You are on page 1of 31

‫ماســـــتر األسرة والتوثيق‬

‫ـ الفوج التاسع ـ‬
‫وحدة‪ :‬أحكام الزواج وإنحالله‬

‫عرض تحت عنوان‪:‬‬

‫أنواع الطالق والتطليق‬

‫تحت إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫من إعداد الطلبة ‪:‬‬


‫يونس الحكيم‬ ‫خالد الخالدي‬
‫هشام السنوسي‬
‫أمين الهوف‬
‫امينة عبد الواحد‬
‫ضحى شكرود‬

‫‪2023/2024‬‬
‫الئحة المختصرات‬
‫ص‪ :‬الصفحة‬
‫س‪:‬السنة‬
‫ع‪:‬العدد‬
‫م س‪ :‬مرجع سابق‬
‫ط‪ :‬الطبعة‬

‫‪1‬‬
‫بسم هللا الرحمان الرحيم و الصالة و السالم على نبينا محمد صلى هللا عليه و سلم‬
‫مقدمة ‪:‬‬
‫ال ينعقد الزواج على وجه التأقيت‪ ،‬فهو لم يشرع إال لمقاصد سامية وأغراض نبيلة أهمها تكوين‬
‫األسرة على وجه يكفل سعادتها ويحقق هنائها ‪ .‬غير أن هده المقاصد قد ال تتحقق ألنه يمكن‬
‫للحياة الزوجية أن تصاب بما ال يستطاع معه دوام العشرة بل تصبح جحيما بعد أن كانت سكنا‬
‫وواحة للراحة ‪ .‬وشرا بعد أن كانت خيرا ونعمة‪ .‬ومصدرا لشقاء ال يحتمل ‪ ،‬والشك أن المنطق‬
‫السليم يوجب أن يسلك في هدا الحال طريق الطالق أو التطليق الدي يصبح حينئد ضرورة البد‬
‫منها‪.1‬‬
‫وقد نضمت مدونة األسرة أنحالل ميتاق الزوجية ضمن الكتاب الثاني ‪ ،‬وخصصت المواد من‬
‫‪ 78‬إلى ‪ 93‬للطالق‪ .‬والمواد من ‪ 94‬الى ‪ 113‬للتطليق ‪ ،‬باإلضافة إلى المواد من ‪ 114‬إلى‬
‫‪ 120‬الدي نضمت الطالق اإلتفاقي والخلعي‪.‬‬
‫فالطالق لغة ‪ :‬رفع القيد مطلقا سواء كان حسيا أو معنويا‪.‬‬
‫اما إصطالحا ‪ :‬حل رباط الزوجية الصحيحة ورفع القيد التابث شرعا بالزواج سواء أوقع‬
‫الزوج الطالق بنفسه أو بواسطة نائبه ‪ .‬أما مدونة األسرة فإنها عرفت الطالق في ‪ " :‬حل‬
‫ميثاق الزوجية ‪ ،‬يمارسه الزوج والزوجة كل بحسب شروطه تحت مراقبة القضاء وطبقا‬
‫ألحكام هده المدونة‪. 2‬‬
‫أما التطليق لم يعرفه المشرع في المدونة في معرض الحديث عنه ‪ ،‬والمدونة حددت حاالت‬
‫التطليق في المادة ‪ 98‬إلى جانب التطليق للشقاق بناء على طلب من المحكمة أي بواسطة مقال‬
‫افتتاحي للدعوى طبقا للقانون ‪ 212‬من المسطرة المدنية‪.‬‬
‫وقد نضمت مدونة األحوال الشخصية الملغاة ظاهرة الطالق والتطليق وخضعت للتعديل مع‬
‫تعديل مدونة األسرة سنة ‪ 2004‬حيت نصت هده المدونة على التطليق للشقاق كمستجد باإلضافة‬
‫إلى مجموعة من التعديالت األخرى‪.‬‬
‫وتكمن أهمية هدا الموضوع انطالقا من أهمية األسرة ‪ ،‬ليس لكونها مجرد وحدة قانونية ‪،‬‬
‫وإنما أيضا كتنظيم إجتماعي يلعب دورا مهما في حياة األفراد ‪ ،‬باعتبار الطالق والتطليق من‬
‫مظاهر التفكك األسري يهدد المؤسسة الزوجية ‪ ،‬ويترك آثارا سلبية على المجتمع‪.‬‬
‫على أعتبار ما سبق يمكن طرح اإلشكالية األساسية‪:‬‬

‫‪ 1‬محمد الشافعي ‪ ,‬الزواج و انحالله في مدونة األسرة ‪ ,‬الطبعة الثانية ‪ ,‬طبعة ‪ 2020‬ص ‪172‬‬
‫‪ 2‬المادة ‪ 78‬من مدونة األسرة‬

‫‪2‬‬
‫كيف نضمت مدونة األسرة أنواع الطالق والتطليق ؟‬
‫وتتفرع عن هده اإلشكالية مجموعة من التساؤالت منها ‪:‬‬
‫فما هي أنواع الطالق ؟‬
‫وما هي أنواع التطليق ؟‬
‫ولمعالجة هاته اإلشكالية واعتمادا على كل من المنهج التحليلي لتحليل النصوص القانونية‬
‫‪.‬وأيضا المنهج الوصفي لوصف هده الظاهرة وحيتياتها ‪.‬‬
‫وباإلعتماد على التقسيم الثنائي سنعالج هدا الموضوع من خالل التصميم التالي ‪:‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬أنواع الطالق‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬أنواع التطليق‬

‫‪3‬‬
‫المبحث األول‪ :‬أنواع الطالق‬
‫يتنوع الطالق إلى أنواع مختلفة باختالف الزاوية التي ينظر منها إليه‪ ،‬فمن حيث إمكان الرجعة‬
‫بعده من غير عقد جديد وعدم إمكانه يتنوع الى رجعي وبائن‪ ،‬كما أن الطالق حق يملكه الزوج‪،‬‬
‫ويمكن للمرأة أن تملكه أيضا‪ ،‬وإنما هذا تفويض لها بحق يملكه في األصل‪ ،‬ال يمكن أن يسلب‬
‫منه‪.‬‬
‫لذا قسمنا هذا المبحث إلى مطلبين خصصنا المطلب األول (للطالق الرجعي والبائن)‬
‫ثم المطلب الثاني (للطالق المملك والخلع واإلتفاقي)‪.‬‬

‫المطلب االول‪ :‬الطالق الرجعي والطالق البائن‬


‫ينقسم الطالق بالنظر إلى إمكان مراجعة المطلق مطلقته إلى نوعين‪ :‬طالق رجعي وطالق‬
‫بائن‪ ،‬وهذا ما نظمه المشرع المغربي من خالل المواد ‪ 122‬إلى ‪ 126‬من مدونة األسرة‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الطالق الرجعي‬
‫هو الذي يملك فيه الزوج إعادة المطلقة الى بيت الزوجية من غير حاجة إلى عقد جديد مادامت‬
‫في العدة ولو لم ترض‪ ،‬وأن من شرطه أن تكون مدخول بها‪ 3.‬لقوله تعالى " َوا ْل ُمطَلَّقَاتُ يَتَ َربَّ ْ‬
‫صنَ‬
‫هللاُ فِي أَ ْر َحا ِم ِهنَّ إِنْ ُكنَّ يُ ْؤ ِمنَّ ِب َّ‬
‫اَّللِ َوا ْليَ ْو ِم‬ ‫ق َّ‬‫س ِهنَّ ثَالثَةَ قُ ُرو ٍء َوال يَ ِح ُّل لَ ُهنَّ أَنْ يَ ْكتُ ْمنَ َما َخلَ َ‬ ‫بِأَنفُ ِ‬
‫صالحا‪".4‬‬ ‫ق بِ َر ِّد ِهنَّ فِي َذلِ َك إِنْ أَ َرادُوا إِ ْ‬ ‫اآل ِخ ِر َوبُ ُعولَتُ ُهنَّ أَ َح ُّ‬
‫َان فَإ ِ ْم َ‬
‫سا ٌك‬ ‫واألصل في الطالق أن يكون رجعيا وهذا يدل عليه قوله عز وجل "الطَّ َال ُ‬
‫ق َم َّرت ِ‬
‫سان " ‪.5‬‬ ‫وف أَ ْو تَ ْ‬
‫س ِري ٌح ِبإ ِ ْح َ‬ ‫بِ َم ْع ُر ٍ‬

‫‪ 3‬عمرو لمزرع‪ ،‬غمز العيون في أحكام الزواج وانحالله‪ ،‬مطبعة آنفو برانت الطبعة الثانية ‪ ،2014‬الصفحة ‪167‬‬
‫‪ 4‬سورة البقرة اآلية ‪.228‬‬
‫‪ 5‬سورة البقرة اآلية ‪.229‬‬
‫‪4‬‬
‫الطالق لم يشرع في األصل إال رجعيا لتدارك ما يقع من الزوج من طالق فيه خطأ في القصد‬
‫‪6‬‬
‫وسوء تدبير أو تقدير فكانت الرجعة في عدته‪.‬‬
‫وبالتالي يروم المشرع من إرجاع المطلق مطلقته أثناء العدة إلعطاء كل من الزوجين الفرصة‬
‫مرة أخرى الستئناف الحياة الزوجية بينهما واإلبقاء عليها‪ ،7‬غير أن الطالق الرجعي ال يكون‬
‫في صورة واحدة‪ ،‬بل حددت المادة ‪ 123‬من مدونة األسرة الحاالت التي يكون فيها الطالق‬
‫رجعيا‪:‬‬
‫‪ ‬إذا كان طلقة واحدة بعد البناء (أي بعد الدخول بالزوجة)‪.‬‬
‫‪ ‬إذا كان في غير مقابل عوض مالي أو ما سمي بالخلع‪.‬‬
‫‪ ‬إذا لم يكن مكمال للثالث‪.‬‬
‫‪ ‬إذا تم بناءا على حكم من المحكمة بسبب عدم اإلنفاق على الزوجة أو بسب اإليالء‬
‫والهجر‪ ،8‬إذن الطالق هنا الذي يوقعه القاضي بناء على دعوى من الزوجة يكون‬
‫رجعيا‪.‬‬
‫إذن فكل طالق يوقعه الزوج يكون دائما رجعيا إال في الطالق قبل الدخول والخلع والمكمل‬
‫للثالث والطالق باإلتفاق والمملك‪.9‬‬
‫وهذ ما نصت عليه المادة ‪ 123‬من مدونة األسرة "كل طالق أوقعه الزوج فهو رجعي‪ ،‬إال‬
‫المكمل للثالث والطالق قبل البناء والطالق باإلتفاق والخلع والمملك"‪.‬‬
‫فالرجعة حق الزوج خالل العدة‪ ،‬وال يملك إسقاطه فلو قال ال رجعة لي كان له حق الرجوع‬
‫عنه وحق مراجعتها‪.10‬‬
‫إال أنه يترتب عن الطالق الرجعي مجموعة من اآلثار‪:‬‬
‫✓أن ينقضي عدد الطلقات التي يملكها الزوج على زوجته‪.‬‬

‫‪ 6‬أحمد نصر الجندي دار الكتب القانونية‪ ،‬الطالق والتطليق وآثارهما‪ ،‬ط األولى ط ‪ ،2004‬الصفحة ‪.150‬‬
‫‪ 7‬محمد الشافعي الزواج وانحالله في مدونة األسرة مطبعة الوراقة الوطنية‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪ ,2020‬الصفحة ‪.189‬‬
‫‪ 8‬المادة ‪ 122‬من مدونة األسرة" كل طالق قضت به المحكمة فهو بائن‪ ،‬إال في حالتي التطليق لإليالء وعدم اإلنفاق"‪.‬‬
‫‪ 9‬عمرو لمزرع‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص‪.167‬‬
‫‪ 10‬قرار صادر بتاريخ ‪ 7‬يوليوز ‪ 1992‬بالمجلس األعلى ع‪ 46 ،‬ص‪.173 ،‬‬
‫‪5‬‬
‫✓يصبح طالقا بائنا وينهي الحياة الزوجية‪ ،‬بانتهاء العدة دون مراجعة الزوج لزوجته‪.‬‬
‫✓الطالق الرجعي ال ينهي الرابطة الزوجية وال يزيل ملك اإلستمتاع والحل‪ ،‬ويعتبر‬
‫بذلك مراجعا لها‪.‬‬
‫✓ال يجعل المطلقة محرمة على زوجها ألي سبب من أسباب التحريم‪ ،‬فهي في حكم‬
‫الزوجة‪.‬‬
‫✓إذا مات أحدهما قبل انقضاء العدة ورثه اآلخر‪.‬‬
‫✓ يستمر اإلنفاق عليها الى حيت انتهاء العدة‪.‬‬
‫✓ال تلزم الرجعة بمهر جديد‪.‬‬
‫✓يتم إرجاعها متى شاء دون عقد جديد‪.‬‬
‫✓تقضي المطلقة العدة ألنه مشموالت النفقة‪.11‬‬
‫أما اإلشهاد على الرجعة فيه اختالف بين الفقه‪ ،‬حيث يذهب الرأي الغالب عند فقهاء‬
‫المالكية الى عدم اشتراط اإلشهاد في حالة الرجعة ولكن من باب اإلستحباب يمكن لدرء‬
‫الشبهات‪.‬‬
‫أما مدونة األسرة أوجبت اإلشهاد على الرجعة‪ ،‬مما يعني وجوب اإلشهاد والتوثيق معا على‬
‫رسم الرجعة ‪ ،‬فال يغني اإلشهاد على التوثيق كما ال يغني التوثيق عن اإلشهاد حيث ال تصح‬
‫الرجعة إذا قام الزوج بكتابة الرجعة بخط يده على أنه أرجع زوجته‪ ،‬كما ال تقع الرجعة صحيحة‬
‫إذا أشهد العدلين على ذلك دون توثيقها وتتم الرجعة على الشكل المطلوب قانونا‪ .‬وعندما‬
‫اشترطت مدونة األسرة اإلشهاد على الرجعة‪ ،‬فإنها قد خالفت المشهور في مذهب مالك‪.12‬‬
‫تنص المادة ‪ 124‬من مدونة األسرة" للزوج أن يراجع زوجته أثناء العدة‪ .‬إذا رغب الزوج في‬
‫إرجاع زوجته المطلقة طالقا رجعيا أشهد على ذلك عدلين‪ ،‬ويقومان بإخبار القاضي فورا‪.‬‬
‫يجب على القاضي قبل الخطاب على وثيقة الرجعة‪ ،‬استدعاء الزوجة إلخبارها بذلك‪ ،‬فإذا‬

‫‪ 11‬محمد األزهر شرح مدونة األسرة‪ ،‬أحكام الزواج‪،‬ط األولى ‪ .‬ط ‪ , 2008‬بدون دكر دار النشر ‪,‬ص ‪.207‬‬
‫‪ 12‬محمد الشافعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪.194‬‬
‫‪6‬‬
‫امتنعت ورفضت الرجوع‪ ،‬يمكنها اللجوء إلى مسطرة الشقاق المنصوص عليها في المادة‬
‫‪ 94‬أعاله‪".‬‬
‫فبخالف ما نص عليه المشرع بخصوص مسطرتي الزواج والطالق كل من المادتين ‪ 65‬و‪79‬‬
‫من مدونة األسرة‪ ،‬فإنه أغفل التطرق إلى إجراءات اإلشهاد على الرجعة‪ ،‬مع إشارة طفيفة في‬
‫المادة ‪ 141‬التي توجه وثيقة الرجعة الى ضابط الحالة المدنية لمحل والدة الزوجين‪ ،‬مرفقا‬
‫بشهادة التسليم داخل أجل ‪ 15‬يوما من تاريخ اإلشهاد بالرجعة‪ ،‬فضابط الحالة المدنية يقوم‬
‫بتضمينه بيانات هذا الملخص بهامش رسم والدة كل من الزوجين‪.13‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الطالق البائن‬
‫إذن فالطالق البائن هو الذي يجعل حدا للعالقة الزوجية في الحال بمجرد صدوره وهو‬
‫ينقسم الى طالق بائن بينونة صغرى وطالق بائن بينونة كبرى‪.‬‬
‫أ‪-‬الطالق البائن بينونة صغرى‪ :‬هو الذي يستطيع الزوج فيه إعادة المطلقة إلى عصمته‪،‬‬
‫لكن بعقد زواج جديد ومهر جديد‪ ،‬سواء أكان ذلك في فترة العدة أو بعد انتهائها‪ ،‬غير أن ذلك‬
‫ال يتم إال في إطار تعاقد جديد قد تسبقه خطبة‪ 14.‬وهذا ما تنص عليه المادة ‪ 126‬من مدونة‬
‫األسرة‪" :‬الطالق البائن دون الثالث يزيل الزوجية حاال‪ ،‬وال يمنع من تجديد عقد الزواج"‬
‫‪15‬‬
‫تتمثل حاالت الطالق البائن بينونة صغرى فيما يلي‪:‬‬
‫✓الطالق الذي يقع قبل الدخول ويجب فيه نصف المهر وال عدة فيه‪.‬‬
‫✓الطالق الرجعي الذي تنتهي فيه العدة دون أن يراجع الزوج مطلقته خاللها حيث‬
‫ينقلب هذا الطالق إلى طالق بائن بينونة صغرى‪.‬‬
‫✓الطالق الذي توقعه الزوجة بناء على التمليك‪ ،‬إذا ملكها الزوج حق إيقاع الطالق‬
‫وطلقت نفسها‪.‬‬

‫‪ 13‬المادة ‪.141‬من مدونة األسرة‬


‫‪ 14‬محمد الكشبور‪ ،‬الوسيط في شرح مدونة األسرة انحالل ميثاق الزوجية الطبعة الثالثة الصفحة ‪.295‬‬
‫‪ 15‬محمد الشافعي مرجع سابق الصفحة ‪.195‬‬

‫‪7‬‬
‫✓الطالق الذي يكون بعوض تدفعه الزوجة لزوجها بغية طالقها منه (أو ما يسمى‬
‫بطالق الخلع)‪.‬‬
‫✓الطالق الذي يقع باتفاق الزوجين طبقا لما تنص عليه مقتضيات المادة ‪ 114‬من مدونة‬
‫األسرة‪.‬‬
‫✓ الطالق للعيب أو السجن أو للضرر بسبب الغيبة وهذا النوع ال يكون إال بقضاء‬
‫القاضي‪.‬‬
‫وبهذا الطالق تنقطع أحكام الزوجية‪ ،‬فال يبقى حقوق على زوجته‪ ،‬ويحرم عليه اإلستمتاع‬
‫بها أثناء العدة‪ ،‬كما يحرم عليه الخلوة بها وحتى النظر إليها ألنها أجنبية عنه‪ ،‬كما يحل به مؤخر‬
‫الصداق إذا كان مؤجال ويمنع التوارث إال إذا اعتبر الزوج فارا من الميراث بأن كان مريضا‬
‫‪16‬‬
‫مرض الموت وطلقها في مرضه من غير رضاها فإنها ترث إذا حصل الموت أثناء العدة‪.‬‬
‫لكن ما إذا أراد الزوجان باستئناف العالقة الزوجية بينهما‪ ،‬يجب أن يتم ذلك بواسطة عقد زواج‬
‫جديد يخضع لجميع الشروط الشكلية والموضوعية التي تفرضها مدونة األسرة بهذا الصدد‪.17.‬‬
‫ب‪-‬الطالق البائن بينونة كبرى‪ :‬من حكمة الشارع الحكيم أنه جعل بينونة الطالق صغرى‬
‫وكبرى‪ ،‬وجعل الصغرى مرتين‪ ،‬يعقبها بينونة كبرى تنزيل الملك والحل معا عقب الطالق‪،‬‬
‫وتنقطع العالقة الزوجية وال تعود بينهما ولو أرادا‪ ،‬أو اتفقا عليها‪ ،‬إال إذا تزوجت هذه المطلقة‬
‫بزوج اخر‪ ،‬زواجا شرعيا فيه دخول حقيقي وطء ثم يقع بينهما الطالق شرعا‪ ،‬ثم تنتهي عدتها‪،‬‬
‫‪18‬‬
‫من هذا الوقت تكون هذه المرأة حال يجوز لمطلقها األول أن يتقدم لها خاطبا تقبله أو ال تقبله‪.‬‬
‫لقوله تعالى ‪" :‬فَإِنْ طَلَّقَ َها فَال تَ ِح ُّل لَهُ ِمنْ بَ ْع ُد َحتَّى تَن ِك َح َز ْوجا َغ ْي َرهُ فَإِنْ طَلَّقَ َها فَال ُجنَ َ‬
‫اح‬
‫ظنَّا أَنْ يُقِي َما ُحدُو َد َّ‬
‫هللاِ َوتِ ْل َك ُحدُو ُد َّ‬
‫هللاِ يُبَيِّنُ َها لِقَ ْو ٍم يَ ْعلَ ُمونَ "‪.19‬‬ ‫َعلَ ْي ِه َما أَنْ يَتَ َر َ‬
‫اج َعا إِنْ َ‬

‫‪ 16‬عمرو لمزرع‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬الصفحة ‪.169‬‬


‫‪ 17‬محمد الكشبور‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬الصفحة ‪.304‬‬
‫‪ 18‬أحمد نصر الجندي م‪ ،‬س‪ ،‬الصفحة ‪.109‬‬
‫‪ 19‬سورة البقرة اآلية ‪.230‬‬
‫‪8‬‬
‫ومن أمثلة هذا الطالق‪ :‬الطالق المكمل للثالث‪ ،‬فإن سبق له أن طلقها مرتين ثم طلقها‬
‫الثالثة بانت منه بينونة كبرى فتحرم عليه حرمة مؤقتة‪ ،‬حيث تصبح أجنبية عليه‪ .‬وهذا ما نصت‬
‫عليه المادة ‪":127‬الطالق المكمل الثالث يزيل الزوجية حاال‪ ،‬ويمنع من تجديد العقد مع‬
‫المطلقة إال بعد عدتها من زوج اخر بنى بها فعال بناء شرعيا‪".‬‬
‫وبالتالي فالطالق البائن بينونة كبرى حكمه حكم الطالق البائن بينونة صغرى‪ ،‬ويترتب على‬
‫هذا ما يترتب على ذاك‪ ،‬غير أنه يختلف عنه من وجهين‪:‬‬
‫✓انه ينهي عدد الطلقات‪.‬‬
‫✓أنه ال يجوز له أن يتزوجها‪ ،‬إال أن تزوجت بزوج آخر‪ ،‬ويدخل بها‪ ،‬ثم إن بقيت مع‬
‫الزوج الثاني‪ ،‬فهي زوجته كأي زوج مع زوجها‪ ،‬وإن طلقها‪ ،‬فاألول أن يتزوجها بعد انقضاء‬
‫عدتها منه وهذا محل اتفاق بين الفقهاء‪.‬‬
‫أما في حالة رجوع المطلقة طالقا بائنا بينونة كبرى لزوجها األول يملك عليها من طلقات ألن‬
‫‪20‬‬
‫الزواج الثاني (من زوج آخر) هدم الثالث السابقة‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬الطالق المملك وبالخلع والطالق اإلتفاقي‬


‫سنتناول في هذا المطلب الطالق المملك في فقرة أولى ثم في فقرة ثانية سنتناول الطالق‬
‫بالخلع وفي الفقرة الثالثة الطالق اإلتفاقي‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الطالق المملك‬
‫األصل أن الذي يملك حق الطالق هو الزوج فهو ملزم بأداء حقوق الزوجة واألطفال في‬
‫حالة الطالق مما يجعله أكثر حرصا على بقاء الحياة الزوجية‪ ،‬مادام الطالق ملكا للرجل فله‬
‫الحق في أن ينيب غيره لذلك سواء أناب زوجته أو غيرها حيث تكون هذه اإلنابة على شكل‬
‫توكيل أو تفويض‪ ،‬والفرق بينهما أنه يمكن عزل الوكيل‪ ،‬أما التفويض فهو نقل العصمة حيث‬
‫يملك الزوج لزوجته ( أو غيرها) حق إيقاع الطالق وال يمكن للزوج عزل المفوض إليه وأن‬

‫‪ 20‬أحمد نصر الجندي ‪ ,‬م‪.‬س ص ‪114‬‬

‫‪9‬‬
‫يتنازل الزوج لزوجته عن حقه في االستقالل بملكية الطالق فيشركها معه‪ ،‬حين يعطيها الحق‬
‫في أن تطلق نفسها ويشار إلى هذا في عقد الزواج‪.21‬‬
‫من خالل ذلك يقصد بالتمليك انه جعل الرجل أمر زوجته بيدها تتملك عصمتها ولها أن‬
‫توق ع الطالق متى شاءت ‪ ،‬ليس للزوج أن يتراجع عن التمليك إال إذا رضيت الزوجة بذلك‬
‫ويلزم هذا التمليك إبان الفترة الزمنية المحددة له‪ ،‬ويلزمه على شكل التأبيد إذا تم بشكل يفيد‬
‫ذلك‪.‬‬
‫‪ ‬السند الشرعي لتمليك الطالق للزوجة‪.‬‬
‫لقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن تمليك الطالق للزوجة يجد سنده الشرعي في قوله تعالى‬
‫ك إِن ُكنتُ َّن تُ ِر ْدنَ ْال َحيَاةَ ال ُّد ْنيَا َو ِزينَتَهَا فَتَ َعالَ ْينَ أ ُ َمتأ ْع ُك َّن َوأ ُ َس أرحْ ُك َّن‬‫{ يَا أَيُّهَا النَّ ِب ُّي قُل أألَ ْز َوا ِج َ‬
‫ت ِمن ُك َّن أَجْ رًا‬ ‫َّللاَ أَ َع َّد لِ ْل ُمحْ ِسنَا ِ‬
‫َّللاَ َو َرسُولَهُ َوال َّدا َر ْاآل ِخ َرةَ فَإ ِ َّن َّ‬‫َس َراحًا َج ِمي ًل َوإِن ُكنتُ َّن تُ ِر ْدنَ َّ‬
‫َع ِظي ًما }‪ ، 22‬فلما نزلت هذه اآلية الكريمة دخل رسول َّللا صلى َّللا عليه وسلم على زوجته‬
‫عائشة أم المؤمنين فقال لها ‪ ” :‬إني ذاكر أمرا من َّللا على لسان رسوله فال تعجلي حتى‬
‫تستأمري أبويك فقالت وما هذا يا رسول َّللا ؟ فتال عليها اآلية ‪ :‬قالت فيك يا رسول َّللا أستأمر‬
‫أبواي ؟‪….‬‬
‫بل أريد َّللا ورسوله والدار اآلخرة‪ ،‬وأسألك أال تخبر امرأة من نسائك بالذي قلته‪ ،‬قال ال‬
‫تسألني امرأة منهن إال أخبرتها‪ .‬إنما يبعثني َّللا مبلغا ولم يبعثني متعنتا ‪ ،‬ثم فعل النبي صلى َّللا‬
‫عليه وسلم مثلما فعل عائشة فكلهن اخترن َّللا ورسوله و الدار اآلخرة‪.23‬‬
‫وروى البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن عائشة رضي َّللا‬
‫عنها قالت ” خيرنا رسول َّللا صلى َّللا عليه وسلم فاخترناه فلم يعد ذلك شيئا علينا ‪.‬‬
‫أما من خالل معرفة طبيعة الطالق المملك فقد تضاربت أراء الفقهاء في طبيعته هل هو‬
‫رجعي أم بائن في هذا الصدد يرى اإلمام مالك أن المملك يخضع للمبادئ العامة التي تجعل‬

‫تمت الزيارة يوم ‪ 20‬دجنبر لسنة ‪ 2023‬على الساعة ‪8 :19‬‬ ‫مقال منشور على موقع ‪www.maraje3.com‬‬ ‫‪21‬‬

‫سورة األحزاب ‪ ,‬األية ‪ 28‬و ‪29‬‬ ‫‪22‬‬

‫مسند أحمد ‪ ,‬مسند المكثرين من الصحابة مسند جابر بن عبد َّللا رضي َّللا عنه { حديث رقم ‪}14515‬‬ ‫‪23‬‬

‫‪10‬‬
‫األصل في الطالق أن يكون رجعيا وهذا رأي مطرف وأشهب‪ ،‬وهو مطابق لرأي اإلمام مالك‪،‬‬
‫وقيل إنها تكون البتة أي تقع بموجبه طلقات ثالث وهو قول أصبغ سحنون ‪ .‬وقيل إنها طلقة‬
‫واحدة بائنة وهو رأي البن قاسم‪.‬‬
‫ومعلوم أن رأي ابن القاسم هو الذي يجري به العمل في المذهب المالكي يقول ابن عاصم‬
‫الغرناطي‪:‬‬
‫‪24‬‬
‫وفي المملك والقضا ***** بطلقة بائنة في المرتضى ‪.‬‬
‫‪ ‬موقف المشرع المغربي‬
‫أقر المشرع المغربي – من خالل المادة ‪ 89‬من مدونة األسرة ‪ –25‬انه متى ملك الزوج‬
‫زوجته إيقاع الطالق‪ ،‬كان لها أن تستعمل هذا الحق عن طريق تقديم طلب إلى المحكمة للقضاء‬
‫به ملتمسة في خضم ذلك اإلشهاد بطالق التمليك لدى عدلين منتصبين لهذا الغرض بدائرة نقود‬
‫المحكمة الت ي يتواجد بها بيت الزوجية ‪ ،‬أو موطن الزوجة الطالبة ‪ ،‬أو محل إقامتها أو التي‬
‫أبرم فيها عقد الزواج حسب الترتيب‪.‬‬
‫ويتضمن طلب اإلذن باإلشهاد على الطالق المملك هوية كل من الزوج والزوجة‬
‫ومهنتهما ومحل إقامتهما مع اإلشارة إلى عدد األبناء متى وجدوا وذكر تواريخ ازديادهم‬
‫ووضعهم الصحي والدراسي‪ ،‬ويرفق الطلب لزوما بمستند الزوجية مرفوقا بما يفيد تمليك‬
‫الزوج الطالق لزوجته ‪ ،‬مع ذكر الحجج المثبتة لوضعية الزوج المادية والتزاماته المالية‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن المادة ‪ 89‬أعاله أقرت أنه ما دام تمليك حق إيقاع الطالق‬
‫للزوجة‪ ،‬وقد تم بمبادرة إرادية ومنفردة من طرف الزوج فإنه ال يمكن استنادا لهذا االعتبار أن‬
‫يعزل زوجته من ممارسة حقها في التمليك الذي ملكها إياه‪.‬‬

‫‪ 24‬متن تحفة ابن عاصم‬


‫‪ 25‬إذا ملك الزوج زوجته حق إيقاع الطالق‪ ،‬كان لها أن تستعمل هذا الحق عن طريق تقديم طلب إلى المحكمة طبقا ألحكام‬
‫المادتين ‪ 79‬و‪ 80‬أعاله‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫إذن فمتى تأكدت المحكمة من توافر شروط التمليك المتفق عليها بين الزوجين أجرت‬
‫محاولة الصلح بين الطرفين بغرفة المشورة ويمكنها لهذه الغاية انتداب حكمين أو دعوة مجلس‬
‫العائلة لالنعقاد لتوفيق بين طرفي الخصومة ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الطالق بالخلع‬
‫الخلع لغة النزع واإلزالة يقال خلع الرجل ثوبه ونعله إذا نزعه ‪ ،‬وخلع الرجل زوجته‬
‫إذا أزال زوجيتها وخلعت المرأة زوجها واختلعت من زوجها إذا افتدت منه بمال‪ ،‬وبذلت له‬
‫ماال ليطلقها ‪ ،‬فإذا فعل ذلك فهو الخلع ألن كل من الزوجين لباسا آلخر استخالصا من قوله‬
‫تعالى ‪ *:‬هن لباس لكم وأنتم لباس لهن*‪.26‬‬
‫أما في االصطالح الفقهي فقد عرفه األحناف بأنه إزالة ملك بلفظ الخلع أو ما في معناه‬
‫نظير عوض تلتزم الزوجة به‪.‬‬
‫وعند المالكية الخلع عقد معاوضة على البضع تملك به الزوجة نفسها ويملك به الزوج‬
‫العوض أو صفة حكمية توقف حلية متعة الزوج بسبب عوض على التطليق‪ .‬ويتبين مما سبق‬
‫أن الخلع هو أن يطلق الزوج زوجته بناء على رغبتها في ذلك وبعد أن تدفع له عوض مقابل‬
‫هذا الطالق‪.‬‬
‫‪ ‬حكم طالق الخلع‪:‬‬
‫حكم الخلع الجواز بدليل قوله تعالى ‪{ *:‬فإن خفتم أال يقيما حدود َّللا فال جناح عليهما‬
‫فيما افتدت به}‪ 27.‬أي أن ال حرج على الزوجة في أن تدفع من مالها للحصول على الطالق وال‬
‫حرج على الزوج في أن يأخذ ذلك ليطلقها‪ ،‬وكذلك الخلع جائز من خالل حجيته في السنة النبوية‬
‫الشريفة ‪ ,‬روي أن زوجة ثابت ابن قيس جاءت إلى رسول َّللا صلى َّللا عليه وسلم ” فقالت ”‬
‫يا رسول َّللا فقالت ‪ :‬إني ما أعتب عليه في خلق وال دين‪ ،‬ولكنني أكره الكفر في اإلسالم‪ ،‬فقال‬

‫البقرة االية ‪187‬‬ ‫‪26‬‬

‫سورة البقرة األية ‪229‬‬ ‫‪27‬‬

‫‪12‬‬
‫رسول َّللا صلى َّللا عليه وسلم أتردين عليه حديقته قالت نعم فقال عليه السالم لزوجها أقبل‬
‫‪28‬‬
‫الحديقة وطلقها تطليقة‪.‬‬
‫أما المشرع المغربي اعتبر الخلع عقد يتراضيا فيه الزوجين على الطالق وتطبق في ذلك‬
‫أحكام المادة ‪ 114‬من مدونة األسرة التي تنص على الطالق باالتفاق وهكذا فإن اإلجراءات‬
‫‪29‬‬
‫التي تطبق في الطالق باالتفاق هي نفسها المتبعة في الطالق بالخلع‪.‬‬
‫‪ ‬شروط الخلع‬
‫تنص المادة ‪ 115‬من مدونة األسرة على أنه ” للزوجين أن يتراضيا على الطالق بالخلع‬
‫طبقا ألحكام المادة ‪ 114‬أعاله ‪”.‬‬
‫والخلع على ما يتضح من هذه المادة هو عقد يتم بتراضي الزوجين موضوعه الرئيسي‬
‫هو خلع الزوجة من زوجيتها نظير بذل تدفعه إليه‪.‬‬
‫والطالق مما سبق بيانه يشترط لصحة الخلع الشروط اآلتية‪:‬‬
‫‪ )1‬أن تكون الزوجة محال لوقوعه حتى يتراضيا على الطالق بالخلع أي أن تكون في‬
‫زواج صحيح‪.‬‬
‫‪ )2‬أن يكون الزوج كامل األهلية فال يصح خلع الصبي والمجنون والمعتوه وال غيرهم‬
‫من فاقدي األهلية كالسكران والمكره أما المحجور عليه كالسفيه فيجوز طالقه إن كان على‬
‫غير مال فمن باب أولى صحة مخالفته إال أن مطلقته تسلم المال إلى وليه‪.‬‬
‫وإذا فعل الزوج ذلك وتم له األمر تعسفا أو بعد إلحاق ضرر بالمرأة إلجبارها على ذلك‬
‫‪ .‬يكون قد ملك المال ملكا خبيثا ألنه خالف أمر َّللا به من تحقيق المودة والرحمة وحسن‬
‫المعاشرة‪ ،‬حيث يجب أن يكون الطالق عن تراضي بين الزوجين حيث يتم عن بينة واختيار‪،‬‬

‫‪ 28‬صحيح النسائي الصفحة ‪3463‬‬


‫‪ 29‬يمكن للزوجين أن يتفقا على مبدإ إنهاء العالقة الزوجية دون شروط‪ ،‬أو بشروط ال تتنافى مع أحكام هذه المدونة‪ ،‬وال‬
‫تضر بمصالح األطفال‪.‬‬
‫عند وقوع هذا االتفاق‪ ،‬يقدم الطرفان أو أحدهما طلب التطليق للمحكمة مرفقا به اإلذن بتوثيقه‪ .‬تحاول المحكمة اإلصالح‬
‫بينهما ما أمكن‪ ،‬فإذا تعذر اإلصالح‪ ،‬أذنت باإلشهاد على الطالق وتوثيقه‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫وان ال تكره الزوجة ‪ ،‬فإذا تبت استعمال الزوج ألساليب تدفع المرأة لمخالعته وقع الطالق بائنا‬
‫دون التزام المرأة بذلك الخلع لقوله تعالى‪:‬‬
‫ْض َمآَٰ‬
‫ُوا بِبَع ِ‬ ‫ضلُوهُ َّن لِتَ ْذهَب ْ‬ ‫وا ٱلنأ َسآَٰ َء َكرْ هًا ۖ َو َال تَ ْع ُ‬ ‫{ يََٰٓأ َ ُّيهَا ٱلَّ ِذينَ َءا َمنُ ْ‬
‫وا َال يَ ِحلُّ لَ ُك ْم أَن تَ ِرثُ ْ‬
‫وا‬ ‫ال أَن يَأْتِينَ بِفَ ِح َش ٍۢة ُّمبَيأنَ ٍۢة ۚ َوعَا ِشرُوهُ َّن بِ ْٱل َم ْعر ِ‬
‫ُوف ۚ فَإِن َك ِر ْهتُ ُموهُ َّن فَ َع َس َٰٓى أَن تَ ْك َرهُ ْ‬ ‫َءاتَ ْيتُ ُموهُ َّن إِ َّ َٰٓ‬
‫‪30‬‬ ‫َشيْـ ًا َو َيجْ َع َل َّ‬
‫ٱَّللُ فِي ِه َخ ْي ًرا َك ِثيرًا}‬
‫وهذا ما أخذ به المشرع المغربي‪ -‬من خالل المادة ‪ 117‬من مدونة األسرة الحالية‪ -‬حيث‬
‫أجاز للزوجة أن تسترجع ما خالعت به شريطة أن تثبت هذا الخلع كان نتيجة إكراه وإلحاق‬
‫ضرربها‪.31‬‬
‫فاألساس أن الزوج يعاقب بنقيض قصده مادام الزوج قد أكرهها أو استعمل أساليب‬
‫إحتيالية إلجبارها على خلع نفسها‪.‬‬
‫‪ )3‬أن تكون الزوجة المختلعة كاملة األهلية رشيدة غير محجور عليها فإذا كانت دون سن‬
‫الرشد القانوني ال يمكنها أن تلتزم بأداء الخلع إال بموافقة النائب الشرعي وإذا خولعت وقع‬
‫الطالق وال تلتزم بأداء الخلع إال بموافقة النائب الشرعي ‪ ،‬وإذا خولعت وقع الطالق وال تلتزم‬
‫‪32‬‬
‫بالبدل إال بموافقة نائبها الشرعي ‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬الطالق اإلتفاقي‬
‫لم يكن ثمة بمدونة األحوال الشخصية السابقة أي نص تشريعي يشير صراحة أو ضمنا‬
‫إلى حل ميثاق الزوجية بتراضي طرفيه‪ ،‬أو ما يصطلح على تسميته بالطالق التفاقي‪ ،‬بل كانت‬
‫المبادرة تأتي دائما من الزوج أو وكيله أو من فوض له ذلك طبقا للقانون واستثناءا للمرأة متى‬
‫ملكت هذا الحق‪.‬‬
‫هذا مع العلم أن العديد من التشريعات العربية المقارنة كانت تتبنى هذا النوع من‬
‫الطالق وتقننه صراحة ضمن قانونها الشرعي كما هو الشأن بالنسبة للمادة ‪ 48‬من مجلة‬

‫‪ 30‬سورة النساء االية ‪19‬‬


‫‪ 31‬للزوجة استرجاع ما خالعت به‪ ،‬إذا أثبتت أن خلعها كان نتيجة إكراه أو إضرار الزوج بها‪ ،‬وينفذ الطالق في جميع‬
‫األحوال‬
‫‪ 32‬مقال منشور على موقع ‪ www.maraje3.com‬تم اإلطالع عليه يوم ‪ 21‬دجنبر سنة ‪ 2023‬على الساعة ‪5 :14‬‬
‫‪14‬‬
‫األحوال الشخصية الجزائرية التي نصت على انه ‪ … ”:‬يتم الطالق بإرادة الزوج أو بتراضي‬
‫الزوجين … ” والفقرة األخيرة من المادة ‪ 31‬من قانون األسرة التونسي ” … يوافق القاضي‬
‫على الطالق بالتراضي‪…”.‬‬
‫والواقع أن الطالق اإلتفاقي يشكل نتيجة طبيعية إلرادة الزوجين في وضع حد لعالقتهما‬
‫الزوجية دون تشنجات أو مزايدات … بل إن هذا النوع من الطالق يعتبر البديل النموذجي‬
‫والحضاري لظاهرة التصادم والمواجهة أثناء حل ميثاق الزوجية‪.‬‬
‫وينقسم الطالق اإلتفاقي المقرر بمقتضى قانون مدونة األسرة الجديد ‪ ،‬إلى نوعين‬
‫رئيسيين‪:‬‬
‫‪ ‬الطالق اإلتفاقي المجرد‪ :‬وهو الذي يلجأ إليه الزوجان باتفاقهما دون أن يعلقانه على‬
‫شروط محددة‪.‬‬
‫‪ ‬الطالق اإلتفاقي المقيد‪ :‬وهو الذي يقيده طرفاه بشرط واحد أو أكثر يتعين وجوبا أن‬
‫ال يتنافى مع النظام العام وأحكام مدونة األسرة وأن ال تكون له أية تبعات سلبية على‬
‫مصالح األبناء وحقوقهما المكتسبة‪.‬‬
‫بيد أن الطالق اإلتفاقي وإن كان يستند كأساس للرغبة اإلرادية لألطراف واللذان‬
‫يستقالن بتقدير دوافعه وموجبات إيقاعه ‪ ،‬فإن ذلك ال يجرد بأي حال من األحوال المؤسسة‬
‫القضائية من أحقية فرض الرقابة عليه ‪ ،‬كما ال يعفي المحكمة من القيام بمحاولة إصالح ذات‬
‫البين بين الطرفين‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد يتقدم الزوجان أو احدهما بطلب إيقاع الطالق اإلتفاقي إلى المحكمة‬
‫المختصة مصحوبا بعريضة االتفاق ‪ ،‬واإلذن بتوثيقه ‪ ،‬وتحاول هذه األخيرة اإلصالح بين‬
‫الزوجين وفي حالة ما إذا تعذر ذلك فإن المحكمة تأذن باإلشهاد على الطالق اإلتفاقي‪ ،‬كما تأذن‬
‫بتوثيقه‪ ،‬وإلى ذلك تنص المادة ‪ 114‬من مدونة األسرة ‪ …“ :‬يمكن للزوجين أن يتفقا على مبدأ‬
‫إنهاء العالقة الزوجية‪ ،‬دون شرط أو شروط ال تتنافى مع أحكام هذه المدونة وال تضر بمصالح‬
‫األطفال‪”.‬‬

‫‪15‬‬
‫عند وقوع هذا االتفاق‪ ،‬يقدم الطرفان أو احدهما طلب التطليق للمحكمة مرفقا بعريضة‬
‫االتفاق اإلذن بتوثيقه … وتحاول المحكمة اإلصالح بينهما ما أمكن فإذا تعذر اإلصالح أذنت‬
‫(المحكمة) باإلشهاد على الطالق وتوثيقه‪“.‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬أنواع التطليق‬
‫إن إستحداث التطليق بالمقتضيات الجديدة للمدونة راجع أصال وفرعا إلى ما يجب أن‬
‫يراعى عند الفصل في األمر من مصلحة األسرة ‪ ،‬فالشقاق الناشئ عن النزاع بين الزوجين ال‬
‫تحتمل معه العشرة ‪ ،‬واإلخالل بالواجبات الزوجية من أي واحد منهما يجب أن يقره القضاء‬
‫بناء على ما خوله القانون ‪ ،‬وعلى مقتضيات موضوعية لصالح األسرة ‪ ،‬وخاصة إذا كان لهما‬
‫أطفال ‪.‬‬
‫وعليه فالتطليق إما أن يكون بطلب من أحد الزوجين لسبب الشقاق (المطلب األول ) أو‬
‫ألسباب أخرى (المطلب التاني )‬
‫المطلب األول‪ :‬التطليق للشقاق‬
‫يعتبر التطليق للشقاق من أهم المستجدات التي جاءت بها مدونة األسرة الصادرة في ‪5‬‬
‫فبراير ‪ 2004‬وقد عمل المشرع المغربي من خالل صياغته للنصوص التي تأطر التطليق‬
‫للشقاق على خلق نوع من المساواة إذ جعله بيد كل من الزوجين خالفا للطالق الذي هوا في‬
‫األصل للزوج مالم يملك الزوج زوجته حق إيقاع الطالق ‪ ،‬فالتطليق للشقاق يرجع لمجموعة‬
‫من األسباب منها ما تعود على الزوجة( الفقرة األولى ) ومنها ما تعود للزوج ( الفقرة الثانية)‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬حاالت التطليق التي تعود للزوجة‬
‫حدد المشرع المغربي مجموعة من الحاالت التي تعود للزوجة طالبة التطليق للشقاق‬
‫وهي كاآلتي ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬حالة عجز الزوجة إثبات الضرر المبرر للتطليق‬
‫نصت الفقرة الثانية من المادة ‪100‬من مدونة األسرة على ما يلي " إذا لم تتبث الزوجة‬
‫الضرر ‪ ،‬وأصرت على طلب التطليق يمكنها اللجوء إلى مسطرة الشقاق" على اعتبار أن‬

‫‪16‬‬
‫التطليق للضرر من أكثر صور التطليق التي كانت راجعة على المحاكم المغربية في ظل مدونة‬
‫األحوال الشخصية الملغاة ‪ ،‬هذا وبإمكان الزوجة أن تطلب التطليق ألي ضرر كان كيفما كان‬
‫نوعه مديا ( كاإليداء الجسدي) أو معنوي ( كالشتم واإلهانة ) التي يوجهها لها أو ألفراد عائلتها‬
‫وسواء حصل الضرر منه مباشرة أو من غيره كالضرر الذي يلحق الزوجة من أفراد عائلته ‪،‬‬
‫‪33‬‬
‫الذين يسكنون معها‬
‫فمسطرة التطليق للشقاق في هذه الحالة قاصرة على الزوجة دون الزوج ‪ ،‬ولذلك عندما تعجز‬
‫عن إثبات الضرر المزعوم لحوقه بها فتلجأ إلى التطليق للشقاق والذي ال إثبات فيه ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬حالة رفض الزوجة رجعة زوجها لها‬
‫جاء في الفقرة التانية من المادة ‪ 124‬ما يلي" يجب على القاضي قبل الخطاب على وثيقة‬
‫الرجعة إستدعاء الزوجة إلخبارها بذلك ‪ ،‬فإذا امتنعت ورفضت الرجوع ‪،‬يمكنها اللجوء إلى‬
‫مسطرة الشقاق المنصوص عليها في المادة ‪ 94‬من مدونة األسرة "‬
‫يتبين من خالل هذه المادة أن المشرع المغربي خول للزوجة اللجوء إلى طلب التطليق‬
‫للشقاق إذا رفضت الرجوع إلى زوجها خالل فترة العدة من الطالق الرجعي ‪ ،‬كما أعطى كذلك‬
‫الحق للزوج في رجعة زوجته أتناء العدة مصداقا لقواه تعالى " َٰٓوبُعو َٰٓلتُه َُّٰٓن أَٰٓ َٰٓح ّ‬
‫ق بِ َٰٓر أد ِه َّٰٓن فِي ذلِكَٰٓ‬
‫ً ‪34‬‬
‫إِن أرا ُدو إِصالحا"‬
‫تالثا ‪ :‬حالة إصرار الزوجة طلب الطالق الخلعي ورفض الزوج ذلك‬
‫يجد الخلع سنده الشرعي في قوله تعالى " وال َٰٓي ِحلُّ َٰٓل ُكم أَٰٓن تأخدو مما آتيتموهن شيئا إال‬
‫أن يخافا أال يقيما حدود َّللا‪ ،‬فإن خفتم أال يقيما حدود َّللا فال جناح عليهما فيما افتدت به ‪ ،‬تلك‬
‫‪35‬‬
‫حدود َّللا فال تعتدوها ‪ ،‬ومن يتعد حدود َّللا ف أوالئك هم الظالمون"‬

‫‪ -‬أحمد الخمليشي‪ ،‬التعليق على قانون األحوال الشخصية ‪ ،‬الجزء األول ( الزواج والطالق) ‪ ،‬مطبعة المعرفة ‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪33‬‬

‫الثانية ‪،‬ص‪585‬‬
‫‪ -‬سورة البقرة اآلية ‪288‬‬ ‫‪34‬‬

‫‪ -‬سورة البقرة اآلية ‪229‬‬ ‫‪35‬‬

‫‪17‬‬
‫يستفاد من اآلية أن الزوجة تدفع المال لزوجها لكي يتخلى عنها ‪ ،‬وفي مدونة األسرة‬
‫أعتبر المشرع الخلع طالقا بالتراضي بين الزوجية حيث جاء في المادة ‪ 115‬مايلي " للزوجين‬
‫أن يتراضيا على الطالق بالخلع طبقا ألحكام المادة ‪ 114‬أعاله "‬
‫يتبين من خالل هذه المادة أن التراضي يستلزم عرضا من الزوجة وموافقة من طرف‬
‫الزوج وهذه األخيرة هي التي تبقى حاسمة إلتمام الخلع بين الزوجين وتبقى حجرة عثرة أمام‬
‫رغبة الزوجة في إنهاء الرابطة الزوجية ‪ ،‬الشيئ الذي عالجه المشرع في الفقرة التانية من‬
‫المادة ‪ 120‬من مدونة األسرة " إذا أصرت الزوجة على طلب الخلع ‪ ،‬ولم يستجب لها الزوج‪،‬‬
‫يمكنها اللجوء إلى مسطرة الشقاق " ‪ ،‬يتضح أن المشرع أقر هذه المسطرة لمصلحة الزوجة‬
‫وأعطاه ا بديال مسطريا آخر عندما يرفض الزوج ممارسة الطالق الخلعي وذلك بلجوئها إلى‬
‫‪36‬‬
‫التطليق للشقاق‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬حاالت الطالق التي تعود للزوج‬
‫تتلخص الحاالت الذي يطلب فيها الزوج التطليق للشقاق فيما يلي ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬حالة تمسك الزوج بطلب التعدد ورفض الزوجة اإلذن له بذلك‬
‫نظم المشرع هذه الحالة من خالل الفقرة األخيرة من المادة ‪ 45‬التي نصت على ‪ ":‬فإذا‬
‫تمسك الزوج بطلب اإلذن بالتعدد ‪ ،‬ولم توافق الزوجة المراد التزوج عليها ‪ ،‬ولم تطلب التطليق‬
‫طبقت المحكمة تلقائيا مسطرة التطليق للشقاق المنصوص عليها في المواد ‪ 94‬إلى ‪ 97‬وبعده‬
‫" ‪ ،‬وتعد هذه الحالة من الحاالت التي تطبق فيها المحكمة مسطرة التطليق للشقاق بصفة تلقائية‬
‫ولو لم يتمسك بها أحد من الزوجين ‪ ،37‬كما أن تطبيق هذه المادة تؤدي إلى تغيير موضوع‬
‫الدعوى ‪ ،‬مما يؤدي إلى ترتيب آثار قانونية مختلفة من طلب اإلذن بالتعدد إلى طلب التطليق‬
‫‪ ،38‬وفي إيطار مسطرة التعدد ‪ ،‬إذا تمسك الزوج أمام المحكمة بطلب اإلذن بالتعدد ولم توافق‬

‫‪ -‬محمد الشافعي ‪،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪232‬‬ ‫‪36‬‬

‫‪ -‬حفيظة توتة‪ ،‬التطليق بسبب الشقاق في مدونة األسرة ‪ ،‬مجلة المحامي ‪ ،‬العدد ‪ ، 49‬سنة ‪ ، 2006‬ص ‪163‬‬ ‫‪37‬‬

‫‪ -‬حسن عجمي ‪ ،‬التعدد على ضوء أحكام المادة ‪ 45‬من مدونة األسرة ندوة قضايا األسرة من خالل إجتهادات المجلس‬ ‫‪38‬‬

‫األعلى أيام ‪ 9 -8‬مارس ‪ ، 2007‬مطبعة األمنية الرباط ‪ ،‬سنة ‪2007‬‬

‫‪18‬‬
‫الزوجة المراد التزوج عليها على ذلك اإلذن ولم تطلب التطليق من المحكمة ‪ ،‬طبقت هذه‬
‫‪39‬‬
‫األخيرة تلقائيا مسطرة الشقاق المنصوص عليها في المواد من ‪ 94‬إلى ‪97‬‬
‫ثانيا‪ :‬حالة إخالل أحد الزوجين بالحقوق المتبادلة بينهما‬
‫تنص المادة ‪ 52‬من مدونة األسرة على مايلي " عند إصرار أحد الزوجين على اإلخالل‬
‫بالواجبات المشار إليها في المادة ‪ 51‬يمكن للطرف اآلخر المطالبة بتنفيذ ماهو ملزم به ‪ ،‬أو‬
‫اللجوء إلى مسطرة الشقاق المنصوص عليها في المواد من ‪ 94‬إلى ‪ 97‬وبعده " ‪ ،‬فلكل من‬
‫الزوجين الخيار بين مطالبة الزوج المخل بإلتزامه التعاقدي الناتج عن ميثاق الزواج‪ ،‬بتنفيذ‬
‫اإلتزام المخل به أو اللجوء إلى مجلس القضاء للمطالبة بالتطليق للشقاق للعلل المذكورة ‪ ،‬على‬
‫إعتبار أن اإلختالل باإللتزامات المذكورة يعد خرقا صريحا للقانون ‪ ،‬وكأن المشرع المغربي‬
‫بذلك حاول منع إخالل الزوجين بالواجبات الزوجية ورتب الجزاء على ذلك‪ ،‬دون إلزام الزوج‬
‫اآلخر بالصبر على ذلك إال برضاه ‪ ،‬مع تخويل الحق في تطبيق مسطرة الشقاق بمقتضى المقال‬
‫يوضح فيه أن الطلب المذكور مؤسس على إخالل في ميثاق الزواج ‪ ،‬ومجرد إدعاء ذلك كاف‬
‫بالقول بوجود الشقا ق سواء نجح مدعيه في إتباث اإلخالل المزعوم أم لم ينجح ‪ ،‬وأن كانت‬
‫مسألة اإلتباث إنما تفيد في تحديد وجهات الطلب من عدمها‪ ،‬ومن تم تعتبر عامال محددا عند‬
‫تقرير الواجبات المترتبة عن التطليق أو التعويض المذكور به لفائدة المطلوب للشقاق‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬التطليق ألسباب أخرى‬
‫تتعدد هده األسباب حسب مقتضيات مدونة األسرة ‪ ,‬و هو ما نص عليه المشرع في المادة‬
‫‪ , 98‬إد نصت على أنه للزوجة طلب التطليق بناء على أحد األسباب األتية ‪ :‬إخالل الزوج‬
‫بشرط من شروط عقد الزواج –الضرر –عدم اإلنفاق ‪,‬و هذا ما سنتناوله في (الفقرة األولى) ‪,‬‬
‫ثم الغيبة و العيب و اإليالء و الهجر (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪ -‬محمد الكشبور ‪ ،‬الوسيط في شرح مدونة األسرة ‪ ،‬إنحالل ميثاق الزوجية ‪ ،‬الطبعة الثالثة‪،‬مطبعة النجاح الجديدة ‪,‬الدار‬ ‫‪39‬‬

‫البيضاء ‪ ،‬ص ‪162‬‬

‫‪19‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬التطليق بسبب اإلخالل بشرط من شروط عقد الزواج و الضرر و عدم‬
‫اإلنفاق‬
‫حيث سنتطرق للتطليق بسبب اإلخالل بشرط من شروط عقد الزواج (أوال) ثم التطليق‬
‫للضرر (ثانيا) ثم التطليق بسبب عدم اإلنفاق (ثالثا)‬
‫أوال ‪ :‬التطليق بسبب اإلخالل بشرط من شروط العقد‬
‫و حسب الفقرة األولى من المادة ‪ 99‬من المدونة ‪ ,‬فإن إخالل الزوج بشرط من شروط‬
‫عقد الزواج يعتبر ضررا مبررا لطلب الزوجة التطليق ‪ ,‬مما يعني أن هدا اإلخالل الصادر من‬
‫الزوج داخل في ماهية الضرر ‪ ,‬إن لم نقل بينهما عموما و خصوصا ‪.‬‬
‫لكن ما يالحظ هنا ‪ ,‬أن المشرع لم ينتبه إلى أن هدا اإلخالل يمكن أن يصدر كدلك عن‬
‫الزوجة ‪ ,‬خاصة وأنه مر بنا أن المادة ‪ 48‬من المدونة تعتبر في فقرتها األولى أن ‪ ,‬الشروط‬
‫التي تحقق فائدة مشروعة لمشترطها تكون صحيحة و ملزمة لمن إلتزم بها من الزوجين معا‪,‬‬
‫‪40‬‬
‫و ال يمكن أن يعفى من إلتزم منهما من تنفيد الشرط الدي إلتزم به إال بمقتضى حكم قضائي‪.‬‬
‫و إن المنطق القانوني يقتضي في إطار سياق النصوص أنه ‪ ,‬و إن كانت المادة ‪99‬‬
‫اقتصرت على حالة إخالل الزوج بالشرط ‪ ,‬فإن نفس الحكم يطبق في حالة إخالل الزوجة بما‬
‫إلتزمت به ‪ ,‬بما في دلك الحكم عليها بالتعويض المقرر في المادة ‪ , 41 101‬و حيث إن اإلخالل‬
‫بالشرط يدخل في ماهية الضرر ‪ ,‬فإن المنطق نفسه يقتضي أن يكون التطليق للضرر من حق‬
‫الزوجين معا ‪ ,‬ال من حق الزوجة و حدها كما سنرى ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬التطليق للضرر‬
‫‪42‬‬
‫اعتبر المشرع في الفقرة الثانية من المادة ‪ 99‬من المدونة ضررا مبررا لطلب التطليق‬
‫‪ ,‬كل تصرف من الزوج أو سلوك مشين أو مخل باألخالق الحميدة يلحق بالزوجة‬

‫‪ 40‬المرجع العملي في شرح قانون االسرة المغربي ‪ ,‬محمد المهدي ‪ ,‬الجزء الثاني ‪ :‬انحالل عقد الزواج و أثاره الطبعة‬
‫األولى ‪ ,‬مطبعة األمنية –الرباط الصفحة ‪58‬‬
‫‪ 41‬الخمليشي ‪ :‬من مدونة األحوال الشخصية إلى مدونة األسرة ‪ ,‬الجزء األول ‪ ,‬الزواج بدون طبعة الصفحة ‪339‬‬
‫‪ 42‬فضال عن إمكانية رفع دعوى جنائية طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 400‬من القانون القانون الجنائي الدي جاء فيه ‪ ,‬من إرتكب‬
‫عمدا ضد غيره جرحا او ضربا أو أي نوع أخر من العنف أو اإليداء سواء لم ينتج عنه مرض أو عجز أو نتج عنه مرض‬
‫أو عجز ال تتجاوز مدته ‪20‬يوما ‪ ,‬يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنة و غرامة من ‪ 120‬إلى ‪ 500‬درهم أو بإحدى هاتين‬
‫العقوبتين‬
‫‪20‬‬
‫إساءة مادية أو معنوية تجعلها غير قادرة على اإلستمرار في العالقة الزوجية ‪.‬‬
‫و بهذا التعبير ‪ ,‬يكون المشرع قد توسع في مفهوم الضرر ‪ ,‬بشكل أصبحت صوره ال‬
‫تدخل تحت عد أو حصر ‪ ,‬بحيث يمكن أن يدخل فيها جميع أنواع العنف ‪ ,‬التي رصدتها المادة‬
‫األولى من القانون رقم ‪ 103.13‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء ‪ ,‬بما في دلك العنف‬
‫الجسدي ‪ ,‬و العنف الجنسي ‪ ,‬و العنف االقتصادي ‪ ,‬و العنف النفسي الدي يشمل كل‬
‫إعتداء أو إكراه أو تهديد أو إهمال أو حرمان ‪ ,‬سواء كان بغرض المس بكرامة المرأة و‬
‫حريتها و طمأنينتها ‪ ,‬أو بغرض تخويفها أو ترهيبها ‪ ,‬فضال عن اإلخالل بما تم االتفاق عليه‬
‫من شروط إرادية ‪ ,‬ما دامت صحيحة تحقق فائدة مشروعة للزوجة ‪.‬‬
‫وهدا التوسع المالحظ في مفهوم الضرر يفترض بداهمة تمتع المحكمة المختصة بسلطة‬
‫تقديرية واسعة في دعاوى التطليق للضرر ‪ ,‬و هو ما واكبه القضاء بعدد من القرارات تترجم‬
‫هدا المفهوم الواسع من ناحية ‪ ,‬و تبرز مدى استقالل القضاء في تقدير وقوع الضرر من ناحية‬
‫أخرى ‪.‬‬
‫ولعل ما أفرزته الت طبيقات القضائية ‪ ,‬و كدا تصورات بعض الفقه في هدا الصدد ندكر‬
‫على سبيل المثال ال الحصر ‪:‬‬
‫قرار لمحكمة النقض الصادر في عهد مدونة األحوال الشخصية الدي جاء فيه ₺أن عمل‬
‫المجلس األعلى مستقر على أن إرتكاب الزوج الخيانة الزوجية يعتبر ضررا بمفهوم الفصل‬
‫‪ , 56‬يحق معه لزوجته طلب تطليقها منه ‪. 43‬‬
‫إقدام الزوج على ضرب و جرح‬ ‫‪44‬‬
‫و كدلك جاء في حكم صادر عن إبتدائية فاس أن‬
‫زوجته يعتبر سلوكا مشينا يلحق الضرر المادي و المعنوي بها ‪ ,‬و لدلك فإن طلبها التطليق و‬
‫الحالة هاته يبقى مؤسسا و يتعين اإلستجابة له‪.‬‬

‫‪ - 43‬قرار لمحكمة النقض صادر بتاريخ ‪ , 2001-01-23‬تحت عدد ‪ 51‬في الملف الشرعي ‪ 00-1-2-37‬منشور بمجلة‬
‫قضاء المجلس األعلى ‪ ,‬اإلصدار الرقمي دجنبر ‪ , 2004‬العدد ‪ , 61‬الصفحة ‪.52‬‬
‫‪ - 44‬حكم للمحكمة اإلبتدائية فاس بتاريخ ‪ 23‬ماي ‪ , 2005‬تحت عدد ‪ 2589‬في الملف رقم ‪ , 04-2003‬منشور بمجلة‬
‫المعيار ‪ ,‬العدد ‪ , 34‬الصفحة ‪ 295‬و ما بعدها‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫ثالثا‪ :‬التطليق لعدم اإلنفاق‬
‫لعل من أهم واجبات الزوج إتجاه زوجته أن ينفق عليها من طعام و غيره ‪ ,‬مما مر بنا‬
‫في مشموالت النفقة ‪ ,‬و اإلخالل بهدا اإللتزام يقوم حسب المادة ‪ 102‬من المدونة ‪ ,‬مبررا كافيا‬
‫يخول لها حق طلب التطليق ‪ ,‬إستلهاما من مذ هب الجمهور ‪ ,‬بمن فيهم السادة المالكية ‪ ,‬لقوله‬
‫تعالى ‪ " :‬و ال تمسكوهن ضرارا لتعتدوا "‪.45‬‬
‫فه‪²‬ه األية الكريمة كما هو واضح من سياقها ‪ ,‬تنهى عن إلحاق الضرر بالزوجة ‪ ,‬وزوجة‬
‫المعسر يلحقها الضرر بعجزه عن اإلنفاق عليها ‪ ,‬فلم يكن له أن يمسكها ‪.46‬‬
‫و السؤال الدي يفرض نفسه هنا ‪ ,‬هو أنه إدا كان التطليق لعدم اإلنفاق يتأتى للزوجة على‬
‫أساس أن الزوج ملزم باإلنفاق ‪ ,‬فهل يتأتى نفس األمر للزوج في الحالة التي يكون فيها معسرا‬
‫‪ ,‬حيث تكون الزوجة ملزمة باالنفاق في حدود ما عجز عنه وفق ما تنص عليه المادة ‪ 199‬من‬
‫المدونة ؟‬
‫يرى بعض الفقه في هدا الصدد أنه من المالئم أن يكون للزوج الحق في طلب التطليق‬
‫لعدم اإلنفاق ‪ ,‬شأنه في دلك شأن الزوجة ‪ ,‬و إدا كان هدا الفهم الدي تتفق معه يخدم قضية‬
‫المساواة ‪ ,‬إال أنه ال يصلح للتطبيق في ضوء النصوص المسنونة ‪ ,‬حيث كل ما للزوج في هده‬
‫الحالة مطالبة الزوجة باإلنفاق ‪ ,‬تحت طائلة إمكانية متابعتها بجنحة إهمال األسرة ‪ ,‬و ال يتعدى‬
‫األمر دلك إلى المطالبة للتطليق ‪ ,‬على إعتبار أن المشرع أوكل هده المكنة للزوجة حصرا دون‬
‫إستثناء ‪ ,‬و كما ال يخفى ال اجتهاد مع النص ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬التطليق للغيبة و العيب و اإليالء و الهجر‬
‫سنتناول في هدا المطلب التطليق للغيبة (أوال) ثم سنتطرق للتطليق للعيب (ثانيا) و بعد‬
‫دلك التطليق بسبب اإليالء و الهجر (ثالثا)‬

‫‪ - 45‬سورة البقرة ‪ ,‬األية ‪.229‬‬


‫‪ - 46‬بخالف مدهب الحنفية ‪ ,‬الدين ال يجيزون التطليق لعدم اإلنفاق و أنه على الزوجة أن تصبر حتى يوسر الزوج ‪ ,‬دليلهم‬
‫على دلك أن َّللا عز و جل قال ‪" ,‬و إن كان دو عسرة فنضرة إلى ميسرة " سورة البقرة ‪ ,‬األية ‪279‬‬
‫‪22‬‬
‫أوال ‪ :‬التطليق للغيبة‬
‫لقد نص المشرع في المادة ‪ 104‬على أنه "إدا غاب الزوج عن زوجته مدة تزيد عن سنة‬
‫‪ ,‬أمكن للزوجة طلب التطليق " ‪ ,‬مسايرا في دلك رأي المالكية و الحنابلة ‪ ,‬الدين يرون أن لها‬
‫إستنادا إلى قوله تعالى ‪" :‬فأمسكوهن معروف أو‬ ‫‪47‬‬
‫حق التطليق بسبب الغيبة و الحبس ‪,‬‬
‫سرحوهن بمعروف ‪ ,‬و ال تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ‪ "48‬على إعتبار أن هده األية الكريمة‬
‫تحرم إمساك الزوجة بقصد إلحاق الضرر بها ‪ ,‬وال يمكن رفعه إال بالتفريق ‪.‬‬
‫و المقصود بالغيبة المبررة للتطليق هو أن يغيب الزوج عن زوجته غيبة متصلة ‪ ,‬بحيث ال‬
‫تعلم له مكانا أو مستقرا أو ال تستطيع التواجد معه بمكان واحد بسبب البعد الجغرافي ‪ ...‬أو‬
‫لرغبة الزوج تعسفا في الغياب عن زوجته لمدة تزيد عن السنة ‪ ,‬على ان ال يكون للزوجة‬
‫مساهمة في إحداث هده الغيبة ‪ ,‬و هي بهدا تتميز عن الهجر الدي يقع و الزوجان يقيمان في بلد‬
‫واحد أو في بيت واحد ‪.‬‬
‫و كدلك إلى جانب التطليق للغيبة ‪ ,‬فيمكن للزوجة اللجوء إلى التطليق لسجن الزوج أو حبسه‬
‫ألكثر من ثالث سنوات ‪ ,‬حيث جاز للزوجة أن تطلب التطليق بعد مرور سنة من إعتقاله ‪ ,‬و‬
‫"إن حبس الزوج لمدة ثالث سنوات من أجل‬ ‫‪49‬‬
‫العلة في دلك حسب قرار لمحكمة النقض‬
‫جريمة ما ‪ ,‬يحرم الزوجة من حقوقها الشرعية ‪ ,‬منها حق المعاشرة و المساكنة ‪ ,‬ويسيء إليها‬
‫و يشكل ضررا يعطيها حق التطليق لهدا السبب "‬
‫ثانيا ‪ :‬التطليق للعيب‬
‫و هدا التطليق مخول للزوجين معا ‪ ,‬فحسب مقتضيات المادة ‪ 107‬من المدونة ‪ ,‬فتتمثل هده‬
‫العيوب في نوعين إثنين ‪:‬‬

‫‪ 47‬بخالف ما دهب إليه الحنفية و الشافعية و الظاهرية ‪ ,‬من أنه ال حق للمرأة في طلب التفريق بسبب غيبة الزوج أو حبسه ‪,‬‬
‫و لو لحقها الضرر بسبب دلك ‪ ,‬لعدم ورود نص صريح من الكتاب و السنة بجواز التفريق ألجل الغيبة و الحبس ‪.‬‬
‫‪ 48‬سورة البقرة ‪ ,‬األية ‪229‬‬
‫‪ 49‬القرار صادر بتاريخ ‪ 2006-11-8‬في الملف عدد ‪ 2005-1-2-555‬منشور بالمنتقى‬
‫‪23‬‬
‫أحدهما تناسلي مانع من المعاشرة الزوجية و ثانيهما جسماني مضر بصحة أو بحياة الطرف‬
‫األخر ‪ ,‬ويمكن اإلستعانة بالخبرة الطبية إلثبات هده األمراض و العيوب ‪ ,‬فالعيوب التناسلية‬
‫بت عبير بعض الفقه ‪ :‬هي العاهات الخلقية او الطارئة و األمراض المزمنة التي يتعدر معها‬
‫المعاشرة الزوجية ‪ 50‬أما األمراض الخطيرة على حياة الزوج األخر أو على صحته فهي على‬
‫سبيل المثال األمراض العقلية و النفسية ‪ ,‬و كدلك األمراض المعدية المميتة التي يعجز الطب‬
‫عن عالجها مثل مرض فقدان المناعة المكتسبة أو ما يسمى باإليدز ‪ ,‬أما األمراض غير‬
‫الخطيرة بالنظر إلى تأثيرها المحدود كالزكام مثال ‪ ,‬فال تشملها العبارة المذكورة ‪.‬‬
‫و بالرجوع إلى المادتين ‪ 107‬و ‪ 108‬من المدونة ‪ .‬يمكن القول بأن حق طلب التطليق للعيب‬
‫يثبت للزوج أو للزوجة عند توافر ثالثة شروط ‪:‬‬
‫‪ _ 1‬أن ال يكون عالما بالعيب حين العقد ‪ ,‬و إال سقط حقه في دلك ‪ ,‬و األصل هو عدم‬
‫العلم ‪ ,‬و من يدعي عكس دلك عليه اإلثبات بالبينة او بالقرائن ألن المسالة تتعلق بالواقع أساسا‬
‫‪51‬‬
‫ال بالقانون ‪.‬‬
‫‪ _ 2‬أن ال يرجى الشفاء من المرض بالنسبة لألمراض التي تشكل خطرا على حياة أو‬
‫صحة الزوج األخر داخل سنة ‪,‬‬
‫سواء كانت جسمية أو عقلية ‪ ,‬و طبعا الطب هو المرجع في كشف مدى حدود الرجاء‬
‫‪52‬‬
‫في الشفاء داخل سنة أو بعدها‬
‫‪_3‬أن ال يرضى بالعيب بعد العلم بتعدر الشفاء منه داخل سنة ‪ ,‬و ليس بعد العلم بواقعة‬
‫العيب داتها ‪ ,‬سواء كان رضاه صريحا ‪ ,‬كقوله رضيت أو قبلت ‪ ,‬او ضمنيا كالمعاشرة أو التلدد‬
‫او اإلسمتاع ‪ ,‬أو غير دلك مما يدل على رضائه بالعيب و قبوله إستمرار العالقة الزوجية ‪ ,‬و‬
‫إال فال حق له حينئد في طلب التطليق للعيب ‪.‬‬

‫‪ 50‬الخمليشي ‪,‬م‪.‬س‪ ,‬الصفحة ‪264‬‬


‫‪ 51‬محمد الكشبور ‪ ,‬الوسيط في شرح مدونة األسرة ‪ ,‬الكتاب الثاني انحالل ميثاق الزوجية ‪ ,‬مطبعة النجاح الجديدة بالدار‬
‫البيضاء ‪ ,‬الطبعة ‪ 2‬الصفحة ‪151‬‬
‫‪ 52‬إدا تعلق األمر بالجنون ‪ ,‬فيستحسن حسب بعض فقهاء الشريعة أن يعزل المجنون طوال فترة العالج ‪ ,‬فان شفي داخل‬
‫سنة كان بها ‪ ,‬و إال‬
‫قضت المحكمة بالتطليق‬
‫‪24‬‬
‫ثالثا ‪ :‬التطليق لإليالء و الهجر‬
‫يجد هدا النوع من التطليق سنده القانوني في المادة ‪ 112‬التي تنص على أنه "إدا ألى‬
‫الزوج من زوجته او هجرها ‪ ,‬فللزوجة أن ترفع أمرها إلى المحكمة التي تؤجله أربعة أشهر‬
‫فإن لم يفئ بعد األجل طلقتها عليه المحكمة " ‪.‬‬
‫و اإليالء كما ال يخفى هو أحد أنواع الطالق التي كانت معروفة في الجاهلية ‪ ,‬حيث كان‬
‫الرجل إدا طلب من إمرأته شيئا فأبت أن تعطيه حلف أن ال يقربها السنة و ال السنتين و ال‬
‫الثالث ‪ ,‬يقصد بدلك إيداءها فيدعها كالمعلقة ‪ ,‬ال هي زوجة و ال هي مطلقة ‪ ,‬و لما جاء اإلسالم‬
‫جعل دلك للمسلمين أربعة أشهر ‪ , 53‬ليجمع بين المصلحتين ‪ ,‬مصلحة الزوج في تأديب زوجته‬
‫بممارسة حقه في ما يخصه ‪ ,‬و بين مصلحة الزوجة في عدم إطالة المدة عليها منعا من ضلمها‬
‫‪ 54.‬قال تعالى ‪" :‬للدين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر ‪ ,‬فإن فاؤو فإن َّللا غفور رحيم ‪,‬‬
‫‪55‬‬
‫وإن عزمو الطالق فإن َّللا سميع عليم "‬
‫أما الهجر فالمالحظ أن المشرع وضعه إلى جانب اإليالء للداللة على أنه تطبق عليهما‬
‫نفس األحكام ‪ ,‬مع التنبيه إلى أن الهجر يعني أن يدير الزوج ظهره لزوجته في الفراش ‪ ,‬و ال‬
‫يهتم بها االهتمام المطلوب منه كزوج ‪ ,‬و يتركها عن قصد و دون سبب شرعي لمدة تزيد عن‬
‫أربعة أشهر كاملة قصد اإلضرار بها ‪ ,‬و ليس بالضرورة أن يغيب عن بيت الزوجية ‪,‬‬
‫هدا و قد الحظ بعض الفقه اإلختالف الحاصل في المجتمع المغربي ‪ ,‬حيث ان الفتيات المغربيات‬
‫في أواسط القرن الماضي ‪ ,‬و على أساس التربية الدينية التي تلقونها ‪ ,‬فقد كانت تتركز على‬
‫طاعة الزوج ‪ ,‬طاعة تفوق طاعة الوالدين مما كان يجعل الزوجات ترضخن لرغبات أزواجهن‬
‫طائعات ‪ ,‬و إن كن في بعض األحيان غير راغبات لكن تغيير الظروف االجتماعية ‪ ,‬و ما‬

‫‪ 53‬حددت المدة في أربعة أشهر ‪ ,‬لتكون فرصة كافية ليراجع فيها الرجل نفسه و يثوب إلى رشده‬
‫‪ 54‬فالحكمة من دلك ‪ ,‬هي دفع الضرر الالحق للمرأة لعدم الوطئ‬
‫‪ 55‬سورة البقرة األيتان ‪224_223‬‬
‫‪25‬‬
‫واكبها من إنفتاح على عالم المعرفة ‪ ,‬باإلضافة إلى ما عرفه العالم بأسره من نظال من أجل‬
‫تحرير المرأة و المناداة بمساواتها بالرجل ‪ ,‬دفع المرأة بوجه عام إلى احساس بإثبات وجودها‬
‫من خالل فرض اإلعتراف بإستقالل كيانها عن زوجها ‪ ,‬و إستقالل رغباتها عن رغباته ‪ ,‬ومن‬
‫ثم إثبات داتها ككائن له نفس الحقوق ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫ومن هنا نستخلص أن للطالق والتطليق انواع مختلفة بحيت ان الطالق غالبا ما يمارس من‬
‫طرف الزوج إال في حالة ما أعطى الزوج لزوجته الحق في تطليق نفسها بحيث يسمى الطالق‬
‫في هده الحالة بالطالق المملك‪ .‬أما التطليق فيكون بناء على حكم قضائي ويتم دلك بناء على‬
‫طلب من الزوجة في الحاالت التي نص عليها القانون‬
‫وللحد من ظاهرة الطالق والتطليق نعطي بعض االقتراحات التالية‪:‬‬
‫إحداث مراكز لالستشارات األسرية لتكون عونا على حل هده المشاكل قبل أن يصل الحل الى‬
‫للطالق‪.‬‬
‫التأني وعدم التسرع والبحث عن األسس والمعايير في آختيار شريك الحياة‬
‫عقد الندوات والحوارات واللقاءات للمقبلين على الزواج لتعريفهم بأهمية الحياة الزوجية‪.‬‬
‫إهتمام وسائل اإلعالم المقروءة والمكتوبة والمرئية بتثقيف المقبلين على الزواج حول واجبات‬
‫الزوجين وحقوقهما‪.‬‬
‫تكثيف الجهود من طرف الدولة والجهات المختصة لدراسة ظاهرة الطالق لوضع سبل عالجها‪.‬‬
‫تشديد مسطرة التطليق للشقاق ووضع حد أدنى للبث في الطالق‪.‬‬
‫التنصيص على إمكانية قبول الوكالة في الطالق والتطليق عندما يتعضر على الزوج أو الزوجة‬
‫الحضور شخصيا‬

‫‪27‬‬
‫الئحة المصادر والمراجع‬
‫المصادر‬
‫القرآن الكريم برواية ورش‬
‫مدونة األسرة‬
‫المراجع‬
‫*أحمد الخمليشي‪،‬التعليق على قانون األحوال الشخصية ‪ ،‬الجزء األول ‪ (،‬الزواج والطالق)‬
‫‪ ،‬دار النشر المعرفة ‪،‬الطبعة الثانية‬
‫*أحمد نصر الجندي ‪،‬دار الكتب القانونية ‪ ،‬الطالق والتطليق وآثارهما ‪ ،‬الطبعة ‪2004‬‬
‫*الخمليشي‪ ،‬من مدونة األحوال الشخصية إلى مدونة األسرة ‪ ،‬الجزء األول‪،‬الزواج ‪ ،‬بدون‬
‫ذكر الطبعة‬
‫*الخمليشي ‪ ،‬من مدونة األحوال الشخصية إلى مدونة األسرة ‪ ،‬كتاب الطالق ‪ ،‬الطبعة الثانية‬
‫*حفيظة توتة‪ ،‬التطليق لسبب الشقاق في مدونة األسرة‪ ،‬مجلة المحامي‪ ،‬العدد‪ 49‬سنة ‪2006‬‬
‫*حسن عجمي‪ ،‬التعدد على ضوء أحكام المادة ‪ 45‬من مدونة األسرة ندوة قضايا األسرة من‬
‫خالل إجتهادات المجلس األعلى ‪ ،‬المطبعة األمنية الرباط‬
‫*محمد الشافعي ‪ ،‬الزواج وإنحالله في مدونة األسرة ‪ ،‬مطبعة الوراقة الوطنية ‪ ،‬الطبعة‬
‫الرابعة‬
‫*محمد األزهر ‪،‬شرح مدونة األسرة ‪ ،‬أحكام الزواج‬
‫*محمد الكشبور ‪ ،‬الوسيط في شرح مدونة األسرة ‪،‬إنحالل الميثاق الزوجية ‪ ،‬الطبعة الثالثة‬
‫*محمد المهدي‪،‬المرجع العملي في شرع قانون األسرة المغربي ‪ ،‬الحزء الثاني ‪ ،‬إنحالل عقد‬
‫الزواج وآثاره ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬الرباط‬
‫*عادل حاميدي ‪ ،‬التطليق للشقاق وإشكاالته القضائية ‪ ،‬الطبعة ‪2015‬‬
‫*عمرو المزرع ‪ ،‬غمز العيون في أحكام الزواج وإنحالله ‪ ،‬مطبعة آنفو برانت ‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية ‪2014 ،‬‬

‫‪28‬‬
‫األحكام والقرارات القضائية‬
‫*قرار لمحكمة النقض صادر بتاريخ‪ 2001/01/23‬تحت عدد ‪ 51‬في الملف الشرعي‬
‫‪ 00_1_2_37‬منشور بمجلة القضاء المجلس األعلى ‪ ،‬اإلصدار الرقمي دجنبر ‪, 2004‬‬
‫العدد ‪61‬‬
‫*حكم صادر عن المحكمة اإلبتدائية بفاس بتاريخ ‪ 23‬ماي ‪ 2005‬تحت العدد ‪ 2589‬في‬
‫الملف رقم ‪ ' 2003-04‬العدد ‪34‬‬
‫*القرار الصادر بتاريخ ‪ 2006_11_08‬في الملف عدد ‪2005-1-2-555‬‬
‫قرار صادر بتاريخ ‪ 7‬يوليوز ‪ 1992‬بالمجلس األعلى ‪ ،‬العدد ‪46‬‬

‫المقاالت‬
‫مقال منشور على الموقع اإلكتروني ‪www.maraje3.com‬‬

‫‪29‬‬
‫الفهرس‬

‫مقدمة‪2 .................................................................................... :‬‬


‫المبحث األول‪ :‬أنواع الطالق ‪4 ...........................................................‬‬
‫المطلب االول‪ :‬الطالق الرجعي والطالق البائن ‪4 ....................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الطالق الرجعي ‪4 ....................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الطالق البائن ‪7 .......................................................‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الطالق المملك وبالخلع والطالق اإلتفاقي ‪9 .......................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الطالق المملك ‪9 .....................................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الطالق بالخلع ‪12 ...................................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬الطالق اإلتفاقي ‪14 ..................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬أنواع التطليق ‪16 ......................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التطليق للشقاق‪16 ....................................................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬حاالت التطليق التي تعود للزوجة ‪16 .............................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬حاالت الطالق التي تعود للزوج ‪18 ................................‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬التطليق ألسباب أخرى ‪19 ..........................................‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬التطليق للغيبة و العيب و اإليالء و الهجر ‪22 ....................‬‬
‫خاتمة‪27 .................................................................................. :‬‬
‫الئحة المصادر والمراجع ‪28 .............................................................‬‬

‫‪30‬‬

You might also like