Professional Documents
Culture Documents
1
www.sajplus.com
شكر وتقدير
" من لم يشكر الناس ال قال عليه الصالة والسالم
يشكره هللا ".
2
www.sajplus.com
المقــدمــة
غني على التعريف كون المملكة المغربية عرفت في اآلونة األخيرة تغيرات ثقافية و اجتماعية و اقتصادية في مختلف
المجاالت و الميادين وقد طالت هذه التغيرات مؤسسة األسرة من حيت بنيتها وأدائها لوظائفها ,1فاألسرة في مسارها
التاريخي تميزت بالتفاعل الحاد بين جميع مكوناتها من زوج وزوجة و أطفال وأجداد وأحفاد ،2فال غرابة في حرص المشرع
المغربي على تنظيمها و حمايتها ،من أجل تحقيق هدف أسمى أال وهو إعمار األرض استقامة العدل و المساواة و االستقرار
حتى ال تضيع الحقوق هدرا ،و مساهمة في بناء أسري قوي ومنتج وايجابي ،3الن البنية األساسية لتكوين مجتمع حضاري
يكمن في األسرة الصالحة،وهو ما عبر عنه الملك محمد السادس 4مخاطبا أعضاء اللجنة االستشارية الخاصة بمراجعة
مدونة األحوال الشخصية "...فإننا حريصون على ضمان حقوق النساء و الرجال على حد سواء ،غايتنا في دلك تماسك
األسرة وتضامن أفرادها و تثبيت التقاليد المغربية األصلية القائمة على روح المودة والوئام "...
وهكذا جاءت مدونة األسرة سنة 2004لتأسيس ثقافة جديدة داخل األسرة المغربية دون تنازل أو تفريط في الهوية اإلسالمية
المتجدرة في وجدان المغاربة وكدا نتيجة انخراط المغرب في مجموعة من المواثيق الدولية التي أولت االهتمام بحقوق
الزوجة في أموال األسرة بقصد رفع الحيف والظلم الذي عانت منه لمدة طويلة ومن أبرزها العهد الدولي الخاص بالحقوق
المدنية والسياسية الصادر عن الجمعية العامة األمم 5بتاريخ 1966.12.16والذي صادق عليه المغرب في
1979.03.27واالتفاقية الدولية المتعلقة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة 6من طرف الجمعية العامة لألمم
. 1محمد أقاش -النظام المالي للزوجين على ضوء مدونة األسرة -بحت لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص -قانون األسرة و الطفل -جامعة سيدي
محمد بن عبد هللا كلية العلوم القانونية فاس سنة 2006-2005ص1
. 2ذ.إدريس جويلل -شرح مدونة األسرة أحكام الزواج و الطالق -مطبعة آنفو -برانت فاس 2014ص7
. 3حياة الصابري .المعهد العالي للقضاء - -تدبير األموال المكتسبة بين النص القانوني والعمل القضائي – بحت نهاية التكوين في المعهد العالي للقضاء الرباط
2015-2013ص1
. 4ذ.إدريس جويلل -مرجع سابق -خطاب الملك التاريخي يوم 27أبريل 2001ص7
. 5المادة 23من العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية فقرة " 4تتخذ األطراف في هذا العهد التدابير المناسبة لكفالة تساوي حقوق الزوجين وواجباتهما لدى
التزويج و خالل قيام الزواج ولدى انحالله "...
(6) . 6المادة 16من االتفاقية الدولية المتعلقة بإلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة تنص على ما يلي :تتخذ الدول األطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على
التمييز ضد المرأة في كافة األموال المتعلقة بالزواج والعالقات العائلية وبوجه خاص تضمن نفس الحقوق لكال الزوجين فيما يتعلق بملكية وحيازة الممتلكات
واإلشراف عليها و إدارتها و التمتع بها و التصرف فيها بال مقابل أو بمقابل عوض.
3
www.sajplus.com
المتحدة في 1979.12.18و التي صادق عليها المغرب في ، 2000.12.26واالتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق الطفل
المعتمدة من طرف الجمعية العامة لألمم المتحدة في 1989والتي صادق عليها المغرب في .1996.11.21
ولما كان التعايش في إطار الزواج يحدث آثارا مالية كان واجب المدونة أن تخصص جزءا من فصولها لتنظيم هذه اآلثار
خاصة منها المتعلقة باألموال التي تثمرها الحياة الزوجية المشتركة.1
هذا االهتمام بالجانب المالي لألسرة ليس وليد اللحظة إنما يعود إلى قرون خلت فلقد أنصفت الشريعة اإلسالمية أطراف
العالقة الزوجية حق تملك كل واحد منهما نصيبه من عمله و كده لقوله تعالى [ :وال تتمنوا ما فضل هللا به بعضكم على
2
بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا و للنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا هللا من فضله إن هللا كان بكل شيء عليما].
ومن المعلوم أن مدونة األسرة وبعد سنوات من النقاش حول إشكالية مدونة األحوال الشخصية تضمنت مجموعة من
المقتضيات الجديدة كان من أهمها معالجتها لمسألة التدبير المالي لألموال المكتسبة بين الزوجين أثناء العالقة الزوجية سواء
في حالة اإلتفاق أو غيابه من خالل المادة 49التي حرص المشرع على وضع األسس التشريعية األولى في القانون المغربي
لتنظيم الروابط المالية بين الزوجين حيت نصت على أن :
' لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة اآلخر غير أنه يجوز لهما في إطار تدبير األموال المكتسبة أثناء قيام
الزوجية االتفاق على استثمارها و توزيعها.
يضمن هذا االتفاق في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج
يقوم العادالن بإشعار الطرفين عند زواجهما باألحكام السالفة الذكر
إذا لم يكن هناك اتفاق فيرجع للقواعد العامة لإلثبات مع مراعاة عمل كل واحد من الزوجين وما قدمه من مجهودات وما
تحمله من أعباء لتنمية أموال األسرة'
وخولت بذلك للزوجين إمكانية إبرام وثيقة مستقلة عن عقد الزواج بمقتضاها يتفقان على تدبير األموال التي سيتم اكتسابها
خالل فترة الزوجية بحيث يتراضيان في بداية حياتهما الزوجية على الطريقة التي يريانها ناجعة الستثمارها و توزيعها .
وقد جاءت هذه المادة استجابة للواقع المعيش لألسرة المغربية بعد أن أصبحت مساهمة المرأة في تحسين أوضاعها
االقتصادية أمرا ال يمكن تجاهله أو غض الطرف عنه ،حيث نجد المرأة سواء في البادية أو المدينة تقوم بمجهودات طيلة
حياتها الزوجية داخل البيت او خارجه ،للرفع من دخل األسر ة بكل الوسائل و السبل المتاحة لمواجهة متطلبات الحياة
المتزايدة ،وبالتالي مساهمتها في تكوين الثروة المالية لألسرة 3وعند الطالق قد يستأثر الزوج بكل الثروة دون إعارة
االهتمام إلى مجهوداتها وقد يكون العكس ومسألة اقتسام الثروة عرفتها تشريعات كثيرة نجد لها أعراف في المغرب كما هو
الشأن في جنوب المغرب حيث يعرف بما يسمى يحق الكد والسعاية ،وقد ترك أمر تقويم هذه األموال للقضاء لفض النزاع
. 1حياة الصابري _ تدبير األموال المكتسبة بين النص القانوني و العمل القضائي .مرجع سابق ص.1
. 2سورة النساء _ اآلية . 32
. 3حياة الصابري -مرجع سابق ص3
4
www.sajplus.com
القائم في حالة عدم االتفاق مستندا في ذلك إلى القواعد العامة إلثبات مع مراعاة مجهود كل واحد من الطرفين واألعباء التي
تحملها والعمل الذي قام به.
انطالقا من هذه المعطيات ارتأينا دراسة موضوع تدبير األموال المكتسبة خالل فترة الزوجية بناء على ضوء العمل
القضائي ،باعتباره من المواضيع الم همة التي كانت محل جدل بين المعنيين والمهتمين ،وهو ما دفعنا إلى اختيار هو سبر
أغواره محاولة منا كشف الستار على هذا الموضوع الذي لم تفصل فيه مدونة األسرة بشكل دقيق وواضح ،و من البديهي
أن لكل موضوع مميزات تطرح جملة من الصعاب اللصيقة به ،وترجع صعاب هذا الموضوع إلى ندرة األحكام و القرارات
غير المنشورة المتعلقة به على مستوى محكمة مكناس سواء محكمة الدرجة األولى أو محكمة االستئناف إذ بعد بحث مضني
لم نستطع الحصول سوى على عدد قليل بهذا الشأن جلها كان مآلها عدم قبول الطلب النعدام اإلثبات فحاولنا تدعيم
الموضوع بأحكام و قرارات منشورة بين مختلف محاكم المملكة.
ومن عنوان موضوعنا هذا و من األهداف التي سطرت له نصوغ اإلشكالية على النحو التالي :كيف تم تأطير تدبير األموال
المكتسبة خالل فترة الزوجية ؟
هذه اإلشكالية التي يتفرع عنها عدة إشكاليات تتمثل في:
-كيف أطرت المادة 49من مدونة األسرة مسألة تدبير األموال المكتسبة خالل الحياة الزوجية ؟
-كيف كان الفصل بين األموال المكتسبة بين الزوجين في ظل مدونة األحوال الشخصية الملغاة وطريقة العمل به ؟
-ما مدى فعالية االتفاق المالي المبرم بين الزوجين في الحد من النزاعات المعروضة أمام القضاء في ما يخص هذه
األموال المكتسبة ؟
وانطالقا من هذه اإلشكاالت ارتأينا تناول الموضوع بإتباع المنهج التحليلي ،ومن خالله قررنا تقسيمه إلى فصلين:
5
www.sajplus.com
لتدبي الموال المكتسبة خالل الحياة الزوجية.
ر القانوئ
ي الفصل الول :النظام
بما أن التنظيم األسري له دور كبير في استقرار المجتمعات وتطورها فقد اهتمت القوانين بتنظيم الزواج في جميع
جوانبه منذ القدم بدءا من شروط الزواج الى غاية انحالل الزواج وآثاره خاصة ما يتعلق بالذمة المالية للزوجين ،إذ كان
األصل في الشريعة اإلسالمية أن الذمة المالية للزوجين مستقلة عن بعضها البعض فإن العالقة الزوجية ال أثر لها على
استقالل الذمة المالية لطرفيها ،وال يكون سببا لتغيرها أو إقصائها بشكل نهائي فهي رغم ذلك تبقى قائمة وهي حق لكل
شخص على حده ولو في إطار العالقة الزوجية.
ومبدأ استقالل الذمة المالية بين الزوجين هو الذي سار عليه المشرع المغربي من خالل ما نص عليه في المادة 49من
مدونة األسرة في فقرتها األولى ،وتأكيدا على حفاظ الحقوق المالية لطرفي العالقة الزوجية ،فقد أشار المشرع الى إمكانية
االتفاق على تدبير األموال المشتركة بين الزوجين أثناء قيام العالقة الزوجية بموجب اتفاق مستقل عن عقد الزواج.
وعلى هذا األساس سنقسم هذا الفصل إلى مبحثين :المبحث األول سنتطرق فيه حول التأصيل الشرعي والقانوني
لمسألة الذمة المالية للزوجين ،فيما سنخصص المبحث الثاني لمكونات األموال المكتسبة بين الزوجين وكيفية تدبيرها.
ر
للزوجي.
ر والقانوئ لفكرة الذمة المالية
ي المبحث الول :التأصيل الش ي
ع
سنتناول في هذا المبحث استقالل الذمة المالية للزوجين كمبدأ في الشريعة اإلسالمية ومدونة األسرة(المطلب األول) ،فيما
سنتحدث عن االشتراك في المكتسبات الزوجية كاستثناء لمبدأ استقالل الذمة المالية (المطلب الثاني).
المطلب األول:استقالل الذمة المالية للزوجين كمبدأ في الشريعة اإلسالمية ومدونة األسرة.
إن وضع قواعد لتنظيم العالقات المالية بين الزوجين من شأنه تحقيق االستقرار داخل األسرة ،وتفادي ما قد يحصل بينهما من
خالف ،وقد عملت الشريعة اإلسالمية في هذا اإلطار على جعل ذمة كل واحد من الزوجين مستقلة عن اآلخر (الفقرة األولى)
وفي نفس االتجاه سار المشرع المغربي بإقراره لمبدأ استقالل الذمة المالية للزوجين (الفقرة الثانية).
6
www.sajplus.com
الفقرة األولى:السند الشرعي لمبدأ استقالل الذمة المالية للزوجين.
تعرف الشريعة اإلسالمية بوجه عام نظاما ماليا واحد يحكم أموال الزوجين وحقوقهما وعالقتهما المالية ،وهو نظام انفصال
األموال ويظهر ذلك من مجمل األحكام التي تتناول العالقات المالية بين الزوجين والقواعد التي تخضع لها حقوقهما المالية كنظام
النفقات وقواعد التصرف واالنتفاع باألموال العائدة لكل منهما.1
وتعرف الذمة المالية في الفقه اإلسالمي بأنها وصف شرعي يفترض الشارع وجوده في اإلنسان فيصير به أهال لإللزام
وااللتزام وتعرف أيضا بأهلية الوجوب التي تعني صالحية اإلنسان ألن تكون له حقوق وعليه واجبات.2
ويشكل مبدأ استقالل الذمة المالية أحد األسس التي ترتكز عليها مؤسسة الزواج في الشريعة اإلسالمية كما أن تصرفات
الزوجة المالية تجد أساسها في كتاب هللا والسنة النبوية تؤكد كلها أن للمرأة المسلمة الحق في التصرفات المالية.
ومن اآليات الواردة في القرآن الكريم "ولكم نصف ما ترك أزواجكم وإن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما
تركن من بعد وصية يوصي بها أو دين" 3وقوله عز وجل " وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن أنستم منهم رشدا فادفعوا
إليهم أموالهم".4
فاآلية األولى تتحدث على أن للمرأة ذمتها المالية المستقلة،يورث عنها بعد وفاتها وتنفذ وصيتها كما يمكن أن تتدين سواء
نتيجة معامالت تجارية أو غيرها ،أما بالنسبة لآلية الثانية لم يميز الشارع الحكيم بين الذكر واألنثى في دفع أموالهم بذلك يمكن
أن يكون اليتيم أنثى وتكون لها ذمة مالية وبالتالي فإن للزوجة مطلق الحرية في التصرف في مالها الخاص أن لها أن تدخره أو
تتصدق به أو بجزء منه ولها أن توصي به أو تهبه إلى الغير.5
ومن ذلك أيضا " وال تتمنوا ما فضل هللا به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن"،6
فهذه اآلية شملت أنواع الكسب من تجارة وصناعة وفالحة وجميع أنواع المعامالت المالية المشروعة.7
هذا من خالل القرآن الكريم أما أدلة استقالل الذمة المالية للمرأة في السنة الشريفة فقد روي عن الليث عن أبي عجالن عن
سعيد المقبري عن أبي هريرة قيل لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم :أي النساء خير ،فقال الذي تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر ال
تخالفه في نفسها ومالها بما يكره.8
. 1عمر صالح الحافظ مهدي العزاوي :الذمة المالية للزوجين في الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي دراسة مقارنة في إطار الفقه اإلسالمي والتشريعات العربية
والغربية ط ، 1منشورات الحلبي الحقوقية لبنان ،2010ص .104
- 2عبد الرزاق السنهوري مصادر الحق في الفقه اإلسالمي رقم 09المطبعة الوراقة الوطنية مراكش ،الطبعة األولى،سنة ،2005ص .250
3اآلية 12من سورة النساء.
- 4اآلية 6من سورة النساء.
- 5بن الشيخ الرشيد شرح قانون األسرة الجزائري المعدل دراسة لبعض التشريعات العربية ط 7دار الخلدونية.
- 6سورة النساء اآلية .32
- 7حسن العبادي :عمل المرأة في سوس منشورات وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية مطبعة طوب بريس بالرباط ط 1سنة ،2004ص .15
- 8ابن حزم المحلي باآلثار تحقيق البنداري عبد الغفار سليمان جزء 8ط 1دار الكتب العلمية للنشر بيروت 2003ص .316
7
www.sajplus.com
فاإلسالم اعترف للمرأة متى كانت كامل األهلية شخصيتها المدنية الكاملة وحريتها المطلقة في التصرف في أموالها سواء
كانت بعوض أو بغير عوض دون رقابة من زوجها فجعل لها ذمة مالية مستقلة عن الذمة المالية للزوج.1
ويشكل استقالل الذمة المالية للزوجين تجسيدا لمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في التمتع بالحقوق والتصرف في األموال
وحق المرأة في القيام بجميع أنواع المعامالت المالية المشروعة دون رقابة من زوجها الستقالل ذمتها المالية عن ذمته.
وفي هذا اإلطار يذهب أحد ا لفقهاء الى القول بأن المرأة تتمتع بذمة مالية مستقلة ويمكن استثمار أموالها لحسابها الخاص عن
طريق التجارة والصناعة والفالحة والكسب وبجميع أنواع المعامالت المالية المشروعة ويمكن ادخار أموالها في اسمها الخاص
والتصرف فيه كما شاءت بالبيع والهبة والوصية واإليجار والتوكيل والرهن والشراء وغير ذلك من التصرفات المالية دون أن
يكون لزوجها الحق في التدخل بمنعها أو تقييد حريتها بأي نوع من أنواع التقييد إال ما يمس بالسلوك الخلقي كأن تفتح بأموالها
مرقصا أو محال لبيع الخمور وغير ذلك مما يجلب المعرة للزوج واألوالد.
فقد نصت الفقرة الرابعة من الفصل 35من مدونة األحوال الشخصية الملغاة أنه "للمرأة حريتها الكاملة في التصرف في
مالها دون رقابة الزوج إذ ال والية على مال زوجته ،2الذي تبنى بدوره الحرية المطلقة للزوجة في التصرف بمالها دون أن
يكون تصرفها ذلك موضوع رقابة أو وصاية من قبل زوجها أو غيرها 3وهو ما يعتبر تكريسا لمبدأ استقالل الذمة المالية
للزوجين.4
وهو ما أكده المجلس األعلى سابقا في قرار له جاء فيه " أن رسم السعاية المحتج به ال يشير إلى النظام المالي للزوجين وال
إلى درجة مساهمة المرأة في ما أصبح يشكل الذمة المالية للزوج وأن القاعدة المقررة في الشريعة اإلسالمية تقضي باستقالل
كل زوج بذمته المالية الخاصة" 5ثم أصدرت مدونة األسرة التي كرست هذا المبدأ صراحة في الفقرة األولى من المادة 49
"لكل و احد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة اآلخر " ..يتبين أن لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن اآلخر
يتصرف فيها ،حيث يبقى كل واحد منهما محتفظا بأمواله الشخصية التي اكتسبها قبل الزواج عن طريق اإلرث أو الوصية أو
- 1عبد الخالق أحمدون :قانون األسرة الجزء األول الزواج مطبعة طوب بريس الرباط ط ،2005ص.237
- 2الفقرة الرابعة من الفصل 35من مدونة األحوال الشخصية.
- 3فريدة بناني:حق تص رف الزوجة في مالها حق شرعي ،مطبعة دار تبتمل للطباعة والنشر ومراكش الطبعة األولى ،1995ص .13
- 4رشيدة داودي العالقات المالية بين الزوجين وفق مدونة األسرة رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا كلية الحقوق بطنجة سنة ،2006-2005ص.94
. 5اورده الملكي الحسين:من الحقوق المالية للمرأة نظام الكد والسعاية ،الجزء األول ط 2دار القلم والنشر والتوزيع الرباط ،2010ص .134
8
www.sajplus.com
الهبة أو الصدقة ،1وقد تبنت هذه القاعدة التش ريعات الوضعية السارية المعمول بها في البلدان العربية بخالف القانون الفرنسي
الذي وضع أمام الزوجين أربعة أنظمة مالية.2
وهو ما كرسته محكمة االستئناف بالدار البيضاء في قرار لها جاء فيه وحيث أن األصل وفقا للمادة 49من مدونة األسرة هو
استقالل الذمة المالية لك ل من الزوجين إال ما ستحققه بمقتضى عقد أو واجب شرعي متفقا عليه كشرط بإرادة الطرفين استثناء
وعند عدمه فقواعد اإلثبات العادية تكون واجبة التطبيق.3
هذا القرار يؤكد أن لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة اآلخر ما لم يتفق على تدبير األموال المكتسبة خالل قيام
العالقة الزوجية.
وتكمن أهمية إقرار مبدأ الذمة المالية المستقلة لكل واحد من الزوجين في الحرص على عدم اغتناء أحدهما على حساب اآلخر
والسعي إلى ركوب مطية الزواج بهدف االغتناء ،بعيدا عن القيم السامية لعقد الزواج كما أنه من شأن إقرار هذا المبدأ تخويل
لكل واحد من األطراف العالقة الزوجية للحفاظ على ثروته المكتسبة قبل الزواج وتنميتها في استقالل تام عن الذمة المالية للزوج
اآلخر سواء بشكل سلبي أو إيجابي.4
ومسألة استقالل ذمة كل زوج عن اآلخر هي من النظام العام وهي بخالف االشتراك في تدبير األموال المشتركة المكتسبة
خالل فترة الزواج.5
غير أن المشرع المغربي أضفى من حدة هذا المبدأ حيث أكد في المادة 49من المدونة عن إرادة الزوجين عند إبرام الزواج
في تحديد االتفاقات التي يرغبان في تنظيمها في عقد مستقل من أجل تنظيم عالقتهما المالية ،وخصوصا فيما يتعلق بثروتهما
المكتسبة خالل الحياة الزوجية لضمان حقوقهما معا.6
وتأكيدا لمبدأ استقالل الذمة المالية للزوجين يعمد بعض األزواج عند إشعارهما بمقتضيات المادة 49من مدونة األسرة الى
االتفاق في عقد مستقل على األخذ بنظام االستقاللية بالنسبة لكل واحد منهما في جميع ممتلكاته وأمواله.
على أنه بالرغم من أهمية هذا المقتضى التشريعي إال أنه في الواقع العملي نسجل قلة حاالت االتفاق على إبرام عقود تدبير
األموال المكتسبة بين الزوجين بالمقارنة مع عقود الزواج والسبب في ذلك راجع إلى مجموعة من العوامل الثقافية واالجتماعية.7
وعليه فتأكيد المادة 49من مدونة األسرة على استقالل الذمة المالية للزوجين يجعل الزوجين في غنى عن االتفاق حول هذه
المسألة إال أنه من الناحية العملية قد يلجأ بعض األزواج إلى االتفاق على أن تظل ذمة كل واحد منهما مستقلة عن اآلخر وهذا ما
-قرار محكمة االستئناف بالدار البيضاء عدد 1810صادر بتاريخ 2008/06/30في ملف عدد 07/938قرار "غير منشور". 1
-عبد القادر قرموش :الدور القضائي الجديد في قانون األسرة المغربي مركز التوثيق بفاس ،2014ص .158 2
-قرار محكمة االستئناف بالدار البيضاء عدد 1810صادر بتاريخ 2008/06/30في الملف " ،07/938غير منشور". 3
-محمد الكشبور :شرح مدونة األسرة انحالل ميثاق الزوجية الجزء الثاني،ص .386 5
-محمد الشافعي :مدونة األسرة بين النص والممارسة أعمال الندوة الوطنية التي نظمتها شعبة القانون الخاص ومركز الدراسات القانونية بمراكش ،2006ص .180 6
-وزارة العدل والحريات إحصائيات حول أقسام قضاء األسرة خالل سنة .2013 7
9
www.sajplus.com
تضمنته أحد العقود ال ذي جاء فيه "وأشهد الزوج المذكور أنه ال دخل له في األموال التي اكتسبتها زوجته قبل زواجهما أو بعده
وأن لكل واحد منهما ذمة مالية مستقلة عن اآلخر واستثمار أموال كل منهما سيبقى مستقال دوما واستمرار.1
هذا المبدأ المنصوص عليه في مدونة األسرة لم يأتي عن فراغ فهو موجود في الشريعة اإلسالمية التي تنص عليه كأصل في
فصل األموال لكل طرف على حدة ،لذا فالمشرع ساير الشرع اإلسالمي في هذه النقطة ونصل على أن مبدأ استقالل الذمة المالية
للزوج والزوجة الحصول عليها قبل العالقة الزوجية.
ومن خالل اإلطالع على مجموعة من رسوم اإلشهاد على تدبير األموال المكتسبة أثناء الزواج يتضح أن أغلبها تضمن
اتفاق الزوجين على ذمتهما المالية المشتركة ،وبه نص المشرع على ضرورة إيجاد صبغة توافقية لكيفية تسيير األموال
المشتركة التي ستكتسب في فترة الحياة الزوجية بإبرام االتفاق المالي لتدبير األموال المشتركة بينهما.
وهذا ما سنحاول ذكره بالمناقشة والتحليل في المطلب الموالي.
المكتسبات عبارة عن األموال التي ستكتسب أثناء قيام الزوجية عامة تفيد األموال العقارية واألموال المنقولة ويمكن أن تفيد
جميع طرق اكتساب هذه األموال العوضية وغير العوضية.3
وهذا بخالف المشرع التونسي الذي أنشأ نظاما اختياريا لالشتراك في األمالك بين الزوجين وهو نظام يهدف الى جعل عقار أو
جملة من عقارات ملكا مشتركا بين الزوجين متى كانت من متعلقاته العائلية.4
المشرع المغربي كان أكثر تقدما من نظيره التونسي حيث اعتمد كل األموال سواء كانت عقارات أو أموال منقولة.
- 1رسم إشهاد ب تدبير األموال المكتسبة أثناء الزواج قسم التوثيق بالمحكمة االبتدائية بالدار البيضاء ،مذكرة الحفظ السابعة األول ،عدد 68صحيفة ،43بتاريخ
.2006/05/22
- 2أحمد مختار :معجم اللغة العربية المعاصرة ط 1عالم الكتب للنشر والتوزيع طباعة القاهرة .2008
- 3محمد خيري:تدبير األموال المكتسبة أثناء قيام العالقة الزوجية ومقتضيات نظام الكد والسعاية جريدة العلم العدد .19705،2004
- 4الفصل 40الفقرة الرابعة من القانون الصادر بتاريخ 09نونبر .1998
10
www.sajplus.com
إن نظام االشتراك في األموال الزوجية يعد من أهم صور النظام المالي الزوجي واألكثر شيوعا في التشريعات الغربية وفي
مقدمتها التشريع الفرنسي ،ويستند هذا النظام الى فكرة وجود مجموع مالي مشترك بين الزوجين ،1وهي تلك األموال التي
يكتسبانها في ظل العالقة الزوجية سواء عن طريق ممارسة مهنة أو نشاط معين أو عن طريق التبرع كأن يهب شخص مالك
الزوجين قطعة ترابية فتكون بذلك مشتركة بينهما.
ثم إن فكرة االشتراك في األموال الزوجية المكتسبة سواء بدأت تتسلل ببطء الى مدونات األحوال الشخصية العربية وفرضت
نفسها نتيجة ظروف سياسية وعوامل اجتماعية وثقافية واقتصادية جدت وطرأت على الساحة العامة للبلدان العربية منها ارتفاع
نسبة التعليم والوعي والعمل بين اإلناث ونشاط الجمعيات النسوية والحقوقية المطالبة بمحاربة أشكال التمييز بين الجنسين.2
العقد المالي التي أتاحت مدونة األسرة المغربية إمكانية الزوجين فرصة إبرامه عقد يعتبر حديثا لم يسرع اهتمام ودراسة
الفقهاء المسلمين فالرجوع الى العقود نجد أن الفقهاء درسوا عقود معينة ال يوجد من بينها العقد المالي الملحق بعقد الزواج فيعتقد
الدارس أن الفقه اإلس المي ال يعرف إال هذه العقود وبالتالي فكل اتفاق ال يدخل تحت عقد من هذه العقود ال يكون مشروعا ولقد
ذهب أحد الفقهاء في رده على الغرب المنتقد لتقييد مبدأ سلطان اإلرادة في الفقه "أن الشروط المقترنة بالعقد فليس البطالن أصال
والصحة استثناء طبقا لمزاعمه كولسون فمن جهة أن جمهور الفقهاء قضوا بتصحيح الشروط المتضمنة لمنفعة أحد الطرفين
الصحيحة في عرف التعامل أو في التبرع لتربطه أال يخالف أصال من األصول الشرعية ،ومن جهة أخرى فالحنابلة توسعوا في
11
www.sajplus.com
تصحيح الشروط بالعقد ولم يبطل عندهم إال ما خالف أصال من أصول الشريعة وهو ما يؤكد إطالق سلطان اإلرادة في مجال
التعاقد في الفقه اإلسالمي.
فالفقه اإلسالمي ال يوجد فيه ما ينص صراحة على أبرام االتفاق المرفق لعقد الزواج وفي مقابل ذلك ال تجد ما يبطله أو يبت
فيه فهو من مستجدات العصر ،ويجب أن ال تتوفر فيه ما يخالف مبادئ الشريعة اإلسالمية وكذا ما نهت عنه ،فغير ذلك يجوز
االتفاق فيما بين األطراف على تنظيم العالقة المالية فيما بينهما ويكون هذا العقد صحيحا من الناحية القانونية والشرعية وينتج
آثاره فيما يتعلق األموال المتفق عليها ما دام الهدف منه هو حماية الحقوق المالية للزوجين وخاصة حماية المرأة التي تكون
عرضة لضياع الحقوق عندما ينشأ النزاع بعد الطالق.1
استثناء من القاعدة العامة أعاله المقررة لمبدأ فصل الذمة المالية لكل واحد من الزوجين عن اآلخر ،أقر مشروع مدونة
األسرة 203/70مبدأ اختياريا آخر يخضع لمبدأ سلطان اإلرادة بمفهومه المدني 3وذلك في الفقرة األولى من نفس المادة "غير
أنه يجوز لهما في إطار تدبير األموال التي ستكتسب أثناء قيام الزوجية االتفاق على استثمارها وتوزيعها".
يبدو انطالقا من هذه المقتضيات أن المشرع يتحدث عن اتف اق اختياري يمكن للزوجين من خالله تنظيم وتدبير أموالها التي
ستكتسب أثناء قيام الزوجية وذلك عن طريق تحديد كيفية استثمارها وطريقة توزيعها.
فمقتضيات مدونة األسرة ال عالقة لها بقواعد اإلرث بمعنى أن اتفاق الزوجين على االشتراك في المكتسبات مناصفة مثال ال
يعني أن عند وفاة أحد الزوجين يقتصر نصيبه على نصف هذه المكتسبات فقط وإنما يأخذ النصف على أساس ما حصل بينهما
من اتفاق باإلضافة الى نصيبه وفقا لقواعد اإلرث.4
فالواضح أن المشرع المغربي يتحدث عن قاعدة مكملة يمكن االتفاق على مخالفتها على اعتبار أنه ليس هناك من الناحية
القانونية ما يمنع عدم االتفاق المطلق ما دام الطرفان لهما األهلية المدنية إلبرام العقد وهذا ما يتضح من الصياغة التي استعملها
المشرع بهذا المقتضى "غير أنه يجوز لهما".5
أقر المشرع المغربي إمكانية وجواز توثيق هذا االتفاق وذلك في عقد مستقل عن عقد الزواج وهذا ما جاء في الفقرة الثانية من
المادة 49وذلك لتفادي النزاعات التي قد تحدث بين الزوجين نتيجة عدم البت في أمر هذه األموال .6وهذا ما كرسته محكمة
1
االستئناف بمراكش في قرار رقم .83/1346
- 1حفيظة الشافعي :تدبير األموال المكتسبة أثناء الزواج ،ص 59و.60
- 2الملكي الحسين:من الحقوق المالية للمرأة نظام الكد والسعاية ،الجزء األول ط 2دار القلم والنشر والتوزيع الرباط ،2010ص .138
- 3وزارة العدل:دليل عملي لمدونة األسرة منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية العدد 1مطبعة فضالة طبعة ،2004ص ،44منشور من مقال عمر
المزكلدي بعنوان تدبير األموال المكتسبة بين الزوجين المادة .49
- 4وزارة العدل:م س،ص.40
- 5أحمد الخمليشي:مناقشة مقتضيات المادة 49األعمال التحضيرية المتعلقة بالمادة 49ص .18
6عبد اللطيف البغيل:المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية يناير ،2012ص.89
12
www.sajplus.com
فالمادة 49من مدونة األسرة أوحت بجواز االتفاق على تدبير األموال المكتسبة أثناء الزواج قيام الحياة الزوجية واالتفاق على
استثمارها يعني أن األمر يتعلق بالتراضي ،والمشرع حرص على التأكيد أن أي اتفاق بخصوص إدارة األموال يجب أن يكون
محل وثيقة مستقلة عن عقد الزواج وذلك حفاظا على الطبيعة الخاصة للعالقة الزوجية التي تقوم على المودة والمكارمة وذلك أن
أهداف الزواج تختلف عن وثيقة إدارة األموال.2
وهذا ما يؤكد من رسم إشهاد التالي "شهدا معا أنهما اتفقا على أن تكون األموال المستثمرة بعد قيام العالقة الزوجية بينهما
مشتركة فيما بينهما واستثمارها وتوزيعها مناصفة بينهما وذلك ابتداء من تاريخ زواجهما المشار له أعاله حضورا وإشهادا الكل
تام وقرئ عليهما مضمن العقد ووافقا عليه.3
لذا نرى أن المشرع المغربي أحسن صنعا عندما نص على أن وثيقة تدبير األموال يجب أن تكون مستقلة عن عقد الزواج،
لكي ال يجتمع عقدان في عقد واحد لهما غايات مختلفة عقد الزواج وعقد الشركة.
كما أن الوثيقة التي يتضمنها عقد الزواج والمخاطب عليها من جانب قاضي التوثيق وهي وثيقة رسمية ،أما االتفاق المتعلق
بتدبير األموال المكتسبة أثناء الزواج فقد يضمن في وثيقة رسمية يحررها عدالن أو موثق وقد يضمن في وثيقة عرفية يكتبها
الطرفان أو ينوب عنهما الغير في ذلك.4
ونرى أن هذا االتفاق إذا ورد في عقد الزواج يمكن تكييفه ضمن الشروط اإلرادية لعقد الزواج لذلك كان حريا بالمشرع أن
يترك الحرية للمتعاقدين في تضمين هذه االتفاقات والشروط في صلب عقد الزواج أو في اتفاق الحق وهذا ما سنتطرق إليه فيما
سيأتي.
تدبيها
الزوجي وكيفية ر
ر الثائ :مكونات الموال المكتسبة ربي
ي المبحث
ال يمكننا الحديث عن األموال المكتسبة بين الزوجين قي ظل نظام استقالل الذمم المالية بين الزوجية بحيث أن الشريعة
اإلسالمية وكذا مدونة األسرة منحت للطرفية حرية التصرف في أموالهما ،فال تكون الزوجة ملزمة في المساهمة بمالها في
تكاليف الحياة الزوجية باعتبار أن النفقة واجبة على الزوج.5
غير أنه بمجرد االتفاق بين الزوجين حول اشتراكهما في تكاليف الحياة الزوجية أو أعباءها وتبنيهما لنظام االشتراك
المالي يولد تغيرات جذرية فيتعين بذلك تحديد هذه األموال سواء من حيث مكوناتها (مطلب أول) وكيفية تدبيرها (مطلب ثاني).
-قرار محكمة االستئناف بمراكش رقم 410صادر بتاريخ 84/03/30في ملف عدد 83/1346غير منشور. 1
-ر سم بإشهاد بتدبير األموال المكتسبة أثناء الزواج،قسم التوثيق بالمحكمة االبتدائية بالناظور سجل المختلفة رقم 57صحيفة .94 3
-تنص المادة : 194من مدونة األسرة على "تجب تفقة الزوجة على زوجها بمجرد البناء ،وكذا إذا دعته للبناء بعد أن يكون قد عقد عليها". 5
13
www.sajplus.com
المطلب األول :مكونات األموال المكتسبة
قد يكتسب أحد الزوجين أمواال سواء عقارية كانت أو منقولة في ظل الحياة الزوجية أو قبل ذلك ،فتؤول إليها بطريق غير
عقد الزواج كتلك المتحصل عليها من ممارسة وظيفة معينة-الفقرة األولى -كما قد يتحصل عليها الزوجين بموجب إبرام عقد
الزواج كاألموال المقدمة من طرف أحد الزوجين لألخر أو تلك المقدمة من الغير-الفقرة الثانية.1
يشمل الدخل األجور 2المحصل عليها من ممارسة نشاط معين وتعويضات المنح والعموالت والمكافآت واإلكراميات...
ويضاف إليه دخل العمل الغير المأجور كاألتعاب وحقوق المؤلفين ،كما يدخل في ذلك األرباح المحصل عليها من ممارسة
التجارة .فمطالبة الرجل زوجته براتبها الشهري يعد خرقا للقانون إذ تبقى مالكة لجميع األموال التي جاءت بها قبل الزواج أو
أثناء قي ام الحياة الزوجية ،فلهما كامل الحرية في أن تتاجر بأموالها دون أن تتوقف ذلك على إذن الزوج ،وقد كانت السيدة خديجة
رضي هللا عنهما تاجرة موسرة تتصرف في مالها بكل حرية قبل وبعد زواجها بالنبي صلي هللا عليه وسلم.3
وهكذا فالمرأة لها كامل الحق في التملك واالنفراد بذمتها المالية التي تبقى مخصصة لمعامالتها المالية وهي في ذلك تعتبر
مستقلة بذاتها غير تابعة أو مكملة لذمة الرجل الزوج.4
فبعد صدور مدونة التجارة المغربية سنة 1996عرفت األهلية التجارة في القانون المغربي تعكس التحوالت المجتمعية،
التي مر منها البلد إذ لم يعد ا لمشرع يميز بين الرجل والمرأة بخصوص أحكام األهلية سواء كانت متزوجة أم ال.5
ويظهر ذلك من خالل تخويلها حق ممارسة التجارة بدون الحصول على رضا من زوجها (إلغاء الفصل 6من مدونة
التجارة) باإلضافة إلى إعطاءها حق إيجار خدماتها دون توقف على إذن من زوجها (إلغاء الفصل 72 6من ق.ل.ع).6
بالتالي يمكن القول على أن الدخل المتحصل عليه من عمل الزوجين سواء كان عن طريق ممارسة نشاط معين أو مهنة
معينة قبل عقد الزواج ال يعتبر من العناصر المكونة للملكية المشتركة بينهما ألنها اكتسبت قبل عقد الزواج نفس األمر بالنسبة
- 1كنزي رحمة ولمعوش وهيبة ،المكتسبات المالية بعد الزواج دراسة فقهية قانونية مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق جامعة عبد الرحمان ميزة-بجاية -كلية
الحقوق والعلوم السياسية بالجزائر سنة ،2016/2015ص.23 ،
- 2يقصد باألجر ":كل ما يتقاضاه العامل مقابل عمله بما فيها العالوات والمكافآت والمنح والمزايا وغير ذلك من متممات األجر أنظر في هذا الصدد فريدة المحمودي:
القانون االجتماعي وضمانات الحق في الشغل والتشغيل ،الطبعة 2016الجزء األول سنة ،2016ص.367 ،
- 3كنزي رحمة ولمعوش وهيبة ،المكتسبات المالية بعد الزواج ،مرجع سابق ،ص.24 ،
- 4خديجة البوهالي ،االثبات في قضايا األسرة بين النص واالجتهاد القضائي ،بحث لنيل شهادة الماستر جامعة المولى اسماعيل كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية مكناس ،السنة الجامعية ،2011/2010 ،ص.114 ،
- 5عبد الرحيم شميعة ،القانون التجاري االساسي مطبعة سجلماسة مكناس سنة ،2015ص111 ،و. 112
- 6خديجة البوهالي ،اإلثبات في قضايا األسرة بين االجتهاد القانوني واالجتهاد القضائي ،مرجع سابق ،ص.114 ،
14
www.sajplus.com
للدخل المكتسب خال ل فترة الزوجية وتزامنا مع إبرامهما لعقد مالي ،فإنه يعتبر من المكتسبات المشتركة بينهما ويخضع لمبدأ
العقد شريعة المتعاقدين غير انه يجوز للطرفين االتفاق على اشتمال المكتسبات المالية لدخل الزوجين قبل إبرام عقد الزواج كما
يبرم الحقا خالل الحياة الزوجية.1
توجد عناصر أخرى تنضاف للذمة المالية للزوجين يمتلكانها إما عن طريق اإلرث(أ) كما قد يمتلكانها عن طريق التبرع
والوصية (ب).
يتعدد أصناف الورثة حسب أوضاعهم ودرجة قرابتهم فلقد تولى سبحانه وتعالى مسالة الميراث وفصل فيها تفصيال دقيقا
في النصوص القران الواردة في سورة النساء ،إذ تولت تبيان الفروض الشرعية والعصبات وكذا ذوي األرحام .كما نصت
المادة 329من مدونة األسرة على " أسباب اإلرث كزوجية( )1والقرابة( )2أسباب شرعية ال يمكن أن تكتسب بالتزام وال
بوصية"...
-1القرابة
يراد بها االتصال بين إنسانين باالشتراك في الوالدة قريبة أو بعيدة واإلرث بها نوع من الخالفة عن الهالك في أمواله ،فال
تخضع لقاعدة من كان أقرب للهالك أوال بالميراث وتنقسم إلى أ صول وفروع وحواشي 2قال تعالى" والذين أمنوا من بعد
وهاجرو وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولوا األرحام بعضهم أوال ببعض في كتاب هللا إن هللا بكل شيء عليم".3
-2الزوجية
تعتبر الزوجية سبب من أسباب اإلرث ولهذا كان الميراث من حق كل واحد من الزوجين في األخر عند وفاته ،ويشترط
في الزواج كسبب من أسباب التوارث بينهما مجموعة من الشروط.4
أوال :أن يكون عقد الزواج صحيحا وهو ما توفرت فيه أركانه وشروطه وانتفت منه الموانع الشرعية.
ثانيا :ـ أن تكون العالقة الزوجية ثابتة بعقد الزواج أو بحكم قضائي استنادا إلى المادة 16من مدونة األسرة.
ثالثا :أن تكون العالقة الزوجية قائمة بينهما إلى غاية الوفاة سواء كان الموت قبل البناء أو يقوم مقامه الخلوة الصحيحة أو
الوطء أو بعده.
يمكن القول أن المرأة قد تر ث قبل إبرام عقد الزواج تركة أهلها باعتبارها بنتا أو أختا أو بنت إبن ...كما قد ترث بعد عقد
القران باعتبارها زوجة .كما قد يرث الرجل قبل أو بعد إبرام عقد الزواج تركة مقدرة شرعا وقانونا من أهله أومن زوجته.1
- 1كنزي رحمة ولمعوش وهيبة ،المكتسبات المالية بعد الزواج مرجع سابق ،ص25 ،و.26
- 2محمد مومن ،محاضرات في المواريث سنة ،2012/2011ص.28 ،
- 3اآلية 75سورة األنفال.
- 4محمد مومن ،محاضرات في المواريث ،سنة ،2012/2011ص26 ،و.27
15
www.sajplus.com
تختلف حاالت ميراث الزوج في زوجته والزوجة في زوجها كما تتغير وفق صفة الوارث ودرجة قرابته بالمورث التي
نص عليها المشرع المغربي وفق الشكل اآلتي:
ميراث الزوج
يرث النصف من تركة زوجته المتوفاة ما لم يكن فرع وارث.2
يرث الربع من تركة زوجته المتوفاة إذا كان فرع وارث ،3وقد ال تشتغل الزوجة بالمرة ولكن لها ثروة
محترمة س بق وأن ورثتها عن زوجها السابق أو عن أبيها أو عن أمها مثال.4
ميراث الزوجة:
ترث الزوجة في تركة زوجها ،الربع إذا لم يوجد فرع وارث وإذا تعددن يقتسمان الربع بالتساوي.
ترث الزوجة في تركة زوجها الثمن مع وجود فرع وارث.
وتجدرا إلشارة أن األموال المكتسبة التي يكتسبها الزوجين عن طريق اإلرث ال تدخل ضمن ممتلكاتهما المشتركة باعتبار
أنها متعلقة بشخص الوارث.
لقد خول القانون للزوجين حق قبول التبرعات التي تكون إما عن طريق الهبة ( )1أو الوصية ( )2أو الوقف ( )3فتشكل
هذه األموال المتبرع بها عنصرا هاما من عناصر الذمة المالية للزوجين سواء كانت مقدمة من طرف األقارب أو غيرهم.
-1الهبة
تعتبر الهبة 5سبب من أسباب كسب الملكية بالنسبة للزوجة فيمكن أن تكون من طرف األب بمناسبة تجهيزها كما يمكن أن
6
تقدم من طرف الزوج بحد ذاته وذلك فيما يتعلق بالهدايا المقدمة خالل فترة الخطبة أو بعد إبرام عقد الزواج
يؤكد األستاذ الملكي الحسين على أن لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة اآلخر ...بالنسبة للزوج ذمة
المالية تتكون بكل ما قد يؤول إليه من الهبة أو االرث ...ونفس االمر بالنسبة للزوجة إذ أن المشرع لم يشترط في ظل القانون
على اشتراط الحصول على إذن من الزوج لقبول الهبة التي تقدم من الغير للزوجة. 17
16
www.sajplus.com
-2الوصية
لقد تعرض المشرع إلى أحكام الوصية في المواد 277إلى 314وهي عقد يوجب حق في ثلث مال عاقده يلزم بموته،
فالفصل 49من مدونة االسرة يوحي بشكل صريح على أن لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة ،فالذي يتزوج هما الزوجان
وليس االموال فمن بين مكونات الذمة المالية للزوج نجد:
ما قد يؤول إليه...بالوصية أو عن طريق تعويض شخص... -
أما بالنسبة للزوجة فيمكن تحديد مكونات ذمتها المالية:
قد يؤول إليها بوصية.1... -
-3الوقف
يعتبر الوقف من بين عناصر الذمة المالية للزوجين فقد يكون الواقف أحد األقارب كاألب واألخ أو غيرهم ،كما يمكن أن
يكون الواقف هو أحد الزوجين ،ويجوز للواقف االحتفاظ بمنفعة الشيء الموقوف فالزوجة ال يمكنها االنتفاع بالعين الموقوفة إال
وفق إرادة الواقف كما هو الشأن بالنسبة للزوجة.2
- 1محمد أقاش النظام المالي للزوجين على ضوء مدونة االسرة دبلوم الدراسات العليا المعمقة جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ،كلية العلوم القانونية واالجتماعية
واالقتصادية ظهر المهراز-فاس -السنة الجامعية ،2006/2005ص.21 ،
- 2كنزي رحمة ولمعوش وهيبة ،مرجع سابق ،ص.29 ،
17
www.sajplus.com
وأما في حالة العدول عن الخطبة فقد اتفق فقهاء الشريعة اإلسالمية إجماعا فيما يخص الهدايا على وجوب ردها سواء
كا ن العدول من الخاطب أو من المخطوب أو منهما مع ،أما المشرع المغربي فقد أخذ بالمذهب المالكي الذي يميز بين إذا كان
العدول من الخاطب أو بناءا على رغبة المخطوبة ،ففي المادة 8من م أ " لكل من الخاطب والمخطوبة أن يسترد ما قدمه من
هدايا ،ما لم يكن العدول عن الخطبة من قبله" فإذا كان العدول عن الخطبة من قبل الخاطب فال حق في استرداد الهدايا التي سبق
وأن أهداها لمخطوبته ألنه المفرط والمفرط أولى بالخسارة.1
2
ب -الصداق
يعتبر الصداق من أهم العناصر المكونة للذمة المالية للزوجة تستحقه كامال بوفاة الزوج أو بالدخول وتستحق نصفه في
حالة الطالق قبل الدخول فهو ملك خاص للزوجة مقدم من طرف الزوج تتصرف فيه كما تشاء ويشكل أهم عناصر العالقة
المالية ،ويعد عنصرا جوهريا في تكوين الزواج فال يجوز االتفاق بين االزواج على إسقاطه تحت طائلة بطالن عقد الزواج.3
ج -النفقة:
تعتبر النفقة مصدر أمن مصادر أم وال الزوجة فنظام الفصل األموال المعروفة في م أ المذهب المالي يلزم الزوج لوحده باإلنفاق
ويظهر ذلك من خالل المادة " ، 194تحب نفقة الزوجة على زوجها بمجرد البناء" تجب النفقة لصالح الزوجة غنية كانت أم
فقيرة.4
لقد سار العرف في المجتمع المغربي على مساهمة أسرة الزوجين على تجهيز المرأة سواء األب أو األم أو أحد األقارب
وذلك بكل ما تحتاج إليه الحياة الزوجية من متاع تأخذه معها إلى السكن العائلي الذي ستقيم فيه مع زوجها ،فيمكن لألب أو ولي
المرأة .أن يجهز لها السكن العائلي ا لذي ستقيم فيه مع زوجها ،فيمكن لألب أو ولي المرأة .أن يجهز لها صداقها أو من ماله
الخاص فيبقى ملك للزوجة تتصرف فيه كيفما تشاء وال يجوز للزوجة التصرف فيه بالبيع أو نقله من مكان إلى أخر دون إذنهما
وبالمقابل ينفرد الزوج بملكيته للهدايا المقدمة له بمناسبة الزواج سواء كانت من أهله أو من الغير.5
وإذا كان الزوجين يتمتعان بأهلية قانونية كاملة طبقا لنظام فصل األموال فلكل منهما الحق في التصرف بأمواله بكافة
أنواع التصرفات القانونية سواء البيع الرهن ...بل األكثر من ذلك يبقى كل واحد منهما ملتزم بالديون المستحقة بذمته دون أن
يؤثر ذلك على الزواج.6
-إدريس أجويلل ،شرح مدونة األسرة أحكام الزواج والطالق مطبعة أنفو-برانت فاس ،سنة ،2014ص .63 1
-الصدا ق :عطاء واجب بذمة الروح لفائدة زوجته بمناسبة الزواج وهو رمز وهو تعبير عن رغبة في االقتران بالمرأة والطمار شرف العقد وأهميته. 2
-محمد الشافي ،الزواج وانحالله في مدونة األسرة المطبعة والوراقة الوطنية ،الداوديات مراكش سنة ،2012ص .83 3
-الدليل العملي لوزارة ا لعدل مطبعة فضالة منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية العدد 1سنة .2004 4
18
www.sajplus.com
المطلب الثاني :النظام التعاقدي لتدبير األموال المكتسبة بين الزوجين
إن خصوصية العقد المالي وفق ما اقره المشرع المغربي في الفصل 49من م أ تتجلى من خالل صفته المزدوجة ،فهو
عقد ذو صفة خاصة ال يكمن إبرامه إال من طرف زوجين كما أنه ف ي الوقت ذاته عقد مستقل عن عقد الزواج .فهذا العقد هو عقد
مدني يخضع للقواعد العامة لاللتزام الواردة في الكتاب األول من ظهير ق.ل.ع مع بعض االستثناءات والخصوصيات تبقى
مالزمة له سواء أثناء إبرامه -الفقرة األولى -أو خالل مرحلة تنفيذه -أو تعديله أو انتهائه-الفقرة الثانية.1
لقد نص المشرع المغربي في المادة 49من م.أ في الفقرة األولى على أنه يجوز للزوجين في إطار تدبير األموال التي
ستكتسب أثناء قيام العالقة الزوجية .االتفاق على استثمارها وتوزيعها ،دون أن يحدد لهذا االتفاق نسقا معينا،غير أنه يخضع
ألحكام العامة لإللتزام 2شأنه في ذلك شأن غيره من االتفاقات،بالتالي البد أن تتوفر فيه شروط موضوعية كغيره من االتفاقات(أ)
مع ضرورة احترام بعض اإلجراءات الشكلية حتى يعتبر العقد قائما( ،ب).
(أ) -الشروط الموضوعية إلبرام اتفاق تدبير األموال المكتسبة بين الزوجين.
االتفاق بوجه عام هو توافق إرادتين أو أكثر على إنشاء التزام إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو إنهائه ،بمعنى توافق
إرادتين على إحداث آثر قانوني ،واتفاق تدبير األموال المكتسبة حسب ما جاءت به المدونة اتفاق الزوج والزوجة على كيفية
تدبير األموال التي ستكتسب أثناء قيام الزوجية ،وتوافق إرادتهما على كيفية استثمارها وتوزيعها .3ويتعين االتفاق على تدبير
األموال المكتسبة أثناء العالقة الزوجية توافر ركن الرضا وذلك بتوافق إرادة الزوج والزوجة حول مضمون االتفاق وشروطه
وأن تكون هذه اإلرادة خالية من عيوب اإلرادة (التدليس اإلكراه والغلط والغبن) ،وأن يكون لكل واحد منهما األهلية الكاملة
اللتزام مع ضرورة توفر السبب المتمثل في الرغبة المشتركة للزوجين في استثمار األموال المكتسبة وتوزعها والمحل حسب
- 1محمد أقاش ،النظام المالي للزوجين على ضوء مدونة االسرة بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون جامعة سيدي محمد بن عبد هللا كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،ظهر المهراز -فاس-سنة ،2006/2005ص.83 ،
-بخصوص األركان الواجب توفرها في العقد راجع ،أستاذنا محمد الشرقاني ،النظرية العامة لاللتزامات-العقد -الطبعة األولى -المطبعة الوراقة الوطنية 2
19
www.sajplus.com
القواعد العامة. 1فنحن أمام عقد مدني يخضع لألحكام العامة للقانون المدني من حيث أركانه وشروطه صحة تلك األركان
وبطالنه وإبطاله وتفسيره وترتيب مختلف آثاره.2
وتبقى أهلية الزوجين محل تساؤل خاصة عندما يكون أحد الزوجين قاصرا أو كليهما ،فهل يكون أهال إلبرام مثل هذا
االتفاق؟ وهل يمكن للوكيل إبرام مثل هذا االتفاق عن طريق الوكالة3؟
فالمشرع المغربي لم يبين الحكم بشأن هذين الحالتين وإن نصت مدونة األسرة على شروط زواج القاصر ،فإنها لم تتطرق
المسألة إ برامه اتفاق تدبير األموال المكتسبة ولذلك فمادامت إمكانية إبرام مثل هذا االتفاق من طرف القاصر المؤذن له بالزواج
قائمة فإنه ينبغي تتميم المادة 20من م أ عبر إضافة فقرة إليها تنص على وجوب الحصول على إذن مسبق من قاضي األسرة
خاص بإبرام القاصر لعقد االتفاق على استثمار األموال التي ستكتسب مدة الزواج وتوزيعها.4
في حين يذهب أستاذنا إدريس "اجويلل" إلى أن المادة 49خاطبت الزوجين الراشدين ولم تخاطب الزوجين القاصرين
معا أو احدهما فكان على المشرع أن بوضح ذلك ،حتى ال يقع أي لبس في تفسير النص أثناء إبرام العقد ،وإن حدث وابرم العقد
عمال بالمواد 232و 233و 234التي تقضي جميعها بإجازة النائب الشرعي للقاصر على أمواله إلى حين بلوغه سن الرشد
القانوني ،ويطبق هذا المقتضى كذلك حتى عندما يكون احد الزوجين مصابا بإعاقة ذهنية او سفيها الن التصرفات تبقى متوقفة
على إجازة نائبها الشرعي.5
وأما بخصوص الزواج بالوكالة ودون حضور طرفيه والمنصوص عليها في الفصل 17من مدونة األسرة فينبغي حسب
األستاذ إدريس الفاخوري كذلك إضافة بند جديد إلى هذه المادة ينص صراحة على جواز تعبير الزوج في الوكالة بصيغة
صريحة عن رغبته عن إبرام اتفاق تدبير األموال المكتسبة مع المراد الزواج بها وتوكيل الوكيل.
(ب) -الشروط الشكلية إلبرام اتفاق تدبير األموال المكتسبة بين الزوجين
نص المشرع على شكلية عقد التدبير األموال المكتسبة وتنحصر في إفراغ الطرفين إرادتهما في وثيقة مستقلة عن عقد
الزواج وذلك من خالل إيراد المشرع في المادة 49عبارة " في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج" كان يهدف إلى إعطاء الفرصة
- 1إدريس العلوي العبدالوي" نظرية العقد" مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،طبعة ،1996ص.163 ،
- 2محمد الكشبور ،شرح مدونة األسرة ،انحلل ميثاق الزوجية ،الجزء الثاني ،مرجع سابق ،ص388 ،
- 3حياة الصابري ،تدبير األموال المكتسبة ،بحث نهاية التكوين بالمعهد العالي للقضاء فوج ،39ص.19
33وذلك على خالف المشرع التونسي الذي في الفصل 5من قانون عدد 94لسنة ح 8على ضرورة تضمن التوكيل لرأي الزوج أو الزوجة الموكلة بوجه صريح في
مسألة االشتراك من عدمه ،وبالتالي لم يترك للوكيل حرية اختيار نظام أمال الزوجين بل ينبغي أن يكون االختيار صادرا عن الزوج أو الزوجة الموكلة مباشرة
ومضمنا بعقد الوكالة.
- 4إدريس الفاخوري مرجع سابق ،ص 297و298
- 5ادريس جويلل ،مرجع سابق ،ص.159/158 ،
33وذلك على خالف المشرع التونسي الذي في الفصل 5من قانون عدد 94لسنة ح 8على ضرورة تضمن التوكيل لرأي الزوج أو الزوجة الموكلة بوجه صريح في
مسأل ة االشتراك من عدمه ،وبالتالي لم يترك للوكيل حرية اختيار نظام أمال الزوجين بل ينبغي أن يكون االختيار صادرا عن الزوج أو الزوجة الموكلة مباشرة
ومضمنا بعقد الوكالة.
20
www.sajplus.com
لألزواج الذين ابرموا عقد زواجهم قبل صدور هذه المدونة ،وبالتالي تمكينهم من االستفادة من هذا االتفاق وكذا إتاحة الفرصة
للمتزوجين حديثا لدراسة هذا الموضوع على مهل.1
وكما ألزم المشرع السادة العدول بضرورة إشعار الطرفين عند زواجهما ،بإمكانية االتفاق على تدبير أموالهما المكتسبة
خالل الزواج ،ولعل الحكمة من تذكير الخطيبين عند إبرام عقد الزواج من طرف العدلين محرري العقد بأحكام المادة 49من
مدونة األسرة هو لفت انتباههم ألهمية هذه المقتضيات ،وحتى يكونا على بينة من وجود نص قانوني يعنى بتنظيم األمور
والشؤون المالية التي يريدان مستقبال التعاقد بشأنهما كما أن توثيق االتفاقات المالية سيضع حدا لالتفاقات الشفوية التي كثيرا ما
تكون عرضة لإلنكار أو للخالف في مضمونها فتضيع بذلك الحقوق .2وهذا االلتزام قانوني مفروض تشريعيا على العدلين
وعدم القيام به قد يرتب مسؤولية العدلين التأديبية ،أما المسؤولية المدنية فتتطلب إثبات الضرر من جانب المطالب بالتعويض،
وأحسن وسيلة إثبات قيام العدلين بااللتزام أ عاله ،هو اإلشارة إلى اإلشعار في دفتر خاص يوقع عليه الزوجان.3
وإذا أصر الزوجان على تضمين عقد الزواج االتفاق على كيفية تدبير هده األموال ،فهل يعتبر مثل هذا العقد باطال؟
بطبيعة الحال ال يمكن الحديث عن البطالن ألن مثل هذا االتفاق ال يبطل العقد بصفة قطعية ! فال يكون هذا العقد باطال على
اعتبارات للمتعاقدين كامل الحرية في تضمين االتفاقات والشروط سواء في صلب العقد أو في عقد مستقل ،مادامت الشروط
المتفق ال تخالف القانون أو النظام العام أو األخالق الحميدة.4
ولكي يكون هذه االتفاق حجة قوية أمام القضاء البد أن يأتي بصيغة محايدة لتدبير أموال الزوجية واستثمارها وتوزيعها
بينهما وأن يحتوي على تفاصيل االتفاق وشروط االتفاق.5
على خالف باقي التشريعات التي كانت سباقة إلى إدخال مبدأ سلطان اإلرادة كآلية لتنظيم األموال المكتسبة من طرف
ا لزوجين والتي أحاطته بنظام خاص هو تنظيم جميع جوانبه الشكلية والموضوعية ،جاء المشرع المغربي بنظام تعاقدي ذو
مقتضيات عامة وفضفاضة ومحددة في بضعة أسطر دون تحديد لمضمونه(أ) وال تحديد لطريقة إشهاره (ب).
21
www.sajplus.com
العملية على إفراغ مضمونه في شكل عقد نموذجي محرر من قبل عدلين .1فالمشرع المغربي في المادة 49من م.أ ،لم يحدد
مضمون عقد تدبير األموال المكتسبة نظرا الختالف الثقافة من منطقة ألخرى.2
3
وخالصة القول فإن المشرع األسري المغربي لم يحدد طبيعة وإطار وقالب هذا االتفاق من حيث اعتباره شركة أو غيره
وعموما يضمن في هذا االتفاق كل الشروط ذات الطابع المالي بين األزواج والتي يرغبان العيش وفقا لها" ومن بين ما قد
يتضمنه هذا االتفاق.4
. 1اتفاق الزوجان على أن ما قامت به الزوجة بشرائه من منقوالت منزل الزوجية سواء كان من مالها أو مهرها أو ما
اشتراه لها زوجها يكون ملك للزوجة.
.2اتفاق الزوجان على أو ما قام به الزوج من شرائه بعد الزواج أو الدول بالزوجة ومن ماله الخاص يكون ملك الزوج
ويثبت ذلك بفواتير الشراء.
. 3اتفاق الزوجان على كيفية تقسيم العائد الناتجة من عمل مشترك وتحديد النسب التي تعود لكل واحد منهما...
ومن خالل االطالع على مجموعة من رسوم اإلشهاد على تدبير األموال المكتسبة يتضح أن أغلبها تضمن اتفاق الزوجين
على جعل ذمتهما المالية مشتركة على صيغة التالية:5
"شهدا معا أنهما اتفقا على أن تكون األموال المستثمرة بعد قيام العالقة الزوجية بينهما مشتركة فيما يبنهما واستثمارها
وتوزيعها مناصفة بينهما وذلك ابتداء من تاريخ زواجهما المشار إليه أعاله وأكداه .6"....
22
www.sajplus.com
با لرجوع إلى النصوص القانونية المنظمة للعقار نجدها تأخذ بمبدأ اإلشهار العيني 1وإذا كان محل عقد تدبير األموال
الزوجية عقارا محفظا أو في طور التحفيظ ،فإنه ال تكون له أي حجية لدى األغيار إال إذا تم إدراج مضمونه بالسجالت العقارية
المخصصة لهذا الغرض ،إذ في غياب هذ ا التقييد ال تتحقق الحماية المرجوة .هذا بخالف المشرع التونسي الذي ألزم الموثق
الذي أبرم العقد المالي في أجل 10أيام أن ترسل ملخصا إلى كل من ضابط الحالة المدنية بمكان والدة الزوجين وتقييد هذا
الملخص بسجالت المحافظة العقارية تحت طائلة المسؤولية والغرامة49 .
فالمشرع المغربي وإن سمح بإبرام عقد تدبير األموال المكتسبة أثناء الحياة الزوجية إال أن فعاليته تظل جد محدودة وال
تحقق الحماية الكافية للحقوق المالية للزوجين ،وحتى تتحقق الغاية من هذا العقد وحماية الطرف الضعيف في العالقة الزوجية
وحقوقه المالية البد من إلزام الموثق أو العدل باإلشراف على إجراءات اإلشهار لضمان فعالية هذا العقد.2
- 1فالمشرع المغربي يأخذ بمبدأ االشهار العيني لكل التصرفات التي تنصب على العقارات المحفظة أو العقارات في طور التحفيظ ،إذ ال تنتج أثرها العيني إال من
تاريخ تسجيلها بالسجل العقار ي ،وكل تصرف يقع على هذه الحقوق يجب تقييدها لدى مصالح المحافظة العقارية ول يمكن االحتجاج بها لدى األغيار إال من هذا
التاريخ..
- 2محمد بلغربي ،عقد تدبير األموال المكتسبة أثناء الزواج بين التوثيق وغياب الالشهار،مقال منشور مجلة القانونية اإللكترونية -العدد 89السنة .2017
- 3حفيظ الشافعي ،تدبير األموال المكتسبة أثناء الزواج ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة جامعة محمد االول كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية
وجدة ،السنة الجامعية ،2008/2007 ،ص.68 ،
- 4عبد القادر العرعاري ،مصادر االلتزام ،الكتاب األول ،نظرية العقد الطبعة الثانية مطبعة الكرامة-الرباط -ص.43 ،
- 5الفصل 230من قلع" :االلتزامات المنشئة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة لمنشئها وال يجوز إلغائها إال برضاهما وفي الحاالت المنصوص عليها في
القانون".
- 6حياة الصابري ،تدبير األموال المكتسبة بين النص القانوني والعمل القضائي بحث نهاية التكوين في تاعهد الغالي للقضاء فوج 39سنة 2015/2013ص.21 ،
23
www.sajplus.com
الوفاء بالشروط اإلرادية المتعلقة بعقد الزوجين ،وبالتالي ال يمكن ألحد الزوجين أن يرفض تنفيذ هذا العقد بدعوى عدم وجود ما
يلزمه للوفاء به.
ويعتبر المشرع المغربي اإلخالل بشرط من الشروط الملحقة بعقد الزواج ضررا مبررا لتطليق ويظهر ذلك من خالل ما
جاء في المادة 98من م.أ:
للزوجة طلب التطليق بناء على أحد األسباب اآلتية:
-1إخالل الزوج بشرط من شروط عقد الزوج.
-2الضرر
-3عدم اإلنفاق...
كما نصت المادة 99من مدونة األسرة ف الفقرة األولى"يعتبر كل إخالل بشرط في عقد الزواج ضررا مبررا لطلب التطليق".
وبذلك اعتبر المشرع المغربي اإلخالل بشرط من الشروط الملحقة بعقد الزواج من طرف الزوج ضررا مبررا لطلب التطليق،1
ولكن ما يعاب على المادة السالفة الذكر بتعريفها للضرر المبرر لتطليق " :كل تصرف من الزوج أو أسلوب مشين أو مخل
باألخالق الحميدة"أنها لم تكن أكثر دقة خاصة إذا أخلت الزوجة بشرط من الشروط اإلرادية إال يمكن اعتباره سبب مبرر لطلب
التطليق؟.
وهذا الحل ال ينسجم مع هدف المشرع من وضع مدونة األسرة وهو المحافظة على األسرة من التفكك واالنهيار ألنه قد
يستغل من طرف أحد الزوجين فيعمد إلى ذلك عمدا حتى يتخلص من الطرف اآلخر ولهذا ينادي بعض الفقه 2إلى تنفيذ تقنية
الشرط الجزائي وتطبيقه في المجال األسري بمعنى تحديد تعويض يتم تقديره سلفا من قبل الزوجين يستحق في حالة إخالل
أحدهما بالتزامه في تدبير األموال المشتركة.3
وبالتالي ال مانع من تطبيق هذا الشرط مادام ال ينافي مقاصد عقد الزواج وال يخرج عن دائرة النظام العام لمؤسسة
الزواج.4
ثانيا :تعديل العقد المالي بين الزوجين
إن العق د المالي إذا نشأ صحيحا بين الزوجين أصبح ملزما لهما ال يجوز نقضه وال تعديله إذا تعديله إال باتفاق جديد يبرم
بينهما لهذا السبب ،فهو يصبح بمثابة قانونهما الخاص وشريعتهما الذاتية ،في تنظيم العالقات المالية ،يتعين تنفيذه كما هو دون
أي تغير أو تبديل فيه ،والقول بخالف ذلك فيه إهدار لمبدأ سلطان اإلرادة وتكبيل لحرية التعاقد بأخطر قيد.5
ويبدو أنه إذا كانت إرادة الزوجين تتجه لحظة إبرام عقد تدبير األموال المكتسبة أثناء فترة الزواج تتجه لحظة إبرام عقد
ينظم كيفية استثمارها وتوزيعها أخذ بعين االعتبار ظروف حالتهما االجتماعية واالقتصادية الحالة وقت إبرام العقد ،فإنه ليس
هناك ما يمنعها من تعديل االتفاق مستقبال تبعا لتطورات الحياة ،وتغير األوضاع المحيطة بهما ،خاصة وأن تنفيذ الشروط التي
24
www.sajplus.com
سبق وأن التزم بها الزوجان قد يستغرق فترة طويلة وقد تبقى قائما طيلة الحياة الزوجية وهو ما قد تستجد معه ظروف تجعل من
العسير على الملتزم الوفاء بالشرط مما يستدعي التدخل للتخفيف من حدة إلزامية هذه الشروط.1
ولهذا فالعقد المالي قد يكون متضمنا التزام فوري ،وقد يحدد تنفيذه بفترة قصيرة كأن يلتزم الزوج بتأثيث منزل الزوجة أو
أن تلتزم الزوجة بدفع تسبيق مالي لشراء سيارة فهنا ال تثور أية صعوبة في التنفيذ ،لكن إذا كان تنفيذه يمتد لسنوات أو لفترة
الزواج كلهما ضمن الضرورة االحتياط لما يمكن أن يحدث من تغير في ظروف ووضع الزوجين فقد يحدث أن تشترط الزوجة
على زوجها عند إبرام العقد بأن ينفق على أوالدها من زوج آخر فيقبل الزوج الشرط في ظل ظروف مادية مريحة تم تتغير
الظروف مع مرور الوقت فتصبح أحواله المادية صعبة ومرهقة كما أم الزوجة قد تلزم بجانبه بمشاركة زوجها في اإلنفاق في
البيت واألوالد لكن مع تغير األوضاع تصبح عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها.2
ففي هذه الحالة ينبغي أن يقرر ال مشرع إمكانية مراجعة القضاء إلعادة النظر في مضمون العقد المالي لتكييفه مع ما
استجد من هذه األوضاع لم تكن متوقعة من قبل وقد أتاح الفصل 48من مدونة األسرة هذه اإلمكانية بنصه على أنه ":إذا طرأت
ظروف أو وقائع أصبح معها التنفيذ العيني للشرط مرهقا ،أمكن للملتزم به أن يطلب من المحكمة إعفاءه منه أو تعديله ما دامت
تلك الظروف أو الوقائع قائمة.3"..
وتبقى للقضاء السلطة التقديرية لتقدير إمكانية تعديل العقد من عدمها مراعيا في ذلك الظروف االقتصادية لكال الزوجين
وجميع المعطيات التي قد تتغير من أسرة إلى آخري ومن منطقة إلى أخ رى .فهو مدعو إلى لعب دور إيجابي في إقامة التوازن
االقتصادي بين الزوجين وإعادته إلى المستوى العادل تبعا للحاجيات الملحة والضرورات العملية األكيدة حتى تضفى على العقد
المالي وظيفته االجتماعية التي تتماشى مع روح العدل ومنطق اإلنصاف.4
وقد كان المشرع الفرنسي أكث ر حكمة من نظيره المغربي عندما قطع إمكانية العقد المالي بضوابط صارمة ومقتضيات
خاصة،قطعا لدابر التحايل والتالعب ،وتخضع مسألة تعديل النظام المالي لمسطرة خاصة ،إذ ال يمكن أن يتم إال بعد مرور مدة
زمنية حددها القانون الفرنسي في سنتين من تطبيق النظام المرغوب في تغييره ،كما يخضع العقد المالي إلى المصادقة من
طرف محكمة سكنى الزوجين.5...
أ -إنهاء العقد المالي بالتراضي بين الزوجين
العقد المالي المبرم بطريقة صحيحة يعد بمثابة قانون خاص للزوجين ويرجع ذلك إلى القاعدة العامة التي مفادها" أن العقد
شريعة المتعاقدين" ،غير أن هذا العقد تطرأ عليه بعض المستجدات تؤدي به إلى انتهاءه فعقد تدبير األموال المكتسبة بين
الزوجين قد ينتهي بتراضي بين الزوجين.6
كما قد يرغب الزوجان في إلغاء العمل باالتفاق على تدبير األموال المكتسبة بينهما لسبب من األسباب أثناء قيام العالقة
الزوجية ،وذلك بالتراضي بينهما ،وهنا كيفما تم إبرام عقد التدبير يقع إنهاءه دون أيه قيود.1
25
www.sajplus.com
وكما قد ينتهي االتفاق على تدبير األموال أيضا عند عدم اتفاق الزوجين حول تسيير تلك األموال المكتسبة فتتم المطالبة
2
بفسخ العقد من قبل أحد الزوجين ،ومن تجليات هذا اإلجراء القانوني انفصال الذمة المالية للزوجين واستقالليتها
ب -انتهاء العقد المالي بوفاة أحد الزوجين
يعد سبب من أسباب إنهاء النظام المتفق عليه وفاة أحد الزوجين ،وبالتالي تضع حدا لالتفاق على تدبير األموال المكتسبة
بين الزوجين ،ويحل الورثة محل الزوج المتوفى فيما له من حقوق ،وال يمكن بأي حال من األحوال .أن يمس هذا االتفاق بأحكام
المواريث ،فالزوج الباقي يأخذ نصيبه من األموال المكتسبة حسبما وقع االتفاق عليه في صلب عقد التدبير ،وما نابه من اإلرث
في تركة المنوفي.3
وفي حالة الزوج المفقود فبعد استفاء إجراءات الحكم بوفاته ينتهي العقد المالي المنعقد بين الزوجين.
ج -انتهاء العقد المالي بالطالق أو التطليق
يعتبر الطالق أو التطليق سبب إلنهاء النظام المالي بين الزوجين ،فانتهاء العالقة الزوجية يترتب عليها انحالل الوثيقة
المالية المبرمة بين الزوجين 4مهما كان السبب الذي أدى إلنهاء هذه العالقة ،مما يتم معه توزيع األموال المكتسبة أثناء قيام
العالقة الزوجية وفق ما تم االتفاق عليه عند إبرام عقد التدبير األموال ولكن البد من تصفية الديون المستحقة على هذه األموال
قبل إجراء عملية التوزيع.5
26
www.sajplus.com
الزوجي وطرق إثباتها
ر الثائ :مــآل المكتسـبات المالية ربي
ي الفصل
إن مآل المكتسبات المالية بعد الزواج يكون على طريقتين :األولى حينما يتفق الزوجان على اإلدارة المستقلة لهذه
المكتسبات والتي ال تثير أي إشكال ،أما الثانية فتكون باالتفاق على اإلدارة المشتركة لها وهو ما ينبغي تحديده عن
طريق تبيان النظام المالي المتفق عليه بين الزوجين 1،ففي حالة تبني نظام االشتراك في المكتسبات تندمج الذمم المالية
لكليهما فيشتركان بذلك في اإلنفاق على بيت الزوجية وكذا ضمان الديون المشتركة سواء في ظل الحياة الزوجية أو بعد
انحاللها.
فإذا كان المشرع المغربي قد حاول انطالقا من المادة 49من مدونة األسرة إيجاد حل إلشكالية تنازع الزوجين عن
طريق منح كل من هما إمكانية إجراء اتفاق لتدبير هذه األموال بموجب عقد كتابي مستقل عن عقد الزواج أو عن طريق
منح إمكانية قيام أحد الزوجين بالمطالبة بنصيب من تلك الممتلكات ،حتى مع غياب اتفاق كتابي بشأن ذلك طبقا للقواعد
العامة في اإلثبات ( المبحث الثاني ) فإن هناك اتجاها فقهيا 2ال يرى في مقتضيات هذه المادة إال تكريسا من المشرع
لمؤسسة عرفية كانت سائدة ببعض مناطق المملكة ويتعلق األمر هنا بحق الكد والسعاية ( 3المبحث األول ).
.1يرتكز النظام المالي للزوجين في قوانين الدول الغربية على وجود مجموعة من األنظمة المالية ،فالقانون الفرنسي على سبيل المثال يضم أربعة أنظمة مالية مختلفة
وهي :
le régime de la communauté légale . 1نظام االشتراك
le régime de la communauté conventionnelle . 2نظام االشتراك أالتفاقي
le régime de la séparation des biens . 3نظام فصل األموال
le régime de la participation au acquêts . 4نظام المساهمة في المكتسبات
. 2ومن بين من ذهب إلى اعتبار أن المادة 49من مدونة األسرة تكريسا لحق الكد والسعاية كما جرى به العرف وأفتى به الفقه وكرسه القضاء انظر:
-زهور الحر :حق الزوجة في المستفاد من الثروة بين السند الشرعي والرأي الفقهي والعمل القضائي ،مقال منشور في إطار األيام الدراسية حول مدونة األسرة
سلسلة الندوات واللقاءات واأليام الدراسية رقم .5إشراف المعهد العالي للقضاء .شتنبر 2004ص 109
-محمد الشافعي :قانون األسرة بين الثابت والمتطور
-إدريس الفاخوري :دور اإلرادة في إبرام عقود الزواج م.س ص 19-18
وعلى المستوى القضائي ؛ فقد ذهبت المحكمة االبتدائية بمكناس إلى تأسيس مقتضيات حق الكد والسعاية على المادة 49من مدونة األسرة ،وهو ما يفهم منه أن
المحكمة تكرس نفس التوجه الفقهي القاضي باعتبار المادة 49كأساس تشريعي لحق الكد والسعاية انظر:
حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بمكناس قسم قضاء األسرة بتاريخ 2014/05/13في ملف عدد 2014/703عدد ( 1463غير منشور) .
حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بمكناس قسم قضاء األسرة بتاريخ 2013/02/29في ملف رقم 12/5/1558عدد ( 279غير منشور) .
حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بمكناس قسم قضاء األسرة بتاريخ 01/10/2013في ملف عدد 2013/432عدد ( 2563غير منشور) .
حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بمكناس قسم قضاء األسرة بتاريخ 2013/09/02في ملف عدد5/1599ج 11/عدد ( 503غير منشور) .
حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بمكناس قسم قضاء األسرة بتاريخ 2015/05/19في ملف عدد 2014/796عدد ( 1623غير منشور) .
حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بمكناس قسم قضاء األسرة بتاريخ 2015/06/16في ملف عدد 3589عدد ( 1858غير منشور) .
: . 3عمر المزكلدي " :حق الكد والسعاية محاولة في التأصيل " بحث في إطار دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص جامعة محمد الخامس كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية اكدال-الرباط 2006- 2005الصفحة .45
27
www.sajplus.com
المبحث الول :نظـ ــام الكـ ـ ـ ــد و الس ـ ــعاية
إن متطلبات الحياة األسرية المشتركة من الناحية الفعلية غالبا ما تدفع الزوجة إلى المساهمة بجهدها المادي والمعنوي في سبيل
الحفاظ على المصالح المادية لألسرة وضمان استمرارها ،وقد يتطور األمر إلى حد المساهمة في تكوين الثروات المالية أو
تنميتها ،وهو ما يؤدي في كثير من الحاالت إلى خلق نوع من اإلتحاد الفعلي لألموال بين أعضائها ،إال أن أهم سؤال يطرحه
هذا الوضع ،يتمثل في مدى إمكانية االعتراف بالحقوق المالية للزوجة بفعل مساهمتها وكدها ،خاصة وإن هذه الثروة من الناحية
العم لية غالبا ما تكون في ملكية الزوج .نظرا لطبيعة مركزه في هرم األسرة 1لهذا يشكل نظام الكد والسعاية أحد الحقوق التي
عرفت انتشارا في بعض المناطق المغربية إذ عمل فقهاء هذه المناطق على تكديسها والعمل بمقتضيات هذا النظام لحل النزاعات
المالية بين الزوجين وهذا الح ق يضمن للزوجة التي عملت من أجل تنمية أموال األسرة بكدها وسعيها نصيبا في الحصول على
مقابل لما بذلته لتنمية مال زوجها.
2
وقد أولت الشريعة اإلسالمية مكانة هامة لهذا الحق ،إذ أفتى به العديد من الفقهاء في إطار النوازل التي عرضت عليهم
باإلضافة أن بعض الفقهاء إعتبرو أن مقتضيات المادة 49من مدونة األسرة ليست إال تحصيل حاصل لنظام الكد والسعاية
والذي كان منظما بمقتضى العرف المحلي السائد في بعض المناطق المغربية كسوس وجبال " غمارة " وفي شمال المغرب
والتي كانت المرأة فيها تتولى بجميع أعباء الحياة الزوجية سواء داخل البيت أو خارجه شأنها في ذلك شأن زوجها. 3
ولهذا كان البد لدراسة موضوع نظام الكد والسعاية ،البحث في مفهومه قصد استجالء طبيعته القانونية لهذا النظام ،فضال عن
دراسة مختلف الن وازل الفقهية التي أفتى بها الفقهاء بشأن حق المرأة في المستفاد من الثروة الزوجية نتيجة كدها وسعيها في
تنمية هذه األخيرة ( المطلب األول ) .كما كان من الضروري مقارنة مقتضيات المادة 49مدونة األسرة ونظام الكد والسعاية
من خالل إبراز نطاق تطبيق هذا الحق من حيث الزمان والمكان ( الطلب الثاني ).
28
www.sajplus.com
كما سنتولى عرض مختلف النوازل الفقهية التي ساهمت بشكل كبير في إقرار حق الزوجة لنصيبها في تنمية موارد األسرة
(الفقرة الثانية).
. 1الحسين الملكي الحسين " :من الحقوق المالية للمرأة نظام الكد والسعاية " الجزء األول طبعة 2001دار القلم الرباط ص. 8 :
. 2ابن منظور :لسان العرب م.س .المجلد 2ص .3397ورد لدى هند بوشان ومريم بندحو مرجع سابق ص .28
. 3ابن منظور :لسان العرب ،لسان العرب -الجزء الخامس دار صابر بيروت 1997ص 380.
. 4المرأة وحق الشقاء مقال منشور بجريدة العلم -العدد 15571ليوم 23مارس 1993ورد لدى محمد مومن ص .15
. 5لسان العرب :البن منظور الجزء الخامس .ص .380
. 6سورة طه :اآلية .15
. 7سورة النجم :اآلية - 40-39وقال ابن كثير في تفسير هذه اآلية ؛ أي كما يحمل على اإلنسان وزر غيره كذلك ال يحصل من األجر إال ما كسب هو بنفسه.
. 8عند بوشان ومريم بندحو :مرجع سابق ص .29 :
- 10 . 9انظر حكم المحكمة اإلقليمية بأكادير بتاريخ 1973/12/12رقم الملف 72 /585قرار منشور.
. 10لسعاية عند فقهاء المالكية معنيان ؛
ـ معنى عام :ويدخل فيه كل من قدر على االشتغال والكسب من أفراد األسرة كسعاية اليتيم واألخت و األخ والزوجة والولد.
ـ معنى خاص :معناه التخصيص والتضييق كأخذ سعاية اليتيم أو األخ على سبيل التخصيص.
. 11حياة ال صابر :بحث نهاية التخرج في المعهد العالي للقضاء تحت عنوان "،تدبير األموال المكتسبة بين النص القانوني والعمل القضائي " فوج 39سنة
2015/2013ص .51-52
. 12قرار لمحكة االستئناف بآسفي رقم 1253بتاريخ ، 04/11/1985أوردته حياة صابر مرجع سابق ص .55
29
www.sajplus.com
ومنه نستخلص إلى أن حق الكد والسعاية يقوم في وجوده على شرطين متالزمين :أولهما أن تكون األموال المطلوب االستئثار
بجزء منها قد تمت تنمية مواردها في أثناء الحياة الزوجية وثانيها أن تقوم المرأة بإثبات مساهمتها الفعلية في تنمية الموارد
1
المالية لزوج بجميع وسائل اإلثبات المعتمدة شرعا بما فيها شهادة الشهود
وقد اختلف الفقهاء حول تحديد الطبيعة القانونية لحق الكد والسعاية أو األموال التي تأخذها الساعية لقاء كدها ،هل هي على سبيل
األجرة مقابل جهدها في تنمية هذه األموال أم كحصة في النصيب من األرباح بحسب قيمة العمل المقدم او بحسب ما يقره أهل
الخبرة ؟
: أوال :حق الكد والسعاية وعقد العمل
عقد العمل هو العقد المبرم بين طرفين يلتزم بمقتضاه احدهما إن يقوم بعمل تحت إشراف وإدارة المتعاقد اآلخر مقابل اجر يلتزم
بدفعه له ،أما الساعي في السعاية فيأخذ بدوره ما يقابل هذا الكد إال أن الخالف بينه وبين عقد العمل هو إن هذا األخير يكون
مصدره اتفاق األطراف بخالف السعاية التي تنشأ عن هذا االتفاق .كما أن األجر يعد أساسيا في عقد العمل في حين إن الساعي
2
ما دام غير مجبر على العمل فإنه قد ال يحصل على المقابل في حالة عدم وجود رأسمال
وبالتالي فحق الكد والسعاية وان كان يشترك مع عقد العمل في عنصرين أساسيين وهما العمل واآلجر ،فإن هذا الحق ال تنطبق
عليه أحكام عقد العمل على اعتبار عنصر التبعية هنا والمراد بها العمل تحت سلطة وإشراف ورقابة وتوجيه رب العمل
والموجود في عقد العمل و الغير متوفر في حق الكد والسعاية ،لذا والحالة هذه ال مجال العتبار حق الكد والسعاية بمثابة عقد
العمل.
5
فالذي نص عليه علماؤنا إن النساء إذا كان لهن سعاية في شيء أنهن شريكات لألزواج بحسب سعايتهن .
إال إن أصحاب هذا الرأي إختلفو في نوع هذه الشركة فمنهم من اعتبرها شركة حكمية تقوم حتى ولو لم يصر بها ،ومنهم من
اعتبرها شركة باألبدان 6أي باألعمال ،بنص االشتراك بين طرفيها أو أكثر على كسب المجهود البدني فيتقاسمون الربح الناتج
. 1إدريس حمادي :تقسيم الممتلكات المحصلة خالل فترة الزواج .أورده الحسين الملكي "نظام الكد والسعاية الجزء الثاني " مرجع سابق ص .91
. 2أسامة رياض :أوردته هند بوشان-مريم بندحو مرجع سابق ص .30
. 3اعتبر األستاذ الصديق بالعربي "الكد والسعاية" حق من نوع خاص ال يمكن دمجه ضمن احد الحقوق والعقود المعروفة وإنما هو حق مستقل بذاته ،وإن كانت
أحكامه تتشابه مع بعض أحكام الشركة فإنها شركة من نوع خاص
4الحسين العبادي :مرجع سابق ص 33
. 5الحسين العبادي :مرجع سابق ص .30
. 6ال تجوز الشركة باألبدان عند المالكية إال بشروط منها :
إتحاد الصنعة
إتحاد العمل
التساوي أو التقارب في العمل .
30
www.sajplus.com
عن الكسب المذكور بنسبة ما يبذله كل شريك.
وإذا كانت أحكام السعاية تقترب من أحكام الشركة ،فإن هذه األخيرة تنتج عن عقد يمكن أن يبرم بين األغيار في حين أن السعاية
ال تنتج عن العقد ،وإنما هي حق متعارف عليه وتقتصر على أفراد األسرة .1
31
www.sajplus.com
1
بناء على ما جرت به العادة والعرف
والفقهاء النوازليون الذين أفتوا في مسألة السعاية كثيرون حيث جاء في كتاب الحسن العبادي " فقه النوازل في سوس " مجموعة
من الفقهاء وقضاة الجماعات في ذلك الوقت 2منهم:
[ ] 1سيدي داود بن محمد التملي التونلي (ت 989هـ) ففي أجوبته التي أجاب فيها على أسئلة تلميذه سيدي الحسين بن داود
الرسموكي ،قال في جواب سؤال ؛ من كانت عنده أخته أو غيرها تشتغل له بشغل يمكن توليته بنفسه أو بأمته أو زوجته ،ثم بعد
ذلك قامت عليه تطلب األجرة ألها ذلك أم ال ؟ فأجاب مستدال بفتوى أبي إسحاق التونسي :نعم لها األجرة ،و به أفتي ،ثم استدل
بحكم عمر في قضية حبيبة بنت زريق زوجة عمرو بن الحارث ...الخ.
وقد تقدمت هذه الفتوى في نماذج من نوازل سيدي داود التملي ضمن نوازليي القرن التاسع عشر.
[ ] 2ومنهم سيدي الحسن بن عثمان التملي (ت932.ه) من نوازليي القرن العاشر ،وقد تعددت أجوبته التي أجاب فيها بأن
استفادا بأيديهما وسعايتهما أمواال ،أن ذلك بينهما على قدر سعايتهما ،وذلك مقيس على المتعاونين بالعمل ،ثم أورد بعض
النصوص ،ونسبها إلى "العتبة" "والواضحة" ،وابن أبي زيد في "النوادر"
[ ] 3ومنهم داوود بن محمد بن عبد الحق التملي التازولتي (ت1013.ه) .قال :فالذي جرى به العمل عند فقهاء المصامدة
وجزولة أن الزوجة شريكة الرجل فيما أفاداه ماال باعتنائهما مدة انضمامهما ومعاونتهما وال يستبد الزوج بما كتبه على نفسه من
األشرية ،بل هي شريكة له فيها باالجتهاد ،والشركة إذا أطلقت تحمل على التساوي .
[ ] 4ومنهم قاضي الجماعة سعيد بن علي الهوزالي (ت1001.ه) ،قال :فالشك أن الزوجة ذات يد وسعاية تشارك زوجها
فيما استفاداه ماال على الوجه المشار إليه بمقلوبه ،وجرى العرف بهذه البالد السوسية كالها هللا تعالى ،واألحكام تنتقل بانتقال
األعراف وقيد محل الحاجة السؤال القاضي سيدي سعيد بن علي الهوزالي.
[ ] 5و منهم عيسى بن عبد الرحمن السكتاني القاضي :سيدي ،جوابكم في شأن امرأة ذات يد وسعاية في مال زوجها المتوفى
عنها ،فأرادت السعاية ،وأراد الورثة دفع الكراء في سعايتها ومال كل طلبة الجبل إلى أن لها األجرة ونريد منكم إعالمنا بما
هو المشهور ،وما قدر كل واحد منهما أو مع األوالد إن كانوا ؟
الجواب :لها حضها مما حصل من عملها بقدر عمل كل واحد ،وأما الكراء فغير مدخول عليه .وهللا أعلم .
[ ] 6ومنهم عبد الرحمن بن محمد التمنارتي القاضي (ت1060.ه) ،وجماعة من المفتين .سيدي "جوابكم في مسألة امرأة
استفادت أمالكا مع زوجها مدة الزوجية بينهما ،هل لها حصتها من ذلك الملك على قدر سعايتها ،أم نصيبها من أثمان تلك
األمالك ؟ أجب في ذلك جوابا شافيا .
أ ـ الحمد هلل إن اشتركا في أصل األثمان فهم في األمالك على نسبتهما ،وإن لم يشتركا فيها بل كانت تخدمه على عادة نساء
الجبال ،وال حق لها في األصل ،فلها أجرة خدمتها على ما يراه أهل المعرفة بذلك من قريتها بعد أن تحلف ما فعلت ذلك
لزوجها لصلة الرحم .انتهى عبد الرحمن التمنارتي .
32
www.sajplus.com
ب ـ الحمد هلل ،وللزوجة المذكورة حصتها من األمالك ،وال يلزمها أخد الثمن إال برضاها ،وهللا سبحانه أعلم .قيده جوابا
أحمد بن سعيد (ت1040 .ه) وعبد الكريم بن الحسن التملي.
1
ج ـ الحمد هلل ،الجواب فيه كفاية لمن بالحق قانع ،قاله أحمد بن سعيد بن عبد الجبار المرابط .
وعليه من خالل هذه النوازل فقد اعترف فقهاء النوازل و األقضية للمرأة المتزوجة بمقابل لعملها ومجهودها ،لجانب زوجها.
ويرى الفقهاء أن كل من ثبت كده وسعيه يستحق مقدار عمله ويراعي في هذا التحديد سن الساعي ، 2كما أجمل البعض العناصر
المكونة لحق الكد والسعاية وحددها في ثالث عناصر أساسية :
* الساعي
* العمل
3
* تكوين الثروة وتنميتها.
ولطبيعة البالد التي يسود فيها هذا العرف دور أساسي في انتشار حق الكد والسعاية وبالخصوص القبائل الجبلية التي تجعل
المرأة نشيطة تقوم بأعمال الحرث والحصاد وجني الثمار واالحتطاب وتربية البهائم والسقي وتربية الدواجن باإلضافة للنسيج
4
والغزل و األكسية وغيرها وفي ذلك تسوية بالرجل .
وقد ثار النقاش حول مدى اعتبر حق الكد والسعاية عرفا يتعارض ومقتضيات الشريعة اإلسالمية حيث استعرض األستاذ
الجابري مضمون بعض الفتاوى التي عثر عليها والتي أفتى فيها بعض فقهاء المجالس من شمال المغرب خاصة بمناصفة المرأة
والرجل في اإلرث وذلك في بعض المناطق التي كانت المرأة تقوم فيها بكل أعمال البيت والفالحة ،بينما كان الرجل يقضي
طيلة يومه في منتزهات الحديث مع أقرانه ،كما أشار إلى نازلة مماثلة صدرت في فتوى بندية الرجل والمرأة في الحقوق
والمواريث أثار ضجة بين علماء تلك الفترة ،غير أن السلطة الشريفة و المخزنية رجحت رأي قائلها لظروف عمل المرأة
5
والرجل على السواء في تلك المنطقة وبالتالي فهو عرف ال يتعارض مع مبادئ الشريعة اإلسالمية.
وكخالصة لهذا المطلب يمكن القول أن حق الكد والسعاية هو حق قد تم إقراره من طرف الشريعة اإلسالمية 6ومن طرف فقهاء
النواز ل وكذا من خالل بعض األعراف المحلية ،وقد تبنى القضاء المغربي نفس التوجه من خالل قرار المحكمة اإلبتدائية
بأكادير ...حيث أكد فيه أن حق الكد والسعاية وإن لم ينظم تشريعيا كمؤسسة قانونية إال أنه يرجع بشأنه إلى العرف المحلي
وكتابة المتقدمين من الفقهاء أما كون الزوجة شريكة الزوج في أشريته فال شك فيه إذا ثبت العرف في البلد تعاونهما " ...إذا
استفاد الزوجان ماال بكدهما وسعايتهما فيما بينهما قياسا على المتعاونين بالعمل ...والزوجة بالبادية تشارك زوجها قدر
. 1بعض النوازل التي أوردها الحسن العبادي مرجع سابق -الصفحات . 420-419-418-417 :
. 2تعتبر طريقة ابن سلمان الجازولي هي المشهورة في تقسيم األموال ،إذ أن من بلغ 14سنة فما فوق يأخذ سهمه كامال ومن بلغ 13سنة يأخذ ثالث أرباع السهم،
ومن بلغ 11سنة يأخذ نصف السهم ،ومن بلغ 9سنوات يأخذ الربت ن السهم وال سهم البن 8سنوات ألنه ال يعتد بكسبه ،ورد في مرجع سابق -هند بوشان -مريم
بندحو ص 35 :
. 3حكم صادر عن المحكمة االبتدائية الدار البيضاء رقم 488/2006بتاريخ 10/10/2006في ملف رقم . 61/2006جاء في حيثياته " ...وحيث إن دعوى الكد
والسعاية دعوى استحقاقية من األصل تستلزم بحجج ثابتة لملكية الكد والسعاية .وتنصب وسائل اإلثبات على بيان المال المستفاد ومساهمة الساعي بعمله في تكوين او
تنم ية ذلك المال وبيان فترة السعي ثم اإلدالء برسم الزواج لمعرفة تاريخ بداية الكسب ورسوم الطالق او الوفاة لمعرفة نهاية الكسب أو رسوم االشرية إلثبات ما زيد
من منقول و عقار أو غير ذلك ....أوردته هند بوشان-مريم بندحو مرجع سابق ص 35
. 4هند بوشان -مريم بندحو مرجع سابق ص 35 :
. 5الحسين الملكي :الجزء الثاني مرجع سابق ص 73
. 6حكم صادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط بتاريخ 15/05/1997في ملف رقم /583غ 96عدد . 439أورده الحسين الملكي الجزء األول ،مرجع سابق ص
.152
33
www.sajplus.com
1
سعايتها وال يستبد الزوج بما عقد لنفسه من األشرية " ...
وعليه فإن المرأة لها الحق في السعاية بقدر العمل الذي قامت به في تكوين وتنمية الثرة الزوجية نتيجة عملها وسعيها جزاء لها
عما قامت به من أعمال ال تلزمها أصال .
كما أن روح الشريعة اإلسالمية 2ومبادئ العدل واإلنصاف تحتم إعطاء المرأة التي ساهمت بعملها في تنمية الثروة المكتسبة
خالل الحياة الزوجية الحصول على نصيب مقابل هذه المساهمة بشكل يضمن لها االستقرار النفسي خالل الحياة الزوجية أو بعد
انفصامها .مادامت أعباء االلتزامات المادية لألسرة أصبحت تقع على الزوجين معا ،على إعتبار أنهما يتساويان في اإلنفاق على
بيت الزوجية ما دام هذا األخير يظل مشتركا بينهما .
المطلب الثاني :حق الكد والسعاية ومقتضيات المادة 49من مدونة األسرة .
لقد كثر الحديث على أن مقتضيات المادة 49من مدونة األسرة ما هي إال تقنين لنظام الكد والسعاية المعمول به في بعض
المناطق المغربية ،حيث أنه كلما ثار الحديث عن مقتضيات هذه المادة إلى وثار موضوع الكد والسعاية ،بل إن األعمال
التحضيرية التي تمت من خاللها مناقشة المادة 49وبلورتها كانت مؤطرة تحت عنوان "موضوع حق الكد والسعاية" وبعض
مداخالت أعضاء اللجنة عند المناقشة كانت تنطلق من موضوع الكد والسعاية كثرات عرفي وفقهي يجب االستفادة منه ،وهناك
من ذهب للقول بأن المادة 49من مدونة األسرة تلتقي مع مقتضيات حق الكد والسعاية ،فإقرار المشرع للمادة نفسها كان
معالجة لإلشكالية التناز ع حول الممتلكات المحصلة أثناء العالقة الزوجية وإعطاء كل زوج الحق المطالبة بنصيب مما ساهم به
في تكوين تلك الممتلكات حتى غياب اتفاق بشأن ذلك ،كما أن تكريس حق الكد والسعاية عرفا وقضا ًء كان مبني على ما يقدمه
هذا الحق من حل متميز إلشكالية تنازع السعاة بخصوص أموال األسرة التي ساهموا في تكوينها وتنميتها وبعملهم وجهدهم.3
وإذا كان هذا الرأي قد حاول التأكيد على ارتباط مقتضيات المادة 49بحق الكد والسعاية واعتبارها تكريسا تشريعيا لهذا الحق ،
4
فهنا يطرح التساؤل حول مدى تبني المادة 49من مدونة األسرة كأساس لمفهوم هذا األخير.
ولمعالجة هذا اإلشكال اخترنا تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين نخص األولى بنطاق التطبيق من حيث المكان والثانية بنطاق
التطبيق من حيث الزمان .وفي خضم الحديث عن نطاق تطبيق "نظام الكد والسعاية " من حيث الزمان والمكان سنبرز مدى
اعتبار مقتضيات المادة 49من مدونة األسرة تقنينا لنظام الكد والسعاية.
. 1حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بأكادير بتاريخ 26/12/1981رقم 221ورد لدى .هند بوشان-مريم بندحو مرجع سابق ص .36
. 2لتوسع اكثر في هذه النقطة راجع ،عمر المزكلدي مرجع سابق -ص 60وما بعدها.
. 3عمر المزكلدي .مرجع سابق ص.46-45 :
. 4هند بوشان-مريم بندحو ص.37 :
34
www.sajplus.com
إذا كانت ترتكز على عنصر الم كان في إجراء العمل بها ،أم أن هذا األخير ال يشكل سوى عنصرا ثانويا على اعتبار أن العمل
وبذل الجهد في مراكمة الثروة األسرية هو أساس إجراء العمل بمقتضيات هذا األخير .1
ونظام الكد والسعاية كما يفهم من نصوص الفقهاء هو نظام خاص نشأ مستندا على العرف المحلي الخاص .2ولقد ذهب بعض
فقهاء المالكية إلى أن االستفادة من مقتضيات وأحكام السعاية هي خاصة من خواص نساء البادية ذلك ان جل الفتاوى التي
كرست هذا الحق إنما هي فتاوى تتعلق بحياة البادية ومعامالتها.
ففتوى احمد ابن عرضون المشهورة إنما كانت في شأن المرأة التي تخدم مع زوجها في الدرس والحصاد يقول الناظم :
وخدمة النساء في البوادي ...لزوج والدرس والحصاد
قال ابن عرضون لهن قسمة ...على التساوي بحساب الخدمة
كنا إن فتوى أخيه محمد ابن عرضون ،ومن قبله الشيخ القوري ،وابو القاسم بن خجو وغيرهم كل هؤالء ،إنما كان إفتاؤهم في إ
3
جراء العمل بحق الكد والسعاية مرتبطا بحدود المجال القروي دون أن يتعداه.
بل إن هناك من الففه من أكد صراحة على أن حق الكد والسعاية إنما يجري العمل به في البادية دون الحاضرة ويستشف ذلك من
فتوى ونوازل متعددة منها ما جاء في فتوى ألبي إسحاق التونسي 《 إن الزوجة في البادية تشارك زوجها على قدر سعايتها
4
.....ونساء الحاضرة بخالف ذلك ألنهن للفراش 》.
أما على المستوى القضائي ،فقد ذهبت محكمة االستئناف بأكادير إلى أن العمل بمقتضيات حق الكد والسعاية إنما هو مقتصر
على األشخاص القاطنين بالبادية دون الحاضرة حيث جاء في حيثيات القرار " ....وحيث أن االجتهادات المدلى بها من طرف
المستأنفة ،تخص الزوجة العاملة مع زوجها في البوادي وال تنطبق على الزوجة القاطنة بالمدينة سواء كانت عاملة أو
5
محتجبة ،وبذلك تبقى تلك النظريات غير مقيدة لها في الدعوى ".
وفي نفس السياق ذهبت ابتدائية الرباط إلى أن " القاعدة الفقهية القائلة بمبدأ حق الكد والسعاية هو مجرد عرف مقصور على
نساء البوادي .وحيث إن المدعية من مدينة الرباط وهي منطقة حضرية معروفة وأن العرف فيها ال يأخذ بالمبدأ المؤسس
6
عليه الدعوى ".
وفي نفس االتجاه سارت فيه ابتدائية مراكش معللة حكمها " بأن النازلة موضوع الدعوى تتعلق بحق الكد والسعاية المستمدة
من األعراف المحلية لمنطقة سوس ماسة وان تطبيق العرف يتميز بطابع الحصرية المكانية والتحديد الجغرافي ومن ثم فإنه
7
ال يمكن تطبيقه على أناس يعيشون في مدار حضري خارج منطقة سوس ماسة حسب االجتهاد القار للمجلس األعلى" .
35
www.sajplus.com
وبهذا يتضحان الزوجة الحضرية ال تستحق مقال سعايتها بحجة أنها للفراش وال تساهم في تنمية اماول زوجها ،العتبار إعمالها
تدخل ضمن دائرة المعاشر الزوجية ،ودورها في تنمية أموال األسرة يبقى محدودا وغير فعال باعتبارها أعمال عادية وال
توصف بالشقاء و الكد عكس ما تقوم به المرأة البدوية من قسوة و مشقة وعناء في تدبير أمور األسرة.1
وما يالحظ انه إذا كانت مقتضيات الكد والسعاية تخص الزوجة في البادية فقط كما سلف معنا 2،فإن الفقرة األخيرة من المادة
49من م.أ تشكل نظام عام شامل لكل الحاالت التي ال يكون فيها اتفاق بشأن تدبير أموال األسرة سواء تعلق األمر بنساء البادية
والحاضرة ،فضال على أن النوازل تتحدث عن العمل ألفالحي في الحقول والماشية ،أما المادة 49فهي تحدد العمل في كل
مجهود وعبء يساهم في تنمية مال األسرة وهو ما يشمل أعمال الكد والسعاية وكل نشاط آخر يحقق كذلك نفس الغاية حيث إنها
لم تميز بين النساء واعتبرت أن جميعهن لهن دور في تنمية أموال األسرة من خالل المجهودات المقدمة من طرفهن.
وما يجب اإلشارة إليه أيضا أن النوازل تتحدث عن العمل في مال الزوج المحصور في األرض الزراعية التي تساهم الزوجة
في فالحتها وتربية الماشية وعشبها .وذلك بخالف ما هو وارد في المادة 49من مدونة األسرة حيث إنه قد يكون هذا المال
مملوكا للزوج أو مملوكا للزوجة أو هما معا ،وقد يكون من فصال عن مال كل واحد منهما مكتسبا من نشاطهما المشتركة خالل
الحياة الزوجية. 3
. 1مؤلف جماعي لطلبة بحث حول حق الكد والسعاية المادة في المادة 49من م.أ بمكناس2010/2011 .
. 2هناك اتجاه آخر يستبعد أي تمييز بين البادية والحاضرة بخصوص نطاق تطبيق الكد والسعاية وهو ما نستبعده من خالل رأينا المتواضع لكون حق الكد والسعاية
هو عرف محلي والقاعدة في العرف " أن العرف يبقى محدود الزمان والمكان " إذ ال يمكن نقله إلى مكان غير المكان الذي يجري العمل به كعرف حتى ولو تحققت
الشروط المادية لجريانه.
. 3هند بوشان -مريم بندحو :مرجع سابق ص 39
36
www.sajplus.com
فإنها تأخذ سعايتها فيما زادت من البهائم بقول أهل المعرفة " 1.ويتبين مما سبق أن هناك من أفتى للزوجة باستحقاق مقابل
السعاية في حالة الطالق وهناك من أفتى لها باستحقاقه في حالة وفاة زوجها عنها وترملها منه أي البد إن تكون العالقة الزوجية
منقطعة بين الطرفين أما بالطالق أو الوفاة ،وقد ساير هذا األمر المجلس األعلى حيث أكد في احد قراراته بأن " ...على
المحكمة أن تراعي في شأن الكد والسعاية للزوجات المتوفى عنهن أو المطلقات كما نص عليه الفقهاء في فتاويهم وأحكامهم
في الموضوع" 2.وأيضا هو ما أكدته المحكمة االبتدائية بالمحمدية في حكمها3 ،حيث جاء في حيثيات الحكم " ....وحيث انه
وفضال عما ذكر أعاله فإن الطلب المبني على نظام الكد والسعاية ال يقوم إال إذا كانت العالقة الزوجية منقطعة بين الطرفين
الشيء الذي ال يتوفر في نازلة الحال الستمرار العالقة بين الطرفين ".
و بقراءتنا لمقتضيات المادة 49من مدونة األسرة يتضح انه يجب التمييز بين حالتين :
-1حالة االتفاق على استثمار األموال التي ستكتسب أثناء قيام العالقة الزوجية وتوزيعها وتحديد ضمن هذا االتفاق زمن مطالبة
كل زوج بحقه ،فإنه يتم االحتكام إلى العقد على اعتبار العقد شريعة المتعاقدين.
-2في حالة عدم االتفاق على تدبير األموال المكتسبة أو أن يتم االتفاق دون تحديد وقت المطالبة بهذا الحق.
إن المادة 49لم تحدد زمن المطالبة بحق أحد الزوجين في األموال المكتسبة ،4وكذلك لم تربط هذا الحق بانقطاع العالقة
الزوجية سواء بالطالق أو الوفاة ،وفي غياب تحديد نطاق تطبيق المادة 49من حيث الزمان فإنه يقضى ألحد الزوجين يحقه في
هذه األموال في جميع الحاالت سواء حالة انقطاع العالقة الزوجية أو بقائها قائمة.
وهو ما أكدته محكمة االستئناف بالجديدة حيث قضت بأن " ....المادة 49من مدونة األسرة المنظمة لألحوال المالية بين
الزوجين ،وهذه المقتضيات تعتبر نصا تشريعيا عاما يجب العرف المتعلق بحق الكد والسعاية ذي الطابع المحلي .....فليس
هناك ما يمنع االحتكام لذلك العرف ألن تلك المادة مع إمكانية مفتوحة للزوجين معا ،على ما يتضح من عموم مقتضياتها
5
وسواء أثارت تلك النزاعات المالية أثناء اتصال العالقة الزوجية أو بعد انفصام عرها "...
وفي الختام نشير إلى أن القول بتقنين حق الكد والسعاية في إطار المادة 49من مدونة األسرة يبقى نسبيا ،ذلك ان قاعدة استقالل
الذمة المالية التي أوردها المشرع المغربي كأصل في إطار المادة 49لم يأتي بها العرف المحلي بل هي متأصلة في القرآن
والسنة ،واستثناءا من هذه القاعدة خول المشرع إمكانية االتفاق على تدبير األموال المكتسبة أثناء الحياة الزوجية وهذا لم يشر له
العرف المحلي في المناطق السائد فيها نظام الكد والسعاية ألنه خاص ببعض األقاليم ،وألن عمل الزوجة ليس قاصرا على العمل
الشاق المعبر عنه بالكد والسعاية.
وبهذا تكون المادة 49من مدونة األسرة تجاوزت المفهوم الضيق للكد والسعاية باعتبارها المال المكتسب أثناء العالقة الزوجية،
37
www.sajplus.com
حيث دعت المادة إلى االتفاق على اس تثماره و توزيعه في حالة غياب االتفاق بالرجوع للقواعد العامة لإلثبات ،مع مراعاة ما بيد
كل زوج من حجج وما بذله من مجهودات وما تحمله من أعباء لتنمية أموال األسرة .
الزوجي
ر الثائ :طرق إثبات المساهمة يف ر
تدبي الموال المكتسبة ربي ي المبحث
إن تدبير األموال المكتسبة من لدن الزوجين خالل فترة الزوجية من الموضوعات التي تم االحتفاظ لها بقاعدة استقالل
الذمة المالية لكل واحد منهما ،مع إقرار مبدأ جواز االتفاق على تدبير أموالهما في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج ،لوضع إطار
لتدبير أموالهما المكتسبة خالل هذه الفترة ،و هذا هو المقتضى القانوني الذي حملته المادة 49من مدونة األسرة ،و يرى جانب
من الفقه إن هذه المادة ما هي إال تكريس للنقاش الذي دار حول الكد و السعاية.1
و هكذا يعتبر موضوع إثبات الحق في األموال المحصلة أتناء الحياة الزوجية من الموضوعات التي تثير مجموعة من
اإلشكاالت ،سواء في حالة وجود عقد لتدبير هذه األموال (المطلب األول) ،كما انه حتى في حالة عدم وجود اتفاق ،فهنا يثار
إشكال أخر سنتطرق له في (المطلب الثاني). 2
المطلب األول:حالة أٳلتفاق على تدبير األموال المكتسبة خالل فترة الزوجية
بعد التنصيص على استقالل الذمة المالية لكل واحد من الزوجين ،تطرقت مدونة األسرة إلى مسألة هامة في حياتهما و
هي إمكانية اتفاقهما على تدبير األموال التي ستكتسب أتناء قيام العالقة الزوجية ،تم االتفاق على استثمارها و توزيعها مع توثيق
هذا اٳلتفاق في عقد مستقل عن عقد الزواج تفاديا للنزاعات التي كانت تحدتها سابقا ،نتيجة عدم البث في أمر هذه األموال مند
3
البداية
و لهذه األسباب أصبح العقد المالي ذو أهمية كبرى ،و بالتالي فانه يطرح السؤال حول نسبة إقبال األزواج على إبرام هذا
العقد (الفقرة األولى) ،تم حجية االتفاق و سلطة المحكمة التقديرية (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :مدى تفعيل االتفاق على تدبير األموال المكتسبة بين الزوجين
من الناحية الواقعية ،إن مسالة االستفادة من الثروة المكتسبة أتناء الحياة الزوجية ،تطرح بالنسبة للزوجة اكتر مما
تطرح بالنسبة للزوج،فنادرا ما تلجأ الزوجة إلى إبرام عقد لتدبير األموال التي ستكتسب أتناء قيام العالقة الزوجية لضمان
. 1الممارسة القضائية للمادة 49من مدونة األسرة المتعلقة باقتسام األموال المكتسبة بين الزوجين ،رسالة لنيل الماستر المتخصص في ̋المهن القضائية و القانونية ̏
جامعة محمد الخامس السويسي سنة _ 2006الصفحة 4̵ 3
. 2خديجة البوهالي،اٳلتبات في قضايا األسرة بين النص القانوني و االجتهاد القضائي ،بحث لنيل شهادة الماستر،جامعة المولى إسماعيل ،كلية العلوم القانونية و
االقتصادية و االجتماعية مكناس لسنة 2011 _ 2010الصفحة 157
. 3عبد السالم الزياني ،ضمان حقوق الزوجية في األموال المكتسبة بعد الزواج و مدى فعاليته في تحقيق التنمية ،عرض شارك به في الندوة الوطنية المنظمة من
طرف مجموعة البحث في األسرة و التنمية ،شعبة القانون الخاص بكلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية بمكناس تحت عنوان ̋ األسرة بين التشريع و
القضاء و متطلبات التنمية ̏ يومي 26 _ 25ماي 2007ص 176
38
www.sajplus.com
حقوقها،و ذاك العتبارات اجتماعية و أخالقية (الحشمة_الغفلة_الجهل )...كما إن ظروف الحياة العادية ال تقتضي التفكير في
األسوء ،1بل تقوم على الثقة و ٳيثار كل واحد لصاحبه ،لذلك تأبى الزوجة و تنأى عن توفير األدلة مند بداية الزواج.
و بالرغم من أن المادة 49حددت كيفية حماية الزوجة لحقها ،فٳن الممارسة العملية تثبت قلة إقدام الزوجين على إبرام
هدا العقد ،و ربما يعود ذلك لكون هذا النوع من االتفاقات بقي غير مألوف لدى النساء ،و بالرغم من علمهن انه بمثابة ضمانة
حمائية لهن ضد أي طارئ قد يحدث في المستقبل ،يحرمهن من حق تم ٳكتسابه أتناء الحياة الزوجية ،بل إن البعض يعتقد أن
هدا المقتضى سيمس بالثقة المفترضة بين الزوجين ،و بالتالي قد ينعكس سلبا على حياتهما الزوجية .2
باإلضافة إلى ما سبق ذكره ،فان بعض األزواج يتخوفون من إبرام هذه الوثيقة حتى ال تصبح الزوجة تستعملها كسالح
ضد الزوج في أي لحظة مما يجعل الحياة الزوجية تتسم بعدم االستقرار ،3و هذا خير دليل على قلة لجوء المقبلين على الزواج
إلبرام هدا العقد المالي و الذي تبقى نسبة إبرامه قليلة مقارنة مع عدد عقود الزواج التي تبرم (أوال) ،و دلك راجع لمجموعة من
المعيقات (ثانيا).
أوال :نسبة اإلقبال على إبرام العقد المالي بين الزوجين
نص المشرع المغربي في المادة 49على إمكانية إبرام اتفاق لتدبير األموال المكتسبة بين الزوجين في وثيقة مستقلة عن
عقد الزواج،4و بالرغم من جهود المشرع لتنظيم هذا العقد المالي و حماية حقوق األزواج ،فٳن العقود المبرمة في هدا المجال
تبقى جد هزيلة على المستوى الوطني ،و هذا ان دل على شيء إنما يدل جهل األزواج بمضامين المادة 49من مدونة األسرة
رغم مرور سنين على دخولها حيز التطبيق .5
و بالرجوع إلى اإلحصائيات الصادرة عن وزارة العدل الخاصة بعدد وثائق االتفاق على تدبير و توزيع األموال
المكتسبة أثناء قيام العالقة ا لزوجية التي تم انجازها خالل الفترة الممتدة ما بين تاريخ صدور المدونة إلى غاية متم سنة ،2013
أي خالل عشر سنوات فقط أعطت النتائج التالية :
. 1عبد القادر قرموش ،الدور القضائي الجديد في قانون األسرة المغربي،دار النشر المعرفة ،مطبعة المعارف الجديدة بالرباط ،طبعة 2013ص 163
. 2خديجة البوهالي ،اٳلثبات في قضايا األسرة بين النص القانوني و االجتهاد القضائي ،مرجع سابق ص 163
. 3عادل ادحمين ،قراءة في تجربة القضاء األسري بالمغرب ،بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،جامعة المولى إسماعيل ،كلية العلوم القانونية و
االقتصادية و االجتماعية بمكناس سنة 2010_ 2009ص 131
. 4جاء في الفقرتين األولى و الثانية من المادة 49من مدونة األسرة ما يلي ̋:لكل من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة األخر غير انه يجوز لهما في إطار تدبير
األموال التي ستكتسب أثناء الحياة الزوجية ،االتفاق على استثمارها و توزيعها ،و يضمن هذا االتفاق في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج ̏
. . 5خديجة البوهالي ص 165
39
www.sajplus.com
وثائق تدبير األموال المكتسبة خالل قيام الزوجية 2004-2013
2013 2012 2011 2010 2009 2008 2007 2006 2005 2004 السنوات
1520 641 609 139 487 626 900 424 295 312 عدد وثائق
االتفاق على
استثمار
األموال
خالل الحياة
الزوجية
137.13% 5.25% 338.1% -71.5% -22.2% -30.4 112.3% 143.7% -5.4% - نسبة التغير
و يالحظ من خالل هذه األرقام إن تطور عدد وثائق تدبير األموال المكتسبة خالل فترة الزوجية مل بين سنة 2004و ،2013لم
يتجاوز العدد 900وثيقة كحد أقصى سجل خالل سنة ،2007في حين لوحظ أن أدنى حد تم تسجيله كان سنة 2010بعد أن بلغ 139
وثيقة فقط ،و خالل بقية السنوات األخرى عرف هدا العدد تدبدبا واضحا يتراوح بين أٳلارتفاع و االنخفاض ،ٳذ لوحظ ما مجموعه 312
وثيقة سنة ، 2004و 295وثيقة سنة ،2005في حين عرفت سنة 2006انجاز 424وثيقة ،لتسجل السنة التالية 2007ٳنجاز أكبر
عدد من هذه الوثائق حيت وصل إلى 900وثيقة ،غير أن هذا العدد سيتراجع خالل السنوات الموالية إلى 626سنة ،2008و إلى 487
سنة 2009وثيقة اتفاق،و يزداد ارتفاعا سنة 2012بعدد وصل إلى 641غيران هذا الرقم سيشهد قفزة نوعية خالل سنة 2013
بتسجيله ارتفاعا على درجة كبيرة من األهمية بعدد وصل إلى 1520وثيقة .
و ما يمكن ٳاستنتاجه من خالل هذه اإلحصائيات ،أن عدد وثائق تدبير األموال التي تم ٳنجازها خالل العشر سنوات من
عمر المدونة ،يبقى متواضعا مقارنة برسوم الزواج المبرمة خالل نفس الفترة ،و هو ما يظهر بجالء من خالل الجدول
التالي :
مقارنة وثائق االتفاق على استثمار األموال خالل الحياة الزوجية مع رسوم الزواج 2013-2004 :
2013 2012 2011 2010 2009 2008 2007 2006 2005 2004 السنوات
306533 311581 325415 313356 314400 307575 رسوم الزواج 297660 272989 244795 236574
1520 641 609 139 487 626 900 424 295 312 عدد وثائق
االتفاق على
استثمار
األموال خالل
الحياة
الزوجية
137.13% 5.25% 338.1% -71.5% -22.2% -30.4 112.3% 143.7% -5.4% - نسبة التغير
40
www.sajplus.com
ما يالحظ من خالل هده المقارنة هو عدم وجود إقبال من طرف األزواج على تفعيل مقتضيات المادة 49حول كيفية تدبير
1
األموال التي سيتم اكتسابها أو تنميتها خالل قيام العالقة الزوجية.
ثانيا :معيقات التدبير التعاقدي ألموال الزوجين
إن اإلقرار القانوني لحق الزوجين في إبرام العقد المالي ال يمكن أن يجد صداه لدى المواطنين ٳذ لم يكن مصحوبا
بإجراءات على مختلف المستويات ،و تكون بمثابة عراقيل تحول دون إبرام هذا العقد المالي ،و من بين هذه العراقيل غياب
الوعي القانوني باإلضافة إلى عدم التحسيس بمقتضيات المادة 49من مدونة األسرة.
و المالحظ أن المطالبة بهذا الحق بعد دخول مدونة األسرة حيز التنفيذ ،يقتصر خصوصا على المناطق التي كانت تعرف
بشكل عام تطبيق نظام الكد و السعاية ،تم إن عدم قيام بعض العدول بإشعار الزوجين أتناء إبرام عقد الزواج بمقتضيات المادة
49من مدونة األسرة ،و تغاضيهم عن هذه المهمة المنوطة بهم بموجب المادة المذكورة يعتبر سببا لقلة االتفاقات المبرمة في
3
هذا اإلطار ،و هو ما يفسر قلة الدعاوي الرامية إلى المطالبة بنصيب من األموال المكتسبة خالل الحياة الزوجية.
ب)غياب الوعي القانوني :
إذا كان المشرع قد جعل من التحسيس بمقتضيات المادة 49من مدونة األسرة آلية فعالة لتطبيقها على ارض الواقع ،فٳن
االتفاقات في هذا المجال قليلة ،و ذلك راجع إلى العادات و التقاليد الغير المنطقية السائدة داخل المجتمع ،بحيث يجد الزوجان
حرجا في إبرام اتفاق بينهما لتحديد كيفية تدبير أموالهما خالل فترة الزواج ،بل و يرفضان أتناء إبرام عقد الزواج التطرق ألية
مسألة تخ ص هذا الموضوع ،ذلك لما قد يمس بالثقة المفترضة بين الزوجين مما يشكل عرقلة لدور العدول في هذا الصدد.
و هذه التساؤالت تجد تبريرها من جهة في ما هو سائد من أعراف و تقاليد ضلت تنظم العالقة الزوجية مند سنين حتى ترسخت
في الالوعي الجماعي للمجتمع المغربي ،و بالتالي أصبحت ترفض كل جديد و لو كان في مصلحة الزوجين ،حيث إن التمسك
بإبرام هذا العقد مند بداية الزواج يولد االشمئزاز لدى الزوج األخر.
. 1وزارة العدل و الحريات ̋القضاء األسري̏:الواقع و األفاق عشر سنوات من تطبيق مدونة األسرة ،دراسة تحليلية إحصائية ، 2013_2004ماي 2014ص
74_ 73:
. 2ب الملكي الحسين̋ نظام الكد و السعاية ̏ ،الجزء الثاني ،نماذج من ألترات الفقهي المغربي ،مطبعة دار السالم الطبعة األولى سنة 2001ص .78
. 3مونية ألغمري منير ̋،المادة 49من مدونة األسرة :أية حماية لحق المرأة في األموال المكتسبة خالل الحياة الزوجية ̏؟ مقال منشور بالمجلة المغربية لألنظمة
القانونية و السياسية ،عدد 10سنة أكتوبر 2016ص 62_61
41
www.sajplus.com
وهذا ما يشهد به الواقع ،إذ نادرا ما تلجأ الزوجة إلبرام اتفاقية لضمان حقوقها ،و ذلك العتبارات اجتماعية و أخالقية ،
كم ا إن اإلقبال على إبرام العقد المالي يبقى بنسبة جد متواضعة ،و خير دليل على ذلك اإلحصائيات الصادرة عن وزارة
العدل،1
كما سبقت اإلشارة إلى أن العقد يبرم من طرف العدالن فانه ال يمكن الطعن فيه إال بالزور ،و هذا فيما يخص ما قام به العدالن
أو الموثق في حدود المهمة المسندة إليهما من التلقي و التحرير وفق الشروط المحددة قانونا ،إما موضوع هذا اٳلتفاق فانه يبقى
صحيحا إلى أن يطعن صاحب المصلحة فيه بالطرق المقررة في قواعد اإلثبات .
كما سبقت اإلشارة فان هذا العقد يعتبر حجة قاطعة في مواجهة المدعى عليه ،إال أنه قد تتار مجموعة من اإلشكاالت حتى في
حالة وجود هذا العقد المالي ،حيث قد يدعي احد الزوجين أن نصيبه في األموال المكتسبة يتجاوز ما هو مضمن بالمقرر ،فهل
يستطيع ٳثبات ذلك3؟
بالرجوع إلى القواعد العامة ،فإننا نجد أن الفصل 444من قانون االلتزامات و العقود ال يجيز شهادة الشهود لٳلتبات أكتر
مما ضمن بالدليل الكتابي ،لكن خصوصية المجال األسري جعلت القضاء المغربي يأخد بجميع وسائل االتبات ،بما في ذلك
شهادة الشهود و القرائن باعتبارها واقعة قانونية استثنتها الفقرة األخيرة من الفصل 444من قانون االلتزامات و العقود ،كما أن
فسح المجال ألحد الزوجين ٳلثبات اكتر مما هو وارد باٳل تفاق قد يحد من التصرفات الصورية التي يلجأ لها بعض األزواج
إلخفاء ممتلكاتهم .4
كما سبقت اإلشارة إليه سابقا ،إن العقد الذي يحرر في ورقة رسمية فانه يعتبر حجة قاطعة تجاه الغير ،إال انه يمكن للمدعي أن
يؤسس دعواه على انه قد شاب ٳ رادته عيب من عيوب اإلرادة أو أن يتم الطعن في هده الحجة من صاحب المصلحة بالزور ،و
تجدر اإلشارة إلى انه ٳذا تبتت زورية هذا اٳل تفاق فان المحكمة تستبعده من الدعوى ،أما ٳذا حرر هذا االتفاق في وثيقة عرفية و
األسرة ،بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص :قانون األسرة و الطفولة سنة 2005
̏ . 1محمد اقاش ̋،النظام المالي للزوجين على ضوء مدونة
_ 2006ص 105
الزوجين مقال منشور بالندوة الجهوية الثانية بالقصر البلدي بمكناس في 9_8مارس 2007تحت
̏ االنصاري :اإلطار التطبيقي لشروط االتفاقية بين
̋ . 2عبد اللطيف
عنوان قضايا األسرة من خالل اجتهادات المجلس األعلى ،ص 96 ̋
الزوجين .مقال منشور بمجلة قضاء االسرة العدد 4
̏ . 3خالد الكتاري ̋ :التطبيق القضائي لمقتضيات المادة 49من ندونة االسرة المتعلقة بتوزيع االموال المكتسبة بين
_ ، 5في فبراير 2009ص 74 _ 73
الزواج ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة ،سنة ̵ 20082007ص .99-98-̏ الشافعي ،تدبير االموال المكتسبة اتناء
̋ . 4حفيظة
42
www.sajplus.com
أقر بها المدعى أ عتبرها القضاء في حكم الورقة الرسمية حينئذ ،أما إذا أنكرها ،كان ينكر توقيعه فان االتفاق يفقد حجيته ،و
يتعين على من يتمسك بصحته،و أثباتها بشتى الوسائل و التي من أهمها مسطرة تحقيق الخطوط ،لكن عند استبعاد المحكمة
االتفاق المحرر في وثيقة عرفية فٳن المدعي يلجأ كذلك إلى القواعد العامة لٳلثبات كما هو مقرر في الفقرة األخيرة من المادة
49من المدونة .1
و تجدر اإلشارة إلى انه نادرا ما تطرح إشكاالت كهذه على المحاكم و مع ذلك سنتطرق ألحد األحكام التي تسير في نفس
اٳلتجاه ،حيث جاء في قرار صادر عن محكمة االستئناف بأكادير،2رقم ،1060في ملف عدد ، 95 ̸ 200بتاريخ ̸ 04 ̸ 02
96حيث جاء فيه أن رسم السعاية المقدم كوسيلة إثبات ال يشكل حجة كافية إال إذا تضمن اإلشارة إلى النظام المالي للزوجين و
درجة مساهمة الزوجة و شراكتها في مال الزوج.
المطلب الثاني :مصير األموال المكتسبة خالل فترة الزوجية في حالة عدم االتفاق بشأنها .
ال شك انه من أعقد المشاكل التي تثار بعد انتهاء العالقة الزوجية إثبات األموال التي تم تحصيلها أثناء الزواج.
حيث يثار النزاع بين الزوجين حول أحقية كل واحد منهما في األشياء الموجودة داخل بيت الزوجية و قد يمتد النزاع فيطال
ملكية العقارات المجودة خارج البيت خاصة إذا تم اكتسابها باشتراك الزوجين مما يفتح الباب أمام المدعي إلثبات ملكية ما
يدعيه ،و لقد اقر المشرع المغربي في المادة 49من مدونة األسرة بعض العناصر األساسية لتكوين األموال األسرية ،و أوردها
على سبيل المثال ال الحصر تاركا ما لم يورده لالجتهاد وفق المادة 400من مدونة األسرة ،و هكذا تم التنصيص على انه عند
عدم وجود اتفاق بين الزوجين يراعى بشأن الثروة المكونة خالل الزواج عمل كل واحد من الزوجين دون تحديد لنوعية العمل
أو استثناء أي نوع من العمل.3
وعليه سنتطرق لقواعد إثبات المساهمة في أموال األسرة في حالة عدم وجود اتفاق -الفقرة األولى -و المنازعات المرتبطة
بإثبات المساهمة في العقار -الفقرة الثانية-
الفقرة األولى :إثبات المساهمة في تنمية أموال األسرة في حالة عدم وجود اتفاق
بالرجوع للفقرة األخيرة من المادة 49من مدونة األسرة ،4نجدها تحيل على القواعد العامة لإلثبات مع مراعاة عمل كل
واحد من الزوجين ،لكن المشرع لم يحدد طبيعة القواعد العامة لإلثبات و ال مصادرها ،كما أن االستعانة باألعمال التحضيرية
للمادة ال تسعف في بيان إرادة المشرع بخصوص هذه النقطة ،و لذلك فقد نتج عن تفسير و تحليل و تطبيق هذا المقتضى من
الناحية الفقهية و القضائية عدة آراء و تأويالت لكل مبرراته و حجيته.5
. 1خالد الكتاري ̋ :التطبيق القضائي لمقتضيات المادة 49من مدونة اآلسرة المتعلقة بتوزيع األموال المكتسبة بين الزوجين̏ ،مرجع سابق ص ̵ 7473
. 2قرار صادر عن محكمة االستيناف باكادير،رقم ، 1060في ملف عدد ، ̸ 95200بتاريخ ، 1996-02-04قرار أورده بالحسن المالكي مرجع سابق ص .69
الزواج ،مرجع سابق ص 94̏ الشافعي ،تدبير األموال المكتسبة أتناء
̋ . 3حفيظة
. 4الفقرة األخيرة من المادة :̋ 49ٳذ لم يكن هناك ٳتفاق فيرجع للقواعد العامة لٳلثبات ،مع مراعاة عمل كل واحد من الزوجين و ما قدمه من مجهودات و ما تحمله من
األسرة .
̏ أعباء لتنمية أموال
. 5إدريس الفاخوري ̋:قانون اآلسرة المغربي ،أحكام الزواج ̏ ،منشورات مجلة الحقوق ،الجزء األول ،ص304
43
www.sajplus.com
أوال:اإلثبات وفق القواعد العامة :
من خالل الفقرة األخيرة من المادة 49من مدونة األسرة نجدها تحيل على القواعد العامة لٳلثبات عند المنازعة بشأن هذه
الممتلكات األسرية في حالة عدم وجود ٳتفاق على تدبيرها ،و ذلك لعدة ٳاعتبارات ٳما ألن مواردهما معا ليست ذات بال ،و ٳما
ألن األنفة او حسن نية تحول دون ذلك،ففي هذه الحالة فٳن المحكمة تطبق القواعد العامة لإلثبات،1
و نشير أيضا ،أنه حتى في حالة وجود وسيلة ٳثبات التملك في ٳسم أحد الزوجين ،فٳن ذلك قابل للنقاش بناءا على عبارة
̋ مع مراعاة عمل كل واحد من الزوجين و ما قدمه من مجهودات و ما تحمله من أعباء ̏ ،مما يجعل الحجة المعتمدة في إطار
موضوع األموال األسرية غير متسمة بالحجة القطعية ،و قد تكون مجرد قرينة قابلة إلثبات العكس،2
و حسنا فعل المشرع بإضافة تلك العبارة ،الن اإلثبات وفق القواعد العامة قد تثار بشأنه مجموعة من الصعوبات ،
خاصة ا نه قليال ما تستفيد الزوجة من حقها و ذلك لعدم استطاعتها الحصول على هده الوسائل الكافية إلثبات هدا الحق،و التوجه
السائد بخصوص تطبيق المادة 49من مدونة األسرة هو رفض الطلب بحجة أن الملف تنقصه وسائل اإلثبات ،ففي حكم صادر
عن المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء ،3في حكم رقم ،3858في ملف عدد ، 07 ̸ 33 ̸ 1832بتاريخ ،2007 ̸ 07 ̸ 25
قضت فيه بعدم القبول وفق الحيثيات التالية :و حيث تقدمت المدعية بمقالها أمام المحكمة تلتمس فيه الحكم بتحديد نصيبها في كل
الممتلكات في حدود النصف ،و أسست طلبها على أنها ساهمت بكدها و سعايتها لمدة 16سنة من الزواج .
وحيث دفع المدعى عليه انه اكتسب ثروته عن طريق توفيرها من عمله لسنين ،و حيث أن المدعية لم تثبت مساهمتها المادية في
تنمية األموال األسرية و حيث أن المادة 49تؤكد على انه لالستفادة من األموال المشتركة وجب اإلدالء بالعقد الكتابي أو اإلثبات
عن طريق الوسائل العامة لإلثبات ،وبالتالي فان لم تتمكن الزوجة من إثبات ما تدعيه ،فالمحكمة بناءا عليه ال يسعها سوى
اعتبار طلبها غير مؤسس و يتعين عدم قبوله .
و تجدر اإلشارة إلى انه و طبقا للمادة 49من مدونة األسرة ،فان المدعي يتعين عليه إثبات األمور اآلتية :
●تحديد األموال المكتسبة أثناء الزواج و التي أعطاها المشرع وصفا خاصا:أموال أسرية ،و هو وصف يصعب إثباته
بحسب طبيعة األموال .
●إثبات العمل و نوعيته و مردوديته و مدى المساهمة فيه.
●إثبات ما تم تقديمه من مجهودات لتكوين او تنمية األموال األسرية.
4
●إثبات ما تحمله من أعباء لتنمية هذه األموال .
. 1حياة الصابري ̋،تدبير األموال المكتسبة بين النص القانون ي و العمل القضائي̏،بحث نهاية التكوين في المعهد العالي للقضاء ،سنة ، ̵ 20152013ص 28
الزواج ،مرجع سابق ص95
̏ الشافعي ،تدبير األموال المكتسبة أتناء
̋ . 2حفيظة
. 3حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء ،³في حكم رقم ،3858في ملف عدد ، ̸ 33 ̸ 071832بتاريخ ، ̸ 07 ̸ 200725قرار منشور برسالة لنيل الماستر
المتخصص في المهن القضائية و القانونية،الفوج األول سنة ، ̵ 20082006ص 18-17
. 4خديجة البوهالي ،اٳلتبات في قضايا األسرة بين النص القانوني و االجتهاد القضائي ،مرجع سابق ،ص 167
44
www.sajplus.com
تم إن وسائل اإلثبات المحددة من خالل الفصل 404من قانون االلتزامات و العقود ،1جاءت على سبيل الحصر و
ليس المثال و تتمثل في :اإلقرار أي الذي يصدر عن الخصم و الذي يعتبر أقوى وسيلة إثبات ،تم الحجة الكتابية و الشهود التي
يدلي بها المدعي مع إمكانية إثبات عكسها من طرف المدعى عليه ،ثم القرينة و اليمين و النكول عنها و التي جعلها المشرع
وسائل إثبات بين يدي القاضي ،يمكن ان يعتمد عليها في حالة غياب وسائل اإلثبات .2
أما حالة توفر وسائل اإلثبات ،فان المدعي بإمكانه الحصول على حقه و إثباته ،و قد صدر حكم في هذا الصدد:حكم صادر عن
المحكمة االبتدائية بمكناس، 3رقم ،1903في ملف عدد 5 ̸ 967ج ̸ ، 2012بتاريخ ، 2013 ̸ 07 ̸ 02قضى بقبول الطلب
،و أمر بأداء المدعى عليه لفائدة المدعية تعويضا ماليا عن كدها و سعايتها لتنمية أمواله و ثروته إثناء قيام العالقة الزوجية
بينهما ،و تحديده في مبلغ جزافي قدره (100000000درهم) أي مائة ألف درهم ،و ذلك وفق الحيثيات التالية:
و حيث تقدمت المدعية بمقال تؤكد فيه بأنها ساهمت مع زوجها خالل الحياة الزوجية في تنمية أموال األسرة عن طريق مساعدته
في أعمال تجارته داخل المغرب و خارجه ،و قد أكد المدعى عليه أن المدعية مطلقته كانت ترافقه في إطار تجارته كمجرد
زوجة و ليست كمساعدة ،حيث عززت المدعية طلبها برسم حجية لفيف المشار إلى مراجعه أعاله ،شهد شهود على أن المدعية
كانت تتولى مساعدة المدعى عليه في أعمال تجارته ،و حيث ثبت للمحكمة من خالل الشهود المستمع إليهم خالل جلسة البحث
بعد أدائهم اليمين القانوني ،
و تمكنت المحكمة من االطمئنان لشهادتهم لعدم وجود ما يقدح في صحتها األمر الذي جعل المحكمة تمنح المدعية تعويضا ماليا
عن كدها و سعايتها و حددته في ( 100000000درهم) مائة ألف درهم.
بالرجوع إلى مقتضيات مدونة األسرة بالضبط للمادة ،4 400نجدها تحيل على الفقه المالكي .ما ينبغي اإلشارة إليه بهذا
الخصوص هو انه إذا كان تطبيق القواعد العامة لإلثبات كافيا حيانا لإلثبات كون احد الزوجين قد أسهم في تنمية أموال
األسرة،و بالتالي فان هذه القواعد ال تؤدي إلى إثبات نصيب و نسبة مساهمة الزوج ،ما يثير النزاع بين الزوجين ،و هنا أرى
أن الحل األمثل لهذا اإلشكال هو الرجوع إلى األحكام الفقهية التي استقر عليها المالكية في المغرب في إطار ما يسمى بالسعاية
. 1المادة 404من قانون االلتزامات و العقود ̋ :وسائل اإلثبات التي يقرها القانون هي :
-إقرار الخصم
-الحجة الكتابية
-شهادة الشهود
-القرينة
-اليمين و النكول عنها
. 2ألغمري منير ̋،المادة 49من مدونة األسرة :أية حماية لحق المرأة في األموال المكتسبة خالل الحياة الزوجية ̏؟ ،مرجع سابق ص52
. 3حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بمكناس ،رقم ،1903في ملف عدد ̸ 5967ج ، ̸ 2012بتاريخ (، ̸ 07 ̸ 201302غير منشور ).
األسرة :كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة ،يرجع فيه إلى المذهب المالكي و االجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق قيم اإلسالم في العدل و
̋ . 4المادة 400من مدونة
بالمعروف .
̏ المساواة و المعاشرة
45
www.sajplus.com
التي و إن كانت قد قررت لفائدة الزوجة العاملة مع زوجها و المساهمة معه في تنمية أمواله ،ليس هناك ما يمنع من تطبيق
أحكامها على الزوجين معا كما توفرت شروط ذلك و أسبابه.1
ففي ضل الفقه المالكي يمكن االستناد إلى ما جرى به العمل للتوصل إلى جواز استحقاق الزوجة مقابال عن عملها داخل
بيت الزوجية ،ففي إطار هدا الفقه يمكن التمييز بين خدمات الزوجة التي ينجم عنها ناتج يسوق خارج محيطها لقاء مقابل نقدي
تستهلكه األسرة.
و تجدر اإلشارة بهذا الخصوص إلى بعض الفتاوى التي أكدت على هذا الحق و أجازت العمل به مع استخالص ما حواه من
أحكام يمكن أن تفيد كثيرا في حل ما يستجد من إشكاالت و أقضية:
من تلك الفتاوى أيضا ،تلك التي أثبتها العلمي في نوازله ،و من بين ما جاء فيها ̋...فٳن سكتت الزوجة و لم تصرح ال
بأنها تطوعت بعملها لزوجها و ال بأ نها تعمل على أن تكون شريكة معه ثم طلبت حظها من العمل و أنها لم تعمل إال على وجه
الشركة و الرجوع بقيمة العمل و أنكر الزوج ذلك حلفت أنها ما غزلت و ال نسجت و ال عملت إال لتكون على حظها من المعول
،و ٳذا حلفت قوم عملها في الكتان و الصوف و قوم الكتان و الصوف ،فيكون الثوب بينهما على قدر ذلك و كذلك الغزل .2̏...
و يالحظ من هذه الفتوى أن الفقه تعامل مع الزوجة بعطف و إشفاق .
و في هذا السياق ،أمكن القول انه ليس هناك ما يمنع الزوج المدعي بنصيبه في ملك محفظ باسم الزوج األخر الحكم له
بذلك النصيب إذا اثبت مساهمته ،فال يكتفي بما ورد في الصك العقاري فقط وفقا لما قضت به المادة 49المذكورة أعاله ،4و
التي أوجبت مراعاة مساهمة كل من الزوجين ،و هذا ما أكدته المحكمة االبتدائية بتمارة ، 5في حكم رقم ،965في ملف عدد
، 31 ̸ 06 ̸ 131بتاريخ ، 2008 ̸ 06̸ 10قضى فيه باالستجابة للطلب ،بعلة وجود حساب بنكي مشترك و بالتالي فقد تم قبول
الطلب و استحقاق المدعية نصف ملكية الشقة موضوع الرسم العقاري موضوع الدعوى ،مع أمر السيد المحافظ على األمالك
العقارية بتمارة بتسجيل مقتضيات هذا الحكم وأثاره على للرسم العقاري المذكور.
الزوجين ،مرجع سابق ص 98̏ . 1عبد اللطيف األنصاري ̋ :اإلطار التطبيقي لشروط االتفاقية بين
. 2عبد اللطيف األنصاري ̋ :المرجع نفسه ،ص 99
الزواج ،مرجع سابق .96
̏ الشافعي ،تدبير األموال المكتسبة أتناء
̋ . 3حفيظة
. 4إن المشرع بإضافة عبارة مع مراعاة عمل كل واحد منهما قد وسع من إمكانية المطالبة بالحق في األموال المكتسبة و التي تتجاوز حدود الرسم العقاري الذي
يتميز بالقوة التطهيرية
، 06منشور برسالة لنيل الماستر المتخصص في المهن القضائية و . 5المحكمة االبتدائية بتمارة ،في حكم رقم ،965في ملف عدد ، ̸ 06 ̸ 31131بتاريخ ̸ ̸ 200810
القانونية ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية بسويسي ص 82ˉ 81
46
www.sajplus.com
و نالحظ إذن ،إن الحجية المطلقة للرسم العقاري التي كانت تحول قبل صدور مدونة األسرة دون تمكين الزوج من حصته
في العقار المحفظ باسم الزوج األخر ،إما حاليا فانه يمكن للمدعي الحصول على حصته في العقار الذي اثبت مساهمته الفعلية
في شرائه ،و ذلك تجسيدا لروح الفقرة األخيرة من المادة 49من مدونة األسرة .
و قد يظهر من خالل ما سبق بيانه ،أن المشرع قد خرج عن قاعدة تطهير الصك العقاري المقررة في ظهير التحفيظ
العقاري لسنة ،1913إال إن الرأي فيما نعتقد هو إن النزاع غير واقع بالدرجة األولى على ملكية العقار ،و إنما حول مصدر
ذلك الملك ،لذلك منح المشرع كل واحد من الزوجين نصيب مساهمته ،و ال يحول دون ذلك وجود المدعى فيه محفظا في اسم
احدهما.
أما في حالة ما إذا كان العقار سجل في المحافظة العقارية في اسم المدعى عليه و ليس بالملف ما يفيد وجود اتفاق بشان
أموالهما ،و لم يثبت أن العقار قد ساهمت فيه بكدها و مساهمتها مما ال يسع معه إال التصريح برفض الطلب ، 1ففي حكم صدر
عن المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء ، 2قرار رقم ، 6387في ملف عدد ، 06 ̸ 33̸ 1060بتاريخ ، 2007 ̸ 12 ̸ 26قضى
بعدم القبول بناءا على الحيثيات التالية :و حيت إن الطلب يهدف إلى اقتسام ممتلكات المدعى عليه مع المدعية و تمكينها من
حقها في امتالك شقة و حيث أن ادعاءات المدعية غير مدعمة بما يثبتها ،و حيث إن المدعى ملزم لسماع دعواه اإلدالء
بالوثائق الالزمة له عمال بمقتضيات الفصل 32من قانون المسطرة المدنية ،و بالتالي يتعين التصريح بعدم القبول.
. 1خديجة البوهالي ،اٳلتبات في قضايا األسرة بين النص القانوني و االجتهاد القضائي ،مرجع سابق،ص 196
. 2حكم صدر عن المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء ،قرار رقم ، 6387في ملف عدد ، 33 ̸ 0660-10بتاريخ 2007-12-26منشور برسالة لنيل الماستر
المتخصص في المهن القضائية و القانونية ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية بسويسي ص .15
47
www.sajplus.com
خاتمــــــــــــــــــة :
بعد ما تم تناول موضوع المكتسبات المالية للزوجين يتضح بداية أن األصل هو استقالل ذمة كل زوج في ما أكتسبه ،
وهو مبدأ مستوحى من أحكام الفقه اإلسالمي والذي أخدت به معظم التشريعات الوضعية منها المشرع المغربي من خالل
المادة 49من مدونة األسرة حيث توخا تنظيم العالقة الزوجية وضبطها بقواعد محكمة عبر إبرام اتفاق بينهما حول
االشتراك في مكتسباتهما المالية وذلك لضمان إنهائها في ظروف حسنة عندما يتحتم هذا االنتهاء ،ولعل أن صياغة
المشرع نص قانوني يهم تنظيم العالقة الزوجية في جانبها المالي سيكون حتما عامال حاسما لتوحيد الرأي لدى مختلف
المحاكم المغربية ،لكن األحكام و القرارات القضائية الصادرة بشأن حق الزوجة في األموال المكتسبة خالل الحياة
الزوجية بينت مدى التعارض و التضارب الذي طبع العمل القضائي في هذا الشأن .
فأحد المرأة نصيب محدد في أموال زوجها بعد مساهمتها في تكوينه و تنميته ،وهو ما كان يجد له تطبيق في إطار حق
الكد و.السعاية الذي له أساس شرعي وجذوره الحضارية باعتبار قدم انتشار تطبيقاته في بعض مناطق المغرب كعرف
تابت تبنته المحاكم المغربية ،سيما أن المشرع يحيل على الرجوع إلى الراجح المشهور أو ما جرى به العمل من مذهب
اإلمام مالك فيما لم تشمله المدونة من أحكام .
و بناءا على كل ما تقدم يبدو أن تدخل المشرع بنصوص صريحة بات أمرا ضروريا لتقنين االجتهادات التي توصل إليها
الفقهاء المسلمون من قرون وكرستها األعراف ،إذا فباقتصار المشرع على مادة واحدة بصياغتها الحالية و ألفاظها
العامة لن يساهم في حل اإلشكاالت العملية التي يطرحها الواقع المعاش خاصة أنه ترك إلرادة األطراف حرية كبيرة في
االتفاق و اشتراط ما تراه مناسبا ،وهذه الحرية ستصطدم بكثرة القوانين المنظمة لكل تصرف قانوني يقدم عليه الزوجان
من أجل استثماري أموالهما وتنميتها مما يفتح المجال أمام إعمال مختلف القواعد القانونية الواردة في القانون المدني
باعتباره األصل والمنظم للعالقات و التصرفات اإلرادية .
ولهذا على المشرع إعادة صياغة م 49ولما ال وضع قانون خاص يعنى بالعالقات المالية للزوجين يتم اإلحاطة فيه بكل
الجوانب المتعلقة بها و يتناول بدقة و تفصيل طرق تدبير األموال المشتركة و نطاق ما يدخل فيها وحدود صالحيات كل
طرف و عالقتهما بالغير المتعامل معهما ،ويحدد في نفس الوقت القواعد الواجبة التطبيق في حالة وقوع أي إشكال أو
خالف.
ويوضح بشكل جلي دور القضاء في التعامل مع هذه النزاعات مع إبراز المعايير التي سيعتمد عليها بعبارات واضحة ،ال
تترك مجال لكثرة التأويالت الذي يؤدي إلى اختالف وتضارب العمل القضائي خصوصا المتعلق بمفهوم عمل كل واحد من
48
www.sajplus.com
الزوجين والمجهود الذي يقدمه ،وكدا تبيان موقفه من العمل المنزلي للمرأة الذي يعد مشكال يطرح نفسه حول تقدير
مقابله ومدى استحقاق المرأة لمقابل لما كدت و سعت من أجله ولو داخل البيت هذا من جهة و من جهة أخرى لما ال
تكتيف حمالت التوعية و التحسيس بأهمية االتفاق حول المكتسبات المالية بين المقبلين على الزواج وبين المتزوجين
لتفادي النزاعات التي يمكن أن تثور بعد الزواج.
49
www.sajplus.com
الئحة المراجع :
الكتـــــــب :
-الملكي الحسين ̋ :نظام الكد و السعاية ̏ ،الجزء الثاني ،نماذج من ألترات الفقهي المغربي ،مطبعة دار السالم الطبعة األولى سنة
2001
-ادريس الفاخوري قانون االسرة المغربي احكام الزواج دراسة مقارنة معززة بأحدث التطبيقات القضائية لمحكمة النقض و محاكم
الموضوع منشورات مجلة الحقوق الجزء األول
-عبد القادر قرموش :الدور القضائي الجديد في قانون األسرة المغربي ،دار النشر المعرفة ،مطبعة المعارف الجديدة بالرباط ،طبعة
2013
. -ذ.إدريس جويلل -شرح مدونة األسرة أحكام الزواج و الطالق -مطبعة آنفو -برانت فاس 2014
-اقروفة زبيدة :المكتسبات الزوجية بين التأصيل الفقهي والتقنين األسري كلية الحقوق و العلوم اإلنسانية جامعة جيجل من
10/11/2005
-الملكي الحسين :من الحقوق المالية للمرأة نضام الكد والسعاية الجزء األول ط 1دار القلم والنشر والتوزيع بالرباط 1999
-حسن العبادي :عمل المرأة في سوس منشورات وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية مطبعة طوب بريس بالرباط ط 1سنة ،2004ص
.15
-احمد الخمليشي :مناقشة مقتضيات المادة 49األعمال التحضير للمادة 49
-عبد الخالق أحمدون :قانون األسرة الجزء األول الزواج مطبعة طوب بريس الرباط ط2005 1
-فريدة بناني :حق تصرف الزوجة في مالها حق شرعي ،مطبعة دار تبتمل للطباعة والنشر ومراكش الطبعة األولى.
-ادريس العلوي العبدالوي :نظرية العقد مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء طبعة 1996
-رشيدة داودي :العالقات المالية بين الزوجين وفق مدونة األسرة رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا كلية الحقوق بطنجة سنة -2005
2006
-محمد الشرقاني :النطرية العامة لاللتزامات العقد الطبعة األولى المطبعة و الوراقة الوطنية سنة2003-
-محمد الخمليشي :من مدونة األحوال الشخصية إلى مدونة األسرة طبعة -2012الجزء األول الزواج منشورات المعارف.
الحسين نظام الكد و السعاية ̏ ،الجزء الثاني ،نماذج من ألترات الفقهي المغربي ،مطبعة دار السالم الطبعة األولى سنة 2001
̋ -الملكي
-محمد مومن " :حق الكد والسعاية دراسة لحق المرأة في اقتسام الممتلكات المكتسبة خالل الزواج في ضوء بعض األعراف المغربية "
سلسلة الكتب العدد 38الطبعة األولى 2006المطبعة الورقية الوطنية (مراكش).
-فريدة بناني :حق تصرف الزوجة في مالها حق شرعي مطبعة دار تيمبل للطباعة والنشر مراكش الطبعة االولى 1995ص 13
-عمر صالح الحافظ مهدي العزاوي :الذمة المالية للزوجين في الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي دراسة مقارنة في إطار الفقه اإلسالمي
والتشريعات العربية والغربية ط ، 1منشورات الحلبي الحقوقية لبنان 2010
50
www.sajplus.com
-محمد العروصي :المختصر في بعض العقود المسماة سنة 2018/2017الطبعة السادسة مطبعة اناسي.
-ابن منظور :لسان العرب ،لسان العرب -الجزء الخامس دار صابر بيروت.
-محمد الشافعي :قراءة في المادة 49مدونة األسرة بعد ثالث سنوات من التطبيق الحصيلة و المعوقات أشغال الندوة الدولية المنظمة من
طرف مجموعة البحث في قانون و األسرة يومي 15و 16مارس 2007بكلية الحقوق وجدة الطبعة األولى 2008مطبعة الجسور وجدة
-احمد مختار :معجم اللغة العربية المعاصرة ط 1عالم الكتب للنشر و التوزيع طباعة القاهرة 2008
-محمد الشافعي :مدونة االسرة بين النص والممارسة أعمال الندوة الوطنية التي نضمتها شعبة القانون الخاص ومركز الدراسات القانونية
لمراكش 2006
51
www.sajplus.com
المقـــــاالت :
فاطمة ملولل :تدبير األموال المكتسبة بين الزوجين وفق النص القانوني والعمل القضائي مقال منشور بمجلة الفقه والقانون العدد -62سنة
2017
االستاذ الحسين المالكي األموال المكتسبة أثناء العالقة الزوجية ومقتضيات الكد والسعاية مقال منشور بجريدة العلم 4ماي 2004عدد
19705
زهور الحر :حق الزوجة في المستفاد من الثروة بين السند الشرعي والرأي الفقهي والعمل القضائي ،مقال منشور في إطار األيام
الدراسية حول مدونة األسرة سلسلة الندوات واللقاءات واأليام الدراسية رقم .5إشراف المعهد العالي للقضاء .شتنبر 2004
.المرأة وحق الشقاء مقال منشور بجريدة العلم -العدد 15571ليوم 23مارس .1993
مونية ألغمري منير ̋،المادة 49من مدونة األسرة :أية حماية لحق المرأة في األموال المكتسبة خالل الحياة الزوجية ̏ مقال منشور بالمجلة
المغربية لألنظمة القانونية و السياسية ،عدد 10سنة أكتوبر 2016
المــــــجــالت :
-عبد اللطيف البغيل :المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية يناير 2012
-محمد خيري :تدبير األموال المكتسبة أتناء قيام العالقة الزوجية و مقتضيات نضام الكد والسعاية جريدة العلم
العدد19705/2004
-وزارة العدل والحريات إحصائيات حول أقسام قضاء األسرة خالل سنة 2013
-عبد السالم الزياني ، :ضمان حقوق الزوجية في األموال المكتسبة بعد الزواج و مدى فعاليته في تحقيق التنمية ،عرض شارك
به في الندوة الوطنية المنظمة من طرف مجموعة البحث في األسرة و التنمية ،شعبة القانون الخاص بكلية العلوم القانونية و
االقتصادية و االجتماعية بمكناس تحت عنوان̋ األسرة بين التشريع و القضاء و متطلبات التنمية̏ يومي 26 _ 25ماي 2007
المحور الثالث :العمل القضائي المغربي -األستاذ الملكي الحسين :مجلة رسالة المحاماة عدد - 27-
52
www.sajplus.com
الفــــــــــــهرس
3 المقــدمــــــــــــــــة
6 لتدبي الموال المكتسبة خالل الحياة الزوجية.
ر القانوئ
ي الفصل الول :النظام
ر
6 للزوجي.
ر والقانوئ لفكرة الذمة المالية
ي المبحث الول :التأصيل الش ي
ع
6 المطلب األول:استقالل الذمة المالية للزوجين كمبدأ في الشريعة اإلسالمية ومدونة األسرة.
7 الفقرة األولى:السند الشرعي لمبدأ استقالل الذمة المالية للزوجين.
8 الفقرة الثانية :األساس القانوني لمبدأ استقالل الذمة المالية للزوجين.
10 المطلب الثاني:االشتراك في المكتسبات الزوجية كاستثناء لمبدأ استقالل الذمة المالية .
10 الفقرة األولى:المقصود بالمكتسبات الزوجية.
11 الفقرة الثانية :موقف الفقه والمشرع من األموال المكتسبة.
13 تدبيها
الزوجي وكيفية ر
ر الثائ :مكونات الموال المكتسبة ربي
ي المبحث
14 المطلب األول :مكونات األموال المكتسبة
14 الفقرة األولى :األموال المكتسبة بطرق غير الزواج
17 الفقرة الثانية :األموال المكتسبة بطرق الزواج
19 المطلب الثاني :النظام التعاقدي لتدبير األموال المكتسبة بين الزوجين
19 الفقرة األولى :إبرام عقد تدبير األموال المكتسبة بين الزوجين
23 الفقرة الثانية :العقد المالي :تنفيذه ،تعديله ،وإنهاءه.
27 الزوجي وطرق إثباتها
ر الثائ :مــآل المكتسـبات المالية ربي
ي الفصل
28 المبحث الول :نظ ـ ــام الكـ ـ ـ ـ ــد و السـ ـ ــعاية
28 المطلب األول :ماهـية الكد و السعاية
29 الفقرة األولى :تعريف حق الكد والسعاية وتحديد طبيعته القانونية
31 الفقرة الثانية :النوازل الفقهية المؤطرة لحق الكد والسعاية
34 المطلب الثاني :حق الكد والسعاية ومقتضيات المادة 49من مدونة األسرة .
53
www.sajplus.com
34 الفقرة األولى :نطاق التطبيق من حيث المكان
36 الفقرة الثانية :نطاق التطبيق من حيث الزمان
38 الزوجي
ر الثائ :طرق إثبات المساهمة يف ر
تدبي الموال المكتسبة ربي ي المبحث
38 المطلب األول:حالة أٳلتفاق على تدبير األموال المكتسبة خالل فترة الزوجية
38 الفقرة األولى :مدى تفعيل االتفاق على تدبير األموال المكتسبة بين الزوجين
42 الفقرة الثانية :حجية االتفاق و سلطة المحكمة التقديرية
43. المطلب الثاني :مصير األموال المكتسبة خالل فترة الزوجية في حالة عدم االتفاق بشأنها
43 الفقرة األولى :إثبات المساهمة في تنمية أموال األسرة في حالة عدم وجود اتفاق
46 الفقرة الثانية :المنازعات المرتبطة بإثبات المساهمة في العقار
488 خاتمــــــــــــــــــــــــــــــــــة
50 الئحة المراجع :
54
www.sajplus.com