Professional Documents
Culture Documents
1
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
2
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
ليس للمهر حد أقصى باالتفاق؛ ألنه لم يرد في الشرع ما يدل على تحديده بح ّد
ْح َد ُه َّن َط ًر َف اَل َت ُخ ُذ
أ وا من''ه شيئا" ،كما اتفق الفقهاء أعلى لقوله تعالىَ" :و آتيتم ِإ ا قن ا ا
على أنه ال يبغى املغاالة في املهور ،واختلفت آراؤهم في تقدير الحد األدنى للصداق على
النحو اآلتي:
ذهب الحنفي ة إلى أن أق ل امله ر عش رة دراهم لقول ه ص لى هللا علي ه و س لم " :ال
مهر أقل من عشرة دراهم" ،وقياسا على نصاب السرقة وهو ما تقطع به يد السارق،
أما حديث "التمس ولو خاتما من حديد" ،فحملوه على املهر املعجل.
وعند املالكية أقله ربع دينار أو ما يساويها مما ُي ق ّو م بها من عروض أو من كل
طاهر ال نجس ،متمّو ال شرعا من عرض أو حيوان أو عقار منتفع به شرعا مقدور على
تسليمه للزوجة ،معلوم قدرا وصنفا وأجال ،ودليلهم أن املهر وجب في الزواج إظهارا
لكرامة املرأة ومكانتها ،فال يقل عن هذا املقدار الذي هو نصاب السرقة عندهم.
وقال الشافعة والحنابلة ال حّد ألقل مهر ،وال تتقدر صحة الصداق بشيء ،فصح
كون املهر ماال قليال أو كثيرا ،قال املاوردي" :فهو يعتبر بما تراضى عليه الزوجان من
قليل وكثير " ،وجاء في التهذيب " :وليس ألقل الصداق وال ألكثره حد".
وض ابطه كل م ا صّح كون ه مبيع ا -أي ل ه قيم ة -صّح كون ه ص داقا ،م ا لم ينت ه في
القل ة إلى ح ّد ال يتم ول ،ف إن عق د بم ا ال يتم ول فس دت التس مية ووجب مه ر املث ل،
ودليلهم أن املهر حق املرأة شرعه هللا إظهارا ملكانتها ،فيكون تقديره برضا الطرفين؛
وألن املهر بدل االستمتاع باملرأة فكان تقدير العوض إليها كأجرة منافعها ،وبه قال
ابن وهب من أصحاب مالك.
ب_ الجانب القانوني:
أم ا املش رع الجزائ ري فلم يجع ل للص داق ح ًد ا أدنى وال أعلى ،آخ ذا في ذل ك بم ا
ذهب إليه الشافعية والحنابلة ،وفقا للمادة 14من قانون األسرة التي جاءت مطلقة في
ه ذا الش أن ،يفهم ذل ك من عب ارة "م ا ي دفع نحل ة للزوج ة من نف ود ونحوه ا" ،وه ذا
املوقف الذي اتخذه املشرع الجزائري يتماشى وروح التشريع في التيسير ورفع الحرج،
بما يتناسب و جميع طبقات املجتمع غنيها و فقيرها ،أي أنه ال ُي عجز الفقراء ،وال يقيد
إرادة البعض اآلخر في الرفع من مبلغ الصداق.
_2أنواع الصداق:
3
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
4
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
_3حاالت الصداق:
أ_ الجانب الفقهي:
اتف ق الفقه اء على أن للص داق ثالث ح االت :إم ا أن يكون معجال كلي ا أو م ؤجال
كليا ،أو معجال في جزء ومؤجال في الجزء اآلخر.
ف ذهب الحنفي ة إلى أن ه يصح كون امله ر معجال أو م ؤجال كل ه أو بعض ه إلى أج ل
قريب أو بعيد أو أقرب األجلين -الطالق أو الوفاة -عمال بالعرف ،ولكن بشرط أن ال
يش تمل التأجي ل على جهال ة فاحش ة في الق در أو الص فة ،وإذا اتفق ا ص راحة على
تقس يط امله ر عم ل ب ه؛ ألن االتف اق من قب ل الص ريح ،والع رف من قبي ل الدالل ة،
والصريح أقوى في الداللة ،وإذا لم يتفقا على تعجيل املهر أو تأجيله عمال يعرف البلد
-ألن املعروف عرفا كالشروط شرطا -وإذا لم يكن هناك عرف بالتعجيل أو التأجيل
اس تحق امله ر ح اال ألن حكم املس كوت عن ه يأخ ذ حكم املعج ل ،وألن األص ل أي امله ر
يجب بتمام العقد؛ لكونه أثرا من آثاره ،فإذا لم يؤجل صراحة أو عرفا عمل باألصل،
ألنه عقد معاوضة ،فيقتضي املساواة بين الجانبين.
وفّص ل املالكي ة في حكم التأجي ل فق الوا :إن كان امله ر معّي ن ا حاض را في البل د
وجب تس ليمه للم رأة أو لولّي ه ا ي وم العق د ،وال يج وز ت أخيره في العق د ول و رضيت
بالتأخير ،فإن اشترط التأجيل في العقد فسد العقد ،إال إذا كان األجل قريبا كاليومين
والخمس ة ،ويج وز للم رأة التأجي ل من غ ير ش رط ،ويكون تعجيل ه من حقه ا ،وإن كان
امله ر املعين غائب ا عن بل د العق د صح النكاح ،وإن أج ل قبض ه بأج ل ق ريب ،بحيث ال
يتغير فيه غالبا وإال فسد النكاح.
وإن كان املهر غير معين فيجوز تأجيله كله أو بعضه ،ويجوز التأجيل إلى الدخول
إن علم وقته والتأجيل إلى امليسرة إذا كان الزوج غنيا ،بأن كان له سلعة ينتظر قبض
ثمنه ا ،وإن كان فق يرا لم يصح العق د ،ويج وز التأجي ل إلى أن تطلب ه املرأة من ه ،فه و
تأجيل للميسرة ،وعليه يشترط لجواز التأجيل أن يكون األجل معلوما وغير بعيد.
وأجاز الشافعية والحنابلة تأجيل املهر كله أو بعضه ألجل معلوم؛ ألنه عوض في
معاوضة ،فإن أطلق ذكره اقتضى الحلول ،وإن ُأ ج ّل ألجل مجهول لم يصح ،وإن ُأ ج ّل
ولم يذكر األجل فاملهر عند الحنابلة صحيح ومحله الفرقة أو املوت ،قال ابن قدامة:
"امله ر صحيح ووقت حلول ه ه و وقت الفرق ة ،ألن اإلم ام أحم د -رحم ه هللا -ق ال :إذا
5
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
تزوج على مهر عاجل وآجل ال يحل األجل إال بموت أحد الزوجين أو بالفرقة في حال
حياتهما".
ب_ الجانب القانوني:
نصت املادة 15من قانون األسرة الجزائري على أنه " :يحدد الص داق في العقد
س واء كان معجال أو م ؤجال ،وفي حال ة ع دم تحدي د قيم ة الص داق ،تس تحق الزوج ة
صداق املثل".
يتضح من خالل نص هذه املادة أن تحديد الصداق في العقد قد يكون مؤجال أو
معجال ،وفي حالة عدم تحديد قيمت ه تستحق الزوجة صداق املثل .وقد أخذ املشرع
الجزائري بمذهب الجمهور في جواز تعجيل أو تأجيل املهر كله أو بعضه .وعليه يمكن
عرض أوضاع الصداق من حيث التعجيل والتأجيل في ثالث حاالت هي:
_ الحالة األولى :الصداق املعّج ل كليا
ويقص د ه ذه الحال ة أن ي دفع الص داق كامال قب ل ال دخول أو بع د إب رام عق د
الزواج مباشرة ،وهو ما جاء في نص املادة 15من قانون األسرة "سواء كان معجال ".
_ الحالة الثانية :الصداق املؤّج ل كليا
وهو أن يتفق طرفا العقد على أن يؤّج ل الصداق بعد تسميته وتحديد قيمته أو
نوعه أثناء إبرام العقد إلى ما بعد الدخول أو إلى تاريخ الحق ،وإذا لم يتفق الطرفان
على الت اريخ فإن ه يس تحق بع د الطالق مباش رة أو بع د الوف اة وفق ا لنص املادة " 15أو
مؤجال".
_ الحالة الثالثة :الصداق املؤجل في جزء منه واملعجل في الجزء اآلخر
وه و أن يتف ق طرف ا العق د على دف ع ج زء من الص داق قب ل ال دخول ،وتأجي ل
الب اقي من ه إلى ت اريخ مح دد بع د ال دخول ،يق ول األس تاذ عب د العزي ز س عد" :وإذا لم
يحدد تاريخ معين لدفع املؤجل ،فإنه ينصرف إلى تاريخ الطالق أو تاريخ الوفاة" .وهذا
ينطبق على حالة االتفاق بين الزوجين على أن مؤخر الصداق يكون عند وقوع الطالق.
ذل ك أن الص داق يجب كامال بال دخول إذا لم يتف ق الطرف ان على الت اريخ ،كم ا
يجب بالوفاة وهذا باتفاق الفقهاء ،ألنه دين في ذمة الزوج ،والدين املعجل يصير حاال
ب املوت ،ويجب أداؤه من الترك ة قب ل الوص ية وامليراث ،وال يق اس املوت على الطالق
ألن املوت يتم ب ه النكاح كال دخول .فيكم ل ب ه الص داق ،والطالق يقطع ه ويزيل ه قب ل
6
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
اتمام ه ،ول ذلك وحبت الع دة ب املوت قب ل ال دخول ولم تجب ب الطالق قب ل ال دخول،
وكمل الصداق املسمى باملوت ولم يكمل بالطالق .
_3استحقاق الصداق:
أ_ الجانب الفقهي:
اتفق الفقهاء على بعض مؤكدات املهر ،واختلفوا في البعض اآلخر ،فاتفقوا على
أنه يتأكد بأحد أمرين:
_ ال دخول الحقيقي بالزوج ة؛ ألن ال زوج بدخول ه بزوجت ه يس توفي حق ه منه ا،
فيتق رر حقه ا كامال في امله ر ،س واء كان مس ّم ى وقت العق د أو ق ّد ر بع ده بالتراضي
بينهما ،أو بقضاء القاضي ،أما إذا لم يكن مس ّم ى ،فيجب لها مهر املثل بقيت الزوجية
أو حصلت الفرقة بينهما باتفاق جميع الفقهاء ويترتب على استقرار املهر بالدخول أنه
ال يسقط شيء منه بعدئذ إال باألداء لصاحبه ،أو اإلبراء من صاحب الحق.
_ موت أحد الزوجين قبل الدخول في نكاح صحيح ،باتفاق املذاهب األربعة ،وإن
قصره املالكية على املهر املس ّم ى ،حيث ال يوجبون لها شيئا عند عدم التسمية؛ أي في
نكاح التف ويض ،قياس ا للم وت على الطالق ،والطالق قب ل ال دخول والخل وة وقب ل
تسمية املهر ،ال شيء فيه ،فمثله املوت.
ّك
واختلف وا في تأ ده ب الخلوة بع د العق د الصحيح ،ف ذهب املالكي ة والش افعية إلى
أنها ال تقوم مقام الدخول في تأكيد املهر ،فإن طلقها بعد الخلوة وقبل الدخول وجب
لها نصف املهر املسّم ى فإن لم يسّم لها مهرا وجبت لها املتعة ،غير أن املالكية قالوا :لو
أق امت مع ه في بيت الزوجي ة س نة ،وكان بالغ ا وهي تطي ق املخالط ة ،ولم يفع ل شيئا
وجب لها كل املهر لو الفسخ العقد بعد ذلك ،وذهب الحنفية والحنابلة إلى أن الخلوة
بالزوج ة يتأك د به ا امله ر كل ه ،وتس مى عن دهم بال دخول الحكمي ،غ ير أن الحنفي ة
يشترطون في الخلوة أن تكون صحيحة ،فإن كان أحدهما مريضا أو صائما في رمضان
أو ُم ْح رم ا بحج ف رض أو نف ل أو بعم رة ،أو كانت حائض ا ،فليس ت الخل وة صحيحة،
وأما الحنابلة فال يشترطون ذلك ،بدليل أنهم قالوا :لو ملسها بشهوة ولو بحضرة الناس
ّك
تأ د له ا كل امله ر وال يس قط ،ب ل زادوا على ذل ك وجعل وا الخل وة في ال زواج الفاس د
موجبة للمهر في إحدى الروايتين.
ب_ الجانب القانوني:
7
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
نص املشرع الجزائري على استحقاق الزوجة للصداق في الفقرة 2من املادة 15
واملادة 16من قانون األسرة ،ويمكن تقسيمها إلى حاالت ثالثة:
_ حالة استحقاق كامل الصداق:
وفق ا لنص املادة 16من ق انون األس رة ف إن الزوج ة تس تحق الص داق كامال
بالدخول أو بالوفاة.
_ال ' ''دخول :تس تحق الزوج ة كام ل الص داق بال دخول طبق ا لنص املادة 16من
ق انون األس رة ،وذل ك بع د إب رام عق د ال زواج صحيحا وتم ام ال دخول بالزوج ة ،وق د
أخذ املشرع الجزائري في هذه الحالة بما ذهب إليه عامة الفقهاء.
_ الوفاة :وفقا لنص املادة 16من قانون األسرة أعطى املشرع الجزائري للزوجة
كامل الصداق بالوفاة؛ أي وفاة أحد الزوجين ،واملشرع لم يفرق بين الوفاة الطبيعية
والقتل خالف ما ذهب إليه فقهاء الشريعة اإلسالمية .حيث لم ينص املشرع الجزائري
في حالة ما إذا كانت وفاتها غير طبيعية كاالنتحار أو القتل على حكم استحقاقها للمهر.
_ استحقاق نصف الصداق:
نص املش رع الجزائ ري على حال ة اس تحقاق الزوج ة لنص ف الص داق في نص
املادة 16من ق انون األس رة ،وه و حال ة الطالق قب ل ال دخول وم ؤدى ذل ك أن ه يوج د
عقد زواج صحيح شرعا؛ ألن الطالق ال يكون إال في زواج صحيح.
_ استحقاق الزوجة الصداق املثل:
تن اول املش رع الجزائ ري في نص املادة 15من ق انون األس رة حال ة اس تحقاق
صداق املثل ،وتكون عند عدم تحديد الصداق أو تسميته بعد الدخول ،فهنا تستحق
الزوجة صداق املثل ،وجاء في نص الفقرة املادة 33أنه يثبت صداق املثل بعد الدخول
إذا تم ال زواج دون ص داق ،غ ير أن املش رع لم ي بين ماهي ة ص داق املث ل ،وكيفي ة
تحديده ،وهو ما يستدعي الرجوع إلى ما ذهب إليه فقهاء الشريعة اإلسالمية في تحديد
صداق املثل -والذي سبق بيانه.
_4االختالف في الصداق:
أ_ الجانب الفقهي:
_ االختالف في أصل التسمية :وصورته أن يختلف الزوجان في تسمية املهر وقت
العقد ،في ّد عي أحدهما تسمية املهر وقت العقد ،فالواجب املهر املسمى ،ويدعي اآلخر
8
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
ع دم تس مية امله ر وقت العق د ،ف الواجب مه ر املث ل ،وق د اختل ف الفقه اء في ه ذه
املسألة على النحو اآلتي:
املذهب األول :ذهب الحنفية إلى القول بأنه يجب مهر املثل؛ ألنه هو األصل عند
اختالف الزوجين ،وعند تعذر القضاء باملسّم ى يصار إليه.
املذهب الث''اني :ذهب املالكية إلى أنه على املدعي البينة فإن أقامها قضي له ،وإن
لم يقمها كان القول ملن يشهد له العرف في التسمية وعدمها مع يمينه.
املذهب الث ' ''الث :ذهب الش افعية في الصحيح إلى الق ول بأنهم ا يتحالف ان ،ف إن
حل ف أح دهما ونكل اآلخ ر ثبت م ا قال ه ،وإن حلف ا وجب مه ر املث ل .كم ا ذهب وا -في
قول -إلى أنه يصّد ق الزوج بيمينه ملوافقته األصل ويجب مهر املثل.
املذهب الرابع :ذهب الحنابلة إلى القول بأنه إذا كان االختالف في أصل التسمية
بعد الدخول ،فإن ادعت املرأة مهر املثل أو أقل منه وجب ذلك من غير يمين؛ ألنها لو
ص ّد قته في ذلك لوجب لها مهر املثل ،فال فائدة في االختالف ،وإن اّد عت أقل من مهر
املثل فهي مقرة بنقصها عما يجب لها بدعوى الزوج ،فيجب أن يقبل قولها بغير يمين،
وإن ادعت أكثر من مهر املثل لزمته اليمين على نفي ذلك ،ويجب لها مهر املثل.
أما إن كان االختالف بعد الدخول فقد ذهب الحنابلة إلى أن لها مهر املثل ما لم
يطلقها ،فإن طلقها فقد اختلفوا -الحنابلة -في ذلك إلى قولين :أحدهما القول قول من
يدعي مهر املثل منهما بيمينه ،والثاني :القول قول الزوج ولها املتعة.
_ االختالف في مق ''دار الص ''داق :وص ورته أن يتف ق الزوج ان على أص ل التس مية
ويختلفان في مقدار املهر املسمى ،بأن ت ّد عي الزوجة مهرا وي ّد عي الزوج مهرا أقل منه.
وقد اختلف الفقهاء في حكم هذه الصورة على النحو اآلتي:
املذهب األول :ذهب الحنفي ة والحنابل ة في رواي ة إلى أن الق ول ق ول من ي دعي
مهر املثل منهما .فإن ادعت الزوجة مهر مثلها أو أقل منه فالقول قولها ،وإن ادعى مهر
املثل أو أكثر منه فالقول قوله ،وذلك قياسا على املنكر في سائر الدعاوى ،أما إذا أقاما
البيئة قدمت بيئة الزوجة.
املذهب الث ''اني :ذهب الحنابل ة -في رواي ة وأب و يوس ف من الحنفي ة إلى أن الق ول
قول الزوج بكل حال ،إال أن يدعي مستنكرا ،بأن يدعى مهرا ال يتزوج بمثله عادة.
9
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
املذهب الث' ''الث :ذهب املالكي ة إلى الق ول بأن ه إذا كان االختالف قب ل ال دخول
يؤدي ان اليمين ويقضى ملن قول ه أش به باملتع ارف و املعت اد بين أه ل بل ديهما ومن لم
يحلف قضي ضده ،أما بعد الدخول فالقول قول الزوج مع يمينه .
املذهب الرابع :ذهب الش افعية إلى الق ول بأنهم ا يتحالف ان ،ف إن حل ف أح دهما
ونكل اآلخر ثبت ما قاله ،وإن حلفا وجب مهر املثل ،ألنهما اختلفا في العوض املستحق
في العقد وال بينة فيتحالفا قياسا على املتبايعين إذا اختلفا في الثمن ،أما إذا كان مدعي
الزيادة الزوج فال تحالف ألنه معترف بما يدعيه ويبقى الزائد في يده.
ّل
_ االختالف في قبض الصداق :وصورته أن يدعي الزوج أنه س م زوجته املهر أو
ّل ّل
قدرا منه وتنكر الزوجة أنه س مها شيئا منه ،أو أن يدعي الزوج أنه س م زوجته قدرا
ّل
من املهر ،وتدعى أنه س مها أقل منه.
ف إذا كان الخالف بين ال زوجين قب ل ال دخول ،فق د اتف ق الفقه اء على أن الق ول
قول الزوجة مع يمينها ،وعلى الزوج أن يقيم البينة على صحة دعواه.
أما إذا كان الخالف بين الزوجين بعد الدخول ،فقد اختلف الفقهاء في ذلك على
النحو اآلتي:
املذهب األول :ذهب الشافعي وأحمد إلى أن القول قول الزوجة.
املذهب الث''اني :وذهب اإلمام مالك في املشهور إلى أنه إذا كان االختالف في أصل
ّل
القبض فاّد عى أنه س مها معجل الصداق ،وأنكرت ذلك ،فال ُي سمع قولها والقول قول
الزوج مع يمينه؛ ألن العادة جرت بدفع معجل الصداق قبل الدخول إن جرى عرف
أهل البلد على أن الزوج ال يدخل بالزوجة حتى يدفع الصداق ،فإن كان بلد ليس فيه
ه ذا الع رف ف القول ق ول الزوج ة م ع يمينه ا ،ف إن أق ام ال زوج بيئ ة حكم به ا ،وإن لم
تكن له بينة حكم لها إذا حلفت اليمين وهو مذهب الحنفية أيضا.
وإن كان االختالف في مق دار املقب وض ب أن ادعى مق دار معين ا ،وادعت أق ل من ه
فعلى الزوج إقامة البيئة ،وإال فالقول قولها بيمينها؛ ألن الظاهر يشهد لها ،حيث ثبت
حقها في املهر بمقتضى العقد.
ب_ الجانب القانوني:
تن اول املش رع الجزائ ري االختالف في الص داق في نص املادة 17من ق انون
األسرة " :في حالة النزاع في الصداق بين الزوجين أو ورثتهما وليس ألحدهما بينة ،وكان
10
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
قبل الدخول فالقول للزوجة أو ورثتها مع اليمين ،وإذا كان بعد البناء فالقول للزوج
أو ورثت ه م ع اليمين" .حيث قس مت ه ذه املادة االختالف ح ول الص داق إلى م ا قب ل
ال دخول وبع ده ،دون أن تح دد م ا هي الخالف ات املتعلق ة بالص داق ال تي تطب ق عليه ا
قاع دة اإلثب ات املنص وص عليه ا في نص املادة نفس ها ،وبالت الي تطب ق ه ذه القاع دة
املذكورة على جمي ع ح االت ال نزاع س واء كان متعلق ة بتس مية الص داق أو مق داره أو
صنفه أو نوعه أو في قبضه ،ويمكن تقسيمها إلى حالتين:
_ حالة االختالف في الصداق قبل الدخول:
لقد نص املشرع الجزائري في نص املادة 17على أنه" في حالة النزاع في الصداق
بين ال زوجين أو ورثتهم ا وليس ألح دهما بين ة وكان قب ل ال دخول ،ف القول للزوج ة أو
ورثتها مع اليمين ...
وم ا يمكن استخالصه من هذه املادة أن ه إذا لم يكن هن اك دخ ول وثار ن زاع بين
ال زوجين أو بين أح د ال زوجين وورث ة ال زوج اآلخ ر أو بين ورث ة ال زوجين ،ولم تكن
هناك بينة للمدعي أو للمدعى عليه ،فالقول هنا للزوجة أو ورثتها مع اليمين وهذا ما
جسدته التطبيقات القضائية.
_ حالة االختالف في الصداق بعد الدخول:
نص املش ''رع الجزائ ''ري على ه ''ذه الحال ''ة في املادة .... ":17وإذا كان بع ''د البن ''اء
فالقول للزوج أو ورثته مع اليمين".
وما يالحظ على املشرع الجزائري أنه خالف في نص املادة 17من قانون األسرة
األحكام التي وضعها فقهاء الشريعة اإلسالمية بحيث وضع قاعدة عامة واحدة وطبقها
على جميع حاالت النزاع املتعلقة بالصداق في حين أن فقهاء الشريعة اإلسالمية -كما
سبق ذكره -خصصوا لكل حالة نزاع قاعدة إثبات خاصة بها.
_5أثر تخلف الصداق في عقد الزواج:
أ_ الجانب الفقهي:
ذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الصداق هو حكم من أحكام الزواج ،وبالتالي إذا
لم يسّم أثناء إبرام العقد ،أو اتفق على إسقاط التسمية يكون العقد صحيحا وتستحق
الزوجة مهر املثل ،غير أنه ال يجوز االتفاق على إسقاط املهر ،بينما ذهب الحنفية إلى
11
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
صحة النكاح بمه ر املث ل إن خال من امله ر (أي اتف ق على إس قاطه) ،ألن وجوب ه ليس
لصحة النكاح؛ وإنما إظهارا لشرف املحّل .
أم ا املالكي ة ال ذين يعت برون -كم ا س بق ذك ره -الص داق ركن ا من أركان عق د
الزواج ،وبالتالي تخلفه بعد تسميته أو باالتفاق على إسقاطه يجعل العقد غير صحيح.
ب_ الجانب القانوني:
لق د نص ق انون األس رة على أث ر تخل ف ش رط الص داق في عق د ال زواج في نص
املادة 33منه ،والتي فّر قت بين حالتين:
_ حالة تخلف شرط الص داق قبل ال دخول ،هن ا رتبت فسخ العقد وال تستحق
الزوجة الصداق.
_حال ة تخل ف ش رط الص داق بع د ال دخول ،فهن ا رتبت إثب ات ال زواج بص داق
املثل ،وتترتب عليه آثار الزواج الصحيح.
رابعا :اإلشهاد في عقد الزواج في الفقه اإلسالمي وقانون األسرة الجزائري
اتفقت املذاهب األربع ة على أن الش هادة ش رط في صحة ال زواج فال يصح بال
شهادة اثنين غير الولي لقوله صلى هللا عليه وسلم فيما روته عائشة رضي هللا عنها" :ال
نكاح إال ب ''ولي وش ''اهدي ع ''دل" وروى ال دار قط ني ح ديث عن عائش ة أيض ا" :ال ب ''د في
النكاح من أربعة الولي ،والزوج ،والشاهدين" وروى الترمذي عن ابن عباس من قوله
عليه الصالة والسالم" :البغايا الالتي ينكحن أنفسهن بغير بينة".
وألن الش هادة حفاظ ا على حق وق الزوجة والول د لئال يجح د أب وه فيض يع نسبه وفيه ا
درء التهم ة عن ال زوجين ،وبي ان خط ورة ال زواج وأهميت ه ،فالش هادة ش رط أساسي
لصحة عقد الزواج ولهذا يتطلب أن تبنى على عدة أحكام حتى يتم التحقق من توافر
ش رط الش هادة وبي ان تل ك األحكام يرتب ط بأهلي ة الش هادة في عق د ال زواج ل ذا نتن اول
هذه األحكام فيما يأتي:
_1وقت الشهادة :
تجب الش هادة عن د العق د نفس ه بحيث يتالزم ان ف إذا ف رض وأن عق د ال زواج
بحضور من ال تصلح شهادتهم يفسد العقد ،والعكس إذا تمت الشهادة في طي الكتمان
12
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
والسرية فيصبح العقد ما دام استوفى أركانه وفقا لرأي جمهور الفقهاء غير املالكية
القائلين بصحة العقد حتى وإن تواصوا بالكتمان.
أما املالكية ،وفي رواية أخرى عن أحمد فقد ذهبوا إلى عدم اعتبارها شرط بل
يسن كما قال الحنابلة أو يندب كما قال املالكية فقط إحضار شاهدين وإنما ال يتم
ال دخول إال بهم ا ،وعلي ه فهي تع د ش رط للنف اذ وال للصحة ،فهي ش رط في صحة
الدخول ،فإن دخل بها دون إشهاد فسخ العقد إال إذا ظل الزواج واشتهر عند الناس
أن فالن ا ت زوج فالن ة فال يفسخ ،ويق ول علي الع دوي ":األص ل أن اإلش هاد على النكاح
واجب ،وأما إحضارهم عند العقد فمستحب فإن حصل اإلشهاد على العقد فقد وجد
االستحباب والوجوب ،وإن فقد وقت العقد ووجد عند الدخول فقد حصل الواجب
وف ات االس تحباب ،وإن لم يوج د إش هاد عن د العق د وال دخول فق د حص ل ال واجب
وف ات االس تحباب وإن لم يوج د إش هاد عن د العق د وال دخول لكن وج د الش هود عن د
واحد منهما فالصحة قطعا ،وإن لم يحصل الوجوب واالستحباب وإن لم توجد شهود
عند واحد منهما فالفساد قطعا".
ويختل ف املالكي ة م ع الحنفي ة فيم ا إذا عق د الزوج ان زواجهم ا بحض ور ش اهدين
وأمرهم ا بكتمان ه ،ق ال املالكي ة بع دم صحة العق د لع دم اإلش هار ،وال ذيوع وق ال
الحنفية والشافعية بصحة العقد لحصول اإلشهار باإلشهاد.
وبما أن املشروعية من عقد الزواج في الشريعة تتعلق بحفظ األعراض واألنساب ،وما
ي ترتب علي ه من نت ائج وحق وق له ا تأثيره ا على املجتمع ات اإلس المية ل ذلك وجب أن
تتحقق فيه العالنية عن طريق اإلشهار .
_2تحقق الشهادة:
الش هادة تأكي د وتبي ان أم ام النف وس السيئة ،وه ذا تماش يا م ع ح ديث الرس ول
ص لى هللا علي ه وس لم فيم ا روت ه عائش ة" :ال نكاح إال ب ' ''ولي وش ' ''اهدي ع ' ''دل ف ' ''إن
تشاجروا فالسلطان ولي من ال ولي له".
وق د ح رص الش ارع على تك ريم عق د ال زواج ،وإعالن ه وإظه اره للن اس ملا ي ترتب
عليه من نتائج تتعلق بالشخص وباألسرة واملجتمع حتى ال يحاول أحد الزوجين إنكاره
اشترط فيه الشهود زيادة في الحرص على هذا العقد.
_3نصاب الشهادة:
13
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
14
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
الطالق ،كم ا قي ل أيض ا إن الش هادة في النكاح تخ الف الش هادة في األم وال ال تي يكتفي
فيها برجل وامرأتين ذلك ألن النكاح أعظم خطر أو أقل وقوعا فال يلحق بما هو أدنى
خطر وأكثر وجودا ،ومن جهة أخرى أن املقصود من الزواج ليس هو املال ويحضره
الرج ال في غ الب األحي ان ،فخ الف ب ذلك ال بيع من حيث املقص د والكيفي ة ،فطلبت
الذكورة في شهادته ،ومن ثم فال يمكن قبول شاهد وامرأتين أو أربع نسوة ،ولقد أشار
املشرع إلى هذا الشرط بقوله في املادة 9ق أج "وشاهدين" ويقصد بها ذكرين ،وإذا لم
يكونا ذكرين أتى بصيغة التثنية بل لقال ذكرا وامرأتين.
وذهب الحنفي ة إلى ج واز ش هادة رج ل وام رأتين احتجاج ا لقول ه تع الى:
"واستش ' ''هدوا ش ' ''هيدين من رج ' ''الكم ف ' ''إن لم يكون ' ''ا رجلين فرج ' ''ل وامرأت ' ''ان ممن
ترضون من الشهداء" والبد من شاهدين اثنين لحديث الرسول عليه الصالة والسالم:
"ال نكاح إال ب''ولي وش''اهدي ع''دل" ولكن مع هذا نقول أن رأي الجمهور أولى وحججه
أقوى وقربه مما تعوده الناس وتعارفوا عليه أزيد هذان الشاهدان رغم أن املشرع لم
بذكر بصراحة حضورهما أثناء انعقاد العقد ،إال أن هذا يفهم من نص املادة 18ق أ
ج التي تشترط لكي يوثق عقد الزواج سواء أمام املوثق أو موظف مؤهل قانونا لذلك
أن يت وافر م ا تطلب ه املادة 9من ق أج الجامع ة لش روط عق د ال زواج وال تي من بينه ا
الشاهدين.
وهي إن لم تنص على ذلك صراحة إال أن الجانب العملي والتطبيقي يؤكدان هذا
املع نى ،ذل ك أن أي عق د زواج إذا أري د توثيق ه كان من بين م ا يطلب ه املوث ق أو ض ابط
الحال ة املدني ة ه و حض ور الش اهدين ومعهم ا بطاق ة الهوي ة وبحض ورهما يكون عق د
ال زواج ،ذل ك أن الن اظر إلى السجل الرس مي ال تي تسجل في ه عق ود ال زواج يج ده
يش ترط حض ورهما وس ماعهما لكالم العاق دين ،ثم بع د ه ذا يوقع ان على محض ر
ال زواج وبه ذا يتم توثيق ه ،وبه ذه الكيفي ة تس تطيع الش هادة أن ت ؤدي غرض ها ألن
الشاهدين قد سمعا العاقدان عند قيامهما باإليجاب والقبول املكون للعقد.
_ اإلسالم والعدالة:
من شروط الشهادة أو الشهود كذلك اإلسالم والعدالة فقد اشترط اإلسالم في
الشهود أن يكونوا مسلمين وعادلين.
15
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
أ_ اإلس' ''الم :يش ترط في الش اهدين أن يكون ا مس لمين ذل ك ألن الش هادة تعت بر
والي ة والوالي ة على املس لم ال تكون إال ملس لم وال زواج ال يخ رج عن واح دة من ص ور
ثالث ،فإما أن يكون بين غير املسلمين وهذا ال والية لنا عليه ،وال يهمنا ويكون اإلشهاد
فيه لغير املسلمين لوجود النصرة بينهم وقيام التوارث .
وإم ا أن يكون بين مس لمين وه ذا ال تكون الش هادة في ه إال للمس لمين لقي ام
التناصر بينهم أيضا ولوالية وهذا باتفاق الفقهاء ألن عقد الزواج أقرب إلى العبادات
منه إلى املعامالت.
وإم ا أن يكون بين مس لم وغ ير مس لمة كالكتابي ة من يهودي ة أو نص رانية وه ذه
الحالة فيها خالف بين الفقهاء ،قال الحنفية وأتباعه عدم اشتراط إسالم الشهود بل
يصح الزواج عندهما بحضور غير املسلمين ،إال أن بعض الفقهاء يرى عكس ما قال به
الحنفي ة بحيث ال يصح في زواج املس لم بغ ير املس لمة ( الكتابي ة) أن يش هد كت ابي على
عق د زواجهم ا ،وحجتهم في ذل ك أن الش هادة على العق د ال ذي يتعل ق ب الزوج والزوج ة
معا ،فلو جازت هذه الشهادة لكان فيها شهادة غير املسلم على املسلم وهو الزوج وهذا
ال يجوز ألنه ال والية لغير املسلم على املسلم.
وه ذا ال رأي في نظرن ا ه و ال راجح ألن العق د ي ترتب علي ه حق وق والتزام ات وينشئ
عالق ات ال تنتهي عن د أط راف العق د ول ذا ال يمكن ش هادة غ ير املس لم في عق د زواج
مسلم زيادة على ذلك أن لهذا العقد شأن عظيم باعتباره عقدا دينيا.
ب_ العدالة :املقصود بها هي االستقامة وإتباع تعاليم الدين ولو في الظاهر بأن
يكون مستور الحال غير مجاهر بالفسق واالنحراف .
_ 5موقف املشرع الجزائري من اإلشهاد وأثر تخلفه في قانون األسرة
الجزائري
أم ا فيم ا يخص املش رع الجزائ ري فق د نص على الش هادة في املادة 9مك رر من
قانون األسرة الجزائري بحيث جعل منها شرطا لصحة عقد الزواج مثلها مثل الولي
والصداق،
16
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
إال أن املشرع الجزائري بعد أن ذكر الشهادة ضمن شروط العقد غير أنه سكت عن
الش روط ال واجب توافره ا في الش هود ،ولم يش رط إطالق ا كم ا لم ي بين لن ا جنس
الشهود مما يحيلنا إلى الرجوع إلى الشريعة اإلسالمية وفقا للمادة 222من ق.أ.ج.
أم ا م ا يمكن أن ي ترتب من آث ار على اإلخالل بش رط اإلش هاد في عق د ال زواج
فيمكن الق ول أن تخل ف اإلش هاد في عق د ال زواج ي ترتب علي ه ذل ك الج زاء املنص وص
علي ه في الفق رة 2من املادة 33من ق.أ.ج " إذا تم عق د ال زواج ب دون ش اهدين يفسخ
قبل الدخول وال صداق فيه ويثبت بعد الدخول بصداق املثل".
فقانون األسرة يشترط اإلشهاد في عقد الزواج ال في الدخول باملرأة مخالفا بذلك رأي
املالكية الذين يشترطونه في الدخول.
وخالص ة الح ديث بالنس بة إلى اإلش هاد في عق د ال زواج أن الفقه اء من املس لمين
يتفقون على أن اإلشهاد أو الشهادة في الزواج ،شرط ال بد منه ويتفقون على أنه ليس
شرط انعقاد ،بل هو شرط صحة وتخلفه يؤدي إلى فساد العقد وإلى إمكانية فسخه،
ولكنهم اختلفوا حول ما إذا كان يجب توفره وقت انعقاد العقد ،أم يجوز توفره عند
الدخول.
خامسا :انعدام املوانع الشرعية في عقد الزواج
من ش روط انعق اد ال زواج أن تكون املعق ود عليه ا محال للعق د ،أي أال يكون بين
َذ
ال زوجين م انع من موانع ال زواج ،وه ذا لقول ه تع الى" :وأح' ''ل لكم م' ''ا وراء ِل كم أن
تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين".
واملحرمات من النساء من األحكام التي ال تختلف باختالف الزمان واملكان ،ألنها
ال تقبل التغيير وال التبديل ،وليس فيها مجال لالجتهاد.
ولقد تناول املشرع الجزائري أحكام موانع الزواج في قانون األسرة من املادة 23
إلى املادة .30
وتقس م املحرم ات من النس اء طبق ا للم ادة 23ق أ " يجب أن يكون كل من
الطرفين خاليا من املوانع الشرعية املؤبدة واملؤقتة" ،إلى قسمين أساسيين :املحرمات
املؤبدة و املحرمات املؤقتة.
_1املوانع املؤبدة في عقد الزواج:
17
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
18
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
الشقيقات أو ألب أو ألم والخاالت الشقيقات أو ألب أو ألم ،والدليل على تحريم هذا
الصنف ،قوله تعالى..." :وعماتكم وخاالتكم "...إذ أن كل من ينفصل عن الجد بدرجة
يطلق عليه عمة أو خالة مهما عال الجد.
ويالح ظ في ه ذا الص نف أن التح ريم يكون بدرج ة واح دة فق ط ،أم ا الدرج ة
الثاني ة من ه وم ا بع دها فهن حالل للرج ل كبن ات األعم ام والعم ات ،وبن ات األخ وال
والخاالت ،يدل على هذا قوله تعالى في اآلية الكريمة بعد أن ذكر املحرمات من النساء:
َذ
"...وأح ''ل لكم م ''ا وراء ِل كم" ،وعلى ه ذا ال يح رم ال زواج بهن ،ب ل لق د ص رح الق رآن
بحلهن في قول ه تع الى" :يأيه ''ا الن ''بي إن ''ا أحللن ''ا ل ''ك أزواج ''ك الالتي آتيت أج ''ورهن وم ''ا
ملكت يمين ''ك مم ''ا أف ''اء هللا علي ''ك وبن ''ات عم ''ك وبن ''ات عمات ''ك وبن ''ات خال ''ك وبن ''ات
خاالتك الالتي هاجرن معك ،"...فاآلية أباحت للرسول عليه السالم بأن يتزوج ببنات
عم ه وبن ات عمات ه وبن ات خال ه وبن ات خاالت ه وم ا ح ل ل ه يح ل ألمت ه ص لى هللا علي ه
وسلم ،إن ال دليل على الخصوصية.
والقراب ة املذكورة في اآلي ة سبب التح ريم ،س واء كان سبب ذل ك النكاح أم
السفاح ،فالبنت التي تلدها من يزني بها حرام عليه ،ولو كان نسبها ال يثبت منه ،ألن
الزاني ال يثبت نسبا ،وهكذا.
فالنظر في القرابة املحرمة إلى الواقع ،ألن العلة هي الجزئية ،وصلة الدم ثابتة
قائمة ،فيثبت معها التحريم.
وه ذا م ذهب أبي حنيف ة وأصحابه وم ذهب الش افعي خ الف ذل ك ،وق رر أن
القراب ة ال تي تكون من س فاح ال تح رم النكاح ،إنم ا ال ذي يح رم النكاح ه و القراب ة
الناشئة من نكاح ،ألنها القرابة التي يثبت بها النسب شرعا ،وفي غيرها ينتفي النسب،
فال تحريم لذهاب موجبه ،وألن التحريم بالقرابة نعمة ،والنعمة ال تثبت باملعصية.
ب_ املحرمات باملصاهرة:
بين هللا س بحانه وتع الى املحرم ات بس ب املص اهرة بقول ه" :وأمه ' ''ات نس ' ''ائكم
ورب ' ''ائبكم الالتي في حج ' ''وركم من نس ' ''ائكم الالتي دخلتم بهن ف ' ''إن لم تكون ' ''وا دخلتم
بهن فال جناح عليكم ،وحالئل أبنائكم الذين من أصالبكم" وقوله تعالى" :وال تنكحوا
ما نكح آباؤكم من النساء إال ما قد سلف".
19
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
فيؤخذ من القرآن الكريم أن املسلم يحرم عليه بسبب املصاهرة أربعة أنواع
من النساء ،وهذا ما أخذ به املشرع الجزائري في قانون األسرة من خالل نص املادة
26منه املحرمات باملصاهرة هي:
_1أص''ول الزوج''ة بمج''رد العق''د عليه''ا :كأمها وجدتها وإن علون سواء كانت
الجدة من جهة األب كأم أبي الزوجة أم من جهة األم ،زوجة األم من جهة األم ،كأم
أم الزوجة ،فلو عقد رجل على امرأة عقدا صحيحا حرمت عليه أمها تحريما مؤبدا
سواء دخل بابنتها أو لم يدخل ،أي بمعنى أنه لو طلق الرجل زوجته أو ماتت فال يحل
له تزوج من أمها أو إحدى جداتها لقوله تعالى..." :وأمهات نسائكم" فهو معطوف على
قوله تعالى" :حرمت عليكم أمهاتكم " والتحريم هنا يتحقق بمجرد العقد على الزوجة
وال يشترط ال دخول إلطالق النص ال وارد في التح ريم ،حيث لم يقي د التح ريم في هذا
النص بال دخول بالزوج ة ،فيبقى الحكم على إطالق ه ،وله ذا ق ال الفقه اء " العق د على
البنات يحرم األمهات " ،أي بمعنى أن أم الزوجة تحرم بمجرد العقد على ابنتها سواء
دخل بها الزوج أم فارقها قبل الدخول.
_2فروع الزوجة إن حصل الدخول بها :وهن كبناتها وبنات بناتها وبنات أبنائها
وإن نزلن إذا تم الدخول بالزوجة -األم– فمثال لو عقد رجل على امرأة عقدا صحيحا
ثم دخل بها واقتصر األمر على مجرد العقد عليها فال تحريم ،والدليل على تحريم هذه
الطائفة فهو قوله تعالى" :وربائبكم الالتي في حج''وركم من نس''ائكم الالتي دخلتم بهن،
فإن لم تكونوا دخلتم بهن فال جناح عليكم" ،والربيبة هي ابنة الزوجة ألنه يربيها وهي
ح رام بنص اآلي ة س واء أكانت في الحج ر أو لم تكن ووص فها بأنه ا في الحج ر وص ف
كاشف ،وليس بقيد ،ألن الغالب أنها تكون في الحجر.
_3زوج''ات أص''ول ال''زوج وإن عل''وا :كزوجة أبيه وزوجات أجداده من جهة
األب أو األم مهم ا علت درجتهن س واء تم ال دخول بهن أم ال ،فل و عق د األب أو الج د
على ام رأة ف إن ه ذه املرأة تح رم على االبن وابن االبن وابن البنت مهم ا ن زلت درجت ه
تحريم ا مؤب دا وال دليل على تح ريم ه ذا الص نف قول ه تع الى ":وال تنكح' ''وا م' ''ا نكح
آب''اؤكم من النس''اء إال م''ا ق''د س''لف إن''ه كان فاحش''ة ومقت''ا وس''اء سبيال" ،فهذه اآلية
ص ريحة في تح ريم زوج ة األب أم ا داللته ا في تح ريم زوج ة الج د وإن عال ،فألن اس م
20
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
األب يطلق لغة على األصل املذكر مباشرا كان أم غير مباشر ،فشمل األب والجد أبا
الجد وإن عال.
_4زوجات فروع الزوج وإن نزلوا :وهّن زوجة االبن ،وابن االبن ،وابن البنت
وإن نزل وا س واء دخ ل به ا أو لم ي دخل ،ف إذا عق د االبن على ام رأة ح رمت ه ذه املرأة
على أبيه وجده مهما على تحريما أبديا ،والدليل على ذلك قوله تعالى في آية املحرمات
من النس اء..." :وحالئ ' ''ل أبن ' ''ائكم ال ' ''ذين من أص ' ''البكم" ،والحالئ ل جم ع حليل ة وهي
الزوج ة ومن ثم يكون املع نى واضحا والتح ريم يتحق ق بمج رد العق د على املرأة عق دا
صحيحا حتى لو لم يحصل بها دخول.
ج_ املحرمات بسبب الرضاع:
يح رم بالرض اع ثماني ة أص ناف وهن األربع ة املحرم ات بالنس ب واألربع ة املحرم ات
باملصاهرة وهي على النحو التالي:
– 1أصول الشخص من الرضاع مهما علو :وهي األم من الرضاعة والجدة أو
الجدات أي أم املرضعة وأم زوج املرضعة.
– 2ف''روع الشخص من الرضاع مهم''ا ن''زلن :وهي البنت رضاعا وبنتها ،وبنت
االبن رضاعا وبنتها وإن نزلت ،ألنهن بنات إخوته وأخواته.
– 3ف ''روع أب ''وي الشخص من الرضاع :وهي األخ وات من الرض اعة ألنهن
خاالت املرضع ،وبنات اإلخوة واألخوات مهما نزلن ،ألنهن بنات األخ واألخت.
– 4الف'روع املباش''رة لألج'داد والج''دات من الرضاع :وهن عماته وخاالته من
الرض اع ،ألن ه برض اعة ص ارت أخ وات املرض عة خ االت له وأخ وات زوجه ا عمات ل ه
فيحرم عليه الزواج بواحدة منهن كما يحرم من النسب وأما بناتهن فهن حالل له كما
في بنات الخاالت والعمات من النسب فهن حالل اتفاقا.
– 5أص ''ول الزوج ''ة من الرضاع :إذ يح رم على الرج ل أن ي تزوج ب أم زوجت ه
رض اعا وك ذلك ج دتها مهم ا عل ون ،ف إذا عق د رج ل على ام رأة وكانت ق د رض عت من
امرأة أخرى غير أمها النسبية حرمت أمها بالرضاعة عليه وكذا أم أمها مهما علت.
– 6ف''روع الزوج''ة املدخول به''ا من الرضاع :يحرم على الرجل أن يتزوج بنت
زوجت ه من الرض اع وبن ات أوالدهم ا ك ذلك مهم ا ن زلن ،إذا كانت الزوج ة م دخوال به ا
21
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
ف إذا لم يكن ق د دخ ل به ا فال تح رم فروعه ا من الرض اع على ال زوج ،ف إذا كان لرج ل
زوجة قد أرضعت طفلة من زواج سابق كانت هذه الطفلة ابنة لزوجته من الرضاع
فإذا دخل بأمها حرم عليه الزواج بها وببناتها وبنات أوالدها مهما نزلن كما هو الحال
في التحريم بالنسب.
– 7زوجات أصول الشخص رضاعا :كزوجة أبيه وجده وإن عال سواء دخل بها
األب أو الجد أم لم يدخل ،فلو رضع طفل من امرأة متزوجة صار زوج هذه املرأة أبا
لهذا الطفل رضاعا ،وأبو الزوج جدا له كذلك فإذا كان لهذا الزوج زوجة أخرى غير
من أرض عته ح رم على الرض يع ال تزوج به ا ألنه ا زوج ة أبي ه رض اعا ،كم ا يح رم علي ه
الزواج من امرأة أبيه نسبا.
_ 8زوج''ات ف''روع الشخص رضاعا :وهن زوجات ابنه وابن ابنته من الرضاع
وإن ن زل ،س واء دخ ل االبن بزوجت ه أم ال فال يج وز لألب بالرض اع أن ي تزوج ام رأة
ابن ه من الرض اع فل و أن ام رأة أرض عت طفال أص بح ابنه ا وابن زوجه ا رض اعا ،ف إذا
تزوج هذا الراضع حرمت زوجته على أبيه رضاعا كما تحرم زوجة االبن بالنسب.
والتح ريم بالرض اع ث ابت ب القرآن والس نة واإلجم اع ،فمن الق رآن قول ه
س بحانه وتع الى " :وأمه' ' ''اتكم الالتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ،"...فه و
معطوف على قوله تعالى" :حرمت عليكم أمهاتكم "..فهذه اآلية تدل بعبارتها الصريحة
على تح ريم ص نفين من املحرم ات بسبب الرض اع وهم ا األمه ات واألخ وات أم ا بقي ة
األصناف فاآلية وإن لم تص رح بتحريمه ا إال أنها تشير إلى ذل ك ألن هللا تعالى طاملا أنه
سمى املرضعة وأوالدها إخوة للرضيع ذلك على أن الرضاع يصل الرضيع بمن أرضعته
صلة الفرع بأصله ،وأنه يتكون بالرضاع جزئية يصير بها الرضيع جزءا ممن أرضعته،
ُأ
كأوالدها الذين ولدتهم ،فهم أجزاء منها ومن زوجها كما أكد ب خوة أوالدها له سبحانه
بقول ه " وأخ واتكم من الرض اعة" ومن هن ا ف إن ذل ك الرض يع يكون ابن ا ملن أرض عته
ولزوجه ا بمنزل ة االبن من النس ب ،كم ا يكون أوالد ه ذين ال زوجين أو أوالد أح دهما
أخوة وأخوات له ،ويكون أخوة من أرضعته وأخواتها أخواال وخاالت له ،ويكون أخوة
زوج املرضعة وأخواته أعماما وعمات له من الرضاع ،ومن السنة قوله صلى هللا عليه
وسلم" :يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب".
22
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
23
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
الث دي ويمتص من ه ثم يترك ه باختي اره من غ ير ع ارض يجعل ه ي ترك الث دي تركا غ ير
ط بيعي ،كتنفس مثال أو شيء يلهي ه عن الرض اع ،ف إذا أخ ذ الص بي الث دي وامتص من ه
حتى تركه باختياره ،ثم عاد إلى الرضاع فهذه رضعة واحدة ،واستدلوا على بما رواه
مس لم وأب و داود والنس ائي عن عائش ة رضي هللا عنه ا أنه ا ق الت ":كان فيم ا ن زل من
القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن " ،كما قالوا إن علة التحريم بالرضاع
هي أنه ينبث اللحم وينشر العظم ،وهذا ال يتحقق إال برضاع يوم كامل على األقل وهو
ال يقل عن خمس رضعات.
إن هذا الحديث الذي استند إليه أصحاب هذا الرأي هو حديث ضعيف ،فقد
قال عنه ابن العربي ":إنه أضعف األدلة ألنها قالت – يعني عائشة – كان فيما نزل من
القرآن ولم يثبت أصله فكيف يثبت فرعه" أي أنه لم يثبت من القرآن فكيف يثبت به
الحكم املأخوذ منه ،كما أن هذا الحديث روي بروايات مضطربة ،والعبارات التي روي
بها فيها اضطراب كبير.
من خالل ما تقدم يتبين لنا مدى رجاحة الرأي األول القائل بأن التحريم يثبت
بقلي ل الرض اع و كث يره ،وذل ك لع دم وج ود ال دليل الصحيح املقي د ال طالق الق رآن
وت رجيح ه ذا ال رأي ال يتع ارض م ع كون عل ة التح ريم باإلرض اع هي إنب ات اللحم
وانتشار العظم مسألة خفية تختلف باختالف الرضعات فرب رضعة تفعل ما ال تفعله
رض عات ،من أج ل ه ذا جع ل الش ارع اإلرض اع ه و املع نى ال دال على الحكم باإلرض اع
املحرم وهذا ظاهر يعلم وجوده أما لو جعلها إنبات اللحم وانتشار العظم كشف على
املكلفين معرفة الرضاع املحرم من غيره لخفاء حقيقة اإلنبات عن الناس.
_2املوانع املؤقتة في عقد الزواج:
املوانع املؤقتة أو املحرمات تحريما مؤقتا في عقد الزواج هن النساء الالتي يحرم
الزواج بهن حرمة مؤقتة لسبب معين ،فإن ظل هذا السبب قائما بقي التحريم قائما،
وإن زال هذا السبب زالت الحرمة .
واملحرمات مؤقتا نصت عليها املادة 30ق أ ج حيث جاء فيها قبل التعديل ما يلي:
" يحرم من النساء مؤقتا".
24
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
املحص نة واملعت دة من طالق أو وف اة واملطلق ة ثالث ا ،وال تي تزي د على الع دد
املرخص به شرعا.
ويح رم الجم ع بين األخ تين وبين املرأة وعمته ا أو خالته ا س واء كانت ش قيقة أو
ألب أو ألم أو من الرضاع".
أما بعد التعديل فقد نصت على ما يلي ":يحرم من النساء مؤقتا:
_ املحصنة
_ املعتدة من طالق أو وفاة
_ املطلقة ثالثا
كما يحرم مؤقتا:
_ الجمع بين األختين أو بين املرأة وعمتها أو خالتها ،سواء كانت شقيقة أو ألب أو
ألم أو من رضاع.
_ زواج املسلمة من غير املسلم
ومن خالل ق راءة نص املادة 30من ق أج املعدل ة ب األمر رقم 05 – 02الص ادر
خالل سنة 2005نجد أنه ا تنص على أنه يحرم من النساء بصفة مؤقتة 05أصناف،
أما ما يمكن أن نالحظه بشأن التعديل الذي شمله األمر رقم 05 – 02لسنة 2005
فإنه يعتبر تعديال تقنيا اكتفى بإعادة صياغة املادتين 31، 30بشكل سمح بنقل الفقرة
األولى من املادة 31إلى .30و بحذف عبارة والتي تزيد عن العدد املرخص به شرعا من
صلب املادة 30وهي عبارة تتعلق بالزواج بامرأة خامسة مع بقاء األربعة ،وهو وضع
نادر الوقوع حاليا ،كما يتبين من خاللها توجه هذا القانون الذي يقّي د املباح في مسألة
تعدد الزوجات.
وعليه يمكن حصر املحرمات على سبيل التأقيت في 05أنواع:
–1املحص نة –2املعت دة من طالق أو وف اة –3املطلق ة ثالث ا –4الجم ع بين
املحرمين –5 .زواج املسلمة من غير املسلم.
أ_ املحص''نة :واملقصود بها هي من كانت زوجة للغير ،وبالزواج صارت محصنة،
فتعلق حق الغير بها يمنع الزواج بها والعقد عليها ،وال فرق بين كون الغير مسلما أو
غير مسلم ،كأن تكون نصرانية أو يهودية ،متزوجة بمن هو على ملتها ،حيث ال يجوز
25
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
للمسلم الزواج بها لعموم اآلية القرآنية في املنع ،وهذا منعا من االعتداء على حق الغير
واملحافظة على األنساب من االختالط ،إذ يقول املولى تبارك وتعالى ":واملحص''نات من
النس ''اء إال م ''ا ملكت أيم ''انكم" ،واملحص نات هن ا لفظ ع ام يش مل كل متزوج ة مسلمة
كانت أو غير مسلمة.
هذا ،وقد ألحق الفقهاء باملعتدة من زواج صحيح املعتدة من دخول بعقد فاسد
أو من ال وطء بش بهة ،فتح رم املعت دة من ذل ك على من يري د ال تزوج به ا ،م ا دامت في
الع دة لكي ال ي ؤدي ذل ك إلى اختالط األنس اب ،وإذا ت زوجت املرأة املعت دة أثن اء ف ترة
العدة كان العقد فاسدا عند الحنفية ،يجب التفريق بينهما جبرا إن لم يتفرقا اختيارا،
على أنها تحل له بعد انتهاء العدة بعقد جديد عند جمهور الفقهاء ومنهم الحنفية.
أم ا زواج الرج ل بمعت دة فج ائز ف إن كان طالق رجعي ا راجعه ا ،وإن كان بائن ا
بينونة صغرى عقد عليها عقدا جديدا املادة 50ق أ ج ،فإن عقد شخص على معتدة
الغير ودخل بها فالعقد فاسد ،وقيل باطل ألن املرأة ممنوعة من الزواج لحق الزوج
األول فتزوجه ا في ع دتها فتزوجه ا وهي في عص مته ،فيجب أن يف رق بينهم ا وال تح ل ل ه
بعد ذلك أبدا عند اإلمام مالك مع وجوب التفريق بينهما وال يحل له زواجها أبدا.
ب_ املطلقة ثالثا:
إذا كانت الشريعة اإلسالمية قد أعطت الرجل الحق في طالق زوجته ،إال أنه إذا
اس تعمله على غ ير الوج ه املطل وب ش رعا ،جعلت ه الش ريعة مانع ا من إع ادة زوجت ه
إليه ،فقد أباحت الشريعة اإلسالمية للرجل أن يطلق زوجته ثالث مرات ،وأباحت له
بعد املرة األولى وبعد املرة الثانية أن يرجع هذه الزوجة إلى عصمته مرة أخرى بدون
عقد جديد وبدون مهر جديد ،وبدون رضاها إن كان الطالق رجعيا ،وكانت ال تزال في
عدتها منه أو بعقد جديد وبمهر جديد وبرضاها إذا كان الطالق بائنا أو انقضت عدتها
منه بعد الطالق الرجعي.
ف إذا طل ق الرج ل زوجت ه الطلق ة الثالث ة ،ح رمت علي ه تحريم ا مؤقت ا ،فاملطلق ة
ثالثا تحرم تحريما مؤقتا على مطلقها ،ويتوقف حلها له وإزالة هذا التحريم على توافر
شروط ،وهي أن تنتهي عدتها منه ،وأن يعقد عليها رجل آخر عقدا صحيحا ،وبتراض
منه ا ب دون اتف اق ال زوج األول ،وأن ي دخل به ا ال زوج الث اني دخ وال حقيقي ا ،حيث ال
تكفي الخلوة في ذلك ،ثم يطلقها الزوج الثاني من تلقاء نفسه بدون اتفاق مع الزوج
26
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
األول أو يم وت عنه ا ،وأن تنقضي ع دتها من ال زوج الث اني ،إذ ال يح ل ال زواج في أثن اء
العدة ،ثم يعقد عليها الزوج األول برضاها وبمهر وعقد جديدين
والدليل على تحريم املطلقة ثالثا على زوجها تحريما مؤقتا قوله تعالى" :الطالق
مرتان فإمساك بمعروف أو تس'ريح بإحس'ان وال يح'ل لكم أن تأخذوا مم'ا آتيتم'وهن
شيئا ،إال أن يخاف' ''ا أال يقيم' ''ا ح' ''دود هللا ف' ''إن خفتم أال يقيم' ''ا ح' ''دود هللا فال جن' ''اح
عليهما فيما افتدت به تلك حدود هللا فال تعت'دوها ،ومن يتع'ّد ح'دود هللا فأولئ'ك هم
الظاملون ،فإن طلقها فال تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره."...
ف املراد ب الطالق هن ا ه و الطلق ة الثالث ة ب دليل قول ه تع الى" :الطالق مرت ان
فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان "...إلى قوله تعالى" :ف''إن طلقه''ا فال تح''ل ل''ه من
بعد حتى تنكح زوجا غيره".
فإن حصل وطلق الثالثة حرمت عليه املرأة حرمانا مؤقتا ،ومنع من الزواج بها حتى
تتزوج أخر زواجا كامال صحيحا ال تأقيت فيه وال بقصد التحليل لقوله صلى هللا عليه
وسلم " لعن هللا املحلل واملحلل له" ،وكذلك قوله صلى هللا عليه وسلم ":أال أخبركم
ب ' ''التيس املس ' ''تعار ؟ ق ' ''الوا :بال ي ' ''ا رس ' ''ول هللا ،ق ' ''ال :ه ' ''و املحل ' ''ل ،لعن هللا املحل ' ''ل
واملحلل له".
ومن ه ذا استنتج الفقه اء ع دم ج واز وصحة نكاح املحل ل ،وإن حص ل وت زوج،
فق د حكم املالكي ة بفس اده وق الوا بفسخه قب ل ال دخول وبع ده ،وم ا دام ه ذا حكم ه
فإنه ال يحل للمرأة الرجوع إلى مطلقها األول.
ج_ الجمع بين محرمين:
يحرم على الرجل أن يجمع بين محرمين ،وللفقهاء في بيان ذلك ضابط مشهور وهو أن
كل ام رأتين إذا كانت كلتاهم ا ل و فرض ت ذك را واألخ رى أن ثى ح رمت علي ه ،وبت الي ال
يصح الجمع بينهما وبناء على ذلك فال يجوز الجمع بين األختين وال بين املرأة وعمتها أو
خالتها.
واستدلوا على ذلك بقوله تعالى " وأن تجمعوا بين األختين إال م'ا ق'د س'لف" ،وبقوله
علي ه الص الة والس الم ":ال تنكح املرأة على عمته ''ا وال على خالته ''ا وال املرأة على ابن ''ة
أخيه ' ''ا وال ابن ' ''ة أخته ' ''ا ف ' ''إنكم إن فعلتم ذل ' ''ك قطعتم أرح ' ''امكم" ،وال ف رق في ه ذا
27
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
التحريم بين أن يكون الرحم من جانب النسب أو من جانب الرضاعة فاألختان رضاعا
كأختين نسبا فال يحل الجمع بينها.
والحكم ة في تح ريم الجم ع بين املح ارم هي أن الجم ع بين مح رمين ي ؤدي إلى
قطيع ة ال رحم وذل ك بسبب م ا ق د يكون بين الض رتين من الغ يرة ال تي ق د ت ؤدي إلى
التباغض والشقاق ،ويحرم الجمع بين املحرمين حال قيام الزوجية حقيقية ،فيحرم
الجمع بينهما بأن يجتمعا معا في عصمته في وقت واحد باتفاق الفقهاء ،ويحرم الجمع
بين املح رمين ح ال قي ام الزوجي ة حكم ا ،فيح رم الجم ع بينهم ا في حال ة م ا إذا أراد أن
ي تزوج الثاني ة واألولى معت دة من طالق رجعي باتف اق الفقه اء أم ا إذا كانت معت دة من
طالق بائن س واء كانت البينونة صغرى أم كبرى فقد ذهب الحنفية إلى حرمة الجمع
بينهما أيضا ،ألن بعض أثار الزوجية ما زالت باقية.
بينما يرى املالكية والشافعية وغيرهم أنه في حالة ما إذا كانت املرأة معتدة من
طالق بائن سواء كانت البينونة صغرى أم كبرى فال يحرم على الرجل أن يتزوج أختها
أو عمتها أو خالتها أثناء فترة العدة هذه وال يعد ذلك جمع بين املحارم ،ألنه بالطالق
البائن تكون قد انقضت رابطة الزوجية.
وق د ذهب املش رع الجزائ ري في املادة 30من ق انون األس رة الجزائ ري إلى أن
الجمع بين املحرمين من املوانع املؤقت بقوله في الفقرة " :4ويحرم الجمع بين األختين
أو بين املرأة وعمتها أو خالتها سواء كانت شقيقة أو ألب أو ألم أو من الرضاع" والحكم
هنا يشمل جميع أصناف األم واألخت الشقيقة وكذلك األخت من الرضاع وهذا ثابت
أيض ا في ق ول الرس ول ص لى هللا علي ه وس لم" :يح ' ''رم من الرضاع م ' ''ا يح ' ''رم من
النس ''ب" ،كم ا قنن املش رع الجزائ ري ه ذا الحكم في املادة 27من ق انون األس رة حيث
نص على أنه" :يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب".
د_ زواج املسلمة من غير املسلم:
من بين موانع ال زواج م ا يرج ع إلى العقي دة الديني ة ملا ي ترتب على ذل ك من آث ار
سيئة على مس توى األس رة واملجتم ع بسبب ال زواج غ ير املتح د أط راف عالقت ه في
الديانة.
ولعل هذه املسألة ال تخص املجتمع الجزائري فقط بل العالم اإلسالمي بكامله حيث
يؤك د ع دم إباح ة زواج املس لمة بغ ير املس لم ول و كان كتابي ا أي ص احب دين س ماوي
28
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
كاليهودي والنص راني وه ذا لقول ه تع الى ":ي ''ا أيه ''ا ال ''ذين آمن ''وا إذا ج ''اءكم املؤمن ''ات
مهاجرات فامتحنوهن هللا أعلم بإيمانهن ف'إن علمتم'وهن مؤمن''ات فال ترجع'وهن إلى
الكف''ار ،ال هن ح''ل لهم وال هم يحل''ون لهن" ،ومن هنا نص املشرع الجزائري الفقرة
1من املادة 31من ق .أ .ج القديم بأنه ال يجوز زواج املسلمة بغير املسلم.
كما أن املادة 5/ 30من قانون األسرة تنص على أنه " يحرم زواج املسلمة بغير
املسلم ".
وبه ذا اتفق الفقه اء على بطالن زواج املسلمة بغير املس لم ،والحكمة من تح ريم
ال زواج بغ ير املس لم ه و التن اقض واالختالف في العقي دة والحي اة الزوجي ة أساس ها
املودة وال تراحم فكي ف نتص ور تكوين أس رة ص الحة مختلف ة في العقي دة فه ذا األم ر
يشكل خطرا على العقيدة كما جاء في قوله تعالى" أولئك ي''دعون إلى الن''ار وهللا ي''دعوا
إلى الجنة واملغفرة بإذنه".
أما فيما يخص زواج الرجل املسلم فال يحل له أن يتزوج امرأة غير كتابية أي ال
ت دين ب دين س ماوي وال ت ؤمن برس ول ،وال بكت اب إالهي ب أن تكون مش ركة لقول ه
تع الى" :وال تنكح ' ''وا املش ' ''ركات ح ' ''تى ي ' ''ؤمن وألم ' ''ة مؤمن ' ''ة خير من مش ' ''ركة ول ' ''و
أعجبتكم".
أما الكتابية التي تؤمن برسول وتقر بكتاب سماوي ،أكانت يهودية أو نصرانية،
فيح ل للمس لم ال تزوج به ا على رأي جمه ور الفقه اء كالحنفي ة واملالكي ة والش افعية
وغيرهم لقوله تعالى" :اليوم أح'ل لكم الطيب'ات وطع'ام ال'ذين أوت'وا الكت'اب ح'ل لكم
وطعامكم حل لهم واملحصنات من املؤمنات واملحصنات من الذين أوتوا الكتاب من
قبلكم".
وم ع أن الفقه اء ق د أب احوا للمس لم أن ي تزوجوا بالكتابي ة إال أنهم ي رون أن ه من
األولى أن ي تزوج املس لم من املس لمة وال ي تزوج بالكتابي ة إال إذا كانت هن اك حاج ة أو
مص لحة تس تدعي ال زواج منه ا ،كم ا أن ه يج وز ل ولي األم ر أن يمن ع زواج املس لم من
الكتابي ات إذا اقتض ت املص لحة ذل ك أو كان في ذل ك دفع ا لخط ر عن املس لمين ،فق د
كتب س يدنا عم ر بن الخط اب إلى حذيف ة بن اليم ان أن يخلي سبيل املرأة الكتابي ة
اليهودية التي تزوجها ،فكتب إليه حذيفة " أحرام يا أمير املؤمنين الزواج باليهودية ،
29
األستاذ :لعمارة عبد الرزاق محاضرات في قانون األسرة الجزائري
فأجاب ه عم ر ال ،و لكن أخ اف أن يقت دي ب ك املس لمون ،وكفى ب ذلك فتن ة لنس اء
املسلمين".
وما تجدر اإلشارة إليه أن قانون األسرة الجزائري قبل التعديل كان ينص على
حرم ة الجم ع بين أك ثر من أربع زوج ات وه ذا حس ب نص املادة 30ق أ قب ل التع ديل
فلق د أب احت الش ريعة اإلس المية للرج ل أن ي تزوج أربع زوج ات ليس بينهن قراب ة
محرمية ،وحرمت عليه زواج الخامسة حتى يطلق إحدى زوجاته وتمضي عدتها سواء
كانت في طالق رجعي أو ب ائن وه ذا لقول ه تع الى " :ف ''انكحوا م ''ا ط ''اب لكم من النس ''اء
مثنى وثالث ورباع ،فإن خفتم أال تعدلوا فواحدة".
30