You are on page 1of 8

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫دعوى النسب شرعا ً وقانونا ً‬


‫سامح سيد محمد‬
‫المستشار المساعد بالمكتب الفنى‬

‫حقوق األوالد وهم ثمرة الزواج ‪ ،‬تثبت من وقت الوالدة ‪ ،‬و بعضها على األب وحده ‪،‬‬
‫وبعضها على الزوجين ‪ ،‬وبعضها على الوالدين ‪ ،‬وبعضها حق لهما ‪ ،‬وأول ما يثبت‪ 9‬لألوالد من‬
‫حقوق ‪ ،‬هو ثبوت النسب ‪ ،‬وهو حق للولد ‪ ،‬ولألب ثم يكون حق التربية ‪10‬‬
‫وفيما يلى نتناول حق الولد ـ ذكراً كان أو أنثى ـ فى إثبات نسبه‪ 9‬وأحكام ذلك شرعا ً وقانوناً‪،‬‬
‫خاصة وأن دعاوى إثبات ‪ ،‬ونفى النسب بلغت عدداً خطيراً فى اآلونة األخيرة على التفصيل اآلتى ‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬إثبات النسب فى الشريعة اإلسالمية ‪:‬‬

‫هناك ثالثة قواعد تحكم ثبوت النسب فى الشريعة اإلسالمية‪: 9‬‬

‫‪1‬ـ أقل مدة للحمل هى ستة‪ 9‬أشهر ‪:‬‬

‫فقد روى أنه رفع إلى عمر بن الخطاب رضى هللا عنه أن امرأة ول‪99‬دت لس‪99‬تة أش‪99‬هر ‪ ،‬من وقت‬
‫زواجها ‪ ،‬فهم عمر بإقامة الحد عليها ‪ ،‬فقال له على بن أبى طالب رضى هللا عنه ‪ ،‬ليس لك ذلك ‪ ،‬قال‬
‫هللا تعالى ‪         :‬‬
‫‪، )     (2‬وقال تعالى ‪       :‬‬
‫‪ )(3‬فحوالن وستة‪ 9‬أشهر ‪ ،‬فخلى عمر سبيلها ‪ ،‬ويروى أن الذى قال له ذلك هو ابن عباس ‪ ،‬وهذا رأى‬
‫األئمة‪ 9‬األربعة وغيرهم من الفقهاء (‪0)4‬‬
‫وأما أقصى مدة للحمل فقد اختلف فيها الفقهاء ‪:‬‬
‫ذهب اإلمام مالك إلى أنها خمس سنين ‪ ،‬وقال الشافعى أربع ‪ ،‬وهو رأى عن‪99‬د المالكي‪99‬ة ‪ ،‬ورأى‬
‫الحنابلة ‪ ،‬وعن أحمد أن أقصى مدة للحمل سنتان وهو رأى الحنفية ‪ ،‬لما روى عن عائشة رض‪99‬ى هللا‬
‫عنها قالت‪ :‬ال تزيد المرأة عن السنتين فى الحمل ‪ ،‬وقال محمد بن الحكم‪ :‬إن أقصى م‪99‬دة الحم‪99‬ل س‪99‬نة‬
‫قمرية ‪ ،‬وقال الظاهرية أقصى مدة الحم‪9‬ل تس‪9‬عة أش‪9‬هر ‪ ،‬وال يزي‪9‬د على ذل‪9‬ك ‪ 0‬وق‪9‬ال بن رش‪9‬د ‪ :‬ه‪9‬ذه‬
‫المسألة الرجوع فيها إلى العادة والتجربة ‪ ،‬وقول بن الحكم والظاهرية هو األقرب إلى المعتاد ‪0‬‬
‫وقد أخذ المشرع المصرى خروجا ً على المذهب الحنفى فى القانون رقم ‪ 25‬لسنة ‪ 1929‬برأى‬
‫قريب من مذهب بن الحكم ألن السنة عنده هاللية ‪ ،‬ذلك أن العمل بمقتضى‪ 9‬م‪99‬ذهب اإلم‪99‬ام ‪ /‬أبى حنيف‪99‬ة‬
‫كان يقتضى اعتبار أقص‪99‬ى م‪99‬دة للحم‪99‬ل س‪99‬نتين ‪ ،‬ولكن الق‪99‬انون رقم ‪ 25‬لس‪99‬نة ‪ 1929‬ع‪99‬د أقص‪99‬ى م‪99‬دة‬
‫الحمل سنة شمسية ( ‪ ) 365‬يوما ً بالنسبة‪ 9‬لسماع دع‪9‬وى نفق‪9‬ة الع‪9‬دة ‪ ،‬ودع‪9‬وى النس‪9‬ب حس‪9‬بما يفهم‬
‫من نص المادة ‪ 23 /‬من القانون سالف الذكر المعدل بالقانون رقم ‪ 100‬لسنة ‪0 1985‬‬

‫‪ 1‬األحوال الشخصية ـ لإلمام ‪ /‬محمد أبو زهرة ـ ص ‪0 385‬‬


‫(‪ )2‬سورة البقرة ـ اآلية ‪0 233‬‬
‫(‪ )3‬سورة األحقاف ـ اآلية ‪0 15‬‬
‫(‪ )4‬وردت تلك الرواية باألحوال الشخصية ـ لإلمام ‪ /‬محمد أبو زهرة ـ ذات الموضع ‪ 0‬كما وردت فى هذا الصدد رواية أخرى ‪" :‬قال مالك ‪ :‬بلغنى أن عثمان أتى‬
‫بامرأة قد ولدت فى ستة أشهر ‪ ،‬فأمر بها أن ترجم ‪ ،‬فقال له على بن أبى طالب ليس ذلك عليها ‪ ،‬وذكر له اآليتين الواردتين بالمتن وقال له ‪ :‬فالحمل يكون ستة أشهر‪،‬‬
‫فال رجم عليها ‪ ،‬فبعث عثمان فى أثرها فوجدها قد رجمت " ـ فقه السنة ـ للشيخ ‪ /‬السيد سابق ـ طبعة ‪ 1997‬ـ المجلد الثانى ـ ص ‪0 413‬‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬ـ السبب فى ثبوت النسب ‪:‬‬

‫اتفق الفقهاء على أن العقد الصحيح هو السبب فى ثبوت نسب الولد ال‪9‬ذى يول‪99‬د فى أثن‪99‬اء قي‪9‬ام‬
‫العالقة الزوجية ‪ ،‬إال أنهم اختلفوا فى اشتراط الدخول أو إمكان الدخول ‪:‬‬
‫فقال أب‪99‬و حنيف‪9‬ة ‪ :‬إن العق‪9‬د الص‪99‬حيح وح‪99‬ده س‪9‬بب فى ثب‪99‬وت نس‪9‬ب الول‪9‬د ول‪9‬و لم يلت‪99‬ق الرج‪99‬ل‬
‫بالمرأة قط ‪0‬‬
‫وقال أحمد ‪ :‬فى قول ‪ ،‬والشافعى ‪ ،‬ومالك ‪ :‬إن العقد الصحيح سبب لثبوت نس‪99‬ب م‪99‬ا ت‪99‬أتى ب‪99‬ه‬
‫المرأة فى أثناء قيام الزوجية أو العدة إذا كان الدخول ممكنا ً ‪ ،‬فإذا ثبت أن‪99‬ه غ‪99‬ير ممكن ف‪99‬إن النس‪99‬ب ال‬
‫يثبت ‪ ،‬وكذلك إذا ثبت أنهما لم يتالقيا قط ولم يكن فى اإلمكان تالقيهما ‪0‬‬
‫أما شيخ‪ 9‬اإلس‪99‬الم ابن تيميه‪ : 9‬فق‪99‬د اخت‪99‬ار أن النك‪99‬اح الص‪99‬حيح يع‪99‬د س‪99‬ببا ً لثب‪99‬وت النس‪99‬ب بش‪99‬رط‬
‫الدخول الحقيقى ‪ ،‬وقال إن أحمد أشار فى رواية حرب بمثل‪ 9‬ذلك ‪0‬‬
‫وهذا ما رجحه وبح‪9‬ق ابن القيم (‪ )1‬حيث ق‪9‬ال ‪ :‬وه‪9‬ذا ه‪9‬و الص‪9‬حيح المج‪9‬زوم ب‪9‬ه فكي‪9‬ف تص‪9‬ير‪9‬‬
‫المرأة فراشا ً ولم يدخل بها الزوج ولم يبن بها لمجرد امكان بعيد ؟ وهل يعد أهل العرف واللغة المرأة‬
‫فراشا ً قبل البناء بها ؟ وكيف تأتى الشريعة بإلحاق نسب من لم يبن بامرأة وال دخل بها وال اجتمع بها‬
‫بمجرد امكان ذلك ؟ وهذا االمكان قد يقطع بانتفائه عادة فال تصير‪ 9‬المرأة فراشا ً إال بدخول محقق‪0‬‬
‫أما السبب فى ثبوت النسب الفاسد ومثال الزوجية الفاسدة زواج الرجل من أخته فى الرضاعة‬
‫أو من تزوجت بغير شهود فهو الدخول الحقيقى وبدونه ال يثبت النسب ‪ ،‬ومثل ذلك الوطء بش‪99‬بهة من‬
‫كل الوجوه ‪0‬‬
‫وقد أخذ المشرع المصرى خروجا ً على المذهب الحنفى فى القانون رقم ‪ 25‬لسنة ‪ 1929‬برأى‬
‫وسط حيث منع عند اإلنكار سماع دعوى النسب لولد زوجة ثبت ع‪99‬دم التالقى بينه‪99‬ا وبين زوجه‪99‬ا من‬
‫حين العقد ‪ ،‬وال لولد زوجة أتت به بعد سنة‪ 9‬من وقت غيبة الزوج عنها‪0‬‬

‫‪3‬ـ الزنا ال يثبت نسبا ً ‪:‬‬

‫لقوله ‪ ‬فى الحديث الصحيح‪ " :‬الولد للفراش وللعاهر الحجر"(‪ ، )2‬وألن ثبوت النس‪99‬ب نعم‪99‬ة‬
‫والجريمة ال تثبت النعمة بل يستحق صاحبها النقمة ‪0‬‬
‫فإذا كان فعل الزنا خالى من أى شبهة مسقطة للحد فإن النسب ال يثبت باإلجماع ‪ ،‬أما إذا كانت‬
‫ثمة شبهة تمحو وصف الجريمة فإن النسب يثبت على الراجح ‪0‬‬

‫ثانيا ً ‪ :‬إثبات النسب فى القانون المصرى ‪:‬‬


‫نص المادة ‪ 15 /‬من المرسوم بقانون رقم ‪ 25‬لسنة ‪ 1929‬الخاص ببعض أحكام األحوال‬
‫الشخصية جرى على أنه ‪ " :‬ال تسمع عند اإلنكار دعوى النسب لولد زوجة ثبت عدم التالقى بينها‬
‫وبين زوجها من حين العقد وال لولد زوجة أتت به بعد سنة من غيبة الزوج عنها وال لولد المطلقة‬
‫المتوفى عنها زوجها أتت به ألكثر من سنة من وقت الطالق أو الوفاة " ‪0‬‬
‫يستند هذا النص من الشرع على ‪:‬‬
‫‪1‬ـ قوله تعالى ‪        (3)0 :‬‬
‫‪2‬ـ قوله ‪ " : ‬الولد للفراش وللعاهر الحجر "‪ ،‬وقوله ‪ ": ‬ومن أدعى إلى غير أبيه وهو‬
‫يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام " (‪0)1‬‬
‫(‪ )1‬زاد المعاد فى هدى خير العباد ـ لإلمام ‪ /‬أبى عبد هللا بن القيم الجوزى ـ الطبعة األولى ‪ 1987‬ـ الجزء الرابع ـ ص ‪ ، 160‬وما بعدها‪0‬‬
‫(‪ )2‬ورد بصحيح البخارى ـ كتاب الحدود ـ باب‪:‬للعاهر الحجرـ الحديثان رقما ‪ 6818 ، 6817‬ـ ص ‪ 1174‬ـ كما ورد بصحيح مسلم ـ كتاب الرضاع ـ باب الولد‬
‫للفراش وتوقى الشبهات ـ األحاديث من رقم ‪ 3613‬حتى رقم ‪ 3616‬ـ ص ‪0 620‬‬
‫(‪ )3‬سورة األحزاب ـ اآلية ‪0 5‬‬
‫(‪ )1‬صحيح مسلم ـ كتاب اإليمان ـ باب ‪:‬بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم ـ رقم ‪ 220 ، 219‬ـ ص ‪0 48‬‬
‫‪2‬‬
‫القاعدة األصولية عند أبى حنيفة وصاحبيه أن ‪ " :‬النسب يخاطر فى إثباته أو يحتال إلثباته ما‬
‫أمكن " ‪ ،‬وذلك طبقا ً للقاعدة الشرعية القائلة " بحمل المرأة على الصالح وإحياء للولد وحفظ له من‬
‫الضياع " ‪0‬وفى هذا ما يدل على مدى حرص اإلمام وصاحبيه‪ 9‬على ثبوت النسب صيانة للمولود من‬
‫الضياع (‪0 )2‬‬
‫ال يعنى ذلك أن للمشرع اإلسالمى فى إثبات النسب حرص خاص فكل ما يعنيه هو إقرار الحق‬
‫فيه شأنه فى ذلك شأن سائر الحقوق ‪ ،‬والفقهاء لهم فى ذلك مسائل متفرقة منها ما روعى فيه‬
‫االحتياط ومنها ما لم يراع ذلك وهم جميعا ً يتكلمون عن النسب حيث يكون الفراش ثابتا ً ال نزاع فيه‪.‬‬

‫ولثبوت النسب سبب ووسائل ‪:‬‬


‫أوالً ‪ :‬سبب إثبات النسب ‪:‬‬
‫أما السبب فهو الزواج أو ما يطلق عليه الفقهاء الشرعيون "الفراش" والمقصود بعالقة‬
‫الزوجية تلك الزوجية الصحيحة ‪ ،‬أو الزوجية الفاسدة ‪ ،‬وسواء كان الزواج مكتوبا ً أو شفويا ً ‪ 0‬أما‬
‫إذا كانت العالقة بين الرجل والمرأة ليست عالقة زوجية أى عالقة زنا فالمقرر شرعا ً أن الزنا ال يثبت‬
‫نسبا ً ‪ 0‬والزوجية إما أن تكون صحيحة ‪ ،‬أو فاسدة ‪ ،‬وفيما يلى نوضح حكم كالً منهما ‪:‬‬
‫‪1‬ـ الزوجية الصحيحة ( أى مجرد إمكان الوطء بغض النظر عن تحقق وقوعه طالما انعقد‬
‫العقد ) شروط إثبات النسب بناء عليها ثالثة(‪: )3‬‬
‫أ ـ أن يأتى الولد بعد مضى ستة أشهر على األقل من وقت الزواج أو أقل من سنة ‪ ،‬والعبرة‬
‫باألشهر الميالدية ‪ ،‬فإذا جاء الولد ألقل من ذلك فال يثبت نسبه‪ 9‬إال إذا اعترف به الزوج ‪0‬ويفترض‬
‫ذلك أيضا ً أن األم قد ولدته وكانت من الناحية الطبية‪ 9‬ال يوجد لديها ما يمنع اإلنجاب وإال لم يثب‬
‫النسب لعدم قدرتها مثالً لكونها عاقراً ‪ ،‬ويكفى إلثبات النسب فى هذه الحالة شهادة امرأة واحدة‬
‫مسلمة أو رجل كالطبيب ‪0‬‬
‫ب ـ أن يكون الزوج ممن يتصور‪ 9‬أن يكون الحمل منه‪ 9‬عادة بأن يكون قد بلغ األثنتى عشر سنة‬
‫أى سن البلوغ ‪ ،‬ولم يكن عقيما ً ال يتصور‪ 9‬اإلنجاب منه‪0‬‬
‫ج ـ أن يكون من المتصور‪ 9‬التالقى بين الزوجين فعالً دون اشتراط الدخول أو الخلوة ‪0‬‬
‫والمشرع المصرى لم يشترط إلثبات النسب فى الزوجية الصحيحة وجود وثيقة زواج رسمية‪،‬‬
‫كما ال يشترط فى إثبات عقد الزواج العرفى تقديم هذا العقد بل يكفى أن يثبت بالبينة ( شهادة الشهود)‬
‫حصوله بشرط توافر الشروط واألركان الشرعية فيه ‪0‬‬
‫وتقدير إنكار الخصم للزوجية المدعاة من عدمه يعد من مسائل الواقع التى يستقل بتقديرها‬
‫قاضى الموضوع‪ ،‬وبالتالى فهو مما ال يجوز إثارته أمام محكمة النقض(‪0 )4‬كان هذا قبل إلغاء الطعن‬
‫بالنقض كطريق من طرق الطعن فى أحكام األحوال الشخصية االستئنافية بموجب القانون رقم ‪10‬‬
‫لسنة ‪ 2004‬بشأن إصدار قانون إنشاء محاكم األسرة (‪0 )5‬‬
‫فإذا ثبت نسب الولد بالزواج الص‪99‬حيح الس‪99‬تيفاء ش‪99‬روطه الثالث‪99‬ة الس‪99‬ابقة انغلقت أم‪9‬ام ال‪9‬زوج‬
‫وسائل نفيه إال باتخاذه طرق المالعنة استناداً لقوله تعالى ‪    :‬‬
‫‪            ‬‬
‫‪            ‬‬
‫‪ )            (1‬فاللع‪9‬ان‬
‫عند الحنفية إذا اتهم الزوج زوجته بالزنا أو نفى نسب ولدها إليه ‪ ،‬بشرط توافر شروطه ‪0‬‬

‫(‪ )2‬أحكام األحوال الشخصية فى الشريعة والقانون ـ للشيخ ‪ /‬أحمد إبراهيم بك ‪ ،‬والمستشار ‪ /‬واصل عالء الدين أحمد إبراهيم ـ الطبعة الخامسة ‪ 2003‬ـ ص ‪0 539‬‬
‫(‪ )3‬قوانين األحوال الشخصية معلقا ً على نصوصها ـ للمستشار ‪ /‬أشرف مصطفى كمال ـ الطبعة السادسة ‪ 2003‬ـ ص ‪0 519‬‬
‫(‪ )4‬الطعن رقم ‪ 462‬لسنة ‪ 64‬ق ـ جلسة ‪ 15/2/2000‬ـ مشار إليه بقوانين األحوال الشخصية معلقا ً على نصوصها ـ المرجع السابق ـ هامش ص ‪0 522‬‬
‫(‪ )5‬نشر فى الجريدة الرسمية بالعدد رقم ‪ 12‬تابع (أ) بتاريخ ‪0 18/3/2004‬‬
‫(‪( )1‬سورة النورـ من اآلية ‪ 6‬حتى ‪0 ) 8‬‬
‫‪3‬‬
‫‪2‬ـ الزوجية الفاسدة كسبب لثبوت النسب ‪:‬‬

‫ومثال الزوجية الفاسدة زواج الرجل من أخته فى الرضاعة أو من تزوجت بغير شهود ‪0‬‬
‫ويجب لثبوت النسب فى الزوجية الفاسدة أن يكون الزواج ثابتا ً ال نزاع فيه رغم فس‪9‬اده س‪9‬واء‬
‫كان اإلثبات بالفراش أو اإلقرار أو البينة ‪0‬‬
‫وكما يثبت النسب فى الزواج الفاسد فيثبت أيضا ً فى الوطء بشبهة ومثاله حال‪99‬ة المطلق‪99‬ة ثالث ‪9‬ا ً‬
‫ويصلها المطلق خالل العدة معتقداً أنها تحل له على الرغم من بينونتها منه بينونة‪ 9‬كبرى ‪0‬‬
‫وفى الحالتين الزواج الفاسد والوطء بشبهة‪ 9‬ال يثبت‪ 9‬فيهما النسب إال بأحد طرق أربعة هى قيام‬
‫الفراش أو اإلقرار أو البينة‪ 9‬أو حكم القافة ‪0‬‬

‫ثانيا ً ‪ :‬وسائل إثبات النسب ‪:‬‬

‫أما وسائل إثبات النسب أى طرق إثبات عالقة الزوجية التى يترتب‪ 9‬عليها إثبات النسب أو نفيه‬
‫بعدم إثباتها فهى أربعة‪:‬‬
‫‪1‬ـ ثبوت الزوجية ( الفراش ) بكافة طرق اإلثبات ‪2 0‬ـ اإلقرار بالنسب أو االس‪99‬تلحاق ( دع‪99‬وة‬
‫النسب ) ‪3 0‬ـ البينة الشرعية ‪4 0‬ـ حكم القافة (‪ ( )2‬يثبت به النسب عند الجمهور ) ‪0‬‬

‫‪1‬ـ ثبوت الزوجية ( الفراش ) بكافة طرق اإلثبات ‪:‬‬

‫يثبت النسب بالزواج كما ذكرنا سواء كان ص‪99‬حيحا ً أو فاس‪99‬داً أو تم ال‪99‬وطء بش‪99‬بهة إذا ت‪99‬وافرت‬
‫شروط كل منها ‪ ،‬وسواء كان الزواج رسميا ً أو عرفيا ً صحيحا ً شرعا ً ‪ ،‬مكتوبا ً أو غير مكتوب ‪0‬‬
‫وفى حكم حديث قضت محكمة استئناف القاهرة لألحوال الشخصية بأنه ‪:‬‬
‫" وحيث أنه ال يشترط فى إثبات عقد الزواج تقديم هذا العقد بل يكفى أن يثبت‪ 9‬بالبين‪99‬ة وق‪99‬رائن‬
‫األحوال حصوله وحصول المعاشرة الزوجية تنفيذاً له ‪ ،‬كما أنه ليس بالالزم أن يشهد الشهود مجلس‬
‫ذلك العقد بل يكفى أن يشهدوا بعلمهم بحصوله ألن الشهادة بالتسامع جائزة ‪ 0‬كم‪99‬ا أن المق‪99‬رر ش‪99‬رعا ً‬
‫أن النسب هو حق هللا تعالى وهو من النظام العام وقد جرى الشارع على إثباته حتى إذا دار األمر بين‬
‫ثبوته‪ 9‬ونفيه وترجح جانب اإلثبات وتقبل فيه الشهادة حسبة ويغتفر فيه التناقض لم‪99‬ا ق‪99‬د يص‪99‬احبه من‬
‫لبس أو إخفاء وتجوز فيه الشهادة بالشائع ويترتب‪ 9‬النسب فى نكاح فاسد إذ األص‪99‬ل أن النس‪99‬ب يحت‪99‬ال‬
‫فى إثباته بما هو جائز عقالً وقبوله شرعا ً لحمل المرأة على الصالح صيانة لشرفها وشرف عشيرتها‬
‫وللتستر على األعراض وإحياء للولد مراعاة لمصلحته "(‪0 )3‬‬
‫وعلى ذلك يمكن للزوجة إثبات العالقة الزوجية ـ الفراش ـ بمعاينة‪ 9‬الزوج المنكر لنسب ولده‬
‫منها لواقعة الوالدة ‪ ،‬أو حضوره مجلس العقد (‪ ،)4‬وتقبل قضا ًء شهادة الطبيب المولد فى إثبات واقعة‬
‫الوالدة ‪ ،‬وكذلك شهادة امرأة واحدة كما سبق القول ‪0‬‬

‫‪2‬ـ اإلقرار بالنسب أو االستلحاق ( دعوة النسب )‪:‬‬

‫يعد اإلقرار بالنسب سببا ً منشئا ً له إذا صدر من األب مجرداً دون التصريح‪ 9‬أنه من زنا ‪ 0‬وال‬
‫يشترط فى هذه الحالة المدة المشار إليها ـ أال تقل مدة الحمل عن ستة أشهر ‪ ،‬وال تزيد عن سنة ‪0‬‬

‫(‪ )2‬والقافة لغة جمع قائف وهو الذى يعرف النسب بفراسته ونظره إلى أعضاء المولود ‪0‬‬
‫(‪ )3‬الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة لألحوال الشخصية ـ االستئنافات أرقام ‪ 1389‬لسنة ‪ 123‬ق ‪ 1503 ،‬لسنة ‪ 123‬ق ‪ 1605 ،‬لسنة ‪ 123‬ق ‪ ،‬بجلسة‬
‫‪ 24/5/2006‬ـ غير منشور‪0‬‬
‫(‪ )4‬نقض أحوال شخصية فى الطعن رقم ‪ 74‬لسنة ‪ 53‬ق ـ جلسة ‪ 12/2/1985‬ـ س ‪0 36‬‬
‫‪4‬‬
‫ولقد أتى المشرع بقيود بموجب نص المادة ‪ 7 /‬من القانون رقم ‪ 1‬لسنة ‪ 2000‬فى حالة إذا‬
‫كان المقر بالنسب قد توفى منكراً له فال تقبل دعوى إثبات النسب أو اإلقرار به أو الشهادة على‬
‫اإلقرار به بعد الوفاة إال إذا وجدت أوراق رسمية أو مكتوبة‪ 9‬جميعها بخط المتوفى وعليها إمضاؤه أو‬
‫أدلة قطعية جازمة على صحة هذا اإلدعاء ‪0‬‬
‫واإلقرار بالنسب نوعان ‪ :‬إقرار أصلى ‪ ،‬وإقرار فرعى بالنسب ‪:‬‬
‫األول‪ :‬اإلقرار األصلى ‪ :‬أى هو اإلقرار بالبنوة أو األبوة ‪ ،‬وال يكون فيه حمالً للنسب على‬
‫الغير‪0‬‬
‫ويشترط لثبوت النسب األصلى باإلقرار أربعة شروط ‪:‬‬
‫أ ـ أن يكون المقر ببنوته ممن يولد مثله لمثل المقر ‪0‬‬
‫ب ـ أن يصدق المقر له المقر إذا كان مميزاً ‪ ،‬وإن لم يكن كذلك ثبت النسب دون حاجة‬
‫لتصديقه ‪0‬‬
‫ج ـ أن يكون المقر بنسبه‪ 9‬مجهول النسب أى ال يعلم له أب فى البلد الذى يوجد فيه ‪0‬‬
‫د ـ أال يصرح المقر بالنسب أن المقر له ابنه من عالقة زنا ‪0‬‬
‫وتلك الشروط السابقة كما تسرى‪ 9‬على المقر باألبوة ‪ ،‬تسرى أيضا ً على األم إذا أقرت‬
‫باألمومة‪ ،‬إال أن وجه االختالف بينهما أن األم إن أقرت بأمومتها للطفل من زواج غير شرعى أى‬
‫عالقة زنا يثبت النسب لألم الزانية بشرط إثبات المرأة المقرة والدتها للمقر له باألمومة‪0 9‬‬
‫الثانى ‪ :‬اإلقرار الفرعى بالنسب ‪:‬‬
‫وهو اإلقرار الذى يكون فيه حمالً للنسب على غير المقر ‪ 0‬كما إذا قال الرجل بأن فالنا ً أخوه‬
‫فإن معنى ذلك جعله ابنا ً ألبيه وأخا ً له نفسه وألخيه إن كان موجوداً ‪0‬‬
‫وهذا اإلقرار ال يصلح بمفرده إلثبات النسب حال كون اإلقرار يعد حجة قاصرة على المقر فقط‬
‫ال يتعداه إلى الغير ‪ 0‬ويشترط لصحة هذا اإلقرار أن يصدقه من حمل اإلقرار بالنسب عليه أو أن يثبت‬
‫المقر صحة ما جاء بإقراره بالبينة (‪0 )1‬‬

‫‪3‬ـ البينة‪ 9‬الشرعية ‪:‬‬

‫تعد البينة‪ 9‬وهى شهادة الشهود إحدى طرق إثبات النسب ‪ ،‬وإذا ثبت النسب بموجبها فال حاجة‬
‫لبحث ما إذا كان المطلوب إثبات نسبه‪ 9‬من زواج صحيح إذ يكفى ثبوت النسب بأحد الطرق المقررة‬
‫شرعا ً خاصة البينة ذلك أن لها حجة متعدية‪ 9‬وليست قاصرة فى اإلثبات كما هو حال اإلقرار(‪0 )2‬‬
‫إال أنه يشترط لقبولها فى إثبات النسب معاينة واقعة الوالدة أو حضور مجلس العقد(‪ 0 )3‬أما‬
‫عن نصابها المقرر شرعا ً فهو رجلين أو رجل وامرأتين ‪ 0‬ويكفى فيها التسامع استثنا ًء ‪0‬‬
‫وفى أحكام محكمة النقض المصرية‪ 9‬أقرت بصحة الشهادة على وجود عقد الزواج وقيام‬
‫العالقة الزوجية حتى ولو لم يعاين الشاهد العقد متى اشتهر عند الشاهد ذلك طبقا ً لمذهب األحناف‬
‫المعمول به فى مصر فى دعاوى األحوال الشخصية‪ 9‬عند عدم وجود نص فقد جاء فى أحد أحكامها ‪:‬‬
‫" العشرة أو المساكنة ال تعتبر‪ 9‬وحدها دليالً شرعيا ً على قيام الزوجية والفراش وإنما نص فقهاء‬
‫الحنفية على أنه يحل للشاهد أن يشهد بالنكاح ولو لم يعاينه متى اشتهر عنده بأحد نوعى الشهادة‬
‫الشرعية الحقيقية أو الحكمية‪ 9‬فمتى شهد أن رجالً وامرأة يسكنان فى موضع أو بينهما انبساط‬
‫األزواج وشهد لديه رجالن عدالن بلفظ الشهادة أنها زوجته حل له أن يشهد بالنكاح وإن لم يحضر‬

‫(‪ )1‬فى ذات المعنى ‪ :‬نقض جلسة ‪ 25/6/1975‬ـ ص ‪ 1302‬ـ س ‪ ، 26‬وكذلك نقض أحوال شخصية ـ الطعن رقم ‪ 114‬لسنة ‪ 64‬ق ـ جلسة ‪0 20/11/1998‬‬
‫(‪ )2‬الطعن رقم ‪ 114‬لسنة ‪ 64‬ق ـ جلسة ‪ 20/11/1998‬ـ سالف اإلشارة إليه ‪0‬‬
‫(‪ )3‬نقض أحوال شخصية ـ الطعن رقم ‪ 117‬لسنة ‪ 55‬ق ـ جلسة ‪0 19/5/1987‬‬
‫‪5‬‬
‫وقت العقد ‪ ،‬وهذا عند الصاحبين أما عند أبى حنيفة فال يجوز للشاهد أن يشهد على النكاح بالتسامع‬
‫إال إذا اشتهر شهرة حقيقية وهى ما تكون بالتواتر " (‪0 )1‬‬
‫ويثبت النسب بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين ‪ 0‬ويعتد فى إثبات النسب بشهادة التسامع‬
‫إستثنا ًء ‪0‬‬
‫‪4‬ـ حكم القافة ( يثبت به النسب عند الجمهور ) ‪:‬‬

‫وكما سلف الذكر أن القافة لغة جمع قائف وهو الذى يعرف النسب بفراسته‪ 9‬ونظره إلى‬
‫أعضاء المولود ‪ ،‬وتعد القافة أحد وسائل إثبات النسب شرعا ً وقانونا ً ‪0‬‬
‫فهى من الناحية الشرعية ‪:‬‬
‫حكم رسول هللا ‪‬وقضاؤه باعتبار القافة وإلحاق النسب بها ‪ 0‬حيث ثبت فى الصحيحين من‬
‫حديث عائشة رضى هللا عنها قالت دخل على رسول هللا ‪ ‬ذات يوم مسروراً تبرق أسارير وجهه‬
‫فقال ألم تر أن "مجززاً المدلجى" نظر آنفا ً إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد وعليهما قطيفة قد‬
‫غطت رؤسهما وبدت أقدامهما فقال أن هذه األقدام بعضها من بعض فسر النبى ‪‬بقول القائف ولو‬
‫كانت كما يقول المنازعون من أمر الجاهلية كالكهانة ونحوها لما سر بها وال أعجب بها ‪ ، 00‬قال‬
‫الشافعى والنبى ‪ ‬أثبته‪ 9‬علما ً ولم ينكره ولو كان خطأ ألنكره ألن فى ذلك قذف المحصنات ونفى‬
‫األنساب ‪0 )2‬‬ ‫(‬

‫وحكم القافة من الناحية القانونية‪ 9‬وإن كان معترف به شرعا ً فى إثبات ونفى النسب إال أنه من‬
‫الناحية الواقعية نادراً ما يتم اللجؤ إليها كوسيلة من وسائل اإلثبات وذلك بسبب قلة عدد القافة فى‬
‫العصر الحالى بل وندرتهم فى ظل ما طرأ على العالم من تقدم علمى وتكنولوجى فى عصر تحكمه‬
‫األدلة المادية فى مجال اإلثبات ‪0‬كما هو الحال فى ظهور تحليل األنسجة أو الحمض النووى وهو ما‬
‫يعرف بتحليل الـ ‪D.N.A 0‬‬

‫‪ ‬المحكمة المختصة نوعيا ً ومحليا ً بنظر دعاوى إثبات ونفى النسب ‪:‬‬
‫بموجب القانون رقم ‪ 1‬لسنة ‪ 2000‬بتنظيم إجراءات التقاضى فى مسائل األحوال الشخصية‬
‫وما نصت عليه المادة‪ 10 /‬منه ‪ ،‬وكذلك ما نصت عليه المادة ‪ 3 /‬من القانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪2004‬‬
‫بإنشاء محاكم األسرة ‪ ،‬فإن المحكمة المختصة بنظر دعاوى النسب هى محكمة األسرة االبتدائية ‪0‬‬
‫ويتعين قبل رفع الدعوى اللجؤ إلى مكتب تسوية المنازعات األسرية المختص بطلب تسوية‬
‫النزاع حول النسب ‪ ،‬عمالً بنصوص‪ 9‬المواد ‪ 8 ، 6 ، 5 /‬من القانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2004‬سالف‬
‫الذكر ‪ ،‬وإال قضى فى الدعوى بعدم قبولها عمالً بنص المادة ‪ 9 /‬من ذات القانون ‪0‬‬
‫أما المحكمة المختصة محليا ً بنظر الدعوى فهى المحكمة التى يقع فى دائرتها موطن المدعى‬
‫عليه عمالً بنص المادة ‪15 /‬من القانون رقم ‪ 1‬لسنة ‪ 2000‬سالف اإلشارة إليه ‪ 0‬وذلك إذا كان‬
‫موطنه معلوما ً فإذا كان غير ذلك أى أنه لم يكن للمدعى عليه موطن معلوم فى مصر فإن المحكمة‬
‫المختصة محليا ً هى التى يقع فى دائرتها موطن المدعى ‪0‬‬

‫‪ ‬خاتمــــــــــة ‪:‬‬
‫والجدير بالذكر أنه بلغت أعداد دعاوى إثبات وإنكار النسب المنظورة أمام المحاكم المصرية‬
‫فى اآلونة األخيرة ما يقرب من ‪ 12‬ألف قضية وهو عدد جد خطير ترجع أسباب هذا الكم الهائل من‬
‫الدعاوى فى الغالب األعم منها إلى تزايد عدد حاالت الزواج العرفى وتنكر األزواج لما يسفر عنه هذا‬
‫(‪)1‬‬
‫نقض جلسة ‪ 26/10/1977‬ـ ص ‪ 1583‬ـ س ‪0 28‬‬

‫(‪ )2‬زاد المعاد فى هدى خير العباد ـ المرجع السابق ـ ص ‪0 162‬‬


‫‪6‬‬
‫الزواج من أطفال يحاولون التنصل من إثبات أنسابهم إليهم ‪ ،‬مع ضعف الوازع الدينى عند هؤالء ‪،‬‬
‫وعند البعض ممن يحاولن إلصاق نسب أطفالهن إلى من ليسوا بآبائهم بغرض االبتزاز أو التشهير‪0 9‬‬
‫فضالً عن ظهور أنواع جديدة من الزواج بمسميات منها المألوف ومنها غير ذلك كالزواج‬
‫السياحى ‪ ،‬والمؤقت ‪ ،‬أو محدد المدة مسبقا ً ‪ ،‬أو زواج المتعة ‪،‬وزواج المسيار ‪ ،‬وزواج الطوابع؟؟ ‪،‬‬
‫وزواج الدم ؟؟‪0‬‬
‫وال ينبغى لنا الحكم على جميع تلك الدعاوى بأنها ال تستند‪ 9‬إلى أحقية رافعيها فى إقامتها وإنما‬
‫نقول بأن الغالب األعم منها ما ال يستند إلى حق ثابت وقائم يتفق وصحيح الواقع والشرع والقانون‪.‬‬
‫ونود اإلشارة إلى أنه أواخر القرن الماضى لم يكن هناك وسيلة علمية مؤكدة يمكن بواسطتها‬
‫التأكد من إثبات أو نفى النسب حيث كان االعتماد فى ذلك على تحليل عينة من دم الطفل لمعرفة‬
‫فصيلة دمه لمقارنتها بفصيلة دم األبوين ‪ ،‬ولم تكن تلك النتيجة مؤكدة لنسب الطفل إذ أنه على فرض‬
‫تطابق فصيلة الدم بينهما فهناك ماليين من البشر يحملون ذات الفصيلة وقد يكون هناك مصادفة‬
‫تطابق بين فصيلة دم األب الحقيقى للطفل ‪ ،‬واألب المراد إلصاق نسب الطفل إليه ‪0‬‬
‫ومع التقدم العلمى فقد ظهر ما يعرف بتحليل الـ ‪ D.N.A‬الذى ال يعتمد فى إثبات أو نفى‬
‫النسب على فصيلة الدم بل على تحليل الجينات الوراثية حيث يتم الحصول على عينة من الدم من ‪2‬‬
‫إلى ‪ 5‬سم أو مسحة من الغشاء المخاطى المبطن لتجويف الفم لفحص من ‪ 7‬إلى ‪ 14‬موقعا ً بهذا‬
‫الحامض نصف تلك المواقع يكون مطابقا ً تماما ً لألب والنصف اآلخر يطابق تماما ً األم ‪ 0‬ذلك أن كل‬
‫خلية بجسم اإلنسان يوجد بها ‪ 46‬كروموسوم ما عدا الحيوان المنوى والبويضة‪ 9‬يوجد فى كل منهما‬
‫‪ 23‬كروموسوم ‪ ،‬وتحمل كل خلية حوالى ‪ 30‬إلى ‪ 35‬ألف جين نصفها يأتى من صفات األب والنصف‬
‫الثانى من األم ‪ ،‬ويمكن االعتماد على نتيجة‪ 9‬ذلك التحليل فى نفى النسب بنسبة ‪ ، % 100‬وفى إثبات‬
‫النسب بنسبة‪ % 99.99 9‬وتظهر نتيجة التحليل خالل أسبوعين ‪0‬‬
‫وعلى الرغم من ذلك أرى أنه على الرغم من دقة هذا التحليل على النحو السالف ذكره كما أكد‬
‫ذلك أطباء الطب الشرعى إال أنه ونحن بصدد عمل بشرى‪ 9‬قابل للخطأ ‪ ،‬وال يمكن التأكد من صحته‬
‫بنسبة‪ %100 9‬فى جميع األحوال فإنه فى مقام إثبات النسب وهو أمر جد خطير يجب تحرى الدقة فال‬
‫يكتفى فى ذلك بالتحليل فقط بل يتعين توافر دليل آخر مكمل له كالبينة‪ ،9‬أو حكم القافة بوجود شبه بين‬
‫الولد المراد إثبات نسبه ‪ ،‬والرجل المدعى أبوته‪ 9‬له ‪ 0‬وحجتنا فى ذلك أنه بالنظر فى كافة االكتشافات‬
‫العلمية وقت ظهورها كانت غاية ما وصل إليه العلم وقتها ‪ ،‬وبعد فترة من الزمن طالت أو قصرت‬
‫يظهر اكتشاف آخر جديد يدل على قصور االكتشاف السابق عليه كما كان هو الحال قبل ظهور تحليل‬
‫الـ ‪ ، D.N.A‬وما كان عليه العمل من استخدام فصيلة الدم كمؤشر لنفى النسب أكثر منه دليالً على‬
‫إثباته ‪0‬‬
‫هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن تحليل الـ ‪ D.N.A‬ليس دليالً كافيا ً بذاته إلثبات النسب إذ‬
‫أن نتيجته‪ 9‬قد يترتب‪ 9‬عليها إثبات النسب ليس لألب الحقيقى بل يتعداه إلى شخص آخر هو والد هذا‬
‫الشخص ‪ ،‬أو أخيه التحاد الجينات الوراثية بينه‪ 9‬وبينهما وبين الطفل المراد إثبات نسبه‪ ، 9‬وهنا‬
‫يتضح ما سبق قوله من عدم وجود وسيلة بشرية‪ 9‬مؤكدة النتائج ‪0 % 100‬‬
‫فى ظل عدم وجود نص يطبق حد الزنا على مرتكبيه‪ 9‬هل يصبح‪ 9‬اإلدعاء بأن الولد وليد أو نتاج‬
‫عالقة آثمة‪ 9‬مخرجا ً للرجل أو المرأة من إثبات النسب ؟‬
‫ونجيب على هذا التساؤل بأن الشريعة اإلسالمية ال تعترف بإثبات النسب طالما كان الولد‬
‫نتيجة عالقة محرمة شرعا ً ـ عالقة الزنا ـ اعترف بها أحد طرفى هذه العالقة أو اعترف بها أحدهما‪0‬‬
‫ففى حالة اعتراف الرجل بالزنا هروبا ً من إثبات الولد له فإن الشريعة اإلسالمية‪ 9‬تطبق عليه‬
‫الحد المعروف على مرتكب هذه الكبيرة ‪ ،‬أما وقد خال القانون المصرى من نص يطبق حد الزنا على‬
‫أمثال هؤالء فقد بات ذلك اإلدعاء بالزنا مخرجا ً لهم إلنكار نسب الولد لهم خاصة وأن المشرع‬

‫‪7‬‬
‫المصرى يطبق فى هذه الحالة مذهب اإلمام أبى حنيفة الذى ال يقر بإثبات النسب لمدعى أنه وليد‬
‫عالقة زنا ‪0‬‬
‫لذلك فقد تقدم أحد أعضاء مجلس الشعب بمشروع قانون لم يناقش بعد يتضمن‪ 9‬النص على‬
‫جعل تحليل الـ ‪ D. N. A‬وجوبيا ً فى أمثال تلك الدعاوى ‪ ،‬وجعل جزاء اإلدعاء الكاذب بإثبات‬
‫النسب عقوبته‪ 9‬الغرامة المالية الكبيرة ‪ 00‬ولكن يثور التساؤل إذا كان هذا المشروع بقانون يضيف‬
‫وسيلة جديدة من وسائل إثبات النسب ‪ ،‬فما هو الحل إذا جاء التحليل مؤكداً نسبته إليه ـ وسبق لنا‬
‫القول أن هذا التأكيد محل نظر إذ قد يأتى التحليل بتلك النتيجة مع والد هذا الشخص ‪ ،‬أو أخيه التفاق‬
‫أنسجة كل منهم ـ ثم ادعى المراد نسب الولد له أنه ثمرة عالقة زنا ؟ خاصة وأن الشريعة اإلسالمية‬
‫كما ذكرنا أنها باتفاق الفقهاء ال تعترف بالنسب المترتب على عالقة الزنا ؟‪0‬‬
‫فإذا صدر هذا المشروع بقانون على النحو المذكور وترتب عليه إثبات النسب مع وجود‬
‫اإلدعاء بأنه وليد عالقة آثمة‪ 9‬شرعا ً ‪ ،‬يكون فى هذا اإلثبات للنسب مخالفة صريحة ألحكام الشريعة‬
‫الغراء ‪ 0‬إذن ما هو الحل ؟؟؟‬
‫الحل فى اعتقادى أن يتضمن هذا المشروع بقانون تعديالً باإلضافة بإضافة نص جديد لقانون‬
‫العقوبات ‪،‬أو يضع نصا ً خاصا ً فى هذا القانون المزمع إصداره يجرم ارتكاب كبيرة الزنا قانونا ً ‪،‬‬
‫ويضع لها عقوبة مشددة كما وردت بالشريعة اإلسالمية‪ ، 9‬وبذلك يقع الشخص الراغب فى الفرار من‬
‫إثبات النسب بين نارين إما االعتراف بالنسب ‪ ،‬أو االدعاء بأن الولد نتيجة عالقة زنا وهنا يكون‬
‫عليه تنفيذ العقوبة المغلظة المقررة لمرتكب تلك الجريمة ‪0‬‬
‫وفى اعتقادى أيضا ً أن مثل ذلك النص المشدد المقرر لعقوبة الزنا يحقق عدة أهداف فى آن‬
‫واحد ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬أنه يعد تطبيقا ً لشرع هللا عز وجل ابتغاء مرضاته‪0 9‬‬
‫والثانى ‪ :‬أنه يقلل بل وقد يحد من تفكير أصحاب الضمائر المريضة من ارتكاب مثل تلك‬
‫الكبائر ‪0‬‬
‫والثالث ‪ :‬أنه يحد من عدد دعاوى إثبات وإنكار النسب الغير قائمة على أسا س من الواقع أو‬
‫الحقيقة ‪ ،‬حيث من يقع فى ارتكاب الفاحشة ـ الزنا ـ ويتولد عن هذه الجريمة ولد ‪ ،‬سيكون أهون‬
‫عليه االعتراف به من اإلدعاء كذبا ً بالزنا هروبا ً من إثبات نسب الولد له ‪ ،‬ومن ثم توقيع عقوبة‬
‫الزانى المقترحة عليه ‪ 0‬ومن ثم الحفاظ على حق هؤالء الصغار الذين لم يرتكبوا خطأ ويدفعون ثمن‬
‫أخطاء آبائهم طيلة حياتهم معيرين بين أقرانهم بأسوأ الصفات ‪0‬‬
‫لذلك نهيب بالمشرع التدخل بوضع نص تشريعى يجرم الزنا ‪ ،‬ويضع له أشد العقوبات حتى‬
‫تكون محققة للغرض والهدف من العقوبة من تحقيق الردع الخاص ردعا ً لمرتكبى تلك الجريمة ‪،‬‬
‫والردع العام لكل من تسول له نفسه مجرد التفكير فى ارتكابها ‪ ،‬حماية لألعراض واألنساب ‪ ،‬وحفظأ‬
‫لحقوق العباد ‪ ،‬ودرءاً للشبهات ‪0‬‬

‫‪8‬‬

You might also like