You are on page 1of 5

‫عنوان العرض‬

‫أقسام الزواج في الفقه الشافعي‬


‫تقديم‪ :‬ليلى الريشي‬

‫تحت إشراف األستاذ الفاضل‪ :‬جميلة تلوت‬

‫السنة الجامعية‪2023-2024 :‬‬

‫‪1‬‬
‫األسـرة تعتبـر اللبنـة األساسـية لبنـاء المجتمـع اإلنسـاني برمتـه‪ ،‬مـن أجـل ذلـك أولـت‬
‫الشـريعة اإلسـالمية اهتمامـا بالغـا وعنايـة تامـة بهـذه اللبنـة‪ ،‬حيث سنت لها من القواعد‬
‫واألحكام ما يتكفل ببنائها بناء قويا ومتينا ‪ .‬وأساس بناء األسرة المسلمة هو ارتباط الرجل‬
‫بالمرأة علـى أسـاس شـرعي أي بعقـد الـزواج الـذي ارتضــاه هللاا عـز وجـل لعبـاده؛ تمييـزا‬
‫لهـم عـن بـاقي المخلوقات‪ ،‬وقد هدف هللاا عز وجل من سن هذا النظام المثالي عـدة مقاصـد‬
‫شرعية‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫‪-1‬الزواج رابطةٌ روحيةٌ بين الزوجين اساسها المودّة والرحمة؛ فتكون الزوجة أمينةً على‬
‫ومرها؛ حيث‬ ‫سر زوجها‪ ،‬ويؤنس ك ٌّل منهما اآلخر ويُعينه على تح ّمل أعباء الحياة حلوها ّ‬ ‫ّ‬
‫قال سبحانه وتعالى‪( :‬ومن آياته أن َخلَق لكم من أنفسكم أزواجا ً لتَسكنوا إليها‪ ،‬و َج َعل بينكم‬
‫صف هللاا عز وجل العالقة القائمة بين الزوجين وصفا ً دقيقا ً‬ ‫مو ّدة ً ورحمةً) [الروم‪]21:‬؛ فقد َو َ‬
‫في هذه اآلية‪ ،‬وإذا انتفت هذه الخاصية بين الزوجين وأصبحت الحياة بينهم صعبة والتفاهم‬
‫مستحيالً أجاز لهما الشرع أن َيفترقا بالطالق‪.‬‬
‫تنظم وتحمي النسل حفاظا ً على استمرار‬ ‫‪-2‬الزواج هو الطريقة الشرعيّة والصحيحة التي ّ‬
‫تزوجوا الودود الولود‬ ‫ي؛ حيث قال نبيّنا الكريم صلى هللاا عليه وسلم بما معناه ّ‬ ‫النوع البشر ّ‬
‫الزواج الشرعي‬ ‫أن الزواج يُحافظ على األنساب؛ فبغير ّ‬ ‫فإ ّني أباهي بكم األمم يوم القيامة‪ ،‬كما ّ‬
‫تنتشر الفاحشة بين الناس وتختلط األنساب فال َيعرف األخ أخته وال األب ابنته م ّما يتسبّب‬
‫ت اجتماعي ٍة كبيرةٍ ويُصبح المجتمع ُمف ّككا ً تكثر به حاالت االنحراف عند‬ ‫بنشوء ُمشكال ٍ‬
‫الشباب‪ ،‬وما نراه في بعض المجتمعات من انتشار األمراض الجنسية هو خير دليل على‬
‫أهميّة الزواج ‪.‬‬
‫‪-3‬الزواج يؤدّي إلى تكوين أسرةٍ‪ ،‬واألسرة هي اللبنة األولى في المجتمع؛ فكما ّ‬
‫أن الخلية‬
‫هي وحدة البناء األولى في الجسم ّ‬
‫فإن األسرة هي اللبنة األولى في بناء المجتمع‪ ،‬فعندما‬
‫صالح يصلح المجتمع بأكمله‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫زواج‬
‫ٍ‬ ‫تكون األسرة صالحةً ناتجةً عن‬
‫و من خالل هذا الموضوع سنتطرق الى المبحث اول سنناقش فيه المذهب الشافعي مفهوم‬
‫و المبحث الثاني سنتطرق الى اقسام الزواج عند الشافعي ‪.‬‬ ‫الزواج‬

‫المبحث االول ‪ :‬المذهب الشافعي مفهوم الزواج‬


‫المطلب االول‪ :‬المذهب الشافعي‬
‫الشافعية أو المذهب الشافعي أو الفقه الشافعي اشتهر هذا المصطلح منذ البدايات المبكرة‬
‫لنشوء المدارس الفقهية السنية المختلفة‪ ،‬لكنه بالتأكيد ظهر في حياة اإلمام محمد بن إدريس‬
‫الشافعي ‪ (150-204‬هـ) الذي ينسب إليه المذهب الشافعي‪.‬‬
‫ويعتمد المذهب الشافعي في استنباطاته وطرائق استدالله على األصول التي وضعها اإلمام‬
‫الشافعي بشكل عام‪ ،‬لكن ليس بالضرورة أن تتوافق آراء المذهب الشافعي مع آراء اإلمام‬

‫‪2‬‬
‫الشافعي نفسه‪ ،‬بل قد يكون المذهب استقر على ور ّجح خالف ما رجحه الشافعي‪ ،‬لكن‬
‫األصول وطرائق االستدالل واحدة‪.‬‬
‫دون كتابا ً متكامالً في العلم المعروف بأصول‬‫ومما يُذكر أن اإلمام الشافعي يُعد أول من ّ‬
‫دون كتبا ً أخرى منها‪( :‬الحجة) وهو الكتاب الفقهي‬
‫الفقه وذلك في كتابه الشهير الرسالة‪ ،‬كما ّ‬
‫دونه أوالً في العراق ثم أعاد تأليفه وغير مذهبه في بضع عشرة مسألة فقهية فيه عندما‬
‫الذي ّ‬
‫سكن القاهرة وسمى الكتاب (األم)‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف الزواج‪-‬حكمة مشروعيته وحكمه الشرعي‬
‫يعتبر الزوج مصطلحا قرآنيا أصيال‪ ،‬ولما كان لهذا المفهوم هو "المركز" لهذا البحث‪ ،‬كان‬
‫من الالزم دراسته في السياقات القرآنية المتعددة‪ ،‬ببيان محدداته وكذا عالقاته مع‬
‫المصطلحات التي تنتمي لنفس االسرة المفهومية والمجال الداللي ضمن النسق القرآني‬
‫بتوضيح الشبكة المفاهيمية والشجرة الداللية بغية تصحيح عملية االستعمال وترشيد التداول‬
‫وتفعيل سبل التواصل وتعزيز آليات التفاعل‬
‫الزواج في اللغة‪ ،‬معناه‪ :‬اقتران واالزدواج‪ ،‬يقال‪ :‬زوج الشيء بالشيء وزوجه إليه‪ ،‬قرنه‬
‫به‪ ،‬وقد جاء في القران الكريم ﴿ وكذَلك زوجناهم بحور عين ﴿ أي قرناهم‪ .‬وكل شيء اقترن‬
‫أحدهما باألخر فهما زوجان‪ ،‬والنكاح والزواج معنى واحد يقال تناكحت األشجار إذا تمايلت‪،‬‬
‫وانضم بعضها الى بعض‪ ،‬والنكاح في اللغة معناها الضم‪.‬‬
‫وصيانتها من االس ِتمتاع‬‫وصيانته‪ ،‬وإعفاف الفُروج وإحصانها ِ‬ ‫الزو َجيْن ِ‬ ‫‪-‬حفظ ك ٍّل من َّ‬
‫المحرم الذي يفسد المجتمعات البشريَّة‪ ،‬ويهد ُم أخالقها‪.‬‬ ‫َّ‬
‫تعرف إحداهما األخرى‪،‬‬
‫ُ‬ ‫س ِر والقَبائل‪ ،‬فكم من أُسرتين ُمتَباعدتين ال‬
‫صلة بين األ ُ َ‬
‫‪-‬إحكام ال ِ ّ‬
‫بينهما؛‬ ‫واال ِتّصال‬ ‫والتعارف‬
‫ُ‬ ‫التقارب‬
‫ُ‬ ‫يحصل‬ ‫وبالزواج‬

‫‪َ -‬بقاء النوع اإلنساني على وج ٍه سليم‪ ،‬والترفُّع ببني اإلنسان عن الحياة البهيميَّة إلى الحياة‬
‫اإلنسانيَّة الكريمة‪َّ ،‬‬
‫فإن النكاح سببٌ للنسل‪.‬‬
‫‪-‬تحصيل األوالد الذين هم ِزينة الحياة الدنيا‪.‬‬
‫سكن واألنس والراحة النفسيَّة بين الزوجين‪.‬‬
‫‪ُ -‬حصول ال َّ‬

‫‪3‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الزواج عند الشافعي و انوعه‪.‬‬
‫ال ينعقد بالفعل‪ ،‬كإعطاء المهر مثالً‪ ،‬بل ال بد من القول للقادر عليه؛ ألن عقد الزواج خطير‬
‫مقدس له آثار دائمة على المرأة‪ ،‬فكان ال بد من االحتياط له‪ ،‬وإتمامه بأقوى الدالالت على‬
‫اإلرادة‪ :‬وهو القول‪ ،‬حفاظا َ على كرامة المرأة ومستقبلها‪ ،‬وصونا ً لها عن االبتذال‪ ،‬وألن‬
‫عقد الزواج يتطلب اإلشهاد عليه‪ ،‬تمييزا ً له عن السفاح أو الزنا‪ ،‬وال يتمكن الشهود من‬
‫معرفة عقد الزواج إال بسماع لفظ اإليجاب والقبول‪.‬‬
‫والزواج عند اإلمام الشافعي ‪:‬الطالق والخلع والرجعة‪ ،‬ال تجوز إال بالقول‪.‬‬
‫حيث تم تقسيم أنواع الزواج عند المذهب الشافعي الى ثالثة أنواع‪:‬‬
‫الزواج الالزم‪ ،‬وغير الالزم‪ ،‬والفاسد أو الباطل‪ .‬وأما الزواج المكروه فهو باالتفاق‬
‫من أنواع الزواج الصحيح الالزم‪ .‬لهذا سنتطرق لشرح كل نوع حسب االتي‪:‬‬
‫الزواج الالزم‪ :‬هو الذي استوفى أركانه وشروط صحته ونفاذه ولزومه‪.‬‬
‫الزواج غير الالزم‪ :‬هو ما استوفى أركانه وشروط صحته ونفاذه وفقد شرطا ً من شروط‬
‫اللزوم‪.‬‬
‫الزواج الباطل او الفاسد عند الجمهور‪ :‬هو ما فقد ركنا ً من أركانه أو شرطا ً من شروط‬
‫صحته‪.‬‬
‫وال فرق عند الجمهور بين الفاسد والباطل‪.‬‬
‫االحكام المترتبة عند الزواج‬
‫يقصد بها األثر المترتب على العقد‪ ،‬تبعا ً الستيفاء أركانه وشرائطه الشرعية وعدم استيفائه‪،‬‬
‫وأبين هنا حكم كل نوع من أنواع الزواج السابقة‪.‬‬
‫‪-‬حكم الزواج غير الالزم مثل حكم الزواج الالزم إال أنه يثبت فيه الحق للزوج أو الزوجة‬
‫بالفسخ‪ ،‬ويكون الزواج قابالً للفسخ‪.‬‬
‫‪-‬حكم الزواج الموقوف الزواج الموقوف مع كونه صحيحا ً ال يترتب عليه أي أثر من‬
‫آثار الزواج قبل إجازته ممن له حق اإلجازة‪ ،‬فال يحل فيه الدخول بالزوجة‪ ،‬وال تجب فيه‬
‫نفقة وال طاعة‪ ،‬وال يثبت به حق التوارث بموت أحد الزوجين‪ .‬فإن أجيز صار نافذا ً وترتبت‬
‫عليه أحكام الزواج الالزم‪ ،‬عمالً بالقاعدة الفقهية( ‪:‬اإلجازة الالحقة كالوكالة السابقة ‪) .‬ومثاله‬
‫نكاح الفضولي‪ :‬الذي يعقد لغيره من غير والية تامة عليه وال وكالة عنه‪ .‬ومثل تزوج‬
‫الصغير والصغيرة المميزين بدون إذن الولي‪ .‬وقال محمد‪ :‬تزوج العاقلة بنفسها أو بوكيلها‬
‫من غير إذن وليها يكون موقوفا ً‪.‬‬
‫الزواج الفاسد ما كان مختلفا في فساده كالزواج بال ولي مثال‪ ،‬والنكاح الباطل ما كان مجمعا‬
‫على فساده‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫جاء في الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين رحمه هللاا ‪:‬والفاسد في النكاح ما اختلف العلماء في‬
‫فساده‪ ،‬والباطل ما أجمعوا على فساده‪ ،‬كنكاح األخت‪ ،‬كرجل تزوج امرأة‪ ،‬ثم تبين أنها أخته‬
‫من الرضاع‪ ،‬فالنكاح باطل؛ ألن العلماء مجمعون على فساده‪ .‬ومثال الفاسد‪ :‬النكاح بال ولي‪،‬‬
‫أو بال شهود‪ ،‬أو نكاح امرأة رضعت من أمه مرة أو مرتين أو ثالثا ً أو أربعا ً ‪.‬انتهى‪.‬‬
‫وتترتب على هذا التفريق آثار منها‪ :‬أن النكاح الفاسد ال بد فيه من فسخ أو طالق‪ ،‬بخالف‬
‫طالق‪.‬‬ ‫وال‬ ‫فسخ‪،‬‬ ‫بغير‬ ‫الفرقة‬ ‫فتحصل‬ ‫الباطل‬ ‫النكاح‬
‫قال ابن قدامة في المغني ‪:‬وإذا تزوجت المرأة تزويجا فاسدا‪ ،‬لم يجز تزويجها لغير من‬
‫تزوجها حتى يطلقها أو يفسخ نكاحها‪ .‬وإذا امتنع من طالقها‪ ،‬فسخ الحاكم نكاحه‪ .‬نص عليه‬
‫أحمد‪ .‬وقال الشافعي‪ :‬ال حاجة إلى فسخ وال طالق؛ ألنه نكاح غير منعقد‪ ،‬أشبه النكاح في‬
‫العدة‪.‬‬

‫‪5‬‬

You might also like