Professional Documents
Culture Documents
202201797
قانون أسرة
د.قيس الشيخ
المقدمة
نتيجة للتقدم الهائل للتكنولوجيا ،تطورت أساليب وتقنيات االتصال ،حيث يوجد اآلن العديد من
الخيارات كالهاتف والتلكس والبرق والفاكس واإلنترنت وأشكال االتصال األخرى ،وقد ساعدت هذه الوسائل في
تقصير المسافات ،وساعدت في تطوير عمليات إبرام العقود التي كانت ُتجرى تقليدًيا في مجلس واحد .وقد
تطورت هذه العمليات إلى عقود يتم إجراؤها عن طريق المراسالت المكتوبة المرسلة بالبريد العادي والفاكس
والتلكس واإلنترنت أو المراسالت الشفوية المنقولة عبر الهاتف أو اإلنترنت في البريد اإللكتروني أو غرف
الدردشة .وانتشر ما يشار إليه بـ "العقود التجارية اإللكترونية" و "الزواج اإللكتروني" ،ولم ينته الموضوع عند
هذا الحد بل امتد إلى إجراءات إنهاء العقود بالطرق القانونية.
يحدث الطالق اإللكتروني عندما يتم فسخ العقد الرسمي بجهاز إلكتروني أي عن طريق االتصال
الهاتفي أو البريد اإللكتروني أو الهاتف المحمول ،وكذلك الطرق المذكورة أعاله ودفعني ذلك إلى طرح األمر
التالي :ما هو الطالق بالوسائل اإللكترونية؟ وما هو المغزى؟
المبحث األول :الطالق بين الشريعة و القانون من خالل ثالث مطالب :المطلب األول :مفهوم
الطالق ،المطلب الثاني :أنواع الطالق والمطلب الثالث :شروط المطلق
المبحث الثاني :مظاهر الطالق االلكتروني و صحته من خالل مطلبين :المطلب األول :مظاهر
الطالق االلكتروني والمطلب الثاني :حكمه وصحته.
2
المبحث األول :الطالق بين الشريعة و القانون
المطلب األول لهذا الموضوع هو مناقشة مفهوم الطالق وتعريفه اللغوي ثم تعريفه الشرعي والمطلب
الثاني مناقشة أنواعه .والمطلب الثالث ،الشروط التي يجب توافرها في المطلق.
-1التعريف اللغوي للطالق :فالمرأة طلقت من زوجها ،أي تحللت عن رباط الزواج وهو فسخ الروابط
الناشئة عن الخروج عن عصمة الزوج ،وكما انها مشتقة من االطالق أي اإلرسال واالنصراف.1
-2تعريف الطالق شرعًا :تختلف تعريفات الفقهاء للطالق إال أنها تتفق من حيث المضمون ،اذ ُيعَّر ف بأنه
"فك رباط الزواج بكلمات محددة" .
عّر فها الفقهاء الحنفية بأنها الفسخ الفوري أو الكامل للزواج بعبارة معينة .وعّر فها المالكيون بأنها إزالة قيد
الزواج .باإلضافة إلى ذلك ،عّر فها الشافعيون على أنها فسخ عقد الزواج بلفظ الطالق ومصطلحات مماثلة،
وكما عّر فها الحنابلة بأنها حل قيد النكاح.2
ومن خالل المالجظه نجد بأن هذه التعريفات رغم اختالف تعابيرها ،لكن معانيها متطابقة .وتتفق جميعها
فيما يلي:
* أن فسخ عقد الزواج أو حله ال يتم إال بالطرق الشرعية ،باعتبار أن عقد الزواج نفسه ال يكون إال بشكل
شرعي.
1م صطفى بن العددى ,أحكام الطالق في الشريعة اإلسالمية ,مكتبة ابن تميمة ,القاهرة ,الطبعة األولى, 1988 ,ص 09
2مسعودة نعيمة الياس ,التعويض عن الضرر في بعض مسائل الزواج و الطالق ,رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص,
كلية الحقوق ,و العلوم السياسية ,جامعة تلمسان, 2009 / 2010,ص.115
3
* عقد الزواج الذي يرفعه الطالق يشترط فيه أن يكون صحيحًا.3
تشير آيات عديدة في القرآن الكريم إلى الطالق ،ومنها قوله" :الطـالق مرتـان فإمساك بمعروف أو
5
تسريح بإحسان" ،4وقوله تعالى " ال جناح عليكم إن طلقـتم النسـاء مـا لم تمسوهن"
وكذلك ورد الطالق في أقوال السنة النبوية فمنها قول النبي صلى اهلل عليه "ابغـض الحـالل عنـد ااهلل
الطالق" كما ورد أن الرسول صلى اهلل عليه وسلم طلق حفصة بنت عمر ثم راجعها.
-3الطالق في القانون القطري :وفقًا للمادة 109يقع الطالق من الزوج أو من وكيله بوكالة خاصة،
أو من الزوجة إن مّلكها الزوج أمر نفسه ، 6استخدم المشرع مصطلح الوقوع الذي يشمل جميع طرق فسخ
الزواج أو الطالق ،سواء باإلرادة قبل الزوج ،أو موكله ،أو الزوجة ان كانت الوكالة تحت تصرفها.
أوًال :من حبث الصحة ،ينقسم إلى طالق سني وطالق بدعة.
الطالق السني يكون بأمر اهلل تعالى والنبي صلى اهلل عليه وسلم ،فيكون مرة تلو مرة ،قال اهلل تعالى":الطالق
مرتان فامساك بمعروف أو تسريح باحسان" ، 7ونتيجة لذلك ،يطلق الرجل زوجته طالًقا رجعًيا واحًد ا وهي
في حالة طهارة اذ لم يمسسها ،وهذا ما أطلق عليه الفقهاء أحسن الطالق.
أما الطالق المبتدع فهو ما خالف فيه المطلق ما أمر به اهلل ورسوله صلى اهلل عليه وسلم كطالق الرجل
8
لزوجته عدة مرات دفعة واحدة أو طلقها وهي حائض أو في حالة طهارة ولكن بعد الجماع معها.
ثانيًا :من حيث المراجعة فينقسم لنوعان من الطالق:طالق رجعي ،وطالق بائن.
4
الطالق الرجعي هو الذي يجوز فيه للمطلق أن يعيد الرابطة الزوجية دون عقد جديد ودون موافقة
10
الزوجة ،ما دامت ضمن إطار العدة المقدرة بثالثة قروء ،9لقوله تعالى " :و بعولتهن أحق بردهن"
كما قال تعالى " :فـان طلقهـا فـال جنـاح عليهما أن يتراجعا" ،11كما ورد في قانون األسرة في المادة
" :111الطالق الرجعي ال ينهي عقد الزواج إال بانقضاء العدة".
وقد قسم اإلسالم الطالق الرجعي الى دفعتين فان وقع للطالق للمرة الثالثة فهذا دليل على فساد
الزواج واستحالة بقائه.
أما الطالق البائن فينقسم الى نوعان ،كالهما يمنع المطلق من الزواج بزوجته السابقة أثناء العدة،
كما ينقسم الى نوعان بائن بينونة صغرى وبائن بينونة كبرى.
الطالق البائن بينونة صغرى :إذا انقضت العدة بعد الطالق األول والثاني وقبل أن يستعيد الزوج -
زوجته ،يصبح الطالق بائنًا ويمكن للزوج استعادة الرابطة الزوجية للمرة الثانية أو الثالثة بموافقة
الزوجة وعقد ومهر جديد ،كما نص عليه المشرع القطري وفقًا للمادة ":111الطالق البائن
بينونة صغرى ال تحل المطلقة بعده لمطلقها إال بعقد ومهر جديدين"،ويرجع ذلك ألن العالقة
الزوجية تنتهي بمجرد انتهاء العدة ،فالعقد والمهر مطلوبين في هذه الحالة ،وتنطبق هذه الحالة
في الطلقتين األولى والثانية فقط.
الطالق البائن بينونة كبرى :وهو الطالق الذي استنفد فيه المطلق الثالثة ،أي طلقها للمرة -
الثالثة ،فال يستردها إال إذا تزوجت رجال آخر .فان تزوجت برجل أخر بعده ودخل بها ثم طلقها
بعد ذلك ،أو مات بعد الدخول وانقضت عدتها ،جاز له الزواج بها ،كما يستلزم مهر وعقد
جديدين ، 12وذلك لقوله تعالى":الطالق مرتان........فان طلقها فال تحل له من بعد حتى تنكح
زوجًا غيره" ،اذ نصت المادة 111في القانون القطري أن ":الطالق البائن بينونة كبرى ال تحل
المطلقة بعده لمطلقها إال بعد انقضاء عدتها من زوج آخر دخل بها دخوًال حقيقيًا يعتد به شرعًا
في زواج صحيح".
اختلف الفقهاء في شأن الطالق ان كان كان وقع بتكرار العبارة ثالث مرات أو بإشارة .هل
يحدث الطالق بائنًا أم ال؟ وكذلك إذا قال الرجل لزوجته" :أنت طالق بثالث" أو اذا تلفظ
- 9خالد بن عمر الرديعان ,طالق ما قبل الزواج :أسبابه و سمات المطلقين ,مركز بحوث كلية األداب ,جامعة المملكة العربية
السعودية, , 2008 ,ص 22
10آلية 228من سورة البقرة.
11آلية 223من سورة البقرة.
12لغوثي بن ملحة ,قانون األسرة على ضوء الفقه و القضاء ,ديوان المطبوعات الجامعية ,بن عكنون ,الجزائر, 2004 ,ص 100
5
بالطالق ثالث مرات .اذ رأى جمهور الفقهاء ،ومنهم األئمة األربعة ،أنه ان تم بأحد الصيغيتين
فيقع الطالق بائنًا بينونة كبرى .أما الرأي الثاني ،فيشير إلى أنه مهما كان عدد الطلقات فإن
واحدة فقط تحدث ،ويتم تنفيذ الرأي الثاني في أغلب البلدان العربية حاليًا.13
موقف المشرع القطري :بالنسبة لقانون األسرة القطري ،فانه يتفق مع الرأي الثاني اذ وفقًا للمادة 108أن
الطالق المتتابع أو المقترن بالعدد لفظًا أو كتابة أو إشارة ال يقع إال طلقة واحدة.
المطلب الثالث:
شروط المطلق:
هو من يملك الطالق فعًال ويوقعه وهو الزوج .فيقول اهلل تعالى :إو ذا طلقتم النساء" ،كما قال تعالى" :فان
طلقها فال تحل له من بعد" ،كما قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ":الطالق لمن أخذ بالساق"أي
الزوج،رواه ابن ماجه
الشرط األول:
يجب أن يكون المطلق بالًغ ا سليًم ا ،كما يجب أن يكون المطلق عاقًال ؛ وال يؤخذ بطالق المجنون ،كما
قال النبي محمد (صلى اهلل عليه وسلم)" :رفع القلم عن ثالث :عن النائم حتى يستيقظ ،وعن الصبي حتى
يحتلم ،وعن المجنون حتى يفيق" ويلحق بالمجنون النائم والمبرسم والمعتوه والمدهوش والمغمى عليه.
فالمعتوه هو قليل الفهم مختلط الكالم فاسد التدبير ,ولكنه ال يضـرب وال يشـتم على عكس المجنون.
والمدهوش :هو من ذهب عقله حياًء أو خوفًا فتغلب عليه االختالالت والهذيان أثر صدمة عصبية أصابته
فأذهبت عقله.
وأما طالق السفيه فهو صحيح ألن السفه ال يؤثر على قدرة العقل في فهم األمور فطالقه يالزمه.14.
6
وأيضًا السكران زائل العقل ،ويميز جمهور الفقهاءبطريق محظور أو بطريقه غير محظوره .فالسكر غير
المحظور يندرج تحته من تناول دواء ففقد عقله ،أو تناول مسكًرا دون أن يدرك أنه واحد فسكر بذلك .وفي
هذه الحاالت ال يتم الطالق ،اذ ان السكر ينزع عنه الوعي ،فتصبح كلماته هذيانًا وغير عقالنية.
عند جمهور الفقهاء ،يقع الطالق بالسكر بطريقة محظورة ،كما يقره الحنفية والمالكية .والشافعية والحنابلة،
وذكر الظاهرية أن طالق السكران ال ضرورة له ،سواء كان بطريق محظورة أم ال .وقد اختير هذا المثل ابن
تيمية وابن القيم.
وذكر الحنفية أن سبب الطالق باإلكراه هو رغبته في التخلص مما كان يهدده سواء كان القتل أو األذى الذي
ال يتحمله ؛ ألن اإلكراه على علم بالجريمتين والضررين :ضرر التسبب في الطالق ،والضرر الذي يهدد به،
فيختار أهونهما ،مما أدى إلى طالقه من زوجته.15
وذكر الجمهور :أن اإلكراه ال يأتي باالختيار ألنه يفسده ،والسلوك الشرعي يعتبر شرعا باختياره ،فإذا فشل
االختيار ،فليس للتصرف وزن ،والطالق ،وكيف يجوز اإلكراه على الطالق ونحن نعلم يقينًا أنه ال يرغب
في الطالق وال ينوه ،وقـال رسـول اهلل صلى اهلل عليه وسلم " :إن ااهلل وضـع عـن أمـتي الخطـأ ،والنسيان ،وما
استكرهوا عليه " رواه ابن ماجة.
الشرط الثالث:
أن يكون المطلق قاصدًا الطالق ،أي نوى الطالق بمحض إرادته .ال يجوز الطالق إال بلفظ ونية أو بلفظ
فقط أو بنية فقط.
ال ينجم الطالق عن النية وحدها .إذا قصد أحد الزوجين تطليق زوجته بقلبه أو طلقها في نفسه دون -
أن ينطق بلفظ طالق لم يقع طالقه عند جمهور الفقهاء إال الزهري وابن سيرين .قال الزهري إذا عزم
بتطليق زوجته طلقت زوجته .وعندما سئل عن طالق الشخص في نفسه أجاب ابن سيرين" :ألم يعرفه
اهلل؟" قال السائل :نعم .قال ابن سيرين :ال أقول فيه شيئًا.
7
كما ذكر العلماء حديث الرسول صلى اهلل عليه وسلم " ":إن ااهلل تجـاوز عـن أمـتي مـا حـدثت بـه -
16
أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم " رواه البخاري والترمذي.
_ طالق الهزلي وهو الذي يقصد به لفظ طالق وال يريد حكما باللفظ .وذكر ابن في قدامة ":أن الطالق
الصريح ال يشترط النية .بل يقع بغير قصد ،وال خالف في هذه الحالة ،سواء كان ذلك في الدعابة أو
الجدية" .يعتقد بعض أهل العلم أن من ينطق بها ،ولو على سبيل الدعابة ،يقع طالقه ،ومنهم الشافعية
والحنفية وغيرهما ،واستدلو بذلك قول النبي صلى اهلل عليه وسلم " :ثالث جدهن جد و هزلهن جد ,النكـاح و
الطـالق و الرجعـة " رواه أبـو داود والترمـذي.
8
بعد أن كان الطالق ال يتم اال باللفظ وبحضور الزوجة أو وليها أو وكيلها ظهر نموذج آخر في أواخر العقود
وهو كتابته على ورقة إو رساله عبر البريد العادي ،ولكنه يشهد مؤخًرا صور أخرى حتم وجودها واستخدامها
بعد التطور التكنولوجي في وسائل االتصال ،حيث ظهر طالق الرسالة المسجلة وطالق الهاتف المحمول
والبريد اإللكتروني ،ويتم ذلك عن طريق عبارة تعبر عن رغبة طالق الزوج لزوجته برسالة نصية مختصرة يتم
إرسالها عبر الهاتف أو البريد اإللكتروني أو بأي طريقة أخرى.
يعد البريد اإللكتروني من أكثر الخدمات البريدية تقدًم ا نظًرا لسرعة إرساله وبساطة استخدامه .كما أنها
واحدة من أحدث الخدمات البريدية التي تظهر في عالم االتصاالت ونقل المستندات يتم استخدامه لنقل
الرسائل بدًال من الرسائل التقليدية ،حيث يتم تخصيص صندوق لكل فرد لبريده اإللكتروني ،كما يتم
استخدامه لنقل المواد المكتوبة مثل الرسائل والعقود
-من الضروري عند استخدام البريد اإللكتروني ،أن يتوفر جهاز مماثل لكل مرسل ومستقبل وذلك الجراء
االتصال.
-ال تتم عملية االتصال إال من خالل خطوط وشبكات اتصال خاصة ،ولكل مشترك في هذه الشبكات رمز
سري خاص يميزه عن المشتركين اآلخرين ،مما يوفر عنصر الخصوصية واألمان الستخدام البريد
اإللكتروني ،حيث يقلل من احتمالية فقدان المستندات أو الكشف عن المعلومات التي تخص المستخدم.
-المستند الذي يتم إرساله عبر البريد اإللكتروني ثابت ودائم ،بحيث يمكن تخزينه إلى أجل غير مسمى،
ويمكن استخراج صورة مكررة أو متطابقة منه 17كما يسمح لألشخاص القريبين أو البعيدين جغرافًيا بالتواصل
ومناقشة بعضهم البعض
17ع بد الرحيم صالحي ,انعقاد الزواج بالبريد االلكتروني ,دراسة مقارنة بين الفقه اإلسالمي و القانون الجزائري ,مجلة دفاتر السياسية
و والقانون ,العدد السابع ,جوان , 2012ص 191
9
من الشائع أن يتواصل الزوج الغائب مع زوجته عبر البريد اإللكتروني إذا كانت هناك خالفات بين
الزوجين ،لذلك يكون األمر بسيًطا بالنسبة للزوج بارسال رسالة تتضمن عبارة "أنت طالق" أو أي عبارة
أخرى تدل على الطالق.
الهاتف المحمول هو شكل من أشكال أجهزة االتصاالت الالسلكية القائمة على االتصاالت من خالل شبكة
من هوائيات اإلرسال المنتشرة داخل منطقة معينة ،يعتمد استخدامها على دوائر االستقبال واإلرسال عبر
اإلشارات االهت اززية عبر محطات اإلرسال األرضية واألقمار الصناعية.
أصبح الهاتف المحمول جهاًز ا ال غنى عنه ،ويمكن لمستخدمه تخزين البيانات عليه ،وبناًء عليه ،
تم تزويد الزوج بطريقة سريعة وبسيطة للحصول على معلومات شاملة عن األفراد الذين يتعامل معهم ،ويجوز
له أن يطلب الطالق شفهيًا أو كتابيًا دون مواجهة زوجته.
شفهًي ا ،مثل عندما يتصل الزوج بزوجته إلبالغها بالطالق وكتابيًا حيث يقوم الزوج بإرسال رسالة نصية
18
قصيرة عبر الهاتف العالمها برغبيته في تطليقها.
الطالق اإللكتروني اما ان يكون باللفظ أو بالكتابة .فان تم باللفظ فانه يقع باتفاق الفقهاء ،أما كتابيا
والمقصود هنا بارسال رسالة نصيه قصيره ،فقد اختلف الفقهاء في حكمه وذلك يعود لسهولة التزوير والغش
في هذا الموضوع ،والشتراط بعض المذاهب الشهود ،ومن بين الرافضين لتلك الفكرة:
أستاذ الفقه بجامعة االمام محمد بن مسعود الدكتور محمد بن أحمد صالح الصالح اذ يقول أن ":الزواج في
الشريعة اإلسالمية عقد مقدس ،وهو أيًض ا أحد السنن الطبيعية التي يجب الوفاء بها ،لما في ذلك من أجل
بقاء البشرية إو متداد الحياة .هذا هو السبب في أن اهلل أعد الرجل والمرأة مًع ا .وذكر أن الزواج ان كان له
مثل هذه المكانة الرفيعة فال يصح الطالق االلكتروني لما فيه من العبث واالستهتار بهذا الموضوع المهم.
10
كما رأى مجموع من الفقهاء ان الطالق االلكتروني ال يقع لسهولة تداول الهاتف المحمول حاليا بين الناس،
فكل ما يصدر من رسالة من الشخص ال يشترط أن تكون صادرة منه اذ يمكن أن يتم اختراق البريد
االلكتروني بسهولة ،كما يمكن ان يتم ارسال الرسالة من قبل شخص أخر كالزوجة مثال او الزوجة الثانية.
كما تبنى بعض الفقهاء الموقف الذي يقر الطالق االلكتروني ولكن اشترطو ان يكون النص واضح الداللة
وأن يكون الزوج واعيا غير مكره ،اذ رأو بان الطالق ال يشترط فيه رضا الزوجة ولكن رأو بانه يجب على
الزوجة التأكد من صوت المتصل بأنه زوجها وانه لم يتم التالعب في الصوت ،19اما اذا كان الطالق عن
طريق رسالة فرأو بأنها ال يمكن أن يكون الزوج مكره في هذه الحاله اذ أنه استعمل خطوتين الرسال الرسالة
وهي الكتابة واالرسال.
كما أباح المذهب الجعفري الطالق اإللكتروني ،لكنها اشترطت لصحته اجراء صيغة الطالق تلفظًا
باإلضافة إلى شروط أخرى ،يشترط الطالق اللفظي حضور شاهدين عدل يسمعون من الرجل أثناء اجرائه
لصيغة الطالق.
وبحسب د .القصبي زلط ،أستاذ الفقه بجامعة األزهر وعضو مجمع البحوث اإلسالمية ،فإنه يرى
بأن" :اهلل أحاط األسرة بالحماية ،وجعل الزواج ميثاقًا غليظًا ،لكن اإلسالم يجيز الطالق إذا كانت المعاشرة
مستحيلة .كما أكد أن الطالق يقع على رأي الفقهاء باللفظ الصريح .على سبيل المثال :إذا أخبر الرجل
زوجته أنهما مطلقان .وقع الطالق سواء كان ذلك في حضورها ،أو في رسالة أرسلها لها ،أو عبر الهاتف ،
طالما تعرفت على صوته ،فال يهم .لذلك يقع الطالق اإللكتروني ويعتبر طالًقا إذا ُس ئل الزوج واعترف به ،
وتأكدت الزوجة من ذلك".
أما الدكتور أحمد محمود كريمة ،أستاذ الشريعة اإلسالمية بجامعة األزهر ،فيرى أن الطالق يكون
بلفظ صريح أو كتابة واضحة أو اشارة ،فإذا اعترف المطلق بالطالق عبر اإلنترنت أو"التليفون المحمول"
وغيره فهو طالق صحيح ،اذ تمت بالصيغة الشرعية.
وبحسب موقع "إسالم أون الين" ،فقد دعم أيًض ا الدكتور نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية األسبق
الطالق االلكتروني .اذ أصدر فتوى تفيد بأن الطالق يختلف عن توثيق الزواج .لكون الطالق صادر عن
الفرد ،ويمكن القيام بذلك عبر اإلنترنت أو الهاتف المحمول ،ولكن التوثيق مطلوب أيًض ا .للتحقق من طالق
19
احمد عبود علوان ,دراسات فقهية لبعض المستجدات العصرية ,مجلة جامعة المدينة العالمية ,العدد الثالث ,ص 69
11
الزوجة ،حتى لو رغبت في الزواج مرة أخرى سُيطلب منها تقديم الوثائق .قإذا انكر الزوج الطالق يثبت
الطالق الذي حدث عن طريق اإلنترنت أو الهاتف المحمول بوثيقة موقعة ومصدقة ومشهود عليها.
ويرى الدكتور عوض القرني األستاذ بجامعة الملك خالد أن هذا الطالق يقاس به في الفقه اإلسالمي
مختار قاصدًا عند كتابة الوثيقة .كما قضت
ًا الطالق الكتابي ،ووقوعه نتيجة كتابة الزوج اذ كان واعيًا
المحكمة الشرعية لمنطقة قمباك في ماليزيا على صحة الطالق عن طريق الرسائل يوم الخميس الموافق 31
يوليو ، 2003اذ قضت بأن "الطالق عبر رسائل الهاتف المحمول يعتبر صحيًح ا ،بشرط أن تتحقق
20
المحكمة من ما حدث".
كما أكدت المحاكم الشرعية للمسلمين في سنغافورة قبولها للطالق عبر رسائل الهاتف المحمول ،بحسب بيان
لمسئول مسجل المحاكم حيث سيف الدين ثروان ،لكنه كرر أيًض ا مطالبة الزوجين بالحضور إلى المحكمة
وتأكيد ذلك .لكن المحامين في ماليزيا وسنغافورة أكدوا أنهم ال يشجعون هذه الطريقة البسيطة لتطليق األزواج
على الرغم من كونها قانونية.
اضافة لما سبق فقد صرح مفتي دبي بأن "الطالق عبر الهاتف كتابة هو نوع من أنواع الطالق بطريقة
الكتابة ،حتى ان كان لفظ الطالق مكتوب باللغة العربية أو بأية لغة أخرى ،تسري عليه األحكام ولكن
يشترط فيه ان يكون الكاتب هو الزوج.
الخاتمة
20ريدة صادق زوزو ,أثر التكنولوجيا في النظر الفقهي" الطالق بالهاتف النقال نموذجا" ,من الموقع االلكتروني:
https://www.islamtoday.net/bohooth/services/printart-6525-86.htm
.بتاريخ28/09/2015
12
تعتبر األسرة مؤسسة مقدسة وليست نتيجة تالقي األفراد بالصدفة ،كما يعتبر عقد النكاح في
القرآن الكريم عهد أبدي يلزم الزوجين بااللتزام به والشعور بالمسؤولية ،ألن الحفاظ على نسل آدم واإلنجاب
والعفة يحدثان نتيجة الزواج .ومع ذلك ،قد يصاب هذا االرتباط بحاالت يصعب التمسك بها فيكون الطالق
هو الحل ،على الرغم من أنه يؤثر على مؤسسة األسرة ويعرض أفرادها لمخاطر عديدة ويقلل من فرصهم
في الحصول على حياة اجتماعية طبيعية تماًم ا ويهدد العالقات األسرية بالتفكك ،مع االنهيار وتدهور نوعية
الحياة للجميع.
إن ظهور الطالق اإللكتروني الذي يعتبر فسخًا لعالقة الزواج من قبل الزوج سواء كان لفظيًا أوكتابيًا
هناك علماء يرفضونه نظًر ا لتعارضه مع القيم التقليدية وحقيقة أن األسرة ال تعتبر معاملة تجارية حتى يتم
إبرامها عبر الهاتف أو البريد اإللكتروني ،فضًال عن احتمال االحتيال والخداع الذي قد ينجم عن مثل هذه
المعاملة ،كما أن هناك بعض العلماء الذين أيدو حدوث الطالق اإللكتروني واعتبروه مشروًع ا ،نظًرا ألن
وسائل التواصل الحديثة جاءت لتسهيل حياة الناس والتواصل معهم ،وكذلك حجتهم بأن الشريعة اإلسالمية
تقيس الطالق بالكتابة فيكون الطالق من الزوج الذي يرسل رسالة بوجه شرعي صحيح ،وهو في الحالة
المعتبرة شرعًا وقت كتابته الخطاب وأن تكون صيغة الطالق موجهة إلى الزوجة بطريقة واضحة ال لبس فيها
قاصدًا الطالق فيقع الطالق ،ولكن ان تم االخالل باحدى هذه الشروط فال يقع الطالق.
باإلضافة إلى ذلك ،التطور المتكرر للطالق اإللكتروني في عصرنا هذا تحول إلى ظاهرة تتطلب
نصوًص ا قانونية ومنتظمة وضوابط واضحة وصريحة وعم االكتفاء بالعموميات لتسهيل هذا الموضوع على
القضاء والناس معًا.
بالعودة إلى القانون القطري ،هناك فراغ قانوني في هذا الصدد حيث ال توجد مادة في قانون األسرة تنظم
الطالق اإللكتروني لذلك ،يجب على الهيئة التشريعية مواكبة االتجاه الحالي والواقع الذي يفرض هذا النوع
من الطالق ،ويصوغ المواد القانونية التي تنظم الطالق اإللكتروني ،ويحد من شروطه ،ويحدد طرق إثباته
وذلك لتقليص وتضييق نطاق االستغالل غير المنطقي للوسائل الحديثة في العبث بمؤسسة الزواج واألسرة
بشكل عام.
13
المصادر:
- 1احمد عبود علوان ,دراسات فقهية لبعض المستجدات العصرية ,مجلة جامعة المدينة العالمية ,العدد الثالث ,ص 69
14
-4الجريدة الرسمية،العدد،8الصادرة في 28/08/2006
- 5الغوثي بن ملحة ,قانون األسرة على ضوء الفقه و القضاء ,ديوان المطبوعات الجامعية ,بن عكنون ,الجزائر,
, 2004ص 100
- 7خالد بن عمر الرديعان ,طالق ما قبل الزواج :أسبابه و سمات المطلقين ,مركز بحوث كلية األداب ,جامعة المملكة
العربية السعودية, , 2008 ,ص 22
-8ريدة صادق زوزو ,أثر التكنولوجيا في النظر الفقهي" الطالق بالهاتف النقال نموذجا" ,من الموقع االلكتروني:
https://www.islamtoday.net/bohooth/services/printart-6525-86.htm
.بتاريخ28/09/2015
-12عبد الرحيم صالحي ,انعقاد الزواج بالبريد االلكتروني ,دراسة مقارنة بين الفقه اإلسالمي و القانون الجزائري ,مجلة
دفاتر السياسية والقانون ,العدد السابع ,جوان , 2012ص 191
- 14علي علي منصور ,مقارنات بين الشريعة اإلسالمية و القوانين الوضعية ,دار الفتح للطباعة و النشر ,بيروت ,الطبعة
األولى 1970. ,ص206
- 16مسعودة نعيمة الياس ,التعويض عن الضرر في بعض مسائل الزواج و الطالق ,رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في
القانون الخاص ,كلية الحقوق ,و العلوم السياسية ,جامعة تلمسان, 2009 / 2010,ص115
- 18مصطفى بن العددى ,أحكام الطالق في الشريعة اإلسالمية ,مكتبة ابن تميمة ,القاهرة ,الطبعة األولى, 1988 ,ص
. 09
15
-19مصطفى بن العددى ,المرجع السابق ,ص .59
16