You are on page 1of 30

‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫ثالثا‪ :‬الصداق في الفقه اإلسالمي وقانون األسرة الجزائري‬


‫تعريف الصداق‪:‬‬
‫ُمل‬
‫_ الص ''داق في اللغ ''ة‪ :‬دف ع م ال ا ش ِه ر بالرغب ة في ال زواج‪ ،‬أو ه و مه ر الزوج ة‬
‫وجمعه أصدقة وصدق‪.‬‬
‫_ الص''داق في االص''طالح‪ :‬تعددت التعارف الفقهية للصداق‪ ،‬وكلها تدور حول‬
‫معنى واحد‪ ،‬فقد عرفه املالكية بأنه‪ " :‬ما يجعل للزوجة في نظير االستمتاع بها"‪.‬‬
‫عرفه الحنفية بأنه‪" :‬اسم للمال الذي يجب في عقد النكاح على الزوج في مقابلة‬
‫البضع"‪،‬‬
‫وعرف ه بعض املعاص رين بأن ه‪" :‬اس م للم ال ال ذي تس تحقه الزوج ة على زوجه ا‬
‫بالعقد عليها أو بالدخول بها دخوال حقيقيا"‪.‬‬
‫_ الصداق في قانون األسرة‪:‬‬
‫عّر ف املشرع الجزائري الصداق في نص املادة ‪ 14‬من قانون األسرة بأنه‪ ":‬هو ما‬
‫يدفع نحلة للزوجة من نقود أو غيرها من كل ما هو مباح شرعا وهو ملك لها تتصرف‬
‫فيه كما تشاء"‪.‬‬
‫_ الطبيعة الفقهية والقانونية للصداق‬
‫‪ _1‬الطبيعة الفقهية للصداق‪:‬‬
‫ذهب جمه' ' ''ور الفقه' ' ''اء من الحنفي' ' ''ة والش' ' ''افعية والحنابل' ' ''ة إلى ع ' ''دم اعتب' ' ''ار‬
‫الص''داق ركن''ا وال ش''رطا في صحة ال''زواج‪ ،‬وإنم''ا ه''و واجب على أن''ه حكم من أحكام‬
‫ال'زواج املترتب''ة علي''ه بع'د تمام''ه وأث''ر من آث''اره ال'تي تثبت بع'ده‪ ،‬ومن هن''ا يجب امله''ر‬
‫بالزواج‪ ،‬وإن لم يسّم وينص عليه في العقد أصال‪.‬‬
‫ويستدلون لرأيهم هذا بأن خلو العقد من تسمية املهر ال يؤثر فيه ال من حيث‬
‫ُك‬
‫الصحة والنف اذ‪ ،‬وال من حيث الل زوم‪ ،‬وذل ك في قول ه تع الى‪" :‬ال جن ' ' ''اح علْي ْم ِإ ن‬
‫َس َم َل ْم َت َم ُّس ُه َّن َأ ْو َتْف ُض َل ُه َّن َف َض‬
‫ِر ي ة"‪ ،‬فه ذه اآلي ة ت دل دالل ة‬ ‫ِر وا‬ ‫و‬ ‫طلقكم الِّن اء ا‬
‫واضحة على صحة الزواج بدون تحديد الصداق وال تسميته في العقد‪ ،‬غير أن بعضا‬
‫من فقهاء املذهب املالكي كيفه على أنه ركن من أركان عقد الزواج‪ ،‬وذلك بعدم صحة‬

‫‪1‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫العق د ال ذي يتم في ه اش تراط إس قاط امله ر‪ ،‬فعق د ال زواج ه و عق د معاوض ة يفس د‬


‫بشرط نفي العوض‪ ،‬ولم يعتبره الدردير ركنا بل جعله شرطا‪ ،‬فقال‪ ":‬وشروط صحة‬
‫النكاح أن يكون بص داق ول و لم ي ذكر ح ال العق د فال ب د من ذك ره عن د ال دخول أو‬
‫تقري ر ص داق املث ل بال دخول"‪ ،‬وه و م ا م ال إلي ه الحط اب بقول ه‪" :‬وأم ا الش هود‬
‫والص داق فال ينبغي أن يع ّد ا في األركان وال في الش روط لوج ود النكاج الش رعي‬
‫ب دونهما‪ ،‬غاي ة األم ر أن ه ش رط في صحة النكاح أن ال يش ترط في ه س قوط الص داق‪،‬‬
‫ويشترط في جواز الدخول اإلشهاد‪".‬‬
‫‪_2‬الطبيعة القانونية للصداق‪:‬‬
‫ذهب املشرع الجزائري الى اعتبار الصداق شرطا من شروط صحة عقد الزواج‬
‫وفق ا ملا ج اء في املادة ‪ 9‬مك رر من ق انون األس رة‪ ،‬وه ذا م ا أكدت ه الفق رة الثاني ة من‬
‫املادة ‪ 15‬من نفس الق انون بقوله ا‪ " :‬في حال ة ع دم تحدي د قيم ة الص داق تس تحق‬
‫الزوجة صداق املثل"‪ ،‬كما نصت الفقرة ‪ 2‬من املادة ‪ 33‬على أنه ‪" :‬اذا تم الزواج بدون‬
‫ش اهدين أو ص داق أو ولي في حال ة وجوب ه‪ ،‬يفسخ قب ل ال دخول و ال ص داق في ه‪ ،‬و‬
‫يثبت بعد الدخول بصداق املثل"‪.‬‬
‫_ دليل مشروعية الصداق وحكمته‬
‫‪ _1‬من الكتاب‪ :‬في قوله تعالى‪ ":‬وآتوا النس'اء ص'دقاتهّن نحل'ة"‪ ،‬أي عطية من هللا‬
‫تعالى مبتدأة أو هدية‪ ،‬واملخاطب بها األزواج عند األكثرين‪ ،‬وقيل األولياء‪ ،‬وقوله تعالى‪:‬‬
‫َمْل‬
‫وآتوهّن أجورهّن با ْع ُر وف"‪ ،‬أجورهّن أي مهورهّن ‪.‬‬
‫‪ _2‬الس ''نة النبوي ''ة‪ :‬فق د وردت في ش أن الص داق أح اديث كث يرة منه ا‪ :‬قول ه ص لى‬
‫هللا عليه وسلم‪ ":‬إن أعظم النساء بركة أيسرهن صداقا"‪ ،‬وقوله أيضا‪ " :‬التمس ولو‬
‫خاتما من حديد" ‪ ،‬كما ثبت عن الرسول صلى هللا عليه وسلم أنه لم يخل زواجا من‬
‫مهر‪.‬‬
‫‪ _3‬اإلجماع‪ :‬فقد أجمع املسلمون على مشروعية املهر في النكاح‪.‬‬
‫_ أح ' ''وال الص ' ''داق في عق ' ''د ال ' ''زواج‪ :‬ويش مل الح ديث عن مق داره‪ ،‬وأنواع ه‪،‬‬
‫وحاالته‪:‬‬
‫‪ -1‬مقدار الصداق‪:‬‬
‫أ_ الجانب الفقهي‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫ليس للمهر حد أقصى باالتفاق؛ ألنه لم يرد في الشرع ما يدل على تحديده بح ّد‬
‫ْح َد ُه َّن َط ًر َف اَل َت ُخ ُذ‬
‫أ وا من''ه شيئا"‪ ،‬كما اتفق الفقهاء‬ ‫أعلى لقوله تعالى‪َ" :‬و آتيتم ِإ ا قن ا ا‬
‫على أنه ال يبغى املغاالة في املهور‪ ،‬واختلفت آراؤهم في تقدير الحد األدنى للصداق على‬
‫النحو اآلتي‪:‬‬
‫ذهب الحنفي ة إلى أن أق ل امله ر عش رة دراهم لقول ه ص لى هللا علي ه و س لم ‪" :‬ال‬
‫مهر أقل من عشرة دراهم"‪ ،‬وقياسا على نصاب السرقة وهو ما تقطع به يد السارق‪،‬‬
‫أما حديث "التمس ولو خاتما من حديد"‪ ،‬فحملوه على املهر املعجل‪.‬‬
‫وعند املالكية أقله ربع دينار أو ما يساويها مما ُي ق ّو م بها من عروض أو من كل‬
‫طاهر ال نجس‪ ،‬متمّو ال شرعا من عرض أو حيوان أو عقار منتفع به شرعا مقدور على‬
‫تسليمه للزوجة‪ ،‬معلوم قدرا وصنفا وأجال‪ ،‬ودليلهم أن املهر وجب في الزواج إظهارا‬
‫لكرامة املرأة ومكانتها‪ ،‬فال يقل عن هذا املقدار الذي هو نصاب السرقة عندهم‪.‬‬
‫وقال الشافعة والحنابلة ال حّد ألقل مهر‪ ،‬وال تتقدر صحة الصداق بشيء‪ ،‬فصح‬
‫كون املهر ماال قليال أو كثيرا ‪ ،‬قال املاوردي‪" :‬فهو يعتبر بما تراضى عليه الزوجان من‬
‫قليل وكثير "‪ ،‬وجاء في التهذيب‪ " :‬وليس ألقل الصداق وال ألكثره حد"‪.‬‬
‫وض ابطه كل م ا صّح كون ه مبيع ا ‪-‬أي ل ه قيم ة‪ -‬صّح كون ه ص داقا‪ ،‬م ا لم ينت ه في‬
‫القل ة إلى ح ّد ال يتم ول‪ ،‬ف إن عق د بم ا ال يتم ول فس دت التس مية ووجب مه ر املث ل‪،‬‬
‫ودليلهم أن املهر حق املرأة شرعه هللا إظهارا ملكانتها‪ ،‬فيكون تقديره برضا الطرفين؛‬
‫وألن املهر بدل االستمتاع باملرأة فكان تقدير العوض إليها كأجرة منافعها ‪ ،‬وبه قال‬
‫ابن وهب من أصحاب مالك‪.‬‬
‫ب_ الجانب القانوني‪:‬‬
‫أم ا املش رع الجزائ ري فلم يجع ل للص داق ح ًد ا أدنى وال أعلى‪ ،‬آخ ذا في ذل ك بم ا‬
‫ذهب إليه الشافعية والحنابلة‪ ،‬وفقا للمادة ‪ 14‬من قانون األسرة التي جاءت مطلقة في‬
‫ه ذا الش أن‪ ،‬يفهم ذل ك من عب ارة "م ا ي دفع نحل ة للزوج ة من نف ود ونحوه ا"‪ ،‬وه ذا‬
‫املوقف الذي اتخذه املشرع الجزائري يتماشى وروح التشريع في التيسير ورفع الحرج‪،‬‬
‫بما يتناسب و جميع طبقات املجتمع غنيها و فقيرها‪ ،‬أي أنه ال ُي عجز الفقراء‪ ،‬وال يقيد‬
‫إرادة البعض اآلخر في الرفع من مبلغ الصداق‪.‬‬
‫‪_2‬أنواع الصداق‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫أ_ الجانب الفقهي‪:‬‬


‫‪ -‬املهر املسمى‪:‬‬
‫هو ما س ّم ي في العقد أو بعده بالتراضي بين الزوجين‪ ،‬بأن اتفق عليه صراحة في‬
‫العقد أو فرض للزوجة بعده بالتراضي‪ ،‬أو فرضه الحاكم‪ ،‬وذلك لعموم قوله تعالى‪:‬‬
‫ًة َف ُف َف‬ ‫َل َف‬ ‫َف‬
‫"وقد َر ْض ُت ْم ُه َّن ِر يَض نص َم ا َر ضتم"‪ .‬ونص املالكية على أن ما يهدى للمرأة‬
‫قبل العقد أو حال العقد يع ّد من املهر‪ ،‬ولو لم يشترط‪ ،‬وكذا ما أهدي إلى وليها‪ ،‬قبل‬
‫العق د فل و طلقت قب ل ال دخول كان لل زوج أن يرج ع بنص ف م ا أه داه‪ ،‬أم ا م ا أه دي‬
‫للولي بعد العقد فيختص به‪ ،‬وليس للزوجة وال للزوج أخذه منه‪.‬‬
‫ويس تحب تس مية امله ر في النكاح‪ ،‬ف إن لم يس ّم صح العق د‪ ،‬وه ذا م ا ذهب إلي ه‬
‫املش رع الجزائ ري في الفق رة ‪ 1‬من املادة ‪ 15‬من ق انون األس رة ال تي تنص على أن ه‪":‬‬
‫يحدد الصداق في العقد سواء كان معجال أو مؤجال"‪ ،‬وما يفهم أيضا من عبارة "يحدد"‬
‫من نص املادة ‪ 15‬بعد تعديلها أنه يجوز تسمية املهر بعد إبرام العقد‪.‬‬
‫_ املهر غير املسمى‪:‬‬
‫فقد عرفه الحنفية بأنه ‪":‬مهر امرأة تماثل الزوجة وقت العقد من جهة أبيها في‬
‫املال والجمال والسن والعقل والدين‪ ،‬وتعتبر املماثلة باتفاق املذاهب في التدين واملال‬
‫والجم ال والعق ل واألدب والس ن والبكارة والثيوب ة والبل د والحس ب‪ ،‬وه و م ا يع د من‬
‫مف اخر اآلب اء من ك رم وعلم وحلم ونج دة وص الح وإم ارة ونحوه ا من كل م ا يختل ف‬
‫ألجل ه الص داق‪ ،‬وتالح ظ ه ذه األوص اف في النكاح الصحيح ي وم العق د‪ ،‬وفي النكاح‬
‫الفاسد يوم الوطء‪ ،‬ألنه الوقت الذي يتقرر به صداق املثل كوطء الشبهة فإنه يجب‬
‫صداق املثل فيه بحسب األوصاف يوم الوطء‪.‬‬
‫ب_ الجانب القانوني‪:‬‬
‫يطبق صداق املثل متى لم يتفق في العقد على تحديد الصداق طبقا للمادة ‪ 15‬من‬
‫قانون األسرة‪ ،‬أو عند إبرام العقد بدون صداق‪ ،‬وهذا ما ذهب إليه املشرع الجزائري‬
‫في نص الفق رة الثاني ة من املادة ‪ 33‬من ق انون األس رة‪" :‬إذا تم ال زواج ب دون ش اهدين‬
‫أو ص داق أو ولي في حال ة وجوب ه يفسخ قب ل ال دخول وال ص داق في ه‪ ،‬ويثبت بع د‬
‫الدخول بصداق املثل"‪ ،‬حيث قرنت استحقاق الزوجة الصداق املثل متى تم الدخول‬
‫بها بدون صداق‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫‪_3‬حاالت الصداق‪:‬‬
‫أ_ الجانب الفقهي‪:‬‬
‫اتف ق الفقه اء على أن للص داق ثالث ح االت‪ :‬إم ا أن يكون معجال كلي ا أو م ؤجال‬
‫كليا‪ ،‬أو معجال في جزء ومؤجال في الجزء اآلخر‪.‬‬
‫ف ذهب الحنفي ة إلى أن ه يصح كون امله ر معجال أو م ؤجال كل ه أو بعض ه إلى أج ل‬
‫قريب أو بعيد أو أقرب األجلين ‪ -‬الطالق أو الوفاة‪ -‬عمال بالعرف‪ ،‬ولكن بشرط أن ال‬
‫يش تمل التأجي ل على جهال ة فاحش ة في الق در أو الص فة‪ ،‬وإذا اتفق ا ص راحة على‬
‫تقس يط امله ر عم ل ب ه؛ ألن االتف اق من قب ل الص ريح‪ ،‬والع رف من قبي ل الدالل ة‪،‬‬
‫والصريح أقوى في الداللة‪ ،‬وإذا لم يتفقا على تعجيل املهر أو تأجيله عمال يعرف البلد‬
‫‪ -‬ألن املعروف عرفا كالشروط شرطا‪ -‬وإذا لم يكن هناك عرف بالتعجيل أو التأجيل‬
‫اس تحق امله ر ح اال ألن حكم املس كوت عن ه يأخ ذ حكم املعج ل‪ ،‬وألن األص ل أي امله ر‬
‫يجب بتمام العقد؛ لكونه أثرا من آثاره‪ ،‬فإذا لم يؤجل صراحة أو عرفا عمل باألصل‪،‬‬
‫ألنه عقد معاوضة‪ ،‬فيقتضي املساواة بين الجانبين‪.‬‬
‫وفّص ل املالكي ة في حكم التأجي ل فق الوا ‪ :‬إن كان امله ر معّي ن ا حاض را في البل د‬
‫وجب تس ليمه للم رأة أو لولّي ه ا ي وم العق د‪ ،‬وال يج وز ت أخيره في العق د ول و رضيت‬
‫بالتأخير‪ ،‬فإن اشترط التأجيل في العقد فسد العقد‪ ،‬إال إذا كان األجل قريبا كاليومين‬
‫والخمس ة‪ ،‬ويج وز للم رأة التأجي ل من غ ير ش رط‪ ،‬ويكون تعجيل ه من حقه ا‪ ،‬وإن كان‬
‫امله ر املعين غائب ا عن بل د العق د صح النكاح‪ ،‬وإن أج ل قبض ه بأج ل ق ريب‪ ،‬بحيث ال‬
‫يتغير فيه غالبا وإال فسد النكاح‪.‬‬
‫وإن كان املهر غير معين فيجوز تأجيله كله أو بعضه‪ ،‬ويجوز التأجيل إلى الدخول‬
‫إن علم وقته والتأجيل إلى امليسرة إذا كان الزوج غنيا‪ ،‬بأن كان له سلعة ينتظر قبض‬
‫ثمنه ا‪ ،‬وإن كان فق يرا لم يصح العق د‪ ،‬ويج وز التأجي ل إلى أن تطلب ه املرأة من ه‪ ،‬فه و‬
‫تأجيل للميسرة‪ ،‬وعليه يشترط لجواز التأجيل أن يكون األجل معلوما وغير بعيد‪.‬‬
‫وأجاز الشافعية والحنابلة تأجيل املهر كله أو بعضه ألجل معلوم؛ ألنه عوض في‬
‫معاوضة‪ ،‬فإن أطلق ذكره اقتضى الحلول‪ ،‬وإن ُأ ج ّل ألجل مجهول لم يصح‪ ،‬وإن ُأ ج ّل‬
‫ولم يذكر األجل فاملهر عند الحنابلة صحيح ومحله الفرقة أو املوت‪ ،‬قال ابن قدامة‪:‬‬
‫"امله ر صحيح ووقت حلول ه ه و وقت الفرق ة‪ ،‬ألن اإلم ام أحم د ‪-‬رحم ه هللا‪ -‬ق ال‪ :‬إذا‬

‫‪5‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫تزوج على مهر عاجل وآجل ال يحل األجل إال بموت أحد الزوجين أو بالفرقة في حال‬
‫حياتهما"‪.‬‬
‫ب_ الجانب القانوني‪:‬‬
‫نصت املادة ‪ 15‬من قانون األسرة الجزائري على أنه‪ " :‬يحدد الص داق في العقد‬
‫س واء كان معجال أو م ؤجال‪ ،‬وفي حال ة ع دم تحدي د قيم ة الص داق‪ ،‬تس تحق الزوج ة‬
‫صداق املثل"‪.‬‬
‫يتضح من خالل نص هذه املادة أن تحديد الصداق في العقد قد يكون مؤجال أو‬
‫معجال‪ ،‬وفي حالة عدم تحديد قيمت ه تستحق الزوجة صداق املثل‪ .‬وقد أخذ املشرع‬
‫الجزائري بمذهب الجمهور في جواز تعجيل أو تأجيل املهر كله أو بعضه ‪ .‬وعليه يمكن‬
‫عرض أوضاع الصداق من حيث التعجيل والتأجيل في ثالث حاالت هي‪:‬‬
‫_ الحالة األولى‪ :‬الصداق املعّج ل كليا‬
‫ويقص د ه ذه الحال ة أن ي دفع الص داق كامال قب ل ال دخول أو بع د إب رام عق د‬
‫الزواج مباشرة‪ ،‬وهو ما جاء في نص املادة ‪ 15‬من قانون األسرة "سواء كان معجال "‪.‬‬
‫_ الحالة الثانية‪ :‬الصداق املؤّج ل كليا‬
‫وهو أن يتفق طرفا العقد على أن يؤّج ل الصداق بعد تسميته وتحديد قيمته أو‬
‫نوعه أثناء إبرام العقد إلى ما بعد الدخول أو إلى تاريخ الحق‪ ،‬وإذا لم يتفق الطرفان‬
‫على الت اريخ فإن ه يس تحق بع د الطالق مباش رة أو بع د الوف اة وفق ا لنص املادة ‪" 15‬أو‬
‫مؤجال"‪.‬‬
‫_ الحالة الثالثة‪ :‬الصداق املؤجل في جزء منه واملعجل في الجزء اآلخر‬
‫وه و أن يتف ق طرف ا العق د على دف ع ج زء من الص داق قب ل ال دخول‪ ،‬وتأجي ل‬
‫الب اقي من ه إلى ت اريخ مح دد بع د ال دخول‪ ،‬يق ول األس تاذ عب د العزي ز س عد‪" :‬وإذا لم‬
‫يحدد تاريخ معين لدفع املؤجل‪ ،‬فإنه ينصرف إلى تاريخ الطالق أو تاريخ الوفاة" ‪ .‬وهذا‬
‫ينطبق على حالة االتفاق بين الزوجين على أن مؤخر الصداق يكون عند وقوع الطالق‪.‬‬
‫ذل ك أن الص داق يجب كامال بال دخول إذا لم يتف ق الطرف ان على الت اريخ‪ ،‬كم ا‬
‫يجب بالوفاة وهذا باتفاق الفقهاء ‪ ،‬ألنه دين في ذمة الزوج‪ ،‬والدين املعجل يصير حاال‬
‫ب املوت‪ ،‬ويجب أداؤه من الترك ة قب ل الوص ية وامليراث‪ ،‬وال يق اس املوت على الطالق‬
‫ألن املوت يتم ب ه النكاح كال دخول‪ .‬فيكم ل ب ه الص داق‪ ،‬والطالق يقطع ه ويزيل ه قب ل‬

‫‪6‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫اتمام ه‪ ،‬ول ذلك وحبت الع دة ب املوت قب ل ال دخول ولم تجب ب الطالق قب ل ال دخول‪،‬‬
‫وكمل الصداق املسمى باملوت ولم يكمل بالطالق ‪.‬‬
‫‪ _3‬استحقاق الصداق‪:‬‬
‫أ_ الجانب الفقهي‪:‬‬
‫اتفق الفقهاء على بعض مؤكدات املهر‪ ،‬واختلفوا في البعض اآلخر‪ ،‬فاتفقوا على‬
‫أنه يتأكد بأحد أمرين‪:‬‬
‫_ ال دخول الحقيقي بالزوج ة؛ ألن ال زوج بدخول ه بزوجت ه يس توفي حق ه منه ا‪،‬‬
‫فيتق رر حقه ا كامال في امله ر‪ ،‬س واء كان مس ّم ى وقت العق د أو ق ّد ر بع ده بالتراضي‬
‫بينهما‪ ،‬أو بقضاء القاضي‪ ،‬أما إذا لم يكن مس ّم ى‪ ،‬فيجب لها مهر املثل بقيت الزوجية‬
‫أو حصلت الفرقة بينهما باتفاق جميع الفقهاء ويترتب على استقرار املهر بالدخول أنه‬
‫ال يسقط شيء منه بعدئذ إال باألداء لصاحبه‪ ،‬أو اإلبراء من صاحب الحق‪.‬‬
‫_ موت أحد الزوجين قبل الدخول في نكاح صحيح‪ ،‬باتفاق املذاهب األربعة‪ ،‬وإن‬
‫قصره املالكية على املهر املس ّم ى‪ ،‬حيث ال يوجبون لها شيئا عند عدم التسمية؛ أي في‬
‫نكاح التف ويض‪ ،‬قياس ا للم وت على الطالق‪ ،‬والطالق قب ل ال دخول والخل وة وقب ل‬
‫تسمية املهر‪ ،‬ال شيء فيه‪ ،‬فمثله املوت‪.‬‬
‫ّك‬
‫واختلف وا في تأ ده ب الخلوة بع د العق د الصحيح‪ ،‬ف ذهب املالكي ة والش افعية إلى‬
‫أنها ال تقوم مقام الدخول في تأكيد املهر‪ ،‬فإن طلقها بعد الخلوة وقبل الدخول وجب‬
‫لها نصف املهر املسّم ى فإن لم يسّم لها مهرا وجبت لها املتعة‪ ،‬غير أن املالكية قالوا‪ :‬لو‬
‫أق امت مع ه في بيت الزوجي ة س نة‪ ،‬وكان بالغ ا وهي تطي ق املخالط ة‪ ،‬ولم يفع ل شيئا‬
‫وجب لها كل املهر لو الفسخ العقد بعد ذلك‪ ،‬وذهب الحنفية والحنابلة إلى أن الخلوة‬
‫بالزوج ة يتأك د به ا امله ر كل ه‪ ،‬وتس مى عن دهم بال دخول الحكمي‪ ،‬غ ير أن الحنفي ة‬
‫يشترطون في الخلوة أن تكون صحيحة‪ ،‬فإن كان أحدهما مريضا أو صائما في رمضان‬
‫أو ُم ْح رم ا بحج ف رض أو نف ل أو بعم رة‪ ،‬أو كانت حائض ا‪ ،‬فليس ت الخل وة صحيحة‪،‬‬
‫وأما الحنابلة فال يشترطون ذلك‪ ،‬بدليل أنهم قالوا‪ :‬لو ملسها بشهوة ولو بحضرة الناس‬
‫ّك‬
‫تأ د له ا كل امله ر وال يس قط‪ ،‬ب ل زادوا على ذل ك وجعل وا الخل وة في ال زواج الفاس د‬
‫موجبة للمهر في إحدى الروايتين‪.‬‬
‫ب_ الجانب القانوني‪:‬‬

‫‪7‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫نص املشرع الجزائري على استحقاق الزوجة للصداق في الفقرة ‪ 2‬من املادة ‪15‬‬
‫واملادة ‪ 16‬من قانون األسرة‪ ،‬ويمكن تقسيمها إلى حاالت ثالثة‪:‬‬
‫_ حالة استحقاق كامل الصداق‪:‬‬
‫وفق ا لنص املادة ‪ 16‬من ق انون األس رة ف إن الزوج ة تس تحق الص داق كامال‬
‫بالدخول أو بالوفاة‪.‬‬
‫_ال ' ''دخول‪ :‬تس تحق الزوج ة كام ل الص داق بال دخول طبق ا لنص املادة ‪16‬من‬
‫ق انون األس رة‪ ،‬وذل ك بع د إب رام عق د ال زواج صحيحا وتم ام ال دخول بالزوج ة‪ ،‬وق د‬
‫أخذ املشرع الجزائري في هذه الحالة بما ذهب إليه عامة الفقهاء‪.‬‬
‫_ الوفاة‪ :‬وفقا لنص املادة ‪ 16‬من قانون األسرة أعطى املشرع الجزائري للزوجة‬
‫كامل الصداق بالوفاة؛ أي وفاة أحد الزوجين‪ ،‬واملشرع لم يفرق بين الوفاة الطبيعية‬
‫والقتل خالف ما ذهب إليه فقهاء الشريعة اإلسالمية‪ .‬حيث لم ينص املشرع الجزائري‬
‫في حالة ما إذا كانت وفاتها غير طبيعية كاالنتحار أو القتل على حكم استحقاقها للمهر‪.‬‬
‫_ استحقاق نصف الصداق‪:‬‬
‫نص املش رع الجزائ ري على حال ة اس تحقاق الزوج ة لنص ف الص داق في نص‬
‫املادة ‪ 16‬من ق انون األس رة‪ ،‬وه و حال ة الطالق قب ل ال دخول وم ؤدى ذل ك أن ه يوج د‬
‫عقد زواج صحيح شرعا؛ ألن الطالق ال يكون إال في زواج صحيح‪.‬‬
‫_ استحقاق الزوجة الصداق املثل‪:‬‬
‫تن اول املش رع الجزائ ري في نص املادة ‪ 15‬من ق انون األس رة حال ة اس تحقاق‬
‫صداق املثل‪ ،‬وتكون عند عدم تحديد الصداق أو تسميته بعد الدخول‪ ،‬فهنا تستحق‬
‫الزوجة صداق املثل‪ ،‬وجاء في نص الفقرة املادة ‪ 33‬أنه يثبت صداق املثل بعد الدخول‬
‫إذا تم ال زواج دون ص داق‪ ،‬غ ير أن املش رع لم ي بين ماهي ة ص داق املث ل‪ ،‬وكيفي ة‬
‫تحديده‪ ،‬وهو ما يستدعي الرجوع إلى ما ذهب إليه فقهاء الشريعة اإلسالمية في تحديد‬
‫صداق املثل ‪ -‬والذي سبق بيانه‪.‬‬
‫‪ _4‬االختالف في الصداق‪:‬‬
‫أ_ الجانب الفقهي‪:‬‬
‫_ االختالف في أصل التسمية‪ :‬وصورته أن يختلف الزوجان في تسمية املهر وقت‬
‫العقد‪ ،‬في ّد عي أحدهما تسمية املهر وقت العقد‪ ،‬فالواجب املهر املسمى‪ ،‬ويدعي اآلخر‬

‫‪8‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫ع دم تس مية امله ر وقت العق د‪ ،‬ف الواجب مه ر املث ل‪ ،‬وق د اختل ف الفقه اء في ه ذه‬
‫املسألة على النحو اآلتي‪:‬‬
‫املذهب األول‪ :‬ذهب الحنفية إلى القول بأنه يجب مهر املثل؛ ألنه هو األصل عند‬
‫اختالف الزوجين‪ ،‬وعند تعذر القضاء باملسّم ى يصار إليه‪.‬‬
‫املذهب الث''اني‪ :‬ذهب املالكية إلى أنه على املدعي البينة فإن أقامها قضي له‪ ،‬وإن‬
‫لم يقمها كان القول ملن يشهد له العرف في التسمية وعدمها مع يمينه‪.‬‬
‫املذهب الث ' ''الث‪ :‬ذهب الش افعية في الصحيح إلى الق ول بأنهم ا يتحالف ان‪ ،‬ف إن‬
‫حل ف أح دهما ونكل اآلخ ر ثبت م ا قال ه‪ ،‬وإن حلف ا وجب مه ر املث ل‪ .‬كم ا ذهب وا ‪ -‬في‬
‫قول‪ -‬إلى أنه يصّد ق الزوج بيمينه ملوافقته األصل ويجب مهر املثل‪.‬‬
‫املذهب الرابع‪ :‬ذهب الحنابلة إلى القول بأنه إذا كان االختالف في أصل التسمية‬
‫بعد الدخول‪ ،‬فإن ادعت املرأة مهر املثل أو أقل منه وجب ذلك من غير يمين؛ ألنها لو‬
‫ص ّد قته في ذلك لوجب لها مهر املثل‪ ،‬فال فائدة في االختالف‪ ،‬وإن اّد عت أقل من مهر‬
‫املثل فهي مقرة بنقصها عما يجب لها بدعوى الزوج‪ ،‬فيجب أن يقبل قولها بغير يمين‪،‬‬
‫وإن ادعت أكثر من مهر املثل لزمته اليمين على نفي ذلك‪ ،‬ويجب لها مهر املثل‪.‬‬
‫أما إن كان االختالف بعد الدخول فقد ذهب الحنابلة إلى أن لها مهر املثل ما لم‬
‫يطلقها‪ ،‬فإن طلقها فقد اختلفوا ‪ -‬الحنابلة ‪ -‬في ذلك إلى قولين‪ :‬أحدهما القول قول من‬
‫يدعي مهر املثل منهما بيمينه‪ ،‬والثاني‪ :‬القول قول الزوج ولها املتعة‪.‬‬
‫_ االختالف في مق ''دار الص ''داق‪ :‬وص ورته أن يتف ق الزوج ان على أص ل التس مية‬
‫ويختلفان في مقدار املهر املسمى‪ ،‬بأن ت ّد عي الزوجة مهرا وي ّد عي الزوج مهرا أقل منه‪.‬‬
‫وقد اختلف الفقهاء في حكم هذه الصورة على النحو اآلتي‪:‬‬
‫املذهب األول‪ :‬ذهب الحنفي ة والحنابل ة في رواي ة إلى أن الق ول ق ول من ي دعي‬
‫مهر املثل منهما‪ .‬فإن ادعت الزوجة مهر مثلها أو أقل منه فالقول قولها‪ ،‬وإن ادعى مهر‬
‫املثل أو أكثر منه فالقول قوله‪ ،‬وذلك قياسا على املنكر في سائر الدعاوى‪ ،‬أما إذا أقاما‬
‫البيئة قدمت بيئة الزوجة‪.‬‬
‫املذهب الث ''اني‪ :‬ذهب الحنابل ة ‪ -‬في رواي ة وأب و يوس ف من الحنفي ة إلى أن الق ول‬
‫قول الزوج بكل حال‪ ،‬إال أن يدعي مستنكرا‪ ،‬بأن يدعى مهرا ال يتزوج بمثله عادة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫املذهب الث' ''الث‪ :‬ذهب املالكي ة إلى الق ول بأن ه إذا كان االختالف قب ل ال دخول‬
‫يؤدي ان اليمين ويقضى ملن قول ه أش به باملتع ارف و املعت اد بين أه ل بل ديهما ومن لم‬
‫يحلف قضي ضده‪ ،‬أما بعد الدخول فالقول قول الزوج مع يمينه ‪.‬‬
‫املذهب الرابع‪ :‬ذهب الش افعية إلى الق ول بأنهم ا يتحالف ان‪ ،‬ف إن حل ف أح دهما‬
‫ونكل اآلخر ثبت ما قاله‪ ،‬وإن حلفا وجب مهر املثل‪ ،‬ألنهما اختلفا في العوض املستحق‬
‫في العقد وال بينة فيتحالفا قياسا على املتبايعين إذا اختلفا في الثمن‪ ،‬أما إذا كان مدعي‬
‫الزيادة الزوج فال تحالف ألنه معترف بما يدعيه ويبقى الزائد في يده‪.‬‬
‫ّل‬
‫_ االختالف في قبض الصداق‪ :‬وصورته أن يدعي الزوج أنه س م زوجته املهر أو‬
‫ّل‬ ‫ّل‬
‫قدرا منه وتنكر الزوجة أنه س مها شيئا منه‪ ،‬أو أن يدعي الزوج أنه س م زوجته قدرا‬
‫ّل‬
‫من املهر‪ ،‬وتدعى أنه س مها أقل منه‪.‬‬
‫ف إذا كان الخالف بين ال زوجين قب ل ال دخول‪ ،‬فق د اتف ق الفقه اء على أن الق ول‬
‫قول الزوجة مع يمينها‪ ،‬وعلى الزوج أن يقيم البينة على صحة دعواه‪.‬‬
‫أما إذا كان الخالف بين الزوجين بعد الدخول‪ ،‬فقد اختلف الفقهاء في ذلك على‬
‫النحو اآلتي‪:‬‬
‫املذهب األول‪ :‬ذهب الشافعي وأحمد إلى أن القول قول الزوجة‪.‬‬
‫املذهب الث''اني‪ :‬وذهب اإلمام مالك في املشهور إلى أنه إذا كان االختالف في أصل‬
‫ّل‬
‫القبض فاّد عى أنه س مها معجل الصداق‪ ،‬وأنكرت ذلك‪ ،‬فال ُي سمع قولها والقول قول‬
‫الزوج مع يمينه؛ ألن العادة جرت بدفع معجل الصداق قبل الدخول إن جرى عرف‬
‫أهل البلد على أن الزوج ال يدخل بالزوجة حتى يدفع الصداق‪ ،‬فإن كان بلد ليس فيه‬
‫ه ذا الع رف ف القول ق ول الزوج ة م ع يمينه ا‪ ،‬ف إن أق ام ال زوج بيئ ة حكم به ا‪ ،‬وإن لم‬
‫تكن له بينة حكم لها إذا حلفت اليمين وهو مذهب الحنفية أيضا‪.‬‬
‫وإن كان االختالف في مق دار املقب وض ب أن ادعى مق دار معين ا‪ ،‬وادعت أق ل من ه‬
‫فعلى الزوج إقامة البيئة‪ ،‬وإال فالقول قولها بيمينها؛ ألن الظاهر يشهد لها‪ ،‬حيث ثبت‬
‫حقها في املهر بمقتضى العقد‪.‬‬
‫ب_ الجانب القانوني‪:‬‬
‫تن اول املش رع الجزائ ري االختالف في الص داق في نص املادة ‪ 17‬من ق انون‬
‫األسرة‪ " :‬في حالة النزاع في الصداق بين الزوجين أو ورثتهما وليس ألحدهما بينة‪ ،‬وكان‬

‫‪10‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫قبل الدخول فالقول للزوجة أو ورثتها مع اليمين‪ ،‬وإذا كان بعد البناء فالقول للزوج‬
‫أو ورثت ه م ع اليمين"‪ .‬حيث قس مت ه ذه املادة االختالف ح ول الص داق إلى م ا قب ل‬
‫ال دخول وبع ده‪ ،‬دون أن تح دد م ا هي الخالف ات املتعلق ة بالص داق ال تي تطب ق عليه ا‬
‫قاع دة اإلثب ات املنص وص عليه ا في نص املادة نفس ها‪ ،‬وبالت الي تطب ق ه ذه القاع دة‬
‫املذكورة على جمي ع ح االت ال نزاع س واء كان متعلق ة بتس مية الص داق أو مق داره أو‬
‫صنفه أو نوعه أو في قبضه‪ ،‬ويمكن تقسيمها إلى حالتين‪:‬‬
‫_ حالة االختالف في الصداق قبل الدخول‪:‬‬
‫لقد نص املشرع الجزائري في نص املادة ‪ 17‬على أنه" في حالة النزاع في الصداق‬
‫بين ال زوجين أو ورثتهم ا وليس ألح دهما بين ة وكان قب ل ال دخول‪ ،‬ف القول للزوج ة أو‬
‫ورثتها مع اليمين ‪...‬‬
‫وم ا يمكن استخالصه من هذه املادة أن ه إذا لم يكن هن اك دخ ول وثار ن زاع بين‬
‫ال زوجين أو بين أح د ال زوجين وورث ة ال زوج اآلخ ر أو بين ورث ة ال زوجين‪ ،‬ولم تكن‬
‫هناك بينة للمدعي أو للمدعى عليه‪ ،‬فالقول هنا للزوجة أو ورثتها مع اليمين وهذا ما‬
‫جسدته التطبيقات القضائية‪.‬‬
‫_ حالة االختالف في الصداق بعد الدخول‪:‬‬
‫نص املش ''رع الجزائ ''ري على ه ''ذه الحال ''ة في املادة ‪.... ":17‬وإذا كان بع ''د البن ''اء‬
‫فالقول للزوج أو ورثته مع اليمين"‪.‬‬
‫وما يالحظ على املشرع الجزائري أنه خالف في نص املادة ‪17‬من قانون األسرة‬
‫األحكام التي وضعها فقهاء الشريعة اإلسالمية بحيث وضع قاعدة عامة واحدة وطبقها‬
‫على جميع حاالت النزاع املتعلقة بالصداق في حين أن فقهاء الشريعة اإلسالمية ‪ -‬كما‬
‫سبق ذكره ‪ -‬خصصوا لكل حالة نزاع قاعدة إثبات خاصة بها‪.‬‬
‫‪ _5‬أثر تخلف الصداق في عقد الزواج‪:‬‬
‫أ_ الجانب الفقهي‪:‬‬
‫ذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الصداق هو حكم من أحكام الزواج‪ ،‬وبالتالي إذا‬
‫لم يسّم أثناء إبرام العقد‪ ،‬أو اتفق على إسقاط التسمية يكون العقد صحيحا وتستحق‬
‫الزوجة مهر املثل‪ ،‬غير أنه ال يجوز االتفاق على إسقاط املهر ‪ ،‬بينما ذهب الحنفية إلى‬

‫‪11‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫صحة النكاح بمه ر املث ل إن خال من امله ر (أي اتف ق على إس قاطه)‪ ،‬ألن وجوب ه ليس‬
‫لصحة النكاح؛ وإنما إظهارا لشرف املحّل ‪.‬‬
‫أم ا املالكي ة ال ذين يعت برون ‪ -‬كم ا س بق ذك ره‪ -‬الص داق ركن ا من أركان عق د‬
‫الزواج‪ ،‬وبالتالي تخلفه بعد تسميته أو باالتفاق على إسقاطه يجعل العقد غير صحيح‪.‬‬
‫ب_ الجانب القانوني‪:‬‬
‫لق د نص ق انون األس رة على أث ر تخل ف ش رط الص داق في عق د ال زواج في نص‬
‫املادة ‪ 33‬منه‪ ،‬والتي فّر قت بين حالتين‪:‬‬
‫_ حالة تخلف شرط الص داق قبل ال دخول‪ ،‬هن ا رتبت فسخ العقد وال تستحق‬
‫الزوجة الصداق‪.‬‬
‫_حال ة تخل ف ش رط الص داق بع د ال دخول‪ ،‬فهن ا رتبت إثب ات ال زواج بص داق‬
‫املثل‪ ،‬وتترتب عليه آثار الزواج الصحيح‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬اإلشهاد في عقد الزواج في الفقه اإلسالمي وقانون األسرة الجزائري‬
‫اتفقت املذاهب األربع ة على أن الش هادة ش رط في صحة ال زواج فال يصح بال‬
‫شهادة اثنين غير الولي لقوله صلى هللا عليه وسلم فيما روته عائشة رضي هللا عنها‪" :‬ال‬
‫نكاح إال ب ''ولي وش ''اهدي ع ''دل" وروى ال دار قط ني ح ديث عن عائش ة أيض ا‪" :‬ال ب ''د في‬
‫النكاح من أربعة الولي‪ ،‬والزوج‪ ،‬والشاهدين" وروى الترمذي عن ابن عباس من قوله‬
‫عليه الصالة والسالم‪" :‬البغايا الالتي ينكحن أنفسهن بغير بينة‪".‬‬
‫وألن الش هادة حفاظ ا على حق وق الزوجة والول د لئال يجح د أب وه فيض يع نسبه وفيه ا‬
‫درء التهم ة عن ال زوجين‪ ،‬وبي ان خط ورة ال زواج وأهميت ه‪ ،‬فالش هادة ش رط أساسي‬
‫لصحة عقد الزواج ولهذا يتطلب أن تبنى على عدة أحكام حتى يتم التحقق من توافر‬
‫ش رط الش هادة وبي ان تل ك األحكام يرتب ط بأهلي ة الش هادة في عق د ال زواج ل ذا نتن اول‬
‫هذه األحكام فيما يأتي‪:‬‬
‫‪ _1‬وقت الشهادة ‪:‬‬
‫تجب الش هادة عن د العق د نفس ه بحيث يتالزم ان ف إذا ف رض وأن عق د ال زواج‬
‫بحضور من ال تصلح شهادتهم يفسد العقد‪ ،‬والعكس إذا تمت الشهادة في طي الكتمان‬

‫‪12‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫والسرية فيصبح العقد ما دام استوفى أركانه وفقا لرأي جمهور الفقهاء غير املالكية‬
‫القائلين بصحة العقد حتى وإن تواصوا بالكتمان‪.‬‬
‫أما املالكية‪ ،‬وفي رواية أخرى عن أحمد فقد ذهبوا إلى عدم اعتبارها شرط بل‬
‫يسن كما قال الحنابلة أو يندب كما قال املالكية فقط إحضار شاهدين وإنما ال يتم‬
‫ال دخول إال بهم ا‪ ،‬وعلي ه فهي تع د ش رط للنف اذ وال للصحة‪ ،‬فهي ش رط في صحة‬
‫الدخول‪ ،‬فإن دخل بها دون إشهاد فسخ العقد إال إذا ظل الزواج واشتهر عند الناس‬
‫أن فالن ا ت زوج فالن ة فال يفسخ‪ ،‬ويق ول علي الع دوي‪ ":‬األص ل أن اإلش هاد على النكاح‬
‫واجب‪ ،‬وأما إحضارهم عند العقد فمستحب فإن حصل اإلشهاد على العقد فقد وجد‬
‫االستحباب والوجوب‪ ،‬وإن فقد وقت العقد ووجد عند الدخول فقد حصل الواجب‬
‫وف ات االس تحباب ‪ ،‬وإن لم يوج د إش هاد عن د العق د وال دخول فق د حص ل ال واجب‬
‫وف ات االس تحباب وإن لم يوج د إش هاد عن د العق د وال دخول لكن وج د الش هود عن د‬
‫واحد منهما فالصحة قطعا‪ ،‬وإن لم يحصل الوجوب واالستحباب وإن لم توجد شهود‬
‫عند واحد منهما فالفساد قطعا"‪.‬‬
‫ويختل ف املالكي ة م ع الحنفي ة فيم ا إذا عق د الزوج ان زواجهم ا بحض ور ش اهدين‬
‫وأمرهم ا بكتمان ه‪ ،‬ق ال املالكي ة بع دم صحة العق د لع دم اإلش هار‪ ،‬وال ذيوع وق ال‬
‫الحنفية والشافعية بصحة العقد لحصول اإلشهار باإلشهاد‪.‬‬
‫وبما أن املشروعية من عقد الزواج في الشريعة تتعلق بحفظ األعراض واألنساب‪ ،‬وما‬
‫ي ترتب علي ه من نت ائج وحق وق له ا تأثيره ا على املجتمع ات اإلس المية ل ذلك وجب أن‬
‫تتحقق فيه العالنية عن طريق اإلشهار ‪.‬‬
‫‪ _2‬تحقق الشهادة‪:‬‬
‫الش هادة تأكي د وتبي ان أم ام النف وس السيئة‪ ،‬وه ذا تماش يا م ع ح ديث الرس ول‬
‫ص لى هللا علي ه وس لم فيم ا روت ه عائش ة‪" :‬ال نكاح إال ب ' ''ولي وش ' ''اهدي ع ' ''دل ف ' ''إن‬
‫تشاجروا فالسلطان ولي من ال ولي له"‪.‬‬
‫وق د ح رص الش ارع على تك ريم عق د ال زواج‪ ،‬وإعالن ه وإظه اره للن اس ملا ي ترتب‬
‫عليه من نتائج تتعلق بالشخص وباألسرة واملجتمع حتى ال يحاول أحد الزوجين إنكاره‬
‫اشترط فيه الشهود زيادة في الحرص على هذا العقد‪.‬‬
‫‪ _3‬نصاب الشهادة‪:‬‬

‫‪13‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫النصاب الذي تصح به الشهادة في كل من عقد الزواج والدين ( املال) هو رجالن‬


‫أو رج ل وامرأت ان وعلى ذل ك ال تصح الش هادة برج ل واح د وام رأة واح دة وذل ك‬
‫مص داق لقول ه تع الى في عم وم الش هادة‪" :‬واستش ''هدوا ش ''هيدين من رج ''الكم ف ''إن لم‬
‫يكون ''ا رجلين فرج ''ل وامرأت ''ان ممن ترضون من الش ''هداء أن تضل إح ''داهما فت ''ذكر‬
‫إح' ''داهما األخرى"‪ ،‬ه ذا في م ذهب الحنفي ة ال ذين ال يفرق وا في الش هادة بين عق د‬
‫الزواج وعقد األموال وهذه اآلية تتعرض لشهادة املرأة لكن بشرط أن تكون شهادتها‬
‫مع الرجال ومعنى ذلك ال تجوز شهادة النساء فقط في عقد الزواج‪ ،‬وهذا ما قضت به‬
‫املحكمة العليا في عدم اعتمادها على إثبات عقد الزواج بشهادة امرأتين إال في األمور‬
‫التي تقتضي بها الضرورة والتي ال يمكن االطالع عليها إال من لدن املرأة ‪.‬‬
‫‪ _4‬شروط الشهود‪:‬‬
‫_ البل ' ' ''وغ والعق ' ' ''ل‪ :‬وه ذا الش رط ال خالف في ه‪ ،‬فال تقب ل ش هادة الصبيان‬
‫واملجانين لعدم توافر األهلية لديهما‪.‬‬
‫أ_ البلوغ‪ :‬عقد الزواج له شأن عظيم فال يحضره إال ذوي االعتبار من الناس وال‬
‫يش يع إال ب أقوالهم ألن الش هادة تع د من ب اب الوالي ة ول ذا ال يصح عق د ال زواج‬
‫بالشهادة الصبيان وال يتناسب حضورهم مع قداسة هذا العقد‪ ،‬ألن الشهادة من باب‬
‫الوالي ة‪ ،‬وبم ا أن الصبيان ال يمكن وا أن يتول وا أم ر أنفس هم ‪ ،‬فكي ف يتول وا أم ر‬
‫غيرهم ‪ ،‬كذلك املجانين والنائمين ال يمكن قبول شهادتهم في العقد‪.‬‬
‫ب_ العقل‪:‬‬
‫ال يصح عق د ال زواج بحض ور املج انين ومن في حكمهم‪ ،‬ألن ه ال يتحق ق بوج ودهم‬
‫املقص ود من ش رط الش هادة‪ ،‬وه و إظه ار عظم ة العق د وأهميت ه إذ ال فائ دة من‬
‫حضورهم‪ ،‬ألن والية أحدهم على نفسه فال تكون له والية غيره بطريق أولى‪.‬‬
‫_ التع ''دد‪ :‬يش ترط لكي يصح عق د ال زواج أو ليص ير ناف ذا أن يش هد ش اهدين على‬
‫العقد وفق رأي الجمهور وما ذهب إليه القانون‪ ،‬أو عند الدخول وفق ما سار عليه‬
‫املالكية والتعدد فيه للذكور فال يدخل فيه عند املالكية والشافعية ورواية عن أحمد‬
‫شهادة اإلناث‪ ،‬محتجين في ذلك بما ذكره أبو عبيد في األموال من قول الزهري مضت‬
‫الس نة عن رس ول هللا أن ال تج وز ش هادة النس اء في الح دود وال في النكاح وال في‬

‫‪14‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫الطالق‪ ،‬كم ا قي ل أيض ا إن الش هادة في النكاح تخ الف الش هادة في األم وال ال تي يكتفي‬
‫فيها برجل وامرأتين ذلك ألن النكاح أعظم خطر أو أقل وقوعا فال يلحق بما هو أدنى‬
‫خطر وأكثر وجودا‪ ،‬ومن جهة أخرى أن املقصود من الزواج ليس هو املال ويحضره‬
‫الرج ال في غ الب األحي ان‪ ،‬فخ الف ب ذلك ال بيع من حيث املقص د والكيفي ة‪ ،‬فطلبت‬
‫الذكورة في شهادته‪ ،‬ومن ثم فال يمكن قبول شاهد وامرأتين أو أربع نسوة‪ ،‬ولقد أشار‬
‫املشرع إلى هذا الشرط بقوله في املادة ‪ 9‬ق أج "وشاهدين" ويقصد بها ذكرين‪ ،‬وإذا لم‬
‫يكونا ذكرين أتى بصيغة التثنية بل لقال ذكرا وامرأتين‪.‬‬
‫وذهب الحنفي ة إلى ج واز ش هادة رج ل وام رأتين احتجاج ا لقول ه تع الى‪:‬‬
‫"واستش ' ''هدوا ش ' ''هيدين من رج ' ''الكم ف ' ''إن لم يكون ' ''ا رجلين فرج ' ''ل وامرأت ' ''ان ممن‬
‫ترضون من الشهداء" والبد من شاهدين اثنين لحديث الرسول عليه الصالة والسالم‪:‬‬
‫"ال نكاح إال ب''ولي وش''اهدي ع''دل" ولكن مع هذا نقول أن رأي الجمهور أولى وحججه‬
‫أقوى وقربه مما تعوده الناس وتعارفوا عليه أزيد هذان الشاهدان رغم أن املشرع لم‬
‫بذكر بصراحة حضورهما أثناء انعقاد العقد‪ ،‬إال أن هذا يفهم من نص املادة ‪ 18‬ق أ‬
‫ج التي تشترط لكي يوثق عقد الزواج سواء أمام املوثق أو موظف مؤهل قانونا لذلك‬
‫أن يت وافر م ا تطلب ه املادة ‪ 9‬من ق أج الجامع ة لش روط عق د ال زواج وال تي من بينه ا‬
‫الشاهدين‪.‬‬
‫وهي إن لم تنص على ذلك صراحة إال أن الجانب العملي والتطبيقي يؤكدان هذا‬
‫املع نى‪ ،‬ذل ك أن أي عق د زواج إذا أري د توثيق ه كان من بين م ا يطلب ه املوث ق أو ض ابط‬
‫الحال ة املدني ة ه و حض ور الش اهدين ومعهم ا بطاق ة الهوي ة وبحض ورهما يكون عق د‬
‫ال زواج‪ ،‬ذل ك أن الن اظر إلى السجل الرس مي ال تي تسجل في ه عق ود ال زواج يج ده‬
‫يش ترط حض ورهما وس ماعهما لكالم العاق دين‪ ،‬ثم بع د ه ذا يوقع ان على محض ر‬
‫ال زواج وبه ذا يتم توثيق ه‪ ،‬وبه ذه الكيفي ة تس تطيع الش هادة أن ت ؤدي غرض ها ألن‬
‫الشاهدين قد سمعا العاقدان عند قيامهما باإليجاب والقبول املكون للعقد‪.‬‬
‫_ اإلسالم والعدالة‪:‬‬
‫من شروط الشهادة أو الشهود كذلك اإلسالم والعدالة فقد اشترط اإلسالم في‬
‫الشهود أن يكونوا مسلمين وعادلين‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫أ_ اإلس' ''الم‪ :‬يش ترط في الش اهدين أن يكون ا مس لمين ذل ك ألن الش هادة تعت بر‬
‫والي ة والوالي ة على املس لم ال تكون إال ملس لم وال زواج ال يخ رج عن واح دة من ص ور‬
‫ثالث‪ ،‬فإما أن يكون بين غير املسلمين وهذا ال والية لنا عليه‪ ،‬وال يهمنا ويكون اإلشهاد‬
‫فيه لغير املسلمين لوجود النصرة بينهم وقيام التوارث ‪.‬‬
‫وإم ا أن يكون بين مس لمين وه ذا ال تكون الش هادة في ه إال للمس لمين لقي ام‬
‫التناصر بينهم أيضا ولوالية وهذا باتفاق الفقهاء ألن عقد الزواج أقرب إلى العبادات‬
‫منه إلى املعامالت‪.‬‬
‫وإم ا أن يكون بين مس لم وغ ير مس لمة كالكتابي ة من يهودي ة أو نص رانية وه ذه‬
‫الحالة فيها خالف بين الفقهاء‪ ،‬قال الحنفية وأتباعه عدم اشتراط إسالم الشهود بل‬
‫يصح الزواج عندهما بحضور غير املسلمين‪ ،‬إال أن بعض الفقهاء يرى عكس ما قال به‬
‫الحنفي ة بحيث ال يصح في زواج املس لم بغ ير املس لمة ( الكتابي ة) أن يش هد كت ابي على‬
‫عق د زواجهم ا‪ ،‬وحجتهم في ذل ك أن الش هادة على العق د ال ذي يتعل ق ب الزوج والزوج ة‬
‫معا‪ ،‬فلو جازت هذه الشهادة لكان فيها شهادة غير املسلم على املسلم وهو الزوج وهذا‬
‫ال يجوز ألنه ال والية لغير املسلم على املسلم‪.‬‬
‫وه ذا ال رأي في نظرن ا ه و ال راجح ألن العق د ي ترتب علي ه حق وق والتزام ات وينشئ‬
‫عالق ات ال تنتهي عن د أط راف العق د ول ذا ال يمكن ش هادة غ ير املس لم في عق د زواج‬
‫مسلم زيادة على ذلك أن لهذا العقد شأن عظيم باعتباره عقدا دينيا‪.‬‬
‫ب_ العدالة‪ :‬املقصود بها هي االستقامة وإتباع تعاليم الدين ولو في الظاهر بأن‬
‫يكون مستور الحال غير مجاهر بالفسق واالنحراف ‪.‬‬
‫‪ _ 5‬موقف املشرع الجزائري من اإلشهاد وأثر تخلفه في قانون األسرة‬
‫الجزائري‬
‫أم ا فيم ا يخص املش رع الجزائ ري فق د نص على الش هادة في املادة ‪ 9‬مك رر من‬
‫قانون األسرة الجزائري بحيث جعل منها شرطا لصحة عقد الزواج مثلها مثل الولي‬
‫والصداق‪،‬‬

‫‪16‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫إال أن املشرع الجزائري بعد أن ذكر الشهادة ضمن شروط العقد غير أنه سكت عن‬
‫الش روط ال واجب توافره ا في الش هود‪ ،‬ولم يش رط إطالق ا كم ا لم ي بين لن ا جنس‬
‫الشهود مما يحيلنا إلى الرجوع إلى الشريعة اإلسالمية وفقا للمادة ‪ 222‬من ق‪.‬أ‪.‬ج‪.‬‬
‫أم ا م ا يمكن أن ي ترتب من آث ار على اإلخالل بش رط اإلش هاد في عق د ال زواج‬
‫فيمكن الق ول أن تخل ف اإلش هاد في عق د ال زواج ي ترتب علي ه ذل ك الج زاء املنص وص‬
‫علي ه في الفق رة ‪ 2‬من املادة ‪ 33‬من ق‪.‬أ‪.‬ج " إذا تم عق د ال زواج ب دون ش اهدين يفسخ‬
‫قبل الدخول وال صداق فيه ويثبت بعد الدخول بصداق املثل"‪.‬‬
‫فقانون األسرة يشترط اإلشهاد في عقد الزواج ال في الدخول باملرأة مخالفا بذلك رأي‬
‫املالكية الذين يشترطونه في الدخول‪.‬‬
‫وخالص ة الح ديث بالنس بة إلى اإلش هاد في عق د ال زواج أن الفقه اء من املس لمين‬
‫يتفقون على أن اإلشهاد أو الشهادة في الزواج‪ ،‬شرط ال بد منه ويتفقون على أنه ليس‬
‫شرط انعقاد‪ ،‬بل هو شرط صحة وتخلفه يؤدي إلى فساد العقد وإلى إمكانية فسخه‪،‬‬
‫ولكنهم اختلفوا حول ما إذا كان يجب توفره وقت انعقاد العقد‪ ،‬أم يجوز توفره عند‬
‫الدخول‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬انعدام املوانع الشرعية في عقد الزواج‬
‫من ش روط انعق اد ال زواج أن تكون املعق ود عليه ا محال للعق د‪ ،‬أي أال يكون بين‬
‫َذ‬
‫ال زوجين م انع من موانع ال زواج‪ ،‬وه ذا لقول ه تع الى‪" :‬وأح' ''ل لكم م' ''ا وراء ِل كم أن‬
‫تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين"‪.‬‬
‫واملحرمات من النساء من األحكام التي ال تختلف باختالف الزمان واملكان‪ ،‬ألنها‬
‫ال تقبل التغيير وال التبديل‪ ،‬وليس فيها مجال لالجتهاد‪.‬‬
‫ولقد تناول املشرع الجزائري أحكام موانع الزواج في قانون األسرة من املادة ‪23‬‬
‫إلى املادة ‪.30‬‬
‫وتقس م املحرم ات من النس اء طبق ا للم ادة ‪ 23‬ق أ " يجب أن يكون كل من‬
‫الطرفين خاليا من املوانع الشرعية املؤبدة واملؤقتة"‪ ،‬إلى قسمين أساسيين ‪ :‬املحرمات‬
‫املؤبدة و املحرمات املؤقتة‪.‬‬
‫‪ _1‬املوانع املؤبدة في عقد الزواج‪:‬‬

‫‪17‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫املحرم ات على سبيل التأبي د هي ال تي ال يح ل للرج ل أن ي تزوج بهّن أب دا‪ ،‬وهي م ا‬


‫كان سبب التح ريم قائم ا دائم ا وغ ير قاب ل لل زوال وتنحص ر كم ا ج اء في املادة ‪ 24‬من‬
‫قانون األسرة في ثالث أسباب رئيسية هي‪ :‬القرابة‪ ،‬املصاهرة‪ ،‬الرضاع‪.‬‬
‫أ_ املحرمات بالقرابة‪:‬‬
‫واملراد بهن هنا القرابة القريبة‪ ،‬وهي التي يقال لصاحبها ذو رحم محرم أي قرابة‬
‫يحرم الزواج به وينحصر هذا النوع في أربعة أصناف وهي كالتالي‪:‬‬
‫‪ _ 1‬أص''ول الرج''ل من النس''اء‪ :‬كاألم والجدة لألب مهما علت درجتهن والدليل‬
‫على تح ريم ه ذا الن وع قول ه تع الى‪" :‬ح ' ''رمت عليكم أمه ' ''اتكم وبن ' ''اتكم‪ ،‬وأخواتكم‬
‫وعم ''اتكم وخاالتكم‪ ،‬وبن ''ات األخ ‪ ،‬وبن ''ات األخت"‪ ،‬فه ذه اآلي ة ص ريحة الدالل ة على‬
‫حرمة التزويج باألم املباشرة‪ ،‬أما الجدة فدليل تحريمها‪ ،‬أن كلمة األم تطلق في اللغة‬
‫على األصل الذي ينسب إليه س واء أكان مباشرة أم بواس طة‪ ،‬كقوله صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪" :‬الخمر أم الخبائث"‪ ،‬أي أصلها‪.‬‬
‫‪ _ 2‬ف ''روع الرج ''ل‪ :‬وهن بنات ه وبن ات بنات ه‪ ،‬وبن ات أبنائ ه مهم ا ن زلن‪ ،‬ودلي ل‬
‫تحريم البنات هو نص اآلية الكريمة‪ ،‬حيث ورد ذكر البنات معطوفا على األمهات في‬
‫قوله تعالى " حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم‪."...‬‬
‫‪ _ 3‬ف''روع أب''وي الرج''ل من النس''اء كأخواته وبناتهن وبنات إخوته مهما نزلت‬
‫درجتهن‪ ،‬ويس توي في ذل ك اإلخ وة واألخ وات من األب أو من األم أو من األب واألم‬
‫معا‪.‬‬
‫والدليل على تحريم األخوات‪ ،‬قوله تعالى في آية املحرمات‪" :‬وأخواتكم" فهي معطوفة‬
‫على "بن اتكم"‪ ،‬أم ا بن ات األخ وة واألخ وات ف دليل تح ريمهن قول ه تع الى‪" :‬وبن ات األخ‬
‫وبنات األخت" ويستوي في ذلك األخت ألب أو ألم أو الشقيقة‪ ،‬وكذلك األخ الشقيق‪،‬‬
‫أو ألب أو ألم‪ ،‬أما بنات األوالد األخوة فدليل تحريمهن انعقاد إجماع األمة على تحريم‬
‫هذا النوع‪.‬‬
‫‪ _4‬ف ''روع أج ''داد الرج ''ل وجدات ''ه‪ :‬أي الف روع املباش رة فق ط وهن العم ات‬
‫والخاالت سواء كن عمات وخاالت للشخص نفسه أم كن عمات وخاالت ألبيه أو أمه‪،‬‬
‫أم ألح د أج داده وجدات ه كم ا يش تمل أخ وات الج دات‪ ،‬ويس توي في ذل ك العم ات‬

‫‪18‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫الشقيقات أو ألب أو ألم والخاالت الشقيقات أو ألب أو ألم‪ ،‬والدليل على تحريم هذا‬
‫الصنف‪ ،‬قوله تعالى‪..." :‬وعماتكم وخاالتكم‪ "...‬إذ أن كل من ينفصل عن الجد بدرجة‬
‫يطلق عليه عمة أو خالة مهما عال الجد‪.‬‬
‫ويالح ظ في ه ذا الص نف أن التح ريم يكون بدرج ة واح دة فق ط‪ ،‬أم ا الدرج ة‬
‫الثاني ة من ه وم ا بع دها فهن حالل للرج ل كبن ات األعم ام والعم ات‪ ،‬وبن ات األخ وال‬
‫والخاالت‪ ،‬يدل على هذا قوله تعالى في اآلية الكريمة بعد أن ذكر املحرمات من النساء‪:‬‬
‫َذ‬
‫"‪...‬وأح ''ل لكم م ''ا وراء ِل كم"‪ ،‬وعلى ه ذا ال يح رم ال زواج بهن‪ ،‬ب ل لق د ص رح الق رآن‬
‫بحلهن في قول ه تع الى‪" :‬يأيه ''ا الن ''بي إن ''ا أحللن ''ا ل ''ك أزواج ''ك الالتي آتيت أج ''ورهن وم ''ا‬
‫ملكت يمين ''ك مم ''ا أف ''اء هللا علي ''ك وبن ''ات عم ''ك وبن ''ات عمات ''ك وبن ''ات خال ''ك وبن ''ات‬
‫خاالتك الالتي هاجرن معك‪ ،"...‬فاآلية أباحت للرسول عليه السالم بأن يتزوج ببنات‬
‫عم ه وبن ات عمات ه وبن ات خال ه وبن ات خاالت ه وم ا ح ل ل ه يح ل ألمت ه ص لى هللا علي ه‬
‫وسلم‪ ،‬إن ال دليل على الخصوصية‪.‬‬
‫والقراب ة املذكورة في اآلي ة سبب التح ريم‪ ،‬س واء كان سبب ذل ك النكاح أم‬
‫السفاح‪ ،‬فالبنت التي تلدها من يزني بها حرام عليه‪ ،‬ولو كان نسبها ال يثبت منه‪ ،‬ألن‬
‫الزاني ال يثبت نسبا‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫فالنظر في القرابة املحرمة إلى الواقع‪ ،‬ألن العلة هي الجزئية‪ ،‬وصلة الدم ثابتة‬
‫قائمة‪ ،‬فيثبت معها التحريم‪.‬‬
‫وه ذا م ذهب أبي حنيف ة وأصحابه وم ذهب الش افعي خ الف ذل ك‪ ،‬وق رر أن‬
‫القراب ة ال تي تكون من س فاح ال تح رم النكاح‪ ،‬إنم ا ال ذي يح رم النكاح ه و القراب ة‬
‫الناشئة من نكاح‪ ،‬ألنها القرابة التي يثبت بها النسب شرعا‪ ،‬وفي غيرها ينتفي النسب‪،‬‬
‫فال تحريم لذهاب موجبه‪ ،‬وألن التحريم بالقرابة نعمة‪ ،‬والنعمة ال تثبت باملعصية‪.‬‬
‫ب_ املحرمات باملصاهرة‪:‬‬
‫بين هللا س بحانه وتع الى املحرم ات بس ب املص اهرة بقول ه‪" :‬وأمه ' ''ات نس ' ''ائكم‬
‫ورب ' ''ائبكم الالتي في حج ' ''وركم من نس ' ''ائكم الالتي دخلتم بهن ف ' ''إن لم تكون ' ''وا دخلتم‬
‫بهن فال جناح عليكم‪ ،‬وحالئل أبنائكم الذين من أصالبكم" وقوله تعالى‪" :‬وال تنكحوا‬
‫ما نكح آباؤكم من النساء إال ما قد سلف"‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫فيؤخذ من القرآن الكريم أن املسلم يحرم عليه بسبب املصاهرة أربعة أنواع‬
‫من النساء‪ ،‬وهذا ما أخذ به املشرع الجزائري في قانون األسرة من خالل نص املادة‬
‫‪ 26‬منه املحرمات باملصاهرة هي‪:‬‬
‫‪ _1‬أص''ول الزوج''ة بمج''رد العق''د عليه''ا‪ :‬كأمها وجدتها وإن علون سواء كانت‬
‫الجدة من جهة األب كأم أبي الزوجة أم من جهة األم ‪ ،‬زوجة األم من جهة األم ‪ ،‬كأم‬
‫أم الزوجة‪ ،‬فلو عقد رجل على امرأة عقدا صحيحا حرمت عليه أمها تحريما مؤبدا‬
‫سواء دخل بابنتها أو لم يدخل‪ ،‬أي بمعنى أنه لو طلق الرجل زوجته أو ماتت فال يحل‬
‫له تزوج من أمها أو إحدى جداتها لقوله تعالى‪..." :‬وأمهات نسائكم" فهو معطوف على‬
‫قوله تعالى‪" :‬حرمت عليكم أمهاتكم " والتحريم هنا يتحقق بمجرد العقد على الزوجة‬
‫وال يشترط ال دخول إلطالق النص ال وارد في التح ريم‪ ،‬حيث لم يقي د التح ريم في هذا‬
‫النص بال دخول بالزوج ة‪ ،‬فيبقى الحكم على إطالق ه‪ ،‬وله ذا ق ال الفقه اء " العق د على‬
‫البنات يحرم األمهات "‪ ،‬أي بمعنى أن أم الزوجة تحرم بمجرد العقد على ابنتها سواء‬
‫دخل بها الزوج أم فارقها قبل الدخول‪.‬‬
‫‪ _2‬فروع الزوجة إن حصل الدخول بها‪ :‬وهن كبناتها وبنات بناتها وبنات أبنائها‬
‫وإن نزلن إذا تم الدخول بالزوجة ‪-‬األم– فمثال لو عقد رجل على امرأة عقدا صحيحا‬
‫ثم دخل بها واقتصر األمر على مجرد العقد عليها فال تحريم‪ ،‬والدليل على تحريم هذه‬
‫الطائفة فهو قوله تعالى‪" :‬وربائبكم الالتي في حج''وركم من نس''ائكم الالتي دخلتم بهن‪،‬‬
‫فإن لم تكونوا دخلتم بهن فال جناح عليكم"‪ ،‬والربيبة هي ابنة الزوجة ألنه يربيها وهي‬
‫ح رام بنص اآلي ة س واء أكانت في الحج ر أو لم تكن ووص فها بأنه ا في الحج ر وص ف‬
‫كاشف‪ ،‬وليس بقيد‪ ،‬ألن الغالب أنها تكون في الحجر‪.‬‬
‫‪ _3‬زوج''ات أص''ول ال''زوج وإن عل''وا‪ :‬كزوجة أبيه وزوجات أجداده من جهة‬
‫األب أو األم مهم ا علت درجتهن س واء تم ال دخول بهن أم ال‪ ،‬فل و عق د األب أو الج د‬
‫على ام رأة ف إن ه ذه املرأة تح رم على االبن وابن االبن وابن البنت مهم ا ن زلت درجت ه‬
‫تحريم ا مؤب دا وال دليل على تح ريم ه ذا الص نف قول ه تع الى‪ ":‬وال تنكح' ''وا م' ''ا نكح‬
‫آب''اؤكم من النس''اء إال م''ا ق''د س''لف إن''ه كان فاحش''ة ومقت''ا وس''اء سبيال"‪ ،‬فهذه اآلية‬
‫ص ريحة في تح ريم زوج ة األب أم ا داللته ا في تح ريم زوج ة الج د وإن عال‪ ،‬فألن اس م‬

‫‪20‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫األب يطلق لغة على األصل املذكر مباشرا كان أم غير مباشر‪ ،‬فشمل األب والجد أبا‬
‫الجد وإن عال‪.‬‬
‫‪ _4‬زوجات فروع الزوج وإن نزلوا‪ :‬وهّن زوجة االبن‪ ،‬وابن االبن‪ ،‬وابن البنت‬
‫وإن نزل وا س واء دخ ل به ا أو لم ي دخل‪ ،‬ف إذا عق د االبن على ام رأة ح رمت ه ذه املرأة‬
‫على أبيه وجده مهما على تحريما أبديا‪ ،‬والدليل على ذلك قوله تعالى في آية املحرمات‬
‫من النس اء‪..." :‬وحالئ ' ''ل أبن ' ''ائكم ال ' ''ذين من أص ' ''البكم"‪ ،‬والحالئ ل جم ع حليل ة وهي‬
‫الزوج ة ومن ثم يكون املع نى واضحا والتح ريم يتحق ق بمج رد العق د على املرأة عق دا‬
‫صحيحا حتى لو لم يحصل بها دخول‪.‬‬
‫ج_ املحرمات بسبب الرضاع‪:‬‬
‫يح رم بالرض اع ثماني ة أص ناف وهن األربع ة املحرم ات بالنس ب واألربع ة املحرم ات‬
‫باملصاهرة وهي على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ – 1‬أصول الشخص من الرضاع مهما علو‪ :‬وهي األم من الرضاعة والجدة أو‬
‫الجدات أي أم املرضعة وأم زوج املرضعة‪.‬‬
‫‪ – 2‬ف''روع الشخص من الرضاع مهم''ا ن''زلن‪ :‬وهي البنت رضاعا وبنتها ‪ ،‬وبنت‬
‫االبن رضاعا وبنتها وإن نزلت ‪ ،‬ألنهن بنات إخوته وأخواته‪.‬‬
‫‪ – 3‬ف ''روع أب ''وي الشخص من الرضاع ‪ :‬وهي األخ وات من الرض اعة ألنهن‬
‫خاالت املرضع‪ ،‬وبنات اإلخوة واألخوات مهما نزلن‪ ،‬ألنهن بنات األخ واألخت‪.‬‬
‫‪ – 4‬الف'روع املباش''رة لألج'داد والج''دات من الرضاع‪ :‬وهن عماته وخاالته من‬
‫الرض اع‪ ،‬ألن ه برض اعة ص ارت أخ وات املرض عة خ االت له وأخ وات زوجه ا عمات ل ه‬
‫فيحرم عليه الزواج بواحدة منهن كما يحرم من النسب وأما بناتهن فهن حالل له كما‬
‫في بنات الخاالت والعمات من النسب فهن حالل اتفاقا‪.‬‬
‫‪ – 5‬أص ''ول الزوج ''ة من الرضاع‪ :‬إذ يح رم على الرج ل أن ي تزوج ب أم زوجت ه‬
‫رض اعا وك ذلك ج دتها مهم ا عل ون‪ ،‬ف إذا عق د رج ل على ام رأة وكانت ق د رض عت من‬
‫امرأة أخرى غير أمها النسبية حرمت أمها بالرضاعة عليه وكذا أم أمها مهما علت‪.‬‬
‫‪ – 6‬ف''روع الزوج''ة املدخول به''ا من الرضاع‪ :‬يحرم على الرجل أن يتزوج بنت‬
‫زوجت ه من الرض اع وبن ات أوالدهم ا ك ذلك مهم ا ن زلن‪ ،‬إذا كانت الزوج ة م دخوال به ا‬

‫‪21‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫ف إذا لم يكن ق د دخ ل به ا فال تح رم فروعه ا من الرض اع على ال زوج‪ ،‬ف إذا كان لرج ل‬
‫زوجة قد أرضعت طفلة من زواج سابق كانت هذه الطفلة ابنة لزوجته من الرضاع‬
‫فإذا دخل بأمها حرم عليه الزواج بها وببناتها وبنات أوالدها مهما نزلن كما هو الحال‬
‫في التحريم بالنسب‪.‬‬
‫‪ – 7‬زوجات أصول الشخص رضاعا‪ :‬كزوجة أبيه وجده وإن عال سواء دخل بها‬
‫األب أو الجد أم لم يدخل‪ ،‬فلو رضع طفل من امرأة متزوجة صار زوج هذه املرأة أبا‬
‫لهذا الطفل رضاعا‪ ،‬وأبو الزوج جدا له كذلك فإذا كان لهذا الزوج زوجة أخرى غير‬
‫من أرض عته ح رم على الرض يع ال تزوج به ا ألنه ا زوج ة أبي ه رض اعا‪ ،‬كم ا يح رم علي ه‬
‫الزواج من امرأة أبيه نسبا‪.‬‬
‫‪ _ 8‬زوج''ات ف''روع الشخص رضاعا‪ :‬وهن زوجات ابنه وابن ابنته من الرضاع‬
‫وإن ن زل ‪ ،‬س واء دخ ل االبن بزوجت ه أم ال فال يج وز لألب بالرض اع أن ي تزوج ام رأة‬
‫ابن ه من الرض اع فل و أن ام رأة أرض عت طفال أص بح ابنه ا وابن زوجه ا رض اعا‪ ،‬ف إذا‬
‫تزوج هذا الراضع حرمت زوجته على أبيه رضاعا كما تحرم زوجة االبن بالنسب‪.‬‬
‫والتح ريم بالرض اع ث ابت ب القرآن والس نة واإلجم اع ‪ ،‬فمن الق رآن قول ه‬
‫س بحانه وتع الى ‪" :‬وأمه' ' ''اتكم الالتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة‪ ،"...‬فه و‬
‫معطوف على قوله تعالى‪" :‬حرمت عليكم أمهاتكم‪ "..‬فهذه اآلية تدل بعبارتها الصريحة‬
‫على تح ريم ص نفين من املحرم ات بسبب الرض اع وهم ا األمه ات واألخ وات أم ا بقي ة‬
‫األصناف فاآلية وإن لم تص رح بتحريمه ا إال أنها تشير إلى ذل ك ألن هللا تعالى طاملا أنه‬
‫سمى املرضعة وأوالدها إخوة للرضيع ذلك على أن الرضاع يصل الرضيع بمن أرضعته‬
‫صلة الفرع بأصله‪ ،‬وأنه يتكون بالرضاع جزئية يصير بها الرضيع جزءا ممن أرضعته‪،‬‬
‫ُأ‬
‫كأوالدها الذين ولدتهم‪ ،‬فهم أجزاء منها ومن زوجها كما أكد ب خوة أوالدها له سبحانه‬
‫بقول ه " وأخ واتكم من الرض اعة" ومن هن ا ف إن ذل ك الرض يع يكون ابن ا ملن أرض عته‬
‫ولزوجه ا بمنزل ة االبن من النس ب‪ ،‬كم ا يكون أوالد ه ذين ال زوجين أو أوالد أح دهما‬
‫أخوة وأخوات له‪ ،‬ويكون أخوة من أرضعته وأخواتها أخواال وخاالت له‪ ،‬ويكون أخوة‬
‫زوج املرضعة وأخواته أعماما وعمات له من الرضاع‪ ،‬ومن السنة قوله صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪" :‬يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب"‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫موقف قانون األسرة الجزائري من الرضاع‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫نصت املواد ‪ 27‬و‪ 28‬و ‪ 29‬من قانون األسرة الجزائري على هذا التحريم‪.‬‬
‫املادة ‪ ":27‬يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب"‬
‫املادة ‪ ": 28‬يع د الطف ل الرض يع وح ده دون إخوت ه ول دا للمرض عة وزوجه ا وأخ ا‬
‫لجميع أوالدها‪ ،‬ويسري التحريم عليه وعلى فروعه‪".‬‬
‫املادة ‪ " : 29‬ال يحرم الرضاع إال ما حصل قبل الفطام أو في الحولين سواء أكان‬
‫اللبن قليال أو كثيرا"‬
‫ومادامت الشريعة قد اعتبرت املرضعة أما للرضيع‪ -‬أمه نسبا‪ -‬واعتبرت هذا الرضيع‬
‫ابنن ا له ا كابنه ا نس با‪ ،‬كانت أم زوج ة الرج ل رض اعا كأمه ا من النس ب ‪ ،‬وابنته ا من‬
‫الرض اع كابنته ا من النس ب‪ ،‬وم ادامت الش ريعة أيض ا ق د اعت برت زوج املرض عة أب ا‬
‫للرضيع ‪ ،‬والرضيع ابن ا ل ه كانت زوجة األب رض اعا كزوجة األب نسبا وزوجة االبن‬
‫رض اعا كزوجت ه نس با‪ ،‬وله ذا فق د ذهب الفقه اء إلى أن ه يح رم بالرض اع كل م ا يح رم‬
‫باملصاهرة‪ ،‬كما يحرم كل ما يحرم بالنسب‪,‬‬
‫مقدار الرضاع املحرم‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫اختلف الفقه اء في مقدار الرضاع املحرم‪ ،‬فقد ذهب أئمة الحنفية واملالكية‪،‬‬
‫واإلم ام أحم د في رواي ة ل ه إلى أن قلي ل الرض اع وكث يره يثبت ب ه التح ريم م تى تحق ق‬
‫حص وله في املدة املح ددة للرض اع لقول ه تع الى "‪....‬وأمه ' ' ''اتكم الالتي أرضعنكم‬
‫وأخواتكم من الرضاعة‪ ."....‬وقول ه ص لى هللا علي ه وس لم‪ ":‬يح ''رم من الرضاع م ''ا‬
‫يحرم من النسب"‪.‬‬
‫فه ذان النص ان حمال الرض اع سببا للتح ريم من غ ير تقي د بع دد وال بمق دار‪،‬‬
‫واألصل في املطلق أن يحمل على إطالقه حتى يثبت ما يقيده‪.‬‬
‫وق ال الش افعية والحنابل ة‪ :‬أن التح ريم ال يثبت إال بخمس رض عات مش بعات‬
‫متفرقات‪ ،‬أي في أوقات متفرقة‪ ،‬فإن قل عن ذلك فال تحريم‪ ،‬كما يشترط في الرضعة‬
‫أن تكون مش بعة وإال لم تحس ب‪ ،‬وح ّد الرض عة املش بعة عن دهم هي أن يأخ ذ الص بي‬

‫‪23‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫الث دي ويمتص من ه ثم يترك ه باختي اره من غ ير ع ارض يجعل ه ي ترك الث دي تركا غ ير‬
‫ط بيعي‪ ،‬كتنفس مثال أو شيء يلهي ه عن الرض اع‪ ،‬ف إذا أخ ذ الص بي الث دي وامتص من ه‬
‫حتى تركه باختياره‪ ،‬ثم عاد إلى الرضاع فهذه رضعة واحدة‪ ،‬واستدلوا على بما رواه‬
‫مس لم وأب و داود والنس ائي عن عائش ة رضي هللا عنه ا أنه ا ق الت‪ ":‬كان فيم ا ن زل من‬
‫القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن "‪ ،‬كما قالوا إن علة التحريم بالرضاع‬
‫هي أنه ينبث اللحم وينشر العظم‪ ،‬وهذا ال يتحقق إال برضاع يوم كامل على األقل وهو‬
‫ال يقل عن خمس رضعات‪.‬‬
‫إن هذا الحديث الذي استند إليه أصحاب هذا الرأي هو حديث ضعيف‪ ،‬فقد‬
‫قال عنه ابن العربي‪ ":‬إنه أضعف األدلة ألنها قالت – يعني عائشة – كان فيما نزل من‬
‫القرآن ولم يثبت أصله فكيف يثبت فرعه" أي أنه لم يثبت من القرآن فكيف يثبت به‬
‫الحكم املأخوذ منه‪ ،‬كما أن هذا الحديث روي بروايات مضطربة‪ ،‬والعبارات التي روي‬
‫بها فيها اضطراب كبير‪.‬‬
‫من خالل ما تقدم يتبين لنا مدى رجاحة الرأي األول القائل بأن التحريم يثبت‬
‫بقلي ل الرض اع و كث يره‪ ،‬وذل ك لع دم وج ود ال دليل الصحيح املقي د ال طالق الق رآن‬
‫وت رجيح ه ذا ال رأي ال يتع ارض م ع كون عل ة التح ريم باإلرض اع هي إنب ات اللحم‬
‫وانتشار العظم مسألة خفية تختلف باختالف الرضعات فرب رضعة تفعل ما ال تفعله‬
‫رض عات‪ ،‬من أج ل ه ذا جع ل الش ارع اإلرض اع ه و املع نى ال دال على الحكم باإلرض اع‬
‫املحرم وهذا ظاهر يعلم وجوده أما لو جعلها إنبات اللحم وانتشار العظم كشف على‬
‫املكلفين معرفة الرضاع املحرم من غيره لخفاء حقيقة اإلنبات عن الناس‪.‬‬
‫‪ _2‬املوانع املؤقتة في عقد الزواج‪:‬‬
‫املوانع املؤقتة أو املحرمات تحريما مؤقتا في عقد الزواج هن النساء الالتي يحرم‬
‫الزواج بهن حرمة مؤقتة لسبب معين‪ ،‬فإن ظل هذا السبب قائما بقي التحريم قائما‪،‬‬
‫وإن زال هذا السبب زالت الحرمة ‪.‬‬
‫واملحرمات مؤقتا نصت عليها املادة ‪ 30‬ق أ ج حيث جاء فيها قبل التعديل ما يلي‪:‬‬
‫" يحرم من النساء مؤقتا"‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫املحص نة واملعت دة من طالق أو وف اة واملطلق ة ثالث ا‪ ،‬وال تي تزي د على الع دد‬
‫املرخص به شرعا‪.‬‬
‫ويح رم الجم ع بين األخ تين وبين املرأة وعمته ا أو خالته ا س واء كانت ش قيقة أو‬
‫ألب أو ألم أو من الرضاع"‪.‬‬
‫أما بعد التعديل فقد نصت على ما يلي ‪ ":‬يحرم من النساء مؤقتا‪:‬‬
‫_ املحصنة‬
‫_ املعتدة من طالق أو وفاة‬
‫_ املطلقة ثالثا‬
‫كما يحرم مؤقتا‪:‬‬
‫_ الجمع بين األختين أو بين املرأة وعمتها أو خالتها‪ ،‬سواء كانت شقيقة أو ألب أو‬
‫ألم أو من رضاع‪.‬‬
‫_ زواج املسلمة من غير املسلم‬
‫ومن خالل ق راءة نص املادة ‪ 30‬من ق أج املعدل ة ب األمر رقم ‪ 05 – 02‬الص ادر‬
‫خالل سنة ‪ 2005‬نجد أنه ا تنص على أنه يحرم من النساء بصفة مؤقتة ‪ 05‬أصناف‪،‬‬
‫أما ما يمكن أن نالحظه بشأن التعديل الذي شمله األمر رقم ‪ 05 – 02‬لسنة ‪2005‬‬
‫فإنه يعتبر تعديال تقنيا اكتفى بإعادة صياغة املادتين ‪ 31، 30‬بشكل سمح بنقل الفقرة‬
‫األولى من املادة ‪ 31‬إلى ‪ .30‬و بحذف عبارة والتي تزيد عن العدد املرخص به شرعا من‬
‫صلب املادة ‪ 30‬وهي عبارة تتعلق بالزواج بامرأة خامسة مع بقاء األربعة‪ ،‬وهو وضع‬
‫نادر الوقوع حاليا‪ ،‬كما يتبين من خاللها توجه هذا القانون الذي يقّي د املباح في مسألة‬
‫تعدد الزوجات‪.‬‬
‫وعليه يمكن حصر املحرمات على سبيل التأقيت في ‪ 05‬أنواع‪:‬‬
‫‪ –1‬املحص نة ‪ –2‬املعت دة من طالق أو وف اة ‪ –3‬املطلق ة ثالث ا ‪ –4‬الجم ع بين‬
‫املحرمين‪ –5 .‬زواج املسلمة من غير املسلم‪.‬‬
‫أ_ املحص''نة‪ :‬واملقصود بها هي من كانت زوجة للغير‪ ،‬وبالزواج صارت محصنة‪،‬‬
‫فتعلق حق الغير بها يمنع الزواج بها والعقد عليها‪ ،‬وال فرق بين كون الغير مسلما أو‬
‫غير مسلم‪ ،‬كأن تكون نصرانية أو يهودية‪ ،‬متزوجة بمن هو على ملتها‪ ،‬حيث ال يجوز‬

‫‪25‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫للمسلم الزواج بها لعموم اآلية القرآنية في املنع‪ ،‬وهذا منعا من االعتداء على حق الغير‬
‫واملحافظة على األنساب من االختالط‪ ،‬إذ يقول املولى تبارك وتعالى‪ ":‬واملحص''نات من‬
‫النس ''اء إال م ''ا ملكت أيم ''انكم"‪ ،‬واملحص نات هن ا لفظ ع ام يش مل كل متزوج ة مسلمة‬
‫كانت أو غير مسلمة‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وقد ألحق الفقهاء باملعتدة من زواج صحيح املعتدة من دخول بعقد فاسد‬
‫أو من ال وطء بش بهة‪ ،‬فتح رم املعت دة من ذل ك على من يري د ال تزوج به ا‪ ،‬م ا دامت في‬
‫الع دة لكي ال ي ؤدي ذل ك إلى اختالط األنس اب‪ ،‬وإذا ت زوجت املرأة املعت دة أثن اء ف ترة‬
‫العدة كان العقد فاسدا عند الحنفية‪ ،‬يجب التفريق بينهما جبرا إن لم يتفرقا اختيارا‪،‬‬
‫على أنها تحل له بعد انتهاء العدة بعقد جديد عند جمهور الفقهاء ومنهم الحنفية‪.‬‬
‫أم ا زواج الرج ل بمعت دة فج ائز ف إن كان طالق رجعي ا راجعه ا‪ ،‬وإن كان بائن ا‬
‫بينونة صغرى عقد عليها عقدا جديدا املادة ‪ 50‬ق أ ج‪ ،‬فإن عقد شخص على معتدة‬
‫الغير ودخل بها فالعقد فاسد‪ ،‬وقيل باطل ألن املرأة ممنوعة من الزواج لحق الزوج‬
‫األول فتزوجه ا في ع دتها فتزوجه ا وهي في عص مته‪ ،‬فيجب أن يف رق بينهم ا وال تح ل ل ه‬
‫بعد ذلك أبدا عند اإلمام مالك مع وجوب التفريق بينهما وال يحل له زواجها أبدا‪.‬‬
‫ب_ املطلقة ثالثا‪:‬‬
‫إذا كانت الشريعة اإلسالمية قد أعطت الرجل الحق في طالق زوجته‪ ،‬إال أنه إذا‬
‫اس تعمله على غ ير الوج ه املطل وب ش رعا‪ ،‬جعلت ه الش ريعة مانع ا من إع ادة زوجت ه‬
‫إليه ‪ ،‬فقد أباحت الشريعة اإلسالمية للرجل أن يطلق زوجته ثالث مرات‪ ،‬وأباحت له‬
‫بعد املرة األولى وبعد املرة الثانية أن يرجع هذه الزوجة إلى عصمته مرة أخرى بدون‬
‫عقد جديد وبدون مهر جديد‪ ،‬وبدون رضاها إن كان الطالق رجعيا‪ ،‬وكانت ال تزال في‬
‫عدتها منه أو بعقد جديد وبمهر جديد وبرضاها إذا كان الطالق بائنا أو انقضت عدتها‬
‫منه بعد الطالق الرجعي‪.‬‬
‫ف إذا طل ق الرج ل زوجت ه الطلق ة الثالث ة‪ ،‬ح رمت علي ه تحريم ا مؤقت ا‪ ،‬فاملطلق ة‬
‫ثالثا تحرم تحريما مؤقتا على مطلقها‪ ،‬ويتوقف حلها له وإزالة هذا التحريم على توافر‬
‫شروط‪ ،‬وهي أن تنتهي عدتها منه‪ ،‬وأن يعقد عليها رجل آخر عقدا صحيحا‪ ،‬وبتراض‬
‫منه ا ب دون اتف اق ال زوج األول‪ ،‬وأن ي دخل به ا ال زوج الث اني دخ وال حقيقي ا‪ ،‬حيث ال‬
‫تكفي الخلوة في ذلك‪ ،‬ثم يطلقها الزوج الثاني من تلقاء نفسه بدون اتفاق مع الزوج‬

‫‪26‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫األول أو يم وت عنه ا‪ ،‬وأن تنقضي ع دتها من ال زوج الث اني‪ ،‬إذ ال يح ل ال زواج في أثن اء‬
‫العدة‪ ،‬ثم يعقد عليها الزوج األول برضاها وبمهر وعقد جديدين‬
‫والدليل على تحريم املطلقة ثالثا على زوجها تحريما مؤقتا قوله تعالى‪" :‬الطالق‬
‫مرتان فإمساك بمعروف أو تس'ريح بإحس'ان وال يح'ل لكم أن تأخذوا مم'ا آتيتم'وهن‬
‫شيئا‪ ،‬إال أن يخاف' ''ا أال يقيم' ''ا ح' ''دود هللا ف' ''إن خفتم أال يقيم' ''ا ح' ''دود هللا فال جن' ''اح‬
‫عليهما فيما افتدت به تلك حدود هللا فال تعت'دوها‪ ،‬ومن يتع'ّد ح'دود هللا فأولئ'ك هم‬
‫الظاملون‪ ،‬فإن طلقها فال تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره‪."...‬‬
‫ف املراد ب الطالق هن ا ه و الطلق ة الثالث ة ب دليل قول ه تع الى‪" :‬الطالق مرت ان‬
‫فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان‪ "...‬إلى قوله تعالى‪" :‬ف''إن طلقه''ا فال تح''ل ل''ه من‬
‫بعد حتى تنكح زوجا غيره"‪.‬‬
‫فإن حصل وطلق الثالثة حرمت عليه املرأة حرمانا مؤقتا‪ ،‬ومنع من الزواج بها حتى‬
‫تتزوج أخر زواجا كامال صحيحا ال تأقيت فيه وال بقصد التحليل لقوله صلى هللا عليه‬
‫وسلم " لعن هللا املحلل واملحلل له"‪ ،‬وكذلك قوله صلى هللا عليه وسلم‪ ":‬أال أخبركم‬
‫ب ' ''التيس املس ' ''تعار ؟ ق ' ''الوا‪ :‬بال ي ' ''ا رس ' ''ول هللا ‪ ،‬ق ' ''ال‪ :‬ه ' ''و املحل ' ''ل‪ ،‬لعن هللا املحل ' ''ل‬
‫واملحلل له"‪.‬‬
‫ومن ه ذا استنتج الفقه اء ع دم ج واز وصحة نكاح املحل ل‪ ،‬وإن حص ل وت زوج‪،‬‬
‫فق د حكم املالكي ة بفس اده وق الوا بفسخه قب ل ال دخول وبع ده‪ ،‬وم ا دام ه ذا حكم ه‬
‫فإنه ال يحل للمرأة الرجوع إلى مطلقها األول‪.‬‬
‫ج_ الجمع بين محرمين‪:‬‬
‫يحرم على الرجل أن يجمع بين محرمين‪ ،‬وللفقهاء في بيان ذلك ضابط مشهور وهو أن‬
‫كل ام رأتين إذا كانت كلتاهم ا ل و فرض ت ذك را واألخ رى أن ثى ح رمت علي ه‪ ،‬وبت الي ال‬
‫يصح الجمع بينهما وبناء على ذلك فال يجوز الجمع بين األختين وال بين املرأة وعمتها أو‬
‫خالتها‪.‬‬
‫واستدلوا على ذلك بقوله تعالى " وأن تجمعوا بين األختين إال م'ا ق'د س'لف"‪ ،‬وبقوله‬
‫علي ه الص الة والس الم ‪ ":‬ال تنكح املرأة على عمته ''ا وال على خالته ''ا وال املرأة على ابن ''ة‬
‫أخيه ' ''ا وال ابن ' ''ة أخته ' ''ا ف ' ''إنكم إن فعلتم ذل ' ''ك قطعتم أرح ' ''امكم" ‪ ،‬وال ف رق في ه ذا‬

‫‪27‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫التحريم بين أن يكون الرحم من جانب النسب أو من جانب الرضاعة فاألختان رضاعا‬
‫كأختين نسبا فال يحل الجمع بينها‪.‬‬
‫والحكم ة في تح ريم الجم ع بين املح ارم هي أن الجم ع بين مح رمين ي ؤدي إلى‬
‫قطيع ة ال رحم وذل ك بسبب م ا ق د يكون بين الض رتين من الغ يرة ال تي ق د ت ؤدي إلى‬
‫التباغض والشقاق ‪ ،‬ويحرم الجمع بين املحرمين حال قيام الزوجية حقيقية‪ ،‬فيحرم‬
‫الجمع بينهما بأن يجتمعا معا في عصمته في وقت واحد باتفاق الفقهاء‪ ،‬ويحرم الجمع‬
‫بين املح رمين ح ال قي ام الزوجي ة حكم ا‪ ،‬فيح رم الجم ع بينهم ا في حال ة م ا إذا أراد أن‬
‫ي تزوج الثاني ة واألولى معت دة من طالق رجعي باتف اق الفقه اء أم ا إذا كانت معت دة من‬
‫طالق بائن س واء كانت البينونة صغرى أم كبرى فقد ذهب الحنفية إلى حرمة الجمع‬
‫بينهما أيضا‪ ،‬ألن بعض أثار الزوجية ما زالت باقية‪.‬‬
‫بينما يرى املالكية والشافعية وغيرهم أنه في حالة ما إذا كانت املرأة معتدة من‬
‫طالق بائن سواء كانت البينونة صغرى أم كبرى فال يحرم على الرجل أن يتزوج أختها‬
‫أو عمتها أو خالتها أثناء فترة العدة هذه وال يعد ذلك جمع بين املحارم‪ ،‬ألنه بالطالق‬
‫البائن تكون قد انقضت رابطة الزوجية‪.‬‬
‫وق د ذهب املش رع الجزائ ري في املادة ‪ 30‬من ق انون األس رة الجزائ ري إلى أن‬
‫الجمع بين املحرمين من املوانع املؤقت بقوله في الفقرة ‪" :4‬ويحرم الجمع بين األختين‬
‫أو بين املرأة وعمتها أو خالتها سواء كانت شقيقة أو ألب أو ألم أو من الرضاع" والحكم‬
‫هنا يشمل جميع أصناف األم واألخت الشقيقة وكذلك األخت من الرضاع وهذا ثابت‬
‫أيض ا في ق ول الرس ول ص لى هللا علي ه وس لم‪" :‬يح ' ''رم من الرضاع م ' ''ا يح ' ''رم من‬
‫النس ''ب"‪ ،‬كم ا قنن املش رع الجزائ ري ه ذا الحكم في املادة ‪ 27‬من ق انون األس رة حيث‬
‫نص على أنه‪" :‬يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب"‪.‬‬
‫د_ زواج املسلمة من غير املسلم‪:‬‬
‫من بين موانع ال زواج م ا يرج ع إلى العقي دة الديني ة ملا ي ترتب على ذل ك من آث ار‬
‫سيئة على مس توى األس رة واملجتم ع بسبب ال زواج غ ير املتح د أط راف عالقت ه في‬
‫الديانة‪.‬‬
‫ولعل هذه املسألة ال تخص املجتمع الجزائري فقط بل العالم اإلسالمي بكامله حيث‬
‫يؤك د ع دم إباح ة زواج املس لمة بغ ير املس لم ول و كان كتابي ا أي ص احب دين س ماوي‬

‫‪28‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫كاليهودي والنص راني وه ذا لقول ه تع الى‪ ":‬ي ''ا أيه ''ا ال ''ذين آمن ''وا إذا ج ''اءكم املؤمن ''ات‬
‫مهاجرات فامتحنوهن هللا أعلم بإيمانهن ف'إن علمتم'وهن مؤمن''ات فال ترجع'وهن إلى‬
‫الكف''ار‪ ،‬ال هن ح''ل لهم وال هم يحل''ون لهن"‪ ،‬ومن هنا نص املشرع الجزائري الفقرة‬
‫‪ 1‬من املادة ‪ 31‬من ق‪ .‬أ‪ .‬ج القديم بأنه ال يجوز زواج املسلمة بغير املسلم‪.‬‬
‫كما أن املادة ‪ 5/ 30‬من قانون األسرة تنص على أنه " يحرم زواج املسلمة بغير‬
‫املسلم "‪.‬‬
‫وبه ذا اتفق الفقه اء على بطالن زواج املسلمة بغير املس لم‪ ،‬والحكمة من تح ريم‬
‫ال زواج بغ ير املس لم ه و التن اقض واالختالف في العقي دة والحي اة الزوجي ة أساس ها‬
‫املودة وال تراحم فكي ف نتص ور تكوين أس رة ص الحة مختلف ة في العقي دة فه ذا األم ر‬
‫يشكل خطرا على العقيدة كما جاء في قوله تعالى" أولئك ي''دعون إلى الن''ار وهللا ي''دعوا‬
‫إلى الجنة واملغفرة بإذنه"‪.‬‬
‫أما فيما يخص زواج الرجل املسلم فال يحل له أن يتزوج امرأة غير كتابية أي ال‬
‫ت دين ب دين س ماوي وال ت ؤمن برس ول ‪ ،‬وال بكت اب إالهي ب أن تكون مش ركة لقول ه‬
‫تع الى‪" :‬وال تنكح ' ''وا املش ' ''ركات ح ' ''تى ي ' ''ؤمن وألم ' ''ة مؤمن ' ''ة خير من مش ' ''ركة ول ' ''و‬
‫أعجبتكم"‪.‬‬
‫أما الكتابية التي تؤمن برسول وتقر بكتاب سماوي‪ ،‬أكانت يهودية أو نصرانية‪،‬‬
‫فيح ل للمس لم ال تزوج به ا على رأي جمه ور الفقه اء كالحنفي ة واملالكي ة والش افعية‬
‫وغيرهم لقوله تعالى‪" :‬اليوم أح'ل لكم الطيب'ات وطع'ام ال'ذين أوت'وا الكت'اب ح'ل لكم‬
‫وطعامكم حل لهم واملحصنات من املؤمنات واملحصنات من الذين أوتوا الكتاب من‬
‫قبلكم"‪.‬‬
‫وم ع أن الفقه اء ق د أب احوا للمس لم أن ي تزوجوا بالكتابي ة إال أنهم ي رون أن ه من‬
‫األولى أن ي تزوج املس لم من املس لمة وال ي تزوج بالكتابي ة إال إذا كانت هن اك حاج ة أو‬
‫مص لحة تس تدعي ال زواج منه ا‪ ،‬كم ا أن ه يج وز ل ولي األم ر أن يمن ع زواج املس لم من‬
‫الكتابي ات إذا اقتض ت املص لحة ذل ك أو كان في ذل ك دفع ا لخط ر عن املس لمين‪ ،‬فق د‬
‫كتب س يدنا عم ر بن الخط اب إلى حذيف ة بن اليم ان أن يخلي سبيل املرأة الكتابي ة‬
‫اليهودية التي تزوجها‪ ،‬فكتب إليه حذيفة " أحرام يا أمير املؤمنين الزواج باليهودية ‪،‬‬

‫‪29‬‬
‫األستاذ‪ :‬لعمارة عبد الرزاق‬ ‫محاضرات في قانون األسرة الجزائري‬

‫فأجاب ه عم ر ال‪ ،‬و لكن أخ اف أن يقت دي ب ك املس لمون‪ ،‬وكفى ب ذلك فتن ة لنس اء‬
‫املسلمين"‪.‬‬
‫وما تجدر اإلشارة إليه أن قانون األسرة الجزائري قبل التعديل كان ينص على‬
‫حرم ة الجم ع بين أك ثر من أربع زوج ات وه ذا حس ب نص املادة ‪ 30‬ق أ قب ل التع ديل‬
‫فلق د أب احت الش ريعة اإلس المية للرج ل أن ي تزوج أربع زوج ات ليس بينهن قراب ة‬
‫محرمية‪ ،‬وحرمت عليه زواج الخامسة حتى يطلق إحدى زوجاته وتمضي عدتها سواء‬
‫كانت في طالق رجعي أو ب ائن وه ذا لقول ه تع الى‪ " :‬ف ''انكحوا م ''ا ط ''اب لكم من النس ''اء‬
‫مثنى وثالث ورباع‪ ،‬فإن خفتم أال تعدلوا فواحدة‪".‬‬

‫‪30‬‬

You might also like