Professional Documents
Culture Documents
1
األسـرة تعتبـر اللبنـة األساسـية لبنـاء المجتمـع اإلنسـاني برمتـه ،مـن أجـل ذلـك أولـت
الشـريعة اإلسـالمية اهتمامـا بالغـا وعنايـة تامـة بهـذه اللبنـة ،حيث سنت لها من القواعد
واألحكام ما يتكفل ببنائها بناء قويا ومتينا .وأساس بناء األسرة المسلمة هو ارتباط الرجل
بالمرأة علـى أسـاس شـرعي أي بعقـد الـزواج الـذي ارتضــاه هللاا عـز وجـل لعبـاده؛ تمييـزا
لهـم عـن بـاقي المخلوقات ،وقد هدف هللاا عز وجل من سن هذا النظام المثالي عـدة مقاصـد
شرعية ،نذكر منها:
-1الزواج رابطةٌ روحيةٌ بين الزوجين اساسها المودّة والرحمة؛ فتكون الزوجة أمينةً على
ومرها؛ حيث سر زوجها ،ويؤنس ك ٌّل منهما اآلخر ويُعينه على تح ّمل أعباء الحياة حلوها ّ ّ
قال سبحانه وتعالى( :ومن آياته أن َخلَق لكم من أنفسكم أزواجا ً لتَسكنوا إليها ،و َج َعل بينكم
صف هللاا عز وجل العالقة القائمة بين الزوجين وصفا ً دقيقا ً مو ّدة ً ورحمةً) [الروم]21:؛ فقد َو َ
في هذه اآلية ،وإذا انتفت هذه الخاصية بين الزوجين وأصبحت الحياة بينهم صعبة والتفاهم
مستحيالً أجاز لهما الشرع أن َيفترقا بالطالق.
تنظم وتحمي النسل حفاظا ً على استمرار -2الزواج هو الطريقة الشرعيّة والصحيحة التي ّ
تزوجوا الودود الولود ي؛ حيث قال نبيّنا الكريم صلى هللاا عليه وسلم بما معناه ّ النوع البشر ّ
الزواج الشرعي أن الزواج يُحافظ على األنساب؛ فبغير ّ فإ ّني أباهي بكم األمم يوم القيامة ،كما ّ
تنتشر الفاحشة بين الناس وتختلط األنساب فال َيعرف األخ أخته وال األب ابنته م ّما يتسبّب
ت اجتماعي ٍة كبيرةٍ ويُصبح المجتمع ُمف ّككا ً تكثر به حاالت االنحراف عند بنشوء ُمشكال ٍ
الشباب ،وما نراه في بعض المجتمعات من انتشار األمراض الجنسية هو خير دليل على
أهميّة الزواج .
-3الزواج يؤدّي إلى تكوين أسرةٍ ،واألسرة هي اللبنة األولى في المجتمع؛ فكما ّ
أن الخلية
هي وحدة البناء األولى في الجسم ّ
فإن األسرة هي اللبنة األولى في بناء المجتمع ،فعندما
صالح يصلح المجتمع بأكمله.
ٍ زواج
ٍ تكون األسرة صالحةً ناتجةً عن
و من خالل هذا الموضوع سنتطرق الى المبحث اول سنناقش فيه المذهب الشافعي مفهوم
و المبحث الثاني سنتطرق الى اقسام الزواج عند الشافعي . الزواج
2
الشافعي نفسه ،بل قد يكون المذهب استقر على ور ّجح خالف ما رجحه الشافعي ،لكن
األصول وطرائق االستدالل واحدة.
دون كتابا ً متكامالً في العلم المعروف بأصولومما يُذكر أن اإلمام الشافعي يُعد أول من ّ
دون كتبا ً أخرى منها( :الحجة) وهو الكتاب الفقهي
الفقه وذلك في كتابه الشهير الرسالة ،كما ّ
دونه أوالً في العراق ثم أعاد تأليفه وغير مذهبه في بضع عشرة مسألة فقهية فيه عندما
الذي ّ
سكن القاهرة وسمى الكتاب (األم)
المطلب الثاني :تعريف الزواج-حكمة مشروعيته وحكمه الشرعي
يعتبر الزوج مصطلحا قرآنيا أصيال ،ولما كان لهذا المفهوم هو "المركز" لهذا البحث ،كان
من الالزم دراسته في السياقات القرآنية المتعددة ،ببيان محدداته وكذا عالقاته مع
المصطلحات التي تنتمي لنفس االسرة المفهومية والمجال الداللي ضمن النسق القرآني
بتوضيح الشبكة المفاهيمية والشجرة الداللية بغية تصحيح عملية االستعمال وترشيد التداول
وتفعيل سبل التواصل وتعزيز آليات التفاعل
الزواج في اللغة ،معناه :اقتران واالزدواج ،يقال :زوج الشيء بالشيء وزوجه إليه ،قرنه
به ،وقد جاء في القران الكريم ﴿ وكذَلك زوجناهم بحور عين ﴿ أي قرناهم .وكل شيء اقترن
أحدهما باألخر فهما زوجان ،والنكاح والزواج معنى واحد يقال تناكحت األشجار إذا تمايلت،
وانضم بعضها الى بعض ،والنكاح في اللغة معناها الضم.
وصيانتها من االس ِتمتاعوصيانته ،وإعفاف الفُروج وإحصانها ِ الزو َجيْن ِ -حفظ ك ٍّل من َّ
المحرم الذي يفسد المجتمعات البشريَّة ،ويهد ُم أخالقها. َّ
تعرف إحداهما األخرى،
ُ س ِر والقَبائل ،فكم من أُسرتين ُمتَباعدتين ال
صلة بين األ ُ َ
-إحكام ال ِ ّ
بينهما؛ واال ِتّصال والتعارف
ُ التقارب
ُ يحصل وبالزواج
َ -بقاء النوع اإلنساني على وج ٍه سليم ،والترفُّع ببني اإلنسان عن الحياة البهيميَّة إلى الحياة
اإلنسانيَّة الكريمةَّ ،
فإن النكاح سببٌ للنسل.
-تحصيل األوالد الذين هم ِزينة الحياة الدنيا.
سكن واألنس والراحة النفسيَّة بين الزوجين.
ُ -حصول ال َّ
3
المبحث الثاني :الزواج عند الشافعي و انوعه.
ال ينعقد بالفعل ،كإعطاء المهر مثالً ،بل ال بد من القول للقادر عليه؛ ألن عقد الزواج خطير
مقدس له آثار دائمة على المرأة ،فكان ال بد من االحتياط له ،وإتمامه بأقوى الدالالت على
اإلرادة :وهو القول ،حفاظا َ على كرامة المرأة ومستقبلها ،وصونا ً لها عن االبتذال ،وألن
عقد الزواج يتطلب اإلشهاد عليه ،تمييزا ً له عن السفاح أو الزنا ،وال يتمكن الشهود من
معرفة عقد الزواج إال بسماع لفظ اإليجاب والقبول.
والزواج عند اإلمام الشافعي :الطالق والخلع والرجعة ،ال تجوز إال بالقول.
حيث تم تقسيم أنواع الزواج عند المذهب الشافعي الى ثالثة أنواع:
الزواج الالزم ،وغير الالزم ،والفاسد أو الباطل .وأما الزواج المكروه فهو باالتفاق
من أنواع الزواج الصحيح الالزم .لهذا سنتطرق لشرح كل نوع حسب االتي:
الزواج الالزم :هو الذي استوفى أركانه وشروط صحته ونفاذه ولزومه.
الزواج غير الالزم :هو ما استوفى أركانه وشروط صحته ونفاذه وفقد شرطا ً من شروط
اللزوم.
الزواج الباطل او الفاسد عند الجمهور :هو ما فقد ركنا ً من أركانه أو شرطا ً من شروط
صحته.
وال فرق عند الجمهور بين الفاسد والباطل.
االحكام المترتبة عند الزواج
يقصد بها األثر المترتب على العقد ،تبعا ً الستيفاء أركانه وشرائطه الشرعية وعدم استيفائه،
وأبين هنا حكم كل نوع من أنواع الزواج السابقة.
-حكم الزواج غير الالزم مثل حكم الزواج الالزم إال أنه يثبت فيه الحق للزوج أو الزوجة
بالفسخ ،ويكون الزواج قابالً للفسخ.
-حكم الزواج الموقوف الزواج الموقوف مع كونه صحيحا ً ال يترتب عليه أي أثر من
آثار الزواج قبل إجازته ممن له حق اإلجازة ،فال يحل فيه الدخول بالزوجة ،وال تجب فيه
نفقة وال طاعة ،وال يثبت به حق التوارث بموت أحد الزوجين .فإن أجيز صار نافذا ً وترتبت
عليه أحكام الزواج الالزم ،عمالً بالقاعدة الفقهية( :اإلجازة الالحقة كالوكالة السابقة ) .ومثاله
نكاح الفضولي :الذي يعقد لغيره من غير والية تامة عليه وال وكالة عنه .ومثل تزوج
الصغير والصغيرة المميزين بدون إذن الولي .وقال محمد :تزوج العاقلة بنفسها أو بوكيلها
من غير إذن وليها يكون موقوفا ً.
الزواج الفاسد ما كان مختلفا في فساده كالزواج بال ولي مثال ،والنكاح الباطل ما كان مجمعا
على فساده.
4
جاء في الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين رحمه هللاا :والفاسد في النكاح ما اختلف العلماء في
فساده ،والباطل ما أجمعوا على فساده ،كنكاح األخت ،كرجل تزوج امرأة ،ثم تبين أنها أخته
من الرضاع ،فالنكاح باطل؛ ألن العلماء مجمعون على فساده .ومثال الفاسد :النكاح بال ولي،
أو بال شهود ،أو نكاح امرأة رضعت من أمه مرة أو مرتين أو ثالثا ً أو أربعا ً .انتهى.
وتترتب على هذا التفريق آثار منها :أن النكاح الفاسد ال بد فيه من فسخ أو طالق ،بخالف
طالق. وال فسخ، بغير الفرقة فتحصل الباطل النكاح
قال ابن قدامة في المغني :وإذا تزوجت المرأة تزويجا فاسدا ،لم يجز تزويجها لغير من
تزوجها حتى يطلقها أو يفسخ نكاحها .وإذا امتنع من طالقها ،فسخ الحاكم نكاحه .نص عليه
أحمد .وقال الشافعي :ال حاجة إلى فسخ وال طالق؛ ألنه نكاح غير منعقد ،أشبه النكاح في
العدة.
5