You are on page 1of 3

‫شروط تعدد الزوجات في اإلسالم‪:‬‬

‫شرع اهلل تعاىل تعدد الزوجات للرجال وأباحه هلم ‪ ،‬وقد قيدت الشريعة اإلسالمية له‬
‫شروطاً ال جيوز اال هبا وهي ‪:‬‬
‫(‪ )1‬العدد‪.‬‬
‫(‪ )2‬النفقة‪3.‬‬
‫(‪ )3‬العدل بني الزوجات‪.‬‬
‫(‪ )1‬العدد ‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫كان التعدد معروفاً و رائجا قبل ظهور اإلسالم وكانت الديانة اليهودية‬
‫والديانات الوضعية مثل الوثنية‪ 3‬واجملوسية والبوذية تبيحه بغري حتديد للعدد‪ .‬ومل يرد يف‬
‫الديانة املسيحية‪ 2‬نص صريح مينع إتباع هذه الديانة من التزوج بامرأتني أو أكثر‪.3‬‬
‫وكان نظام تعدد الزوجات معروفاً لدى القبائل العربية يف اجلاهلية ومل تكن له‬
‫آنذاك ضوابط معينة‪ 3‬وال حدود معروفة‪ .‬وقد تضمن احلديث النبوي الشريف عدة شواهد‬
‫على وجود التعدد لدى العرب قبل اإلسالم‪ 3‬على هذا النحو غري احملدد ‪ ،‬ومنها ‪:‬‬
‫‪ -‬روي عن قيس بن ثابت‪ 4‬أنه قال ‪ :‬أسلمت وعندي مثان نسوة ‪ ،‬فذكرت‬
‫ذلك للنيب صلى اهلل عليه و سلم ‪ ،‬فقال ‪ (( :‬اخرت منهن أربعاً ))‪.5‬‬
‫وملا ظهر اإلسالم‪ 3‬هذب التعدد ‪ ،‬ووضع له األسس والشروط املناسبة وقيده بالعدد‬
‫‪ ،‬وجعله قاصراً على أربع زوجات فقط ‪ ،‬وشدد فيه على العدل بني الزوجات يف األمور‬
‫املادية اليت يستطيع اإلنسان القيام هبا‪ .‬وظهر هذا بوضوح يف اآلية الكرمية ‪ { :‬فَ ِ‬
‫انك ُحواْ َما‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اع فَِإ ْن خ ْفتُ ْم َأالَّ َت ْعدلُواْ َف َواح َد ًة َْأو َما َملَ َك ْ‬
‫ت‬ ‫ث َو ُربَ َ‬
‫ِّساء َم ْثىَن َوثُالَ َ‬
‫اب لَ ُكم ِّم َن الن َ‬‫طَ َ‬
‫ك َْأدىَن َأالَّ َتعُولُواْ }‪ [ .‬النساء ‪] 3 :‬‬ ‫ِ‬
‫َأمْيَانُ ُك ْم َذل َ‬

‫‪ 1‬اليهودية ‪ :‬ديانة سماوية أرسل بها موسى عليه السالم لبني إسرائيل‪.‬‬
‫‪ 2‬المسيحية ديانة سماوية جاءت على لسان عيسى عليه السالم لبني إسرائيل‪ .‬ولكن اليهود والنصارى عدلوا فيها كما أخبر القرآن الكريم عن بني‬
‫إسرائيل‪.‬‬
‫‪ 3‬مصطفى السباعي ‪ :‬المرأة بين الفقه والقانون ص‪ ، 74‬أحمد على طه ‪ :‬تعدد الزوجات القاهرة ‪ 1394‬هـ ص‪.8‬‬
‫‪ 4‬من سبل للصناعي جـ‪ 3‬ص‪" : 224‬قيس بن الحارث"‪.‬‬
‫‪ 5‬سنن ابن ماجة جـ‪ 1‬ص‪.628‬‬
‫(‪ )2‬النفقة‪:‬‬
‫جيب على الرجل الذي يقدم على الزواج ان يكون قادرا على اإلنفاق على املرأة‬
‫اليت سيتزوج هبا‪ .‬وإذا مل يكن لديه من أسباب الرزق ما ميكنه من اإلنفاق عليها ‪ ،‬فال‬
‫جيوز له شرعاً اإلقدام على الزواج أصال ‪ .‬و دليل ذلك قول النيب صلى اهلل عليه و سلم ‪:‬‬
‫(( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة‪ 6‬فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ‪،‬‬
‫ومن مل يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ))‪.7‬‬
‫وهذا األمر بالنسبة للرجل الذي ال يستطيع أن ينفق على زوجة واحدة ‪ ،‬فمن باب أوىل‬
‫أنه ال حيل له شرعاً أن يتزوج بأخرى ‪ ،‬فالنفقة على الزوجة أو الزوجات واجبة‬
‫باإلمجاع‪.8‬‬

‫وال خالف بني الفقهاء يف أنه جيب على الرجل القيام بكل ما يلزم زوجته أو زوجاته من‬
‫طعام مناسب ولبس ومسكن مناسب وما يتبع ذلك من احتياجات‪.‬‬

‫‪ -3‬العدل بين الزوجات‪:‬‬


‫اع فَِإ ْن ِخ ْفتُ ْم َأالَّ‬
‫ث َو ُربَ َ‬
‫ِّساء َم ْثىَن َوثُالَ َ‬
‫اب لَ ُكم ِّم َن الن َ‬
‫ِ‬
‫قال تعاىل ‪ { :‬فَانك ُحواْ َما طَ َ‬
‫ت َأمْيَانُ ُك ْم }‪ [ .‬النساء ‪] 3 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َت ْعدلُواْ َف َواح َد ًة َْأو َما َملَ َك ْ‬
‫واملراد بالعدل يف هذه اآلية الكرمية هو العدل الذي يقدر اإلنسان‪ 3‬على حتقيقه ‪ ،‬وهو‬
‫التسوية بني الزوجات يف النفقة و املعاملة مبا يليق بكل واحدة منهن أما العدل يف األمور‬
‫اليت ال يستطيعها اإلنسان كاحملبة وامليل القليب ‪ ،‬فهو خارج عن إرادة الزوج ‪ ،‬واإلنسان‪– 3‬‬
‫‪9‬‬
‫بال شك – ال يكلف إال مبا يقدر عليه كما يظهر يف قوله تعاىل ‪ { :‬ال يكلف اهلل نفساً‬
‫إال وسعها } [ البقرة ‪ ] 286 :‬والعدل واحملبة وامليل القليب هو الذي قال عنه اهلل سبحانه‬
‫وتعاىل ‪ { :‬ولن تستطيعوا أن تعدلوا بني النساء ولو حرصتم }‪ [ .‬النساء ‪] 129 :‬‬

‫‪ 6‬الباءة ‪ :‬القدرة على تكاليف الزواج‪.‬‬


‫‪ 7‬صحيح مسلم جـ‪ 9‬ص‪ ، 172‬وابن حجر ‪ :‬فتح الباري جـ‪ 9‬ص‪.112‬‬
‫‪ 8‬ابن قدامة ‪ :‬المغني جـ‪ 7‬ص‪.564‬‬
‫‪ 9‬سيد قطب ‪ :‬في ظالل القرآن دار الشروق بيروت ‪ 1402‬هـ جـ‪ 1‬ص‪ ، 582‬زكي شعبان ‪ :‬الزواج والطالق القاهرة ‪ 1384‬هـ ص‪.40‬‬
‫وكان رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم ‪ ،‬وهو أكثر الناس معرفة بدينه و مبشاعره‬
‫وأحاسيسه القلبية وأشد الناس حرصاً على حتقيق العدل بني زوجاته ‪ ،‬يقول ‪ (( :‬اللهم‬
‫هذا قسمي فيما أملك فال تلمين فيما متلك وال أملك ))‪ 10‬وذلك بعد أن عدل بني‬
‫زوجاته يف كل شيء ما عدا العاطفة فإن قلبه صلى اهلل عليه و سلم كان مييل أكثر إىل أم‬
‫املؤمنني عائشة رضي اهلل عنها ‪.‬‬

‫هذه هي الشروط الثالثة اليت وضعتها الشريعة اإلسالمية إلباحة تعدد الزوجات ‪ ،‬اضافة‬
‫ت َعلَْي ُك ْم َُّأم َهاتُ ُك ْم‬
‫اىل حترمي اجلمع بني امرأتني بينهما رحم حمرمة ‪ ،‬لقوله تعاىل‪ُ { :‬حِّر َم ْ‬
‫اُألخَتنْي ِ َإالَّ َما قَ ْد‬
‫َأخ َواتُ ُك ْم َو َع َّماتُ ُك ْم } حىت قوله تعاىل ‪َ { :‬وَأن جَتْ َمعُواْ َبنْي َ ْ‬
‫َو َبنَاتُ ُك ْم َو َ‬
‫ِ‬ ‫سلَ َ ِإ‬
‫يما } [ النساء ‪. ] 23 :‬‬‫ورا َّرح ً‬ ‫ف َّن اللَّهَ َكا َن َغ ُف ً‬ ‫َ‬

‫فبغري هذه الشروط املذكورة أعاله ال جيوز بأي حال من األحوال التعدد يف االسالم ‪.‬‬

‫‪ 10‬سنن أبي داود ‪ ،‬جـ ‪ 1‬ص‪ ، 333‬سنن الترمذي ‪ ،‬جـ‪ 3‬ص‪ ، 304‬ابن حجر ‪ :‬فتح الباري ‪ ،‬جـ‪ 9‬ص‪.313‬‬

You might also like