Professional Documents
Culture Documents
األسرة
جيهان الشطبي ،طالبة باحثة كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية سطات
فك الرموز:
م.أ : مدونة األسر
ص : صفحة
ط : طبعة
ع : عدد
مقدمة :
تعتبر األسرة من أهم ركائز ودعائم المجتمع ،وبالتالي تشكل اللبة األولى والخلية األولى بالنسبة له .وعلى
شأ هللا سبحانه أن يجع َل اإلنسان كغيره من العوا ِلم ،فيَدَع غرائزه تنطلق دون وعي،هذا األساس لم ي َ
ويترك إتصال الذكر باألنثى فوضى ال ضابط له ،بل وضع النظام المالئم لسيادته ،والذي من شأنه أن يحفظ
ب و َقبول
شرفه ويصون كرامته ،فجعل ا ِتّصال الرجل بالمرأة كريمًا مبنيًّا على رضاهما ،وعلى إيجا ٍ
َظهرين لهذا الرضا ،وعلى إشها ٍد ،على أن كاًّل منهما قد أصبح لآلخر[.]1
ِ كم
ومما ال شك فيه ،أن اإلنسان فطر على التناسل والتكاثر عن طريق الزواج الشرعي بإعتباره عماد األسرة
القويم وهو سنة هللا في الكون[ ،]2قال تعالى :
س وَ ا ِح َد ٍة وَ خَ لَ َق ِم ْن َها زَ وْ َج َها وَ ب َّ َأ
َث ِم ْن ُهمَا ِر َجااًل َكثِيرً ا “(يَا يُّ َها النَّاسُ اتَّقُوا رَ بَّ ُك ُم الَّ ِذي خَ لَ َق ُكم ِّمن نَّ ْف ٍ
وَ ِنسَا ًء )”[]3
وفي نفس السياق ،فقد كتب هللا الزواج على اإلنسان والحيوان والنبات ،مصداقا لقوله عز وجل ” :وَ ِمن
ْن لَ َعلَّ ُك ْم تَ َذ َّكرُ ونَ (” ]4[)49 شيْ ٍء خَ لَ ْقنَا زَ وْ َجي ِ
ُك ِ ّل َ
وكما هو معلوم أن الزواج عبادة يستكمل اإلنسان بها نصف دينه ،فقد شرع هللا الزواج لحكمة بالغة
وجعله عماد األسرة الذي تلتقي فيه الحقوق والواجبات بين الزوجين في إطار من اإلنتظام والتكامل والعدل
التام الذي يتحقق من خالله بقاء النوع اإلنساني على أكمل وجوه البقاء[ ،]5وأن يجد كل من العاقدين في
صاحبه األنس الروحي الذي يؤلف هللا تعالى بينهما ،وتكون به الراحة وسط متاعب الحياة وشدائدها[.]6
وهكذا يعتبر عقد الزواج ،الذي يبرم يين رجل وامرأة ،من أهم العقود المدنية وأعظمها شأنا وأبعدها أثرا
في حياة الفرد وفي بناء المجتمع[.]7
ومن مظاهر أهمية الزواج وإهتمام الشارع اإلسالمي به -بل والمشرع الوضعي كذلك -أنه قد وضع له
مقدمات تمهد له وتكفل للطرفين حسن اإلختيار والسير على قاعدة اإلستمرار لضمان حياة زوجية مستقرة[
. ]8والمقصود بالمقدمات في هذا الصدد ،الخطبة بإعتبارها خطوة سابقة إلبرام عقد الزواج .
إن لفظ الخطبة خضع بدوره لعدة تعاريف ،نذكر من ذلك التعريف الملقى من قبل مدونة األحوال الشخصية
الملغاة ،التي نصت على ما يلي “الخطبة وعد بالزواج وليست زواج ويدخل في حكمها قراءة الفاتحة وما
جرت به العادة والعرف من تبادل الهدايا ”
وإصطالحا تعرف بكونها طلب الرجل يد امرأة معينة للتزوج بها والتقدم إليها وذويها والمفاوضة في أمر
العقد ومطالبه ومطالبهم بشأنه[.]9
ومن جهته عرف المشرع المغربي الخطبة في المادة الخامسة من مدونة األسرة بقوله :
تتحقق الخطبة بتعبير طرفيها بأي وسيلة متعارف عليها تفيد التواعد على الزواج ،ويدخل في حكمها قراءة
الفاتحة وما جرت به العادة والعرف من تبادل الهدايا””.
وفضال عن ذلك أجاز المشرع في المادة السادسة من مدونة األسرة إمكانية العدول عن الخطبة بإعتبار
الطرفان في فترة الخطبة إلى حين اإلشهاد على عقد الزواج ،وهنا يتبدى لنا جليا ،أن المشرع جعل للخطبة
ضوابط تحكمها،
والمتمثلة في كون اإلشهاد هو الذي ينقل المخطوبين من مرحلة الخطبة الى مرحلة الزواج
ولكل من الطرفين حق العدول عنها-.قد يكون العدول إما بإتفاق الطرفين أو بقرار من احدهما .]10[-وفي
هذا الصدد فالعدول ال تترتب عنه أي مسؤولية سواء وجه من قبل الخاطب أو المخطوبة .وهذا ما أشارت
إليه مدونة األسرة في مادتها السابعة”“ ،ومنه مجرد العدول عن الخطبة ال يترتب عنه تعويض ،غير أنه
إذا صدر عن أحد الطرفين فعل سبب ضررا لآلخر l،يمكن للمتضرر المطالبة بالتعويض”” .
ولكن قد تطرح lبعض المشاكل القانونية في حالة الخطبة التي تنتهي من غير الزواج والتي تتعلق أساسا
بمصير الهدايا والصداق التي تقدم من قبل الخاطب بالخصوص إلى المخطوبة ،كما ينبغي اإلشارة الى
موضوع نسب الحمل الناتج أثناء فترة الخطبة الذي بدوره أخد حيزا كبيرا من النقااش نظرا إلرتباط هذا
الموضوع بالمنظومة الدينية واإلجتماعية والثقافية واألخالقية للمجتمع .
وعلى ضوء هذا التقديم ،يمكننا طرح إشكالية لمناقشة موضوعنا هذا ،والتي تتمحور حول :
— ما هو مصير الهدايا والصداق المقدم في مرحلة الخطبة عند العدول عنها؟ وكذا اآلثار المترثبة عن
الحمل الواقع خالل فترة الخطبة ؟ .
وعليه ،سيتم تناول مآل الهدايا في حالة العدول عن الخطبة (الفقرة األولى) .ثم حكم الصداق أثناء العدول
عن الخطبة( الفقرة الثانية)
في هذا اإلطار ،إختلفت المذاهب الفقهية ،بحيث ذهب المذهب الحنفي إلى كون الهدايا تأخد حكم الهبات.
والهبات عندهم يجوز الرجوع فيها[ ]11والمقصود من ذلك ،أن الهدايا المقدمة الى المخطوبة حكمها حكم
الهبة ،فللواهب الرجوع فيها ما لم يكن مانع من الرجوع كهالكها أواستهالكها ،فيرد منها ماكان قائما دون
ما هلك اوإستهلك سواء كان العدول من طرف الخاطب أو من المخطوبة ألن الهدايا قدمت على سبيل
التبرع[]12
وشاطره في ذلك المذهب الشافعي ،مع إضافة وجوب رد الهدايا بشكل مطلق أي في جميع األحوال ،سواء
كانت باقية أو هالكة ،فإذا كانت موجودة ردت بعينها،
وإن هلكت أو إستهلكت وجب رد مثلها أو قيمتها سواء كان العدول من قبله او من قبل المخطوبة او منهما
معا[. ]13
وجعل المالكية حكم الهدايا مرهونا بالجهة التي صدرمنها العدول ،فإذا وقع العدول عن الخطبة من طرف
الخاطب فال حق له في إسترجاع ما دفعه من هدايا ،وال تلزم المخطوبة برد ما أخدته من الخاطب ،أما اذا
كان العدول من جانب المخطوبة ،يحق حينئذ للخاطب أن يسترد هداياه إن كانت موجودة أو قيمتها أو مثلها
إن استهلكت او تلفت[.]14
ويضيف الحنابلة[ ]15أن الهدية تثبت بكل امر مقرر لكل المهر او لنصفه ،و يرد ما وهبته المرأة لخاطبها
قبل الدخول إذا طلقها او فسخ العقد بإختياره
أما هدية الخاطب التي يقدمها إلى المخطوبة قبل أن يعقد عليها فال تعد من المهر ،وعليه فللخاطب الحق
في استرجاع ما أهداه إذا كان أهل المخطوبة قد وعدوه بأن يزوجوه من المخطوبة ولم يفوا بوعدهم ،و ذلك
ألنه اهدى إلى المخطوبة في مقابل حصول العقد عليها ،وبامتناعهم يكون السبب منهم فيحق له استرجاع
الهدايا .
اما إذا مات أحد الخطيبين فليس للخاطب أو ورثثه المطالبة باسترجاع شيء مما أهداه الخطيب لخطيبته،
وعلة هذا الحكم أن عدم إتمام العقد لم يكن من جهتهم ،فالموت ال يملكون إزاءه شيئا وال دخل إلرادتهم في
عدم إتمام هذا الزواج[]16
وفي حالة ما إذا كان اإلعراض عن إتمام الزواج صادر من قبل الخاطب فليس له حق الرجوع على
المخطوبة او وليها بما قدم من هدايا ،ألنه هو الممتنع عن العقد وبالتالي فالسبب منه[.]17
وصفوة القول ،أن الراي القريب الى الصواب هو رأي اإلمام مالك رضي هللا عنه الذي فرق بين :
-فإن كان شرط بين الطرفين أو عرف متبع عمل بالشرط او العرف ،ألن المعروف عرفا كالمشروط
شرطا .
-وإذا لم يكن شيء من ذلك :فإن كان العدول من جهة الخاطب فال يسترد من المخطوبة ما اهداه إليها .وإن
كان قائما بعينه لديها وإن كان العدول من جهتها فإنه يرد ما اهدي إليها بعينها ،ويرد قيمته اومثله إن هلك
او استهلك]18[
وفي نفس السياق سارت مدونة األحوال الشخصية الملغاة من خالل فصلها الثالث الذي ينص على أنه :
للخاطب أن يسترد الهدايا إال إذا كان العدول عن الخطبة من قبله ”.
وهنا يتبدى لنا جليا أن المشرع حاول من خالل المادة الثامنة أن يبرز أحكاما ،يمكن تفصيلها في النقط
التالية :
-اليحق للطرف الذي عدل عن الخطبة إسترجاع الهدايا التي قدمها للطرف اآلخر
-يحق للطرف الذي لم يعدل عن الخطبة أن يحتفظ بالهدايا التي قدمت له بمناسبة الخطبة
-يحق للطرف الذي لم يعدل عن الخطبة أن يسترجع الهدايا التي قدمها هو للطرف العادل عن الخطبة
بمناسبة الخطبة
ويمكن القول أن مدونة األسرة سارت على خطوات المذهب المالكي ومستندها في األخد بهذا المذهب،
يرجع أساسا إلى التعليل المنطقي الذي عللت به المالكية ،فال يجوز زيادة ألم يتجلى في العدول على الم
آخر متعلق بإسترداد الهدايا،
ومن تطبيقات ذلك ،قضية الخاطب الذي أهدى لخطيبته بقعة أرضية مساحتها سبعة هكتارات وقد سجلها
بإسمها في السجل العقاري ،ثم عمدت بعد ذلك إلى الزواج من رجل أخر ،فتقدم الخاطب بطلب من أجل
إسترجاع هديته وكذا التشطيب على الهبة من الرسم العقاري ،فحكمت المحكمة اإلبتدائية بفاس وفق الطلب
وألغته استئنافية نفس المدينة ،غير أن المجلس األعلى سابقا نقض قرارها بعلة خرق الفصل الثالث من
مدونة األحوال الشخصية الذي ينص على أن :لكل من الخاطب والمخطوبة الحق في العدول عن
الخطبة .
للخاطب أن يسترد الهدايا إال إذا كان العدول عن الخطبة من قبله ]19[.
وتجدر اإلشارة أن القاضي وهو بصدد القيام بعملية التكييف ال ينبغي له ان يتوقف فقط عند واقعة العدول،
بل يعتبر السبب الداعي إلى ذلك ،ألنه قد يحدث أن يلجأ أحد الطرفين إلى إشتراط شروط ثقيلة على
صاحبه او يضع بعض المعيقات والعراقيل التي تدفعه إلى التعجيل بالعدول عن الخطبة،]20[
وبالتالي فال يسير النظر إلى الطرف العادل وإنما لصاحب العراقيل والشروط التعجيزية ،وعلة ذلك أن
الشخص الذي يضع شروط تعجيزية يكون سيء النية و يتخلله اإلقتناع بعدم إتمام مشروع الزواج.
وفي نفس السياق يرى األستاذ أحمد الخمليشي بأنه يفرض على الخطيبة إذا ما ارادت اإلحتفاظ بالهدية أن
تقوم بكل ما يخوله لها القانون من أجل مطالبة الخاطب بإتمام الزواج ،وعزز ذلك بقرار الغرفة المدنية
بتاريخ 1978/12/13
“وبما أن المدعى عليها هي التي ستستفيد من تملكها الهدية التي أهديت لها بمناسبة الخطبة ،فإنه كان عليها
ان تثبت أنها فعلت كل ما يخوله لها القانون من أجل مطالبة المدعي بإتمام عقد الزواج بها ،وأنه هو الذي
كان يماطل إلى أن تخلى عنها نهائيا ولذلك فما اعتمدته المحكمة من أن المدعي لم يسبق له ابتدائيا ان نسب
للمدعى عليها ذلك ،وإنما تمسك به في المرحلة االستئنافية ،وان ذلك يشكل قرينة على انه هو الذي لم تكن
له رغبة في إتمام الزواج بها هواستنتاج فاقد األساس[. ]21
وفي حالة العدول اإلتفاقي ،يحق للخطيبين إسترداد الهدايا المقدمة من طرفهما ،ويستثنى من هذا الحكم
إتفاق الطرفين على مآل الهدايا إذ في هذه الحالة يتم الرجوع إلى القاعدة األصلية في قانون اإللتزامات
والعقود التي تقرر بأن العقد شريعة المتعاقدين]22[
“”الصداق هو ما يقدمه الزوج لزوجته إشعارا بالرغبة في عقد الزواج وإنشاء أسرة مستقرة ،وتثبيت أسس
المودة والعشرة بين الزوجين ،وأساسه الشرعي هو قيمته المعنوية والرمزية ،وليس قيمته المادية “”
ويسمى الصداق مهرا ونحلة وعطية ،وهو واجب بكتاب هللا و سنة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،فمن
شيْ ٍء ِم ْن ُه نَ ْفسًا َف ُكلُو ُه َه ِنيًئا م َِريًئا ﴾
كتاب هللا قوله تعالى ” ﴿ وَ آتُوا ال ِنّسَا َء صَ ُد َقا ِت ِهنَّ ِن ْحلَ ًة َفِإنْ ِطبْنَ لَ ُك ْم عَ نْ َ
بحيث إتفق الفقه على جواز تأجيل المهر -الصداق او تعجيله ،و بذلك يمكن للخاطب أن يستعجل إعطائه
كال أو جزءا قبل إبرام عقد الزواج إلتفاق بين الطرفين أو لعرف جرى على ذلك ،ولم يتعرض المشرع
المغربي لمصير الصداق المقدم في فترة الخطبة إال في المادة التاسعة من مدونة األسرة .و التي تفيد ” إذا
قدم الخاطب الصداق أو جزءا منه ،وحدث عدول عن الخطبة أو مات أحد الطرفين أثناءها ،فللخاطب أو
لورثته استرداد ما سلم بعينه إن كان قائما ،وإال فمثله أو قيمته يوم تسلمه.
وإذا لم ترغب المخطوبة في أداء المبلغ الذي حول إلى جهاز ،تحمل المتسبب في العدول ما قد ينتج عن
ذلك من خسارة بين قيمة الجهاز والمبلغ المؤدى فيه.
ويفهم من هذه المادة أن المشرع المغربي أعطى للرجل الخاطب الحق في إسترجاع ما قدمه من صداق
لخطيبته في مرحلة الخطبة ،سواء كان العدول من طرفه أو من طرف الخطيبة ،ألن المشرع المغربي
يعتبر الصداق من شروط العقد ،وذلك إستنادا الى المادة 13من مدونة األسرة التي نصت على ما يلي:
ذلك أن القاضي بمجرد تأكده من خالل الوقائع المعروضة عليه أن األمر يتعلق بخطبة فإنه يستبعد إعمال
وتطبيق األحكام المتعلقة بالزواج l،كما هو الشأن بالنسبة للصداق المقدم أثناء فترة الخطبة والذي يفرض
على القاضي أثناء التكييف إستبعاد األحكام المنصوص عليها في المادة 35من مدونة األسرة إلختصاصها
بالزواج ،وبالتالي ال يمكن قياس الخطبة عليها لوجود الفارق ،وإنما يتجه أساسا إلى الحكم بإرجاع الصداق
دون البحث أواإللتفات إلى السبب الذي منع من إتمام الزواج لعدم تأثيره]23[
ومن التشريعات العربية التي نصت على ذلك صراحة ،نجد مدونة األحوال الشخصية العراقية ،في الفصل
19التي تنص على ما يلي :
“….إذا سلم الخاطب الى مخطوبته قبل العقد ماال محسوبا على المهر ،ثم عدل الطرفان عن إجراء العقد،
أو مات أحدهما ،فيمكن إسترداد ما سلم عينا وإن استهلك فبدال…]24[”.
غير أن العدول عن الخطبة على غرار إشكالية الهدايا والصداق ،يمكن أن ينجم عنه أضرر مادية او
معنوية:
يرى بعض الفقه أن العدول عن الخطبة ال يترتب عنه التعويض في كل األحوال[ ]25ويرى جانب آخر أن
التعويض عن الضرر المنجر عن العدول عن الخطبة يكون له ما يبرره في بعض األحيان ،وإن هذا
التعويض يجد سنده إما في مبدأ “منع إساءة إستعمال الحق ” المعمول به خاصة لدى الحنفية ،أو في مبدأ
“منع التسبب في الضرر ” المعمول به خاصة لدى المالكية[]26
وقد حاول األستاذ محمد أبو زهرة أن يوفق بين الرأي األول والرأي الثاني فقال ” وفي الحق أننا ال
نستطيع أن نقر الرأي األول الذي يمنع كل تعويض عن الضرر بإطالق ،كما ال نستطيع أن نقر الرأي
الثاني ،بل نقول قوال وسطا فنقرر أن العدول عن الخطبة في ذاته ال يكون سببا للتعويض ،ألنه حق ،والحق
ال يترتب عليه تعويض قط ،ولكن ربما يكون الخاطب قد تسبب في أضرار نزلت بالمخطوبة ،ال لمجرد
الخطبة و العدول ،كأن يطلب نوعا من الجهاز أو تطلب هي إعداد المسكن ،ثم يكون العدول والضررl،
فالضرر نزل بسبب عمل كان من الطرف الذي عدل غير مجرد الخطبة ،فيعوض ،وإن لم يكن كذلك فال
يعوض
ضرر ينشأ ،وللخاطب دخل فيه غير مجرد الخطبة والعدول ،كالمثالين السابقين،
فاألول يعوض والثاني ال يعوض ،إذ األول كان تغريرا ،والتغرير يوجب الضمان ،كما هو مقرر في قواعد
الفقه الحنفي وغيره l،وفي قضايا العقل و المنطق ،وقد أخدت بهذا النظر محكمة النقض :
“”ومنه مجرد العدول عن الخطبة ال يترتب عنه تعويض ،غير أنه إذا صدر عن أحد الطرفين فعل سبب
ضررا لآلخر يمكن للمتضرر المطالبة بالتعويض””
يسوغ القول هنا ،أن التعويض في إطار الفقرة الثانية من المادة ،7ال يمكن أن يستجاب له في حالة ما إذا
كان الضرر الحاصل ناتجا عن سبب مخالف للقانون
ونستشف ذلك ،من خالل حكم المحكمة اإلبتدائية بالحسيمة“ ]28[ حيث إن المدعية تهدف من طلبها ،الحكم
على المدعى عليه بأدائه لها تعويضا قدره ثالثمائة ألف درهم ،عن الضرر الحاصل لها بسبب التغرير بها
وعدوله عن الزواج بها بعد إذن المحكمة له بالزواج بها ،وحيث أنه بمقتضى المادة السابعة من مدونة
األسرة ،فانه في حالة ما اذا صدر عن أحد الطرفين فعل سبب ضررا لآلخر lيمكن للمتضرر المطالبة
بالتعويض
ومنه تبين للمحكمة اإلبتدائية أن المدعية تطالب بالتعويض عن فعل التغرير الذي إرتكبه المدعى عليه الذي
مارس الجنس معها بمنزلها كما هو ثابت بإقرارها ،و القانون ال يبييح العالقة الجنسية بين الطرفين إال في
نطاقها الشرعي ،خصوصا و أن الخطبة وعد بالزواج و ليست زواج كما هو معلوم ،و بالتالي يكون
الخطيبان قد إستسلما معا للرغبة الجنسية ،فإنه ال موجب ألي تعويض ال لضرر مادي أو معنوي.
وتجدر اإلشارة أن المحكمة هنا استعملت مصطلح الوعد الذي يعرف في مدونة األحوال الشخصية الملغاة،
ألن الخطبة عبارة عن تواعد ،والتواعد يفيد الجانبيين معا ،و لكن ليس في ذلك إشكال ألن المحكمة كانت
صائبة في قرارها.
وفي هذا السياق يمكننا القول أن العبرة هنا بحدوث الضرر بالطرف اآلخر ال بمجرد العدول عن الخطبة،
ذلك أن القاضي وهو يكيف طلب التعويض عن العدول عن الخطبة فإنه يلزمه أن يبحث عن حصول الخطأ
المسبب للضرر و عن ثبوت هذا األخير ال عن واقعة العدول عن الخطبة،
ألنه سيقضي بالتعويض بناء على المسؤولية التقصيرية ألن الخطبة ليست عقدا وبالتالي ال يعتبر العدول
عنها إخالال بإلتزام تعاقدي يوجب العويض[]29
ويرى األستاذ أحمد الخمليشي لتبرير الحكم بالتعويض ضرورة توفر شرطين أساسيين :
-أن ال يكون للعادل مبرر ظاهر إلنهاء الخطبة ،بل يفعل ذلك لمجرد التهور و الطيش أو لتحقيق مصالح
مادية وراء عدوله .
-أن يكون له دور في إنجاز التصرف الضار بالطرف اآلخر ،كما إذا استعجلت الخطيبة حفلة الزفاف،
وعندما هيأ لها الخاطب أعلنت عن انتهاء الخطبة؛ و كأن يطلب الخاطب من خطيبته اإلنقطاع عن الدراسة
أو التخلي عن وظيفتها ،فتفعل إستجابة لرغبته ثم يتراجع عن الخطبة بدون سبب معقول.]30[
إضافة إلى ذلك ،فالضرر المبرر للتعويض ال يقتصر فقط على الضرر المادي ،بل جميع أنواع األضرار
وذلك إستنادا لنص المادة 7الذي جاء بصيغة العموم أي المادي والمعنوي ،الخاص والعام ،]31[ والقضاء
كذلك يسير في نفس اإلتجاه كما في حكم إبتدائية مراكش الذي جاء في إحدى حيثياته ” حيث يكون بذلك
تضرر المدعية من عدول المدعى عليه عن خطبتها ثابتا وهو التضرر الحاصل من فقد
مورد رزقها على المستوى المادي ،وعلى المستوى المعنوي فإن تضررها من عدول المدعى عليه عن
خطبتها دون سبب ولمجرد أنه متزوج l،ومرافقته لها بصفة دائمة ومستمرة علنا مما يشكل لها إحباطا ويقلل
من فرص تقدم الغير للمطالبة بزواجها[.]32
فما هو مصير الحمل الناتج أثناء الخطبة فيما يتعلق بالنسب ؟.
وهذا ما جعل فقهاء القانون والشريعة يبحثون في هذه المسألة ،بغاية دراسة الجوانب الخاصة بها إلستنباط
الحكم الشرعي والقانوني ،ومنه ما هو موقف مدونة األحوال الشخصية فيما يخص هذا الحمل (الفقرة
األولى ) وفي نفس اإلتجاه وجب بيان موقف مدونة األسرة للحسم في ذلك (الفقرة الثانية)
الفقرة األولى :موقف الفقه ومدونة
األحوال الشخصية :
طرحت مسألة الحمل الناتج أثناء الخطبة جدال فقهيا واسعا ال على مستوى الفقه اإلسالمي أو الفقه
القانوني المهتم باألبعاد القانونية ،وعلى هذا األساس وجب التطرق للموقفين معا مرورا بموقف مدونة
األحوال الشخصية.
إهتم اإلسالم بالطفولة مند لحظة الوالدة -بل وقبلها -وذلك ألن األوالد نعمة عظيمة وجليلة من هللا تعالى
ووجب اإلحسان لها وكذا الرعاية لتصبح نبتا طيبا في روضة االسالم
فبخصوص المسألة المتعلقة بنسب الحمل أثناء الخطبة ،هناك إتجاه في الفقه االسالمي رفض بشدة إلحاق
الولد ،وإعتبر الولد غير الشرعي يقطع نسبه ،ومن ذلك الفقه المالكي والشافعي والحنبلي والظاهري]33[
استنادا الى رأيهم بما ورد في نفي ولد المالعنة
حيث اخرج اإلمام مالك رضوان هللا عليه عن نافع عن ابن عمر رضي هللا تعالى عليهم أجمعين أن النبي
صلى هللا عليه وسلم العن بين رجل وامرأته وانتفى من ولده ففرق بينهما وألحق الولد بالمراة]34[
وفي هذا الصدد يقول األستاذ إبراهيم بحماني ،معلقا على مضمون المادتين السادسة والسابعة من مدونة
األسرة “ :ويفهم من هاتين المادتين أن الخطبة ليست زواجا وهو ما نصت عليه سابقا مدونة األحوال
الشخصية في الفصل ، 2ولكن هذه العبارة حذفت في مدونة األسرة ،ورغم حذفها فإن المشرع لم يبح
للخطيبين اإلتصال جنسيا ببعضهما قبل عقد الزواج ،ألن اإلتصال قبل العقد يعتبر زنا من الناحية
الشرعية[.]35
وهذا ما جرت عليه الفقهاء والفتوى في المغرب ونذكر من ذلك جواب العالمة محمد بن أحمد الحضيكي[
” : ]36وسئل عن رجل تزوج امراة فولدت عنده ألربعة أشهر وقبل الولد ،واعترف أنه يطأها بعد الخطبة
والقبول ،هل يلحق الولد لقبوله إياه واعترافه أم ال ؟ وهل تحل بهذا النكاح أم البد من عقد آخر أو ال يحل
له أصال ؟
فأجاب “الحمد هلل تعالى وعليكم السالم ،أما بعد فال خوف في فسخ هذا النكاح ..و الولدغير الحق .
فال لحوق ولو أقر الخاطب بالوطء بعد الخطبة والقبول وإعترف بالحمل
ففي أجوبة العالمة العباسي[ ” ]37وسئل عن إمرأة طلبها أخو الهالك عنها بالتزويج ،ثم ظهر بها حمل
وزعمت أنه دخل عليها يوما وقال :قد وقع عقد النكاح بيننا هذا اليوم وأنت زوجتي ،وراودها عن نفسها
فقالت له ” ال علم لي بذلك ،فقال لها إذا حضرت العقد فال يضر عدم علمك به ،وزعمت أنه صادق
وطاوعته بما
راودها به فحملت منه ،فلما ظهر لها عدم صدقه اشتكت على بعض جيرانها ،بذلك هل يسقط عنها الحد بما
ذكرت أم ال ؟
فأجاب رضي هللا عنه :يقبل قول المذكورة فيما ادعته من العذر فور ظهور عدم الصدق لها ،و ذلك شبهة
تدرأ عنها الحد .وهللا أعلم.
وفي نفس السياق ،إذا توفي الخاطب ثم ظهر أن المخطوبة حامل او توفيت المخطوبة وتبين أنها حامل،
ففي الشريعة اإلسالمية والتشريعات العربية ال يثبت نسب األوالد الى الخاطب حتى لو ثبت أن المخطوبة
حملت من الخاطب ،ألن معاشرة الخاطب للمخطوبة غير شرعية.]38[
أما عن االستاذ الخمليشي يرى“ l،ولعل أقرب حل مقبول هو أنه في حالة الحمل وإبرام عقد الزواج فعال
أمام عدلين يلحق الولد بالزوج وان تم وضعه في اقل من ستة اشهر من اشهاد العدلين ألن توثيق العقد
وإعتراف األب يؤكدان وجود االيجاب والقبول قبل اإلتصال الناتج عن الحمل وال ينبغي لضابط الحالة
المدنية او النيابة العامة أو أقارب األب أن يثيروا ما إذا كان الحمل قد نشأ بعد العقد او قبله وذلك استناداا
الى :
-إتجاه اإلجتهاد الفقهي من قبول إقرار األب بالنسب دون تكليفه بإثبات عالقة الزواج الذي ينتج عنه الولد
المقر به،
-إثبات عقد الزواج يؤكد فعال حسن نية الطرفين بوجود االيجاب والقبول من الخطيبين عند نشوء الحمل،
وإن تأخر إنجاز العقد وفق شكله القانوني ،وهذا هو إشهاد العدلين[]39
هذا ما استقر عليه العمل القضائي بالمغرب الى غاية دخول مدونة األسرة حيز التطبيق ،ولم يعرف من
الفقهاء مخالف ،إال ماكان من الفقيه محمد الجواد الصقلي الحسيني ،في حاشيته على مدونة األحوال
الشخصية حيث يقول ” إذا ظهر حمل بالخطيبة قبل اإلشهاد بالعقد او وضعت الحمل بعد اإلشهاد ألقل من
ستة أشهر ،فالحكم اللحقوق بالخطيب بشروط أربعة وهي :
وفي نفس السياق يقول األستاذ الغازي الحسيني[ ]41بأنه :إذا ظهر حمل بالمخطوبة قبل اإلشهاد بالعقد او
وضعته لدون ستة أشهر من تاريخ اإلشهاد به فإن اإلجتهاد الفقهي متجه إلى إلحاق الحمل أو الولد
بالخطيب وإذا تم اإليجاب والقبول منهما و ثبتت الخلوة بينهما وفشى ذلك عند األقارب والجيران ولم ينف
الخطيب الحمل على نفسه باللعان ،والعلة في ذلك هي أن العقد الرضائي قد تحقق بين الخطيبين وخصوصا
عندما تتوالى الخلوات بينهما في السفر والحض ،وتطول العشرة ،فكل ذلك دليل على أنهما زوجان في
الواقع وأنهما يتعاشران معاشرة األزواج ويؤخران اإلشهاد بالعقد الى أن يهيئا بيت الزوجية ..
وألجل تحقيق العقد الرضائي بين الطرفين كان الحمل الظاهر بالمرأة هو الفراش إذا أمكن عادة وشرعا
أن يكون من صاحبه حفظا لنسب الحمل وصياغة إلعتيار أمه .
وبخصوص الحمل الناتج عن الخطبة في إطار مدونة األحوال الشخصية الملغاة إعتبرت الخطبة وعد
بالزواج وليست زواج وذلك استنادا للفصل ،2
وعلى هذا األساس ليس للخطيب أن يختلي يالمخطوبة أو يمسها او أن يتصل بها اتصاال جنسيا ،على
إعتباار ذلك يدخل في إطار الزواج المصاحب بعقد شرعي،
على خالف مدونة األحوال الشخصية الملغاة التي لم تتطرق لمصير الحمل الناتج عن الخطبة وإكتفت
بالفصل 2والتي إعتبرت أن الخطبة وعد بالزواج وليست زواج ،وبالتالي لم تتطرق للمصير الفعلي
المتعلق بنسب الطفل وذلك فيه خرق صارخ لحقوق الطفل ،وهو األمر الذي تداركه المشرع المغربي من
خالل مدونة األسرة .
الفراش
اإلقرار
الشبهة
وهو ما ال يقوم في مثل الحالة المذكورة أعاله لعدم إنعقاد الزواج وبروز lأركانه وشروطه ،وبالتالي ال
يمكن أن يترتب على عالقة جنسية غير شرعية لحوق النسب ،وجدير بالذكر في هذا المقام انه كثيرا ما
يعرض على القضاء دعاوى إلثبات نسب أبناء ولدوا خالل فترة الخطبة[،]42
وذلك استنادا الى المادة 156من م ا ،التي أجازت إلحاق النسب بالخاطب للشبهة :
إذا تمت الخطوبة ،وحصل اإليجاب والقبول وحالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج وظهر حمل
بالمخطوبة ،ينسب للخاطب للشبهة إذا توافرت الشروط التالية:
أ ) إذا اشتهرت الخطبة بين أسرتيهما ،ووافق ولي الزوجة عليها عند االقتضاء؛
إذا أنكر الخاطب أن يكون ذلك الحمل منه ،أمكن اللجوء إلى جميع الوسائل الشرعية في إثبات النسب.
والمقصود من ذلك أن تشتهر الخطبة بين أسرتي كل من الخاطب والمخطوبة و أن يوافق ولي الزوجة
عليها عند اإلقتضاء في حالة ما اذا كانت المخطوبة قاصرة ،أما اذا كانت راشدة فال عبرة بالوالية،
وبالتالي يصاحب ذلك إلتقاء أسري وتردد الخاطب على بيت أسرة المخطوبة ،وكذلك إشتهارالخطبة تدخل
في حكمها الفرح والوليمة التي تجمع بين األسرتيين وكذا الصور التي تأخد في هذا الصدد.
ونعني بذلك أن الحمل وجب ان يكون بعد االيجاب والقبول حسب المادة المذكورة أعاله،
وهذا ما ذهبت إليه محكمة النقض في قرار لها ]43[ بنسب الحمل الظاهر بالمخطوبة للخاطب للشبهة إذا
توفرت جميع الشروط المقررة في المادة 156من
مدونة األسرة ال بعضها ،وعليه ما دام المدعى عليه أقر بحصول الخطبة وإشتهارها ،إال أنه أنكر أن يكون
الحمل منه مدعيا ظهوره بالمخطوبة قبل حصول الخطبة مما كان يقتضي من المحكمة قبل أن تلجا الى
جميع الوسائل
الشرعية في إثبات النسب .تقرر في لحوق النسب المولود إليه أن تتحقق من ظهور الحمل أثناء فترة
الخطبة.
أي أن ذلك المسااس المتعلق بالمخطوبة كان من طرف الخاطب وذلك بإتصال جنسي ،وتقر المخطوبة
كذلك باألمر نفسه بأن الحمل نتج عن إتصال جنسي بالخطيب وليس شخص آخر،
ألن الحمل أثناء الخطبة بمثابة شبهة يثبت بها النسب إذا توفرت الشروط المنصوص عليها في المادة
156
وفي هذا اإلطار ،فإن القضاء وهو يكييف الوقائع المعروضة وجب عليه اإلنضباط لهذا األساس وبذلك ال
يقضي بثبوت النسب في الحالة التي لم تستجمع فيها الشروط المنصوص عليها في المادة 156م أ .
أما اذا أقرت المخطوبة بأن الخطبة لم تقع إال بعد حملها من الخاطب ،فإن مقتضيات المادة 156من م
أ،غير متوفرة ،مما يتعين معه عدم اإلستجابة لطلب المخطوبة والتصريح برفضه حسب ما ذهب إليه
اإلجتهاد القضائي]44[
وفي نفس السياق ،إن المراة التي كانت ضحية إغتصاب وأدين المغتصب من أجلها واثبتت الخبرة البنوة
البيولوجية الناتجة عنه ،فإن البنوة الشرعية ال تثبت ما دامت الخطبة لم تثبت وتشتهر بين األسرتين وأن
باقي الشروط المتعلقة بإثبات النسب غير متوفرة ،إضافة الى ان الفقه والقضاء استقرا على ان الزنا
واإلغتصاب ال يلحق بهما النسب ألن الحد والنسب ال يجتمعان إال في حاالت خاصة[]45
ومتى استكمل الخاطبان الشروط المشار إليها في المادة أعاله ،كييف ذلك بلحوق النسب بالخاطب.
كيفما يكن األمر فإن إعتبار الخطبة تواعد بالزواج وليست زواج يعتبر مهم جدا في تكييف الدعاوى
المتعلقة بآثار الزواج ،على نحو يجعل القاضي يتوجه بداية الى البحث في قيام العالقة الزوجية من عدمها،
فمتى ثبت له قيامها مضى في
التكييف تبعا لما توفر لديه من وقائع ،ومتى ثبت كونها مجرد خطبة إمتنع عن تكييفها زواجا ولو وصفها
األطراف بذلك ،واكتفى بترتيب اآلثار الناتجة عن الخطبة مهما طال زمنها أو قصر لعدم وجود مدة محددة
تتوقف عندها[. ]46
خاتمة:
وفي الختام يمكننا القول أن الخطبة مجرد تواعد بالزواج وال ترقى لدرجة الميثاق الشرعي ،وبالتالي ال
يترتب عليها اآلثار المنبثقة عن الزواج وإنما لها آثار خاصة بها ،وهذا هو الشق الذي تناوله موضوعنا
هذا ،بإعتبارها مقدمة مهمة تطرح العديد من اإلشكاالت،
والمشرع المغربي كغيره من التشريعات المقارنة إلى جانب الفقه القانوني و اإلسالمي أعطى للخطبة
مكانة خاصة بإعتبارها مقدمة بالغة األهمية والتي تمهد لما هو اسمى ،وهكذا كان النقاش حول اآلثار
المترتبة عن الخطبة في حالة العدول وذكر من ذلك مصير الهدايا والصداق ،وهنا يمكننا القول أن المادة
التاسعة من مدونة األسرة والتي تشير للصداق جاءت في إطار عام ،بحيث منحت لصاحب الصداق أحقية
اإلسترجاع في حالة العدول عن الخطبة بغض النظر عن السبب الداعي لحصول ذاك العدول ،بل باألحرىl
وجب عليه اإلعمال بمقتضيات الهدايا والتي تراعي في اإلسترجاع السبب الداعي للعدول كما تمت
اإلشارة سابقا ،أي وجب تفعيل التحريم على الخاطب الذي ساءت نيته بعد إعطاء المهر والذي هو السبب
وراء العدول عن الخطب نظرا لوضعه تلك العراقيل .
كما تجدر اإلشارة في إطار الشق المتعلق بثبوت النسب الواقع خالل فترة الخطبة نجد أن المشرع
المغربي تداركه في مدونة األسرة بعدما كان األمر بمثابة فراغ مدرج في مدونة األحوال الشخصية كما
عبر عن ذلك المجلس األعلى في قراراته الواضحة في هذا الشأن و ذلك في حالة تعذر توثيق الزواج بفعل
قوة قاهرة،
وبالرغم من هذا الحسم الذي جاءت به مدونة األسرة ،نجد أن المادة المتعلقة بنسب الحمل الواقع خالل
الخطبة لقت إنتقادات على مستوى تفسير األحكام المتعلقة بمضمونها ،وبذلك وجب على التشريع التدخل
في هذا اإلطار لبيان ووضوح lالمادة لقطع الطريق أمام التاويالت والتفسيرات التي قد تخرج lفي سياقها.
وطبقا لمقتضيات المادة 156التي أقرت بلحوق النسب هل يمكننا القول أن إبرام عقد الزواج يوجب
اإلحتكام للشكليات المتعلقة بالزواج في إطاره العام أم ال ؟
الئحة المصادر والمراجع
-القرآن الكريم
–المراجع العامة:
– محمد ابو زهرة “األحوال الشخصية ،دار الفكر العربي ،ط 4،1957
– عبد العزيز عامر ،األحوال الشخصية في الشريعة اإلسالمية ،فقهاء وقضاء ،دار الفكر ،ط 1984 ،1
– الدسوقي ،محمد عرفة ،حاشية الدسوقي (تحقيق محمد عليش ) دار الفكر بيروت ج219_2020
– الشيخ منصور يونس بن إدريس البهوتي ،كشاف القناع على مثل اإلقناع ،دار الفكر للطباعة والنشر
والتوزيع l،بيروت ،لبنان ،طبعة 1402ه1982/م
– عبد هللا محمد الحطاب ،مواهب الجليل شرح مختصر الشيخ خليل ،المجلد الثالث ،الجزء الثالث ،دار
الفكر ،بيروت ،طبعة 1398ه 1988/م
-محمد بن إسماعيل األمير اليمني الصنهاجي ،سبل السالم في شرح بلوغ المرام من جمع أدلة األحكام،
الجزء الثالث
– ابن عابدين ،رد المحتار على الدار المختار على متن تنوير األبصار ،الجزء الثاني ،دار إحياء التراث
العربي ،بيروت ،لبنان
محمد نعناني “ضوابط التكييف في قضايا األسرة “ ،مدينة الجديدة ، 2018ط 1
محمد الشافعي“ ،مدونة األسرة في االجتهاد القضائي” ،سلسلة البحوث القانونية ،العدد 16مراكش
، 2010والمنتفي من عمل القضاء في تطبيق مدونة األسرة ،وزارة العدل ،ج ،1الرباط 2009/
عبد الناصر توفيق العطار “خطبة النساء في الشريعة اإلسالمية و التشريعات العربية ،مطبعة
السعادة ،
إبراهيم بحماتي ،نسب األبناء في الزواج الفاسد ،العمل القضائي في قضايا األسرة ،مكتبة دار
السالم،ديور الجامع ،الرباط ،طبعة 2008
البابرتي ،محمد بن محمد بن محمود ،العناية شرح الهداية ،دار الفكر العربي ،بيروت 1977( ،م) .ج
227/3
موحى ولحسن ميموني “محاضرات في قانون األسرة ” 2019/2020
المقاالت والمجالت:
د.السيد عبد الحليم محمد حسين “األسرة في القرآن والسنة ” شبكة األلوكة 2017
يونس الزهري ،آثار الخطبة على ضوء مدونة األسرة ،مجلة المنتدى ،مدونة األسرة ،تقييم معالجة،
العدد الخامس ،جمادى األولى 1426يونيو 2005 ،
احمد الغازي الحسيني ،الولد للفراش ،مجلة القضاء والقانون عدد 130
أحكام وقرارات قضائية :
قرار بتاريخ 1980/10/07منشور بمجلة رابطة القضاة ،العدد 8و ،9
حكم غير منشور للمحكمة اإلبتدائية بالحسيمة رقم 195الصادر بتاريخ 2007/03/22
قرار محكمة النقض عدد 390بتاريخ 28يونيو 2011ملف شرعي عدد 2010/1/2/361منشور
بنشرة قرارات محكمة النقض غرفة االحوال الشخصية و الميراث عدد 10يونيو 2012
محكمة النقض ،قرار صادر بتاريخ 11يونيو ،2008مجلة قضاء المجلس االعلى العدد . 69-2008
الفهرس :
[ – ]1د .السيد عبد الحليم محمد حسين “ .األسرة في القرآن و السنة “ ،شبكة األلوكة2017 ،
[– ]2محمد االزهر“ ، شرح مدونة األسرة“ ،ط 2015 ،7ص8 :
[ – ]3سورة النساء اآلية 1
[ – ]4سورة الذاريات ،اآلية 49
[ – ]5محمد نعناني“ ضوابط التكييف Cفي قضايا األسرة” ,مدينة الجديدة ،2018 ،ط ،1ص106 :
[ – ]6محمد ابو زهرة” األحوال الشخصية” ،دار الفكر العربي ،ط .1957 ،4ص57 :
[ – ]7محمد الكشبور ”،الواضح في شرح مدونة األسرة” 2015 ،ط ،3ص188 :
[- ]8محمد الكشبور l،م ،س ص188 :
[ – ]9عبد العزيز عامر“ ،األحوال الشخصية في الشريعة اإلسالمية” .فقهاء وقضاء.دار الفكر العربي .ط1
.1984 .ص18 :
[ – ]10موحى ولحسن ميموني“ محاضرات في قانون األسرة “2019/2020
[-]11أنظر محمد بن احمد السرخسي .المبسوط . دار المعرفة .بيروت .1993ج 12 :ص53
[ – ]12البابرتي ،محمد بن محمد بن محمود ،العناية شرح الهداية ، دار الفكر العربي ،بيروت1977( ،
م) .ج 227/3
[ – ]13محمد مصطفى شبلي ،أحكام األسرة في اإلسالم ، دراسة مقارنة بين فقه المذاهب السنية و المذهب
الجعفري و القانون ،الطبعة الرابعة ،الدار الجامعية للطباعة و النشر ،بيروت ،ص66 :
[ – ]14الدسوقي ،محمد عرفة ،حاشية الدسوقي( ، تحقيق محمد عليش ) ،دار الفكر ،بيروت ،ج _219
2/ .2020ج
[- ]15الشيخ منصور يونس بن إدريس البهوتي ،كشاف القناع على مثل اإلقناع ،دار الفكر للطباعة والنشر
والتوزيع ،بيروت ،لبنان ،ط 1402ه1982/م .ص 90 :
[- ]16ابن عابدين ،رد المحتار على الدار المختار على متن تنوير األبصار ، الجزء الثاني ،دار إحياء
التراث العربي ،بيروت ،لبنان ص 22:
[ – ]17عبد هللا محمد الحطاب ،مواهب الجليل شرح مختصر الشيخ خليل ،المجلد الثالث ،الجزء الثالث،
دار الفكر ،بيروت ،ط 1398ه 1988/م ،ص 417:
[ — ]18عبد العزيز عامر . االحوال الشخصية في الشريعة اإلسالمية ، م س ،ص 26
]19[-قرار بتاريخ 1980/10/07منشور بمجلة رابطة القضاة ،العدد 8و ،9ص . 155أشار إليه
محمد النعناني في ضوابط التكييف في قضايا األسرة ،م س ص 118 :
[ — ]20محمد النعناني .ضوابط التكييف في قضايا األسرة ،م س ص118
[ – ]21محمد النعناني م س ص118 :
[ — ]22يونس الزهري ، آثار الخطبة على ضوء مدونة األسرة ،مجلة المنتدى ،مدونة األسرة ،تقييم
معالجة ،ع الخامس ،جمادى األولى 1426يونيو ،2005 ،ص84 :
]23[- محمد نعناني ،م س .ص119:
[– ]24أشار إليه محمد األزهر ،م س .ص43 :
– الرجوع الى ،محمد أبو زهرة “األحوال الشخصية ،“ دار الفكر العربي ،ط ، 3ص]25[ 36/35:
– الرجوع الى :محمد الشافعي“ الزواج و انحالله في مدونة األسرة “ ص ]26[ 31/30
– محمد أبو زهرة“ االحوال الشخصية ” م س ص]27[ 37:
[ — ]28حكم غير منشور للمحكمة اإلبتدائية بالحسيمة رقم 195الصادر بتاريخ ، 2007/03/22اورده
ذ.كريم متقي“ محاضرات في قانون األسرة المغربي ص 32
[- ]29محمد النعناني م س ص115:
[ – ]30أشار إليه محمد نعناني م س ص116:
– محمد نعناني م س ص]31[ 116:
– حكم بتاريخ 17يونيو 2009صادر عن المحكمة اإلبتدائية بمراكش ،أورده محمد النعناني ،م س ص:
]32[ 116
[– ]33ابن حزم المحلي ، مطبعة دار الفكر ،ط.غ.م ،ص 393:
[- ]34محمد بن اسماعيل االمير اليمني الصنهاجي ،سبل السالم في شرح بلوغ المرام من جمع أدلة األحكام،
الجزء الثالث ،ص401 :
[- ]35األستاذ إبراهيم بحماني “من اهم قرارات المجلس األعلى في تطبيق مدونة االسرة بشأن الخطبة” ،
عرض مقدم للندوة الجهوية الثانية للذكرى الخمسينية إلنشاء المجلس األعلى المقامة بمدينة مكناس ،
مارس 2007ص 51
[- ]36اجوبة الحضيكي ص41/40 :
[- ]37اجوبة العباسي ص 62:
[- ]38عبد الناصر توفيق العطار “خطبة النساء في الشريعة اإلسالمية و التشريعات العربية ، ص 188
[- ]39ابراهيم بحماتي ،نسب األبناء في الزواج الفاسد ، العمل القضائي في قضايا األسرة ،مكتبة دار السالم
ديور الجامع ،الرباط طبعة 2008ص 27
[- ]40انظر احمد الغازي الحسيني : الولد للفراش” ص47 :
[ – ]41احمد الغازي الحسيني ،الولد للفراش ، مجلة القضاء و القانون ع 130ص45 :
[ – ]42محمد نعناني ،م س .ص111:
[ – ]43قرار محكمة النقض عدد 390بتاريخ 28يونيو 2011ملف شرعي عدد 2010/1/2/361
منشور بنشرة قرارات محكمة النقض غرفة االحوال الشخصية و الميراث عدد 10يونيو 2012ص :
( 54تطرق له ذ كريم متقي)
[ – ]44انظر محمد الشافعي ، مدونة االسرة في االجتهاد القضائي ،سلسلة البحوث القانونية ، العدد 16
مراكش ، 2010والمنتفي من عمل القضاء في تطبيق مدونة األسرة ،وزارة العدل ،ج 1الرباط 2009
ص275 :
[ – ]45محكمة النقض ،قرار صادر بتاريخ 11يونيو ،2008مجلة قضاء المجلس االعلى ،العدد -2008
69ص92 :
[ – ]46محمد نعناني ،م س ص 113: