القيامة([‪ ،)]28‬فأقل ما‬
‫ُيقال‪ :‬إّن خلف الوعد مكروه‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬الدليل من السنة املطهرة‪:‬‬

‫قول النيب األعظم ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪( :-‬آية املنافق ثالث‪ :‬إذا حدث كذب‪ ،‬وإذا وعد أخلف‪،‬‬
‫وإذا ائتمن خان)([‪.)]29‬‬
‫حمل الشاهد‪:‬‬

‫قول النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪( :-‬وإذا وعد أخلف)‪.‬‬

‫وجه الداللة‪:‬‬

‫خلف الوعد خصلة من النفاق‪ ،‬فإتياهنا واالتصاف هبا مكروه‪.‬‬


‫ومن اجلدير بال ذكر أن الوع د عن د املالكي ة غ ري مل زم‪ ،‬وه و ك ذلك عن د اجلمه ور؛ حيث نص وا على‬
‫كراهة ُخ ْلِف الوعد([‪ ،)]30‬وهذا آية عدم اإللزام‪ ،‬وإال لكان خلف الوعد حراًم ا‪.‬‬
‫([‬
‫والوعد باِخلطبة يعترب غري ملزٍم حىت على الرأي الذي ينص على إلزامية الوعد عند بعض املالكية‬
‫‪)]31‬؛ ألن إلزامي ة الوع د يف ه ذا ال رأي إمنا تك ون يف العق ود املالي ة ال يف عق د ال زواج؛ خلط ورة اآلث ار‬
‫املرتتبة على هذا العقد([‪.)]32‬‬
‫ولو سلمنا لزوم الوفاء بالوعد وحرمة اخللف به فأراد اخلاطب أن يعدل عن خطبته فال يستطيع؛ لئال‬
‫يق ع يف اإلمث‪ ،‬فيض طر إىل عق د نكاحه مكرًه ا‪ ،‬وه ذا اإلك راه ين ايف حري ة االختي ار واإلرادة ال واجب‬
‫توفرمها يف العقود وال سيما عقد الزواج‪.‬‬

‫وقد نسب أحد العلماء املعاصرين القول حبرمة العدول عن اخلطبة إىل بعض العلماء بناًء على قوهلم‬
‫حبرمة خلف الوعد([‪ ،)]33‬هذا ومل أجد قوًال صرًحيا ألحدهم حبرمة العدول عن اخلطبة مع أنه الزم‬
‫م ذهبهم‪ ،‬فاألوىل أن ُيقال‪( :‬وبناًء على أصلهم حبرمة خلف الوعد‪ ،‬واعتبار اخلطبة وع ًد ا ب الزواج‪،‬‬
‫ينبغي أن يكون حكم العدول عن اخلطبة حراًم ا عندهم)‪.‬‬
‫وُيق ال ه ذا دون نس بة الق ول إليهم؛ ألن ه ال ُينَس ُب لس اكت ق وٌل ([‪ ،)]34‬وألّن الزَم املذهب ليس‬
‫مبذهب([‪.)]35‬‬
‫واستدَّل احلنفية واحلنابلة الذين قالوا جبواز العدول عن اخلطبة مبا يلي‪:‬‬

‫أوًال‪ :‬عن ابن عم ر ‪-‬رض ي اهلل عنهم ا‪ -‬أن ه ك ان يق ول‪ :‬هنى الن يب ‪-‬ص لى اهلل علي ه وس لم‪ -‬أن ي بيع‬
‫بعض كم على بي ع بعض‪ ،‬وال خيطب الرج ل على خطب ة أخي ه ح ىت ي رتك اخلاطب قبل ه أو ي أذن ل ه‬
‫اخلاطب([‪.)]36‬‬
‫حمل الشاهد‪:‬‬

‫قوله‪ :‬حىت يرتك اخلاطب قبله أو يأذن له اخلاطب‪.‬‬

‫وجه الداللة‪:‬‬

‫‪ -1‬هنى النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬أن خيطب الرجل على خطبة أخيه؛ ألن للخاطب األول حًق ا‬
‫يف الفتاة فال ُينازع عليه؛ لئال يسرى التباغض والتشاحن بني املسلمني‪.‬‬
‫‪ -2‬جعل النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬للخاطب األول حّق الرتك‪ ،‬وأجاز له التنازل للخاطب الثاين‪،‬‬
‫ف النيب ‪-‬ص لى اهلل علي ه وس لم‪ -‬جيّو ز الع دول عن اخلطب ة ويص ور ه ذا الع دول بص ورتني‪ :‬ال رتك‪ ،‬أو‬
‫إعطاء اإلذن للغري كي يتقدم خلطبة الفتاة‪ ،‬وفيه إشعار بإسقاط احلق‪ ،‬النابع من العدول عن اخلطبة‪.‬‬
‫ومل جيعل النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬جواز الرتك معلًق ا على سبب بل جعله حًق ا للخاطب األول‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬إّن علًّيا ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬خطب بنت أيب جهل‪ ،‬فلما أنكر عليه النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪-‬‬
‫أعرض علي ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬عن اخلطبة([‪.)]37‬‬
‫وجه الداللة‪:‬‬

‫لو كان اإلعراض عن اخلطبة مكروًه ا ملا أنكر النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬على سيدنا علي ‪-‬رضي‬
‫اهلل عن ه‪ -‬كي ال يض طره للوق وع يف املك روه‪ ،‬ب ل ألن الع دول ج ائز وه و ح ق للخ اطب أدى إنك ار‬
‫النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬على سيدنا علي ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬أن يقع يف اجلائز ممارًس ا حقه‪.‬‬

‫ولكن لكراهة النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬هذه اخلطبة سبب مذكور يف القصة فهو إعراض لسبب‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬عق د ال زواج عق د عْم ري ي دوم الض رر في ه‪ ،‬واخلطب ة مقدم ة حتس ب فيه ا املن افع واملض اّر ‪ ،‬ف إن‬
‫غلبت املنافع فبها ونعمت‪ ،‬وإال فالعدول عن اخلطبة([‪)]38‬؛ ألنه ال ضرر وال ضرار‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬اخلطبة‪ :‬هي بيان الرغبة يف عقد النكاح‪ ،‬وتراجع اخلاطب عن رغبته هذه ليس فيه شيء‪.‬‬

‫الرتجيح‪:‬‬

‫والذي تركن إليه النفس هو قول احلنابلة الذين قالوا جبواز العدول عن اخلطبة إن كان للعدول سبب‪،‬‬
‫ولو كان هذا السبب كراهية الفتاة للرجل أو العكس استنباًطا من قصة سيدنا علي ‪-‬رضي اهلل عنه‪-‬‬
‫حيث رجع عن خطبته لسبب وهو كراهة النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬لتلك اخلطبة‪.‬‬

‫أما العدول دون سبب فمكروه؛ ألنه من قبيل خلف الوعد‪ ،‬وإن كان احلديث الشريف (حىت يرتك‬
‫اخلاطب‪ )...‬يفيد اجلواز مطلًق ا إال أّن هذا اجلواز ال بد أن يقيد بالسبب؛ لألدلة القوية اليت تنهى عن‬
‫خلف الوعد‪ ،‬وهذا احلكم يتناسب مع السياج األخالقي الذي يفرضه اإلسالم على كل مسلم‪.‬‬
‫والذي عليه قانون األحوال الشخصية األردين جواز العدول مطلًق ا‪ ،‬فقد نصت املادة (‪ )4‬من قانون‬
‫األحوال الشخصية األردين‪" :‬لكٍّل من اخلاطب واملخطوبة العدول عن اخلطبة"‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حكم المال المدفوع سلًف ا (على حساب المهر)‪:‬‬


‫إذا ق ّد م اخلاطب املهر([‪ )]39‬ملخطوبته سلًف ا قب ل عقد النك اح‪ ،‬مث َع َد َل أحد الط رفني عن اخلطبة‪ ،‬أو‬
‫تويف‪ ،‬فما هو احلكم الشرعي يف هذا املهر املقبوض سلًف ا؟‬
‫نص احلنفية على أن للخاطب أن يسرتّد ما دفعه على حساب املهر عيًن ا إن كان قائًم ا‪ ،‬أو عوضه إن‬
‫كان قد هلك أو استهلك([‪.)]40‬‬
‫ومل أج د نًّص ا يف ه ذه املس ألة عن د س ائر املذاهب‪ ،‬وإمنا يفهم من كالمهم بع د تأم ل تعريف اهتم‬
‫للصداق‪ ،‬أن احلكم عندهم ينبغي أن ال يغاير احلكم عند احلنفية يف هذه املسألة‪.‬‬

‫فالص داق عن د املالكي ة من أرك ان عق د ال زواج([‪ ،)]41‬وليس بني اخلاطب واملخطوب ة عق د فال حيل هلا‬
‫نص ف الص داق إال بالعق د‪ ،‬وحيل ك امًال بال دخول‪ ،‬وإال فه و من ب اب أك ل أم وال الن اس بالباط ل‪،‬‬
‫فبعدول أحدمها وعدم العقد مل تستحق املخطوبة املهر فينبغي عليها أن تعيده للخاطب‪.‬‬
‫ون رى الش افعية ُيعِّر ف ون الص داق بق وهلم‪" :‬م ا وجب بنك اح أو وطء أو تف ويت بض ع قه ًر ا كرض اع‬
‫ورجوع شهود"([‪ .)]42‬فهذه هي احلاالت اليت جيب فيها املهر‪ ،‬وليست اخلطبة منها‪ ،‬فال حيل للمرأة‬
‫أخذه بل عليها إعادته‪.‬‬
‫والصداق عند احلنبلية هو‪" :‬العوض املسمى يف النكاح"([‪ .)]43‬وال نكاح بني اخلاطبني يوجب املهر أو‬
‫نصفه‪.‬‬
‫وهك ذا تلتقي آراء الفقه اء مجيًع ا عن د نقط ة مهم ة أال وهي‪ :‬أن امله ر ال جيب إال بعق د النك اح‪ ،‬ويف‬
‫حال اخلطبة ال يوجد عقد نكاح‪ ،‬فاحتفاظ املرأة باملهر بعد عدول أحد الطرفني حيازة للمال بغري‬
‫سبب مشروع؛ فعليها إعادة املال لصاحبه([‪.)]44‬‬
‫وق د ج اء يف املادة (‪ )65‬من ق انون األح وال الشخص ية األردين‪" :‬إذا امتنعت املخطوب ة أو نكص‬
‫اخلاطب أو تويف أحدمها قبل عقد النكاح؛ فإن كان ما دفع على حساب املهر موجوًدا اسرتده عيًن ا‪،‬‬
‫وإن كان فقد بالتصرف فيه أو تلف‪ ،‬اسرتد قيمته إن كان عرًض ا‪ ،‬و مثله إن كان نقًد ا"‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬حكم الهدايا‪:‬‬


‫إذا قّد م أحد اخلاطبني لآلخر هدايا‪ ،‬فما هو احلكم الشرعي هلذه اهلدايا إذا عدل أحدمها عن اخلطبة؟‬
‫تباينت أقوال املذاهب يف هذه املسألة على النحو التايل‪:‬‬

‫أوًال‪ :‬مذهب احلنفية‪:‬‬

‫ه ذه اهلدايا تأخ ذ حكم اهلب ة‪ ،‬فتع اد لص احبها إال إذا ان درجت حتت م انع من موان ع الرج وع باهلب ة‬
‫السبعة‪ ،‬وهي([‪:)]45‬‬
‫‪ -1‬زيادة املوهوب‪.‬‬

‫‪ -2‬موت الواهب أو املوهوب له‪.‬‬

‫‪ -3‬العوض عن اهلبة‪.‬‬

‫‪ -4‬خروج املوهوب عن ملك املوهوب له‪.‬‬

‫‪ -5‬الزوجية القائمة بني الواهب واملوهوب له وقت اهلبة‪.‬‬

‫‪ -6‬القرابة احملرمية بني الواهب واملوهوب له‪.‬‬

‫‪ -7‬هالك العني املوهوبة يف يد املوهوب له‪.‬‬

‫ثانًيا‪ :‬مذهب املالكية‪:‬‬

‫فص ل املالكي ة املس ألة حيث مّي زوا بني ك ون الرج وع من ط رف اخلاطب‪ ،‬أو كون ه من ط رف‬
‫املخطوبة‪.‬‬

‫ف إن ك ان الع دول من ط رف اخلاطب‪ ،‬فال حيق ل ه أن يس رتّد شيئا من اهلدايا س واء ك انت قائم ة أو‬
‫مستهلكة؛ ألنه وهب بشرط إمتام الزواج‪ ،‬وهو املتسبب يف عدم حتقيق هذا الشرط وبالتايل ال حيق له‬
‫الرجوع بشيء من هداياه‪.‬‬

‫وإن كان العدول من طرف املخطوبة‪ ،‬فللخاطب أن يرجع عليها بكل ما قدمه من هدايا إذا كانت‬
‫قائمة‪ ،‬فإن استهلكت اسرتّد قيمتها؛ ألنه وهب بشرط إمتام الزواج‪ ،‬وهي السبب يف عدم حتقيق هذا‬
‫الشرط‪ ،‬فال حيل هلا االحتفاظ هبداياه‪.‬‬
‫وكل هذا يقّيد بالشرط أو العرف إذ يقّد مان على كل ما سبق([‪.)]46‬‬
‫ثالًثا‪ :‬مذهب الشافعية‪:‬‬

‫عند الشافعية قوالن يف املسألة رجح أحدمها الرملي ورجح اآلخر ابن حجر اهليتمي‪ ،‬ومها يف الرتجيح‬
‫سواء‪.‬‬

‫القول األول‪:‬‬

‫"له الرجوع مبا أنفقه على من دفعه له‪ ،‬سواء كان مأكًال أو مشرًبا أم حلوى أم حلًي ا‪ ،‬وسواء رجع‬
‫هو أم جميبه أم مات أحدمها؛ ألنه إمنا أنفقه ألجل تزوجيه هبا‪ ،‬فريجع به إن بقي وببدله إن تلف"([‪.)]47‬‬
‫القول الثاين‪:‬‬

‫"إن كان الرّد منهم (أهل املخطوبة) رجع عليهم؛ ألنه مل يهد هلم إال بناء على أْن يزوجوه ومل حيصل‬
‫غرضه‪ ،‬فإن كان الرد منه فال رجوع له؛ النتفاء العلة املذكورة"([‪ .)]48‬وهذا القول يلتقي مع ما قاله‬
‫املالكية‪.‬‬
‫رابًعا‪ :‬مذهب احلنابلة‪:‬‬

‫اهلدية تأخذ حكم اهلبة‪ ،‬واهلبة عندهم ال جيوز الرجوع فيها إال إذا كانت قبل القبض([‪ ،)]49‬وال خيفى‬
‫أن اخلاطب يف مسألتنا هذه قد أهدى املخطوبة وقبضت اهلدايا‪ ،‬فينبغي أن يكون احلكم عندهم أن ال‬
‫رجوع للخاطب هبديته على خمطوبته‪ ،‬وهذا ما نسبه إليهم أحد املعاصرين([‪.)]50‬‬
‫ولكن إذا س ّر حنا النظ ر يف كتب املذهب جند أّن املس ألة عن دهم خترج عن أص لهم املق رر س ابًق ا‬
‫والقاضي بعدم رجوع الواهب هببته بعد القبض‪.‬‬

‫واملق رر عن دهم يف مس ألتنا أن للخ اطب أن يرج ع مبا أه دى قب ل العق د‪ ،‬إن زوجت املخطوب ة من‬
‫غريه‪ ،‬وهذان نصان يشهدان على صحة ما أقول‪:‬‬

‫النص األول‪:‬‬

‫"‪ ...‬وليست هديته من املهر نص عليه‪ ،‬فإن كانت قبل العقد وقد وعد به فزوجها غريه رجع"([‪.)]51‬‬
‫النص الثاين‪:‬‬
‫"‪ ...‬فإن كانت قبل العقد (يعين اهلدية) وقد وعدوه بأن يزوجوه فزوجوا غريه رجع هبا‪ ،‬قاله الشيخ‬
‫تقي الدين واقتصر عليه يف الفروع‪ ،‬قلت‪ :‬وهذا مما ال شك فيه"([‪.)]52‬‬
‫وق د بني أح د املعاص رين ه ذا ال رأي فق ال‪" :‬ولكن احلنابل ة ي ذهبون إىل ج واز رج وع اخلاطب يف‬
‫هداياه؛ ألن من شرط اهلبة عندهم أن تكون بغري عوض‪ ،‬والواهب يف اخلطبة ‪-‬كما يقول القاضي‬
‫من احلنابل ة‪ -‬إمنا وهب يف ه ذه احلال بش رط بق اء العق د‪ ،‬ف إذا زال مل ك الرج وع‪ ،‬كاهلب ة بش رط‬
‫الثواب"([‪.)]53‬‬
‫وال خيفى أن احلكم املذكور صحيح ولكن الشاهد ال عالقة له بالقضية حمل البحث‪ ،‬فأي عقد‬

‫يراد له البقاء مع علمنا أن اخلطبة ليست عقًد ا‪ ،‬واهلدية قبل العقد ختتلف عنها بعده([‪.)]54‬‬
‫وبعد هذا التجوال يف أقوال املذاهب خنلص إىل أن الفقهاء انقسموا إىل فريقني يف حكم اهلدايا حال‬
‫العدول عن اخلطبة‪:‬‬

‫الفريق األول‪:‬‬

‫جييز للمهدي الرجوع مطلًق ا‪ ،‬وهم احلنفية وبعض الشافعية‪ ،‬هذا إذا استثنينا احلاالت السبع املانعة من‬
‫الرجوع يف اهلبة‪ ،‬واليت سبق ذكرها عند احلنفية؛ ألهنا حاالت عارضة([‪.)]55‬‬
‫وقد استدل الفريق األول على جواز الرجوع يف اهلبة بالسنة املطهرة‪:‬‬

‫فعن ابن عمر ‪-‬رضي اهلل عنهما‪ -‬أن النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬قال‪( :‬من وهب هبة فهو أحق هبا‬
‫ما مل يثب منها)([‪.)]56‬‬
‫وجه الداللة‪:‬‬

‫ُج عل الواهب صاحب حق‪ ،‬بل له األولوية يف هبته ما مل يصل إليه العوض من املوهوب له([‪.)]57‬‬
‫الفريق الثاين‪:‬‬

‫جييز للمه دي الرج وع إذا مل يكن ه و املتس بب يف الع دول‪ ،‬ب ل ك ان الع دول من الط رف اآلخ ر‪،‬‬
‫وذهب إليه املالكية يف املعتمد عندهم‪ ،‬وبعض الشافعية‪ ،‬وهو قول احلنابلة‪.‬‬

‫واستدل الفريق الثاين بأن املهدي قد قدم هديته بشرط إمتام الزواج‪ ،‬والطرف ا هدى إليه قد ف ّو ت‬
‫ُمل‬
‫هذا الغرض على الواهب؛ فال جيمع بني فوات الغرض وذهاب هديته([‪.)]58‬‬
‫الرتجيح‪:‬‬

‫إذا تأملنا األدلة وجدنا أن الراجح هو قول الفريق األول من احلنفية وبعض الشافعية‪ ،‬والقاضي بأّن‬
‫للواهب أن يسرتد هديته مطلًق ا إال أنه ال ب ّد من مراعاة حاالت االستثناء املذكورة عند احلنفية واليت‬
‫متنع هذا اجلواز‪.‬‬

‫وذلك لقوة أدلة ه ذا الفري ق‪ ،‬وعدم هنوض دلي ل الفري ق الث اين على املعارضة‪ ،‬باإلضافة إىل أن قول‬
‫الفريق األول حيوي قول الفريق الثاين من وج ٍه‪ ،‬وهو‪ :‬لو عدل أحد اخلاطبني كان لآلخر الرجوع‬
‫هبديته؛ ألن قول الفريق األول أعم‪ ،‬وهو حاٍو لقول الفريق الثاين من وجٍه‪.‬‬

‫وقد جاء يف املادة (‪ )65‬من قانون األحوال الشخصية األردين‪ ..." :‬أما األشياء اليت أعطاها أحدمها‬
‫لآلخر على سبيل اهلدية فتجري عليها أحكام اهلبة"‪ .‬أي أحكام اهلبة يف املذهب احلنفي‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬حكم االختالف في اعتبار المقبوض‪:‬‬


‫وسأحتدث يف هذا املبحث عن مسألتني‪:‬‬

‫املسألة األوىل‪:‬‬

‫إذا ق دم اخلاطب خلطيبت ه (الش بكة) وهي مق دار من ال ذهب املص وغ‪ ،‬وع دل أح دمها عن اخلطب ة‪ ،‬أو‬
‫تويف‪ ،‬فما هو مصري هذه الشّـبكة؟!‬

‫وبصيغة أخرى‪ :‬هل الذهب املقدم خالل اخلطوبة يعترب من املهر أو من اهلبات؟‬

‫هل نقول‪ :‬إن الشبكة من املهر؛ فريجع هبا اخلاطب على خطيبته؟‬

‫أم نقول‪ :‬إهنا من اهلدايا؛ فتأخذ حكم اهلدية على خالف بني املذاهب ُبنّي يف املبحث السابق؟‬

‫ال خيفى أنه لو ص ّر ح اخلاطب خلطيبته بأّن هذه الشبكة من املهر أو هي هدية من اهلدايا فاألمر كما‬
‫قال‪ ،‬ولكن ما احلكم إن مل يصرح بوصف الشبكة؟!‬

‫ال أحِس ُب أنين أجانب الصواب إذا قلت‪ :‬إّن العرف هو اَحلكُم العدُل يف مثل هذه احلالة؛ ألن للعرف‬
‫اعتباًر ا يف الشرع‪ ،‬إذ املعروف عرًفا كاملشروط شرًطا([‪.)]59‬‬
‫ويف بالدنا جند كث ًريا من الناس يقللون من قيمة املهر (النقدي) ويطلبون قيمة مرتفعة للشبكة؛ وما‬
‫ذاك إال ألهنا يف نظرهم جزء من املهر‪ .‬ويدّل عليه قوهلم‪" :‬املهر دينار ذهيب‪ ،‬والشبكة مخسة آالف‬
‫دينار"‪ ،‬فتحديد الشبكة يدل على أهنا جزء من املهر‪ ،‬وإال فبأّي حق يطالبون هبدية مرتفعة الثمن‪ ،‬وال‬
‫يبغون عنها ِح َو ًال؟ ّمث إن قيمة الشبكة يف اجملتمعات واألحياء تكون يف الغالب موّح دة وذات قيمة‬
‫ثابتة أو متقاربة‪ ،‬فليس هلذه الشبكة تسمية ضمن هذه املعطيات إال مهر املثل‪.‬‬

‫وق د ج اء يف املادة (‪ )65‬من ق انون األح وال الشخص ية األردين‪" :‬إذا امتنعت املخطوب ة أو نكص‬
‫اخلاطب أو تويف أحدمها قبل عقد النكاح؛ فإن كان ما دفع على حساب املهر موجوًدا اسرتده عيًن ا‪،‬‬
‫وإن كان فقد بالتصرف فيه أو تلف‪ ،‬اسرتد قيمته إن كان عرًض ا‪ ،‬و مثله إن كان نقًد ا"‪.‬‬

‫أما إن اعتربنا أن هذه الشبكة من توابع املهر‪ ،‬فهي تأخذ حكم املهر؛ ألن التابع تابع‪.‬‬

‫وقد أعطى قانون األحوال الشخصية األردين يف املادة (‪ )47‬توابع املهر حكم املهر‪.‬‬

‫املسألة الثانية‪:‬‬

‫إذا ق ّد م اخلاطب خلطيبت ه م اًال أو ه دايا مثين ة ّمث ع دال عن اخلطب ة أو أح دمها واختلف ا فه و ي ّد عي أن ه‬
‫دفعها َص داًقا‪ ،‬وهي تّد عي أنه دفعها هبة‪ ،‬وليس هناك عرف يضبط املسألة‪.‬‬

‫إذا تأملنا املسألة جنُد أّن اختالفهما إّم ا أن يكون يف نية اخلاطب أو يف لفظه‪:‬‬

‫فإن كان يف نيته فالقول قوله مع ميينه عند احلنفية والشافعية؛ ألن اهلدية ال تصح بغري قول([‪.)]60‬‬
‫وعند احلنبلية‪ :‬القول قوله بال ميني؛ ألنه أعلم مبا نواه‪ ،‬وال تطلع املرأة على نيته([‪.)]61‬‬
‫وإن اختلفا يف لفظه‪ ،‬فالقول قوله مع ميينه؛ ألن امللك له‪ ،‬وهي تدعي عليه عق ًد ا على ملكه‪ ،‬وهو‬
‫ينكر‪ ،‬وهذا عند الشافعية واحلنبلية([‪.)]62‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬حكم التعويض عن الضرر المادي أو المعنوي‪:‬‬
‫قد ينجم عن العدول عن اخلطبة ضرر بأحد الطرفني‪ ،‬وهذا الضرر إّم ا أن يكون ماّدًّيا أو معنوًيا‪.‬‬

‫ومثال الضرر املادي‪ :‬أن ترتك املخطوبة العمل بناًء على طلب من اخلاطب‪ ،‬أو أن جيّه ز األهل ابنتهم‬
‫جبهاٍز قد طلبه اخلاطب (وهذا يف البالد اليت جيهز فيها أهل العروس مسكن الزوج مثل مصر)‪.‬‬
‫ومثال الضرر املعنوي‪ :‬ما يلحق بسمعة الفتاة من كالم وافرتاءات حيث تكون قد أمضت ُمّد ةً ‬

‫طويلةً مع خاطبها‪ ،‬ورمبا خرجا مًع ا ودخال‪ ،‬وكانا حمط نظر الناس وكالمهم‪.‬‬

‫وأيًض ا قد تكون ِخ طبتها األوىل فّو تت عليها خّطاًبا أفضل من هذا األول الذي عدل‪.‬‬

‫وإذا س ّر حنا النظ ر يف كتب الفقه اء فإنن ا لن جند هلذه املس ألة أث ًر ا‪ ،‬ولع ّل الس بب يف ذل ك أن ه خالل‬
‫الس نني املاض ية مل يكن إلطال ة ف رتة اِخلطب ة يف احلي اة االجتماعي ة وج ود‪ ،‬ب ل ك ان يس ود بينهم املث ل‬
‫الشائع "خري الرب عاجُله"‪.‬‬

‫أض ف إىل ذل ك أن ه مل تكن حي اهتم االجتماعي ة معق دة كم ا هي يف ه ذه األي ام‪ ،‬حيث مل تكن املرأة‬
‫تعمل يف الوظائف الرمسية احلكومية‪ ،‬ومل تكن الوظائف حتمل ذات الطابع الذي حتمله اآلن إخل‪..‬‬

‫وأزي د على ما سبق أّن حي اة الس ابقني ومفاهيمهم كانت مصبوغًة بص بغة اإلسالم وتعاليمه‪ ،‬حيث‬
‫جند املطلق ة رمبا ت زوجت أرب ع م رات وك ذلك األرمل ة‪ ،‬فك ان ع دول اخلاطب عن خطبت ه شيًئا ال‬
‫ي ذكر‪ .‬ويف ه ذا الزم ان انقلبت املوازين رأًس ا على عقب‪ ،‬وتغ ريت املف اهيم والقيم‪ ،‬وأص بح اجملتم ع‬
‫ينظر لألرملة واملطلقة واليت عدل عنها خاطبها نظرة دونية‪ ،‬ال تليق باملرأة‪ ،‬وال بتعاليم ديننا احلنيف‬
‫الشريف‪.‬‬

‫واحلاصل أّن هذه املسألة تعّد من املسائل الفقهية املعاصرة املستجّد ة‪ ،‬أي من النوازل([‪.)]63‬‬
‫وإذا تأّم لنا آراء الفقهاء املعاصرين يف الضرر املادي واملعنوي الناجم عن العدول عن اخلطبة‪ ،‬جندها‬
‫حمصورة يف أربعة آراء‪:‬‬

‫الرأي األول‪ :‬عدم التعويض مطلًق ا‪ :‬ومن القائلني به الشيخ حممد خبيت املطيعي (مفيت الديار املصرية‬
‫سابًق ا) وأ‪ .‬د‪ .‬حممد عقلة اإلبراهيم وأ‪ .‬د‪ .‬عمر سليمان األشقر([‪.)]64‬‬
‫وأدلة القائلني هبذا الرأي‪:‬‬

‫أوًال‪ :‬إّن العدول أمر جائز شرًعا‪ ،‬واجلواز الشرعي يتناىف مع الضمان‪.‬‬

‫ثانًيا‪ :‬إّن اِخلطبة ليست عق ًد ا بل هي وعد بالعقد‪ ،‬وال إلزام يف هذا الوعد‪ ،‬فمن عدل عن ِخ طبته إمنا‬
‫ميارس حًق ا من حقوقه‪ ،‬وال جيوز أن نرتب على ممارسة احلقوق أي تعويض([‪.)]65‬‬
‫ثالًثا‪ :‬مل ُيفّو ت العادل عن اخلطبة على اآلخر حًق ا حىت ُيلزم بالتعويض([‪.)]66‬‬
‫رابًع ا‪ :‬قد يلزم من احلكم بالتعويض إلزام اخلاطب على الزواج عند عدم قدرته على دفع التعويض‪،‬‬
‫وهنا خيتفي الركن األعظم لعقد النكاح وهو الرتاضي([‪.)]67‬‬
‫([‬
‫الرأي الثاين‪ :‬التعويض مطلًق ا‪ :‬ومن القائلني به‪ :‬الشيخ حممود شلتوت (شيخ األزهر الشريف سابًق ا)‬
‫‪.)]68‬‬
‫األدلة‪:‬‬

‫أوًال‪ :‬إن القاعدتني الفقهيتني التاليتني مها أول دليل يستند إليه من قال بالتعويض‪:‬‬

‫‪ -1‬ال ضرر وال ضرار([‪.)]69‬‬


‫‪ -2‬الضرر يزال([‪.)]70‬‬
‫ثانًيا‪ :‬ال سبيل إىل إزالة الضرر سوى التعويض املايل([‪.)]71‬‬
‫ثالًثا‪ :‬إن اخلاطب قد سبب للمخطوبة ضرًر ا نتيجة عدم الوفاء بوعده‪ ،‬فال بد أن يرتتب عليه تعويض‬
‫يتناسب مع مقدار ما تسبب به من ضرر([‪.)]72‬‬
‫الرأي الثالث‪ :‬التعويض عن الضرر املادي فقط دون املعنوي‪ ،‬قال به الشيخ حممد أبوزهرة([‪.)]73‬‬
‫لكّن الشيخ أبا زهرة يوجب التعويض عن الضرر املادي الناتج عن التغرير ال االغرتار‪.‬‬

‫والتغرير هو‪ :‬الضرر الذي ينشأ وللخاطب دخل فيه غري جمرد اخلطبة والعدول‪ ،‬مثل أن يطلب نوًع ا‬
‫خمصوًص ا من اجلهاز‪ ،‬مث يكون العدول والضرر‪ ،‬فهو من باب املسؤولية التقصريية‪.‬‬

‫أما االغرتار‪ :‬فهو الضرر الناشئ عن جمرد اخلطبة من غري عمل من جانب الذي عدل‪ .‬وهذا االغرتار‬
‫ال تعويض عليه([‪.)]74‬‬
‫الرأي الرابع‪ :‬إّن التعويض يرتتب على العدول عن اخلطبة إذا ترتب عليه ضرر مادًيا كان أو معنوًيا‪،‬‬
‫وبه قال الشيخ مصطفى السباعي‪ ،‬ولكنه وضع ثالثة شروط لوجوب التعويض‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يثبت أّن العدول مل يكن بسبب املخطوبة‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يثبت أن العدول قد أضر هبا مادّيا أو معنوّيا غري االستهواء اجلنسي‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يكون اخلاطب قد أكد رغبته يف الزواج من املخطوبة مبا يستدل به عادة وعقًال على تأكيد‬
‫خطبته وتصميمه على إجراء عقد الزواج([‪.)]75‬‬
‫ونلح ُظ يف ه ذا ال رأي أن ه ُي راعي املخطوب ة ح ال ع دول اخلاطب‪ ،‬ويض رب ُع رض احلائ ط باخلاطب‬
‫حال عدول خمطوبته‪.‬‬

‫املناقشة‪:‬‬

‫أوًال‪ :‬الضرر املعنوي‪:‬‬


‫ال ُبّد أن نتساءل‪ :‬ما هو الضرر المعنوي الذي يقع على أحد الخاطبين بسبب عدول اآلخر؟‬
‫وكيف ُيقّو ُم هذا الضرر؟ وما هو ضابطه؟ مع مراعاة أنه أمر معنوي ال حسي ملموس‪.‬‬

‫أما ما ذكره البعض أنه ما يلحق بسمعة املخطوبة بسبب طول فرتة اخلطبة وكثرة الدخول واخلروج‬
‫م ع اخلاطب فه و أم ر غ ري مقب ول؛ ألن ه رق ة يف ال دين‪ ،‬وإغف ال ألحك ام رب الع املني‪ ،‬فكي ف ن رتب‬
‫التعويض على إمهال املكلف بالشرع‪ ،‬أيعصي املرُء اهلل تعاىل فيكافأ؟!‬

‫فاخلاطبان طاملا مل يعقدا عقد الزواج فهما أجنبيان عن بعضهما‪ ،‬وال حيل ألحدمها من اآلخر شيء‪.‬‬
‫وحيرم خمالط ة أح دمها لآلخ ر‪-‬بع د النظ ر والتع رف‪ -‬وخلوت ه ب ه‪ ،‬ومس ه‪ ،‬واخلروج مع ه‪ .‬ومن ال ذي‬
‫أجربه ا على إطالة فرتة اخلطبة؟! لقد وافقت الفت اة على إطالة فرتة اخلطب ة مبحض إرادهتا مع علمها‬
‫اليقي ين أّن للخاطب حق الع دول م ىت شاء‪ ،‬فكيف ُنض ّمُن إنساًنا إذا م ارس حق ه املش روع‪ ،‬واجلواز‬
‫الشرعي ينايف الضمان‪.‬‬

‫ثانًيا‪ :‬الضرر املادي‪:‬‬

‫ق د ت رتك املخطوب ة عَم له ا أو تش رتي أثاًث ا خمصوًص ا ي رغب ب ه اخلاطب‪ ،‬أو ت رتك الدراس ة بن اء على‬
‫طلبه‪ ،‬أو غري ذلك من الصور اليت تتضرر فيها الفتاة بسبب طاعة اخلاطب‪.‬‬

‫وال خيفى أن ضرًر ا مادًّيا قد وقع على الفتاة‪ ،‬لكن لنا أن نتساءل فنقول‪ :‬أمل تكن الفتاة على علم أن‬
‫خطبتها وعد غري ملزم؟ وأّن رجوع اخلاطب عن اخلطبة حق له‪ ،‬وله أن ميارس حقه مىت شاء؟ أليس‬
‫تركها للعمل والدراسة وشراؤها األثاث الذي طلبه اخلاطب قبل العقد سوء تصرف منها‪ ،‬واستعجال‬
‫يف اختاذ القرار‪ ،‬وخطأ يف حساب عواقب األمور؟‬
‫ما الذي أجربها على إطاعة أمره‪ ،‬مع أنه ال طاعة له عليها؟ لقد تص ّر فت مبطلق حرّيتها وإرادهتا‪،‬‬
‫وهي وحدها تتحمل مسؤولية تصرفاهتا وسوء تقديرها‪.‬‬

‫أما العدول عن اخلطبة فهو حق لكل من اخلاطبني‪ ،‬وال وجه للضمان عند استعمال احلق‪.‬‬

‫أما ما قيل‪ :‬إنه على اخلاطب أْن ُيعوَض املخطوبة عن الضرر الناشئ عن العدول بناء على املسؤولية‬
‫التقصريية فغري صحيح؛ ألن الفعل يف املسؤولية التقصريية غري مشروع أصًًال([‪.)]76‬‬
‫ه ذا ومن شروط املس ؤولية التقص ريية‪ :‬أن ُيالزم الفع ل أفع اًال خاطئ ة يف ذاهتا ومس تقلة عن ه اس تقالًال‬
‫تاًّم ا ومنسوبة ألحد الطريف‪ ،‬وأن ينتج عنه ضرر للطرف اآلخر([‪.)]77‬‬
‫ُنالحظ أن كل ما سبق غري منطبق على املسألة حمل البحث؛ إذ اخلطبة مشروعة‪ ،‬وطلب اخلاطب من‬
‫خمطوبت ه بن اء على الني ة يف إمتام ال زواج‪ ،‬وتنفي ذ طلب ات اآلخ ر بن اء على الثق ة املتبادل ة بني االث نني‬
‫وليست هذه الطلبات ضارة يف ذاهتا‪.‬‬

‫الرتجيح‪:‬‬

‫بعد ما تقدم من األدلة واملناقشة تركن النفس إىل القول بعدم التعويض مطلقًـا ملا تقدم من أدلة قوية‪،‬‬
‫وعدم هنوض أدلة املخالفني على املعارضة‪ ،‬وهذا الرأي يتفق مع حق كل واحد من اخلاطبني باإلمتام‬
‫أو العدول مما يبقي عقد النكاح رضائًّيا‪.‬‬

‫هذا ومل يرد ذكر للضرر املادي أو املعنوي الناتج عن العدول عن اخلطبة يف قانون األحوال الشخصية‬
‫األردين‪.‬‬

‫وختام ًا أرجو اهلل تعاىل أن يكون هذا البحث قد أماط اللثام عن كثري من احلقائق واألحكام املتعلقة‬
‫هبذا املوضوع‪ ،‬فإن أصبت فمن اهلل وله احلمد‪ ،‬وإن أخطأت فمين ومن الشيطان‪ ،‬وأستغفر اهلل تعاىل‬
‫من كل خطأ وزلل‪.‬‬

‫الخاتمة‬
‫أرج و أن يك ون ه ذا البحث ق د ق دم أجوب ة عن كث ري من التس اؤالت ال يت ت دور يف خل د كث ري من‬
‫اُخلَّطاب‪ ،‬مع مراعاة املوضوعية يف العرض واملناقشة والرتجيح بني املذاهب املختلفة‪.‬‬
‫وقد خلص البحث إىل ما يلي‪:‬‬

‫* اخلطبة‪ :‬طلب الرجل الزواج بامرأة معينة حتل له شرًعا‪.‬‬

‫* اخلطبة مستحبة‪ ،‬وهي وعد غري ملزم بالزواج‪.‬‬

‫* العدول هو‪ :‬أن يرتاجع اخلاطبان أو أحدمها عن اخلطبة بعد متامها وحصول الرضا منهما‪.‬‬

‫* جيوز العدول عن اخلطبة بسبب‪ ،‬ويكره إذا كان بال سبب‪.‬‬

‫* املال املدفوع سلفًـا ‪-‬على حساب املهر‪ -‬قبل العقد جيب أن يرجع كامًال للخاطب؛ ألنه ال سبب‬
‫مشروع الستحالله من قبل املخطوبة بعد عدول اخلاطب‪.‬‬

‫* اهلدايا اليت قدمها اخلاطبان لبعضهما تستظل حبكم اهلبة عند احلنفية‪ ،‬فعند العدول عن اخلطبة وإبداء‬
‫الرغبة باسرتداد كل طرف ملا قدمه‪ ،‬جيب إعادة هذه اهلدايا لص احبها إال إذا انطوت حتت مانع من‬
‫موانع الرجوع يف اهلبة عندهم‪.‬‬

‫* حكم الشبكة (الذهب املقدم خالل اخلطبة) راجع للعرف عند عدم النص على صفة قبضها‪ ،‬هل‬
‫هي من املهر أو اهلدايا؟ مع أن الظاهر يف بالدنا أهنا من املهر أو توابعه‪ ،‬والتابع تابع‪.‬‬

‫* ال جيب التعويض عن الضرر املادي أو املعنوي الناتج عن العدول عن اخلطبة‪.‬‬

‫[‪ ]1‬الندوي‪ :‬علي أمحد‪ ،‬القواعد والضوابط املستخلصة من التحرير‪ ،‬مطبعة املدين‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1411‬هـ‪ ،‬ص‪.480‬‬
‫[‪ ]2‬الفيومي‪ :‬أمحد بن حممد بن علي‪ ،‬املصباح املنري‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬بريوت‪1990 ،‬م‪ ،‬مادة (خ ط‬
‫ب)‪ ،‬ص‪.66‬‬
‫[‪ ]3‬ابن منظ ور‪ :‬مجال ال دين حمم د بن مك رم‪ ،‬دار إحي اء ال رتاث الع ريب‪ ،‬ب ريوت‪ ،‬ط‪1988 ،1‬م‪،‬‬
‫باب (خ ط ب)‪.‬‬
‫[‪ ]4‬الدريين‪ :‬حممد فتحي‪ ،‬حبوث مقارنة يف الفقه اإلسالمي وأصوله‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‬
‫‪1414 ،1‬هـ‪.2/510 ،‬‬
‫[‪ ]5‬البخ اري‪ :‬حمم د بن إمساعيل‪ ،‬ص حيح البخ اري‪ ،‬دار اليمام ة وابن كث ري‪ ،‬ب ريوت‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫‪1407‬هـ‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬مصطفى البغا‪ ،1975 /5 ،‬برقم (‪.)4848‬‬
‫[‪ ]6‬العطار‪ :‬عبد الناصر توفيق‪ِ ،‬خ طبة النساء يف الشريعة اإلسالمية‪ ،‬مطبعة السعادة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‬
‫‪.13‬‬
‫[‪ ]7‬الشيباين‪ :‬أمحد بن حنبل‪ ،‬املسند‪ ،‬مؤسسة قرطبة‪ ،‬القاهرة‪ ،6/295 ،‬برقم (‪.)26572‬‬
‫[‪ ]8‬احلفناوي‪ :‬حممد إبراهيم‪ ،‬الزواج‪ ،‬مكتبة اإلميان‪ ،‬املنصورة‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫[‪ ]9‬احلطاب‪ :‬مواهب جلليل‪ ،411/ 3 ،‬ابن قدامة (املوفق)‪ :‬املغين‪ ،110/ 7 ،‬صايف‪ :‬فتحي أمحد‪،‬‬
‫التعليقات املرضية على األحكام الشرعية يف األحوال الشخصية لقدري باشا‪ ،‬دار العلوم اإلنسانية‪،‬‬
‫دمشق‪ ،‬مادة‪.1‬‬
‫[‪ ]10‬الشربيين‪ :‬مغين احملتاج‪.135 /3 ،‬‬
‫[‪ ]11‬املصدر السابق نفسه‪.‬‬
‫[‪ ]12‬البيهقي‪ :‬سنن البيهقي الكربى‪.131/ 7 ،‬‬
‫[‪ ]13‬ابن حج ر‪ :‬أمحد بن علي‪ ،‬فتح الب اري بش رح ص حيح البخ اري‪ ،‬دار املعرف ة‪ ،‬ب ريوت‪،‬‬
‫‪/‬‬ ‫‪1379‬هـ‪ ،‬حتقي ق حمم د ف ؤاد عب د الب اقي وحمب ال دين اخلطيب‪9 ،‬‬
‫‪.201‬‬
‫[‪ ]14‬االس فراييين‪ :‬يعق وب بن إس حاق‪ ،‬مس ند أيب عوان ة‪ ،‬دار املعرف ة‪ ،‬ب ريوت‪1998 ،‬م‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫حتقيق‪ :‬أمين بن عارف‪.56/ 3 ،‬‬
‫[‪ ]15‬ابن حبان‪ :‬حممد بن حبان بن أمحد‪ ،‬صحيح ابن حبان‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت‪1414 ،‬هـ‪،‬‬
‫ط‪ ،2‬حتقيق‪ :‬شعيب األرناؤوط‪.399/ 15 ،‬‬
‫[‪ ]16‬اهليثمي‪ :‬علي بن أمحد‪ ،‬جمم ع الزوائ د‪ ،‬دار الري ان لل رتاث‪ ،‬الق اهرة‪ ،‬دار الكت اب الع ريب‪،‬‬
‫بريوت‪1407 ،‬هـ‪.335/ 4 ،‬‬
‫[‪ ]17‬ال دريين‪ :‬حبوث مقارن ة يف الفق ه اإلس المي وأص وله‪ ،514 /2 ،‬الس رطاوي‪ :‬شرح ق انون‬
‫األحوال الشخصية األردين‪.35/ 1 ،‬‬
‫[‪ ]18‬العطار‪ :‬خطبة النساء يف الشريعة اإلسالمية‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫[‪ ]19‬ال دريين‪ :‬حبوث مقارن ة‪ ،513/ 2 ،‬الس رطاوي‪ :‬شرح ق انون األح وال الشخص ية األردين‪،‬‬
‫‪ ،35/ 1‬العطار‪ :‬خطبة النساء‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫[‪ ]20‬عرت‪ :‬عبدالرمحن‪ِ ،‬خ طبة النكاح‪ ،‬مكتبة املنار‪ ،‬الزرقاء‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪1405 ،1‬هـ‪ ،‬ص‪.54‬‬
‫[‪ ]21‬عرت‪ :‬خطبة النكاح‪ ،‬ص‪.54‬‬
‫[‪ ]22‬الدريين‪ :‬حبوث مقارنة ‪.512/ 2‬‬
‫[‪ ]23‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬مادة (ع د ل)‪.‬‬
‫[‪ ]24‬أطلق كث ري من املعاص رين على الع دول عن اخلطبة اسم (فس خ اخلطبة)‪ ،‬وهذه التس مية فيها‬
‫تسامح ألهنا توهم أن اخلطبة عقد؛ ألن الفسخ ال يكون إال يف العقود‪ ،‬بينما اخلطبة وعد بالعقد ال‬
‫عق د‪ ،‬وال تك اد جتد كتاًب ا خيل و من مص طلح (فس خ اخلطب ة)‪ .‬انظ ر شعبان زكي ال دين‪ :‬األحك ام‬
‫الشرعية‪ ،‬ص‪ ،88‬أبو العينني‪ :‬بدران‪ ،‬أحكام الزواج والطالق‪ ،‬ص‪ ،54‬اإلبراهيم‪ :‬حممد عقلة‪ ،‬نظام‬
‫‪1410‬هـ‪،‬‬ ‫ة‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫الة احلديث‬ ‫ة الرس‬ ‫الم‪ ،‬مكتب‬ ‫رة يف اإلس‬ ‫األس‬
‫‪.1/230‬‬
‫[‪ ]25‬اإلبراهيم‪ :‬حممد عقلة‪ ،‬نظام األسرة يف اإلسالم‪.230/ 1 ،‬‬
‫[‪ ]26‬النفراوي‪ :‬الفواكه الدواين‪ ،11/ 2 ،‬احلطاب‪ :‬مواهب اجلليل‪.411/ 3 ،‬‬
‫[‪ ]27‬ابن قدامة (املوفق)‪ :‬املغين‪ ،111/ 7 ،‬صايف‪ :‬التعليقات املرضية‪ ،‬مادة (‪ ،)4‬ص‪.8‬‬
‫[‪ ]28‬ابن جزي‪ :‬حممد بن أمحد‪ ،‬التسهيل لعلوم التنزيل‪ ،‬دار األرقم‪ ،1/446 ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫[‪ ]29‬البخاري‪ :‬اجلامع الصحيح‪ ،21/ 1 ،‬القشريي‪ :‬مسلم بن احلجاج‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬دار إحياء‬
‫الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪.78/ 1 ،‬‬
‫[‪ ]30‬املرغين اين‪ :‬علي بن أيب بك ر‪ ،‬اهلداي ة شرح بداي ة املبت دي‪ ،‬املكتب ة اإلس المية‪ ،‬ب ريوت‪/ 1 ،‬‬
‫‪ ،189‬النفراوي‪ :‬الفواكه الدواين‪ ،11/ 2 :‬املياطي‪ :‬إعانة الطالبني‪ ،154/ 3 ،‬ابن قدامة (املوفق)‪:‬‬
‫املغين‪.111/ 7 ،‬‬
‫[‪ ]31‬ابن الش اط‪ :‬قاس م بن عب د اهلل‪ ،‬إدرار الش روق على أن واء الف روق‪ ،‬دار الكتب العلمي ة‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬ط‪1418 ،1‬هـ‪.57/ 4 ،‬‬
‫[‪ ]32‬العطار‪ :‬خطبة النساء‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫[‪ ]33‬األشقر‪ :‬عمر سليمان‪ ،‬أحكام الزواج يف ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬عّم ان‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫‪1418‬هـ‪ ،‬ص‪.69‬‬
‫[‪ ]34‬ابن حج ر‪ :‬فتح الب اري‪ ،324 /13 ،‬الزركش ي‪ :‬حمم د بن هبادر‪ ،‬املنث ور‪ ،‬وزارة األوق اف‬
‫الكويت‪ ،‬ط‪1405 ،2‬هـ‪.208/ 2 ،‬‬
‫[‪ ]35‬الزركشي‪ :‬املنثور‪ ،90/ 3 ،‬سليمان‪ :‬حممد بن حممد‪ ،‬التقرير والتحبري‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫ط‪1996 ،1‬م‪.425/ 3 ،‬‬
‫[‪ ]36‬البخاري‪ :‬اجلامع الصحيح‪ ،1975/ 5 ،‬برقم (‪.)4848‬‬
‫[‪ ]37‬ابن حجر‪ :‬فتح الباري‪.86/ 7 ،‬‬
‫[‪ ]38‬ابن قدامة (املوفق)‪ :‬املغين‪.111/ 7 ،‬‬
‫[‪ ]39‬تسمية املال املقبوض قبل العقد مهرًا فيها تسامح وتساهل؛ ألن املهر يكون مستحًق ا بعد العقد‬
‫ال قبله‪.‬‬
‫[‪ ]40‬صايف‪ :‬التعليقات املرضية‪ ،‬املادة (‪ ،)110‬ص‪.36‬‬
‫[‪ ]41‬العبدري‪ :‬حممد بن يوسف‪ ،‬التاج اإلكليل‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1398 ،2‬هـ‪.499/ 3 ،‬‬
‫[‪ ]42‬الشربيين‪ :‬مغين احملتاج‪.220/ 3 ،‬‬
‫[‪ ]43‬ابن مفلح‪ :‬إبراهيم بن حممد‪ ،‬املبدع‪ ،‬املكتب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪1400 ،‬هـ‪.7/130 ،‬‬
‫[‪ ]45‬املرغين اين‪ :‬اهلداي ة‪ 227/ 3 ،‬وم ا بع دها‪ ،‬ابن عاب دين‪ :‬حمم د أمني‪ ،‬العق ود الدري ة يف تنقيح‬
‫الفتاوى احلامدية‪ ،‬املطبعة امليمنية‪ ،‬القاهرة‪1310 ،‬هـ‪ ،29/ 1 ،‬صايف‪ :‬التعليقات املرضية‪ ،‬املادتان (‬
‫‪ )4‬و(‪.)110‬‬
‫[‪ ]46‬الدسوقي‪ :‬حممد عرفة‪ ،‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبري‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‬
‫‪1417 ،1‬هـ‪ ،‬ص‪ ،11‬وج دير بال ذكر أن أص ل املذهب املالكي أن ه ال يرج ع اخلاطب س واء ك ان‬
‫الرجوع من جهته أو من جهتها‪ ،‬انظر‪ :‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبري‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫[‪ ]47‬الرملي‪ :‬مشس الدين حممد‪ ،‬فتاوى الرملي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬على هامش الفتاوى‬
‫الكربى للهيتمي‪1403 ،‬هـ‪.175/ 3 ،‬‬
‫[‪ ]48‬اهليتمي‪ :‬ابن حجر‪ ،‬الفتاوى الكربى‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪1403 ،‬هـ‪.94/ 4 ،‬‬
‫[‪ ]49‬ابن قدامة (املوفق)‪ :‬املغين‪.380/ 5 ،‬‬
‫[‪ ]50‬الصابوين‪ :‬شرح قانون األحوال الشخصية السوري‪.1/46 ،‬‬
‫[‪ ]51‬ابن مفلح‪ :‬حممد املقدسي‪ ،‬الفروع‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1418 ،1‬هـ‪.302/ 5 ،‬‬
‫[‪ ]52‬املاوردي‪ :‬علي بن سليمان‪ ،‬اإلنصاف‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد‬
‫حامد الفقي‪.‬‬
‫[‪ ]53‬األشقر‪ :‬أحكام الزواج يف ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬ص‪.73‬‬
‫[‪ ]54‬إلي ك نص كالم القاض ي‪" :‬حكى األك رم عن اإلم ام أمحد يف املوىل ي تزوج العربي ة يف رق‬
‫بينهما‪ ،‬فإن كان دفع إليها بعض املهر ومل يدخل هبا يردوه‪ ،‬وإن كان أهدى هدية يردوهنا عليه‪ ،‬قال‬
‫القاضي يف اجلامع‪ :‬ألن يف هذا احلال يدل على أنه وهب بشرط بقاء العقد‪ ،‬فإذا زال ملك الرجوع‬
‫كاهلبة بشرط الثواب"‪ .‬واهلبة بشرط الثواب معاوضة‪ ،‬ويف املسألة املمثل هبا هناك ال عقد حيرص على‬
‫بقائه‪ ،‬فاخلطبة جمرد وعد‪ ،‬وهذا قياس مع الفارق‪ .‬وهو مثال على الفرقة القهرية لفقد الكفاءة‪ .‬انظر‪:‬‬
‫اإلنصاف ‪.5/203‬‬
‫[‪ ]55‬ملعرفة هذه احلاالت وأدلة االستثناء انظر‪ :‬الكاساين‪ :‬عالء الدين أبوبكر‪ ،‬بدائع الصنائع‪ ،‬دار‬
‫الكتاب العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1982 ،2‬م‪.‬‬
‫[‪ ]56‬احلاكم‪ :‬حمم د بن عبداهلل‪ ،‬املس تدرك على الص حيحني‪ ،‬دار الكتب العلمي ة‪ ،‬ب ريوت‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1411‬هـ‪ ،‬ت‪:‬عبد القادر عطا‪.2/60 ،‬‬
‫[‪ ]57‬الكاساين‪ :‬البدائع‪.128/ 6 ،‬‬
‫[‪ ]58‬اهليتمي‪ :‬الفتاوى الكربى‪.94/ 4 ،‬‬
‫[‪ ]59‬ابن عابدين‪ :‬رد احملتار‪ .696/ 5 ،‬وانظر‪ :‬جملة األحكام العدلية‪.21/ 1 ،‬‬
‫[‪ ]60‬ابن جنيم‪ :‬البحر الرائق‪ ،197/ 3 ،‬وابن عابدين‪ :‬العقود الدرية‪ ،23/ 1 ،‬الشريازي‪ :‬إبراهيم‬
‫بن علي‪ ،‬املهذب‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪.62/ 2 ،‬‬
‫[‪ ]61‬ابن قدامة (املوفق)‪ :‬املغين‪.181/ 7 ،‬‬
‫[‪ ]62‬الشريازي‪ :‬املهذب‪ ،62 /2 ،‬ابن قدامة (املوفق)‪ :‬املغين‪.181/ 7 ،‬‬
‫[‪ ]63‬األشقر (اإلبن)‪ :‬مستجدات فقهية يف قضايا الزواج والطالق‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬ط‪1420 ،1‬هـ‪،‬‬
‫ص‪.47‬‬
‫[‪ ]64‬الص ابوين‪ :‬شرح ق انون األح وال الشخص ية الس وري‪ ،47/ 1 ،‬اإلب راهيم‪ :‬نظ ام األس رة يف‬
‫اإلسالم‪ ،233/ 1 ،‬األشقر‪ :‬أحكام الزواج‪ ،‬ص‪.77‬‬
‫[‪ ]65‬الصابوين‪ :‬شرح قانون األحوال الشخصية السوري‪.47/ 1 ،‬‬
‫[‪ ]66‬املصدر السابق نفسه‪.‬‬
‫[‪ ]67‬األشقر‪ :‬أحكام الزواج يف ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬ص‪.78‬‬
‫[‪ ]68‬الصابوين‪ :‬شرح قانون األحوال الشخصية السوري‪.47/ 1 ،‬‬
‫[‪ ]69‬الزرقا‪ :‬أمحد بن حممد‪ ،‬شرح القواعد الفقهية‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪1409 ،2‬هـ‪ ،‬ص‪.165‬‬
‫[‪ ]70‬الزرقا‪ :‬شرح القواعد الفقهية‪ ،‬ص‪.179‬‬
‫[‪ ]71‬األشقر (االبن)‪ :‬مستجدات فقهية‪ ،‬ص‪.397‬‬
‫[‪ ]72‬القرايف‪ :‬أمحد بن إدريس‪ ،‬الفروق‪ ،‬دارالكتب العلمية‪.4/55 ،‬‬
‫[‪ ]73‬أبو زهرة‪ :‬حممد‪ ،‬حماضرات يف عقد الزواج وآثاره‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪.74‬‬
‫[‪ ]74‬أبو زهرة‪ :‬حماضرات يف عقد الزواج وآثاره‪ ،‬ص‪.74‬‬
‫[‪ ]75‬الصابوين‪ :‬شرح قانون األحوال الشخصية السوري‪.48/ 1 ،‬‬
‫[‪ ]76‬الدريين‪ :‬حبوث مقارنة يف الفقه اإلسالمي وأصوله‪.524-523/ 2 ،‬‬
‫[‪ ]77‬عرت‪ :‬خطبة النكاح‪ ،‬ص‪.408‬‬

You might also like